الكتاب: أحكام القرآن الكريم المؤلف: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ) تحقيق: الدكتور سعد الدين أونال الناشر: مركز البحوث الإسلامية التابع لوقف الديانة التركي، استانبول الطبعة: الأولى المجلد 1: 1416 هـ - 1995 م المجلد 2: 1418 هـ - 1998 م   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ويمكن الانتقال للجزء والصفحة أو رقم الحديث] ---------- أحكام القرآن للطحاوي الطحاوي الكتاب: أحكام القرآن الكريم المؤلف: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ) تحقيق: الدكتور سعد الدين أونال الناشر: مركز البحوث الإسلامية التابع لوقف الديانة التركي، استانبول الطبعة: الأولى المجلد 1: 1416 هـ - 1995 م المجلد 2: 1418 هـ - 1998 م   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ويمكن الانتقال للجزء والصفحة أو رقم الحديث] ـ[أَحْكَام الْقُرْآن الْكَرِيم]ـ الْمُؤلف: أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَلامَة بن عبد الْملك بن سَلمَة الْأَزْدِيّ الحجري الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بالطحاوي (الْمُتَوفَّى: 321هـ) تَحْقِيق: الدكتور سعد الدَّين أونال الناشر: مَرْكَز البحوث الإسلامية التَّابِع لوقف الدّيانَة التركي، استانبول الطبعة: الأولى المجلد 1: 1416 هـ - 1995 م المجلد 2: 1418 هـ - 1998 م [ترقيم الْكتاب مُوَافق للمطبوع، وَيُمكن الِانْتِقَال للجزء والصفحة أَو رقم الحَدِيث] بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ الْأَزْدِيُّ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْضحَ لَنَا مِنْ بُرْهَانِهِ، وَبَيَّنَ لَنَا مِنْ فُرْقَانِهِ، وَهَدَانَا إِلَيْهِ مِنْ نُورِ كِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، وَأَنْهَجَ بِهِ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، وَجَعَلَهُ مُهَيْمِنًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى النَّبِيَّينَ صَلَّى الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} فَأَعْلَمَنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ أَنَّ مِنْ كِتَابِهِ آيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ، قَدْ أَحْكَمَهَا بِالتَّأْوِيلِ مَعَ حِكْمَةِ التَّنْزِيلِ، وَأَنَّهَا أُمُّ الْكِتَابِ، وَأَنَّ مِنْ كِتَابِهِ آيَاتٍ مُتَشَابِهَةً، ثُمَّ ذَمَّ مُبْتَغِي الْمُتَشَابِهَاتِ، فَقَالَ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} لِأَنَّ حُكْمَ الْمُتَشَابِهَاتِ إِنَّمَا يُلْتَمَسُ مِنَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، لِلْكِتَابِ أُمًّا، ثُمَّ مِنْ أَحْكَامِهِ الَّتِي أَجْرَاهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِبْيَانًا لِمَا أُنْزِلَ فِي كِتَابِهِ مُتَشَابِهًا، وَأَمَرَ عَزَّ وَجَلِّ بِقَبُولِ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا، كَمَا أَمَرَ بِقَبُولِ كِتَابِهِ مِنْهُ قُرْآنًا، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ} وَقَالَ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 فَأَوْجَبَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا بِذَلِكَ قَبُولَ مَا أَتَانَا بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا، كَمَا أَوْجَبَ قَبُولَ مَا تَلَاهُ عَلَيْنَا قُرْآنًا وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ، يَذْكُرُهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " لَأَلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مَمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، مَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ اتَّبَعْنَاهُ " وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَأَعْرِفَنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي، إِمَّا أَمَرْتُ بِهِ، وَإِمَّا نَهَيْتُ عَنْهُ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: مَا نَدْرِي مَا هَذَا؟ عِنْدَنَا كِتَابُ اللهِ، وَلَيْسَ هَذَا فِيهِ " حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَأَعْرِفَنَّ أَحَدَكُمْ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي، قَدْ أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: مَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ اللهِ عَمِلْنَاهُ، وَإِلَّا فَلَا " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ، عِنِ الْمِقْدَامِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَأُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَا وَجَدْنَاهُ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ " حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ رُوَيْهٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجَرْشِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الْكِنْدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمَا يَعْدِلُهُ، يُوشِكُ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هَذَا الْكِتَابُ، فَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ أَحْلَلْنَاهُ، وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَا وَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، لَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَلَا الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ " وَأَعْلَمَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي عَنْهُ قَبِلْنَا كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ عَلَيْنَا قَبُولَ مَا قَالَهُ لَنَا، وَمَا أَمَرَنَا بِهِ وَمَا نَهَانَا عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا، كَمَا عَلَيْنَا قَبُولُ مَا تَلَاهُ عَلَيْنَا قُرْآنًا، ثُمَّ وَجَدْنَا أَشْيَاءَ قَدْ كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي الْإِسْلَامِ فَرْضًا غَيْرَ مَذْكُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا: التَّوَارُثُ بِالْهِجْرَةِ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِمَا أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِإِسْنَادِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَمِنْهَا: الصَّلَاةُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِمَا أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ سُورَة الْبَقَرَة آيَة وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَمِنْهَا: بَيْعُ الْأَحْرَارِ فِي الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِمْ، ثُمَّ نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِمَا أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ سُورَة الْبَقَرَة آيَة وَكَانَ الْقُرْآنُ قَدْ نَسَخَ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ غَيْرَ قُرْآنٍ، وَكَانَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَرْضًا، وَأَوْجَبَ لَهُ حُكْمًا مُسْتَأْنَفًا، وَلَمْ يَنْقُضْ بِذَلِكَ مَا قَدْ مَضَى قَبْلَ نُزُولِ الْآيَاتِ النَّاسِخَاتِ عَلَى مَا كَانَ مَضَى عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِ الْأَحْرَارِ فِي الدُّيُونِ، وَمِنَ التَّوَارُثِ بِالْهِجْرَةِ دُونَ الْأَرْحَامِ، وَلَوْ كَانَ نُزُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 هَذِهِ الْآيَاتِ أَوْجَبَ حُكْمًا مُتَقَدِّمًا فِيمَا مَضَى قَبْلَ نُزُولِهَا، إِذًا لَرَدَّ مَا مَضَى قَبْلَهَا إِلَى الَّذِي أُنْزِلَ فَيهَا، وَلِأَنَّ لِمَا ثَبَتَ إِمْضَاءُ الْأُمُورِ فِيما كَانَ قَبْلَ نُزُولِهَا عَلَى مَا مَضَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَا نَزَلَ بَعْدَهُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا كَانَتِ الْأُمُورُ مَضَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ نُزُولِ مَا قَدْ خَالَفَهُ، قَدْ مَضَى عَلَى فَرْضٍ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمَا كَانَ مَا تَقَدَّمَ نُزُولَ الْقُرْآنِ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الْأَحْكَامِ يَجْرِي عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ، وَلَا يَنْقُضُهُ نُزُولُ الْقُرْآنِ بِخِلَافِهِ وَكَانَ نُزُولُ الْقُرْآنِ يَنْسَخُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ شَكْلِهِ، كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ نَاسِخًا لِمَا أُنْزِلَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا كَانَ يُخَالِفُ حُكْمَهُ وَإِنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ قَدْ خَالَفَنَا فِي ذَلِكَ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْسَخُ الْقُرْآنَ إِلَّا قُرْآنٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ لِمَا اعْتَلَلْنَا بِهِ فِيهِ، وَلِمَا قَدْ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الزَّانِيَاتِ: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلا} ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُذُوا عَنِّي قِدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ " وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، إِنْ شَاءَ اللهُ وَكَانَ السَّبِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ غَيْرَ مَذْكُورٍ مَا هُوَ فِيمَا أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ، مَذْكُورًا عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ الْقُرْآنِ، وَنَاسِخًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي حُكْمِ الزَّانِيَاتِ وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: السَّبِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ النُّورِ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} قَيلَ لَهُ: فِي قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي حَكَيْنَاهُ مَا يُوجِبُ خِلَافَ هَذَا، لِأَنَّهُ قَالَ: " خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا "، فَأَخْبَرَ السَّبِيلَ مَا هُوَ؟ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَبِيلٌ أَنْزَلَهَا فِي ذَلِكَ قُرْآنًا وَلَمْ يَخْلُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يِكُونَ قَبْلَ نُزُولِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ النُّورِ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} أَوْ بَعْدَ نُزُولِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِهِ فَقَدْ نَزَلَ، وَقَدْ تَقَدَّمَهُ جَعْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 اللهِ عَزَّ وَجَلَّ السَّبِيلَ فِي الزَّانِيَاتِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عِنْهُ، ثُمَّ نَزَلَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ النُّورِ فِي الْأَبْكَارِ مِنَ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِحُكْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ بِهِ الْأَبْكَارَ مِنَ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الثَّيِّبِ، أَوْ يَكُونُ أَرَادَ بِهِ كُلَّ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي تَفْصِيلِهِ بَيْنَ حُكْمِ الْأَبْكَارِ مِنَ الثَّيِّبِ مِنَ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ، فَأَحَطْنَا بِذَلِكَ عِلْمًا أَنَّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ حُكْمًا حَادًّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُسِخَ بِهِ مَا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَهُ مِمَّا يُخَالِفُهُ فِي الْقُرْآنِ وَفَرَضَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْوَصِيَّةَ فِي كِتَابِهِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ سُورَة الْبَقَرَة آيَة ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: " لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ؟ قِيلَ لَهُ: مَا عَلَى نَسْخِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ كَمَا ذَكَرْتُ، لِأَنَّ آيَةَ الْمَوَارِيثِ أَوْجَبَتِ الْمَوَارِيثَ بَعْدَ الْوَصَايَا وَالدُّيُونِ إِنْ كَانَتْ وَالْوَصَايَا فَقَدْ كَانَتْ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، فَلَمْ يَكُنْ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَينِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَمَعَ لِلْوَالِدَيْنِ بِالْآيَتَيْنِ الْمِيرَاثَ وَالْوَصِيَّةَ، وَلِأَنَّ الَّذِي بِهِ عِلْمُنَا نَسْخَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ، وَوَقَفْنَا بِهِ عَلَى ذَلِكَ هُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ، كَمَا يَنْسَخُ الْقُرْآنُ السُّنَّةَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّبْدِيلَ إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْقُرْآنِ قِيلَ لَهُ: وَمَنْ قَالَ لَكَ أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي نَسَخَ مَا نَسَخَ مِنَ الْقُرْآنِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ اللهِ عَزَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 وَجَلَّ، أَوْ أَنَّ السُّنَّةَ لَيْسَتْ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ بَلْ هُمَا عَنْهُ، يَنْسَخُ بِهِمَا مَا شَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ، كَمَا يَنْسَخُ مِنْهُمَا مَا شَاءَ بِالْقُرْآنِ وَكَانَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا قَدْ يَخْرُجُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَكُونُ ظَاهِرًا لِمَعْنَى، وَيَكُونُ بَاطِنُهُ مَعْنًى آخَرَ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ اسْتِعْمَالَ ظَاهِرِهِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِنُهُ قَدْ يَحْتَمِلُ خِلَافَ ذَلِكَ، لِأَنَّا إِنَّمَا خُوطِبْنَا لِيُبَيِّنَ لَنَا، وَلَمْ نُخَاطَبْ بِهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ قَدْ خَالَفَنَا فِي هَذَا، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الظَّاهِرَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ بِأَوْلَى بِهِ مِنَ الْبَاطِنِ فَإِنَّ الْقَوْلَ عَنْدَنَا فِي ذَلِكَ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ لِلَّدَلائِلِ الَّتِي قَدْ رَأَيْنَاهَا تَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُوجِبُ الْعَمَلَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ سُورَة الْبَقَرَة آيَة قَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ، فَعَمَدَ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ، إِلَى خَيْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَسْوَدُ، وَالْآخَرُ أَبْيَضُ فَاعْتَبَرَ بِهِمَا مَا فِي الْآيَةِ ثُمَّ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْهُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ: قَدْ كَانَ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ اللَّذَانِ عُنِيَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرَ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ، بَلْ قَالَ: " إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْوِسَادِ، إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى سَوَادِ اللَّيْلِ وَبَيَاضِ النَّهَارِ " وَلَمْ يَعِبْ عَلَيْهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِعْمَالَ الظَّاهِرِ فِي ذَلِكَ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَفِي اسْتِعْمَالِهِمْ مَا اسْتَعْمَلُوا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ تَوْقِيفِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ عَلَى الْمُرَادِ بِذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ لَهُمُ اسْتِعْمَالَ الْقُرْآنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوَفَّقُوا عَلَى تَأْوِيلِهِ نَصًّا كَمَا وُفِّقُوا عَلَى تَنْزِيلِهِ نَصًّا وَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ ثُبُوتُ اسْتِعْمَالِ الظَّاهِرِ، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيِ مِنَ الْبَاطِنِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ عَلِمُوهُ مِنْ تَحْرِيمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْخَمْرَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فِي الْآيَةِ مَا تِلْكَ الْخَمْرُ وَمَا جِنْسُهَا؟ فَكَسَرَ بَعْضُهُمْ آنِيَتَهُ وَهَرَاقَ خَمْرَهُ، وَهُمْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَأَبُو طَلْحَةَ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ الْبَيْضَاءِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَمْثَالِهِمْ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَكَانَ الَّذِي هَرَاقُوهُ يَوْمَئِذٍ فَضِيحَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْخَمْرُ الَّتِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْ مِنَ الْخَمْرِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فَقَالَ: لقَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَهُوَ يُعْرَفُ بِالْفَضِيحِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَإِنَّ الْمَدِينَةَ مَا كَانَتْ تَخْلُو مِنْهُ وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَهِيَ الْفَضِيحُ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ جَمِيعًا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: حُرِّمَتْ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنَ الْعِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِمْ تِلْكَ الْآيَةَ عَلَى مَا كَانَ وَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهَا عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ حُكْمِهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ إِلَّا ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ يُعَنِّفْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَعْجَلُوا بِإِتْلَافِ أَمْوَالِكُمْ حَتَّى تَعْلَمُوا تَحْرِيمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهَا عَلَيْكُمْ بِمَا لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا تَعْلَمُونَه مِنْ ذَلِكَ، وَسَنَذْكُرُ أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَفِي وُجُوبِ حَمْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا وُجُوبُ حَمْلِهَا عَلَى عُمُومِهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ قَدْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْعَامَّ لَيْسَ بِأَوْلَى بِهَا مِنَ الْخَاصِّ، إِلَّا بِدَلِيلٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَيْهِ إِمَّا مِنْ كِتَابٍ، وَإِمَّا مِنْ سُنَّةٍ، وَإِمَّا مِنْ إِجْمَاعٍ فَإِنَّا لَا نَقُولُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ، وَلَكِنَّا نَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْعَامَّ فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِهَا مِنَ الْخَاصِّ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْآيَاتُ فِيهَا مَا يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ، وَفِيهَا مَا يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ وَكَانُوا قَدِ اسْتَعْمَلُوا قَبْلَ التَّوْقِيفِ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنَ الْمُرَادِ بِهَا مِنْ عُمُومٍ أَوْ خُصُوصٍ، وَكَانَ الْخُصُوصُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ، إِنَّمَا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِتَوْقَيفٍ ثَانٍ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ آيَةٍ أُخْرَى مِنَ التَّنْزِيلِ تَدُلُّ عَلَيْهِ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى عُمُومِهَا، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِهَا مِنَ اسْتِعْمَالِهَا عَلَى خُصُوصِهَا، حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ بِهَا سِوَى ذَلِكَ وَقَدْ أَلَّفْنَا كِتَابَنَا هَذَا نَلْتَمِسُ فِيهِ كَشْفَ مَا قَدَرْنَا عَلَى كَشْفِهِ مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاسْتِعْمَالَ مَا حَكَيْنَا فِي رِسَالَتِنَا هَذِهِ فِي ذَلِكَ، وَإِيضَاحَ مَا قَدَرْنَا عَلَى إِيضَاحِهِ مِنْهُ، وَمَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ فِيهِ بِمَا أَمْكَنَنَا مِنْ بَيَانِ مُتَشَابِهِهِ بِمُحْكَمِهِ، وَمَا أَوْضَحَتْهُ السُّنَّةُ مِنْهُ، وَمَا بَيَّنَتْهُ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ مِنْهُ، وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِمَّا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 وَاللهَ نَسْأَلُهُ الْمَعُونَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَالتَّوْفِيقَ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ لَنَا وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَأَوَّلُ مَا نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ، مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامٍ الطَّهَارَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَل َّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 كِتَابُ الطَّهَارَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} هَلْ هُوَ عَلَى الْقِيَامِ إِلَى كُلِّ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؟ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ الْقِيَامِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ قَائِمٍ إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، يُرِيدُونَ بِذَلِكَ كُلَّ مُرِيدٍ لِلْقِيَامِ إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ قَبْلَ قِيَامِهِ إِلَيْهَا حَتَّى يَقُومَ إِلَيْهَا مُتَوَضِّئًا الْوُضُوءَ الَّذِي أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي بَقِيَّةِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} أَيْ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ حَتَّى تَقْرَأَهُ عَلَى اسْتِعَاذَةٍ قَدْ كَانَتْ مِنْكَ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مُنْقَطِعًا 1 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ التَّنُّورِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَيَتْلُو: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَيْسَ عَلَى كُلِّ مُرِيدٍ الْقِيَامَ إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ أَنْ يَتَوَضَّأَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَدَثٍ، فَيَتَوَضَّأُ لِحَدَثِهِ حَتَّى يَصِيرَ طَاهِرًا، فَيَكُونَ قِيَامُهُ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَى الطَّهَارَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ نَقُومَ إِلَيْهَا فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، فَهُوَ إِذَا قَامَ عَلَى حَالِهِ، فَهُوَ قَدْ قَامَ عَلَى مَا أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَلَا مَعْنَى لِتَوَضُّئِهِ لِلصَّلَاةِ الَّذِي لَا يُخْرِجُهُ مِنْ حَدَثٍ إِلَى طَهَارَةٍ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: قَدْ كَانَ الْوُضُوءُ وَاجِبًا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْمُرِيدِينَ لِلْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ لِكُلِّ الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ يُرِيدُونَ الْقِيَامَ إِلَيْهَا، حَتَّى نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ فَمِمِّنْ رُوِيَ عَنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ بِالْوُضُوءِ الْوَاحِدِ وَلَمْ نَعْلَمْ أَيَّ الْمَذْهَبَيْنِ كَانَ مَذْهَبَهُ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا هَلْ هُوَ لِلنَّسْخِ لَهَا؟ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ الْمَذْكُورِ فِيهَا هُوَ الْقِيَامُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُحْدِثِينَ؟ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ 2 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّ سَعْدًا كَانَ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ " 3 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِيسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، مِثْلَهُ 4 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ الْأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، " أَنَّ أَصْحَابَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ تَوَضَّئُوا وَصَلَّوُا الظُّهْرَ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ قَامُوا لِيَتَوَضَّئُوا، فَقَالَ لَهُمْ: مَالَكُمْ أَحْدَثْتُمْ؟ فَقَالُوا: لَا، فَقَالَ: " الْوُضُوءُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ لَيُوشِكُ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدُكُمْ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ أَوْ عَمَّهُ، أَوِ ابْنَ عَمِّهِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ " 5 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عِنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: " كُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ نُحْدِثْ " وَاحْتَجَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى نَسْخِ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْوُضُوءِ لِلْقِيَامِ إِلَى كُلِّ صَلَاةٍ بِمَا 6 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ يَتَوَضَّأُ ابْنُ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، عَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: حَدَّثَتْهُ أَسْمَاءُ الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ حَدَّثَهَا، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمَرَ بِالسِّوَاكِ "، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى أَنَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ قَوَّةً، فَكَانَ لَا يَدَعُ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالُوا: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَسْخُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَفِيهِ أَيْضًا نَسْخُ أَنَّهُ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِسُنَّةٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرِ مَذْكُورَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ وَأَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّالِثَةِ لِجَمْعِهِمْ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ 7 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ سَمْعَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَرَّبَتْ لَهُمْ شَاةً مَصْلِيَّةً فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا، ثُمَّ حَانَتِ الظُّهْرُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فَضْلِ طَعَامِهِ فَأَكَلَ، ثُمَّ حَانَتِ الْعَصْرُ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ " قَالُوا: فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ عَلَى الَّذِينَ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ فِي نَسْخِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَقَالُوا: إِنَّمَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ نُسِخَ إِلَى السِّوَاكِ، فَلِمَ لَا يُوجِبُونَ السِّوَاكَ لِكُلِّ صَلَاةٍ؟ فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَدْفَعُ وُجُوبَ ذَلِكَ 8 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ " 9 - الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ خَلَفٍ الطَّفَاوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 10 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 11 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 12 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمِصْرِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ، مَوْلَى أُمِّ صَبِيَّةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 13 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عُقَيْلٍ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " لَوْلَا أَنْ يُشَقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ " 14 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ " الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 15 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمُ السِّوَاكَ مَعَ الْوُضُوءِ أَوْ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ " فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوجِبِ السِّوَاكَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ تَوَضُّأَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذُكِرَ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَلَكِنَّهُ كَانَ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ: 16 - أَنَّ يُونُسُ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الْمُعَافِرِيُّ، عَنْ أَبِي غُطَيْفٍ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الظُّهْرَ، فَانْصَرَفَ إِلَى مَجْلِسٍ فِي دَارِهِ فَانْصَرَفْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا نُودِيَ بِالْعَصْرِ دَعَا بِوُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَجْلِسِهِ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا نُودِيَ بِالْمَغْرِبِ دَعَا بِوُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ صَلَاةٍ؟ فَقَالَ: أَوَ قَدْ فَطِنْتَ لِهَذَا مَنِّي لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ؟ إِنْ كَانَ لَكَافٍ وُضُوئِي لِصَلَاةِ الصُّبْحِ صَلَوَاتِي كُلَّهَا مَا لَمْ أُحْدِثْ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كَتَبَ اللهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ " فَفِي ذَلِكَ رَغِبْتُ يَا ابْنَ أَخِي، وَهَذَا أَوْلَى بِابْنِ عُمَرَ، إِذْ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ " وَاحْتَجَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى نَسْخِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ 17 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، وَأَبُو حُذُوفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مِرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: صَنَعْتَ شَيْئًا يَا رَسُولَ اللهِ لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ؟ قَالَ: " عَمْدًا فَعَلْتُهُ يَا عُمَرُ " قَالُوا: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ الْوُضُوءَ لِكُلِّ الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 صَلَاةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَفْعَلُهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي السَّفَرِ؟ قِيلَ لَهُ: وَهَلْ فِي الْآيَةِ فَرْقٌ بَيْنَ سَفَرٍ وَبَيْنَ حَضَرٍ؟ فَفِي تَرْكِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ مِنَ التَّوَضُّؤ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَرْكُ التَّوَضُّؤ لِكُلِّ صَلَاةٍ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ السُّنَّةِ الْقَائِمَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ لِلْقِيَامِ لِلصَّلَوَاتِ إِلَّا عَنِ الْأَحْدَاثِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّهَارَاتِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَعَامَّةِ أَهْلِ زَمَانِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَامَّةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَدَدًا مِنَ الْغَسْلِ، وَبَيَّنَهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 18 - فَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرِ الْمَعَارِكِ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدٍ، أَوْ خَالَدُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ " أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا طَهُورُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " 19 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ الْوَادِعِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 20 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا تَوَضَّئَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَقَالَا: هَكَذَا كَانَ يَتَوَضَّأُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " 21 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِوُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً؟ أَوْ قَالَ: تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً 22 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، الحديث: 18 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْر، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَرَأَيْتُهُ غَسَلَ مَرَّةً مَرَّةً " 23 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عُقَيْلٍ، وَيُونُسُ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ: نَعَمْ، " فَدَعَا بِوُضُوءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى فَغَسَلَ يَدَهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ "، فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُضُوءُهُ لِلصَّلَاةِ مَرَّةً مَرَّةً، وَوُضُوءُهُ لِلصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَوُضُوءُهُ لِلصَّلَاةِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُفْتَرَضِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا الْوُضُوءُ، وَأَنَّ الْعَدَدَ الَّذِي فِي هَذِهِ الْآثَارِ عَلَى الْإِبَاحَةِ، فَمَنْ شَاءَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَمَنْ شَاءَ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَنْ شَاءَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا، لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا وَفِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْآثَارِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا رَوَيْنَا، مِنْهَا مَا جَرَى بِهِ، مَنْهَا مَا قَدْ أَتَيْنَا بِهِ مِنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ الحديث: 23 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} هَلْ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِ الرَّأْسِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ؟ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: هُوَ عَلَى جَمِيعِ الرَّأْسِ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِالْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مَسْحُ الرَّأْسِ 24 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ مِنْ مُقَدَّمِ عُنُقِهِ " 25 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ " أَنَّهُ أَرَى لَهُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا، ثُمَّ رَدَّ بِهِمَا حَتَّى بَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ " 26 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَضِّئًا، فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ، وَمَسَحَ بِأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً "، قَالُوا: فَدَلَّ مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ عَلَى عُمُومِ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ، كَعُمُومِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَعْضَاءِ بِالْغَسْلِ وَقَالَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: بَلِ الْفَرْضُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِهِ، لَا يُمْسَحُ كُلُّهُ، الحديث: 24 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ: 27 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ فَمَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ " 28 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ رَفَعَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ " فَمَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّاصِيَةَ بِشَيْءٍ "، قَالُوا: فَلَمَّا كَانَ قَدْ مَسَحَ نَاصِيَتَهُ وَلَمْ يَمْسَحْ بَقِيَّةَ رَأْسِهِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِ هُوَ مَا فَعَلَهُ فِي النَّاصِيَةِ فَقَالَ مُخَالِفُهُمْ: فَقَدْ مَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ، فَقِيلَ لَهُمْ: لَوْ كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ فِي ذَلِكَ مُسْتَعْمَلًا إِذًا لَمَا اسْتُعْمِلَ حَتَّى يُغَطِّيَ جَمِيعَ الرَّأْسِ، كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ حَتَّى يُغَطِّيَ جَمِيعَ الرِّجْلَيْنِ، فَلَمَّا اسْتُعْمِلَ الْمَسْحُ عَلَى النَّاصِيَةِ كَانَ هُوَ الْفَرْضُ، وَكَانَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَضْلًا وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ 29 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ " كَانَ يَمْسَحُ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ إِذَا تَوَضَّأَ "، قَالُوا: وَهَذَا بَالنَّظَرِ أَوْلَى مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُخَالِفُنَا إِذْ كُنَّا نَحْنُ، وَهُوَ مِمَّنْ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَيُجْمِعُ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا لَا يَعُمَّهُمَا، لِأَنَّ مَنْ كَانَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا خُطُوطًا بِالْأَصَابِعِ يَقُولُ: لَا يَمْسَحُ بِخَلْفِهِمَا وَلَا أَعْقَابِهِمَا وَلَا بُطُونِهِمَا، وَمَنْ كَانَ مِنَّا يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا لَا يَمْسَحُ جَوَانِبَهُمَا وَلَا أَعْقَابَهُمَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا فَرْضُهُ الْمَسْحُ، لَا الحديث: 27 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 يُرَادُ عُمُومُهُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بَعْضُهُ، فَأَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْآخَرُونَ فِي ذَلِكَ، فَقَالُوا: وَجَدْنَا التَّيَمُّمَ يُعَمُّ الْمَسْحَ بِهِ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ، وَالمَسْحَ فِي الْوُضُوءِ كَذَلِكَ يُعَمُّ بِهِ الْعُضْوُ الْمَمْسُوحُ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِلْآخَرِينَ: أَنَّ التَّيَمُّمَ شِبْهُ بَعْضِهِ بَعْضًا، فَمِنْهُ التَّيَمُّمُ عَلَى الْيَدَيْنِ يُعَمَّانِ بِهِ، وَمِنْهُ التَّيَمُّمُ عَلَى الْوَجْهِ يُعَمُّ بِهِ، وَالْوُضُوءُ لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ مِنْهُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ الَّذِي لَا تُعَمَّانِ بِهِ، وَالْمَسْحُ عَلَى الرَّأْسِ الَّذِي مِنْهُ أَشْبَهَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ الَّذِي مِنْهُ الْمَسْحُ بِالتَّيَمُّمِ الَّذِي لَيْسَ مِنْهُ، فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَعَامَّةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ سِوَاهُمْ وَاللهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} هَلْ هُوَ عَلَى الْغَسْلِ أَوْ عَلَى الْمَسْحِ؟ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَقِبِ مَا تَلَوْنَا فِي صَدْرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قِرَاءَةِ هَذَا الْحَرْفِ وَفِيمَا رَدُّوهُ إِلَيْهِ مِمَّا قَبْلَهُ، فَقِرَاءَةُ بَعْضِهِمْ: " وَأَرْجُلِكُمْ " بِالْكَسْرِ وَرَدُّوهُ إِلَى قَوْلِهِ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} ، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ اللَّازِمَ فِي الرِّجْلَيْنِ هُوَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا لَاغَسْلُهُمَا، فَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُجَاهِدٌ 30 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَرَأَ: " وَأَرْجُلِكُمْ " 31- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " نَزَلَ الْقُرْآنُ بِالْمَسْحِ وَالسُّنَّةُ بِالْغَسْلِ " 32 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: " وَأَرْجُلِكُمْ " وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا: 33 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ، وَقَالَ: " لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لَكَانَ بَاطِنُ الْقَدَمِ أَحَقَّ مِنْ ظَاهِرِهِ " 34 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ الحديث: 30 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ الْخَوْلَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ أَرَاقَ الْمَاءَ، فَدَعَا بِوُضُوءٍ، فَجِئْنَاهُ بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، " أَلَا أَتَوَضَّأُ لَكَ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ قُلْتُ: بَلَى، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا حِفْنَةً مِمَّا فَضَلَ بِهِمَا عَلَى قَدَمِهِ، وَفِي الْيُسْرَى مِثْلُ ذَلِكَ " 35 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهُمَامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَالَ: " إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ مِنَ النَّظَرِ بِالتَّيَمُّمِ، فَقَالُوا: لَمَّا كَانَ حُكْمُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ الْغَسْلَ، وَحُكْمُ الرَّأْسِ الْمَسْحَ بِإِجْمَاعٍ، وَكَانَ التَّيَمُّمُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ الْمَغْسُولَيْنِ، وَكَانَ مُرْتَفِعًا عَنِ الرَّأْسِ الْمَمْسُوحِ، كَانَ حُكْمُ الرِّجْلَيْنِ بِحُكْمِ الرَّأْسِ أَشْبَهَ، إِذْ كَانَ مَا يُفْعَلُ بِهِمَا فِي الْوُضُوءِ قَدْ سَقَطَ فِي التَّيَمُّمِ كَمَا سَقَطَ عَنِ الرَّأْسِ مَا كَانَ يُفْعَلُ بِهِ فِيهِ وَقَرَأَهُ آخَرُونَ: " وَأَرْجُلَكُمْ " بِالنَّصْبِ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلِّمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاس 36 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ زَرٍّ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ: " وَأَرْجُلَكُمْ " 37 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ هُشَيْمًا، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: " وَأَرْجُلَكُمْ " وَقَالَ: عَادَ إِلَى الْغَسْلِ " وَرَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْهُ 38 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بِكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرَةُ بْنُ يُونُسَ بْنِ الْقَاسِمِ الْيَمَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرَمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَالِمٍ الحديث: 35 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 مَوْلَى الْمُهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، تُنَادِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ: أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ " 39 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقبَرِّيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، تَقُولُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 40 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعْيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَدَمِ رَجُلٍ لُمْعَةً لَمْ يَغْسِلْهَا، فَقَالَ: " وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ " 41 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا صَلَاةُ الْعَصْرِ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ "، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا 42 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى قَوْمًا تَوَضَّئُوا وَكَانُوا تَرَكُوا مِنْ أَرْجُلِهِمْ شَيْئًا، فَقَالَ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ " 43 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ الْفَدَّانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ مَنْصُورِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَى عَلَى مَاءٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَحَضَرَتِ الْعَصْرُ، فَتَقَدَّمَ نَاسٌ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ وَقَدْ تَوَضَّئُوا وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا مَاءٌ، فَقَالَ الحديث: 39 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ " 44 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " 45 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ " 46 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ النَّصْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالُوا: فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ " وَالْأَعْقَابُ فَغَيْرُ مَمْسُوحَةٍ فِي قَوْلِ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى الْمَسْحِ، كَمَا لَا يُمْسَحُ مِنَ الْخُفَّيْنِ، وَكَمَا رُوِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ الْخَوْلَانِيِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ الْمَسْحِ قَالُوا: وَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ لَهُمْ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: " أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ " لِمَا تَرَكُوا مِنْ أَرْجُلِهِمْ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرِّجْلَ تُوَضَّأُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا الْغَسْلَ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: وَضَّأَ فُلَانٌ رَأْسَهُ، وَقَدْ يُقَالُ: وَضَّأَ وَجْهَهُ، وَوَضَّأَ يَدَيْهِ إِذَا غَسَلَهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ لِغَاسِلِ يَدَيْهِ قَبْلَ الطَّعَامِ: تَوَضَّأَ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ لَهُ بَعْدَ الطَّعَامِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَوَضَّئُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ "، الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 قَالُوا: وَلَمَّا أَرَادَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمُومَ الرِّجْلَيْنِ لِمَا يُفْضِلُونَهُ فِيهَا حَتَّى لَا تَبْقَى عَلَيْهِمْ مِنْهَا لُمْعَةٌ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْغَسْلِ، لَا عَلَى الْمَسْحِ قَالُوا: وَلَمَّا وَعَدَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَرْكِهِمْ مِقْدَارَ اللُّمْعَةِ مِنْهَا النَّارَ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَعِيدُ إِلَّا فِي تَرْكِ مَفْرُوضٍ عَلَيْهِمْ 47 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ شَرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ يُحَدِّثُنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَبْسَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " إِذَا دَعَا الرَّجُلُ بِطَهُورِهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ سَقَطَتْ خَطَايَاهُ مِنْ وَجْهِهِ وَأَطْرَافِ لِحْيَتِهِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ سَقَطَتْ خَطَايَاهُ مِنْ أَطْرَافِ أَنَامِلِهِ، فَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ سَقَطَتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ بُطُونِ قَدَمَيْهِ " 48 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيَغْسِلُ شَيْئًا مِنْ رِجْلَيْهِ إِلَّا خَرَجَ مَعَ قَطْرَةِ الْمَاءِ كُلُّ سَيِّئَةٍ مَشَى بِهِمَا إِلَيْهَا " 49 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحُمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَسْدِيُّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبَّادٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَا أَدْرِي كَمْ حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجًا أَوْ أَفْرَادًا: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى ذَقْنِهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى مِرْفَقَيْهِ، وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ مِنْ قِبَلِ كَعْبَيْهِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي إِلَّا غَفَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَا سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِ " قَالُوا: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ ذُكِرَ الثَّوَابُ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَوْ كَانَ فَرْضُهُمَا غَيْرَ الحديث: 47 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 الْغَسْلِ، إِذًا لَمَا كَانَ فِي غَسْلِهِمَا ثَوَابٌ، أَلَا تَرَى مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ فِي وُضُوئِهِ لَمْ يَكُنْ مُثَابًا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ كَانَ فَرْضُهُ فِيهِ غَيْرَ الْغَسْلِ، فَلَوْ كَانَتِ الْقَدَمَانِ فِي الْمَسْحِ مِثْلَ الرَّأْسِ، إِذًا لَمَا كَانَ غَاسِلُهُمَا مُثَابًا عَلَى ذَلِكَ، وَلَكَانَ كَغَاسِلِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَعَارَضُوا أَهْلَ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِيمَا احْتَجُّوا بِهِ مِنَ النَّظَرِ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ عَلَيْهِمْ ، فَقَالُوا: قَدْ رَأَيْنَا الْجُنُبَ الْوَاجِدَ لِلْمَاءِ، عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ بَدَنَهُ كُلَّهُ، فَإِذَا فَقَدَ الْمَاءَ تَيَمَّمَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ قَدْ قَامَ مَقَامَ الْغَسْلِ، وَلَمْ يَكُنْ سُقُوطُ التَّيَمُّمِ عَنْ سَائِرِ الْبَدَنِ سِوَى الرَّجْلَيْنِ، دَلِيلًا عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْجُنُبِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ أَنْ يَمْسَحَ مَا سَقَطَ عَنْهُ التَّيَمُّمُ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ، فَكَانَتْ هَذِهِ مُعَارَضَةً صَحِيحَةً، وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَخِيرُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافَعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ وَاللهُ الْمُوَفِّق ُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} الْآيَةَ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا ذَلِكَ الطُّهُورُ الَّذِي أَمَرَنَا بِهِ؟ وَبَيَّنَهُ لَنَا فِي آيَةٍ أُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} وَبَيَّنَ لَنَا أَيْضًا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي أَفْعَالِهِ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ الْغُسْلِ 50 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: ذَكَرُوا الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَمَّا أَنَا فَآخُذُ بِيَدِيَّ ثَلَاثًا فَأُفْرِغُهُ عَلَى رَأْسِي مِنَ الْجَنَابَةِ " 51 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا غُسْلَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا: كَيْفَ نَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا أَنَا فَآخُذُ مِلْءَ كَفَّيَّ فَأَصُبُّ عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ أُفِيضُ بَعْدُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي " وَكَانَ هَذَا الْمَرْوِيَّ فِي السُّنَّةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا الْمَرْوِيُّ فِيهَا مِنْ أَفْعَالِهِ فِيمَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَمَيْمُونَةَ زَوْجَتَيْهِ 52 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرْفَاتٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلٍّ " الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 53 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الْأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الْمَاءِ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِهَا شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ وَيَتْبَعُ بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْسَرِ بِيَدِهِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الْبَشْرَةَ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ " فَزَادَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى حَدِيثِ مَالِكٍ التَّبْدِيَةَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ مِنَ الرَّأْسِ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْسَرِ فِي الْوُضُوءِ لِلْجَنَابَةِ 54 - حِدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَأْخُذُ بِيَمِينِهِ فَيَصُبُّ عَلَى يَسَارِهِ، فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ حَتَّى يُنَقِّيَهُ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ غَسْلًا حَسَنًا، ثُمَّ يُمَضْمِضُ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا، وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَيَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَغْسِلُ جَسَدَهُ غُسْلًا، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مُغْتَسَلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى الْحَدِيثِ تَفْرِيقُ الْوُضُوءِ 55 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: " وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا فَاغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَأَكْفَأَ الْإِنَاءَ بِشِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى فَرْجِهِ فَغَسَلَهُ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ عَلَى الْأَرْضِ أَوِ الْحَائِطِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِثَوْبٍ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا يَنْفُضُ الْمَاءَ، نَفَضَ الْمَاءَ وَرَدَّ الثَّوْبَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ اكْتِفَاءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ، إِذْ كَانَتِ الْإِفَاضَةُ عَلَى الرَّأْسِ يُرِيدُ عَلَى الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 مَسْحِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ الْمَأْمُورِ بِغَسْلِهَا فِي الْجَنَابَةِ، وَفِي الْوُضُوءِ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَأَنَّهُ إِذَا أَوْصَلَ الْمَاءَ إِلَيْهَا فَقَدْ سَقَطَ بِذَلِكَ الْفَرْضُ عَنْهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا الَّذِي تُؤَدَّى بِهِ هَذِهِ الطَّهَارَةُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ؟ وَبَيَّنَ لَنَا فِي غَيْرِهَا مِنْ كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَاءِ السَّمَاءِ وَهُوَ الْمَطَرُ، ثُمَّ الْتَمَسْنَا حُكْمَ مَاءِ الْأَرْضِ، فَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَنَازَعُوا فِيهِ، فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ كَمَاءِ السَّمَاءِ تُؤَدَّى بِهِ الْفَرَائِضُ فِي الطَّهَارَاتِ كَمَا تُؤَدَّى بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ، وَمَنَعَ أَدَاءَ الْفَرَائِضِ بِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ 56 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صَهْبَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " الصَّعِيدُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، يَعْنِي: مَاءَ الْبَحْرِ " وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِيهِ: 57 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ، قَالَ: قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ: " سَبْعَةُ أَبْحُرٍ وَسَبْعَةُ أَنْهُرٍ لَا يُجْزِينَ مِنْ جَنَابَةٍ وَلَا مِنْ طُهُورٍ " وَخَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ: 58 - فَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ شِنَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، وَكُرَيْبٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " هُمَا الْبَحْرَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا تَوَضَّأْتَ " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ طَلَبْنَا الْوَجْهَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ بِعَقِبِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الطَّهَارَاتِ بِالْمَاءِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} ، فَعَمَّ بِذَلِكَ الْمِيَاهَ كُلَّهَا {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ، وَلَمْ يُبِحِ التَّيَمُّمَ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمِيَاهِ، الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عِنْدَ وَجَودِهَا مُبَاحٌ لَهُ التَّطَهُّرُ بِهَا وَالْتَمَسْنَا ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْنَا فِيهَا مَا 59 - حَدَّثَنَا نَصَّارُ بْنُ حَرْبٍ الْمَسْمَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " 60 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " 61 - حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحَلَالُ مَيْتُهُ " 62 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ رُشْدِينَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْمُدْلِجِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَرْكَبُ أَرْمَاثًا فِي الْبَحْرِ، فَنَحْمِلُ مَعَنَا الْمَاءَ الْقَلِيلَ، فَإِذَا تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، وَإِذَا تَوَضَّأْنَا بِمَاءِ الْبَحْرِ كَفَانَا، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتهُ " 63 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ جِلَاحٍ، أَنَّ سَعِيدَ بِنَ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ أَخْبَرَهُ، أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَجَاءَهُ صَيَّادٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَنْطَلِقُ فِي الْبَحْرَيْنِ نُرِيدُ الصَّيْدَ، فَيَحْمِلُ أَحَدُنَا مَعَهُ الْإِدَاوَةَ أَوِ الِاثْنَيْنِ وَهُوَ يَرْجُو أَنْ يَجِدَ الصَّيْدَ قَرِيبًا، فَرُبَّمَا وَجَدَهُ كَذَلِكَ، وَرُبَّمَا لَمْ يَجِدِ الصَّيْدَ حَتَّى يَبْلُغَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ مَكَانًا لَمْ يَظُنَّ أَنْ يَبْلُغَهُ، فَلَعَلَّهُ يَحْتَلِمُ أَوْ يَتَوَضَّأُ، فَإِنِ اغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ بِهِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَقَدَ الْمَاءَ، فَلَعَلَّ أَحَدَنَا أَنْ يُهْلِكَهُ الْعَطَشُ فَمَا تَرَى يَا رَسُولَ اللهِ فِي مَاءِ الْبَحْرِ، أَنَغْتَسِلُ بِهِ أَوْ نَتَوَضَّأُ إِذَا خِفْنَا ذَلِكَ؟ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " نَعَمْ، فَاغْتَسِلُوا مِنْهُ وَتَوَضَّئُوا فَإِنَّهُ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " 64 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مَخْشِيٍّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ الْفَرَاشِيَّ، قَالَ: كُنْتُ أَصِيدُ فِي الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ عَلَى أَرْمَاثٍ، وَكُنْتُ أَحْمِلُ قِرْبَةً فِيهَا مَاءٌ، فَإِذَا لَمْ أَتَوَضَّأْ مِنَ الْقِرْبَةِ رَفَقَ ذَلِكَ بِي وَبَقِيَتْ لِي، فَجِئْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " 65 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ صَخْرٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبَّاسٍ الْمِصْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رُزَيَّةَ، عَنِ الْعَرْكِيِّ الَّذِي سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَرْكَبُ الْأَرْمَاثَ فَنَبْعُدُ فِي الْبَحْرِ وَمَعَنَا مَاءٌ لِشِفَاهِنَا، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ مُتْنَا عَطَشًا، وَتَزْعُمُونَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَاؤُهُ طَهُورٌ وَمَيْتَتُهُ حَلالٌ " فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى طُهُورِ مَاءِ الْبَحْرِ، وَأَنَّهُ كَمَاءِ الْمَطَرِ، وَلَمَّا عَقَلْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِوَاءَ الْحُكْمِ فِي مِسَابِ الْبِحَارِ كُلِّهَا مِنَ الْعَذْبِ وَالْمِلْحِ ثَبَتَ اسْتِوَاءُ الْحُكْمِ فِي مِيَاهِهَا كُلِّهَا، وَأَمَّا مِيَاهُ الْآبَارِ وَالْغُدْرَانِ وَالْمَاءُ الرَّاكِدُ فِي الْآجَامِ وَنَحْوِهَا فَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْرُوحَةً بِطَهَارَةِ ذَلِكَ الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 66 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي نَوْفٍ، عَنْ سَلِيطٍ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ ابْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَتَوَضَّأُ مِنْهَا وَهِيَ يُلْقَى فِيهَا مَا يُلْقَى مِنَ النَّتَنِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ " 67 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَلِيطِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا عَذِرَةُ النَّاسِ وَمَحَايِضُ النِّسَاءِ وَلَحْمُ الْكِلَابِ، فَقَالَ: " إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ " 68 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يُحَدِّثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " نَهَى أَوْ نُهِيَ أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ أَوِ الرَّاكِدِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأَ مِنْهُ أَوْ يَغْتَسِلَ مِنْهُ " 69 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ " فَقَالَ: كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ فَقَالَ: يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى طَهَارَةِ الْمِيَاهِ كُلِّهَا مِنَ الْعَذْبَةِ وَالْمِلْحِ، وَمَاءِ الْبِحَارِ، وَمَاءِ الْغُدْرَانِ، وَمَاءِ الْآبَارِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنَيفَةَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَسَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ بِخَلَافِ ذَلِكَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ الْمِلْحِ الحديث: 66 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ مِنْ أَيِّ الْأَمْرَاضِ هُوَ فِي كِتَابِهِ، وَلَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّا وَجَدْنَاهُ مَرْوِيًّا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ 70 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} ، قَالَ: " هُوَ الْمَجْدُورُ وَصَاحِبُ الْقُرْحَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا خَافَ إِنْ هُوَ اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ أَنْ يَمُوتَ، تَيَمَّمَ " فَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ هُوَ الْمَرِيضُ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ، وَقَدْ وَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبَاحَ بِالْمَرَضِ الْإِفْطَارَ مِنَ الصِّيَامِ فِي آيَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، فَكَانَ الْمَرَضُ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ مَعَ الصِّيَامِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرَضُ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى هُوَ الْمَخُوفُ مَعَ الْوُضُوءِ مِنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ ذَلِكَ السَّفَرَ مَا هُوَ؟ وَلَمْ نَعْلَمْ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِيمَنْ سَافَرَ مِقْدَارَ سَاعَةٍ لَا يُرِيدُ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ، وَفِي الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَإِنْ أَعْوَزَ الْمَاءُ كَمَا لَا يَتَيَمَّمُ فِي الْمِصْرِ وَإِنْ أَعْوَزَ الْمَاءُ، فَعَلِمْنَا أَنَّ السَّفَرَ الْمُرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الحديث: 70 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 سَفَرٌ لَهُ مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ فَوَجَدْنَا أَنَّ الْمَقَادِيرَ الْمُؤَقَّتَةَ فِي السَّفَرِ قَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا آثَارٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَمِنْهَا مَا قَصَدَ فِيهِ إِلَى ذِكْرِ الْبَرَيدِ 71 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ بَرِيدًا إِلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ " 72 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ بَرِيدًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ عَلَيْهَا " وَمِنْهَا مَا قصد فِيهِ إِلَى ذكر الْيَوْم 73 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ " 74 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 75 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُسَافِرُ يَوْمًا فَمَا فَوْقَهُ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو حُرْمَةٍ " وَمِنْهَا مَا قَصَدَ فِيهِ إِلَى ذِكْرِ اللَّيْلَتَيْنِ 76 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ قَزَعَةَ، مَوْلَى زِيَادٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عَلَيْهِ الحديث: 71 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وَسلم، يَقُولُ: " لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ " وَمِنْهَا مَا قَصَدَ فِيهِ إِلَى ذِكْرِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ 77 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُبَيْصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تُسَافِرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ " 78 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 79 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مَسِيرَةَ ثَلَاثٍ " 80 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ سَفِرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا، أَوِ ابْنُهَا، أَوْ أَخُوهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا " 81 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَفْصِ بْنِ غَيَّاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 82 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الحديث: 77 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ رَجُلٍ يَحْرُمُ عَلَيْهَا نِكَاحُهُ " فَلَمَّا وَجَدْنَا هَذِهِ الْآثَارَ مَقْصُودًا بِالنَّهْيِ فِيهَا عَنْ سَفَرِ الْمَرْأَةِ بِلَا مَحْرَمٍ أَوْ بِلَا زَوْجٍ إِلَى وَقْتٍ يُعَيِّنُهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ فِيهَا، عَقَلْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ فِيهَا، إِلَّا وَحُكْمُهُ خِلَافُ حُكْمِ مَا هُوَ دُونَهُ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَعَقَلْنَا أَنَّ أَقَلَّهَا يَنْهَى عَمَّا فَوْقَهُ مِنْهَا فَصَاعِدًا، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ أَقَلِّهَا كَانَ أَوْلَى، فَقَدْ وَكَّدَ ذَلِكَ النَّهْيَ عَنْ أَكْثَرِهَا، وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ أَكْثَرِهَا أَوْلَى، ثُمَّ كَانَ النَّهْيُ عَنْ أَقَلِّهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَحْدَثَ نَهْيًا عَنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ، وَبَقِيَ النَّهْيُ فِي الْكَثِيرِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا بِبَقَاءِ النَّهْيِ فِي الْكَثِيرِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ، فَاسْتَعْمَلْنَاهُ وَلَمْ نُحِطْ عِلْمًا بِبَقَاءِ النَّهْيِ فِيمَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا فَأَلْقَيْنَاهُ، وَجَعَلْنَا السَّفَرَ الْمُبَاحَ فِيهِ التَّيَمُّمُ عِنْدَ إِعْوَازِ الْمَاءِ السَّفَرَ الَّذِي مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} ، فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ هَذَا اللَّمْسَ، مَا هُوَ؟ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هُوَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ مِنَ الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ بِالْيَدِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ 83 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قَالَ قَوْلًا مَعْنَاهُ: مَا دُونَ الْجِمَاعِ " 84 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " قُبْلَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَجَسُّهَا بِيَدِهِ مِنَ الْمُلَامَسَةِ، فَمَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ " الحديث: 83 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 قَالُوا: فَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} وَدَلَّتْ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْيِهِ عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَهِيَ الْمَسُّ بِالْيَدِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هُوَ الْجِمَاعُ، وَلِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَنى عَنْهُ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ 85 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا اللَّمْسَ، فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمَوَالِي: لَيْسَ مِنَ الْجِمَاعِ، وَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ: هُوَ الْجِمَاعُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: " مَعَ أَيِّهِمْ كُنْتَ؟ " قُلْتُ: مَعَ الْمَوَليِ، قَالَ: " غَلَبَتِ الْمَوَالِي، إِنَّ اللَّمْسَ وَالْمُبَاشَرَةَ مِنَ الْجِمَاعِ، وَلَكِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُكَنِّي " 86 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَيْسَ فِي الْقُبْلَةِ وُضُوءٌ " قَالُوا: وَلَمَّا كَانَ اللَّمْسُ هُوَ الْمَسُّ قَدْ عَادَ إِلَيْهِ فِي الْمَعْنَى، وَقَدْ وَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ سَمَّى الْجِمَاعَ مَسًّا، فَقَالَ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} ، أَوْ {تَمَسُّوهُنُّ} عَلَى مَا قُرِئَتْ، فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْجِمَاعُ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ} ، أَوْ {تَمَسُّوهُنَّ} عَلَى مَا قُرِئَتْ، فَكَانَ الْمَسُّ هَاهُنَا هُوَ الْجِمَاعُ، وَكَذَلِكَ اللَّمْسُ الْمُرَاجَعُ مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَى الْمَسِّ، هُوَ الْجِمَاعُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا جَعَلْنَا اللَّمْسَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ لِأَنَّا وَجَدْنَا الْقُرْآنَ قَدْ جَاءَ بِذِكْرِ الْمَسِّ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَجَاءَ بِذِكْرِ اللَّمْسِ فِي مَوْضِعٍ، وَكَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَنَازَعْنَا فِيهِ هُوَ اللَّمْسُ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ الْمَذْكُورِ فِيهِمَا، عَطَفْنَاهُ عَلَى الْمَوْضِعِ الْآخَرِ مِنْهُمَا، وَجَعَلْنَاهُ أَوْلَى بِهِ لِأَنَّ اللَّمْسَ بِالْمَسِّ أَشْبَهُ مِنَ الْمَسِّ بِاللَّمْسِ، إِذْ كَانَ قَدْ وَافَقَهُ فِي اسْمِهِ وَمَعْنَاهُ، قِيلَ لِهُ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُطْلِقِ اللَّمْسَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَالَ الحديث: 85 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} فَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ اللَّمْسَ الْمَسُّ بِالْيَدِ، وَكَانَ فِيمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْجِمَاعُ، وَكَانَ الْمَوْضِعُ الْآخَرُ الَّذِي اخْتَلَفْنَا فِيهِ مُطْلَقًا بِغَيْرِ ذِكْرِ يَدٍ وَلَا غَيْرِهَا وَكَانَ بِاللَّمْسِ الْمُطْلَقِ أَوْلَى مِنْهُ بِاللَّمْسِ الْمَذْكُورِ بِالْيَدِ قَالَ: وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي اللَّمْسِ أَنَّهُ الْجِمَاعُ، مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَرْكِهِ الْوُضُوءَ مِنَ الْقُبْلَةِ، فَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا 87 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعُ ابْنُ الْجَرَّاحِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَبَّلَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ فَقُلْتُ: مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ فَضَحِكَتْ " 88 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحَمَائِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ فَيَلْقَى الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ، فَيُقَبِّلُهَا، ثُمَّ يُصَلِّي وَمَا يَمَسُّ مَاءً " 89 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ، ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ " قَالُوا: قَدْ نَزَلَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اللَّمْسِ الَّذِي أَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ مَا أَوْجَبَ مِنَ الطَّهَارَةِ فِي كِتَابِهِ، هُوَ خِلَافُ الْقُبْلَةِ وَهُوَ الْجِمَاعُ قَالُوا: وَحُجَّةٌ أُخْرَى فِي الْقَوْلِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي اللَّمْسِ عَلَى مَنْ ذَهَبَ فِيهِ مَذْهَبَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ ذَهَبَ فِيهِ مَذْهَبَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَعَلَهُ الْجِمَاعَ أَوْجَبَ فِيهِ الْغُسْلَ بِالْمَاءِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا، وَالتَّيَمُّمَ بِالصَّعِيدِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ مَعْدُومًا، الحديث: 87 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 وَأَبَاحَ لِلْحَدِثَيْنِ بِمَا سِوَى الْجِمَاعِ مِنَ الْجَنَابَاتِ التَّيَمُّمَ بِالصَّعِيدِ، وَبِمَا كَانَ يُجْزِئُ مِنْهُ التَّوَضُّؤَ بِالْمَاءِ لَوْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا أَوْ كَانَ التَّيَمُّمُ، لِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، يَقُومُ مَقَامَ الْغُسْلِ بِالْمَاءِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا، كَانَ يَقُومُ مَقَامَ الْوُضُوءِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ مَعْدُومًا فِيمَا الْفَرْضُ فِيهِ الْوُضُوءُ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا، وَكَانَ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، إِذْ جَعَلَا الْمُلَامَسَةَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ إِبَاحَةُ التَّيَمُّمِ فِيهَا، إِذَا كَانَ الْمَاءُ مَعْدُومًا، وَجَعَلاه بَدَلًا مِنَ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا، وَلَمْ يَجْعَلَاهُ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ بَدَلًا مِنَ الْغُسْلِ لَوْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا، وَلَمْ يُبِيحَا لِلْجُنُبِ التَّيَمُّمَ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ مَا 90 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غَيَّاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي مُوسَى، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: " يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَرَأَيْتَ إِذَا أَجْنَبَ الرَّجُلُ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ، قَالَ أَبُو مُوسَى: وَكَيْفَ تَصْنَعُ بِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرَ، حِينَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَكْفِيكَ يَعْنِي: التَّيَمُّمَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ مِنهُ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ، وَكَيْفَ نَصْنَعُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي النِّسَاءِ؟ فَمَا دَرَى عَبْدُ اللهِ مَا يَقُولُ، فَقَالَ: إِنَّا لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكَ مَا إِذَا بَرِدَ عَلَى أَحَدِهِمْ أَنْ يَدَعَهُ وَيَتَيَمَّمَ فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ: فَإِنَّمَا كَرِهَهُ عَبْدُ اللهِ لِهَذَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ " 91 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مِرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، فِي " الرَّجُلِ يُصِيبُ أَهْلَهُ وَهُوَ لَا يَجِدُ الْمَاءَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا يَفْعَلُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ وَهُمَا فِي سَفَرٍ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَصَابَ مِنْ جَارِيَةٍ لَهُ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَتَيَمَّمَ فَصَلَّيْنَا جَمِيعًا " فَهَذَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ لَمَّا كَانَ مِنْ رَأْيِهِمَا أَنَّ الْمُلَامَسَةَ هِيَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ، وَكَانَ التَّيَمُّمُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ لِلْمُلَامَسَةِ، مَنَعْنَا الْجُنُبَ مِنَ التَّيَمُّمِ وَلَمَّا كَانَ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي مُوسَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ هِيَ الْجِمَاعُ، أَبَاحَ لِلْجُنُبِ التَّيَمُّمَ إِذَا كَانَ التَّيَمُّمُ مَذْكُورًا بِعَقِبِ الْمُلَامَسَةِ، وَهَذَا أَبُو مُوسَى قَدْ تَابَعَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي أَنَّ الحديث: 90 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 الْمُلَامَسَةَ الْجِمَاعُ، وَتَابَعَهُ فِي إِبَاحَةِ الْجُنُبِ التَّيَمُّمَ، وَحَاجَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَأَنَّ الْمُلَامَسَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهَا هِيَ الْجِمَاعُ، فَلَمْ يَدْفَعْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ مَنْعُهُ الْجُنُبَ مِنَ التَّيَمُّمِ لِخِلَافِهِ إِيَّاهُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ بِالْعِلَّةِ الَّتِي اعْتَلَّ بِهَا، وَلَمَّا وَقَفْنَا مِنْ مَذَاهِبِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ أَبَاحُوا التَّيَمُّمَ فِي الْجِمَاعِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، هُمُ الَّذِينَ جَعَلُوا الْمُلَامَسَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ لِلْجِمَاعِ، وَأَنَّ الَّذِينَ مَنَعُوا مِنَ التَّيَمُّمِ فِي الْجِمَاعِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ هُمُ الَّذِينَ جَعَلُوا الْمُلَامَسَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ مَا دُونَ الْجِمَاعِ، وَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَمَّا جُعِلَ بَدَلًا مِنَ الْوُضُوءِ، لَمْ يَكُنْ بَدَلًا مِنَ الْغُسْلِ، ثُمَّ وَجَدْنَا السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُنُبِ إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ، وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ عِنْهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرَ وَغَيْرُهُ 92 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ، عَنْ عَمَّارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَيْسَ مَعِي مَاءٌ، فَتَمَعَّكْتُ كَمَا تَتَمَعَّكُ الدَّابَّةُ وَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " أَمَا كَانَ يَكْفِيكَ التَّيَمُّمُ " 93 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: تَمَارَى ابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٌ فِي الرَّجُلِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ، وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ، وَقَالَ عَمَّارٌ: كُنْتُ فِي الْإِبِلِ فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ، فَتَمَعَّكْتُ كَمَا يَتَمَعَّكُ الْحِمَارُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، فَإِذَا قَدَرْتَ عَلَى الْمَاءِ اغْتَسِلْ " فَوُفِّقْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَبَاحَ لِلْجُنُبِ التَّيَمُّمَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ مِنْ سُنَنِهِ التَّيَمُّمُ لِلْجَنَابَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُبُوتُ قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْمُلَامَسَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجِمَاعِ، وَقَدْ سَدَّ ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَمْلِهِ أُمَامَةَ ابْنَةَ أَبِي العَاصِ فِي الصَّلَاةِ 94 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحديث: 92 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ السُّلَمِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا " 95 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَبُو بِشْرٍ الرِّقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي وَأُمَامَةُ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ مِنْ سُجُودِهِ أَخَذَهَا فَأَعَادَهَا عَلَى رَقَبَتِهِ " 96 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأُمَامَةُ عَلَى رَقَبَتِهِ يَحْمِلُهَا إِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ أَعَادَهَا " 97 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 98 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 99 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُصَلِّي وَأُمَامَةُ ابْنَةُ زَيْنَبَ ابْنَةُ أَبِي الْعَاصِ عِنْدَهُ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا " الحديث: 95 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَمَلَ أُمَامَةَ فِي صَلَاتِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ مِنْهَا مُمَاسَّةُ وَجْهِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ يَدَيْهِ، لِأَنَّ عَادَاتِ الصِّبْيَانِ جَارِيَةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا نَاقِضًا لِطَهَارَتِهِ إِذًا لَكَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي صَلَاتِهِ مَا هُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى بَعْضِ طَهَارَتِهِ الَّتِي بِهَا تَتِمُّ صَلَاتُهُ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُلَامَسَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا هِيَ الْجِمَاعُ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِالدَّلَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَلَيْهَا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُمُ اللهُ وَرَضِيَ عَنْهُمْ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ، وَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَيَمَّمُوا} مِنَ الْمُحْكَمِ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ، وَتَأْوِيلُهُ عِنْدَهُمْ: اقْصُدُوا صَعِيدًا كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} ، يَعْنِي: قَاصِدِينَ، وَكَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} يَعْنِي: وَلَا تَقْصِدُوا، وَسَنَذْكُرُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ، وَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {صَعِيدًا طَيِّبًا} مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ؟، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ رَمْلٍ، وَتُرَابٍ، أَوْ زَرْنِيخٍ، أَوْ مَغَرَّةٍ، أَوْ مَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ صَعِيدٌ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ: التُّرَابُ النَّظِيفُ دُونَ مَا سِوَاهُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ، وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ نَجِدْ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ دَلِيلًا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْتَمَسْنَاهُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْنَاهُ فِيهَا 100 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عِنْهُ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عَلَيْهِ الحديث: 100 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وَسلم، قَالَ: " أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ " قَالَ لَنَا الْمُزَنِيُّ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى سُفْيَانَ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَوْ سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ ذَكَرَهُ 101 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ زُفَرَ الضَّبِّيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ فَادَّخَرْتُهَا لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لَهُ الْأَرْضَ مَسْجِدً وَطَهُورًا، وَكَانَ الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا، وَالْمُرَادُ بِالطَّهُورِ التَّيَمُّمَ بِهَا، كَانَتْ كُلُّ أَرْضٍ جَازَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا جَازَتِ التَّيَمُّمُ بِهَا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} فَكَانَ هَذَا مِنَ الْمُحْكَمِ الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: {وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} ، وَكَانَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ عَلَى الْكَفَّيْنِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الْأَعْمَشُ، وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ عَلَى الْكَفَّيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَزُفَرُ، وَمُحَمَّدٌ، والشَّافِعِيُّ وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ عَلَى الْكَفَّيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ إِلَى الْآبَاطِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الزُّهْرِيُّ، وَكَانَ الحديث: 101 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 مِنْ حُجَّةِ مِنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْكَفَّانِ خَاصَّةً قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الْكَفَّيْنِ خَاصَّةً وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِمُخَالِفَتِهَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي ذَكَرُوهَا فِي قَطْعِ السَّارِقِ، كَمَا ذَكَرُوا أَنَّ الْآيَةَ الْأُخْرَى فِي التَّيَمُّمِ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ الْمَذْكُورِ فِيهَا، وَفِي تَيَمُّمِ أَصْحَابِهِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ مَعَهُ عِنْدَ نُزُولِهَا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مَا 102 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَهْبِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: " كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ، فَضَرَبْنَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً لِلْوَجْهِ، ثُمَّ ضَرَبْنَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً لِلْيَدَيْنِ وَالْمِنْكَبَيْنِ ظَهْرًا وَبَطْنًا " 103 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرَ، قَالَ: " تَيَمَّمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَنَاكِبِ " 104 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: " تَيَمَّمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتُّرَابِ، فَمَسَحْنَا وُجُوهَنَا وَأَيْدِيَنَا إِلَى الْمَنَاكِبِ 105 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارٍ، مِثْلَهُ 106 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ السِّقْطِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأُوَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَهَلَكَ عِقْدٌ لِعَائِشَةَ، فَطَلَبُوهُ حَتَّى أَصْبَحُوا وَلَيْسَ مَعَ الْقَوْمِ مَاءٌ، " فَنَزَلَتِ الرُّخْصَةُ فِي التَّيَمُّمِ فِي الصُّعُدَاتِ، فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ إِلَى الْأَرْضِ وَمَسَحُوا بِهَا وُجُوهَهُمْ وَظَاهِرَ أَيْدِيهِمْ الحديث: 102 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 إِلَى الْمَنَاكِبِ وَبَاطِنَهَا إِلَى الْآبَاطِ " فَهَذَا الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مِنْ ذَهَبَ إِلَى مَذْهَبِ الزُّهْرِيِّ، وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْأَعْمَشِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ 107 - فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّيَمُّمِ " فَأَمَرَهُ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ " 108 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَرَّ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ فِي سَفَرٍ فَأَجْنَبْتُ وَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا تُصَلِّ فَقَالَ عَمَّارٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا تَذْكُرُ أَنِّي كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ فَأَجْنَبْنَا فَلَمْ نَجِدِ الْمَاءَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَرَّغْتُ فِي التُّرَابِ فَصَلَّيْتُ، فَأَتَيْنَا نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ: " أَمَّا أَنْتَ فَكَانَ يَكْفِيكَ، وَقَالَ بِيَدَيْهِ فِي الْأَرْضِ فَضَرَبَ بِهِمَا وَنَفَخَ فِيهِمَا وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ " 109 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَرًّا يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، نَحْوَ حَدِيثِ الْحَكَمِ، قَالَ سَلَمَةُ لَا أَدْرِي أَبَلَغَ بِهِ الذِّرَاعَيْنِ أَمْ لَا؟ 110 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُذْكُرْ سُؤَالَ الرَّجُلِ لِعُمَرَ، وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: " إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ هَكَذَا، وَضَرَبَ الْأَعْمَشُ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ نَفَخَهُمَا وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ "، الحديث: 107 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 قَالُوا: فَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ هُوَ الْإِخْبَارُ عَمَّا فَعَلُوا وَقْتَ نُزُولِ الْآيَةِ، وَاسْتِعْمَالِهِمْ إِيَّاهَا عَلَى ظَاهِرِهَا، وَفِي هَذَا تَوْقِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّارًا عَلَى الْمُرَادِ فِيهَا قَالُوا: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ حَدِيثِ عَمَّارٍ مُوَافِقها لِحَدِيثِ عَمَّارٍ أَيْضًا وَذَكَرُوا مَا 111 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزٍ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: وَأَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللهِ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَيْنُ دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الْجُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصُّمَّةِ الْأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ أَبُو الْجُهَيْمِ: " أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ، فَتَيَمَّمَ بِوَجْهِهِ وَبِيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْنَا السَّلَامَ " 112 - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ 113 - فَإِنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ كُهَيْلٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ، قَالَ: إِنِّي أَكُونُ فِي الْفَلَاةِ فَتُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ وَلَيْسَ مَعِي مَاءٌ، أَفَأُصَلِّي؟ قَالَ عُمَرُ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُصَلِّ حَتَّى أُصَيبَ الْمَاءَ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا تَذْكُرُ حِينَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيَّاكَ فِي إِبِلٍ فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَتَمَرَّغْتُ كَمَا يَتَمَرَّغُ الْحِمَارُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَضَحِكَ حَتَّى بَدَا نَاجِذَهُ، وَقَالَ: " إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ هَكَذَا، وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ نَفَخَهُمَا وَمَسَحَهُمَا بِوَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ إِلَى نِصْفِهِمَا " الحديث: 111 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَيْضًا عَنِ الذِّرَاعَيْنِ عِنْدَهُمْ هُوَ نِهَايَةُ الْمِرْفَقَيْنِ 114 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَسْلَعَ التَّمِيمِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ لِي: " يَا أَسْلَعُ، قُمْ فَأَرْحِلْ لَنَا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَابَتْنِي بَعْدَكَ جَنَابَةٌ فَسَكَتَ حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِآيَةِ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ لِي: " يَا أَسْلَعُ، قُمْ فَتَيَمَّمْ صَعِيدًا طَيِّبًا ضَرْبَتَيْنِ، ضَرْبَةٌ لِوَجْهِكَ وَضَرْبَةٌ لِذِرَاعَيْكَ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا " فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَاءِ، قَالَ: يَا أَسْلَعُ قُمْ فَاغْتَسِلْ " 115 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، وَحَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَاجَةٍ، وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِ يَوْمَئِذٍ، أَنْ قَالَ: مُرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِكَّةٍ مِنَ السِّكَكِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ حَتَّى كَادَ الرَّجُلُ يَتَوَارَى فِي السِّكَّةِ، فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْحَائِطِ فَتَيَمَّمَ وَجْهُهُ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَتَيَمَّمَ لِذِرَاعَيْهِ، وَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ لَسْتُ بِطَاهِرٍ " وَكَانَ هَذَا مَا احْتُجَّ بِهِ لِمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ مِنَ الْآثَارِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَرَأَيْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ التَّيَمُّمَ عَلَى الْعُضْوَيْنِ اللَّذَيْنِ جَعَلَهُ عَلَيْهِمَا وَهُمَا الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ، فَكَانَ الْوَجْهُ يَتَيَمَّمُ كُلُّهُ بِالصَّعِيدِ كَمَا يُغْسَلُ بِالْمَاءِ لَوْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا، فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ الْيَدَانِ تَتَيَمَّمَانِ بِالصَّعِيدِ، كَمَا كَانَتَا تُغْسَلَانِ بِالْمَاءِ لَوْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا، وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابْنُ عُمَرَ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ 116 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَقْبَلَ مِنَ الْجَرْفِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْمِرْبَدِ " تَيَمَّمَ صَعِيدًا طَيِّبًا فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى " الحديث: 114 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 117 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: " أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَإِنِّي تَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ، فَقَالَ: أَصِرْتَ حِمَارًا؟ فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِيَدِهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَقَالَ: هَكَذَا التَّيَمُّمُ " وَفِي حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ ضَرَبَ ضَرْبَتَيْنِ ضَرْبَةٌ لِوَجْهِهِ وَضَرْبَةٌ لِيَدَيْهِ وَفِي حَدِيثِ عَمَّارٍ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَانَ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ لِمَا وَقَعَ فِيهِ هَذَا الِاخْتِلَافُ أَنَّ مَا تَوَضَّأَ بِهِ الْوَجْهُ فِي الْوُضُوءِ مِنَ الْمَاءِ خِلَافُ مَا تَوَضَّأَ بِهِ الْيَدَانِ مِنْهُ، وَكَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْبَدَنُ مِنْهُ كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ مَا تَيَمَّمَ بِهِ الْيَدَانِ مِنَ الصَّعِيدِ غَيْرَ مَا تَيَمَّمَ بِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ أَجْمَعُوا جَمِيعًا عَلَى أَنَّ هَذَا التَّيَمُّمَ يُجْزِئُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ مِمَّا يُوجِبُ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ فِي حَالَ وُجُودِ الْمَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ، فَقَالَ قَائِلُونَ: لَا يُجْزِئُ مِنْهُ التَّيَمُّمُ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ، وَمَنَعُوا بِذَلِكَ مِنَ الجِمَاعِ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ، مِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَفِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ فِيهِ الْمُلَامَسَةُ، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَمِمَّنْ لَمْ نَذْكُرْهُ عِنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ 118 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْسَرَةَ، وَزَاذَانَ، وَأَبِي الْبُخْتُرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ سَافَرَ وَمَعَهُ مَاءٌ قَلِيلٌ: قَالَ: " لَا يَمَسُّ أَهْلَهُ " غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ خِلَافُ ذَلِكَ 119 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " إِذَا كَانَ الرَّجُلُ جُنُبًا فَأَرَادَ الطُّهُورَ لِلصَّلَاةِ لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا قَدْرُ مَا يَغْتَسِلُ بِهِ أَوْ يَتَوَضَّأُ، فَخَشِيَ إِنِ اغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ أَنْ يَمُوتَ عَطَشًا فَلْيَتَيَمَّمْ وَيُمْسِكِ الْمَاءَ " الحديث: 117 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُهُمْ فِي ذَلِكَ وَإِبَاحهُ لِلْجُنُبِ التَّيَمُّمَ وَإِبَاحَتُهُ لِمَنْ لَا مَاءَ مَعَهُ إِتْيَانَ أَهْلِهِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا هَلْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ؟ فَوَجَدْنَا 120 - مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ بَجْدَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُنَيْمَةٌ مِنْ غَنَمِ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِي: " يَا أَبَا ذَرٍّ، ابْدُ فِيهَا وَكُنْتُ تُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ، فَأَمْكُثُ الْخَمْسَ أَوِ السِّتَّ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا لِي بِعَسٍّ مِنْ مَاءٍ فَاسْتَتَرْتُ بِالرَّاحِلَةِ فَاغْتَسَلْتُ، فَكَأَنِّي أَلْقَيْتُ عَنِّي جَبَلًا، فَقَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ وُضُوءٌ وَلَوْ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكَ " 121 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " غَنَمٌ "، وَلَمْ يَقُلْ: " مِنَ الصَّدَقَةِ "، وَغَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ 122 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ السَّكَنْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُرَيْكُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ بَجْدَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ بَشْرَتَكَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكَ " 123 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: أَسْرَى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنِمْنَا فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ، فَاسْتَيْقَظَ مِنَّا سِتَّةٌ وَقَدْ نَسِيتُ أَسْمَاءَهُمْ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَجَعَلَ يَمْنَعُهُمْ أَنْ يُوقِظُوهُ، وَيَقُولُ: لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ احْتَبَسَهُ فِي حَاجَتِهِ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُكَبِّرُ حَتَّى اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَتْ صَلَاتُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمْ تَذْهَبْ صَلَاتُكُمْ، ارْتَحِلُوا مِنْ هَذَا الْمَكَانِ، فَسَارَ قَرِيبًا، ثُمَّ الحديث: 120 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَكُمْ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلَانًا لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا فَقَالَ: " مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ؟ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَقَالَ: " تَيَمَّمْ بِالصَّعِيدِ فَصَلِّ، فَإِذَا قَدَرْتَ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسِلْ " فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجُنُبِ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ التَّيَمُّمَ، وَإِقَامَتُهُ فِي الطَّهَارَةِ لِلْجَنَابَةِ كَهُوَ لِلطَّهَارَةِ مِنَ الْأَحْدَاثِ سِوَاهَا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِطَهَارَةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَتَوَاتَرَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَعْمَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ذَلِكَ بَعْدَهُ، غَيْرُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَرَكَتْ ذَلِكَ وَذَهَبَتْ إِلَى أَنَّ فَرْضَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي الرِّجْلَيْنِ مَا أفَرَضَهُ فَيهِمَا، نَاسِخٌ لِذَلِكَ، مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَسَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَسُئِلَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَقَبْلَ الْمَائِدَةِ أَوْ بَعْدَ الْمَائِدَةِ؟ وَاللهِ مَا مَسَحَ بَعْدَ الْمَائِدَةِ، وَلَأَنْ أَمْسَحَ عَلَى ظَهْرِ غُبَّرَ بِالْفَلَاةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَيْهِمَا " وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ لِلَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى إِثْبَاتِ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ 125 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرًا تَوَضَّأَ مِنَ الْمَطْهَرَةِ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ " كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ يُعْجِبُ أَصْحَابَ عَبْدِ اللهِ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ 126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الحديث: 124 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 هَمَّامٍ، قَالَ: بَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبُجَلِيُّ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، وَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ بُلْتَ؟، فَقَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ " قَالَ الْأَعْمَشِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ 127 - حَدَّثَنا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَامِرٍ الْبُجَلِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ: " بَالَ جَرِيرٌ، وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَعَابَ عَلَيْهِ قَوْمٌ، وَقَالُوا: إِنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ الْمَائِدَةِ، فَقَالَ: مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، وَمَا رَأَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَعْدَ مَا أُنْزِلَتْ " وَلَمَّا كَانَ فِي مَسْحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُفَّيْهِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا كَانَ الَّذِينَ رَوَوْا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بَعْدَ نُزُولِهَا أَوْلَى، لِأَنَّ مَعَهُمُ الْإِخْبَارَ بِالْوُقُوفِ عَلَى مَسْحِهِ بَعْدَ نُزُولِهَا، وَالَّذِينَ رَوَوْا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمْسَحْ بَعْدَ نُزُولِهَا نَفَوْا مَا قَدْ أَثْبَتَ الْأَوَّلُونَ، وَأَصْحَابُ الْإِثْبَاتِ فِي هَذَا أَوْلَى مِنْ أَصْحَابِ النَّفْيِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ جَعَلَ عَبْدَهُ حُرًّا إِنْ دَخَلَ زَيْدٌ هَذِهِ الدَّارَ، ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَهَا وَلَمْ يَدْرِ أَدَخَلَهَا قَبْلَ الْيَمِينِ أَمْ بَعْدَهَا؟ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ دَخَلَهَا قَبْلَ الْيَمِينِ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ دَخَلَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ، أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إِثْبَاتِ الدُّخُولِ بَعْدَ الْيَمِينِ أَوْلَى مِنَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى نَفْيِهِ وَكَذَلِكَ الْمُخْبِرُونَ عَنِ الْمَسْحِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ أَوْلَى مِنَ الْمُخْبِرِينَ بِنَفْيِهِ بَعْدَ نُزُولِهَا، وَتَرَكْنَا أَنْ يَنْقَضِيَ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْآثَارِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِالتَّوْقِيتِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَالْآثَارِ بِالْمَسْحِ الَّذِي لَا تَوْقِيتَ فِيهِ، لِأَنَّا قَدِ اسْتَقْصَيْنَا ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِنَا الْمُؤَلَّفِ فِي شَرْحِ مَعَانِي الْآثَارِ وَأَتَيْنَا هَاهُنَا مِنْهُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الَّتِي تَكْفِي مِنْهُ، وَتَرَكْنَا مَا سِوَاهَا وَحُجَّةٌ أُخْرَى أَنَّهُمْ لَنْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ كَانَ جَعَلَ طَهَارَةَ الْقَدَمَيْنِ إِذَا كَانَتَا فِي الْخُفَّيْنِ، كَمَا جَعَلَ غَسْلَهُمَا إِذَا كَانَتَا بَادِيَتَيْنِ طَهَارَةً لَهُمَا الحديث: 127 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي ارْتِفَاعِ ذَلِكَ وَفِي نَسْخِهِ بِنُزُولِ الْمَائِدَةِ، فَقَالَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ مَا قَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْهُ فِيهِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ هُوَ لُزُومُ مَا قَدْ أُجْمِعَ عَلَى وُجُوبِهِ حَتَّى يُعْلَمَ نَسْخُهُ، وَلَمْ يَحْكِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّاسِ بَعْدَ مَا أُنْزِلَتِ الْمَائِدَةُ، أَنَّهَا قَدْ نَسَخَتِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَا فِي ظَاهِرِهَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ الْقَدَمَيْنِ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا أَمَرَ بِهِ فِيهِمَا فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ إِذَا كَانَتَا بَادِيَتَيْنِ، لَا إِذَا كَانَتَا معنيتين فِي الْخُفَّيْنِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى أَيْدِي كُلِّ السُّرَّاقِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى خَاصٍّ مِنْهَا عَلَى مَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ الزُّنَاةِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الزُّنَاةِ الَّذِينَ بَيَّنَتِ فَيْهِمُ السُّنَّةُ مَا بَيَّنَتْ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ مَا الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، هَلْ هُوَ الصَّلَاةُ فِي عَيْنِهَا أَوْ مَوْضِعُ الصَّلَاةِ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلَّى؟، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ 128 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، قَالَ: " النَّوْمُ " وَهَذَا الْقَوْلُ فَلَمْ نَعْلَمْهُ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ الضَّحَّاكِ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ النَّهْيَ الَّذِي فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقَعَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي عَيْنِهَا، وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِهَا وَجْهٌ غَيْرُ هَذَا وَهُوَ 129 - أَنَّ عَبْدَ اللهِ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الحديث: 128 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: دَعَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلِيًّا، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَأَصَابُوا مِنَ الْخَمْرِ، فَقَدَّمُوا عَلِيًّا فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقَرَأَ: {قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فَخَلَطَ فِيهَا فَنَزَلَتْ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} ، فَهَذَا الْحَدِيثُ عَلَى السُّكْرِ مِنَ الشَّرَابِ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَالنَّهْيُ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي عَيْنِهَا وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا مَا 130 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، قَالَ: " اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانَ شِفَاءٍ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} فَدَعَا عُمَرُ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانَ شِفَاءٍ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، وَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقَامَ الصَّلَاةَ نَادَى: لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانٌ، فَدَعَا عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانَ شِفَاءٍ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ، فَدَعَا عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: انْتَهَيْنَا " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِثْلُ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَأَنَّ السُّكْرَ الْمُرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ السُّكْرُ مِنَ الْخَمْرِ، وَأَنَّ النَّهْيَ الَّذِي فِيهَا وَقَعَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي عَيْنِهَا، وَكَانَ خَبَرُ عُمَرَ لِاتِّصَالِهِ أَوْلَى مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَفِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ نَسْخٌ لِهَذَا الْمَعْنَى فِي خَبَرِ عُمَرَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَلَّا يَقْرَبَ الصَّلَاةَ مَعَ شَاغِلٍ لَهُ عَنْهَا، لِتَكُونَ الصَّلَاةُ إِذَا دَخَلَ فِيهَا هَمَّهُ، لَا هَمَّ لَهُ غَيْرُهَا، وَلَا شَاغِلَ لَهُ عَنْهَا تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} ، فَأَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ، فَقَوْلُهُ: {إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} وَلَا يَكُونُ فِي الحديث: 130 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 الصَّلَاةِ بِعَيْنِهَا عُبُورُ سَبِيلٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَا 131 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} ، قَالَ: " لَا تَدْخُلِ الْمَسْجِدَ وَأَنْتَ جُنُبٌ، إِلَّا وَأَنْتَ عَابِرَ سَبِيلٍ " فَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مُسَافِرٌ دُونَ مُقِيمٍ، وَلَا مُقِيمٌ دُونَ مُسَافِرٍ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَنَى بِهِ الْمُسَافِرَ 132 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِحْلِزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} ، قَالَ: " هُوَ الْمُسَافِرُ 133 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ سَلْمٍ الْعَلَوِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي} ، قَالَ: " يَجْتَازُ وَلَا يَجْلِسُ " وَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى الضَّرُورَةِ مِنْهُ إِلَى ذَلِكَ وَعَلَى أَلَّا طَرِيقَ لَهُ إِلَى مَا يُرِيدُ إِلَّا فِيهِ كَمَا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، 134 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} ، قَالَ: إِذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا غَيْرَهُ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الطَّرِيقِ إِلَى مَوْضِعِ الْمَاءِ الَّذِي يَغْتَسِلُ بِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ كَمَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ مُجَاهِدٍ، فَإِنَّهُ 135 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ " {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} ، قَالَ: مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاءً الحديث: 131 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 وَلَمَّا كَانَتِ الْمَسَاجِدُ إِنَّمَا بُنِيَتْ لِلصَّلَاةِ، وَلِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَلِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا، لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِ النَّاسِ، وَنُهِيَتِ الْحَائِضُ عَنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، إِذْ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَفْعَلَ فِيهِ مَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ مَنْ أَجْلِهِ، حَتَّى قِيلَ لَهَا إِذَا كَانَتْ حَاجَّةً فَحَاضَتْ: افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 136 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عِنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرَفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: " مَا يُبْكِيكِ، لَعَلَّكِ نَفِسْتِ " فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ " 137 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: " مَا لَكِ تَبْكِينَ؟ " قَالَتْ: أَبْكِي لِأَنَّ النَّاسَ حَلُّوا وَلَمْ أَحْلِلْ، وَطَافُوا بِالْبَيْتِ وَلَمْ أَطُفْ، وَهَذَا الْحَجُّ قَدْ حَضَرَ كَمَا تَرَى، فَقَالَ: " هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاغْتَسِلِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، ثُمَّ حِجِّي وَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلَا تُصَلِّي " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَمُنِعَتْ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، وَخُولِفَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ سَائِرِ أَفْعَالِ الْحَجِّ الَّتِي تُفْعَلُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا كَانَتِ الْحَائِضُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَنْعِ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ كَانَ الْجُنُبُ فِي ذَلِكَ مِثْلَهَا، وَكَانَ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ مِنْ عُبُورِ السَّبِيلِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ إِلَى دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْحَاجَةِ مِنْهُ إِلَى ذَلِكَ، كَهُوَ إِذَا أَجْنَبَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَلَا يَجِدُ مَاءً إِلَّا مِنْ بِئْرٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَيَتَيَمَّمُ لِيَدْخُلَ الْمَسْجِدَ طَاهِرًا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ طَهَارَةَ ضَرُورَةٍ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْمَاءِ، فَيَغْتَسِلَ بِهِ الْغُسْلَ الَّذِي يُطَهِّرُهُ مِنْ جَنَابَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَلَا طَرِيقَ لَهُ إِلَيْهِ إِلَّا مِنَ الْمَسْجِدِ لَمْ يُبَحْ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ بِالتَّيَمُّمِ الَّذِي ذَكَرْنَا لِيَكُونَ مُجْتَازًا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى طَهَارَةِ تَيَمُّمٍ، لَا عَلَى جَنَابَةٍ لَمْ يَتَطَهَّرْ مِنْهَا، وَهَذَا عِنْدَنَا مَعْنَى حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى الحديث: 136 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 138 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَلِيٍّ، {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} ، " قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْمُسَافِرِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي " هَكَذَا وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِنَا، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَنَا فَيَتَيَمَّمُ، ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي، وَلَوْلَا أَنَّ الْآثَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} بَيَّنَتْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الصَّلَاةُ فِي عَيْنِهَا لَكِانَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا هُوَ مَوْطِنُهَا الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ، وَهُوَ الْمَسَاجِدُ، لِأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} ، {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} إِذَا كُنْتُمْ سُكَارَى وَ {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} إِذَا كُنْتُمْ جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ فِي الْجَنَابَةِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي تَيَمُّمِ الْجُنُبِ عِنْدَ إِرَادَتِهِ دُخُولَ الْمَسْجِدِ لِلضَّرُورَةِ، قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ لَمْ نَجِدْ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا يُوَافِقُ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، كَأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَا جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ يَعْنِي: إِذَا كَانُوا أَبْنَاءَ سَبِيلٍ مُسَافِرِينَ، ثُمَّ بَيَّنَ مَا عَلَيْهِمْ إِذَا كَانُوا كَذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} الْآيَةُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ فِي الْمَعْنَى، وَالْمُتَقَدِّمُونَ كُلُّهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٌ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى خِلَافِ هَذَا التَّأْوِيلِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} ، الحديث: 138 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا 139 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} ، قَالَ: " الْمَلَائِكَةُ "، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي تَأْوِيلِهَا أَيْضًا مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا 140 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} ، قَالَ " الْمَلَائِكَةُ " 141 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، قَالَ " أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ عَبَسَ وَتَوَلَّى، قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ خِلَافُ ذَلِكَ 142 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: أَتَيْنَا سَلْمَانَ وَكَانَ فِي غَزَاةٍ، فَأَتَيْنَاهُ وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ، فَقُلْنَا: اقْرَأْ لَنَا، " إِنِّي لَا أَمَسُّهُ إِنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ " وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ سَلْمَانَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ 143 - وَذَلِكَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، وَأَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ سَلْمَانَ، فَبَرَزَ لِحَاجَةٍ وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ نَهْرٌ وَلَا مَاءٌ، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، أَلَا نَأْتِيكَ بِمَاءٍ فَتَتَوَضَّأَ كَيْ تَقْرَأَ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ ": إِنِّي لَسْتُ أَمَسُّهُ إِنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ "، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا حَتَّى قُلْنَا حَسْبُنَا الحديث: 139 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ سَلْمَانَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ " إِنِّي لَسْتُ أَمَسُّهُ " أَيْ: لَسْتُ بِقَرَاءَتِي إِيَّاهُ مُمَاسًّا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، يَعْنِي: بِالْأَيْدِي لَا بِالتِّلَاوَةِ فَهَذَا الَّذِي وَجَدْنَاهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَأَمَّا وَجْهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ فِي تَأْوِيلِهَا فَعَلَى الإِخْبَارِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، لَا عَلَى النَّهْيِ عَنْ مُمَاسَّتِهِ إِلَّا عَلَى الطَّهَارَةِ وَأَمَّا وَجْهُ مَا رُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ فَعَلَى النَّهْيِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْعِبَادِ أَنْ لَا يَمَسُّوهُ إِلَّا طَاهِرِينَ، أَيْ: لَا يَمَسُّوا الْمصاحِفَ الْمَكْتُوبَ فِيهَا إِلَّا وَهُمْ طَاهِرُونَ وَأَمَّا الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا فَعَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ، لِأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَمَسُّهُ} بِالرَّفْعِ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْإِخْبَارِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْأَمْرِ لَكَانَ لَا يَمَسَّهُ بِالْفَتْحِ، لِأَنَّ أَصْلَ هَذَا الْحَرْفِ التَّثْقِيلُ وَإِنَّمَا هُوَ يَمْسَسُهُ، فَإِذَا أَدْغَمْتَ إِحْدَى السِّينَيْنِ فِي الْأُخْرَى عَادَ مَوْضِعُ الْجَزْمِ إِلَى الْفَتْحِ، وَلَكِنَّا لَا نُبِيحُ لِلْجُنُبِ وَلَا لِلْمُحْدِثِينَ غَيْرَ الْمُتَوَضِّئِينَ مُمَاسَّةُ الْمُصْحَفِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ، لِمَا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ 144 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، إِنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ " أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرًا " وَذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى الْمَصَاحِفِ الْمَكْتُوبِ فِيهَا الْقُرْآنُ وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَلَا لِلْمُحْدِثِينَ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَمَا سِوَاهُمَا مِمَّا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ أَنْ يَمَسَّ الدِّرْهَمَ الْمَكْتُوبَ فِيهِ السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ حَتَّى يَطَّهَّرُوا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيِّ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} ، وَكَانَ ذَلِكَ مُحْكَمًا مَعْقُولًا الْمُرَادُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} ، فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ الحديث: 144 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ مَا مُرَادُهُ فِي ذَلِكَ الِاعْتِزَالِ؟ ثُمَّ بَيَّنَهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 145 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتْ مِنْهُمُ الْمَرْأَةُ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ، فَلَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يُشَارِبُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبُيُوتِ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} الْآيَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " جَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَاصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ " فَقَالَتِ الْيَهُودُ: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ يَدَعُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِنَا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ، فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ كَذَا، وَكَذَا، أفَلَا نُجَامِعُهُنَّ فِي الْمَحِيضِ؟ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ قَدْ غَضِبَ عَلَيْهِمَا، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَاسْتَقْبَلَهُمَا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمَا فَسَقَاهُمَا فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا 146 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ وَلَا يَقْعُدُونَ مَعَ الْحُيَّضِ فِي بَيْتٍ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْمَحِيضِ: {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اصْنَعُوا كُلَّ مَا شِئْتُمْ مَا سِوَى الْجِمَاعِ " فَبَيَّنَ لَنَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الِاعْتِزَالَ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ، وَأَنَّهُ الِاعْتِزَالُ فِي الْجِمَاعِ لَا فِيمَا سِوَاهُ مِمَّا كَانَتِ الْيَهُودُ يَعْتَزِلُوهُنَّ فِيهِ وَأَمَّا مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ تَغَيُّرِ وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ قَوْلِ أُسَيْدٍ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ أَنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ كَذَا، وَكَذَا، فَلَا تُجَامِعُوهُنَّ فِي الْمَحِيضِ، فَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ: أَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْيَهُودُ مِنْ هَذَا هُوَ شَرِيعَتُهُمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، وَالَّذِي عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ اتِّبَاعُ شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ حَتَّى يُحْدِثَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مِنَ الشَّرَائِعِ مَا يَنْسَخُهَا، فَلَمَّا قَالَ أُسَيْدٌ وَعَبَّادٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَا، وَكَانَ مِنْ الحديث: 145 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 مُرَادِهِمَا فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ وَلَمْ يَأْمُرِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِخَلَافِهِمْ فِيهِ إِلَى يَوْمِئِذٍ، كَرِهَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا 147 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَوَجَدَ الْقُرَّ، فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ، أَلْقِي عَلَيَّ مِنْ مِرْطِكِ " قَالَتْ: فَقُلْتُ إِنِّي حَائِضٌ فَقَالَ: " أَعْلَمُهُ وَيْحَكِ، إِنَّ حَيْضَكِ لَيْسَ فِي ثَوْبِكِ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الطَّاهِرِ أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ الْحَائِضِ تَحْتَ مِرْطٍ وَاحِدٍ 148 - وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَنْتُ أَشْرَبُ مِنَ الْإِنَاءِ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَكُنْتُ أَتَعَرَّقُ مِنَ اللَّحْمِ أَوِ الْعَظْمِ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَيَتَعَرَّقُهُ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ سُؤْرِ الْحَائِضِ وَفَضْلِهَا مِنَ الطَّعَامِ الطَّاهِرِ 149 - وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْبُوذٍ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ فَأَتَاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ شَعْثُ الرَّأْسِ، فَقَالَتْ: مَالَكَ أَيْ بُنَيَّ شَعْثٌ رَأْسُكَ؟ قَالَ: أُمُّ عَمَّارٍ مُرَجِّلَتِي حَائِضٌ فَقَالْتُ " أَيْ بُنَيَّ، وَأَيْنَ الْحَيْضَةُ مِنَ الْيَدِ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى إِحْدَانَا وَهِيَ حَائِضٌ فَيَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهَا فَيَتْلُو الْقُرْآنَ، وَتَقُومُ إِحْدَانَا بِخِمْرَتِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَتَبْسُطُهَا وَهِيَ حَائِضٌ، أَيْ بُنَيَّ وَأَيْنَ الْحَيْضَةُ مِنَ الْيَدِ " 150 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عِبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ " الحديث: 147 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 151 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ " تُعْطِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخِمْرَةَ وَهِيَ حَائِضٌ " فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِبَاحَةُ الطَّاهِرِ وَضْعَ رَأْسِهِ فِي حِجْرِ الْحَائِضِ وَإِبَاحَةُ وَضْعِ الْحَائِضِ لَهُ مَا يُصَلِّي عَلَيْهِ 152 - وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: " كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا حَائِضٌ " 153 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كُنْتُ أَغْسِلُ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ وَأَنَا حَائِضٌ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ طَهَارَةُ يَدِ الْحَائِضِ لِأَنَّهَا قَدْ لَاقَتْ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَلَلِ الَّذِي كَانَ فِيهَا مِنَ الْمَاءِ 154 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ إِحْدَانَا أَنْ تَتَّزِرَ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ يُضَاجِعُهَا " قَالَ شُعْبَةُ: وَرُبَّمَا قَالَ: يُبَاشِرُهَا 155 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " رُبَّمَا بَاشَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا حَائِضٌ فَوْقَ الْإِزَارِ " الحديث: 151 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 156 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَاللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَبِيبٍ، مَوْلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ بُدَيَّةَ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَانَ اللَّيْثُ يَقُولُ: نُدْبَةُ مَوْلَاةُ مَيْمُونَةَ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ الْفَخِذَيْنِ أَوْ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ " فِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا مُحْتَجِزَةٌ بِهِ 157 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الْإِزَارِ وَهُنَّ حُيَّضٌ " فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِبَاحَةُ مُبَاشَرَةِ الْحُيَّضِ فَوْقَ الْإِزَارِ، وَهَذَا مِمَّا لَا نَعْلَمُ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا وَاخْتَلَفُوا فِي مُجَامَعَتِهَا تَحْتَ الْإِزَارِ فِي غَيْرِ فَرْجِهَا فَأَبَاحَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ قَدْ دَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ مَا خَلَا الْجِمَاعَ " وَقَالُوا: لَيْسَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ نِسَاءَهُ فَوْقَ الْإِزَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ مِنْهُنَّ عَلَيْهِ، وَقَالُوا: قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهَا إِبَاحَةُ ذَلِكَ وَذَكَرُوا مَا 158 - قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَائِشَةَ: مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا؟ قَالَتْ: " كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا فَرْجَهَا " 159 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ ذَلِكَ الحديث: 156 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 160 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، مَوْلَى عُقَيْلٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عُقَالٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، قُلْتُ: مَا يَحْرُمُ عَلَيَّ مِنَ امْرَأَتِي إِذَا حَاضَتْ؟ قَالَتْ: " فَرْجُهَا " قَالُوا: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا فَذَكَرُوا مَا 161 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَاوِلِينِي الْخِمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ "، فَقَلَتْ: إِنِّي حَائِضٌ، فَقَالَ: " لَيْسَ حَيْضَتُكِ فِي يَدِكِ " 162 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 163 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عُمَرَ فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِعَائِشَةَ: " لَيْسَ حَيْضَتُكِ فِي يَدِكِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ عُضْوٍ مِنْهَا لَيْسَ فِيهِ الْحَيْضَةُ فِي الطَّهَارَةِ، بِمَعْنَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَيْضِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ لَمْ يُغَيِّرْ شَيْئًا مِنَ الْمَرْأَةِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَيْضِ غَيْرَ مَوْضِعِ الْحَيْضِ خَاصَّةً، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَكَانَ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَيَمْنَعُ مِنْ مُجَامَعَةِ الْحُيَّضِ إِلَّا فِيمَا فَوْقَ الْإِزَارِ، وَمِمَّا ثَبَتَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ ذَلِكَ مَا 164 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ الحديث: 160 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلًى لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: " جَاءَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: أَبِإِذْنٍ جِئْتُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: مَا حَاجَتُكُمْ؟ قَالُوا: جِئْنَا نَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالُوا: نَسْأَلُكَ عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ تَطَوُّعًا مَا هِيَ؟ وَالْحَائِضِ مَا يَصْلُحُ لِزَوْجِهَا مِنْهَا؟ وَعَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ لَهُمْ: أَسَحَرَةٌ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: لَا قَالَ: لَقَدْ سَأَلْتُمُونِي عَنْ ثَلَاثٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُنَّ أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ عَنْهُنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُكُمْ أَمَّا صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ تَطَوُّعًا فَنُورٌ فِي بَيْتِكَ، وَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَكَ مِنْهَا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ، وَلَيْسَ مَا تَحْتَهُ، وَأَمَّا الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَتَبْدَأُ فَتَتَوَضَّأُ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ تُفْرِغُ عَلَى رَأْسِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تُدَلِّكُ رَأْسَكَ كُلَّ مَرَّةٍ ثُمَّ تُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِكَ " 165 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ السَّامِيِّ، عَنْ أَحَدِ النَّفَرِ الَّذِينَ أَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَكَانُوا ثَلَاثَةً، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي مَذْهَبِهِ فِي هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} هُوَ اعْتِزَالُهُنَّ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِنَّ حَتَّى بَيَّنَ لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا أَرَادَ بِذَلِكَ الِاعْتِزَالِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اعْتِزَالِ الْجِمَاعِ مِنْهُنَّ خَاصَّةً، ثُمَّ زَادَ خَبَرُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى ذَلِكَ اعْتِزَالَ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا تَحْتَ الْإِزَارِ مِنْهُنَّ، فَكَانَ أَوْلَى مِنْ خَبَرِ أَنَسٍ، لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا رَوَى أَنَسٌ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ ذَكَرَ قَوْمٌ أَنَّهُمُ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} عَلَى الْمَنْعِ مِنْ جِمَاعِ الْمُسْتَحَاضَةِ، لِأَنَّ الْأَذَى مَوْجُودٌ فِيهَا كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَائِضِ، وَمِمَّنْ رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخعِيِّ 166 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: " الْمُسْتَحَاضَةُ لَا تَصُومُ وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَلَا تَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ " الحديث: 165 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُ، فَأَبَاحُوا جِمَاعَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَلَمْ يَجْعَلُوهَا بِالدَّمِ الَّذِي بِهَا كَالْحَائِضِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ 167 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: قِيلَ لِبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ: إِنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ، يَقُولُ: " إِنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَا يَغْشَاهَا زَوْجُهَا " فَقَالَ بَكْرٌ: الصَّلَاةُ أَعْظَمُ حُرْمَةً، يَغْشَاهَا زَوْجُهَا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ فَوَجَدْنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ 168 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي " 169 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقْرِيُّ، وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَحِيضُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَيْضٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ مِنْ دَمِكِ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْحَيْضُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَ فَاغْتَسِلِي لِطُهْرِكِ، ثُمَّ تَوَضَّئِي عِنْدَ كُلِّ صَلَاة " 170 - الحديث: 167 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي وَصَلِّي 171 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا وَتَغْتَسِلُ غُسْلًا وَاحِدًا، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَفِي هَذَا الْبَابِ آثَارٌ سَنَذْكُرُهَا فِي بَابِ الإقْرَاءِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى 172 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَهْرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فَإِذَا خَلَفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ لْتُصَلِّ " فَلَمَّا مَنَعَتِ السُّنَّةُ الْحَائِضَ مِنَ الصَّلَاةِ أَبَاحَتْهَا الْمُسْتَحَاضَةَ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَائِضِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ فِي أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ لَا فِي أَحْكَامِ الْحُيَّضِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا مَنَعْنَاهُ مِنَ الْجِمَاعِ عَلَى الدَّمِ خَاصَّةً قِيلَ لَهُ: قَدْ رَأَيْنَاكَ تُبِيحُ جِمَاعَ الْأَبْكَارِ اللَّاتِي لَا تَكُونُ مُجَامَعَتُهُنَّ خَالِيَةً مِنَ الدَّمِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الدَّمَ الَّذِي هُوَ أَذًى وَيَمْنَعُ مِنَ الْجِمَاعِ دَمُ الْحَيْضِ خَاصَّةً، لَا سَائِرُ الدِّمَاءِ سِوَاهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إِبَاحَةِ جِمَاعِ الْمُسْتَحَاضَةِ فِي أَيَّامِ اسْتِحَاضَتِهَا وَاللهُ الْمُوَفِّق ُ الحديث: 171 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} ، فَقَوْلُهُ: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} نِهَايَةٌ لِمَا نُهُوا عَنْهُ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمَحِيضِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} وَكَمَا قَالَ: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ} وَكَانَتْ هَذِهِ نِهَايَاتٌ لِمَا قَدَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا مَا ذَلِكَ الطُّهْرُ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ 173 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} ، قَالَ: " حَتَّى يَطْهُرْنَ مِنَ الدَّمِ، فَإِذَا تَطَهَّرْنَ، قَالَ: اغْتَسَلْنَ " وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَانْقِطَاعُ الدَّمِ وَلَيْسَ بَطُهْرٍ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهَا وَإِنْ خَرَجَتْ بِهِ مِنَ الْحَيْضِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُبَاحٍ لِزَوْجِهَا جِمَاعُهَا، وَغَيْرُ مُبَاحٍ لَهَا الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلَ بِالْمَاءِ أَوْ تَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا مَعْنَى {حَتَّى يَطْهُرْنَ} وَاللهُ أَعْلَمُ، أَيْ: حَتَّى يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَتَطَهَّرْنَ بِمَا يَطْهُرْنَ بِهِ مِنَ الْمَاءِ أَوِ الصَّعِيدِ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي حَالِ حَيْضِهَا لَوِ اغْتَسَلَتْ لَمْ تَخْرُجْ بِذَلِكَ الْغُسْلِ إِلَى طَهَارَةٍ، وَهِيَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ عَنْهَا تَكُونُ طَاهِرًا بِالْغُسْلِ بِالْمَاءِ، وَقَدْ جَاءَ مِثْلُ هَذَا فِي اللُّغَةِ وَفِي الْكَلَامِ الْمُسْتَعْمَلِ الْمُتَعَارَفِ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُمْ لِلْمُطَلَّقَةِ: إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَدْ حَلَّتْ لِلرِّجَالِ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّ وَطْئَهَا قَدْ حَلَّ لَهُمْ، وَلِأَنَّهَا صَارَتْ بِذَلِكَ زَوْجَةً لِبَعْضِهِمْ، وَلَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَدْ حَلَّ لَهُمْ تَزْوِيجُهَا الَّذِي بِهِ تَحِلُّ لَهُمْ حَتَّى تَعَالَى ذَلِكَ إِلَى لُغَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي عِدَّتِهَا: " إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي " وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ " لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَدْ حَلَّ صَارَ حَلَالًا كَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا، وَلَكِنْ عَلَى مَعْنَى فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ أَيْ: يَبْعَثُ بِهَدْيٍ فَيَحِلُّ بِهِ، وَلَوْ كَانَ بَعَثَ بِهَدْيٍ بِغَيْرِ كَسْرٍ وَلَا عَرَجٍ وَلَا عَدْوٍ فَيُجْزِئُ عَنْهُ لَمْ الحديث: 173 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 يَكُنْ بِذَلِكَ حَلَالًا فَلَمَّا كَانَ الْكَسْرُ وَالْعَرَجُ هُمَا يُبِيحَانِهِ أَنْ يَبْعَثَ بِهَدْيٍ يَحِلُّ بِهِ قِيلَ لَهُمَا: أَيُّهُمَا حَلَّ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَ الِاغْتِسَالُ فِي حَالِ حَيْضِهَا لَا يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ، وَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ عَنْهَا وَصَارَتْ فِي حَالِ مَنْ يُطَهِّرُهَا اغْتِسَالُهَا قُبِلَ لِمَا صَارَتْ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ طُهْرُهَا تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} الْآيَةِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا ذَلِكَ الطُّهْرَ وَلَا كَيْفِيَّتَهُ، وَأَمَّا التَّطْهِيرُ فَكَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَلَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا، وَأَمَّا كَيْفِيَّتُهُ فَمُبَيَّنٌ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 174 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ صَدَقَةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ سَكَنٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَغْسِلُ إِحْدَانَا إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْمَحِيضِ؟ قَالَ: " تَأْخُذُ سِدْرَهَا وَمَاءَهَا فَتَوَضَّأُ وَتَغْسِلُ رَأْسَهَا وَتُدَلِّكُهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ شُئُونَ شَعْرِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَى جَسَدِهَا، تَأْخُذُ مِنْ صَبِّهَا أَوْ فِرْصَتِهَا فَتَطْهُرُ بِهَا " فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا؟، فَقَالَ: " تَطَهَّرِي بِهَا " قَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَرَفْتُ الَّذِي يَكْنِي عَنْهُ، فَقُلْتُ لَهَا: تَتَبَّعِي بِهَا آثَارَ الدَّمِ وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا، فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَاءُ مَعْدُومًا فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ بَيَّنَ لَنَا فِي الْجُنُبِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ مَا قَدْ بَيَّنَهُ لَنَا فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُنَنِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ، وَكَانَ قَدْ أَوْجَبَ عَلَى الْحَائِضِ عِنْدَ طُهْرِهَا مِنْ حَيْضِهَا التَّطَهُّرَ بِقَوْلِهِ: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} كَمَا أَوْجَبَ عَلَى الْجُنُبِ التَّطَهُّرَ بِقَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ الطُّهْرَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} ، وَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الحديث: 174 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 الْجُنُبَ يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، فَلَمَّا كَانَتِ الْحَائِضُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ عَنْهَا فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ كَالْجُنُبِ كَانَتْ كَهُوَ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ، وَكَمَا كَانَ الصَّعِيدُ خَلَفًا لِهُ فِي الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ، كَانَ لِذَلِكَ الصَّعِيدُ خَلَفًا لَهَا فِي الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا فِي كِتَابِهِ مَا ذَلِكَ الْإِتْيَانُ؟ فَنَظَرْنَا فِيهِ مَا هُوَ؟ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ 175 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ فِي قَوْلِهِ: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} قَالَ: مِنْ حَيْثُ تَطَهَّرَتْ 176 - حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: " {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} ، قَالَ: أُمِرُوا أَنْ يَأْتُوا مِنْ حَيْثُ نُهُوا عَنْهُ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ إِتْيَانِهِنَّ طَاهِرَاتٍ مِنْ حَيْثُ نُهُوا عَنْ إِتْيَانِهِنَّ فِي حَالِ الْحَيْضِ وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} عَلَى إِيجَابِ إِتْيَانِهِنَّ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ عَلَى إِطْلَاقِ ذَلِكَ لَهُمْ مِنْهُنَّ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنِ الْبَيْعِ بَعْدَ النِّدَاءِ لِلْجُمُعَةِ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ} ، لَيْسَ عَلَى إِيجَابِهِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ عَلَى إِبَاحَتِهِ إِيَّاهُ لَهُمْ بَعْدَ حَظْرِهِ الَّذِي كَانَ حَظَرَهُ عَلَيْهِمْ، وَكَمَا قَالَ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ لِصَيْدِ الْبَرِّ عَلَى الْمُحْرِمِينَ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} وَلَيْسَ عَلَى إِيجَابِهِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ عَلَى إِبَاحَتِهِ ذَلِكَ لَهُمْ، وَعَلَى مَعْنَى إِطْلَاقِهِ لَهُمْ مَا قَدْ كَانَ حَظَرَهُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَحِلُّوا وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ وَبِالرِّوَايَاتِ فِيهِ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي مَوَاضِعِهِ مِنْ كِتِابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَاللهُ الْمُوَفِّق ُ الحديث: 175 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} ، فَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} مِنَ الْمُحْكَمِ، لِأَنَّهُ مَعْقُولٌ أَنَّهُمُ التَّوَّابُونَ مِنَ الذُّنُوبِ، وَكَانَ قَوْلُهُ: {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُحْتَمِلِ لِلتَّأْوِيلِ فَطَلَبْنَا الْقَوْلَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ 177 - فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} قَالَ: " التَّوَّابِينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ " فَفِي هَذَا أَنَّ الطَّهَارَةَ الَّتِي أَحَبَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ 178 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: " {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} ، قَالَ: مِنَ الذُّنُوبِ، فَفِي هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ الطَّهَارَةَ الَّتِي أَحَبَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ هِيَ الطَّهَارَةُ مِنَ الذُّنُوبِ 179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عِاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} فَإِذَا أَحَبَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا لَمْ يَضُرَّهُ ذَنْبُهُ " فَهَذَا أَمْثَلُ التَّأْوِيلِ الْمَرْوِيِّ فِي ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَذَهَبَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي التَّطْهِيرِ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى أَنْ جَعَلُوهُ كَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ عَلَى التَّطْهِيرِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَمِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُدَنِّسُ بَنِي آدَمَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا هَذَا الِاخْتِلَافَ، طَلَبْنَا الْوَجْهَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} الحديث: 177 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وَرُوِيَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ مَا 180 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ضَبَابٍ، عَنْ عِبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَهْلَ قِبَا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا لَهُ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فَدُومُوا {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} 181 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَيَّارًا أَبَا الْحَكَمِ يَذْكُرُ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أَهْلِ قِبَاءَ، قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطَّهُورِ خَيْرًا {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} أَفَلَا تُخْبِرُونَنِي؟ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَجِدُهُ مَكْتُوبًا عَلَيْنَا فِي التَّوْرَاةِ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى هِيَ هَذِهِ الطَّهَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأُخْرَى 182 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا أُنْزِلَتْ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} الْآيَةُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ خَيْرًا فِي الطَّهُورِ فَمَا طَهُورُكُمْ؟ " قَالُوا: نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَنَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَنَسْتَنْجِئُ بِالْمَاءِ قَالَ: " هُوَ ذَاكَ فَعَلَيْكُمُوهُ " تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ إِلَى قَوْلِهِ: إِنْ شَاءَ} فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى كُلِّ مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ مِمَّنْ لِهُ عَهْدٌ وَذِمَّةٌ الحديث: 180 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 وَانْتِحَالُ كِتَابٍ، وَمِمَّنْ لَا عَهْدَ لَهُ وَلَا ذِمَّةَ وَلَا انْتِحَالَ كِتَابٍ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدْ تَنَازَعُوا فِي الْمُرَادِ بِالْمُشْرِكِينَ مَنْ هُمْ؟ فَقَالَ مَالِكٌ فِي آخَرِينَ ومِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ كُلُّ مُشْرِكٍ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ، فَلَا يُخَلَّى بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَبَيْنَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي سَمَّى الله عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا غَيْرِهِ مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ الَّتِي لَمْ يُسَمِّهَا فِيهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي آخَرِينَ سِوَاهُمْ: الْمُرَادُ بِالْمُشْرِكِينَ هُوَ جَمِيعُهُمْ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: أُخْلِيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ دُخُولِ كُلِّ مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ خَاصَّةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: الْمُرَادُ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَذْكُورِينَ فِيهَا مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ ذَا عَهْدٍ وَلَا ذِمَّةٍ، وَسَوَّوْا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَبَيْنَ مَا سِوَاهُ مِنْ سَائِرِ مَسَاجِدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ 183 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} : " إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ " فَهَذَا مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ التِّلَاوَةِ فِي قِرَاءَةِ جَابِرٍ، وَمُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ لَيْسَ مِنْهَا، وَلَكِنَّهُ يَعْنِي بِهِ الْمُرَادَ فِيهَا، وَعَلَى أَيِّ الْمَعْنَيَيْنِ كَانَ ذَلِكَ فَإِنَّ أَهْلَ الْجِزْيَةِ وَالْعَبِيدَ مِنْ أَهْلِ الْكُفَّارِ عِنْدَهُ غَيْرُ دَاخِلِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ خَالَفَ جَابِرًا فِي مَذْهَبِهِ هَذَا، وَهُوَ الْوَجْهُ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَاعَهْدَ لَهُ مِنَ الْكُفَّارِ مَطْلُوبُونَ بِالزَّوَالِ عَنِ الْكُفْرِ الَّذِي هُمْ فِيهِ، وَبِالْقَتْلِ عَلَيْهِ أَنْ يَزُولُوا عَنْهُ، فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ سَبِيلَهُ لَمْ يُخَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِ مَسَاجِدِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَمَنْ كَانَتْ سَبِيلُهُ مِنْهُمْ خِلَافَ ذَلِكَ فَهُوَ مُخَالِفٌ لَهُمْ فِي حُكْمِهِمْ وَمُخَلًّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِ مَا يَدْخُلُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ مَسَاجِدِهِمْ وَمِمَّا سِوَاهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى 184 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُمْ فِيهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَوْمٌ أَنْجَاسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ أَنْجَاسِ النَّاسِ شَيْءٌ، إِنَّمَا أَنْجَاسُ النَّاسِ الحديث: 183 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 عَلَى أَنْفُسِهِمْ "، فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي فِي الْكُفَّارِ الْمَعْدُومَةَ فِي الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مُفَرِّقَةٍ بَيْنَ أَحْكَامِهِمْ وَأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي دُخُولِ الْمَسَاجِدِ وَالْجُلُوسِ فِيهَا " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافَ وَسَارَعُوا فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا هَذَا التَّنَازُعَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ، نَظَرْنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ فِيهَا شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟ فَإِذَا 185 - إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: قدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ الْبَهْرَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: " بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ مِمَّنْ يُؤَذِّنُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنَى أَلَا لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَيَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ، وَالْحَجُّ الْأَكْبَرُ الْحَجُّ، وَإِنَّمَا قِيلَ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ النَّاسِ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ، فَنَبَذَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ فَلَمْ يَحُجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْرِكٌ، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْعَامِ الَّذِي نَبَذَ فِيهِ أَبُو بِكْرٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} " وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُوَافُونَ بِالتِّجَارَةِ فَيَنْتَفِعُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ، فَلَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قُطِعَ عَنْهُمْ مِنَ التِّجَارَةِ الَّتِي كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُوَافُونَ بِهَا، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} ، فَبِمَا أَجِدُ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَتْبَعُهَا وَهِيَ الْجِزْيَةُ وَلَمْ تَكُنْ تُوجَدُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَجَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِوَضًا مِمَّا مَنَعَهُمْ مِنْ مُوَافَاةِ الْمُشْرِكِينَ بِتِجَارَتِهِمْ، فَقَالَ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} الحديث: 185 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 فَلَمَّا أَحَلَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ عَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ أَعَاضَهُمْ أَفْضَلَ مِمَّا كَانُوا يَأْخُذُونَ عَلَيْهِ بِمَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُوَافُونَ بِهِ مِنَ التِّجَارَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا 186 - قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ، قَالَ: قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: " كُنَّا نُصِيبُ مِنْ مَتَاجِرِ الْمُشْرِكِينَ، فَوَعَدَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُغْنِيَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ عِوَضًا لَهُمْ بِأَنْ لَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ "، فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعَ أَوَّلِ بَرَاءَةٍ وَمَعَ آخِرِهَا فِي التَّأْوِيلِ وَقَدْ رُوِيَ فِيمَا أُذِّنَ بِهِ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ بِسَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا 187 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، وَبِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ الْبَزَّارُ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: " كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَيْثُ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَى بِأَرْبَعٍ حَتَّى صَحِلَ صَوْتِي: أَنَّهُ لَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَلَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَإِنَّ أَجَلَهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا فُضَّتِ الأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَإِنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ " 188 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُقْسِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ أَبَا بِكْرٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا، فَبَيْنَا أَبُو بِكْرٍ فِي بَعْضَ الطَّرِيقِ، إِذْ سَمِعَ رُغَاءَ نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَزِعًا، وَظَنَّ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا عَلِيٌّ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهُ عَلَى الْمَوْسِمِ، وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يُنَادِيَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، فَانْطَلَقْنَا، فَقَامَ عَلِيٌّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ: " ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُولِهِ بَرِيئَةٌ مِنْ كُلِّ مُشْرِكٍ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَلَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ " قَالَ: فَكَانَ عَلِيٌّ يُنَادِي بِهَا، فَإِذَا بُحَّ قَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ بِهَا " الحديث: 186 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ السَّبَبُ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ، وَأَنَّهُ مَنَعَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ حَجِّ الْبَيْتِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا كَانُوا يَحُجُّونَ مَعَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ الْمَذْكُورِينَ فِيهَا هُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ، لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَعَاضَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا كَانُوا يُصِيبُونَهُ مِنْ تِجَارَاتِ الْمُشْرِكِينَ جِزْيَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ غَيْرُ أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ، وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ الْمَذْكُورِينَ فِيهَا هُمُ الْمُشْرِكُونَ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا سُورَة الْحَج آيَة وَعَقَلْنَا بِالنِّدَاءِ الَّذِي نُودِيَ بِهِ: " لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ "، أَنَّ قُرْبَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي مُنِعُوا مِنْهُ وَقُرْبَةَ الْحَجِّ الَّذِي كَانُوا يَحُجُّونَهُ، لَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَفِي مَنْعِهِمْ مِنْ قُرْبَةِ الْحَجِّ مَنْعُهُمْ مِنْ سَائِرِ مَوَاقِفِ الْحَجِّ فِي ذَلِكَ عَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَسَائِرُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي هِيَ خَارِجَةٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْقُرْبُ الَّذِي مُنِعُوا فِيهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَانِعٍ لِلْكُفَّارِ ذَوِي الْعُهُودِ وَالذِّمَمِ مِنْ دُخُولِ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِيهِ مَنْعٌ لَهُمْ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَقَدْ رُوِيَ فِيمَا يَسْنِدُ هَذَا الْمَعْنَى مَا: 189 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ " دَخَلَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُشْرِكٌ وَهَذَا فِي حَالِ الْهُدْنَةِ، كَذَلِكَ هُوَ فِي حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَحْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ مَنْ أُرِيدَ بِالْمُشْرِكِينَ مِنَ الْكُفَّارِ بِأَنَّهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ مَا قَدْ تَلَوْنَا مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا سُورَة الْحَج آيَة، فَذَكَرَ أَصْنَافَ أَهْلِ الْكُفْرِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا سُورَة الْمَائِدَة آيَة، لِمَنْ سِوَاهُمْ وَهُوَ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ، وَبِذَلِكَ خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ 190 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ: قَوْلًا كَثِيرًا حَسَنًا جَمِيلًا، وَكَانَ فِيهَا: " مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَلَهُ مِثْلُ الَّذِي لَنَا، وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْنَا، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَهُ أَجْرُهُ، وَلَهُ مِثْلُ الَّذِي لَنَا، وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْنَا " الحديث: 189 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 وَكَانَ الْأَغْلَبُ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ هُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هُوَ الْمَسْجِدُ وَمَا سِوَاهُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ 191 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: قَوْلُهُ: {الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} يُرِيدُ الْحَرَمَ كُلَّهُ الحديث: 191 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 كِتَابُ الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} فَكَانَ النِّدَاءُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْمُحْكَمِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ وَإِنَّهُ الْأَذَانُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ كَيْفِيَّةَ الْأَذَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا مِنْ كِتَابِهِ، وَبَيَّنَهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 192 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَشَارَ الْمُسْلِمِينَ بِمَا يَجْمَعُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالُوا: لَنَا الْبُوقُ، وَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ، ثُمَّ ذَكَرُوا النَّاقُوسَ فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ النَّصَارَى، فَأُرِيَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ النِّدَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَطَرَقَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا " فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَذَّنَ " قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَزَادَ بِلَالٌ فِي نِدَاءِ صَلَاةِ الصُّبْحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَمَا إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى، وَلَكِنَّهُ سَبَقَنِي 193 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الطَّاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانُوا قَدْ أَرَادُوا أَنْ يَضْرِبُوا بِالنَّاقُوسِ، وَأَنْ يَرْفَعُوا نَارًا لِلْإِعْلَامِ بِالصَّلَاةِ حَتَّى أُرِيَ ذَلِكَ الرَّجُلُ تِلْكَ الرُّؤْيَا " فَأُمِرَ بِلالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ " 194 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ الْحُرَيْنِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ رَأَى رَجُلًا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ أَوْ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ " فَقَامَ عَلَى جِذْمِ حَائِطٍ، فَأَذَّنَ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الحديث: 192 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ قَعَدَ ثُمَّ أَقَامَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ عَلِّمْهَا بِلَالًا " 195 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ رَأَى فِي الْمَنَامِ الْأَذَانَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: " عَلِّمْهُ بِلَالًا " فَأَذَّنَ مَثْنَى وَأَقَامَ مَثْنَى، وَقَعَدَ قَعْدَةً " 196 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي الْإِقَامَةِ " قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ " قَالَ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْلَا أَنِّي أَتَّهِمُ نَفْسِي لَظَنَنْتُ أَنِّي رَأَيْتُ ذَلِكَ وَأَنَا يَقْظَانُ غَيْرَ نَائِمٍ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَأَنَا وَاللهِ لَقَدْ طَافَ بِي الَّذِي طَافَ بِعَبْدِ اللهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَبَقَنِي سَكَتُّ 197 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كَانُوا يَجْتَمِعُونَ لِلصَّلَاةِ، يُؤْذِنُ بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى نَقَسُوا أَوْ كَادُوا أَنْ يَنْقُسُوا، فَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ نَائِمًا أَصَدَّقْتَ أَنِّي لَبَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، إِذْ رَأَيْتُ شَخْصًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، أَوْ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ، فَقَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَجَعَلَ آخِرَ ذَلِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ أَمْهَلَ هُنَيْهَةً، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ يَزِيدُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ " فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَلِّمْهَا بِلَالًا " فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ طَافَ بِيَ اللَّيْلَةَ مِثْلُ الَّذِي طَافَ بِعَبْدِ اللهِ، وَلَكِنَّهُ سَبَقَنِي " 198 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ شَبَّةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَحَدَّثَنَا أَبُو الحديث: 195 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ أَبُو عَاصِمٍ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي وَأُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَقَالَ رَوْحٌ فِي حَدِيثِهِ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: " عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ كَمَا يُؤَذِّنُونَ الْآنَ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَعَلَّمَنِي الْإِقَامَةَ مَثْنَى مَثْنَى، فَذَكَرَ مِثْلَ الْأَذَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُرَجِّعْ فِيهِ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ " 199 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَيْرِيزٍ، حَدَّثَهُ: " أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْأَذَانِ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْإِقَامَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ رَوْحٍ سَوَاءً، فَثَبَتَتْ بِهَذِهِ الْآثَارِ كَيْفِيَّةُ الْأَذَانِ لِلْجُمُعَةِ وَلِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ سَوَاءً غَيْرَ أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَفِي حَدِيثِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَكَانَ حَدِيثُ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَوْلَاهُمَا عِنْدَنَا، لِأَنَّا وَجَدْنَا مَا فِي الْأَذَانِ مِمَّا يُكَرَّرُ، وَالثَّانِي مِنْهُ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْأَوَّلِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّهُ إِذَا كَرَّرَ فِي آخِرِ الْأَذَانِ يِقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، مَرَّةً وَاحِدَةً، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ، كَذَلِكَ وَكَانَ يِقُولُ فِي آخِرِ الْأَذَانِ إِذَا كَرَّرَ التَّكْبِيرَ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، كَانَ الَّذِي يَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَّلِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَأَمَّا التَّرْجِيعُ الَّذِي فِي الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ فَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ سُنَّةِ الْأَذَانِ، وَإِنَّمَا كَانَ لِعِلَّةٍ أُخْرَى قَدْ بُيِّنَتْ فِي الْحَدِيثِ 200 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ شَبَّةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَيْرِيزٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ الحديث: 199 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 قَالَ لَهُ: خَرَجْتُ فِي نَفَرٍ، وَكُنَّا فِي بَعْضِ طَرِيقِ حُنَيْنٍ، فَقَفَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ حُنَيْنٍ وَلَقِيَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْنَا صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ وَنَحْنُ مُتَنَكِّبُونَ، فَسَخِرْنَا نحَكْيِهِ وَنَسْتَهْزِئُ بِهِ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّوْتَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا إِلَى أَنْ وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: " أَيُّكُمُ الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ قَدِ ارْتَفَعَ؟ " فَأَشَارَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ إِلَيَّ وَصَدَقُوا، فَأَرْسَلَ كُلَّهُمْ وَحَبَسَنِي، فَقَالَ: قُمْ فَأَذِّنْ بِالصَّلَاةِ، فَأَلْقَى عَلَيَّ التَّأْذِينَ هُوَ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ: " قُلِ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قَالَ لِي: ارْجِعْ فَامْدُدْ صَوْتَكَ، ثُمَّ قُلْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ "، ثُمَّ ذَكَرَ الْأَذَانَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ الْأَوَّلِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَمُدَّ مِنْ صَوْتِهِ إِذْ كَانَ لَمْ يَمُدَّ مِنْ صَوْتِهِ فِي الِابْتَدَاءِ كَذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ سُنَّةِ الْأَذَانِ الْخَفْضُ فِي الْأُولَى وَالرَّفْعُ فِي الثَّانِيَةِ، إِذَنْ لَعَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ فَلَمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُعَلِّمْهُ إِيَّاهُ وَكَانَ ذَلِكَ الْخَفْضُ مِنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، لَا بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِهِ، فَأَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ، وَأَنْ يَمُدَّ مِنْ صَوْتِهِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْخَفْضَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي الْأَوَّلِ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْأَذَانِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتَّرْجِيعِ لِيُسْمِعَ وَلِيَسْتَعْمِلَ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي كُلِّ أَذَانِهِ وَكَانَ لِهَذَا النِّدَاءِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ وَبَيَّنَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْتٌ مَعْلُومٌ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْآيَةِ يَجِبُ إِتْيَانُ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ، فَنَظَرْنَا فِيهِ فَوَجَدْنَا 201 - يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُصَلِّي الْجُمُعَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ " الحديث: 201 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 202 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، " أَنَّهُمْ كَانُوا يُجَمِّعُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَرْجِعُونَ، فَيَقِيلُونَ فِي بَنِي سَلَمَةَ، قَالَ: وَبَيْنَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ بَنِي سَلَمَةَ نَحْوٌ مِنْ مِيلٍ " 203 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَرْفَعُ نَوَاضِحَنَا قُلْتُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ ذَلِكَ؟ قَالَ: عَنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ " 204 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: " كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ، ثُمَّ تَكُونُ الْقَائِلَةُ " 205 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِيَاسَ بْنَ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ فَنَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ فَيْءٌ " فَهَذِهِ الْآثَارُ قَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ كَمَا ذُكِرَ فِيهَا فَأَمَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ فِي قَوْلِهِ: " فَنَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ فَيْءٌ "، فَهَذَا عِنْدَنَا يُرِيدُ الْفَيْءَ الَّذِي يُظِلُّ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، وَحَدِيثُ سَهْلٍ وَذِكْرُ الْقَائِلَةِ فِيهِمَا، فَهُمَا أَيْضًا عِنْدَنَا بَعْدَ الزَّوَالِ، لِأَنَّ الْقَائِلَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ جَابِرٍ فِي ذِكْرِهِ زَوَالَ الشَّمْسِ فَهُوَ أَيْضًا عَلَى حِينِ تَزُولُ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ زَوَالُهَا إِلَّا وَقَدْ زَالَتْ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ وَفَسَّرَهُ أَنَسٌ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْنَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانُوا يُصَلُّونَهَا فِيهِ اخْتِلَافٌ، فَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا الحديث: 202 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 206 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: صَلَّى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِأَصْحَابِهِ الْجُمُعَةَ ضُحًى، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ مَخَافَةَ الْحَرِّ عَلَيْكُمْ " وَقَدْ خَالَفَهُ فِيمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ 207 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " رُحْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، يَعْنِي: يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَا أَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا سَبَقَنِي، فَإِذَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسٌ، فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ " 208 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْجُمُعَةَ بِالْهَاجِرَةِ، قَالَ: قُلْتُ: قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ؟ قَالَ: بَعْدَ الزَّوَالِ "، وَهَذَا مِنْ فِعْلِهِمَا بِحَضْرَةِ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَعَارَفَ مِنْهُمْ فِي الْجُمُعَةِ غَيْرُ الَّذِي فَعَلَهُ، لِقَوْلِهِ لَهُمْ، " إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ مَخَافَةَ الْحَرِّ عَلَيْكُمْ "، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَجِّلَ صَلَاةً عَنْ وَقْتِهَا لِحَرٍّ وَلَا لِبَرْدٍ إِلَّا بِإِبَاحَةٍ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ الْفَرْضُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَذْهَبَيْنِ، فَقَوْمٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: الْفَرْضُ هُوَ الْجُمُعَةُ لَا الظُّهْرُ، وَقَوْمٌ يَقُولُونَ: الْفَرْضُ هُوَ الظُّهْرُ عَلَى حُكْمِهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ غَيْرَ أَنَّ عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَرْضُ الْجُمُعَةِ أَنْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ حَتَّى يُصَلُّوهَا، فَيَسْقُطَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فَرْضُ الظُّهْرِ، اسْتَحَالَ أَنْ يُصَلِّيَ الْبَدَلَ مِنَ الظُّهْرِ قَبْلَ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَاسْتَحَالَ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ حَتَّى يَسْقُطَ بِهَا فَرْضُ الظُّهْرِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الظُّهْرِ، وَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا قَدْ شَهِدَ لَهَا مِنَ النَّظَرِ، بَعْدَ زَوِالِ الشَّمْسِ، كَانَ النِّدَاءُ لَهَا أَيْضًا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، كَمَا كَانَ النِّدَاءُ لِلظُّهْرِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَكَانَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ لَهَا مَوْطِنٌ خَاصٌّ لَا يَجُوزُ أَنْ تُصَلَّى إِلَّا فَيهَ لَمْ يَذْكُرِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَلَا وَجَدْنَاهُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي ذَلِكَ مَا الحديث: 206 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 209 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ " 210 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ، قَالَ: " لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ " وَهَذَا مِمَّا يُحِيطُ عِلْمًا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يَقُلْهُ رَأْيًا، لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَقُولُ بِالرَّأْيِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ إِلَّا تَوْقِيفًا غَيْرَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا فِي حَدِيثِهِ الْأَمْصَارَ مَا هِيَ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ: 211 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ " مَصَّرَ الْأَمْصَارَ سَبْعَةً: الْمَدِينَةُ مِصْرٌ، وَالْبَحْرَيْنِ، وَالْبَصْرَةُ، وَالْكُوفَةُ، وَالْجَزِيرَةُ، وَالشَّامُ، وَمِصْرُ " 212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: الْأَمْصَارُ سَبْعَةٌ: الْمَدِينَةُ مِصْرٌ، وَالْبَصْرَةُ، وَالْكُوفَةُ ، وَالْبَحْرَيْنِ، وَالْجَزِيرَةُ، وَالشَّامُ، وَمِصْرُ قَالَ: وَذُكِرَتْ لَهُ وَاسِطُ قَالَ وَقَدْ قُلْتُمْ وَاسِطُ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَمْصَارُ إِنَّمَا مُصِّرَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَبَ لَهَا حُكْمُ الْأَمْصَارِ، كَانَ كَذَلِكَ كُلُّ مِصْرٍ لِلْمُسْلِمِينَ سِوَاهَا حَتَّى صَارَ فِي حُكْمِهَا صَارَتِ الْجُمُعَةُ فِيهِ كَهِيَ فِيهَا، غَيْرَ أَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ كَانَ بِقُرْبِ الْأَمْصَارِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا؟ 213 - فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: " تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ كَانَ الحديث: 209 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 عَلَى رَأْسِ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ " وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ 214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ " وَمَعْنَى ذَلِكَ فِي أَهْلِهِ وَقَدْ خَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ 215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّهُ كَانَ بِالطَّفِّ فَرُبَّمَا جَمَّعَ، وَرُبَّمَا لَمْ يُجَمِّعْ، وَمِقْدَارُ الطَّفِّ مِنَ الْبَصْرَةِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ، وَأَقَلُّ مِنْ مَسَيرَةِ نِصْفِ يَوْمٍ " فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ أَنَسٍ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ كَانَ فِي الْأَمْصَارِ مِمَّنْ عَلَيْهِ حُضُورُهَا، وَلَمَّا كَانَ خَارِجُ الْأَمْصَارِ لَيْسَ فَوْطِنً لِلْجُمُعَةِ كَانَ الَّذِي فِيهَا هُنَاكَ لَيْسَ فِي مَوْطِنِ الْجُمُعَةِ، فَاسْتَوَى فِي ذَلِكَ مَنْ قَرُبَ مَنْزِلُهُ مِنَ الْأَمْصَارِ وَمَنْ بَعُدَ مَنْزِلُهُ مِنْهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ كَيْفِيَّةَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَبَيَّنَهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 216 - فَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقْدِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: " صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، وَالْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَالْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " 217 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 214 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 218 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ عُمَرَ، مِثْلَهُ وَهَذَا مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَكَانَ الْخِطَابُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} ، فَكَانَ ظَاهِرُ ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ، وَعَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، ثُمَّ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ خَاصٌّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّ النِّسَاءَ الْأَحْرَارَ، وَالْعَبِيدَ، وَالْإِمَاءَ، وَالْمُسَافِرِينَ، وَذَوِي الزَّمَانَاتِ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ مَعَهَا الْمَشْيَ، وَذَوِي الْأَمْرَاضِ الَّذِينَ كَذَلِكَ غَيْرُ دَاخِلِينَ فِيمَنْ خُوطِبَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ وَأَمَّا الزَّمَانَةُ بِالْعَمَى فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِي حُكْمِهِمْ فِي هَذَا، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: هُمْ كَمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الزَّمَانَةِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ إِتْيَانُ الْجُمُعَةِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: يَجِبُ عَلَيْهِمْ إِتْيَانُ الْجُمُعَةِ، وَلَا يَجْعَلُونَهُمْ كَمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الزَّمْنَى، وَيَجْعَلُونَهُمْ فِي حُكْمِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الطَّرِيقَ مِنَ الْبُصَرَاءِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُسْقِطٍ عَنْهُمْ حُضُورَ الْجَمَاعَاتِ، وَهَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلًا مُجْمَعًا عَلَى الْمُرَادِ بِهِ، نَظَرْنَا هَلْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّنَا عَلَى ذَلِكَ؟ 219 - فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَامَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو رَزِينٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرٌ شَاسِعُ الدَّارِ، وَلَيْسَ لِي قَائِدٌ يُلَازِمُنِي، أَفَلِي رُخْصَةٌ أَنْ لَا آتِيَ الْمَسْجِدَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا " 220 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: الحديث: 218 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، يَقُولُ: كَانَ مِنَّا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ نَخْلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ "، قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَإِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ فَادْنُهْ " 221 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَرَأَى فِي النَّاسِ رِقَّةً، فَقَالَ: " إِنِّي لَأَهُمُّ أَنْ أَجْعَلَ لِلنَّاسِ إِمَامًا، ثُمَّ أَخْرُجَ فَلَا أَقْدِرُ عَلَى رَجُلٍ تَخَلَّفَ فِي بَيْتِهِ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَّا حَرَقْتُ عَلَيْهِ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ نَخْلًا وَشَجَرًا، وَلَيْسَ كُلَّ حِينٍ أَقْدِرُ عَلَى قَائِدٍ، أَفَأُصَلِّي فِي بَيْتِي؟، قَالَ: " فَتَسْمَعُ الْإِقَامَةَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَأْتِهَا " 222 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ أَبِي عُقَيْلٍ اللَّخْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ أَشْيَاءً، وَرُبَّمَا وَجَدْتُ قَائِدًا، وَرُبَّمَا لَمْ أَجِدْ قَالَ: أَلَيْسَ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ قَالَ: " فَإِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ فَامْشِ إِلَيْهَا ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ آخَرُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ، فَقَالَ: " فَإِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ فَادْنُ "، وَمَا رَخَّصَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ آتِي أَقْوَامًا لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأَحْرِقُ عَلَيْهِمْ وَمَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ تَسْمَعُ الْإِقَامَةَ "، عِنْدَنَا هُوَ الْعِلْمُ بِهَا، لِأَنَّهُ إِنَّمَا خَاطَبَ بِذَلِكَ أَعْمَى لَا يَعْرِفُ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ بِسَاعَاتِ النَّهَارِ، وَإِنَّمَا يَعْرِفُهَا بِمَا يَسْمَعُهُ مِنَ الْإِقَامَةِ، وَالْإِخْبَارِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ حَضَرَتْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَصَمَّ لَوَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ إِتْيَانِ الصَّلَاةِ مَا يَجِبُ عَلَى السَّامِعِ إِذَا عَلِمَ بِهَا، وَلَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ بِالصَّمَمِ وَجَمِيعُ مَا بَيَّنَّا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ غَيْرُ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فِي الْأَعْمَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ، وَغَيْرُ مَا حَكَيْنَاهُ فِيهِ مِنْ حُكْمِ الْأَعْمَى فِي ذَلِكَ، فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ، وَلَا عَنِ الشَّافِعِيِّ شَيْئًا، وَأَمْسَكْنَا عَنْ ذِكْرِ اخْتِيَارِنَا فِي الْإِقَامَةِ لِلصَّلَاةِ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْبَابِ إِذْ كَانَتْ غَيْرَ مَذْكُورَةٍ فِي الْآيَةِ الحديث: 221 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} الْآيَةِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} ، فَكَانَ هَذَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُحْتَمِلِ لِلتَّأْوِيلِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِالسَّعْيِ سُرْعَةُ الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ السَّعْيُ بِالْقُلُوبِ وَالْأَعْمَالِ، لَا عَلَى الْأَقْدَامِ، أَيْ: يَخْلُصُ بِالسَّعْيِ إِلَيْهَا حَتَّى لَا يَكُونَ فِي ذَلِكَ مَا يُخَالِطُهُ مِنْ غَيْرِهَا، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ نَهَى عَنِ السَّعْيِ وَالْعَدْوِ فِي إِتْيَانِ الصَّلَاةِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا 223 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتِكُمْ فَأَتِمُّوا " 224 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ: " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ 225 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا " 226 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا جَاءَ الحديث: 223 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 أَحَدُكُمْ فَلْيَمْشِ عَلَى هَيْئَتِهِ، فَلْيُصَلِّ مَا أَدْرَكَ، وَلْيَقْضِ مَا سُبِقَ بِهِ " فَمَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مِنَ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ بِسُرْعَةِ الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ، فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ السَّعْيَ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا غَيْرُ السَّعْيِ الَّذِي نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فِعْلِهِ فِي إِتْيَانِ الصَّلَاةِ الَّتِي عَمَّ بِهَا سَائِرَ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ وَجَدْنَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَتْلُو مَكَانَ السَّعْيِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمُضِيَّ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا 227 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: " لَقَدْ تَوَفَّى الله عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَمَا يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ إِلَّا: " يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ " 228 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " لَوْ قَرَأْتُهَا: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} ، لَسَعَيْتُ حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي " وَهَذَا مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى التَّكَثُّرِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَرَادَ بِذَلِكَ السَّعْيَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيَ عَنْهُ وَكُنَّا لَا نَقْرَأُهَا إِلَّا عَلَى مَا وَجَدْنَا فِي مُصْاحَفِنَا الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ، عَلَيْهَا أَئِمَّتُنَا رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَمَعْنَى السَّعْيِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهَا عِنْدَنَا هُوَ الْإِخْلَاصُ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّعْيَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا} ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى} ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى} ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} الحديث: 227 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 فَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ السَّعْيَ الْمَنْهِيَّ عَنْ إِتْيَانِ الصَّلَوَاتِ عَلَيْهِ مِنَ السُّرْعَةِ فِي الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ، بَلْ كَانَ عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْإِرَادَاتِ بِالْقُلُوبِ، بِالسَّعْيِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا هُوَ هَذَا السَّعْيُ، وَاللهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ نَأْمُرُ الَّذِي يَأْتِي لِلصَّلَاةِ بِالْمَشْيِ عَلَى هَيْئَتِهِ لَا يَأْتِيهَا وَقَدْ حَصَرَهُ النَّفَسُ الَّذِي شَغَلَهُ عَنْهَا، وَتَقَطَّعَتْ عَمَّا أُمِرَ بِهِ فِيهَا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَسَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، فَكَانَ أَوَّلُ الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الْبَيْعِ فِيهِ مُخْتَلِفًا، وَفِي الَّذِي مَنَعَ مِنْهُ هَلْ هُوَ النِّدَاءُ؟ أَوْ وَقْتُ النِّدَاءِ؟ 229 - فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: " إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا تَشْتَرِ وَلَا تَبِعْ " 230 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: " يَحْرُمُ الشِّرَاءُ وَالْبَيْعُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ " 231 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} ، قَالَ: هُوَ الْوَقْتُ فَهَذَا مَسْرُوقٌ، وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، وَالضَّحَّاكُ قَدْ جَعَلُوا الَّذِي يَمْنَعُ مِنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ زَوَالَ الشَّمْسِ، لَا النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ الحديث: 229 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 232 - وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " الْعَزْمَةُ عِنْدَ النِّدَاءِ " 233 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: " يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ " فَهَذَا مُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ قَدْ جَعَلَا الَّذِي يَنْهَى عَنِ الْبَيْعِ النِّدَاءَ، لَا الزَّوَالَ وَلَمَّا كَانَ عَلَى النَّاسِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ إِتْيَانُ الْجُمُعَةِ وَلَا يَرْفَعُ ذَلِكَ عَنْهُمْ تَأْخَيرُ النِّدَاءِ بِهَا، كَانَ الَّذِي يُوجِبُ تَرْكَهُمُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْهَا هُوَ ذَلِكَ الْوَقْتُ، لَا النِّدَاءُ الَّذِي يُنَادَى بِهِ بَعْدَهُ، وَلَمَّا كَانَ النِّدَاءُ عَلَى الزَّوَالِ لَا مَعْنَى لَهُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النِّدَاءَ الَّذِي بَعْدَ الزَّوَالِ إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ مَا قَدْ وَجَبَ إِتْيَانُ الصَّلَاةِ، وَتَرْكُ التَّشَاغُلِ عَنْهَا بِغَيْرِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ التَّبَايُعِ فِيهِ، فَقَالَت طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هُوَ مَكْرُوهٌ، وَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: ذَلِكَ الْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا يُجْمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ شَكْلِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ هَذَا التَّعَطُّفِ عَلَيْهَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْعِبَادِ التَّشَاغُلَ عَنِ الصَّلَوَاتِ فِي آخِرِ أَوْقَاتِهَا إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ إِلَّا مِقْدَارُ مَا تُؤَدَّى فِيهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ، وَكَانَ مَنْ صَارَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الْوَقْتِ، فَتَرَكَ الصَّلَاةَ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى، فَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ جَائِزَانِ بِلَا اخْتِلَافٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا، فَلما كَانَ الْبَيْعُ فِي هَذَا الْوَقْتِ جَائِزًا أَوْ إِنْ كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي عُقِدَ فِيهِ مَنْهِيًّا عَنِ الْبَيْعِ فِيهِ كَانَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الْبَيْعِ فِيهَا وَاللهُ أَعْلَمُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ الحديث: 232 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْإِبَاحَةِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ مَا قَدْ كَانَ حَظَرَهُ عَلَيْهِمْ وَمَنَعَهُمْ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنَّ هَذَا كَقَوْلِهِ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} ، وَقَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَوَاضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذَهِ الْآيَةِ مَا 234 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوَحَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عِنْهُ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، فَكَانَ الْجَوَارِي إِذَا نُكِحُوا يَمُرُّونَ يَضْرِبُونَ بِالْكِيرِ وَالْمَزَامِيرِ فَيَنْسَلُّ النَّاسُ، وَيَدَعُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا، فَعَاتَبَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} 235 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا كَانَ نِكَاحٌ لَعِبَ أَهْلُهُ وَمَرُّوا بِاللهْوِ عَلَى الْمَسْجِدِ، وَإِذَا نَزَلَ الْبَطْحَاءَ خَلَتْ، وَكَانَتِ الْبَطْحَاءُ مَجْلِسًا بِفِنَاءِ بَابِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِي طَرِيقَ الْعَرْقَدِ، وَكَانَ الْأَعْرَابُ إِذَا جَلَبُوا الْخَيْلَ، وَالْإِبِلَ، وَالْغَنَمَ، وَبَضَايِعَ الْأَعْرَابِ نَزَلُوا الْبَطْحَاءَ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ يَقْعُدُ لِلْخُطْبَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَامُوا لِلَّهْوِ وَالتِّجَارَةِ، وَتَرَكُوهُ قَائِمًا، فَعَاتَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنِينَ لِنَبِيِّهِ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} الْآيَةُ الحديث: 234 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 فَلَمَّا عَاتَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّاسَ عَلَى الْقِيَامِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ عَلَيْهِمْ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقُعُودَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُعَاتَبِ الْقَائِمُ لِلتِّجَارَةِ، وَلَا لِلَّهْوِ الْمُبَاحِ، كَمَا لَا يُعَاتَبُونَ لِلْقِيَامِ لِذَلِكَ عَنْ غَيْرِ خُطْبَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَفِي الْخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَطِيبَ يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ قَائِمًا، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا قَعْدَة 236 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ " وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ جَابِرِ الَّذِي ذَكَرْنَا بِزِيَادَةٍ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ 237 - فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَقْبَلَتْ عِيرٌ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ نُصَلِّ الْجُمُعَةَ، فَانْفَضَّ النَّاسُ إِلَيْهَا، فَمَا بَقِيَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} " 238 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ حُصَيْنٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 239 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 240 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ الحديث: 236 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 حُصَيْنٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} ، قَالَ: " جَاءَتْ عِيرٌ وَهُوَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَيْهَا حَتَّى بَقِيَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ " 241 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَقْبَلَتْ عِيرٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْفَتَلَ النَّاسُ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} " حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، فَقَالَ: 242 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، وَأَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ فَثَبَتَتْ هَذِهِ الْآثَارُ بِسَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَكَانَ فِي حَدِيثَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ وَهُوَ أَبُو سُفْيَانَ مِنْ رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ أَنَّهُمْ نَفَرُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخُطْبَةِ وَفِي حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ أَنَّهُمْ نَفَرُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نُصَلِّي الْجُمُعَةَ فَاحْتَمَلَ قَوْلُهُ: وَنَحْنُ نُصَلِّي الْجُمُعَةَ، وَنَحْنُ مَعَهُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، لِأَنَّ مَنْ كَانَ يَنْتَظِرُ صَلَاةً فَهُوَ فِي صَلَاةٍ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، فَلَمْ يَجْعَلْهُ مُخَالِفًا لِمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَطَلْحَةُ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ الَّتِي لِلْجُمُعَةِ لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى جَمَاعَةٍ تَجْرِي مَعَهُمُ الْجُمُعَةُ، فَلَمَّا لَمْ يَتْرُكْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُطْبَةَ، وَلَا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِذَهَابِ النَّاسِ عَنْهُ إِلَّا هَذَا الْعَدَدُ الَّذِي مِنْهُمْ، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَكُونُ مَعَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، لَا كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ لَا تَجْرِي إِلَّا بِأَرْبَعِينَ رَجُلًا فَصَاعِدًا، وَذَهَبَ فِي التَّوْقِيتِ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا الحديث: 241 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 243 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كُنْتُ قَائِدًا لِأَبِي بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهُ، وَكَانَ لَا يَسْمَعُ النِّدَاءَ إِلَّا قَالَ: رَحِمَهُ اللهُ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ، فَقُلْتُ لِأَبِي: إِنَّهُ لَيُعْجِبُنِي صَلَوَاتُكَ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ كُلَّمَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ أَبِي: يَا بُنَيَّ، إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِنَا الْجُمُعَةَ فِي حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي رَوْضَةٍ، يُقَالُ لَهَا: بَقِيعُ الْخَضَمَاتِ، قُلْتُ: وَكَمْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ رَجُلًا " فَهَذَا مَا لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ، أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُجَمِّعَ بِعَدَدٍ وَالْجَمْعُ بِأَقَلَّ مِنْهُ جَائِزٌ، وَلَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ جَمَّعَ بِالنَّاسِ بِالْمَدِينَةِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ 244 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْكَرِيرِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بِكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: " أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْمَدِينَةَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِهَا أَوَّلَ يَوْمٍ الْجُمُعَةَ، جَمَعَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ " وَلَمَّا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْجُمُعَةَ بِالْجَمَاعَةِ الَّتِي دُونَ الْأَرْبَعِينَ، وَكَانَ قَائِلُوا ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبَيْنِ، فَقَوْمٌ يَقُولُونَ: تَجُوزُ الْجُمُعَةُ بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ سِوَى الْإِمَامِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ وَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ لَا تَجْرِي بِالرَّجُلِ الْوَاحِدِ سِوَى الْإِمَامِ، وَتَجْرِي بِالثَّلَاثَةِ الرِّجَالِ سِوَى الْإِمَامِ، وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الرَّجُلَيْنِ، نَظَرْنَا فِي حُكْمِهِمَا هَلْ هُوَ كَحُكْمِ الثَّلَاثَةِ الرِّجَالِ أَوْ كَحُكْمِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ؟ فَنَعْطِفَهُ عَلَى الْأَشْبَهِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْإِمَامِ إِذَا صَلَّى بِالرَّجُلِ الْوَاحِدِ أَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَإِذَا صَلَّى بِالثَّلَاثَةِ الرِّجَالِ أَقَامَهُمْ خَلْفَهُ، وَإِذَا صَلَّى بِالرَّجُلَيْنِ أَقَامَهُمَا خَلْفَهُ، كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَرَى الْعَمَلُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِهِ الحديث: 243 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 فَلَمَّا كَانَ مَقَامُ الرَّجُلَيْنِ خَلْفَ الْإِمَامِ كَمَقَامِ الثَّلَاثَةِ الرِّجَالِ خَلْفَ الْإِمَامِ، لَا كَمَقَامِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، كَانَ حُكْمُ الرَّجُلَيْنِ أَيْضًا فِي الْجَمَاعَةِ كَحُكْمِ الثَّلَاثَةِ فِيهَا، لَا كَحُكْمِ الْوَاحِدِ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَذْهَبُ فِي مَقَامِ الرَّجُلَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ إِلَى أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ عَنْ يَمِينِهِ، الْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مَقَامُ الرَّجُلَيْنِ فِيمَا ذَكَرْنَا مُخْتَلَفًا فِيهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا، لَمْ نَنْقُلْهُمَا بِذَلِكَ عَنْ حُكْمِ الْوَاحِدِ، وَنَقَلْنَا الثَّلَاثَةَ عَنْ حُكْمِ الْوَاحِدِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى مَقَامِهِمْ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَالْقَوْلُ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ وَمُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ قَوْلِهِ هَذَا، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا: 245 - حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ، فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} قَالَ: فَوُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ: {مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} " قَالَ الْبَرَاءُ: وَهُمُ الْيَهُودُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ وُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، قَالَ: فَتَحَرَّفُوا الْقَوْمُ حَتَّى وَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ " الحديث: 245 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 246 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ " فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} الْآيَةَ فَوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ " 247 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ بِقِبَاءَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، إِذْ أَتَاهُمْ آتٍ، فَقَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قَرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا " وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ " 248 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِكْرٍ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ عُثْمَانَ، أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ ابْنِ الْمُعَلى، قَالَ: " كُنَّا نَغْدُوا إِلَى السُّوقِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَمُرُّ عَلَى الْمَسْجِدِ فَنُصَلِّي فِيهِ، فَمَرَرْنَا يَوْمًا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقُلْتُ: لَقَدْ حَدَثَ أَمْرٌ فَجَلَسْتُ، فَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذِهِ الْآيَةَ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} حَتَّى فَرَغَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: تَعَالَ نَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَكُونَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى، فَتَبَادَرْنَا مَعًا، فَصَلَّيْنَاهُمَا، ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ يَوْمَئِذٍ " غَيْرَ أَنَّ أَبَا أُمَيَّةَ، قَالَ: " فَنَمُرُّ عَلَى الْمَسْجِدِ فَنَظَلُّ فِيهِ " وَلَمْ يَقُلْ: " فَنُصَلِّي فِيهِ " 249 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ خَالِدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ: " نُصَلِّي فِيهِ " 250 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عُلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمَارَةَ بْنَ أَوْسٍ، وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ جَمِيعًا، الحديث: 246 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 قَالَ: " إِنِّي فِي إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ، إِذْ نَادَى مُنَادٍ بِالْبَابِ أَنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَشْهَدُ عَلَى إِمَامِنَا أَنَّهُ حُوِّلَ إِلَى الْكَعْبَةِ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَصَلَّى بَعْضَهَا هَاهُنَا وَبَعْضَهَا هَاهُنَا " فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ نُزُولَ الْآيَةِ الْمُحْكَمَةِ كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَفِيهَا إِثْبَاتُ فَرْضِ الْقِبْلَةِ، وَفِيهَا أَنَّهُمُ انْحَرَفُوا إِلَى الْكَعْبَةِ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي دَخَلُوا فِيهَا بِالتَّوَجُّهِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَرْضِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِعْلَامُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّ الْفَرْضَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ، وَأَنَّ الْحُجَّةَ فِيهِ غَيْرُ قَائِمَةٍ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْفَرْضُ فِي ذَلِكَ حِينَ يَعْلَمُهُ، وَيَقُومُ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ حِينَ يُمْكِنُهُ اسْتِعْلَامُهُ، وَلِهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ مَا هُوَ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ فِي آخَرِينَ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَتَلَهُمْ وَهُمْ عَادُونَ عَلَى الْمَاءِ، لِأَنَّ الدَّعْوَةَ قَدْ كَانَتْ بِلُغَتِهِمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ كَانَ فَرْضُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ وَجَبَ عَلَى أَهْلِ قِبَاءَ قَبْلَ دُخُولِهِمْ فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ الْآيَةَ الَّتِي أُمِرَ بِذَلِكَ فِيهَا أُنْزِلَتْ لَيْلًا، وَإِنَّمَا انْحَرَفُوا إِلَى الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي عَلِمُوا بِنُزُولِ الْآيَةِ فِيهَا فَقَدْ لَحِقَهُمُ الْفَرْضُ قَبْلَ دُخُولِهِمْ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا عَدَلُوا فِي صَلَاتِهِمْ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ بِالْجَهْلِ مِنْهُمْ بِهَا قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ يَكُونُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرْضٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَرْضِهِ إِيَّاهُ عَلَيْهِ، وكَانَ كَذَلِكَ أَلْحَقَتْ فَرَائِضُهُ الْمَجَانِينَ الَّذِينَ لَا عِلْمَ مَعَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ الْمَجَانِينُ بِارْتِفَاعِ الْعِلْمِ عَنْهُمْ غَيْرَ دَاخِلِينَ فِي الْفَرْضِ، كَانَ كَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْقُرْآنِ غَيْرَ وَاجِبٍ عَلَيْهِ الْفَرْضُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا تَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَيَمُرُّ عَلَيْهِ رَمَضَانُ وَلَمْ يَصُمْهُ، أَوْ تَمُرُّ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَلَمْ يُصَلِّهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا قَدْ كَانَ فَرْضًا مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَيْثُ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَعْلِمُ ذَلِكَ مِنْهُ، أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ مَا مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ، وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَحْضُرُهُ مَنْ يُمْكِنُهُ اسْتِعْلَامُ ذَلِكَ مِنْهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَرَّ عَلَيْه ِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالصِّيَامِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ اسْتِعْلَامُ ذَلِكَ مِمَّنْ يَحْضُرُ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، مِنْهُمْ: أَبُو حَنَيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ وَالْآخَرُ: أَنَّهُ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالصِّيَامِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ مُرُورُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَفِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ قِبَاءَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى حَقَائِقِ فَرْضٍ قَدْ كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمُ السُّؤَالُ وَلَا الِاسْتِعْلَامُ عَنْ زَوَالِهِ عَنْهُمْ، وَلَا عَنْ حُدُوثِ غَيْرِهِ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ سَقَطَ عَنْهُمُ الْفَرْضُ الْحَادِثُ الَّذِي لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ عَلَيْهِ السُّؤَالُ وَالاسْتِعْلَامُ عَنْ فَرَائِضِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مَنْ يَرْجُو وُجُودَ ذَلِكَ عِنْدَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ: 251 - حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، قَالَ: " نَحْوَهُ " 252 - حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} قَالَ: " تِلْقَاءَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ، وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا الْقَوْلِ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أَنَّهُ اسْتِقْبَالُ الْكَعْبَةِ فِي صَلَاتِهِمْ إِذَا كَانُوا يُعَايِنُونَهَا وَالتَّرَحِّي لِاسْتِقْبَالِهَا وَطَلَبِ الدَّلَائِلِ وَالْأَعْلَامِ عَلَى ذَلِكَ إِذَا كَانُوا غَائِبِينَ عَنْهَا تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا: الحديث: 251 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 253 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَهُوَ جَاءٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ تَلَا ابْنُ عُمَرَ: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} " وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فِي هَذَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلاةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي أَسْفَارِهِ تَطَوُّعًا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا: 254 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ " 255 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ يُحَدِّثُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا لَا يُبَالِي حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ " 256 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ الطَّحَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُصَلِّي السُّبْحَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْمَكْتُوبَةِ " 257 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ السَّكَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ " الحديث: 253 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 258 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ " 259 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُرَاقَةَ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُصَلِّي فِي غَزْوَةِ أَنْمَارَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُتَوَجِّهَةً قِبَلَ الْمَشْرِقِ " 260 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سَيرِينَ، قَالَ: تَلَقَّيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ، فَرَأَيْتُهُ عَلَى حِمَارٍ وَوَجْهُهُ مِنْ ذَا الْجَانِبِ وَأَوْمَأَ هَمَّامٌ بِيَدِهِ عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ، قَالَ: فَقُلْنَا رَأَيْنَاكَ تُصَلِّي إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَقَالَ: " لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ مَا فَعَلْتُهُ " 261 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ " رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى خَيْبَرَ وَالْقِبْلَةُ خَلْفَهُ " 262 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا " 263 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُصَلِّي الحديث: 258 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 الرَّاكِبُ عَلَى دَابَّتِهِ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا " وَأَشَارَ أَبُو عَاصِمٍ بِيَدِهِ قِبَالَتَهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ وَلَمَّا ثَبَتَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي هَذَا الْمَعْنَى دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ الْمُصَلِّي لِلتَّطَوُّعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ خَارِجٌ مِنَ الْمُخَاطَبِينَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ، لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ التَّفْرِقَةَ فِي الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَكنَا وَجَدْنَاهُ فِي غَيْرِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ: 264 - حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ " وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْمُومِئِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي فَرْضُهُ فِيهَا الْإِيمَاءُ أَنْ يَجْعَلَ الْإِيمَاءَ لِلرُّكُوعِ دُونَ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ، لِيَتَبَيَّنَ الْبَدَلُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْبَدَلِ مِنْ صَاحِبِهِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ الْقُعُودَ الَّذِي يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ بَدَلًا مِنَ الْقِيَامِ فِيهَا بِخِلَافِ الْقُعُودِ الَّذِي هُوَ الْقُعُودُ لِلتَّشَهُّدِ، فَيَكُونُ الْقُعُودُ الْبَدَلُ مِنَ الْقِيَامِ تَرَبُّعًا، وَيَكُونُ الْقُعُودُ لِلتَّشَهُّدِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْقُعُودُ لِلتَّشَهُّدِ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، يَقُولُونَ فِي هَذَا وَأَمَّا زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ فَكَانَ عِنْدَهُ أَنَّ الْقُعُودَ الْبَدَلَ مِنَ الْقِيَامِ كَهَيْئَةِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ سَوَاءً، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا: 265 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي: الْحَمَّالَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيُّ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا " قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَفْصٍ غَيْرَ أَبِي دَاوُدَ الحديث: 264 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 266 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدَ اللهِ الْحَمَّالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيُّ، عَنْ حَفْصٍ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَهُوَ ابْنُ غِيَاثٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ إِسْحَاقُ وَهُوَ الطَّوِيلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ مِنْ أَفْعَالِهِمَا كَمَا: 267 - حَدَّثَنَا أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ: أَنَّهَا " رَأَتْ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تُصَلِّي مُتَرَبِّعَةً مِنْ رَمَدٍ كَانَ بِهَا " 268 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ الْوَلِيدِ الْقَعْقَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَانِئُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَيْلَةَ: " رَأَيْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تُصَلِّي مُتَرَبِّعَةً " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِيهِ كَانَ خِلَافَ التَّرْبِيعِ 269 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: " لَأَنْ أَجْلِسَ عَلَى رِضْفَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَرَبَّعَ فِي الصَّلَاةِ " وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِالْإِيمَاءِ لِلْمُسَافِرِينَ فِي الْأَمْصَارِ، فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ، يَقُولُ: لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا كَذَلِكَ إِلَّا فِي الْبَوَادِي وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا كَذَلِكَ فِي الْبَوَادِي وَالْأَمْصَارِ جَمِيعًا وَقَالَ: 270 - حَدِيثٌ، أَخْبَرَنَا حُذَيْفَةُ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي، أَنَّهُ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ " يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ " لَمَّا سَمِعْتُ مِنْهُ هَذَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَمَا قَالَ الحديث: 266 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 أَبُو يُوسُفَ وَمَا رَوَاهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِيهِ: لِأَنَّ دُخُولَ الْمُسَافِرِينَ الْأَمْصَارَ لَا يُخْرِجُهُمْ مِنَ السَّفَرِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ فِي الْأَمْصَارِ كَهُمْ فِي قَصْرِهَا فِي الْبَوَادِي، كَانُوا فِي سَائِرِ مَا يَفْعَلُونَ فِيهَا فِي الْأَمْصَارِ كَهُمْ فِيمَا يَفْعَلُونَ فِيهَا فِي الْبَوَادِي وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ تَطَوُّعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَكَبَّرَ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَيْفَ صَارَ وَجْهُهُ، قَالُوا: وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَطَوُّعِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ مَا: 271 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْجَارُودِ الْهُذَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي الْحَجاجِّ، عَنِ الْجَارُودِ بْنِ أَبِي سَبُرَةَ الْهُذَلِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ للِتَطَوُّعٍ " اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ النَّاقَةُ " 272 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْجَارُودِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: عَمْرُو بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْجَارُودُ بْنُ أَبِي سَبُرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرِ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ فِي الصَّلَاةِ " اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ يُصَلِّي حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ النَّاقَةُ " فَلَوْ وَجَدْنَا لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلًا قُلْنَا بِهِ، وَلَكِنَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ أَصْلًا، وَلَمْ نَجِدْ لَهُ مَخْرَجًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَلَا يَصْلُحُ لَنَا قَبُولُ مِثْلِهِ، لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ أَبِي الْحَجَّاجِ لَا يُعْرَفُ، وَلِأَنَّ رِبْعِيَّ بْنَ عَبْدِ اللهِ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ ظَاهِرُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَمَا كَانَ يُصَلِّيهِ مُسْتَقْبِلَ غَيْرِهَا "، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ الْجَارُودِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ أَنَسٍ، وَلَوْ تَكَافَيَا لَكَانَ حَدِيثُ جَابِرٍ أَوْلَاهُمَا، لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِمَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ اسْتِقْبَالُ غَيْرِ الْقِبْلَةِ مَعَ دُخُولِهِ فِي صَلَاتِهِ وَلَا بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَهُوَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَافْتَتَحَهَا إِلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ انْحَرَفَ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَصَلَّى بِعَيْنِهَا لِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ بِتَرْكِ الْقِبْلَةِ مِمَّا كَانَ دَخَلَ فِيهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَلَمَّا كَانَ التَّوَجُّهُ إِلَى الْقِبْلَةِ زَادَ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا زَادَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا، وَكَانَ الحديث: 271 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 الْمُسَافِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي صَلَاتِهِ، كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا لَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِقْبَالِهَا مَعَ دُخُولِهِ صَلَاتَهُ فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا فِي حُكْمِ الْقِبْلَةِ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ قَوْلُهُ: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} فَفِي ذَلِكَ أَنَّهُ بِالْخَوْفِ يَرْجِعُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ كَالْمُسَافِرِ الَّذِي لَا خَوْفَ عَلَيْهِ فِي التَّطَوُّعِ، وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ وَبِمَا رُوِيَ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} ، وَقَالَ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} فَذَكَرَ ذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ، وَلَا وَقْتَهَا، وَلَا عَدَدَهَا، ثُمَّ بَيَّنَهُ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيَّنَ لَنَا عَدَدَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي افْتَرَضَهَا عَلَى عِبَادِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ 273 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ: " فَفَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ، صَلَاةً فَرَجَعْتُ حَتَّى آتِيَ مُوسَى، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً فَقَالَ لِي مُوسَى: فَرَاجِعْ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّي، فَوَضَعَ شِطْرَهَا، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ، وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ الحديث: 273 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَقُلْتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلّ " 274 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَكَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ: " فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَاةُ، فَفُرِضَ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسُونَ صَلَاةً، فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: إِنِّي جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَإِنِّي قَدْ عَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ هَذَا، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَإِنِّي قَدْ عَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ هَذَا، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَمَا زِلْتُ أَخْتَلِفُ بَيْنَ رَبِّي وَبَيْنَ مُوسَى حَتَّى صُيِّرَتْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَنْ تُطِيقَ هَذَا، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ قَالَ: قُلْتُ: لَقَدْ هَمَمْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى لَقَدِ اسْتَحْيَيْتُ بَلْ رَضِيتُ وَسَلَّمْتُ، قَالَ: فَنُودِيتُ أَنْ قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَلَى عِبَادِي وَأَعْطَيْتُهُمْ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا " 275 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 276 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ " فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: " لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ " الحديث: 274 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ هَذَا مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى 277 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُدْعَى الْمُخْدَجِيَّ سَمِعَ رَجُلًا بِالشَّامِ يُدْعَى أَبَا مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: إِنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، قَالَ الْمُخْدَجِيُّ: فَرَجَعْتُ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَاعْتَرَضْتُ لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ، فَقَالَ عُبَادَةُ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ " فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ تَبْيِينُ عَدَدِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي افْتَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَأَمَّا تَبْيِينُ أَوْقَاتِهِنَّ 278 - فَإِنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّنِي جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ عِنْدَ بَابِ الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ مَالَتِ الشَّمْسُ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشُّرْبُ عَلَى الصَّائِمِ، وَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ الْغَدَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى بِيَ الْغَدَاةَ عِنْدَمَا أَسْفَرَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ " 279 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الحديث: 277 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 حَكِيمَ بْنَ حَكِيمٍ 280 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 281 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بكِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّنِي جِبْرِيلُ فِي الصَّلَاةِ فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، وَصَلَّى الْعَصْرَ حِينَ قَامَتْ قَائِمَةً، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ أَمَّنِي فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَفَيْءُ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ، وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالْفَيْءُ قَامَتَانِ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، وَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ، ثُمَّ قَالَ: الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ " 282 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُضْلُ بْنُ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ "، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ: " صَلَّاهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حَيْثُ ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ " 283 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبِاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: " صَلِّ مَعِي، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ فَيْءُ الْإِنْسَانِ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ الحديث: 280 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وَأَسْفَرَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ كَانَ فَيْءُ الْإِنْسَانِ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ فَيْءُ الْإِنْسَانِ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: شِطْرُ اللَّيْلِ 284 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَدْرُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " أَتَاهُ سَائِلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْقَائِلُ، يَقُولُ: انْتَصَفَ النَّهَارُ أَوْ لَمْ، وَكَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ الْغَدَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا، وَالْقَائِلُ يَقُولُ: طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادِتْ، ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْعَصْرِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ، وَالْقَائِلُ يَقُولُ: احْمَرَّتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ، فَقَالَ: الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ " 285 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمِ بْنِ دِينَارٍ الصَّائِغُ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: " صَلِّ مَعَنَا، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ نَقِيَّةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابِ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَمَرَهُ فَأَذَّنَ الظُّهْرَ، فَأَبْرَدَ بِهَا، فَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بِهَا، وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: وَقْتُ صَلَاتِكُمْ فِيمَا بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ " وَسَقَطَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الحديث: 284 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 286 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَإِنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَآخِرُ وَقْتِهَا حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُهَا وَآخِرُ وَقْتِهَا حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ، وَأَوَّلُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ وَآخِرُ وَقْتِهَا حِينَ يَغِيبُ الْأُفُقُ، وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الْأُفُقُ وَآخِرُ وَقْتِهَا حِينَ يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ، وَأَوَّلُ وَقْتِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ وَآخِرُ وَقْتِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ " 287 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنِيهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَرَفَعَهُ مَرَّةً وَلَمْ يَرْفَعْهُ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: " وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ يَسْقُطْ نُورُ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَوَقْتُ الْغَدَاةِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ " 288 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُصَيْبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ يَتَبَيَّنُ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ، وَأَنَّ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْهَا أَوَّلًا وَآخِرًا، فَأَمَّا وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْنَاهُ فِيهِ، وَإِنَّهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَأَمَّا وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُ مِنْ حِينِ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَأَمَّا آخِرُهُ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَقَدْ رَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبُجَلِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ هَذَا الْقَوْلَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَرَوَى، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا إِذَا صَارَ الظِّلُّ مِثْلَيْهِ، الحديث: 286 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ فِيمَا رَوَيْنَا عَنْهُ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ لَمَّا صَارَ الظِّلُّ مِثْلَهُ اسْتَحَالَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ صَلَّاهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: آخِرُ وَقْتِهَا آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ، بَقِيَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا شَيْءٌ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَلَمَّا كَانَتِ الصُّبْحُ مُنْفَرِدَةً بِوَقْتِهَا لَا يَدْخُلُ غَيْرُهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ مَعَهَا فِيهِ، كَانَ كَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنَ الصَّلَوَاتَ فِي النَّظَرِ مُنْفَرِدَةً بِوَقْتِهَا غَيْرَ مُخَالِطٍ لَهَا غَيْرُهَا فِيهَا وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ فَإِنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ " وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالْقَائِلُ، يَقُولُ: احْمَرَّتِ الشَّمْسُ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّاهَا حِينَ صَارَ الظِّلُّ مِثْلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ تَغَيُّرَ الشَّمْسِ فَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي أَخْبَرَ فِيهَا عَنْ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ فِيهَا بِالْأَوْقَاتِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ الَّذِي صَلَّاهَا فِيهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَقَدْ صَارَ مِثْلَيْهِ آخِرُ وَقْتِهَا، لَا وَقْتَ بَعْدَهُ لَهَا، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ وَقْتِهَا الَّذِي فِيهِ الْفَضْلُ، وَالَّذِي لَا يَنْبَغِي أَنْ تُؤَخَّرَ بَعْدَهُ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُؤَخِّرُ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مُفَرِّطًا، فَلَمَّا وَجَدْنَا فِي لَفْظِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ، عَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ آخِرُ وَقْتِهَا الَّذِي يَفُوتُ بِخُرُوجِهِ، وَأَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ وَقْتِهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخَّرَ أَلْبَتَّةَ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ 289 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوِزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: وَاعَدَنَا أَبُو بَكْرَةَ أَرْضًا مِنْ أَرْضِهِ فَسَبَقْنَاهُ إِلَيْهَا وَصَلَّيْنَا الْعَصْرَ، فَجَاءَ وَقَدْ صَلَّيْنَا، وَظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ صَلَّى فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَاسْتَيْقَظَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ أَنْ تُوقِظُونِي؟ قُلْنَا: جِئْتَ وَقَدْ صَلَّيْنَا فَظَنَنَّا أَنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ فَقَالَ: مَا انْتَظَرْتُ غَيْرَكُمْ، فَلَمْ يُصَلِّ تِلْكَ السَّاعَةَ حَتَّى إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الْعَصْرَ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَ ذَلِكَ الحديث: 289 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 فَهَذَا أَبُو بَكْرَةَ لَمْ يَجْعَلْ مَا بَعْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَلَوْ جَعَلَهُ مِنْ وَقْتِهَا إِذًا لَصَلَّاهَا فِيهِ فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، فَكَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْعَصْرِ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَيَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا: 290 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ " 291 - حِدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عَمْرٍو الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَبِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَالُوا: لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَهُ مُدْرِكًا لِلْعَصْرِ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، ثَبَتَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ لِلْآخَرِينَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ عَارَضَهُ نَهْيُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، 292 - وَذَلِكَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: " ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ، وَحِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ " 293 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 290 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 294 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا، وَإِذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ " 295 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الصَّنَابِحِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا " " وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ "، 296 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ الصَّنَابِحِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ وَقْتَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ لَا يُصَلَّى فِيهِ، فَخَرَجَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ وَقْتَ الْعَصْرِ، لِأَنَّ سَائِرَ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ سَوَاءٌ تُقْضَى فِيهِ الصَّلَوَاتُ الْفَائِتَاتُ، وَلَا تُقْضَى صَلَاةٌ فَائِتَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، عِنْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ وَقْتٍ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ، لَا مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِيهِ وَأَمَّا أَوَّلُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْنَاهُ أَنَّهُ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِهَا فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: إِذَا غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ فِي الشَّفَقِ مَا هُوَ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ هُوَ الْحُمْرَةُ الَّتِي قَبْلَ الْبَيَاضِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ 297 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: " كَانَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ يُصَلِّيَانِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَيَرَيَانِ الحديث: 294 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 الشَّفَقَ الْحُمْرَةَ " وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: الشَّفَقُ الْبَيَاضُ الَّذِي بَعْدَ الْحُمْرَةِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ وَلَمَّا كَانَ طُلُوعُ الشَّمْسِ يَتَقَدَّمُهُ الْفَجْرُ، وَغُرُوبُهَا يَتْلُوهُ الشَّفَقُ، وَكَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ، وَكَانَ إِجْمَاعُهُمْ أَنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ إِنَّمَا تَجِبُ بِطُلُوعِهِمَا، لَا بِطُلُوعِ أَحَدِهِمَا، كَانَ كَذَلِكَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ تَجِبُ بِغُرُوبِهِمَا، لَا بِغُرُوبِ أَحَدِهِمَا وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: وَقْتُ آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِفيَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَذْهَبُونَ أَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ فَقِسْمٌ مِنْهُ مِنْ حِينِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا إِلَى أَنْ يَمْضِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَهُوَ أَفْضَلُ وَقْتِهَا، وَقِسْمٌ مِنْهُ مَا بَعْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ إِلَى تَمَامِ نِصْفِ اللَّيْلِ وَهُوَ فِي الْفَضْلِ دُونَ ذَلِكَ، وَقِسْمٌ مِنْهُ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إِلَيْهِ عِنْدَهُمْ إِسَاءَةٌ وَتَضْيِيعٌ، وَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِشَاءَ فِيمَا رَوَيْنَا عَنْهُ فِي الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا، عِنْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَرُوِيَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ أَخَّرَهَا إِلَى وَقْتِ الْفَضْلِ مِنْ وَقْتِهَا، وَثَبَتَ بِحَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا أَنَّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى اسْتِغْرَاقِ نِصْفِ اللَّيْلِ مِنْ وَقْتِهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْفَضْلِ دُونَ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا مَا وَجَبَ بِهِ أَنَّ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ وَقْتِهَا 298 - فَإِنَّ يُونُسَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ، وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جَرِيجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " مَا إِفْرَاطُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ؟ قَالَ: طُلُوعُ الْفَجْرِ " فَهَذَا أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ هَذَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، فَاسْتَحَالَ بِذَلِكَ أَنْ يَزِيدَ فِي وَقْتِهَا عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ بِمَا سِوَاهُ مِمَّا يُبِيحُ ذَلِكَ لَهُ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عِنْهُ فِي ذَلِكَ مَا يُوَافِقُ هَذَا الْمَعْنَى 299 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى أَبِي مُوسَى الحديث: 298 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 الْأَشْعَرِيِّ " وَصَلِّ الْعِشَاءَ أَيَّ اللَّيْلِ شِئْتَ وَلَا تُغْفِلْهَا " وَسَأَلَ سَائِلٌ، فَقَالَ: قَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَأَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ صَارِ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، فَفِي هَذَا مَا دَلَّ أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ الَّذِي صَلَّاهَا فِيهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، فَكَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَقْتًا لَهُمَا جَمِيعًا؟ فَقِيلَ لَهُ: مَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْتَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّقْرِيبِ فَيَكُونُ صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ صَارَ الظِّلُّ مِثْلَهُ، وَصَلَّى الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ قَرُبَ أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ مِثْلَيْهِ، فَجَاءَ بِهِمَا جَمِيعًا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَقْرَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ هَذَا، قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وَقَالَ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} ، فَكَانَ الْوَقْتُ الَّذِي أَمَرَ فِيهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ وَالتَّسْرِيحِ بِخِلَافِ الْوَقْتِ الَّذِي أَمَرَ فِيهِ بِتَرْكِ الْعَضَلِ لَهُنَّ عَنِ النِّكَاحِ، وَقَدْ جَاءَ بِهِمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَالْمُرَادُ فِي الْحَقِيقَةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ الْمُرَادِ فِي الْآخَرِ مِنْهُمَا فَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَالْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، كَذَلِكَ جَاءَ بِهِمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ وَبِقَوْلِهِ: إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ عَدَدَ مَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ مِنْهُنَّ مِنْ رَكْعَةٍ، ثُمَّ بَيَّنَهُ لَنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 300 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " فُرِضَتِ الصَّلَاةُ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ فِي السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ " 301 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ الحديث: 300 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 302 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ "، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ صَلَّى إِلَى كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلَهَا غَيْرَ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّهَا وِتْرٌ، وَغَيْرَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِطُولِ قِرَاءَتِهَا وَاللهُ أَعْلَمُ " تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا هُوَ؟ فَرَوَى مُجَاهِدٌ فِي ذَلِكَ مَا: 303 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، قَالَ: " عَرَفَةُ وَجَمْعٌ " وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَالُوا هُوَ الْمَقَامُ الَّذِي يُصَلِّي إِلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْيَوْمَ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا 304 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، أَوْ وَافَقْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي ثَلَاثٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} " قَالَ أَحْمَدُ: فَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا مَا يَجِبُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى مُجَاهِدٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا فِيهِ الْمَقَامَ الَّذِي أَرَادَهُ عُمَرُ فِي قَوْلِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى " قَالَ: هُوَ عَرَفَةُ وَجَمْعٌ، أَوْ مَا سِوَاهُمَا الحديث: 302 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ هَلْ رُوِيَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ؟ 305 - فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: " يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ صَلَّيْنَا خَلْفَ الْمَقَامِ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} " فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمَقَامَ الَّذِي أَرَادَهُ عُمَرُ هُوَ غَيْرُ عَرَفَةَ وَجَمْعٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ أَيْضًا 306 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ذَهَبَ بَعْدَ طَوَافِهِ لِحَجَّتِهِ إِلَى الْمَقَامِ، " فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ " 307 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ: وَرَجَّعَ صَوْتَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ حَدِيثِ أَنَسٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ، لَا كَمَا رَوَاهُ السَّهْمِيُّ، وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي الْقِرَاءَةِ {وَاتَّخِذُوا} كَمَا قَرَأَهُ الْأَعْمَشُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ كَثِيرٍ، وَعَاصِمٌ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ لَا كَمَا قَرَأَهُ نَافِعٌ " وَاتَّخَذُوا "، وَيَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ أَنْ يَلْزَمُوا مِنْ ذَلِكَ مَا أَمَرَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِاتِّخَاذِهِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَيَكُونَ هُوَ مُصَلَّاهُمْ دُونَ مَا سِوَاهُ، وَيَكُونَ الْمَقَامُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ كَيْفِيَّةَ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي كِتَابِهِ، وَبَيَّنَهَا لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 308 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَن ِ الحديث: 305 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فُقُلْنَا: قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: " قُولُوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْقَصْدُ فِي الصَّلَاةِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجٌ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا كَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فِرْعَوْنَ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَهُمْ، وَكَالْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ، وَالْمَزَامِيرُ إِنَّمَا كَانَتْ لِدَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا لِغَيْرِهِ مِنْ آلِهِ 309 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنْ قَصْدِهِ بِالصَّلَاةِ إِلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَمِنْهُ أَيْضًا صَلَاتُهُ عَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَلَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، فَذَلِكَ يَنْفِي قَوْلَ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى غَيْرِهِ مِنْ سِوَاهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى الله عَلَيْهِمْ كَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: 310 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ حَكِيمٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّهُ نَهَى عَنْ الحديث: 309 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 ذَلِكَ وَفِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ، وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلَفًا فِيهِمْ، فَقَوْمٌ يَقُولُونَ: هُمْ آلُهُ الَّذِينَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَسَنَأْتِي بِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَقَوْمٌ يَقُولُونَ: كُلُّ تَقِيٍّ، وَيَرْوُونَ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا: 311 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرِّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَبُو هُرْمُزَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: " كُلُّ تَقِيٍّ " 312 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: سَأَلَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحٍ: مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ؟ قُلْتُ: " هُمُ الْمُتَّبِعُونَ لَهُ، الْمُقْتَدُونَ بِسُنَّتِهِ " قَالَ: أَصَبْتَ، هَكَذَا قَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَلَمَّا كَانَ آلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، وَأُجْمِعَ عَلَى إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ كَانَ سِوَاهُمْ فِي الصَّلَاةِ كَهُمْ وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " اللهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى " 313 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو زَيْدٍ الْهَرَوِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، قَالُوا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ، قَالَ: " اللهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ "، فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى " فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يُصَلِّي عَلَى أَصْحَابِ الصَّدَقَاتِ الَّذِينَ يُؤَدُّونَهَا إِلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} هُوَ هَذَا الْقَوْلُ، فَفِي ذَلِكَ إِبَاحَةٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ الصَّلَاةَ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ 314 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُجَمِّرِ، الحديث: 311 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ هُوَ الَّذِي كَانَ أُرِيَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بِشْرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، قَالَ: " قُولُوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْقَصْدِ إِلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ كَمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الَّذَيْنِ قَبْلَهُ، وَفِيهِ أَيْضًا فِي الْعَالَمِينَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثَيْنِ فَبَيَّنَتْ هَذِهِ الْآثَارُ كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ الَّتِي أَمَرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ أَنْ نُصَلِّيَهَا عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِمْ، وَفِيمَا سِوَاهَا، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللهُ كَانَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَفْرُوضَةٌ عَلَى النَّاسِ بِعَقِبِ التَّشَهُّدِ فِي أَوَاخِرِ صَلَاتِهِمْ، وَأَنَّ صَلَوَاتِهِمْ لَا تُجْزِيهِمْ دُونَ ذَلِكَ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْنَاهُ، فَلَمْ يُفْسِدُوا الصَّلَاةَ بِتَرْكِ ذَلِكَ، مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللهُ وَرَضِيَ عَنْهُمْ وَكَأَنَّ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ رَوَى حَدِيثًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَجْرَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ الْمُخَالَفَةُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَأَنَّ حَدِيثَهُ هَذَا لَوْ ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ قَوْلَهُ: يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ عَنْ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ رَوَى الْحَدِيثَ وَلَوْ كَانَ قَدْ ثَبَتَ لَنَا ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْفَرْضِ، لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ، وَمِنَ الْأَمْرِ فِيهِ أَنْ يُجْعَلَ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْفَرْضَ، وَذَلِكَ 315 - أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْجَارُودِ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ الحديث: 315 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 الْغَافِقِيُّ، عَنْ عَمِّهِ إِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ الْغَافِقِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، وَلَمَّا نَزَلَتْ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ " وَكَانَ مَنْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ غَيْرَ مُفْسِدٍ لِصَلَاتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا مَا هُوَ أَبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ نَصْرٍ وَفَهْدًا: 316 - حَدَّثَانَا، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو غَسَّانَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: أَخَذَ عَلْقَمَةُ بِيَدِي وَحَدَّثَنِي، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللهِ، " فَعَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَوْ قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ، إِنْ شَئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ " فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَتِمُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ التَّشَهُّدِ، فَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي مَا ذَكَرْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ 317 - وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا نَقُولُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسْنَا فِي الصَّلَاةِ: السَّلَامُ عَلَى اللهِ وَعَلَى عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ، وَفُلَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ السَّلَامُ، فَلَا تَقُولُوا هَكَذَا، وَلَكِنْ قُولُوا: فَذَكَرَ التَّشَهُّدَ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنْ أَطْيَبِ الْكَلَامِ أَوْ مَا أَحَبَّ مِنَ الْكَلَامِ " الحديث: 316 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 318 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ أَنْ نُسَبِّحَ وَنُكَبِّرَ وَنُحَمِّدَ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ فَوَاتِحَ الْكَلَامِ وَجَوَامِعَهُ أَوْ قَالَ: خَوَاتِمَهُ، فَقَالَ: " إِذَا قَعَدْتُمْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَقُولُوا: فَذَكَرَ التَّشَهُّدَ، وَقَالَ: ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو بِهِ " 319 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنَ الْكَلَامِ مَا شَاءَ " فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُصَلِّي مِنْ صَلَاتِهِ فَرْضٌ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ وَلَكِنَّا لَا نُرَخِّصُ لِمُصَلٍّ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ كَمَا عَلَّمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ مِنْهُ فِي مَوْضِعِ إِبَاحَةِ الدُّعَاءِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ وَالنَّحْرُ الْمَذْكُورَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ؟ فَذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ فِي هَذَا: صَلَاةُ يَوْمِ النَّحْرِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا مَا يُنْحَرُ يَوْمَ النَّحْرِ مِنَ الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ مَا: 320 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الحديث: 318 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 الْحَجَّاجُ، عَنْ عَطَاءٍ يَعْنِي: ابْنَ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ " {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَا: " صَلَاةُ يَوْمِ النَّحْرِ، وَالنَّحْرُ نَحْرُ الْبُدْنِ بِمِنَى " 321 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ " {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: " هُوَ النَّحْرُ " 322 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ " {وَانْحَرْ} قَالَ: " مَنَاحِرُ الْإِبِلِ بِمِنَى " وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ فِي هَذَا: الصَّلَوَاتُ، وَإِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّحْرِ فِيهِ: وَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ 323 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الضَّرِيرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنَّ عَاصِمًا الْجَحْدَرِيَّ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ، فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: " وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى السَّاعِدِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ وَضَعَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ " 324 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ، قَالَ: " وَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ " 325 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ ظُهَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: " وَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَرَأَيْنَا مَا أَمَرَ بِهِ الْقُرْآنُ يَكُونُ عَلَى الْإِيجَابِ مِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ، وَمِثْلُ قَوْلِهِ: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} وَيَكُونُ عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ عَلَى الْخَيْرِ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ الحديث: 321 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 خَيْرًا} ، وَكَقَوْلِهِ: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} وَيَكُونُ عَلَى إِبَاحَةِ مَا قَدْ كَانَ حَظَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ} ، وَكَقَوْلِهِ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} وَكَأن قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي إِمَّا فَرِيضَةً، وَإِمَّا عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ عَلَى الْخَيْرِ، وَإِمَّا عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي لَا يُسَمَّى سُنَّةً، وَلَا اخْتِلَافَ عَلِمْنَاهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ صَلَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ سُنَّةٌ، وَالنَّحْرَ فِيهَا أَيْضًا سُنَّةٌ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 326 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ الْأَيَّامِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يُحَدِّثُ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أَضْحَى إِلَى الْبَقِيعِ، فَبَدَأَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: " أَوَّلُ نُسُكِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَافَقَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ " وَإِذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ سُنَّةً دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فِي الْكِتَابِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا غَيْرُ هَذَا إِذْ كَانَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ فِي الْكِتَابِ لَا يُقَالُ لَهُ سُنَّةً، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا غَيْرُ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ الَّلذَيْنِ ذَكَرْنَا عَلِمْنَاهُ فَانْتَفَى أَحَدُهُمَا وَثَبَتَ الْآخَرُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الَّذِينَ بَيَّنَا قَوْلَهُمْ فِي وَضْعِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى أَيْنَ تُوضَعَانِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُوضَعَانِ عَلَى الصَّدْرِ عَلَى مَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ عَنْ عَلِيٍّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُوضَعَانِ تَحْتَ السُّرَّةِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا 327 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي جحيفَةَ، عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ، قَالَ: " وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ مِنَ السُّنَّةِ " الحديث: 326 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 328 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ السُّرَّةِ فِي الصَّلَاةِ " وَسَقَطَ مِنَ الْحَدِيثِ الْيَدُ الْيُسْرَى وَلَمَّا كَانَ فِي مَوْضِعِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا ذَكَرْنَا، وَوَجَدْنَا التَّكْبِيرَ مِنَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ هُوَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ، وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، فَكَانَ أَوْلَى بِنَا أَنْ نَجْعَلَ الْمُبَاحَ لَنَا بِخِلَافِهِ فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنْ قَالَ: إِذَا كَانَ وَضْعُ إِحْدَى الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ إِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إِلَى النَّحْرِ أَوْلَى أَنْ تُوضَعَ الْيَدَانِ عَلَيْهِ قَالُوا: وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَقْطَعُ الِاخْتِلَافَ فِيهِ، فَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا ٍ 329 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى " فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا حَقِيقَةَ النَّحْرِ لَا تُوضَعُ الْيَدَانِ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَإِنَّمَا تُوضَعُ عَلَى غَيْرِهَا مِمَّا هُوَ دُونَهَما، وَكَانَ ذَلِكَ مَوْضِعًا لَمْ تُوقَفْ حَقِيقَتُهُ، فَوَجَدْنَا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ وَضْعُ إِحْدَى الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: تُوضَعُ تَحْتَ السُّرَّةِ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَا جَمِيعًا: إِنَّ ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِنْبَاطِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ، فَيَكُونُ مَا رَوَى وَائِلٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِمَا، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمَا عَلَى ذَلِكَ، فَصَارَ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُمَا ذَلِكَ مُكَافِئًا لِمَا رَوَيْنَاهُ فِيهِ عَنْ وَائِلٍ، وَلَمَّا كَانَ الَّذِي رَوَاهُ وَائِلٌ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله الحديث: 328 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 عَلَيْهِ وَسلم مَا يُوَافِقُ أَفْعَالَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ فِي صَلَاتِهِمْ، وَالَّذِي رَوَيْنَاهُ، عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، مِمَّا لَا يَكُونُ مَأْخُوذًا عَنْ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَانِ أَوْلَى مِمَّا رَوَى وَائِلٌ، لِأَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتِّبَاعُ شَرِيعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُحْدِثَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ شَرِيعَةً مَا تَنْسَخُ ذَلِكَ، فَصَحَّحْنَا الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا، فَجَعَلْنَا مَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ مِنْ ذَلِكَ مُتَقَدِّمًا، وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ مُتَأَخِّرًا نَاسِخًا لِمَا كَانَ قَبْلَهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ ذَكَرْتُمْ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ السُّنَّةِ هُوَ مَا لَمْ يَنْزِلْ بِهِ كِتَابٌ، وَبَيَّنْتُمْ بِذَلِكَ قَوْلَ عَلِيٍّ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَانْحَرْ} أَنَّهُ وَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ، وَنَفَيْتُمْ أَنْ يَكُونَ هُوَ النَّحْرُ الَّذِي يُفْعَلُ يَوْمَ النَّحْرِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ: " فَقَدْ وَافَقَ سُنَّتَنَا "، ثُمَّ رَوَيْتُمْ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ إِحْدَيهُمَا عَلَى الْأُخْرَى تَحْتَ السُّرَّةِ مِنَ السُّنَّةِ فَإِذَا كَانَ وَضْعُ إِحْدَى الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ مِنَ السُّنَّةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ كَمَا دَلَّتِ السُّنَّةُ فِي النَّحْرِ عِنْدَكُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادَ بَالْآيَةِ؟ قَيلَ لَهُ: أَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُمَا مِمَّا ذَكَرْتَ أَنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِ النَّحْرِ الْمُتَأَوَّلِ، وَلَا عَلَى وَضْعِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تُوضَعُ فِيهِ الْيَدَانِ، وَذَلِكَ لَمْ يَأْتِ بِهِ كِتَابٌ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، فَكَانَ سُنَّةً كَمَا قَالَا، ثُمَّ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضْعِ الْيَمِينِ مِنَ الْيَدَيْنِ عَلَى الْيُسْرَى، وَبِأَخْذِ الْيُسْرَى بِالْيَمِينِ، فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ عِنْدَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَمِنْهُ مَا: 330 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي رَاشِدٍ، عَنِ غَضِيفِ بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: مَا نَسِيتُ مَعَ مَا نَسِيتُ مِنَ الْأَشْيَاءِ، أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَاضِعًا يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ فِي الصَّلَاةِ " 331 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحَبْرَانِيِّ، عَنِ غَضِيفِ بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ السَّكْوَنِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ سَوَاء ً الحديث: 330 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 332 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: قُلْتُ لِزُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ: أَحَدَّثَكُمْ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ أَرَاهُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَضَعُ الْيُمْنَى فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْيُسْرَى قَرِيبًا مِنَ الرُّسْغِ " فَقَالَ: نَعَمْ 333 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " فَيَأْخُذُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ إِلَى قَرِيبٍ مِنَ الرُّسْغِ " وَلَمْ يَشُكَّ فِيهِ 334 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَهْلُ بَيْتِي، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " فَكَانَ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ " 335 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَنْبَأَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حُجْرًا أَبَا الْعِنْبِسِ يُحَدِّثُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ وَائِلٍ، قَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ وَائِلٍ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ " 336 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْغَنَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ " 337 - حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ بْنُ خَلَفٍ الْأَزْدِيُّ، بِطَبَرِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، وَمَوْلَى لَهُمْ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ، عَنْ أَبِيهِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ " وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى " 338 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ، الحديث: 332 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي، فَحَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ " رَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ وَالْتَحَفَ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ " 339 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: " كَادَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ " قَالَ أَبُو حَازِمٍ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَيْمِنُ ذَلِكَ يَعْنِي: يَرْفَعُ فَهَذِهِ الْآثَارُ تَقُولُ: تُؤْخَذُ الْيَدَ الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى قَرِيبًا مِنَ الرُّسْغِ فَتَكُونُ الْيُسْرَى تَلِي الْبَطْنَ، وَالْيُمْنَى فَوْقَهَا أَجِدُهُ بِهَا فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ جَمِيعًا فَأَمَّا مَالِكٌ فَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ، وَإِلَى إِبَاحَتِهِ فِي النَّوَافِلِ عِنْدَ طُولِ الْقِيَامِ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ بِذَلِكَ وَخَالَفَهُ فِيهِ ابْنُ وَهْبٍ فَاسْتَحَبَّهُ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ جَمِيعًا وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِأَصْحَابِهِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَلَوْ كَانَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَيهُمَا عَلَى الْأُخْرَى مِنَ الْخُشُوعِ فِي النَّوَافِلِ كَانَتِ الْفَرَائِضُ أَوْلَى بِالْخُشُوعِ، وَإِنْ كَانَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَيهُمَا عَلَى الْأُخْرَى مَكْرُوهًا فِي الْفَرَائِضِ إِنَّهُ كَذَلِكَ فِي النَّوَافِلِ، وَأَمَّا إِبَاحَةُ ذَلِكَ فِي النَّوَافِلِ عِنْدَ طُولِ الْقِيَامِ، فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَكْرَهُهُ قَبْلَ طُولِ الْقِيَامِ يَعْنِي: مَالِكًا رَحِمَهُ اللهُ وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الَّذِي رَوَاهُ وَفِي سَائِرِ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا عَنْ غَيْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُلْتَمَسِ تَأْوِيلُهُ مِمَّا سِوَاهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمِنَ السُّنَّةِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} فَالْمُرَادُ الحديث: 339 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 بِالضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ السَّفَرُ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ} ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْفَارِ مِنْ هَذَا خَاصٌّ مِنْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَا كَانَتْ مَسَافَتُهُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ 340 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ خَصِيفِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَلَكِنَّهُ إِذَا خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ قَصَرَ الصَّلَاةَ وَهِيَ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّام " 342 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " سَافَرْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ يَوْمَيْنِ فَلَمْ يَقْصُرْ، وَسَافَرْتُ مَعَهُ ثَلَاثًا فَقَصَرَ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي مَسِيرَةِ أَرْبَعِ بُرُدٍ، وَمِقْدَارُ ذَلِكَ مَسِيرَةُ الْيَوْمِ التَّامِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ 343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ " يَقْصُرَانِ الصَّلَاةَ فِي أَرْبَعِ بُرُدٍ " 344 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، " أَنَّ عَبْدَ اللهِ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ الْيَوْمِ التَّامِّ " 345 - الحديث: 340 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، مِثْلَهُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَتَكَافَأَتِ الْأَخْبَارُ فِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ مِمَّا لَا يُوصَلُ إِلَى اسْتِخْرَاجِهِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، وَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ يُوجِبُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ مَنْ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ إِلَى قَرِيبِ الْأَسْفَارِ وَبَعِيدِهَا فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ تَأْوِيلَ الْآيَةِ لَيْسَ عَلَى الْعُمُومِ الَّذِي كَانَ هُوَ أَوْلَى بِظَاهِرِهَا، وَأَنَّهَا عَلَى خَاصٍّ مِنَ الْأَسْفَارِ، خَرَجَتْ بِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْعُمُومِ، وَدَخَلَتْ فِي حُكْمِ الْخُصُوصِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَيْهِ بِمَعْنًى ثَانٍ، فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي السَّفَرِ، وَأَنَّهُ إِذَا دَخَلَ فِي السَّفَرِ الَّذِي مِقْدَارُ مَسَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَصَرَ الصَّلَاةَ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ دَخَلَ فِي الْآيَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي الدَّاخِلِ فِي السَّفَرِ الَّذِي هُوَ دُونَ ذَلِكَ، فَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْخَاصِّ الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، إِذْ لَا إِحَاطَةَ مَعَنَا فِيهِ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهَا، وَرَدَدْنَا حُكْمَهُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْحُكْمِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي السَّفَرِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الدَّاخِلِ فِي السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، إِذَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِي مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا نَوَى إِقَامَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَدَخَلَ بِذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِينَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ 346 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ قَالَا: " إِذَا قَدِمْتَ بَلْدَةً وَأَنْتَ مُسَافِرٌ وَفِي نَفْسِكَ أَنْ تُقِيمَ بِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَأَكْمِلِ الصَّلَاةَ بِهَا، وَإِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي مَتَى تَظْعَنُ فَاقْصُرْهَا " 347 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو يَحْيَى الْأَسْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُجَاهِدٌ، " أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَسَرَّحَ ظَهْرَهُ صَلَّى أَرْبَعًا الْمَكْتُوبَةَ " الحديث: 346 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 348 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُوسَى الصَّغِيرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ " إِذَا أَجْمَعَ عَلَى الْإِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً أَتَمَّ الصَّلَاةَ " 349 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: " إِذَا أَقَامَ الْمُسَافِرُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَمَا دُونَ ذَلِكَ فَلْيَقْصُرْ "، 350 - حَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا نَوَى إِقَامَةَ أَرْبَعِ لَيَالٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ 351 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ أَجْمَعَ إِقَامَةَ أَرْبَعِ لَيَالٍ وَهُوَ مُسَافِرٌ أَتَمَّ الصَّلَاةَ " قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ، وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ عِنْدَنَا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافَ، وَلَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، كَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُتَّبِعُوهُمْ عِنْدَنَا، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُهُ، أَوْلَى فَكَيْفَ وَقَدْ وَجَدْنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، 352 - وَذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانُوا يَرْوُنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْجَرُ الْفُجُورِ، وَكَانُوا يَشْهَدُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا الدَّبَرُ، وَعَفَا الْأَثَرُ، وَانْسَلَخَ صَفَرُ صَلَحَتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ، وَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ " وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً " الحديث: 348 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 353 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ الْبَرَاءُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ وَهُمْ يُهِلُّونَ بِالْحَجِّ " فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ " 354 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَمَّا طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلُوهَا عُمْرَةً " فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ التَّرْوِيَةِ لَبَّوْا بِالْحَجِّ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ قَدِمُوا فَطَافُوا بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ " 355 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِي أُنَاسٍ مَعِي، قَالَ: أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ خَالِصًا لَيْسَ مَعَهُ عُمْرَةٌ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نُحِلَّ، وَقَالَ: " حِلُّوا وَأَصِيبُوا النِّسَاءَ " قَالَ عَطَاءٌ: وَلَمْ يُعَزّمِ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصِيبُوا النِّسَاءَ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ، فَإِنَّمَا يَكُونُ خُرُوجُهُ الْحَجَّ مِنْهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَفِي هَذَا إِقَامَةُ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ 356 - وَقَدْ حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُبَشِّرِ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَجَّ، فَجَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ، فَقَالَ: " كَمْ أَقَمْتُمْ؟ "، قَالُوا: عَشْرًا الحديث: 353 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 357 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَقَصَرَ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَأَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا فَقَصَرَ الصَّلَاةَ حَتَّى رَجَعْنَا " 358 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَلَمْ يَزَلْ " يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا " 359 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ فَقُلْتُ لِأَنَسٍ، أَوْ فَقِيلَ لَهُ: فَكَمْ أَقَامَ؟ قَالَ: عَشْرًا " 360 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النِّيسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ " فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ "، فَقُلْتُ: كَمْ أَقَامَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْرًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ خَرَجَ إِلَى مِنَى، وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِيهِ فَلَمَّا انْتَفَى أَحَدُهُمَا بِمَا رَوَيْنَاهُ فِي خِلَافِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ الْآخَرُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} فَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَتْمِ مِنْهُ عَلَيْهِمْ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، فَجَعَلُوا عَلَى الْمُسَافِرِ فِي صَلَاتِهِ الْقَصْرَ، وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ، فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ الحديث: 357 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 فَأُقِرَّتْ فِي السَّفَرِ وَزِيدَتْ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُمْ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ تَرْكِ الطَّوَافِ بِهِمَا، بَلْ كَانَ عَلَى إِثْبَاتِ الطَّوَافِ بِهِمَا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَقَالُوا: لَمَّا كَانَ مَا زِيدَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ فِيمَا يُقْصَرُ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي قَوْلِ مَنْ أَبَاحَ الْإِتْمَامَ فِيهَا، إِنْ شَاءَ صَلَّاهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرِيضَةٍ، لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَيْسَ عَلَى النَّاسِ الِاخْتِيَارُ بَيْنَ تَرْكِهَا وَبَيْنَ الْإِتْيَانِ بِهَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِمُ الْإِتْيَانُ بِهَا حَتْمًا وَفَرْضًا وَقَالَ قَوْمٌ: قَوْلُهُ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} عَلَى إِبَاحَةِ الْقَصْرِ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَقْصُرَ، لَا عَلَى الْحَتْمِ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ: الشَّافِعِيُّ، وَذَلِكَ أَنَّ نَفْيَ الْجُنَاحِ هَاهُنَا كَمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} وَقَوْلِهِ: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} وَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ لَا عَلَى الْحَتْمِ وَكَانَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى عِنْدَنَا لِمَا قَدْ عَارَضَ بِهِ أَهْلُهُ أَهْلَ هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي، وَبِمَا قَدْ أَثْبَتُوهُ مِنْ صِفَاتِ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَقَالَ قَائِلٌ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْتُمُوهُ عَنْهَا، لِأَنَّ فِيهَا: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} وَلَا تَقْصُرُ إِلَّا مَا كَانَ تَامًّا قَبْلَ الْقَصْرِ قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَذَكَرَ مَا: 361 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الدِّسْتُوَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي الْخَوْفِ أَيَّ يَوْمٍ أُنْزِلَ وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: انْطَلَقْنَا نَتَلَقَّى عِيرَ قُرَيْشٍ أَتَتْهُ مِنَ الشَّامِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِنَخْلٍ، جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: " لَا " قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: " اللهُ عَزَّ وَجَلَّ " الحديث: 361 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 قَالَ: فَسَلَّ السَّيْفَ فَتَهَدَّدَهُ الْقَوْمُ وَأَوْعَدُوهُ، فَنَادَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحِيلِ وَأَخْذِ السِّلَاحِ، ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْقَوْمِ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى يَحْرُسُونَهُمْ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ تَأَخَّرَ الَّذِينَ يَلُونَهُ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، فَقَامُوا فِي مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَالْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، ثُمَّ سَلَّمَ، وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ، فَيَوْمَئِذٍ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ، وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَخْذِ السِّلَاحِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْقَصْرَ فِي الصَّلَاةِ طَرَأَ عَلَى الْإِتْمَامِ فَقِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا بِمُخَالِفٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الصَّلَاةِ كَانَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، ثُمَّ زِيدَ فِيهَا مَحْمَلًا فَاسْتُعْمِلَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَفِي الْحَضَرِ حِينَ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي السَّفَرِ، فَأَقَرَّ صَلَاةَ السَّفَرِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِتْمَامِ، وَجَعَلَ الزِّيَادَةَ الطَّارِئَةَ عَلَى الِاقْتِصَارِ فِي الْحَضَرِ خَاصَّةً دُونَ السَّفَرِ قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِتْمَامَ قَدْ كَانَ عَلَى الْمُسَافِرِ كَمَا كَانَ عَلَى الْمُقِيمِ وَذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ مَا: 362 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ أَوْ غَيْرُ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ، فَقَالَ: " أَلَا تَنْتَظِرُ الْغَدَاءَ يَا أَبَا أُمَيَّةَ؟ " فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: " هَلُمَّ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّائِمِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ " 363 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَطْعَمُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 364 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 362 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 365 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُوَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، مِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا هَذَا فَلَا دِلَالَةَ فِيهِ عَلَى وُجُوبِ الْإِتْمَامِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسَافِرِ، لِأَنَّ الْوَضْعَ قَدْ يَكُونُ لِمَا قَدْ كَانَ لَازِمًا، ثُمَّ وُضِعَ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى مَعْنَى نَفْيِ الْفَرْضِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرَهُ، كَقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عِنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ " 366 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ ظَبْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 367 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَى الصَّبِيِّ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ شَيْءٌ رُفِعَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ فِي حَالِ جُنُونِهِ، فَقَوْلُهُ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ " كَقَوْلِهِ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ رَفَعَ عَنِ الصَّبِيِّ " وَلَمَّا نَظَرْنَا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ وَجَدْنَا الْقَصْرَ فِي الصَّلَاةِ مَقْصُودٌ أَنَّهُ إِلَى حَالِ الْخَوْفِ فِي السَّفَرِ، لِأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وَكَانَ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي حَالِ الْخَوْفِ، ثُمَّ وَجَدْنَا السُّنَّةَ قَدْ رَدَّتْ حُكْمَ حَالِ الْأَمْنِ فِي ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ حَالِ الْخَوْفِ 368 - وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَاهٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنَّمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ} فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، فَقَالَ: إِنِّي عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ " 369 - وَإِنَّ زَيْدَ بْنَ سِنَانَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَاهٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، فَقَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا سَأَلْتَنِي، فَقَالَ: " هِيَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهَا " 370 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَاهٍ، عَنْ يَعْلَى، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ الحديث: 365 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 بْنِ الْخَطَّابِ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهَا " فَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ لَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ لِلْمُسَافِرِ الْآمِنِ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ كَالْمُسَافِرِ الْخَائِفِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ قَصَرَ الصَّلَاةَ بِالنَّاسِ عَلَى مَا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ فِي حَجَّتِهِ بِمَكَّةَ عَشْرًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَقَدْ كَانَ فِيهَا آمِنًا لَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ 371 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَحَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنَى رَكْعَتَيْنِ وَنَحْنُ أَكْثَرُ مَا كُنَّا آمَنُهُ " الحديث: 371 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِعَقِبِ ذِكْرِ الْخَوْفِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَا نَعْلَمُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلَ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ إِذَا كَانُوا فِي خَوْفٍ وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ سُورَة النِّسَاء آيَة دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ وَاضِحٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا 372 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُبَيْصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِعَسْفَانَ وَالْمُشْرِكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فِيهِمْ أَوْ عَلَيْهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ كَانُوا فِي صَلَاةٍ لَوْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ لَكَانَتِ الْغَنِيمَةُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهَا سَتَجِيءُ صَلَاةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَآبَائِهِمْ، قَالَ: وَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْآيَاتِ فِيمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ، وَصَفَّ النَّاسَ صَفَّيْنِ، وَكَبَّرُوا مَعَهُ جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلُونَهُ، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ يَحْرُسُونَهُمْ بِسِلَاحِهِمْ، ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا، ثُمَّ سَجَدَ الصَّفُّ الْآخَرُ، ثُمَّ رَفَعُوا وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ، وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ، وَكَبَّرُ وَكَبَّرُوا مَعَهُ جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلُونَهُ، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ يَحْرُسُونَهُمْ بِسِلَاحِهِمْ، ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَصَلَّاهَا مَرَّةً أُخْرَى فِي أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ صَلَّاهَا كَذَلِكَ، الحديث: 372 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 وَظَاهِرُ الْآيَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ، لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِيهَا: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دُخُولَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مَعَهُ بَعْدَ دُخُولِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ مَعَهُ وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَا أَنَّ دُخُولَ الطَّائِفَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مَعَهُ كَانَ مَعًا وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آثَارٌ أُخْرَى فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ هِيَ أَوْلَى بِظَاهِرِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا 373 - أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَيْثَمٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ دُخُولُ الطَّائِفَتَيْنِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَيهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ، وَفِيهَا صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ إِيَّاهَا، فَكَانَتِ الْآثَارُ الْأُوَلُ أَوْلَى مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ عِنْدَنَا، لِأَنَّ فِيهَا فِعْلَ الطَّائِفَتَيْنِ جَمِيعًا كَانَ بَعْدَ فَرَاغِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ شَهِدَ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ، وَأَنَّهُ صَلَّاهَا بِهِمْ عَلَى غَيْرِ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ وَذَلِكَ 374 - أَنَّ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، " فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَتَأَخَّرُوا، وَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى "، وَكَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَان الحديث: 373 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 فَقَدْ عَارَضَ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْنَا عَنْ جَابِرٍ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، وَوَجَدْنَا حُكْمَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَنَّ الْمَأْمُومُونَ لَا يَتَقَدَّمُونَ الْإِمَامَ فِيهَا نَقْصًا وَلَا غَيْرَهُ، وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَقْضُونَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ قَضَاؤُهُ مِنْهَا بَعْدَ خُرُوجِ أَئِمَّتِهِمْ مِنْهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: حَدِيثُ صَالِحٍ هَذَا أَوْلَى بِصَلَاةِ الْخَوْفِ مِنَ الْآثَارِ الْأُوَلِ، لِأَنَّ فِي هَذَا قَضَاءَ كُلِّ طَائِفَةٍ بَقِيَّةَ صَلَاتِهَا قَبْلَ انْصِرَافِهَا عَنِ الْقِبْلَةِ، وَفِي الْآثَارِ الَّتِي قَبْلَهَا انْصِرَافُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ، وَتَحْوِيلُ وُجُوهِهِمْ عَنِ الْقِبْلَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا فَلَيْسَ لِلْمَأْمُومِينَ فِعْلُهُ، قِيلَ لَهُ: إِنَّمَا يُمْنَعُ الْمَأْمُومُونَ مِنْ هَذَا فِي الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَإِنَّ تَحْوِيلَهُمْ وُجُوهَهُمْ عَنِ الْقِبْلَةِ لِذَلِكَ الْعُذْرِ غَيْرُ ضَارٍّ لَهُمْ وَغَيْرُ مُخْرِجٍ لَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوِ انْهَزَمَ عَنِ الْعَدُوِّ، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ رَجُلٌ الصَّلَاةَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ رَجُلٌ الصَّلاةَ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْعَدُوِّ عَلَى رَأْسِهِ بِسَيْفٍ يَمْنَعُهُ مِنَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنَ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ وَالصَّلَاةِ كَذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ لِلْخَوْفِ الَّذِي ذَكَرْنَا مُبَاحًا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ كَانَ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لِلْخَوْفِ الَّذِي يَخَافُونَهُ فِيهَا مُبَاحًا لَهُمْ مِنْ أَجْلِهِ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُخُولِ الطَّائِفَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا قَضَاءَ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ شَيْئًا غَيْرَ مَا صَلَّتْهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَنَّ: 375 - أَبَا أُمَيَّهَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ الْغِمْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ هَذَا مِنْ وَلَدِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ يُحَدِّثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَأْمُرُهُ أَنْ يَسْأَلَ فُقَهَاءً مِنْ قِبَلِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ، فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى فُقَهَائِهِمْ فَسَأَلَهُمْ، فَجَاءَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ، فَقَالَ: دَعْ مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَقَامُوا مَعَهُ، فَصَلَّوْا رَكْعَةً، ثُمَّ إِنَّهُمْ رَكَضُوا، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّوْا مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى، ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ وَلِلنَّاسِ رَكْعَةٌ رَكْعَةٌ " 376 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُبَيْصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الحديث: 375 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ " صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِذِي قَرَدٍ وَالْمُشْرِكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ "، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 377 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الرَّكِينِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ وَدِيعَةَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ، فَقَالَ: ائْتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَسَلْهُ، فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ فَصُفَّ صَفٌّ خَلْفَهُ، وَصَفٌّ مَوَازِي الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ، وَجَاءَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ " 378 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّكِينُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ وَدِيعَةَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَزَادَ: " فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ وَلَهُمْ رَكْعَةٌ رَكْعَةٌ 379 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، وَأَبُو أُمَيَّةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هَلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ الْحَنْظَلِيِّ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، بِطَبَرِسْتَانَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ شَهِدَ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَامَ حُذَيْفَةُ، فَقَالَ: أَنَا، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ زَيْدٍ سَوَاءً غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ وَلَهُمْ رَكْعَةٌ " 380 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 381 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنِ الْأَشْعَثِ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 382 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَمَاثٍ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَسَأَلَ النَّاسَ أَيُّكُمْ شَهِدَ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَزَادَ: " فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ وَلَهُمْ رَكْعَةٌ" الحديث: 377 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 383 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَلِي الْعَدُوَّ، ثُمَّ ذَكَرَ مَثْلَ ذَلِكَ سَوَاءً فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ دُخُولُ الطَّائِفَتَيْنِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى عَلَى مَا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا الْقَضَاءُ، فَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ قَضَوْا رَكْعَةً عَلَى مَا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ، وَلَيْسَ تَرْكُهُمْ ذِكْرَ الْقَضَاءِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَقْضُوا إِذَ كَانَ يَحْتَمِلُ قَوْلَهُ: " وَلِلْقَوْمِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةٌ رَكْعَةٌ " وَفِي هَذَا الْبَابِ آثَارٌ أُخَرُ تَرَكْنَا ذِكْرَهَا، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تَعَلَّقَ بِهَا وَلَا ذَهَبَ إِلَيْهَا، وَالْآيَةُ الَّتِي تَلَوْنَاهَا تَدْفَعُهَا فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ، وَمُحَمَّدٌ، فَكَانُوا يَذْهَبُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِلَى مِثْلِ مَا رَوَيْنَاهُ فِيهَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَوَاءٌ عَنْدَهُمْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ فِيمَا سِوَاهَا، غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الْإِمَامَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ انْصَرَفَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَ حَتَّى تَقُومَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَيَقْضُونَ الحديث: 383 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 الرَّكْعَةَ الْأُولَى وُحْدَانًا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ، ثُمَّ تَنْصَرِفُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَتَقُومُ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وُحْدَانًا بِقِرَاءَةٍ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَنَا فَهَذَا مَعْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْصُوصٍ فِيهِ تَقْدِيمُ قَضَاءِ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَبْلَ الْأُخْرَى، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ مُحْتَاجَةٌ إِلَى الْحِرَاسَةِ مِنْ صَاحِبَتِهَا فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي تَقْضِيهَا كَصَاحِبَتِهَا إِلَيْهَا فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي صَلَّتْهَا مَعَ الْإِمَامِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ مَا يُوَافِقُ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِيهِ 384 - وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ حَدَّثَنَا خَصِيفٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي حَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ، قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَكَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ، " فَصُفَّ مَعَهُ صَفٌّ وَاحِدٌ صَفُّ السِّلَاحِ، وَاسْتَقْبَلُوا الْعَدُوَّ وَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّفُّ الَّذِي مَعَهُ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكَعَ الصَّفُّ الَّذِي مَعَهُ، ثُمَّ تَحَوَّلَ الصَّفُّ الَّذِينَ صُفُّوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذُوا السِّلَاحَ وَتَحَوَّلَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَهَبَ الَّذِينَ صَلَّوْا مَعَهُ، وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَقَضَوْا رَكْعَةً، فَلَمَّا فَرَغُوا أَخَذُوا السِّلَاحَ، وَتَحَوَّلَ الْآخَرُونَ وَصَلَّوْا، فَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ وَلِلْقَوْمِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةٌ رَكْعَةٌ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ انْصِرَافُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ قَضَائِهَا الرَّكْعَةَ الْأُولَى، وَمَجِيءُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَقَضَاؤُهَا الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ قَضَاءِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الرَّكْعَةَ الَّتِي عَلَيْهَا وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَكَانَ يَذْهَبُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَمُحَمَّدٍ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُمْ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا رَوَيْنَاهُ فِي حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمَ بِهِمْ، ثُمَّ يُصَلِّيَ بِطَائِفَةٍ أُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمَ بِهِمْ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا: الحديث: 384 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 385 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الْأَشْعَثِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفُوا، وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا وَكُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ " وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهَا بِالنَّاسِ كَذَلِك وَكَمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهَا بِالنَّاسِ يَوْمَ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى مَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ، لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ حِينَئِذٍ تُصَلَّى مَرَّتَيْنِ عَلَى مَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، حَتَّى " نَهَى عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، فَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا: 386 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلَالٍ الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَيْمَنَ الْمُعَافِرِيِّ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْعَوَالِي يُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ وَيُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَيدُوا الصَّلَاةَ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ " قَالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: صَدَقَ 387 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سُلَمْيَانَ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ عُمَرَ جَالِسًا وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ: أَلَا تُصَلِّي مَعَ النَّاسِ؟ فَقَالَ: قَدْ صَلَّيْتُ فِي رَحْلِي، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى أَنْ نُصَلِّيَ فَرِيضَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ " وَفِيمَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى أَنْ نُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَأَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَينَئِذٍ مُسَافِرًا، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلَّى صَلَاةَ خَوْفٍ قَطُّ إِلَّا فِي سَفَرٍ، فَفِي صَلَاتِهِ بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِبَاحَةٌ، لِأَنْ نُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ مَرَّتَيْنِ، وَفِي نَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ مَا قَطَعَ مَا كَانَ أَبَاحَهُ مِنْهُ الحديث: 385 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا حُجَّتُكُمْ فِي أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةُ كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وَقَدْ كَانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي قِتَالٍ وَهُوَ فِي الْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ سَفَرٍ؟، قِيلَ لَهُ: لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ لَمْ يُصَلِّ ظُهْرًا وَلَا عَصْرًا، وَلَا مَغْرِبًا، وَلَا عِشَاءً حَتَّى مَضَى هوى مِنَ اللَّيْلِ لِمَا شَغَلَهُ مِنَ الْقِتَالِ، وَلِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ أَنْزَلَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: {فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ آخَرُ إِلَى أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ كَانَتْ لَهُ تَطَوُّعًا، وَكَانَتْ لِلْمَأْمُومِينَ فَرِيضَةً، لِأَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ تُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ خَلْفَ إِمَامٍ يُصَلِّي تَطَوُّعًا، وَيَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي صَلَاتِهِ لِقَوْمِهِ الْعِشَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ إِيَّاهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، 388 - وَهُوَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ مُعَاذًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ " يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَهِيَ لَهُمْ فَرِيضَةٌ، وَلَيْسَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَلَا مِنْ لَفْظِ جَابِرٍ، وَلَا عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَدْ رَوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرٍو، وَأَبِي الزُّبَيْرِ بِأَلْفَاظٍ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَاظِ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْحَرْفَ، 389 - وَذَلِكَ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى الْمُزَنِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ، أَوْ قَالَ: الْعَتَمَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَأَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ، أَوْ قَالَ: الْعَتَمَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى مُعَاذٌ مَعَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَمَّ قَوْمَهُ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَتَنَحَّى رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ فَصَلَّى وَحْدَهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَنَافَقْتَ؟ قَالَ: لَا، وَلَآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُخْبِرُهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ أَخَّرْتَ الْعِشَاءَ، وَإِنَّ مُعَاذًا يُصَلِّي مَعَكَ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَمَّنَا، فَافْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ تَأَخَّرْتُ فَصَلَّيْتُ، وَإِنَّمَا نَحْنُ أَصْحَابُ نَوَاضِحَ، نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذٍ، فَقَالَ: " أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ أَفَتَّانٌ الحديث: 388 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ اقْرَأْ سُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا " 390 - حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَزَادَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: " اقْرَأْ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ، وَنَحْوِهَا "، قَالَ سُفْيَانُ: قُلْتُ لِعَمْرٍو: إِنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: قَالَ لَهُ: " اقْرَأْ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ "، فَقَالَ عَمْرٌو: هُوَ هَذَا أَوْ نَحْوَ هَذَا 391 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ عَمْرٍو، وَمِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِمَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِي حَدِيثَيِ الْمُزَنِيِّ، وَتَابَعَ سُفْيَانَ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ الْحَرْفِ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ 392 - فَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ يَعْنِي ابْنَ زَاذَانَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ مُعَاذًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ " يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ "، وَتَابَعَ سُفْيَانَ عَلَى ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَنْ عَمْرٍو 393 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ مُعَاذًا كَانَ " يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ " فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَا أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي لِقَوْمِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَلِكَ يَنْفِي مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِقَوْمِهِ الحديث: 390 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 تَطَوُّعًا لَكَانَ مَا يُصَلِّي بِهِمْ غَيْرَ مَا كَانَ صَلاتُهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي قَوْلِهِ: " إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِقَوْمِهِ مَا صَلَّاهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ "، دَلِيلٌ أَنَّهُ فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّا كَانَ يُفْعَلُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامَ مِنْ إِعَادَةِ الْفَرِيضَةِ مَرَّتَيْنِ، حَتَّى قَطَعَ ذَلِكَ نَهْيُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ 394 - َحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، يُقَالُ لَهُ: سُلَيْمٌ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مُعَاذًا يَأْتِينَا بَعْدَ مَا نَنَامُ، وَنَكُونُ فِي أَعْمَالِنَا بِالنَّهَارِ، فَيُنَادِي بِالصَّلَاةِ فَنَخْرُجُ إِلَيْهِ، فَيُطَوِّلُ عَلَيْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا مُعَاذُ، لَا تَكُنْ فَتَّانًا، إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي، وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَلَى قَوْمِكَ " فَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ لِمُعَاذٍ، لَمَّا عَلِمَ مَا كَانَ يَفْعَلُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُبِحْ لَهُ جَمْعَهُمَا جَمِيعًا، لِأَنَّهُ لَوْ أَبَاحَ لَهُ جَمْعَهُمَا، لَقَالَ لَهُ: صَلِّ مَعِي وَخَفِّفْ بِقَوْمِكَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ قَوْمَ مُعَاذٍ الَّذِينَ صَلَّوْا خَلْفَهُ بِإِعَادَةِ مَا صَلَّوْا خَلْفَهُ كَذَلِكَ، قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ يَأْمُرُهُمْ بِإِعَادَةِ صَلَاةٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ مُبَاحَةً أَنْ يُصَلُّوهَا كَمَا صَلَّوْهَا خَلْفَ مُعَاذٍ، لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَخَالِدِ بْنِ أَيْمَنَ، أَنَّ أَهْلَ الْعَوَالِي، وَهُمْ قَوْمُ مُعَاذٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْفَرِيضَةَ مَرَّتَيْنِ حَتَّى نَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانُوا عَلَى صَلَاةٍ قَدْ كَانَتْ مُبَاحَةً لَهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّهْيُ عَنْهَا حَتَّى صَلَّوْهَا عَلَى الْفَرْضِ الْأَوَّلِ كَانَتْ مُجْزِئَةً عَنْهُمْ، وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِمْ إِعَادَتُهَا وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ مَرَّةً: لَا تُصَلَّى صَلَاةُ خَوْفٍ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَكَى ذَلِكَ عَنْهُ مُحَمَّدٌ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ، وَخَالَفَهُ فِيهِ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} الْآيَةَ، فَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَهُ عَلَى صَلَاتِهِمْ وُحْدَانًا، وَعَلَى صَلَاتِهِمْ مَعَ غَيْرِهِ الحديث: 394 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ لِلْآخَرِينَ فِيمَا احْتُجَّ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} ، كَقَوْلِهِ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى صَدَقَةٍ تَنْقَطِعُ بِوَفَاتِهِ يَأْخُذُهَا وُلَاةُ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ كَمَا كَانَ هُوَ يَأْخُذُهَا فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَائِلٌ: لَا يُشْبِهُ هَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} لِأَنَّ قَوْلَهُ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} قَدْ جَعَلَ إِلَيْهِ أَخْذَ الصَّدَقَةِ، فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُهَا بِنَفْسِهِ، وَيَأْخُذُهَا بِأَمْرِهِ مِنْ يُوَلِّيهِ أَخْذَهَا إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ، وَأَخْذُ غَيْرِهِ إِيَّاهُ لَهُ بِأَمْرِهِ سَوَاءٌ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ أَخْذٌ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} فَإِنَّ كَوْنَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فِيهِمْ لَيْسَ كَوْنَهُ، فَالْأَخْذُ يَكُونُ مِنَ الْآخِذِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ، وَيَكُونُ فِيهِمَا جَمِيعًا أَخْذًا، وَالْكَوْنُ لَا يَكُونُ مِنَ الْكَائِنِ فِيهِمْ، إِلَّا بِكَوْنِهِ بِنَفْسِهِ لَا بِكَيْنُونَةِ غَيْرِهِ فِيهِمْ ، لِأَنَّهُ فِي تَكْوِينِهِ غَيْرَهُ فِيهِمْ مُكَوِّنٌ لِغَيْرِهِ غَيْرُ كَائِنٍ بِنَفْسِهِ قِيلَ لَهُ: أَمَّا الْكَوْنُ الَّذِي لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَوْنِهِ بِيَدَيْهِ فَهُوَ كَمَا ذَكَرْتَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَلِّفَ فِيهِ، وَأَمَّا الْكَوْنُ الَّذِي بِهِ تُقِيمُ الْفَرَائِضَ فَإِنَّ خَلِيفَتَهُ فِي أُمَّتِهِ هُوَ خَلِيفَتُهُ فِي إِقَامَةِ الْفَرَائِضِ الَّتِي كَانَ يُقِيمُهَا، وَلَيْسَ الْقَصْدُ بِالْخِطَابِ إِلَى كَوْنِهِ فِي النَّاسِ بِمُسْقِطٍ لِلْفَرَائِضِ عَنْهُمْ بِخُرُوجِهِ مِنْهُمْ، وَلَا مَعَهُ لِحُكْمِهَا بَعْدَهُ كَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَأَيْنَا أَشْيَاءً جَرَتْ عَلَى خِطَابِ خَاصَّةٍ مِنَ النَّاسِ، فَلَمْ يَكُنِ الْمُرَادُ فِيهَا مَنْ خُوطِبَ بِهَا خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَهَابُ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا مُسْقِطًا لِفَرْضِهَا عَمَّنْ حَدَثَ بَعْدَهُمْ، وَلَا مُزِيل لِأَحْكَامِهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا} الْآيَةُ، فَلَمْ يَكُنِ الْقَصْدُ بِالْخِطَابِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَى مَنْ خَلَّفَهُ مِنْ بَعْدِهِ كَمَا كَانَ إِلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ إِلَى خُلَفَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ كَمَا كَانَ إِلَيْهِ قَبْلَهُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، وَلَمْ يَقُلْ: فَمَنْ شَهِدَ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} يُخْبِرُ بِتَقَدُّمِ إِيمَانِهِمْ نُزُولَ الْآيَةِ، وَقَوْلَهُ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا عَنَى الْمُخَاطَبِينَ، وَلَمْ يَكُنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 ذَلِكَ الْخِطَابُ عَلَى الْمَعْدُومِينَ، وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَلْحَقِ الْفَرَائِضَ مِمَّنْ كَانَ صَبِيًّا فِي وَقْتِ نُزُولِ الْآيَةِ، وَقَدْ لَحِقَ ذَلِكَ كُلُّ مَنْ عَادَ حُكْمُهُ إِلَى حُكْمِ أَهْلِ الْفَرْضِ الْأَوَّلِ مِمَّنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ، وَصَارَ اللَّاحِقُونَ بِهِمْ وَالْكَائِنُونَ بَعْدَهُمْ مُخَاطَبِينَ بِهَا، مُرَادِينَ بِفَرْضِهَا كَمَا كَانَ مَنْ كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي وَقْتِ نُزُولِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الْآيَةُ، وَقَوْلُهُ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} الْآيَةُ، وَقَوْلُهُ: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} وَأَشْبَاهُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ فَلَمَّا كَانَ الْحَادِثُونَ مِمَّنْ فِيهِمُ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ وَجَبَ الْفَرْضُ عَلَى الْأَوَّلِينَ، يَكُونُونَ فِي الْفَرْضِ عَلَيْهِمْ، وَفِي لُزُومِهِ إِيَّاهُمْ كَالْأَوَّلِينَ، كَانَ كَذَلِكَ الْحَادِثُونَ مِنْ وُلَاةِ الْأَمْرِ فِي إِقَامَةِ الْفَرَائِضِ، وَالْكَوْنِ فِيمَنْ يُقِيمُونَهَا فِيهِمْ فِي حُكْمِ الَّذِينَ خَلَفُوهُ فِيهِمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مِنَ الْفَضْلِ مَا لَيْسَ لِلصَّلَاةِ مَعَ غَيْرِهِ فَوَجَبَ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَهُ إِبَاحَةُ الِانْصِرَافِ مِنْهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الِانْصِرَافِ فِي غَيْرِهَا، وَالصَّلَاةِ مَعَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِيهِمْ كَمَا تَفْضُلُ الصَّلَاةُ مَعَهُ الصَّلَاةَ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ قِيلَ: الْأَمْرُ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا ذَكَرْتَ، وَلَكِنَّا لَمْ نَرَ ذَلِكَ الْفَضْلَ أَسْقَطَ فَرْضًا عَنِ الْمَأْمُومِينَ، وَلَا أَبَاحَ مَحْظُورًا كَانَ عَلَيْهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَتَطَهَّرُونَ لَهَا كَمَا يَتَطَهَّرُونَ لِلصَّلَاةِ مَعَ غَيْرِهِ، وَيَأْتُونَ بِقِيَامِهَا، وَرُكُوعِهَا، وَسُجُودِهَا، وَسَائِرِ مَا يَأْتُونَ بِهِ فِيهَا مَعَهُ كَمَا كَانُوا يَأْتُونَ بِهِ لَوْ صَلَّوْهَا مَعَ غَيْرِهِ، فَلَمَّا كَانَ فَضْلُ الصَّلَاةِ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ مُغَيِّرٍ لِحُكْمِ الصَّلَاةِ فِي نَفْسِهَا، وَلَا لِحُكْمِ الْفَرْضِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ فِيهَا ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا أُبِيحَ لَهُمْ مِنَ الِانْصِرَافِ لَمْ يَكُنْ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّ نَفْسَ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ كَانَتْ وَحُجَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ شَهِدُوا نُزُولَ الْآيَةِ، وَحَضَرُوا اسْتِعْمَالَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا قَدْ جَعَلُوهَا مِنْ بَعْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حُكْمِهَا الَّذِي كَانَ فِي وَقْتِهِ، مِنْهُمُ: ابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَقَدْ سُئِلُوا عَنْهَا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْا بِهَا وَأَخْبَرُوا كَيْفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 صَلَّوْهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَمْنَعُوا مَنْ حَدَّثُوهُ بِهَا عَنِ امْتِثَالِ ذَلِكَ، وَلَا أَعْلَمُوهُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ سَقَطَ بِمَوْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ كَانَ فَرْضُهَا خَاصًّا إِذًا لَأَعْلَمُوا ذَلِكَ مَنْ سَأَلَهُمْ عَنْهَا كَمَا أَعْلَمَ أَبُو ذَرٍّ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ فَسْخِ الْحَجِّ، فَقَالَ: كَانَ لَنَا وَلَيْسَ لَكُمْ، وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى فَفِي تَرْكِهِمْ تِبْيَانَ مَا ذَكَرْنَا لِسَائِلِهِمْ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، فِي قَوْلِهِ الَّذِي تَابَعَهُمَا عَلَيْهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثَمَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَصِفَهِ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَشُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ذِكْرَ كَيْفِيَّتِهَا، فَذَلِكَ أَيْضًا دَلِيلٌ أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ مَنْ ذَكَرْنَا مِمَّنْ يَقُولُ: إِنَّ لِلنَّاسِ اسْتِعْمَالَهَا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} فَلَمْ نَحْتَجْ إِلَى ذِكْرِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَيُّ الصَّلَوَاتِ هِيَ؟ إِذْ لَا حُكْمَ فِي ذَلِكَ يُحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِهِ مَعَ أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ، وَذَكَرْنَا الرِّوَايَاتِ فِيهِ فِي كِتَابِ شَرْحِ مَعَانِي الْآثَارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَهُوَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى عِلْمِ الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ؟ وَذَلِكَ أَنَّ الْقُنُوتَ قَدْ جَرَى فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةٍ، فَمِنْهَا قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا} فَذَلِكَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: " وَمَنْ يُطِعْ مِنْكُنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ "، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي كِتَابِهِ: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} عَلَى ظَاهِرِ مَعْنَاهُ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 لِأَنَّهُ مَعَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اللَّذَينِ يَكُونَانِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ " 395 - حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 396 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 397 - حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَوْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبَشِيٍّ الْحَنَفِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا احْتَمَلَ الْقُنُوتُ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ نَجِدْ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَدُلُّنَا عَلَى الْمُرَادِ بِهِ، طَلَبْنَاهُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 398 - فَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَحَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، ثُمَّ اجْتَمَعَا، فَقَالَا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُنُوتِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا النَّهْيُ عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ لِحَوَائِجِهِمْ وَلِمَا هُوَ بِهِمْ، مَنْ أُمُورِهِمْ 399 - كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ وَنَأْمُرُ بِالْحَاجَةِ، وَنَقُولُ: السَّلَامُ عَلَى اللهِ، وَعَلَى جِبْرِيلَ، وَعَلَى مِيكَائِيلَ، وَكُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ نَعْلَمُ اسْمَهُ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، " الحديث: 395 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَبَشَةِ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ، فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدَثَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ " 400 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ أَتَيْتُهُ لِأُسَلِّمَ عَلَيْهِ فَوَجَدتُهُ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، قَالَ: فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ، فَجَلَسْتُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ، قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَنَّهُ قَضَى أَلَّا تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ " فَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: " وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَنَّهُ قَضَى أَلَّا تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ دَلِيلٌ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، إنَّ الَّذِي أَحْدَثَ مِنْ ذَلِكَ هُوَ ممَا أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ الَّذِي رَوَيْنَا، لِأَنَّ زَيْدًا قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ نُزُولُ تِلْكَ الْآيَةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَّا ثَبَتَ نَسْخُ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُبَاحًا فِيهَا، ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ نَتَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ بِذَلِكَ الْكَلَامِ الْمَنْسُوخِ مِنْهَا، وَأَنَّ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ فِيهَا قَاطِعًا لَهَا وَخَارِجًا مِنْهَا، وَأَنْ يَسْتَوِيَ فِي ذَلِكَ الْعَمْدُ وَالسَّهْوُ جَمِيعًا كَمَا يَسْتَوِيَانِ فِيمَنْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي أُمِرْنَا بِالصَّلَاةِ فِيهِ مُتَعَمِّدًا أَوْ سَاهِيًا، وَكَمَا يَسْتَوِيَانِ فِيمَنْ صَلَّاهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ سَاهِيًا وَكَمَا يَسْتَوِيَانِ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا مِنَ الْأَحْدَاثِ الَّتِي تَقْطَعُهَا مُتَعَمِّدًا أَوْ سَاهِيًا هَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُونَ فِي الْكَلَامِ وَفِي الصَّلَاةِ الْمَنْسُوخِ مِنْهَا إِنَّهُ يَقْطَعُهَا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ إِذَا كَانَ سَاهِيًا كَمَا يَقْطَعُهَا مِنْهُ لَوْ كَانَ مُتَعَمِّدًا، غَيْرَ السَّلَامِ مِنْهَا عَلَى السَّهْوِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَوْ كَانَ السَّلَامُ فِيهِ عَلَى الْعَمْدِ قَطَعَ الصَّلَاةَ مِثْلَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنَ اثْنَيْنِ سَاهِيًا، فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ قَاطِعٍ لَهَا، وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفُونَ، فَقَالُوا: يَقْطَعُهَا السَّلَامُ عَلَى السَّهْوِ كَمَا يَقْطَعُهَا لَوْ كَانَ عَلَى الْعَمْدِ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا لِلْمَعَانِي الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا فِي اسْتِوَاءِ حُكْمِ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ جَمِيعًا فِيهَا الحديث: 400 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وَقَدْ ذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى السَّهْوِ رُبَّمَا يَقْطَعُهَا لَوْ كَانَ عَلَى الْعَمْدِ غَيْرَ قَاطِعٍ لَهَا وَيَذْهَبُونَ إِلَى التَّفْرِقَةِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ، وَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ: " إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ "، وَلَمْ يَسْتَثْنِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ سَهْوًا كَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا: 401 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةٍ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَحَدَّقَنِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمَّيَاهُ مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟، قَالَ: فَضَرَبَ الْقَوْمُ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسْكِتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ دَعَانِي، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، وَاللهِ مَا ضَرَبَنِي، وَلَا كَهَرَنِي، وَلَا سَبَّنِي، وَلَكِنْ قَالَ لِي: " إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ " أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ ذَلِكَ سَهْوًا، وَأَخْبَرَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ الْكَلَامِ الَّذِي لَيْسَ مِنْهَا وَذَهَبَ ذَاهِبُونَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا لِلنَّائِبَةِ مِثْلِهَا فِيهَا مِثْلُ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنَ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا فَتَكَلَّمَ لِذَلِكَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ جَائِزٌ مُبَاحٌ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي النَّهْيِ، وَقَدْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 402 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللهِ، إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ وَالتَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ " الحديث: 401 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 404 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ " 404 - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَمَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْكَلَامِ لِلنَّاسِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِمَا لَوْ تُكُلِّمَ بِهِ فِيهَا، وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ النَّائِبَةُ لَمْ يَقْطَعْهَا، وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِبَاحَةِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ لِلنَّائِبَةِ الَّتِي تَنُوبُ فِيهَا: 405 - أَنَّ نَصْرَ بْنَ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتِي الْعَشِيِّ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ، قَالَ: وَأَكْبَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الظُّهْرَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهَا إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ، قَالَ: وَخَرَجَ سُرْعَانُ النَّاسِ، فَقَالُوا: قَصُرَتِ الصَّلَاةُ، وَفِي النَّاسِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَهَابَاهُ أَنْ يُكَلِّمَاهُ، فَقَامَ رَجُلٌ طَوِيلُ الْيَدَيْنِ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّيهِ ذَا الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَسِيتَ أَمْ قُصِرَتِ الصَّلَاةُ؟، فَقَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ: بَلْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللهِ فَأَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: صَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَجَاءَ فَصَلَّى بِنَا الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ " قَالُوا: فَلَمَّا كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ أَخْبَرَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ هَذِهِ الصَّلَاةَ وَكَانَ مِنْهُ فِيهَا وَمِنْ كَلَامِهِمْ إِيَّاهُ فِيهَا، وَمِنْ الحديث: 404 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 رَدِّهِ عَلَيْهِمْ وَرَدِّهِمْ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهَا وَمَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْبِنَاءِ عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا، وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَإِنَّمَا كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا: 406 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا، فَقَالَ: " صَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ سِنِينَ " 407 - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّهَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَيْثَمُ بْنُ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ " قَدِمَ الْمَدِينَةَ هُوَ وَنَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ، قَالَ: قَدِمْنَا وَقَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ وَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ، يُقَالُ لَهُ: سِنْبَاغُ بْنُ عُرْفُطَةَ، فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْغَدَاةِ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى: كهيعص، وَفِي الثَّانِيَةِ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَقُولُ وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ، وَيْلٌ لِأَبِي فُلَانٍ كَانَ لَهُ مِكْيَالَانِ إِذَا اكْتَالَ بِالْوَافِي، وَإِذَا كَالَ كَالَ بِالنَّاقِصِ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ صَلَاتِنَا أَتَيْنَا سِنْبَاغًا فَزَوَّدَنَا شَيْئًا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَكَلَّمَ النَّاسَ فَأَشْرَكُونَا فِي سِهَامِهِمْ، قَالَ: وَنُسِخَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ فَبِمَكَّةَ لِابْنِ مَسْعُودٍ لَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَكَانَ قُدُومُهُ عَلَيْهِ مِنْهَا بِمَكَّةَ، سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ لَهُ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ، وَإِنَّ ممَا أَحْدَثَ أَنَّهُ قَضَى أَلَّا تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ " دَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَا كَانَ مِنَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَدَلِيلٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ لِمَا سِوَى ذَلِكَ فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ لِلْآخَرِينَ أَنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ لَوْ كَانَ بَعْدَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، لَكَانَ نَاسِخًا لَهُ وَلَثَبَتَ بِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ النَّاسُ بِجَمِيعِ حَوَائِجِهِمْ فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّنْ كَلَّمَهُ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ لَمْ يُوقِفْنَا الحديث: 406 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْكَلَامَ لِتِلْكَ الْحَادِثَةِ خَاصَّةً، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ فِيهَا ثَانٍ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهَا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فُرْقَانٌ إِذًا لَأَوْضَحُوهُ لِلنَّاسِ وَلَعَلَّمُوهُمْ إِيَّاهُ، بَلْ قَدْ عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثَيْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا، التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقَ لِلنِّسَاءِ، عِنْدَ النَّوَائِبِ الَّتِي تَنُوبُهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ، وَلَمْ يَتَجَاوَزْهُمْ بِذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ وَلَمَّا كَانَ كَلَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَوَابُ أَصْحَابِهِ إِيَّاهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ تَسْبِيحٌ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُعَلِّمَهُمُ التَّسْبِيحَ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَلِّمَهُمُ التَّسْبِيحَ، ثُمَّ يُخَالِفُونَهُ إِلَى الْكَلَامِ، عَلَى أَنَّا قَدْ نَظَرْنَا فِي نَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ هَلْ كَانَ بِمَكَّةَ كَمَا قَالَ هَذَا الْقَائِلُ؟ فَوَجَدْنَا فِي الْآثَارِ مَا قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ، لِأَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ مِمَّنْ لَمْ يَصْحَبْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَمَّنْ سِوَاهُ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ سِنًّا وَأَحْدَثُ صُحْبَةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ 408 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلَانِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا " سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ إِشَارَةً "، وَقَالَ: " كُنَّا نَرُدُّ السَّلَامَ فِي الصَّلَاةِ فَنُهِينَا عَنْ ذَلِكَ " وَقَدْ دَلَّ عَلَى صِغَرِ أَبِي سَعِيدٍ وَحَدَاثَتِهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي ذَلِكَ 409 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " وَمَا عِلْمُ أبَيِ سعَيِدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَإِنَّمَا كَانَا غُلَامَيْنِ صَغِيرَيْنِ " وَمَعَ أَنَّا قَدْ نَظَرْنَا فِي قَوْلِهِ فِي قُدُومِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ، فَوَجَدْنَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ إِلَّا مُحَمَّد بْن إِسْحَاقَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمَغَازِي أَنَّهُ بَلَغَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ كَانُوا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِسْلَامُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَأَقْبَلُوا لِمَا بَلَغَهُمْ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى دَنَوْا مِنْ مَكَّةَ، فَإِذَا مَا بَلَغَهُمْ مِنْ ذَلِكَ كَانَ بَاطِلًا، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ مَكَّةَ إِلَّا بِجِوَارٍ أَوْ الحديث: 408 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 مُسْتَخْفِيًا، وَكَانَ مِمَّنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَشَهِدَ مَعَهُ بَدْرًا، فَذَكَرَ جَمَاعَةً، مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَلَمْ يَتَجَاوَزِ الْحِكَايَةُ عَنْ نَفْسِهِ إِلَى رِوَايَةٍ رَوَاهَا غَيْرُهُ، وَهَذَا مِمَّا لَا تَقُومُ بِهِ عِنْدَنَا، وَلَا عِنْدَهُ حُجَّةٌ مَعَ أَنَّ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِقَبُولِ هَذَا، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ فِي عُثْمَانَ خِلَافُ ذَلِكَ، وَأَنَّ قُدُومَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَذَلِكَ 410 - أَنَّ يُونُسَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ، أَنَّ الْهِجْرَةَ الْأُولَى هِجْرَةُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَأَنَّهُ هَاجَرَ فِي تِلْكَ الْهِجْرَةِ: جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَامْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةُ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِرُقَيَّةَ ابْنَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ، وَامْرَأَتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ ابْنَةُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِامْرَأَتِهِ، وَهَاجَرَ فِيهَا رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ ذَوُوا عَدَدٍ لَيْسَ مِنْهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَارَ هِجْرَتِهِمْ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ "، فَهَاجَرَ إِلَيْهَا مَنْ كَانَ مَعَهُ بِمَكَّةَ، وَرَجَعَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْحَبَشَةِ حِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ فَهَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِامْرَأَتِهِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بِامْرَأَتِهِ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ، وَجَلَسَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَخَاطِبُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ شِهَابٍ، وَرِجَالٌ ذَوُ عَدَدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ فَحَالَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرْبُ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ فَقَتَلَ اللهُ فِيهَا صَنَادِيدَ الْكُفَّارِ، قَالَ: كُفَّارُ قُرَيْشٍ: إِنَّ ثَأْرَكُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فَابْعَثُوا إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ ذَوِي رَأْيِكُمْ لَعَلَّهُ يَدْفَعُ إِلَيْهِمَا مَنْ عِنْدَهُ مِنْ قُرَيْشٍ فَنَقْتُلَهُمْ بِمَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ يَوْمَ بَدْرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ كَانُوا هَاجَرُوا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْهَا حَتَّى جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ دَارَ هِجْرَةٍ أُخْرَى سِوَاهَا وَهِيَ الْمَدِينَةُ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ عُثْمَانَ الَّذِي ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ قُدُومَهُ كَانَ مَعَ قُدُومِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ فَهُمْ أَصْحَابُ الْمَغَازِي الَّذِينَ أَخَذَ مُحَمَّدٌ الْمَغَازِيَ عَمَّنْ أَخَذَهَا عَنْهُمْ، وَهُوَ الزُّهْرِيُّ، وَلَا الحديث: 410 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 سِيَّمَا إِنْ كَانَ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّ قُدُومَ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِمَكَّةَ، نَقُولُ: إِنَّ مُنْقَطِعَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ يَقُومُ مَقَامَ الْمُتَّصِلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا 411 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِمَكَّةَ لِلْمُسْلِمِينَ: " قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، فَرَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَهُمَا الْحَرَّتَانِ "، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ 412 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَعْمَرًا يُحَدِّثُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هَاجَرُوا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ لَمْ يَرْجِعُوا إِلَّا إِلَى دَارِ هِجْرَةٍ سِوَاهَا، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ رَجَعُوا إِلَى دَارٍ قَدْ هَاجَرُوا مِنْهَا وَذَلِكَ مِمَّا قَدْ مُنِعُوا مِنْهُ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ رَوَى الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 413 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَسْأَلُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ مَا سَمِعْتَ فِي سُكْنَى مَكَّةَ؟، فَقَالَ: قَالَ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " ثَلَاثٌ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدَرِ " 414 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَحَّاظِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، 415 - وَزَادَ كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا الحديث: 411 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرَخِّصْ لِلْمُهَاجِرِينَ فِي الْإِقَامَةِ فِي الدَّارِ الَّتِي هَاجَرُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْمُدَّةِ الَّتِي وَقَّتَهَا لَهُمْ فِي حَدِيثِ الْعَلَاءِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ 416 - ولَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: مَرِضْتُ عَامَ الْفَتْحِ مَرَضًا أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَأَتَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِي، قَالَ: " إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي فَتَعْمَلَ عَمَلًا تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ "، لَكِنَّ الْبَائِسَ سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ أَفَلَا تَرَى أَنَّ سَعْدًا قَدْ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِي لِكَرَاهِيَةِ الْمُقَامِ فِي غَيْرِ دَارِ هِجْرَتِهِ، وَإِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ مَا قَدْ قَالَهُ فِيهِ لِمَوْتِهِ فِي غَيْرِ دَارِ هِجْرَتِهِ 417 - وَلَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْقَارِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ الْقَارِي، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ، فَخَلَّفَ سَعْدًا مَرِيضًا حِينَ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ، فَلَمَّا قَدِمَ مِنَ الْجُعْرَانَةِ مُعْتَمِرًا دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجِعٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَيِّتٌ أَنَا فِي الدَّارِ الَّتِي خَرَجْتُ مِنْهَا؟ قَالَ: " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَرْفَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكَ أَقْوَامًا وَيَنْتَفِعَ بِكَ آخَرُونَ، يَا عَمْرُو بْنَ الْقَارِي، إِنْ مَاتَ سَعْدٌ بَعْدِي فَادْفِنْهُ هَاهُنَا نَحْوَ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا " أَفَلَا تَرَى أَنَّ سَعْدًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَيِّتٌ أَنَا فِي الدَّارِ الَّتِي خَرَجْتُ مِنْهَا، يَعْنِي: لِلْهِجْرَةِ إِلَى غَيْرِهَا، أَيْ: أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرٍو الْقَارِي: " إِنْ مَاتَ سَعْدٌ بَعْدِي فَادْفِنْهُ نَحْوَ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ " أَيْ: نَحْوَ الطَّرِيقِ إِلَى الدَّارِ الَّتِي هَاجَرَ إِلَيْهَا وَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ بَعْدَ هَذَا أَنْ يَظُنَّ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ تَرَكُوا دَارَ هِجْرَتِهِمُ الَّتِي اخْتَارَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ عَلَى الدَّارِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، وَرَجَعُوا إِلَى الدَّارِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، إِنَّ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ لَعَظِيمٌ الحديث: 416 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ قُدُومَهُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ كَانَ لِمُبَادَرَةِ شُهُودِ بَدْرٍ، وَبَدْرٌ فَإِنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ قُدُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ بِنَحْوٍ مِنْ سَنَتَيْنِ 418 - وَذَلِكَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ سِنَانَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ ثَمَانُونَ رَجُلًا، فِينَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَابْنُ عُرْفُطَةَ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعِمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَدِيَّةٍ، فَلَمَّا دَخَلَا عَلَى النَّجَاشِيِّ سَجَدَا لَهُ، وَابْتَدَاهُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَقَالَا: إِنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي عَمِّنَا خَالَفُونَا، وَرَغِبُوا عَنْ مِلَّتِنَا، وَقَدْ نَزَلُوا أَرْضَكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ النَّجَاشِيُّ، فَقَالَ جَعْفَرٌ لَهُمْ: أَنَا خَطِيبُكُمُ الْيَوْمَ فَاتَّبَعُوهُ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى النَّجَاشِيِّ سَلَّمَ وَلَمْ يَسْجُدْ لَهُ، فَقَالُوا لَهُ: مَا لَكَ لَا تَسْجُدُ لِلْمَلِكِ؟ قَالَ: إِنَّا لَا نَسْجُدُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ إِلَيْنَا نَبِيَّهُ، وَأَمَرَنَا أَلَّا نَسْجُدَ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَقَالَ عَمْرٌو: فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ، قَالَ: نَقُولُ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، هُوَ كَلِمَةُ اللهِ وَرُوحُهُ أَلْقَاهَا فِي الْعَذْرَى الْبَتَولِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ وَلَمْ يَقْرِضْهَا وَلَدٌ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ وَالْحَبَشَةِ مَا زَادَهَا، وَلَا عَلَى مَا يَقُولُونَهُ فِي عِيسَى هَذَا، وَأَخَذَ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى، وَلَوَدِدْتُ آتِيَ عِنْدَهُ فَأَحْمِلَ نَعْلَيْهِ، وَإِنَّهُ الَّذِي نَجِدُهُ فِي الْكِتَابِ، فَأَنْزِلُوهُ مِنْ أَرْضِي حَيْثُ شِئْتُمْ "، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ بَادَرَ حَتَّى يَشْهَدَ بَدْرًا فَلَمَّا كَانَ قُدُومُ ابْنِ مَسْعُودٍ إِنَّمَا كَانَ لِمُبَادَرَةِ بَدْرٍ لَمْ يَعْرِفْ وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَلَا عَرَفَ الْقِتَالَ عَلَى الْإِسْلَامِ حِينَئِذٍ، وَلَا أُذِنَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ بِمُدَّةٍ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ لِهَذَا الْقَائِلِ بِحَدِيثِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي: 419 - حَدَّثَنَاهُ حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: " أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي الحديث: 418 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 عَبْدِ الدَّارِ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: هُوَ مَكَانَهُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى إِثْرِي قَالَ: ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى أَخُو بَنِي فِهْرٍ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ مِنْ وَرَاءِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ؟ قَالَ: هُمْ أُولَاءِ عَلَى إِثْرِي ثُمَّ أَتَى بَعْدَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَبِلَالٌ، ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَعَهُ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ قُدُومِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ قِيلَ لَهُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَلَطٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْهُ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قِيلَ فِيهِ إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ أَخُو بَنِي فِهْرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ أَخُو بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي قَدِمَ مَعَ عَمَّارٍ، وَبِلَالٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَإِنَّمَا جَاءَ الْغَلَطُ فِي هَذَا مِنْ إِسْرَائِيلَ، وَأَمَّا مَنْ هُوَ أَحْفَظُ وَأَثْبَتُ فِي رِوَايَتِهِ مِنْهُ وَهُوَ شُعْبَةُ، فَرَوَاهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ 420 - إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ، وَفَهْدًا: حَدَّثَانَا، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، يَقُولُ: " أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَكَانَا يَقْرَآنِ الْقُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَبِلَالٌ وَسَعْدٌ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ قُدُومَ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدْ حَضَرَ بَدْرًا وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا: 421 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، سَمِعَهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: " مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَ ابْنَيْ عَفْرَاءَ قَدْ ضَرَبَاهُ حَتَّى بَرَدَ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: هَلْ فَوَّقَ رَجُلٌ قَتَلْتُمُوهُ أَوْ قَتَلَهُ قَوْمُهُ " الحديث: 420 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 422 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ الْعَمْرِيُّ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ عِرْفَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: لَمَّا قَتَلْتُ أَبَا جَهْلٍ أَنَا وَابْنَا عَفْرَاءَ تَعَامَنَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقُوَّةِ أَبِي جَهْلٍ، وَدِقَّةِ سَاقَيْ عَبْدِ اللهِ وَقِلَّةِ قُوَّتِهِ قَالَ: فَصَرَفَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ وَلَحَّنَ كَلَامَهُ، ثُمَّ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَسَاقُ عَبْدِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمُ أَوْ أَشَدُّ مِنْ أُحُدٍ أَوْ حِرَاءَ " فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إِثْبَاتُ شُهُودِ عَبْدِ اللهِ بَدْرًا، وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنَّمَا كَانَ بَعْدَ بَدْرٍ، وَقَدْ رَوَى خَبَرَ ذِي الْيَدَيْنِ الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي فِيمَا قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ قِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَحْضُرْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ، لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ وَهُوَ ذُو الشِّمَالَيْنِ، وَيُقَالُ لَهُ: الْخِرْبَاقُ، وَيُقَالُ لَهُ: عَبْدُ عَمْرٍو، قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَاسْمُهُ فِي شُهَدَاءِ بَدْرٍ 423 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْعَمْرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: " كَانَ إِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ مَا قُتِلَ ذُو الْيَدَيْنِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللهُ: أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَغَيْرُهُ فَقَدْ كَانُوا يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا حَضَرُوهُ مِنْ أَمْرِهِ، وَبِمَا حَدَّثَهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا: 424 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: " مَا كُلُّ مَا نُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْنَاهُ، يَعْنِي: مِنْهُ، وَلَكِنْ سَمِعْنَاهُ وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُهُ " وَمِنْهُ مَا: 425 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ شَيْخٍ مِنْ هَمَدَانَ، قَالَ: اخْتَلَفْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي فِي نَبِيذِ الْجَرِّ، فَقُلْتُ: لَئِنْ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ لَأَسْتَحْفِيَنَّ عَنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ لَقَّانِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، إِنَّ الحديث: 422 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 صَاحِبًا لِي حَالَفَنِي فِي نَبِيذِ الْجَرِّ، وَإِنِّي قُلْتُ: لَئِنْ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ لَأَسْتَحْفِيَنَّ عَنْ ذَلِكَ فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا تُحَدِّثْنِي عَنْ غَيْرِهِ قَالَ: إِنْ قُلْتَ ذَاكَ فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَشْغَلُهُ عَقَارُهُ وَضَيْعَتُهُ، فَيَجِيءُ، فَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: حَدِّثُونِي بِمَا حَدَّثَكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مِنَّا مَنْ لَيْسَتْ لَهُ ضَيْعَةٌ تَشْغَلُهُ، وَكَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُ مَا 426 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي بُسْتَانٍ لَهُ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ طَيِّبُ النَّفْسِ، فَحَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَنْتَ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: " وَاللهِ مَا كُلُّ مَا نُحَدِّثُكُمْ بِهِ سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ كَانَ يُحَدِّثُ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَلَا يَتَّهِمُ بَعْضُنَا بَعْضًا " وَمِنْهُ مَا 427 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ فَهْدٍ، عَنْ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدٍ سَوَاءً فَهَكَذَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَا يُحَدِّثُونَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُ مَا أَخَذُوهُ مِنْهُ سَمَاعًا، وَمِنْهُ مَا قَدْ صَحَّ عِنْدَهُمْ عَنْهُ بَلَاغًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِمَّا كَانَ ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ وَهُوَ جُنُبٌ أَنَّهُ يُفْطِرُ 428 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِي، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: " لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا أَنَا قُلْتُ: مَنْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَهُوَ جُنُبٌ فَلْيُفْطِرْ وَلَكِنَّ مُحَمَّدًا قَالَهُ، وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا أَنَا نَهَيْتُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَكِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 426 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 نَهَى عَنْهُ إِذَا أُفْرِدَ " وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَحْكِي مِثْلَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَسْمَعُهُ مِنْهُ، وَلَا يَذْكُرُ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَإِذَا وُقِفَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ فُلَانٌ 429 - يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ سَمِيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَأَبِي عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَقَالَ مَرْوَانُ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَذْهَبَنَّ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ لِتَسْأَلَهُمَا عَنْ ذَلِكَ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: بِئْسَ مَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، تَرْغَبُ عَنْ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ: لَا وَاللهِ، قَالَتْ: فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ "، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا مَرْوَانَ، فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا قَالَتْا، فَقَالَ مَرْوَانُ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَتَرْكَبَنَّ دَابَّتِي فَأْتِهَا فَلْتَذْهَبَنَّ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنَّهُ بِأَرْضِهِ بِالْعَقِيقِ، فَلْتُخْبِرَنَّهُ ذَلِكَ، فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَرَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَتَحَدَّثَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَاعَةً، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ، إِنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ 430 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: أَصْبَحْتُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ لِي: أَفْطِرْ، فَأَتَيْتُ مَرْوَانَ فَسَأَلْتُهُ وَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ إِلَى عَائِشَةَ وَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مِنْ جِمَاعٍ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ "، فَرَجَعَ إِلَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: ائْتِ أَبَا هُرَيْرَةَ فَأَخْبِرْهُ، فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ الحديث: 429 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا حَدَّثَنِيهِ الْفَضْلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَذَا قَدْ يُحْتَمَلُ فِيمَا جَاءُوا بِهِ مُطْلَقًا، فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ يَوْمِ ذِي الْيَدَيْنِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُ حُضُورَ تِلْكَ الصَّلَاةِ " قِيلَ لَهُ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ إِثْبَاتُ حُضُورِ تِلْكَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صَلَّى بِنَا عَلَى مَعْنَى صَلَّى بِالْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُوَ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ صَلَاتَهُ تِلْكَ بِهِمْ، كَمَا قَالَ النَّزَّالُ بْنُ سَبُرَةَ فِيمَا: 431 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، وَأَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْعُودٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبُرَةَ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا وَإِيَّاكُمْ كُنَّا نُدْعَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ بَنُو عَبْدِ اللهِ، وَنَحْنُ بَنُو عَبْدِ اللهِ، يَعْنِي: لِقَوْمِ النَّزَّالِ " فَفِي هَذَا قَوْلُ النَّزَّالِ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَمْ يَرَ النَّزَّالُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَيْ قَالَ لِقَوْمِنَا الَّذِينَ هُوَ مِنْهُمْ مَنْ خَاطَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا خَاطَبَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ عِنْدَنَا، إِنَّمَا مَعْنَاهُ صَلَّى بِنَا، صَلَّى بِالصَّحَابَةِ الَّذِينَ هُوَ مِنْهُمْ مِمَّنْ حَضَرَ تِلْكَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاهُ، وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ 432 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَلَاثًا ثُمَّ سَلَّمَ، الحديث: 431 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ: أَنَقَصَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ وَكَذَلِكَ يَا ذَا الْيَدَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَرَكَعَ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ " 433 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ فَسَهَا فَسَلَّمَ، فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَّهُ قَالَ: أَنَقَصَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " لَا قَالَ: فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ ثُمَّ سَلَّمَ " 434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: " سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ مُغْضَبًا، فَقَامَ الْخِرْبَاقُ رَجُلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهَ فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ، فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الَّتِي كَانَ تَرَكَ، وَسَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ " فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَهُوَ أَقْدَمُ إِسْلَامًا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ يَحْكِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ شَهِدَ تِلْكَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّنْ حَدَّثَ بَعْدَهُمْ، وَكَانَ حُضُورُهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ حُضُورِهِمْ إِيَّاهُ، وَكَيْفَ شَهِدَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ صَلَاتِهِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ إِسْلَامَهُ مَا لَمْ يَشْهَدْهُ مَنْ هُوَ أَقْدَمُ إِسْلَامًا مِنْهُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} فَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَرِجَالا} فَذَلِكَ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْأَرْضِ عَلَى مَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْخَائِفُ وَغَيْرُ الْخَائِفِ مِنْ صَلَاةِ الْأَمْنِ وَمِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي صَلَاةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَمَّا قَوْلُهُ: {أَوْ رُكْبَانًا} فَإِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَبَاحَ لِلْخَائِفِ الرَّاكِبِ أَنْ يُصَلِّيَ رَاكِبًا فِي حَالِ الْخَوْفِ، كَمَا يُصَلِّي الْمُسَافِرُ التَّطَوُّعَ فِي سَفَرِهِ رَاكِبًا، وَحَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَوْ دَابَّتُهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ يَوْمَ قَاتَلَ الْأَحْزَابَ، وَهُوَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ حَتَّى ذَهَبَ الْوَقْتُ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ الْعَصْرُ رَاكِبًا وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا: 435 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمًا يُحَدِّثُ، عَنْ زَرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَاتَلْنَا الْأَحْزَابَ فَشَغَلُونَا عَنِ الحديث: 433 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 الْعَصْرِ حَتَّى كَرَبَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهُمَّ امْلَأْ قُلُوبَ الَّذِينَ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى نَارًا، وَامْلَأْ بُيُوتَهُمْ نَارًا، وَامْلَأْ قُبُورَهُمْ نَارًا " قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كُنَّا نَرَى أَنَّهَا صَلَاةُ الْفَجْرِ 436 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَعَدَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَلَى فُرْضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ الْخَنْدَقِ، فَقَالَ: " شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى كَرُبَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ اللهُمَّ امْلَأْ قُلُوبَ الَّذِينَ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى نَارًا، وَامْلَأْ بُيُوتَهُمْ نَارًا، وَامْلَأْ قُبُورَهُمْ نَارًا " 437 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا غَزْوَةً فَلَمْ يَرْفَعْ مِنْهَا، حَتَّى مَشَى بِصَلَاةِ الْعَصْرِ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّيهَا فِيهِ، فَقَالَ: " اللهُمَّ امْلَأْ قُلُوبَ الَّذِينَ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى نَارًا، وَامْلَأْ بُيُوتَهُمْ نَارًا، وَامْلَأْ قُبُورَهُمْ نَارًا " 438 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: شَغَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: " شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَشَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا " 439 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ الحديث: 436 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 440 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، وَفَهْدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زَرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ الْخَنْدَقِ، يَقُولُ: " شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ "، قَالَ: وَلَمْ يُصَلِّهَا يَوْمَئِذٍ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، " مَلَأَ اللهُ قُبُورَهُمْ نَارًا، وَقُلُوبَهُمْ نَارًا، وَبُيُوتَهُمْ نَارًا " قِيلَ لَهُ: كَانَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ {فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ 441 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِهَوًى مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى كُفِينَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا، فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا، فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا بِالْأَمْسِ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ " وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: {فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} 442 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 443 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ نُزُولَ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ يَوْمِ الْخَنْدَقِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ تَرْكَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكَهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ يَوْمَئِذٍ، إِنَّمَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُبَاحَ لَهُمْ ذَلِكَ، لِأَنَّ حُكْمَهَا كَانَ يَوْمَئِذٍ أَنْ تُصَلَّى عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ أَبَاحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْخَائِفِ أَنْ يُصَلِّيَهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَعَادَ حُكْمُهَا فِي تَأْدِيَتِهَا عَلَى الحديث: 440 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 الرَّاحِلَةِ إِلَى حُكْمِ التَّطَوُّعِ الَّذِي يُصَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ كَيْفِيَّتِهِ، وَمِنْ إِبَاحَةِ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَإِنَّمَا تَكُونُ هَذِهِ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي حَالِ الْخَوْفِ مِنَ النُّزُولِ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْخَوْفِ مِنَ السِّبَاعِ إِذَا خِيفَ اقْتِرَابُهَا مَعَ النُّزُولِ 444 - وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ، ثُمَّ ذَكَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا قَالَ: وَإِنْ كَانَ خَوْفًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ نَافِعٌ: لَا أَدْرِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ ذَلِكَ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْخَوْفِ الَّذِي لَا قِتَالَ مَعَهُ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ خِفْتُمْ} ، فَذَكَرَ الْخَوْفَ خَاصَّةً دُونَ الْقِتَالِ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ يُقَاتِلُ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَنْقَضِيَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْقِتَالِ، فَإِنْ أَدْرَكَ وَقْتَ الصَّلَاةِ صَلَّاهَا، وَإِنْ فَاتَتْهُ قَضَاهَا، لِأَنَّ الْقِتَالَ عَمَلٌ تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} فَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى الصِّفَةِ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ قَبْلَ هَذَا، لِأَنَّهُ يُعْقِبُ ذِكْرَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِنَّ فِي ذَلِكَ آيَاتٍ لَهُمْ، وَأَعْقَبَ ذَلِكَ مِنْ صِفَتِهِمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} الْآيَةَ وَالْآيَاتُ فَإِنَّمَا بُيِّنَ لِذَوِي الْفِكْرِ فِيهَا مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ إِذَا أَطَاقَ أَنْ يُصَلِّيَهَا قَائِمًا صَلَّاهَا قَائِمًا، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ صَلَّاهَا قَاعِدًا، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ صَلَّاهَا عَلَى جَنْبِهِ يُومِئُ إِيمَاءً، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ مَا: الحديث: 444 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 445 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: رَأَى ابْنُ مَسْعُودٍ قَوْمًا يَدْعُونَ قِيَامًا فَنَهَاهُمْ، فَقَالُوا: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} قَالَ: " إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُضطَّجِعًا " وَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ الْآيَةُ الْأُخْرَى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} قَالُوا: وَقَدْ سَدَّ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا 446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ، قَالَ: كَانَ بِيَ الْبَاسُورُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: " صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَعَلَى جَنْبٍ " فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِلْآخَرِينَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الَّذِي ذَكَرُوا لَيْسَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ، لِأَنَّهُ لَا مَخْرَجَ لَهُ، وَلَا اتِّصَالَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلِأَنَّ جُوَيْبِرًا حَدِيثُهُ عِنْدَهُمْ كَمَا يَقُولُونَ فِيهِ، وَلِأَنَّ الضَّحَّاكَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يُولَدْ فِي أَيَّامِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلِأَنَّ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَتْ هِيَ الْآيَةُ الَّتِي تَرْجَمْنَا بِهَا هَذَا الْبَابَ، وَكَيْفَ يَجُوزُ لَهُمْ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي تَرْجَمْنَا بِهَا هَذَا الْبَابَ، عَلَى مَا تَأَوَّلُوا عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهَا خِلَافُ ذَلِكَ، لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا ذَكَرَ قَبْلَهَا خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَاخْتِلَافَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ فِي ذَلِكَ آيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، ثُمَّ وَصَفَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِالتَّفَكُّرِ وَالتَّذَكُّرِ فِيمَا ذَكَرَهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ وَمُدَاوَمَةِ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ الْأَحْوَالِ الَّتِي يَكُونُ النَّاسُ عَلَيْهَا مِنَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالِاضطِّجَاعِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُوَ الذِّكْرُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَذَلِكَ: 447 - أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللِّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْكُوفِيُّ، وَأَنَّ ابْنَ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سِوَارٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَأَنَّ فَهْدًا حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَرَنِي الْعَبَّاسُ أَنْ أَبِيتَ بِآلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ شَبَابَةَ: يَعْنِي: فِي مَنْزِلِهِ، الحديث: 445 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَتَقَدَّمْ إِلَى الْأَيْتَامِ حَتَّى تَحْفَظَ لِي صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَصَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ، وَانْصَرَفَ النَّاسُ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ هَذَا أَعَبْدُ اللهِ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَمَهْ؟ " قَالَ: فَقُلْتُ: أَمَرَنِي الْعَبَّاسُ أَنْ أَبِيتَ بِكُمُ اللَّيْلَةَ، قَالَ: " فَالْحَقْ إِذًا " قَالَ: فَدَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَمْرٌ يَشُقُّ يَا عَبْدَ اللهِ " قَالَ: فَأَتَيْتُ بِوِسَادَةٍ مِنْ مُسُوحٍ حَشْوُهَا اللِّيفُ قَالَ: فَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى فِرَاشِهِ قَاعِدًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: " سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، وَقَرَأَ الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا صِفَةُ الْمُتَفَكِّرِينَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالذَّاكِرِينَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ ذَلِكَ وأَمَّا الْآيَةُ الْأُخْرَى فَهِيَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبْنَا إِلَيْهِ أَدَلُّ مِنْهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُخَالِفُنَا فِيهَا، لِأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَعُمُّوا بِالذِّكْرِ أَحْوَالَهُمُ الَّتِي يَكُونُونَ عَلَيْهَا مِنَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالِاضطِّجَاعِ عَلَى الْجُنُوبِ وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ الَّذِي ذَكَرُوهُ فَإِنَّمَا وَجَدْنَاهُ كَمَا ذَكَرُوا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ طَهْمَانَ خَاصَّةً، وَقَدْ رَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَضْبَطُ وَأَثْبَتُ مِنْهُ، عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ: 448 - وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: " مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ " فَهَذَا حَدِيثُ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ قَدْ رَوَاهُ عَنْ عِيسَى عَلَى غَيْرِ مَا رَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ، وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى التَّطَوُّعِ، لِذِكْرِهِ الْفَضْلَ لِلْقَائِمِ عَلَى الْقَاعِدِ فِيهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا الحديث: 448 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 عَلَى الْقَاعِدِ الْمُطِيقِ لِلْقِيَامِ فَأَمَّا الْقَاعِدُ الْعَاجِزُ عَنِ الْقِيَامِ، فَلَيْسَ الْقَائِمُ الْمُطِيقُ لِلْقِيَامِ بِأَفْضَلَ مِنْهُ فِي صَلَاتِهِ قَائِمًا، وَلَا الْمُصَلِّي نَائِمًا بِأَفْضَلَ مِنَ الْمُصَلِّي مُضطَّجِعًا، وَإِذَا كَانَ لَا يُطِيقُ الصَّلَاةَ إِلَّا كَمَا صَلَّى فَالَّذِي بَيْنَ مَعْنَى الْحَدِيثِ عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ وَعَلَى مَا رَوَاهُ عِيسَى مُتَبَايِنٌ بَعِيدٌ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ وَلَمَّا اضطَّرَبَ هَذَا الْحَدِيثُ وَقَدْ ذَكَرْنَا صَلَاةَ الْقَاعِدِ، أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي كَيْفِيَّتِهَا، فَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ، أَمَّا أَحَدُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا، ثُمَّ يَرْكَعُ فِي تَرَبُّعِهِ، فَإِذَا أَرَادَ السُّجُودَ حَلَّ تَرَبُّعَهُ وَسَجَدَ وَأَمَّا أَحَدُهَا أَيْضًا، فَإِنَّهُ يَقْعُدُ فِيهَا كَمَا يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ زُفَرُ وَأَمَّا أَحَدُهَا أَيْضًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا، فَإِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ حَلَّ تَرَبُّعَهُ ثُمَّ رَكَعَ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ زُفَرَ أَيْضًا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِي الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ نَجِدْ فِيهَا إِلَّا مَا: 449 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّخْعِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مَوْلَى السَّائِبِ، عَنِ السَّائِبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ غَيْرَ مُتَرَبِّعٍ " فَلَوْ ثَبَتَ لَنَا هَذَا الْحَدِيثُ كَرِهْنَا أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُتَرَبِّعًا، وَلَكِنَّهُ حَدِيثٌ لَمْ يَثْبُتْ، لِمَا بَيْنَ مُجَاهِدٍ وَبَيْنَ السَّائِبِ، وَلِمَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ مَنْ ضَعْفِ ابْنِ مُهَاجِرٍ، وَقَدْ رَوَاهُ مَنْ هُوَ نَظِيرُ ابْنِ مُهَاجِرٍ، وَهُوَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ فَلَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ مُجَاهِدًا 450 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ الْخُدْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ مُهَاجِرٍ، عَنْ مَوْلَاهُ السَّائِبِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، رَفَعَتْهُ قَالَتْ: " صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ غَيْرَ مُتَرَبِّعٍ " 451 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " الصَّلَاةُ قَاعِدًا عَلَى النِّصْفِ مِنَ صَلَاةِ غَيْرِ الْمُتَرَبِّعِ " الحديث: 449 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ لَنَا فِي هَذَا شَيْءٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِهِ فِيهِ فَإِذَا 452 - سُلَيْمَانُ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، عَنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: " لَأَنْ أَجْلِسَ عَلَى رُضْفَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَرَبَّعَ فِي الصَّلَاةِ " وَكَانَ هَذَا مِمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ مُتَرَبِّعًا، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ التَّرَبُّعَ فِي التَّشَهُّدِ بِغَيْرِ عِلَّةٍ 453 - وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا " رَأَتْ أُمَّ سَلَمَةَ تُصَلِّي مُتَرَبِّعَةً مِنْ رَمَدٍ كَانَ بِهَا " فَهَذِهِ أُمُّ سَلَمَةَ قَدْ كَانَتْ تُصَلِّي مُتَرَبِّعَةً، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافًا لَهَا فِي ذَلِكَ، إِلَّا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ وَلَمَّا وَجَدْنَا الْمُومِئَ فِي الصَّلَاةِ قَدْ أُمِرَ أَنْ يَجْعَلَ إِيمَاءَهُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ إِيمَائِهِ لِلرُّكُوعِ مُخَالَفَةً بَيْنَهُمَا، إِذْ كَانَا شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَجَبَ بِذَلِكَ أَنْ نَأْمُرَهُ أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَ الْقُعُودِ الْبَدَلِ مِنَ الْقِيَامِ وَبَيْنَ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ إِذْ كَانَا شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فِي التَّرَبُّعِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ زُفَرَ فِي التَّرَبُّعِ فِيهَا إِلَى مَوْضِعِ الرُّكُوعِ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا الْقَائِمَ يَرْكَعُ فِي قِيَامِهِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْقَاعِدُ يَرْكَعُ فِي قُعُودِهِ الَّذِي جُعِلَ بَدَلًا مِنْ قِيَامِهِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَيْضًا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، ثُمَّ وَجَدْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا مُتَّصِلًا حَسَنَ الْإِسْنَادِ وَهُوَ مَا: 454 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْجَمَّالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيُّ، عَنْ حَفْصٍ، قَالَ إِسْحَاقُ، وَهُوَ ابْنُ غِيَاثٍ: عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ إِسْحَاقُ، وَهُوَ الطَّوِيلُ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الحديث: 452 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا " 455 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَفْصٍ إِلَّا أَبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيُّ وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَا يُطِيقُ الصَّلَاةَ قَائِمًا وَلَا قَاعِدًا وَيُطِيقُهَا مُضطَّجِعًا عَلَى جَنْبِهِ أَوْ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُصَلِّي مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ، مُسْتَقْبِلًا بِوَجْهِهِ لِلْقَبْلَةِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُصَلِّيهَا مُضطَّجِعًا عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ كَذَلِكَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَجَدْنَا الْمُصَلِّيَ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ يَكُونُ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ وَبِصَدْرِهِ وَبِقَدَمَيْهِ وَبِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ الَّتِي يَكُونُ السُّجُودُ عَلَيْهَا لَوْ كَانَ يُطِيقُ الصَّلَاةَ قَائِمًا، وَعَلَى الْحَالِ الَّتِي لَوْ ذَهَبَتْ عِلَّتُهُ وَأَطَاقَ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ اسْتَوَى قَائِمًا فِي قِبْلَتِهِ كَهَيْئَتِهِ، وَوَجَدْنَاهُ إِذَا صَلَّى مُضطَّجِعًا عَلَى جَنْبِهِ، غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ بِكُلِّيَّتِهِ الْقِبْلَةَ، وَعَلَى حَالٍ لَوْ ذَهَبَتْ عِلَّتُهُ فَأَرَادَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ اسْتَقْبَلَ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَصَارَ مَوْضِعُ قِبْلَتِهِ غَيْرَ قِبْلَتِهِ الَّتِي كَانَ مُسْتَقْبِلًا لَهَا بِوَجْهِهِ وَقَدْ رَأَيْنَا الْمُصَلِّيَ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ اسْتِقْبَالًا يَكُونُ بِهِ مُسْتَقْبِلًا لِلْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ مُصَلٍّ إِلَيْهِ، كَمَا يَكُونُ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ مُصَلٍّ إِلَيْهِ مُسْتَقْبِلًا لَهُ وَرَأَيْنَاهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهَ حَاجِزا من أَن يَنْصِبُ عَصًا فَتَكُونُ الْعَصَا قَائِمَةً مُسْتَقْبِلَةً لَهُ كَمَا هُوَ مُسْتَقْبِلٌ لَهَا، فَإِذَا عَدِمَ الْعَصَا أُمِرَ أَنْ يَخُطَّ خَطًّا، وَأَنْ يَكُونَ الْخَطُّ طُولًا عَلَى حَالِ مَا لَوْ قَامَ مُسْتَقْبِلًا لِوَجْهِ الْمُصَلِّي، كَمَا لَوِ اسْتَقْبَلَهُ الْعَصَا، إِذْ كَانَ الْخَطُّ إِنَّمَا يُجْعَلُ طُولًا، وَلَا يُجْعَلُ عَرْضًا لِيَكُونَ مُسْتَقْبِلًا لِلْمُصَلِّي لَوْ أُقِيمَ قَائِمًا لَكَانَ أَيْضًا الْعَاجِزُ عَنِ الْقِيَامِ يُصَلِّي مُسْتَقْبِلًا عَلَى الْحَالِ الَّتِي لَوْ قَامَ عَلَيْهَا قَامَ مُسْتَقْبِلًا قِبْلَتَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ، وَأَنْ تَكُونَ الْقِبْلَةُ مُسْتَقْبِلَةً لَهُ فَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا مِمَّا رُوِيَ فِي الْعَصَا وَالْخَطِّ 456 - فَإِنَّ يُونُسَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الحديث: 455 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثٍ الْعُذْرِيِّ، عَنْ جَدِّهِ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيِجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا أَوْ فِي يَدِهِ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ " 457 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى شَيْءٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ أَمَامَهُ " 458 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عِنَزَةٍ قَدْ رُكِزَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ 459 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيَسْتَتِرْ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ بِسَهْمٍ " وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فَلَا يَقُولُونَ بِالْخَطِّ، وَكَذَلِكَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ كَانَا لَا يَقُولَانِ بِهِ، كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْهُمَا، وَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ، لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ، وَلَوِ اتَّصَلَ بِهِمْ أَوْ بَلَغَهُمْ لَمَا تَرَكُوهُ وَأَمَّا الصَّلَاةُ مُسْتَلْقِيًا فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فِي الرَّجُلِ الْمَرِيضِ يُصَلِّي عَلَى ظَهْرِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ يَعْنِي: إِذَا كَانَ لَا يُطِيقُ الصَّلَاةَ قَائِمًا وَلَا قَاعِدًا، وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا عَنْهُمْ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ الحديث: 457 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 بِهَذَا هُوَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَقَالُوا: هَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ 460 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} ، قَالَ: الْمَكْتُوبَةُ وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا هُوَ الْإِقْبَالُ عَلَى الصَّلَاةِ، مَا كَانَ الْمُصَلِّي فِيهَا لَا يَخْلِطُ ذَلِكَ بِالْتِفَاتٍ عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ شِمَالِهِ، وَلَا بِاشْتِغَالٍ بِغَيْرِهَا وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ 461 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَيَوَةُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} أَهُمُ الَّذِينَ لَا يَفْتُرُونَ؟ قَالَ: " هُمُ الَّذِينَ إِذَا صَلَّوْا لَمْ يَلْتَفِتُوا خَلْفَهُمْ وَلَا عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَلَا عَنْ شَمَائِلِهِمْ " 462 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ حَسَّانَ، أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِيمَا أَعْلَمُ، أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} قَالَ: " هُوَ الرَّجُلُ الْقَائِمُ، لَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا " وَكَأَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ أَشْبَهُ بِالْآيَةِ، وَأَشْبَهُ بِظَاهِرِهَا مِنَ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِيهَا الدَّيْمُومَةَ عَلَى الصَّلَاةِ، فَلَوْ كَانَتِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنِ الْمُحَافِظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ مُدَاوِمًا لِلصَّلَوَاتِ، لِأَنَّهُ يَقْطَعُهَا بِخُرُوجِهِ مِنْهَا، وَلَيْسَتِ الدَّيْمُومَةُ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا تَكُونُ الدَّيْمُومَةُ بِحَالٍ إِلَّا بِغَيْرِ انْقِطَاعٍ يَحْدُثُ فِيهَا قَبْلَ آخِرِهَا وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي رَجُلٍ، قَالَ: وَاللهِ لَا كَلَّمْتُ فُلَانًا مَا دَامَ فِي هَذِهِ الدَّارِ، فَخَرَجَ مِنْهَا، أَنَّ يَمِينَهُ قَدْ بَطَلَتْ وَأَنَّهُ إِنْ عَادَ إِلَى الدَّارِ فَكَانَ فِيهَا، ثُمَّ كَلَّمَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ دَيْمُومَتَهُ فِيهَا قَدِ انْقَطَعَتْ بِخُرُوجِهِ مِنْهَا وَلَوْ قَالَ: وَاللهِ لَا كَلَّمْتُهُ مَا كَانَ فِيهَا وَكَانَ فِيهَا، ثُمَّ خَرَجَ عَنْهَا، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا، ثُمَّ كَلَّمَهُ حَنَثَ فِي يَمِينِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ كَيْنُونَةٌ بَعْدَ كَيْنُونَةٍ، وَلَا تَكُونُ دَيْمُومَةٌ بَعْدَ انْقِطَاعٍ، وَلِأَنَّ مَعْنَى الدَّيْمُومَةِ مَعْنَى مَا دَامَ، لَا مَعْنَى مَا انْقَطَعَ الحديث: 460 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 كَذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، يَقُولَانِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَكَانَتِ الدَّيْمُومَةُ فِي الصَّلَاةِ قَدْ تَكُونُ دَيْمُومَةً مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ وَلَا تَنْقَطِعُ إِلَّا بِآخِرِهَا الَّذِي يَكُونُ مَعَ انْقِطَاعِ الصَّلَاةِ، وَكَانَ هَذَا التَّأْوِيلُ فِيهِ دَيْمُومَةً مَقْدُورًا عَلَيْهَا، وَكَانَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ مَا: 463 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: " إِنَّمَا هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ " 464 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَا الْتَفَتَ عَبْدٌ فِي صَلَاةٍ قَطُّ، إِلَّا قَالَ لَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ: عَبْدِي أَيْنَ تَلْتَفِتُ؟ أَنَا خَيْرٌ لَكَ مِمَّنْ تَلْتَفِتُ إِلَيْهِ "، وَمَرَّةً قَالَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يُسْنِدْهُ 465 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخُفَافُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَكَانَ الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ اخْتِلَاسًا مِنَ الشَّيْطَانِ مِنْ صَلَاةِ الْمُصَلِّي وَتَرْكًا مِنَ الْمُصَلِّي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِقْبَالًا عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى يَقُولَ لَهُ رَبُّهُ: " عَبْدِي أَيْنَ تَلْتَفِتُ أَنَا خَيْرٌ مِمَّنْ تَلْتَفِتُ إِلَيْهِ "، وَكَانَ ذَلِكَ بَعِيدًا مِنَ الْخُشُوعِ، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي صَلَاتِهِمْ بِالْخُشُوعِ، فَقَالَ: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} وَكَانَ الْمُلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ بَعِيدًا مِنَ الدَّوَامِ عَلَيْهَا، إِذْ كَانَ الْمُصَلِّي إِذَا الْتَفَتَ فَقَدْ قَطَعَ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهَا، وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهَا وَاللهُ أَعْلَم ُ الحديث: 463 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} فَذَهَبَ قْومٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْقِرَاءَةُ، وَأَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 الْمُشْرِكُونَ فِيهِ إِذَا رَفَعَ الصَّوْتَ بِالْقُرْآنِ سَبُّوهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَرَوَوْا هَذَا التَّأْوِيلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: 466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالِقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْهَرُ بِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَخَفَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ حَتَّى كَانَ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَفَضَ صَوْتَهُ لِسَبِّ الْمُشْرِكِينَ الْقُرْآنَ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ يَأْمُرُ فِيهَا بِدُونَ الْجَهْرِ وَفَوْقَ الْمُخَافَتَةِ مِنَ الْقُرْآنِ هَكَذَا رَوَى الْأَعْمَشُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَأَمَّا شُعْبَةُ، وَهُشَيْمٌ، فَرَوَيَاهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ 467 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: وَحَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} ، قَالَ: " أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِذَا قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ صَوْتَهُ أُعْجِبَ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ، وَسَبَّ الْمُشْرِكُونَ الْقُرْآنَ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، وَمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} أَسْمِعْهُمُ الْقُرْآنَ حَتَّى يَأْخُذُوهُ عَنْكَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ نَزَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَهْرَ الَّذِي كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَسُبُّونَ الْقُرْآنَ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ مِنْ أَجْلِهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ لَمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَزَالَ بِهَا الْجِهَةُ الَّتِي مَا دُونَ الْجَهْرِ وَإِلَى مَا فَوْقَ الْمُخَافَتَةِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الدُّعَاءُ، لَا تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا: 468 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَتْ لِي خَالَتِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيهَا: " يَا ابْنَ أُخْتِي، أَتَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَتْ: فِي الدُّعَاءِ " 469 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} ، قَالَتْ: بِدُعَائِكَ وَكَأَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ عِنْدَنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَأَشْبَهُهُمَا بِهَا، لِأَنَّ الدُّعَاءَ قَدْ وَجَدْنَاهُ يُسَمَّى صَلَاةً فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي لُغَةِ الْعَرَبِ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَاتِهِمْ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ دُعَاءً وَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} يَعْنِي بِذَلِكَ: الدُّعَاءَ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي أَوْفَى، فَقَالَ: " اللهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى "، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَا تَقَدَّمَ وَلَمْ نَجِدْ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا فِي لُغَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مَنْصُوصًا أَنَّ الْقِرَاءَةَ، يُقَالُ : لَهَا صَلَاةٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ، فَإِنَّ اللُّغَةَ لَا تُقَاسُ وَقَدْ بَيَّنَ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ بَيَّنَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} وَكَانَ أَوَّلُ الْآيَةِ عَلَى الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ، وَآخِرُهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَكُونُ الدُّعَاءُ عليِهَا مِنْ الحديث: 466 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 مُجَاوَزَةِ الْمُخَافَتَةِ وَالتَّقْصِيرِ عَنِ الْجَهْرِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى 470 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَهَبَطْنَا فِي وَهْدَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَرَفَعَ النَّاسُ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا "، ثُمَّ دَعَانِي، وَكُنْتُ قَرِيبًا مِنْهُ، فَقَالَ لِي: " يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ؟ " قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: " قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ " 471 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، وَسَعِيدٌ الْحَرِيرِيُّ، وَثَابِتٌ الْبُنَّانِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ النَّاسُ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَعْنَاقِ أَكْتَافِكُمْ "، فَقَالَ: " يَا أَبَا مُوسَى، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ " قَالَ: بَلَى قَالَ: " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ " قَالَ: فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ الَّذِي هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي الدُّعَاءِ مَكْرُوهٌ، وَأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَعْمَلَ مِنْهُ مَا دُونَ ذَلِكَ وَأَنْ يُسْمِعَهُ الدَّاعِي بِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، حَتَّى يَكُونَ قَدْ تَجَاوَزَ بِذَلِكَ الْمُخَافَتَةَ الَّتِي لَا يَسْمَعُهَا مِنَ الْمُخَافِتِ بِهَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ وَذَلِكَ أَشْبَهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مِمَّا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الْآيَتَانِ اللَّتَانِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} ، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} ، كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا عَلَى الدُّعَاءِ الحديث: 470 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وَالذِّكْرِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ أَمَرَ فِيهِ بِدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ وَفَوْقَ الْمُخَافَتَةِ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى الْمَرْوِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى، فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي تِلْكَ الْآيَةِ هُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ بِذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} فَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ هُوَ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَصَلَاةُ الْفِطْرِ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ: 472 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنَّ شَيْخًا مِنْ بَنِي سَعْدٍ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} ، قَالَ: " يَبْعَثُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ " وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ التَّزَكِّيَ الْمُرَادَ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْإِيمَانُ كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} يَعْنِي: النَّفْسَ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ 473 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمَدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ: " {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} ، قَالَ: " آمَنَ " 474 - وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ وَكَانَ هَذَا التَّأْوِيلُ الثَّانِي أَشْبَهَ بِالْآيَةِ، وَأَوْلَى بِهَا مِنَ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ الحديث: 472 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ، وَعَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ لَمَا كَانَتَا سُنَّةً، وَلَكَانَتَا فَرِيضَتَيْنِ أَوْ مَنْدُوبًا إِلَيْهِمَا بِالْكِتَابِ، وَلَا يُقَالُ لِمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ مِنْ فَرِيضَةٍ أَوْ نُدْبَةٍ إِلَى الْخَيْرِ: سُنَّةً، إِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لِمَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ لِمَا فَعَلَهُ، فَلَمَّا وَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَفِي صَلَاةِ الْفِطْرِ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ كَانَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ يَنْفِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ أَوْ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَاللهُ أَعْلَمُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ، فَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ مَا 476 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حُرَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ، قَالَ: " فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ " فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْإِنْصَاتِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي يَقْرَأُ فِيهَا الْإِمَامُ فَيَحْتَمِلُ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُطْبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْآيَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا، لِأَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا هِيَ عَلَى الْإِنْصَاتِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالِاسْتِمَاعِ إِلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ الْقُرْآنَ مِمَّا قَدْ يَكُونُ فِي الْخُطْبَةِ، قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْكَلَامُ فِي الْخُطْبَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ مِنْهَا مُبَاحًا، وَلَكَانَ الْقَصْدُ إِلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ فِي الْخُطْبَةِ وَالِاسْتِمَاعَ إِلَيْهَا بِمَا فِيهَا مِنْ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ سَوَاءٌ وَوَاجِبٌ عَلَيْنَا، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا غَيْرُ الْخُطْبَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْقَوْل ِ الحديث: 476 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 476 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةٍ فِيهَا قِرَاءَةٌ، فَسَمِعَ قِرَاءَةَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} " فَكَانَ مُجَاهِدٍ لَا يَرَى بِالذِّكْرِ بَأْسًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّمَا كَانَ لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ الَّذِي يَمْنَعُ التَّالِيَ مِنَ اسْتِمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ الَّذِي يَأْتَمُّ بِهِ، فَهَذَا التَّأْوِيلُ الَّذِي فِي هَذَا أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ عِنْدَنَا مِنَ الَّذِي رَوَيْنَا فِيهَا الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَكَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُجَاهِدٌ مِنْ إِبَاحَةِ الذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَعَلَى مَا يُذْكَرُ فِيهَا مَعَهُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْمُفْتَتِحَ لِلصَّلَاةِ الَّذِي يَقُولُ ذَلِكَ فِيهَا، إِنَّمَا افْتَتَحَهَا وَبِقَوْلِهِ عَقَدَ افْتِتَاحَهَا عِنْدَ افْتِتَاحِ الْإِمَامِ إِيَّاهَا، وَعِنْدَ قَوْلِهِ ذَلِكَ فِيهَا سِرًّا، قِيلَ لَهُ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَهَا بَعْدَ افْتِتَاحِ الْإِمَامِ الْقِرَاءَةَ فِيهَا، فَيَكُونُ قَدْ دَخَلَهَا فِي حَالٍ يَجْهَرُ الْإِمَامُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ الْجَهْرُ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الِاسْتِمَاعِ إِلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، وَمِنَ الْإِنْصَاتِ لَهَا، فَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ وَحُكْمُهُ فِي الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْإِمَامِ فِيهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ هُوَ فِي الصَّلَاةِ خَاصَّةً 477 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَسْمَلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ، قَالَ: " فِي الصَّلَاةِ " 478 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ، قَالَ: فِي الصَّلَاةِ فَهَذَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ قَدْ قَالَا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا قَدْ صَرَفَا تَأْوِيلَهَا إِلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ الحديث: 477 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نَزَلَتْ مَا 479 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ، عَنِ ابْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} " فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدِ اتَّصَلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِذِكْرِ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ وَأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، لَا فِي الْخُطْبَةِ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى التَّأْوِيلِ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ الِاسْتِمَاعُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا كَانَ يَتْلُوهُ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْقُرْآنِ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِيَحْفَظُوهُ وَيَعُوهُ عَنْهُ، وَلَمْ نَجِدْ لَهُ مُتَقَدِّمًا فِي هَذَا التَّأْوِيلِ وَمَا رُوِيَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي هَذَا أَوْلَى، وَلَا سِيَّمَا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحَبُّ إِلَيْنَا إِذْ كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ التَّأْوِيلَ مَعَ تَعَلُّمِهِمُ الْقُرْآنَ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ 480 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " كُنَّا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ، فَمَا نَتَعَلَّمُ العَشْرَ بَعْدَهُنَّ حَتَّى نَتَعَلَّمَ مَا أُنْزِلَ فِي هَذَا الْعَشْرِ مِنَ الْعَمَلِ " 481 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: " لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرٍ وَأَحَدُنَا يَرَى الْإِيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ، وَتَنْزِلُ السُّورَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَتَعَلَّمُ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا، وَأَمْرَهَا وَزَاجِرَهَا، وَمَا يَنْبَغِي أَنْ نُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهَا، كَمَا تَعَلَّمُونَ أَنْتُمُ الْيَوْمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ رِجَالًا يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ الْإِيمَانِ، فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ، وَلَا يَدْرِي مَا أَمْرُهُ وَلَا زَاجِرُهُ، وَلَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ مِنْهُ وَيَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقْلِ " وَكَانَ مَا رُوِّينَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ مِمَّا قَدْ ذُكِرَ بِسَبَبِ نُزُولِ الْآثَارِ، لِأَنَّهَا لِاحْتِمَالِهَا ذَلِكَ، وَلَوْ وَجَدْنَا لِلْقَوْلِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ إِمَامًا الحديث: 479 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 جَوَّزَ تَقْلِيدُهُ ذَلِكَ وَحِكَايَتَهُ عَنْهُ، لَكَانَ هَذَا التَّأْوِيلُ الَّذِي ذَهَبْنَا إِلَيْهِ أَشْبَهَ وَأَوْلَى بِهَا، إِذْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُجَاهِدٌ، قَدْ ذَكَرَا السَّبَبَ الَّذِي فِيهِ نَزَلَتْ وَإِنْ كَانَا قَدِ اخْتَلَفَا فِيهِ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الصَّلَاةُ، وَقَدْ شَدَّ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 482 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْأَوَّلِ الْأَحْوَلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا " وَكَمَا 483 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَدْ رَوَى أَبُو مُوسَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا: 484 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعَجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي غَلَّابٍ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرُّقَاشِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا " 485 - َمَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ شَاهِينَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي غَلَّابٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا " فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ يَثْبُتُ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى تَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ وَفِيمَا أَسَرَّ وَمِمَّنْ كَانَ ذَهَبَ مِنْهُمْ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، الحديث: 482 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْمَأْمُومِينَ يَقْرَءُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ، وَلَا يَقْرَءُونَ خَلْفَهُ فِيمَا جَهَرَ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الْمَأْمُومِينَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَقْرَءُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَا بِمَا سِوَاهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا أُمِرَ بِتَرْكِهِ فِي صَلَاتِهِ وَالِاسْتِمَاعِ إِلَى الْإِمَامِ فِيهَا فِي قِرَاءَتِهِ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا 486 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا السَّائِبِ، مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خَدَاجٌ، فَهِيَ خَدَاجٌ، فَهِيَ خَدَاجٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، غَيْرُ تَمَامٍ "، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ، قَالَ: فَغَمَزَ يَدِي، ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ بِهَا يَا فَارِسِيُّ فِي نَفْسِكَ 487 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 488 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ اللَّيْثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خَدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ "، فَقُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ، فَقَالَ: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ، قِيلَ لَهُ: لَيْسَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ مِنْ قَوْلِهِ: " وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا " لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَنَى بِقَوْلِهِ: " مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خَدَاجٌ "، الْمُصَلِّينَ الحديث: 486 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 لِأَنْفُسِهِمُ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الْقِرَاءَةُ فِي صَلَاتِهِمْ، وَالْأَئِمَّةَ الَّذِينَ يَؤُمُّونَ غَيْرَهُمْ، وَعَنَى بِقَوْلِهِ: " وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا " الْمَأْمُومِينَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحَادِيثَ قَدْ رُوِيَتْ مُتَوَاتِرَةً، وَإِنْ كَانَ فِي أَسَانِيدِهَا بَعْضُ مَا فِيهَا 489 - كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنِ النُّعْمَانِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ " 490 - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرَ جَابِرًا 491 - كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 492 - كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَكَتَبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ " 493 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَفَهْدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 494 - وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ فَهْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَيٍّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا مَا 495 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، الحديث: 489 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: " هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: " إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ " قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِرَاءَةِ مِنَ الصَّلَوَاتِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 496 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عُقَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أُكَيْمَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 497 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومِينَ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا أَئِمَّتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ لَا يَقْرَءُونَ، فِي هَذَا مَا قَدْ خَالَفَ مَا رَوَاهُ أَبُو السَّائِبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ فِي أَمْرِهِ النَّاسَ أَنْ يَقْرَءُوا بِهَا فِي أَنْفُسِهِمْ خَلْفَ أَئِمَّتِهِمْ ثُمَّ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ بِالْقِرَاءَةِ مِثْلُ ذَلِكَ 498 - كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ، فَقَرَأَ رَجُلٌ خَلْفَهُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: " مَنْ قَرَأَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ؟ "، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، قَالَ: " قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ قَدْ خَالَجَنِيهَا " 499 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَفِي هَذَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَهُ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي لَا يَجْهَرُ الحديث: 496 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ مِثْلُ مَا عَنْهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ أُكَيْمَةَ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى تَرْكِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ 500 - كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَمَرَّ عَلَى دَارِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ، وَقَدْ قَرَأَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " مَنْ قَرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَيْسَ عَلَى الْفِطْرَةِ " وَمِنْهُمْ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ 501 - كَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " أَنْصِتْ لِلْقُرْآنِ فَإِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا وَسَيَكْفِيكَ ذَاكَ الْإِمَامُ " وَمِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ 502 - كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: " أَقْرَأُ وَالْإِمَامُ بَيْنَ يَدَيَّ؟ قَالَ: لَا " وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَمَا 503 - وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " يَكْفِيكَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ " 504 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ إِذَا سُئِلَ هَلْ يَقْرَأُ أَحَدٌ خَلْفَ الْإِمَامِ؟ يَقُولُ: " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ خَلْفَ الْإِمَامِ فَحَسْبُهُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ " قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ الحديث: 500 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 وَمِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ 505 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَيْوَةُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُقْسِمٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فَقَالُوا: " لَا نَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ " وَمِنْهُمْ أَبُو الدَّرْدَاءِ 506 - كَمَا حَدَّثَنَا بَحْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: " يَا رَسُولَ اللهِ، فِي كُلِّ الصَّلَاةِ قُرْآنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: وَجَبَتْ قَالَ: وَقَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَرَى أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَمَّ الْقَوْمَ فَقَدْ كَفَاهُمْ "، وَكَانَ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا رَوَى أَبُو السَّائِبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي خِلَافِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَوْقِيفُهُ النَّاسَ عَنْ نَهْيِهِ إِيَّاهُمْ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَهُ عَلَى إِخْرَاجِهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مِنْ ذَلِكَ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا 507 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَتَعَايَا عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: " أَتَقْرَءُونَ خَلْفِي؟ "، قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يَقْرَأُ بِهَا " قِيلَ لَهُ: قَدِ اضطَّرَبَ عَلَيْنَا إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَكْحُولٍ فِيمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُبَادَةَ، فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ كَمَا ذَكَرْتَ، وَرَوَاهُ عَنْهُ زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، فَخَالَفَهُ فِي إِسْنَادِهِ 508 - كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ، وَمَكْحُولٌ، عَنْ نَافِعِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ الحديث: 505 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 الصَّلَوَاتِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا الْقِرَاءَةَ، فَقَالَ: " لَا يَقْرَأَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا جَهَرْتُ بِالْقِرَاءَةِ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ " وَلَيْسَ نَافِعُ بْنُ مَحْمُودٍ بِمَعْرُوفٍ، فَتُعَارَضُ بِهِ مِثْلُ الْآثَارِ الَّتِي قَدْ رُوِّينَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَيْسَ مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ بِأَوْلَى مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ وَاقِدٍ عَنْهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَأَوْقَفَهُ عَلَى عُبَادَةَ 509 - كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ عُبَادَةَ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْقُرْآنِ، فَلَمَّا فَرَغَ قُلْتُ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ، أَلَمْ أَسْمَعْكَ قَرَأْتَ بِفَاتِحَةِ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: " أَجَلْ، إِنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِهَا " وَإِذَا عَادَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى عُبَادَةَ غَيْرَ مَرْفُوعٍ لَمْ يَكُنْ مَا رُوِيَ عَنْهُ أَوْلَى مِمَّا رُوِيَ فِي خِلَافِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا 510 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: " أَتَقْرَءُونَ وَالْإِمَامُ يَقْرَأُ؟ فَسَكَتُوا، فَسَأَلَهُمْ ثَلَاثًا، فَقَالُوا: إِنَّا لَنَفْعَلُ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا " وَلَيْسَ فِي هَذَا اسْتِثْنَاءُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلَا غَيْرِهَا وَإِنَّمَا أَصْلُ حَدِيثِ عُبَادَةَ الصَّحِيحِ عَنْهُ مَا قَدْ: 511 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ " فَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ خَرَجَ مِنْهُ مَنْ قَدْ جُعِلَتْ قِرَاءَةُ إِمَامِهِ لَهُ قِرَاءَةً ثُمَّ الْقِيَاسُ الحديث: 509 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 يَشْهَدُ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِسُقُوطِ الْقِرَاءَةِ عَنِ الْمَأْمُومِ إِذْ كَانُوا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الرَّجُلِ يَأْتِي إِلَى إِمَامِهِ وَهُوَ رَاكِعٌ فَيَدْخُلُ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَلَا غَيْرَهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قِرَاءَتَهُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، لَكَانَتْ كَوُجُوبِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلَمَا حَمَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ عَنْهُ، كَمَا لَا يَحْمِلُ عَنْهُ الْقِيَامَ، وَلَا الرُّكُوعَ، وَلَا السُّجُودَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ أَتَى مِنَ الْقِيَامِ يَقُومُهُ وَإِنْ قَلَّ مِقْدَارُهَا عِنْدَ دُخُولِهِ فِي صَلَاتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي صَلَاتِهِ رَاكِعًا ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْمِلُ عَنْهُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي الْحَالِ الَّتِي هُوَ مَأْمُومٌ فِيهَا كَمَا يَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ، وأَنَّ سُقُوطَ الْقِرَاءَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَبِغَيْرِهَا عَنِ الْمَأْمُومِ فِي هَذِهِ الْحَالِ سُقُوطٌ لَهَا عَنْهُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 كِتَابُ الزَّكَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 تَأْوِيلُ الزَّكَوَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللهُ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ، وَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ، فِي آيٍ نَظَائِرَ لِذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ مِقْدَارَ تِلْكَ الزَّكَاةِ، وَلَا أَوْقَاتَ وُجُوبِهَا، وَلَا الْأَمْوَالَ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا، وَكَانَ الْخِطَابُ بِهَا مُطْلَقًا عَامًّا عَلَى ظَاهِرِهِ ثُمَّ وَجَدْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ بَيَّنَ لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ خَاصٌّ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَفِي خَاصٍّ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَفِي خَاصٍّ مِنَ النَّاسِ فَأَمَّا الْأَمْوَالُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا هَذِهِ الزَّكَاةُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا فِي كِتَابِهِ فَالذَّهَبُ، وَالْوَرِقُ وَمَا حُكْمُهُ حُكْمُهَا مِنَ أَمْوَالِ التِّجَارَاتِ، وَمِنَ الْمَوَاشِي السَّائِمَةِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَأَمَّا الْمِقْدَارُ الَّذِي أَوْجَبَ فِيهِ الزَّكَاةَ مِنَ الْوَرِقِ وَمِمَّا حُكْمُهُ حُكْمُهُ، وَلَمْ يُوجِبْهَا فِي أَقَلَّ مِنْهُ فَخَمْسُ أَوَاقٍ 512 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْعَمْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ الْعَمْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى الْمَازِنِيَّ حَدَّثَهُمْ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ " 513 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْمِازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ الحديث: 512 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 514 - حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِقْدَارُ الْأُوقِيَّةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؟ وَوَجَدْنَا ذَلِكَ مُثْبَتًا فِي غَيْرِهِ 515 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، قَالَ: نَزَلْتُ أَنَا وَأَهْلِي بَقِيعَ الْغَرْقَدِ قَالَ: فَقَالَ لِي أَهْلِي: اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْأَلْهُ لَنَا شَيْئًا نَأْكُلُهُ، وَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ حَاجَتَهُمْ، فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلًا يَسْأَلُهُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " لَا أَجِدُ مَا أَعْطِيكَ "، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ مُغْضَبٌ، وَهُوَ يَقُولُ: لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُفَضِّلُ مَنْ شِئْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَيَغْضَبُ عَلَيَّ أَلَّا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ، مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَعِنْدَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا " فَقَالَ الْأَسْدِيُّ: فَقُلْتُ: لَلَقْحَةٌ لَنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ، قَالَ: وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، قَالَ: فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ، قَالَ: فَقَدِمَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَعِيرٍ وَزَبِيبٍ، فَقَسَمَ لَنَا مِنْهُ حَتَّى أَغْنَانَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأُوقِيَّةَ كَانَ وَزْنُهَا أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا مَعَ أَنَّا لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ تَنَازُعًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَمَّا الْوَقْتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَهُوَ حُلُولُ الْحَوْلِ عَلَى ذَوِي الْأَمْوَالِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَوَاتُ، هَذَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمِمَّا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْأَخْبَارِ وَأَمَّا الَّذِينَ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ مِنَ النَّاسِ فَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ الْبَالِغِينَ الْأَحْرَارَ الْأَصِحَّاءَ الْعُقُولَ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ الْأَمْوَالَ الَّتِي تَجِبُ فِي مَقَادِيرِهَا مِنْ أَصْنَافِهَا الزَّكَوَاتُ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ عَلَيْهِمْ إِذَا أَخْرِجَتْ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ قَصَّرَتْ أَمْوَالُهُمْ عَنْ بُلُوغِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِمَّنْ قَدْ دَخَلَ فِي الْفَرْضِ فِي الزَّكَاةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ، فَقَالَ قَائِلُونَ: الزَّكَاةُ تَجِبُ فِي أَمْوَالِهِمْ كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ فِيهَا لَوْ كَانُوا بَالِغِينَ، الحديث: 514 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ 516 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكِسَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَارِثِيُّ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ لَهُ: " إِنَّ عِنْدِي مَالًا لِيَتِيمٍ قَدْ كَادَتِ الصَّدَقَةُ أَنْ تَأْتِيَ عَلَيْهِ، فَهَلْ قِبَلَكُمْ مَتْجَرٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَفَعَ إِلَيَّ عَشْرَةَ آلَافٍ، فَغِبْتُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ الْمَالُ؟ قُلْتُ: قَدْ بَلَغَ مِائَةَ أَلْفٍ، قَالَ: رُدَّ إِلَيْنَا رَأْسَ مَالِهِ، لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ " 517 - ، حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَدَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 518 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّ عَلِيًّا زَكَّى أَمْوَالَ بَنِي أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: فَدَفَعَهَا إِلَيْهِمْ فَوَجَدُوهَا تَنْقُصُ، فَقَالُوا: إِنَّا وَجَدْنَاهَا تَنْقُصُ فَقَالَ: " هَلْ تُرِيدُونَ أَنْ يَكُونَ عِنْدِي مَالٌ لَا أُزَكِّيهِ؟ " 519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ كَانَ يَكُونُ عِنْدَهُ مَالُ الْيَتِيمِ، فَرُبَّمَا أَنْفَقَ بَعْضَهُ، وَرُبَّمَا أَعْطَى بَعْضَهُ مُضَارَبَةً كُلُّ ذَلِكَ يُزَكِّيهِ " 520 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَلِي مَالَ يَتِيمَيْنِ مِنْ بَنِي كَعْبٍ، وَكَانَ يُؤَدِّي زَكَاةَ أَمْوَالِهِمَا، الحديث: 516 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ، أَتُؤَدِّي زَكَاةَ أَمْوَالِهِمَا وَأَنْتَ لَا تَتَّجِرُ لَهُمَا وَلَا تَبْتَغِي لَهُمَا؟ فَإِذَا أَخْرَجْتَ الزَّكَاةَ ذَهَبَتْ أَمْوَالُهُمَا، فَقَالَ: وَاللهِ لَأُزَكِّيَنَّ أَمْوَالَهُمَا وَلَوْ كَانَ دِرْهَمًا، ثُمَّ ابْتَاعَ لَهُمَا دَارَ ابْنِ حَدِيدَةَ " 521 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَتْ عَائِشَةُ تَلِينِي وَأَخًا لِي يَتِيمَيْنِ فِي حِجْرِهَا فَكَانَتْ تُخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ " 522 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كَانَتْ أَمْوَالُنَا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَكَانَتْ تُبْضِعُهَا فِي الْبَحْرِ وَكَانَتْ تُزَكِّيهَا " 523 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ الْجُهَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشج، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ محس حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: " كَانَتْ عَائِشَةُ تُزَكِّي أَمْوَالَنَا وَنَحْنُ صِغَارٌ " 525 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَلِي مَالَ يَتِيمٍ، قَالَ: " يُعْطِي زَكَاتَهُ "، وَقَالَ قَائِلُونَ: لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَلَيْسَ أَهْلُهَا مِمَّنْ يَدْخُلُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَاتِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ 526 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَا تَجِبُ عَلَى يَتِيمٍ زَكَاةٌ حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ " الحديث: 521 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 وَكَانَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَوْلَى، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ تَعَبَّدَ الْخَلْقَ بِعِبَادَاتٍ فِي أَبْدَانِهِمْ وَفِي أَمْوَالِهِمْ، مِنْهَا: الصَّلَاةُ، وَالصِّيَامُ، وَالْحَجُّ، وَالزَّكَاةُ، فَكَانَ مَا تَعَبَّدُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، تَعَبَّدُوا بِهَا فِي أَبْدَانِهِمْ، وَفِي أَمْوَالِهِمْ، وَقُرْبَةً لَهُمْ إِلَيْهِ، وَطَهَارَةً لَهُمْ، وَزَكَاةً وَرَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ الصِّغَارَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا، وَالْمَجَانِينَ الْمَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمْ عَلَيْهِمْ، خَارِجُونَ مِمَّنْ خُوطِبَ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهَذِهِ الْعِبَادَاتِ فِي الْأَبْدَانِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَجِّ، فَكَانَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونُوا خَارِجِينَ مِمَّنْ خُوطِبَ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ فِي الْأَمْوَالِ مِنَ الزَّكَوَاتِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْعِبَادَاتِ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ فَهِيَ عِبَادَاتٌ عَلَى الْأَبْدَانِ، وَالصِّغَارُ لَا عِبَادَاتِ عَلَى أَبْدَانِهِمْ، فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ خُرُوجَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ وَأَمَّا الزَّكَوَاتُ فَعِبَادَاتٌ فِي الْأَمْوَالِ، وَالصِّغَارُ يُسَاوُونَ الْكِبَارَ فِي ذَلِكَ إِذْ كَانُوا جَمِيعًا فِي مِلْكِهِمْ ذَلِكَ سَوَاءً قِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِي مِلْكِهِمْ لِلْأَمْوَالِ سَوَاءً فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ عَلَى كُلِّ مَالِكٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا عَلَى الْمُكَاتَبِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا مِمَّنْ سِوَاهُمْ وَإِنْ كَانُوا يَمْلِكُونَ مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَوْ كَانَتْ لِذَوِي الزَّكَوَاتِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ رُدَّتْ زَكَاةُ الْأَمْوَالِ إِلَى أَحْكَامِ مَالِكِهَا، وَرُوعِيَ مَا تُعُبِّدُوا بِهِ فِيهَا، فَأُدْخِلَ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ الْأَحْرَارُ الْبَالِغُونَ الَّذِينَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِمْ يُقَصِّرُ بِهِمْ قَضَاؤُهُ عَنْ مَقَادِيرِ الزَّكَوَاتِ مِمَّا أَيْدِيهِمْ إِلَيْهَا وَاصِلَةٌ، وَأُخْرِجَ مِنْهُ الذِّمِّيُّونَ، وَالْمُكَاتَبُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يُرَاعَى فِي مَالِكِ الْمَالِ مَا يُرَاعَى فِيهِ مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ فِي الْأَبْدَانِ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَإِنْ قَالَ: قَدْ رَأَيْنَا الْمُكَاتَبَ مُتَعَبَّدًا بِالصَّلَاةِ فِي بَدَنِهِ وَغَيْرَ مُتَعَبَّدٍ بِالزَّكَاةِ فِي مَالِهِ قِيلَ لَهُ: فَقَدْ وَكَّدَ هَذَا حُكْمَ الصَّلَاةِ عَلَى حُكْمِ الزَّكَاةِ، فَجَعَلَ الصَّلَاةَ وَاجِبَةً عَلَى مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ فِي بَدَنِهِ أَحْرَى أَلَّا تَكُونَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي مَالِهِ فَإِنْ قَالَ: فَقَدْ رَأَيْنَاكُمْ تُوجِبُونَهُ عَلَى الْيَتِيمِ فِي أَرْضِهِ الْحُرَّةِ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ كَمَا تُوجِبُونَهُ عَلَى الْكَبِيرِ الْبَالِغِ الصَّحِيحِ الْعَقْلِ قَيلَ لَهُ: ذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ، أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ حُكْمَ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَوَاتُ سِوَاهَا، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْإِبِلِ السَّائِمَةِ الَّتِي تَجِبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 فِيهَا الزَّكَاةُ، وَفِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالدَّيْنِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، أَنَّهُ يَجُوزُ مِلْكُ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِيَّاهَا وَيَزُولُ بِذَلِكَ عَنْهَا مَا كَانَ يَجِبُ فِيهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنَ الزَّكَوَاتِ، لَا إِلَى عِوَضٍ غَيْرِهِ يَكُونُ فِيهَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَرَأَيْنَا الْأَرَضِينَ الْعَشْرِيَّاتِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ بَاعَ أَرْضَهُ مِنْ ذِمِّيٍّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعُشْرِ، فَأَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ فَقَائِلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ: لَا يَمْلِكُهَا الذِّمِّيُّ، وَلَا يَجُوزُ ابْتِيَاعُهَا، لِأَنَّ الْعُشْرَ الَّذِي كَانَ وَاجِبًا فِيهَا غَيْرُ زَائِلٍ عَنْهَا، وَغَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى أَخْذِهِ مِنَ الذِّمِّيِّ الَّذِي ذِمَّتُهُ تَنْفِي وُجُوبَ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَقَائِلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ: يَمْلِكُهَا الذِّمِّيُّ بِابْتِيَاعِهِ إِيَّاهَا، وَتَتَحَوَّلُ إِلَى أَنْ تَصِيرَ أَرْضَ خَرَاجٍ، فَتَكُونَ الْخَوَارِجُ فِيهَا عِوَضًا مِنَ الْعُشْرِ الَّذِي كَانَ فِيهَا، وَيُوضَعُ مَوْضِعَ الْخَرَاجِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَقَائِلٌ يَقُولُ: يَمْلِكُهَا الذِّمِّيُّ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ فِيهَا الْعُشْرُ مُضَاعَفًا وَمِمَّنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو يُوسُفَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهُ أَمْلَاهُ عَلَيْهِمْ، وَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ بَلَغَهُ هَذَا القَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَيَنْبَغِي فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ أَنْ يُوضَعَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِ الْخَرَاجِ وَقَائِلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ: يَمْلِكُهَا الذِّمِّيُّ وَيَنْفِي فِيهَا الْعُشْرَ حَقًا لِلْمُسْلِمِينَ مَنْ مَلَكَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 أَوْ غَيْرِهِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللهُ وَلَا نَعْلَمُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلًا غَيْرَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي حَكَيْنَاهَا عَنْهُمْ فِيهَا، وَلَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا قَالَ: إِنَّ الذِّمِّيَّ يَمْلِكُهَا وَيَخْلُو مِنْ وُجُوبِ شَيْءٍ فِيهَا كَمَا يَمْلِكُ سَائِرَ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَوَاتُ سِوَاهَا، وَيَخْلُو مِنْ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ فِيهَا، وَيَبْطُلُ مَا كَانَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَبْلَهُ فِيهَا بِمِلْكِهِمْ إِيَّاهَا فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى مُخَالَفَةِ حُكْمِ الْوَاجِبِ فِي الْأَرَضِينَ الْعَشْرِيَّاتِ حُكْمَ الْوَاجِبِ فِي الْأَمْوَالِ سِوَاهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْأَرَضِينَ لَنْ يَخْلُوَ مِنْ وَاجِبٍ فِيهَا مِنْ عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ، وَعَلَى أَنَّ مَا سِوَاهَا مِنَ الْأَمْوَالِ قَدْ يَخْلُو مِنْ وَاجِبٍ فِيهِ، فَالَّذِي يَخْلُو مِنَ الْوَاجِبَاتِ فِيهِ إِذَا مَلَكَهُ مَنْ لَا عِبَادَةَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي ذِمَّتِهِ بِذِمَّتِهِمْ يَخْلُو أَيْضًا مِنَ الْوَاجِبِ فِيهِ إِذَا مَلَكَهُ مَنْ قَدْ خَلَا مِنَ الْعِبَادَاتِ مِنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ مَجَانِينِهِمُ الْمُطْبَقِ عَلَيْهِمْ لِصِغَرِهِمْ وَلِجُنُونِهِمْ، وَقَدْ وَكَدَّ ذَلِكَ مَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَذْكُورًا فِي الزَّكَوَاتِ فِي الْأَمْوَالِ وَمَذْكُورًا فِي الثِّمَارِ، فَأَمَّا الْمَذْكُورُ فِيهِ فِي الزَّكَوَاتِ فِي الْأَمْوَالِ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ، فَأَضَافَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ إِلَى الطَّهَارَةِ لَهُمْ وَإِلَى الزَّكَاةِ لِأَبْدَانِهِمْ، وَذَلِكَ مِمَّا يُعْقَلُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِيهِ ذَوُوا الْعِبَادَاتِ، وَخَرَجَ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ لَا عِبَادَةَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمَذْكُورُ فِي الزَّكَوَاتِ فِي الثِّمَارِ، فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، فَأَضَافَ ذَلِكَ إِلَى الْوَاجِبِ فِيهِ، لَا تُذْكَرُ فِيهِ طَهَارَةٌ، وَلَا زَكَاةٌ، كَمَا ذُكِرَ فِي الْوَاجِبِ فِي الْأَمْوَالِ مِنَ التَّزْكِيَةِ لِأَهْلِهَا بِهَا، وَالتَّطْهِيرِ لَهُمْ بِهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُفَارَقَتِهَا زَكَاةَ الْأَمْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ هَذَا الْمَذْهَبَ فِي سُقُوطِ الزَّكَوَاتِ عَنِ الصِّبْيَانِ وَعَنِ الْمَجَانِينِ الْمُطْبَقِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ مَلَكَ مِنَ الْوَرِقِ حُلِيًّا مِمَّا تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ لَوْ كَانَ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 فَقَالَ قَائِلُونَ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ 526 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ، ثُمَّ لَا يُخْرِجُ مِنْهُ الزَّكَاةَ " 527 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، كَانَتْ " تَلِي مَالَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حِجْرِهَا، لَهُنَّ الْحُلِيُّ فَلَا تُخْرِجُ مِنْهُ الزَّكَاةَ " 528 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَسَارٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْحُلِيِّ أَفِيهِ زَكَاةٌ؟ فَقَالَ: لَا فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ: " وَإِنْ كَانَ أَلْفَ دِينَارٍ؟ فَقَالَ: أَلْفُ دِينَارٍ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ " 529 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْحُلِيِّ أَفِيهِ زَكَاةٌ؟ فَقَالَ: لَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ أَلْفَ دِينَارٍ؟، فَقَالَ: أَلْفُ دِينَارٍ كَثِيرٌ " وَقَالَ قَائِلُونَ: الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِيهِ كَمَا تَجِبُ فِيهِ لَوْ كَانَ عَيْنًا وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مَنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ 530 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الضَّرِيرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، الحديث: 526 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ " فَلْيَتَهَادَيَنَّ بَيْنَهُنَّ وَلْيُزَكِّينَ حُلِيَّهُنَّ " 531 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ امْرَأَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَتْ لَهُ " إِنَّ لِي حُلِيًّا أَفَأُزَكِّيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَتْ: فَأُعْطِيهِ ابْنَ أَخِي أَوِ ابْنَ أُخْتِي؟ قَالَ: نَعَمْ " وَكَانَ حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ هَذَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، عِنْدَنَا فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ عَنْهُ وَذَلِكَ 532 - أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ أَوْ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ بْنِ جَعْفَرٍ، يَشُكُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: إِذَا حَدَّثْتَنِي فَأَسْنِدْ، قَالَ : " إِذَا قُلْتُ: قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ فَهُوَ الَّذِي حَدَّثَنِي وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدً الثَّوْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فَوَصَلَهُ 533 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْ عَنِ الْحُلِيِّ لَهَا، فَقَالَ: " إِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ " قَالَتْ: أَفَأَضَعُهَا فِي بَنِي أَخٍ لِي يَتَامَى فِي حِجْرِي؟ فَقَالَ: " نَعَمْ " وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ فِي الْقِيَاسِ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا، لِأَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الزَّكَاةَ وَاجِبَةً نَقْرَ الْفِضَّةِ كَهِيَ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيهَا إِذَا صِيغَتْ حُلِيًّا، هَلْ تَخْرُجُ عَنْ حُكْمِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ تَبْقَى عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ؟ فَرَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهَا إِذَا صِيغَتْ دَرَاهِمَ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ حُكْمِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تُصَاغَ دَرَاهِمَ، فَالْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ إِذَا صِيغَتْ حُلِيًّا، أَلَّا تَخْرُجَ بِذَلِكَ عَنْ حُكْمِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تُصَاغَ حُلِيًّا وَقَدْ رَأَيْنَا مَا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ فِي مَصُوغِهِ، أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى النَّقْرِ مِنْهُ، مِنْ الحديث: 531 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 ذَلِكَ الْحَدِيدُ، وَالنُّحَاسُ، لَا زَكَاةَ فِي مَصُوغِهِمَا، وَلَا فِي النَّقْرِ مِنْهُمَا وَفِي ثُبُوتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي نَقْرِ الْفِضَّةِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ وُجُوبِهَا فِي مَصُوغِهِمَا حُلِيًّا وَدَرَاهِمَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَقَدْ شَبَّهَ قَوْمٌ الْحُلِيَّ بِالْعَوَامِلِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، فَقَالُوا : لَا تَجِبُ فِي الْمُسْتَعْمَلِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الزَّكَاةُ، فَكَذَلِكَ لَا تَجِبُ فِي الْحُلِيِّ الْمُسْتَعْمَلِ الزَّكَاةُ، وَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا غَلَطًا مِنَ الشَّبَهِ بَيْنَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحُلِيَّ لَمْ يَنْتَقِلْ بِأَنْ صَارَ حُلِيًّا عَنْ حُكْمِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ حُلِيًّا، بَلْ قَدْ ثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْهُمَا إِلَّا يَدًا بِيَدٍ وَأَمَّا الْعَوَامِلُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فِي أَصْلِهَا كَمَا وَجَبَتْ فِي أَصْلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهِمَا بِمَعْنًى طَرَأَ عَلَيْهَا مِنْ إِسَامَةِ مَا إِلَيْهَا إِيَّاهَا، فَوَجَبَتِ الزَّكَاةُ مَا كَانَتْ سَائِمَةً لِعِلَّةِ الْإِسَامَةِ لَهَا، لَا لَهَا فِي نَفْسِهَا، فَإِذَا بَطَلَتِ الْعِلَّةُ الَّتِي وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهَا مِنْ أَجْلِهَا رَجَعَتْ إِلَى حُكْمِ أَصْلِهَا، وَبَطَلَتِ الزَّكَاةُ عَنْهَا هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُوجِبُ فِي الْعَوَامِلِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الزَّكَاةَ وَمِمَّنْ قَالَ بذلك: أَبُو حنيفَة، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَزفر، وَأَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ وَأما من يُوجب فِي أصل العوامل من الْإِبِل وَالْبَقر الزَّكَاة وَهُمْ: مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَمَنْ تَابَعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ، فَيُوجِبُونَ الزَّكَاةَ فِيهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْإِسَامَةِ عَنْهَا كَمَا كَانَتْ وَاجِبَةً فِيهَا قَبْلَ الْإِسَامَةِ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ فِي الْحُلِيِّ الَّذِي يُعَارُ وَيُلْبَسُ أَنَّهُ يُزَكَّى مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يُزَكَّى بَعْدَ ذَلِكَ، وَرَوَوْا قَوْلَهُمْ هَذَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ 534 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " إِذَا كَانَ الْحُلِيُّ يُعَارُ وَيُلْبَسُ زُكِّيَ مَرَّةً وَاحِدَةً " الحديث: 534 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 وَلَا نَدْرِي مَا وَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ، لِأَنَّ الصِّيَاغَةَ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا يَخْلُوا مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنْ يَكُونَ يَخْرُجُ الْمَصُوغُ مِنْهَا عَنْ حُكْمِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَتَكُونَ الزَّكَاةُ سَاقِطَةً عَنْهُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ فِيهِ لِحَوْلٍ وَاحِدٍ وَلَا لِأَكْثَرَ مِنْهُ مِنَ الْأَحْوَالِ، أَوْ لَا يَكُونُ يُخْرِجُهُ لَهُ عَنْ حَجْمِهِ الْأَوَّلِ، فَيَكُونَ بَعْدَهَا عَلَى حُكْمِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ لِكُلِّ حَوْلٍ يَأْتِي عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ مَلَكَ مِنَ الْوَرِقِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ: مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَفِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا 535 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ صُبْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةٌ، فَمَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ " 536 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " إِذَا كَانَ عِنْدَكَ مَالٌ اسْتَفَدْتَهُ فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَإِنْ بَلَغَ مِائَتَيْنِ فَفِيهِ خَمْسَةٌ، وَإِنْ نَقَصَ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَبِالْحِسَابِ " 537 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَابِرٍ الْحَذَّاءِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: " أَعَلَى الْعَبْدِ زَكَاةٌ، قَالَ: مُسْلِمٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَإِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادِ فَبِالْحِسَابِ " 538 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرٌ الْحَذَّاءُ، قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 535 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ: لَيْسَ فِيمَا زَادَ عَلَى خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَهٌ حَتَّى تَكُونَ الزِّيَادَةُ أُوقِيَّةً وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ 539 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " جَعَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الْخِتَانَةِ، وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ إِذَا بَلَغَ الْمُسْلِمُ مَالُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمٌ، وَجَعَلَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ فَهُمَا اللَّذَانِ وَجَدْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمِينَ، لَا ثَالِثَ لَهُمَا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ لِنَعْطِفَهُ عَلَى مَا يُجْمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَشْكَالِهِ، فَوَجَدْنَا الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الْمَوَاشِي السَّائِمَةِ مِنَ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، حَتَّى تَبْلُغَ عَدَدًا مَعْلُومًا، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الْعَدَدِ الْمَعْلُومِ حَتَّى تَبْلُغَ عَدَدًا آخَرَ مَعْلُومًا، ثُمَّ كَذَلِكَ هِيَ أَبَدًا مَا تَنَاهَتْ فِيهَا زِيَادَةٌ تَرْجِعُ مِنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ فَيَكُونُ فِيمَا زَادَ فِيهِ بِحِسَابِ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْعَدَدِ الْمَعْلُومِ فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ، وَكَانَتِ الْوَرِقُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ وَزْنًا مَعْلُومًا وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ غَيْرُ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ حَكَيْنَاهُمَا، وَكَانَ فِي أَحَدِهِمَا سُقُوطُ الْمِقْدَارِ الْمَعْلُومِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ أَوَاقٍ، وَكَانَ فِي الْآخَرِ ثُبُوتُ الْمِقْدَارِ الْمَعْلُومِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا بثَبَتَ الْمِقْدَارُ الْمَعْلُومُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيهَا وَهُوَ الْأُوقِيَّةُ الَّتِي وَزْنُهَا أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ أَبِي يُوسُفَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَدْ وَجَدْنَا السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَّا صَدَقَةَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَكَانَ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ فَفِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ بِحِسَابِ ذَلِكَ قَالَ: وَمَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ مِمَّا ذَكَرْنَا فَمَكِيلٌ، وَمَا فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْوَرِقِ الَّذِي وَصَفْنَا الحديث: 539 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 فَمَوْزُونٌ، وَمَا فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْمَوَاشِي الَّتِي ذَكَرْنَا فَمَعْدُودٌ، فَالْمَوْزُونُ بِالْمَكِيلِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْمَعْدُودِ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى أَبِي يُوسُفَ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا مَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِخُرُوجِهِ مِنْهَا، لَا بِحَوْلٍ يَأْتِي عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا أَدَّيْتَ عَنْهُ الزَّكَاةَ لَمْ تَجِبْ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ زَكَاةٌ، وَخَرَجَ مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ وَرَأَيْنَا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا بَعْدَ مِلْكِ الَّذِي مَلَكَهَا إِيَّاهَا، ثُمَّ لَا يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَدَاءِ عَلَيْهَا مِنْ حُكْمِ الزَّكَاةِ فِيهَا عِنْدَ كُلِّ حَوْلٍ يَأْتِي عَلَيْهَا عِنْدَهُ، وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ الَّتِي هَذَا حُكْمُهَا بِالسَّوَاءِ، ثُمَّ الَّتِي هَذَا حُكْمُهَا أَشْبَهُ مِنْهَا بِمَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ مِمَّا حُكْمُهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَحُجَّةٌ أُخْرَى: أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا يُوسُفَ قَدْ قَالَ فِيمَنْ أَخْرَجَتْ أَرْضُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ: إِنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ مِمَّا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسُ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ أَوْ خَمْسُ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ، أَوْ ثَلَاثُونَ مِنَ الْبَقَرِ، أَوْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْغَنَمِ سَالِمَةً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، إِنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ يُسْقِطُ عَنْهُ حُكْمَ الزَّكَاةِ فِيمَا لَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَسَوَّى بَيْنَ حُكْمِ الْوَرِقِ وَبَيْنَ حُكْمِ الْمَوَاشِي فِي ذَلِكَ، وَخَالَفَ بَيْنَ حُكْمِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَبَيْنَ حُكْمِ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ وَإِنَّ أَرْضًا لَوْ كَانَتْ لِصَبِيٍّ لَمْ يَبْلُغْ، أَوْ لِمَجْنُونٍ مُطْبَقٍ عَلَيْهِ، فَأَخْرَجَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ، إِنَّ فِيمَا أُخْرِجَ مِنْ ذَلِكَ الزَّكَاةَ كَهُوَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ بَالِغٍ صَحِيحٍ، وَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا فِي ذَهَبِهِمَا، وَلَا فِي وَرِقِهِمَا، وَلَا فِي سَوَائِمِهِمَا فَحُكْمُ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا بِحُكْمِ الْمَوَاشِي، لَا بِحُكْمِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ وَإِنَّ أَرْضًا لَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ بَالِغٍ صَحِيحٍ، فَأَخْرَجَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، أَنَّهُ مَأْخُوذٌ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا كَانَ مَأْخُوذًا فِي حَيَاتِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ لَهُ وَرِقٌ أَوْ ذَهَبٌ، أَوْ سَوَائِمُ فَوَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِيهَا أَنَّهُ غَيْرُ مَأْخُوذٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَحُكِمَ لِذَلِكَ أَيْضًا بِحُكْمِ الْمَوَاشِي، وَجَعَلَ حُكْمَهَا حُكْمَ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ فِي ذَلِكَ حُكْمًا وَاحِدًا، وَخَالَفَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ حُكْمِ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ فِي أَشْبَاهٍ لِهَذَا كَثِيرَةٍ، يُغْنِي مَا ذَكَرْنَا مِنْهَا عَنْ ذِكْرِ جَمِيعِهَا، وَيَجِبُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْهَا لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَبِي يُوسُفَ اشْتِبَاهُ حُكْمِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ بِالْمَوَاشِي، لَا بِحُكْمِ مَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ، عَلَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يَكُنْ يَقُولُ: إِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيمَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ حَتَّى يَكُونَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ، بَلْ كَانَ يَقُولُ: مَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ غَيْرِ الْحَطَبِ وَالْقَصَبِ وَالْحَشِيشِ، فَفِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 الْعُشْرِ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلا تَوْقِيتٍ فِيهِ أَوْلَى مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ بِالتَّوْقِيتِ وَقَدْ تَقَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ هَذَا مُجَاهِدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخْعِيُّ، وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ وَبِمَا رُوِيَ فِيهِ مِمَّا يُوَافِقُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ، وَمَا يُوجِبُهُ النَّظَرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى فَكَانَ احْتِجَاجُ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ هُوَ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَا غَيْرَ لَازِمٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَمْوَالِ الْعَيْنُ مِنَ الْوَرِقِ، وَالذَّهَبِ، وَفِي النَّقْرِ مِنْهَا فَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ دَيْنًا عَلَى مَلِئٍ، مُقِرٍّ بِهِ، فَهُوَ كَالْعَيْنِ مِنْهَا فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، وَالزَّكَاةُ فِيهِ وَاجِبَةٌ كَوُجُوبِهَا فِي الْعَيْنِ مِنْهَا، إِلا أَنَّ زَكَاتَهُ الَّتِي تَجِبُ فِيهِ أَيْضًا عَلَى الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْهُ إِذَا قَبَضَهُ، وَإِنْ أَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ الَّذِي فِي يَدِهِ عَنِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ أَجْزَأَ ذَلِكَ عِنْهُ وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى جَاحِدٍ لَهُ، غَيْرِ مُقِرٍّ بِهِ، فَأَقَامَ عَلَيْهِ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَخَرَجَ مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَقَائِلُونَ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلافًا بَيْنَهُمْ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ أَيْضًا، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيِّ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِذَلِكَ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ 541 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " كَتَبَ فِي مَالٍ قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلاةِ ظُلْمًا يَأْمُرُهُ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى الحديث: 541 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 أَهْلِهِ، وَتُؤْخَذَ زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ: أَلا يُؤْخَذَ مِنْهُ إِلا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنَّهُ كَانَ مَالا ضِمَارًا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللهُ: وَمَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي هَذَا عِنْدَنَا أَلا يُؤْخَذَ إِلا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ مَالا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ سَاعَةَ مَلَكَهُ عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ لَا زَكَاةَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْحَوْلِ، وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ وَبِمَا رُوِيَ فِيهِ، وَبِأَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ: إِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِيهِ كَمَا تَجِبُ فِي الدُّيُونِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْأَمْلِيَاءِ الْمُقِرِّينَ بِهَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ زُفَرَ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ زُفَرَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَغْصُوبَ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنِ الْمَالِ الَّذِي غُصِبَهُ بِالْغَصْبِ الَّذِي كَانَ قَالَ: وَلَمَّا كَانَ مِلْكُهُ عَلَى مَالِهِ، فَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ مَا عَلَى ذَوِي الأَمْوَالِ مِنَ الزَّكَوَاتِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ لِلآخَرِينَ فِي ذَلِكَ: أَنَّا رَأَيْنَا ذَوِي الأَمْوَالِ إِذَا مُنِعُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي حِلِّ الصَّدَقَاتِ لَهُمْ كَمَنْ لَا مَالَ لَهُ، وَكَانَ مَا يَأْخُذُونَ مِنَ الصَّدَقَاتِ فِي أَحْوَالِهِمْ تِلْكَ حَلالا لَهُمْ وَلَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ أَمْوَالُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ رَدُّ الصَّدَقَاتِ الَّتِي كَانُوا أَخَذُوهَا فِي حَالِهِمُ الَّذِي كَانُوا فِيهَا مَمْنُوعِينَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَجُعِلُوا بِعَوْدِ أَمْوَالِهِمْ إِلَيْهِمْ كَهُمْ لَوْ مَلَكُوا أَمْوَالا حِينَئِذٍ، فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ فِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ عَنْهُمْ، وَأَنْ يَكُونُوا فِي رُجُوعِ أَمْوَالِهِمْ إِلَيْهِمْ كَالْمُسْتَفْدِينَ لَهَا حِينَئِذٍ، وَلا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلا بِحُلُولِ حَوْلٍ عَلَيْهَا بَعْدَ مَا صَارَتْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالُهُمْ كَذَلِكَ أَيْضًا فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِزُفَرَ عَلَى قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الرَّجُلَ الَّذِي يَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْ مَالِهِ بِمَسَافَةٍ تَكُونُ مِنْهُ وَبَيْنَهُ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهَا الْوُصُولُ إِلَى مَالِهِ حَتَّى يَحْتَاجَ كَحَاجَةِ مِنْ لَا مَالَ لَهُ، أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ ابْنَ سَبِيلٍ، وَأَنَّهُ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، وَيَطِيبُ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا، وَأَنَّهُ إِنْ وَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مَالِهِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ رَدُّ مَا كَانَ أَخَذَهُ مِنْهَا عَلَى أَهْلِهَا الَّذِينَ كَانُوا تَصَدَّقُوا بِهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ يُسْقِطُ عَنْهُ زَكَاةَ مَالِهِ الَّذِي كَانَ غَائِبًا عَنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 فَلَمَّا كَانَ حِلُّ الصَّدَقَةِ لَهُ لِغَيْبَةِ مَالِهِ عَنْهُ غَيْرَ مُسْقِطٍ عَنْهُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ، كَانَ كَذَلِكَ حِلُّ الصَّدَقَةِ لَهُ بِالْمَنْعِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي مَالِهِ غَيْرَ مُسْقِطٍ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهِ وَقَدْ رَأَيْنَا مَا عُذِرَ بِهِ الْعِبَادُ، فَأُسْقِطَتْ عَنْهُمُ الْفُرُوضُ بِالْفَقْرِ، وَبِبُعْدِ الْمَسَافَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَبِمَنْعِ بَنِي آدَمَ إِيَّاهُمْ مِنْهُ سَوَاءً مِنْ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلا لَوْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ فِي سَفَرٍ، فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مَسَافَةٌ طَوِيلَةٌ، لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُ الصَّلاةِ، أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ التَّيَمُّمُ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَاءُ بِحَضْرَتِهِ مَعَ مَنْ لَا يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ إِلا بِثَمَنٍ يَبْتَاعُهُ مِنْهُ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ ذَلِكَ الثَّمَنُ، أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ التَّيَمُّمُ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى نَهْرٍ، وَعَلَيْهِ عَدُوٌّ يَمْنَعُهُ مِنَ الْمَاءِ، أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ فَكَانَتْ هَذِهِ وُجُوهً قَدْ أَبَاحَتْ لَهُ التَّيَمُّمَ، وَسَقَطَ عَنْهُ بِهَا فَرْضُ الْوُضُوءِ لِلصَّلاةِ، وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهَا سَوَاءً، وَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْمَمْنُوعُ مِنْ مَالِهِ بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ، وَبِالْمَانِعِ لَهُ مِنْهُ مِنَ الآدَمِيِّينَ سَوَاءً فِي إِبَاحَةِ الصَّدَقَةِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا هُوَ أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِيهَا، فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ بِذَلِكَ فَرْضُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الزَّكَاةِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْغَصْبِ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ بِإِدْخَالِهِ إِيَّاهُ عَلَى نَفْسِهِ قِيلَ لَهُ: وَهَلْ بَيْنَ مَا أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ هَذَا، وَمَا دَخَلَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ مِنْ فَرْقٍ؟ وَقَدْ رَأَيْنَا الرَّجُلَ يَعْجَزُ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلاةِ بِعِلَّةٍ نَزَلَتْ بِهِ مِنَ السَّمَاءِ، أَوْ بِجِنَايَةٍ كَانَتْ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ كَكَسْرِهِ رِجْلَهُ، سَوَاءً فِي سُقُوطِ فَرْضِ الْقِيَامِ عَنْهُ، لأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِالشَّيْئَيْنِ جَمِيعًا عَاجِزًا عَنِ الْقِيَامِ، فَوَجَبَ لَهُ بِذَلِكَ حُكْمُ الْعَاجِزِينَ عَنِ الْقِيَامِ فِي صَلَوَاتِهِمْ، وَلَمْ يُنْظَرْ إِلَى الَّذِي صَارَ بِهِ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَيْضًا الَّذِي قَدْ بَعُدَ عَنْهُ مَالُهُ بِفِعْلِهِ يَكُونُ فِيهِ كَمَنْ بَعُدَ عَنْهُ بِغَيْرِ فَعْلِهِ، وَيَكُونُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فِي حُكْمِ الْعَاجِزِ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى مَالِهِ، وَلا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إِلَى السَّبَبِ الَّذِي بِهِ صَارَ كَذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَبِهِ: 541 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، كَانَ يَقُولُ: " إِنَّ الصَّدَقَةَ تَجِبُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي لَوْ شِئْتَ تَقَاضَيْتَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، وَالَّذِي عَلَى مَلِئٍ تَدَعُهُ حَيَاءً وَمُصَانَعَةً " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 فَهَذَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يُوجِبْ فِي الدَّيْنِ زَكَاةً إِلا فِيمَا يُقْدَرُ عَلَى تَقَاضِيهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِيمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَقَاضِيهِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَبِهِ فَهِمَ وَإِنْ كَانُوا قَدْ تَرَكُوا الْقِيَاسَ فِيمَا ذَكَرْنَا فَقَدْ تَعَلَّقُوا بِقَوْلِ إِمَامٍ مِنَ الأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ أَيْضًا 542 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " أَيُّمَا دَيْنٍ كَانَ لَكَ عَلَى أَحَدٍ تَرْجُو قَضَاءَهُ فَعَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ كُلَّ عَامٍ " فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ أَيْضًا لَمْ يُوجِبِ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ إِلا إِذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى تَقَاضِي مَالِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ، فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَقَاضِيهِ، خِلافَ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ كَانَا يَقُولانِ فِي الْغَرِيمِ الْفَقِيرِ إِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَضَى غَرِيمُهُ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ فِي حَالِ فَقْرِهِ مُقِرًّا بِمَا لَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى وَخَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَقَالَ: لَا يُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى وَهَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى بِأُصُولِهِمْ وَأَشْبَهُ بِأَقْوَالِهِمْ مِنَ الْقَوْلِ الْآخَرِ، لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ إِذَا كَانَ فَقِيرًا، فَالَّذِي لَهُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَمْنُوعٌ مِنْ مَالِهِ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَالْمَمْنُوعِ بِالْجُحُودِ، وَلا فَرْقَ بَيْنَ عَدَمِهِ الْوُصُولَ إِلَى مَالِهِ بِاعْتِبَارِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ بِجُحُودِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ إِيَّاهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي يَحُولُ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ وَهُوَ عَلَى الْمَطْلُوبِ، ثُمَّ يَقْضِيهِ الَّذِي هُوَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ جَاحِدًا لَهُ، وَلا فَقِيرًا فَقَالَ قَوْمٌ: يُزَكِّيهِ لِكُلِّ حَوْلٍ مَرَّ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ يَرْفَعُ مِنَ الْحَوْلِ الثَّانِي زَكَاةَ الْحَوْلِ الأَوَّلِ، ثُمَّ يُزَكِّي الثَّانِيَ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي كُلِّ حَوْلٍ حَتَّى يَرْجِعَ مَالُهُ إِلَى أَقَلَّ مِمَّا تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللهُ وَهُوَ قَوْلُنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُزَكِّيهِ بِكَمَالِهِ لِكُلِّ حَوْلٍ مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الأَحْوَالِ، وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى الْمَالِ كُلِّهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: زُفَرُ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيِّ، عَنْ زُفَرَ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِي رَجُلٍ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ لِنَفْسِهِ تَجِبُ فِيهِ الحديث: 542 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 الزَّكَاةُ، فَتَرَكَهُ سِنِينَ لَا يُزَكِّيهِ، إِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ أَوَّلِ سَنَةٍ جَمِيعَ الْمَالِ، وَعَنِ الثَّانِيَةِ جَمِيعَ الْمَالِ، إِلا مَا خَرَجَ لِلزَّكَاةِ فِي الْعَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَبْقَى مِنَ الْمَالِ أَقَلَّ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلا يَكُونُ عَلَيْهِ غيرَ ذَلِكَ وَكَانَ زُفَرُ، يَقُولُ: يُزَكِّيهِ لِكُلِّ عَامٍ زَكَاةً كَامِلَةً، وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ، وَلا يَمْنَعُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ عِنْدَهُ فِي الْحَوْلِ الأَوَّلِ وُجُوبَ زَكَاةِ جَمِيعِهِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي، وَفَرَّقَ زُفَرُ بَيْنَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ وَبَيْنَ وُجُوبِ الدَّيْنِ سِوَاهُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ، فَلَمْ يَجْعَلِ الزَّكَاةَ دَيْنًا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ، وَسَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بَيْنَهُمَا سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِلالا، يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، حَالَ عَلَيْهَا حَوْلانِ، فَقَالَ: عَلَيْهِ زَكَاةُ حَوْلٍ وَاحِدٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا لِلْحَوْلِ الثَّانِي، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّ زُفَرَ كَانَ يَقُولُ: عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهَا لِلْحَوْلَيْنِ جَمِيعًا، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا حُجَّتُكَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَرْبَعُ مِائَةِ دِرْهَمٍ؟ قَالَ أَحْمَدُ: وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ إِذَا جَعَلَ الزَّكَاةَ وَاجِبَةً فِي كُلِّ حَوْلٍ جَازَ أَنْ تَكْثُرَ الأَحْوَالُ حَتَّى تَكُونَ جُمْلَةُ زَكَاتِهَا تُجَاوِزُ مِقْدَارَ الْمَالِ الَّذِي مِنْ أَصْلِهِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَكَانَ الِّذِي احْتَجَّ بِهِ أَبُو يُوسُفَ مِنْ هَذَا عَلَى زُفَرَ غَيْرَ لازِمٍ لَهُ، لأَنَّهُ وَزُفَرَ جَمِيعًا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي حُقُوقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالدِّمَاءِ الْوَاجِبَاتِ بِأَنْسَاكِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَالدَّيْنِ الَّذِي مِنْ حُقُوقِ الآدَمِيِّينَ، وَكَانَتِ الزَّكَاةُ الَّتِي مِنْ حُقُوقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالدَّيْنِ الَّذِي مِنْ حُقُوقِهِ أَشْبَهَ مِنْهَا بِالدُّيُونِ الَّتِي مِنْ حُقُوقِ الآدَمِيِّينَ أَلا تَرَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لأَدَمِيٍّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ، وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَأَنَّهُ عِنْدَ زُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، تَسْقُطُ عَنْهُ الْحُقُوقُ الَّتِي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَوْتِهِ مِنَ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَسَائِرِ مَا ذَكَرْنَا مَعَهَا، وَكَانَ حُكْمُ الزَّكَاةِ بِالْكَفَّارَاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَشْبَهَ مِنْهَا بِدُيُونِ الآدَمِيِّينَ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِهَا فِي الْحَيَاةِ أَشْبَهَ مِنْهَا بِدُيُونِ الآدَمِيِّينَ، وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَلا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ، لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 الْحَيَاةِ، وَكُلُّ مَا لَا يَسْقُطُ بَعْدَ الْمَوْتِ يُؤْخَذُ مِنَ الزَّكَاةِ، يَمْنَعُ فِي الْحَيَاةِ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ هَذِهِ حُجَّةٌ تَلْزَمُ أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ أَلْزَمُ عَلَى أُصُولِهِمْ وَعَلَى أَصْلِهِ فَأَمَّا مَنْ يُخَالِفُهُمْ جَمِيعًا فِي ذَلِكَ وَيَجْعَلُ الزَّكَاةَ بَعْدَ الْمَوْتِ دَيْنًا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ مِنَ التَّرِكَاتِ، فَإِنَّ هَذِهِ حُجَّةٌ لَا تَلْزَمُهُ وَقَالَ آخَرُونَ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الدَّيْنِ لِحُلُولِ وَاحِدٍ، وَإِنْ أَقَامَ عَلَى الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ أَحْوَالا كَثِيرَةً وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ 543 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ الْعَمْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " لَيْسَ فِي الدَّيْنِ زَكَاةٌ حَتَّى يَقْضِيَهُ، فَإِذَا اقْتَضَاهُ زَكَّاهُ زَكَاةً وَاحِدَةً " 544 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: " كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ مَالُ يَتِيمٍ فَكَانَ يُسْلِفُهُ، لِئَلا يُخْرِجَ مِنْهُ الزَّكَاةَ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، فَهَذَانِ قَوْلانِ مُخْتَلِفَانِ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ فَيُحْتَمُلُ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِحَدِيثِ عَاصِمٍ الْعَمْرِيِّ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي قَصَدَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ فِي سُقُوطِهِ عَنْ مَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الزَّكَاةِ بِالسَّلَفِ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ فِي مَالِهِ زَكَاةَ كُلِّ الأَحْوَالِ الَّتِي تَأْتِي عَلَيْهِ فِي حَالِ السَّلَفِ غَيْرَ زَكَاةِ حَوْلٍ وَاحِدٍ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ دَيْنًا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَإِذَا صَارَتْ دَيْنًا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَائِلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ: هِيَ عَلَى حُكْمِهَا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا الحديث: 543 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 وَقَائِلٌ يَقُولُ: قَدْ زَالَ ذَلِكَ الْحُكْمُ عَنْهَا، وَبَطَلَتِ الزَّكَاةُ عَنْهَا وَكَانَ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ مَا فِي ذَلِكَ أَنْ نُقِرَّهَا عَلَى حُكْمِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ اخْتِلافِهِمْ فِيهَا حَتَّى تَقُومَ الْحُجَّةُ بِزَوَالِ ذَلِكَ الْحُكْمِ عَنْهَا مَعَ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الدَّيْنَ الَّذِي فِي الذِّمَمِ لَهُ حُكْمُهُ لَوْ كَانَ عَيْنًا، مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُوَرَّثُ كَمَا يُوَرَّثُ لَوْ كَانَ عَيْنًا، وَتَجُوزُ هِبَتُهُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ كَمَا تَجُوزُ هِبَتُهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا، وَيُبَاعُ بِهِ مِنَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ كَمَا يُبَاعُ بِهِ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا وَتَلْحقهُ الْوَصَايَا مِمَّنْ هُوَ لَهُ كَمَا كَانَتْ تَلْحَقُهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فَكَانَ تَحَوُّلُهُ مِنَ الْعَيْنِ إِلَى الذِّمَّةِ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ حَدَثًا يُغَيِّرُ أَحْكَامَهُ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا وكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَلا يُقِرَّ أَحْكَامَهُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ الَّذِي يَكُونُ مَالُهُ دَيْنًا، فَيَحُولُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَقْبِضُ بَعْضَهُ؟ فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا قَبَضَ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، فَإِذَا أَخَذَ مِنْهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا زَكَّى عَنْهَا بِرُبُعِ عُشْرِهَا، وَكُلَّمَا أَخَذَ مِنْهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا زَكَّى عَنْهَا كَذَلِكَ أَيْضًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ كُلَّهُ، وَلا يُزَكِّي إِلا مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ يَقْبِضُهَا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِذَلِكَ وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِذَا أَخَذَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ زَكَّى عَنْهَا، ثُمَّ مَا قَبَضَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا قَلَّ أَوْ كَثُرَ زَكَّى عَنْهُ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ سُفْيَانُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ: مَا أَخَذَ مِنْ شَيْءٍ زَكَّاهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي مِنْ قَوْلَيْ سُفْيَانَ هَذَيْنِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي حَنِيفَةَ: لِمَ قُلْتَ فِيمَا قَبَضَ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، إِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ الْمَقْبُوضُ مِنْهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا؟ قَالَ: جَعَلْتُ ذَلِكَ كَالزَّائِدِ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ يَحُولُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مَعَهَا، وَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، ثُمَّ يُصْنَعُ لَهُ إِلا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ، فَفِي الْبَاقِي مِنْهُ الزَّكَاةُ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ وَجَبَ فِيهِ بِحُلُولِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 قَالَ: فَأَمْسَكَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَكَانَ سُكُوتُ أَبِي حَنِيفَةَ هَذَا عَنِ الاحْتِجَاجِ عَلَى أَبِي يُوسُفَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا، دَلِيلا عِنْدَنَا عَلَى قَبُولِهِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَعَلَى لُزُومِ الْحُجَّةِ إِيَّاهُ وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ الَّذِي يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ الدَّيْنُ فَيَحُولُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ كَذَلِكَ لَمْ يَقْبِضْ بَعْضَهُ، قَالَ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ كُلَّهُ وَمَعْنَاهُ فِي هَذَا عِنْدَنَا كَمَعْنَى قَوْلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ الأَوَّلِ مِنْ قَوْلَيْهِ اللَّذَيْنِ حَكَيْنَاهُمَا عَنْهُ وَقَدْ رُوِّينَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثُ جَابِرٍ الْحَذَّاءِ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: أَعَلَى الْعَبْدِ زَكَاةٌ؟ فَقَالَ: مُسْلِمٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: كُلُّ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ فَفِي هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا يُوجِبُ مِلْكَ الْعَبْدِ كَمَالِ الَّذِي يَكُونُ فِي يَدِهِ وَأَنَّهُ فِيمَا يُوجَبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الزَّكَاةِ كَالْحَقِّ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلافُ ذَلِكَ 545 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " لَيْسَ فِي مَالِ الْعَبْدِ زَكَاةٌ " وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ 546 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَكَانَ مَمْلُوكًا لِبَنِي هَاشِمٍ، فَقَالَ: " إِنَّ لِي مَالا أَفَأُزَكِّيهِ؟ فَقَالَ: لَا " 547 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا الحديث: 545 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وَالْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ إِلَى زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ، فَحَدَّثَنَا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّ أَبَاهُ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: " إِنِّي رَجُلٌ مَمْلُوكٌ، فَهَلْ فِي مَالِي زَكَاةٌ؟ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنَّمَا زَكَاتُكَ عَلَى سَيِّدِكَ، أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْكَ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ صَاعَ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعَ تَمْرٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ " وَكَانَ مَا رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي نَفْيِ الزَّكَاةِ عَنْ مَالِ الْعَبْدِ أَوْلَى مِمَّا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي إِيجَابِهَا فِيهِ، لأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا فِي يَدِهِ فَإِنَّمَا هُوَ مَالٌ لِمَوْلاهُ، فَحُكْمُهَا فِي ذَلِكَ حُكْمُ سَائِرِهَا لِمَوْلاهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ فِي مَالِهِ، وَفِيمَا يَسْقُطُ عَنْهُ فِيهِ، إِلا أَنْ تَكُونَ فِي الْعَبْدِ عِلَّةٌ تَحُولُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَبَيْنَ مَا فِي يَدِ عَبْدِهِ مِنَ الأَمْوَالِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَوُجِّهَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَمْنَعُ بِذَلِكَ مَوْلاهُ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ الَّذِي اكْتَسَبَ، فَلِذَلِكَ قَدْ زَالَ بِهِ عَنْهُ حُكْمُ مَوْلاهُ، وَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْعَبْدِ فِيهِ الزَّكَاةُ إِذْ مِلْكُهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ تَامٍّ فَيَكُونَ فِيهِ كَالأَحْرَارِ فِيمَا يَمْلِكُونَ أَلا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ عِتَاقُ مَا فِي يَدِهِ مِنَ الْعَبِيدِ، وَلا الصَّدَقَةُ، وَلا الْهِبَةُ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنَ الأَمْوَالِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ مِنَ الأَحْرَارِ فِي أَمْوَالِهِمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَفَهُوَ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ كَمَا يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ؟ قِيلَ: لَيْسَ هُوَ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ فَإِنْ قَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْمِلْكِ لِمَا فِي يَدِهِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ ِلا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ " وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا 548 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَاللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَنْ بَاعَ عَبْدًا فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ " 549 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ " الحديث: 548 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 إِ قَالُوا: وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَيْضًا فَذَكَرُوا مَا 550 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: " مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ " قَالُوا: فَجَعَلَ الْعَبْدَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ذَا مَالٍ قِيلَ لَهُمْ: بَلْ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا قَدْ نَفَى مِلْكَ الْعَبْدِ لِلْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ، لأَنَّ فِيهِمَا، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ، فَقَدْ جَعَلَ مَا أُضِيفَ إِلَى الْعَبْدِ فِيهِمَا لِلْبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ، فَيَكُونَ لَهُ دُونَ الْعَبْدِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ مَا أُضِيفَ إِلَى الْعَبْدِ فِيمَا لَا حَقِيقَةَ مِلْكٍ فِيهِ لِلْعَبْدِ، وَأَنَّهُ كَالْبَابِ الْمُضَافِ إِلَى الدَّارِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: بَابُ الدَّارِ، وَكَالْحَبْلِ الْمُضَافِ إِلَى الدَّابَّةِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: حَبْلُ الدَّابَّةِ، لَا عَلَى أَنَّ الدَّارَ مَالِكَةٌ لِلْبَابِ الْمُضَافِ إِلَيْهَا، وَلا عَلَى أَنَّ الدَّابَّةَ مَالِكَةٌ لِلْحَبْلِ الْمُضَافِ إِلَيْهَا 551 - وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ بَاعَ نَخْلا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ " 552 - حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ بَاعَ نَخْلا بَعْدَ أَنْ تُؤْبَرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ " فَلَمْ يَكُنْ مَا أَضَافَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الثَّمَرِ إِلَى النَّخْلِ بِقَوْلِهِ: " فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ " عَلَى أَنَّ النَّخْلَ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا، وَلَكِنْ عَلَى الإِضَافَةِ الَّتِي لَا حَقِيقَةَ مِلْكٍ مَعَهَا وَقَدْ جَاءَ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} وَلَمَّا كَانَ الْمَوْلَى لَهُ أَخْذُ مَا فِي يَدِ عَبْدِهِ لأَنَّهُ مَالِكُهُ دُونَ عَبْدِهِ، اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ أَخْذُهُ الحديث: 550 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 إِيَّاهُ بِلا حَقٍّ كَانَ لِعَبْدِهِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ لِعَبْدِهِ فِيهِ حَقٌّ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ بِحَقِّهِ فِيهِ، وَلأَنَّهُ قَدْ يُبِينُ بِحُقُوقِهِ عَنْهُ أَلا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَحُولَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، لأَنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ لِعَبْدِهِ قَدْ بَانَ بِهِ مِنْهُ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا بَانَ بِشَيْءٍ عَنْ مَوْلاهُ حَتَّى يَصِيرَ مَالِكًا لَهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ إِيَّاهُ كَالْحُرِّ فِي مِلْكِهِ لِمِثْلِهِ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَوْلاهُ مِمَّا هُوَ لَهُ دُونَهُ، كَمَا يَمْنَعُ الأَحْرَارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِمَّا يَمْلِكُونَ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ الَّذِي لَا مِلْكَ لَهُ، يَسْتَفِيدُ مَالا يَكُونُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا، فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُزَكِّيهِ عِنْدَ مِلْكِهِ إِيَّاهُ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا: 553 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يَسْتَفِيدُ الْمَالَ، قَالَ: " يُزَكِّيهِ حِينَ يَسْتَفِيدُهُ " 554 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الرَّجُلِ يَسْتَفِيدُ الْمَالَ، فَقَالَ: " يُزَكِّيهِ حِينَ يَسْتَفِيدُهُ " وقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ: لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مُنْذُ يَوْمِ يَقَعُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرُ الْمُخَالِفِينَ لَهُمْ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ عَائِشَةَ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ 555 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُكَاتَبٍ لَهُ قَاطَعَهُ بِمَالٍ عَظِيمٍ عَلَيْهِ، هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ فَقَالَ الْقَاسِمُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ " لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ مِنْ مَالٍ زَكَاةً حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ " قَالَ الْقَاسِمُ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا أَعْطَى النَّاسَ أُعْطِيَاتِهِمْ سَأَلَ الرَّجُلَ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، أَخَذَ مِنْ عَطَائِهِ زَكَاةَ مَالِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ: لَا، سَلَّمَ إِلَيْهِ عَطَاءَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا الحديث: 553 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 556 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ابْنَةِ قُدَامَةَ، عَنْ أَبِيهَا قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ، قَالَ: " كُنْتُ إِذَا جِئْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَقْبِضُ عَطَائِي سَأَلَنِي: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ؟ فَإِنْ قُلْتُ: نَعَمْ، أَخَذَ مِنْ عَطَائِي زَكَاةَ ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِنْ قُلْتُ: لَا، دَفَعَ إِلَيَّ عَطَائِي وَافِرًا " 557 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " إِذَا كَانَ عِنْدَكَ مَالٌ اسْتَفَدْتَهُ فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ " 558 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ السَّلُوتِيُّ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " مَنِ اسْتَفَادَ مَالا فَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ " 559 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي الرَّجُلِ يَسْتَفِيدُ الْمَالَ، قَالَ: " يُزَكِّيهِ حِينَ يَحُولُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَكَانَتِ الزَّكَاةُ لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ تَجِبُ عَلَى مَالِكِ الْمَالِ فِي الْمَالِ لِمِلْكِهِ إِيَّاهُ خَاصَّةً، أَوْ لِمِلْكِهِ إِيَّاهُ، وَلِحُلُولِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ، وَكَانَ إِذَا أُدِّيَتْ مِنْهُ الزَّكَاةُ خَارِجًا مِنْ مِلْكِ رَبِّهِ إِيَّاهُ، وَلا زَكَاةَ عَلَيْهِ إِلا بَعْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ، ثَبَتَ بذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الْمَالِ عَلَى مَالِكِهِ، وِتَمَلُّكِهِ إِيَّاهُ، وَبِحُلُولِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ جَمِيعًا، لَا بِأَحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ، وَكَانَ مُسْتَفِيدُ الْمَالِ غَيْرَ مُجْتَمِعٍ فِيهِ مِلْكُ الْمَالِ، وَحُلُولِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَالِكٌ لَهُ، اسْتَحَالَ بِذَلِكَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ فِيهِ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بَعْدَ مِلْكِهِ إِيَّاهُ، كَمَا قَالَ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ مِمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، الحديث: 556 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا 560 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَيْفٍ التُّجِيبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّخْعِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ ابْنَةِ مُعَوَّدٍ، قَالَتْ: " أَهْدَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعَ تَمْرٍ أَوْ رُطَبٍ، شَكَّ ابْنُ مَعْبَدٍ، فَأَثَابَنِي مِلْءَ كَفِّهِ ذَهَبًا، وَقَالَ: تَحَلِّي بِهِ " وَفِي قَبُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا هَدِيَّتَهَا دَلِيلٌ عَلَى بُلُوغِهَا، وَفِيمَا أَحَطْنَا بِهِ عِلْمًا مِنْ مِقْدَارِ مِلْءِ كَفِّهِ مِنَ الذَّهَبِ أَنَّهُ يُجَاوِزُ مِقْدَارَ الْعِشْرِينَ مِثْقَالا، وَفِي تَرْكِهِ ارْتِجَاعَ شَيْءٍ مِنْهَا لِزَكَاةٍ عَلَيْهَا فِيهَا بِمِلْكِهَا إِيَّاهُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَرُوضِ التِّجَارَاتِ، إِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ: إِنْ كَانَتْ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَبِعْ شَيْئًا مِنْهَا مُنْذُ ابْتَاعَهَا حَتَّى حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مِمَّنْ يُدِيرُ فَلا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِيعَهَا بِالْعَيْنِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَبِيعُ الْعَرُوضَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَبِيعَ بِالْعَيْنِ فَيُزَكِّيَهُ لِحُلُولِ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُدِيرُ فَيَبِيعُ بِالْعَيْنِ وَبِالْعَرُوضِ قَوَّمَ الْعَرُوضَ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ حَوْلٍ وَضَمَّ قِيمَتَهُ إِلَى الْعَيْنِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَزَكَّى ذَلِكَ كُلَّهُ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ 561 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ " فِي التَّاجِرِ يَبِيعُ الْعَرُوضَ بِالْعَرُوضِ لَا يَبِيعُ بِشَيْءٍ مِنَ الْعَيْنِ: " لَمْ أَرَ عَلَيْهِ زَكَاةً حَتَّى يَصِيرَ عَيْنًا وَلا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ كَانَ يَبِيعُ بِالْعَيْنِ وَبِالْعَرُوضِ، وَلا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ شَيْءٌ يَخُصُّهُ " قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ مَالٍ بِدَارِ التِّجَارَةِ، وَلا يَنِضُّ لِصَاحِبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ يُقَوِّمُ فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عَرُوضِ التِّجَارَةِ، وَيُحْصِي فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عَيْنٍ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ وقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَرُوضِ التِّجَارَةِ، كَانَ الَّذِي هِيَ لَهُ يُدِيرُهَا، وَلا يُدِيرُهَا أَوْ كَانَ يَبِيعُهَا بِالْعَرُوضِ خَاصَّةً وَبِمَا سِوَاهَا مِنَ الْعُيُونِ، أَوْ كَانَ الَّذِي هِيَ لَهُ مَالُ عَيْنٍ سِوَاهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالُ عَيْنٍ سِوَاهَا وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ الحديث: 560 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ زُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَحَكَى لَنَا الْمُزَنِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 562 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَمَاسٍ، " أَنَّ أَبَاهُ حَمَاسًا كَانَ يَبِيعُ الْحِصَابَ وَالأَدَمَ، فَمَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا حَمَاسُ، أَدِّ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَالَ: مَالِي مَالٌ، إِنَّمَا أَبِيعُ الْحِصَابَ وَالأَدَمَ، فَقَالَ: أَقِمْهُ قِيمَتَهُ ثُمَّ أَدِّ زَكَاتَهُ " 563 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَمَاسٍ، عَنْ أَبِيهِ حَمَاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ الْجُلُودَ وَالْقُرُونَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا اشْتَرَى مِثْلَهَا، فَلا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ أَبَدًا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَمَرَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ جُلُودٌ يَحْمِلُهَا لِلْبَيْعِ، فَقَالَ لَهُ: " زَكِّ مَالَكَ يَا حَمَاسُ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَقَالَ: قَوِّمْ مَا عِنْدَكَ فَأَدِّ زَكَاتَهُ " 564 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " مَا كَانَ مِنْ مَالٍ، أَوْ بُرٍّ، أَوْ دَقِيقٍ، أَوْ دَوَابٍّ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ كُلَّ عَامٍ " وَكَانَ الْقَوْلُ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ الحديث: 562 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وَلا نَعْلَمُ قَائِلا مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ بِالْقَوْلِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلا نَحْفَظُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَلَمْ نَجِدْ لَهُ أَصْلا عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ كَأَصْلِ الْقَوْلِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَقَدْ قَالَ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِثْلُ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ مِثْلَ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ فِي ذَلِكَ، لَكَانَ النَّظَرُ يُوجِبُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ فِي ذَلِكَ، وَذلك إِنَّا رَأَيْنَا الْعَرُوضَ الَّتِي لِلتِّجَارَاتِ لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ حُكْمِ الأَمْوَالِ الْعَيْنِ الَّتِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَوَاتُ، فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ فِي كُلِّ عَامٍ كَمَا تَجِبُ فِي الأَمْوَالِ الْعَيْنِ أَوْ تَكُونَ فِي حُكْمِ الْعَقَارِ وَالْعَرُوضِ الَّتِي لِغَيْرِ التِّجَارَةِ فَلا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ عَلَى حَالٍ، فَإِذَا بَاعَهَا صَاحِبُهَا اسْتَقْبَلَ بِثَمَنِهَا حَوْلا كَمَا يَسْتَقْبِلُ مِنَ الْعَرُوضِ الَّتِي لِغَيْرِ التِّجَارَةِ إِذَا بَاعَهَا فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُزَكِّي مِنْهَا إِذَا بَاعَهَا، أَوْ إِذَا بَاعَ بَعْضَهَا وَصَارَ ثَمَنُ مَا بَاعَ مِنْ ذَلِكَ عَيْنًا فِي يَدِهِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَوَاتِ، وَإِذَا كَانَتْ مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَوَاتِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهَا كُلَّ عَامٍ، وَفِي تَرْكِ عُمَرَ سُؤَالَ حَمَاسٍ: هَلْ يُدِيرُ أَوْ لَا يُدِيرُ، أَوْ يَنْتَفِعُ بِعَرُوضٍ أَوْ بِعَيْنٍ، وَأَمْرُهُ إِيَّاهُ بِتَقْوِيمِ مَالِهِ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِوَاءِ أَحْكَامِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الْمَالُ الْعَيْنُ الَّذِي تَجِبُ فِي مِقْدَارِهِ الزَّكَاةُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ مِثْلُهُ، أَوْ مِثْلُ بَعْضِهِ فَقَالَ قَائِلُونَ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، إِلا أَنْ يَكُونَ يَفْضُلُ فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ الْعَيْنِ مِقْدَارُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ، فَيُؤَدِّيَ زَكَاتَهُ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ آخَرُونَ: عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلا يُسْقِطُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ الزَّكَاةَ عَنْهُ فِيمَا فِي يَدِهِ مِنَ الْعَيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ فِي هَذَا الْبَابِ 565 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ السَّائِبَ بْنَ يزَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ: " هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَقْضِهِ وَزَكُّوا بَقِيَّةَ أَمْوَالِكُمْ " 566 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الحديث: 565 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، خَطِيبًا فِي الزَّكَاةِ، يَقُولُ: " إِنَّ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَقْضِ دَيْنَهُ حَتَّى تُحَصَّلَ أَمْوَالُكُمْ فَتُؤَدُّونَ مِنْهَا الزَّكَاةَ " 567 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيَقُولُ: " هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّهِ، ثُمَّ لْتُؤَدُّوا زَكَاةَ مَا بَقِيَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللهُ: فَهَذَا عُثْمَانُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِإِخْرَاجِ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الدُّيُونِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَزَكَاةِ الْبَاقِي مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ زَكَاتِهِمْ، وَلَوْ كَانَتِ الزَّكَاةُ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، إِذَا مَا أَزَالَ عَنْهُمْ إِخْرَاجُ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ لِقَضَاءِ دُيُونِهِمْ، مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ أَلا تَرَى أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ زَكَاةٌ، ثُمَّ إِنَّهُ أَخْرَجَ بَعْضَهُ أَوْ كُلَّهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوْلِ، أَنَّ ذَلِكَ لَا يُزِيلُ عَنْهُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيمَا مَضَى مِنْ دَيْنِهِ وَكَذَلِكَ لَوِ ابْتَاعَ بِهِ عَرَضًا لِغَيْرِ تِجَارَةٍ، أَوْ يُوهِبُهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى رَجُلٍ غَنِيٍّ، أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُزِيلٍ عَنْهُ مَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ قَبْلَ إِخْرَاجِهِ إِيَّاهُ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ قَدْ رَأَى أَنْ لَا زَكَاةَ فِيمَا خَرَجَ لِقَضَاءِ الدُّيُونِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ أَلا زَكَاةَ فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ مِنَ الْمَالِ إِذْ كَانَ لاحُكْمَ لإِخْرَاجِ الْمَالِ عَنْ يَدِ صَاحِبِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ تَزُولُ بِهِ عَنْهُ الزَّكَاةُ وَوَجْهُ قَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " إِنَّ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ "، أَيْ: أَنَّ هَذَا الشَّهْرَ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاتُكُمْ وَقَوْلِهِ: " زَكُّوا مَا بَقِيَ "، دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، لأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ لَكَانَ أَبْعَدَ خَلْقِ اللهِ أَنْ يَعْلَمَهُم الْجَهَلَةُ فِي إِبْطَالِ الزَّكَوَاتِ الَّتِي تَجِبُ لِلْفُقَرَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الأَغْنِيَاءِ مِنْهُمْ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الحديث: 567 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 568 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَفْصَهَ، أَنَّهُ سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ " عَنْ رَجُلٍ لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ " أَعَلَيْهِ زَكَاةٌ؟ قَالَ: لَا " 569 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ " 570 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، أَنَّهُمَا قَالا: " إِذَا كَانَ عَلَيْكَ دَيْنٌ وَلَكَ مَالٌ فَاحْتَسِبْ دَيْنَكَ مِنْهُ، فَإِنَّمَا زَكَاتُهُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ " 571 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْعُودٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: " إِذَا كَانَ عَلَيْكَ دَيْنٌ فَلا تُزَكِّهِ، فَإِنَّمَا زَكَاتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ " 572 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَنَافِعٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، " فِي رَجُلٍ لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، قَالَ: " لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ " وَلَمَّا كَانَتِ الْمَوَارِيثُ تَجِبُ لِلْوَارِثِينَ فِي أَمْوَالِ الْمَوْتَى الْمُوَرَّثِينَ، وَكَانَتِ الزَّكَوَاتُ حُقُوقًا تَجِبُ لِلْفُقَرَاءِ فِي أَمْوَالِ الأَغْنِيَاءِ الْمُزَكِّينَ، وَكَانَ الدَّيْنُ يَمْنَعُ الْمَوَارِيثَ مِنْ أَمْوَالِ الْمَوْتَى كَانَ الدَّيْنُ يَمْنَعُ الزَّكَوَاتِ مِنْ أَمْوَالِ الأَحْيَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَيَمْضِي عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَوْلِ، ثُمَّ يُفِيدُ بَعْدَ الحديث: 568 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 ذَلِكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا، أَوْ أَقَلَّ، ثُمَّ يَحُولُ الْحَوْلُ عَلَى الأَوَّلِ، فَقَالَ القَائِلُونَ: يَضُمُّ الْفَائِدَةَ إِلَى أَصْلِ الْمَالِ وَيُزَكِّي ذَلِكَ عِنْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ كَانَتْ هَذِهِ الْفَائِدَةُ مِنْ رِبْحِ ذَلِكَ الْمَالِ، أَوْ مِنْ مِيرَاثٍ، أَوْ مِنْ هِبَةٍ، أَوْ مِنْ صَدَقَةٍ، أَوْ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْفَوَائِدِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ قَالَ مُحَمَّدٌ، رَحِمَهُ اللهُ: وَهُوَ قَوْلُنَا وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: يَسْتَقْبِلُ بِكُلِّ فَائِدَةٍ أَفَادَهَا حَوْلا جَدِيدًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ آخَرُونَ: إِنْ كَانَتِ الْفَائِدَةُ مِنْ رِبْحِ ذَلِكَ الْمَالِ زَكَّاهَا مَعَ الْمَالِ بِحَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْفَائِدَةُ مِنْ مِيرَاثٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ اسْتَقْبَلَ بِهَا حَوْلا جَدِيدًا، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالِكٌ فَكَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ أَوْلَى عِنْدَنَا، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الْفَائِدَةَ الطَّارِئَةَ عَلَى الْمَالِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ أَصْلِ الْمَالِ الَّذِي طَرَأَتْ عَلَيْهِ، أَوْ حُكْمَ نَفْسِهَا، فَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ نَفْسِهَا وَكَانَتْ غَيْرَ لاحِقَةٍ بِأَصْلِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلا جَدِيدًا وَلا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ حَتَّى تَكُونَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ أَصْلِ الْمَالِ الَّذِي طَرَأَتْ عَلَيْهِ لَحِقَتْ بِهِ فِي مِقْدَارِهِ وَفِي حَوْلِهِ وَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ الأَمْوَالَ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ بِمِقْدَارٍ مِنْهَا مَعْلُومٍ وَبِحَوْلٍ يَحُولُ عَلَيْهَا مَعْلُومٍ وَأَجْمَعُوا أَنَّ هَذِهِ الْفَائِدَةَ، وَإِنْ كَانَ مِقْدَارُهَا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى الانْفِرَادِ، لاحِقَةٌ بِأَصْلِ الْمَالِ الَّذِي طَرَأَتْ عَلَيْهِ فِي مِقْدَارِهِ وَغَيْرُ مُرَاعً مِقْدَارُهَا فِي نَفْسِهَا وَجَبَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لاحِقَةً بِأَصْلِ الْمَالِ فِي حَوْلِهِ غَيْرَ مُرَاعً فِيهَا حَوْلُ نَفْسِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا أَحْكَامَ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَمِقْدَارَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمَا اجْتُمِعَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْهُ فَأَمَّا الذَّهَبُ فَمِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا مِنْ نَقْرِهِ وَعَيْنِهِ، وَمِنْ حُلِيِّهِ، وَمِنْ دَيْنِهِ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ، وَمِنْ سَائِرِ مَا ذَكَرْنَا فِيهِ، غَيْرَ الْمِقْدَارِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ عِشْرُونَ مِثْقَالا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تِبْرًا أَوْ عَيْنًا أَوْ حُلِيًّا، فَإِذَا بَلَغَ عِشْرِينَ مِثْقَالا وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَجَبَ فِيهِ رُبُعُ عُشْرِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِهِ دَيْنٌ، وَهَذَا مَا لَا اخْتِلافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ مِثْقَالا مِنَ الذَّهَبِ كَمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنَ الْوَرِقِ، فَقَالَ الَّذِينَ قَالُوا: لَا زَكَاةَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، حَتَّى تَبْلُغَ الزِّيَادَةُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَكَذَلِكَ لَا زَكَاةَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ الْمِثْقَالِ مِنَ الذَّهَبِ، حَتَّى تَكُونَ الزِّيَادَةُ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ وَقَالَ الَّذِينَ قَالُوا فِيمَا زَادَ عَلَى المِائَتَيْنِ مِنَ الْوَرِقِ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ مَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ الْمِثْقَالِ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَكَانَ مَذْهَبُ مَنْ ذَهَبَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ أَنَّ مِقْدَارَ الأَرْبَعِينَ الدِّرْهَمِ مِنَ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالُوا بِذَلِكَ فِي الذَّهَبِ قِيَاسًا عَلَى مَا رَوَوْهُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ فِي الْوَرِقِ عَلَى مَا رُوِّينَاهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَلَكَ عَشْرَةَ مَثَاقِيلَ مِنَ الذَّهَبِ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ مِنَ الْوَرِقِ، وَحَالَ عَلَى ذَلِكَ فِي مُدَّةِ الْحَوْلِ كَمْ يُسَاوِي مِنَ الذَّهَبِ؟ فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ أَكْثَرَ ضَمَّ الْقِيمَةَ وَهِيَ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَكْثَرُ إِلَى الْعَشْرَةِ الْعَيْنِ الَّذِي فِي يَدِهِ، فَزَكَّى عَنْ عِشْرِينَ مِثْقَالا وَعَنْهَا وَعَنْ زِيَادَةٍ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ الْمِثْقَالِ، كَمَا يُزَكِّي عَنِ الذَّهَبِ لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا ذَهَبًا، وَإِنْ قَصَّرَتْ قِيمَتُهَا عَنْ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ نَظَرَ إِلَى قِيمَةِ الْعَشْرَةِ الدَّنَانِيرِ مِنَ الْوَرِقِ فَضَمَّ قِيمَتَهَا مِنَ الْوَرِقِ إِلَى الْمِائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي فِي يَدِهِ، وَزَكَّى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا يُزَكِّي عَنْهُ لَوْ كَانَ وَرِقًا كُلُّهُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، فِيمَا قَلَّ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَمِنَ الدَّرَاهِمِ، وَفِيمَا كَثُرَ مِنْهَا يُقَوَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ، ثُمَّ يُزَكِّي عَنْ أَوْفَرِهِمَا زَكَاةً كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُمْ فِي الْمِائَةِ الدِّرْهَمِ وَالْعَشْرَةِ الدَّنَانِيرِ وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ: لَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَتَكَامَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ: لَا يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إِلَى قِيمَةِ الذَّهَبِ، وَلا إِلَى قِيمَةِ الْوَرِقِ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى أَجْزَائِهِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ كَانَ قَدْ صَارَ عِنْدَهُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالَيْنِ اللَّذَيْنِ تَجِبُ فِيهِمَا الزَّكَاةُ، فَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ مَالٍ كَامِلٍ فَتَجِبُ عَلَى مَنْ ذَلِكَ فِي يَدِهِ الزَّكَاةُ مِنْهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الصِّنْفَيْنِ رُبُعُ عُشْرِهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا مِنَ الْوَرِقِ، وَخَمْسَةُ مَثَاقِيلَ مِنَ الذَّهَبِ، أَوْ خَمْسُونَ دِرْهَمًا مِنَ الْوَرِقِ وَخَمْسَةَ عَشَرَ مِثْقَالا مِنَ الذَّهَبِ، فَقَدْ صَارَ عِنْدَهُ مِنْ أَحَدِ الْمِائَتَيْنِ ثَلاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَمِنَ الآخَرِ إِذًا رُبُعُهُ، فَتَكَامَلَتِ الأَجْزَاءُ، فَوَجَبَ فِي ذَلِكَ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا مِنَ الْوَرِقِ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ مِثْقَالا مِنَ الذَّهَبِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ، لأَنَّهُ إِنَّمَا مَعَهُ رُبُعُ أَحَدِ الْمَالَيْنِ، وَأَقَلُّ مِنْ ثَلاثَةِ أَرْبَاعِ الْمَالِ الآخَرِ، فَلَمْ تَتَكَامَلِ الأَجْزَاءُ فَلا شَيْءَ فِيهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَقَالا: لَا يُقَوَّمُ ذَهَبٌ بِفِضَّةٍ، وَلا فِضَّةٌ بِذَهَبٍ، وَلا يُرَدُّ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةٍ، وَإِنَّمَا يُرَدُّ إِلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا مِمَّا سِوَاهُمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ يَقُولُ بِقَوْلِنَا هَذَا زَمَانًا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى الْقَوْلِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُ، وَكَانَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُوَافِقُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الَّذِينَ جَعَلُوا فِي الذَّهَبِ مَعَ الْوَرِقِ الصَّدَقَةَ، غَيْرَ أَنَّا لَا نَدْرِي أَكَانَ مَذْهَبُهُمْ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ الأَوَّلِ أَوْ كَمَذْهَبِهِ الآخَرِ فِيهِ؟ 573 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، فِي رَجُلٍ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشْرَةُ دَنَانِيرَ، قَالَا: " عَلَيْهِ فِي الْعَشْرَةِ الدَّنَانِيرِ وَالْمِائَةِ دِرْهَمٍ صَدَقَتُهَا " 574 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: إِنَّ " مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فِي الزَّكَاةِ " الحديث: 573 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَشْكَالِهِ لِنَعْطِفَ عَلَيْهِ هَذَا الْمُخْتَلَفَ فِيهِ، فَوَجَدْنَا الْعُرُوضَ الَّتِي لِلتِّجَارَاتِ إِذَا بِيعَتْ بِذَهَبٍ، ثُمَّ أبِيعَ بِهِ عَرَضَ لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ بِيعَ بِوَرِقٍ، ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ أَنَّهُ يُزَكِّي إِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ ذَلِكَ وَيُعْتَدُّ بذَلِكَ كُلِّهِ الْحَوْلُ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَدْ صَارَ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ وَرِقًا، وَصَارَ فِي بَعْضِهِ ذَهَبًا، وَصَارَ فِي بَعْضِهِ عَرَضًا يُقَوَّمَا بِوَرِقٍ، أَوْ بِذَهَبٍ فَجُمِعَتْ أَحْكَامُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَجُعِلَتْ كَصِنْفٍ وَاحِدٍ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ أَوْ لَمْ يَحُلْ، وَلَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ كَالْمَوَاشِي أَلا تَرَى أَنَّ رَجُلا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ سَائِمَةً، فَلَمَّا مَضَى بَعْضُ الْحَوْلِ بَاعَهَا بِوَرِقٍ أَوْ بِذَهَبٍ، ثُمَّ ابْتَاعَ بِهِ إِبِلا سَائِمَةً أَوْ بَاعَ الإِبِلَ السَّائِمَةَ بِإِبِلٍ سَائِمَةٍ، أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ بهَا حولا جَدِيدا، وَإنَّهُ يسْلك بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْعرُوض الَّتِي للتجارات هَذَا المسلك، وَجعل حَوْلَهَا كُلَّهَا حَوْلا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ قَدْ صَارَ فِيهِ أَجْنَاسًا إِذْ كَانَتْ تِلْكَ الأَجْنَاسُ مَرْدُودَةً إِلَى الْوَرِقِ وَإِلَى الذَّهَبِ، لَا إِلَى أَنْفُسِهَا فَلَمَّا كَانَ الْمَرْدُودُ إِلَى الذَّهَبِ وَإِلَى الْوَرِقِ حُكْمُهُ حُكْمًا وَاحِدًا، لَا حُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَلَمْ يُجْعَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَرِقِ وَمِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ خِلافَ صَاحِبِهِ كَمَا جُعِلَ فِي الْمَوَاشِي، فَجُعِلَ حُكْمُ الإِبِلِ مِنْهَا غَيْرَ حُكْمِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ فِي حَوْلِهَا ثَبَتَ بذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ فِي حُكْمِ الْوَاحِدِ أَيْضًا فِي ضَمِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ لَا فِي حكم الجنسين الْمُخْتَلِفين اللَّذين لَا يضم كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَيّ صَاحبه فِي قَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِحَمَاسٍ: " قَوِّمْ مَالَكَ ثُمَّ زَكِّهِ " بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ يَتَحَوَّلُ فِي الْحَوْلِ مِنَ الدَّرَاهِمِ إِلَى الدَّنَانِيرِ وَمِنَ الدَّنَانِيرِ إِلَى الدَّرَاهِمِ، وَمِنْ بَعْضِ الْعُرُوضِ إِلَى بَعْضٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ عُمَرُ إِلَى ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَعُرُوضِ للتِّجَارَاتِ، وَأَنَّهَا جَمِيعًا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ أُصُولِ الزَّكَوَاتِ لَا كَالْجِنْسَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ مِنْهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 بَابُ زَكَاةِ الْمَوَاشِي الَّتِي لَيْسَتْ بِسَائِمَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي زَكَاةِ الْمَوَاشِي الَّتِي لَيْسَتْ بِسَائِمَةٍ، فَأَوْجَبَ قَوْمٌ فِيهَا الزَّكَاةَ، مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَسَوَّوْا بَيْنَ السَّائِمَةِ وَغَيْرِهَا، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَرَبِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ 575 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الْمُعَاوِيُّ، وَاللَّيْثُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ وَهُوَ خَلِيفَةٌ: " أَنْ تُؤْخَذَ الصَّدَقَةُ مِنَ الإِبِلِ الَّتِي تَعْمَلُ فِي الرِّيفِ " الحديث: 575 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 قَالَ: حَضَرْتُ ذَلِكَ وَعَايَنْتُهُ مِنْ كِتَابِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ 576 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: " رَأَيْتُ الإِبِلَ الَّتِي تُكْرَى لِلْحَجِّ تُزَكَّى بِالْمَدِينَةِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حُضُورٌ لَا يُنْكِرُونَهُ، وَيَرَوْنَ ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ " وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمَا، وَقَالُوا: لَا زَكَاةَ فِي الْمَوَاشِي غَيْرِ السَّائِمَةِ مِنْهَا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ 577 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " لَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ " 578 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 579 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَى الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ " 580 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَى مُثِيرَةِ الأَرْضِ زَكَاةٌ، وَلا عَلَى جَمَلِ الظَّعِينَةِ " 581 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مَوْلًى لِمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: " لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ " الحديث: 576 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 قَالَ مُغِيرَةُ: فَأَخْبَرْتُ ذَلِكَ مُجَاهِدًا، فَقَالَ: " لَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ "، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمَ فَمَا عَابَهُ 582 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، أَنَّهُ كَانَ " لَا يَرَى عَلَى الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ شَيْئًا " 583 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: " أَنَّهُ لَيْسَ فِي الإِبِلِ وَالْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ " 584 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، كَتَبَ: " أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ زَكَاةٌ إِلا الْبَقَرُ الْمُبَقَّرَةُ، كَنَحْوِ الإِبِلِ الْمُؤَبَّلَةِ " 585 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنَّ الْحَجَّاجَ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنَا فُلانٌ الطَّحَّانُ، قَالَ: " سَأَلْتُ عَامِرًا الشَّعْبِيَّ، قُلْتُ: إِنَّ لِي إِبِلا وَأَرَحًّا فَهَلْ فِيهَا صَدَقَةٌ؟ قَالَ: لَا " 586 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: " الْحَمُولَةُ وَالْمُثِيرَةُ أَفِيهَا صَدَقَةٌ؟، قَالَ: لَا " وَقَالَ عَمْرو بن دِينَار: سمعنَا ذَلِك 587 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ " 588 - الحديث: 582 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 588 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَى ثَوْرٍ عَامِلٍ صَدَقَةٌ، وَلا عَلَى جَمَلِ الظَّعِينَةِ صَدَقَةٌ " 589 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ، وَحَمَّادًا، عَنِ الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ، فَقَالَ الْحَكَمُ: " لَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ، وَقَالَ حَمَّادٌ: بَلْ فِيهَا صَدَقَةٌ "، وَقَالَ قَائِلُونَ مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ: لَيْسَ بَيْنَ السَّائِمَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الإِبِلِ فَرْقٌ وَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي الْعَوَامِلِ مِنْهَا كَمَا تَجِبُ فِي السَّوَائِمِ مِنْهَا، لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْصِلْ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عَامِلَةٍ وَلا سَائِمَةٍ وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا 590 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرِ ويَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى الْمَازِنِيَّ حَدَّثَهُمْ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ " قَالُوا: وَكَذَلِكَ كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَائِرِ عُمَّالِهِ عَلَى الصَّدَقَاتِ مِنْهُمْ: عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا سَائِمَةً وَلا عَامِلَةً، وَذَلِكَ لاسْتِوَاءِ الأَحْكَامِ فِيهَا وَانْتِقَالَ الاخْتِلافِ عَنْهَا فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِلآخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْقَوْلِ الأَوَّلِ أَنَّ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ "، وَفِيهِ أَيْضًا: " فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأَوْسُقِ عَلَى الْعُمُومِ، وَلا عَلَى كُلِّ الأَوْسَاقِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى خَاصٍّ مِنْهَا أَلا تَرَى أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ لَمْ تُخْرِجْهَا أَرْضُهُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا إِلا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ، فَبَلَغَ قِيمَتُهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَيَحُولُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَيُزَكِّيهَا فَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ "، إِنَّمَا هُوَ عَلَى خَاصٍّ مِنَ الأَوْسُقِ قَدْ فَهِمَهُ الْمُخَاطَبُونَ بِهِ، كَانَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ " عَلَى خَاصٍّ مِنَ الأَذْوَادِ قَدْ عَلِمَهُ الْمُخَاطَبُونَ بِهِ وَلَمَّا كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِمَّنْ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فَرَائِضُ الإِبِلِ عَلَى مَا: الحديث: 588 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 591 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمُرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي صَدَقَةِ الإِبِلِ: " فِي خَمْسٍ شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ "، وَذَكَرَ فَرَائِضَ الإِبِلِ " وَأَخْرَجَ ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ: أَلا صَدَقَةَ عَلَى الْعَوَامِلِ مِنْهَا، عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مُرَادَهُ الإِبِلُ السَّائِمَةُ، لَا الإِبِلُ الْعَامِلَةُ ثُمَّ قَدْ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حِينَ وَلاهُ عَلَى الصَّدَقَةِ مَا: 592 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا اسْتُخْلِفَ وَجَّهَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ: " هَذِهِ فَرِيضَةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِهَا: فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ ثُمَّ ذَكَرَ فَرَائِضَ الإِبِلِ، ثُمَّ ذَكَرَ صَدَقَةَ الْغَنَمِ، فَقَالَ: وَصَدَقَةُ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَذَكَرَ صَدَقَتَهَا " 593 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَرْسَلَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ إِلَى ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ لِيَبْعَثَ إِلَيْهِ بِكِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي كَتَبَ لأَنَسٍ حِينَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، قَالَ حَمَّادٌ: فَدَفَعَهُ إِلَيَّ، فَإِذَا عَلَيْهِ خَاتَمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا فِيهِ ذِكْرُ فَرَائِضِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا فَلا يُعْطِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، الحديث: 591 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 وَكَانَ قَدْ أَطْلَقَ ذِكْرَ الإِبِلِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ، ثُمَّ قَصَدَ فِي الْغَنَمِ إِلَى السَّائِمَةِ مِنْهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْعَامِلَةَ مِنْهَا بِخِلافِ السَّائِمَةِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الذِّكْرَ إِلَى السَّائِمَةِ فِي الصَّدَقَةِ إِلا وَحُكْمُهَا خِلافُ مَا سِوَاهَا مِنَ الْمَوَاشِي غَيْرِ السَّوَائِمِ مِنْهَا وَلَمَّا كَانَ مَا خُوطِبْنَا بِهِ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الزَّكَوَاتِ لَمْ يُرَدْ بِهِ وُجُوبُهَا فِي كُلِّ الأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ وُجُوبُهَا فِي خَاصٍّ مِنَ الأَمْوَالِ وَجَبَ أَلا يَدْخُلَ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخَاصُّ، إِلا مَا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى دُخُولِهِ فِيهِ، وَمَا دَلَّ عَلَى دُخُولِهِ فِيهِ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ أَوْ قِيَاسٌ صَحِيحٌ بَابُ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي السَّائِمَةِ وَأَمَّا الْمَوَاشِي السَّائِمَةُ فَلا اخْتِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَفِي دُخُولِهَا فِي آيِ الزَّكَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْغَنَمِ فَلا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَرْبَعِينَ، فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا شَاةٌ، ثُمَّ كَذَلِكَ فِيمَا فَوْقَ الأَرْبَعِينَ، حَتَّى تَكُونَ عِشْرِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا شَاتَانِ، ثُمَّ كَذَلِكَ فِيمَا فَوْقَ الإِحْدَى وَالْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ حَتَّى تَكُونَ مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ ثُمَّ كَذَلِكَ فِيمَا فَوْقَ الْمِائَتَيْنِ وَالْوَاحِدَةِ حَتَّى تَكُونَ أَرْبَعَ مِائَةٍ، وَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعَ مِائَةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، ثُمَّ كَذَلِكَ أَبَدًا فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ وَهَذَا مَا لَا نَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعَمَلِ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْبَقَرِ فَلا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلاثِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلاثِينَ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ مِنْهَا، ثُمَّ كَذَلِكَ فِيمَا فَوْقَ الثَّلاثِينَ، حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا مُسِنَّةٌ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ ثَلاثِينَ تَبِيعٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا زَادَ عَلَى الأَرْبَعِينَ مِنَ الْبَقَرِ قَوْلانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ بِحِسَابِ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 وَالآخَرُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَكُونَ سِتِّينَ، فَيَجِبَ فِيهَا تَبِيعَانِ، ثُمَّ كَذَلِكَ مَا زَادَ عَلَى عَشْرَةٍ، فَلا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرَةً أُخْرَى فَتُضَمَّ إِلَيْهَا فَزَكَّى عَلَى حِسَابِ كُلِّ ثَلاثِينَ تَبِيعٌ، وَكُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو الْمُنْذِرِ أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ مِنْ رَأْيِهِمَا، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ رَأْيِهِ، وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ رَأْيِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي قِلابَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي خَمْسٍ مِنَ الْبَقَرِ شَاةٌ، وَلَمْ نَحْتَجْ إِلَى ذِكْرِ أَسَانِيدِ ذَلِكَ، إِذْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُمْ مِنَ الشَّوَاذِّ، وَمِمَّا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَإِذْ كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا سِوَاهُمْ عَلَى خِلافِ قَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَإِذْ كَانَ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ مِنْ بَعْدِهِ خِلافُ قَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ 594 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، وَشَقِيقٍ كُلُّهُمْ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ " أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً " 595 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ غُزَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي فَرَائِضِ الْبَقَرِ: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ الثَّلاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ صَدَقَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلاثِينَ فَفِيهَا عِجْلٌ رَابِعٌ، وَالرَّابِعُ الْجَذَعُ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ " 596 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، الحديث: 594 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ مُعَاذًا أَخَذَ مِنْ ثَلاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا، وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً، وَأُتِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ، فأَبِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ، وَقَالَ: " لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ فِيهِ "، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ مُعَاذٌ 597 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمَدَانِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمُرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ " فِي ثَلاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ، وَفِي أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةٌ "، فِي قَصْدِهِمْ فِي هَذِهِ الآثَارِ إِلَى الثَّلاثِينَ وَإِلَى الأَرْبَعِينَ دَلِيلٌ أَنَّ حُكْمَ مَا دُونَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِخِلافِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ مُعَاذًا لَمَّا أُتِيَ بِدُونِ ذَلِكَ فلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، إِذْ كَانَ مَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ مُبِيحٍ لَهُ أَخْذَ الزَّكَاةِ مِمَّا دُونَ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الإِبِلِ فَلا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ خَمْسًا، فَإِذَا كَانَتْ خَمْسًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا شَاةٌ، ثُمَّ كَذَلِكَ فَوْقَ الْخَمْسِ حَتَّى تَكُونَ عَشْرًا، فَإِذَا كَانَتْ عَشْرًا فَفِيهَا شَاتَانِ، ثُمَّ كَذَلِكَ فِيمَا فَوْقَ الْعَشْرِ حَتَّى تَكُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ، فإِذَا كَانَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى تَكُونَ عِشْرِينَ، فَإِذَا كَانَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، ثُمَّ كَذَلِكَ فِيمَا فَوْقَ الْعِشْرِينَ حَتَّى تَكُونَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَهَذَا مَا لَا نَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا إِلا شَيْءٌ يُرْوَى فِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ خَاصَّةً، وَهُوَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسُ شِيَاهٍ، فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ 598 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمُرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ الحديث: 597 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 عَنْهُ وَهَذَا قَوْلٌ قَدْ دَفَعَتْهُ الآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي خِلافِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَنْ عُمَرَ فِي كُتُبِ صَدَقَاتِهِمْ لِوُلاتِهِمْ عَلَيْهَا، فَمِنْ ذَلِكَ مَا: 599 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا اسْتُخْلِفَ وَجَّهَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ إِلَى الْبَحْرَيْنِ وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ: " هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِهَا، وَفِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا الْغَنَمِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ " 600 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: " أَخَذْتُ مِنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ كِتَابًا زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَتَبَهُ لأَنَسٍ حِينَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، وَعَلَيْهِ خَاتَمُ أَبِي بِكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَخَاتَمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَتَبَهُ لِي، فَإِذَا فِيهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِهَا: فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ الْغَنَمِ فِي كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ " 601 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَرْسَلَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ إِلَى ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ لِيَبْعَثَ إِلَيْهِ بِكِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي كَتَبَهُ لأَنَسٍ حِينَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، قَالَ حَمَّادٌ: فَدَفَعَهُ إِلَيَّ، فَإِذَا فِيهِ خَاتَمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا فِيهِ ذِكْرُ فَرَائِضِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا نَبِيَّهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الرَّبِيع الحديث: 599 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 602 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ غُزَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَرِيضَةُ الإِبِلِ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى تِسْعٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ عَشْرًا فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ إِلَى تِسْعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ " 603 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: هَذِهِ نُسْخَةُ كِتَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَتَبَ فِي الصَّدَقَةِ، وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَقْرَأَنِيهَا سَالِمٌ، وَعَبْدُ اللهِ ابْنَا عِبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا، هِيَ الَّتِي نَسَخَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ سَالِمٍ، وَعَبْدِ اللهِ ابْنَيِ ابْنِ عُمَرَ، حَتَّى أُمِّرَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَأَمَرَ عُمَّالَهُ بِالْعَمَلِ بِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 604 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَارِثٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي خَالِدٍ الدَّالانِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّايِغِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ " 605 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يَأْخُذُ صَدَقَاتِ الإِبِلِ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 606 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: " فِي خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِذَا كَانَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ الحديث: 602 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الإِبِلِ ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَابْنُ لَبُونٍ " 607 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَرْسَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَلْتَمِسُ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَاتِ، وَكِتَابَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَوَجَدَ عِنْدَ آلِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الصَّدَقَاتِ، وَوَجَدَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ كِتَابَ عُمَرَ فِي الصَّدَقَاتِ مِثْلَ كِتَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْخًا، فَحَدَّثَنِي عَمْرٌو أَنَّهُ طَلَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْ يَنْسَخَهُ مَا فِي ذَيْنِكَ الْكِتَابَيْنِ، فَنَسَخَ لَهُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَكَانَ مِمَّا فِيهِ أَنَّ الإِبِلَ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ، فَإِذَا صَارَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي الإِبِلِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَكَانَتْ هَذِهِ الآثَارُ دَافِعَةً لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ أَنَّ فِيهَا خَمْسَ شِيَاهٍ، مَعَ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ إِنْكَارُهُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا عَنْ عَلِيٍّ، وَقَالَ: عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَعْلَمُ مِنْ أَنْ يَقُولَ هَذَا ثُمَّ النَّظَرُ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ يَدْفَعُ هَذَا الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَيَشْهَدُ لِمَا رُوِّينَاهُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا حُكْمَ الإِبِلِ مِنَ الْوَاحِدَةِ إِلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ، كُلَّمَا وَجَبَتْ فِيهِ مِنْهَا فَرْضٌ مَعْلُومٌ فَلا شَيْءَ بَعْدَهُ غَيْرُ ذَلِكَ الْفَرْضِ بِعَيْنِهِ حَتَّى يَزِيدَ عَدَدًا مَعْلُومًا، ثُمَّ كَذَلِكَ فَمَا بَعْدَ السِّتِّ وَالْعِشْرِينَ لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَرْضِ الَّذِي بَعْدَهُ عَدَدٌ مَعْلُومٌ لَا يُوجِبُ فَرْضًا مُسْتَحْدَثًا، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ، فَإِذَا وَجَبَ فِيهَا فَرْضٌ مَعْلُومٌ أَنْ لَا يَكُونَ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ مِقْدَارًا لَهُ عَدَدٌ مَعْلُومٌ الحديث: 607 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا رُوِّينَاهُ مِنْ هَذِهِ الآثَارِ، " فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الإِبِلِ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ "، وَهَذَا مَوْضِعٌ يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَقَائِلُونَ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: هَذَا الْوَاجِبُ فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ إِذَا لَمْ تُوجَدْ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَائِلُونَ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: لَا يَجِبُ فِيهَا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ إِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِيهَا، أَوْ جَاءَ بِهَا صَاحِبُ الإِبِلِ مِمَّا سِوَاهَا، أَوْ قَيِمَتُهَا دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللهُ يَقُولُونَ فِي هَذَا، وَالآثَارُ كُلُّهَا فَعَلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ الَّذِي رُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ إِلا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ، فَإِنَّ هَذَا الْحَرْفَ لَيْسَ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ الَّذِي حَكَاهُ عَنْ ثُمَامَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَنْهُ بِهِ، وَحَدِيثِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثُمَامَةَ سَمَاعًا وَالنَّظَرُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ فِي الصَّدَقَاتِ فِي الإِبِلِ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْمَذْكُورِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، إِنَّمَا فِيهَا بَنَاتُ مَخَاضٍ، وَبَنَاتُ لَبُونٍ، وَحِقَاقٌ، وَجَدَعَاتٌ، وَشِيَاهٌ، وَنَهَى عَنْ أَخْذِ تَيْسِ الْغَنَمِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَلا يَدْخُلَ فِيهَا الذَّكَرَانِ مِنْ بَنِي اللَّبُونِ وَالآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ أَوْلَى مِنَ النَّظَرِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الآثَارَ عِنْدَنَا لَمْ تَتَّصِلْ بِأَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَلَوِ اتَّصَلَتْ بِهِمْ عِنْدَنَا لَقَالُوا بِهَا، لأَنَّهُ لَيْسَ لأَحَدٍ الْخُلْفُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ كَمَا فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ حَتَّى تَكُونَ سِتًّا وَثَلاثِينَ، فَإِذَا صَارَتْ سِتًّا وَثَلاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَكُونَ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى أَنْ تَكُونَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى أَنْ تَكُونَ سِتًّا وَسَبْعِينَ، فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَكُونَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَهَذَا فَمَذْكُورٌ فِي الآثَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي فَرَائِضِ الإِبِلِ فِي كُلِّ أَثَرٍ مِنْهَا عَلَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ، وَلا اخْتِلافَ فِي ذَلِكَ عَلِمْنَاهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالمِائَةِ، فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَيَفْتَرِقُونَ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 فَفِرْقَةٌ تَقُولُ: مَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَمِمَّنْ يَقُولُ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ 608 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمَّا اسْتُخْلِفَ وَجَّهَ أَنَسًا إِلَى الْبَحْرَيْنِ وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ، فَذَكَرَ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْفَصْلِ، وَسَاقَ فِيهِ فَرَائِضَ الإِبِلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهَا، حَتَّى تَبْلُغَ سِتًّا وَسَبْعِينَ، قَالَ: فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ " 609 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَرْسَلَنِي ثَابِتٌ إِلَى ثُمَامَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، وَذَكَرَ فِيهِ: فَمَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَرْزُوقٍ عَنِ الأَنْصَارِيِّ 610 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 611 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَذَكَرَ فَرِيضَةَ الإِبِلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ، وَقَالَ فِيهَا: " فَمَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَهُ لَبُونٍ " 612 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: نُسْخَةُ كِتَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَتَبَ فِي الصَّدَقَةِ، وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ أَقْرَأَنِيهَا سَالِمٌ وَعَبْدُ اللهِ ابْنَا عُمَرَ، فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَهِيَ الَّتِي نَسَخَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ سَالِمٍ، وَعَبْدِ اللهِ ابْنَيِ ابْنِ عُمَرَ حِينَ أُمِّرَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَأَمَرَ عُمَّالَهُ بِالْعَمَلِ بِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 608 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 613 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَرَائِضَ الإِبِلِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ 614 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَأْخُذُ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ، فَذَكَرَ فَرَائِضَ الإِبِلِ وَفِيمَا ذَكَرَ مِنْهَا: " أَنَّ مَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ " 615 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَرَائِضِ الإِبِلِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ: " فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ " وَفِرْقَةٌ تَقُولُ: مَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وِالْمِائَةِ فَلا شَيْءَ فِيهِ غَيْرُ الْحِقَّتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلاثِينَ وَمِائَةً، فَتَكُونَ فِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ، ثُمَّ يُجْرِي الْفَرْضَ فِيهَا كَذَلِكَ عَشَرَاتٍ عَشَرَاتٍ، تُجْعَلُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَقَدْ رُوِيَ فِي كِتَابٍ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ 616 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ هَرِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَرْسَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَلْتَمِسُ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَاتِ، وَكِتَابَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَوَجَدَ عِنْدَ آلِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الصَّدَقَاتِ، وَوَجَدَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ كِتَابَ عُمَرَ فِي الصَّدَقَاتِ مِثْلَ كِتَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَسَخْنَا، فَحَدَّثَنِي عَمْرٌو: أَنَّهُ طَلَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْ يَنْسَخَهُ مَا فِي ذَيْنِكَ الْكِتَابَيْنِ فَنَسَخَ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، الحديث: 613 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 فَكَانَ مِمَّا فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ أَنَّ الإِبِلَ إِذَا زَادَتْ عَلَى تِسْعِينَ وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيمَا زَادَ فِيهَا دُونَ الْعَشْرِ شَيْءٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلاثِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ خَمْسِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلاثُ حِقَاقٍ، ثُمَّ أَجْرَى الْفَرْضَ كَذَلِكَ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلاثَ مِائَةٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلاثَ مِائَةٍ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ " وَفِرْقَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: مَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ اسْتُؤْنِفَتْ بِهِ الْفَرِيضَةُ، فَجُعِلَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ وَشَاةٌ إِلَى ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَشَاتَانِ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَثَلاثُ شِيَاهٍ إِلَى أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَأَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَفِيهَا ثَلاثُ حِقَاقٍ، ثُمَّ كَذَلِكَ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ تُسْتَقْبَلُ فِيهَا الْفَرِيضَةُ كَهِيَ فِي بَدْءِ زَكَوَاتِ الإِبِلِ حَتَّى تَنْتَهِيَ الزِّيَادَةُ إِلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ كَمَا كَانَ فِيهَا لَمَّا كَانَتْ مِائَةً وَسِتًّا وَتِسْعِينَ، ثُمَّ كَذَلِكَ يَمْتَثِلُونَ فِي كُلِّ خَمْسِينَ زَائِدَةٍ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنَ الإِبِلِ الزَّائِدَةِ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، فِيمَا حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ مِنْ قَوْلِهِمَا، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ قَوْلِهِ وَقَدْ رَوَى فِي ذَلِكَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 617 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: " قُلْتُ لِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ: اكْتُبْ لِي كِتَابَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَكَتَبَهُ لِي فِي وَرَقَةٍ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَهُ لِجَدِّهِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي ذِكْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَرَائِضِ الإِبِلِ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا إِذَا بَلَغَتْ تِسْعِينَ، فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَمَا فَضَلَ فَإِنَّهُ يُعَادُ إِلَى أَوَّلِ فَرِيضَةِ الإِبِلِ، فَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهِ الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ " 618 - الحديث: 617 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 618 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَدْ رَوَى فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، مَا يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ 619 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " إِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ وَمِائَةً يَعْنِي الإِبِلَ، اسْتَأْنَفْتَ الْفَرَائِضَ " 620 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَزِيَادَةُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي فَرَائِضِ الإِبِلِ: " إِذَا زَادَت عَلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا بَلَغَتِ الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةَ اسْتُقْبِلَتْ بِالْغَنَمِ فَفِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفَرَائِضُ الإِبِلِ، فَإِذَا كَثُرَتِ الإِبِلُ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ " قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ: وَأَمَّا الْقِيَاسُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ فِيمَا قَبْلَ الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ أَنَّهُ لَا اسْتِئْنَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُزَادُ فِي عَدَدِهِ أَوْ يُغْلَطُ فِي أَسْنَانِهِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ إِلَى هَاهُنَا أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَأَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ فِيهِ زَائِدًا فِي الْعَدَدِ وَارْتِفَاعٍ فِي أَسْنَانٍ غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلِ الأَوَّلِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، يَقُولُونَ: إِذَا زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وِالْمِائَةِ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ يُزَكِّي عِنْدَنَا لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَاحِدِ وَالْعِشْرِينَ وِالْمِائَةِ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَاهُمْ يَجْعَلُونَ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةً، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى تَكُونَ عَشْرًا، فَيَجْعَلُونَ فِيهَا شَاتَيْنِ، ثُمَّ كَذَلِكَ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةً حَتَّى تَكُونَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَيَجْعَلُونَ فِيهَا ابْنَةَ مَخَاضٍ، وَكَذَلِكَ فِي مَرَاتِبِ فَرَائِضِ الصَّدَقَاتِ فِي الإِبِلِ حَتَّى يُلْفُوا بِهَا عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَكَانَ مَا زَادَ عَلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ فَلا يَكُونُ مُغَيِّرًا لِلْفَرْضِ فِيمَا قَبْلَهُ حَتَّى تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِيهَا فَرِيضَةً فَتَكُونَ تِلْكَ الْفَرِيضَةُ مُغَيِّرَةً لِلْفَرْضِ فِيمَا قَبْلَهَا، وَكَانَتِ الْوَاحِدَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةً لَا فَرْضَ فِيهَا عِنْدَ جَمِيعِهِمْ أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا بِالاسْتِئْنَافِ لَمْ يَجْعَلُوا فِيهَا شَيْئًا لِتَقْصِيرِهَا عَنِ الْخَمْسِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الشَّاةُ عِنْدَهُمْ الحديث: 618 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَجَعَلُوا فِيهَا كُلِّهَا ثَلاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنْهَا ابْنَةَ لَبُونٍ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ نَفْيٌ مِنْهُمْ لِلْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ أَنَّ فِيهَا فَرِيضَةً، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَوَجَبَ بِمَا ذَكَرْنَا عَلَى أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ الْخُرُوجُ مِنْ أُصُولِهِمْ، وَالتَّرْكُ لِلْمَرَاتِبِ الَّتِي رُتِّبَتْ عَلَيْهَا الزَّكَوَاتُ فِي الإِبِلِ فِيمَا قَبْلَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ الَّذِينَ قَالُوا بِالاسْتِئْنَافِ لَمَّا لَمْ يَجْعَلُوا فِي الْوَاحِدَةِ شَيْئًا، لَمْ يُغَيِّرُوا بِهَا حُكْمَ مَا قَبْلَهَا، كَانُوا يَلْزَمُونَ الْمَرَاتِبَ الَّتِي رُتِّبَتْ عَلَيْهَا الزَّكَوَاتُ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى، وَكَانَ قَوْلُهُمْ فِي هَذَا أَحْسَنَ مِنْ قَوْلِ الَّذِينَ جَعَلُوا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةَ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةً عَلَى مَا يَجْعَلُهَا عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللهُ وَالْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَوْلَى بِالْقِيَاسِ مِمَّا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، لأَنَّ أَهْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ جَعَلُوا فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةَ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةً، فَإِذَا كَانَ الْعَدَدُ يَتَّفِقُ أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ، أَوْ خَمْسِينَ خَمْسِينَ، أَوْ أَرْبَعِينَ وَخَمْسِينَ عَلَى ذَلِكَ مَا بَلَغَ، وَلَمْ يُغَيِّرُوا بِمَا دُونَ ذَلِكَ حُكْمَ مَا قَبْلَهُ، كَمَا فَعَلَ مَنْ جَعَلَ فِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ثَلاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَغَيَّرَ بِالْوَاحِدَةِ حُكْمَ مَا قَبْلَهَا، وَلا حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهَا وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْبَابِ ، فَهُوَ أَجْوَدُ وَأَوْلَى بِالْقِيَاسِ مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الأَوَّلِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِمَّا يَدْخُلُ عَلَى قَائِلِيهِ، وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا ابْتِدَاءَ فَرَائِضِ الإِبِلِ، أَنَّ فِي خَمْسٍ شَاةً، ثُمَّ لَيْسَ يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ حَتَّى تَكُونَ الزِّيَادَةُ مِثْلَ الْخَمْسِ الأُولَى فَتَكُونَ عَشْرًا، فَتَجِبَ فِيهِ شَاتَانِ، ثُمَّ الزِّيَادَةُ أَيْضًا كَالزِّيَادَةِ الأُولَى فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَتَكُونَ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُ ابْنَةِ الْمَخَاضِ حَتَّى تَكُونَ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ مِنَ الزِّيَادَةِ الأُولَى، فَتَكُونَ الزِّيَادَةُ هَاهُنَا عَشْرًا، فَإِذَا صَارَتْ سِتًّا وَثَلاثِينَ كَانَتْ فِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ، ثُمَّ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهَا، حَتَّى تَكُونَ الزِّيَادَةُ عَشْرًا، فَإِذَا جَاوَزَتْ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ كَانَتْ فِيهَا حِقَّةٌ، ثُمَّ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهَا حَتَّى تَكُونَ الزِّيَادَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى تَكُونَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، فَتَكُونَ فِيهَا حِقَّتَانِ، ثُمَّ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهَا حَتَّى تَكُونَ الزِّيَادَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَرَأَيْنَا كُلَّ زِيَادَةٍ بَيْنَ كُلِّ فَرِيضَتَيْنِ مِنْ فَرَائِضِ الإِبِلِ، فَالزِّيَادَةُ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَلَمْ نَجِدْ فِيهَا شَيْئًا أَقَلَّ مِنَ الزِّيَادَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَإِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِثْلَ الزِّيَادَةِ الأُولَى أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا جُمِعَتْ إِلَى مَا تَقَدَّمَتْهَا مِنَ الإِبِلِ، كَذَلِكَ حُكْمُهُ حُكْمٌ وَاحِدٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 وَرَأَيْنَا الَّذِينَ قَالُوا بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ جَعَلُوا فِي عِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَيْنِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ الَّتِي هِيَ سَبْعَ عَشْرَةَ، ثُمَّ جَعَلُوا فِي ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ بِنْتَيْ لَبُونٍ وَحِقَّةً، فَجَمَعُوهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَهَا قَبْلَ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ مِثْلَ الزِّيَادَةِ الَّتِي بَيْنَ التِّسْعِينَ وَالْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ، وَكَانَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَمْ يَجْمَعْهَا إِلَيْهَا حَتَّى تَكُونَ خَمْسِينَ وَمِائَةً، فَتَكُونَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ مِثْلَ الزِّيَادَةِ عَلَى التِّسْعِينَ إِلَى الْعَشْرِينَ وَالْمِائَةِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْفَرَائِضِ فِي الْمَوَاشِي السَّائِمَةِ، فَعَلَى الْمَسَانِّ مِنْهَا فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عَجَاجِيلَ كُلُّهَا، أَوْ فُصْلانًا كُلُّهَا، أَوْ حُمْلانًا كُلُّهَا، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَا شَيْءَ فِيهَا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ قَوْلُنَا، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ الشَّعْبِيِّ 621 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَى الْفِصَالِ حَتَّى تَكُونَ بَنَاتَ مَخَاضٍ صَدَقَةٌ وَلا عَلَى السِّخَالِ وَلا عَلَى الْبَقَرِ حَتَّى تُجْذِعَنَّ " وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: فِيهَا مِثْلُ الَّذِي كَانَ يَجِبُ فِيهَا لَوْ كَانَتْ مَسَانًّا كُلُّهَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: زُفَرُ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّدٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ زُفَرَ بِهَذَا الْقَوْلِ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: فِيهَا الزَّكَاةُ، وَيُؤْخَذُ الْعَدَدُ الَّذِي يَجِبُ فِيهَا مِنْهَا، وَلا يُكَلَّفُ صَاحِبُهَا أَنْ الحديث: 621 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 يَأْتِيَ بِمَا هُوَ أَسَنُّ مِنْ جَمِيعِهَا وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ: أَبُو يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِمَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنْ كُنَّا قَدْ زِدْنَا فِي كَشْفِ مَعْنَاهُ وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الأَقْوَالُ الثَّلاثَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ غَيْرَ أَنَّ آخِرَ أَقْوَالِهِ الَّتِي ثَبَتَ عَلَيْهِ مِنْهَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِهِ هَذِهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، عَنِ ابْنِ سُمَّاعَةَ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ قَالَ هَذِهِ الأَقْوَالَ كُلَّهَا، وَرَجَعَ مِنْ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَشْكَالِهِ لِنَعْطِفَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَيْهِ، فَرَأَيْنَاهُمْ يَقُولُونَ فِي الْمَوَاشِي: إِذَا كَانَتْ مَسَانًّا وَصِغَارًا بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْمَسَانُّ مِنْهَا فِي هَذَا الْعَدَدِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ أَنَّهُ يُحْسَبُ عَلَى صَاحِبِهَا بِصِغَارِهَا كمَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ بِمَسَانِّهَا وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الاحْتِسَابِ بِالصِّغَارِ عَلَى أَهْلِهَا مَعَ الْكِبَارِ مِنْهَا 622- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدَّيْلِيِّ، عَنِ ابْنٍ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ جَدِّهِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا وَكَانَ يَعْتَدُّ عَلَى النَّاسِ بِالسَّخْلِ، فَقَالُوا: أَتَعْتَدُّ عَلَيْنَا بِالسَّخْلِ، وَلا تَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا؟ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: " نَعَمْ، نَعْتَدُّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي، وَلا نَأْخُذُهَا، وَلا نَأْخُذُ الأَكُولَةَ، وَلا الرُّبى، وَلا الْماخضَ، وَلا فَحْلَ الْغَنَمِ، وَنَأْخُذُ الْجَذَعَةَ، وَالثَّنِيَّةَ، وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْمَالِ وَخِيَارِهِ " 623- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَنَاقَ الْمَكِّيِّ، قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ عَامِلا لَهُ مِنْ ثَقِيفٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَتَخَلَّفَ يَوْمًا، فَقَالَ: " لَا أَرَاكَ مُتَخَلِّفًا، وَلَكَ أَجْرُ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّكَ لَتَقُولُ ذَلِكَ، وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ: إِنَّكُمْ تَظْلِمُونَنَا تَحْسِبُونَ عَلَيْنَا الصَّغِيرَةَ وَلا تَأْخُذُونَهَا، قَالَ: " احْسِبْهَا، وَإِنْ جَاءَ بِهَا الرَّاعِي فِي كَفِّهِ، وَأَنْتَ أَيْضًا فَقُلْ لَهُمْ: إِنَّا نَدَعُ الرُّبى، وَالأَكِيلَةَ، وَالْمَاخِضَ، وَالْفَحْلَ " قَالَ الْحَكَمُ: الرُّبَّى: الَّتِي تُرَبِّي وَلَدَهَا، وَالأَكِيلَةُ: السَّمِينَةُ، وَالْمَاخِضُ: الْوَالِدُ، وَالْفَحْلُ: هُوَ الْفَحْلُ الْمَعْرُوفُ 624- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ الحديث: 622 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 عُمَرَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ عَلَى صَدَقَاتِ قَوْمِي، فَاعْتَدَدْتُ لَهُمْ بِالْبُهْمِ، فَقَالُوا: إِنْ كُنْتَ تَعُدُّهَا مِنَ الْغَنَمِ فَخُذْهَا مِنْهَا، فَلَقِيتُ عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: " اعْتَدَّ بِهَا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ جَاءَ بِهَا الرَّاعِي يَحْمِلُهَا فِي كَفِّهِ " وَقَالَ: " إِنَّا نَدَعُ لَهُمُ الْمَاخِضَ، وَالرُّبَّى، وَشَاةَ اللَّحْمِ، وَفَحْلَ الْغَنَمِ، وَنَأْخُذُ الْجَذَعَ، وَالثَّنِيَّ، فَذَلِكَ وَسَطٌ مِنَ الْمَالِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ " فَلَمَّا كَانَتِ الصِّغَارُ تُحْتَسَبُ بِهَا فِيمَا ذَكَرْنَا حَتَّى تُجْعَلَ كَالْمَسَانِّ كُلِّهَا، كَانَتْ كَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ صِغَارًا كُلُّهَا كَالْمَسَانِّ فِي الْوَاجِبِ فِيهَا وَكَانَ مِمَّا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ، أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ فِيمَا ذَكَرْتَ، لَكَانَتِ الْمُسِنَّةُ تُؤْخَذُ مِنَ الصِّغَارِ وَإِنْ جَاوَزَتْ قِيمَتُهَا قِيَمَ الصِّغَارِ، وَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لأَنَّا وَجَدْنَا الزَّكَاةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا، إِنَّمَا هِيَ أَجْزَاءٌ مِنَ الْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ، أَوْ شَيْءٌ تَكُونُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ جُزْءٍ مِنَ الْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ، وَلا تَكُونُ قِيمَةً تَفِي بِالْمَالِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ وَلا تُجَاوِزُهُ، فَبَطَلَ بِذَلِكَ الْقَوْلُ الأَوَّلُ، وَثَبَتَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ، وَلَمَّا بَطَلَ أَنْ تَكُونَ الْمُسِنَّةُ تَجِبُ فِي غَيْرِ الْمَسَانِّ، وَكَانَتِ الْمَاشِيَةُ إِذَا كَانَ فِيهَا صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَوَجَبَ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَلَمْ يُؤْخَذِ الصِّغَارُ عَنْ زَكَاتِهَا وَأُخِذَ مِنَ الْكِبَارِ عَنْ زَكَاتِهَا بِمِقْدَارِ مَا وَجَبَ فِيهَا، وَكَانَتْ إِذَا كَانَتْ صِغَارًا وَلَيْسَ مَا يُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ عَنِ الْكِبَارِ، وَلا مِنَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، بَطَلَ بِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ فِيهَا زَكَاةٌ أَصْلا، كَمَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولانِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ وَتَأَمَّلْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْ فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلٍ مِنْ هَذِهِ الأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا، فَوَجَدْنَا 625- يَزِيدَ بْنَ سِنَانَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ نُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ، حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلا اللهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلا اللهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُوا مِنِّي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا، الحديث: 625 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 قَالَ عُمَرُ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلا رَأَيْتُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ بِالْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ 626- حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 627 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ عِمْرَانُ بْنُ دَاوُدَ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ أَسَدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا مَنَعُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ " وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَمَا كَانُوا يُعْطُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: فَلَمَّا رَأَيْتُ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ قَدْ شُرِحَ عَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ وَكَانَ فِيمَا رُوِّينَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ: وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُعْطُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَنَاقَ قَدْ كَانَتْ تُؤَدَّى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَةِ، وَلا اخْتِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْغَنَمَ إِذَا كَانَتْ مِنْهَا مَسَانٌّ وَعَنَقٌ، أَنَّ صَدَقَاتِهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمَسَانِّ لَا مِنَ الْعَنَقِ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْعَنَقَ لَمْ يَكُنْ يُؤَدَّى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا مِنْ عَنَقٍ لَا مَسَانَّ فِيهَا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنَ الأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ الحديث: 626 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمَوَاشِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا صِغَارًا، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ عِجَافًا كُلُّهَا، وَكَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ عِجَافٌ لَا تُسَاوِي شَاةً، فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ كَانَ يَقُولُ فِيمَا رَوَى عَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: فِيهَا وَاحِدٌ مِنْهَا، قَالَ: وَلا أُوجِبُ عَلَيْهِ وَاحِدًا مِنْ غَيْرِهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، يَقُولُ: أَعْتَبِرُ الأَمْرَ فِي ذَلِكَ، فَأَقُولُ: لَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ أَوْسَاطٌ لَكَانَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ وَسَطٌ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ عِجَافٌا نَظَرْتُ إِلَى خَمْسَةٍ مِنَ الأَوْسَاطِ، فَكَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عِشْرُونَ دِرْهَمًا، فَفِيهَا شَاةٌ وَسَطٌ قِيمَتُهَا عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، فَأَعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي قِيمَتُهَا عَشْرَةُ دَرَاهِمَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَإِذَا كَانَتِ الإِبِلُ عِجَافًا لَا تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ نَظَرْتُ كَمْ قِيمَتُهَا مِنَ الْمِائَةِ الدِّرْهَمِ؟ وَكَأَنَّهَا مَثَلا عِشْرُونَ دِرْهَمًا قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَعَلِمْتُ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي فِي الْعَشْرِ مِنَ الْوَاجِبِ فِي الْمِائَةِ خَمْسَةٌ، فَأَقُولُ لِصَاحِبِ الإِبِلِ الْخَمْسِ الْعِجَافِ عَلَيْكَ شَاةٌ قِيمَتُهَا دِرْهَمَانِ، فَإِذَا أَدَّيْتَ إِلَى هَذَا الْمُصَدِّقِ شَاةً قِيمَتُهَا دِرْهَمَانِ قَبِلَهَا مِنْكَ، وَإِنْ أَدَّيْتَ إِلَيْهِ شِرْكًا مِنْ شَاةٍ يُسَاوِي ذَلِكَ الشِّرْكَ مِنْهَا دِرْهَمَانِ قَبِلَهُ مِنْكَ، وَإِنْ أَدَّيْتَ إِلَيْهِ دِرْهَمَيْنِ قَبِلَهُمَا مِنْكَ، فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَحْسَنَ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْعَدَدِ مِنَ الْمَوَاشِي إِذَا كَانَتْ صِغَارًا وَكِبَارًا، وَكَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ مَسَانٌّ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ صِغَارٌ، وَيَكْمُلُ بِهَا الْعَدَدُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْهَا، فَقَالَ قَائِلُونَ: فِيهَا الزَّكَاةُ وَتَعْتَدُّ بِصِغَارِهَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، رَحِمَهُمُ اللهُ وَقَالَ قَائِلُونَ: لَا يَعْتَدُّ بِالصِّغَارِ مَعَ الْكِبَارِ، حَتَّى تَكُونَ الْكِبَارُ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهَذَا قَوْلٌ مَا عَلِمْنَا أَحَدًا تَقَدَّمَهُ فِيهِ، وَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ خَبَرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لأَنَّهُ أَمَرَ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيَّ حِينَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا أَنْ يَعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي فِي كَفِّهِ، وَلَمْ يُقَدِّرْ فِي ذَلِكَ أَرْبَعِينَ، وَلا غَيْرَ أَرْبَعِينَ وَجَعَلَ ذَلِكَ مُطْلَقًا فِي كُلِّ الْمَوَاشِي، وَلا نَعْلَمُ عَمَّنْ أَخَذَ هَذَا التَّفْصِيلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 فَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الَّذِي رُوِّينَاهُ فَقَدْ خَالَفَهُ، وَقَدْ يَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ الْغَنَمُ مِنَ الْمَسَانِّ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ أَرْبَعُونَ مِنْهَا، يَمُوتُ مِنْهَا بَعْضُهَا، ثُمَّ تَلِدُ الْبَاقِيَاتُ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ، مَا يَكْمُلُ بِهِ الأَرْبَعُونَ فَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " احْسِبْهَا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ جَاءَ بِهَا الرَّاعِي يَحْمِلُهَا فِي كَفِّهِ "، وَيَكُونُ عَلَى صَاحِبِ هَذِهِ الأَرْبَعِينَ الَّتِي قَدْ كَمُلَتْ بِالأَوْلادِ مَا عَلَيْهِ فِي الأَرْبَعِينَ الَّتِي مَرَّ عَلَيْهَا الْحَوْلُ كُلِّهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، يَقُولُونَ فِي هَذَا فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ قَوْلُنَا بَابُ الْخُلَطَاءِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْخَلِيطَيْنِ يَكُونُ لَهُمَا مِنَ الْمَاشِيَةِ السَّائِمَةِ مَا تَجِبُ فِي جُمْلَتِهَا الزَّكَاةُ لَوْ كَانَتْ لأَحَدِهِمَا، فَيَحُولُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَلا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَالُوا: الاخْتِلاطُ مِنْهُمَا لَا يُغَيِّرُ الْحُكْمَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَالِهِ فِي الْبَدْءِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِالْعَدَدِ الْمَعْلُومِ الْمَذْكُورِ فِي السَّنَةِ، كَمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الاخْتِلاطِ، كَمَا لَمْ يُغَيِّرِ الاخْتِلاطُ حُكْمَهُ فِي الْحَوْلِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الاخْتِلاطِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللهُ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ قَوْلِهِمَا، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ قَوْلِهِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِذَا كَانَ الرَّاعِي وَاحِدًا، وَالْمُرَاحُ وَاحِدًا، وَالدَّلْوُ وَاحِدًا فَهُمَا خَلِيطَانِ، وَلا تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْخَلِيطَيْنِ عِنْدَهُمْ، حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ لأَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاةً، وَلِلآخَرِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً، أَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً، وَجُمْلَةُ غَنَمِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً، لَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي لَهُ مِنْهُمَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً صَدَقَةٌ، وَلا عَلَيْهِمَا إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً صَدَقَةٌ، وَكَانَتِ الصَّدَقَةُ وَاجِبَةً عَلَى الَّذِي لَهُ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْغَنَمِ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 فَصَاعِدًا جُمِعَا فِي الصَّدَقَةِ جَمِيعًا، فَجُعِلَ حُكْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ كَهُوَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فِيمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لأَحَدِهِمَا أَلْفُ شَاةٍ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، وَلِلآخَرِ أَرْبَعُونَ شَاةً أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا فَهُمَا خَلِيطَانِ يَتَرَادَّانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ عَلَى الأَلْفِ شَاةٍ بِحِصَّتِهَا، وَعَلَى الأَرْبَعِينَ شَاةً بِحِصَّتِهَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مَالِكٌ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ بِهَذَا الْقَوْلِ سَوَاءً، غَيْرَ أَنَّا قَدْ زِدْنَا فِي كَشْفِ مَعَانِيهِ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ فِي الْخَلِيطَيْنِ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالإِبِلِ سَوَاءٌ وَكَانَ بَعْضُهُمْ، يَقُولُ: إِذَا كَانَتِ الْمَاشِيَةُ السَّائِمَةُ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَإِنْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاشِيَتَهُ إِلا أَنَّهُمَا يُرِيحَانِ، وَيَسْرَحَانِ، وَيَحْلِبَانِ، وَيَسْقِيَانِ مَعًا، وَكَانَتْ فُحُولُهُمَا وَاحِدَةً مُخْتَلِطَةً، وَحَالَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ، فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِمَا وَاجِبَةٌ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ كَمَا حَكَاهُ لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنْهُ وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ مَالِكٍ فَلا مَعْنَى لَهُ عِنْدَنَا، لأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ الْخَلِيطَيْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي مَاشِيَتِهِمَا، حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْهَا الْمِقْدَارُ الَّذِي تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا عَنْ خَلِيطِهِ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ مَذْهَبُهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي الْخَلِيطَيْنِ، إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى الانْفِرَادِ، فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كُلُّهُ كَمَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُزَكِّيهِ كَمَا يُزَكِّيهِ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، أَوْ لَمْ يَخْلُ عِنْدَنَا حُكْمُ الْمَاشِيَةِ الَّتِي بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الْمَاشِيَةِ إِذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، فَتَجِبَ فِيهَا الزَّكَاةُ إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ كَمَا تَجِبُ فِيهَا لَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الْمَاشِيَةِ إِذَا كَانَتْ لِرَجُلَيْنِ، وَيَكُونَ الاخْتِلاطُ لَا مَعْنَى لَهُ، فَيَكُونَ فِيهَا إِذَا كَانَتْ ثَمَانِينَ لِرَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ مِنْهَا شَاتَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَاةٌ، فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: هِيَ كَالرَّجُلَيْنِ حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ، إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْهَا أَرْبَعُونَ فَصَاعِدًا، أَوْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ فَلا مَعْنَى لَهُ عِنْدَنَا، لأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ تَجِبُ فِي أَعْيَانِ الأَمْوَالِ، وَلا يُنْظَرُ إِلَى أَحْكَامِ مَالِكِهَا، فَيُسَوَّى فِي ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ لِجَمَاعَةٍ أَوْ تَكُونَ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونَ الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْئًا وَاحِدًا وَاجِبًا فِي عَيْنِهِ، أَوْ يَكُونَ حُكْمُ ذَلِكَ الْمَالِ حُكْمَ مَالِكِيهِ، فَيَرْجِعَ إِلَى مَا يَمْلِكُهُ كُلُّ وَاحِدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 مِنْهُمْ، فَيَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ مَالِهِ الَّذِي لَا خُلْطَةَ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ أَرْبَعِينَ شَاةً سَائِمَةً لَوْ مَلَكَهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ حُرٌّ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ، ثُمَّ مَلَكَهَا رَجُلٌ آخَرُ مُسْلِمٌ بَقِيَّةَ الْحَوْلِ إِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْحَوْلُ قَدْ حَالَ عَلَى عَيْنِهَا حَتَّى يَكْمُلَ لَهَا حَوْلٌ عِنْدَ مَالِكِهَا الثَّانِي، فَتَكُونَ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَلَمَّا لَمْ يُجْعَلْ حُكْمُ هَذِهِ السَّائِمَةِ فِي هَذَا حُكْمَ أَنْفُسِهَا، وَرُدَّ إِلَى حُكْمِ مَالِكِهَا فِي حَوْلِهَا ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَاعَى فِي عَدَدِهَا أَيْضًا مَالِكُوهَا لَا أَعْيَانُهَا، أَلا تَرَى أَنَّ سَوَائِمَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَأَنَّهُ لَمْ تُرَاعَى أَعْيَانُهَا فَتُجْعَلَ الزَّكَاةُ فِيهَا لِعَدَدِهَا، وَلِمُرُورِ الْحَوْلِ عَلَيْهَا، وَلأَنَّهَا سَائِمَةٌ إِنْ كَانَ مَالِكُوهَا لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الأَمْوَالَ مَرْدُودَةٌ إِلَى أَحْكَامِ مَالِكِهَا فِي أَحْوَالِهَا، وَفِي عَدَدِهَا إِلَى أَحْكَامِ أَنْفُسِهَا وَأَعْيَانِهَا، وَإِذَا وَجَبَ أَنْ تَكُونَ مَرْدُودَةً إِلَى مَا ذَكَرْنَا بَطَلَ بِذَلِكَ الْقَوْلُ الَّذِي وَصَفْنَا وَأَمَّا الْمُرَاحُ، وَالْفَحْلُ، وَالدَّلْوُ، وَمَا ذَكَرْنَا مَعَ ذَلِكَ مِمَّا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْخَلِيطَانِ فِي سَائِمَتِهِمَا عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ فِي قَوْلِهِ: فَلا مَعْنَى لَهُ فِي الْقِيَاسِ أَلا تَرَى أَنَّ رَجُلا لَوْ كَانَتْ لَهُ غَنَمَانِ سَوَائِمُ فِي هذَيْن مُخْتَلِفَيْنِ، أَوْ فِي مَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَاعٍ عَلَى حِدَةٍ، وَفُحُولٌ عَلَى حِدَةٍ، وَدَلْوٌ عَلَى حِدَةٍ، وَيُرِيحُ كُلَّ غَنَمٍ مِنْهُمَا وَيَسْرَحُ عَلَى حِدَةٍ، أَنَّ حُكْمَهَا كَحُكْمِهِمَا لَوْ كَانَتْ مُجْتَمِعَةً فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، وَفِي مُرَاحٍ وَاحِدٍ، وَفِي دَلْوٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ وَإِنِ افْتَرَقَ وَانْفَرَدَتْ بِهِ كُلُّ غَنَمٍ مِنَ الْغَنَمَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا غَيْرَ مُلْتَفِتٍ إِلَيْهِ، وَإِنَّ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَرْدُودِ أَحْكَامُهَمَا إِلَيْهِ مَالِكُوهَا، فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَنَمِ الَّذِي بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا يُرْجَعُ فِي أَحْكَامِهَا إِلَى حُكْمِ مَالِكِهَا فَيَكُونَ الَّذِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْهَا فِي حُكْمِهِ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا لَا خُلْطَةَ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَأَنْ لَا يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إِلَى دَلْوٍ، وَلا إِلَى مُرَاحٍ، وَلا إِلَى فَحْلٍ، وَلا إِلَى مَا سِوَى ذَلِكَ، غَيْرَ مَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً، وَلا خُلْطَةَ فِيهَا بَيْنَ رَبِّهَا وَبَيْنَ غَيْرِهِ 628 - وَقَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: " إِذَا كَانَ الْخَلِيطَانِ يَعْرِفَانِ أَمْوَالَهُمَا فَلا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي الصَّدَقَةِ "، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ عَطَاءً، فَقَالَ: " مَا أَرَاهُ إِلا حَقًّا " فَهَذَا طَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، لَمْ يُرَاعِيَا فِي هَذَا خَلًى، وَلا فَحْلا، وَلا سُقْيَا، وَلا بِئْرًا، وَلا دَلْوًا، وَلا الحديث: 628 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يُرَاعِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ فِيمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُمَا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِقَوْلِهِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لأَنَسٍ لَمَّا وَلاهُ: " لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلا يُجْمِعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 يُرَاجَعَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِّيَةِ 629 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا اسْتُخْلِفَ، وَجَّهَ أَنَسًا إِلَى الْبَحْرَيْنِ، فَكَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ: " هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِهَا " فَذَكَرَ فِيهَا هَذَا الْكَلامَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ 630 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخَذْتُ مِنْ ثُمَامَةَ كِتَابًا زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، كَتَبَهُ لأَنَسٍ حَيْثُ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا وَعَلَيْهِ خَاتَمُ أَبِي بَكْرٍ وَخَاتَمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَهُ لَهُ، فَإِذَا فِيهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِهَا ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْكَلامَ أَيْضًا 631 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَرْسَلَنِي ثَابِتٌ إِلَى ثُمَامَةَ لِيَبْعَثَ إِلَيْهِ بِكِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي كَتَبَهُ لأَنَسٍ حَيْثُ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 632 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عِمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرٍو فِي الصَّدَقَةِ، " لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَّرِقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَلا تَخْرُجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلا ذَاتُ عُوَارٍ، وَلا تَيْسٌ إِلا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ " 633 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، وَعَبْدِ اللهِ ابْنَيِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَحْوِ ذَلِكَ أَفَلا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ أَنْ لَا يُجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلا يُفَرَّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَأَنْ يَتَرَاجَعَ الْخَلِيطَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، فَاسْتَدَلا بِذَلِكَ يَعْنِي: مَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ، عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْخَلِيطَيْنِ فِي الْمَوَاشِي خِلافُ حُكْمِهِمَا لَوْ كَانَا مُنْفَرِدَيْنِ غَيْرَ خَلِيطَيْنِ، يُقَالُ لَهُمَا: قَدْ قَبِلَ الْعُلَمَاءُ جَمِيعًا هَذَا الْكَلامَ الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ فِي الْخَلِيطَيْنِ جَمِيعًا، وَصَحَّحُوهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَّا قَوْلُهُ: " لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ "، فَأَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ الْوَاحِدِ مِائَةُ شَاةٍ وَعِشْرُونَ شَاةً، فَفِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ فَرَّقَهَا الْمُصَّدِّقُ جَعَلَهَا أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ، لِتَكُونَ فِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، فَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ "، فَالرَّجُلانِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ، فَتَكُونُ عَلَيْهِمَا شَاتَانِ فَيَجْمَعَانِهَا لِتَكُونَ عَلَيْهِمَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا فَعَلا ذَلِكَ فَقَدْ جَمَعَا بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، فَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِمَا وَذَهَبَ قَائِلُوا هَذَا الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ "، إِلَى أَنَّ الْخَشْيَةَ فِي هَذَا: هِيَ فِي كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ، وَفِي قِلَّتِهَا مِنَ الْمُصَدِّقِ، وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَبُو حَنِيفَةَ، حَدَّثَنَاهُ بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ " خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ "، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَحْكِهِ لَنَا سُلَيْمَانُ، وَلَمْ يَحْكِ سُلَيْمَانُ فِيمَا حَكَى لَنَا مِمَّا ذَكَرْنَا اخْتِلافًا بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَأَمَّا أَصْحَابُ الإِمْلاءِ مِنْهُمْ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، فَحَكَوْا عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَمْلأَ عَلَيْهِمْ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، قَالَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ ثَمَانُونَ شَاةً، فَإِذَا جَاءَهُ الْمُصَدِّقُ، قَالَ: هِيَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا عِشْرُونَ فَلا زَكَاةَ فِيهَا، أَوْ يَكُونَ لَهُ أَرْبَعُونَ الحديث: 629 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 وَلأَخِيهِ أَرْبَعُونَ وَلأَخٍ لَهُ آخَرَ أَرْبَعُونَ، فَتَكُونَ جُمْلَتُهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ شَاةً، فَيَكُونَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِيهَا ثَلاثَ شِيَاهٍ، فَإِذَا جَاءَهَا الْمُصَدِّقُ جَمَعَهَا، فَقَالَ: هَذِهِ كُلُّهَا لِي، وَالَّذِي عَلَيَّ فِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَهَذِهِ خَشْيَةُ الصَّدَقَةِ، لأَنَّ الَّذِي تُؤْخَذُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ هُوَ الَّذِي يَخْشَى الصَّدَقَةَ وَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ فَرُوِيَ عَنْهُ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، قَالَ: أَمَّا " لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ " فَأَنْ يَكُونَ الْخَلِيطَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ، فَيَكُونَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ ثَلاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا أَظَلَّهُمُ الْمُصَدِّقُ فَرَّقُوا غَنَمَهُمَا، فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ وَقِيلَ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَأَمَّا لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، فَأَنْ يَنْطَلِقَ الثَّلاثَةُ الَّذِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً قَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي غَنَمِهِ الصَّدَقَةُ، فَإِذَا أَظَلَّهُمُ الْمُصَدِّقُ جَمَعُوا جَمِيعًا، لِئَلا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلا شَاةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ: فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا حَكَاهُ لَنَا الْمُزَنِيُّ، أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَى " لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ ": لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ ثَلاثَةِ خُلَطَاءَ فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ شَاةٍ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ شَاةٌ، لأَنَّهُمْ إِذَا افْتَرَقَتْ كَانَ فِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ، وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ: فَرَجُلٌ لَهُ مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ، وَرَجُلٌ مِائَةُ شَاةٍ، فَإِذَا تُرِكَنا مُفْتَرِقَيْنِ فَفِيهَا شَاتَانِ، وَإِذَا جُمِعَنا فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ، فَالْخَشْيَةُ خَشْيَةُ السَّاعِي أَنْ تَقِلَّ الصَّدَقَةُ، وَخَشْيَةُ رَبِّ الْمَالِ أَنْ تَكْثُرَ الصَّدَقَةُ، فَأَمَرَ أَنْ نُقِرَّ كُلا عَلَى حَالِهِ فَهَذِهِ أَقْوَالٌ قَدْ رُوِيَتْ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ " لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَكُلُّهُمْ فَقَدْ قَبلَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَالَفَ أَصْحَابَهُ فِي تَأْوِيلِهِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ نَصًّا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْطَعُ اخْتِلافَهُمْ فِيهِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ فِي ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي أَنْ لَا حُكْمَ لِلْمُرَاحِ وَالدَّلْوِ وَلا لِلْفَحْلِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ لِلأَمْلاكِ لَا لِمَا سِوَاهَا، كَانَ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ "، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدًا، كَانُوا يَقُولُونَ تَأْوِيلُ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً سَائِمَةٌ شَائِعَةٌ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مَقْسُومَةٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثاهَا وَلِلآخَرِ مِنْهُمَا ثُلُثُهَا فَيَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، وَتَجِبَ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَتَكُونَ فِيهَا شَاتَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ، فَلا يَكُونُ عَلَى الْمُصَدِّقِ أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 يَقْسِمَ الْغَنَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا زَكَاتَهُمَا، حَتَّى يَكُونَ لِصَاحِبِ الثَّمَانِينَ مِنْهَا ثَمَانُونَ شَاةً بِأَعْيَانِهَا، فَيَأْخُذَ مِنْهَا شَاةً، وَحَتَّى يَكُونَ لِصَاحِبِ الأَرْبَعِينَ الشَّاةِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ شَاةً بِأَعْيَانِهَا فَيَأْخُذَ مِنْهَا شَاةً، إِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَاتَيْنِ مِنْ جُمْلَتِهَا، فَيَكُونَ قَدْ أَخَذَ مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الثَّمَانِينَ ثلثيهما وَهُوَ شَاة وَثلث وَأخذ من غنم صَاحب الْأَرْبَعين ثلثهما وَهُوَ ثلثا شَاة، وَالَّذِي كَانَ وَجب عَلَى صَاحب الثمَانين شَاة مِنْهَا شَاة، وَالَّذِي كَانَ وَجب عَلَى صَاحب الْأَرْبَعين شَاة منهمَا شَاة، فَرجع صَاحب الثمَانين عَلَى صَاحب الْأَرْبَعين بِالثُّلثِ الشَّاة الَّذِي أَخذه الْمُصدق، فضلا عمَا كَانَ وَجب عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إنمَا أَخذه مِنْهُ عَنْ صَاحبه مِمَّا كَانَ وَجب عَلَى صَاحبه، فإِذَا تراجعا ذَلِكَ كَذَلِكَ رجعت الْغنم بينهمَا إِلَى أَن صَار لصَاحب الثمَانين مِنْهَا تسع وَسَبْعُونَ شَاة، وَهَذَا الْبَاقِي لَهُ بعد الَّذِي كَانَ وَجب عَلَيْهِ من الزَّكَاة، وَلِصَاحِب الْأَرْبَعين تسع وَثَلَاثُونَ شَاة وَهُوَ الْبَاقِي لَهُ بعد الَّذِي كَانَ وَجب عَلَيْهِ من الزَّكَاة قَالُوا: فَهَذَا معنى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ومَا كَانَ من خليطين فإنهمَا يتراجعان بينهمَا بِالسَّوِيَّةِ " وأمَا مَذْهَب مخالفِيهم فِي ذَلِكَ فَإِن الخليطين المعينين فِي هَذَا هما الخليطان بالمراح، والفحول، والراعي، لَا بأعيان الْغنم، ويكونان مَعَ ذَلِكَ يريحان، ويسرحان، ويحلبان مَعًا، فيكونان بِذَلِكَ خليطين، لَا باختلاط الْغَنَمَيْنِ، ويحضر الْمُصدق فَيصدق الْغنم بمَا يجب عَلَيْهَا من الصَّدَقَة، وَيَأْخُذ من غنم أحدهمَا، فَرجع المَأخوذ ذَلِكَ من غنمه عَلَى صَاحبه فِي غنمه الَّذِي أَخذه الْمُصدق مِمَّا كَانَ وَجب عَلَى صَاحبه قَالُوا: فَهَذَا معنى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ومَا كَانَ من خليطين يتراجعان بينهمَا بِالسَّوِيَّةِ " قَدْ دخل فِيه عِنْد هَؤُلَاءِ الْقَائِلين: الخليطان بالمراح وبمَا سواهُ مِمَّا ذكرنَا، غير اخْتِلَاط الْغنم، كَانَ اخْتِلَاط الْغنم فِي ذَلِكَ أولى أَن يكون الشريكَانَ فِيه خليطين، لِأَن الْخلطَة بِهَا لَا ينْفَرد فِيه وَاحِد من الشَّرِيكَيْنِ، أولى مِمَّا ينْفَرد بِهِ وَاحِد من الشَّرِيكَيْنِ عَنْ صَاحبه، وإِذَا ثَبت ذَلِكَ كَانَ التَّأْوِيل الأول أولى بِالْحَدِيثِ من التَّأْوِيل الثَّانِي زَكَاة الْخَيل والبرذون وَاخْتلف أهل الْعلم فِي الْخَيل السَّائِمَة، فقَالَ بَعضهم: إِن كَانَت ذُكُورا كلهَا فَلَا شَيْء فِيهَا، وكذَلِكَ إِن كَانَت ذُكُورا وإناثا يلْتَمس صَاحبهَا نسلها، فَفِيهَا الزَّكَاة، والمصدق فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ، إِن شَاءَ أَخذ من كل فرس دِينَارا، وَإِن شَاءَ قَومهَا دَارهم فَأخذ من كل مِائتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَزفر، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّد بن الْعَبَّاس، عَنْ يَحْيَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 بن سليمَان الجعفِي، عَنِ الْحسن بن زِيَاد، عَنْ زفر بمَا حكيناه عَنْه من ذَلِكَ قَالَ: وَهُوَ قَول أَبِي حَنِيفَةَ وقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عمر كمَا 634 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: " رَأَيْتُ أَبِي يُقَيِّمُ الْخَيْلَ وَيَدْفَعُ صَدَقَتَهَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " 635 - وَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ " يَأْخُذُ مِنَ الْفَرَسِ عَشْرَةً، وَمِنَ الْبِرْذَوْنِ خَمْسَةً " 636 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وكَانَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُمَا فِيمَا ذَهَبَا إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ مَالكٍ مِنْهُمَا فَإِنَّ الَّذِي فِِيِه قَوْلَ السَّائِبِ: رَأَيْتُ أَبِي يُقِيمُ الْخَيْلَ وَيَدْفَعُ صَدَقَتَهَا إِلَى عُمَرَ، فَهَذَا قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ خَيْلُ التِّجَارَةِ، وَلا يَكُونُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ فِيهَا إِذَا كَانَت سَائِمَةً لَيْسَتْ لِلتِّجَارَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ قَتَادَةَ مِنْهُمَا فَالَّذِي فِيه: " أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ الْفَرَسِ عَشَرَةً وَمِنَ الْبِرْذَوْنِ خَمْسَةً "، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِيه عَلَى أَيْ وَجْهٍ كَانَ يَأْخُذُ ذَلِكَ، فَلا حُجَّةَ فِيه أَيْضًا، إِذْ لَا يُبَانُ فِيه لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَوْ كَانَ قَدْ تَبَيَّنَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الصَّدَقَةَ لَمْ يَكُنْ فِيه أَيْضًا حُجَّةٌ لِمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، لأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ سَائِمَةً، وَلا ذُكُورًا، وَلا إِنَاثًا، وَلا أَنَّهَا كَانَتْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا يَلْتَمِسُ أَصْحَابُهَا نَسْلَهَا، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، فِيمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُمَا، وكَانَ الَّذِي يَأْخُذُهُ عُمَرُ عَنِ الْفَرَسِ فِي ذَلِكَ خِلافَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، لأَنَّهُمَا إِنَّمَا كَانَ يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنَ الْخَيْلِ مِنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارٌ، وَيَقَوَّمُ دَرَاهِمَ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ الحديث: 634 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وقَدِ احْتج مُحْتَج لأَبِي حَنِيفَةَ، ولزفر فِي ذَلِكَ بِحَدِيث قَدْ روى عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَيل وَهُوَ: 337 - أَنَّ يُونُسَ رَحِمَهُ اللهُ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْخَيْلَ، فَقَالَ: " هِيَ لِثَلاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلَهُ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا تَكَرُّمًا وَتَحَمُّلا، وَلا يَنْسَى حَقَّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي رِقَابِهَا وَلا فِي ظُهُورِهَا " 638 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ قَالَ: ففِي هَذَا دَلِيل أَن لله عَزَّ وَجَلَّ فِي الْخَيل حَقًا وَلَا حجَّة فِي هَذَا الحَدِيث لأَبِي حَنِيفَةَ وَلَا لزفَر، لِأَنَّهُ لم يذكر فِيهَا سَائِمَة وَلَا غَيرهَا، وَلِأَن الْأَمْوَال فِيهَا حُقُوق سوى الزكوات 639 - كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ " وَتَلا هَذِهِ الآيَةَ: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} الآيَةَ 640 - وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ ذَكَرَ الإِبِلَ، فَقَالَ: " إِنَّ فِيهَا حَقًّا " فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: " إِطْرَاقُ فَحْلِهَا، وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا، وَمَنِيحَةُ سَمِينِهَا " فَهَذِهِ حُقُوق سوى الزكوات، وقَدْ يجوز أَن يكون الْحق الَّذِي ذكره رَسُول اللهِ صلّى الحديث: 638 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْخَيل فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة هُوَ مثل ذَلِكَ أَيْضا، مَعَ أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا ذكر ذَلِكَ فِي الْخَيل المتخذة تكرمَا وتحملا وَهِيَ المرتبطة، وَلم يذكر فِي الْخَيل السَّائِمَة وقَالَ بَعضهم: لَا صَدَقَة فِي الْخَيل السَّائِمَة عَلَى حَال من الْأَحْوَال، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالك، وَالثَّوْري، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ، حَدَّثَنَا يُونُس، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن وهب، عَنْ مَالك بمَا حكيناه عَنهُ من ذَلِكَ وحَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ بمَا حكيناه عَنهُ من ذَلِكَ، قَالَ مُحَمَّد: وَهُوَ قَوْلنَا حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الْعَبَّاس، عَنْ يَحْيَى، عَنِ الْحسن، عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِذَلِكَ أَيْضا، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 641 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَى فَرَسِ مُسْلِمٍ وَلا عَلَى غُلامِهِ صَدَقَةٌ " 642 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كِلاهُمَا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 643 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ " 644 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 645 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، الحديث: 641 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا صَدَقَةَ عَلَى الرَّجُلِ فِي خَيْلِهِ وَلا فِي رَقِيقِهِ " فأمَا مَا احْتَجُّوا بِهِ عَلَيْهِمَا من حَدِيث عبد الله بن دِينَار الَّذِي روينَاهُ فَلَا حجَّة عَلَيْهِمَا فِيه، لِأَنَّهُ إنمَا قيل فِيه: " لَا صَدَقَة عَلَى الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فِي فرسه "، وقَدْ يحْتَمل أَن يكون أُرِيد بِذَلِكَ الْفرس المركوب، وَالْعَبْد المستخدم، لَا الْخَيل السَّائِمَة، أَلا ترى أَن ذَلِكَ لَا يمْنَع أَن يكون عَلَى الرجل فِي عَبده الَّذِي لغير التِّجَارَة صَدَقَة الْفطر، وَأَنه لَا يمْنَع أَن يكون عَلَيْهِ فِي عَبده الَّذِي للتِّجَارَة صَدَقَة المَال وأمَا حَدِيث مَكْحُول الَّذِي روينَاهُ فَهُوَ أقرب إِلَى الْمَعْنى الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالك، وَالثَّوْري، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ من حَدِيث ابْن دِينَار هَذَا، غير أَنَّهُ ذكر فِيه الْخَيل وَالرَّقِيق، وكَانَ مَا ذكر فِيه من الرَّقِيق عَلَى رَقِيق الِاسْتِخْدَام، لَا مَا سواهَا، فثبتته أَن يكون الَّذِي ذكر من الْخَيل خيل الِاسْتِخْدَام لَا مَا سواهَا وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ " 646 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمُرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ " 647 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، وَشَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ الحديث: 646 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 648 - حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 649 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ فَهَذَا عِنْدَنَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ خَاصٌّ مِنَ الْخَيْلِ كَمَا أُرِيدَ بِهِ خَاصٌّ مِنَ الرَّقِيقِ، وَلا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ ولمَا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ وَاحْتج كل فريق مِنْهُمْ لمذهبه بمَا حكيناه، نَظرنَا فِيمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ سوى مَا احْتج بِهِ كل وَاحِد مِنْهُمْ لمذهبه، لنقف بِهِ عَلَى الْوَجْه فِيمَا اخْتلفُوا فِيه مِنْهُ إِن شَاءَ الله، فَوَجَدنَا يُونُس: 650 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَالُوا لأَبِي عُبَيْدَةَ: خُذْ مِنْ خَيْلِنَا وَرَقِيقِنَا صَدَقَةً، فَأَبَى، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَبَى، ثُمَّ كَلَّمُوهُ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: " إِنْ أَحَبُّوا فَخُذْهَا مِنْهُمْ وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ وَارْزُقْ رَقِيقَهُمْ " قَالَ مَالك رَحِمَهُ اللهُ: وَمَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ: " ارْدُدْهَا عَلَيْهِم "، أَيِ: ارْدُدْهَا عَلَى فُقَرائِهِمْ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ عُمَرُ صَدَقَةَ الْخَيْلِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِوُجُوبِهَا عَلَى أَهْلِهَا كَوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي السَّوَائِمِ سِوَاهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى التَّبَرُّعِ مِنْهُمْ، وَطَلَبِ التَّقَرُّبِ بِهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْهُمْ طَلَبٌ لإِخْرَاجِ الْحَقِّ الَّذِي سِوَى الزَّكَاةِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، اللَّذَيْنِ رَوَيْنَاهُمَا عَنْهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللهُ أَعْلَمُ فَهَذَا الَّذِي وَجَدْنَاهُ فِي هَذَا الْمَعْنى مِمَّا رَوَاهُ أهل الْمَدِينَة فِيه وأمَا الَّذِي وَجَدْنَاهُ فِيمَا روى أهل الْكُوفَة فَإِن فهدا 651 - حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِسُحَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ الحديث: 648 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضْرِبٍ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا قَدْ أَصَبْنَا دَوَابًّا وَأَمْوَالا، فَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا صَدَقَةً تُطَهِّرُنَا وَتَكُونُ لَنَا زَكَاةً، فَقَالَ: " هَذَا شَيْءٌ لَمْ يَفْعَلْهُ اللَّذَانِ كَانَا قَبْلِي، وَلَكِنِ انْتَظِرُوا حَتَّى أَسْأَلَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ "، فَقَالُوا: حَسَنٌ، وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مَعَهُمْ، فَقَالَ: " مَا لَكَ يَا أَبَا حَسَنٍ لَا تَتَكَلَّمُ؟ "، قَالَ: " قَدْ أَشَارُوا عَلَيْكَ، وَلا بَأْسَ بِمَا قَالُوا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَمْرًا وَاجِبًا، وَجِزْيَةً رَاتِبَةً يُؤْخَذُونَ بِهَا " قَالَ: فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ عَشْرَةً، وَمِنْ كُلِّ فَرَسٍ عَشْرَةً، وَمِنْ كُلِّ هَجِينٍ ثَمَانِيَةً، وَمِنْ كُلِّ بِرْذُونٍ وَبَغْلٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي السَّنَةِ، وَرَزَقَهُمْ كُلَّ شَهْرٍ الْفَرَسُ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، وَالْهَجِينُ ثَمَانِيَةٌ، وَالْبِرْذَوْنُ وَالْبَغْلُ خَمْسَةٌ خَمْسَةٌ، وَالْمَمْلُوكُ جَرِيبَيْنِ جَرِيبَيْنِ كُلَّ شَهْرٍ " وكَانَ هَذَا الحَدِيث أكشف الْأَحَادِيث الَّتِي روينَا فِي هَذَا الْبَاب للمعنى الَّذِي اخْتلفُوا فِيه، وللوجه الَّذِي من أَجله أَخذ عمر الصَّدَقَة من الْخَيل وفِيه أَن عمر، قَالَ لَهُم لمَا سَأَلُوهُ ذَلِكَ: " هَذَا شَيْء لم يَفْعَله اللَّذَان كَانَا قبلي، يَعْنِي: رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبا بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ففِي هَذَا أَكثر الْحجَّة لمن نفِي أَن تكون عَلَى الْخَيل صَدَقَة، وفِيه أَن الْخَيل الَّتِي أَرَادوا من عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَخذ الصَّدَقَة مِنْهَا لملكهم إِيَّاهَا إِرَادَة التَّطْهِير والتزكي مِنْهَا، لَيْسَ لِأَنَّهَا سَائِمَة، وَلَكِن لإِرَادَة التبرر بِالصَّدَقَةِ من أجلهَا، وَأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ مَعَ ذَلِكَ أَن يَأْخُذ الصَّدَقَة من بغالهم وَمن عبيدهم كَذَلِكَ، وَالْبِغَال فلَيْسَ مِمَّا يُوجب أَبُو حَنِيفَةَ، وَزفر فِي سائمتها الصَّدَقَة فلمَا كَانَ مَا أَخذ مِنْهَا عمر عَنِ البغال لَيْسَ لِأَنَّهَا سَائِمَة كَانَ مَا أَخذ مِنْهُمْ عَنِ الْخَيل أَيْضا لَيْسَ لِأَنَّهَا سَائِمَة وفِيه أَن عمر رزقهم فِي عبيدهم، وفِي خيلهم، وفِي بغالهم، عوضا مِمَّا أَخذ مِنْهُمْ أَكثر من ذَلِكَ، وَجَمِيع مَا ذكرنَا فمفسد لمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزفر فِي هَذَا الْبَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 ثُمَّ النّظر يفْسد مَا ذَهَبا إِلَيْهِ، لأنهمَا لم يجعلا للخيل السَّائِمَة الَّتِي أوجبا فِيهَا الصَّدَقَة عددا معلومَا كَسَائِر الْمَوَاشِي سواهَا، الَّتِي لَا تجب فِيهَا الصَّدَقَة، حَتَّى يَكُونَ لَهَا عدد مَعْلُوم، ولأنهمَا لم يوجبا فِيهَا الزَّكَاة إِذَا كَانَت ذُكُورا بِلَا إناث، وَلَا إِذَا كَانَت إِنَاثًا بِلَا ذُكُور حَتَّى تكون ذُكُورا وإناثا، وحَتَّى يَكُونَ أَصْحَابهَا يَلْتَمِسُونَ نسلها وَهَذَا خلاف حكم سَائِر الْمَوَاشِي الْمُتَّفق عَلَى وجوب الصَّدَقَة فِيهَا وَيفْسد عَلَيْهِمَا بِالْقِيَاسِ بِوَجْه آخر وَهُوَ: أَنا رَأينَا السوائم الْمُتَّفق عَلَى وجوب الصَّدَقَة فِيهَا، لَا يجب فِي صدقتها دَرَاهِم وَلَا دَنَانِير، إنمَا يجب فِيهَا حَيَوَان من جِنْسهَا، أَو من غير جِنْسهَا، وَيفْسد عَلَيْهِمَا من وَجه وَهُوَ أَنا رَأينَا البغال وَالْحمير، وَهِيَ ذَوَات حوافر، لَا صَدَقَة فِيهَا سَائِمَة كَانَت أَو عاملة ورأينا الْإِبِل ذَوَات أَخْفَاف فِي سائمتها الصَّدَقَة رَأينَا الْبَقر وَالْغنم ذَوَات أظلاف فِي سائمتها الصَّدَقَة، فكَانَ أولى بهمَا فِي الْخَيل الَّتِي هِيَ ذَوَات حوافر، أَن يرد حكمهَا إِلَى حكم ذَوَات الحوافر من البغال وَالْحمير، لَا إِلَى حكم ذَوَات الأخفاف والأظلاف، وَبِاللَّهِ التوفِيق وقَدْ رُوِيَ عَنْ جمَاعة من المتقَدْمين مَا يُوَافق هَذَا 652 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، عَنْ صَدَقَةِ الْبَرَاذِينِ، قَالَ: وَهَلْ فِي الْخَيْلِ صَدَقَةٌ؟ " 653 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 654 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: جَاءَ كِتَابٌ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي وَهُوَ بِمِنَى: " أَلا تَأْخُذَ مِنَ الْخَيْلِ وَلا مِنَ الْعَسَلِ صَدَقَةً 655 - " حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَى الْخَيْلِ وَالْبَرَاذِينِ وَالْحَمِيرِ صَدَقَةٌ " 656 - الحديث: 652 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 656 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الْخَيْلِ السَّائِمَةِ فَلَمْ يَرَ فِيهَا صَدَقَةً " 657 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَنْفِي الصَّدَقَةَ عَنِ الْخَيْلِ أَيْضًا 658 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: كَانَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ خَيْلٌ عَظِيمَةٌ مُحْشَرَةٌ بِالْحِمَى، " فَلَمْ يَكُنْ يُخْرِجُ مِنْهَا صَدَقَةً " 659 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ عَنِ الْخَيْلِ أَفِيهَا صَدَقَةٌ؟ فَقَالَ: " لَيْسَ عَلَى الْفَرَسِ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ صَدَقَةٌ " وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث عَنْ عمر يحْتَج بِهِ من ذَهَبَ إِلَى إِيجَاب الصَّدَقَة فِي الْخَيل السَّائِمَة، ويستدل بِهِ عَلَى أَن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لم يَأْخُذ الصَّدَقَة من الْخَيل تَبَرعا، وَأَنه إنمَا أَخذهَا عَلَى وُجُوبهَا فِيهَا 660 - وَذَلِكَ أَنَّ يَحْيَى حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَسَنِ، أَنَّ حُيَيَّ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ، يَقُولُ: ابْتَاعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُمَيَّةَ أَخُو يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَرَسًا أُنْثَى بِمِائَةِ قَلُوصٍ، فَنَدِمَ الْبَائِعُ فَلَحِقَ بِعُمَرَ، فَقَالَ: غَصَبَنِي يَعْلَى وَأَخُوهُ فَرَسًا لِي، فَكَتَبَ إِلَى يَعْلَى، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: " إِنَّ الْخَيْلَ لَتَبْلُغُ هَذَا عِنْدَكُمْ؟ " فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ فَرَسًا بَلَغَ هَذَا قَالَ عُمَرُ: " فَنَأْخُذُ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، وَلا نَأْخُذُ مِنَ الْخَيْلِ شَيْئًا، خُذْ مِنَ الْخَيْلِ مِنْ كُلِّ فَرَسٍ الحديث: 656 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 دِينَارًا " فَضَرَبَ عَلَى الْخَيْلِ دِينَارًا دِينَارًا يُقَالَ لَهُم: أمَّا هَذَا الحَدِيث فمنكر، لِأَن عَمْرو بن الْحُسَيْن الَّذِي رَوَاهُ لَيْسَ مِمَّنْ يُؤْخَذ مثل هَذَا بِمثل رِوَايَته، إِذْ كَانَ غير مَعْرُوف فِي رُوَاة الْعلم، وَإِذ كَانَ أثبات الْأَئِمَّة الْحفاظ قَدْ رووا عَنْ عمر خلاف ذَلِكَ، وهم: زُهَيْر بن مُعَاوِيَة، وَأَبُو إِسْحَاق السبيعِي، وحارثة بن مضرب الحَدِيث الَّذِي حكيناه فِي هَذَا الْبَاب، وَهل الصَّدقَات تُؤْخَذ بِالْقِيَاسِ؟ وَبِأَن مَا كثر ثمنه أولى بِهَا مِمَّا قل ثمنه؟ لَو كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا كَانَت خمس أَوَاقٍ من الْوَرق أولى بِالصَّدَقَةِ من دَار للْقنية قيمَة خَمْسَة آلَاف أُوقِيَّة وَلَو كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَيْضا لمَا كَانَت الْغنم أولى بِالزَّكَاةِ من الْحمير، إِذْ كَانَت الْحمير أرفع أثمَانا مِنْهَا، ولعمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أوقف عندمَا وقف الله الْحق عِنْده من مجاوزته إِلَى غَيره مِمَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَمَعَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يلْحق بالزكوات مَا لَيْسَ مِنْهَا، لِأَنَّهُ يدْخل مَا يلْحقهُ من ذَلِكَ فِي الْآي اللَّاتِي تلونا من كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ فِي الزكوات وَاخْتلفُوا فِي الذَّهَب وَالْوَرق الْمَوْجُودين فِي الْمَعَادِن، فقَالَ بَعضهم: لَا شَيْء فِيمَا وجد مِنْهَا حَتَّى يَكُونَ من الذَّهَب عشْرين مثقَالا، وَمن الْوَرق خمس أَوَاقٍ فَتجب فِيهَا الزَّكَاة مكَانَه، ومَا زَاد عَلَى ذَلِكَ أَخذ مِنْهُ بِحِسَاب ذَلِكَ مَا دَامَ الْمَعْدن نيل، فَإِن انْقَطع ثُمَّ جَاءَ بعد ذَلِكَ نيل فَهُوَ مثل الأول تبدأ فِيه الزَّكَاة مكَانَه كمَا ابتدئت فِي الأول قَالَ: والمعادن بِمَنْزِلَة الزَّرْع تُؤْخَذ مِنْهَا الزَّكَاة كمَا تُؤْخَذ من الزَّرْع إِذَا حصد، وَلَا ينْتَظر بِذَلِكَ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالك، وَاللَّيْث حَدَّثَنَا يُونُس، قَالَ حَدَّثَنَا ابْن وهب، عَنْ مَالك، وَاللَّيْث بِهَذَا الَّذِي حكيناه عنهمَا وقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ الشَّافِعِي رَحمَه الله وَاحْتج أهل هَذَا الْمَذْهَب لمذهبهم هَذَا بِحَدِيث رَوَوْهُ فِي ذَلِكَ 661 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الحديث: 661 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 الأَنْدَرَاوَرْدِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلالِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَخَذَ مِنْ مَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ الصَّدَقَةَ، وَأَنَّهُ قَطَعَ لِبِلالِ بْنِ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ أَجْمَعَ " فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ قَالَ لِبِلالٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْطِكَ لِتَحْتَجِبَهُ عَنِ النَّاسِ، وَلَمْ يُعْطِكَ إِلا لِتَعْمَلَ، قَالَ: فَقَطَعَ عُمَرُ لِلنَّاسِ الْعَقِيقَ " فَكَانَ من الْحجَّة عَلَيْهِم فِي ذَلِكَ أَن أصل هَذَا الحَدِيث كمَا رَوَوْهُ فِي إِسْنَاده، وَلَا فِي مَتنه فِيمَا رَوَاهُ من هُوَ أثبت وأحفظ من الدَّرَاورْدِي 662 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ رَبِيعَةَ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ لِبِلالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ، وَهِيَ نَاحِيَةَ الْفُرْعِ، فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا تَؤْخَذُ مِنْهَا إِلا الزَّكَاةُ إِلَى الْيَوْمِ " فَهَذَا هُوَ أصل هَذَا الحَدِيث فِي إِسْنَاده وفِي مَتنه، أمَّا فِي إِسْنَاده فمنقطع غير متجاوز بِهِ ربيعَة وأمَا فِي مَتنه فَإِن الْمَعَادِن الَّتِي كَانَت تُؤْخَذ مِنْهَا تِلْكَ الصَّدَقَة قَدْ كَانَ بِلَال ملكهَا بإقطاع رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاه إِيَّاهَا، وَالْحكم فِي الْمَعَادِن الْمَوْجُودَة فِي الْمَوَاضِع الْمَمْلُوكَة وفِي الْمَوَاضِع الَّتِي لَيْسَت بمملوكة مُخْتَلف عِنْد غير وَاحِد من أهل الْعلم، مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، فِي حكمهَا، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: كل مَعْدن من معادن الذَّهَب أَو الْوَرق ومَا أشبههَا فِي مَوضِع مَمْلُوك فَلَا شَيْء عَلَى مَالكيه فِيمَا وجدوه فِيه، ومَا كَانَ فِيهَا غير مَوضِع مَمْلُوك من الصحارى والبراري فَفِيمَا وجد فِيهَا من ذَلِكَ الْخمس، قَلَّ الْوُجُود فِيهَا أَو كثر حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ يَعْقُوب، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِهَذَا القَوْل، وَخَالفهُ فِي ذَلِكَ أَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد، وسنأتي بقولهمَا الَّذِي خالفاه إِلَيْهِ فِي مَوْضِعه من هَذَا الْبَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَحَدِيث مَالك بن أنس، عَنْ ربيعَة مُوَافق لمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وأمَّا مَا فِي حَدِيث ربيعَة هَذَا مِنْ أَخْذِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو غَيره ممَّا خرج من تِلْكَ الْمَعَادِن الحديث: 662 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 الصَّدَقَة، فقَدْ يجوز أَن يكون أَرَادَ بذلك الصَّدَقَة عَلَى مقدارها الَّتِي تَجِبُ فِيه عَلَى حولهَا أَلا ترى أَنَّهُ لم يذكر لنا فِيهَا للمَأخوذ مِنْهُ الصَّدَقَة مِقْدَار، وكَانَ ذَلِكَ عِنْدهم جَمِيعًا عَلَى الْمِقْدَار الَّتِي تَجِبُ فِيه الصَّدَقَة من الْأَمْوَال سوى أَمْوَال الْمَعَادِن، فلذَلِكَ حكم ذَلِكَ فِي الْحول حكم سَائِر الْأَمْوَال، سوى أَمْوَال الْمَعَادِن وقَدْ وجدنَا حكم الْفَوَائِد من غير الْمَعَادِن لَا زَكَاة فِيهَا إِلَّا ببلوغ الْمِقْدَار الْمَعْلُوم مِنْهَا، وحلول الْحول عَلَيْهَا، والفائدة من الْمَعَادِن فِي الْقيَاس كَذَلِكَ، ولَيْسَ لأحد أَن يُدْخِلَ فِي آي الزكوات اللَّاتِي تلونا من كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ فِي أول كتَابنَا شَيْئا، إِلَّا بمَا يجب لَهُ إِدْخَاله فِيهَا فأمَا أَبُو حَنِيفَةَ فقَدْ ذكرنَا عَنهُ مذْهبه فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَاب، وأمَا أَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد، فكَانَا يذهبان إِلَى أَن مَا وجد فِي معادن من الذَّهَب وَالْوَرق ومَا أشبههمَا ممَّا قل أَو كثر، الْخمس، ويسويان فِي ذَلِكَ بَيْنَ وجوده فِي الْمَعَادِن الَّتِي يحفرها مَالكوها فِيجدونه فِيهَا، وفِيمَا وجد من ذَلِكَ فِي الصَّحَارِي والبراري حَدَّثَنَا بِذَلِكَ من قولهمَا مُحَمَّد بن الْحسن، عَنْ يَعْقُوب من قَوْله، وَعَن عَليّ، عَنْ مُحَمَّد من قَوْله بمَا ذَكَرْنَاهُ عنهمَا وكَانَ من الْحجَّة لأَبِي حَنِيفَةَ ولهمَا فِيمَا وجد من الذَّهَب وَالْوَرق فِي الْمَعَادِن الَّتِي فِي الصَّحَارِي، وفِي إيجابهم الْخمس مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِيجَابه الْخمس فِي الزَّكَاة 663 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ " فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَمَعَهُ أَبُو سَلَمَةَ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مَعَهُ فَهُوَ 664 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ " الحديث: 663 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 فَكَانَ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمَعَادِنِ عِنْدَ هَؤُلاءِ الْقَائِلِينَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا مِنَ الرِّكَازِ الَّذِي قَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ " وقَدْ خالفهم فِي ذَلِكَ غير وَاحِد من أهل الْعلم مِنْهُمْ: مَالك، حَدَّثَنَا يُونُس، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن وهب، أَن مَالكا أخبرهُ، أَنَّهُ سمع أهل الْعلم يَقُولُونَ فِي الرِّكَاز: إنمَا هُوَ دفن الْجَاهِلِيَّة ممَّا لم يطْلب بمَال، وَلم يُكَلف فِيه كَبِير عمل، فأمَا مَا طلب بمَال أَو كلف فِيهِ كَبِير عمل فأصيب مرّة وأخطئ مرّة فلَيْسَ بركاز قَالَ مَالك رَحمَه الله: هَذَا الْأَمر الَّذِي لَا اخْتِلَاف فِيه عِنْدَنَا وقَالُوا: دفن أهل الْجَاهِلِيَّة ممَّا غنمه أهل الْإِسْلَام فَحكمه حكم الْغَنَائِم يقَالُ لَهُم: أمَّا مَا تأولتموه فِي الرِّكَاز، فَلم يحكوا لنا فِيه أثرا مُتَقَدِّمًا يُوجب لكم الْحجَّة عَلَى مخاليفكم، وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يدل أَنَّهُ عَنى دفن أهل الْجَاهِلِيَّة، وَذَلِكَ أَن 665 - يُونُسُ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَهِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلا مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى فِيمَا يُؤْخَذُ فِي الطَّرِيقِ الْمِئْتَاءِ أَوْ فِي الْقَرْيَةِ الْمَسْكُونَةِ؟ قَالَ: " عَرِّفْهُ سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ بَاغِيهِ فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ وَإِلا بِسَائِلٍ بِهِ، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهِ إِلَيْهِ، وَمَا كَانَ فِي الطَّرِيقِ غَيْرِ الْمِئْتَاءِ أَوِ الْقَرْيَةِ غَيْرِ الْمَسْكُونَةِ فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ " أَفَلا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ الرِّكَازَ غَيْرَ الْمَوْجُودِ فِي الْقَرْيَةِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَوْجُودُ فِيهَا ظَاهِرًا عَلَى أَرْضِهَا أَوْ مُغَيَّبًا فِي أَرْضِهَا فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّكَازَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَهُمَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا وَجْهُهُ أَبْيَنُ مِنْ وَجْهِ هَذَا 666 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ الأَسْلَمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا عَطِبَ الرَّجُلُ فِي بِئْرٍ جَعَلُوهَا عَقْلَةً، وَإِذَا قَتَلَتْهُ دَابَّةٌ جَعَلُوهَا عَقْلَةً، وَإِذَا قَتَلَهُ مَعْدِنٌ جَعَلُوهُ عَقْلَةً، فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الرِّكَازُ؟ قَالَ: " الذَّهَبُ الَّذِي خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الأَرْضِ يَوْمَ خُلِقَتْ " الحديث: 665 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 وَهُوَ فِي لُغَة الْعَرَب هَكَذَا، وَمِنْه قَول الله عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} أَي: تسمع لَهُم صَوتا خفِيا لغيبوبتهم عَنهُ وَمِنْه قَالُوا: ركزت الرمْح أَي: غيبته، فَكل مغيب فِي الأَرْض مركوز فِيهَا ممَّا غيبه الله عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا أَو ممَّا غيبه بَنو آدم وقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس مَا يدل عَلَى أَن مذْهبه فِي الْمَعَادِن هَذَا الْمَذْهَب 667 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْعَنْبَرِ هَلْ فِيهِ صَدَقَةٌ؟ فَقَالَ: " إِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ فَفِيهِ الْخُمُسُ " فلمَّا كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ رد حكمه، إِن كَانَ فِيه شَيْء الْخمس وَهُوَ مستخرج من الْبَحْر، كَانَ الذَّهَب وَالْوَرق المستخرجان من الأَرْض كَذَلِكَ أَيْضا وقَدْ كَانَ الزُّهْرِيّ ، وَهُوَ الَّذِي روى حَدِيث الرِّكَاز الَّذِي ذكرنَا، يذهب فِي الْمَعَادِن إِلَى وجوب الْخمس فِيمَا وجد فِيهَا 668 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ " فِي الرِّكَازِ الْمَعْدِنِ وَاللُّؤْلُؤِ يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ، وَالْعَنْبِر مِنْ ذَلِكَ الْخُمُسُ " وَأَمَّا قَوْلهم: إِن كَانَ الرِّكَاز الَّذِي فِيه الْخمس ممَّا قَدْ غنم، فَإِن هَذَا كَلَام فَاسد، لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِكَ لاختلف فِي الْبلدَانِ المفتتحة صلحا والمفتتحة عنْوَة، وكَانَ فِي الْمَوْجُود فِي المفتتح مِنْهَا عنْوَة المرد الْخمس لله عَزَّ وَجَلَّ، وَالْأَرْبَعَة الأخمَاس للَّذين فتحُوا الْمَدِينَة الْمَوْجُودَة فِيهَا، ومَا كَانَ فِي المفتتحة صلحا فمردود عَلَى أَهلهَا، وقَدْ منع الإجمَاع من ذَلِكَ وسووا جَمِيعًا بَيْنَ حكم الرِّكَاز الْمَوْجُود فِي كل الْمَوَاضِع، وَجعلُوا حكمه حكم نَفسه، لَا حكم مَوْضِعه الْمَوْجُود فِيه، وإِذَا وَجب أَن يكون الْمَوْجُود فِي الْمَعَادِن من الذَّهَب وَمن الْوَرق، وكَانَ أوجب أَن يكون الْخمس فِي عينه حَيْثُ وجده الرجل من ملكه وَمن غَيره، كمَا قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ لم يحصن بِذَلِكَ ركازا دون ركاز "، كمَا قَالَ أَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد، مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عنهمَا فِي هَذَا الْكتاب، لَا كمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيه: من تفريقه بَيْنَ مَا وجده الرجل من ذَلِكَ فِي ملكه وَبَين مَا وجده فِي غير ملكه عَلَى قَدْر مَا ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَاب وكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد يجْعَلُونَ الْوَرق وَالذَّهَب، وَالْحَدِيد، والرصاص، والنحاس كُله فِي حكم وَاحِد، ويجعلون مَا وجد من ذَلِكَ فِي معدنه ركازا، ويوجبون فِيه الحديث: 667 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 الْخمس عَلَى مَا ذكرنَا عَنْ كل فريق فِي الذَّهَب وَالْوَرق فِي هَذَا الْبَاب حَدَّثَنَا بِذَلِكَ من قَوْلهم مُحَمَّد، عَنْ عَليّ بن معبد، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَوْله عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ من قَوْله، وَعَن عَليّ، عَنْ مُحَمَّد من قَوْله تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} فَاخْتلف أهل الْعلم فِي هَذِهِ الْآيَة، فقَالَ بَعضهم: هِيَ آيَة محكمَة، وَالْحق الْمَذْكُور فِيهَا هُوَ الْوَاجِب فِي الزَّرْع من الْعشْر، وَمن نصف الْعشْر، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالك بن أنس حَدَّثَنَا يُونُس، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن وهب، قَالَ: قَالَ مَالك فِي قَول الله عَزَّ وَجَلَّ: " {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} إِن ذَلِكَ الزَّكَاة "، وَالله أعلم، وقَدْ سَمِعت من يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ أَحْمد: وقَدْ رُوِيَ هَذَا القَوْل، عَنِ ابْنِ عَبَّاس عَلَى اخْتِلَاف وقَدْ رُوِيَ عَنهُ فِيه، سَنذكرُهُ فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى 669 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُقْسِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، قَالَ: " الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ " وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى اخْتِلافٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ فِيه سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى 670 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ سَالِمٍ الْمَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِثْلَهُ وقَدْ رُوِيَ هَذَا القَوْل عَنْ غير وَاحِد من التَّابِعين سوى مُحَمَّد بن عَليّ 671 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ الحديث: 669 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ الْمَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، " {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، قَالَ: زَكَاتُهُ " 672 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، قَالَ: مَا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ آيَةٌ مَنْسُوخَةٌ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ 673 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُقْسِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، قَالَ: " نَسَخَتْهَا الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ " اخْتَلَفَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَحَفْصٌ فِي هَذَا عَنِ الْحَجَّاجِ، فَرَوَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَرَوَوْا ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ 674 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ سَالِمٍ الْمَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، مِثْلَهُ فَاخْتَلَفَ شَرِيكٌ وَحَفْصٌ عَنِ الْحَجَّاجِ فِي هَذَا، فَرَوَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وقَدْ رُوِيَ هَذَا أَيْضا عَنِ النَّخعِيّ 675 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ شَبَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} قَالَ: نَسَخَتْهَا الزَّكَاةُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مُحْكَمَةٌ، وَالْحَقُّ الْمُرَادُ فِيهَا غَيْرُ الزَّكَاةِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ 676 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُصَيْبُ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَوْ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي قَوْلِهِ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} قَالَ: " كَانَ إِذَا صَرَمَ يُعْطِي ضِغْثًا " الحديث: 672 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ 677 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، قَالَ: " إِذَا حَصَدَ أَطْعَمَ مِنْهُ، وَإِذَا أَدْخَلَهُ الْبَيْدَرَ أَطْعَمَ مِنْهُ، وَإِذَا دَاسَهُ أَطْعَمَ مِنْهُ " 678 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، قَالَ: " كَانَ يُلْقَى لَهُ مِنَ السُّنْبُلِ " 679 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، قَالَ: إِذَا حَضَرُوا عِنْدَ الْحَصَادِ أَعْطَاهُمُ السُّنْبُلَ، وَإِذَا حَضَرُوا عِنْدَ الْكَيْلِ حَثَا لَهُمْ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَإِذَا عَلِمَ كَيْلَهُ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ، وَإِذَا حَضَرُوا عِنْدَ الْجُذَاذِ أَعْطَاهُمْ مِنَ الثَّمَرِ، وَإِذَا حَضَرُوا عِنْدَ الْكَيْلِ خَبَا لَهُمْ مِنْهُ، وَإِذَا عَلِمَ كَيْلَهُ عَزَلَ زَكَاتَهُ فَهَؤُلَاءِ كَانُوا يذهبون فِي الْحق الْمَذْكُور فِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّهُ سوى الزَّكَاة، كمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ: " فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ "، وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كتَابنَا هَذَا وقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابر بن عبد الله فِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّهَا محكمَة وَالْمرَاد بِالْحَقِّ الْمَذْكُور فِيهَا الزَّكَاة، وَالِاسْتِدْلَال عَلَى ذَلِكَ بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} 680 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ حِبَّانَ الأَعْرَجِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، {يَوْمَ حَصَادِهِ} قَالَ: الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ الحديث: 677 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 وَلَوْلا ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} قَالَ أَحْمد رَحمَه الله: وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا، وَالله أعلم: أَن المسرف لَا يكون إِلَّا بمجاوزة الْوَاجِب، كَقَوْل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} ، قَالَ: لَا يقتل غير قَاتله، وَالله أعلم بمَا أَرَادَ، غير أَن أهل الْعلم قَدْ أَجمعُوا فِيمَا أخرجت الأَرْض الْحرَّة الْعشْر أَو نصف الْعشْر عَلَى مَا قَالُوا من ذَلِكَ، وعَلَى مَا قَالَه بَعضهم من وجوب ذَلِكَ فِي قَلِيله وَكَثِيره، وعَلَى مَا أوجبه بَعضهم فِي مِقْدَار مِنْهُ دون مَا سواهُ مِمَّا هُوَ أقل من ذَلِكَ الْمِقْدَار، وعَلَى مَا أوجب بَعضهم فِي ذَلِكَ كُله إِلَّا الْحَطب والقصب والحشيش، وعَلَى مَا أوجبه بَعضهم فِيمَا لَهُ من ذَلِكَ ثَمَرَة بَاقِيَة دون مَا سواهُ مِمَّا لَا ثَمَرَة لَهُ بَاقِيَة فِيمَا سَنذكرُهُ وقائليه، ومَا رُوِيَ فِيه فِي موَاضعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَلم يخل مَا أخرجت الأَرْض مِمَّا تَجِبُ فِيه الصَّدَقَة أَن تكون الصَّدَقَة الْوَاجِبَة فِيه وَجَبت بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، أَو بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ، وبمَا سواهَا من آي الزكوات اللَّاتِي تلونا فِي أول كتَابنَا هَذَا وَلم يبين الله عَزَّ وَجَلَّ لنا فِي كِتَابه حكم مَا سَقى من ذَلِكَ السمَاء، وَلَا حكم مَا سُقي مِنْهُ فتحا، وَلَا مَا سُقِيَ مِنْهُ بالدوالي والسواني، وَلِأَنَّهُ بَينه لنا عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 681 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشُورِ " 682 - حَدَّثَنَا ابْنُ سِنَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ " فَرَضَ فِيمَا سَقَتِ الأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا فَسُقِيَ بِالسَّمَاءِ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشُورِ " 683 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ الحديث: 681 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَذْكُرُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " فِيمَا سَقَتِ الأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشُورِ " 684 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ " فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِمَّا سَقَتِ الأَنْهَارُ الْعُشْرَ، وَمَا سُقِيَ بَعْلا نِصْفَ الْعُشْرِ " فعقلنا بِذَلِكَ أَن حكم مَا لَا كلفة عَلَى أَهله فِيه مثل مَا تسقيه السمَاء، أَو مَا سقته الْأَنْهَار، أَن فِيه الْعشْر كَامِلا، وَأَن مَا سقِِي بمعاناة أَهله ذَلِكَ مِنْهُ بالسواني والدوالي، وبمَا أشبههَا ففِيه نصف الْعشْر، وَهَذَا ممَّا أجمع أهل الْعلم عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا فِيمَا خرج من ذَلِكَ، فقَالَ بَعضهم: فِيه الْعشْر أَو نصف الْعشْر قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا، وذهبوا فِي ذَلِكَ إِلَى أَن هَذِهِ الْآثَار الَّتِي رويناها عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ذكر فِيهَا لمقدار مَا أخرجته الأَرْض، وَمِمَّنْ قَالَ بذلك أَبُو حَنِيفَةَ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّد، عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وحَدَّثَنَاه سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد أَبِي حَنِيفَةَ، وقَدْ روى هَذَا عَنْ مُجَاهِد، والنخغي 685 - حَدَّثَنَا أَبُو مُرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ الْحَرَرِيُّ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ زَكَاةِ الطَّعَامِ، فَقَالَ: " فِيمَا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ الْعُشْرُ، أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ " 686 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: " فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخْرَجَتِ الأَرْضُ الصَّدَقَةُ " وَقَالَ بَعضهم: لَا صَدَقَة فِي شَيْء من ذَلِكَ حَتَّى يبلغ خَمْسَة أوسق، والوسق سِتُّونَ صَاعا بِصَاع رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالك، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ، الحديث: 684 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 حَدَّثَنَا يُونُس، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن وهب، عَنْ مَالك بِهَذَا القَوْل حَدَّثَنَا مُحَمَّد، عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِذَلِكَ، وَعَن عَليّ، عَنْ مُحَمَّد بِذَلِكَ حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، عَن مُحَمَّد، عَن أبي يُوسُف بذلك قَالَ مُحَمَّد: وَهُوَ قَوْلنَا، وَاحْتَجُّوا بمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ من ذَلِكَ بمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيه 685 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ " 688 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 689 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 690 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى حَدَّثَهُمْ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، 691 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَئِمَّتِهِمْ عَنْ عَمْرٍو، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، وَغَيْرِهِ 692 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ الحديث: 685 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمَارَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ 693 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 686 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ " 687 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، وَفَهْدٌ، قَالا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا صَدَقَةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الزَّرْعِ أَوِ الْكَرْمِ، أَوِ النَّخْلِ، حَتَّى يَكُونَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَلا مِنَ الْوَرِقِ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ " وقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عمر، فرفعه بَعضهم عَنهُ إِلَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَفَهُ عَلَيْهِ بَعضهم 696 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ الحديث: 693 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 697 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 698 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ وقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 699 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِثْلَهُ، أَعْنِي: حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى 700 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عُقَيْلٍ اللَّخْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ فَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَار قَدْ جَاءَت محتاطا متواتر فِي تَوْقِيت الْخَمْسَة الأوسق الَّتِي ذكرنَا، فَوَجَبَ القَوْل بِهَا وَترك خلَافهَا، وكَانَت عِنْدَنَا غير مُخَالفَة للآثار الأُوَلِ الَّتِي لَا تَوْقِيت فِيهَا، لِأَن الْآثَار الأُوَلَ الَّتِي لَا تَوْقِيت فِيهَا قصد فِيهَا إِلَى مَا يخرج من الأَرْض، فكَانَ ذَلِكَ عَلَى حكمه وعَلَى شَرَائِطه الَّتِي إِذَا تكاملت وَجَبت الزَّكَاة، وكَانَت شَرَائِطه وَأَحْكَامه مَذْكُورَة فِي هَذِهِ الْآثَار الأُخَرِ مُفَسَّرَةً فِيهَا فَهِيَ أولى مِنْهَا وَلَا تحسب أَن أَبَا حَنِيفَةَ رَحمَه الله ذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْآثَار الأول الَّتِي لَا تَوْقِيت فِيهَا، إِلَّا لِأَنَّهُ لم يتَّصل بِهِ هَذِهِ الْآثَار الْأُخَر المفسرة، وَلم نقف عَلَى ظُهُورهَا وَلَا تواترها من رَوَاهَا، فَذهب إِلَى ظَاهر الْآثَار الأول الَّتِي لَا تَوْقِيت فِيهَا، مَعَ مَا قَدْ دله عَلَى ذَلِكَ من الْقيَاس، وَذَلِكَ أَنَّهُ وجد أَمْوَال الزكوات سوى مَا تخرج الأَرْض لَا تَجِبُ فِيه الزَّكَاة إِلَّا ببلوغ مِقْدَار وبحلول حول، وكَانَت مضمنة بالقَدْر والحول جَمِيعًا، وَوجد مَا تخرج الأَرْض تَجِبُ فِيه الزَّكَاة، فَلَا حول يحول عَلَيْهِ، كمَا وجد اسْتِوَاء حكم الْحول والمقدار فِي الْأَمْوَال الأول فِي ثُبُوتهَا فِيهَا، وَوجد سُقُوط الْحول فِيمَا تخرج الأَرْض، سوى بَينه وَبَين سُقُوط الْمِقْدَار مِنْهُ أَيْضا ولَيْسَ لأحد التَّخَلُّف عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحديث: 697 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 وَلَا الْخُرُوج فِيمَا وقف عَلَيْهِ إِلَى غَيره، وَلَا استعمَال الْقيَاس، وَضرب الْأَمْثَال والاستنباط فِيمَا قَدْ كيفته وَاخْتلفُوا فِي الْخَارِج من الأَرْض الَّذِي فِيه الْعشْر أَو نصف الْعشْر، فقَالَ بَعضهم: كل مَا أخرجته الأَرْض ففِيه الْعشْر، أَو نصف الْعشْر إِلَّا فِي الْقصب، والحطب، والحشيش، فَإِنَّهُ لَا عشر وَلَا نصف عشر فِي ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّد عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَخَالفهُ فِيه أَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد، فَجعلَا ذَلِكَ ممَّا تخرج الأَرْض عَلَى مَا لَهُ ثَمَرَة بَاقِيَة ممَّا يَأْكُلهُ بَنو آدم ويدخرونه مثل الْحِنْطَة، وَالشعِير، والأرز، وَالزَّبِيب، والذرة، ومَا أشبه ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ من قولهمَا مُحَمَّد، عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ من قَوْله، وَعَن عَليّ، عَنْ مُحَمَّد من قَوْله، وَهَذَا مَذْهَب مَالك حَدَّثَنَا يُونُس، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن وهب، عَنْ مَالك بِهَذَا الْمَعْنى، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي ولمَّا رد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِقْدَار مَا تَجِبُ الزَّكَاة فِيه ممَّا تخرج الأَرْض إِلَى خَمْسَة أوسق، عقلنا بِذَلِكَ أَن المُرَاد بِهِ ممَّا تخرج الأَرْض من الْأَشْيَاء المكيلات بالأوساق من الْأَصْنَاف الَّتِي ذكرنَا، لَا مَا سواهَا ممَّا تخرج الأَرْض مِمَّا لَا يتهيأ كَيْله بالأوساق مثل الْبُقُول وَسَائِر الْأَشْيَاء الَّتِي لَا يدخلهَا الْكَيْل، وقَدْ وَافق ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قَوْله: " لَيْسَ فِي الْخضر زَكَاة وَإِن كَانَ مُنْقَطِعًا " 688 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ فِي الْخُضَرِ زَكَاةٌ " وقَدْ روى مُوسَى بن طَلْحَة فِي هَذَا الْمَعْنى حَدِيثا بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ 702 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: عِنْدَنَا كِتَابُ مُعَاذٍ أَنَّ رَسُولَ الحديث: 702 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ " فقَدْ يحْتَمل أَن يكون رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصد إِلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَة الْأَصْنَاف، فولى معَاذًا عَلَيْهَا وَترك ذكر مَا سواهَا، لِأَنَّهُ لم يدْخل فِيمَا ولاه عَلَيْهِ، وَإِن كَانَت الصَّدَقَة وَاجِبَة فِيه وقَدْ يحْتَمل أَن يكون الْفَرْض من الله عَزَّ وَجَلَّ لم يكن حِينَئِذٍ نزل فِي زَكَاة مَا سوى هَذِهِ الْأَرْبَعَة الْأَصْنَاف، ثُمَّ نزل بعد ذَلِكَ فلحق حكم مَا سوى هَذِهِ الْأَرْبَعَة الْأَصْنَاف بِحكم هَذِهِ الْأَرْبَعَة الْأَصْنَاف وقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بُرَيْدَة، عَنْ أَبِي مُوسَى فِي قصَّة معَاذ فِي هَذَا الْمَعْنى مَا 703 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ، عَنْ مُعَاذٍ، وَأَبِي مُوسَى " حِينَ بُعِثَا إِلَى الْيَمَنِ لِيُعَلِّمَا النَّاسَ دِينَهُمْ، فَلَمْ يَأْخُذَا إِلا مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ " 704 - وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " صَدَقَةُ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ مَا كَانَ مِنْ نَخْلٍ، أَوْ كَرْمٍ، أَوْ زَرْعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ سَلْتٍ، فَمَا كَانَ مِنْهُ بَعْلا أَوْ يُسْقَى بِنَهْرٍ، أَوْ عُشْرِيًا يُسْقَى بِالْمَطَرِ فَفِيهِ الْعُشْرُ، فِي كُلِّ عَشَرَةٍ وَاحِدَةٌ، وَمَا كَانَ مِنْهُ يُسْقَى بِالنَّضْحِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ، فِي كُلِّ عِشْرِينَ وَاحِدٌ " ففِي هَذَا الحَدِيث غير معنى من الْفِقْه يحْتَاج إِلَى الْوُقُوف عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنا قَدْ روينَا فِيمَا تَقَدَّمَ من كتَابنَا هَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِي بِالسَّوَانِي نِصْفُ الْعُشُورِ " لَا تَوْقِيت فِيه فِي ذَلِكَ، وَلَا قصد مِنْهُ فِيه إِلَى خَاص من الْأَشْيَاء الَّتِي تخرجها الأَرْض، ثُمَّ بَيَّنَ فِي حَدِيث مُوسَى بن عقبَة هَذَا الْمِقْدَار الَّذِي يجب فِيه ذَلِكَ الْعشْر، أَو ذَلِكَ النّصْف الْعشْر الَّذِي الحديث: 703 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ، وَأَنه الْخَمْسَة الأوساق الَّتِي ذكرهَا فِي هَذَا الحَدِيث، وَقصد فِيه إِلَى النّخل، وَالْكَرم، وَالزَّرْع من الْحِنْطَة، وَالشعِير، والسلت، وَذَلِكَ لَا يكون مِنْهُ إِلَّا بعد وُقُوفه عَلَى مُرَاد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاه فِي إِيجَابه مَا رَوَاهُ عَنهُ فِي الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ سَالم وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث يَحْيَى بن عمَار، عَنْ أَبِي سعيد مَا دلّ عَلَى هَذَا الْمَعْنى، وَزَاد عَلَيْهِ سَائِر الْحُبُوب والثمَار، وَهُوَ أَن 705 - يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمَارَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلا تَمْرٍ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ " فكَانَ الْمَقْصُود إِلَيْهِ بِإِيجَاب الزَّكَاة فِيه فِي هَذَا الحَدِيث الْخَمْسَة الأوساق من الْحبّ والثمَار، وَلم يخص فِي ذَلِكَ صنفا من الْحُبُوب دون مَا سواهُ من أَصْنَاف الْحُبُوب، وَلَا صفنا من الثمَار دون مَا سواهُ من أَصْنَاف الثمَار فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن كل الْحُبُوب الَّتِي تكال بالأوساق، وَكُلَّ الثمَار الَّتِي تكال بالأوساق فقَدْ لحقها فرض الله عَزَّ وَجَلَّ فِي إِيجَاب الزَّكَاة فِيهَا من الْعشْر أَو نصف الْعشْر عَلَى مَا ذكرنَا ولمَّا وَجب أَن تكون فِي الْأَشْيَاء المكيلات بالأوساق الزَّكَاة الَّتِي ذكرنَا، وَوجدنَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رُوِيَ عَنهُ فِي إِيجَاب الصَّدَقَة فِي الْعَسَل مَا 706 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ أَحْمَدُ يَعْنِي: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، " أَنَّ بَنِي شَبَابَةَ بَطْنٌ مِنْ فَهِمٍ، كَانُوا يُؤَدُّونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْلٍ كَانَ عَلَيْهِمُ الْعُشْرَ، مِنْ كُلِّ عَشْرٍ قُرْبُ قِرْبَةٍ، وَكَانَ يَحْمِي لَهُمْ وَادِيَيْنِ لَهُمْ، وَكَانُوا يُؤَدُّونَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا كَانُوا يُؤَدُّونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَى أَبِي بَكْرٍ وَحَمَى لَهُمْ وَادِيَيْهِمْ " وقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ الحديث: 705 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 707 - مَا حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ مُنِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمْتُ وَبَايَعْتُهُ، فَاسْتَعْمَلَنِي عَلَى قَوْمِي، وَأَبُو بَكْرٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَكُنْتُ آخُذُ مِنْهُمْ صَدَقَاتِهِمْ، فَطَلَبْتُ مِنْهُمْ صَدَقَةَ الْعَسَلِ، وَقُلْتُ: إِنَّهُ لَا خَيْرَ فِي مَالٍ لَا صَدَقَةَ فِيهِ، فَأَبَوْا وَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعُمَرَ فَقَالَ: " خُذْ مِنْهُ عُشْرَهُ " فَقُلْتُ: أَيْنَ أَجْعَلُهُ؟ قَالَ: " اجْعَلْهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ " 709 - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ مُنِيرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَايَعْتُهُ فَذَكَرَ قِصَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَرَى فِي الْعَسَلِ؟ فَقَالَ: " خُذْ مِنْهُ الْعُشْرَ " فَقُلْتُ: أَيْنَ أَضَعُهُ؟ فَقَالَ: " ضَعْهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ "؟ وَرُوِيَ عَنْ جمَاعة من التَّابِعين فَمن ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: " بَلَغَنِي فِي الْعَسَلِ الْعُشُورُ 710 - " حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ بِذَلِكَ، وَقَالَ يَحْيَى: إِنَّهُ سَمِعَ مَنْ أَدْرَكَ يَقُولُ ذَلِكَ، فَبِذَلِكَ مَضَتِ السُّنَّةُ فلمَا رُوِيَ إِيجَاب الْعشْر فِي الْعَسَل وَهُوَ ممَا لَا يُكَال بالأوساق عَلَى مَا قَدْ روينَا، دلّ ذَلِكَ أَن مَا يدْخلهُ الوسق من الْأَشْيَاء المكيلات تَجِبُ فِيه الزَّكَاة، وَأَنه يعْتَبر بمَا يُكَال بِهِ، كمَا يعْتَبر بمَا يُكَال بالأوساق بِهَا إِذَا كَانَ يُكَال بِهَا، وَإِن ذَلِكَ زَائِد عَلَى مَا فِي حَدِيث يَحْيَى بن عمَارة الَّذِي روينَا، وقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله، يَقُولُ مرّة: إِن فِي الْعَسَل الْعشْر، وَإنَّهُ يعْتَبر فِيه الْقرب، فَيجْعَل فِي كل عشر قرب مِنْهُ قربَة، وَلَا يُوجب الصَّدَقَة فِيه إِذَا قصر عَنْ عشر قرب، وَلم يرو عَنهُ فِي مِقْدَار الْقرب شَيْئا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، أَن أَبَا يُوسُف أملأ عَلَيْهِم فِي ذَلِكَ أَنَّهُ ترد قِيمَته إِلَى قيمَة خَمْسَة أوسق من أدنى الْأَشْيَاء الَّتِي تدْخلهَا الأوساق وَتجب فِيهَا الزَّكَاة، فَإِن بلغتهَا كَانَت فِيه الزَّكَاة، وَإِلَّا فَلَا زَكَاة فِيه الحديث: 707 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، أَن أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن أملأ عَلَيْهِم فِي ذَلِكَ، أَنه لمَّا كَانَ الْعَسَل مُعْتَبرا بالأفراق كمَا أَن الْحِنْطَة ومَا أشبههَا مُعْتَبرَة بالأوساق، فكَانَ لَا صَدَقَة فِيهَا حَتَّى تبلغ خَمْسَة أوساق، كَانَ لَا صَدَقَة فِي الْعَسَل حَتَّى يبلغ خَمْسَة أفراق حَدَّثَنَا أَبُو حَازِم القَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا بكر بن مُحَمَّد الْعمي، وَعبد الرَّحْمَن بن نائل، عَنْ مُحَمَّد بن سمَاعة، أَن أَبَا يُوسُف أملأ عَلَيْهِم القَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، عَنْ سُلَيْمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي تَقْوِيم الْعَسَل بِأَدْنَى الْأَصْنَاف من الْحُبُوب، قَالَ: فذَكَرْنَاهُ لمُحَمد، فقَالَ: لَيْسَ هَذَا بقول، لِأَن هَذَا يخْتَلف فِي الْأَزْمِنَة والبلدان، وفِي ارْتِفَاع الْقيم واتضاعها، ولَيْسَ هَكَذَا حكم الزكوات الْمُتَّفق عَلَيْهَا، فَقُلْنَا لَهُ: فمَا تَقول أَنْت؟ فَأَطْرَقَ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت الْعَسَل يعْتَبر فِي بدنه بِمَا دون الأفراق، ثُمَّ يتناهي بِهِ إِلَى الأفراق، فَيُقَالُ: فرقان من عسل أَو مَا سوى من الأفراق من الْعَسَل، وكَانَت الْحِنْطَة هَكَذَا تعْتَبر بِالْمدِّ، ثُمَّ بالصاع، ثُمَّ القفِيز، حَتَّى يتناهى بِهَا إِلَى الوسق، ثُمَّ يبْنى بالأوساق، فَيُقَالُ: وسقان من حِنْطَة، أَو كَذَا وَكَذَا وسْقا من حِنْطَة، وَإِن مَوضِع الْفرق من الْعَسَل كموضع الوسق من الْحِنْطَة، وكمَا كَانَ لَا صَدَقَة فِي الْحِنْطَة حَتَّى تكون خَمْسَة أوساق، كَانَ كَذَلِكَ لَا صَدَقَة فِي الْعَسَل حَتَّى يَكُونَ خَمْسَة أفراق، ثُمَّ بنى مُحَمَّد بتباين هَذَا الْبَاب عَلَى هَذَا الْمَعْنى، فقَالَ: وكذَلِكَ الْقطن يعْتَبر، فَيُقَالُ: أسياد، ثُمَّ يُقَالُ: رَطْل، ثُمَّ يُقَالُ: من، ثُمَّ يُقَالُ: حمل، فَتكون تِلْكَ النِّهَايَة فِيه، ثُمَّ يبْنى بالأحمَال، فَيُقَالُ: حملان من قطن، وَكَذَا وَكَذَا حمل من قطن، فكمَا كَانَ لَا صَدَقَة فِي الْحِنْطَة حَتَّى تكون خَمْسَة أوساق، كَانَ لَا صَدَقَة فِي الْقطن حَتَّى يَكُونَ خَمْسَة أحمَال، وَالْحمل ثَلَاث مائَة من بالعراق قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله: وكذَلِكَ الزَّعْفَرَان يعْتَبر بمَا دون الْأُمَنَاء، ثُمَّ يتناهي بِهِ إِلَى الْأُمَنَاء، ثُمَّ يبْنى بِهَا، فَيُقَالُ: منوان من زعفران، وَكَذَا وَكَذَا منا من زعفران، فكمَا كَانَ لَا صَدَقَة فِي الْحِنْطَة حَتَّى تكون خَمْسَة أوساق، فكذَلِكَ لَا صَدَقَة فِي الزَّعْفَرَان حَتَّى يَكُونَ خَمْسَة أُمَنَاء، وقَدْ حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ أَن مُحَمَّدًا أملأ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَقْوَال كلهَا فِي هَذَه الْأَصْنَاف فَإِن قَالَ قَائِل: قَدْ رُوِيَ عَنْ عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ: لَا صَدَقَة فِي الْعَسَل وَذكر مَا 711 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَى الْخَيْلِ وَالْعَسَلِ صَدَقَةٌ " الحديث: 711 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 قيل لَهُ: قَدْ كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يَقُولُ هَذَا حَتَّى وقف عَلَى مَا كَانَ من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَخذ الصَّدَقَة من الْعَسَل، فَأَخذهَا 712 - كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ يَنْهَاهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْعَسَلِ صَدَقَةً، إِلا أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا، فَجَمَعَ عُرْوَةُ أَهْلَ الْعَسَلِ، فَشَهِدُوا أَنَّ هِلالَ بْنَ سَعْدٍ جَاءَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَسَلٍ، فَقَالَ: " مَا هَذَا؟ " فَقَالَ: هَذِهِ هَدِيَّةٌ " فَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، ثُمَّ جَاءَهُ مَرَّةً أُخْرَى بِعَسَلٍ، فَقَالَ: " مَا هَذَا؟ " فَقَالَ: صَدَقَةٌ " فَأَخَذَهَا فَأَمَرَهُ بِرَفْعِهَا "، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ عُشْرًا، وَلا شَيْئًا إِلا أَنَّهُ أَخَذَهَا وَكَتَبَ بِذَلِكَ عُرْوَةُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَتَبَ عُمَرُ: فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ فَخُذُوهَا، وَكُنَّا نَأْخُذُ مَا أَعْطَوْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَلا نَسْأَلُ عُشُورًا، مَا أَعْطَوْنَا أَخَذْنَا قَالَ: وَكَتَبَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، فَقَالَ: ذَكَرَ لِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ مِنْ أَهْلِي أَنْ قَدْ تَذَاكَرَ هُوَ وَعُرْوَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيُّ، بِالشَّامِ، فَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنْ صَدَقَةِ الْعَسَلِ، فَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّهُ قَدْ كَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّا قَدْ وَجَدْنَا بَيَانَ صَدَقَةِ الْعَسَلِ بِالطَّائِفِ فَخُذُوا الْعُشُورَ مِنْهَا فَهَذَا عمر قَدْ كَانَ يذهب ندبا إِلَى أَن لَا صَدَقَة فِي الْعَسَل، وكذَلِكَ الْقيَاس أَنَّهُ لَا صَدَقَة فِي الطير، وَلَا فِيمَا يكون مِنْهَا، فَحَمَلَ الْأَمر فِي ذَلِكَ قبل أَن يقف عَلَى مَا كَانَ من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمن عمر عَلَى مَا يُوجِبهُ الاستنباط فِي ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّصل بِهِ مَا كَانَ من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَدِيَّة هِلَال بن سعد الثَّانِيَة، فَصَارَ إِلَى ذَلِكَ وَترك مَا كَانَ أَمر بِهِ استنباطا، ثُمَّ وقف عَلَى مَا كَانَ من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن ميسرَة من إِيجَاب الْعشْر فِيه، فَصَارَ إِلَى ذَلِكَ، وَهَكَذَا يجب فِي سَائِر الْحَوَادِث عَلَى وُلَاة الْمُسْلِمِينَ ودفِين أُمُورهم وَيَنْبَغِي للإمَام إِذَا تناهي عظم الثمَار، واحمرت، واصفرت، وَصَارَت فِي حَال مَا يُؤْكَل مِنْهُ أَن يبْعَث إِلَيْهَا من يخرصها، ثُمَّ إجافا، ثُمَّ يخلى بَيْنَ أَهلهَا وَبَينهَا يأكلونها ويصنعون بهَا مَا بدا لَهُم، فإِذَا جذوا ثَمَّ نَخْلهمْ أَدّوا إِلَيْهِ عشرهَا وَنصف عشرهَا عَليّ مَا كَانَ خرصها عَلَيْهِم فِي البدء من غير أَن يكون بخرصه إِيَّاهَا عَلَيْهِم، وبتخليته بَينهم وَبَينهَا مملكا لَهُم الحديث: 712 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 حق الله عَزَّ وَجَلَّ الْوَاجِب فِيهَا من الْعشْر أَو من نصف الْعشْر، حَتَّى يَكُونَ فِي معنى البَائِع كَذَلِكَ مِنْهُمْ، وحَتَّى يَكُونُوا فِي حَال الْمُتَبَايعين لِذَلِكَ مِنْهُ، وحَتَّى يَكُونُوا ضامنين لِذَلِكَ إِن تلف أَو أَصَابَته جَائِحَة، وَغير أَن أهل الثمَار كَرهُوا الْخرص فِي ذَلِكَ، واختاروا المكايلة فِي وَقت مَا تصير الثَّمَرَة، ثُمَّ أخرص عَلَيْهَا الخارص ليعلم مَا حق الله عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا خرصه عَلَيْهِم، ثُمَّ كايلهم فِي وَقت الْجذاذ، وَأخذ مِنْهُمْ مَا يجب لله عَزَّ وَجَلَّ تَمرا 713 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنْ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، قَالَ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُخْرَصُ مِنَ الثِّمَارِ إِلا النَّخْلُ وَالأَعْنَابُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُخْرَصُ حِينَ يَبْدُو صَلاحُهُ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ يُؤْكَلُ رَطْبًا، فَيُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ، لِئَلا يَكُونَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ ضِيقٌ، فَيُخْرَصُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ يَأْكُلُونَهُ كَيْفَ شَاءُوا، ثُمَّ يَرُدُّونَ الزَّكَاةَ عَلَى مَا يُخْرَصُ عَلَيْهِمْ فأمَا مَا لَا يُؤْكَل رطبا، وإنمَا يُؤْكَل بعد حَصَاده مثل الْحُبُوب كلهَا، فَإِنَّهُ لَا يخرص، وإنمَا عَلَى أَهله فِيه الأمَانة إِذَا صَار حبا، حَتَّى يؤدوا زَكَاته إِذَا بلغ فِي مثله الزَّكَاة قَالَ: وَالْأَمر الْمُجْتَمع عَلَيْهِ فِيه عِنْدَنَا أَن النّخل يخرص عَلَى أَهلهَا وفِي رءوسها ثَمَرهَا إِذَا طَابَ وَحل بَيْعه يُؤْخَذ مِنْهُمْ تَمرا بالجذاذ، فَإِن أَصَابَت الثمرةَ جَائِحَةٌ بعد أَن تخرص عَلَى أَهلهَا وَقبل أَن يجذوه أحاطت الْحَاجة بالثمرة، فلَيْسَ عَلَيْهِم فِيه شَيْء، وَإِن بَقِي من الثَّمر مَا يبلغ خَمْسَة أوساق فَصَاعِدا أَخذ مِنْهُ زَكَاته، ولَيْسَ عَلَيْهِم فِي مَا أَصَابَت الْجَائِحَة زَكَاة، وكذَلِكَ الْعَمَل فِي الْكَرم وقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِي فِي الْخرص هَذَا الْمَعْنى فأمَا الَّذِي وَجَدْنَاهُ فِي ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّد بن الْحسن فِيهَا، لم يحك فِيه خلافًا بَينه وَبَين أحد من أَصْحَابه، فَإِن سليمَان بن شُعَيْب حَدَّثَنَا، عَنْ أَبِيهِ، أَن مُحَمَّدًا أملأ عَلَيْهِم: أَن " الْعِنَب الأَبِيض وَالْأسود، وَالتَّمْر الْأسود، والأصفر يُضَاف بعض ذَلِكَ إِلَى بعض، فإِذَا أخرجت الأَرْض مِنْهُ مِقْدَار خَمْسَة أوسق من التَّمْر الجاف، أَو من الزَّبِيب فِيه الْعشْر أَو نصف الْعشْر، فَإِن بيع رطبا أَو عنبا، أَو بسرا خرص ذَلِكَ تَمرا إجافا أَو زبيبا، فَإِن بلغ ذَلِكَ فِي الْخرص خَمْسَة أوسق أَخذ مِنْهُ الْعشْر أَو نصف الْعشْر، وَإِن ذَلِكَ لَا يبلغ فِي الْخرص لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء " الحديث: 713 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 فَهَذَا الَّذِي وجدنَا عَنْ مُحَمَّد فِي الْخرص، وَلم نجد عَنهُ فِي الْخرص قبل بيع الثمَار شَيْئا، وإِذَا وَجب أَن يكون الإمَام أَن يسْتَعْمل الْخرص فِيمَا بيع من الثمَار من النّخل وَالْأَعْنَاب عَلَى مَا ذكرنَا، وَجب أَن يَسْتَعْمِلهُ فِيهَا قبل البيع ليتسع عَلَى أَهلهَا بيع مَا رَأَوْا بَيْعه مِنْهَا، وَأكل مَا رَأَوْا أكله مِنْهَا، كمَا روينَا فِي ذَلِكَ عَنْ مَالك، وَالشَّافِعِيّ، وَهَكَذَا كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل فِي الثمَار 714 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوُحَاظِيُّ، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَأَتَيْنَا وَادِيَ الْقُرَى عَلَى حَدِيقَةِ امْرَأَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اخْرُصُوهَا "، فَخَرَصَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَصْنَاهَا عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، وَقَالَ: " أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللهُ " فَلَمَّا قَدِمْنَا سَأَلَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَدِيقَتِهَا كَمْ بَلَغَ ثَمَرُهَا؟ قَالَتْ: عَشَرَةُ أَوْسُقٍ 715 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَهُ أَنْ يَخْرُصَ الْعِنَبَ زَبِيبًا كَمَا يَخْرُصُ الرُّطَبَ " فَهَذَا الَّذِي وجدنَا عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذكر خرص الثمَار فِي غير خَيْبَر وفِي حَدِيث أَبِي حميد الَّذِي روينَا أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر الْمَرْأَة الَّتِي خرص عَلَيْهَا حديقتها بإحصاء مَا فِيهَا حَتَّى يرجع إِلَيْهَا، أَي بإحصائه تَمرا جافا وأمَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خرص ثمَار خَيْبَر فَإِن 716 - عُبَيْدُ الحديث: 714 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ 716 - حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّازَّقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ وَهِيَ تَذْكُرُ شَأْنَ خَيْبَرَ: " فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ ابْنَ رَوَاحَةَ إِلَى الْيَهُودِ، فَيَخْرُصُ النَّخْلَ حِينَ تَطِيبُ أَوَّلُ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ يُخَيِّرُ يَهُودَ أَيَأْخُذُهُ بِذَلِكَ الْخَرْصِ أَمْ يَدْفَعُونَهُ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ؟ وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْخَرْصِ، لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ الثَّمَرُ أَوْ يُفَرَّقَ " وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا غَيْرَ ابْنِ جُرَيْجٍ، وقَدْ وقفنا عَلَى فَسَادِهِ مِنْ حَدِيثِهِ كَمَا 717 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّازِقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ وَأُخْبِرْتُ، عَنْ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فأمَا سَائِر أَصْحَاب الزُّهْرِيّ سواهُ فأوقفوه عَلَى ابْن شهَاب وَلم يتجاوزوه، فَمن ذَلِكَ مَا 718 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ ابْنَ رَوَاحَةَ، فَيَخْرُصُ ثَمَرَ النَّخْلِ حَتَّى يَطِيبَ أَوَّلُ شَيْءٍ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ أَوَّلُ شَيْءٍ مِنْهَا، ثُمَّ يُخَيِّرُ الْيَهُودَ يَأْخُذُونَهَا بِذَلِكَ الْخَرْصِ، أَوْ يَدْفَعُونَهَا، لأَنَّهُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَإِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِالْخَرْصِ لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ الثَّمَرُ أَوْ يُفَرَّقَ، فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ " وقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعثته ابْن رَوَاحَة إِلَى خَيْبَر فِي خرص ثَمَرهَا مَا 719 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَعْطَى يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشِّطْرَ مِنْ كُلِّ زَرْعٍ وَنَخْلٍ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " قَالَ: فَكَانَ ابْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ فِي كُلِّ عَامٍ، فَيَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ، الحديث: 716 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرْصَهُ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ، قَالَ: فَأَعِدُ اللهَ أَنْ تُطْعِمُونِنيَ السَّخْتَ، وَاللهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ عَدِيدِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ، قَالَ: فَقَالُوا: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ، بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ففِي حَدِيث ابْن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هَذَا أَن ابْن رَوَاحَة كَانَ يضمن الْيَهُود الشّطْر الَّذِي كَانَ للْمُسلمين من الثمَار، وفِيه أَنَّهُ كَانَ يخرص عَلَيْهِم الزَّرْع كمَا يخرص عَلَيْهِم النّخل وقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابر، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعثته ابْن رَوَاحَة إِلَى خَيْبَر فِي خرص ثَمَرهَا مَا 720 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَفَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْبَرَ، فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي: يَهُودَ كَمَا كَانُوا، وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَبَعَثَ ابْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، أَنْتُمْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ، قَتَلْتُمْ أَنْبِيَاءَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَبْتُمْ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَيْسَ يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ خَرَصْتُ عِشْرِينَ أَلْفِ وَسَقٍ مِنْ تَمْرٍ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي " وَلَيْسَ فِي خَرْصِ ابْنِ رَوَاحَةَ أَكْثَرُ مِمَّا رُوِّينَا وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا كَانَ يَأْمر بِهِ الْخَرَّاصَ مَا 721 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ نِيَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ " وَكَذَلِكَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَأْمُرُ الْخَرَّاصَ: 722 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الحديث: 720 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 عَبَّاسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي خَيْثَمَةَ يَخْرُصُ عَلَى النَّاسِ، " فَأَمَرَهُ إِذَا وَجَدُوا الْقَوْمَ فِي نَخْلِهِمْ أَلا يَخْرُصَ عَلَيْهِمْ مَا يَأْكُلُونَ " قَالَ أَحْمَدُ: وَالثلث وَالرّبع الْمَذْكُورَان فِي حَدِيث سهل بن أَبِي خَيْثَمَة، إنمَا أَمر يَتْرُكهَا لهَذَا الْمَعْنى وقَدْ رُوِيَ عَنْ سهل فِي الْخرص 723 - مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَيَّانَ، أَنَّ أَبَا مَيْمُونَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ سَهْلٍ، أَنَّ مَرْوَانَ بَعَثَهُ خَارِصًا، فَخَرَصَ مَالَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَعْدٍ بِسَبْعِ مِائَةِ وَسَقٍ، فَقَالَ: " لَوْلا أَنِّي وَجَدْتُ فِيهِ أَرْبَعِينَ عَرِيشًا لَخَرَصْتُهُ بِتِسْعِ مِائَةِ وَسَقٍ، وَلَكِنِّي تَرَكْتُ لَهُمْ بِقَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ " وقَدْ رُوِيَ، عَنْ سهل، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنى مَا 724 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيُّ، ثُمَّ النَّوْفَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَدَقَةَ الْفَدَكِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ الْحَارِثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا خَيْثَمَةَ خَارِصًا، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا خَيْثَمَةَ قَدْ زَادَ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ يَزْعُمُ أَنَّكَ قَدْ زِدْتَ عَلَيْهِ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَرَكْتُ لَهُ قَدْرَ عَرِيَّةِ أَهْلِهِ، وَمَا يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ، وَمَا تُصِيبُ الرِّيحُ، فَقَالَ: " قَدْ زَادَكَ ابْنُ عَمِّكَ وَأَنْصَفَكَ " وأمَا مَا روينَاهُ عَنْ أَبِي حميد من خرص رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَرْأَة حديقتها، وَمن أمره إِيَّاهَا بإحصائها إِلَى أَن يرجع إِلَيْهَا، ففِي ذَلِكَ دَلِيل أَنَّهُ لم يملكهَا مَال الله عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا بخرصه إِيَّاهَا عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ لَو كَانَ قَدْ ملكهَا ذَلِكَ مَا احْتَاجَ إِلَى إحصائها، وَلكنه احْتَاجَ مِنْهَا إِلَى إحصائها مَا فِيهَا، لِأَنَّهُ أَمِين عَلَيْهَا وعَلَى مَا لله عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا، فَأمرهَا بإحصاء مَا فِيهَا ليَأْخُذ مِنْهَا حق الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا يتحققه مِنْهَا وَيسلم لَهَا حَقّهَا بملكها الحديث: 723 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 ولمَّا كَانَ يرجع فِي الْوَاجِب لله عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا إِلَى مَا يُحْصى مِنْهَا بعد الْخرص، وعقلنا أَن الثَّمَرَة لَا بُد من سُقُوط بَعْضهَا بهبوب الرِّيَاح وَجب أَن لَا يكون ذَلِكَ محسوبًا عَلَى أَهلهَا، وَوَجَب أَن يكون مَرْفُوعا عَنْهُم مِنْهَا كمَا كَانَ رَفعه أَبُو خَيْثَمَة فِي خرصه عَلَى ابْن عَمه، وأمضاه رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا فِي حَدِيث مُحَمَّد بن صَدَقَة الفدكي الَّذِي روينَاهُ ولمَّا كَانَ أهل الحوائط مَأمورين بِالصَّدَقَةِ بعد الْخرص من ثمَارهم عَلَى الْمَسَاكِين، غير ممنوعين من ذَلِكَ بالخرص، وكَانَ مَا يَأْخُذهُ الْمَسَاكِين مِنْهَا على سَبِيل الصَّدَقَة منصرفا فِي وَجه الصَّدَقَة الَّتِي تُؤْخَذ الزَّكَاة من أَهلهَا، كَانَ ذَلِكَ محطوطا عَنْ أهل الحوائط من ثمَارهم مَرْفُوعا عَنْهُم مِنْهَا، كمَا حطه أَبُو خَيْثَمَة فِي خرصه عَلَى ابْن عَمه، وَرَفعه عَنهُ من ثَمَرَة حَائِطه وأمضاه رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا ذكرنَا فِي حَدِيث الفدكي ولمَّا كَانَ من أَخْلَاق أهل الحوائط المحمودة مِنْهُمْ إغراء بعض ثمَار حوائطهم، وكَانَ مَا يغرونه من ذَلِكَ فإنمَّا يقصدون بِهِ إِلَى الْمَسَاكِين الَّذين يسْتَحقُّونَ الزكوات، كَانَ ذَلِكَ محطوطا مِمَّا خرص عَلَيْهِم، مَرْفُوعا عَنْهُم مِنْهُ كمَا حطه أَبُو خَيْثَمَة، وَرَفعه عَنِ ابْنِ عَمه فِي خرصه عَلَيْهِ ثَمَرَة حَائِطه عَلَى مَا فِي حَدِيث الفدكي، وعَلَى مَا فِي حَدِيث ابْن أَبِي خَيْثَمَة فِي رَفعه عَنْ سعد بن أَبِي سعد فِي خرصه، وَمثل ذَلِكَ مَا 725 - رَوَى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا صَدَقَةَ فِي الْعَرِيَّةِ " أَيْ: لأَنَّ الْعَرِيَّةَ نَفْسَهَا صَدَقَةٌ، فَلا صَدَقَةَ فِيمَا أُخْرِجَ صَدَقَةً فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْعَرِيَّةِ مَا هِيَ؟ قِيلَ لَهُ: هِيَ الْعَطِيَّةُ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ 726 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الزِّيَادِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنِ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ وَعَنِ الْمُزَابَنَةِ " قَالَ: وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا فِي النَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ تُوهَبَانِ لِلرَّجُلِ فَيَبِيعُهُمَا بِخَرْصِهِمَا تَمْرًا الحديث: 725 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 فَهَذَا زيد بن ثَابت يخبر أَن الْعرية هِيَ الْهِبَة، وَهُوَ من أهل الْعَرَايَا، لِأَنَّهَا كَانَت للْأَنْصَار، لَا نعلمها كَانَت لغَيرهم وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبر مُنْقَطع يدل عَلَى هَذَا 727 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ، عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " خَفِّفُوا فِي الْخَرْصِ، فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْعَرِيَّةَ وَالْوَصِيَّةَ " 728 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْعَرَايَا، فَقَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُطْعِمُ أَخَاهُ النَّخْلَتَيْنِ وَالثَّلاثَ فِي النَّخْلَةِ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُرَخِّصُ لِلَّذِي يُطْعِمُهُنَّ أَنْ يَبِيعَهُنَّ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُهُنَّ " وَقَدْ مُدِحَتِ الأَنْصَارُ بِالْعَرَايَا، حَتَّى قِيلَ فِيهِمْ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَلَيْسَتْ بِسَنْهَاءٍ وَلا رَجَبِيَّةٍ وَلَكِنْ عَرَايَا فِي السِّنِينَ الْجَوَائِحِ أَي: أَنهم كَانُوا يعرونها فِي السنين الجوائح عَلَى سَبِيل الصَّدَقَة بِهَا، وفِي الْعَرَايَا كَلَام كثير واحتجاجات لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا فَإِن قَالَ قَائِل: ففِي حَدِيث الفدكي من قَول أَبِي خَيْثَمَة لرَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رفعت لَهُ قَدْر عرية أَهله " قيل لَهُ: مَعْنَاهُ عِنْدَنَا وَالله أعلم، قَدْر عرية صدقته الَّتِي يتَصَدَّق بِهَا من ثَمَرَة حَائِطه، لِأَن مَا أضيف إِلَى أَهله إنمَا هُوَ المُرَاد، وكذَلِكَ مَا أضيف إِلَى آله فَهُوَ المُرَاد بِهِ، أَلا ترى أَن الحَدِيث الْمَرْوِيّ، " لقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى من مَزَامِير آل دَاوُد " مزمَار من مَزَامِير دَاوُد، لِأَن المزامير إنمَا كَانَت لداود صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا لغيره من آله ولمَّا كَانَ أهل الحوائط غير ممنوعين من الْأكل من ثمَارها لِأَنَّهَا قوتهم، وَلَا غناء لَهُم الحديث: 727 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 عَنْهَا، وكَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يبقي فِيهَا إِلَى وَقت جذاذها فَوَجَبَ بِذَلِكَ أَن يكون ذَلِكَ الْمِقْدَار محطوطا مِنْهَا عَنْ أَهلهَا، وَجَمِيع مَا ذكرنَا من هَذِهِ الْأَشْيَاء الَّتِي تحط من الْخرص، وَإِن شَاءَ الخارص قدر لَهَا قَدْرا فِي الَّذِي حطه مِمَّا يَجعله قَدْر الثَّمَرَة عَلَى مَا فِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَنِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَة، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " إِذَا خرصتم فدعوا الثُّلُث فدعوا الرّبع "، فَإِن شَاءَ خرصها بكمَالها كمَا خرص رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديقة الْمَرْأَة فِي حَدِيث أَبِي حميد السَّاعِدِيّ، ثُمَّ حط ذَلِكَ مِنْهَا فِي وَقت جذاذها، فَإِن وجد وَقت الْجذاذ فِي ثمره المخروصة زِيَادَة عَلَى مَا خرصت، أَو نقصت مِنْهُ فَإِن أهل الْعلم يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ فأمَّا الْقَاسِم بن مُحَمَّد فَروِيَ عَنهُ فِي ذَلِكَ مَا 729 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بُكَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ وَجَاءَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ: جَاءَ الْخَارِصُ فَخَرَصَ ثَمَرِي فَنَقَصَ خَرْصَهُ عَمَّا كَانَ فِيهِ، أَوْ زَادَ، فَقَالَ الْقَاسِمُ: " لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ فِيمَا نَقَصَ أَوْ زَادَ، إِنَّمَا عَلَيْكَ مَا خَرَصَ وَهُوَ كَاسْمِهِ فِيمَا خَرَصَهُ هَذَا الْخَارِصُ، إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَيْهِ " وقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ مَالك 730 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا، يَقُولُ: " إِذَا كَانَ الْخَارِصُ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالأَمَانَةِ فَزَادَ خَرْصُهُ أَوْ نَقَصَ فَلا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَرِ " وأمَّا ابْن سِيرِين فَروِيَ عَنهُ خلاف هَذَا 731 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " كَانَ الْخَارِصُ يَخْرُصُ، فَإِذَا وَجَدَ صَاحِبُ الثَّمَرَةِ ثَمَرَتَهُ أَكْثَرَ مِمَّا خُرِصَ رُدَّ عَلَيْهِمْ " وَهَذَا القَوْل أحب إِلَيْنَا وأشبه بِالْقِيَاسِ من الْوَجْه الآخر، لِأَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَأْمر الْمَرْأَة فِي حَدِيث أَبِي حميد بإحصاء الثَّمَرَة بعد الْخرص الأول المحصي مِنْهَا هُوَ المرجوع إِلَيْهِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لمَا كَانَ لإحصائها إِيَّاهَا بعد أَن خرصها عَلَيْهَا معنى، وَلِأَن الخارص لَا يكون فِي خرصه أعدل من حكم الصَّيْد فِي حكمهَا، أَلا ترى أنهمَا لَو حَكَمَا حُكْمًا فِيمَا حَكَمَا فِيه من ذَلِكَ فَأَخْطَأَ وَزَادا عَلَى قَاتل الصَّيْد فِي قيمَة مَا حكمَا عَلَيْهِ بِهِ، الحديث: 729 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 أَو نقصاه من قِيمَته مَا قتل، أَو يجاوزانه نَظِير مَا قتل إِلَى مَا أرفع مِنْهُ من النَّعَمِ، أَو نقصاه من نَظِير مَا قتل فَرده إِلَى أقل من ذَلِكَ من النَّعَمِ، أَن ذَلِكَ غير مزيل عَنهُ شَيْئا مِمَّا وَجب لله عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، وَأَنه لَا بُدَّ لَهُ من الْخُرُوج مِمَّا وَجب لله عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ من ذَلِكَ إِلَى من يجب عَلَيْهِ الْخُرُوج من ذَلِكَ إِلَيْهِ، وأنَّ مَا كَانَ من الْحكمَيْنِ لَا يُغير الْأَمر عمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَة، وَلَا يزِيد فِيه وَلَا ينقص مِنْهُ كالخرص الَّذِي ذكرنَا أَحْرَى أَن يكون كَذَلِكَ، ولمَّا كَانَ الْخرص الَّذِي ذكرنَا، قَدِ اسْتَعْملهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة تَبُوك، وَهِيَ آخر غَزَوَاته فِي أُخْرَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأمر الْمَرْأَة الَّتِي يخرص عَلَيْهَا بإحصاء الثَّمَرَة الّتِي خرصها عَلَيْهَا، وَلَا يكون ذَلِكَ إِلَّا وَالْمرَاد مِنْهَا هُوَ مَا توقف عَلَى حَقِيقَته مِنْهَا فِي وَقت جذاذها وَاسْتعْمل عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ من بعده التخفِيف عَنْ أهل الثمَار فِي خرصها عَلَيْهِم، كنحو مَا كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمر بِهِ الخراص فِي حَدِيث سهل، وَاسْتعْمل سهل من بعده، دلّ أَن الْخرص إنمَا يُرَاد لإحصاء الثمَار خَاصَّة لترتفع بِهِ التُّهْمَة عَنْ أَهلهَا فيمَا يذكرُونَ فِي المستأنف أَنهم وجدوه مِنْهَا، ولتوقف عَلَى مقدارها حزرا لَا حَقِيقَة فِيه، ثُمَّ يرجع إِلَى الْحَقِيقَة فِيهَا فِي كيل مَا يُؤْخَذ مِنْهَا عَلَى مَا يَقُوله أَهلهَا، وفِي ذَلِكَ مَا دلّ أَن مَا كَانَ من ابْن رَوَاحَة من تخييره أهل خَيْبَر بَيْنَ أَخذ جَمِيع مَا خرصه وضمَان مثل نصفه لَهُم، أَو تَسْلِيمه وضمَان مثل نصفه لَهُم مَنْسُوخا بنهي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَة وَهِيَ بيع الثَّمر فِي رُءُوس النّخل بِالتَّمْرِ كَيْلا، وبمَا سوى ذَلِكَ مِمَّا نهى عَنهُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَهْيه عَنِ الْمُزَابَنَة، قَالَ: 732 - فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ " 733 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَيُونُسُ بْنُ زَيْدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمْ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ " وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلا، وَبَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلا " الحديث: 732 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 734 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ كَيْلا، وَالزَّبِيبِ بِالْعَنَبِ كَيْلا، وَالزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ كَيْلا " 735 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا تَبَايَعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 736 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ الأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ " 737 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُخَابَرَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ " 738 - حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، إِلا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا " 739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 734 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 مِنْ أَهْلِ دَارِهِمْ مِنْهُمْ: سَهْلُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ وَقَالَ: ذَلِكَ الرِّبَا تِلْكَ الْمُزَابَنَةُ، إِلا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ يَأْخُذُهَا أَهْلُ الْبَيْتِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا، ثُمَّ يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا " 740 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يُونُسَ بْنِ الْقَاسِمِ الْيَمَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ وَالْمُلامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ " قَالَ أَحْمد: فَنهى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بيع الثَّمر بِالتَّمْرِ، وَلم يسْتَثْن بِذَلِكَ شَيْئا غير الْعَرَايَا، فَاحْتمل أَن يكون ذَلِكَ نَاسِخا لمَا كَانَ من ابْن رَوَاحَة فِي خرصه، وَاحْتمل أَن يكون نهى عَنْ بيع الرطب بِالتَّمْرِ هُوَ الَّذِي نسخه فأمَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا 741 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَالَ: " أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا جَفَّ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ فَقَالَ: فَلا إِذًا " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي خَرْصِ ابْنِ رَوَاحَةَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَأَنَّ الْعَمَلَ بِهِ مَحْظُورٌ 742 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ ذَكَرَ خَرْصَ ابْنِ رَوَاحَةَ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: " أَمَّا الْيَوْمَ فَلا يَكُونُ الْخَرْصُ " وقَالَ أَحْمد: يَعْنِي ذَلِكَ الْخرص الَّذِي كَانَ ابْن رَوَاحَة خرصه عَلَى أهل خَيْبَر وضمنهم بِهِ حِصَّة الْمُسْلِمِينَ من ثمَارها نَحْو المَعاملة الَّتِي كَانَت بَينهم وَبَين الْمُسْلِمِينَ فِيهَا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ من الْوَاجِب فِيمَا أخرجت الأَرْض من الْعشْر، أَو نصف الْعشْر، فقَدِ الحديث: 740 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 اجْتمع أهل الْعلم جَمِيعًا أَنَّهُ كَذَلِكَ فِيمَا أخرجته الأَرْض الْحرَّة فأمَّا مَا أخرجته الأَرْض الخراجية من ذَلِكَ فَإِنَّهُم يَخْتَلِفُونَ فِيه، فطائفة مِنْهُمْ تَقول: لَا صَدَقَة فِيه، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَطَائِفَة مِنْهُمْ تَقول: فِيه الصَّدَقَة كمَا تكون فِيه لَو كَانَ فِي الأَرْض الْحرَّة، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: مَالك، وَالشَّافِعِيّ ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ، وكَانَ الْخراج حَقًا لله عَزَّ وَجَلَّ، وَالْعشر حق لَهُ، وكَانَ الْوَاجِب لله عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا يسقى بالسمَاء، وفِيمَا يسقى فيحا الْعشْر كَامِلا، وفِيمَا يسقى بالعروب والدوالي نصف الْعشْر، فكَانَ مَا يسقى بالعروب والدوالي لمَّا كَانَت عَلَى أَصْحَابه فِيه الْمُؤْنَة خفف مَا يجب عَلَيْهِم فِيه من الصَّدَقَة، فَجعل دون مَا يجب فِيهِ، لَو كَانَ لَا مُؤنَة عَلَيْهِم فِيه لسقي السَّمَاء إِيَّاه، وبلوغ المَاء إِيَّاه بفِيحة عَلَى وَجه الأَرْض، فَكَانَ الْقيَاس عَلَى ذَلِكَ أَن يكون مَا لَا يجب عَلَى أَهله فِيه الْخراج أخفَّ مِمَّا يجب عَلَيْهِم فِيه الْخراج، وَلَا قَول فِي ذَلِكَ إِلَّا الْقَوْلَيْنِ اللَّذين ذكرنَا، فإِذَا وَجب أَن لَا يكون الْوَاجِب فِيمَا عظمت فِيه الْمُؤْنَة كالواجب فِيمَا لَا مُؤنَة فِيه وَجب سُقُوط الْعشْر كُله عِنْد وجوب الْخراج، كمَا قَالَ الَّذين ذَهَبُوا إِلَى ذَلِكَ وقَدْ رَأينَا حُقُوق الله الَّتِي تَجِبُ لَهُ فِيهَا الْأَمْوَال، لَا يجْتَمع فِي مَال وَاحِد مِنْهَا حقان، من ذَلِكَ أَنا رَأينَا المواشيَ السوائم فِيهَا صدقَات السوائم عَلَى مَا ذكرنَا ذَلِكَ فِي مَوْضِعه، ورأينا المَاشية إِذَا ابتاعها رجل يُرِيد بِهَا التِّجَارَة، ثُمَّ أسامها بعد ذَلِكَ خرجت بِذَلِكَ من حكم السَّائِمَة، فَتجب الزَّكَاة فِيهَا بِالسِّنِينَ جَمِيعًا، بل جعل وجود أحد السنين ينفِي وجوب السّنة الْأُخْرَى، فكَانَ الْقيَاس عَلَى ذَلِكَ أَن يكون كَذَلِكَ الْخراج إِذَا وَجب لله عَزَّ وَجَلَّ فِي الأَرْض ينفِي وجوب الْعشْر عَلَيْهَا، فَهَذَا هُوَ الْقيَاس عِنْدَنَا فِي هَذَا وَالله أعلم تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ} فأمَّا الْفقر فَهُوَ ضد الْغنى، ولَيْسَ بِأَن يكون الَّذِي يَقع عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم، لَا يملك شَيْئا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 وَلكنه عَلَى من لَا يملك مَا يكون بِهِ غَنِيا وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِي الْمِقْدَار الَّذِي إِذَا ملكه الرجل دخل بِهِ فِي حكم الْغنى، وَخرج بِهِ من حكم الْفقر، وَحرمت عَلَيْهِ الصَّدَقَة، فقَالُوا فِي ذَلِكَ أقوالا مُخْتَلفَة وروى كل فريق مِنْهُمْ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا يُوَافق مذْهبه، فطائفة مِنْهُمْ تَقول: من كَانَ عِنْد أَهله مَا يغديهم أَو مَا يشبعهم حرمت بِذَلِكَ عَلَيْهِ الصَّدَقَة، وَخرج بِهِ من الْفقر، وَمن كَانَ عِنْد أَهله دون ذَلِكَ، أَو كَانَ لَا شَيْء عِنْد أَهله كَانَ من الْفُقَرَاء الَّذين تحل لَهُم الصَّدَقَة وروى أهل هَذَا القَوْل مَا احْتَجُّوا بِهِ لمذهبهم حَدِيث سهل بن الحنظلية، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 743 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْزُوقٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ حَنْظَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا ظَهْرُ غِنًى؟ قَالَ: " أَنْ يَعْلَمَ عِنْدَ أَهْلِهِ مَا يُغَدِّيهِمْ أَوْ مَا يُشْبِعُهُمْ " 744 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالُوا: وقَدْ دلّ هَذَا الحَدِيث عَلَى الْفقر الَّذِي بِهِ تحل الصَّدَقَة، وعَلَى الْغنى الَّذِي تحرم بِهِ الصَّدَقَة وَطَائِفَة مِنْهُمْ يَقُولُونَ: من ملك أُوقِيَّة، وَهِيَ أَرْبَعُونَ درهمَا، أَو عدلها من الذَّهَب فَهُوَ غَنِي، وَالصَّدَََقَة عَلَيْهِ حرَام وَمن كَانَ لَا يملك من الْوَرق أُوقِيَّة، وَلَا من الذَّهَب عدلها فَهُوَ فَقير، وَالصَّدَََقَة لَهُ حَلَال، وروى أهل هَذَا القَوْل مَا احْتَجُّوا بِهِ حَدِيثا عَنْ رجل من بني أَسد عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 745 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ الحديث: 743 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِرَجُلٍ يَسْأَلُهُ: " مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَعِنْدَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عِدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا " وَالْأُوقِية يَوْمئِذٍ أَرْبَعُونَ درهما، قَالُوا: فقَدْ دلّ هَذَا الحَدِيث عَلَى الْغَنِيّ الَّذِي تحرم عَلَيْهِ الصَّدَقَة، وعَلَى الْفَقِير الَّذِي تحل لَهُ الصَّدَقَة وَطَائِفَة تَقول: من ملك خمسين درهما أَو حِسَابهَا من الذَّهَب فَهُوَ بِذَلِكَ غَنِي، وَالصَّدَََقَة عَلَيْهِ حرَام، وَمن كَانَ لَا يملك ذَلِكَ فَهُوَ فَقير، وَالصَّدَََقَة لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 حَلَال، وروى أهل هَذَا القَوْل مَا احْتَجُّوا بِهِ من حَدِيث ابْن مَسْعُود، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 746 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، وَحَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَسْأَلُ عَبْدٌ مَسْأَلَةً وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ إِلا جَاءَتْ مَسْأَلَتُهُ شَيْنًا أَوْ كُدُوحًا، أَوْ خُدُوشًا فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا غِنَاهُ؟ قَالَ: " خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ حِسَابُهَا مِنَ الذَّهَبِ " 747 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: كُدُوحًا وَلَمْ يَشُكَّ، وَزَادَ: فَقِيلَ لِسُفْيَانَ: لَوْ كَانَ عَنْ غَيْرِ حَكِيمٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَاهُ زَبِيدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالُوا: فَقَدْ دلّ هَذَا الحَدِيث عَلَى الْغَنِيّ الَّذِي تحرم عَلَيْهِ الصَّدَقَة، وعَلَى الْفَقِير الَّذِي تحل لَهُ الصَّدَقَة وَرُوِيَ هَذَا القَوْل عَنِ الثَّوْريّ، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ وَطَائِفَة تَقول: من كَانَ يملك من الْوَرق خمس أَوَاقٍ، وَهِيَ مِائَتَا دِرْهَم أَو عِدْلُهَا من الذَّهَب فَهُوَ بِذَلِكَ غَنِي، وَالصَّدَََقَة عَلَيْهِ حرَام وَمن كَانَ لَا يملك ذَلِكَ فَهُوَ فَقير وَالصَّدَََقَة لَهُ حَلَال وروى أهل هَذَا القَوْل مَا احْتَجُّوا بِهِ حَدِيثا عَنْ رجل من مزينة، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 748 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، أَنَّهُ أَتَى أُمَّهُ، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، لَوْ ذَهَبْتَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتَهُ؟، قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، وَهُوَ يَقُولُ: " مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللهِ، وَمَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللهُ، وَمَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ عِدْلُ خَمْسِ أَوَاقٍ يَسْأَلُ إِلْحَافًا " قَالُوا: فَدلَّ هَذَا الحَدِيث عَلَى الْغَنِيّ الَّذِي تحرم عَلَيْهِ الصَّدَقَة، وعَلَى الْفَقِير الَّذِي تحل لَهُ الصَّدَقَة، وقَدْ رُوِيَ هَذَا القَوْل عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَن أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمّد حَدَّثَنَا مُحَمَّد، عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِذَلِكَ، وَلم يحك مُحَمَّد خلافًا بَينه وَبَين أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ حَدَّثَنَا سليمَان، عَن أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَن أَبِي حَنِيفَةَ بِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله: وَهُوَ قَوْلنَا: ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ نَظرنَا فِيه، فكَانَ الْفَقِير الَّذِي تحل لَهُ بِهِ الصَّدَقَة لَا يخلوا من أحد وَجْهَيْن، إِمَّا أَن تكون بِهِ الضَّرُورَة إِلَيْهَا كالضرورة إِلَى الْميتَة، فيكونَ الَّذِي يحل مِنْهَا للْمُضْطَر إِلَيْهَا مَا يُذْهب بِهِ عَنهُ خَوْفَ تلف نَفسه، أَو يكون لعدم ملك مِقْدَار من المَال، فرأيناهم جَمِيعًا لَا يَخْتَلِفُونَ أَن من كَانَ يملك دون مَا يغدى أَهله أَو يعشيهم أَنَّهُ لَا يخرج بِذَلِكَ من الْفُقَرَاء حَتَّى تحرم عَلَيْهِ الصَّدَقَة الَّتِي تحل للْفُقَرَاء، فعقلنا بِذَلِكَ أَن الَّذِي يحل من الصَّدَقَة للْمُضْطَر إِلَيْهَا لَيْسَ مثلَ الَّذِي يحل لمضطر إِلَى الْميتَة مِنْهَا للضَّرُورَة إِلَيْهَا، وَأَنه إنمَا جعل لعدم مِقْدَار من المَال فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدنَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رُوِيَ عَنهُ مَا 749 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الحديث: 746 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: " بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الْمُتَّكِئُ، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، آللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ نَعَمْ " 750 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِي، عَنْ أَبِي مَعْبِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: " إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ أَطَاعُوا لَكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَإِنْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حِجَابٌ " 751 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الْقُطْرُيُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ ابْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعِيًا عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَيَقْسِمَهَا فِي فُقَرَائِنَا، وَكُنْتُ غُلامًا بَيْنَهُمْ، فَأَعْطَانِي مِنْهَا قَلُوصًا " هَكَذَا حَدَّثَنَاه أَبُو أُمَيَّةَ 752 - وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا يَعْنِي: الْحَلْقَانِيَّ، عَنِ الأَشْعَثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 750 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 فعقلنا بِذَلِكَ أَن من ملك الْخمس الأواق الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا الصَّدَقَة غَنِي، وَأَن الَّذِي لَا يملكهَا غير غَنِي، وَأَن الَّذِي لَا يملكهَا فَلَا تُؤْخَذ مِنْهُ الصَّدَقَة، وَهُوَ الَّذِي تُعْطى لَهُ الصَّدَقَة كمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد وأمَّا المسكنة الَّتِي يكون بِهَا الْمِسْكِين مِسْكينا فَإِن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق 753 - حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: " {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} ، قَالَ: الْفَقِيرُ الْمُحْتَاجُ الَّذِي بِهِ زَمَانَةٌ، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَتْ بِهِ زَمَانَةٌ وَهُوَ مُحْتَاجٌ " ففِي هَذَا الحَدِيث تبيان الْفَقِير والمسكين مَا همَا؟ وَاسم المكسنة فقَدْ يجمع أصنافا من أَهلهَا، مِنْهُمْ ذُو الزمَانة، وَمِنْهُم من لَا يسْأَل النَّاس، وَمِنْهُم من يسْأَل النَّاس، غير أَنهم ذووا حَاجَة، وَإِن كَانُوا يتفاضلون فِي حاجاتهم إِلَى الصَّدَقَة، وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنى مَا: 754 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ "، قَالُوا: فَمَنِ الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: " الَّذِي يَسْتَحْيِ أَنْ يَسْأَلَ، وَلا يَجِدُ مَا يُغْنِيهِ، وَلا يُفْطَنُ لَهُ فَيُعْطَى 755 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْحَوْضِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الْهَجَرِيِّ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 756 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 757 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، الحديث: 753 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 758 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وكَانَ معنى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ الْمِسْكِين بِالطّوافِ " لَيْسَ عَلَى معنى إِخْرَاجه إِيَّاه من المسكنة حَتَّى تحرم عَلَيْهِ بِتِلْكَ الصَّدَقَة، وحَتَّى لَا يكون من الْمَسَاكِين الَّذين يدْخلُونَ فِي الْآيَة الَّتِي تلونا، وَلكنه أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقهَا بِكُل أَحْوَاله حَتَّى تحل لَهُ من تِلْكَ الْأَحْوَال كلهَا، لِأَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رُوِيَ عَنهُ فِي الصَّدَقَة عَلَى الْمِسْكِين السَّائِل مَا 759 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخَيَّارِ، حَدَّثَهُ رَجُلانِ، أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ فَسَأَلاهُ مِنْهَا، فَرَفَعَ الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ، فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ قَوِيَّيْنِ، فَقَالَ: " إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ، وَلا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ " 760 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ الْعَمْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخَيَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلانِ مِنْ قَوْمِي، أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 761 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 762 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَهَمَّامٌ، عَنْ هِشَامٍ الحديث: 758 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فكَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أباحهمَا الصَّدَقَة بقوله لهمَا: " إِن شئتمَا فعلت "، وَلم يمنعهمَا مِنْهَا لقوتهمَا وجلدهمَا، وَلم يُنكر عَلَيْهِمَا سؤالهمَا إِيَّاه فِيهمَا ورد أمرهمَا فِي حالهمَا لَهَا إِلَى أنفسهمَا، فقَالَ: " إِن شئتمَا فعلت "، أَي: لأنكمَا أعلم بحسة أمركمَا مني فِي غنى إِن كَانَ معكمَا ثُمَّ غلظ عَلَيْهِمَا أَمر الصَّدَقَة، فقَالَ: " وَلَا حق فِيهَا لَغَنِيّ، وَلَا لقوي مكتسب "، وَجمع فِي هَذَا الْمَعْنى وَالْقَوِي المكتسب، وَإِن كَانَ مختلفِين فِي الْمَعْنى، لِأَن الْغَنِيّ لَا تحل لَهُ الصَّدَقَة أصلا، وَلِأَن الْقوي المكتسب قَدْ تحل لَهُ الصَّدَقَة إِذَا كَانَ فَقِيرا، وَلكنه لَيْسَ فِي حلهَا كالزمن الْفَقِير الَّذِي لَا يَسْتَطِيع الْغنى عَنْهَا باكتسابه تَقْوِيَة مَا يُغْنِيه عَنْهَا، وقَدْ يغلظ الشَّيْء بِمثل هَذَا قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ الْمُؤمن الَّذِي يبيت شبعانا وجاره جَائِع "، فَلم يكن ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يخرج بِذَلِكَ من الإيمَان حَتَّى يدْخل بِهِ فِي حكم الْكفْر وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا دين لمن لَا أمَانة لَهُ "، ولَيْسَ فِي معنى أَنَّهُ يكون بِذَلِكَ فِي حكم من لَا دين لَهُ وَكَذَلِكَ قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ الْمِسْكِين بِالطّوافِ "، لَيْسَ عَلَى معنى أَنَّهُ يخرج بِذَلِكَ من أَسبَاب المسكنة، حَتَّى يَكُونَ بِذَلِكَ مِمَّنْ تحرم عَلَيْهِ الصَّدَقَة، وَلَكِن لَيْسَ حكمه فِي المسكنة كَحكم من سواهُ مِمَّنْ لَا يسْأَل، وَلَا يفْطن لَهُ فيُعطى؟ وكذَلِكَ قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث عبيد الله بن عدي: " وَلَا حق فِيهَا لقوي مكتسب " عَلَى معنى وَلَا حق لَهُ فِيهَا كحق الزَّمن الَّذِي لَا يَسْتَطِيع الِاكْتِسَاب، وقَدْ يُقَالُ: فلَان عَالم حَقًا، إِذَا كَانَ مِمَّنْ قَدْ تكاملت فِيه أَسبَاب الْعلم، وَلَا يُقَالُ لَهُ إِذَا كَانَ دون ذَلِكَ: فلَان عَالم حَقًا، وَإِن كَانَ فِي الْحَقِيقَة عالمَا فلمَا كَانَ الَّذِي يُرَاد بِهِ فِي تَحْقِيق الْعلم لَهُ أعَلَى مَرَاتِب الْعلم، كَانَ كَذَلِكَ قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَلَا حق فِيهَا لقوي مكتسب " أَي: وَلَا حق فِيهَا يكون بِهِ فِي أعَلَى مَرَاتِب أَهلهَا الَّذين يستحقونها، لِأَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ للرجلين الجلدين القويين اللَّذين يطيقان الِاكْتِسَاب، هَذَا القَوْل بعد أَن أباحهمَا إِيَّاه بقوله لهمَا: " إِن شئتمَا فعلت "، فعقلنا بِذَلِكَ أَن قَوْله لهمَا: " وَلَا حق فِيهَا لقوي مكتسب " لَيْسَ عَلَى حرمتهَا عَلَى القوى المكتسب إِذَا كَانَ فَقِيرا، وَلَكِن لمَا سوى ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِي معنى من هَذَا وَهُوَ رجل، قَالَ: ثلث مَالي للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، وَلفُلَان، عَلَى سَبِيل الْوَصِيَّة، فكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، يَقُولُ: يقسم ذَلِكَ الثُّلُث عَلَى ثَلَاثَة أسْهم، فسهم مِنْهَا لفُلَان، وسهمَان للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، وَضرب للْفُقَرَاء بِسَهْم وللمساكين بِسَهْم، كَذَلِكَ حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: وقَالَ أَبُو يُوسُف: يضْرب للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين بِسَهْم وَاحِد، وَيضْرب لفُلَان الْمُوصي لَهُ مَعَهم بِسَهْم وَاحِد، فَيكون الثُّلُث نصفَيْن، ولَيْسَ هَذَا القَوْل بالمشهور عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَلَا نعلمهُ ذكر عَنهُ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة خَاصَّة وأمَّا مُحَمَّد بن الْعَبَّاس فحَدَّثَنَا، عَنْ عَليّ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فِي " رجل أوصى لأمهات أَوْلَاده وَهن ثَلَاث، وللفقراء وَالْمَسَاكِين بِثلث مَاله، قَالَ: يكون الثُّلُث بَينهم عَلَى خَمْسَة أسْهم، مِنْهَا ثَلَاثَة لأمهات أَوْلَاده، وللمساكين سهم، وَسَهْم مِنْهَا للْفُقَرَاء، وَلم يحك خلاف " وإِذَا وَجب أَن يصرف للْمَسَاكِين بِسَهْم، وللفقراء بِسَهْم فِيمَا وَصفنَا، وَجب أَن يكون الْمَسَاكِين غير الْفُقَرَاء، والفقراء غير الْمَسَاكِين، وَلَا نعلم أَنَّهُ بَيَّنَ فِي ذَلِكَ شَيْئا يبين بِهِ كل وَاحِد من الصِّنْفَيْنِ من الصِّنْف الآخر منهمَا، وإِذَا وَجب أَن يكون الْفَقِير هُوَ الْمِسْكِين والمسكين هُوَ الْفَقِير لِأَن الْحَاجة إِلَى الصَّدَقَة تجمعهمَا، وَإِن تفاضلا فِي الْحَاجة إِلَيْهَا كمَا تجمع المسكنة الْمَسَاكِين وَإِن تفاضلوا فِيهَا، وَجب أَن لَا تصرف للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فِي الْوَصِيَّة الَّتِي ذكرنَا إِلَّا بِسَهْم وَاحِد كمَا قَالَ أَبُو يُوسُف فِيمَا روينَا عَنهُ 763 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ، يَقُولُ: أَمَّرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِنِي مِنْ صَدَقَاتِهِمْ، فَفَعَلَ وَكَتَبَ لِي بِذَلِكَ كِتَابًا، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ حَتَّى حَكَمَ هُوَ فِيهَا مِنَ السَّمَاءِ فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ مِنْهَا " فَهَذَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رد أَمر الصَّدقَات فِي هَذَا الحَدِيث إِلَى الْأَجْزَاء الَّتِي جزأها الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا، وَجعل للصدائي بعد مَا ولاه عَلَى قومه شَيْئا مِنْهَا، ومحال أَن يكون ولاه مَعَ زمَانة بِهِ الحديث: 763 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وأمَّا الْعَامِلُونَ عَلَى الصَّدقَات فهم الساعاة عَلَيْهَا، الَّذين يَأْخُذُونَ مِنْهَا بعمَالتهم عَلَيْهَا مَا يأخذونه مِنْهَا، وَلَيْسَ لَهُم فِي ذَلِكَ مِنْهَا سهم موقت لَا يزادون عَلَيْه، وَلَا ينقصُونَ مِنْهُ، إنمَا يُعْطون مِنْهَا مِقْدَار مَا يكفِيهم فِي عمَالتهم عَلَيْهَا لأَنْفُسِهِمْ ولأعوانهم عَلَى ذَلِكَ وكذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحمَه الله، يَقُولُ فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّد، عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحمَه الله: فَإِن قيل لَهُ التَّمْر لم يلْتَفت إِلَى ذَلِكَ، وَلكنه يُعْطي مِنْهَا مَا يَسعهُ ويسع أعوانه وَلم يحك خلافًا وأمَّا الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم فهم الَّذين كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتآلفهم عَلَى الْإِسْلَام لحَاجَة أهل الْإِسْلَام إِلَى ذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا أغْنى الله عَزَّ وَجَلَّ عَنهُ الْمُسْلِمِينَ بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفِي مُدَّة من حَيَاة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وأمَا قَوْله: {وَفِي الرِّقَابِ} فَإِن أهل الْعلم، رَحِمهم الله، اخْتلفُوا فِي المُرَاد بِذَلِكَ مَا هُوَ؟ فطائفة مِنْهُمْ تَقول: هم المكاتبون يُعْطون من الزَّكَاة مَا يستعينون بِهِ فِي فكاك رقابهم من الرّقّ، وَالْخُرُوج من المكاتبات اللائي هم فِيهَا، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَزفر، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ وَطَائِفَة تَقول: هُوَ عَلَى الرّقاب ساعون من الزَّكَاة، فيعتقون فِيكون ولاؤهم للْمُسلمين، لَا للمعتقين لَهُم خَاصَّة، وَمِمَّنْ روى ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالك وَكثير من أهل الْمَدِينَة، وقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْمُتَقَدِّمين مَا: 764 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " أَعْتِقْ مِنْ زَكَاةِ مَالِكَ " 765 - وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " لَا تُعْتِقْ مِنَ الزَّكَاةِ رَقَبَةً مَخَافَةَ أَنْ يَجُرَّ الْوَلاءَ " ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ وَوجدنَا الْحجَّة قَدْ قَامَت عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: " إِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " عقلنا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يكون وَلَاء نسمَة قَدْ أعْتقهَا رجل لغيره، فاستحال بِذَلِكَ أَن يكون الحديث: 764 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 للْمُسلمين جَمِيعًا وَلَاء مَا أعتق بَعضهم، ولمَا انْتَفَى مَا وَصفنَا ثَبت القَوْل الآخر، وَأَن المُرَاد بالرقاب هُوَ المعونة للمكاتبين، كمَا قَدْ حض عَلَيْهِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا 766 - أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ أَعَانَ مُكَاتِبًا فِي رَقَبَتِهِ، أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ، أَوْ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ " 767 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ فعقلنا بِهَذَا الحَدِيث أَن الصَّدَقَة عَلَى المكاتبين مَعُونَة لَهُم فِي رقابهم حَتَّى يعتقوها بأدائهم عَنْهَا وكمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا: 768 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ الأُمَامِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: عَلِّمْنِي عَمَلا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، فَقَالَ: " وَإِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ لَقَدْ عَرَّضْتَ الْمَسْأَلَةَ، أَعْتِقِ النَّسَمَةَ، وَفُكَّ الرَّقَبَةَ "، قَالَ: أَوَلَيْسَ وَاحِدًا؟، قَالَ: " لَا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَفَرَّدَ بِعِتْقِهَا، وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي ثَمَنِهَا، وَالْمِنْحَةُ الْوَكُوفُ وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الظَّالِمِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ فَأَطْعِمِ الْجَائِعَ، وَاسْقِ الظَّمْآنَ، وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلا مِنْ خَيْرٍ " فَجَعَلَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الحَدِيث عتاق النَّسمَة غير فكاك الرَّقَبَة، وَجعل تحريرها فِيه عتاقها كمَا جعله الله عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابه فِي الْكَفَّارَة فِي الظِّهَار، وفِي الْقَتْل خَطَأً، وفِي الأيمَان، وكمَا أوجبه عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْكَفَّارَة بالإفطار فِي شهر رَمَضَان، وَجعل فكاك الرَّقَبَة المعونة فِي ثمنهَا الَّذِي يعْتق بِهِ كمَا يفك الْمَرْهُون بالديون الَّتِي هِيَ محبوسة بِهَا الحديث: 766 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 وعقلنا بِذَلِكَ أَن تَأْوِيل قَول الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ} إِن ذَلِكَ إِلَّا فكاك للرقبة، هُوَ هَذَا الْمَعْنى، لَا ابتياعها وعتاقها، وَالله أعلم وَلم يرد فِي الحَدِيث الَّذِي روينَا وَالله أعلم بالمعونة ، وَثمن الرَّقَبَة الثّمن الَّذِي يبْتَاع بِهِ، لِأَن ذَلِكَ لَو كَانَ كَذَلِكَ لم يكن مَعُونَة للرقبة، وإنمَا كَانَ مَعُونَة لمبتاعها الَّذِي قد تحرم عَلَيْهِ الصَّدَقَة، أَو قد تحل لَهُ، وَالَّذِي قد عَسى أَن يعتقها بعد ابتياعها إِيَّاهَا، أَو يَمُوت قبل أَن يعتقها فتعود مِيرَاثا عَنهُ، أَو يأَبَى فِي حَيَاته عتقهَا فَلَا يحر عَلَى ذَلِكَ، فَلَا يحكم بِهِ عَلَيْهِ، أَو تحدث بِهِ حَادِثَة قبل عتقه إِيَّاهَا تَمنعهُ من عتاقها كذهاب عقله ومَا أشبهه، عقلنا بِذَلِكَ أَن الفكاك هُوَ ملكية الرَّقَبَة حَتَّى يتَوَلَّى فكاكها بِهِ، لَا مَا سواهُ، وَلَا يكون ذَلِكَ إِلَّا وقَدْ تقَدم فِي الرَّقَبَة مَا يُوجب لَهَا الْملك لمَا يملك، حَتَّى يفك بِهِ الرّقّ عَنْهَا، وَهُوَ الْكِتَابَة لَا غَيرهَا وكذَلِكَ مَا جعل الله جلّ وَعز فِي الْآيَة الَّتِي تلونا فِي الرّقاب هُوَ من هَذَا الْجِنْس وَهُوَ مَا ملكته الرّقاب، فَلَا يملك الرّقاب مَا يُؤَدِّيه عَنْ أَنْفسهَا حَتَّى يعْتق بِهِ، إِلَّا وَهِيَ مُكَاتبَة قبل ذَلِكَ وقَدْ ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَة فِي: {الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الْآيَة فكَانَ مَا أُرِيد بِهِ من ذَلِكَ هُوَ مَا يملكونه، فكَانَ أولى الْأَشْيَاء بِنَا فِي الرّقاب أَن يَجْعَل مَا أريدت بِهِ فِيهَا هُوَ مَا يملكهُ، وَلَا يكون ذَلِكَ كَذَلِكَ إِلَّا وقَدْ تقَدمت المكاتبات فِيهَا، فِيثبت بِذَلِكَ أَن أولى التَّأْويلَيْنِ بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَفِي الرِّقَابِ} هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الَّذين جعلوها فِي المكاتبين وأمَّا قَوْله: {وَالْغَارِمِينَ} فهم المدينون، لَا اخْتِلَاف فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ علمناه وأمَا قَوْله: {وَفِي سَبِيلِ اللهِ} فَهُوَ المعونة لأهل سَبِيل الله، وَهِيَ طَاعَته، فَمنهمْ المجاهدون فَيدْفَع إِلَيْهِم مِنْهَا مَا يستعينون بِهِ عَلَى جهادهم، وَيكون الَّذِي يدْفع إِلَيْهِم من ذَلِكَ ملكا لَهُم، وَمن مَات مِنْهُمْ بعد ملكه إِيَّاه قبل أَن يصرفهُ فِي النَّفَقَة عَلَى نَفسه فِي جهاده كَانَ من تركته، وَجرى فِيه مَا يجرى فِي تركته فَإِن قَالَ قَائِل: فَكيف يملكهُ الْمَدْفُوع إِلَيْهِ؟ وإنمَا دفع إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لسبيل الله عَزَّ وَجَلَّ؟ قيل لَهُ: لم يدْفع إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ غير مَالك لَهُ، إنمَا دفع إِلَيْهِ ليملكه، ثُمَّ يصرفهُ بعد ذَلِكَ فِي سَبِيل الله عَزَّ وَجَلَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 أَلا ترى أَنَّهُ لَو كَانَ غَنِيا لم يجز أَن يعْطى من هَذَا شَيْئا إِذَا كَانَت الصَّدَقَة حرامَا عَلَيْهِ، وإنمَا يعطاه إِذَا كَانَ فَقِيرا، وإِذَا أعْسر فِيمَا ذكرنَا غنى الْمُعْطِي وَفَقره لمن يُكِنَّ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ يملك مَا أعْطى مِنْهُ وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يدل عَلَى هَذَا الْمَعْنى فِي ملك الْمُعْطى فِي سَبِيل الله عَزَّ وَجَلَّ مَا يعْطى فِيه: 769 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَنَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَدِّثُ، أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْمَرَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ " 770 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ بِائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لَا تَبْتَعْهُ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، وَلا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ " 771 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكُنَّا إِذَا حَمَلْنَا فِي سَبِيلِ اللهِ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَفَعْنَاهُ إِلَيْهِ فَيَضَعُهُ حَيْثُ أَرَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَجِئْتُ بِفَرَسٍ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَوَافَقْتُهُ يَبِيعُهَا فِي السُّوقِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " لَا تَشْتَرِهَا، وَلا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ " الحديث: 769 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 772 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، أَنَّهُ " حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَرَأَى فَرَسًا أَوْ مُهْرًا فَأَرَادَ شِرَائَهَا فَنُهِيَ عَنْهَا " 773 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَرَّازِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، أَنَّهُ " حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ فَلُوَّهَا فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " 774 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، " حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ يَحْيَى بْنَ الْحَرَّازِ أَفلا ترى أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يمْنَع الْمَحْمُول عَلَى الْفرس فِي سَبِيل الله من بيعهَا من غير الَّذِي حمله عَلَيْهَا إِذَا كَانَ قَدْ ملكهَا، وإنمَا مَنعه من الَّذِي حمله عَلَيْهَا لكراهية أَن يعود إِلَى ملكه شَيْء قَدْ أخرجه من ملكه إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ بإعادته إِيَّاه إِلَى ملكه وَمِنْهُم الْحَاج الْمُنْقَطع بهم، فَيدْفَع إِلَيْهِم مِنْهَا مَا يستعينون عَلَى حجهم، وَيكون الَّذِي يدْفع إِلَيْهِم من ذَلِكَ ملكا لَهُم عَلَى مثل مَا ذكرنَا فِيمَا يدْفع إِلَى الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله، وقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مثل هَذَا 775 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أَوْصَى إِلَيَّ رَجُلٌ بِمَالِهِ وَقَالَ: اجْعَلْهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ: " إِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَاجْعَلْهُ مِنْهُ " 776 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عَنْدَ ابْنِ عُمَرَ، إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَت: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ زَوْجِي مَاتَ الحديث: 772 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 وَأَوْصَى بِمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: " أَنْفِقِيهِ عَلَى حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعَتِيقِ "، فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ قَدْ جَعَلَ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللهِ وقَدْ كَانَ مُحَمَّد بن الْحسن، قَالَ: فِي كتاب سيره الْكَبِير فِي رجل أوصى بِثلث مَاله فِي سَبِيل الله: إِن الْوَصِيَّة أَن يَجْعَل ذَلِكَ فِي الْحَاج الْمُنْقَطع بهم، وَلم يحك خلافًا بَينه وَبَين أحد من أَصْحَابه وقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ خلاف هَذَا القَوْل وَهُوَ أَن سليمَان حَدَّثَنَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فقَالَ: أهل سَبِيل الله عَزَّ وَجَلَّ هم الْغُزَاة، وَالَّذِي قَالَ مُحَمَّد فِي هَذَا أحب إِلَيْنَا مِمَّا قَالَه أَبُو يُوسُف، لموافقته ابْن عمر، ولمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 777 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ إِلَى أُمِّ مَعْقِلٍ الأَشْجَعِيَّةِ، فَسَأَلَهَا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَتْهُ أَنَّ زَوْجَهَا جَعَلَ نَاضِحَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَرَادَتِ الْعُمْرَةَ، فَسَأَلَتْ زَوْجَهَا النَّاضِحَ، فَأَبَى، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا، وَقَالَ: " إِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " 778 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مَعْقِلٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ مَعْقِلٍ، قَالَتْ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَوُضِعَ فِينَا الْجُدَرِيُّ، فَهَلَكَ أَبُو مَعْقِلٍ وَتَرَكَ بَعِيرًا، فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " ارْكَبِي بَعِيرَكِ فَإِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " 779 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ الْبَصْرِيُّ، أَنَّ أَبَا طَلِيقٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ امْرَأَتَهُ أُمَّ طَلِيقٍ ابْنِهِ، فقَالَتْ لَهُ: قَدْ حَضَرَ الْحَجُّ يَا أَبَا طَلِيقٍ، وَكَانَ لَهُ جَمَلٌ وَنَاقَةٌ، يَحُجُّ عَلَى النَّاقَةِ وَيَغْزُو عَلَى الحديث: 777 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 الْجَمَلِ، فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُعْطِيَهَا الْجَمَلَ فَتَحُجَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمِي أَنِّي حَبَسْتُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَتْ: إِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللهِ، أَعْطِنِيهِ يَرْحَمْكَ اللهُ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكِ، قَالَتْ: فَأَعْطِنِي نَاقَتَكَ وَحُجَّ أَنْتَ عَلَى الْجَمَلِ، فَقَالَ: لَا أُوثِرُكِ بِهَا عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ: فَأَعْطِنِي نَفَقَتَكَ، قَالَ: مَا عِنْدِي فَضْلٌ عَنِّي وَعَنْ عِيَالِي، مَا أَخْرُجُ بِهِ وَمَا أَتْرُكُ لَكُمْ، قَالَتْ: لَوْ أَعْطَيْتَنِي مِنْهُ أَخْلَفَهُ اللهُ، قَالَ: فَلَمَّا أَتَيْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَإِذَا أَتَيْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْرِأْهُ مِنِّي السَّلامَ وَأَخْبِرْهُ بِالَّذِي قُلْتُ لَكَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْرَأْتُهُ مِنْهَا السَّلامَ، وَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَتْ أُمُّ طَلِيقٍ، فَقَالَ: " لَوْ أَعْطَيْتَهَا الْجَمَلَ كَانَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَوْ أَعْطَيْتَهَا نَاقَتَكَ كَانَتْ، وَكُنْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَوْ أَعْطَيْتَهَا مِنْ نَفَقَتِكَ أَخْلَفَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ "، قَالَ: وَإِنَّهَا تَسْأَلُكَ يَا رَسُولَ اللهِ مَا يَعْدِلُ الْحَجَّ؟، قَالَ: " عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ " فَهَذَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جعل الْحَج من سَبِيل الله، وَأَجَازَ صرف مَا جعل الله عَزَّ وَجَلَّ فِي سَبِيل الله إِلَيْهِ، فَثَبت بِذَلِكَ مَا قُلْنَا وأمَا قَوْله: {وَابْنَ السَّبِيلِ} فهم الغائبون عَنْ أَمْوَالهم الَّذين لَا يصلونَ إِلَيْهَا لبعد الْمسَافَة بَينهم وَبَينهَا، حَتَّى تلحقهم الْحَاجة إِلَى الصَّدَقَة، فالصدقة لَهُم حِينَئِذٍ مُبَاحَة، وهم فِي حكم الْفُقَرَاء الَّذين لَا أَمْوَال لَهُم فِي جَمِيع مَا ذكرنَا حَتَّى يصلوا إِلَى أَمْوَالهم، وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَاف فِيه بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ علمناه وَاخْتلف أهل الْعلم فِي مَوضِع الصَّدقَات فِي صنف من هَذِهِ الْأَصْنَاف سوى العاملين عَلَيْهَا وَسوى الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم الَّذين قَدْ ذَهَبُوا فقَالَ قَائِلُونَ: يُجزئ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، ومَالك، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد، عَنْ عَليّ، عَنْ مُجَاهِد، عَنْ مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوب، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: " إِن وضعت الصَّدَقَة فِي صنف وَاحِد أجزأك وَلم يحك خلافًا حَدَّثَنَا يُونُس، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالك، قَالَ أدْركْت أهل الْعلم وَمْن أرْضى لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَن الْقسم فِي سهمَان الصَّدقَات عَلَى الِاجْتِهَاد من الْوَالِي، فَأَي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 الْأَصْنَاف كَانَت فِيه الْحَاجة وَالْعدَد، وَأثر ذَلِكَ بقَدْر مَا فِيه، وَعَسَى أَن ينْتَقل ذَلِك بعد إِلَى صنف آخر بعد عَام أَو أَعْوَام، فيفعل فِيه مثل ذَلِكَ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} ، ويؤثر أهل الْحَاجة والعذر حَيْثُ مَا كَانَ ذَلِكَ، وقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وَعَن حُذَيْفَة، مَا يدل عَلَى هَذَا الْمَعْنى 780 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} ، قَالَ: " فِي أَيِّهَا وُضِعَتْ أَجْزَأَ عَنْكَ " 781 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ الْخَيَّاطُ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} ، قَالَ: " إِنَّمَا ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ لِتُعْرَفَ، وَأَيَّ صِنْفٍ أَعْطَيْتَ مِنْهَا أَجْزَأَكَ " وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذِهِ المقَالَةِ لِقَوْلِهِ هَذَا بمَا رُوِيَ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ يَعْنِي: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الْآيَة 782 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ وَهُوَ يَقْسِمُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَجَعَلَ يَقْسِمُ، فَقَالَ: أَتُعْطِي رِعَاءَ الشَّاءِ؟ وَاللهِ مَا عَدَلْتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَمَنْ يَعْدِلْ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ " فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآيَةَ كُلَّهَا قَالَ: فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ أَنَّهُ إنمَا أُرِيد بِهَذِهِ الْآيَة نفِي غير أهل هَذِهِ الْأَصْنَاف وإخراجهم من أَهلهَا وقَالَ قَائِلُونَ: بل مَوضِع الصَّدقَات كلهَا من زَكَاة الْأَمْوَال، وَمن صدقَات الْفطر فِي الْأَصْنَاف الَّتِي سمى الله عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَة الَّتِي تلونا، إِلَّا أَنَّهُ من فَقَدَ مِنْهَا صنفا فَلم يُوجد كالمؤلفة قُلُوبهم الَّذين قَدْ فُقِدُوا، رَجَعَ جَمِيع الصَّدَقَة فِي الْأَصْنَاف الْبَاقِيَة الْمُسْلِمِينَ فِيهَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا القَوْل الشَّافِعِي ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ واحتملت الْآيَة مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ فِيمَا تأولها الحديث: 780 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 عَلَيْهِ، كَانَ أولى الْأَشْيَاء بِنَا صرف تَأْوِيلهَا إِلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وَعَن حُذَيْفَة فِي ذَلِكَ، وَلَا نعلم لَهَا فِي ذَلِكَ من أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَالفا مَعَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ رَسُول الله مَا يدل عَلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ من ذَلِكَ 783 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ، قَالَ: كُنْتُ امْرَءًا قَدْ أُوتِيتُ مِنْ جِمَاعِ النِّسَاءِ مَا لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ غَيْرِي، فَلَمَّا دَخَلَ رَمَضَانُ تَظَهَّرْتُ مِنَ امْرَأَتِي مَخَافَةَ أَنْ أُصِيبَ مِنْهَا شَيْئًا، فَأَتَتَابَعَ فِي ذَلِكَ فَلا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْزِعَ حَتَّى يُدْرِكَنِي الصُّبْحُ، فَبَيْنَا هِيَ ذَاتَ لَيْلَةٍ تَخْدِمُنِي إِذْ كُشِفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ فَوَثَبْتُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُمْ خَبَرِي وَقُلْتُ: انْطَلِقُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: لَا، وَاللهِ لَا نَنْطَلِقُ مَعَكَ، نَخَافُ أَنْ يَنْزِلَ فِيكَ قُرْآنٌ، أَوْ يَقُولَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَةً يَبْقَى عَلَيْنَا عَارُهَا، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي، قَالَ: " أَنْتَ بِذَاكَ؟ "، قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ قَالَ: " أَنْتَ بِذَاكَ "؟ قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ، قَالَ: " أَنْتَ بِذَاكَ "، قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ، وَهَأَنَذَا، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، فَإِنِّي صَابِرٌ عَلَيْكَ، قَالَ: " فَأَعْتِقْ رَقَبَةً "، قَالَ: فَضَرَبْتُ صَفْحَةَ عُنُقِي وَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ غَيْرَهَا، قَالَ: " فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ "، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي إِلا فِي الصِّيَامِ، قَالَ: " فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا "، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَحْشَاءَ، مَا لَنَا طَعَامٌ، قَالَ: " انْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ، فَمُرْهُ يَدْفَعْ إِلَيْكَ صَدَقَاتِهِمْ، " فَأَطْعِمْ وَسَقًا بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَاسْتَعِنْ بِسَائِرِهِ عَلَيْكَ وَعَلَى عِيَالِكَ "، قَالَ: فَأَتَيْتُ قَوْمِي، فَقُلْتُ: وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّعَةَ وَالْبَرَكَةَ، قَدْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَدْفَعُوا إِلَيَّ صَدَقَةَ أَمْوَالِكُمْ، فَدَفَعُوهَا لِي، فَأَطْعَمْتُ وَسَقًا سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَأَكَلْتُ سَائِرَهُ أَنَا وَأَهْلِي فَهَذَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جعل لقوم سَلمَة بن صَخْر أَن يدفعوا صَدَقَاتهمْ إِلَى سَلمَة بن صَخْر، ولَيْسَ من أهل الْأَصْنَاف الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة الَّتِي تلوناها الحديث: 783 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 كلهَا، إنمَا هُوَ من صنف وَاحِد من أصنافها، فَدلَّ مَا ذكرنَا عَلَى صِحَة تَأْوِيل ابْن عَبَّاس وَحُذَيْفَة الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عنهمَا وقَدْ روينَا فِيمَا تقَدم من كتَابنَا هَذَا حَدِيث عبد الله بن الْخِيَار عَنْ رجلَيْنِ من قومه، أنهمَا أَتَيَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يقسم الصَّدَقَة، فَسَأَلَاهُ مِنْهَا، فَرفع الْبَصَر فِيهمَا وخفضه فرآهمَا رجلَيْنِ قويين، فقَالَ: " إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ، وَلا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ "، وَلم يسألهمَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصِّنْف الَّذِي همَا مِنْهُ من أَصْنَاف أهل الصَّدَقَة الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة الَّتِي تلونا، وَلَو كَانَ يحْتَاج إِلَى إدخالهما فِي صنف من أصنافها ليحسب بمَا يعطيهمَا مِنْهَا فِي جُزْء ذَلِكَ الصِّنْف وقَدْ روينَا فِيمَا تقَدم منا فِي كتَابنَا هَذَا عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ أَمر معَاذ بن جبل لمَّا وَجهه عَلَى الصَّدَقَة، " أَن يَأْخُذهَا من الْأَغْنِيَاء فَيَضَعهَا فِي الْفُقَرَاء "، فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن أهل الصَّدَقَة هم الْفُقَرَاء، وكل من وَقع عَلَيْهِ بِهَذَا الِاسْم كَانَ مُسْتَحقّا لَهَا فَإِن قَالَ قَائِل: فقَدْ رويتم فِيمَا تقَدم من هَذَا الْكتاب حَدِيث الصدائي، لمَّا قَالَ لَهُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَرْضَ فِي الصَّدَقَاتِ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلا غَيْرِهِ حَتَّى جَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ مِنْهَا "، قَالَ: فَهَذَا قَدْ دلّ عَلَى أَن الصَّدقَات مجزأَة عَلَى ثمَانية أَجزَاء عَلَى مَا فِي الْآيَة الَّتِي تلونا قيل لَهُ: فِي هَذَا الحَدِيث مَا دلّ عَلَى مَا قُلْنَا، وَهُوَ قَول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ مِنْهَا "، وَلم يقل: فَإِن كنت من تِلْكَ الْأَجْزَاء أَعطيتك مَا يُصِيب ذَلِكَ الْجُزْء مِنْهَا وفِي هَذَا الحَدِيث أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب للصدائي بِشَيْء من صَدَقَة قومه كتابا، وَلم يسْأَله من الغارمين هُوَ أَو من سَائِر أَصْنَاف الصَّدقَات الَّذين ذكرهم الله عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَة الَّتِي تلونا ليَكُون يكْتب إِلَى عَامله عَلَى الصَّدَقَة فِيمَا هُنَاكَ أَن يحْتَسب بِالَّذِي يَدْفَعهُ إِلَيْهِ مِنْهَا فِي حِصَّة أهل ذَلِكَ الْجُزْء مِنْهَا، فَدلَّ ذَلِكَ أَن مُرَاد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله للصدائي: إِن الله عَزَّ وَجَلَّ جزأها ثمَانية أَجزَاء يُجزئ وضع الصَّدقَات مِنْهَا فِي كل جُزْء مِنْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 ولمَّا كَانَ الإمَام إِذَا اجْتمعت عِنْده الصَّدقَات، جعلهَا حَيْثُ يجب عَلَيْهِ أَن يَجْعَلهَا فِيه، إِن كَانَ فِيمَا قَدْ صَار إِلَيْهِ مِنْهَا شَيْء بِعَيْنِه كابنة مَخَاضٍ، أَو كابنة لَبُونٍ، أَو كحقة، أَو كجذعة، أَو كثنية أَو كسوى ذَلِكَ مِمَّا يجب فِي سوائم الْمَوَاشِي، وَلم يكن عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ حَتَّى يحصل ثمنه دَرَاهِم أَو دَنَانِير، أَو مَا سواهَا مِمَّا تمكن تجزئته عَلَى جَمِيع الْأَصْنَاف الَّذين ذكرهم الله عَزَّ وَجَلَّ وعرائه فِي الصَّدقَات، وإنمَا كَانَ عَلَيْهِ وضع مَا صَار فِي يَده مِنْهَا بِعَيْنِه فِيمَا يجب وَضعه فِيه، وَلم يكن عَلَيْهِ أَن يعم بمَا أعطَاهُ كل رجل مِنْهُمْ أهل الْأَصْنَاف، دلّ ذَلِكَ عَلَى أَن المُرَاد بِالْآيَةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي تَأْوِيلهَا ابْن عَبَّاس، وَحُذَيْفَة مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عنهمَا وقَدْ ذكرنَا فِي حَدِيث سَلمَة بن صَخْر الَّذِي روينَاهُ فِي هَذَا الْبَاب عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ " أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ قَوْمِهِ صَدَقَاتِهِمْ "، فَدلَّ ذَلِكَ أَن مَا جعل للْمَسَاكِين فَجَائِز أَن يدْفع إِلَى وَاحِد مِنْهُمْ، وقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله، يَقُولُ فِي رجل أوصى بِثلث مَاله لفقراء بني فلَان وَهُمْ لَا يُحصونَ: أَنَّهُ يجوز للْوَصِيّ وضع ذَلِكَ فِي فَقير وَاحِد مِنْهُمْ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّد، عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد عَنهُ وكَانَ مُحَمَّد بن الْحسن يُخَالِفهُ فِي ذَلِكَ وَيَقُول: لَا يُجزئ وضع ذَلِكَ إِلَّا فِي اثْنَيْنِ فَصَاعِدا من فُقَرَاء بني فلَان الْمُوصي لَهُم حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّد بن عَليّ عَنهُ ولمَّا أَمر رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلمَة بن صَخْر أَن يَأْخُذ صدقَات قومه الَّتِي ترجع إِلَى الْفُقَرَاء، دلّ ذَلِكَ عَلَى أَن مَا قصد بِهِ إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، فإنمَا هُوَ لله عَزَّ وَجَلَّ أَلا ترى أَن الْوَصِيَّة لَهُم بِذَلِكَ جَائِزَة، وَإِن كَانُوا لَا يُحصونَ، وَأَن ذَلِكَ لَيْسَ كَالْوَصِيَّةِ بالمَال لبني فلَان الَّذين لَا يُحصونَ، الْوَصِيَّة بِذَلِكَ بَاطِل، وَهُوَ خلاف الْوَصِيَّة بالشَّيْء للْفُقَرَاء من بني فلَان، لِأَن ذَلِكَ يرجع إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، فمَا كَانَ يرجع إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ فَجَائِز أَن يوضع فِي مِسْكين وَاحِد، أَو فِي فَقير وَاحِد أَلا ترى أَن مُحَمَّدًا قَدْ قَالَ فِي رجل أوصى بِثلث مَاله لفُلَان ولفقراء بني فلَان: أَن الثُّلُث يقسم بَيْنَ فلَان وَبَين فُقَرَاء بني فلَان نِصْفَيْنِ، فَيكون لفُلَان نصفه، وَيكون نصفه فِي فُقَرَاء بني فلَان، وَلَو كَانَ الْوَاجِب أَن يكون فِي فقيرين من فُقَرَاء بني فلَان لوَجَبَ أَن يقسم الثُّلُث، بَيْنَ ذَلِكَ الفقيرين وَبَين فلَان الْمُسَمّى، عَلَى ثَلَاثَة أسْهم فلمَّا ردوا حكم الْوَصَايَا للْفُقَرَاء إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، كَانَ مُبَاحا للَّذي يَتَوَلَّاهُ، وضع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 ذَلِكَ فِيمَا يرى من الْحَاجة إِلَيْهِ وَإِن كَانَ الْمُحْتَاج إِلَيْهِ وَاحِدًا عَلَى مَا آثر بِهِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلمَة بن صَخْر عَلَى غَيره من سَائِر الْفُقَرَاء وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِي الْفُقَرَاء من بني هَاشم، هَل يدْخلُونَ فِي الْفُقَرَاء الْمَذْكُورين فِي هَذِهِ الْآيَة، أَو فِي الْمَسَاكِين، أَو فِيمن سواهُم من أهل الْأَصْنَاف الْمَذْكُورين فِيهَا؟ وقَالَت طَائِفَة مِنْهُمْ: يدْخلُونَ فِيهَا، وجعلوهم كمن سواهُم من فُقَرَاء الْمُسْلِمِينَ، وقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ولَيْسَ بالمشهور عَنهُ وقَالَت طَائِفَة مِنْهُمْ: لَا يدْخل فِي ذَلِكَ بَنو هَاشم وَإِن كَانُوا فُقَرَاء، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَن مُحَمَّد، وَعَن أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِهَذَا القَوْل وكَانَ من حجَّة من ذَهَبَ إِلَى إِبَاحَة الصَّدَقَة، وَإِلَى إدخالهم فِي هَذِهِ الْآيَة كمن سواهُم من النَّاس مَا 784 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَتْ عِيرٌ الْمَدِينَةَ، فَاشْتَرَى مِنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَتَاعًا فَبَاعَهُ بِرِبْحِ أَوَاقٍ فِضَّةً، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى أَرَامِلِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ قَالَ: " لَا أَعُودُ أَنْ أَشْتَرِيَ بَعْدَهَا شَيْئًا وَلَيْسَ ثَمَنُهُ عِنْدِي " وكَانَ من الْحجَّة عَلَيْهِم للآخرين أَن هَذَا الحَدِيث إنمَا هُوَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وَالْمَشْهُور عَنهُ فِي ذَلِكَ التَّحْرِيم للصدقات عَلَى بني هَاشم 785 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَسَعِيدٌ ابْنَا زَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: " مَا خَصَّنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ دُونَ النَّاسِ إِلا بِثَلاثَةٍ: إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ، وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَأَنْ لَا نُنْزِيَ الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ " 786 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ الحديث: 784 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 فَهَذَا ابْن عَبَّاس قَدْ أخبر فِي هَذَا الحَدِيث أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختصهم أَلا يَأْكُلُوا الصَّدَقَة، وجعلهم فِي ذَلِكَ خلاف غَيرهم من سَائِر النَّاس، وكَانَ هَذَا الحَدِيث أولى من حَدِيث عِكْرِمَة الَّذِي روينَاهُ فِي هَذَا الْبَاب عَنِ ابْنِ عَبَّاس لِأَنَّهُ أخبر فِيه بحكمهم الَّذِي هم عَلَيْهِ بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقَدْ يجوز أَن يَكُونُوا كَانُوا من قبل ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَة الصَّدقَات لَهُم حَتَّى حظرها الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِم، ومنعهم مِنْهَا، وجعلهم فِي ذَلِكَ فِي الْمرتبَة الْعليا بِتَحْرِيمِهِ إِيَّاهَا عَلَيْهِم قَدْ رُوِيَ عَنْ جمَاعة من أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من تَحْرِيم الصَّدَقَة عَلَيْهِم مَا يُوَافق مَا رَوَاهُ عبد الله بن عَبَّاس، وَيُخَالف مَا رَوَاهُ عَنهُ عِكْرِمَة، فَمن ذَلِكَ 787 - أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ السَّعْدِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا تَحْفَظُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: أَذْكُرُ أَنِّي أَخَذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلْتُهَا فِي فِيَّ، فَأَخْرَجَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُعَابِهَا، فَأَلْقَاهَا فِي التَّمْرِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كَانَ عَلَيْكَ فِي هَذِهِ التَّمْرَةِ لِهَذَا الصَّبِيِّ، فَقَالَ: " إِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ " 788 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عِمَارَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ شَيْبَانَ وَهُوَ أَبُو الْجَوْزَاءِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلا أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلا لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِ 789 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَهُ، قَالَ: اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالُوا: بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلامَيْنِ لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمَا فِي ذَلِكَ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا، فَذَكَرَا لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا تَفْعَلا، فَوَاللهِ مَا هُوَ بِفَاعِلٍ، فَقَالَ رَبِيعَةُ: مَا مَنَعَكَ هَذَا إِلا نَفَاسَةً عَلَيْنَا، فَوَاللهِ لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا نَفَسْنَاهُ عَلَيْكَ، قَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَبُو الحديث: 787 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 حُسَيْنٍ أَرْسِلاهُمَا، فَانْطَلَقَا، وَاضْطَجَعَ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ سَبَقْنَاهُ إِلَى الْحُجَرِ، فَقُمْنَا عِنْدَهَا حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِآذَانِنَا، فَقَالَ: " أَخْرِجَا مَا تُصَرِّرَانِ "، ثُمَّ دَخَلَ وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَتَوَاكَلْنَا الْكَلامَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَحَدُنَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ وَأَوْصَلُ النَّاسِ، وَقَدْ بَلَغْنَا النِّكَاحَ، وَقَدْ جِئْنَاكَ لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى بَعْضِ الصَّدَقَاتِ، فَنُؤَدِّيَ كَمَا يُؤَدُّونَ، وَنُصِيبَ كَمَا يُصِيبُونَ، فَسَكَتَ حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ، وَجَعَلَتْ زَيْنَبُ تُلْمِعُ إِلَيْنَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ أَنْ لَا تُكَلِّمَاهُ، فَقَالَ: " إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ "، ادْعُ لِي مَحْمِيَةَ، وَكَانَ عَلَى الْخُمُسِ، وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَجَاءَاهُ، فَقَالَ لِمَحْمِيَةَ: " أَنْكِحْ هَذَا الْغُلامَ مِنَ ابْنَتِكَ لِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ "، فَأَنْكَحَهُ وَقَالَ لِنَوْفَلٍ: " أَنْكِحْ هَذَا الْغُلامَ "، فَأَنْكَحَنِي، وَقَالَ لِمَحْمِيَةَ: " أَصْدِقْ عَنْهُمَا مِنَ الْخُمُسِ كَذَا وَكَذَا " 790 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي زُبَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ شِهَابٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَبِيعَةَ حَدَّثَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ سَوَاءً 791 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَدْخَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كِخْ كِخْ، أَلْقِهَا أَلْقِهَا، أمَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ " 792 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ جَمِيعًا، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ فِي الإِبِلِ السَّائِمَةِ: " فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا، الحديث: 790 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا مِنْهُ، وَشِطْرُ إِبِلِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ مِنَّا مِنْهَا شَيْءٌ " 793 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَكِيمِ الأَزْدِيُّ، وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ الصَّدَقَةِ، فَتَنَاوَلَ الْحَسَنُ تَمْرَةً، فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ، فَقَالَ: " إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ، وَلا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ " كَذَا لفظ عَليّ بن عبد الرَّحْمَن وَأما لفظ فَهد، فَإِنَّهُ قَالَ: " إِنَّا أهل بَيت لَا تحل لنا الصَّدَقَة " بِلَا شكّ مِنْهُ فِيهِ فَهَذِهِ الْآثَار قد رويت متواترة عَن رَسُول الله صلي الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَحْرِيم الصَّدَقَة عَلَيْهِم، مَعَ مَا رُوِيَ عَنهُ من قَوْله صلي الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آثَار سواهَا " إِنَّا آل مُحَمَّد لَا نَأْكُل الصَّدَقَة " فاكتفينا بالآثار الأُوَلِ كَرَاهِيَة أَن يتَأَوَّل متأول أَن يزكيهم أكل الصَّدَقَة تنزها لَا تَحْرِيمًا، وَهِيَ أولى من حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي صَدَقَة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أرامل بني عبد الْمطلب الَّذِي روينَاهُ فِي هَذَا الْبَاب، مَعَ أَنه قَدْ يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ بأرامل بني عبد الْمطلب من نِسَائِهِم اللائي لَا يرجعن بأنسابهم إِلَى عبد الْمطلب، من الزَّوْجَات العربيات، وَمن أُمَّهَات الْأَوْلَاد وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِي الصَّدَقَة عَلَى موَالِي بني هَاشم، وَهل دخلُوا فِي الْآيَة الَّتِي تلونا فِي أول هَذَا الْكتاب أم لَا؟ فقَالَ بَعضهم: الصَّدَقَة لبني هَاشم مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ، وَبَعض الذاهبين إِلَى تَحْرِيم الصَّدَقَة عَلَى صلبية بني هِشَام وقَالَ بَعضهم: الصَّدَقَة عَلَيْهِم حرَام، وهم فِي حرمتهَا عَلَيْهِم كمواليهم من بني هَاشم فِي حرمتهَا عَلَيْهِم، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بِهَذَا القَوْل أَبُو يُوسُف فِيمَا أملأه بِبَغْدَاد، وَلم يحك خلافًا بَينه وَبَين أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا من سواهُ من أَصْحَابه وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يدل عَلَى صِحَة مَا قَالَ فِي ذَلِكَ الحديث: 793 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 794 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُقْسِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: اسْتُعْمِلَ أَرْقَمُ بْنُ أَبِي أَرْقَمَ الزُّهْرِيُّ عَلَى الصَّدَقَاتِ، فَاسْتَتْبَعَ أَبَا رَافِعٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: " يَا أَبَا رَافِعٍ، إِنَّ الصَّدَقَةَ حَرَامٌ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ " 795 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي كَيْمَا تُصِيبَ مِنْهَا قَالَ: حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ، فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: " إِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَهُمُ الصَّدَقَةُ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ " 796 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ مَوْلًى لَنَا يُقَالُ لَهُ هُرْمُزٌ، أَوْ كَيْسَانُ أَخْبَرَنِي، أَنَّهُ مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَانِي فَجِئْتُ، فَقَالَ: " يَا أَبَا فُلانٍ، إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَلا تَأْكُلِ الصَّدَقَةَ " 797 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ، عَنْ مَوْلًى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: مَيْمُونٌ، أَوْ مِهْرَانُ، أَنَّهُ قَالَ: " يَا مَيْمُونُ، أَوْ يَا مِهْرَانُ، إِنَّا أَهْل بَيْت نُهِينَا عَنِ الصَّدَقَةِ، إِنَّ مَوَالِيَنَا مِنْ أَنْفُسِنَا فَلا تَأْكُلِ الصَّدَقَةَ " فَهَذِهِ آثَار ثَابِتَة عَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلَيْسَ لأحد خلَافهَا، وَلَا القَوْل بغَيْرهَا، غير أَن بعض من كَانَ يذهب إِلَى تَحْرِيم الصَّدَقَة عَلَى بني هَاشم من سوى أَصْحَاب أَبِي حَنِيفَةَ قَدْ كَانَ يبيحها لمواليهم، ويحرمها عَلَيْهِم أولى لمَا روينَا عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الحديث: 794 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِي حكم بني الْمطلب هَل هم فِي حُرْمَة الصَّدَقَة كَحكم بني هَاشم فِي حرمتهَا عَلَيْهِم أم لَا؟ فكَانَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يذهبان إِلَى أَن بني الْمطلب غير داخلين فِي تَحْرِيم الصَّدَقَة، ويذهبان إِلَى أَنهم كغيرهم من سَائِر بطُون قُرَيْش سوى بني هَاشم فِي حل الصَّدَقَة لَهُم وكَانَ الشَّافِعِي يذهب إِلَى تَحْرِيم الصَّدَقَة عليم ويجعلهم فِي ذَلِكَ كبني هَاشم، وكَانَ مِمَّا يحْتَج بِهِ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا قسم بَينهم ذَوي الْقُرْبَى، فَأدْخل فِيه بني الْمطلب مَعَ بني هَاشم، وجعلهم فِيه كهم، وَلم يدْخل مَعَهم فِيه سواهُم من سَائِر بطُون قُرَيْش، فممَّا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا: 798 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ الْبَغْدَادِيَّانِ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى، أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَلَمْ يُعْطِ بَنِي أُمَيَّهَ، وَلا بَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا، فَأَتَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَؤُلاءِ بَنُو هَاشِمٍ فَضَّلَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكَ، فَمَا بَالُنَا وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ فِي النَّسَبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ؟ فَقَالَ: " إِنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا فِي إِسْلامٍ " قَالَ: أَفَلا تَرَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جعلهم فِي سهم ذوى الْقُرْبَى كبني هَاشم، لَا كمن سواهُم من سَائِر بطُون قُرَيْش فكَانَ من حجَّة الآخرين عَلَيْهِم أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُعْط بني الْمطلب من سهم ذَوي الْقُرْبَى، لأَنهم قرَابَة لَهُ كقرابة بني هَاشم، وَلكنه إنمَا أَعْطَاهُم لِلْعِلَّةِ الَّتِي اعتل بِهَا عَلَى عثمَان بن عَفَّان، وعَلَى جُبَير بن مطعم وفِي تَركه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التكثير عَلَيْهِمَا فِي قولهمَا لَهُ: هَؤُلَاءِ بَنو هَاشم فَضلهمْ الله بك، فمَا بالنا وَبَنُو الْمطلب، وإنمَا نَحن وهم فِي النّسَب شَيْء وَاحِد، دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لم يُعْط بني الْمطلب من جِهَة النّسَب، إِذْ كَانَ قَدْ حرم من هُوَ فِي النّسَب كهم، وَلكنه أَعْطَاهُم للجهة الْأُخْرَى وقَدْ رَأينَا من سوى بني الْمطلب مِمَّنْ قَدْ وَلَده هَاشم مِمَّنْ كَانَ مفارق لرَسُول الله فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَهُوَ أَبُو لَهب، ومَا ولد فِي زمَان النَّبِي صلّى الله الحديث: 798 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 عَلَيْهِ وَسلم، قَدْ دخل مسلمو وَلَده فِي حُرْمَة الصَّدَقَة، لأَنهم من بني هَاشم، ولَيْسُوا مِمَّنْ كَانَ مَعَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن تَحْرِيم الصَّدَقَة لم يدْخل فِيه من كَانَ مَعَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّة من غير بني هَاشم، وَأَنه إنمَا هُوَ عَلَى بني هَاشم خَاصَّة مِمَّنْ كَانَ مَعَه فِي الْجَاهِلِيَّة أَو لم يكن، ولمَا كَانَ بَنو أَبِي لَهب يدْخلُونَ مِنْهُ فِي النّسَب من هَاشم، كَانَ كَذَلِكَ بَنو الْمطلب يخرجُون مِنْهُ بخروجهم من النّسَب من هَاشم وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم رَحِمهم الله فِيمن تحرم عَلَيْهِ الصَّدَقَة بمكَانِه من هَاشم بن عبد منَاف، هَل يصلح لَهُ أَن يعْمل عَلَيْهَا عملا تكون بِهِ عمَالته مِنْهَا؟ فقَالَ قوم: لَا يصلح لَهُ ذَلِكَ بمَا سوى عمَالته عَلَيْهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو يُوسُف بِغَيْر خلاف ذكره بَينه وَبَين أَبِي حَنِيفَةَ وقَالَ قوم: لَا بَأْس عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بالعمَالة مِنْهَا، كمَا لَا بَأْس عَلَى الْغَنِيّ الَّذِي لَا تحل لَهُ الصَّدَقَة، بالعمَالة عَلَيْهِ وَأخذ عمَالته مِنْهَا وكَانَ من حجَّة من ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا يصلح لمن مكَانُهُ من هَاشم المكَانُ الَّذِي ذكرنَا، الْعَمَل عَلَيْهَا والعمَالة مِنْهَا بمَا 799 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَزِينٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلْعَبَّاسِ: سَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَعْمِلَكَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: " مَا كُنْتُ لأَسْتَعْمِلَكَ عَلَى غُسَالَةِ ذُنُوبِ النَّاسِ " ومَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي حَدِيث عبد الْمطلب بن ربيعَة الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تقَدم من كتَابنَا هَذَا لمَّا سَأَلَ هُوَ وَالْفضل بن الْعَبَّاس رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يستعملهمَا عَلَى الصَّدَقَة ليصيبهمَا مِنْهَا مَا يُصِيب النَّاس، ويؤدوا مِنْهَا مَا يُؤَدِّي النَّاس، وَمن قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهمَا عِنْد ذَلِكَ: " إنمَا هِيَ أوساخ النَّاس " وَمنعه إياهمَا ذَلِكَ من الْولَايَة عَلَيْهَا، ومَا ذَكَرْنَاهُ هُنَالك فِي جَوَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا رَافع لمَّا أخبرهُ أَن المَخْزُومِي الَّذِي اسْتَعْملهُ عَلَى الصَّدَقَة استتبعه كيمَا يُصِيب مِنْهَا وَنحن نعلم أَنَّهُ لم يكن يُصِيب مِنْهَا عمل مَعَه إِلَّا من عمَالته عَلَيْهَا: " إِن الصَّدَقَة لَا تحل لآل مُحَمَّد صلّى الحديث: 799 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن مولى الْقَوْم من أنفسهم " فَمَنعه بِذَلِكَ من الْعَمَل عَلَى الصَّدَقَة الَّتِي يسْتَحق الْعَمَل لَهُ مِنْهَا وكَانَ من حجَّة من أباحهم ذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي عمل عَليّ بن أَبِي طَالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الصَّدَقَة بِالْيمن فِي زمن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فممَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا 800 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِي أُنَاسٍ مَعِي، قَالَ: قَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ سِعَايَتِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ " قَالَ: بِمَا أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ، قَالَ: " فَأَهِلَّ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ " 801 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي زَيْنَبُ امْرَأَةُ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهَا، أَنَّهُ كَانَ فِي الرَّهْطِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مُصَدِّقًا بِالْيَمَنِ، فَسِرْنَا مَعَهُ، فَأَطَلْنَا السَّيْرَ حَتَّى كَلَّ ظَهْرُنَا الَّذِي خَرَجْنَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَرَقّ، فَسَأَلْنَاهُ أَنْ نُحِمَّ أَبَاعِرَنَا، وَنَرْكَبَ فِي إِبِل الصَّدَقَةِ حَتَّى تُحَمَّ أَبَاعِرُنَا، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا أَشَدَّ الإِبَاءِ رَحِمَهُ اللهُ وَرَضِيَ عَنْهُ، وَقَالَ: " إِنَّمَا لَكُمْ سَهْمٌ كَسِهَامِ الْمُسْلِمِينَ " قَالُوا: ففِي حَدِيثي جَابر، وأَبِي سعيد، عمل عَليّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الصَّدَقَة بِالْيمن فِي عهد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمله ذَلِكَ فإنمَا كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتوليته إِيَّاه عَلَيْهِ، فاستدلوا بِذَلِكَ فِي مَا ذكرُوا عَلَى مَا قَالُوا مِمَّا قَدْ حكينا عَنْهُم ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ نَظرنَا فِي الأولى مِمَّا قَالُوه فِي ذَلِكَ مَا هُوَ؟ فَوَجَدنَا الْولَايَة عَلَى الصَّدقَات لم يكرهها من كرهها لذاتها، وَكَيف تجوز كراهتها لِذَلِكَ وقَدْ تولاها رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لمَّا أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أَي: عِنْد إتيانهم إِيَّاه بِهَا، {إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} ، وَأَتَاهُ ابْن أَبِي أوفى بِصَدقَة ابْنه، فقَالَ: " اللهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى "، وقَدْ ذكرنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِي كتاب الصَّلَاة من كتبنَا هَذِهِ وَلم يكن ذَلِكَ أَن الْعَمَل الْمَكْرُوه عَلَى الصَّدَقَة لمن مكَانُه من هَاشم، المكَانُ الَّذِي ذكرنَا، إنمَا هُوَ الْعَمَل الْمَطْلُوب بِهِ العمَالة مِنْهَا فأمَّا الْعَمَل الَّذِي لَا عمَالة مَعَه مَطْلُوبَة فِيه، فَلَيْسَ بمكروه، ولمَّا كَانَ كَذَلِكَ لرَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 800 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 كَانَ لمن سواهُ من خلفائه، وَمن ولاته كَذَلِكَ، فَوَجَبَ بمَا ذكرنَا تَصْحِيح هَذِهِ الْآثَار، وَصرف عمل عَلِيٍّ عَلَيْهَا إِلَى أَنَّهُ عمل لَا عمَالة فِيه مَطْلُوبَة بِهِ مِنْهُ، وَأَنه كعمل رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَيْهَا، وَهُوَ أَخذهَا مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ، ووضعها فِيمن هِيَ لَهُ، لَا بِشَيْء يَأْخُذهُ مِنْهَا عمَالة لَهَا، فَثَبت بِذَلِكَ إِبَاحَة ذِي المكَانَ الَّذِي ذكرنَا من هَاشم، الْعَمَل عَلَيْهَا بِلَا جعَالَة مِنْهَا وَحُرْمَة الْجعَالَة مِنْهَا للمكَانِ الَّذِي ذكرنَا من هَاشم، حَتَّى تصح تِلْكَ الْآثَار الَّتِي رويناها فِيهَا، وَلَا يضاد بَعْضهَا بَعْضًا وأمَّا مَا احْتج بِهِ من احْتج فِي ذَلِك بِإِجَارَة الْعَمَل للغني عَلَى الصَّدَقَة، والاجتعال عَلَى ذَلِكَ مِنْهَا، فَإِن ذَلِكَ غير مشبه لمَا شبهه بِهِ، وَذَلِكَ لِأَن الْغَنِيّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ المكَانُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ من هَاشم، قَدْ يجوز أَن يفْتَقر فَتحل لَهُ الصَّدَقَة بفقره إِلَيْهَا، وكذَلِكَ يجوز أَن تحل لَهُ الصَّدَقَة بِعَمَلِهِ عَلَيْهَا، وَذُو المكَانِ من هَاشم لَو كَانَ فَقِيرا لم تحل لَهُ الصَّدَقَة بفقره إِلَيْهَا، وكذَلِكَ لَا تحل لَهُ بِعَمَلِهِ عَلَيْهَا وقَدْ كَانَ عَليّ بن أَبِي طَالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي خُرُوجه إِلَى الْيمن عَاملا لرَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أعمَاله سوى الصَّدَقَة، مِنْهَا الْقَضَاء كمَا: 802 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سِنَانٌ النَّحْوِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حَبَشِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ بَعَثْتَنِي إِلَى قَوْمٍ شُيُوخٍ، ذَوِي سِنٍّ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أُصِيبَ، فَقَالَ: " اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يُثَبِّتُ لِسَانَكَ، وَيَهْدِي قَلْبَكَ " 803 - وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضْرِبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ، فَقُلْتُ: إِنَّكَ بَعَثْتَنِي إِلَى قَوْمٍ أَسَنَّ مِنِّي وَكَيْفَ أَقْضِي؟ فَقَالَ: " اذْهَبْ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَهْدِي قَلْبَكَ، وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ " 804 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، وَزَائِدَةُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ كُلُّهُمْ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، الحديث: 802 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا تَقَاضَى إِلَيْكَ الرَّجُلانِ، فَلا تَقْضِ لِلأَوَّلِ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُولُ الآخَرُ، فَإِنَّكَ إِذَا سَمِعْتَ ذَلِكَ عَرَفْتَ كَيْفَ تَقْضِي "، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَمَا زِلْتُ قَاضِيًا بَعْدُ وَزَادَ سُلَيْمَانُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُثَبِّتُ لِسَانَكَ وَيَهْدِي قَلْبَكَ 805 - وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ حَنَشٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ، وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، فَقُلْتُ: بَعَثْتَنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، وَلا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ هَادٍ قَلْبَكَ وَلِسَانَكَ، فَإِذَا جَلَسَ إِلَيْكَ الْخَصْمَانِ فَلا تَقْضِ لِلأَوَّلِ حَتَّى تَسْمَعَ كَلامَ الآخَرِ، فَمَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ " وَمِنْهَا الْولَايَة عَليّ معادنها كمَا 806 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ أَبِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيًّا إِلَى الْيَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِذَهَبٍ مِنْ تُرْبَتِهَا، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، بَيْنَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلاثَةَ الْعَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلابٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ، فَقَالَتْ: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا أَعْطَيْتُهُمْ أَتَأَلَّفُهُمْ " وَمِنْهَا الْولَايَة عَليّ غَزْو كفار أَهلهَا كمَا 807 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عِمْرَانَ الطَّبَرَانِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ عَلِيٍّ الْيَمَنَ، فَرَأَيْتُ مِنْهُ جَفْوَةً، فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ عَلِيًّا فَتَنَقَّصْتُهُ، فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ، فَقَالَ: " يَا بُرَيْدَةُ أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " الحديث: 805 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ " فَدلَّ مَا ذكرنَا أَن عليا كَانَ فِي خُرُوجه إِلَى الْيمن لولاية أَشْيَاء دخلت فِيهَا الصَّدقَات وكَانَ بتوليه تِلْكَ الْأَشْيَاء كالخليفة الْهَاشِمِي فِي توليه إِيَّاهَا ليوليها غَيره مِمَّنْ لَيْسَ فِي نسبه، فيرزقه مِنْهَا، ويتولاها بِنَفسِهِ بِلَا رزق يرزقه مِنْهَا، ويكتفِي بارتزاقه مِمَّا سواهَا، وبسهمه مِمَّا يغنمه بقتاله، وبسهمه بذوي قرَابه وَإِن احْتج مُحْتَج لمن ذَهَبَ إِلَى إِجَارَة العمَالة لمن مَوْضِعه من هَاشم الْموضع الَّذِي ذكرنَا بمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أكله هَدِيَّة بَرِيرَة الَّتِي تصدق بِهَا عَلَيْهَا، وَمن قَوْله عِنْد ذَلِكَ لمَّا قيل لَهُ: إِنَّك لَا تَأْكُل الصَّدَقَة: هِيَ عَلَيْهَا صَدَقَة وَلنَا هَدِيَّة قَالَ: وكذَلِكَ الْعَامِل عَلَى الصَّدَقَة مِمَّنْ لَهُ من هَاشم الْموضع الَّذِي ذكرنَا، العمَالة من الَّذِي أخذت من ملك الْمُصدق بِهَا إِلَى ملكه لَا وَاسِطَة بينهمَا، وَالصَّدَََقَة عَلَيْهِ حرَام مملكة إِيَّاهَا، وَهِيَ صَدَقَة من حَيْثُ ملكهَا عَلَيْهِ حرَام ، ومَا تصدق بِهِ عَلَى بَرِيرَة فقَدْ كَانَت ملكته صَدَقَة عَلَيْهَا، وَخرج من ملك الْمُصدق بِهِ عَلَيْهَا إِلَى ملكهَا، ثُمَّ أهدته هِيَ إِلَى من أهدته إِلَيْهِ فملكه عَلَيْهَا هَدِيَّة وكَانَ بَين خُرُوج الصَّدَقَة بِذَلِكَ من ملك التَّصَدُّق بِهَا وَبَين وُقُوع ملك الَّذِي أهدته بَرِيرَة إِلَيْهِ عَلَيْهِ ملك بَرِيرَة إِيَّاه، فكَانَ دُخُوله فِي ملك الَّذِي أهدته من صَدَقَة قَدْ كَانَت، فأنبت وانقطعت قبل ذَلِكَ وَملك الْعَامِل عَلَى الصَّدَقَة عمَالته من نفس الصَّدَقَة قبل إنباتها من ملك الْمُصدق بِهَا، وانقطاعه عَنْهَا، وإنمَا أنبت ذَلِكَ وَانْقطع بِملكه إِيَّاه، لَا وَاسِطَة بَينه وَبَينهَا وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِي صدقَات الذَّهَب وَالْفِضَّة، هَل للإمَام أَن يتَوَلَّى قبضهَا حَتَّى يَضَعهَا فِي موَاضعهَا الَّتِي أَمر الله عَزَّ وَجَلَّ بوضعها فِيهَا، أَو يخلي بَيْنَ أَهلهَا وبينهمَا حَتَّى يضعوهمَا فِي مواضعهمَا الَّتِي أَمر الله عَزَّ وَجَلَّ بِهَا فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 وكَانَ أَكْثَرهم يَقُولُ: للإمَام أَن يقبضهَا حَتَّى يَضَعهَا فِي موَاضعهَا الَّتِي أَمر الله عَزَّ وَجَلَّ بوضعها فِيهَا وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، ومَالك، وَالثَّوْري، وَزفر، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ وكَانَ بَعضهم يَقُولُ: لَا، بل يخلي الإمَام بَيْنَ أهل الذَّهَب وَالْوَرق، حَتَّى يضعوا مَا عَلَيْهِم فِيهَا من زَكَاة فِي الْمَوَاضِع الَّتِي أَمر الله عَزَّ وَجَلَّ بوضعها فِيهَا وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيه 808 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبِدٍ، وَالْحَمَائِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ، إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ " 809 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمْ: " لَا تُحْشَرُوا وَلا تُعْشَرُوا "، قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: يَعْنِي لَا تُجْلَبُوا 810 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ الْبَجْلِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، احْمَدُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذْ رَوَّحَ عَنْكُمُ الْعُشُورَ " 811 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالُوا: فَلَا نرى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رفع العشور عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ الَّتِي تتولى الْأَئِمَّة قبضهَا من النَّاس الحديث: 808 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 قَالُوا: وقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عمر فِي ذَلِكَ، فَذكرُوا مَا 812 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: " أَكَانَ عُمَرُ يَعْشِرُ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: لَا " فكَانَ من الْحجَّة عَلَيْهِم للآخرين أَن العشور الَّتِي رَفعهَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَت، وَلكنه المكس الَّذِي كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَفْعَلُونَهُ، وَهُوَ الْمَذْكُور فِي حَدِيث عقبَة بن عَامر الَّذِي 813 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ "، يَعْنِي: عَاشِرًا فَهَذَا هُوَ الْعشْر الْمَرْفُوع عَنْ هَذِهِ الْأمة، لَا مَا سواهُ وَقد رُوِيَ من حَدِيث حَرْب بن عبيد الله من جِهَة الثَّوْريّ، وحمَاد بن سَلمَة مَا يدل عَلَى هَذَا الْمَعْنى 814 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ خَالٍ لَهُ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ أَعْشِرُهَا؟ قَالَ: " إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ " 815 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَخْوَالِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَعَلَّمَهُ الإِسْلامَ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا يَأْخُذُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلُّ الإِسْلامِ عَلِمْتُهُ إِلا الصَّدَقَةَ، فَأَعْشِرُ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا يُعْشَرُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى " الحديث: 812 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن الْعشْر المُرَاد فِي الحَدِيث الأول هُوَ خلاف الزَّكَاة، فقَدْ كَانَ يَحْيَى بن آدم يذهب إِلَى تَأْوِيل قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنمَا العشور عَليّ الْيَهُود وَالنَّصَارَى "، إنمَا هِيَ جِزْيَة عَلَيْهِم لَا يؤخرون فِيهَا، والمَأخوذ من الْمُسْلِمِينَ من الزَّكَاة طَهَارَة لَهُم يؤجرون عَلَيْهَا، وَكَانَ الْمَرْفُوع عَنِ الْمُسْلِمِينَ عِنْده هُوَ مَا كَانَ يُؤْخَذ من النَّاس مَا لَا يؤجرون عَلَيْهِ، وَهُوَ خلاف الزكوات، وَبِاللَّهِ التوفِيق وأمَا الَّذِي روينَا من قَول ابْن عمر: أَن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لم يكن يعشر الْمُسْلِمِينَ، فإنمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْعشْر الَّذِي رفع عَنْ هَذِهِ الْأمة، وَجعل عَلَى الْيَهُود وَالنَّصَارَى عَلَى مَا فِي حَدِيث رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي روينَاهُ فِي هَذَا الْبَاب، فأمَّا زَكَاة الْأَمْوَال فَلَا، وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ 816 - أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَبْطَأْتُ عَنْهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَرَى أَنِّي لَوْ أَمَرْتُكَ أَنْ تَعَضَّ عَلَى حَجَرٍ كَذَا وَكَذَا ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي أَخْبَرْتُ لَكَ خَيْرَ عَمَلِي فَكَرِهْتَهُ، أَوْ أَكْتُبْ لَكَ سُنَّةَ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ: اكْتُبْ لِي سُنَّةَ عُمَرَ، قَالَ: فَكَتَبَ، " مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا "، وَمِمَّنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ مِنْ كُلِّ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمًا، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ؟ قَالَ: الرُّومُ كَانُوا يُقْدِمُونَ مِنَ الشَّامِ أَفلا ترى أَن عمر قَدْ كَانَ من سنته أَخذ زكوات الْمُسْلِمِينَ من ورقهم عَلَى مَا فِي حَدِيث أنس هَذَا، فَدلَّ ذَلِكَ أَن الْعشْر الَّذِي لم يكن يَأْخُذهُ عَلَى مَا فِي حَدِيث عبد الله بن عمر أَنَّهُ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة يُؤْخَذ فِي الْإِسْلَام من الْمُسْلِمِينَ من الزكوات الَّتِي يزكون ويطهرون بِهَا وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ أنس بن مَالك عَن عمر بن الْخطاب، وقَدْ كَانَ من عمر بِحَضْرَة سَائِر أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سواهُ، فَلم ينكروه عَلَيْهِ، وَلم يخالفوه فِيه، فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى متابعتهم إِيَّاه عَلَيْهِ، وفِيهم الَّذِي سمع رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " لَا عشور عَلَى الْمُسْلِمِينَ " وَكَيف يجوز لقَائِل أَن يَقُولُ: لَيْسَ إِلَى وَالِي الْأمة قبض الزكوات من الذَّهَب وَالْوَرق وقَدْ قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ لنَبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ، فَأمره بِأَخْذِهِ إِيَّاهَا مِنْهُمْ، وَلم يَأْمُرهُ أَن يَأْمُرهُم أَن يضعوها فِي أَهلهَا الحديث: 816 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 وقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} وهم السعاة الَّذين يكون أَخذهَا من النَّاس، ورفعها إِلَى الْأَئِمَّة حَتَّى يضعوها حَيْثُ أَمر الله عَزَّ وَجَلَّ بوضعها فِيه وَكَيف يجوز لقَائِل أَن يفرق بَيْنَ زَكَاة الْمَوَاشِي وَزَكَاة الثمَار، وبثين زكوات الذَّهَب وَالْوَرق، فَيجْعَل للأئمة أَن يتولوا قبض زكوات الثمَار والمواشي، ويمنعهم من قبض زَكَاة الذَّهَب وَالْوَرق بِغَيْر حجَّة بِهَا الْفرق بَيْنَ هذَيْن الْمَعْنيين وَالله الْمُوفق الْخَوَارِج يظهرون عَلَى النَّاس فَيَأْخُذُونَ مِنْهُمْ زكوات أَمْوَالهم وَلَو أَن قومَا من الْخَوَارِج المتأولين غلبوا عَلَى قوم، فَأخذُوا مِنْهُمْ زَكَاة أَمْوَالهم، فَإِن أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبا يُوسُف، ومحمدا، قَالُوا: يُجزئ ذَلِكَ عَنْهُم، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَى أهل الْعدْل أَن يمنعوهم مِنْهُمْ، غير أَنهم يستحبون لَهُم فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم أَن يُعِيدُوا إِخْرَاج زكواتهم حَتَّى يدفعوها إِلَى إمَام أهل الْعدْل، أَو حَتَّى يضعوها فِي الْمَوَاضِع الَّتِي أَمر الله عَزَّ وَجَلَّ بوضعها فِيهَا قَالُوا: وَلَو أَن الْخَوَارِج لم يظهروا عَلَى أهل الْعدْل كَمَا ذكرنَا، فَيَأْخُذُونَ مِنْهُمْ زكواتهم وَلَكِن أهل الْعدْل أتوهم طائعين، فدفعوا إِلَيْهِم زكواتهم، فَإِن ذَلِكَ غير مجزئ عَنْهُم، وعَلَيْهِم أَن يُعِيدُوا الزَّكَاة فِي الْمَوَاضِع الَّتِي أَمر الله عَزَّ وَجَلَّ بوضعها فِيهَا، أَو حَتَّى يخرجوها مِنْهَا إِلَى الإمَام حَدَّثَنَا مُحَمَّد، عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ يَعْقُوب، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِجَمِيعِ مَا ذكرنَا وَلم يحك مُحَمَّد فِيه خلافًا وقَدْ تقَدَّم فِي هَذَا قَول ابْن عمر كمَا 817 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ حِبَّانَ، أَوْ حَيَّانَ السُّلَمِيِّ، شَكَّ ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَقَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: يَجِيئُنِي مُصَدِّقُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَيَأْخُذُ صَدَقَةَ مَالِي، وَيَجِيئُنِي مُصَدِّقُ نَجْدَةَ فَيَأْخُذُ، قَالَ: " أَيَّهُمَا أَعْطَيْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ " قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: الصَّحِيحُ فِي هَذَا حَيَّان السملي، وَهُوَ رجل من جلة التَّابِعين وضع الصَّدقَات فِي صنف من أَصْنَاف الصَّدقَات قَدْ ذكرنَا فِيمَا تقدم من كتَابنَا هَذَا مَا تَأَول أهل الْعلم عَلَيْهِ قَول الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الْآيَة، غير أنَّا احتجناها هُنَا إِلَى إِعَادَته لشَيْء أردنَا الحديث: 817 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 زِيَادَته فِيه، وَهُوَ أَن الشَّافِعِي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ كَانَ يذهب إِلَى أَنَّهَا فِي أهل الْأَصْنَاف الثمَانية مَا كَانُوا موجودين قَالَ: فَيعْطى الْفُقَرَاء، وَالْمَسَاكِين، والغارمون بِمَعْنى: الْفقر، أَو المسكنة، وَالْغُرْم، وَيُعْطى ابْن السَّبِيل بِمَعْنى الْبَلَاغ، وَيُعْطى الْعَامِل بِمَعْنى الْكِفَايَة وَالصَّلَاح المَأخوذ لَهُ والمَأخوذ مِنْهُ، وَيُعْطى المكاتبون بِمَعْنى مَا يعتقون فَمَعْنَاه فِي ذَلِكَ: أَن لَا يُزَاد كل صنف مِنْهُم عَلَى مِقْدَار مَا يُخرجهُ من الْمَعْنى الَّذِي هُوَ فِيه حَتَّى يَكُونَ من أَهله لَا يعْطى الْفَقِير وَلَا الْمِسْكِين فَوق مَا يخرجهمَا من الْفقر والمسكنة حَتَّى يَكُونَا غَنِيَّيْنِ، وَلَا يعْطى الْغَارِم فَوق مَا يُخرجهُ من الْغرم حَتَّى يَكُونَ غير غَارِم، وَيبقى لَهُ فضل، وَلَا يعْطى ابْن السَّبِيل مَا يبلغهُ أَهله وَيبقى لَهُ فضل قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: وَالَّذين يَقُولُونَ: لَا بَأْس بوضعها فِي صنف وَاحِد من هَذِهِ الْأَصْنَاف، لَا يخالفوه فِي رجل أوصى لفُلَان، وَلفُلَان، وَلفُلَان، أَو قَالَ: ثُلثي لفُلَان، وَلفُلَان، وَلفُلَان أيهمَا يكونَانِ أَثلَاثًا بَينهم؟ فكذَلِكَ لَا يكون مَا جعله الله عَزَّ وَجَلَّ لأهل هَذِهِ الْأَصْنَاف الْمَذْكُورين فِي هَذِهِ الْآيَة لأهل صنف مِنْهَا دون نفسهم قَالَ: ولمَّا كَانَ فِي عطايا الآدمين كمَا ذكرنَا، كَانَ فِي عطايا الله عَزَّ وَجَلَّ أَحْرَى أَن يكون كَذَلِكَ هَذِهِ مَعَانِيه وَإِن لم تكن هَذِهِ أَلْفَاظه وكَانَ من الْحجَّة عَلَيْهِ لأهل القَوْل الأول فِيمَا حاجَّهُمْ بِهِ من الْوَصَايَا أَنَّهُ يَقُولُ: مَا أوصى بِهِ لفُلَان، وَلفُلَان، وَلفُلَان بَينهم بِالسَّوِيَّةِ، لَا تفاضل بَينهم فِيه، وَالَّذِي فَرْضه الله عَزَّ وَجَلَّ من الصَّدقَات فِي الْأَصْنَاف الْمَذْكُورَة فِي آيَة الصَّدقَات لَيْسَ كَذَلِكَ، لأَنهم فِيه متفاضلون إِذْ كَانَ كل صنف مِنْهُمْ فِي قَوْله: إنمَا يعْطى، بِمَعْنَاهُ الَّذِي ذكرته فِي الْآيَة، وكَانَ أحد الْمُوصى لَهُم لَو مَات قبل الْمُوصي، فَخرج من الْوَصِيَّة، لم يرجع إِلَى البَاقِينَ حِصَّته الَّتِي كَانَت تكون لَهُ لَو وَجَبت لَهُ فِي الْوَصِيَّة، وكَانَ أهل صنف من هَذِهِ الْأَصْنَاف الْمَذْكُورَة فِي آيَة الصَّدقَات لَو ذَهَبُوا حَتَّى لم يبْق مِنْهُمْ أحد، كالمؤلفة قُلُوبهم الَّذين ذَهَبُوا، لم يبطل مَا كَانَ يكون لَهُم من ذَلِكَ لَو لم يذهبوا، وإنمَا يرجع مَا كَانَ يكون لَهُم لَو لم يذهبوا فِي مثل مَا رَجَعَ إِلَيْهِ بَقِيَّة الصَّدقَات فَدلَّ ذَلِكَ أَن الله عَزَّ وَجَلَّ لَو كَانَ جعل الصَّدقَات لأهل الْأَصْنَاف الْمُسَمَّيْنَ فِي آيَة الصَّدقَات، كمَا جعل الْمُوصى الْوَصِيَّة لأهل الْوَصَايَا فِي مَسْأَلَة الْوَصَايَا، لمَا رَجَعَ إِلَى أحد من أهل الْأَصْنَاف مَا جعله الله لغيره من الصَّدقَات، لِأَنَّهُ إنمَا جعله لمن سمَّاه لَهُ فِي الْآيَة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 فَلَا يجب رُجُوعه إِلَى غَيره إِلَّا بتوقيف من الله عَزَّ وَجَلَّ إيانا عَلَى ذَلِكَ بِآيَة فِي كِتَابه، أَو بِلِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَو بِمَعْنى سواهمَا يُوجب ذَلِكَ، وإِذَا كَانَ الله عَزَّ وَجَلَّ جعل ذَلِكَ عِنْده لأهل الْأَصْنَاف بمعانيهم الَّتِي ذكرهم بِهَا فِي الْآيَة، كَانَ نَظِير ذَلِكَ من الْوَصَايَا الْمَقْصُود بِهَا إِلَى ثَلَاثَة نفر لأعيانهم الَّتِي يتساوون بِهَا فِي الْوَصَايَا، لَا لحاجتهم الَّتِي يتفاضلون بِهَا فِي الْوَصَايَا، وكَانَ الْوَجْه فِي ذَلِكَ: لَو رفعت الْوَصِيَّة من الْمُوصى كمَا ذكرنَا، فمَات أحد الْمُوصى لَهُم قبلهم، ثُمَّ مَات الْمُوصي فِي الْقيَاس، قَدْ بطلت الْوَصِيَّة للباقين، لِأَنَّهُ لَا يعلم مَا الَّذِي وَجب لهمَا بهَا، لِأَن الَّذِي كَانَ يجب لهمَا بِهَا لَو كَانَ صَاحبهَا حَيا فَهُوَ مَا كَانَ يُصِيبهَا إِذَا قسم الثُّلُث عَلَى حاجتهمَا وَحَاجته، فإِذَا كَانَ قَدْ تُوُفِّيَ فقَدْ صَارَت حَاجته الَّتِي كَانَت تعلم مِنْهُ، لَو كَانَ حَيا، غير مَعْلُومَة، وإِذَا كَانَت كَذَلِك لم يعلم مَا للباقين من الْوَصِيَّة فبطلت وصاياهمَا لِذَلِكَ، وحاش لله عَزَّ وَجَلَّ أَن يكون مُرَاده فِي آيَة الصَّدَقَة هَذَا الْمَعْنى، وإِذَا وَجب أَن يكون كَذَلِكَ مُرَاده عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا، وَلم يكن فِيهَا مَا تَأَوَّلَه النَّاس عَلَيْهِ غير هَذَا القَوْل الَّذِي قَدْ بَطل ، وَغير القَوْل الآخر الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وَعَن حُذَيْفَة فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة، ثَبت القَوْل الَّذِي رُوِيَ عَنْهما فِي تَأْوِيلهَا، وَلَهو هَذَا القَوْل أولى من مُخَالفَته، إِذْ كَانَ من قَوْله تَقْلِيد الْوَاحِد من أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لم نعلم عَنْ غَيره مِنْهُمْ خلافًا فِي ذَلِكَ فقَدْ خَالف فِي هَذَا ابْن عَبَّاس، وَحُذَيْفَة، فِيمَا لم نعلم لهمَا فِيه مُخَالفا من أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَا قَدْ شَذَّ مذهبهمَا فِي ذَلِكَ مَا كَانَ من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَلمَة بن صَخْر فِي حَدِيثه الَّذِي روينَاهُ، وفِي إِبَاحَته لَهُ أَخذ صدقَات قومه بِمَعْنى الْفقر، لَا بِمَعْنى سواهُ من أَصْنَاف الصَّدقَات الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة الَّتِي تلونا، وَكَيف يجوز أَن تتَنَاوَل هَذِهِ الْآيَة عَلَى أَن الله عز وَجل قَدْ تعبد خلقه بأَدَاء زكوات أَمْوَالهم إِلَى من قَدْ فُقِدَ بعد مَوته، فَلَا يقَدْرون عَلَيْهِ، كَمَا قَدْ عدموا الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم، وكمَا يجوز أَن يعدموا المكاتبين فَلَا يَقْدِرُون عَلَيْهِم، وكَانَ يجوز أَن يعدموا أَبنَاء السَّبِيل فَلَا يقَدْرون عَلَيْهِم ففِي هَذَا التَّأْوِيل: أَن الله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ تعبدهم بِالْخرُوجِ من زكواتهم إِلَى من لَا يَقْدِرون عَلَيْهِ فِي حالٍ مَا، ولَيْسَت كَذَلِكَ صِفَات فَرَائض الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خلقه فِيمَا يعْتد بِهِ من وضع فَرَائِضه فِيه، ولمَّا كَانَ للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين لَا يجوز فَقْدُهُمْ، تبين بِذَلِكَ أَنهم المقصودون فِي الْآيَة، وَأَن من سواهُم مِمَّنْ ذكرهم مَعَهم فَإِنَّمَا هم أَصْنَاف الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين الَّذين تُوضَع الزَّكَاة فِيهم، أَو فِيمن وضعت فِيه مِنْهُمْ، وَالله الْمُوفق للصَّوَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 كِتَابُ الصِّيَامُ وَالاعْتِكَافِ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرآنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 تَأْوِيل قَول الله عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ إِلَى قَوْله: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّهُ كتب الصّيام عَلَى من كَانَ قبلنَا كمَا كتبه علينا، ثُمَّ أخبر عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ أَيَّام معدودات وَلم يبينها لنا، عَزَّ وَجَلَّ، أَي أَيَّام هِيَ؟ وَلَا مَا عَددهَا فِي هَذَا الْموضع؟ ثُمَّ بَينهَا لنا عَزَّ وَجَلَّ فِي غير هَذَا الْموضع من كِتَابه عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا سَيَأْتِي بِهِ عِنْد ذكر مَوْضِعه من هَذَا الْكتاب ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، فكَانَ هَذَا من الْمُتَشَابه الْمُخْتَلف فِي المُرَاد بِهِ مَا هُوَ؟ فَذهب ذاهبون إِلَى أَن من دخل عَلَيْهِ شهر رَمَضَان وَهُوَ فِي أَهله، فقَدْ صَار مِمَّنْ شهد الشَّهْر، وَوَجَب عَلَيْهِ الصَّوْم، وَلم يكن لَهُ بعد ذَلِكَ أَن يفْطر، وَإِن سَافر سفرا وَدخل عَلَيْهِ شهر رَمَضَان وَهُوَ فِيه، كَانَ لَهُ أَن يفْطر وَرووا ذَلِكَ عَنْ عَليّ بن أَبِي طَالب 818 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " مَنْ أَدْرَكَهُ الصَّوْمُ وَهُوَ مُقِيمٌ، ثُمَّ سَافَرَ فَقَدْ لَزِمَهُ الصَّوْمُ " أَلا تَرَى أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن المُرَاد بِهَذِهِ الْآيَة هُوَ الْمُقِيم فِي أَهله الشَّهْر كُله، وَأَن من دخل عَلَيْهِ الشَّهْر وَهُوَ فِي أَهله، ثُمَّ سَافر بعد ذَلِكَ أَنه فِي حكم من شهد الشَّهْر فِي الْمدَّة الَّتِي كَانَ فِيهَا فِي أَهله، وفِي حكم الْمُسَافِر فِي الْمدَّة الَّتِي صَار فِيهَا مُسَافِرًا وَاحْتَجُّوا فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ من ذَلِكَ بمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من سَفَره فِي شهر رَمَضَان، وَمن إفطاره فِي سَفَره ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا القَوْل: أَبُو حَنِيفَةَ، ومَالك، وَسُفْيَان، وَزفر، وَأَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ، فممَّا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا: الحديث: 818 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 819 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، " فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، ثُمَّ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاسُ " 820 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَزَادَ: " وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالأَحْدَثِ فَالأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 821 - وَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: حَتَّى أَتَى عَسْفَانَ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: " وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالأَحْدَثِ فَالأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 822 - وَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَةَ هَذَا 823 - وَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَرْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللهِ بْنُ رَاشِدٍ الْحَجْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسْوَدِ بْنُ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، فَبَلَغَهُ أَنَّ النَّاسَ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ شَرِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفْطَرَ، فَنَاوَلَهُ رَجُلا إِلَى جَانِبِهِ فَشَرِبَ، وَصَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْطَرَ " 824 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ حَدَّثَاهُ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله الحديث: 819 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 عَلَيْهِ وَسلم عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ، " فَصَامَ وَصَامَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ أَخْرَجَ قَدَحًا فِيهِ مَاءٌ، فَشَرِبَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ " 825 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ، وَصَامَ النَّاسُ وَهُمْ مُشَاةٌ وَرُكْبَانٌ، فَقِيلَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ إِلَى مَا فَعَلْتَ، " فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَأَفْطَرَ بَعْضُ النَّاسِ، وَصَامَ بَعْضٌ، فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ بَعْضَهُمْ صَامَ، فَقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ " 826 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ، فَاشْتَدَّ الصَّوْمُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَعَلَتْ رَاحِلَتُهُ تَهِيمُ بِهِ تَحْتَ الشَّجَرِ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ " فَدَعَا بِإِنَاءٍ، فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ أَفْطَرُوا " 827 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ قَزَعَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنْ صِيَامِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ عَامَ الْفَتْحِ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ وَنَصُومُ، حَتَّى بَلَغَ مَنْزِلا مِنَ الْمَنَازِلِ، فَقَالَ: " إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ "، فَأَصْبَحْنَا مِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ، ثُمَّ سِرْنَا فَنَزَلْنَا مَنْزِلا، فَقَالَ: " إِنَّكُمْ تُصَبِّحُونَ عَدُوَّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا "، فَكَانَتْ عَزِيمَةً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَ ذَلِكَ 828 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ قَزَعَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَيْلَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ رَمَضَانَ، فَخَرَجْنَا صُوَّامًا حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، " الحديث: 825 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 فَأَمَرَنَا بِالإِفْطَارِ، فَأَصْبَحْنَا وَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ فَلَمَّا بَلَغْنَا مَرَّ الظَّهْرَانِ أَعْلَمَنَا بِلِقَاءِ الْعَدُوِّ، وَأَمَرَنَا بِالإِفْطَارِ " فكَانَت هَذِهِ الْآثَار قَدْ تَوَاتَرَتْ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَفَرِهِ بِنَفسِهِ وَأَصْحَابه بعد دُخُول شهر رَمَضَان عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم وَهُمَ مقيمون فِي أَهْليهمْ، وبإفطاره وَأمره إيَّاهُم بالإفطار فَدلَّ ذَلِكَ أَن هَذَا القَوْل الثَّانِي من الْقَوْلَيْنِ اللَّذين حكيناهما فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة، أولى من القَوْل الأول منهمَا، وَأَن قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} لَا يمْنَع من سَافر فِي رَمَضَان من الْإِفْطَار فِي بَقِيَّته الَّتِي تمر عَلَيْهِ وَهُوَ مُسَافر، وَهَذَا هُوَ الْقيَاس أَيْضا أَلا ترى أَنَّهُ لَو دخل عَلَيْهِ رَمَضَان وَهُوَ مُسَافر، ثُمَّ صَار إِلَى أَهله أَنَّهُ يرجع فِي حكم صَوْمه إِلَى حكم الْمُقِيم، لَا إِلَى حكم الْمُسَافِر، وَيجب عَلَيْهِ الصَّوْم فِي المستأنف مَا كَانَ مُقيما كمَا يجب عَلَى من كَانَ مقيمَا مُنْذُ دخل رَمَضَان كَذَلِكَ يكون الْقيَاس عَلَى ذَلِكَ أَن يكون كَذَلِكَ من دخل عَلَيْهِ رَمَضَان وَهُوَ مُقيم، ثُمَّ سَافر، أَن يكون حكمه فِي المستأنف مَا كَانَ مُسَافِرًا فِي الصَّوْم، حكم الْمُسَافِر فِي الصَّوْم، لَا حكم الْمُقِيم، وَدلّ مَا ذكرنَا عَلَى أَن قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} إِنَّمَا هُوَ فليصمه مَا كَانَ مقيمَا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، فكَانَ الْمَرَض المُرَاد عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ وَالله أعلم هُوَ الْمَرَض الَّذِي يخَاف من الصَّوْم الزِّيَادَة فِيه، كصاحب الحُمَّى الَّذِي يخَاف إِن صَامَ تشتد حُمَّاه، أَو كصاحب وجع الْعين الَّذِي يخَاف إِن صَامَ يشْتَد وجع عينه، أَو كمن سواهمَا من ذَوي الْأَمْرَاض الَّذين يخَافُونَ إِن صَامُوا أَن تشتد أمراضهم وتزداد بالصيام، فَلهم أَن يفطروا وكذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُوله فِي هَذَا فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الْعَبَّاس، عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ يَعْقُوب، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلم يحك خلافًا، غير أَنَّهُ لم يذكر فِي رِوَايَته هَذِهِ من الْأَمْرَاض غير وجع الْعين والحمى، ومَا سواهمَا من الْأَمْرَاض، ففِي الْقيَاس عِنْدَنَا مثلهَا، وكَانَ السّفر المُرَاد فِي ذَلِكَ يخْتَلف فِيه عَلَى مَا ذكرنَا من الِاخْتِلَاف فِي السّفر الَّذِي تقصر فِيه الصَّلَاة فِي كتاب الصَّلَاة من كتب أَحْكَام الْقُرْآن هَذِهِ، فأغنانا ذَلِكَ إِعَادَته هَاهُنَا، غير أَنا نأتي بجملة مِنْهُ وَهِيَ أَن السّفر المُرَاد بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَة باتفاقهم، لمَّا كَانَ سفرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 خَاصّا من الْأَسْفَار، وَلم يدْخل فِيمَا أَجمعُوا عَلَى أَنه خَاص من الْأَسْفَار، إِلَّا مَا أَجمعُوا عَلَى أَن الله عَزَّ وَجَلَّ عناه مِنْهَا وقَدْ أَجمعُوا عَلَى أَن السّفر الَّذِي مِقْدَاره ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها قَدْ دخل فِيمَا عني من ذَلِكَ وَاخْتلفُوا فِيمَا دونه من الْأَسْفَار، فكَانَ الأولى بِنَا أَلا يدْخل فِي هَذِهِ الْآيَة من الْأَسْفَار إِلَّا السّفر الْمُتَّفق عَلَى دُخُوله فِيهَا، دون مَا سواهُ من الْأَسْفَار، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، يَقُولُونَهُ فِي السّفر الَّذِي يحل لصَاحبه فِيه الْإِفْطَار فِي شهر رَمَضَان ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، فَاخْتلف أهل الْعلم فِي المُرَاد بِهَذَا، فقَالَت طَائِفَة مِنْهُمْ: أَن يصام فِي أُخَرَ مُتَتَابِعَةٍ كمَا كَانَ يصام فِي عين الشَّهْر مُتَتَابِعًا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالك، غير أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: وَإِن صَامَهُ مُتَفَرقًا أَجزَأَهُ عَنهُ، غير أَن المتتابع فِي ذَلِكَ أحب إِلَيْهِ وقَالَت طَائِفَة مِنْهُمْ: هُوَ أَن يصام فِي أَيَّام أخر، إِن شَاءَ الَّذِي يصومها تابعها، وَإِن شَاءَ فرقها، وَلم يفضلوا فِي ذَلِكَ صَوْمه إِيَّاهَا مُتَتَابِعًا عَلَى صَوْمه إِيَّاهَا مُتَفَرقًا، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَزفر، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ وقَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ اخْتِلَاف، فَروِيَ عَنْ عَليّ، وَابْن عمر مَا يُوَافق مَا ذكرنَا عَنْ مَالك 829 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ مُتَتَابِعًا 830 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " اقْضِ رَمَضَانَ مُتَتَابِعًا، فَإِنْ فَرَّقْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ " 831 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَنْظَلَةُ، أَنَّهُ سَمِعَ سَالِمًا يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ: " لَا تُفَرِّقْهُ " 832 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ " يَأْمُرُ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ مُتَتَابِعًا " الحديث: 829 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 833- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ " يَكْرَهُ أَنْ يُفَرَّقَ قَضَاءُ رَمَضَانَ، أَوْ يُقَطَّعَ بَيْنَهُ " فَدلَّ قَول نَافِع أَن مَذْهَب ابْن عمر فِي التَّتَابُع فِي ذَلِكَ كمذهب عَليّ فِيه، وَأَنه عَلَى الِاسْتِحْسَان، لَا عَلَى الْإِيجَاب لمَذْهَب مَالك الَّذِي حكيناه عَنهُ فِي ذَلِكَ وقَدْ رُوِيَ عَنْ آخَرين من أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا يُوَافق مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمن ذَكَرْنَاهُ مَعَه فِي ذَلِكَ 834 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ ابْنِ وَهْبٍ وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَزْهَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزي، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ، يَقُولُ إِذَا سُئِلَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ: " أَنَّهُ لَمْ يُرَخَّصْ لَكُمْ فِي فِطْرِهِ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَلَيْكُمْ فِي قَضَائِهِ أَحْصِ الْعِدَّةَ وَاصْنَعْ كَيْفَ شِئْتَ " 835 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ: " أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاصْنَعُوا كَيْفَ شَئْتُمْ فِي الْقَضَاءِ " 836 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: " لَا بَأْسَ بِقَضَائِهِ مُتَفَرِّقًا " 837 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، مِثْلَه ُ838- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا حَيَّانُ بْنُ هِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ " لَا يَرَى بَأْسًا بِقَضَاءِ رَمَضَانَ مُتَفَرِّقًا " 839 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الحديث: 833 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ جَدَّتِهِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، يَقُولُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ: " أَحْصِي الْعِدَّةَ وَصُومِي كَيْفَ شِئْتِ " 840 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا يَزِيدَ الْحَسَّانِيَّ، يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ غَزْوَةَ الطَّرَابُلْسِ، فَجَمَعَنَا الْمَجْلِسُ يَوْمًا، وَمَعَنَا هُبَيْبُ بْنُ مُغَفَّلٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْنَا قَضَاءَ رَمَضَانَ، فَقَالَ هُبَيْبٌ: " لَا يُفَرَّقُ قَضَاءُ رَمَضَانَ، فَقَالَ عَمْرٌو: لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ " ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ نَظرنَا فِيمَا اخْتلفُوا فِيه مِنْهُ، فَوَجَدنَا الَّذِي كَانَ يحْتَج بِهِ متقَدمو أَصْحَابنَا لقَولهم من إِبَاحَة التَّفْرِيق، وَأَن لَا فضل للمتتابع فِي ذَلِكَ عَلَى المتفرق مِنْهُ أَنهم وجدوا من أفطر من شهر رَمَضَان يَوْمًا، وَصَامَ بَقِيَّة الشَّهْر: أَن عَلَيْهِ قَضَاء يَوْم مكَانَ ذَلِكَ الْيَوْم الَّذِي أفطره، وَأَنه لَا يجب عَلَيْهِ أَن يُعِيد صَوْم بَقِيَّة الشَّهْر مَوْصُولا بِالْيَوْمِ الَّذِي يَقْضِيه مِنْهُ، ليَكُون قَدْ قضى الشَّهْر مُتَتَابِعًا كمَا كَانَ يَصُومهُ فِي عين الشَّهْر مُتَتَابِعًا، قَالَ: فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إنمَا يكون صَوْم رَمَضَان عَلَيْهِ مُتَتَابِعًا لموافقة عين الشَّهْر، فإِذَا زَالَت عين الشَّهْر وَجب حكم التَّتَابُع، وَوَجَب الْقَضَاء بقَدْر عدَّة أَيَّامه، قَالُوا: وَلَو كَانَ وَجب قَضَاؤُهُ مُتَتَابِعًا لوَجَبَ عَلَى من أفطر شَهْرَيْن مُتَتَابعين من كَفَّارَة قتل الْخَطَأ، أَو كَفَّارَة ظِهَار، أَو من كَفَّارَة إفطار من جمَاع فِي يَوْم شهر رَمَضَان مُتَعَمدا، إِذَا أفطر مِنْهُ يَوْم أَن يسْتَأْنف الصَّوْم حَتَّى يَأْتِي بِهِ كُله مُتَتَابِعًا فكَانَ فِي حجتهم هَذِهِ كِفَايَة عِنْدَنَا عَلَى جَمِيع المخالفِين لَهُم فِيمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُم، إِذْ لَا نعلم لَهُم مُخَالفا فِيمَا ذَكرُوهُ من وجوب قَضَاء يَوْم عَلَى الَّذِي أفطر يَوْمًا من قَضَاء شهر رَمَضَان، لَا قَضَاء غَيره من ذَلِكَ الشَّهْر، حَتَّى وجدنَا شَيْئا يرْوى عَنْ سعيد بن الْمسيب فِي ذَلِكَ، وَهُوَ أَن يزِيد بن سِنَان 841 - حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يُفْطِرُ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا قَالَ: " عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ " وَاحْتمل هَذَا عِنْدَنَا من قَول سعيد أَن يكون أَرَادَ بِهِ صَوْم شهر مكَانَ شهر رَمَضَان الَّذِي لم يَأْتِ بِهِ مُتَتَابِعًا، حَتَّى يَكُونَ قَدْ قَضَاهُ مُتَتَابِعًا، أَو يكون قَدْ أَرَادَ بِصَوْم شهرا كَفَّارَة الحديث: 840 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 لانتهاك الْحُرْمَة الَّتِي انتهكها، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدنَا 842 - يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الَّذِي عَلَيْهِ قَضَاءُ شَهْرِ رَمَضَانَ: " يَقْضِيهِ مُتَفَرِّقًا إِنْ شَاءَ " فَدلَّ ذَلِكَ أَن مُرَاد سعيد الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنهُ فِي هَذَا الحَدِيث الأول أَنَّهُ ليَكُون كَفَّارَة عمَّا انتهك من الْحُرْمَة، لَا لمَا سوى ذَلِكَ وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمر الْمُفطر فِي شهر رَمَضَان بالجمَاع نَهَارا: " أَن يقْضِي يومَا لَا غير " فممَّا رُوِيَ عَنهُ فِي ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 843 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ الأَيْلِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ: " وَمَا ذَاكَ؟ "، قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، " فَأَمَرَهُ بِكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَقَالَ لَهُ: أَحْصِ يَوْمًا مَكَانَهُ 844 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وقَدْ وكد هَذَا الحَدِيث الَّذِي روينَا عَنْ سعيد، مَا صرفنَا إِلَيْهِ مذْهبه فِي أمره المفطرَ فِي يَوْم من شهر رَمَضَان مُتَعَمدا، بِقَضَاء شهر 845 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: " صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ وَاسْتَغْفِرِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ 846 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم ُ الحديث: 842 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْنٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ: " وَمَا ذَاكَ؟ " قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، " فَأَمَرَهُ بِكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ " 847 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَقَالَ لَهُ: " صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ " فَهَذَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمر الْمُفطر يَوْمًا من شهر رَمَضَان بِصَوْم مكَانِ ذَلِكَ الْيَوْم الَّذِي أفطره مِنْهُ، وَلم يَأْمُرهُ بِقَضَاء الشَّهْر بكمَاله وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل هَذَا فِي حَدِيث أم هَانِئ 848 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ أُمِّ هَانِئٍ، أَوِ ابْنِ أُمِّ بِنْتِ أُمِّ هَانِئٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا صَائِمَةٌ، فَنَاوَلَنِي فَضْلَ شَرَابِهِ، فَشَرِبْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّ سُؤْرَكَ، فَقَالَ: " إِنْ كَانَ مِنْ قَضَاءِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَصُومِي يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَإِنْ شِئْتِ فَاقْضِيهِ، وَإِنْ شِئْتِ فَلا تَقْضِيهِ " فَهَذَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَأْمر أم هَانِئ إِن كَانَ الْيَوْم الَّذِي أفطرته بشربها سؤره من قَضَاء رَمَضَان، أَن تقضي مَعَه غَيره، وَلم يسْأَلهَا هَل عَلَيْك صَوْم غَيره من شهر رَمَضَان، أَو لَيْسَ عَلَيْك صَوْم غَيره فَدلَّ مَا ذكرنَا عَلَى إِبَاحَته، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، التَّفْرِيق فِي قَضَاء رَمَضَان، وَأَن لَا شَيْء عَلَى الْمُفطر يَوْمًا من رَمَضَان من الْقيام غير صِيَام ذَلِكَ الْيَوْم خَاصَّة وقَدْ أجمع أهل الْعلم عَلَى أَن يَوْم الْفطر وَيَوْم النَّحْر لم يدخلا فِي الْأَيَّام الَّتِي جعل الله عَزَّ وَجَلَّ لمن أفطر فِي شهر رَمَضَان، أَن يصومها قَضَاء مِمَّا أفطره مِنْهُ، وَلم يبين الله عَزَّ وَجَلَّ لنا ذَلِكَ فِي كِتَابه، وَلكنه بَينه لنا عَلَى لِسَان رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 849 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي الحديث: 847 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَخَطَبَ النَّاسَ قَالَ: " إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا، يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْيَوْمُ الآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونُ فِيهِ مِنْ لَحْمِ نُسُكِكُمْ " 850 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: " شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 851 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: " صَلَّيْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ "، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 852 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى أَزْهَرَ، قَالَ: " شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ، فَكَانَا يُصَلِّيَانِ، ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ يُذَكِّرَانِ النَّاسَ، فَسَمِعْتُهُمَا يَقُولانِ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ، يَوْمِ النَّحْرِ وَيَوْمِ الْفِطْرِ " 853 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّهُ نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ، يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ " 854 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 855 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَيَّانَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ الحديث: 850 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 856 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ عُبَيْدٍ الْمَدَنِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا صَالِحٍ السَّمَّانَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 857 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَزَعةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 858 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَثَبت بمَا ذكرنَا عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يَوْم الْفطر وَيَوْم النَّحْر لَا يصامَان فِي قَضَاء رَمَضَان، وأنهمَا لم يدخلا فِي قَول الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، وإِذَا انْتَفَى أَن يصامَا قَضَاء من رَمَضَان، ثَبت أنهمَا لَا يصامَان عَنْ مَا سوى ذَلِكَ من الْكَفَّارَات، وَلَا من التَّطَوُّع، وَلَا عَنِ التَّمَتُّع بِالْحَجِّ إِلَى الْعمرَة وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد يَقُولُونَهُ فِي هَذَا فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَكَذَا كَانَ مَالك يَقُولُ فِي هَذَا، وَهَكَذَا كَانَ زفر يَقُولُ فِي هَذَا، حَتَّى كَانَ يَقُولُ: حكمهمَا فِي انْتِفَاء الصّيام عنهمَا فِي حكم اللَّيْل الَّذِي لَا صِيَام فِيه، حَدَّثَنَا بِمَعْنى ذَلِكَ من قَوْله مُحَمَّد، عَنْ يَحْيَى، عَنِ الْحسن، عَنْ زفر، وَهَكَذَا كَانَ الشَّافِعِي يَقُولُ وَاخْتلفُوا فِي أَيَّام التَّشْرِيق، فقَالَ بَعضهم: هِيَ غير دَاخِلَة فِي الْأَيَّام الَّتِي جعل الله عَزَّ وَجَلَّ لمن أفطر فِي شهر رَمَضَان أَن يصومها بَدَلا مَا أفطره مِنْهُ بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، وجعلوها فِي ذَلِكَ: كَيَوْم الْفطر وَيَوْم النَّحْر، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَزفر، وَمُحَمّد، وَهَذَا قَول مَالك كمَا 859 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: " لَا بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ إِذَا أَفْطَرْتَ الأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا، وَهِيَ يَوْمُ الأَضْحَى، وَالْفِطْرِ، وَأَيَّامُ مِنَى "، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ عَنْهُ الحديث: 856 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 وحَدَّثَنَا مُحَمَّد، عَنْ عَليّ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بمَا حكيناه عَنهُ وَلم يحك خلافًا وحَدَّثَنَا مُحَمَّد، عَنْ يَحْيَى، عَنِ الْحسن، عَنْ زفر بِذَلِكَ وقَالَ بَعضهم: هِيَ دَاخِلَة فِي الْأَيَّام الَّتِي أَبَاحَ الله عَزَّ وَجَلَّ لمن أفطر فِي شهر رَمَضَان، أَن يصومها قَضَاء مِنْهَا، وَلم يبين الله عَزَّ وَجَلَّ لنا فِي كِتَابه، وَبَينه لنا عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 860 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: خَرَجَ مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَنَادَى: " إِنَّ هَذِهِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ " 861 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَمْرٌو: وَقَدْ سَمَّاهُ نَافِعٌ وَنَسِيتُهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ يُقَالُ لَهُ: بِشْرُ بْنُ سُحَيْمٍ: " قُمْ فَأَذِّنْ فِي النَّاسِ، إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ فِي أَيَّامِ مِنَى " 862 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 863 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ بِشْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 864 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ " أُنَادِيَ فِي النَّاسِ أَيَّامَ مِنَى: إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، فَلا تَصُومُوا فِيهَا "، يَعْنِي: أَيَّامَ التَّشْرِيقِ 865 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْن ِ الحديث: 860 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، مَوْلَى عُقَيْلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَذَلِكَ الْغَدَ أَوْ بَعْدَ الْغَدِ مِنْ أَيَّامِ الأَضْحَى، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو طَعَامًا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَفْطِرْ فَإِنَّ هَذِهِ الأَيَّامَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا " فَأَفْطَرَ عَبْدُ اللهِ وَأَكَلَ وَأَكَلْنَا " 866 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جَرِيجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ الْمُطَّلِبِ أَخْبَرَهُ، " أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍ دَخَلَ عَلَى عَمْرٍو، فَدَعَاهُ إِلَى الْغَدَاءِ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، ثُمَّ الثَّانِيَةَ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: لَا، إِلا أَنْ تَكُونَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي النَّهْيَ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ " 867 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ " 868 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الأَخْضَرِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ أَنْ يَطُوفَ فِي أَيَّامِ مِنَى: أَلا لَا تَصُومُوا هَذِهِ الأَيَّامَ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " 869 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " الحديث: 866 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 870 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ نَبِيشَةَ الْهُذَلِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 871 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، وَمَرْزُوقٌ أَبُو عَبْدِ اللهِ الشَّامِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلاثَةِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ " 872 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 873 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أُؤَذِّنُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِمِنَى: لَا يَصُومَنَّ أَحَدٌ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ " 874 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، وَقَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ يُحَدِّثَانِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ امْرَأَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَتْ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنَى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، فَسَمِعْتُ مُنَادِيًا يَقُولُ: " إِنَّ هَذِهِ الأَيَّامَ أَيَّامُ طُعْمٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ "، قَالَتْ: فَأَرْسَلْتُ رَسُولا مِنَ الرَّجُلِ أَوْ مِنَ امْرَأَةٍ، فَجَاءَنِي الرَّسُولُ، فَحَدَّثَنِي أَنَّهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ابْنُ حُذَافَةَ، وَيَقُولُ: أَمَرَنِي بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 875 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُنْذِرُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَلْدَةَ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بَّن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُنَادِي فِي النَّاسِ: الحديث: 870 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 " لَا تَصُومُوا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ " 876 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي، قَالَتْ: لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى بَغْلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْضَاءِ، حَتَّى قَامَ إِلَى شِعْبِ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَقُولُ: " يَا مَعْشَرَ النَّاسِ "، إِنَّهَا لَيْسَتْ بِأَيَّامِ صَوْمٍ، إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " 877 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَزْعُمُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنُ الْحَكَمَ الزُّرَقِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنَى، فَسَمِعُوا رَاكِبًا وَهُوَ يَقُولُ: " لَا يَصُومَنَّ أَحَدٌ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ " 878 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ مَسْعُودًا حَدَّثَهُ، عَنْ أُمِّهِ نَحْوَهُ 879 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفُهَيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ يُوسُفَ بْنَ مَسْعُودٍ الزُّرَقِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ 880 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ أَنْ يَرْكَبَ رَاحِلَتَهُ أَيَّامَ الحديث: 877 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 مِنَى، فَيَصِيحَ فِي النَّاسِ: " أَلا لَا يَصُومَنَّ أَحَدٌ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ "، قَالَ: وَرَأَيْتُهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ يُنَادِي بِذَلِكَ 881 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ مَسْعُودَ بْنَ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فعقلنا بِذَلِكَ أَن أَيَّام التَّشْرِيق لم تدخل فِي الْأَيَّام الَّتِي أَمر الله عَزَّ وَجَلَّ من أفطر فِي شهر رَمَضَان، أَن يصومها قَضَاء مِمَّا أفطره مِنْهُ ولمَّا ثَبت أَلا تصام هَذِهِ الْأَيَّام عَنْ قَضَاء رَمَضَان، كَمَا لَا يصام يَوْم النَّحْر، وَلَا يَوْم الْفطر، ثَبت أَن لَا تصام عَنْ كَفَّارَة يَمِين، ولاعن كَفَّارَة ظِهَار، ولاعن كَفَّارَة قتل خطأ، وَلَا عَنْ كَفَّارَة إفطار فِي رَمَضَان، وَلَا عمَّا سوى ذَلِكَ مِمَّا يجب فِيه الصَّوْم تَطَوّعا وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، ومَالك، وَزفر، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ يَقُولُونَ فِي هَذَا غير أَن مَالكا كَانَ يَقُولُ فِي الْمُتَمَتّع: إِذَا لم يجد الْهَدْي، وَلم يصم فِي الْعشْر، أَنَّهُ يَصُوم أَيَّام التَّشْرِيق وقَدْ رُوِيَ هَذَا القَوْل عَنْ عَائِشَة، وَابْن عمر 882 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْفُضَيْلُ بْنُ الْحَسَنِ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَعَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " لَمْ يُرَخَّصْ فِي صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنَ الأَيَّامِ الَّتِي تُصَامُ عَمَّا سِوَى التَّمَتُّعِ، وَسِوَى الإِحْصَارِ فِي قَوْلِ مَنْ يُوجِبُ الصَّوْمَ فِي الإِحْصَارِ " وَفِيه النَّهْي عَنْ صيامهمَا لمَا سوى هذَيْن الْوَجْهَيْنِ، غير أَنا لم نجد أحدا مِمَّنْ روى هَذَا الحَدِيث عَنِ الزُّهْرِيّ سَاقه بِهَذَا اللَّفْظ غير عبد الله بن عيسي، فَأَما من سواهُ من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ، مَالك، وَإِبْرَاهِيم بن سعد فَرَوَوْه بِلَفْظ سوى هَذَا اللَّفْظ 883 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: " الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا مَا بَيْنَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَمَنْ لَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنَى " 884 - الحديث: 881 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 884 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِمِثْلِ ذَلِكَ 885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَعَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّهُمَا كَانَا يُرَخِّصَانِ لِلْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، وَلَمْ يَكُنْ صَامَ قَبْلَ عَرَفَةَ، أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ " وأصل الحَدِيث فِي هَذَا كمَا رَوَاهُ مَالك، وَإِبْرَاهِيم بن سعد، عَنِ ابْنِ شهَاب لَا كمَا رَوَاهُ عبد الله بن عِيسَى، لِأَن عَائِشَة كَانَت تَصُوم أَيَّام التَّشْرِيق تَطَوّعا، وكَانَ عُرْوَة يصومها أَيْضا كَذَلِكَ 886 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: " كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَصُومُ أَيَّامَ مِنَى، وَكَانَ أَبِي يَصُومُهَا " فاستحال بِذَلِكَ أَن تكون عَائِشَة قَدْ ثَبت عَنْهَا مَا رَوَاهُ عبد الله بن عِيسَى فِي حَدِيث أَبِي عوَانَة، الَّذِي ذكرنَا من النَّهْي عَنْ صِيَام أَيَّام التَّشْرِيق عَنْ غير التَّمَتُّع، وَعَن غير الْإِحْصَار، ثُمَّ تصومها هِيَ تَطَوّعا واستحال بِذَلِكَ أَن يكون عُرْوَة قَدْ سمع ذَلِكَ من عَائِشَة، ثُمَّ يَصُوم هُوَ أَيَّام التَّشْرِيق تَطَوّعا، وصومها إِيَّاهَا تَطَوّعا عَلَى مَا فِي حَدِيث هِشَام هَذَا، إنمَا هُوَ عِنْدَنَا وَالله أعلم، عَلَى أَنَّهُ لم يتَّصل بِهَا نهي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صيامها وفِي صِيَام أَيَّام التَّشْرِيق عَنِ التَّمَتُّع، وَعَن الْإِحْصَار كَلَام كثير لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه، وسنأتي بِهِ فِي مَوْضِعه من كتاب الْمَنَاسِك من كتاب أَحْكَام الْقُرْآن وَاخْتلفُوا فِيمن أفطر فِي رمَضَانَ أيامَا، فَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا، فَلم يقضها حَتَّى دخل عَلَيْهِ رَمَضَانٌ آخَرُ مِنْ قَابِلٍ وقَدْ كَانَ فِيمَا بَيْنَ الشَّهْرَيْنِ يُمكنهُ قَضَاء مَا عَلَيْهِ من الصَّوْم الَّذِي كَانَ أفطره فِي الشَّهْر الأول منهمَا وكَانَ بَعضهم يَقُولُ: يَصُوم هَذَا الشَّهْر الَّذِي قَدْ دخل عَلَيْهِ، ثُمَّ يقْضِي مَا عَلَيْهِ من الشَّهْر الآخر بعد خُرُوج يَوْم الْفطر عَنهُ، وَلَا شَيْء عَلَيْهِ غير ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، فِيمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ أَبِي الحديث: 884 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 يُوسُفَ، وَعَن أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد بِذَلِكَ وكَانَ بَعضهم يَقُولُ: يَصُوم هَذَا الشَّهْر الَّذِي دخل عَلَيْهِ، ثُمَّ يقْضِي مَا كَانَ أفطره من الشَّهْر الأول بعد ذَلِك، وَبعد خُرُوج يَوْم الْفطر عَنهُ، وَيطْعم عَنْ كل يَوْم يَقْضِيه مِسْكينا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالك، وَالشَّافِعِيّ، وقَدْ رُوِيَ هَذَا القَوْل عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وأَبِي هُرَيْرَة 887 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: مَرِضْتُ رَمَضَانَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اسْتَمَرَّ مَرَضُكَ أَمْ صَحَحْتَ فِيمَا بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: بَلْ صَحَحْتُ فِيمَا بَيْنَهُمَا، قَالَ: أَكَانَ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَدَعْهُ حَتَّى يَكُونَ، فَقَامَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَأَخْبَرَهُمْ، فَقَالُوا لَهُ: ارْجِعْ فَأَخْبِرْهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ، فَإِمَّا رَجَعَ هُوَ وَإِمَّا رَجَعَ غَيْرُهُ، فَقَالَ: إِنِّي مَرِضْتُ رَمَضَانَيْنِ لَمْ أَصُمْهُمَا، قَالَ: اسْتَمَرَّ بِكَ مَرَضُكَ أَمْ صَحَحْتَ فِيمَا بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: بَلْ صَحَحْتُ فِيمَا بَيْنَهُمَا، قَالَ: أكَانَ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: صُمْ رَمَضَانَيْنِ وَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا " 888 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ وَعَلَيْهِ رَمَضَانٌ آخَرُ، قَالَ: " يَصُومُ هَذَا، وَيُطْعِمُ عَنْ ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَيَقْضِيهِ " 889 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ مَرِضَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ صَحَّ فَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانٍ آخَرَ: " لِيَصُمِ الَّذِي حَضَرَ، ثُمَّ لْيَقْضِ الأَوَّلَ وَيُطْعِمْ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا " 890 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ رُقَيَّةَ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ فِي الَّذِي يَمْرَضُ فَلا يَصُومُ رَمَضَانَ، ثُمَّ يَبْرَأُ فَلا يَصُومُ، حَتَّى يُدْرِكَهُ رَمَضَانٌ آخَرُ، قَالَ: " يَصُومُ الَّذِي حَضَرَ، وَيَصُومُ الآخَرَ، وَيُطْعِمُ لِكُلِّ لَيْلَةٍ مِسْكِينًا " 891 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " يَصُومُ الآخَرَ، ثُمَّ يَصُومُ الأَوَّلَ وَيُطْعِمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا " 892 - الحديث: 887 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ 893 - كَتَبَ إِلَيَّ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الأَعَلَى يُحَدِّثُنِي، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي رَجُلٍ مَرِضَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانٌ آخَرُ، قَالَ: " يَصُومُ الأَوَّلَ وَيُطْعِمُ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدَّيْنِ " فَهَذَا الحَدِيث قَدْ زَاد عَلَى غَيره مِمَّا روينَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي مِقْدَار مَا يطعم كل مِسْكين وكَانَ بَعضهم يَقُولُ: يَصُوم هَذَا الآخر، وَيطْعم عَنِ الأول وَلَا يَقْضِيه، وقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عمر 894 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي رَجُلٍ فَرَّطَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانٌ آخَرُ، قَالَ: " يَصُومُ الَّذِي أَدْرَكَهُ، وَيُطْعِمُ عَنِ الأَوَّلِ كُلَّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ بُرٍّ، وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ " 895 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ رَمَضَانٌ، ثُمَّ يُدْرِكُهُ رَمَضَانٌ آخَرُ، قَالَ: " يَصُومُ هَذَا وَيُطْعِمُ عَنْ هَذَا كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا " وكَانَ بَعضهم يَقُولُ: يَصُوم الثَّانِي، وَيكون عَلَيْهِ مكَانَ الأول بَدَنَة مقلدة، وقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عمر من وَجه مُنْقَطع 896 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، وَحُمَيْدٌ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ، أَنَّ رَجُلا احْتُضِرَ، فَقَالَ لأَخِيهِ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ دَيْنًا، وَلِلنَّاسِ عَلَيَّ دَيْنًا، فَأَبْدَأُ بِدَيْنِ اللهِ فَأَقْضِيهِ، ثُمَّ أَقْضِي دَيْنَ النَّاسِ، إِنَّ عَلَيَّ رَمَضَانَيْنِ لَمْ أَصُمْهُمَا، فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: " بَدَنَتَانِ مُقَلَّدَتَانِ "، ثُمَّ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " يَرْحَمُ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا شَأْنُ الْبُدْنِ وَشَأْنُ الصَّوْمِ، أَطْعِمْ عَنْ أَخِيكَ سِتِّينَ مِسْكِينًا "، الحديث: 892 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 قَالَ أَيُّوبُ: وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ كَأَنَّهُ قَدْ صَحَّ بَيْنَهُمَا وَلَمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ نَظرنَا فِيه ، فأمَّا قَول من قَالَ: يجب عَلَيْهِ مكَانَ الصَّوْم بَدَنَة مقلدة، فَلَا معنى لِذَلِكَ عِنْدَنَا من قَوْله، ولَيْسَ مَا قَالَه من ذَلِكَ، وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ عمر بِثَابِت عَنهُ، لِأَن أَبَا يزِيد الْمدنِي لم يسمع من ابْن عمر، وقَدْ روى عَنِ ابْنِ عمر خِلَافه من هُوَ أثبت مِنْهُ، وَهُوَ نَافِع فِي حَدِيث عُبَيْدَة، عَنْ عبيد الله، عَنْ نَافِع الَّذِي روينَاهُ فِي هَذَا الْبَاب، وقَدْ روى أَيُّوب من هَذَا، عَنْ نَافِع شَيْئا 897 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ " مَرِضَ فِي رَمَضَانَ فَلَمْ يَصِحَّ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ، فَصَامَ الآخَرَ وَأَطْعَمَ عَنِ الأَوَّلِ " وَالْقُرْآن يدل عَلَى غير مَا رَوَاهُ أَبُو يزِيد فِي حَدِيثه الَّذِي ذكره عَنِ ابْنِ عمر، لِأَن الله عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابه: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وَلم يخص بِتِلْكَ الْأَيَّام الْأُخَر مَا قبل شهر رَمَضَان الجائي أفنجعله بِخِلَاف مَا بعد شهر رَمَضَان الجائي، وَسنة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تدل عَلَى خلاف ذَلِكَ؟ لِأَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمر الَّذِي أفطر يَوْمًا من رَمَضَان فِيمَا روينَا عَنهُ فِي هَذَا الْبَاب، أَن يقْضِي يَوْمًا مكَانَه، وَلم يقل لَهُ فِي شهر رَمَضَان الَّذِي بعده، فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أطلق لَهُ الْقَضَاء فِي كل الدَّهْر، لَا فِيمَا نهى عَنْ صَوْمه من الْأَيَّام الَّتِي نهى عَنْ صَومهَا، وَلم يَجْعَل حكم الصّيام الْمقْضِي كَحكم الصَّلَوَات المقضيات الفائتات، لِأَن من فَاتَتْهُ صَلَاة فوقتها الَّذِي يُصليهَا فِيه إِذَا ذكرهَا، لَيْسَ لَهُ أَن يؤخرها عَنْ ذَلِكَ إِلَى وَقت آخر، لِأَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا "، وَلِأَن من فَاتَهُ صِيَام رَمَضَان فِي عينه، فَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، كَانَ فِي سَعَة من تَأْخِير قَضَائِهِ إِلَى مَا قبل رَمَضَان الَّذِي يطْرَأ عَلَيْهِ 898 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَقُولُ: " إِنْ كَانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصِّيَامُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ حَتَّى يَدْخُلَ شَعْبَانُ " وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ: إنمَا كَانَ تَأْخِيرهَا قَضَاء رَمَضَان إِلَى شعْبَان لتشاغل رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فِي شعْبَان بالصيام، لِأَنَّهُ كَانَ يَصُومهُ كُله كمَا 899 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ الحديث: 897 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " لَا يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ فِي شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ " 900 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 901 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: " مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إِلا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ " 902 - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَقْرِنُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ "، قَالَ: وكَانَت عَائِشَة تُؤخر قَضَاء رَمَضَان إِلَى شعْبَان، حَتَّى تقضيه فِيه لاشتغال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا بصومه إِيَّاه، ولعلها كَانَت تذْهب إِلَى التَّتَابُع فِي قَضَاء رَمَضَان كمذهب عَليّ وَابْن عمر الَّذِي روينَاهُ عنهمَا فلمَّا كَانَتِ الصَّلَوَات لَا يسْقط فَرضهَا بترك قَضَائهَا فِي الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي قَضَاؤُهَا فِيه، كَانَ كَذَلِكَ الصّيام الْفَائِت لَا يسْقط فَرْضه بذهاب الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي قَضَاؤُهُ فِيه فَهَذِهِ حجَّة من ذَهَبَ إِلَى أَن دُخُول رَمَضَان من السّنة الثَّانِيَة لَا يسْقط بِهِ وجوب الْقَضَاء عَنِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَضَاء أَيَّام من الشَّهْر المَاضي وأمَّا الْحجَّة عَلَى من أوجب مَعَ الْقَضَاء الْإِطْعَام، فَإِنَّهُ لما كَانَ قَضَاء الصَّلَاة بعد التَّفْرِيط فِيهَا، لَا يجب مَعَه غَيره، كَانَ الصّيام الَّذِي ذكرنَا كَذَلِكَ لَا يجب عَلَيْهِ مَعَ قَضَائِهِ غَيره، لِأَن أَمر الصَّلَاة فِيمَا ذكرنَا أوكد من أَمر الصّيام، فإِذَا سقط عَنْ قَاضِي الصَّلَاة وجوب غَيرهَا عَلَيْهِ مَعَ قَضَائهَا، كَانَ ذَلِكَ عَنْ قَاضِي الصّيام أسقط ولمَّا كَانَ الصّيام نَائِبا فِي قَول هَؤُلَاءِ بعد مُضِيّ رَمَضَان الثَّانِي من الْأَيَّام الَّتِي كَانَت بعده، كَانَت تِلْكَ الْأَيَّام الَّتِي هِيَ من الْأَيَّام الَّتِي كَانَت الحديث: 900 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 بعده من الْأَيَّام الَّتِي قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، وَلم يذكر عَزَّ وَجَلَّ مَعَ ذَلِكَ طَعَاما فَهَذِهِ حجَّة توجب مَا ذكرنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمّد، فِي سُقُوط الْإِطْعَام، عَنْ من عَلَيْهِ قَضَاء شهر رَمَضَان الثَّانِي الَّذِي قَدْ دخل عَلَيْهِ، وَبعد أَن كَانَ أمكنه الْقَضَاء فِيمَا بينهمَا فَإِن قَالَ قَائِل: إِن الصّيام فِي هَذِهِ الْآيَة الصَّلَاة، لِأَن الصّيام قَدْ يصلح بِالْإِطْعَامِ، وَالصَّلَاة لَا تصلح بغَيْرهَا قيل ومَا دليلك عَلَى أَن الصّيام يصلح بِغَيْرِهِ من الْإِطْعَام؟ فَإِن ذكر الْكَفَّارَات الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْمُجَامِعَيْنِ فِي شهر رَمَضَان نَهَارا متعمدين لِذَلِكَ، قيل: وَهل يشبه هَذَا مَا كُنَّا فِيه؟ إِذْ كَانَتِ الْكَفَّارَة الَّتِي هِيَ إطْعَام سِتِّينَ مِسْكينا يجب لمكَانِ الْإِفْطَار عَنِ الصّيام فِي الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيه الجمَاع من شهر رَمَضَان، وَالَّذِي يجب عنْدك عَلَى المفرط فِي قَضَاء رَمَضَان إِلَى دُخُول رَمَضَان آخر عَلَيْهِ، إنمَا يجب عَلَيْهِ لمكَانِ كل يَوْم إطْعَام مِسْكين وَاحِد لَا غير، وَإِن ذكر أَنَّهُ يجب عَلَى الشَّيْخ الَّذِي لَا يُطيق الصَّوْم فِي شهر رَمَضَان إطْعَام مِسْكين عَنْ كل يَوْم مِنْهُ قيل لَهُ: هَذَا كمَا ذكرت، وقَدْ جعل هَذَا الطَّعَام الَّذِي ذكرت بَدَلا من الصّيام، لَا إصْلَاح الصّيام، فَلم نجد فِي الْأَشْيَاء الْمُتَّفق عَلَيْهَا شَيْئا يصلح بِهِ الصّيام كمَا ذكرت، فَيُعْطَفَ عَلَيْهِ هَذَا الْمَوْضُوع الْمُخْتَلف فِيه، غير أَنا نَظرنَا إِلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وأَبِي هُرَيْرَة فِي إيجابهمَا الْإِطْعَام عَلَى من وَجب عَلَيْهِ قَضَاء رَمَضَان، فَلم يقضه حَتَّى دخل عَلَيْهِ رَمَضَان آخر، وقَدْ أمكنه صَوْمه مَعَ الْقَضَاء الَّذِي أوجبناه عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَلم نره مَنْصُوصا فِي كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا فِي سنة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا وَجَدْنَاهُ يثبت بِالْقِيَاسِ، فعقلنا بِذَلِكَ أنهمَا لم يقولاه رَأيا وَلَا استنباطا، وإنمَا قَالَاه توقيفا فكَانَ القَوْل بِهِ حسنا عِنْدَنَا، وَلم نجد عَنْ أحد من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سواهمَا إِسْقَاط الْإِطْعَام فِي هَذَا، فَقُلْنَا بِهِ، وَخَالَفنَا أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبا يُوسُف، ومحمدا، فِي نفيهم وجوب الْإِطْعَام فِي ذَلِكَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ من الِاخْتِلَاف الَّذِي وَصفنَا، فَهُوَ فِيمن ترك قَضَاء رَمَضَان، وقَدْ أمكنه قَضَاؤُهُ حَتَّى يدْخل عَلَيْهِ رَمَضَان آخر، فأمَّا من ترك قَضَاءَهُ لعِلَّة تبيح لَهُ ترك الْقَضَاء، فَإِنَّهُ لَا يجب عَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاء فِي ذَلِكَ إطْعَام، وإنمَا عَلَيْهِ الْقَضَاء خَاصَّة عَلَى مَذْهَب ابْن عَبَّاس، وأَبِي هُرَيْرَة، الَّذِي روينَاهُ عنهمَا، وَالله الْمُوفق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} وكَانَ هَذَا من الْمُتَشَابه الْمُخْتَلف فِي المُرَاد بِهِ، وفِي ثُبُوت حكمه وفِي نسخه فقَالَ بَعضهم: هِيَ مَنْسُوخَة بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وَرووا ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَلمَة بن الْأَكْوَع صَاحب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 903 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ يَزِيدَ، مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ سَلَمَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ فَعَلَ حَتَّى نَزَلَتِ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا وقَدْ رُوِيَ هَذَا القَوْل، عَنْ عَامر الشّعبِيّ 904 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ شِبْرِمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} فَكَانَ الأَغْنِيَاءُ يُفْطِرُونَ وَيَفْتَدُونَ وَلا يَصُومُونَ، وَصَارَ الصَّوْمُ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الآيَةُ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، فَوَجَبَ عَلَى الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَنَسَخَتْ هَذِهِ تِلْكَ وقَالَ بَعضهم: لم يرد بِهَذِهِ الْآيَة إِلَّا الشَّيْخ الْكَبِير، 906 - والعجوز الْكَبِير المطيقان للصَّوْم، فَرخص لهمَا فِي الْإِفْطَار تخفِيفا عنهمَا، وَجعل عَلَيْهِمَا أَن يطعمَا مكَانَ ذَلِكَ الصَّوْم، الَّذِي يفطرانه، وَأَن يُجْعلا فِي ذَلِكَ كمن سواهمَا من الشَّبَاب والأصحاء، وَرووا ذَلِكَ عَنِ ابْن ِ عَبَّاس: الحديث: 903 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 905 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرِ فِي ذَلِكَ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، أَنْ يُفْطِرَا إِنْ شَاءَا، وَأَنْ يُطْعِمَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِهَذِهِ الآيَةِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} " فَثَبَتَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ وَالْمُرْضِعِ إِذَا خَافَتَا أَفْطَرَتَا، وَأَطْعَمَتَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا 906 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ، وَزَادَ: " وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا وَكَانَ بَعضهم يقْرؤهَا: وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ عَلَى مَعْنَى: يُطَوَّقُونَهُ وَلا يُطِيقُونَهُ 907 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى عَائِشَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، كَانَتْ تَقْرَأُ: يُطَوَّقُونَهُ 908 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا " 909 - حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ، قَالَ: " هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ يُطْعِمُ عِنْهُ نِصْفَ صَاعٍ لِكُلِّ يَوْمٍ " فكَانَ معنى يُطَوَّقُونَهُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الَّذين قرأوا هَذِهِ الْآيَة كَذَلِكَ يؤخذون بِهِ، كمَا 910 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ الحديث: 905 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ الَّذِينَ يُؤْخَذُونَ بِهِ، وَالَّذِينَ يُطِيقُونَهُ يَصُومُونَهُ " وقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَة عَنِ ابْنِ عَبَّاس كمَا ذكرنَا، وَرُوِيَ عَنهُ فِي المُرَاد بِهَا مَا وَصفنَا، وقَدْ رُوِيَ عَنهُ أَيْضا خلاف هَذِهِ الْقِرَاءَة 911 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِحْوَلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} قَالَ: " الَّذِينَ يُجَشَّمُونَهُ وَلا يُطِيقُونَهُ لِلْحُبْلَى وَالْمَرِيضِ وَالْكَبِيرِ وَصَاحِبِ الْعُطَاسِ " وكَانَ المُرَاد بالطاقة فِي هَذَا عِنْد ابْن عَبَّاس هُوَ الطَّاقَة الَّتِي مَعهَا الْمَشَقَّة عَلَى مَا فِي حَدِيث عزْرَة، عَنْ سعيد، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، الَّذِي روينَاهُ، ولَيْسَ عَلَى الطَّاقَة الَّتِي لَا مشقة لَهَا 912 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ تُرْضِعُ فَجَهِدَتْ، فَقَالَ لَهَا: " أَفْطِرِي، فَإِنَّكِ بِمَنْزِلَةِ {الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} " ففِي هَذَا الحَدِيث مَا يدل عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَت تطِيق الصَّوْم بِمَشَقَّة عَلَيْهَا وَجهد لَهَا، فَدلَّ ذَلِكَ من قِرَاءَة ابْن عَبَّاس عَلَى أَنَّهَا عَلَى إِثْبَات الطَّاقَة، لَا عَلَى نفِيها، وعَلَى أَن الطَّاقَة المرادة فِي ذَلِكَ هِيَ الطَّاقَة الَّتِي مَعهَا الْمَشَقَّة والجهد، لَا مَا سواهَا من الطاقات اللَّاتِي لَا جهد مَعهَا وَلَا مشقة وقَدْ ثَبت بِهَذِهِ التأويلات اللَّاتِي ذكرنَا إِيجَاب صَوْم شهر رَمَضَان فِي عين الشَّهْر عَلَى الْحَاضِرين، الْبَالِغين، المكلفِين، المطيقين لصومه، وانتفى أَن يكون لَهُم الرُّخْصَة فِي ترك صَوْمه لفدية يفتدونها مِنْهُ، لِأَن الَّذين ذَهَبُوا إِلَى أَن الْآيَة الَّتِي تلونا مَنْسُوخَة كمَا قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع فِيمَا روينَا عَنهُ من ذَلِكَ فِي هَذَا الْكتاب، ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ للنَّاس جَمِيعًا الْفِدْيَة من الصَّوْم بِالْإِطْعَامِ، حَتَّى نسخ الله عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بمَا نسخه بِهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَاب، وَلِأَن الَّذين ذَهَبُوا إِلَى أَن الْآيَة غير مَنْسُوخَة قرأوها عَلَى التطويق، لَا عَلَى الطَّاقَة جعلُوا الطَّعَام الْمَذْكُور فِيهَا عَلَى المطوقين غير المطيقين كمَا روينَا عَنْ عَائِشَة فِي هَذِهِ الْقِرَاءَة عَنِ ابْنِ عَبَّاس فِي الْمُوَافقَة لَهَا عَلَى ذَلِكَ، وفِي تَأْوِيله ذَلِكَ عَلَى مَا تَأَوَّلَه عَلَيْهِ، وَلِأَن الَّذين ذَهَبُوا إِلَى الرِّوَايَة الْأُخْرَى الَّتِي رويناها، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وقرأوها عَلَى إِثْبَات الطَّاقَة، جعلُوا الطَّعَام الْمَذْكُور فِيهَا بَدَلا من الصّيام عَلَى المطيقين لَهُ بالمشقة والجهد، لَا بمَا الحديث: 911 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 سواهمَا، وَجعلُوا من لَا مشقة عَلَيْهِ فِي الصَّوْم، وَلَا جهد عَلَيْهِ فِيه من الداخلين فِي قَوْله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فقَدْ عَاد صَوْم شهر رَمَضَان فِي عين الشَّهْر فرضا عَلَى المطيقين للصَّوْم بِلَا مشقة، وَلَا اجْتِهَاد من الْحَاضِرين المطيقين وفِي الْآيَة مَا دلّ عَلَى أَنَّهَا لست بمنسوخة، وَهُوَ قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، فَأخْبر عز وَجل أَن الصّيام مَكْتُوب علينا كمَا كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى من كَانَ قبلنَا مِمَّنْ كَانَ يُكْتَبُ عَلَيْهِ الْإِطْعَام عَنِ الصّيام، وَهُوَ يَقْدِر عَلَى الصّيام وقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا 913 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَن، عَنْ دَغْفَلِ بْنِ حَنْظَلَةَ، أَنَّ النَّصَارَى فُرِضَ عَلَيْهِمْ شَهْرُ رَمَضَانَ فِي الإِنْجِيلِ، فَكَانُوا يَصُومُونَ شَهْرًا، ثُمَّ مَرِضَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِهِمْ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ، إِنْ هُوَ بَرَأَ، أَنْ يَزِيدَ فِيهِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَبَرَأَ، فَزَادَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَكَانُوا يَصُومُونَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَهَلَكَ ذَلِكَ الْمَلِكُ وَجَاءَ مَلِكٌ آخَرُ، فَاشْتَكَى فَاهُ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ، إِنْ هُوَ بَرَأَ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَبَرَأَ فَزَادَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْمَلِكَ هَلَكَ وَجَاءَ مَلِكٌ آخَرُ، فَقَالَ: مَا يُنْصِفُونَ هَذِهِ الأَيَّامَ، كَمِّلُوهَا خَمْسِينَ، وَاجْعَلُوهَا فِي حِينٍ لَا حَرٍّ وَلا قُرٍّ قَالَ أَحْمد: أَفلا ترَوْنَ أَن الصَّوْم الَّذِي كَانَ كتب عَلَيْهِم لم يكن لَهُم أَن يبدلوه بِطَعَام، وَلَا بمَا سواهُ، فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن الَّذِي كتب علينا من ذَلِكَ عَلَى مثل الَّذِي كَانَ كتب عَلَيْهِم مِنْهُ فَإِن أفطرت حُبْلَى، أَو مرضع فِي مَوضِع الرُّخْصَة لهمَا فِي الْإِفْطَار، ثُمَّ أطاقتا الصَّوْم بعد ذَلِكَ، فَإِن أهل الْعلم اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ، فقَالَت طَائِفَة مِنْهُمْ: عَلَيْهِمَا الْإِطْعَام الْمَذْكُور فِي الْآيَة وَلَا قَضَاء عَلَيْهِمَا فِيمَا أفطرتاه، وقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وَابْن عمر 914 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ لأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حَامِلٍ أَوْ مُرْضِعٍ: " أَنْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ، عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِي مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلا قَضَاءَ عَلَيْكِ " 915 - الحديث: 913 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 915 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَثْلَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا فَهَكَذَا هَذَانِ الحديثان من حَدِيث ابْن أَبِي عرُوبَة فِيمَا تقَدم من هَذَا الْبَاب حَدِيث يزِيد بن سِنَان، عَنْ معَاذ بن هِشَام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَة، عَنْ عزْرَة، عَنْ سعيد، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، أَنَّهُ كَانَ لَهُ جَارِيَة ترْضع فجهدت، فقَالَ لَهَا: " أفطري، فَإنَّك بِمَنْزِلَة {الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} عَلَى إِثْبَات الطَّاقَة فَهَذَا خلاف مَا روى سعيد، عَنْ قَتَادَة، عَنْ عزْرَة، لِأَن سعيدا رَوَاهُ عَلَى نفِي الطَّاقَة وَرَوَاهُ هِشَام عَلَى إِثْبَاتهَا، وكلاهمَا فَجَائِز فِي الْمَعْنى، فأمَّا من رَوَاهُ كمَا ذكرنَا عَنْ سعيد، فعَلَى قِرَاءَة من قَرَأَ: وعَلَى الَّذين يُطَوَّقُونَهُ أَي: يطوقونه وَلَا يطيقُونَهُ، وأمَا من رَوَاهُ كمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ هِشَام فعَلَى قِرَاءَة من قَرَأَ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أَي: يطيقُونَهُ بِمَشَقَّة وَجهد والقراءتان جَمِيعًا قَدْ رويناهمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وَالله أعلم بِالصَّحِيحِ فِيمَا اخْتلف فِيه سعيد، وَهِشَام مِمَّا روينَاهُ عنهمَا، وَالْأَشْبَه بِمذهب ابْن عَبَّاس فِي هَذَا هُوَ مَا رَوَاهُ سعيد، لِأَن 916 - إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} وَاحِدٍ، {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} فَزَادَ مِسْكِينًا آخَرَ {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ، لَا يُرَخِّصُ إِلا لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ، أَوْ لِلْمَرِيضِ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُشْفَى " أَفلا ترى أَن ابْن عَبَّاس قَدْ أخبر فِي هَذَا الحَدِيث أَن المرخص لَهُ فِي الْإِطْعَام، وَترك الصّيام هُوَ الَّذِي لَا ترجى لَهُ الْقُوَّة عَلَى الصّيام فِي المستأنف فأمَّا من كَانَ ترجى لَهُ الْقُوَّة عَلَى الصّيام فِي المستأنف، فَإِنَّهُ لم يكن عِنْده كَذَلِكَ، وَالْمَرْأَة الْحَامِل أَو الْمُرْضع، إِذَا أفطرت فَهِيَ مِمَّنْ لم تؤنس لَهَا من القُدرة عَلَى الْقَضَاء فِي المستأنف، فَهِيَ مِمَّنْ لَا تُؤمر بِالْإِطْعَامِ الَّذين يكون بَدَلا من الصّيام حَتَّى يسْقط عَنْهَا فرض الصّيام وممَّا يدل عَلَى صِحَّته مِمَّا ذكرنَا، عَنْ سعيد مِمَّا خَالفه فِيه هِشَام أَن أَحْمد بن الْحسن الحديث: 915 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 917 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ الهرسي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ، قَالَ: " هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ، يَتَصَدَّقُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مِسْكِينٍ " فَهَذَا سعيد إنمَّا قصد بالطاقة فِي ذَلِكَ الطَّاقَة الَّتِي مَعهَا الْمَشَقَّة والجهد، اللَّذَان يجب لمن بِهِ، لِأَنَّهُ حكم الْعَجز، وَذكر ذَلِكَ فِي الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا ترجى لَهُ طَاقَة فِي المستأنف عَلَى الصّيام، فَدلَّ ذَلِكَ أَن مَا رَوَاهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس كَذَلِك أَيْضا وقَدْ رُوِيَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس من طَرِيق ابْن جُبَير مَا يدل عَلَى مَا رَوَاهُ سعيد بن أَبِي عرُوبَة 918 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ بَكْرِ بْنِ رَمَضَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، أَنَّ كُرَيْبًا حَدَّثَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: " يَفْتَدِي الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ يُطِيقُ الصِّيَامَ بِذَلِكَ " كَذَلِكَ أَن الْكَبِير الَّذِي لَا يُطيق الصّيام قَدْ دخل عِنْد ابْن عَبَّاس فِي المَأمورين بِالْإِطْعَامِ فِي هَذِهِ الْآيَة مَا يُثبتهُ المقتدين لمَذْهَب ابْن عَبَّاس فِيمَا اخْتلف فِيه سعيد، وَهِشَام، عَنْ قَتَادَة مَا رَوَاهُ سعيد عَنهُ، لَا مَا رَوَاهُ هِشَام، وقَدْ رُوِيَ عَنْ أنس، وَقيس بن السَّائِب صَاحِبي رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهمَا افتديا بِالْإِطْعَامِ من الصَّوْم لمَّا ضعفا عَنهُ كمَا 919 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّهُ ضَعُفَ عَنِ الصَّوْمِ سَنَةً قَبْلَ مَوْتِهِ فَأَفْطَرَ وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا " 920 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ السَّبِيعِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ: أَنَّ أَنَسًا كَانَ يُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا حِينَ ضَعُفَ عَنِ الصَّوْمِ " 921 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِي شَرِيكًا، فَخَيْرُ شَرِيكٍ لَا يُمَارِي يَنْظُرُ وَلا يُدَارِي، وَكَانَ قَيْسٌ قَدْ كَبِرَ، فَكَانَ يُطْعِمُ عَنْ نَفْسِهِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مُدَّيْنِ، فَأَطْعِمُوا عَنِّي صَاعًا " الحديث: 917 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 قَالَ أَبُو جَعْفَر رَحمَه الله: يُدَارِي يَعْنِي الْكَلَام المذموم، يُقَالُ: أيُدَاري عَلَيَّ إِذَا أغْلظ لَهُ، وَقيس مولى مُجَاهِد فَدلَّ مَا ذكرنَا فِيمَا تقَدم أَن الْإِطْعَام الْمَذْكُور فِي الْآيَة الَّتِي تلونا ثَابت حكمه غير مَنْسُوخ، وَأَنه أُرِيد بِهِ العاجزون عَنِ الصَّوْم الَّذين لَا يُرْجَى لَهُم عَلَيْهِ طَاقَة فِي المستأنف كمَا ذكرنَا فَإِن قَالَ قَائِل: وَكَيف يجوز أَن يَجْعَل تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة عَلَى مَا ذكرْتُمْ، وَيجْعَل فرض الصّيام قَدْ لحق من لَا يُطيق الصّيام، وقَدْ روينَا فِيمن عجز عَنِ الصَّلَاة، وَلم يطقها عَلَى حَال، حَتَّى مَات أَنَّهُ مِمَّنْ قَدْ زَالَ فَرضهَا عَنهُ؟ قيل لَهُ: الصَّلَاة فِي هَذَا لَا تشبه الصّيام، لِأَن الصَّلَاة لم يَجْعَل لَهَا بدل سواهَا فَيرجع من عجز عَنْهَا إِلَى ذَلِكَ الْبَدَل عَنْهَا، وَالصَّوْم فقَدْ جعل لَهُ بدل وَهُوَ الْإِطْعَام، فكَانَ من عجز عَن الصَّوْم، فَلم يقدر عَلَيْهِ رَجَعَ إِلَى بدله الَّذِي يقدر عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِطْعَام، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد رَحِمهم الله يَقُولُونَ فِي الشَّيْخ الْكَبِير الْعَاجِز عَنِ الصَّوْم، لَا يُرْجَى لَهُ عَلَيْهِ قُوَّة فِي المستأنف: أَنَّهُ يطعم عَنْ كل يَوْم مِسْكينا نصف صَاع من بر أَو سويق، أَو دَقِيق، أَو صَاعا من تمر، أَو شعير فِيمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ، وَعَن مُحَمَّد من رَأْيه مِمَّا ذكرنَا عَنْهُم، وقَدْ خالفهم فِي ذَلِكَ مخالفون، مِنْهُمْ مَالك رَحمَه الله كمَا 922 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَنَسًا كَبِرَ حَتَّى كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ، وَكَانَ يَفْتَدِي قَالَ مَالِكٌ: وَلا أَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى النَّاسِ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَفْعَلَهُ مَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ، فَمَنِ افْتَدَى، فَإِنَّمَا يُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمَا الثَّوْريّ، وَالشَّافِعِيّ، فكَانَ قولهمَا فِي ذَلِكَ كَقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ 923 - كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنِ الأَشْجَعِيِّ، قَالَ سُفْيَانُ: " الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ أَطْعَمَ عَنْ نَفْسِهِ " وكمَا حكى لنا الْمُزنِيّ، عَنِ الشَّافِعِي فِي مُخْتَصره قَوْله قَالَ: وَالشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يَسْتَطِيع الصَّوْم، وَيقدر عَلَى الْكَفَّارَة يتَصَدَّق عَنْ كل يَوْم بِمد من حِنْطَة الحديث: 922 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 وَهُوَ القَوْل الَّذِي حكيناه عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْري، وَمن ذَكَرْنَاهُ معهمَا، فَأحب الْقَوْلَيْنِ اللَّذين ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْمَعْنى إِلَيْنَا إِذَا كَانُوا جَمِيعًا قَدْ أمروا بِالْإِطْعَامِ فِي ذَلِكَ إِمَّا إِيجَابا، وإمَّا اسْتِحْبَابا، وَلم يجْعَلُوا ذَلِكَ كَالصَّلَاةِ الَّتِي يلْحق الْعَجز عَنْهَا، فَلم يأمروا مكَانَها بِبَدَل سواهَا إِيجَابا، وَلَا اسْتِحْبَابا، وَعَاد بمَا ذكرنَا حكم الصّيام المعجوز عَنهُ الَّذِي يقدر الْعَاجِز عَنهُ إِلَى مَا يحجّ بِهِ غَيره عَنهُ وقَدْ سَأَلت امْرَأَة من خثعم رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَالَت: إِن أَبِي شيخ كَبِير وقَدْ أدْركْت فَرِيضَة الله عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَج، أفيجزئ أَن أحج عَنهُ؟ قَالَ: " حجي عَنْ أَبِيك " هَكَذَا فِي حَدِيث ابْن الزبير، وفِي حَدِيث عَليّ بن أَبِي طَالب، أَن رجلا من خثعم سَأَلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَالَ: إِن أَبِي أدْركهُ الْحَج وَهُوَ شيخ كَبِير لَا يَسْتَطِيع ركُوب الرحل، وَالْحج عَلَيْهِ مَكْتُوب أفأحج عَنهُ؟ قَالَ: " نعم، فاحجج عَنهُ " وَسَنذكر ذَلِكَ بأسانيده، ومَا فِيه سوى هذَيْن الْحَدِيثين فِي مَوْضِعه من كتاب الْمَنَاسِك من كتاب أَحْكَام الْقُرْآن إِن شَاءَ الله تَعَالَى فكَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خُوطِبَ بِأَن الْحَج مَكْتُوب عَلَى عَاجز يَدَيْهِ عَنهُ، فَلم يُنكر ذَلِكَ عَلَى من خاطبه بِهِ إِذَا كَانَ من سنته، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحَج عَنِ الْعَاجِز، وكذَلِكَ الصّيام لمَّا كَانَ من السّنة الْإِطْعَام عَنِ الْعَاجِز عَنهُ، لم يكن الْفَرْض فِيه سَاقِطا عَنِ الْعَاجِز عَنهُ إِذَا كَانَ، وَإِن عجز عَنهُ، قَادِرًا عَنِ الْبَدَل مِنْهُ وَهُوَ الْإِطْعَام فأمَّا الْمَرِيض الَّذِي يعجز عَنِ الصَّوْم للمرض الَّذِي قَدْ نزل بِهِ، فَيكون كَذَلِكَ حَتَّى يَمُوت، فَإِن أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبا يُوسُف، ومحمدا كَانُوا يَقُولُونَ: قَدْ مَات هَذَا الرجل ، وَلَا فرض عَلَيْهِ فِي هَذَا الصَّوْم، وَإنَّهُ لَو كَانَ أوصى قبل وَفَاته بِالْإِطْعَامِ عَنْ صَوْم، إِن كَانَ لوَجَبَ عَلَيْهِ فِي حَيَاته، لم يجب أَن يطعم عَنهُ، لِأَنَّهُ مَات، وَلَا فرض عَلَيْهِ، وقَدْ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ من قَوْلهم سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد وقَدْ خولفوا فِي ذَلِكَ، فَقيل: الصَّوْم قَدْ كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ، وكَانَ مَعْذُورًا فِي تَركه، وكَانَ الْبَدَل مِنْهُ وَهُوَ الْإِطْعَام جَارِيا مكَانَه، فَوَجَبَ عَلَيْهِ أَن يطعمهُ فِي حَيَاته، وَوَجَب أَن يطعم عَنهُ بعد وَفَاته من تركته، إِن كَانَ قَدْ كَانَ أوصى أَن يطعم عَنْ صَوْم إِن كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ يَوْم يتوفى وقَدِ اخْتلف المتقدمون من أهل الْعلم فِي هَذَا، فَروِيَ عَنْهُم فِي ذَلِكَ مَا: 924 - الحديث: 924 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 924 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، أَنَّهُمَا سُئِلا عَنْ رَجُلٍ مَرِضَ فِي رَمَضَانَ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ، قَالا: " مَاتَ فِي رُخْصَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ " 925 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، فِي رَجُلٍ مَرِضَ فِي رَمَضَانَ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ، قَالَ: " يُطْعِمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا " 926 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: " إِذَا صَحَّ، ثُمَّ مَاتَ يُطْعَمُ عَنْهُ بِقَدْرِ مَا صَحَّ "، 927 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، أَنَّهُمَا قَالَا: " لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ " 928 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي رَجُلٍ " مَرِضَ رَمَضَانَ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَصِحَّ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ " ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ، وَوجدنَا الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يُطيق الصّيام، وَلَا ترجى لَهُ الطَّاقَة عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوت، يطعم عَنْ نَفسه فِي حَيَاته، ونوصي بإطعام ذَلِكَ عَنهُ بعد وَفَاته إِيجَابا، واستحبابا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ من الِاخْتِلَاف فِي ذَلِكَ فِيمَا تقَدَّم فِي هَذَا الْبَاب، كَانَ الْمَرِيض الَّذِي ذكرنَا كَذَلِكَ أَيْضا، وكَانَ مَا تمَادى بِهِ الْعَجز عَنِ الصّيام حَتَّى توفى بِهَذِهِ الْمنزلَة وأمَّا الْحَامِل والمرضع فَلَا معنى لإطعامهمَا عَنْ أنفسهمَا مَا كَانَتا ترجى لهمَا الطَّاقَة عَلَى الصّيام فِي المستأنف، وهمَا كمن قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وقَدْ ذكرهمَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجمع بينهمَا وَبَين الْمُسَافِر فِيمَا وَضعه الله عَزَّ وَجَلَّ بِالسَّفرِ من الصّيام كمَا 929 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَيَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الحديث: 925 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةٍ، فَإِذَا هُوَ يَتَغَدَّى، فَقَالَ: " هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ "، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: " هَلُمَّ أُخْبِرْكَ عَنِ الصَّوْمِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ وَالصَّوْمِ، وَرَخَّصَ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ " 930 - حَدَّثَنَا نَصْرٌ، وَيَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قِلابَةَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُشَيْرٍ، عَنْ عَمِّهِ حَدِيثًا، ثُمَّ لَقِينَاهُ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو قِلابَةَ: حَدِّثْهُ يَعْنِي: أَيُّوبَ، فَقَالَ الشَّيْخُ: حَدَّثَنِي عَمِّي، أَنَّهُ ذَهَبَ فِي إِبِلٍ لَهُ، فَانْتَهَى إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَأْكُلُ، أَوْ يَطْعَمُ، فَقَالَ: " ادْنُ فَكُلْ، أَوِ ادْنُ فَاطْعَمْ "، قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: " ادْنُ فَلأُخْبِرْكَ أَوْ لأُحَدِّثْكَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ، وَعَنِ الْحَامِلِ أَوِ الْمُرْضِعِ " 931 - حَدَّثَنَا نَصْرٌ، ويَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُوَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، مِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِيَ: " ادْنُ فَأَصِبْ مِنْ طَعَامِنَا "، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: " بَلْ أُحَدِّثُكَ عَنِ الصَّلاةِ، وَالصَّوْمِ، أَوِ وَالصِّيَامِ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ أَوْ قَالَ: شَطْرَ الصَّلاةِ، وَوَضَعَ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ عَنِ الْمُسَافِرِ، وَعَنِ الْحُبْلَى، أَوِ الْمُرْضِعِ "، وَاللهِ لَقَدْ قَالَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَيَا لَهْفَ نَفْسِي أَلا أَكُونَ طَعِمْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفلا ترى أنهمَا مَوْضُوع عنهمَا الصّيام، كمَا هُوَ مَوْضُوع عَنِ الْمُسَافِر، وكَانَ الْمُسَافِر مَوْضُوع عَنهُ الصّيام فِي عين الشَّهْر إِلَى بدل مِنْهُ، وَهُوَ الصّيام فِي غير الشَّهْر، لَا إِلَى بدل مِنْهُ سوى الصّيام مَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الصّيام، وكذَلِكَ الحبلى والمرضع المقرونتان مَعَه فِي الحَدِيث، وضع عنهمَا الصَّوْم فِي عين الشَّهْر إِلَى بدل مِنْهُ، وَهُوَ الصَّوْم فِي غير الشَّهْر، قَضَاء عَنِ الشَّهْر، لَا إِلَى بدل من الصَّوْم سواهُ هَذَا هُوَ الْقيَاس عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَاب وَالله أعلم الحديث: 930 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِيمن توفى وعَلَيْهِ صَوْم، هَل يصام عَنهُ كمَا يُحج عَنْ من توفّي وعَلَيْهِ حج؟ فقَالَ أَكْثَرهم: لَا يصام عَنهُ كمَا لَا يصلى عَنهُ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، ومَالك، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ رَحْمَة الله عَلَيْهِم وقَالَ بَعضهم: بل يصام عَنهُ كمَا يحجّ عَنهُ، وقَدْ رويت فِي ذَلِكَ رِوَايَات فَمِنْهَا مَا 932 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ " وَمِنْهَا مَا 933 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا ذَكَرْنَا وقَدْ رُوِيَ عَنْهَا فِي فتياها بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا خلاف ذَلِكَ 934 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلاةٍ لِبَنِي عَصِيفَةَ، قَالَتْ: " سَأَلْتُ تُرِيدُ عَائِشَةَ عَنِ امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَقَالَتْ: أَطْعِمُوا عَنْهَا " وَاللَّفْظُ لِرَوْحٍ 935 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَعَلَيْهَا رَمَضَانُ، أَيَصْلُحُ أَنْ أَقْضِيَ عَنْهَا؟، فَقَالَتْ: " لَا، وَلَكِنْ تَصَدَّقِي عَنْهَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خَيْرٌ مِنْ صِيَامِكِ عَنْهَا " الحديث: 932 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 فَهَذِهِ عَائِشَة قَدْ أفتت بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلا يصام عَنِ الْمَوْتَى، وخالفت فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَنْهَا عُرْوَة بن الزبير، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعقلنا بِذَلِكَ أَنَّهَا لم تتْرك مَا قَدْ عَلمته من قَول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا إِلَى قَول مِنْهُ آخر نسخ بِهِ القَوْل الأول الَّذِي عَلمته مِنْهُ وممَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ 936 - أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ مُوسَى الطَّائِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الرَّاسِحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتِ الْبَحْرَ، فَنَذَرَتْ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ نَجَّاهَا مِنْهُ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَصُومَ، فَسَأَلَتْ أُخْتُهَا أَوْ بَعْضُ أَقَارِبِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَأَمَرَ أَنْ يُصَامَ عَنْهَا " 937 - وَأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَرَاهُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْبَطِينُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتِ الْبَحْرَ، فَنَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَصُومَ، فَأَتَتْ أُخْتُهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَأَمَرَهَا أَنْ تَصُومَ عَنْهَا " 938 - وَأَنَّ يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَقَالَ: " أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ كُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: " اقْضُوهُ عَنْهَا أَوِ اقْضِي عَنْهَا " فقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كمَا ذكرنَا، وقَدْ رُوِيَ فِي فتياه بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا خلاف ذَلِكَ 939 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الأَحْوَلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَكِنْ يُطْعَمُ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ " الحديث: 936 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 940 - وَكَتَبَ إِلَيَّ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ يُحَدِّثُنِي، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ، أَوْ نَذَرُ صِيَامِ آخَرَ؟ قَالَ: " يُطْعَمُ عَنْهُ سِتُّونَ مِسْكِينًا " فَهَذَا ابْن عَبَّاس قَدْ أفتى بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن لَا يصام عَنِ الْمَوْتَى، وَخَالف فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَنهُ سعيد بن جُبَير، وَعِكْرِمَة، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا ذكرنَا فعقلنا بِذَلِكَ أَنَّهُ لم يتْرك مَا قَدْ علمه من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا إِلَى قَول مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نسخ بِهِ القَوْل الأول الَّذِي علمه مِنْهُ وقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عمر، وأَبِي هُرَيْرَة فِي ذَلِكَ اخْتِلَاف 941 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ، عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " لَا تَصُومُوا عَنْ مَوْتَاكُمْ وَتَصَدَّقُوا عَنْهُمْ " 942 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمِهْزَمِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ أَوْ صَوْمٌ فَلْيَقْضِ عَنْهُ وَلِيُّهُ " فأمَّا عبد الله بن عمر، فقَالَ فِي هَذَا بمَا يُوجِبهُ الْقيَاس، وأمَّا أَبُو هُرَيْرَة، فقَالَ فِيه بِالَّذِي يرويهِ فِيه عَنْ عَائِشَة، وَابْن عَبَّاس، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعلمنَا نسخه فَرَجَعَا إِلَيْهِ، وَلم يُعلمهُ أَبُو هُرَيْرَة، فَثَبت عَلَى الْأَمر الأول ولمَّا كَانَ قَدْ ثَبت فِيمَا ذكرنَا من التأويلات الَّتِي وَصفنَا للإطعام عَلَى من عجز عَنِ الصّيام، لَا الصّيام عَنهُ، ثَبت أَن عدم الصّيام بِالْمَوْتِ يكون فِيه الْإِطْعَام، لَا قَضَاء الصّيام فأمَّا من مَات وعَلَيْهِ الْإِطْعَام الَّذِي ذكرنَا عَنِ الصّيام، وَلم يوصِ بِذَلِكَ حَتَّى مَات، وَترك مَالا فِيه وَفَاء بمَا عَلَيْهِ من ذَلِكَ، فَإِن أهل الْعلم قَدِ اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ، فقَالَت طَائِفَة مِنْهُمْ: قَدْ صَارَت تركته مِيرَاثا لوَرثَته، وَلَا يجب عَلَيْهِم أَن يطعموا مِنْهَا شَيْئا، وَإِن كَانَ أوصى بذلك فِي حَيَاته كَانَ مَا أوصى بِهِ مِنْهُ فِي ثلث تركته غير مبدأ عَلَى مَا سواهُ من وَصَايَا إِن كَانَت لَهُ سوى ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا القَوْل: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد رَحِمهم الله الحديث: 940 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 وَطَائِفَة مِنْهُمْ تَقول: إِن كَانَ لم يوص بِذَلِكَ فقَدْ بَطل، وَلَا يجب عَلَى وَارثه أَن يُخرجهُ عَنهُ من تركته، وَإِن كَانَ أوصى بِذَلِكَ كَانَ من ثلث تركته مبدأ عَلَى وَصَايَا، إِن كَانَت لَهُ سواهُ، وَهَذَا قَول مَالك، وَغير وَاحِد من أهل الْمَدِينَة وَطَائِفَة تَقول: هُوَ دين فِي تركته، يخرج من رَأس مَاله كَسَائِر الدُّيُون الَّتِي تكون عَلَى الْمَوْتَى مِمَّا سوى ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِي وقَدْ رُوِيَ عَنِ المتقَدْمين فِي هَذَا اخْتِلَاف فِيمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا: 943 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَنَسٍ قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، " فِي الرَّجُلِ يُوصِي أَنَّ عَلَيْهِ حَجَّةَ الإِسْلامِ، أَوْ عَلَيْهِ زَكَاةً، قَالَ الْحَسَنُ: نَقُولُ: " يُعْطَيَانِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، أَوْصَى بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ " 944 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ 945 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الأَعْلَمِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " هُوَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ يَعْنِي: الْحَجَّ "، قَالَ: وَالزَّكَاةُ كَذَلِكَ 946 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ أَخْبَرَنِي قَيْسٌ، عَنْ عَطَاءٍ، " فِي رَجُلٍ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ الْفَرِيضَةَ، قَالَ: " يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالزَّكَاةُ مِثْلُ ذَلِكَ " 947 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ الْحَجَّةُ، وَالنَّذْرُ، أَنَّهُ قَالَ: " هُوَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ " 948 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَالنَّذْرُ، قَالَ: " لَا يُقْضَى عَنْهُ إِلا أَنْ يُوصِيَ بِهِ، فَإِنْ أَوْصَى بِهِ فَمِنَ الثُّلُثِ " 949 - الحديث: 943 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 949 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَمَّادٍ، وَدَاوُدَ، وَاللَّيْثِيِّ، وَحُمَيْدٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا: " هُوَ مِنَ الثُّلُثِ " ولمَّا اخْتلفُوا فِيمَا ذكرنَا نَظرنَا فِيمَا اخْتلفُوا فِيه مِنْهُ، فأمَّا من قَالَ: إِنَّه لَا يجب فِي مَال الْمَيِّت إِلَّا أَن يُوصي بِهِ فَيكون فِي ثلثه مبدأ عَلَى سَائِر وَصَايَاهُ، فَلَا معنى لقَوْله عِنْدَنَا، لِأَنَّهُ كَانَ فِي مَاله وَاجِبا كَانَ وَاجِبا فِيه، أوصى بِهِ أولم يوص بِهِ، وكَانَ وَاجِبا فِي جَمِيعه، لَا فِي ثلثه كمَا تَجِبُ الدُّيُون سواهُ، وَإِن كَانَ غير وَاجِب فِي مَاله حَتَّى يُوصي بِهِ كَانَ فِي ثلث تركته كَسَائِر وَصَايَاهُ، فَانْتفى بِذَلِكَ هَذَا القَوْل، وَثَبت أحد الْقَوْلَيْنِ الآخرين وكَانَ من حجَّة من جعله من جَمِيع المَال، وَجعله دينا فِي جَمِيعه كَسَائِر الدُّيُون سواهُ، أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ للَّذي سَأَلَهُ عَنِ الْحَج عَنْ أَبِيهِ: " أَرَأَيْت لَو كَانَ عَلَى أَبِيك دين فقضيته عَنهُ "، أكَانَ ذَلِكَ يُجزئ؟ وَسَنذكر ذَلِكَ فِي مَوْضِعه من كتاب الْمَنَاسِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَجعله رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالدّين، فَلَا شَيْء أشبه بِشَيْء من سنة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدهمَا بِالْآخرِ فكَانَ من الْحجَّة عَلَيْهِ للآخرين، أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شبهه بِالدّينِ كمَا ذكر، وَلم يقل إِنَّه دين، وفِي تشبيهه إِيَّاه بِالدّينِ مَا يدل عَلَى أَنَّهُ غير دين، لَا يشبه الشَّيْء بِنَفسِهِ، وإنمَا يشبه بِغَيْرِهِ مِمَّا عَلَيْهِ موجوده فِيه، كمَا قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر لمَّا قَالَ لَهُ: أتيت الْيَوْم أمرا عظيمَا، قبلت امْرَأَتي وَأَنا صَائِم، فقَالَ لَهُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرَأَيْت لَو تمضمضت بمَاء وَأَنت صَائِم أكَانَ بِهِ بَأْس؟ " فقَالَ لَا، قَالَ: " ففِيم؟ " وكمَا قَالَ للأعرابي الَّذِي أنكر وَلَده لمَّا جَاءَت بِهِ امْرَأَته أسود: " هَل لَك من إبل؟ " فقَالَ: نعم، فقَالَ: " فمَا ألوانها؟ " فقَالَ: كَذَا، فقَالَ: " هَل فِيهَا من أَوْرَق؟ " قَالَ: إِن فِيهَا لورقاء، قَالَ: " من أَيْن ترى ذَلِكَ جاءها؟ " فقَالَ: من عرق نَزعهَا، فقَالَ: " وَلَعَلَّ هَذَا من عرق نَزعه " وكَانَ تشبيهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذكرنَا إنمَا هُوَ تشبيهه شَيْئا بِخِلَافِهِ مِمَّا يُشبههُ الْأَشْيَاء بِنَفسِهِ، وكذَلِكَ تشبيهه الْحَج بِالدّينِ دَلِيل عَلَى أَن الْحَج غير دين، وَلكنه فرض الله عَزَّ وَجَلَّ فِي الْأَبدَان كالديون الْمَفْرُوضَة فِي الْأَمْوَال، فَأعلمهُ أَن قَضَاء الْحق الَّذِي لله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَبِيهِ فِي بدنه، كقضائه للحق الَّذِي عَلَيْهِ فِي مَاله ولمَّا كَانَ الرجل الَّذِي عَلَيْهِ الدُّيُون لِأُنَاس شَتَّى مَأخوذا بِهَا، مصروفا مَاله فِيهَا، وكَان َ الحديث: 949 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 من خوضهم فِي دُيُون عَلَيْهِ، وَلم يحجّ حجَّة الْإِسْلَام، فَوَجَبَ أَن يخاض بَيْنَ غرمَائه فِي مَاله لم يخاض بَيْنَ الْحجَّة وَبينهمْ فِيه، دلّ ذَلِكَ عَلَى أَن الْحجَّة لَيْسَت بموجبةٍ دينا عَلَى من هِيَ عَلَيْهِ كديون الْآدَمِيّين، وكذَلِكَ مَا سواهَا من حُقُوق الله عَزَّ وَجَلَّ، وَمن كَفَّارَات الأيمَان، وَأَسْبَاب الصّيام، وَجَزَاء الصَّيْد، ودمَاء التَّمَتُّع وَالْقرَان وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِي الْمِقْدَار الَّذِي يطعم عَنِ الصّيام الَّذِي كَانَ عَلَى المفطرين فِي شهر رَمَضَان مِمَّنْ لم يقضه حَتَّى توفّي، وَأوصى بِقَضَائِهِ بعد وَفَاته عَنِ المؤيس لَهُم من الطَّاقَة عَلَى الصّيام من الْأَجْنَاس، قَالَ ذَلِكَ إِيجَابا، وَمِمَّنْ قَالَه اسْتِحْبَابا، وقَدْ ذكرنَا ذَلِكَ، ومَا قَالَه كل وَاحِد فِيمَا تقَدم من كتَابنَا، فأغنانا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته هَاهُنَا، غير أَنا لم نَكُنْ ذكرنَا فِي ذَلِكَ الأولى مِمَّا قَالُوه فِي الْمِقْدَار الَّذِي يطعم عَنهُ، فاحتجنا إِلَى ذكره هَاهُنَا، فَوَجَدنَا الله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذكر الْإِطْعَام فِي غير مَوضِع من كِتَابه، فَمن ذَلِكَ مَا ذكره فِي كَفَّارَات الإيمَان بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} الْآيَة فكَانَ أهل الْعلم فِي مِقْدَار ذَلِكَ الْإِطْعَام مختلفِين، فطائفة مِنْهُمْ تَجْعَلهُ من الْحِنْطَة مَدين بِمد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتجعله من التَّمْر وَالشعِير مثل ضعف ذَلِكَ وَهُوَ أَرْبَعَة أَمْدَاد، ويروون ذَلِكَ عَنْ عمر بن الْخطاب، وَعَن عَليّ بن أَبِي طَالب وَطَائِفَة مِنْهُمْ تَجْعَلهُ مدا بِمد النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويروون ذَلِكَ عَنْ عبد الله بن عمر، وَزيد بن ثَابت، فَلم يكن فِي هَذَا دَلِيل فِي مِقْدَار الْإِطْعَام عَنِ الصّيام الَّذِي ذكرنَا، وَمِنْهَا الْإِطْعَام عَنِ الظِّهَار لمن لم يجد رَقَبَة، وَلم يسْتَطع صَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} فكَانَ أهل الْعلم مختلفِين فِي مِقْدَار مَا يطعم عَنْ ذَلِكَ كاختلافهم فِي مِقْدَار مَا يطعم عَنْ كَفَّارَة الأيمَان، فَلم يكن فِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى مِقْدَار الْإِطْعَام عَنِ الصّيام الَّذِي ذكرنَا وَمِنْهَا الْإِطْعَام فِي جَزَاء الصَّيْد بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} فكَانَ أهل الْعلم مختلفِين فِي مِقْدَار مَا يطعم كل مِسْكين مِنْهُمْ من ذَلِكَ كاختلافهم فِي مِقْدَار مَا يطعم كل مِسْكين فِي كَفَّارَات الأيمَان، وفِي كَفَّارَات الظِّهَار، فَلم يكن فِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى مِقْدَار الْإِطْعَام عَنِ الصّيام الَّذِي ذَكَرْنَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 وَمِنْهَا الْإِطْعَام فِي الْحلق فِي الْإِحْرَام من الْمَرَض، وَمن الْأَذَى بقوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فكَانَ أهل الْعلم مُجْمِعِينَ فِي هَذَا عَلَى أَنَّهُ مدان، وبذَلِكَ أَمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَعْب بن عجْرَة لمَّا أَذَاهُ هَوَامُّ رَأسه، وَأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَة فَأمره أَن يحلق رَأسه ويذبح شَاة، أَو يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام، أَو يطعم سِتَّة مَسَاكِين كل مِسْكين مَدين فكَانَ هَذَا مِقْدَارًا من الطَّعَام، مُتَّفقا عَلَيْهِ، غير حرف وَاحِد مِنْهُ ، وَهُوَ أَن حَدِيث كَعْب هَذَا يَقُولُ فِيه عبد الله بن معقل، عَنْ كَعْب، عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " مَدين من بر " وَيَقُول فِيه أَبُو قلَابَة، عَنِ ابْنِ أَبِي ليلى، عَنْ كَعْب، عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " مَدين من تمر " وَيَقُول فِيه الشّعبِيّ، عَنْ كَعْب، عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يحدث يزِيد بن ذريع، عَنْ دَاوُد بن أَبِي هِنْد، عَنِ الشّعبِيّ، " مَدين من تمر "، غير أَن حمَاد بن سَلمَة قَدْ رَوَاهُ، عَنْ دَاوُد، عَنِ الشّعبِيّ، عَنْ عبد الرَّحْمَن بن أَبِي ليلى، عَنْ كَعْب، عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَاد الِاخْتِلَاف فِي هَذَا عَنْ كَعْب، وَلم نجد فِي شَيْء من الْإِطْعَام عَنْ غير حلق للرأس فِي الْإِحْرَام من مرض أَو من أَذَى، " مَدين من تمر " أصلا، إنمَا وجدنَا فِيه " مدا من تمر " فِي كَفَّارَات الأيمَان، وفِيمَا سواهَا فِي قَول وَأَرْبَعَة أصلا، وَمن التَّمْر فِي قَول آخَرين فلمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لم نجْعَل للْمَدِين من التَّمْر معنى يعْطف عَلَيْهِ غَيره، وَجَعَلنَا الْمَدِين من الْبر أولى، لِأَن الَّذِي حلق رَأسه فِي إِحْرَامه من الْمَرَض أَو من الْأَذَى أجمع أَن عَلَيْهِ كَفَّارَة مَا، وكَانَ إِذَا أطْعم كل مِسْكين مَدين من تمر لم يُجزئهُ ذَلِكَ عِنْد بَعضهم، وأجزأه عِنْد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 بَعضهم، وكَانَ أولى الْأَشْيَاء بِنَا أَلا تبطل عَنْ رجل كَفَّارَة، فقَدْ أحطنا علما بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ إِلَّا بعد إحاطتنا علما بزوالها عَنهُ ولمَّا وَجب أَن يكون مِقْدَار الْإِطْعَام فِي حلق الرَّأْس فِي الْإِحْرَام من أَذَى أَو من مرض كمَا ذكرنَا، وَجب أَن يكون كَذَلِكَ مِقْدَار الْإِطْعَام فِي سَائِر الْكَفَّارَات من الْبر، وإِذَا وَجب ثُبُوت قَول أهل هَذَا الْمَذْهَب أَن الزَّبِيب فِي قَوْلهم فِيمَا سوى الْبر، أَنَّهُ أَرْبَعَة أَمْدَاد، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد يَقُولُونَهُ فِي هَذَا إِلَّا فِي الزَّبِيب خَاصَّة فَإِن مُحَمَّدًا حَدَّثَنَا، عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُف، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّهُ " عدل الزَّبِيب فِي ذَلِكَ بِالْحِنْطَةِ، وَجعله مَدين " وقَدْ روى الْحسن بن زِيَاد، عَنْ أبي حنيفَة خلاف ذَلِكَ، وَأَنه عدل الشّعير بِالتَّمْرِ فَجعله كهمَا وَهَذَا قَول أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمّد من رأيهمَا وَهُوَ أحب الْقَوْلَيْنِ إِلَيْنَا وأمَا السويق والدقيق فَإِن الْقيَاس عِنْدَنَا فِيهمَا أَن لَا يَكُونَا كالبر فِيمَا يُجزئ مِنْهُ الدُّخُول الصَّنْعَة إياهمَا ولإجمَاعهم عَلَى أَنَّهُ لَا يجوز بيعهمَا بِالْحِنْطَةِ وقَدْ ذكرنَا أَقْوَال أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِقْدَار الْإِطْعَام وقَدْ ذكرنَا حَدِيث كَعْب، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِقْدَار الْإِطْعَام فِيمَا وَصفنَا، وَلم نأت بأسانيدها لِأَنَّهَا أخرناها إِلَى موَاضعهَا الَّتِي يحْتَاج إِلَيْهَا فِيهَا فِيمَا بعد من كتبنَا هَذِهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِيمن صَامَ رَمَضَان فِي السّفر، فقَالَ بَعضهم: لَا يُجزئهُ وعَلَيْهِ أَن يَقْضِيه فِي الْحَضَر، وَرووا ذَلِكَ عَنِ المحرز بن أَبِي هُرَيْرَة، قَالَ: صمت رَمَضَان فِي السّفر، فلمَّا قَدِمت أَمرنِي أَبِي أَن أُعِيدهُ فِي الْحَضَر وَاحْتَجُّوا لقَولهم هَذَا بقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، وربمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قَوْله: " لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر " 950 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَبْرَشُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ " الحديث: 950 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 951 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَسَنٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، " فَسَأَلَ مَا هَذَا؟ " فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ " 952 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، أَخْبَرَهُ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ " 953 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ " 954 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ السَّقَطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ سُفْيَانُ: وَذكر لي أَن الزُّهْرِيّ كَانَ يَقُولُ: وَلم أسمعهُ أَنا مِنْهُ من ام برام صِيَام فَم سفر وقَالَ بَعضهم: من صَامَ رَمَضَان فِي السّفر أَجزَأَهُ، وكَانَ كمن صَامَهُ فِي الْحَضَر، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَابْن أَبِي ليلى، ومَالك، وَزفر، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ، وَعَامة أهل الْعلم سوى مَا روينَاهُ خلاف ذَلِكَ عَمَّن ذَكَرْنَاهُ عَنهُ، وَإِن كَانُوا قَدِ اخْتلفُوا فِي الْأَفْضَل من ذَلِكَ مَا هُوَ؟ هَل هُوَ الصَّوْم أَو الْإِفْطَار؟ الحديث: 951 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 فكَانَ من الْحجَّة لَهُم عَلَى أهل المقَالَة الأولى، مَا احْتَجُّوا بِهِ عَلَيْهِم من قَول الله عز وَجل: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، إِن ذَلِكَ لَيْسَ فِيه دَلِيل عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ من مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُم، لِأَن قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} إنمَا هُوَ عَلَى الرُّخْصَة مِنْهُ لَهُم فِي ترك الصّيام، فِي عين الشَّهْر، وقضائه بعد ذَلِكَ فِي غير الشَّهْر وَالدَّلِيل عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ من ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} وَلم يسْتَثْن فِي ذَلِكَ حَاضرا من غَائِب، وَلَا مَرِيضا من صَحِيح، وَعم بِذَلِكَ الْمُؤمنِينَ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فكَانَ هَذَا خطابا مِنْهُ لمن دخل فِي الْآيَة الأولى مِمَّنْ كتب عَلَيْهِ الصّيام، قَالَ ذَلِكَ عَلَى أَن قَوْله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أَنه عَلَى الرُّخْصَة فِي الْإِفْطَار فِي عين الشَّهْر للمسافرين وللمرضي، لَا عَلَى أَن صومهمَا إِيَّاه إِن يكلفوه غير مجزئ عَنْهُم وأمَّا مَا ذَكرُوهُ من قَول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ من الْبر الصَّوْم فِي السّفر "، فَلَا حجَّة لَهُم أَيْضا فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ قَدْ يجوز لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر أَي: لَيْسَ من الْبر الَّذِي هُوَ أبر الْبر، أَو أعَلَى مَرَاتِب الْبر الصَّوْم فِي السّفر، حَتَّى لَا يكون مِنْهُ بُد، أَو حَتَّى يَكُونَ الْإِفْطَار فِيه إِثْمًا، كمَا لَا بُد مِنْهُ فِي الْحَضَر، وكمَا إفطاره فِي الْحَضَر إِثْم، لِأَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَامَ فِي السّفر فِيمَا روينَاهُ مِمَّا تقَدم منا أفيجوز أَن يكون رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَامَ صوما لَيْسَ ببر؟ وحاش لله أَن يكون كَذَلِكَ، وَلَكِن معنى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر "، عَلَى معنى لَيْسَ من الْبر الَّذِي هُوَ أبر الْبر الصّيام فِي السّفر، لِأَنَّهُ قَدْ يكون الْإِفْطَار فِي السّفر للقوة للقاء الْعَدو ولمَا أشبه ذَلِكَ أَفْضَلَ من الصَّوْم فِي السّفر، وَلَكِن ذَلِكَ عِنْدَنَا كَقَوْل رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ الْمِسْكِين بِالطّوافِ الَّذِي ترده اللُّقْمَة وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَة وَالتَّمْرَتَانِ "، قَالُوا فَمن الْمِسْكِين يَا رَسُول اللهِ؟ قَالَ: " الْمِسْكِين الَّذِي لَا يعرف، وَلَا يسْأَل فيتصدقَ عَلَيْهِ " 955 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الحديث: 955 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 956 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وقَدْ ذكرنَا بَقِيَّة مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْكتاب فِيمَا تقَدم فِي كتَابنَا بأسانيدها، فكَانَ معنى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ الْمِسْكِين بِالطّوافِ "، أَي: لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي هُوَ فِي أعَلَى مَرَاتِب المسكنة بِالطّوافِ الَّذِي ترده اللُّقْمَة وَاللُّقْمَتَانِ وَالدَّلِيل عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وعَلَى أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يرد بقوله: " لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر " إِخْرَاج السّفر أَن يكون مَوضِع صَوْم 957 - إنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ فِي سَفَرِهِ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ، فَقَالَ: " مَا بَالُ هَذَا؟ " قَالُوا: صَائِمٌ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ، فَعَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا " فَدلَّ ذَلِكَ أَن مُرَاد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: " لَيْسَ من الْبر الصَّوْم فِي السّفر " الْمَعْنى الَّذِي تَأَوَّلَه عَلَيْهِ من جعله عَلَى معنى: لَيْسَ من الْبر الَّذِي هُوَ أبر الْبر، وَالَّذِي لَا رخصَة فِيه لصائم فِي السّفر وقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ 958 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الأَزْدِيُّ الْحِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللهِ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسْوَدِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَسْرُدُ الصِّيَامَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: " إِنَّمَا هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْعِبَادِ، مَنْ قَبِلَهَا فَحَسَنٌ جَمِيلٌ، وَمَنْ تَرَكَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ " أَفلا ترى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أخبر فِي هَذَا الحَدِيث أَن الْإِفْطَار فِي السّفر إنمَا كَانَ من الله جلّ وَعز رخصَة مِنْهُ لِعِبَادِهِ، لَا لِأَن السّفر لَيْسَ مَوضِع صَوْم وقَدْ الحديث: 956 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 روينَا فِيمَا تقَدم عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُرُوجه فِي رَمَضَان مُسَافِرًا، وصومه فِيه، وإفطاره بعد ذَلِكَ، وَأمره النَّاس بالإفطار لمَّا شقّ عَلَيْهِم الصّيام، وَذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَن ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد إِنْزَال الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وقَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِفْطَار فِي السّفر، وفِي الصَّوْم فِي رَمَضَان فِي السّفر آثَار أخر قَدْ جَاءَت مجيئا متواترا 959 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَبْدِ السَّلامِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " يَصُومُ فِي السَّفَرِ وَيُفْطِرُ " 960 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مَوَرَّقٍ الْعَجْلِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا يَوْمًا شَدِيدَ الْحَرِّ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ، وَأَكْثَرُنَا ظِلا صَاحِبُ الْكِسَاءِ، وَمِنَّا مَنْ يَسْتُرُ الشَّمْسَ بِيَدِهِ، فَسَقَطَ الصُّوَّامُ وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ، فَضَرَبُوا الأَبْنِيَةَ، وَسَقَوُا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ " 961 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، " فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ " 962 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، تِسْعَ عَشْرَةَ أَوْ لِتِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ، " فَصَامَ صَائِمُونَ وَأَفْطَرَ مُفْطِرُونَ، فَلَمْ يَعِبْ هَؤُلاءِ عَلَى هَؤُلاءِ، وَلا هَؤُلاءِ عَلَى هَؤُلاءِ " 963 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: لاثْنَتَيْ عَشْرَة َ الحديث: 959 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 964 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُمَا، قَالَا: لِثَمَانِي عَشْرَةَ 965 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ وَكَانَ كَثِيرَ الصَّوْمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ " 966 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، 967 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَمْزَةَ بِذَلِكَ 968 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ سَمِيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرٍ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ وَقَالَ: " تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ "، وَصَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرَجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ، ثُمَّ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ صَامُوا حِينَ صُمْتَ، فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَدِيدِ " دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ " فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ فِيهَا صَوْمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ تَأْوِيلِ مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ "، عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهُ عَلَيْهِ الحديث: 964 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 وقَدْ قَالَ قوم: إِنَّه لَا فضل لصوم رَمَضَان فِي السّفر عَلَى المفطرين فِيه فِي السّفر، وقَالَ آخَرُونَ: الصَّوْم فِي السّفر فِي رَمَضَان أفضل من الْإِفْطَار، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ هَذَا القَوْل: أَبُو حَنِيفَةَ، ومَالك، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُف، وأَبِي حَنِيفَةَ بِهَذَا القَوْل قَالَ مُحَمَّد: وَهُوَ قَوْلنَا 969 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ لِلصِّيَامِ فِي السَّفَرِ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ حَسَنٌ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ " ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ، وَثَبت عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن الْإِفْطَار فِي رَمَضَان فِي السّفر رخصَة، ثَبت أَن الصَّوْم بِدُخُول الشَّهْر، وَأَن معجل أَدَاء الْفَرْض أفضل من مؤخره بعد أَن لَا يكون عَلَيْهِ مشقة فِي تَعْجِيله إِيَّاه، وقَالَ بِهَذَا القَوْل ابْن عَبَّاس، وَأنس 970 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِنَّمَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ التَّيْسِيرَ عَلَيْكُمْ، فَمَنْ يُسِّرَ عَلَيْهِ الصِّيَامُ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ يُسِّرَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ فَلْيُفْطِرْ " 971 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمًا يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ، وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ " 972 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " إِنْ أَفْطَرْتَ فَرُخْصَةٌ، وَإِنْ صُمْتَ فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ " 973 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، قَالَ: الصَّوْمُ أَفْضَلُ " تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} إِلَى قَوْله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} الحديث: 969 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 وكَانَ شهر رَمَضَان الَّذِي ذكره الله عَزَّ وَجَلَّ لنا شهرا معقولا بِالْأَهِلَّةِ الَّتِي جعلهَا لنا مَوَاقِيت بقوله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} ، فَأَعْلَمَنَا عزّ وجلّ أَنَّ الأَهِلَّةَ مَوَاقِيتُ لَنَا وَلِحَجِّنَا، ولمَا سوى ذَلِكَ مِمَّا نحتاج إلَى الْأَوْقَات فِيه من أُمُور ديننَا من الصّيام، وَالْعدَد، والإيلاءات، ومَا أشبه ذَلِكَ، ولمَا نحتاج إِلَيْهِ من أُمُور دُنْيَانَا فِي معاملاتنا وحلول آجال ديوننا وَلم يين لنا عزّ وجلّ فِي هَذِهِ الْآيَة عدَّة الشُّهُور الَّتِي تعلم بِالْأَهِلَّةِ، وَبَينه لنا فِي سُورَة بَرَاءَة بقوله عزّ وجلّ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} فَأخْبر عزّ وجلّ أَن عدَّة هَذِهِ الشُّهُور الَّتِي جعلهَا مَوَاقِيت اثْنَا عشر شهرا وَبَين ذَلِكَ لنا أَيْضا عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بقوله فِي خطبَته عَلَى النَّاس فِي حجَّة الْوَدَاع: " إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، وَإِنَّ السَّنَةَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ " وسنأتي بِذَلِكَ وبإسناده فِي مَوضِع الْحَاجة إِن شَاءَ الله تَعَالَى فأعلمنا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمَا ذَكَرْنَاهُ عَنهُ من هَذَا أَن هَذِهِ الاثْنَي عشر شهرا إِذَا كملت سنة، ثُمَّ دخلت سنة أُخْرَى، ثُمَّ كَذَلِكَ الْأَزْمِنَة فِي المستأنف أبدا، وَلم يبين عزّ وجلّ مِقْدَار مَا بَيْنَ كل هلالين من هَذِهِ الْأَهِلّة من الْأَيَّام والليالي، وَبَينه لنا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 974 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: إِنِّي لأَعْجَبُ مِنَ الَّذِينَ يَصُومُونَ قَبْلَ رَمَضَانَ، إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ فَصُومُوا، وإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلاثِينَ " 975 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ 976 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 977 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الحديث: 974 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلاثِينَ " 978 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّوَّاسِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَصُمْ ثَلاثِينَ إِلا أَنْ تَرَى الْهِلالَ قَبْلَ ذَلِكَ " ففِيمَا روينَا عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ عقلنا بِهِ أَن الشَّهْر لَا يُجَاوز ثَلَاثِينَ يَوْمًا 979 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، وَلا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلالَ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ " فعقلنا بِذَلِكَ أَن الشَّهْر لَا يكون أقل من تسع وَعشْرين، وعقلنا بمَا روينَا قبله أَنَّهُ لَا يكون أَكثر من ثَلَاثِينَ غير أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيث قصد فِيه إِلَى شهر رَمَضَان، وَإِلَى ذِي الْحجَّة بِمَعْنى أَبَانهَا من سَائِر الشُّهُور 980 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ: رَمَضَانُ، وَذُو الْحِجَّةِ " 981 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ فَذهب قوم إِلَى أَن ذَلِكَ عَلَى نُقْصَان الْعدَد، وَأَن كل وَاحِد من شهر رَمَضَان وَمن ذِي الْحجَّة لَا يكون أقل من ثَلَاثِينَ عَلَى ظَاهر هَذَا الحَدِيث الحديث: 978 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 وَذهب آخَرُونَ عَلَى أَن معنى " لَا ينقصان " أَي: لَا يجْتَمع نقصانهمَا فِي عَام وَاحِد، وَإِن كَانَ كل وَاحِد منهمَا قَدْ ينقص مَعَ وَفَاء عدد صَاحبه وَذهب آخَرُونَ عَلَى أَن معنى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا ينقصان " أَي: لَا ينقصان وَإِن كَانَا تسعا وَعشْرين، فِي أحكامهمَا عمَّا يكونَانِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَا ثَلَاثِينَ، لمَا فِيهمَا من أُمُور الْإِسْلَام، لِأَن الصَّوْم فِي أحدهمَا ولَيْسَ فِي غَيره من الشُّهُور، وَالْحج فِي أحدهمَا ولَيْسَ فِي غَيره من الشُّهُور، يقْصد إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ لينفِي عنهمَا نُقْصَان الْحَج وَالصِّيَام، وَإِن كَانَا تسعا وَعشْرين وقَدْ دلّ هَذَا التَّأْوِيل مَا روينَاهُ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قَوْله: " الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ "، وَمن قَوْله فِي شهر رَمَضَان: " إِذَا رَأَيْتُمْ الْهلَال فصوموا، وإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فأفطروا، فَإِن غم عَلَيْكُم فعدو ثَلَاثِينَ " فعقلنا بِذَلِكَ أَنا قَدْ نرى هِلَال شَوَّال قبل أَن يكمل رَمَضَان ثَلَاثِينَ يَوْمًا وقَدْ رُوِيَ حَدِيث أَبِي بكرَة هَذَا من غير هذَيْن الْوَجْهَيْنِ بِخِلَاف مَا رُوِيَ من هذَيْن الْوَجْهَيْنِ 982 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمِغْرَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ شَهْرٍ حَرَامٍ ثَلاثُونَ يَوْمًا وَثَلاثُونَ لَيْلَةً " وكَانَ هَذَا الحَدِيث عِنْدَنَا لَيْسَ بِشَيْء إِذْ كَانَ عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق لَا يُقَام خَالِد الْحذاء فِي ضَبطه وإتقانه، وإِذَا الْعَنَان قَدْ يدْفع مَا رووا، لأَنا قَدْ رَأينَا الشُّهُور الْحَرَام قَدْ تنقص عَنِ الثَّلَاثِينَ، لَا تدافع ذَلِكَ الْعَامَّة وَلَا الْخَاصَّة فِي حَدِيث ابْن إِسْحَاق هَذَا، إِخْرَاج رَمَضَان مِمَّا أدخلهُ فِيه خَالِد فِي حَدِيثه الَّذِي روينَاهُ عَنهُ أَن شهر رَمَضَان لَيْسَ من الشُّهُور الْحرم، وقَدْ ذكرنَا فِيمَا تقَدم بِنَا فِي هَذَا الْبَاب قَول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ من غير أَن يكون نقصا " مَا رُوِيَ عَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، واحتجنا إِلَى إِعَادَته هَاهُنَا، وَبَعض مَا رُوِيَ عَنهُ فِيه ليستخرج مَا فِي ذَلِكَ من الدَّلَائِل عَلَى المُرَاد بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " شهرا عيد لَا ينقصان، رَمَضَان وَذُو الْحجَّة " 983 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشَّهْرُ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا وَنَقَصَ فِي الثَّالِثَةِ أُصْبُعًا " الحديث: 982 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 984 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ الْحَجَّاجِ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا صِلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشَّهْرُ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا، وَضَمَّ إِبْهَامَهُ فِي الثَّالِثَةِ " 985 - حَدَّثَنَا بَكْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَذْكُرُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 986 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ " وكَانَ هَذَا عِنْدَنَا وَالله أعلم من قَول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَصده إِلَى شهر بِعَيْنِه أَنَّهُ كَذَلِكَ، لَا عَلَى أَن الشُّهُور كلهَا تسع وَعِشْرُونَ أَلا ترى إِلَى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِن غم عَلَيْكُم فعدوا ثَلَاثِينَ "، لِأَنَّهُ أَكثر مَا يكون الشَّهْر كَذَلِكَ وَالدَّلِيل عَلَى أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصد بقوله: " الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ " إِلَى شهر بِعَيْنِه 987 - أَنَّ بَكَّارًا، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ حَدَّثَانَا، قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ سِمَاكٍ أَبِي زُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَذَكَرَ إِيلاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ، وَأَنَّهُ نَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقَالَ: " إِنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ " هَكَذَا لَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ 988 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ، أَنَّ عِكْرِمَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ الحديث: 984 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 غَدَا عَلَيْهِمَا، أَوْ رَاحَ "، فَقِيلَ لَهُ: حَلَفْتَ يَا نَبِيَّ اللهِ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا؟، فَقَالَ: " إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا " 989 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: هَجَرَ رَّسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ شَهْرًا وَكَانَ يَكُونُ فِي الْعُلْوِ، وَيَكُنَّ فِي السُّفْلِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِنَّ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّكَ مَكَثْتَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَقَالَ: " إِنَّ الشَّهْرَ هَكَذَا، وَهَكَذَا بِأَصَابِعِ يَدِهِ وَهَكَذَا وَقَبَضَ فِي الثَّالِثَةِ إِبْهَامَهُ " 990 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 991 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: آلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، آلَيْتَ شَهْرًا، فَقَالَ: " الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ " فَدَلَّ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّ مُرَادَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: " الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ "، أَوْ مَا مَعَنْاهُ، مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ: أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الشَّهْرِ الَّذِي وَقَعَ إِيلاؤُهُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، لأَنَّ يَمِينَهُ وَافَقَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ وقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَة إنكارها عَلَى من روى عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ "، مِمَّا رُوِيَ عَنهُ من ذَلِكَ وإخبارها أَن قَوْله فِي ذَلِكَ إنمَا كَانَ غير هَذَا اللَّفْظ 992 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَقَوْلُهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحديث: 989 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 قَالَ: " إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ "، وَلا وَاللهِ مَا كَذَلِكَ قَالَ، أَنَا وَاللهِ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ فِي ذَلِكَ، إِنَّمَا قَالَ حِينَ هَجَرَنَا: " لأَهْجُرُكُنَّ شَهْرًا " فَجَاءَ حِينَ ذَهَبَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّكَ أَقْسَمْتَ شَهْرًا، وَإِنَّمَا غِبْتَ عَنَّا تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً؟ فَقَالَ: " إِنَّ شَهْرَنَا هَذَا كَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً " وقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عدد الشَّهْر مَا 993 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، وَيَكُونُ ثَلاثِينَ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَكَمِّلُوا الْعِدَّةَ " فَدلَّ قَول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَن الشَّهْر قَدْ يكون مرّة تسعا وَعشْرين، وقَدْ يكون مرّة ثَلَاثِينَ، وَلم يخص بِذَلِكَ شهورا بِأَعْيَانِهَا من سَائِر الشُّهُور فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن كل شهر من الشُّهُور قَدْ يكون تسعا وَعشْرين، وَيكون ثَلَاثِينَ، وَثَبت بِذَلِكَ أَن مُرَاده صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: " شهرا عيد لَا ينقصان: رَمَضَان وَذُو الْحجَّة "، إِنَّه لَيْسَ عَلَى نُقْصَان الْعدَد، وَلكنه عَلَى نُقْصَان الْأَحْكَام وَلم يبين لنا عزّ وجلّ عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَقْت الَّذِي نعتد فِيه بالهلال للصَّوْم أَو للفطر، وَلَا أَنَّهُ هُوَ الْهلَال الَّذِي يُرَى فِي النَّهَار، أَو هُوَ الْهلَال الَّذِي يرى فِي اللَّيْل؟ وقَدِ اخْتلف أهل الْعلم فِي الْهلَال الَّذِي يرى فِي النَّهَار، فقَالَ: بَعضهم: هُوَ لليلة الجائية وقَالَ: بَعضهم: إِن كَانَ رُئِيَ قبل الزَّوَال فَهُوَ لليلة المَاضية، وَإِن كَانَ رئي بعد الزَّوَال فَهُوَ لليلة الجائية، وقَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا 994 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بِخَانِقِينِ: " أَلا إِنَّ الأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ نَهَارًا فَلا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالأَمْسِ " 995 - الحديث: 993 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 995 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، مِثْلَهُ ففِي هَذَا الحَدِيث أَن الْهلَال إِذَا رئي فِي النَّهَار فَهُوَ لليلة الجائية، وفِي حكم مَا رئي فِيهَا، لَا فِي حكم مَا رئي فِي اللَّيْلَة الَّتِي قبل يَوْمئِذٍ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمّد يَقُولَانِ فِي الْهلَال إِذَا رئي نَهَارا قبل الزَّوَال أَو بعد الزَّوَال، إِنَّه لليلة الجائية وَهُوَ قَول مَالك أَيْضا كمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِمَّا يدل عَلَى هَذَا الْمَعْنى وكمَا حَدَّثَنَا يُونُس، عَنِ ابْنِ وهب، قَالَ: قَالَ مَالك: وَمن رأى هِلَال شَوَّال نَهَارا فَلَا يفْطر، وليتم صِيَام يَوْمه ذَلِكَ، فإنمَا هُوَ هِلَال اللَّيْلَة الَّتِي تَأتي قَالَ: أَحْمد: وهلال شهر رَمَضَان فِي قِيَاس قَوْله كَذَلِكَ وَهَكَذَا كَانَ الشَّافِعِي يَقُولُ فِي ذَلِكَ كمَا حكى لنا المُزَني عَنهُ فِي مُخْتَصره قَوْله وفِي قَول عمر حَتَّى يشْهد شَاهِدَانِ أنهمَا قَدْ رأياه بالْأَمْس، وَلم يقل فِي أول النَّهَار، وَلَا فِي آخِره، دَلِيل عَلَى أَنَّهُ إِذَا رئي فِي أول النَّهَار أَو رئي فِي آخِره أَن الحكم وَاحِد غير مُخْتَلف، غير أَن عُبَيْدَة بن حميد روى حَدِيث عمر هَذَا عَنِ الْأَعْمَش، وَزَاد فِيه عَلَى شُعْبَة وعَلَى أَبِي مُعَاوِيَة حرفا يدل عَلَى أَن عمر أَرَادَ بِهِ رُؤْيَة الْهلَال بالْأَمْس فِي آخر النَّهَار، وَذَلِكَ 996 - أَنَّ رَوْحَ بْنَ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: كُنَّا بِخَانِقِينَ، فَرَأَيْنَا الْهِلالَ نَهَارًا، فَصَامَ بَعْضُنَا وَأَفْطَرَ بَعْضُنَا، فَلَمْ يَعِبْ مَنْ صَامَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ، وَلا مَنْ أَفْطَرَ عَلَى مَنْ صَامَ، فَجَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ: " أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّهُمَا أَبْصَرَاهُ بِالأَمْسِ عَشِيَّةً " قَالَ: هَذَا الحَدِيث عَلَى أَن عمر إنمَا أَرَادَ الرُّؤْيَة فِي آخر النَّهَار من الأمس، لَا فِي أَوله وَهَكَذَا كَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُولُ فِي الْهلَال: إِذَا رئي قبل الزَّوَال فَهُوَ لليلة المَاضية، وفِي حكم مَا رئي فِيهَا، وإِذَا رئي بعد الزَّوَال فَهُوَ لليلة الجائية، وفِي حكم مَا رئي فِيهَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ من قَوْله مَالك بن يَحْيَى الْهَمدَانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّصْر، عَنِ الْأَشْجَعِيّ، عَنْ سُفْيَان، الحديث: 995 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 وقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُف، قَالَ بِهَذَا كمَا حَدَّثَنَا جَعْفَر بن أَحْمد، عَنْ بشر، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، فَذكر عَنهُ كَذَلِكَ وقَدْ روى مَنْصُور حَدِيث عمر الَّذِي ذكرنَا، عَنْ أَبِي وَائِل كَمثل مَا رَوَاهُ عُبَيْدَة، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي وَائِل، لَا كمَا رَوَاهُ شُعْبَة، وَأَبُو مُعَاوِيَة، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي وَائِل 997 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ: " إِذَا أُرِيتُمُ الْهِلالَ نَهَارًا فَلا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلانِ مُسْلِمَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالأَمْسِ عَشِيَّةً " وكذَلِكَ ذكره إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ من قَول عمر مُرْسلا 1000 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّصْرِ، عَنِ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ الضَّبِّيِّ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ: " إِذَا رُئِيَ الْهِلالُ نَهَارًا قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَأَفْطِرُوا، وإِذَا رُئِيَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تُمْسُوا " 999 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ وَهَذَا كَانَ إِبْرَاهِيم، يَقُولُ: 1000- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: " إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ قَبْلَ انْتِصَافِ النَّهَارِ فَأَفْطِرُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ بَعْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ فَلا تُفْطِرُوا " وقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عمر فِي هَذَا أَنَّهُ لليلة الجائية، لَا لليلة المَاضية بِغَيْر تَفْرِيق مِنْهُ بَيْنَ مَا رئي بعد الزَّوَال وَبَين مَا رئي قبل الزَّوَال 1001 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، " أَنَّ أُنَاسًا رَأَوْا هِلالَ الْفِطْرِ نَهَارًا، فَأَتَمَّ عَبْدُ اللهِ صِيَامَهُ إِلَى اللَّيْلِ وَقَالَ: لَا، حَتَّى يُرَى مِنْ حَيْثُ يُرَى بِاللَّيْلِ " 1002 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الحديث: 997 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الزَّبِيدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ هِلالَ الْفِطْرِ رُئِيَ نَهَارًا فَلَمْ يُفْطِرْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ: " لَا حَتَّى نَرَى حَيْثُ يَطْلُعُ فِي اللَّيْلِ " 1003 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بِذَلِكَ 1004 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ بِهَذَا الْقَوْلِ 1005 - حَدَّثَنَا نَصْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِهَذَا الْقَوْلِ ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ نَظرنَا أَن نجد فِيه عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يدل عَلَى شَيْء مِمَّا اخْتلفُوا فِيه، 1006 - فإِذَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمُومَتِي مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: " أُغْمِيَ عَلَيْنَا هِلالُ شَوَّالٍ، فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا، فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، فَشَهِدُوا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلالَ بِالأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ، ثُمَّ يَخْرُجُوا لِعِيدِهِمْ مِنَ الْغَدِ " وإِذَا سليمَان 1007 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وإِذَا إِبْرَاهِيمُ: 1008 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُمَيْرِ بْنَ أَنَسٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " وَأَمَرَهُمْ إِذَا الحديث: 1003 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 أَصْبَحُوا أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى مُصَلاهُمْ " وَلم نجد فِي هَذَا عَنْ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كشف الشُّهُود الَّذين شهدُوا عِنْده عَلَى ذَلِكَ عَنِ الْوَقْت الَّذِي رَأَوْا فِيه الْهلَال من الْيَوْم الَّذِي رَأَوْهُ فِيه هَل كَانَ قبل الزَّوَال مِنْهُ أَو بعد الزَّوَال؟ فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاء الحكم فِي رُؤْيَتهمْ إِيَّاه قبل الزَّوَال، وفِي رُؤْيَتهمْ إِيَّاه بعد الزَّوَال، لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُخْتَلفا لكشفهم عَنْ ذَلِكَ، ليجعل الْهلَال الَّذِي رَأَوْهُ، إِن كَانَ قبل الزَّوَال من الْيَوْم الَّذِي رَأَوْهُ فِيه لليلة المَاضية، وَيَأْمُر النَّاس بِقَضَاء يَوْم، لأَنهم لم يَصُومُوا من ذَلِكَ الشَّهْر إِلَّا ثمَانية وَعشْرين يَوْمًا، وَيجْعَل الْهلَال الَّذِي رَأَوْهُ، إِن كَانُوا رَأَوْهُ بعد الزَّوَال لليلة الجائية، وَيَأْمُر النَّاس بِالْخرُوجِ من غدهم إِلَى مصلاهم، ويجعلهم قَدْ صَامُوا تسعا وَعشْرين يَوْمًا، وَهُوَ جَمِيع مَا كَانَ وَجب عَلَيْهِم من الصّيام فِي ذَلِكَ الشَّهْر فكَانَت الْحجَّة وَاجِبَة بِهَذَا الحَدِيث الَّذِي روينَا، ثُمَّ تأملنا بعد ذَلِكَ فوجدناه من حَدِيث هشيم من غير رِوَايَة يَحْيَى بن حسان، وَسَعِيد بن مَنْصُور، يزِيد حرفا تَزُول بِهِ الْحجَّة، وَذَلِكَ أَن يُوسُف بن يزِيد 1009 - حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ الْجُدِّيُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هَكَذَا قَالَ يُوسُفُ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمُومَتِهِ مِنَ الأَنْصَارِ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، إِلا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: " فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْهُ بِالأَمْسِ عَشِيًّا وَرُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث غير حَدِيث أَبِي عُمَيْر هَذَا مِمَّا يدْخل فِي هَذَا الْمَعْنى الأول الَّذِي ذكرنَا 1010 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَشَهِدَا أَنَّهُمَا أَهَلا الْهِلالَ بِالأَمْسِ، " فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا، وَأَنْ يَغْدُوا إِلَى صَلاتِهِمْ " فكَانَ هَذَا الحَدِيث مُوَافقا لحَدِيث أَبِي عُمَيْر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قبله من روايتي شُعْبَة، وهشيم، مِمَّا رَوَاهُ عَنهُ يَحْيَى، وَسَعِيد، غير أَنا لم نجد أحدا يحدث بِهِ عَنْ أَبِي عوَانَة عَلَى هَذَا اللَّفْظ الحديث: 1009 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 الَّذِي وَصفنَا غير هِلَال فَأَما مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ غير هِلَال 1011- فَإِنَّ الرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَشَهِدَا أَنَّهُمَا أَهَلا الْهِلالَ بِالأَمْسِ، " فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا " فَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا، وَكذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ غَيْرَ أَسَدٍ، ثُمَّ وَجَدْنَا نَصْرَ بْنَ مَرْزُوقٍ، ويَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ 1012 - قَدْ حَدَّثَانَا، قَالَا: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الرَّبِيعِ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ فِي هَذَا غَيْرُ مَنْصُورٍ كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، عَنْ أَسَدٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ لِمُوَافَقَةِ الثَّوْرِيِّ إِيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ، عَنْ مَنْصُورٍ تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} الْآيَة قَالَ الله عزّ وجلّ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ} الْآيَة 1013 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} ، جَعَلَ الرَّجُلُ يَأْخُذُ خَيْطًا أَبْيَضَ، وَخَيْطًا أَسْوَدَ فَيَضَعُهُمَا تَحْتَ وِسَادِهِ، يَنْتَظِرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَهُمَا فَيَتْرُكَ الطَّعَامَ قَالَ: فَبَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ وَنَزَلَتْ: {مِنَ الْفَجْرِ} " الحديث: 1011 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 1014 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، وَمُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} عَمَدْتُ إِلَى عِقَالَيْنِ أَحَدُهُمَا أَسْوَدُ وَالآخَرُ أَبْيَضُ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمَا، فَلا يَتَبَيَّنُ لِيَ الأَبْيَضُ مِنَ الأَسْوَدِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَقَالَ: " إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ، إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ " 1015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1016 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ 1017 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: صِرْمَةُ بْنُ مَالِكٍ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا جَاءَ إِلَى أَهْلِهِ عِشَاءً وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ إِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا إِلَى مِثْلِهَا، وَالْمَرْأَةُ إِذَا نَامَتْ لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا يَقْرَبُهَا حَتَّى مِثْلِهَا فَلَمَّا جَاءَ صِرْمَةُ إِلَى أَهْلِهِ، فَدَعَا بِعَشَائِهِ، فَقَالُوا: أَمْهِلْ حَتَّى نَتَّخِذَ لَكَ طَعَامًا سُخْنًا تُفْطِرُ عَلَيْهِ، فَوَضَعَ الشَّيْخُ رَأْسَهُ فَنَامَ، فَجَاءُوا بِطَعَامِهِ، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ نَائِمًا فَلَمْ يَطْعَمْهُ، فَبَاتَ لَيْلَتَهُ، فَلُصِقَ ظَهْرًا الْبَطْنٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ " وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَتَى أَهْلَهُ، فَقَالُوا: إِنَّهَا كَانَتْ نَامَتْ، فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّهَا اعْتَلَّتْ عَلَيْهِ فَوَاقَعَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ نَامَتْ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ فِيهِ {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ الحديث: 1014 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 فَدلَّ مَا ذكرنَا عَلَى أَن الدُّخُول فِي الصّيام من طُلُوع الْفجْر، وعَلَى أَن الْخُرُوج مِنْهُ بِدُخُول اللَّيْل، وكَانَ قَوْله عزّ وجلّ إِلَى اللَّيْل غَايَة لم يدخلهَا فِي الصّيام بمَا بَيَّنَ لنا عَلَى لِسَان رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1018 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ " وقَدْ رُوِيَ عَن حُذَيْفَة، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَاب مَا 1019 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: " تَسَحَّرْتُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَمَرَرْتُ بِمَنْزِلِ حُذَيْفَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِلَقْحَةٍ، فَحُلِبَتْ وَبِقِدْرٍ فَسُخِّنَتْ، فَقَالَ: كُلْ، فَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ الصَّوْمَ، فَقَالَ: وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ، قَالَ: فَأَكَلْنَا، ثُمَّ شَرِبْنَا، ثُمَّ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ صَنَعْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: بَعْدَ الصُّبْحِ؟ قَالَ: بَعْدَ الصُّبْحِ، غَيْرَ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ " ففِي هَذَا الحَدِيث أَن أول وَقت الصّيام من طُلُوع الشَّمْس، وَأَن مَا قبل طُلُوع الشَّمْس، ففِي حكم اللَّيْل وَهَذَا عِنْدَنَا وَالله فقَدْ يحْتَمل أَن يكون بعد مَا أنزل الله عزّ وجلّ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} قبل أَن ينزل الله عزّ وجلّ {مِنَ الْفَجْرِ} عَلَى مَا فِي حَدِيثِ سهل بن سعد الَّذِي روينَا فِي هَذَا الْبَاب ثُمَّ أنزل الله عزّ وجلّ بعد ذَلِكَ: {مِنَ الْفَجْرِ} وَذهب ذَلِكَ عَنْ حُذَيْفَة، وَعلمه غَيره، فَعمل حُذَيْفَة بمَا علم إِذْ لم يعْمل النَّاسِخ، وَعلم غَيره فَصَارَ إِلَيْهِ، وَعلم غَيره النَّاسِخ فَصَارَ إِلَيْهِ وَعمل بِهِ، وكَانَ من علم من هَذَا شَيْئا أولى مِمَّنْ لم يُعلمهُ وَقَول أهل الْعلم جَمِيعًا: أَن أول الصّيام من طُلُوع الْفجْر وَأَن آخِره عِنْد غرُوب الشَّمْس، وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَاب مَا يُوَافق الْآثَار الأول 1020 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَالْخَضِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ، قَالَا: الحديث: 1018 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 حَدَّثَنَا مُلازِمُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَدْرٍ السُّحَيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا يَهِيدَنَّكُمُ السَّاطِعُ الْمُصَعَّدُ، كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَعْتَرِضَ لَكُمُ الأَحْمَرُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَأَعْرَضَهَا " وقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنى مَا 1021 - قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سَارَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ " 1022 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عُمَرَ 1023 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، وَاللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 1024 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1025 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ الْمِهْرَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ سَالِمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 1026 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الحديث: 1021 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ 1027 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ ففِي حَدِيث ابْن عمر هَذَا أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ مَنعهم من الْأكل وَالشرب، اللَّذين يحرمهمَا للصيام بِنِدَاء ابْن أم مَكْتُوم 1028 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ بِلالا يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ "، قَالَتْ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلا مِقْدَارُ مَا يَصْعَدُ هَذَا وَيَنْزِلُ هَذَا ففِي هَذَا الحَدِيث قرب أَذَان ابْن أم مَكْتُوم من أَذَان بِلَال الَّذِي كَانَ يُؤذنهُ فِي اللَّيْل 1029 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا نِدَاءَ بِلالٍ " 1030 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ، عَنْ عَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ بِلالا أَوِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ بِلالٌ أَوِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ "، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ هَذَا وَأَرَادَ هَذَا أَنْ يَصْعَدَ تَعَلَّقُوا بِهِ وَقَالُوا: كَمَا أَنْتَ حَتَّى تَتَسَحَّرَ 1031 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ، وَكَانَتْ قَدْ حَجَّتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، الحديث: 1027 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 وَزَادَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَصْعَدَ هَذَا؟ فَهَذَا كَحَدِيث عَائِشَة الَّذِي روينَاهُ قبله وقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنى 1032 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلالٍ مِنْ سُحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُنَادِي أَوْ يُؤَذِّنُ لِيَرْجِعَ غَائِبُكُمْ أَوْ لِيَنْتَبِهَ نَائِمُكُمْ "، وَقَالَ: " لَيْسَ الْفَجْرُ أَوِ الصُّبْحُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَجَمَعَ أُصْبُعَيْهِ وَفَرَّقَهُمَا " 1033 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1034 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَوِ الصُّبْحُ هَكَذَا، وَرَفَعَ زُهَيْرٌ يَدَهُ حَتَّى يَقُولَ: هَكَذَا، وَمَدَّ زُهَيْرٌ يَدَهُ عَرْضًا 1035 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا يَغُرَّنَّكُمْ نِدَاءُ بِلالٍ، وَلا هَذَا الْبَيَاضُ حَتَّى يَبْدُوَ الْفَجْرُ أَوْ يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ " 1036 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُوَادَةَ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ ففِي هَذَه الْآثَار الَّتِي روينَا أَن الْمُرَاعَى بالصيام هُوَ طُلُوع الْفجْر، وَأَنه الَّذِي يحرم بِهِ الطَّعَام وَالشرَاب عَلَى الصَّائِم، وَذَلِكَ مُوَافق لقَوْل الله عزّ وجلّ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} الحديث: 1032 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 فَهَذِهِ آيَة محكمَة، وَهَذِه آثَار صَحِيحَة، وَلَا نرى وَالله أعلم أَن حَدِيث حُذَيْفَة الَّذِي روينَاهُ فِي صدر هَذَا الْكتاب إِلَّا متقَدمًا لَهَا، أَو مَنْسُوخا بِهَا فِي أَشْيَاء مُخْتَلفَة زيادات فِيمَا تَقَدَّمَ من كتاب الصّيام وجدناها فِي حَدِيث وَاحِد 1037 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: " أُحِيلَتِ الصَّلاةُ ثَلاثَةَ أَحْوَالٍ، وَالصِّيَامُ ثَلاثَةَ أَحْوَالٍ، فَأَمَّا أَحْوَالُ الصِّيَامِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَصَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، وَصَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَصَامَ هَكَذَا سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْزَلَ عَلَيْهِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِلَى قَوْلِهِ: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَطْعَمَ مِسْكِينًا، وَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ حَتَّى أَنْزَلَ عَزَّ وَجَلَّ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ إِلَى قَوْلِهِ: فَلْيَصُمْهُ وَإِلَى قَوْلِهِ: وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} فَفَرَضَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَثْبَتَ صِيَامَهُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ، وَرَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ وَلِلْمُسَافِرِ، وَثَبَتَ الطَّعَامُ لِلشَّيْخِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ صِيَامَهُ " وَكَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ، فَإِذَا نَامُوا امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ صِرْمَةُ قَدْ ظَلَّ يَوْمَهَ يَعْمَلُ، فَجَاءَ صَلاةَ الْعِشَاءِ وَضَعَ رَأْسَهُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ، فَأَصْبَحَ صَائِمًا، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ وَقَدْ أُجْهِدَ، فَقَالَ: " إِنِّي أَرَاكَ قَدْ أُجْهِدْتَ "، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ظَلِلْتُ يَوْمِي أَعْمَلُ، فَجِئْتُ صَلاةَ الْعِشَاءِ، فَنِمْتُ قَبْلَ أَنْ أَطْعَمَ وَجَاءَ عُمَرُ وَقَدْ أَصَابَ مِنَ النِّسَاءِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ففِي هَذَا الحَدِيث غير وَجه من الْفِقْه فِيمَا قَدْ تقَدم كلامنا فِيه من كتَابنَا، وكرهنا أَن نقطع هَذَا الحَدِيث فَنَجْعَل كل معنى مِنْهُ فِي مَوْضِعه من كتَابنَا هَذَا، فأتينا بِهِ عَلَى وَجهه هَاهُنَا وَالله الْمُوفق آخر الصّيام وَالْحَمْد لله وَحده وَأول الِاعْتِكَاف الحديث: 1037 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 كِتَابُ الاعْتِكَافِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} فَاخْتلف أهل الْعلم فِي الْمَسَاجِد الْمَقْصُودَة بِهَذِهِ الْآيَة إِلَيْهَا، وبإباحة الِاعْتِكَاف فِيهَا، فقَالَ قوم: هِيَ الْمَسْجِد الْحَرَام، وَمَسْجِد النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِد بَيت الْمُقَدّس دون مَا سواهَا من الْمَسَاجِد وَرووا فِي ذَلِكَ مَا 1038 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ لِعَبْدِ اللهِ: عَكُوفٌ بَيْنَ دَارِكَ وَبَيْنَ دَارِ أَبِي مُوسَى، لَا تُغَيِّرُ؟ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا اعْتِكَافَ إِلا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَعَلَّكَ نَسِيتَ وَحَفِظُوا، وَأَخْطَأْتَ وَأَصَابُوا 1039 - وَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ حُذَيْفَةَ دَخَلَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: " إِنِّي مَرَرْتُ بِنَاسٍ بَيْنَ دَارِكَ وَدَارِ أَبِي مُوسَى قَدِ اعْتَكَفُوا، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَعَلَّكَ نَسِيتَ وَحَفِظُوا، وَأَخْطَأْتَ وَأَصَابُوا، وَعَلِمُوا وَجَهِلْتَ، قَالَ: فَقَالَ: أَمَا بَلَغَكَ أَنَّهُ لَا اعْتِكَافَ إِلا فِي مَسْجِدِ نَبِيٍّ، أَوْ إِلا فِي ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " وقَالَ: قوم: هِيَ الْمَسَاجِد كلهَا الَّتِي يُؤذن فِيهَا ويقام، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: أَبُو حنيفَة، ومَالك، وَزفر، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ بِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّد: وَهُوَ قَوْلنَا 1040 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى فِي الاعْتِكَافِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ أُقِيمَتْ فِيهِ الصَّلاةُ بِأْسًا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} كُلِّهَا وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا مِنْهَا الحديث: 1038 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 هَكَذَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ وأمَا يُونُس: فحَدَّثَنَا، عَنِ ابْنِ وهب، قَالَ: قَالَ مَالك: الْأَمر الَّذِي عِنْدَنَا لَا اخْتِلَاف فِيه، أَنَّهُ لَا يكره الِاعْتِكَاف فِي كل مَسْجِد تجمع فِيه الْجُمُعَة قَالَ: وَلَا أرَاهُ كره الِاعْتِكَاف فِي الْمَسَاجِد الَّتِي لَا تجمع فِيهَا الْجُمُعَة إِلَّا كَرَاهِيَة أَن يخرج الْمُعْتَكف من مَسْجده الَّذِي اعْتكف فِيه، إِلَى الْجُمُعَة أَو يَدعهَا قَالَ: مَالك: فَإِن كَانَ ذَلِكَ مَسْجِدا لَا تجمع فِيه الْجُمُعَة، وَلَا يجب عَلَى صَاحبه إتْيَان الْجُمُعَة فِي مَسْجِد سواهُ، فَإِنِّي لَا أرى بَأْسا بالاعتكاف فِيه لِأَن الله عزّ وجلّ، قَالَ: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ، فعمم عزّ وجلّ الْمَسَاجِد كلهَا، وَلم يخصص مِنْهَا شَيْئا، قَالَ مَالك: فَمن هُنَالك جَازَ لَهُ أَن يعْتَكف فِي الْمَسْجِد الَّذِي لَا تجمع فِيه الْجُمُعَة، إِذَا كَانَ لَا يجب عَلَيْهِ أَن يخرج مِنْهُ إِلَى الْمَسْجِد الَّذِي تجمع فِيه الْجُمُعَة وقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَة فِي الِاعْتِكَاف فِي غير هَذِهِ الثَّلَاثَة مَسَاجِد الَّتِي حظر حُذَيْفَة الِاعْتِكَاف فِيمَا سواهَا، مَا 1041 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الشَّافِعِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " جَاوَرَتْ عَائِشَةُ ثَبِيرَ مِمَّا يَلِي مِنَى فِي نَذْرٍ نَذَرَتْهُ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخُوهَا نَهَاهَا، قَالَ: وَلا أَرَاهُ نَهَاهَا إِلا خَشْيَةَ أَنْ تُتَّخَذَ سُنَّةً وقَدْ رُوِيَ عَنْ عليّ إِبَاحَة الِاعْتِكَاف فِي مَسَاجِد الجمَاعات كلهَا 1042 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " لَا اعْتِكَافَ إِلا فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ " 1043 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " لَا اعْتِكَافَ إِلا فِي مَسْجِدٍ يُجَمَّعُ فِيهِ " ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ، وكَانَ قَوْله جلّ وَعز: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} لَا خُصُوص فِيه مَسَاجِد بأعينها دون مَا سواهَا من الْمَسَاجِد، لم يخرج مِنْهُ شَيْئا من الْمَسَاجِد، وكَانَ حُذَيْفَة فِي حَدِيثه الَّذِي روينَاهُ عَنهُ قَدْ قَالَ لِابْنِ مَسْعُود: قَدْ علمت أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا اعْتِكَاف إِلَّا فِي الثَّلَاثَة الْمَسَاجِد " الَّتِي ذكرهَا لَهُ فِي حَدِيثه، وَلم الحديث: 1041 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 يقل ذَلِكَ لَهُ، إِلَّا وَأَنه قَدْ علم أَن عبد الله قَدْ علمه، ثُمَّ تَركه عبد الله بعد علمه بِهِ ووقوفه عَلَيْهِ، وخاطب حُذَيْفَة بِأَن قَالَ لَهُ: لَعَلَّك نسيت وحفظوا، وأخطأت وَأَصَابُوا فعقلنا بِذَلِكَ أَن ابْن مَسْعُود لم يتْرك مَا علم من ذَلِكَ، إِلَّا إِلَى مَا هُوَ أولى عِنْده مِنْهُ، وَإِلَى شَيْء قَدْ حفظه ونسيه حُذَيْفَة، ومَا بَيْنَ دَار عبد الله وَدَار أَبِي مُوسَى، فَإِن كَانَ الْمَسْجِد لَا جمَاعة فِيه فقَدْ خَالف ذَلِكَ عَلَى فِيمَا روينَاهُ عَنهُ من قَوْله: " لَا اعْتِكَاف إِلَا فِي مَسْجِد يجمع فِيه "، مَعَ أَن قَول عليّ هَذَا قَدْ يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ بِهِ أَن الْمَسْجِد الَّذِي يجمع فِيه يكمل فِيه الِاعْتِكَاف، إِذَا كَانَ الْمُعْتَكف لَا يخرج مِنْهُ فِي حَال اعْتِكَافه إِلَى مَسْجِد سواهُ، وَغَيره من الْمَسَاجِد الَّتِي لَا يجمع فِيهَا يخرج مِنْهُ إِلَى الجمَاعات، فلَيْسَ فِي كمَال الِاعْتِكَاف فِيه كمساجد الجمَاعات الَّتِي يكمل فِيه الِاعْتِكَاف وَلَا يمْنَع ذَلِكَ أَن تكون الْمَسَاجِد الَّتِي لَيْسَت بمساجد الجمَاعات، يكون فِيهَا الِاعْتِكَاف، غير أَنَّهُ اعْتِكَاف نَاقص عَنِ الِاعْتِكَاف فِي مَسَاجِد الجمَاعات بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَهَذَا فِي اعْتِكَاف الرجل خَاصَّة، فأمَا اعْتِكَاف النِّسَاء فَإِن أهل الْعلم يَخْتَلِفُونَ فِي المواطن الَّتِي يعْتَكف فِيهَا، فطائفة مِنْهُمْ تَقول: هن كالرجال، ويعتكفن حَيْثُ يعْتَكف الرِّجَال من الْمَسَاجِد، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالك وَطَائِفَة مِنْهُمْ تَقول: يعتكفن فِي بُيُوتهنَّ، ولَيْسَ لَهُنَّ أَن يعتكفن فِي الْمَسَاجِد، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ قَالَ مُحَمَّد: وَهُوَ قَوْلنَا ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ، وَلم نجد الله عزّ وجلّ بَيَّنَ لنا فِي كِتَابه من ذَلِكَ شَيْئا، نَظرنَا هَل بَينه لنا عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدنَا 1044 - أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَكَانَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَأَمَرَ فَضُرِبَ لَهُ خِبَاءٌ، وَأَمَرَتْ عَائِشَةُ فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ، وَأَمَرَتْ حَفْصَةُ فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ، فَلَمَّا رَأَتْ زَيْنَبُ خِبَائَيْهِمَا أَمَرَتْ بِخِبَاءٍ فَضُرِبَ لَهَا، فَلَمَّا رَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " آلْبِرَّ تُرِدْنَ؟ وَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ، وَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ " الحديث: 1044 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 1045 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ دَخَلَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ فَرَأَى أَخْبِيَةً، خِبَاءَ عَائِشَةَ، وَخِبَاءَ حَفْصَةَ، وَخِبَاءَ زَيْنَبَ، فَلَمَّا رَآهُمْ سَأَلَ عَنْهُمْ، فَقِيلَ: لَهُ: هَذَا خِبَاءُ عَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، وَزَيْنَبَ، فَقَالَ: " آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ؟ ثُمَّ انْصَرَفَ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ " 1046 - وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وقَدْ يجوز أَن يكون النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك الِاعْتِكَاف لإنكاره عَلَيْهِن طلب الِاعْتِكَاف، حَيْثُ لَا يكون لَهُنَّ الِاعْتِكَاف فِيه، وَيجوز أَن يكون ترك الِاعْتِكَاف لغير ذَلِكَ 1047 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَمْرَةَ حَدَّثَتْهُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الاعْتِكَافَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ لِتَعْتَكِفَ مَعَهُ، فَأَذِنَ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءَهَا، فَسَأَلَتْهَا حَفْصَةُ أَنْ تَسْتَأْذِنَهُ لَهَا لِتَعْتَكِفَ مَعَهُ، فَأَذِنَ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءَهَا، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ضَرَبَتْ مَعَهُنَّ، وَكَانَتِ امْرَأَةً غَيُورًا، فَرَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِيَتَهُنَّ، فَقَالَ: " مَا هَذَا؟، آلْبِرَّ يُرِدْنَ؟ " فَتَرَكَ الاعْتِكَافَ حَتَّى أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ إِنَّهُ اعْتَكَفَ فِي عَشْرِ من شَوَّالٍ " فَوَقَفْنَا بِهَذَا الحَدِيث عَلَى أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا كَانَ تَركه للاعتكاف لِمَا رأى مَا كَانَ من زَيْنَب، لَا لِأَن الْمَسَاجِد لم يكن لَهُنَّ أَن يعتكفن فِيهَا، غير أَنَّهُ يجوز أَن يكون أطلق لعَائِشَة ولحفصة الِاعْتِكَاف فِي الْمَسَاجِد لأنهمَا كَانَتا مَعَه، وقَدْ يُطلق للْمَرْأَة من الأمَاكن مَعَ زَوجهَا مَا لَا يُطلق لَهَا دونه أَلا ترى أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ منع النِّسَاء من السّفر إِلَى الأمَاكن الَّتِي منعن من السّفر إِلَيْهَا، إِلَّا مَعَ أَزوَاجهنَّ، أَو مَعَ سواهن من ذوى أرحامهن المحرمين عَلَيْهِن وَهَذَا الحَدِيث الَّذِي روينَاهُ فِي إِذن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَائِشَة ولحفصة فِي الِاعْتِكَاف مَعَه فِي الْمَسْجِد، فإنمَا روينَاهُ عَنْ عَائِشَة، وقَدْ وجدناها قَدْ قَالَتْ بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي منع النِّسَاء من الْمَسَاجِد مَا الحديث: 1045 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 1048 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَوْ رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُلْتُ: هَلْ مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ " 1049 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَوْ رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ " وَلَمْ تَكُنْ عَائِشَةُ لِتُطْلِقَ هَذَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّسَاء إِلَّا بعد علمهَا أَنَّهُ إنمَا أذن لَهُنَّ فِي الْمَسَاجِد لعدم حَال قَدْ صَارَت فِيهن بعده وإِذَا كن كَذَلِكَ فِي زمن عَائِشَة فهن بعْدهَا مِمَّا كن عَلَيْهِ فِي زمن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبعد، وإِذَا مُنِعْنَ من الْمَسَاجِد للصلوات، كُنَّ من الْمَنْع من الْمَسَاجِد بالاعتكاف أولى فَإِن قَالَ قَائِل: قَدْ نهى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّجَال أَن لَا يمنعوا النِّسَاء الْمَسَاجِد، وَذكر فِي ذَلِكَ مَا 1050 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعْهَا " قِيلَ لَهُ: هَذَا لَمَّا كُنَّ عَلَى الْحَالِ الَّتِي كُنَّ عَلَيْهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ خلاف الْحَال الَّتِي أحدثتها بعده قَالَتْ: عَائِشَة فِي ذَلِكَ مَا قَالَتْ: وفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل عَلَى أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُطلق لَهُنَّ الْخُرُوج إِلَى الْمَسَاجِد إِلَّا بِإِذن أَزوَاجهنَّ مَعَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلم يقْصد بِذَلِكَ الْإِذْن لَهُنَّ كل الْأَوْقَات الَّتِي يخرج فِيهَا إِلَى الصَّلَوَات، وإنمَا قصد بِهِ اللَّيْل خَاصَّة الَّذِي يَخْفَيْنَ فِيه دون النَّهَار الَّذِي يُرَيْنَ فِيه الحديث: 1048 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 ولمَّا كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رد أَمر خرجوهن إِلَى الصَّلَوَات، إِلَى إِذن أَزوَاجهنَّ فِي ذَلِكَ، عقلنا بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ لَيْسَ مِمَّنْ يجب عَلَيْهِ حُضُور الجمَاعات، وأنهن فِي ذَلِكَ خلاف الرِّجَال، لِأَنَّهُنَّ لَو كَانَ مِمَّنْ يجب عَلَيْهِ حُضُور الجمَاعات لمَا كَانَ عَلَيْهِن اسْتِئْذَان أَزوَاجهنَّ فِي ذَلِكَ، كمَا لَيْسَ عَلَيْهِن اسْتِئْذَان أَزوَاجهنَّ فِي الْخُرُوج إِلَى الْحَج الْمَفْرُوض عَلَيْهِن فأمَّا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قصد بقوله: " إِذَا اسْتَأْذَنت أحدكُم امْرَأَته إِلَى الْمَسْجِد فَلَا يمْنَعهَا "، اللَّيْل دون النَّهَار، 1051 - فَإِنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ بِاللَّيْلِ "، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ لَا يَأْذَنُ لَهُنَّ، يَتَّخِذْنَهُ دَغَلا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَسْمَعُنِي أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائْذَنُوا لَهُنَّ " وَتَقُولُ لَا نَأْذَنُ لَهُنَّ 1052 - فَإِنَّ نَصْرَ بْنَ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ فَلْيُصَلِّينَ فِي الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ " 1053 - وَإِنَّ يُونُسَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعْهَا " يَعْنِي: بِاللَّيْل هَكَذَا فِي الحَدِيث، 1054 - فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمٍ الْوَاسِطِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا اسْتَأْذَنَتْكُمْ نِسَاؤُكُمْ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ " الحديث: 1051 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 وفِي قصد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ إِلَى اللَّيْل دَلِيل عَلَى أَن حكم النِّسَاء فِي الْخُرُوج إِلَى الْمَسَاجِد فِيه خلاف حكمهن فِي الْخُرُوج إِلَى الْمَسَاجِد بِالنَّهَارِ وقَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْنَب امْرَأَة ابْن مَسْعُود، عَنِ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا 1055 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلا تَمَسَّنَّ طِيبًا " 1056 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ زَيْنَبَ امْرَأَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلا تَمَسَّنَّ طِيبًا " فَاخْتلف سُفْيَان، ويَحْيَى فِي بكير، وَيَعْقُوب فقصد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ إِلَى صَلَاة الْعشَاء وَالْمَرْأَة النَّهْي عَنِ الطّيب فِي النَّهَار أحْوج فَدلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لم يكن أَبَاحَ لَهُنَّ شُهُود الصَّلَوَات فِي الجمَاعات إِلَّا فِي اللَّيْل دون النَّهَار، إِذْ كن يخفين فِي اللَّيْل مَا لَا يخفين فِي النَّهَار فَإِن قَالَ قَائِل: فقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْي عَنْ مَنعهنَّ من الْمَسَاجِد بِهَذَا مُطلقًا، وَذكر فِي ذَلِكَ مَا 1057 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ " 1058 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَلْيَخْرُجْنَ إِذَا خَرَجْنَ تَفِلات الحديث: 1055 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 1059 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قيل لَهُ: هَذَا عِنْدَنَا عَلَى إِثْبَات رد أمورهن فِي ذَلِكَ إِلَى أَزوَاجهنَّ، وَإِثْبَات أَيدي أَزوَاجهنَّ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِن وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَصْدِهِ فِي ذَلِكَ إِلَى اللَّيْل دون النَّهَار أولى مِمَّا حذف مِنْهُ، لِأَن من حفظ شَيْئا أولى مِمَّنْ نَسيَه، فَإِن قَالَ قَائِل: فقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جعل من الصَّلَوَات فِي الْمَسَاجِد حطا وَذكر فِي ذَلِكَ مَا 1060 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ حُظُوظَهُنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ "، قيل لَهُ: قَدْ يجوز أَن يكون حظهن من الْمَسْجِد، وخروجهن إِلَيْهِ بِاللَّيْلِ تفلات عَلَى مَا فِي الحَدِيث الآخر، وممَّا يدل عَلَى أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا ردهن فِي الْخُرُوج إِلَى الْمَسَاجِد للصلوات فِي حالٍ لَا يخالطهن فِيهَا الرِّجَال، لَا عَلَى مَا سواهَا من الْأَحْوَال 1061 - أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى الْمُزَنِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي هِنْدُ ابْنَةُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مِنْ صَلاتِهِ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِميَهُ، وَيَمْكُثُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَنَرَى أَنَّ مُكْثَهَ ذَلِكَ وَالله أعلم لكَي تنفد النِّسَاء قبل أَن يدركهن من انْصَرف من الْقَوْم قَالَ أَحْمد: وَالْأَمر فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا وَالله أعلم عَلَى مَا قَالَ ابْن شهَاب، وعَلَى أَن الحديث: 1059 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا أطلق للنِّسَاء شُهُود الصَّلَوَات إِذَا كن لَا يخالطن الرِّجَال فِي انصرافهن مِنْهَا، وإِذَا كَانَت مخالطتهن الرِّجَال فِي الِانْصِرَاف مِنْهَا مَكْرُوهَة، كَانَت مخالطتهن إيَّاهُم فِي نظر كل فريق مِنْهُمْ إِلَى الْفَرِيق الآخر مَكْرُوهَة أَيْضا، ولقَدْ فضل رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ ذَلِكَ صلاتهن فِي بُيُوتهنَّ عَلَى صلاتهن فِي الْمَسَاجِد وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا 1062 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَهُودَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ " 1063 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ الْعَرَّابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لأَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا أَعْظَمُ لأَجْرِهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ، خَيْرٌ لَهَا مِنْ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الصَّلاةِ يَوْمَ الْعِيدِ " فَهَذَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فضل صَلَاة الْمَرْأَة فِي بَيتهَا عَلَى صلَاتهَا فِي الْمَسَاجِد فَإِن قَالَ قَائِل: فقَدْ رُوِيَ عَن أم عَطِيَّة، عَنِ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلاف هَذَا، وَذكر فِي ذَلِكَ مَا: 1064 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَالْحُيَّضَ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ، وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدُعَاءَ الْمُسْلِمِينَ " قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِحْدَاهُنَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: " فَلْتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا " 1065 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ الْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ يَوْمَ الْعِيدِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لإِحْدَانَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: " الحديث: 1062 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 فَلْتُعِرْهَا أُخْتُهَا جِلْبَابَهَا " قِيلَ لَهُ: هَذَا عِنْدَنَا وَالله أعلم قبل أَن نؤمر بالحجاب، وكَانَ مُبَاحا للرِّجَال النّظر إِلَى النِّسَاء لنظرهن إِلَى الرِّجَال، ثُمَّ نسخ ذَلِكَ، وَردت أُمُور النِّسَاء إِلَى غض الْأَبْصَار عَنْهُن، وأمرن بِلُزُوم الْبيُوت ولمَّا فضلت الْبيُوت للنِّسَاء عَلَى الْمَسَاجِد فَصَارَت الْبيُوت لَهُنَّ أفضل، كَانَ خروجهن عَنْهَا إِلَى الْمَسَاجِد خُرُوجًا عَنِ الْأَفْضَل إِلَى مَا هُوَ دونه، وصرن فِي ذَلِكَ ضدا للرِّجَال، لِأَن خُرُوج الرِّجَال إِلَى الْمَسَاجِد للصَّلَاة فِيهَا أفضل من تخالفهم عَنْ ذَلِكَ ولمَّا كَانَ مَوضِع اعْتِكَاف الرِّجَال هُوَ مَوضِع الْفضل لَهُم فِي الصَّلَوَات المكتوبات، كَانَ مَوضِع اعْتِكَاف النِّسَاء فِي مَوضِع الْفضل لَهُنَّ فِي الصَّلَوَات المكتوبات، وَهن فِي بُيُوتهنَّ، وَهَذَا قَول أَبِي حَنِيفَةَ، وَزفر، وأبى يُوسُف، وَمُحَمّد. وَاخْتلف أهل الْعلم فى الِاعْتِكَاف هَل يجزى إِلَّا بصيام؟ فَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم: لايكون الِاعْتِكَاف إِلَّا بصيام من فريضه أَو من تطوع. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك أَبُو حنيفه وَمَالك والثورى، وَزفر، وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد. حَدثنَا مُحَمَّد بن على عَن مُحَمَّد عَن أَبى حنيفه وأبى يُوسُف بذلك. قَالَ مُحَمَّد: وَهُوَ قَوْلنَا. حَدثنَا سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن مُحَمَّد بِمثل ذَلِك. 1067 - حَدثنَا يُونُس،قَالَ أخبرنَا ابْن وهب أَن مَالِكًا حَدثهُ أَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد ونافعا مولى ابْن عمر قَالَا: لَا اعْتِكَاف إِلَّا بصيام لقَوْل الله - عز وَجل -: وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الحيط الْأسود من الْفجْر ثمَّ أَتموا الصّيام الى اللَّيْل،وَلَا تباشروهن وَأَنْتُم عاكفون فى الْمَسَاجِد فانما ذكر الله - عز وَجل - الصّيام مَعَ الِاعْتِكَاف. وَقَالَت طَائِفَة:لَا بَأْس بالاعتكاف بالصيام. وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الشافعى. وَلما اخْتلفُوا فى ذَلِك، وَلم نجد فِيهِ ايه محكمه تدلنا على مَا اخْتلفُوا فِيهِ التمسنا حكم ذَلِك فى سنة رسوال الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَوَجَدنَا الَّذين يذهبون الى أَنه يكون بِغَيْر صِيَام قد احْتَجُّوا فى ذَلِك بِمَا روى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_/ مِمَّا: حدّثنَاهُ عبد الْملك بن أَبى الحوارى البغدادى، قَالَ حَدثنَا عبد الله بن الزبير الحميدى، قَالَ حَدثنَا سُفْيَان، قَالَ حَدثنَا أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ عمر نذر الحديث: 1067 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 اعْتِكَاف لَيْلَة فى الْمَسْجِد الْحَرَام فى الْجَاهِلِيَّة،فَسَأَلَ النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأمر بِأَن يعْتَكف أَن يفى بنذره. قَالُوا: فقد أَبَاحَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعْتِكَاف لَيْلَة واحده لَا صَوْم فِيهَا، فَدلَّ ذَلِك على أَن الِاعْتِكَاف قد يكون بِلَا صَوْم. وَكَانَ من الْحجَّة عَلَيْهِم للآخرين أَن هَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ غير سُفْيَان عَن أَيُّوب بِخِلَاف مَا رَوَاهُ سُفْيَان عَن أَيُّوب. 1068 - حَدثنَا يُونُس , قَالَ حَدثنَا ابْن وهب، أخبرنى حر بن حَازِم أَن أَيُّوب حَدثهُ، أَن نَافِعًا حَدثهُ، أَن ابْن عمر حَدثهُ، أَن عمر سَأَلَ النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بالجعرانة فَقَالَ: يَا رَسُول الله إنى نذرت فى الْجَاهِلِيَّة أَن اعْتكف يَوْمًا فى الْمَسْجِد الْحَرَام فَكيف ترى؟ فَقَالَ النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اذْهَبْ فاعتكف فِيهِ يَوْمًا. ففى هَذَا الحَدِيث أَن سُؤال عمر النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا كَانَ عَن نذر باعتكاف يَوْم لَا باعتكاف لَيْلَة وَقد روى هَذَا الحَدِيث عبد الله عَن نَافِع كَذَلِك لَا كَمَا رَوَاهُ سُفْيَان عَن أَيُّوب: 1069 - حَدثنَا مُحَمَّد بن على البغدادى قَالَ حَدثنَا خلف بن هِشَام الْبَزَّار قَالَ حَدثنَا على بن مسْهر عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن رضى الله عَنهُ أَنه نذر فى الْجَاهِلِيَّة أَن يعْتَكف يَوْمًا فى الْمَسْجِد الْحَرَام،فَلَمَّا أسلم ذكر ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أوف بِنَذْرِك.فَفعل. فَهَذَا هُوَ أصل هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ على اعْتِكَاف يَوْم،لَا اعْتِكَاف لَيْلَة، وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَن الرّبيع المرادى: 1070 - حَدثنَا قَالَ ابْن وهب. قَالَ حَدَّثَنى ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، ابْن عمر قَالَا: لَا جوَار إِلَّا بِصَوْم. 1071 - وَأَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن يُونُس حَدثنَا قَالَ حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير عَن الحديث: 1068 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 حجاج بن أَرْطَأَة عَن عَطاء أَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة قَالُوا: لَا اعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْم، فَلم يخل حَدِيث سُفْيَان عَن أَيُّوب عَن نَافِع الذى روينَاهُ من أحد وَجْهَيْن إِمَّا أَن يكون أَصله كَمَا رَوَاهُ عَن أَيُّوب عَن نَافِع فَإِن كَانَ كَمَا رَوَاهُ جرير فَلَيْسَ لأحد الِاحْتِجَاج بِهِ فى تثبيت الِاعْتِكَاف بِلَا صَوْم وَإِن كَانَ كَمَا رَوَاهُ سُفْيَان عَن أَيُّوب عَن نَافِع فَإِن فى ترك ابْن عمر إِيَّاه بعد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْقَوْل بِخِلَافِهِ مَا يدل على نسخه، لِأَن ابْن عمر لَا يدْفع شَيْئا قَدْ سَمعه من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا إِلَى مَا هُوَ أولى مِنْهُ وفِي هَذَا تثبيت قَول الَّذين قَالُوا: لَا يكون الِاعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْم، هَذَا نَافِع قَدْ ذكرنَا عَنهُ من قَوْله أَنَّهُ قَالَ: لَا اعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْم، فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذكرنَا وكَانَ مِمَّا احْتج بِهِ الَّذين أباحوا الِاعْتِكَاف بِلَا صَوْم مَا: 1072- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَوَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَهْلِ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: اجْتَمَعْتُ أَنَا وَابْنُ شِهَابٍ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ عَلَى امْرَأَتِي اعْتِكَافُ ثَلاثٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ: ابْنُ شِهَابٍ: لَا يَكُونُ اعْتِكَافٌ إِلا بِصِيَامٍ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَمِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَفَمِنْ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَفَمِنْ عُمَرَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَفَمِنْ عُثْمَانَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ أَبُو سَهْلٍ: فَانْصَرَفْتُ، فَوَجَدْتُ طَاوُسًا وَعَطَاءً، فَسَأَلْتُهُمَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: طَاوُسٌ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَى عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامًا إِلا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ عَطَاءٌ: وَذَلِكَ رَأْيِي فكَانَ من حجتنا عَلَيْهِ أَن ابْن عَبَّاس قَدْ روينَا عَنهُ فِي هَذَا خلاف ذَلِكَ مِمَّا يحدثه عَنهُ عَطاء، ثُمَّ وجدنَا مُجَاهدًا قَدْ روى عَنهُ أَيْضا مَا 1073 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " الاعْتِكَافُ لَا يَكُونُ إِلا بِصِيَامٍ " الحديث: 1072 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 ثُمَّ وجدنَا أَبَا فَاخِتَة سعيد بن علاقَة، مولى جعدة بن هُبَيْرَة قَدْ روى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس: 1074 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ مَوْلَى جَعْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " لَا اعْتِكَافَ إِلا بِصَوْمٍ " 1075 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا فَاخِتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " مَنِ اعْتَكَفَ فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ " 1076 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " الْمُعْتَكِفُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ " وقَالَ: الْآخرُونَ: أصل هَذَا الحَدِيث إنمَا هُوَ الْمُعْتَكف يَصُوم عَلَى الِاخْتِيَار، لَا عَلَى الْإِيجَاب كَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْريّ، وَابْن عُيَيْنَة وَذكروا فِي ذَلِكَ مَا: 1077 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " الْمُعْتَكِفُ الْمُجَاوِرُ يَصُومُ " 1078 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَوَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو فَاخِتَةَ سَعِيدُ بْنُ عِلاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " يَصُومُ الْمُجَاوِرُ "، وَالْمُجَاوِرُ: الْمُعْتَكِفُ 1079 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَجُلا قَالَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، كَيْفَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ " عَلَى الْمُجَاوِرِ الصَّوْمُ؟ "، قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، إِنَّمَا قَالَ: " الْمُجَاوِرُ يَصُومُ " قَالُوا: فَهَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الْمُجَاوِرِ يَصُومُ اخْتِيَارًا، لَا فَرْضًا، قيل لَهُم: الحديث: 1074 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 وَكَيف يجوز أَن يتأولوا هَذَا الحَدِيث عَلَى هَذَا الْمَعْنى؟ وَأَن يجْعَلُوا قَول ابْن عَبَّاس: " المجاور يَصُوم " عَلَى إِطْلَاق الصَّوْم لَهُ فِي جواره؟ وَهل كَانَ الصَّوْم قطُّ مَحْظُورًا عَلَيْهِ؟ أَو توهم هَذَا أحد؟ وَلَكِن قَوْله: " يَصُوم المجاور " عَلَى معنى يَصُوم حَتَّى يَكُونَ معتكفا بإقامته فِي الْمَسْجِد، فَيكون معنى مَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ قَدْ رَجَعَ إِلَى مَعْنَى مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَهُشَيْمٌ، عَنْ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ وَقد رُوِيَ عَن غير وَاحِد من أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن ابْن عَبَّاس، وَابْن عمر إِيجَاب الصَّوْم فِي الِاعْتِكَاف، فَمن ذَلِكَ مَا: 1080 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: " لَا اعْتِكَافَ إِلا بِصَوْمٍ " 1081 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّصْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " مَنِ اعْتَكَفَ فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ " 1082 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ اللُّؤْلُئِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " مِنَ السُّنَّةِ لَا اعْتِكَافَ إِلا بِصَوْمٍ " فَهَذَا الْقَوْلُ فِي نَفْيِ الاعْتِكَافِ بِلا صَوْمٍ قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ فَإلَى قَول من خَالف قَول هَؤُلَاءِ؟ فَإِن قَالَ: إِلَى قَول يعلى بن أميّة وَذكر فِي ذَلِكَ مَا: 1083 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبٍ لَهُ: " اجْلِسْ نَعْتَكِفْ سَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " 1084 - وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى، مِثْلَهُ الحديث: 1080 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 قَالَ: فَهَذَا يعلى قَدْ أَبَاحَ اعْتِكَاف سَاعَة قيل لَهُ: فَهَل كَانَ هُوَ وَصَاحبه مفطرون فِي تِلْكَ السَّاعَة؟ ومَا دليلك عَلَى أنهمَا كَانَا كَذَلِكَ؟ وَإنَّك قَدْ قلتُ: إِنَّك لَا تقبل الْمُنْقَطع إِلَّا مَا خصصه مِنْهُ، وَعَطَاء فَلم يسمع من يعلى، إنمَا يحدث عَنْ أَبِيهِ عَنهُ، فَهَذَا حَدِيث مُنْقَطع قَدْ تركت بِهِ أَحَادِيث مُتَّصِلَة وقَالَ بِهَذَا القَوْل الَّذِي ذكرنَا من نَفْيِ الِاعْتِكَاف بِلَا صِيَام: سعيد بن المسيِّب، وَعُرْوَة بن الزُّبير 1085 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدًا، يَقُولُ: " مَنِ اعْتَكَفَ فَعَلَيْهِ الصِّيَامُ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ عَلَى نَفْسِهِ صِيَامًا " 1086 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " الْمُعْتَكِفُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَلا يَكُونُ إِلا بِصَوْمٍ " ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ، وَلم نجد فِي كتاب الله عزّ وجلّ مَا يُطلق الِاعْتِكَاف بِغَيْر صَوْم، بل وجدنَا فِيه مَا هُوَ أقرب إِلَى إِيجَاب الصَّوْم فِي الِاعْتِكَاف من إِطْلَاق الِاعْتِكَاف بِلَا صَوْم، وَهُوَ قَوْله عز وَجل: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ، وكَانَ الِاعْتِكَاف الَّذِي ذكره هَاهُنَا قَدْ ذكر مَعَه الصَّوْم، وَلم نجد فِي سنة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِطْلَاقه بِلَا صَوْم، إِلَّا مَا تعلق بِهِ من ذكرنَا من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة، عَن أَيُّوب، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عمر فِي إِطْلَاق النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر اعْتِكَافه لَيْلَة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، وقَدْ ذكرنَا من خَالف ابْن عُيَيْنَة فِي ذَلِكَ، عَنْ أَيُّوب، وَمن خَالف أَيُّوب فِي ذَلِكَ، عَنْ نَافِع، وذكرهمَا أَن سُؤال عُمَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا كَانَ عَلَى اعْتِكَاف يَوْم، لَا عَلَى اعْتِكَاف لَيْلَة، وَلم نجد فِي أَقْوَال أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِطْلَاق ذَلِكَ بِلَا صَوْم، إِلَّا مَا روينَاهُ عَنْ أَبِي سهل بن مَالك، عَنْ طَاوس، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وروينا مَعَ ذَلِكَ عَنْ عَطاء، وَمُجاهد، وأَبِي فَاخِتَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاس خلاف ذَلِكَ، فكَانَ ثَلَاثَة أولى بِالْحِفْظِ من وَاحِد وَلم نجد فِي النّظر مَا يُطلق ذَلِكَ، غير أَن بَعضهم قَدْ كَانَ يحْتَج فِي ذَلِكَ، فَيَقُول: لمَّا كَانَ الِاعْتِكَاف يكون فِي اللَّيْل الَّذِي لَا صَوْم فِيه، كمَا يكون فِي النَّهَار الَّذِي فِيه الصَّوْم ثَبت بِذَلِكَ أَن الِاعْتِكَاف لَو كَانَ إنمَا أطلق فِي الصَّوْم لخرج مِنْهُ الْمُعْتَكف بِخُرُوجِهِ من الصَّوْم، فَدخل عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، أَنا وجدنَا الِاعْتِكَاف لم يُطلق للرِّجَال إِلَّا فِي الْمَسَاجِد، وَلم يُطلق الحديث: 1085 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 لَهُم فِيمَا سواهَا من الطرقات والمنازل، ورأينا الْمُعْتَكف قَدْ يخرج من الْمَسْجِد للغائط وللبول إِلَى المكَانَ الَّذِي لَيْسَ من مَوَاطِن الِاعْتِكَاف، فَلَا يخرج بِذَلِكَ من الِاعْتِكَاف، إِذْ كَانَ فِيهمَا جَمِيعًا مُعْتَقدًا للاعتكاف غير تَارِك لَهُ، وإِذَا كَانَ مَا صَار إِلَيْهِ من اللَّيْل الَّذِي لَا صَوْم فِيه، وَمن موطن الْغَائِط وَالْبَوْل الَّذِي لَا اعْتِكَاف فِيه مِمَّا لَا بُد لَهُ مِنْهُ، وَلم نجد فِي الْقيَاس مَا يُوجب فِي ذَلِكَ غير أَنا وجدنَا بَعضهم قَدْ كَانَ يَدعِي الْقيَاس فِي ذَلِكَ وَيَقُول: رَأَيْت مَوَاطِن الْحَج كعرفة، وَهِي لَيْسَ للإقامة فِيهَا حكم، إِلَّا أَن يكون الْمُقِيم فِيه فِي حُرْمَة شَيْء، وَلَا حُرْمَة نجدها تكون عَلَيْهِ إِلَّا الصَّوْم، فَدخل عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فِي حُرْمَة، وَهِيَ الِاعْتِكَاف كمَا لَا يحْتَاج الْمُقِيم فِي مَوَاطِن الْحَج فِي حُرْمَة الْحَج ثُمَّ وجدنَا الْمُطَالبَة بَعدنَا فِيه لكل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ عَلَى صَاحبه فِي إِيجَاب الِاعْتِكَاف بالصيام، أَو فِي إِطْلَاق الِاعْتِكَاف بِلَا صِيَام، وَلم نجد لِذَلِكَ مثلا فنعطفه عَلَيْهِ قِيَاسا ووفقنا بمَا ذكرنَا عَلَى أَن هَذَا الْمَعْنى لَا يُوصل إِلَيْهِ إِلَّا بالتوقيف، وَوجدنَا عَنْ عليّ، وَابْن عمر، وَعَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، وَعَن ثَلَاثَة عَنِ ابْنِ عَبَّاس: أَن الِاعْتِكَاف لَا يكون إِلَّا بِصَوْم، أثبتنا بِذَلِكَ الصَّوْم فِي الِاعْتِكَاف، وَلم يُطْلَقْ لأحد اعتكافا إِلَّا فِي صَوْم فَإِن قَالَ قَائِل: فقَدْ أطلقتم لَهُ الِاعْتِكَاف فِي رَمَضَان الَّذِي قَدْ وَجب عَلَيْهِ صَوْمه بِغَيْر الِاعْتِكَاف قيل لَهُ: إِنَّا لم نقل: إِن الِاعْتِكَاف لَا يجب إِلَّا بِوُجُوب الصَّوْم لَهُ، إنمَا قُلْنَا: لَا اعْتِكَاف إِلَّا فِي صَوْم، فَمن اعْتكف وَهُوَ كَذَلِكَ كَانَ معتكفا، وَمن اعْتكف ولَيْسَ كَذَلِكَ لم يكن معتكفا، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، ومَالك، وَزفر، وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُونَهُ فِي هَذَا حَتَّى كَانُوا يَقُولُونَ: لَو أصبح رجل يَوْمًا صَائِما، ثُمَّ أوجب الِاعْتِكَاف عَلَى نَفسه يَوْمه وَدخل مُعْتَكفه، فَأَقَامَ فِيه كَذَلِكَ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس كَانَ معتكفا وَاخْتلفُوا فِي الْمُعْتَكف هَل يكون لَهُ أَن يتشاغل وَهُوَ فِي مُعْتَكفه بمَا لَيْسَ من أَسبَاب الِاعْتِكَاف من الشِّرَاء، وَالْبيع، والْحَدِيث بِسَائِر أَنْوَاع الحَدِيث الَّتِي لَا آثام فِيهَا؟، فَأطلق بَعضهم لَهُ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، فِيمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ، وَعَن أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد بِذَلِكَ وَكَرِهَهُ بَعضهم وقَالَ: الْمُعْتَكف يشْتَغل باعتكافه، لَا يعرض لغيره مِمَّا يشغل بِهِ نَفسه من التِّجَارَات وَغَيرهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالك، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ يُونُس، عَنِ ابْنِ وهب، عَنْ مَالك ولمَّا اخْتلفُوا بِذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَاف الَّذِي ذكرنَا، نَظرنَا هَل رُوِيَ فِي ذَلِكَ شَيْء يدل مَا الْوَاجِب الَّذِي اخْتلفُوا فِيه من ذَلِكَ؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 فأمَا أَبُو حَنِيفَةَ فاحتج بِذَلِكَ بمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بنهي رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصمت 1087 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ " نَهَى عَنِ الوِصَالِ، وَعَنْ صَوْمِ الصَّمْتِ " وقَدْ وجدنَا نَحن من بعد هَذَا عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَعْنى الَّذِي ذكرنَا، مَا يدل عَلَى الْوَجْه فِيه وَكَيف هُوَ؟ وَذَلِكَ 1088 - أَنَّ فَهْدًا حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، وَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِمَا رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بَعُدَا، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ "، فَقَالا: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا " 1089 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ حُيَيٍّ: أَنَّهَا خَرَجَتْ تَزُورُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً مِنَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ أَوْ بَابِ عَائِشَةَ مَرَّ رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ ابْنَةُ حُيَيٍّ " فَسَبَّحَا وَأَعْظَمَا ذَلِكَ، فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا " الحديث: 1087 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 فَوَجَدنَا فِي هَذَا الحَدِيث تشاغل رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمحادثة صفِية، وبتشييعه إِيَّاهَا إِلَى بَاب الْمَسْجِد ولَيْسَا من الِاعْتِكَاف، وَهُوَ حِينَئِذٍ معتكف فعقلنا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا بَأْس عَلَى الْمُعْتَكف أَن يتحدث، وَأَن يفعل فِي اعْتِكَافه مَا لَيْسَ بِمحرم عَلَيْهِ، حرمته فِي نَفسه، وَلَا بِسَبَب تَحْرِيم الِاعْتِكَاف إِيَّاه عَلَيْهِ وقَدْ وجدنَا الْمُعْتَكف يدْخل رَأسه فِي اعْتِكَافه ليصلح بِذَلِكَ بدنه، ويلم بِهِ شعثه، وَلَا يكره ذَلِكَ لَهُ إِذْ كَانَ لَيْسَ من شَأْن الِاعْتِكَاف، وقَدْ روى عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا: 1090 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ " 1091 - حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ 1092 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " إِنْ كُنْتُ لأَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ، فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إِلا وَأَنَا مَارَّةٌ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِلْحَاجَةِ " 1093 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كُنْتُ أُرَجِّلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَيُدْخِلُ رَأْسَهُ عَلَى عَتَبَةِ الْحُجْرَةِ فَأُرَجِّلُهُ " 1094 - حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فِي الْمَسْجِدِ وَأَخْرَجَ إِلَيَّ رَأْسَهُ، فَغَسَلْتُهُ وَأَنَا حَائِضٌ " الحديث: 1090 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 قَالَ أَحْمد: فلمَّا كَانَ الترجيل الَّذِي لَيْسَ من شَأْن الِاعْتِكَاف مُطلقًا للمعتكف فِي اعْتِكَافه، إِذْ كَانَ من صَلَاح بدنه، كَانَ مَا سواهُ مِمَّا فِيه صَلَاح بدنه أَو صَلَاح مَاله، مِمَّا لَيْسَ بِحرَام فِي نَفسه، وَلَا مَمْنُوع بِسَبَب الِاعْتِكَاف مُطلقًا للمعتكف، أَن يَفْعَله وفِي هَذَا الحَدِيث إِخْرَاج رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأسه لترجيل عَائِشَة إِيَّاه لَهُ فِيمَا لَيْسَ لَهُ الْخُرُوج بِبدنِهِ كُله إِلَيْهِ، فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن من حظر عَلَى نَفسه لَا يدْخل بَيْتا، فَأدْخلهُ رَأسه أَنَّهُ لَا يكون بِذَلِكَ فِي معنى من دخله 1095 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفُ، وَلا لِلْمُعْتَكِفَةِ يُنْكَحَانِ فِي اعْتِكَافِهِمَا مَا لَمْ يَكُنِ الْوِقَاعُ قَالَ أَحْمد: هَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَاف فِيه علمناه، وَفِي إِطْلَاقهم ذَلِكَ للمعتكف دَلِيل عَلَى أَن مَا سواهُ من الْأَسْبَاب الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِمَّا لَيْسَ من شَأْن الِاعْتِكَاف كَذَلِكَ أَيْضا 1096 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، " أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ إِذَا اعْتَكَفَتْ لَا تَسْأَلُ عَنِ الْمَرِيضِ إِلا وَهِيَ تَمْشِي لَا تَقِفُ " ففِي هَذَا الحَدِيث سؤالها وَهِيَ معتكفة عَنِ الْمَرِيض وَأَجْمعُوا عَلَى أَن الجمَاع حرَام فِي الِاعْتِكَاف لقَوْل الله عزّ وجلّ: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ، فَأَجْمعُوا عَلَى أَن الْمُعْتَكف إِذَا جَامع امْرَأَته نَهَارا أَو لَيْلًا ذَاكِرًا لاعتكافه أَو نَاسِيا لَهُ أَنَّهُ يخرج بِذَلِكَ من اعْتِكَافه، لِأَنَّهُ فعل فِي الِاعْتِكَاف مَا يمنعهُ مِنْهُ الِاعْتِكَاف وَاخْتلفُوا فِي الْمُعْتَكف يخرج من مُعْتَكَفِهِ سَاعَة لغير غَائِط أَو بَوْل، أَو جُمُعَة، فكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، يَقُولُ: قَدْ أفسد اعْتِكَافه، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُف، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَكَذَا كَانَ مَذْهَب مَالك 1097 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " لَا يَكُونُ الْمُعْتَكِفُ مُعْتَكِفًا حَتَّى يَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ، وَالدُّخُولِ إِلَى الْبُيُوتِ إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ " وكَانَ أَبُو يُوسُف فِيمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنهُ يَقُولُ: " إِذَا خرج أَكثر من نصف يَوْم فسد اعْتِكَافه، وإِذَا خرج أقل من ذَلِكَ لم يفْسد اعْتِكَافه " 1098 - الحديث: 1095 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 1098 - وَقَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَعْطَى عَلِيٌّ جَعْدَةَ ثَمَنَ خَادِمٍ، فَسَأَلَهُ هَلِ ابْتَعْتَ خَادِمًا بَعْدُ؟ قَالَ: إِنِّي مُعْتَكِفٌ، وَلَوْلا ذَلِكَ لابْتَعْتُ، قَالَ: وَمَا كَانَ عَلَيْكَ لَوْ خَرَجْتَ إِلَى السُّوقِ فَابْتَعْتَ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَالسُّوقُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وكَانَ هَذَا مِمَّا احْتج بِهِ الْقَائِلُونَ بقول أَبِي يُوسُف فِيمَا قَالَه أَبُو يُوسُف مِمَّا حكيناه عَنهُ وقَدْ يجوز أَن يكون عَلِيٌّ أَرَادَ من جعدة الْخُرُوج من مُعْتَكفه، وَالْوُقُوف بِبَاب الْمَسْجِد لابتياع الْخَادِم، وَلَا يكون بِذَلِكَ خَارِجا إِلَى الطَّرِيق وَهَذَا مِمَّا لَا يمْنَع أَبُو حَنِيفَةَ مِنْهُ الْمُعْتَكف ولمَّا اخْتلفُوا فِي إِطْلَاق الْخُرُوج للمعتكف إِلَى عِيَادَة الْمَرِيض، وَإِلَى شُهُود الْجَنَائِز، وفِي الْمَنْع من ذَلِكَ، وكَانَ الِاعْتِكَاف يمْنَع من الْخُرُوج من الْمَسَاجِد لغير شُهُود الْجَنَائِز، وعيادة المرضى وممَا سوى ذَلِكَ مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُد، كَانَ الأولى أَن يكون الْمُعْتَكف مَمْنُوعًا من ذَلِكَ 1099 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " أَيُّمَا رَجُلٍ اعْتَكَفَ فَلا يَرْفُثْ وَلا يُسَابَّ، وَيُوصِي أَهْلَهُ إِنْ كَانَ لَهُ إِلَيْهِمْ حَاجَةٌ وَهُوَ يَمْشِي أَوْ وَهُوَ قَائِمٌ، وَلْيَشْهَدِ الْجِنَازَةَ وَالْجُمُعَةَ، وَيَعُودُ الْمَرِيضَ " فَهَذَا عَلِيٌّ قَدْ أطلق للمعتكف شُهُود الْجِنَازَة، وعيادة الْمَرِيض بِلَا تَوْقِيت، وَأطلق لَهُ الْخُرُوج إِلَى الْجُمُعَة وفِي ذَلِك دَلِيل عَلَى إِطْلَاقه لَهُ الِاعْتِكَاف فِي غير مَسَاجِد الْجَمَاعَات، وَهَذَا خلاف مَا روينَاهُ عَنهُ من حَدِيث الْحَارِث فِيمَا تقَدم من هَذَا الْبَاب، غير أَنَّهُ قَدْ يجوز أَن يكون الَّذِي أَرَادَهُ فِي حَدِيث الْحَارِث اسْتِحْبَابه للاعتكاف فِي مَسَاجِد الْجَمَاعَات عَلَى الِاعْتِكَاف فِيمَا سواهَا من الْمَسَاجِد، لِأَن من اعْتكف فِيمَا سواهَا من الْمَسَاجِد احْتَاجَ إِلَى الْخُرُوج مِنْهَا إِلَى مَسَاجِد الْجَمَاعَات، ففضل بِذَلِكَ الِاعْتِكَاف فِي مَسَاجِد الجمَاعات عَلَى الِاعْتِكَاف فِيمَا سواهَا من الْمَسَاجِد 1100 - وقَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " الحديث: 1098 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 الْمُعْتَكِفُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ مَرِيضًا، وَلا يَتَّبِعَ جَنَازَةً " فكَانَ أولى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا فِيمَا اخْتلف فِيه عليّ، وَابْن عَبَّاس، من هَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس للحجة الَّتِي ذكرنَا فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَاب وقَدْ روينَا فِي حَدِيث عَائِشَة فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كتَابنَا هَذَا أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَن يعْتَكف دخل مُعْتَكفه بعد صَلَاة الصُّبْح، وفِي حَدِيثهَا هَذَا أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعْتَكف فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من شهر رَمَضَان فَهَذَا عِنْدَنَا وَالله أعلم عَلَى أَن اعْتِكَافه لم يكن يسْتَغْرق الْعشْر كلهَا، وَلكنه كَانَ فِي بَعْضهَا وقَدْ رُوِيَ فِي اعْتِكَاف رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفِيمَا يدل عَلَى أَن دُخُوله الْمُعْتَكف كَانَ قبل هَذَا الْوَقْت، عَنْ غير وَاحِد من أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمن ذَلِكَ مَا: 1101 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ "، قَالَ نَافِعٌ: وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَسْجِدِ ففِي هَذَا الحَدِيث أَنَّهُ كَانَ يعْتَكف الْعشْر كُله فَهَذَا عِنْدَنَا وَالله أعلم عَلَى أَنَّهُ كَانَ يدْخل مُعْتَكفه قبل غرُوب الشَّمْس من الْيَوْم الْعشْرين من الشَّهْر حَتَّى تغيب الشَّمْس وَهُوَ فِي مُعْتَكفه، لِأَن مَا بعد غيبوبة الشَّمْس من الْيَوْم الْعشْرين من الشَّهْر إنمَا هُوَ من الْعشْر الْأَوَاخِر مِنْهُ، لَا مِمَّا سواهُ مِنْهُ، وَمن ذَلِكَ مَا: 1102 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَعْتَكِفُ بِهِمْ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ " فَسَافَرَ عَامًا، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا فأمَا قَول أُبَيٍّ: " كَانَ يعْتَكف فِي الْعشْر الْأَوَاخِر "، قَالَ: كَلَام فِيه مثل الْكَلَام الَّذِي ذكرنَا الحديث: 1101 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 فِي حَدِيث عَائِشَة وأمَا قَوْله: " فلمَّا كَانَ من الْعَام الْمقبل اعْتكف عشْرين يَوْمًا "، فَهَذَا فِيه عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْعَام اعْتكف الْعشْرين الْيَوْم كلهَا، وَاحْتمل أَن يكون دُخُوله إِلَى الِاعْتِكَاف فِيهَا كَانَ قبل غيبوبة الشَّمْس من الْيَوْم الْعَاشِر من شهر رَمَضَان، وقَدْ روينَا عَنْ عَائِشَة فِي ذَلِكَ مَا: 1103 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَعُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ " ففِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ يعْتَكف الْعشْر كُله، وَهَذَا خلاف مَا روينَاهُ عنهمَا بمَا فِي حَدِيث عمْرَة وقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سعيد الْخُدْرِيّ فِي اعْتِكَاف رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1104 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانِ " فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْرُجُ فِيهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنِ اعْتَكَفَ فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ " ففِي هَذَا الحَدِيث أَن دُخُول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعتكافه الْعشْر الْأَوَاخِر كَانَ فِي اللَّيْلَة الَّتِي قبل الْيَوْم الأول من الْعشْر الْأَوَاخِر، بل غَابَتْ الشَّمْس من الْيَوْم الْعشْرين وَهُوَ فِي مُعْتَكفه الحديث: 1103 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 فقَدْ دلّ ذَلِكَ أَن من أَرَادَ الِاعْتِكَاف الْعشْر الأول من شهر رَمَضَان أَنَّهُ يعْتَكف لياليها وأيامها غير أَن الشَّافِعِي قَدْ روى هَذَا الحَدِيث عَنْ مَالك، فَخَالف ابْن وهب فِي حرف مِنْهُ، وَذَلِكَ: 1105 - أَنَّ إِسْمَاعِيلَ الْمُزَنِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْرُجُ فِي صَبِيحَتِهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ "، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ فأمَّا قَوْله: " حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَهِيَ اللَّيْلَة الَّتِي كَانَ يخرج فِي صبيحتها من اعْتِكَافه "، فَهُوَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يخرج من اعْتِكَافه الْعشْر الْأَوْسَط حَتَّى تمْضِي لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين ولَيْسَت من الْعشْر الْأَوْسَط وقَدْ خَالفه فِي ذَلِكَ ابْن وهب فِيمَا روينَاهُ عَنهُ عَنْ مَالك، فَهُوَ عِنْدَنَا عَلَى مَا روى ابْن وهب، لِأَن اللَّيْث والدراوردي جَمِيعًا قَدْ رويا هَذَا الحَدِيث عَنِ ابْنِ الْهَاد كمَا رَوَاهُ ابْن وهب، عَنْ مَالك، لَا كمَا رَوَاهُ الشَّافِعِي عَنهُ 1106 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِرُ فِي رَمَضَانَ الْعَشْرَ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، فَإِذَا كَانَ حِينَ يُمْسِي مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً يَمْضِي وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، رَجَعَ إِلَى مَسْكَنِهِ، وَيَرْجِعُ مَنْ جَاوَرَ مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ فِي شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِمَا شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: " إِنِّي كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذَا الْعَشْرَ، ثُمَّ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَمْكُثْ فِي مُعْتَكَفِهِ 1107 - " حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً حَرْفًا حَرْفًا فكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقًا لِمَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، وَمُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ الحديث: 1105 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ فِي مُعْتَكَفِهِ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ لَمَّا أَرَادَ اعْتِكَافَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَذَلِكَ سُنَّتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ أَرَادَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ، أَنَّ عَلَيْهِ اعْتِكَافَ لَيَالِيهَا مَعَهَا، وَأَنَّهُ يَبْتَدِئُ فِي دُخُولِهِ فِي مُعْتَكَفِهِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهَا، فَلا يَزَالُ فِيهِ حَتَّى تَمْضِيَ الأَيَّامُ الَّتِي أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافَهَا وَحَتَّى تَمْضِيَ لَيَالِيهَا فقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِثْلِ هَذَا فِي رَجُلٍ قَالَ: لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهَا، فَيُقِيمُ فِيهِ مُعْتَكِفًا إِلَى انْقِضَاءِ تِلْكَ الْعَشَرَةِ الأَيَّامِ، فَيَكُونُ قَدِ اعْتَكَفَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الَّذِي يَعْتَكِفُ فِيهِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ تِلْكَ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ فَيُقِيمُ فِيهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ تِلْكَ الْعَشَرَةُ الْأَيَّامُ، فَيَكُونُ قَدِ اعْتَكَفَ عشرَة أَيَّام وتسع لَيَال، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ زفر بن الْهُذيْل، فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّد، عَنْ يَحْيَى، عَنِ الْحسن، عَنْ زفر قَالَ أَحْمد: وكَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد فِي ذَلِكَ أحب إِلَيْنَا، لِأَنَّهُ مُوَافق لمَا روينَاهُ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَاب، وَلِأَنَّهُ قَدْ دلنا عَلَيْهِ كتاب الله عزّ وجلّ فِي الْحِكَايَة عَنْ نبيه زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام، إِذْ قَالَ: {رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} وقَالَ: فِي مَوضِع آخر: {ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} فعقلنا بِذَلِكَ أَن زَكَرِيَّا سَأَلَ ربه أَن يَجْعَل لَهُ آيَة فَجعل لَهُ آيَة، وَاحِدَة كمَا سَأَلَهُ، ثُمَّ ذكرهَا لنا فِي كِتَابه فِي مَوضِع بِالْأَيَّامِ، وفِي مَوضِع آخر بالليالي، وَسَوَّى بَيْنَ عدد الْأَيَّام وَعدد اللَّيَالِي فعقلنا بِذَلِكَ أَنَّهُ إِن كَانَ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأمورا بِالْأَيَّامِ، فقَدْ دخلت فِيهَا اللَّيَالِي، وَإِن كَانَ مَأمورا بالليالي فقَدْ دخلت فِيهَا الْأَيَّام، ولمَّا اسْتَوَى عدد الْأَيَّام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 وَعدد اللَّيَالِي فِي ذَلِكَ وَجب أَن يكون من أوجب عَلَى نَفسه اعْتِكَاف أَيَّام، كَانَ عَلَيْهِ مَعهَا من اللَّيَالِي مثل عَددهَا، وَإِن أوجب عَلَى نَفسه اعْتِكَاف لَيَال، كَانَ عَلَيْهِ مَعهَا من الْأَيَّام مثل عَددهَا، فَثَبت بِذَلِكَ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد مِمَّا ذكرنَا عَنْهُم فِي هَذَا الْمَعْنى تمّ كتاب الصّيام، وَالِاعْتِكَاف، من كتاب أَحْكَام الْقُرْآن الْعَظِيم، وَللَّه الْحَمد والْمنَّة وَصلى الله عَلَى سيدنَا مُحَمَّد وعَلَى آله وَصَحبه وَسلم فرغ من نسخه أفقر عباد الله تَعَالَى الى رَحمته مُحَمَّد بن أَحْمد بن صفى الغزولى، عفى الله عَنهُ،فى مستهل شعْبَان الْكَرم سنة 757 هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 كِتَابُ الْحَجُّ وَالْمَنَاسِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} الْآيَةَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} فَفَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَوِي الِاسْتِطَاعَةِ لِلسَّبِيلِ حَجَّ الْبَيْتِ الَّذِي بِبَكَّةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْمُحْكَمِ الْمَوْقُوفِ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْوَقْتَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ ذَلِكَ الْحَجُّ الَّذِي افْتَرَضَهُ عَلَى ذَوِي الِاسْتِطَاعَةِ لِذَوِي السَّبِيلِ مِنْ عِبَادِهِ، وَبَيَّنَهُ لَنَا فِي غَيْرِهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} 1108 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، قَالَ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ " 1109 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا مَعْنًى وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ ابْنُ عُمَرَ بِقَوْلِهِ: " وَذُو الْحِجَّةِ "، مَا فِيهِ الْحَجُّ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا، لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَكَانَ السَّبِيلُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْوُصُولُ إِلَى الْبَيْتِ الْمُفْتَرَضِ الْحَجُّ إِلَيْهِ، هَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا اخْتِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي حِكَايَتِهِ عَمَّنْ الحديث: 1108 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 حَكَى عَنْهُ: {هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} ، أَوْ: {فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} ، أَيْ إِلَى مَرَدٍّ أَوْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ وُصُولٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ مَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْحَجِّ الَّذِي افْتَرَضَهُ عَلَى ذَوِي الِاسْتِطَاعَةِ مِنْ عِبَادِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، هَلْ هُوَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا؟ وَبَيَّنَهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1110 - فَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، وَأَبُو أُمَيَّةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصَةَ الْقُرَشِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي شَيْبَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَجُّ كُلُّ عَامٍ؟ قَالَ: " بَلْ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ حَجَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ، وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَسْمَعُوا، وَلَمْ تُطِيعُوا " 1111 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ "، فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: " لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ، ثُمَّ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ " 1112 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1113 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ فَقَالَ: " بَلْ الحديث: 1110 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 مَرَّةً وَاحِدَةً، فَمَنْ زَادَ فَتَطَوُّعٌ " 1114 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَا قَوْمُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ " فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَكُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: " لَا، بَلْ هِيَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ حَجَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ، وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ عَلَيْكُمْ، فَإِذًا لَا تَسْمَعُوا وَلَا تُطِيعُوا " 1115- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنِ حُمَيْدٍ الْيَحْصَبِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1116 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أَتَى رَجُلٌ أَوْ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَجٌّ كُلُّ عَامٍ؟ فَقَالَ: " لَا، بَلْ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَلَوْ قُلْتُ كُلُّ عَامٍ، كَانَ كُلَّ عَامٍ " 1117 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا، بَلْ حَجَّةٌ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَنْ يَتَطَوَّعَ فَلْيَتَطَوَّعْ بَعْدُ، وَلَوْ قُلْتُ: كُلُّ عَامٍ، كَانَ كُلَّ عَامٍ " 1118 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " قَالَ رَجُلٌ: الحديث: 1114 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 يَا رَسُولَ اللهِ، الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: " لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا، وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا عُذِّبْتُمْ " قَالَ أَحْمَدُ: مَا سَمِعْتُهُ إِلَّا مِنَ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ 1119 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْحَجِّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ " قَالُوا: كُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لَوْ قُلْتُ: " نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ مَا أَطَعْتُمُوهَا، وَلَوْ تَرَكْتُمُوهَا كَفَرْتُمْ " وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا عَلَيْهِ 1120 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: " {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلُّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، فَأَعَادَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يَسْكُتُ عَنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ قُلْتُ: كُلُّ عَامٍ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ تَرَكْتُمُوهَا لَكَفَرْتُمْ "، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا أَيْضًا مِثْلُ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَفِيهِ: نَهَى الله عَزَّ وَجَلَّ النَّاسَ عَنْ سُؤَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مِثْلِ هَذَا حَتَّى يَكُونَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يَبْتَدِئُهُمْ بِمُرَادِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ، وَبِمَا رُوِيَ فِيهِ، وَبِمَا تَأَوَّلَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} ، فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ الله ُ الحديث: 1119 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 1121 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " خَطَبَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ " فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: " لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَمَا اسْتَطَعْتُمْ " قَالَ: " ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا أُهْلِكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ " 1122 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْعُمَرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُطِيعٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، يَقُولُ: " قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ "، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُغْضِبَ، فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ تَكَلَّمَ فَقَالَ: " مَنْ هَذَا السَّائِلُ؟ " فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: أَنَا فَقَالَ: " وَيْحَكَ، مَا يُؤَمِّنُكَ أَنْ أَقُولَ: نَعَمْ؟ وَاللهِ لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَكَفَرْتُمْ، أَلَا إِنَّهُ إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِكُمْ أَئِمَّةُ الْحَرَجِ، وَاللهِ لَوْ أَنِّي أَحْلَلْتُ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ، وَحَرَّمْتُ عَلَيْكُمْ مِنْهَا مَوْضِعَ خُفِّ بَعِيرٍ لَوَقَعْتُمْ فِيهِ " قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ ذَلِكَ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَعَقَلْنَا بِهَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَا أَنَّ الْفَرْضَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ مُسْتَطِيعٍ لِلسَّبِيلِ مِنْ عِبَادِهِ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، لَا أَكْثَرَ مِنْهَا مِنَ الْحَجِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ السَّبِيلَ الَّتِي أَوْجَبَتِ الْحَجَّ عَلَى مُسْتَطِيعِهَا هِيَ الْوُصُولُ إِلَى الْبَيْتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا: الحديث: 1121 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 1123 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، وَحُمَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ: " أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا السَّبِيلُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: " الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ هَذَا الْجَوَابُ أَيْضًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ لَا يَصِلُ إِلَى الْبَيْتِ إِلَّا بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، لَا فِيمَنْ سِوَاهُ مِنْ حَاضِرِي الْبَيْتِ الَّذِي يَصِلُونَ إِلَيْهِ بِلَا زَادٍ، وَلَا رَاحِلَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُطِيقِينَ مِنْ مَكَّةَ الْقَادِرِينَ عَلَى الْحَجِّ عَلَى أَرْجُلِهِمْ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْ مُسْتَطِيعِي السَّبِيلِ، وَمِمَّنْ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَجِّ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ اللَّذَيْنِ لَا يَصِلُ النَّائِي عَنِ الْبَيْتِ إِلَى الْبَيْتِ إِلَّا بِهِمَا فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ السَّبِيلَ هِيَ الْوُصُولُ، وَلَمَّا كَانَ النَّاءُونَ عَنِ الْبَيْتِ يَخْتَلِفُونَ فِي مَقَادِيرِ الْأَزْوَادِ وَالرَّوَاحِلِ الَّتِي يَكُونُونَ بِهَا مِنْ مُسْتَطِيعِي السَّبِيلِ فَيَتَفَاضَلُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَقَادِيرِ حَاجَاتِهِمْ إِلَيْهِ، وَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ عَلَى قُرْبِ أَمَاكِنِهِمْ وَبُعْدِهَا، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ إِنَّمَا أُرِيدَا سَبَبًا لِلْوُصُولَ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا مَنَعَ الْوُصُولَ مِمَّا سِوَى عَدَمِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ كَالْعَدُوِّ، وَكَالسِّبَاعِ، وَكَالسُّيُولِ، وَكَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ، أَنَّ حُكْمَهُ كَحُكْمِ عَدَمِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَدَلَّتْ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْقُوَّةِ لِلْأَبْدَانِ الَّتِي بِهَا يُصَارُ إِلَى الْبَيْتِ، فِي مَعْنَى عَدَمِ مَا سِوَى مَا لَا يُصَارُ إِلَى الْبَيْتِ إِلَّا بِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ عَجَزَ بِكِبَرِ السِّنِّ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ وَعَنْ رُكُوبِ الرَّوَاحِلِ إِلَيْهِ مَا 1124 - قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: " اسْتَقْبَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَقَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَجِّ، أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: " حُجِّي عَنْ أَبِيكِ "، وَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ؟ فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ شَابَّةً وَشَابًّا، فَلَمْ آمَنَ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا " الحديث: 1123 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 1125 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عبَاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ " إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ " وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ 1126 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَجِّ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ؟ قَالَ: " حُجِّي عَنْهُ " 1127 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ النَّحْوِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ، وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: " وَأَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتُهُ عَنْهُ، أَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَاحْجُجْ عَنْهُ " 1128 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحديث: 1125 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 1129 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مَوْلًى لِابْنِ الزُّبَيْرِ يُقَالُ لَهُ: يُوسُفُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَوِ الزُّبَيْرُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، قَالَتْ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: " أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فقَضَيْتَهُ، قُبِلَ مِنْكَ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَاللهُ أَرْحَمُ، حُجَّ عَنْ أَبِيكَ " فَكَانَ هَذَا السُّؤَالُ مِنْ هَذِهِ السَّائِلَةِ أَوْ مِنْ هَذَا السَّائِلِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَبِيرٍ عَاجِزٍ بِالْكِبَرِ الَّذِي لَا يُرْجَى خُرُوجُهُ مِنْهُ إِلَى صِحَّةٍ يَصِلُ بِهَا إِلَى الْحَجِّ، فَأَجَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي سَأَلَهُ مِنْهُمَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ جَوَابِهِ إِيَّاهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْفَعْ فَرْضَ الْحَجِّ عَنْ ذَلِكَ الْكَبِيرِ بِعَجْزِ بَدَنِهِ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ، إِذْ كَانَ وَاجِدًا مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ الْحَجَّ إِلَيْهِ وَكَانَ تَرْكُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، سُؤَالِ مَنْ سَأَلَهُ عَنْ ذِكْرِنَا: هَلْ لِأَبِيكَ مِنَ الْمَالِ مَا يُمَكِّنُهُ أَنْ يَحُجَّ مِنْهُ غَيْرُهُ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ لَا، لِمَا رَأَى مِنْ بَذْلِ سَائِلِهِ نَفْسَهُ لَلْحَجِّ عَنْ أَبِيهِ، لِأَنَّ أَبَاهُ قَدْ صَارَ بِذَلِكَ فِي حُكْمِ الْوَاجِدِينَ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، فَاكْتَفَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَشْفِ أَحْوَالِهِ بِذَلِكَ عَمَّا سِوَاهُ وَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْرَجَ حُكْمَ الْحَجِّ مِنْ حُكْمِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي عَلَى الْأَبْدَانِ سِوَاهُ، مِثْلُ الصَّلَاةِ الَّتِي لَا يَقْضِيهَا أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، فَجَعَلَ لِلْعَاجِزِ عَنْ تَأْدِيَةِ الْحَجِّ بِبَدَنِهِ أَنْ يَحُجَّ غَيْرُهُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَ الْخَثْعَمِيَّ أَوِ الْخَثْعَمِيَّةَ بِالْحَجِّ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ أَبِيهَا، وَفِي إِطْلَاقِهِ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَالْفَضْلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَجَّ الرَّجُلِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي الَّذِي سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ، هُوَ مَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَالْفَضْلِ عَلَى أَنَّهُ امْرَأَةٌ، لَا فِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ الحديث: 1129 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 لَمَّا أَقْبَلَ بِبَصَرِهِ عَلَى ذَلِكَ السَّائِلِ حَتَّى قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً، فَلَمْ آمَنَ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمَا " وَلَمَّا اسْتَدْلَلْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ السَّبِيلَ إِلَى الْحَجِّ هِيَ الْوُصُولُ إِلَيْهِ، كَانَ مَنْ كَانَ غَيْرَ وَاصِلٍ إِلَى الْحَجِّ مِمَّنْ لَمْ تَلْحَقْهُ فَرِيضَةُ الْحَجِّ بِالْكِتَابِ، وَلَكِنْ لَحِقَتْهُ بِالسُّنَّةِ، فَكَانَ حُكْمُهُ فِي حَجِّ غَيْرِهِ كَحُكْمِهِ فِي حَجِّهِ عَنْ نَفْسِهِ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ، وَثَبَتَ بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحَجُّ عَلَى الْوَاصِلِينَ، وَثَبَتَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ عَلَى الْعَاجِزِينَ الْوَاجِدِينَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَعْدُ ذَلِكَ الْمُكَلَّفِينَ الْبَالِغِينَ الْأَصِحَّاءَ الْعُقُولِ الْأَحْرَارَ مِنَ الرِّجَالِ فَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ لَا يَكُنَّ وَاجِدَاتٍ لَلسَّبِيلِ إِلَّا بِمَا ذَكَرْنَا وَبِوُجُودِ الْأَزْوَاجِ، أَوْ ذَوِي الْمَحَارِمِ الْمُحَرَّمَاتِ، الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مَعَهُنَّ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ مَا: 1130 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، فَقَالَ: " لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ "، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدِ اكْتَتَبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَحُجَّ امْرَأَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْجُجْ مَعَ امْرَأَتِكَ 1131 - " وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا السَّفَرُ إِلَّا مَعَ زَوْجِهَا أَوْ مَعَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ يَكُونُ فِي السَّفَرِ مَعَهَا كَزَوْجِهَا مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهَا الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهَا الحديث: 1130 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 وَلَمَّا لَمْ يَسْأَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ عَنْ ذَلِكَ الْحَجِّ، هَلْ هُوَ فَرِيضَةٌ أَوْ تَطَوُّعٌ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهَا عِنْدَهُ فِي حَاجَةِ الْمَرْأَةِ إِلَى الزَّوْجِ أَوْ إِلَى ذَوِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمَةِ فِيهِمَا، وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا عَلَى مَا تُسَافِرُ بِهِ إِلَى الْآخَرِ مِنْهُمَا، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا عُدِمَتْ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ مِنْ مُسْتَطِيعِي السَّبِيلِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُوَقَّتْ لَنَا فِي السَّفَرِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقْتًا، وَوَجَدْنَا مَا سِوَاهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا فِيهِ وَقْتٌ، وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَهُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ سَفَرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا وَوَجَدْنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ حُرْمَةَ الرَّضَاعَةِ كَحُرْمَةِ الْوِلَادَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا: 1132 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَبَحْرٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهَا: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ؟ فَقَالَ: " أَتُرَاهُ فُلَانٌ؟ "، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ كَانَ فُلَانٌ، لِعَمٍّ لَهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ حَيًّا، دَخَلَ عَلَيَّ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ " 1133 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: " إِنَّهُ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ " قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ " قَالَتْ عَائِشَةُ: وَذَلِكَ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَاب ُ الحديث: 1132 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 وَقَالَتْ عَائِشَةُ: " يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ أَخَّرْنَاهَا لِنَذْكُرَهَا عِنْدَ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} ، مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ هَذَيْنِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ بِالرَّضَاعِ مِنَ الرَّجُلِ وَمِنَ الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي الْحُرْمَةِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حُكْمِ الْحُرْمَةِ بِالْأَنْسَابِ، وَالْأَرْحَامِ الْمُحَرَّمَاتِ وَمِمَّا يَدُلُّ أَنَّ كُلَّ ذِي رَضَاعٍ لوَ كَانَ مَكَانَ النَّسَبِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ الرَّضَاعُ ذَا نَسَبٍ يَحِلُّ لَهُ بِهِ السَّفَرُ بِالْمَرْأَةِ، أَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ مِنَ الرَّضَاعِ حَلَّ لَهُ السَّفَرُ بِهَا، وَحَلَّ لَهَا السَّفَرُ مَعَهُ، فَهَكَذَا نَقُولُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخُوفًا عَلَيْهَا مِنْهُ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهَا الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ جَمِيعًا، وَهَكَذَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِمَّا لَمْ نَجِدْ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، وَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِمَّا يُرَادُ بِهِ مِنَ الشُّهُورِ، وَيَتْلُو ذَلِكَ مِنَ الْآيَةِ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} ، وَكَانَ يَعْنِي قَوْلُهُ جَلَّ وَتَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} ، أَيْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْحَجَّ فِيهِنَّ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ جَلَّ وَتَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} ، أَيْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ فِيهِنَّ، كَانَ ذَلِكَ الْإِيجَابُ فِيهِنَّ أَوْ قَبْلَهُنَّ، لِأَنَّ الْحَجَّ الَّذِي يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِيهِنَّ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْحَجَّ فِيهِنَّ، فَيَكُونُ عَنِيَ الْإِيجَابَ وَالْحَجَّ جَمِيعًا فِيهِنَّ، وَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فِيهِنَّ} ، أَيْ فِي بَعْضِهِنَّ، لِأَنَّ الْإِيجَابَ الَّذِي أَرَادَ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: {فِيهِنَّ} إِنْ كَانَ الْحَجَّ، فَإِنَّ الْحَجَّ إِنَّمَا يَكُونُ فِي بَعْضِ أَحَدِهِنَّ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْإِحْرَامُ فَإِنَّمَا يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا فِي سَاعَةٍ مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَلَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فِيهِنَّ} ، أَيْ فِي جَمِيعِهِنَّ، وَلَا أَوْجَبَ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَنْ يُحْرِمَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ حَتَّى يَكُونَ فِي شُهُورِ الْحَجِّ كُلِّهَا مُحْرِمًا بِالْحَجِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَأَنَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ فِيهِنَّ، كَانَ ذَلِكَ الْإِيجَابُ فِيهِنَّ أَوْ قَبْلَهُنَّ، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ لِلنَّاسِ جَمِيعًا أَنْ يُحْرِمُوا بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفِيمَا قَبْلَهُنَّ، ثُمَّ لَا يَكُونُ الْحَجُّ الَّذِي يُوجِبُونَهُ إِلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُقْضَى فِيهِ الْحَجُّ مِنْ شُهُورِ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ الثَّانِي، وَأَنَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ إِيجَابُ الْحَجِّ وَقَضَاءُ الْحَجِّ فِيهِنَّ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنَ الْإِحْرَامِ بِهِ قَبْلَهُنَّ، لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مَوَاقِيتٍ مَعْلُومَاتٍ ذَكَرَهَا وَسَمَّاهَا، وَسَمَّى أَهْلَهَا وَالْمَارِّينَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا: 1134 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، ثُمَّ قَالَ: " هِيَ لَهُمْ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، فَمَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ، فَمِنْ حَيْثُ يُنْشِئُ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ " 1135 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ عَنِ امْرَأَةٍ حَاجَّةٍ مَرَّتْ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَتْ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ لَهَا: يجزِيهَا لَوْ تَقَدَّمَتْ إِلَى الْجُحْفَةِ فَأَحْرَمَتْ مِنْهَا فَقَالَ عَمْرٌو حَدَّثَنَا طَاوُسٌ، وَلَا يُحْسَبَنَّ فِينَا أَحَدٌ أَصْدَقُ مِنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، غَيْرَ قَوْلِهِ: " فَمَنْ كَانَ أَهْلُهُ "، إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ 1136 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " الحديث: 1134 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 أَنَّهُ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ " 1137 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِهِ نَافِعًا فَلَمْ يَكُنْ تَوْقِيتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ مَانِعًا لَهُمْ مِنَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَهَا، لِأَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ أَوْ بَعْدَهَا لَزِمَهُ الْحَجُّ بِاتِّفَاقِهِمْ جَمِيعًا، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيهِ عَلِمْنَاهُ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ بِتَوْقِيتِهَا هُوَ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ مِنْهَا غَيْرَ مُتَقَدَّمٍ لَهَا وَلَا مُتَأَخَّرٍ عَنْهَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْمَوَاقِيتُ الَّتِي ذَكَرْنَا لِلْإِحْرَامِ لَا يُمْنَعُ مِنَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَهَا مُسِيئًا، كَانَ الْأَوْقَاتُ أَيْضًا لِلْإِحْرَامِ لَا يُمْنَعُ مِنَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَهَا فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُحْرِمُ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ؟ قَالَ: لَا وَلَمْ نَجِدْ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَا يُخَالِفُهُ قِيلَ لَهُ: لَكِنَّا قَدْ وَجَدْنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ جَابِرٌ فِي هَذَا 1138 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ الْمُرَادِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ: " {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ؟ قَالَ: تُحْرِمُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ " فَهَذَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ جَوَابًا لِقَائِلِهِ عَنْ تَأْوِيلِ الْآيَةِ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْ تَأْوِيلِهَا، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْإِتْمَامَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْمَذْكُورُ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ يُنْشِئُهُمَا الَّذِي يُرِيدُهُمَا وَقَدْ كَانَ هَذَا الْجَوَابُ مَنْهُ، وَلِلْمُسْلِمِينَ بِلْدَانٌ مَسَافَةُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَكْثَرُ مِنْ الحديث: 1137 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 مُدَّةِ شُهُورِ الْحَجِّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْهَا الَّذِي يُوَافِي مَكَّةَ فِي إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ إِحْرَامُهُ ذَلِكَ إِلَّا قَبْلَ شُهُورِ الْحَجِّ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَجَمَعَ النَّاسَ جَمِيعًا فِي جَوَابِهِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ بَعِيدِ الدَّارِ مِنْهُمْ مِنْ مَكَّةَ، وَلَا بَيْنَ قَرِيبِ الدَّارِ مِنْهُمْ مِنْهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِطْلَاقِهِ لِلنَّاسِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَا، لِأَنَّ عَلِيًّا أَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلُ آيَةٍ أُخْرَى مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ جَابِرٍ، وَلَا عَمَّنْ سِوَاهُ وَسِوَى عَلِيٍّ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْوِيلِ تِلْكَ الْآيَةِ غَيْرَ أَنَّ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ تَأْوِيلَهَا، وَجَابِرٌ فَإِنَّمَا رُوِيَ لَنَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مِنْ رَأْيِهِ وَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَالَ عَلِيٌّ مِنْ ذَلِكَ أَدَلَّ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمَوَاقِيتِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ شُهُورِ الْحَجِّ، قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَدْ كَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، تَقُولُ: إِنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ يُوجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِهِ عُمْرَةً، وَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ حَجَّةً، وَهَذَا الْقَوْلُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَنَا مِنْ جِهَةِ التَّأْوِيلِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الْآثَارِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ كَمَا أَحْرَمَ بِهِ، أَوْ يَكُونَ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ الْحَجُّ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ، فَيَكُونُ كَمَنْ لَمْ يُحْرِمْ بِهِ، وَيَكُونُ لَمَّا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ بِإِحْرَامِهِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي غَيْرِهِ، كَرَجُلٍ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ دَاخِلًا فِيهَا، وَلَا فِي غَيْرِهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا رَدَدْتُ إِحْرَامَهُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ إِلَى أَنْ جَعَلْتُهُ عُمْرَةً، لِأَنِّي رَأَيْتُ الَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ قَدْ رُدَّ إِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ إِلَى عُمْرَةٍ فَقِيلَ لَهُ: تُحِلُّ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْكَ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ فَرُدَّ إِحْرَامُهُ ذَلِكَ مِنَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ لِفَوْتِ الْحَجِّ إِيَّاهُ قَالَ: فَكَذَلِكَ رَدَدْتُ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ لِتَقَدُّمِهِ فِي إِحْرَامِهِ وَقْتَ الْحَجِّ قِيلَ لَهُ: وَهَلْ أَعَدْنَا إِحْرَامَ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ بِالْحَجِّ الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ بِهِ إِلَى أَنْ جَعَلْنَاهُ عُمْرَةً؟ إِنَّمَا أَمَرْنَاهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَفْعَلُ الْمُعْتَمِرُ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يُحِلَّ مِنْ حُرْمَةِ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْحَجِّ، وَذَلِكَ مَا هُوَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنَ الْحَجِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 الَّذِي كَانَ دَخَلَ فِيهِ، لَا مَا سِوَاهُ مِمَّا قَدْ فَاتَهُ مِنْهُ وَكَيْفَ يَكُونُ مُعْتَمِرًا بِغَيْرِ تَلْبِيَةٍ يَسْتَأْنِفُهَا وَيَدْخُلُ بِهَا فِي الْعُمْرَةِ؟ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ أَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَحَلَقَ، أَنَّهُ قَدْ حَلَّ، وَقَضَى مَا عَلَيْهِ مِمَّا يُوجِبُهُ فَوَاتُ الْحَجِّ عَنْهُ إِلَّا مَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ مَنْ يُوجِبُهُ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَأَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَيهِ، وَمَا يَدْخُلُ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِيهِ، وَمَا يَصِحُّ فِي ذَلِكَ بِآثَارٍ أَوْ بِقِيَاسٍ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ: يُحِلُّ بِعُمْرَةٍ، أَيْ يُحِلُّ بِمِثْلِ مَا يُحِلُّ بِهِ الْمُعْتَمِرُ، وَإِنْ كَانَ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْحَجِّ الَّذِي قَدْ فَاتَهُ، لَا لِعُمْرَةٍ يَأْتَنِفُهَا، أَوَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أُمِرَ أَنْ يُلَبِّيَ لَهَا إِلَى وَقْتٍ مَا، فَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تَقُولُ: إِلَى اسْتِلَامِ الْحَجَرِ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: إِلَى أَنْ يَرَى عُرُوشَ مَكَّةَ؟ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ، وَمَا يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَالَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ لَا يُلَبِّي قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ حَتَّى يَرَى عُرُوشَهَا فِي قَوْلِ الَّذِينَ يُوجِبُونَ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمِرِ، وَلَا يُلَبِّي بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ فِي قَوْلِ الَّذِينَ يُوجِبُونَ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمِرِ، أَوَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ، فَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ أُمِرَ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا إِلَى الْحِلِّ حَلَالًا فَيُحْرِمَ بِهَا مِمَّا هُنَاكَ، ثُمَّ يَدْخُلَ إِلَى الْحَرَمِ فِي حُرْمَتِهَا، وَهَذَا الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ إِلَى الْحَرَمِ بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ إِيَّاهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْحِلِّ حَتَّى يُلَبِّيَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُعْتَمِرُ، وَلَكِنَّهُ يُؤْمَرُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَيَحْلِقَ، فَيَحِلُّ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فِي قَوْلِ الطَّائِفَةِ الَّتِي تُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ قَدْ فَاتَتْهُ أَعْمَالُ الْحَجِّ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَمِنَ الْإِقَامَةِ بِمِنًى وَبعَرَفَةَ، وَبِالْمُزْدَلِفَةِ، وَذَلِكَ فِيمَا إِذَا فَاتَ لَمْ يُقْضَ، لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَلَمْ يُطْلَقْ لِلنَّاسِ أَنْ يَفْعَلُوهُ إِلَّا فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ وَفِي الْحَجِّ أَشْيَاءُ سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَمْ تُحْصَرْ بِأَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ، وَهِيَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأُمِرَ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ بِأَنْ يَفْعَلَ مِنَ الْحَجِّ مَا لَا وَقْتَ لَهُ مَعْلُومًا، ثُمَّ يَحْلِقَ، فَيَحِلُّ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُؤْمَرْ أَنْ يَفْعَلَ مَا فَاتَهُ وَقْتُهُ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ عَامِلًا قَائِلًا، فَيَفْعَلُ فِيهِ مَا قَدْ فَاتَهُ فِي حَجِّهِ الْأَوَّلِ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ إِلَّا وَهُوَ حَرَامٌ، وَأُمِرَ مَعَ ذَلِكَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِتَمَامِ الْحَجِّ، لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ الْحَجَّ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ إِلَّا مِثْلَ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْخَارِجُ مِنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 الْأَسْبَابِ الَّتِي أُمِرَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا، وَأَلا يَقْصُرَ عَنْهَا فِي الْحَجِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَأْوِيلَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} ، وَأَنَّ ذَلِكَ الْفَرْضَ هُوَ الْإِيجَابُ لِلْحَجِّ بِالدُّخُولِ فَيهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ كَيْفَ ذَلِكَ الدُّخُولُ، وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَعَطَاءٍ، مَا: 1139 - قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} ، قَالَ: " مَنْ أَحْرَمَ فِيهِنَّ " 1140 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاء، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَطَاءٍ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} ، قَالَ: " التَّلْبِيَةُ " وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ جَمِيعًا عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَعَلَى أَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ مَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَنْ يُلَبِّيَ لَهُ، فَيَدْخُلُ بِالتَّلْبِيَةِ، كَمَا يَأْمُرُونَ مَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ لِصَلَاةٍ بِالتَّكْبِيرِ لَهَا حَتَّى يَدْخُلَ بِهِ فِيهَا وَكَانَتِ التَّلْبِيَةُ الَّتِي يَأْمُرُونَهُ بِهَا قَدْ رُوِيَ لَنَا فِيهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 1141 - قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " كَانَ تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ " 1142 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: إِنِّي لَأَحْفَظُ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي، فَذَكَرَتْ مِثْلَهُ سَوَاءً 1143 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ النَّحْوِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " تَلَقَّيْتُ التَّلْبِيَةَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ " 1144 - الحديث: 1139 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 1144 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ كَذَلِكَ " 1145 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ كَذَلِكَ " 1146 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَبَّى فِي حَجِّهِ كَذَلِكَ " 1147 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَفَهْدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، بِذَلِكَ أَيْضًا 1148 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1149 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، جَمِيعًا، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرْقِيُّ بْنُ قَطَامِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَلْقٍ الْعَائِذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ شَرَاحِيلَ بْنَ الْقَعْقَاعِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ، يَقُولُ: " لَقَدْ رَأَيْتُنَا مُنْذُ قَرِيبٍ، وَنَحْنُ إِذَا حَجَجْنَا نَقُولُ: لَبَّيْكَ تَعْظِيمًا إِلَيْكَ عُذْرًا هَذِه زُبَيْدُ قَدْ أَتَتْكَ قَسْرًا تَغْدُو بِهَا مُضَمَّنَاتٍ شَزْرًا يَقْطَعْنَ حَيْنًا وَحِبَالًا وَعْرًا قَدْ خَلَفُوا الْأَنْدَادَ خِلْوًا صِفْرًا الحديث: 1144 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 وَنَحْنُ الْيَوْمَ نَقُولُ كَمَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ عَلَّمَكُمْ؟ فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ سَوَاءٍ فَكَانَتْ هَذِهِ التَّلْبِيَةُ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلَةً فِي التَّلْبِيَةِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ التَّلْبِيَةُ الَّتِي عَلَيْهَا عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ أَيْضًا مَا 1150 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْفَضْلِ، حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " كَانَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ لَبَّيْكَ " 1151 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وَهَذَا عِنْدَنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْحَاجِّ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي التَّلْبِيَةِ الْأُولَى أَنْ يُلَبِّيَ بِهَذِهِ التَّلْبِيَةِ الثَّانِيَةِ، وَبِمَا سِوَاهَا مِمَّا يُشْبِهُ التَّلْبِيَةَ الْأُولَى، وَيَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَاهَا وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ مَعَ وُقُوفِهِ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبِابِ يَزِيدُ عَلَيْهَا مَا قَدْ ذَكَرَهُ عَنْهُ نَافِعٌ مَوْلَاهُ فِيمَا 1152 - قَدْ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللهِ وَفِيمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، قَالُوا جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِي التَّلْبِيَةِ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ " الحديث: 1150 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ كَرَاهَةُ مِثْلِ هَذَا، فَذَكَرَ مَا 1153 - قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفُرَيْجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ: " سَمِعَ رَجُلًا يُلَبِّي يَقُولُ: لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ لَبَّيْكَ فَقَالَ سَعْدٌ: مَا هَكَذَا كُنَّا نُلَبِّي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قِيلَ لَهُ: هَذَا عِنْدَنَا مِمَّا قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ كَرِهَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِهِ، وَكَانَ الَّذِي سَمِعَهُ لَبَّى بِهِ تَلْبِيَتَهُ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهُ، فَأَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا، وَتَرَكَ الزِّيَادَةَ فِيهَا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ قَدْ وَقَفَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ، وَمَرَّةً عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْهُ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي التَّلْبِيَةِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا مُبَاحٌ 1154 - وَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ عَرَفَةَ، فَمِنَّا الْمُهِلُّ، وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ، فَأَمَّا نَحْنُ فَنُكَبِّرُ " قَالَ: قُلْتُ: الْعَجَبُ لَكُمْ كَيْفَ لَمْ تَسْأَلُوهُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ؟ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ كَانَ يُكَبِّرُ فِي مَوْضِعٍ لَا بَأْسَ بِالتَّلْبِيَةِ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعًا لَا بَأْسَ بِالتَّلْبِيَةِ فِيهِ، لَا يُكْرَهُ عَلَى مَنْ لَبَّى فِيهِ، وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَفِي إِطْلَاقِ ذَلِكَ لَهُمْ دَلِيلُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ تَلْبِيَةٍ، وَقَدْ كَبَّرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ مَكَانَ التَّلْبِيَةِ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ التَّكْبِيرِ وَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِيهَا تَعْظِيمُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ التَّلْبِيَةِ الَّتِي لَبَّى بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَرَتْ عَلَيْهَا عَادَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي الدُّخُولِ فِي حَجِّهِمْ وَهَذَا ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي التَّلْبِيَةِ أَيْضًا بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا 1155 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ الحديث: 1153 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 بِعَرَفَةَ، فَلَبَّى عَبْدُ اللهِ حَتَّى رَمَى جَمَرَةَ الْعَقَبَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ هَذَا الَّذِي يُلَبِّي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ وَقَالَ عَبْدُ اللهِ فِي تَلْبِيَتِهِ شَيْئًا مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَحَدٍ: " لَبَّيْكَ عَدَدَ التُّرَابِ " فَهَذِهِ التَّلْبِيَةُ الَّتِي يَدْخُلُ النَّاسُ بِهَا فِي الْإِحْرِامِ قَدْ ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى إِطْلَاقِ الزِّيَادَةِ لَهُمْ فِيهَا مَا كَانَ مِنْ أَشْكَالِهَا مِنْ تَعْظِيمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُونَ فِي هَذَا، وَقَالُوا: التَّلْبِيَةُ فِي الْحَجِّ كَالتَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ، فَكَمَا لَا يَنْبَغِي الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ، فَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي الدُّخُولُ فِي الْحَجِّ إِلَّا بِالتَّلْبِيَةِ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِغَيْرِ اخْتِلَافٍ ذَكَرَهُ لَنَا عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ مِيقَاتَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمِيقَاتَ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَمِيقَاتَ أَهْلِ نَجْدٍ لِلْحَجِّ، وَلَمْ يُذْكَرْ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ، أَنَّهُ قَالَ: " هِيَ لَهُمْ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ "، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِمَّنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ، وَأَنَّ مِيقَاتَهُمْ لِحَجِّهِمْ مَا أَتَوْا عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ أَهْلِ الْعِرَاقِ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ 1156 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ " وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ قِيلَ لَهُ: فَالْعِرَاقُ؟ قَالَ: لَمْ تَكُنْ يَوْمَئِذٍ عِرَاقٌ 1157 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ لِحَجِّهِمْ وَقْتًا غَيْرَ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا رُوِّينَا كَمَا وَقَّتَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ أَهْلِ الْآفَاقِ، وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللهِ الحديث: 1156 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 بْنُ عُمَرَ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ 1158 - فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيَّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ القطربلِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ بَهْرَامٍ الْمَدَائِنِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ " فَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدْ رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَوْقِيتِهِ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ مِثْلَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي تَوْقِيتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، لَيْسَ بِسَمَاعٍ، وَزَادَتْ عَلَيْهِمَا تَوْقِيتَهُ لِأَهْلِ مِصْرَ مَعَ أَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةِ، وَتَوْقِيتَهُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتِ عِرْقٍ كَمَا وَقَّتَ مَا سِوَاهَا لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ 1159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْجَهْمُ الْعَبْدِيُّ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ عَنِ الْمُهَلِّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ، ثُمَّ انْتَهَى، أَرَاهُ يُرِيدُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مَنْ يَلَمْلَمَ " 1160 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غَيَّاثٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ " الحديث: 1158 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 وَكَانَ جَابِرٌ قَدْ حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْقَيتِ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ فِي الْحَجِّ كَمَا حَفِظَتْ عَنْهُ عَائِشَةُ فِي ذَلِكَ 1161 - وَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ الْبَصْرَةِ ذَاتَ عِرْقٍ، وَلِأَهْلِ الْمَدَائِنِ الْعَقِيقَ " فَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَدْ حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْقِيتِ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَهِيَ مِنَ الْعِرَاقِ لِلْحَجِّ ذَاتُ عِرْقٍ، وَزَادَ عَلَى عَائِشَةَ، وَعَلَى جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدَائِنِ، وَهِيَ مِنَ الْعِرَاقِ لِحَجِّهِمُ الْعَقِيقَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُوَقِّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ هَذَا الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ عِرَاقٌ؟ قِيلَ لَهُ: كَمَا جَازَ أَنْ يُوَقِّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ شَامٌ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عِلْمٍ أَنَّ الْعِرَاقَ سَتَكُونُ ، وَأَنَّ كُنُوزَ كِسْرَى سَتُفْتَحُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ سَيَمْنَعُونَ قَفِيزَهُمْ وَدِرْهَمَهُمُ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا لِأَرْضِيهِمْ، وَأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ سَيَمْنَعُونَ مُدَّهُمْ وَدِينَارَهُمُ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا لِأَرْضِيهِمْ، وَأَنَّ أَهْلَ مِصْرَ سَيَمْنَعُونَ إِرْدَبَّهُمْ وَدِينَارَهُمُ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا لِأَرْضِيهِمْ، فَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1162 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنَعَتِ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمِهَا، وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدَّيْهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ كَمَا بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ كَمَا بَدَأْتُمْ "، شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ الحديث: 1161 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ زُهَيْرٍ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَ مَا سَيَفْعَلُهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ مَنْعِ الْخَرَاجِ، وَلَا عِرَاقَ يَوْمَئِذٍ، لِعِلْمِهِ أَنَّهُ سَتَكُونُ الْعِرَاقُ، كَمَا ذَكَرَ فَيمَا سَيَفْعَلُهُ أَهْلُ الشَّامِ، وَلَا شَامَ يَوْمَئِذٍ، لِعِلْمِهِ أَنَّهُ سَتَكُونُ الشَّامُ وَلَمَّا كَانَتَا عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَائِنَتَيْنِ لَا مَحَالَةَ، وَقَّتَ لِأَهْلِهَا الْمَوَاقِيتَ لِحَجِّهِمْ، إِذْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا وَقَّتَ لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبُلْدَانِ الَّتِي قَدْ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ غَيْرُ مَا حَكَيْنَاهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَوْقِيتِ الْعَقِيقِ لِأَهْلِ الْمَدَائِنِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَقُولُونَ ذَلِكَ، وَيَجْعَلُونَ الْمَدَائِنَ كَمَا سِوَاهَا مِنْ مَدَائِنِ الْعِرَاقِ، وَيَجْعَلُونَ مِيقَاتَ أَهْلِهَا كَمِيقَاتِ سَائِرِ أَهْلِ الْعِرَاقِ سِوَاهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَّدَمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّلْبِيَةَ لِلْحَجِّ، وَأَنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} ، هُوَ التَّلْبِيَةُ وَلَمْ يُذْكَرْ مَعَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَبْتَدِئُ فِيهِ التَّلْبِيَةُ حَتَّى يُدْخَلَ بِهَا فِي الْحَجِّ وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، فَمِنْهَا مَا 1163 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ أَتَى بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ " وَمِنْهَا مَا 1164 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، رَكِبَ نَاقَتَهُ الْقَصْوَاءَ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ " فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ مِنَ الْبَيْدَاءِ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ قَبْلَ ذَلِكَ الحديث: 1163 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وَمِنْهَا مَا 1165 - قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ " يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَمِنْهَا مَا 1166 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1167 - قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهِ وَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ، مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوِيَ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، فَزَادَ فِي التَّقَدُّمِ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْهَا مَا 1168 - قَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلٍ الْكُوفِيُّ، إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ لِي: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَهَلَّ فِي مُصَلَّاهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: حِينَ عَلَا عَلَى الْبَيْدَاءِ؟ فَقَالَ: سَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ فِي مُصَلَّاهُ، فَشَهِدَهُ قَوْمٌ فَأَخْبَرُوا بِذَلِكَ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ، فَشَهِدَهُ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوهُ فِي الْمَرَّةِ الحديث: 1165 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 الْأُولَى، فَقَالُوا: أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَّ السَّاعَةَ، فَأَخْبَرُوا بِذَلِكَ فَلَمَّا عَلَا الْبَيْدَاءَ أَهَلَّ، فَشَهِدَهُ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوهُ فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَقَالُوا: أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّاعَةَ، فَأَخْبَرُوا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ إِهْلَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُصَلَّاهُ " فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ أَنْبَأَنَا عَنِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي مِنْهَا جَاءَ الِاخْتِلَافُ فِي إِهْلَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ أَيْنَ كَانَ، وَأَنَّ إِهْلَالَهُ الَّذِي دَخَلَ بِهِ فِي الْحَجِّ إِنَّمَا كَانَ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا لِلْإِحْرَامِ، وَأَنَّ مَا سِوَاهُ مِنْ إِهْلَالِهِ لِلْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الْحَجِّ بِإِهْلَالِهِ الْمُتَقَدَّمِ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ، وَاكْتَفَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ ذِكْرِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَبَّى بِحَجِّهِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَبَّى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ انْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَسْتَحِبُّونَ لِمَنْ أَرَادَ التَّلْبِيَةَ بِالْحَجِّ أَنْ يَكُونَ يُلَبِّي بِهَا فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصَّلَاةَ لِلْإِحْرَامِ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا عَلِمَ بِعَدَمِ إِحْرَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَقْتَ الَّذِي عَلِمَ غَيْرُهُ إِحْرَامُهُ فِيهِ أَوْلَى، لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا أَوْلَى بِهِ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْهُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ} الْآيَةِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ} وَقَدْ ذُكِرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلَا: {فَلا رَفَثَ} ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ الْجِمَاعُ، كَقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ، أَيِ الْجِمَاعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 وَأَمَّا قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا فُسُوقَ} ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخُرُوجُ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ طَاعَاتٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ مَعَاصٍ، يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ السِّبَابُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى فَاعِلِهَا مِمَّا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالتَّعَبُّدِ، وَمِمَّا كَانَ حَلَالًا لَهُمْ فَحَرُمَ عَلَيْهِمْ بِالْإِحْرَامِ كَقَتْلِ الصَّيْدِ، وَالتَّطَيُّبِ، وَلَبْسِ الثِّيَابِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ، فَإِنَّ الْمُرَادَ فِي ذَلِكَ مِمَّا قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ مَا هُوَ، فَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَيْ لَا شَكَّ فِي الْحَجِّ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْ تُمَارِي صَاحِبَكَ حَتَّى تُغْضِبَهُ وَقَدْ رُويَ فِي هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ، مَا 1169 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " الرَّفَثُ الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ السِّبَابُ، وَالْجِدَالُ أَنْ تُمَارِي صَاحِبَكَ حَتَّى تُغْضِبَهُ " 1170 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {فَلا رَفَثَ} ، قَالَ: الرَّفَثُ الْجِمَاعُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُرَادِ بِالرَّفَثِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مُوَافِقًا لِمَا ذَكَرْنَا فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ الَّذِي اسْتَشْهَدْنَا لَهُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الرَّفَثِ قَوْلٌ غَيْرُ هَذَا 1171 - وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا شُرَيْحٍ مُحَمَّدَ بْنَ زَكَرِيَّاءَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} ، قَالَ: الرَّفَثُ الَّذِي ذُكِرَ هَاهُنَا لَيْسَ بِالرَّفَثِ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْمَكَانِ الْآخَرِ، وَلِكنْ تَعْرِيضٌ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ " 1172 - وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: " إِيَّاكُمْ وَالنِّسَاءَ، فَإِنَّ الْإِعْرَابَ مِنَ الرَّفَثِ وَالْإِعْرَابُ: أَنْ تُعَرِّضَ لَهَا بِقَوْلِ: لَوْ كُنَّا حَلَالَيْنِ اغْتَسَلْنَا وَفَعَلْنَا الحديث: 1169 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: صَدَقَ ابْنُ الزُّبَيْرِ " وَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا غَيْرَ مُخَالِفٍ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الرَّفَثَ هُوَ الْجِمَاعُ، وَمَا دُونَ الْجِمَاعِ مِمَّا هُوَ مِنْ أَسْبَابِهِ فَجَائِزٌ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُسَمَّى بِاسْمِهِ إِذْ كَانَ مِنْ أَسْبَابِهِ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ، تَوْكِيدًا مِنْهُمَا بِحُرْمَةِ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ وَكَانَ الَّذِي فِيهِ مِنَ الْمُرَادِ بِالْفُسُوقِ أَنَّهُ السِّبَابُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُخَالِفٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ السِّبَابَ خُرُوجٌ عَنِ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ، فَذَلِكَ فُسُوقٌ، لِأَنَّ أَصْلَ فَسَقَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِنَّمَا هُوَ خَرَجَ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فَسَقَتِ الرُّطْبَةُ، إِذَا خَرَجَتْ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَقَدْ سُمِّيَتِ الْفَأْرَةُ وَغَيْرُهَا مِمَّا أُبِيحَ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَوَاسِقَ " 1173 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْحُدَيَّا، وَالْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ " فَكَانَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ يَرَى كَمَا يَرَى الْكِلَابُ الَّتِي لَا تَعْقِرُ، فَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى الْعَقْرِ، وَكَذَلِكَ الْحُدَيَّا وَالْغُرَابُ يَرَيَانِ كَمَا يَرَى غَيْرُهُمَا مِنَ الطَّيْرِ، ثُمَّ يَخْرُجَانِ عَنْ ذَلِكَ إِلَى الْأَذَى لِبَنِي آدَمَ فِي أَبْدَانِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مِمَّا لَا يَفْعَلُهُ سِوَاهُمَا مِنَ الطَّيْرِ، وَكَذَلِكَ الْفَأْرَةُ تَخْرُجُ عَمَّا يُرَى عَلَيْهِ إِلَى إِحْرَاقِ الْبُيُوتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إِنَّمَا سَمَّاهَا فَاسِقَةً لِهَذَا الْمَعْنَى الحديث: 1173 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 1174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ، وَالْعَقْرَبَ، وَالْفَأْرَةَ الْفُوَيْسِقَةَ " قَالَ يَزِيدُ: وَعَدَّ غَيْرَ هَذَا فَلَمْ أَحْفَظْهُ قُلْتُ: وَلِمَ سُمِّيَتِ الْفَأْرَةُ الْفُوَيْسِقَةَ؟ قَالَ: اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ أَخَذَتْ فَأْرَةٌ فَتِيلَةً لِتَحْرِقَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ، فَقَامَ إِلَيْهَا فَقَتَلَهَا، وَأَحَلَّ قَتْلَهَا لِكُلِّ مُحْرِمٍ أَوْ حَلَالٍ، أَفَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ فُوَيْسِقَةً بِخُرُوجِهَا إِلَى مَا خَرَجَتْ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ الَّذِي فِيهِ مِنَ الْمُرَادِ بِالْجِدَالِ هُوَ أَنْ تُمَارِي صَاحِبَكَ حَتَّى تُغْضِبَهُ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ 1175 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ قَالَ: " الرَّفَثُ الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ أَنْ يُمَارِي الحديث: 1174 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يُغْضِبَهُ " 1176 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ جَبْرِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: " الْجِدَالُ فِي الْحَجِّ أَنْ يَقُولَ بَعْضُهُمُ: الْحَجُّ الْيَوْمَ، وَيَقُولَ بَعْضُهُمُ: الْحَجُّ غَدًا " 1177 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ، قَالَ: الْجِدَالُ أَنْ تُمَارِي صَاحِبَكَ حَتَّى يَغْضَبَ أَوْ تَغْضَبَ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ خِلَافُ هَذَا الْقَوْلِ 1178 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ، قَالَ: لَا شَكَّ فِي الْحَجِّ " وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ مِنَ التَّابِعِينَ، وَعَمَّنْ تَقَدَّمَهُ فِيهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مِنَ الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَأْوِيلِهَا، لِأَنَّ الْجِدَالَ الْمَعْقُولَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ مُجَارَاةُ الْكَلَامِ وَالْمُجَاوَبَةُ عَنْهُ بَيْنَ النَّاسِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} ، وَكَمَا قَالَ اللهُ جلّ وَعز: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ} فَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْأَلْسُنِ وَالْمُنَازَعَاتِ بَيْنَ النَّاسِ، لَا عَلَى الشَّكِّ، فَكَانَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا أَشْبَهَ بِهَذَا الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْجِدَالَ لَوْ كَانَ عَلَى الشَّكِّ لَكَانَ ذَلِكَ الشَّكُّ يَمْنَعُ مِنَ الدُّخُولِ فِي الْحَجِّ، لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَدْخُلُ فِيهِ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ لَا يَرْتَابُونَ وَلَا يَشُكُّونَ فِيهِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا} الْآيَةِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ، فَأَبَاحَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتَزَوَّدُوا، لِأَنَّ ذَلِكَ قِوَامُ أَبْدَانِهِمْ حَتَّى يَصِلُوا إِلَى حَجِّهِمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ مَا الحديث: 1176 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 1179 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْآفَاقِ يَخْرُجُونَ إِلَى الْحَجِّ يَتَوَصَّلُونَ النَّاسَ بِغَيْرِ زَادٍ، فَأُمِرُوا أَنْ يَتَزَوَّدُوا " فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمُرَادِ بِالْبِرِّ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ التَّزَوُّدُ فِي الْحَجِّ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا كَانُوا مَمْنُوعِينَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى أُطْلِقَ وَأُبِيحَ لَهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ التَّزَوُّدُ فِي الْحَجِّ، وَلَمَّا كَانَ تَرْكُ التَّزَوُّدِ فِيهِ الْمَسْأَلَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا، كَانَ خِلَافُهُ مِمَّا فِيهِ تَرْكُ الْمَسْأَلَةِ أَوْلَى بِالْحَاجِّ وَلَمَّا كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَ الْحَجِّ حَرَامًا عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، كَانَتْ فِي الْحَجِّ أَوْكَدَ حُرْمَةً، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي ذَلِكَ مَا 1180 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ، قَالَ: الْكَعْكُ، وَالسَّوِيقُ، وَالدَّقِيقُ " وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَافَ مِنَ الْأَزْوَادِ هِيَ الَّتِي أُبِيحَتْ فِي الْحَجِّ دُونَ مَا سِوَاهَا، وَلَكِنَّهُ عَلَى إِفْهَامِ السَّائِلِ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الزَّادُ الَّذِي يَتَزَوَّدُ النَّاسُ بِهِ لِقِوَامِ أَبْدَانِهِمْ، لَا عَلَى التَّزَوُّدِ مِنَ الْأَعْمَالِ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ، فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، مِنَ النُّفُوسِ تَرْكَ التَّعَرُّضِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ يُخْرِجُ أَهْلَهَا إِلَى الْمَسْأَلَةِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِمْ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} الْآيَةِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} ، فَأَبَاحَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ التِّجَارَةَ فِي الْحَجِّ، وَابْتِغَاءَ فَضْلِهِ وَرِزْقِهِ فِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَا لَزِمَهُمْ مِنْ الحديث: 1179 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 حَرَمِ الْحَجِّ الَّذِي دَخَلُوا فِيهِ قَاطِعًا لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعًا لَهُمْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنَ الْحَجِّ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الدَّاخِلَ فِي حُرْمَةِ الِاعْتِكَافِ لَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَوْطِنِ الِاعْتِكَافِ، وَلَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ قَاطِعًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ، كَمَا لَا بَأْسَ عَلَى الْحَاجِّ بِالتِّجَارَةِ فِي مَوْطِنِ الْحَجِّ، وَلَا تُلْزِمُهُ حُرْمَةُ الْحَجِّ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا 1181 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ أَبُو شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانُوا يَكْرَهُونَ الشِّرَاءَ وَالْبَيْعَ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} " فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَسَخَتْ مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ تَرْكِ التَّبَايُعِ فِي الْحَجِّ، وَمِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَخْلِطُونَهُ بِغَيْرِهِ مِنْ تِجَارَاتِهِمْ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا هُوَ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فَمِنْ ذَلِكَ مَا 1182 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " كَانُوا يَخْرُجُونَ حُجَّاجًا، لَا يَرْكَبُونَ، وَلَا يَتَّجِرُونَ، وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} ، وَ: {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} ، {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} " فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الرُّكُوبِ وَالْمَتْجَرِ، وَأُمِرُوا بِالزَّادِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا 1183 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: " {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ مِنًى، أَمْسَكُوا عَنِ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} " وَمن ذَلِك مَا الحديث: 1181 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 1184 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} ، قَالَ: التِّجَارَةُ فِي الْمَوْسِمِ أُحِلَّتْ لَهُمْ، كَانُوا لَا يَتَبَايَعُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِعَرَفَةَ، وَلَا بِمِنًى " وَمِنْ ذَلِكَ مَا 1185 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " كَانَ التُّجَّارُ يُسَمَّوْنَ الدَّاجَ، وَكَانُوا يَنْزِلُونَ عَنْ يَسَارِ مَسْجِدِ مِنًى، وَكَانَ الْحُجَّاجُ يَنْزِلُونَ عَنْ يَمِينِ مَسْجِدِ الْخَيْفِ، وَكَانُوا لَا يَحُجُّونَ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} ، فَحَجُّوا " فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَفِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا قَدْ أَبَاحَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ فِي الْإِحْرَامِ، وَجَعَلَهَا فِي الْإِحْرَامِ عَلَى حُكْمِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهُ، وَلَمْ يَحْظُرْهَا عَلَى الْمُحْرِمِينَ فِي إِحْرَامِهِمْ كَمَا حَظَرَ عَلَيْهِمْ مَا سِوَاهَا مِنَ الصَّيْدِ الَّذِي حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ وَبِمَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِهَ، وَبِمَا رُوِيَ فِيهِ وَمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَكَمَا حُظِرَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللِّبَاسِ فِي الْإِحْرَامِ 1186 - فَإِنَّهُ قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا نَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ إِذَا أَحْرَمْنَا؟ فَقَالَ: " لَا تَلْبَسُوا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ، فَيَلْبَسُ مِنْ خُفَّيْنِ أَسْفَلَ الْكَعْبَيْنِ " 1187 - الحديث: 1184 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 1187 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ حَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1188 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1189 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1190 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ فَكَانَ لَبْسُ السَّرَاوِيلَاتِ وَالْعَمَائِمِ وَالْخِفَافِ مَحْظُورًا عَلَى الْمُحْرِمِ إِلَّا مَا أَبِيحَ لَهُ، إِذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ، مِنْ لِبَاسِ الْخُفَّيْنِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، فَيَكُونَانِ بِذَلِكَ خَارِجَيْنِ مِنْ حُكْمِ الْخِفَافِ إِلَى حُكْمِ مَا سِوَاهَا مِمَّا يُشْبِهُ النِّعَالَ الَّتِي لَا تُغَطِّي الْكِعَابَ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ تَغْطِيَةَ مَا دُونَ الْكِعَابِ مِنَ الْأَقْدَامِ مُبَاحًا لِلْمُحْرِمِينَ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُونَ فِي هَذَا فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا أَيْضًا وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ الْخُفَّيْنِ إِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، وَأَنْ يَلْبَسَ السَّرَاوِيلَ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا الحديث: 1187 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 1191 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِخِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِعَرَفَةَ، يَقُولُ: " مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا لَبِسَ سَرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنِ " 1192 - وَبِمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيَّبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَرَفَةَ 1193 - وَبِمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ سُفْيَانَ هَذَا 1194 - وَبِمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 1195 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ قُلْتُ: وَلَمْ يَقُلْ: يَقْطَعُهُمَا؟ قَالَ: لَا الحديث: 1191 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِلْآخَرِينَ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِبَاسَ الْخُفَّيْنِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَيَّ خَفَّيْنِ هُمَا، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُمَا الْخُفَّانِ اللَّذَانِ أَسْفَلُ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وتِبْيَانَ الْخُفَّيْنِ الْمُرَادَيْنِ فِيهِ أَيُّ الْخِفَافِ هُمَا وَأَمَّا مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الإزَارً، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَلْبَسَ السَّرَاوِيلَ مُؤْتَزِرًا بِهِ، غَيْرَ دَاخِلٍ فِيهِ، عَلَى غَيْرِ مَا يَلْبَسُ عَلَيْهِ السَّرَاوِيلَاتِ، كَمَا يَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يَبْلُغَانِ الْكَعْبَيْنِ، بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ الْخِفَافَ الَّتِي قَدْ نَهَاهُ عَنْ لُبْسِهِمَا فِي الْإِحْرَامِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ السَّرَاوِيلَ إِذَا شُقَّ لَمْ يَكُنْ سَرَاوِيلَ قِيلَ لَهُ: وَكَذَلِكَ الْخِفَافُ إِذَا قُطِعَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ لَمْ يَكُونَا خُفَّيْنِ وَإِذَا كَانَ الَّذِي أَبَاحَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لِبَاسِ الْخُفَّيْنِ فِي الْحَدِيثِ الزَّائِدِ، وَهُوَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَا خَارِجَيْنِ عَنْ حُكْمِ الْخِفَافِ الْمَنْهِيِّ عَنْ لُبْسِهِمَا فِي الْإِحْرَامِ، كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا أَبَاحَهُ مِنْ لِبَاسِ السَّرَاوِيلَاتِ إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ حُكْمِ السَّرَاوِيلَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ لِبَاسِهَا فِي الْإِحْرَامِ وَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ غَيْرَ مُقْتَصِرٍ عَنْ ذَلِكَ وَكَانَ الْقِيَاسُ يَشْهَدُ لِأَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْخِفَافِ، وَمِنْ لُبْسِ السَّرَاوِيلَاتِ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَاتِ لِلْمُحْرِمِ، ثُمَّ أُبِيحَ لَهُ لُبْسُهَا فِي حَالِ الضَّرُورَاتِ، وَقَدْ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ مُنِعَ مِنْهَا الْمُحْرِمُ كَحَلْقِ الرَّأْسِ وَمَا أَشْبَهُهُ، وَكَانَ مَنِ اضْطُرَّ إِلَى حَلْقِ رَأْسِهِ لِمَرَضٍ أَوْ ضَرُورَةٍ حَلَّ لَهُ حَلْقُهُ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وَذِكْرُهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ فِي التَّكْفِيرِ عَنْ حَلْقِ رَأْسِهِ لَمَّا رَأَى بِهِ مِنَ الضَّرُورَةِ إِلَى ذَلِكَ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ فَكَانَ حَلْقُ الرَّأْسِ، وَإِنْ أَبَاحَتْهُ لَهُ الضَّرُورَةُ، لَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةٌ، كَمَا كَانَتْ تَكُونُ عَلَيْهِ فِي حَلْقِهِ قَبْلَ الضَّرُورَةِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الضَّرُورَاتِ فِي الْإِحْرَامِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 وَإِنْ أَبَاحَتْ مَا كَانَ مَحْظُورًا قَبْلَهَا، فَإِنَّمَا تَسْقُطُ بِهَا الْآثَامُ عَنِ الَّذِينَ تَجِبُ لَهُمُ الْإِبَاحَاتُ، وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُمُ الْحُرَمُ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ قَبْلَ حُدُوثِ الضَّرُورَاتِ بِهِمْ، فَكَانَ مِثْلَ ذَلِكَ لِبَاسُ الْخِفَافِ الْمُجَاوِزَاتِ لِلْكِعَابِ، وَلِبَاسُ السَّرَاوِيلَاتِ لَمَّا كَانَا مَحْظُورَيْنِ عَلَى الْمُحْرِمِينَ قَبْلَ الضَّرُورَاتِ، ثُمَّ حَدَثَتْ بِهِمُ الضَّرُورَاتُ إِلَيْهَا أَلَّا تَكُونَ الْحُرْمَةُ فِيهِمَا مُرْتَفِعَةً عَنِ الْمُحْرِمِينَ الْمُضْطَرِّينَ إِلَيْهِمَا، وَأَنْ يَكُونَ مَا أُبِيحَ لَهُمْ مِنَ اسْتِعْمَالِهَا فَلِلضَّرُورَاتِ إِلَيْهِمَا، لَا بِسُقُوطِ حُرْمَتِهِمَا وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا اسْتُعْمِلَ مِنْهُمَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الضَّرُورَةِ، أَنَّ عَلَى مُسْتَعْمِلِهِ مِنْهُمُ الْكَفَّارَةَ الَّتِي كَانَتْ تَكُونُ عَلَيْهِ فِي اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ قَبْلَ حُدُوثِ الضَّرُورَةِ وَلَمَّا كَانَ حدَيِثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبَاحَةٍ لَا كَفَّارَةَ مَعَهَا، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي أُبِيحَ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ هُوَ لِبَاسُ الْخُفَّيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَا غَيْرُ مُحَرَّمٍ لُبْسُهُمَا قَبْلَ الضَّرُورَةِ، وَأَنَّ الَّذِي أُبِيحَ مِنْ لِبَاسِ السَّرَاوِيلِ هُوَ مَا كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ قَبْلَ الضَّرُورَةِ مِنْ خُرُوجِ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، إِلَى مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ النَّهْيِ فِي الْإِحْرَامِ عَنْ لُبْسِ السَّرَاوِيلَاتِ وَالْعَمَائِمِ فَهُوَ حُكْمُ الرِّجَالِ خَاصَّةً فِي الْإِحْرَامِ فَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّ حُكْمَهُنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافُ هَذَا، وَلَهُنَّ أَنْ يَلْبَسْنَ فِي الْإِحْرَامِ السَّرَاوِيلَاتِ وَالْعَمَائِمَ بَعْدَ أَلا يُغَطِّينَ شَيْئًا مِنْ وُجُوهِهِنَّ، ولَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الْخِفَافُ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حُكْمِهَا لِلنِّسَاءِ فِي الْإِحْرَامِ، فَكَانَ أَكْثَرُهُمْ يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِهَا لَهُنَّ فِي الْإِحْرَامِ، كَمَا لَا بَأْسَ لَهُنَّ بِالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْعَمَائِمِ فِي الْإِحْرَامِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ قَوْلُنَا وَذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لُبْسُ السَّرَاوِيلَاتِ مُبَاحًا لَهُنَّ فِي الْإِحْرَامِ كَانَ كَذَلِكَ لُبْسُ الْخِفَافِ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبَاحَتِهِ لِبَاسِ الْخِفَافِ لِلنِّسَاءِ فِي الْإِحْرَامِ، وَفِي كَرَاهَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ لِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ إِطْلَاقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ، وَفِي رُجُوعِهِ عَمَّا كَانَ يَرَى مِنْ ذَلِكَ إِلَى إِطْلَاقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ لَهُنَّ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 1196 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخُفَّيْنِ لِلنِّسَاءِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ " قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ الْخُفَّيْنِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ حَتَّى أَخْبَرَتْهُ صَفِيَّةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا عِنْدَنَا مِنَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ لِلْمَرْأَةِ فِي إِحْرَامِهَا مُوَارَاةَ عَوْرَتِهَا، وَرَدَّ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْهَا إِلَى أُمُورِ الرِّجَالِ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ تَرْكِ النَّاسِ الْقَدَمَيْنِ اللَّتَيْنِ لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ مَا يَلْبَسَانِ مِنَ الْخِفَافِ، وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَرَكَ مَا كَانَ يَرَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ وَجَدْنَا مِنَ الْمَرْأَةِ مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ قَدْ أُطْلِقَ لَهَا إِلْبَاسُهُ فِي الْإِحْرَامِ مَا يُلْبَسُهُ مِثْلُهُ، مِنْ ذَلِكَ رَأْسُهَا، أُبِيحَ لَهَا إِلْبَاسُهُ فِي الْإِحْرَامِ مَا يُلْبَسُهُ مِثْلُهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعَوْرَاتِ، لِأَنَّ لَهَا مِنْ كَشْفِهِ عِنْدَ أَبِيهَا، وَعِنْدَ سَائِرِ ذَوِي أَرْحَامِهَا الْمُحَرَّمَاتِ مِنْهَا سِوَاهُ، وَإِنَّمَا تُؤْمَرُ بِتَغْطِيَتِهِ عِنْدَ سِوَاهُمْ مِنَ الْأَجْنَبِيِّينَ، وَكَانَ مُطْلَقًا لَهَا إِلْبَاسُهُ فِي الْإِحْرَامِ مَا يُلْبَسُهُ مِثْلُهُ عِنْدَ ذَوِي أَرْحَامِهَا وَكَانَتِ الْقَدَمَانِ وَالسَّاقَانِ مِمَّا أُبِيحَ لَهَا كَشْفُهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِيهَا، وَعِنْدَ ذَوِي أَرْحَامِهَا الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهَا سِوَاهُ، فَلَمَّا كَانَ الْقَدَمَانِ وَالسَّاقَانِ مِمَّا أُبِيحَ لَهَا كَشْفُهُ عِنْدَ أَبِيهَا، وَعِنْدَ ذَوِي أَرْحَامِهَا الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهَا سِوَاهُ كَمَا كَانَ الرَّأْسُ مُبَاحٌ لَهَا كَشْفُهُ عِنْدَهُمْ، ثَبَتَ بِذَلِكَ اسْتِوَاءُ حُكْمِ الْقَدَمَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَحُكْمُ الرَّأْسِ وَلَمَّا اسْتَوَى ذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا لَهَا إِلْبَاسُ قَدَمَيْهَا وَسَاقَيْهَا فِي إِحْرَامِهَا مَا يُلْبَسُ مِثْلُهَا، كَمَا كَانَ إِلْبَاسُ رَأْسِهَا فِي إِحْرَامِهَا مَا يُلْبَسُهُ مِثْلُهُ فَثَبَتَ بِالْقِيَاسِ فِي هَذَا الْبَابِ مُوَافَقَةُ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِطْلَاقِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لِلْمَرْأَةِ فِي الْإِحْرَامِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَغْطِيَةِ الرِّجَالِ وَجْهِهِمْ فِي الْإِحْرَامِ، فَأَبَاحَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، وَاحْتَجُّوا فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِمَا 1197 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَعِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: " رَأَيْتُ عُثْمَانَ الحديث: 1196 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 بِالْعَرْجِ مُخَمِّرًا وَجْهَهُ بِقَطِيفَةِ أُرْجُوَانَ وَهُوَ مُحْرِمٌ " 1198 - وَبِمَا حِدَثَّنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْفُرَافِصَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيُّ، " أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ مُغَطِّيًا وَجْهَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ " 1199 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ يُخَمِّرُونَ وُجُوهَهُمْ وَهُمْ مُحْرِمُونَ عِنْدَ النَّوْمِ مِنَ الْحَنِينِ " 1200 - وَبِمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الرَّازِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، " أَنَّ عُثْمَانَ، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ كَانُوا يُخَمِّرُونَ وُجُوهَهُمْ إِذَا رَقَدَ أَحَدُهُمْ وَهُوَ مُحْرِمٌ إِلَى الْجَبْهَةِ " 1201 - وَبِمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1202 - وَبِمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاشِحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: " سَأَلْتُ جَابِرًا: يُغَطِّي الْمُحْرِمُ؟ فَقَالَ: " نَعَمْ "، وَغَطَّى جَابِرٌ وَجْهَهُ أَجْمَعَ " 1203 - وَبِمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ شَبِيبٍ، " أَنَّ عَائِشَةَ سُئِلَتْ عَنِ الْمُحْرِمِ، يُغَطِّي وَجْهَهُ؟ فَغَطَّتْ وَجْهَهَا " 1204 - الحديث: 1198 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 1204 - وَبِمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، مِثْلَهُ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا لَا وَجْهَهُ فِي الْإِحْرَامِ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، فَيُغَطِّيهِ لَهَا، وَيَفْتَدِي مِنْ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ يُغَطِّي الْمُحْرِمُ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ 1205 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: " مَا فَوْقَ الذَّقْنِ مِنَ الرَّأْسِ، فَلَا يُغَطِّيهِ الْمُحْرِمُ " 1206 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ الَّذِي رُوِيَ فِي تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِنَّمَا هُوَ مَذْكُور من أفعالهم، لَا مِنْ أَقْوَالِهِمْ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى ضَرُورَاتٍ أَبَاحَتْ لَهُمْ ذَلِكَ، وَعَلى أَنَّهُمْ يَفْتَدُونَ لَهَا كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُ 1207 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، " أَنَّهُ صَحِبَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَاشْتَدَّ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ الْبَرْدُ، فَدَعَا بِسَاحٍ، فَزُرَّ عَلَيْهِ، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّكَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ: أُكَفِّرُ " 1208 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ لَهُ: " يَا أَبَا مَعْبَدٍ، زِرَّ عَلَيَّ طَيْلَسَانِي، وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ: كُنْتَ تَنْهِي عَنْ هَذَا؟ قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَفْتَدِيَ " فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ زُرَّ عَلَيْهِ الطَّيْلَسَانُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَرَآهُ مَنْ رَآهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَجَازَ لَهُمْ أَنْ يَنْقِلُوا ذَلِكَ عَنْهُ، وَلَمَّا سَأَلَهُ أَبُو مَعْبَدٍ مَوْلَاهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ لَهُ: إِنِّي أَفْتَدِيَ الحديث: 1204 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 فَقَدْ يَجُوزُ أَيْضًا فِي تَغْطِيَةِ عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنْ يَكُونُوا لَوْ سُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ لَأَخْبَرُوا أَنَّهُ لِضَرُورَاتٍ بِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَفْتَدُونَ لَهَا، فَرَجَعَ الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى الِاخْتِلافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ جَابِرٍ، وَكَانَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ فِيهِ، لِأَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْمُحْرِمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ أَوْسَعَ أَمْرًا مِنَ الْمُحْرِمِينَ مِنَ الرِّجَالِ فِي اللِّبَاسِ، لِأَنَّا قَدْ رَأَيْنَا النِّسَاءَ الْمُحْرِمَاتِ يَلْبَسْنَ الْقُمُصَ وَالسَّرَاوِيلَاتِ، وَيُغَطِّينَ رُءُوسَهُنَّ، وَلَا يُخَمِّرْنَ وُجُوهَهُنَّ، فَلَمَّا كَانَتِ النِّسَاءُ اللَّاتِي قَدْ أُبِيحَ لَهُنَّ تَغْطِيَةُ الرُّءُوسِ وَإِلْبَاسُ الْأَبْدَانِ الْقُمُصِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ الرِّجَالُ، وَمُنِعْنَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ تَغْطِيَةِ وُجُوهِهِنَّ، كَانَ الرِّجَالُ الْمَمْنُوعُونَ مِنْ تَغْطِيَةِ مَا أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ تَغْطِيَتُهُ فِي تَغْطِيَةِ وُجُوهِهِنَّ أَوْكَدَ مِنَ الْمَنْعِ، وَأَضْيَقَ حَالًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ إِبَاحَةُ الْمَرْأَةِ تَغْطِيَةَ وَجْهِهَا فِي الْإِحْرَامِ ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا 1209 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أُمِّ شَبِيبٍ الْعَبْدِيَّةِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتِ: " الْمُحْرِمَةُ تُغَطِّي وَجْهَهَا إِنْ شَاءَتْ " قِيلَ لَهُ: هَذَا عِنْدَنَا عَلَى التَّغْطِيَةِ بِالسَّدْلِ عَلَى الْوَجْهِ، لَا عَلَى التَّغْطِيَةِ بِمَا سِوَاهُ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ 1210 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، إِذَا مَرَّ بِنَا رَكْبٌ سَدَلْنَا الثَّوْبَ عَلَى وُجُوهِنَا سَدْلًا، فَإِذَا جَاوَزَ رَفَعْنَاهُ " وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ، أَنَّ عَائِشَةَ قَدْ كَانَتْ تَكْرَهُ النِّقَابَ لِلْمُحْرِمَةِ، وَتَنْهَاهَا عَنْهُ وَرَوَتْ ذَلِكَ عَنْهَا أُمُّ شَبِيبٍ هَذِهِ الحديث: 1209 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 1211 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أُمِّ شَبِيبٍ الْعَبْدِيَّةِ، عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهَا، مَا تَلْبَسُ الْمُحْرِمَةُ؟ فَقَالَتِ: الْخُفَّيْنِ، وَالْقُفَّازَيْنِ، وَالسَّرَاوِيلَ "، وَنَهَتْ عَنِ الْكُحْلِ وَالنِّقَابِ " وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ 1212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، " أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَكْرَهُ لِلْمُحْرِمَةِ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ " فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ قَدْ كَانَتْ تَكْرَهُ تَغْطِيَةَ الْوَجْهِ لِلْمُحْرِمَةِ بِالنِّقَابِ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا، وَأَنَّ الَّذِي أَبَاحَتْ مِنْ تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ هُوَ الَّذِي رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنْهَا، أَنَّهَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِسْدَالِ الثَّوْبِ عَلَى وَجْهِهَا عِنْدَ مُرُورِ الرَّكْبِ بِهَا وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا 1213 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجَشُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: رَأَى ابْنُ عُمَرَ امْرَأَةً قَدْ سَدَلَتْ ثَوْبَهَا عَلَى وَجْهِهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، فَقَالَ لَهَا " اكْشِفِي وَجْهَكِ، فَإِنَّمَا حُرْمَةُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا " فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ قَدْ كَانَ يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمَةِ سَدْلَ الثَّوْبِ عَلَى وَجْهِهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَكْرَهُ تَغْطِيَةَ الْوَجْهِ لَهَا كَمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا، وَكَانَ مَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ فِي إِبَاحَةِ الْمَرْأَةِ السَّدْلَ عَلَى وَجْهِهَا فِي الْإِحْرَامِ أَوْلَى عِنْدَنَا لِفِعْلِهَا ذَلِكَ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لِإِطْلَاقِ الْقِيَاسِ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الرَّجُلَ الْمُحْرِمَ مَطْلَقٌ لَهُ أَنْ يُجَافِي الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ يَسْتُرُ بِهِ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ الَّذِي يَمْنَعُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ وَضْعِهِ عَلَيْهِ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ مُبَاحٌ لَهَا تَغْطِيَةُ رَأْسِهَا فِي الْإِحْرَامِ، فَكَانَ لَهَا وَضْعُهُ عَلَى رَأْسِهَا وَسَدْلُهُ مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، لِأَنَّهَا تُسْدِلُهُ مِنْ مَوْضِعٍ مُبَاحٌ لَهَا وَضْعُهُ عَلَيْهِ، وَهِيَ فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ الَّذِي يُوَارِي وَجْهَهُ مِنَ الْمَوَاضِعِ الْمُبَاحِ لَهُ مُوَارَاتُهُ إِيَّاهُ مِنْهُ الحديث: 1211 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُونَهُ فِي هَذَا فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ قَوْلُنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الظِّلَالِ لِلرِّجَالِ الْمُحْرِمِينَ عَلَى رَوَاحِلِهِمْ، فَأَبَاحَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَمِمَّنْ أَبَاحَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ مِمَّا يَحْظُرَهُ الْإِحْرَامُ عَلَى الرِّجَالِ الْمُحْرِمِينَ وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَمِمَّنْ مَنَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالِكٌ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَجَعَلُوا ذَلِكَ مِمَّا حَظَرَهُ الْإِحْرَامُ عَلَى الرِّجَالِ الْمُحْرِمِينَ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا جَمِيعًا فِي إِبَاحَةِ الظِّلَالِ لِلنِّسَاءِ الْمُحْرِمَاتِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِبَاحَةُ الظِّلَالِ لِلرَّجُلِ الْمُحْرِمِ إِذَا كَانَ زَمِيلُهُ امْرَأَةً مُحْرِمَةً، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى الْفَرَوِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَوَجَدْنَا الْإِحْرَامَ لَا يَحْظُرَ عَلَى الْمُحْرِمِ دُخُولَ الْبُيُوتِ، وَالْقُعُودَ فِيهَا، وَلَا دُخُولَ الْأَخْبِيَةِ، وَلَا الْقُعُودَ فَيهَا، كَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَلا يَكُونَ الْإِحْرَامُ أَيْضًا يَحْظُرَ عَلَيْهِ التَّظْلِيلَ عَلَيْهِ فَوْقَ رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ وَجَدْنَا ظُهُورَ الرَّوَاحِلِ قَدْ خُفِّفَ فِيهَا مَا لَمْ يُخَفَّفْ فِيمَا سِوَاهَا، فَجُعِلَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ عَلَى رَاحِلَتِهِ إِيمَاءً حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَمَّا كَانَ ظُهُورُ الرَّوَاحِلِ فِيمَا ذَكَرْنَا مُخَفَّفًا فِيهِ مَا لَمْ يُخَفَّفْ فِيمَا سِوَاهُ، وَرَأَيْنَا الظِّلَالَ عَلَى مَا سِوَاهُ مُبَاحًا لِلْمُحْرِمِ، كَانَ الظِّلَالُ عَلَيْهِ أَوْلَى بِالْإِبَاحَةِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الظِّلَالَ عَلَى الرَّاحِلَةِ مُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِ، وَأَنَّهُ مِمَّا لَمْ يَحْظُرِ الْإِحْرَامُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الْإِضْحَاءِ وَتَرْكِ التَّظْلِيلِ لِلْمُحْرِمِ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا 1214 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ مُحْرِمٍ ضَحَى لِلشَّمْسِ حَتَّى تَغْرُبَ إِلَّا غَرَبَتْ بِذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ " فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِأَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُحْتَجِّينَ عَلَيْهِمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّ هَذَا الحديث: 1214 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 الْحَدِيثَ لَيْسَ مِمَّا تَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ لِمَا يَتَكَلَّمُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَسَانِيدِ فِي رِوَايَةِ مَنْ دُونَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ وَفَوْقَ مُطَرِّفٍ، ثُمَّ لَوْ ثَبَتَ لَمَا كَانَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالُوا، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ: مَا مِنْ مُحْرِمٍ يَضْحَى لِلشَّمْسِ فَلَمَّا كَانَ الْإِضْحَاءُ لِلشَّمْسِ عَلَى غَيْرِ الرَّاحِلَةِ لَيْسَ هُوَ التَّجَرُّدُ لِلشَّمْسِ عَلَى الرَّاحِلَةِ لَيْسَ هُوَ تَرْكُ الِاسْتِظْلَالِ عَلَيْهَا بِمَا يُسْتَظَلُّ بِهِ عَلَى مِثْلِهَا فَقَدْ حَظَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُبْسَ الثِّيَابِ الَّتِي قَدْ مَسَّهَا الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ 1215 - فَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ، كَاتِبُ اللَّيْثِ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَلْبَسُوا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانُ "، يَعْنِي فِي الْإِحْرَامِ 1216 - وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1217 - وَحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1218 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وَلَمَّا حَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رُوِّينَا عَنْهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ لُبْسَ الثَّوْبِ الَّذِي قَدْ مَسَّهُ الْوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ لِلْوَرْسِ أَوْ لِلزَّعْفَرَانِ الَّذِي قَدْ مَسَّهُ، كَانَ التَّطَيُّبُ بِالْوَرْسِ أَوْ بِالزَّعْفَرَانِ أَشَدَّ حَظْرًا، وَهَكَذَا يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا فِي هَذَا، لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ قَدْ كَانَتْ تَقُولُ فِي الثَّوْبِ إِذَا مَسَّهُ الْوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لُبْسُهُ الحديث: 1215 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 لِلْمُحْرِمِ وَإِنْ كَانَ قَدْ غُسِلَ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، فَقَالُوا: إِذَا كَانَ قَدْ غُسِلَ مِنَ الْوَرْسِ أَوْ مِنَ الزَّعْفَرَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ حَتَّى صَارَ لَا يَنْقُصُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْهُمَا، فَقَدْ عَادَ إِلَى حُكْمِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَصْبُغَ بِهِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا 1219 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ وَزَادَ: " إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَسِيلًا " 1220 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ: رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، وَهُوَ يَتَعَجَّبُ مِنَ الْحِمَانِيِّ إِذْ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ يُرِيدُ فِيهِ عَلَى النَّاسِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي فِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ: هَذَا عِنْدِي عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ كَمَا يُحَدِّثُ بِهِ الْحِمَانِيُّ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ وَثَبَ مِنْ فَوْرِهِ، فَجَاءَ بِأَصْلِهِ، فَحَدَّثَنَا مِنْهُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، عَلَى مَا كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ الْحِمَانِيُّ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَكَتَبَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْهُ فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ نَهْيَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحْرِمَ عَنْ لُبْسِ الثَّوْبِ الَّذِي قَدْ مَسَّهُ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ إِنَّمَا هُوَ لِلْوَرْسِ أَوِ الزَّعْفَرَانِ، لَا لِلثَّوْبِ فِي عَيْنِهِ، فَإِذَا أُزِيلَا عَنِ الثَّوْبِ فَصَارَ خَالِيًا مِنْهُمَا، زَالَ عَنْهُ النَّهْيُ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْإِبَاحَةِ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُونَهُ فِي هَذَا فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمَسَيِّبِ، وَطَاوُسَ، وَإِبْرَاهِيمَ 1221 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُحْرِمَ، وَلَيْسَ لِي إِلَّا هَذَا الثَّوْبُ، ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ بِزَعْفَرَانَ قَالَ: " آللَّهُ مَا تَجِدُ غَيْرَهُ؟ " فَحَلِفَ، الحديث: 1219 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 قَالَ: " اغْسِلْهُ وَأَحْرِمْ فِيهِ " 1222 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسَ، قَالَ: " إِذَا كَانَ فِي الثَّوْبِ زَعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ فَغُسِلَ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْرَمَ فِيهِ 1223 - " وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى نَحْوٌ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ: 1224 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ ثَوْبٍ مَسَّهُ طِيبٌ، ثُمَّ ذَهَبَ رِيحُ الطِّيبِ مِنْهُ، هَلْ يُحْرَمُ فِيهِ؟ قَالَ " نَعَمْ، لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِبَاغُ وَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانَ " فَهَذَا حُكْمُ الرِّجَالِ فِي التَّطَيُّبِ فِي الْإِحْرَامِ، وَفِي لِبَاسِ الثِّيَابِ الَّتِي قَدْ مَاسَّهَا الطِّيبُ الَّذِي يُنْهَى عَنْهُ الْمُحْرِمُ فَأَمَّا حُكْمُ النِّسَاءِ فِي التَّطَيُّبِ فِي الْإِحْرَامِ، وَفِي لِبَاسِ الثِّيَابِ الَّتِي قَدْ مَاسَّهَا الطِّيبُ الْمَكْرُوهُ لِلْمُحْرِمِينَ وَلَمْ يُغْسَلْ مِنْهَا، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدًا كَانُوا يَقُولُونَ: هُنَّ فِي ذَلِكَ كَالرِّجَالِ سَوَاءٌ وَقَدْ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ آثَارٌ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمِنْهَا مَا 1224 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: " الْمُهِلَّةُ لَا تَلْبَسُ ثِيَابَ الطِّيبِ، وَتَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ مِنْ غَيْرِ طِيبٍ " وَمِنْهَا مَا: 1225 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، " أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَاتِ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، لَيْسَ فِيهَا زَعْفَرَانُ " الحديث: 1222 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 فَهَذَا جَابِرٌ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قَدْ أَخْرَجَا الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَاتِ مِنْ حُكْمِ الثِّيَابِ الْمُصْبَغَةِ بِالزَّعْفَرَانِ، فَأَبَاحَا لِلْمُحْرِمَةِ لُبْسَ الثِّيَابِ الْمُصْبَغَةِ بِالْعَصْفَرِ، وَلَمْ يُبِيحَا لَهَا لِبَاسَ الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ بِالزَّعْفَرَانِ، وَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ الْعُصْفُرَ لَيْسَ مِنَ الطِّيبِ، وَلَا بمَّا يَحْظُرُهُ الْإِحْرَامُ عَلَى الْمُحْرِمِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَلَا مِنَ النِّسَاءِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الْعُصْفُرَ حُكْمُهُ حُكْمُ الطِّيبِ، وَيَجْعَلُونَهُ مَكْرُوهًا لِلْمُحْرِمِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَمِنَ النِّسَاءِ كَمَا يَكْرَهُونَ لَهُمْ سَائِرَ الطِّيبِ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، فَرَأَيْنَا الزَّعْفَرَانَ مَكْرُوهًا لِلرِّجَالِ فِي الْإِحْرَامِ، وَفِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ، وَمَرْوِيًّا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مَا 1226 - قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَّ عَنْ أَنْ يُزَعْفِرَ الرَّجُلُ " 1227 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وَكَانَ الْعُصْفُرُ لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لِلرِّجَالِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَمَحْكُومٌ لَهُ بِخِلَافِ حُكْمِ الزَّعْفَرَانِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ هُوَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ، وَأَنْ يَكُونَ مَحْكُومًا لَهُ بِخِلَافِ حُكْمِ الزَّعْفَرَانِ، فَيَكُونُ مُبَاحًا لِلْمُحْرِمِينَ وَالْمُحْرِمَاتِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ كَمَا كَانَ مُبَاحًا لَهُمْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، غَيْرَ أَنَّا نَكْرَهُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أَنْ يَلْبَسَهُ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ حَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً لَهُمْ فِي انْتِهَاكِ لُبْسِ الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ، وَيَقُولُونَ: فَعَلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّا رَأَيْنَا فُلَانًا يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصْبَغَةِ فِي الْإِحْرَامِ، وَهَذَا عِنْدَنَا مِثْلُ مَا قَالَهُ عُمَرُ لِطَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لَمَّا رَأَى عَلَيْهِ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالْمَدَرِ 1228 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ: " أَنَّهُ سَمِعَ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، يُحَدِّثُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ رَأَى عَلَى طَلْحَةَ ثَوْبًا الحديث: 1226 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 مَصْبُوغًا، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ عُمَرُ: " مَا هَذَا الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ يَا طَلْحَةُ؟ " قَالَ طَلْحَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا هُوَ مَدَرٌ فَقَالَ عُمَرُ: " إِنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدَى بِكُمُ النَّاسُ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاهِلًا رَأَى هَذَا الثَّوْبَ لَقَالَ: إِنَّ طَلْحَةَ قَدْ كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصْبَغَةَ فِي الْإِحْرَامِ، فَلَا تَلْبَسُوا أَيُّهَا الرَّهْطُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمُصْبَغَةِ " فَهَكَذَا يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ مِنَ الرِّجَالِ أَنْ يَتَجَنَّبَ فِي اللِّبَاسِ فِي إِحْرَامِهِ خَوْفًا مِنْ مِثْلِ مَا خَافَهُ عُمَرُ فِيهِ وَهَكَذَا مَنْ يُقْتَدَى بِهِ مِنَ النِّسَاءِ، فَيَنْبَغِي لَهَا تَرْكُ لِبَاسِ مِثْلِ هَذَا فِي الْإِحْرَامِ وَسَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: إِذَا كَانَ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِمَّا قَدْ كَانَ الرَّجُلُ قَبْلَ إِحْرَامِهِ مَمْنُوعًا فِيهِ، فَمَا مَعْنَى النَّهْيُ عَنْهُمَا فِي حَالِ الْإِحْرَامِ؟ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ النَّاسُ مِمَّا كَانَ مُبَاحًا لَهُمْ كَمَا مُنِعَ الْمُحْرِمُ مِنْ لُبْسِ الْقُمُصِ، وَمِنَ التَّطَيُّبِ، وَمِنْ سَائِرِ مَا مُنِعَ مِنْهُ فِي الْإِحْرَامِ مِمَّا كَانَ مُبَاحًا لَهُ قَبْلَهُ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ قُلْنَا لَهُ: الْمَنْعُ قَدْ يَكُونُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ كَمَا ذَكَرْتَ، وَيَكُونُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَكْرُوهَةِ قَبْلَ النَّهْيِ لِيُرَادَ بِذَلِكَ نَهْيٌ، وَلِيَتَوَكَّدَ أَمْرُهَا، وَلِيَكُونَ عَلَى مَنْتَهِكِهَا فِي الْحَالِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا فِيهِ مِثْلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي انْتِهَاكِ مِثْلِهَا مِمَّا قَدْ نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَانَتْ مُبَاحَةً لَهُ قَبْلَ النَّهْيِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا السُّنَّةَ الْقَائِمَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَاءَتْ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ، وَجَاءَتْ بِنَهْيِ الْمُحْرِمِينَ عَنْ لُبْسِ الْقَمِيصِ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهَا حَرِيرًا مَنْهِيًّا عَنْ لُبْسِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا سِوَى الْحَرِيرِ مِمَّا كَانَ مُبَاحًا لُبْسُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَبِسَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، قَمِيصَ حَرِيرٍ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْفِدْيَةِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَمِيصُ غَيْرَ حَرِيرٍ، فَلَمْ تَخْرُجِ الْقُمُصُ الْحَرِيرُ مِنَ الْقُمُصِ الَّتِي قَدْ نُهِيَ عَنْ لُبْسِهَا فِي الْإِحْرَامِ لِتَقَدُّمِ حُرْمَةِ لُبْسِهَا لِلْإِحْرَامِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ غَيْرَهَا، كَانَ مَنْ لَبِسَهَا فِي حَالِ إِحْرَامِهِ لَا يُسْأَلُهَا عَلَى التَّحْرِيمِ الْأَوَّلِ، وَالتَّحْرِيمُ الْأَوَّلُ لَا فِدْيَةَ عَلَى مُنْتَهِكِهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ هُوَ مَا نُهِيَ عَنْ لُبْسِهِ فِي الْإِحْرَامِ فَكَذَلِكَ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ اللَّذَانِ كَانَا مَمْنُوعًا مِنْهُمَا فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ، وَكَذَا الْمَنْعُ مِنْهُمَا فِي الْإِحْرَامِ لِتَكُونَ حُرْمَتُهُمَا قَدْ صَارَتْ لِلْإِحْرَامِ مَعَ الْحُرْمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِيهِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 أَلَا تَرَى أَنَّ اللهَ جَلَّ وَتَعَالَى قَدْ نَهَى عَنْ قَتْلِ الصَّيْدِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} ، الْآيَةَ وَقَدْ كُنَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَمْنُوعِينَ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ الَّذِي فِي مُلْكِ غَيْرِنَا، وَلَوْ أَنَّ مُحْرِمًا قَتَلَ صَيْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ حَلَالٍ يَمْلُكُهُ، كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهِ لِصَاحِبِهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ فَلَوْ كَانَ الْخِطَابُ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الصَّيْدِ الَّذِي قَدْ كَانَ مُبَاحًا لَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، إِذًا لَمَا وَجَبَ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ لِغَيْرِهِ جَزَاءٌ، إِذْ كَانَ خَارِجًا مِنَ الْآيَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْ قَتْلِ الصَّيْدِ فِيهَا، وَالْمَجْعُولِ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ فِيهَا الْجَزَاءُ الْمَذْكُورُ فِيهَا وَسَأَلَ هَذَا السَّائِلُ فَقَالَ: قَدْ جَعَلْتَ الدَّلِيلَ عَلَى إِبَاحَةِ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ لِلْمُحْرِمِينَ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِ وَحُكْمِ الزَّعْفَرَانِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَقَدْ وَجَدْنَا الْمِسْكَ وَالْعَنْبَرَ مُبَاحَيْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، فَإِذَا كَانَ الْإِحْرَامُ صَارَا مَمْنُوعًا مِنْهُمَا كَمَا يُمْنَعُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ، فَلَمْ يَكُنِ افْتِرَاقُ حُكْمِهِمَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِمَانِعٍ مِنَ اتِّفَاقِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، فَمَا أَنْكَرْتُ أَنْ يَكُونَ الْعُصْفُرُ أَيْضًا كَذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ: الْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ وَإِنْ كَانَا كَمَا ذَكَرْتَ فَإِنَّمَا مُنِعَ الْمُحْرِمُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا طِيبٌ، وَكَانَا مُبَاحَيْنِ لَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فِي حَالِ حِلِّ الطِّيبِ لَهُ، وَمُحَرَّمَيْنِ عَلَيْهِ فِي حَالِ حُرْمَةِ الطِّيبِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْعُصْفُرُ فَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا أَنَّهُ طِيبٌ، وَلَمْ نَرَهُمْ يَتَطَيَّبُونَ بِهِ، وَلَا بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَنَا، فَالْعِلَّةُ الَّتِي بِهَا مُنِعَ مِنَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْتَهُمَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْعُصْفُرِ الَّذِي شَبَّهْتَهُ عَلَيْنَا بِهِمَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} الْآيَةَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِ بِالصَّيْدِ الَّذِي حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ بِهَذِهِ الْآيَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هُوَ الصَّيْدُ كُلُّهُ إِلَّا مَا أَبَاحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي إِبَاحَةِ مَا أَبَاحَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَوُوا فِي ذَلِكَ مَا 1229 - قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ حَفْصَةُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " 1230 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1231 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ؟ فَذَكَرَ مِثْلَهُ 1232 - وَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1233 - وَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1234 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ الحديث: 1229 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 قَالُوا: وَأَمَّا مَا سِوَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ الَّتِي أَبَاحَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي الْإِحْرَامِ، وَدَاخِلٌ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مِمَّا يَحِلُّ أَكْلُهُ مِنَ الصَّيْدِ، وَمِمَّا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ مِنْهُ وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الصَّيْدِ إِلَّا مَا كَانَ حَلَالًا قَتْلُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، فَأَمَّا مَا سِوَاهُ مِنْ ذِي النَّابِ مِنَ السِّبَاعِ، وَمِنْ ذِي الْمِخْلَبِ مِنَ الطَّيْرِ فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَتْ حُرْمَتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَمِمَّا لَمْ تَكُنِ الذَّكَاةُ تُحِلُّهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الرَّجُلَ قَبْلَ إِحْرَامِهِ لَهُ صَيْدُ مَا يَأْكُلُهُ مِمَّا تَلْحَقُهُ الذَّكَاةُ، وَلَهُ صَيْدُ مَا لَا يَأْكُلُهُ مِمَّا لَا تَلْحَقُهُ الذَّكَاةُ لِيُطْعِمَهُ كِلَابَهُ وَبُزَاتَهُ وَصُقُورَهُ الَّتِي يَصِيدُ بِهَا، ذَلِكَ لَهُ مُبَاحٌ، وَهُوَ لَهُ حَلَالٌ، وَكُلُّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّيْدِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّيْدِ، وَكَانَ مُبَاحًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ صَيْدُهُ لِلْأَكْلِ وَلِلِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لَمْ يَخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، وَلِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَصَدَ فِيمَا أَبَاحَ قَتْلَهُ مِنَ الدَّوَابِّ فِي الْإِحْرَامِ إِلَى عَدَدٍ مَعْلُومٍ، لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الصَّيْدِ إِلَّا مَا دَخَلَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْعَدَدِ الْمَعْلُومِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنِ لِذِكْرِهِ الْعَدَدِ الْمَعْلُومِ مَعْنًى فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ فِي إِحْرَامِهِ مِنَ الصَّيْدِ إِلَّا مَا أَبَاحَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ الَّذِي أُرِيدَ قَتْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هُوَ الْأَسَدُ، وَرَوُوا ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ 1235 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " الْكَلْبُ الْعَقُورُ الْأَسَدُ " 1236 - الحديث: 1235 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 1236 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِثْلَهُ قَالُوا: وَكَذَلِكَ مَا عَقَرَ مِنَ السِّبَاعِ فَهُوَ كَلْبٌ عَقُورٌ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ هُوَ الْكَلْبُ الَّذِي تَعْرِفُهُ الْعَامَّةُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَقَالُوا: لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَظَرَ مَا أَبَاحَ قَتْلَهُ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ، وَكُنَّا لَوْ جَعَلْنَا الْكَلْبَ الَّذِي أَرَادَهُ فِيهِ كُلَّمَا عَقَرَ، مِنْ سَبْعٍ وَمِنْ غَيْرِهِ، دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعَدَدِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنَ الْخَمْسِ الَّتِي سَمَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، وَحَظَرَ مَا أَبَاحَ بِهَا قَالُوا: وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَعْقِرُ سِوَى هَذِهِ الْخَمْسِ، أَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ الْجَزَاءَ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي الضَّبْعِ: 1237 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَحَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَّدَثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا، فَقَالُوا قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سُئِلَ عَنِ الضَّبْعِ، فَقَالَ: هِيَ مِنَ الصَّيْدِ " وَجَعَلَ فِيهَا إِذَا أَصَابَهَا الْمُحْرِمُ كَبْشًا " 1238 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " قَضَى فِي الضَّبْعِ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ بِكَبْشٍ " قَالُوا: فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ مَا عَقَرَ مِنَ الْكِلَابِ وَغَيْرِهَا، وَأَنَّهُ إِنَمَّا أُرِيدَ الْكَلْبُ الْمَعْرُوفُ الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ الحديث: 1236 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ نُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ "، وَالْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ: " إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ "، وَالْمُرَادُ فِي أَمْرِهِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، إِذْ كَانَتِ الضَّبْعُ أَشَدَّ عَقْرًا، وَأَدْنَى إِلَى قَتْلِ النَّاسِ، وَأَكْلِ لُحُومِهِمْ، وَشُرْبِ دِمَائِهِمْ مِنَ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَقَالُوا: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ هُوَ الْأَسَدِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، " يَخْرُجُ الْكَلْبُ الَّذِي يَبْلُغُ فِي أَفْعَالِهِ بِبَنِي آدَمَ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ، لِأَنَّهُ إِذَا قُصِدَ بِهِ إِلَى مَا هُوَ أَعْلَى الْجُنَاةِ عَلَى بَنِي آدَمَ لَمْ يَلْحَقْهُ مَا هُوَ أَدْنَى مِنْهُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا عِنْدَنَا كَلَامٌ صَحِيحٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَعَلَ فِي الضَّبْعِ الْجَزَاءَ إِذَا أَصَابَهَا الْمُحْرِمُ، لِأَنَّهَا مِمَّا أُبِيحَ لَهُ أَكْلُهُ، فَصَارَتْ بِذَلِكَ مِنَ الصَّيْدِ الَّذِي كَانَ مَأْكُولًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَتَّى حَرَّمَهُ الْإِحْرَامُ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا 1239 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سَنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: " سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَنِ الضَّبْعِ، فَقُلْتُ: آكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ " قُلْتُ: أَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَبَاحَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَكْلَهَا الحديث: 1239 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 قِيلَ لَهُ: مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَبِينُ لَنَا بِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَبَاحَ أَكْلَهَا، لِأَنَّ ابْنَ أَبِي عَمَّارٍ إِنَّمَا سَأَلَ جَابِرًا، فَقَالَ: آكُلُهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، جَوَابًا لِمَسْأَلَتِهِ ثُمَّ سَأَلَهُ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَظَاهِرُ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ الَّذِي سَأَلَهُ ابْنُ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ سَمَاعِهِ إِيَّاهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ أَنَّهَا صَيْدٌ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ إِلَى الْآنَ حَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ وَحَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا عَنْهُمَا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَى عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرٍ هَذَا الْحَدِيثِ بِإِبَاحَةِ أَكْلِ الْمُحْرِمِ إِيَّاهَا، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا 1240 - حَدَّثَنَاهُ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْمَانِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ " سُئِلَ عَنِ الضَّبْعِ، فَقَالَ: هِيَ صَيْدٌ، وَفِيهَا جَزَاءٌ كَبْشٌ مُسِنٌّ، وَتُؤْكَلُ " قِيلَ لَهُ: وَهَذَا أَيْضًا فَيَحْتَمِلُ مَا يَحْتَمِلُ الْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ، أَنَّ يَكُونَ قَوْلُهُ: " وَيُؤْكَلُ "، مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ وَفِي حَدِيثِ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ حِينَ حَكَى الْحُكْمَ فِيهَا عَنْ غَيْرِهِ إِنَّمَا قَالَ: " قَضَى فِي الضَّبْعِ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ بِكَبْشٍ "، وَلَمْ يَذْكُرْ عَنِ الْحَاكِمِينَ فِيهَا بِذَلِكَ إِبَاحَتَهُمْ أَكْلِهَا وَقَدْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، يَقُولُونَ: الذِّئْبُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَلِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُلَهُ فِي إِحْرَامِهِ، وَلِلْحَلَالِ أَنْ يَقْتُلَهُ فِي الْحَرَمِ كَمَا يَقْتُلَانِ الْكَلْبَ الْعَقُورَ وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ، إِذْ لَمْ يَجْعَلُوا سَائِرَ السِّبَاعِ الَّتِي تَعْقِرُ كَعَقْرِ الْكَلْبِ أَوْ كَأَشَدِّ مِنْ عَقْرِهِ فِي حُكْمِ الْكَلْبِ فِي إِبَاحَتِهِ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، أَلَّا يَجَّعُلوا الذِّئْبَ كَذَلِكَ أَيْضًا، الحديث: 1240 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 وَأَنْ يَكُونَ مَا أُبِيحَ مِنْ قَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ عَلَى الْكَلْبِ الْمَعْقُولِ عِنْدَ الْعَامَّةِ خَاصَّةً، لَا عَلَى مَا سِوَاهُ مِمَّا يُشْبِهُهُ فِي أَفْعَالِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَبَاحَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، فِي عَدَدِ مَا يُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، قَتْلَ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ، وَأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدًا لَمْ يَجْعَلُوا الرَّخَمَ، وَلَا سَائِرَ ذَوِي الْمِخْلَبِ، مِنَ الطَّيْرِ كَهُمَا، غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا، إِنْ كَانَ ثَابِتًا، يَشْهَدُ لِمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ: 1241 - عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَجْلَانِ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ، يَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْعَقْرَبُ، وَالْحُدَيَّا، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ "، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: " الْحَيَّةُ، وَالذِّئْبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ عَلِيٌّ عَنْ سَعِيدٍ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَفِي ذَلِكَ مُجَاوَزَةُ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَّلِهِ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبَاحَةَ قَتْلِ الْخَمْسِ فِي الْحَرَمِ كَمَا سَمِعَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ، ثُمَّ سَمِعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَاحَ قَتْلَ الْحَيَّةِ وَالذِّئْبِ فِي الْحَرَمِ فَأَلْحَقَ ذَلِكَ بِالْخَمْسِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْقَوْلُ فِي الذِّئْبِ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِيهِ: لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ وَقَدْ ذَكَرْنَا إِبَاحَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلِ الْغُرَابِ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي تِلَكَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِّينَا فِي ذَلِكَ، أَيُّ غُرَابٍ هُوَ، غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَصَدَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْغُرَابِ الْأَبْقَعِ الحديث: 1241 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 1242 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ: الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْحِدَأُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ زَائِدًا عَلَى مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِّينَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الطَّيِّ، وَمُخْبِرًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ مِنَ الْغِرْبَانِ الْأَبْقَعَ مِنْهَا خَاصَّةً، لَا مَا سِوَاهُ مِنْهَا، إِذْ كَانَ الْأَبْقَعُ مِنْهَا هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ مَا فِيهِ الضَّرَرُ عَلَى بَنِي آدَمَ فِي طَعَامِهِمْ، وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِمْ كَمَا تَفْعَلُ الْحِدَأُ، وَكَانَ مَا سِوَى الْأَبْقَعِ مِنْهَا، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى وَاحِدُهُ الزَّاعُ، لَا يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُونَ فِي الْمُبَاحِ قَتْلُهُ مِنَ الْغِرْبَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّهُ الْأَبْقَعُ مِنْهَا خَاصَّةً، لَا مَا سِوَاهُ مِنْهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ، مِمَّنْ يَذْهَبُ إِلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ السِّبَاعِ فِي الْإِحْرَامِ، فِي الْمُحْرِمِ يَبْتَدِئُهُ السَّبْعُ فَيَقْتُلُهُ، فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، يَقُولُونَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ إِيَّاهُ وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنْ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ ابْتِدَاءً مِنْهُ إِيَّاهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَلَا يُجَاوَزُ بِهَا دَمٌ وَذَكَرَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ زُفَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، وَهَلْ تَسْقُطُ الْكَفَّارَاتُ عَنِ الْمُحْرِمِينَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ بِالضَّرُورَاتِ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ أَمْ لَا؟ فَرَأَيْنَا الحديث: 1242 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ حَلْقَ رَأْسِهِ، ثُمَّ أَبَاحَهُ فِي الضَّرُورَةِ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ الْكَفَّارَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيَّ، وَخَيَّرَهُ فِيهَا بَيْنَ أَصْنَافِهَا الْمُسَمَّاةِ فِيهَا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ فَكَانَ فِي هَذِهِ الضَّرُورَةِ الَّتِي أُبِيحَ لِلْمُحْرِمِ مِنْ أَجْلِهَا حَلْقُ الرَّأْسِ الَّذِي كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ قَبْلَهَا، سُقُوطُ الْإِثْمِ عَنْهُ بِالضَّرُورَةِ، لَا سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ سَائِرُ مَا حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي إِحْرَامِهِ، وَأُبِيحَ لَهُ لِضَرُورَةٍ حَدَثَتْ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الضَّرُورَةُ تَرْفَعُ الْإِثْمَ عَنْهُ، وَلَا تُسْقِطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةَ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا قَالَ زُفَرُ، وَانْتَفَى بِهِ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَحُجَّةٌ أُخْرَى فِي ذَلِكَ يَجِبُ بِهَا مَا قَالَ زُفَرُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهِيَ أَنَّا وَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْمُحْرِمِ يَنْقَلِبُ فِي نَوْمِهِ عَلَى صَيْدٍ فَيَقْتُلُهُ، أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ، وَالْآثَامُ سَاقِطَةٌ عَنْهُ فِيمَا أَصَابَ فِي نَوْمِهِ، وَالْقَلَمُ مَرْفُوعٌ عَنْهُ فِيهِ، وَلَمْ يَرْفَعْ ذَلِكَ عَنْهُ الْجَزَاءَ، بَلْ جُعِلَ فِيمَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ فِي نَوْمِهِ فِي حُكْمِ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ فِي يَقَظَتِهِ، فَالْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ فِي إِحْرَامٍ أَوْ فِي حَرَمٍ، أَنْ يَكُونَ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فِي حُكْمِهِ لَوْ أَصَابَهُ عَلَى غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَأَنْ تَكُونَ الضَّرُورَاتُ تَرْفَعُ الْآثَامَ، وَلَا تُسْقِطُ الْكَفَّارَاتِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْآيَةَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 فَكَانَ الْأَغْلَبُ فِي هَذَا الطَّوَافِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ طَوَافُ يَوْمِ النَّحْرِ، لِأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ، الطَّوَافَ الَّذِي بَيَّنَهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِأَفْعَالِهِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ حِينَئِذٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1243 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحْجُجْ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ يَلْتَمِسُونَ أَنْ يَأْتَمُّوا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، عَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، مَا عَمِلَ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يَهِلُّونَ بِهِ، وَلَمْ يَزِدْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، وَلَزِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ قَالَ جَابِرٌ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا عَلَى آخِرِ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ: " إِنَّنِي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً "، فَحَلَّ النَّاسُ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ الحديث: 1243 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 1244 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَمْيَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1245 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا، وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ طَافَ وَلَمْ يَحِلَّ، وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَطَافَ مَنْ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ " 1246 - وَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ المِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: " خَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا - يَعْنِي مَكَّةَ - طُفْنَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلُوهَا عَمْرَةً إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ "، فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ، أَنَّهُمْ طَافُوا بِحَجِّهِمْ بَعْدَ دُخُولِهِمْ مَكَّةَ، وَقَبْلَ وُقُوفِهِمْ بِعَرَفَةَ وَهَكَذَا يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا غَيْرَ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ لِحَجِّهِ إِلَّا بَعْدَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ، وَتَقُولُ: إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ خَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ حِجَّتِهِ، وَحَلَّ بِهِ مِنْهَا كَمَا حَلَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا طَافُوا بِالْبَيْتِ لِحَجَّتِهِمْ قَبْلَ وُقُوفِهِمْ بِعَرَفَةَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُم بِذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي قَدْ رُوِّينَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَالرِّوَايَاتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ كَثِيرَةٌ، فَاخْتَرْنَا مِنْهَا هَذِهِ الْآثَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَتَرَكْنَا مَا الحديث: 1244 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 سِوَاهَا مِنْهَا، لِأَنَّهُ لَا بَيَانَ فِيهَا لِشَيْءٍ مِمَّا أَرَدْنَا، وَلِأَنَّ فِي بَعْضِهَا ذِكْرُ طَوَافِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ يَرْمُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْهَا مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، غَيْرُ مَذْكُورٍ فِيهَا ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ أَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ بِهَا وَمِنْهَا مَا قَدْ ذُكِرَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ الطَّوَافَ كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ قُدُومِهِ مَكَّةَ، وَغَيْرُ مُبَيَّنٍ فِيهِ أَنَّ إِحْرَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَجًّا أَوْ كَانَ عُمْرَةً وَقَدْ كَانَ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى تَأْجِيلِ الطَّوَافِ لِلْحَجِّ حَتَّى يَكُونَ قَبْلَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَيَقُولُونَ: إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ لِلْحَجِّ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ كَانَ فِي حُكْمِ الْخَارِجِ مِنَ الْحَجِّ، وَدَاخِلٌ فِي حُكْمِ الْعُمْرَةِ، يَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ 1247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ الْجَهْمِ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَطَاءٌ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَقُولُ: " لَا يَطُوفُ أَحَدٌ بِالْبَيْتِ حَاجٌّ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا حَلَّ " قُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْخُذُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} قُلْتُ: فَإِنَّمَا ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَاهُ قَبْلَ الْمُعَرَّفِ وَبَعْدَهُ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْخُذُهَا مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَهَا لِي غَيْرَ مَرَّةٍ " 1248 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكِسَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَيَّانَ الرَّقَاشِيَّ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ " مَا هَذِهِ الْفُتْيَا الَّتِي قَدْ تَقَشَّعْتَ، أَنَّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ؟ قَالَ: سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ رَغِمْتُمْ " 1249 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ، قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَضْلَلْتَ النَّاسَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ " الحديث: 1247 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 وَمَا ذَلِكَ يَا عُرْوَةُ؟ " قَالَ: تُفْتِي النَّاسَ أَنَّهُمْ إِذَا طَافُوا بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلُّوا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَجِيئَانِ مُلَبِّيَيْنِ بِالْحَجِّ، فَلَا يَزَالَانِ مُحْرِمَيْنِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " بِهَذَا ضَلَلْتُمْ، أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُحَدِّثُونِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ "، فَقَالَ عُرْوَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَانَا أَعْلَمَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِحْرَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَيْهِ فِي إِحْرَامِ أَصْحَابِهِ مَعَهُ حِينَئِذٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو سَعِيدٍ: كَانَ بِالْحَجِّ خَالِصًا، عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَا عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الْآثَارِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ، فِيمَا رَوَاهُ الْأَسْوَدُ عَنْهَا فِي حَدِيثِهَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ " خَرَجْنَا، وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ "، فَكَأَنَّهَا لَمْ تُحَقِّقْ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهَا غَيْرُ الْأَسْوَدِ فِي ذَلِكَ مَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِحْرَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَيْهِ، اخْتِلَافٌ نَحْنُ ذَاكِرُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَمِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1250 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: " اجْتَمَعَ عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ بِعَسَفَانَ، وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا تُرِيدُ إِلَى أَمْرٍ قَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَنْهَى عَنْهُ؟ فَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ قَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَكَ ثُمَّ أَهَلَّ عَلِيٌّ بِهِمَا جَمِيعًا " الحديث: 1250 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 1251 - وَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَسَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: " حَجَّ عُثْمَانُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ؟ قَالَ: بَلَى " فَاحْتَمَلَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ، فَطَافَ حِينَئِذٍ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا الْحَجَّ، فَصَارَ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَيَكُونُ طَوَافُهُ الَّذِي كَانَ مِنْهُ قَبْلَ عَرَفَةَ طَوَافًا كَانَ لِلْعُمْرَةِ، لَا لِلْحَجَّةِ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الطَّوَافِ لِلْحَجَّةِ، هَلْ يَكُونُ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَهَا بِعَرَفَةَ، وَبَعْدَ الْوُقُوفِ لَهَا بِعَرَفَةَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ الْأَوَّلُ كَانَ بِالْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ لِلْحَجِّ، فَكَانَ بِذَلِكَ طَائِفًا لِحَجِّهِ قَبْلَ عَرَفَةَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ حُجَّةً لِمَنْ يَقُولُ: الطَّوَافُ لِلْحَجِّ قَبْلَ عَرَفَةَ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَحْوِيلِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، فَصَارَ بِذَلِكَ إِحْرَامُهُ وَإِحْرَامُهُمْ عُمْرَةً، ثُمَّ أَنْشَأَ بَعْدَهَا الْحَجَّ، فَصَارَ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا، فَلَمْ يَكُنْ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى حَقِيقَةِ هَذَا الْمَعْنَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَمِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1252 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَامَ حَجِّ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، " وَهُمَا يَذْكُرَانِ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ جَهِلَ أَمْرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ سَعْدٌ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أَخِي فَقَالَ الضَّحَّاكُ: فَإِنَّ عُمَرَ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ قَالَ سَعْدٌ: قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ " 1253 - الحديث: 1251 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 1253 - وَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَالْكَلَامُ فِي هَذَا مِثْلُ الْكَلَامِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ سَوَاءً وَمِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ، رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ مُلَبِّينَ بِالْحَجِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ " 1255 - وَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّهُ لَبَّى بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ " فَذَكَرَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ لِابْنِ عُمَرَ قَوْلَ أَنَسٍ، فَقَالَ: وَهَلَّ أَنَسٌ إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ " قَالَ بَكْرٌ: فَرَجِعْتُ إِلَى أَنَسٍ، فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الحديث: 1253 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 1256 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ، مِثْلَهُ قَالَ بَكْرٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: وَهَلَّ أَنَسٌ إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَأَهْلَلْنَا مَعَهُ " 1257 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ " وَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيٌ فَلَمْ يَحِلَّ فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ يُخْبِرُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ مُحْرِمِينَ بِالْحَجِّ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ أَنَّ طَوَافَهُمُ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ قَبْلَ عَرَفَةَ، كَانَ قَبْلَ فَسْخِهِمُ الْحَجَّ أَوْ بَعْدَ فَسْخِهِمُ الْحَجَّ، وَتَحْوِيلِهِمْ إِيَّاهُ إِلَى الْعُمْرَةِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَقْبَلُونَ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ سَالِمٌ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا 1258 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، جَمِيعًا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: " تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ إِلَى الحديث: 1256 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 الْعُمْرَةِ " قِيلَ لَهُ: هَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا رَوَاهُ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِحَجَّةٍ، عَلَى مَا رَوَى بَكْرٌ، وَتَوَجَّهَ لَهَا، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ سَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَكَّةَ فَسَخَ الْحَجَّ، وَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَعَادَ إِحْرَامُهُ الْأَوَّلُ عُمْرَةً، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَارَ فِي مَعْنَى الْمُتَمَتِّعِ وَكَانَ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ بَكْرٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، هُوَ مَا كَانَ ابْتَدَأَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِحْرَامَ، وَمَا أَخْبَرَ بِهِ سَالِمٌ هُوَ الَّذِي عَادَ إِلَيْهِ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَةً، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا 1259 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَرَّتَيْنِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثًا سِوَى عُمْرَتِهِ الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجَّتِهِ " الحديث: 1259 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 قِيلَ لَهُ: وَهَذَا أَيْضًا عِنْدَنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِحَدِيثَيْ سَالِمٍ وَبَكْرٍ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَحَوَّلَ حَجُّهُ إِلَى الْعُمْرَةِ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ لَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّةَ، فَصَارَ قَارِنًا ، لِأَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَهُ إِحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ وَإِحْرَمُهُ بِالْحَجِّ، فَصَارَ بِذَلِكَ قَارِنًا، وَكَانَ مُتَمَتِّعًا لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَكَانَ مُفْرِدًا فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجَّةِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُمْ أَسْمَاءُ بْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، قَدْ رُوِيَ عَنْهَا فِي ذَلِكَ مَا 1260 - قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ الْهَدْيُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلْيَحْلِلْ " قَالَتْ: فَلَمْ يَكُنْ مَعِي يَوْمَئِذٍ هَدْيٌ، فَأَحْلَلْتُ فَهَذِهِ أَسْمَاءُ تُخْبِرُ فِي حَدِيثِهَا هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ فِي حُرْمَةِ حَجَّةٍ، لَا فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ، غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تُخْبِرْ فِي حَدِيثِهَا هَذَا بِوَقْتِ طَوَافِهِمْ، هَلْ كَانَ فِي الْحَجَّةِ أَوْ بَعْدَ فَسْخِ الْحَجَّةِ؟ وَمِنْهُمْ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1261 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ، وَلَمْ يَنْهَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ " ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ الحديث: 1260 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 1262 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتْعَةَ الْحَجِّ، فَلَمْ يَنْهَنَا عَنْهَا، وَلَمْ يُنْزِلِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا نَهْيًا " فَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا خِلَافُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِّينَاهَا قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ: " تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ "، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: " تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، يُرِيدُ: تَمَتَّعْنَا وَنَحْنُ فِي صُحْبَتِهِ وَهُوَ حَيٌّ، وَلَيْسَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ، وَلَا عَلَى أَنَّهُ تَمَتَّعَ مِثْلَ مُتْعَتِهِمْ تِلَكَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ كَحَدِيثِ عَلِيٍّ وَسَعْدٍ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَا رَوَى الْحَسَنُ، عَنْ عِمْرَانَ: " تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، فَلَمْ يُحَقَّقْ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ التَّمَتُّعَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَوْ فِيمَا قَبْلَهَا وَمِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1263 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا انْبَعَثَتْ بِهِ سَبَّحَ وَكَبَّرَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحِلُّوا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ " فَهَذَا أَنَسٌ يُخْبِرُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُمْ قَدِمُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي حُرْمَةِ حَجَّةٍ، لَا فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمْ كَانُوا طَافُوا قَبْلَ عَرَفَةَ فِي حُرْمَةِ الْحَجَّةِ، وَلَا فِي حُرْمَةِ الْعُمْرَةِ وَمِنْهُمْ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا الحديث: 1262 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 1264 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي مُلَيْحٍ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: " حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْنَا عَائِشَةَ تَنْزِعُ ثِيَابَهَا، فَقَالَ لَهَا: " مَالَكِ؟ " قَالَتْ: أُنْبِئْتُ أَنَّكَ قَدْ أَحْلَلْتَ وَأَحْلَلْتَ أَهْلَكَ فَقَالَ: " أَجَلْ، مَنْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ "، فَأَمَّا نَحْنُ فَلَمْ نَحْلِلْ لِأَنَّ مَعَنَا الْهَدْيُ حَتَّى يَبْلُغَ عَرَفَاتٍ فَهَذَا مَعْقِلٌ يُخْبِرُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا حُجَّاجًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الطَّوَافَ بِشَيْءٍ وَمِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَمِنْهُ مَا 1265 - قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: " إِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَإِنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الرَّسُولُ، وَإِنَّهُمَا كَانَتَا مُتْعَتَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُتْعَةُ الْحَجِّ، فَافْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِكُمْ وَالْأُخْرَى مُتْعَةُ النِّسَاءِ، فَأَنْهِي عَنْهَا، وَأُعَاقِبُ عَلَيْهَا " فَهَذَا جَابِرٌ قَدْ أَخْبَرَ بِتَمَتُّعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُخَالِفٍ عِنْدَنَا لِمَا رَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ خَالِصًا، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ خَالِصًا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، ثُمَّ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ فَسَخَهُ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ بَعْدَهُ حَجَّةً مِنْ مَكَّةَ، فَصَارَ فِي بَدْءِ إِحْرَامِهِ مُفْرِدًا لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عَلَى مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَصَارَ فِي آخِرِ إِحْرَامِهِ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو نَضْرَةَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا الحديث: 1264 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 وَمِنْهُمْ عَائِشَةُ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " خَرَجْنَا، وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ طَافَ وَلَمْ يَحِلَّ، وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَطَافَ مَنْ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَدِمُوا مَكَّةَ بِإِحْرَامِ تَرْوِيَةِ الْحَجِّ بِلَا حَقِيقَةَ مِنْهُمْ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَأَمَّا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَقَدْ رَوَى عَنْهَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَذْكُرُونَ إِلَّا الْحَجَّ كَمَا 1266 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا بِسَرَفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: " مَا يُبْكِيكِ؟ " فَقُلْتُ: لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ أَوْ لَمْ أَخْرُجِ الْعَامَ قَالَ: " لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ " قَالَتْ: فَلَمَّا جِئْنَا مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " اجْعَلُوهَا عُمْرَةً "، فَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَكَانَ الْهَدْيُ مَعَهُ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَذِي الْيَسَارَةِ، ثُمَّ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ طَهُرْتُ، فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَفَضْتُ، فَأُتِيَ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْجِعُ الرَّاجِعُ مِنْ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَرْجِعُ بِعُمْرَةٍ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، فَإِنِّي لَأَذْكُرُ أَنِّي كُنْتُ أَنْعَسُ، فَيَضْرِبُ وَجْهِي مُؤَخِّرَةُ الرَّحْلِ حَتَّى جِئْنَا التَّنْعِيمَ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ جَزَاءَ عُمْرَةِ النَّاسِ الَّتِي اعْتَمَرُوا " الحديث: 1266 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 1267 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِسَرَفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: " مَا يُبْكِيكِ يَا عَائِشَةُ؟ " قُلْتُ: حِضْتُ، لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ حَجَجْتُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " سُبْحَانَ اللهِ إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، انْسُكِي الْمَنَاسِكَ كَلَّهَا غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ "، فَلَمَّا دَخَلْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا، إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ " قَالَتْ: فَذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ، وَطَهُرَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْجِعُ صَوَاحِبِي بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَذَهَبَ بِي إِلَى التَّنْعِيمِ، فَلَبَّيْتُ بِالْعُمْرَةِ " 1268 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَمَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي " هَكَذَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بِحَدِيثِ عَمْرٍو هَذَا مُخْتَصَرًا، هَكَذَا كَمَا ذَكَرْنَا 1269 - وَأَمَّا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، فَحَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يُخْبِرُ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّاجًا، الحديث: 1267 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 فَلَمَّا قَدِمْنَا سَرَفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: " مَالَكِ؟ " فَقَالَتْ: لَيْتَنِي لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ؟ قَالَ: " مَالَكِ؟ " قُلْتُ: حِضْتُ قَالَ: " شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ " فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلُوهَا عُمْرَةً "، فَفَعَلُوا، فَمَنْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا حَلَّ، وَسَاقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بَقَرًا، وَطَهُرْتُ، فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَأَرْدَفَنِي وَرَاءَهُ، فَأَهْلَلْتُ مِنَ التَّنْعِيمِ، فَطُفْتُ، وَسَعَيْتُ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَيْهِ " 1270 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَجِّ، فَحِضْتُ بِسَرَفَ فَرَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْكِي، فَقَالَ: " مَا شَأْنُكِ؟ " قُلْتُ: حِضْتُ قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ "، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، قَالَ: " اجْعَلِيهَا عُمْرَةً، فَإِنِّي لَوْلَا هَدْيِي حَلَلْتُ " وَأَمَرَهُمْ فَحَلُّوا، وَكَانَ مِنْهُمْ رِجَالٌ ذَوُو يَسَارَةٍ، وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْيُ، فَلَمْ يَحِلُّوا، وَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً، وَطَهُرْتُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَلَمَّا أَصْدَرَ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْدَفَنِي عَلَى جَمَلِهِ، فَذَهَبَ بِي إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ " فَهَذَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَحَمَّادٌ، وَعَمْرٌو، وَمَالِكٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَدْ رَوُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي إِحْرَامِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ، أَنَّهُ كَانَ حَجَّةً، وَأَنَّهَا قَدِمَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَلَى ذَلِكَ وَزَادَ عَمْرٌو، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ، وَحَمَّادٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَلَى مَالِكٍ فِي ذَلِكَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا أَيْضًا فِي حَجَّةٍ، حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً " الحديث: 1270 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 وَأَمَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ فَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَجَاءَ بِأَلْفَاظٍ تُخَالِفُ بَعْضُهَا الْأَلْفَاظَ الَّتِي فِي حَدِيثِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ، وَحَمَّادٍ، وَمُحَمَّدٍ هَذَا 1271 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةٍ لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، قَالَ: " مَالَكِ؟ أَنَفِسْتِ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، اقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ " قَالَتْ: وَضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ فَكَانَ ابْتِدَاءُ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَهَا: أَنَّهُمْ كَانُوا فِي خُرُوجِهِمْ لَا يَرَوْنَ إِلَّا الْحَجَّ، كَمَا فِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَدْ خَالَفَ سُفْيَانُ فِي ذَلِكَ الْخَمْسَةَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا، كَانُوا بِالْحِفْظِ أَوْلَى مِنْهُ، مَعَ أَنَّا وَجَدْنَا فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ هَذَا قَوْلَ عَائِشَةَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ فَلَبَّيْتُ حَجًّا "، وَوَجَدْنَا فِيهِ أَيْضًا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَاضَتْ: " اقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ "، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهَا ذَلِكَ الْقَوْلُ إِلَّا وَهِيَ فِي حَجَّةٍ، فَرَجَعَ بِذَلِكَ مَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ هَذَا إِلَى مَعْنَى أَحَادِيثِ الْخَمْسَةِ الَّذِي سَمَّيْنَا قَبْلَهُ وَأَمَّا عَمْرَةُ بْنَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَدْ رَوَتْ عَنْهَا فِي ذَلِكَ مَا 1272 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَقُولُ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، لَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: نَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ " الحديث: 1271 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 قَالَ يَحْيَى: فَذُكِرَ هَذَا لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: أَتَتْكَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ 1273 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرَفَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلَمَّا كُنَّا بِمِنًى أُتِيتُ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: ذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ " قَالَ يَحْيَى: فَحَدَّثْتُ بِهِ الْقَاسِمَ، فَقَالَ: جَاءَتْ وَاللهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ فَفِي حَدِيثِ عَمْرَةَ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ إِلَّا الْحَجَّ، فَقَدْ وَافَقَتِ الْأَسْوَدَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا مُوَافَقَةُ الْقَاسِمِ لِعَمْرَةَ عَلَى مَا رَوَتْهُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى عَنِ الْقَاسِمِ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّا لَا نَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي كَانُوا فِيهِ فِي ذَلِكَ الْإِحْرَامِ الَّذِي أَحْرَمُوا بِهِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمُوا مَكَّةَ مَعَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، قَوْلُ عَائِشَةَ: " لَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ "، إِنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَخَرَجُوا عَلَى ذَلِكَ مُحْرِمِينَ بِالَّذِي لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَهُ وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ فِيهِ كَمَا 1274 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْجَرُ الْفُجُورِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدَّبَرُ، وَعَفَا الْأَثَرُ، وَانْسَلَخَ صَفَرٌ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ وَهُمْ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الحديث: 1273 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 حِلٍّ؟ قَالَ: الْحِلُّ كُلُّهُ " فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ إِحْرَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الَّذِي دَخَلُوا مَكَّةَ عَلَيْهِ كَانَ بِالْحَجِّ، حَتَّى أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي حَدِيثِهِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ عَائِشَةَ: " وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ "، إِنَّمَا عَلَى مَعْنَى: وَلَا نَعْرِفُ إِلَّا الْحَجَّ، كَمَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌّ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَى حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ " وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ عَائِشَةَ: " وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ "، عَلَى إِنْكَارِهَا الْعُمْرَةَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ اعْتَمَرَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ 1275 - وَكَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةً مِنَ الْجُحْفَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَعُمْرَةً حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ، وَحَجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً " فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ قَبْلَ عُمْرَتِهِ الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجَّتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ اعْتَمَرَ قَبْلَ حَجَّتِهِ ثَلَاثَ عُمَر الحديث: 1275 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 1276 - كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ: عُمْرَةُ الْجُحْفَةِ، وَعُمْرَتُهُ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَعُمْرَتُهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَعُمْرَةٌ مَعَ حَجَّتِهِ، وَحَجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ عُمْرَتَيْنِ، وَأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ مُنْكِرَةً عَلَيْهِ: لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثًا سِوَى عُمْرَتِهِ الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجَّتِهِ فَوَافَقَتْ عَائِشَةُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي عَدَدِ عُمَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَ اعْتَمَرَهَا قَبْلَ حَجَّتِهِ وَمَعَ حَجَّتِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا كُنَّا فِيهِ قَبْلَ هَذَا مِمَّا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حِينَ قَدِمُوا مَكَّةَ فَأَمَّا عُرْوَةُ فَرَوَى عَنْهَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا " 1277 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا " قَالَتْ: فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " انْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ " قَالَتْ: فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ: " هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ " الحديث: 1276 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 قَالَ: فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا أَخِيرًا بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى بِحَجِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّاسَ قَدْ كَانُوا ابْتَدَأُوا الْإِحْرَامَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَضَافَ بَعْضُهُمْ إِلَيْهَا حَجَّةً، وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَمْ يَحِلُّوا مِنْ حَجِّهِمْ، وَلَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ فَسَخَ الْحَجَّ وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا حَلُّوا ثُمَّ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ، إِنَّمَا كَانُوا حَلُّوا مِنْ عُمْرَةٍ، ثُمَّ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِهِ، وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ خِلَافَ هَذَا الْمَعْنَى وَذَلِكَ أَنَّ: 1278 - مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ، فَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُهِلُّ بِالْحَجِّ، لِأَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ " قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمِنَّا الْمُهِلُّ بِالْحَجِّ، وَمِنَّا الْمُهِلُّ بِالْعُمْرَةِ، فَلَبَّيْتُ بِعُمْرَةٍ قَالَتْ: فَأَزِفَنِي نَوْمٌ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَكَرَ حَرْفًا مَعْنَاهُ: " فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دَعِي عُمْرَتَكِ، وَانْفُضِي شَعْرَكِ، وَامْتَشِطِي، وَلَبِّي بِالْحَجِّ "، فَلَمَّا الحديث: 1278 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 كَانَتْ لَيْلَةُ الْبَطْحَاءِ طَهُرْتُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَلَبَّتْ بِالْعُمْرَةِ قَضَاءً لِعُمْرَتِهَا 1279 - وَأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ، وَأَبَا عَمْرٍو مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَانَا جَمِيعًا، قَالَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَنْ شَاءَ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ "، فَحِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْفُضَ رَأْسِي، وَأَمْتَشِطَ، وَأَدَعَ عُمْرَتِي " وَوَافَقَ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ عَلَى مَا رَوَاهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عِكْرِمَةُ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، فَرَوَيَا عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا 1280 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ 1281 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ وَفِي حَدِيثِ هِشَامٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَفِي حَدِيثَيْ عِكْرِمَةَ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ اللَّذَيْنِ وَصَفْنَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ خَيَّرَهُمْ فِي بَدْءِ إِحْرَامِهِمْ، بَيْنَ الْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ وَبَيْنَ الْإِهْلَالِ بِالْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ شَيْءٌ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ أَبُو الْأَسْوَدِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِأَلْفَاظٍ سِوَى الْأَلْفَاظِ الَّتِي رَوَاهُ عَلَيْهَا ابْنُ شِهَابٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ 1282 - فَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ الحديث: 1279 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، أَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِحْرَامُ بَعْضِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمْرَةٍ لَا حَجَّ مَعَهَا، وَإِحْرَامُ بَعْضِهِمْ بِالْحَجِّ لَا عُمْرَةَ مَعَهُ، وَإِحْرَامُ بَعْضِهِمْ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَفِيهِ نَفْيُ فَسْخِ الْحَجِّ الَّذِي رُوِيَ فِي غَيْرِهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ غَيْرِهَا مِمَّنْ قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا عَلِمُوا بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ قُدُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، لَمَّا قَدِمَهَا لَهُ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانُوا يَعُدُّونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا عَرَفُوا الِاعْتِمَارَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قُدُومِهِ مَكَّةَ عَلَى مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِيمَا تَقَّدَمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَلَمَّا كُنَّا قَدْ رُوِّينَا فَسْخَ الْحَجِّ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَالْقَاسِمِ، وَعَمْرَةَ، كَانَ أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ثَلَاثَةً أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ قَدْ تَابَعَهُمْ عَلَى مَا رَوَوْا مِنْ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ، ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ، وَأَسْمَاءُ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَّدَمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ، وَمِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ فِيهِ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللهُ، أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، مَعَ دَلَالَةٍ فِيهِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ الْأَمْرَ كَانَ عِنْدَهُمَا فِي ذَلِكَ كَذَلِكَ أَيْضًا، فَكَانُوا هَؤُلَاءِ بِالْحِفْظِ أَوْلَى مِمَّا رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، وَخَالَفَهُ فِيهِ عَنْهَا الْأَسْوَدُ، وَالْقَاسِمُ، وَعَمْرَةُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 قَبْلَ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ، مَا 1283 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ فِي خَبَرِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، وَلَمْ يَزِدْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا، وَلَزِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ قَالَ جَابِرٌ: وَلَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا آخِرَ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ: " إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً " فَحَلَّ النَّاسُ، وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ قَالَ: فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ فِي الْأُخْرَى، فَقَالَ: " دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ هَكَذَا فِي الْحَجِّ " مَرَّتَيْنِ، فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَأَنْ يُقَصِّرُوا إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَقَالَ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ: " إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً "، أَيْ لِأَنِّي فِي حُرْمَةِ حَجَّةٍ، وَأَنَّهُ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: " فَمَنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ، وَلْيَجْعَلَهَا عُمْرَةً "، أَيْ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ عُمْرَةٍ فَهَذِهِ أَلْفَاظُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَتْ لَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ دَخَلَ فِيهِ مِنَ الْإِحْرَامِ، وَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ دَخَلُوا فِيهِ مِنْهُ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي حَجٍّ، لَا فِي عُمْرَةٍ، وَأَنَّهُمْ فَسَخُوا ذَلِكَ الْحَجَّ بِأَمْرِهِ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى صَيَّرُوهُ عُمْرَةً، فَصَارُوا فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ، لَا فِي حُرْمَةِ حَجَّةٍ، وَصَارَ مَنْ سَاقَ مِنْهُمُ الْهَدْيَ لِإِحْرَامِهِ فِي حُكْمِ مَنْ أَرَادَ التَّمَتُّعَ، وَسَاقَ الْهَدْيَ لَهُ، فَلَا يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ إِلَّا مَعَ إِحْلَالِهِ مِنْ حَجَّتِهِ الحديث: 1283 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 وَفِيهِ أَيْضًا سُؤَالُ سُرَاقَةِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ وَجَوَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ عَنْهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ الْعُمْرَةَ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهَا قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَوْ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا إِذًا لَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُرَاقَةَ: الْعُمْرَةُ الْآنَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ فَفِي تَرْكِهِ ذَلِكَ، وَإِجَابَتِهِ إِيَّاهُ بِالْجَوَابِ الَّذِي ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ حَدَثَ مِنْهُ فِي الْعُمْرَةِ حِينَئِذٍ حُكْمٌ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ مِنْهُ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرٍ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ جَابِرٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ زَادَ عَلَيْهِ فِيهِ مَعْنًى 1284 - وَذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيَّ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ الْجَزَرِيُّ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " لَمَّا قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، سَأَلَ النَّاسَ: " بِمَاذَا أَحْرَمْتُمْ؟ " فَقَالَ أُنَاسٌ: أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ وَقَالَ آخَرُونَ: قَدِمْنَا مُتَمَتِّعِينَ وَقَالَ آخَرُونَ: أَهْلَلْنَا بِإِهْلَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ كَانَ قَدِمَ وَلَمْ يَسُقْ هَدْيًا فَلْيَحْلِلْ، فَإِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ حَتَّى أَكُونَ حَلَالَا " فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ: " يَا رَسُولَ اللهِ، عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ سُؤَالُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ عَنْ إِحْرَامِهِمْ، مَا هُوَ؟ وَإِخْبَارُ بَعْضِهِمْ إِيَّاهُ أَنَّهُ بِالْحَجِّ خَاصَّةً، وَإِخْبَارُ بَعْضِهِمْ إِيَّاهُ أَنَّهُ بِالتَّمَتُّعِ، وَإِخْبَارُ بَعْضِهِمْ إِيَّاهُ أَنَّهُ بِمَا أَهَلَّ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ، وَأَمْرُهُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ بِالْإِحْلَالِ فَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي حَدِيثَ عُرْوَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ، عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى كَانَ فِي ذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ، وَكَمَا رُوِيَ عَنْ غَيْرِ عَائِشَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ ثَبَتَ بِحَمْلِهِ مَا الحديث: 1284 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللِّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ، أَنَّهُمْ كَانُوا طَافُوا لِحَجَّتِهِمْ قَبْلَ عَرَفَةَ، وَقَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِالْإِحْلَالِ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ الطَّوَافَ لَهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَمَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ وَفِي جُمْلَتِهَا إِبَاحَةُ فَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، غَيْرَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْهَا عَنْ أَنَسٍ مِنْ إِحْرَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِمَّا خَالَفَتْهُ فِيهِ مَنْ قَدْ ذَكَرْنَا خِلَافَهُ إِيَّاهُ فِيهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ فَالْأَشْبَهُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ بِالْحَقِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّ يَكُونَ إِحْرَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالْحَجِّ خَاصَّةً كَمَا قَالَ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ، لَا بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ وَهُمْ فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ أُخْرَى، لِأَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ بِذَلِكَ إِلَى أَنْ يَصِيرُوا فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ، وَمُحَالٌ عِنْدَنَا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَخْصُوصًا بِهِ، وَمِمَّا لَمْ يُنْسَخْ بَعْدَ فِعْلِهِ إِيَّاهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ 1285 - وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجْنَا نَصْرُخُ بِالْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً، وَقَالَ: " لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، وَلَكِنْ سُقْتُ الْهَدْيَ، وَقَرَنْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي بَدْءِ إِحْرَامِهِ، وَإِحْرَامِ أَصْحَابِهِ بِالْحَجِّ خَاصَّةً دُونَ الْعُمْرَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حُرْمَةِ الْحَجَّةِ فَيَعُودُ إِلَى عُمْرَتَيْنِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ قَارِنًا، وَقَدْ سَاقَ الْهَدْيَ لِقِرَانِهِ، وَإِنَّمَا حَلَّ الحديث: 1285 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 أَصْحَابُهُ الَّذِينَ كَانُوا أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ خَاصَّةً وَلَمْ يَخْلِطُوهُ بِعُمْرَةٍ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ حَتَّى أَكُونَ حَلَالًا " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا سِيَاقُهُ الْهَدْيَ لَحَلَّ مِنَ الْحَجَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا إِلَى عُمْرَةٍ، وَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ وَهُوَ فِي عُمْرَةٍ أُخْرَى سِوَى تِلْكَ الْعُمْرَةِ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ عُمْرَتَيْنِ، غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَجِدْ هَذَا الْحَرْفَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَقَرَنْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ "، إِلَّا فِي حَدِيثِ أَبِي أَسْمَاءَ هَذَا، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الْمُخْتَلِفِينَ فِي إِحْرَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا كَانَ؟ فَكَانَ مِنْهُمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1286 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَمَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، وَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ لِي: " بِمَا أَهْلَلْتَ؟ " فَقُلْتُ: أَهْلَلْتُ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَحِلَّ " فَفَعَلْتُ، فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ، فَفَلَّتْ رَأْسِي، فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ ذَلِكَ حَتَّى كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، رُوَيْدًا بَعْضَ فُتْيَاكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ فَقُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ فِيهِ فَائْتَمُّوا فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ أَتَيْتُهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي عُمَرُ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ كِتَابَ اللهِ يَأْمُرُ بِالتَّمَامِ، وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ الحديث: 1286 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا مُوسَى أَهَلَّ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَارَ بِذَلِكَ الْإِهْلَالِ كَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِحْلَالِ، إِذْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، وَثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِحْرَامِهِ لِلْهَدْيِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ أَبَا مُوسَى لَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْ قَالَ لَهُ عُمَرُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَ لَهُ فِيهِ، وَأَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي ذَلِكَ قَبْلَ قَوْلِ عُمَرَ لَهُ مَا قَالَ لَهُ فِيهِ، كَمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ خَالَفَ أَبَا مُوَسَى فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَحَاجَّهُ فِيهِ بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْأَمْرِ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَثُبُوتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ حَقِيقَةُ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ، وَمَنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَفَ عَلَيْهِ، كَانَ أَوْلَى مِمَّنْ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا قَدْ رُوِّيتَ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ فَسْخَ الْحَجِّ، فَلِمَ لَا تَقُولُ بِهِ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ؟ قِيلَ لَهُ: لِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ الْفَسْخَ كَانَ لِلرَّكْبِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ خَاصَّةً، لَا لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ 1287 - وَذَلِكَ أَنَّ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنَ أَبِي دَاوُدَ، جَمِيعًا قَدْ حَدَّثَانَا، قَالا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يُحَدِّثُ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الحديث: 1287 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ فَسْخَ حَجِّنَا، أَلَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ فَقَالَ: بَلْ لَكُمْ خَاصَّةً " 1288 - وَأَنَّ فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْمُرَقَّعِ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ مَا أَمَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلْنَا مَكَّةَ أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً، وَنَحِلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِنَّ تِلْكَ كَانَتْ لَنَا خَاصَّةً رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ النَّاسِ " 1289 - وَأَنَّ فَهْدًا، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُرَقَّعُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: " لَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةٍ، ثُمَّ يَفْسَخَهَا بِعُمْرَةٍ إِلَّا الرَّكْبُ الَّذِي كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " 1290 - وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُرَقَّعُ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: " مَا كَانَ لِأَحَدٍ بَعْدَنَا أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ يَفْسَخَهُ بِعُمْرَةٍ " 1291 - وَأَنَّ أَبَا بِشْرٍ الرَّقِّيَّ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: " إِنَّمَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ لَنَا الحديث: 1288 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 خَاصَّةً أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُتْعَةُ الْحَجِّ "، يَعْنِي الْفَسْخَ 1292 - وَأَنَّ فَهْدًا، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَقُلْ: يَعْنِي: الْفَسْخَ 1293 - وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ رَخَّصَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ، أَلَا وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ انْطُلِقَ بِهِ، فَأَحْصِنُوا فُرُوجَ هَذِهِ النِّسَاءِ، وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا أَمَرَكُمْ " 1294 - وَأَنَّ فَهْدًا، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: " قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ أَحْرَمْنَا بِالْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا كَانَ يُرَخِّصُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا شَاءَ، فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ " الحديث: 1292 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 فَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا مِثْلُ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عَنْ عُمَرَ مِنْ أَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَهُ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَهِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِمَّا أَرْخَصَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَتَهَيَّأُ لِعُمَرَ أَنْ يَقُولَهُ إِلَّا وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ تَوْقِيفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَلَا الِاسْتِنْبَاطِ، وَلَا الِاسْتِخْرَاجِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ فِي هَذَا مَا 1295 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " سُئِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَقَالَ: كَانَتْ لَنَا، وَلَيْسَتْ لَكُمْ "، 1296 - وَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، وَصَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ، عَنْ مُعَاوِيَةِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ عُثْمَانُ أَوْ سَأَلْتُهُ فَالْكَلَامُ فِي هَذَا مِثْلُ الْكَلَامِ فِي الَّذِي رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ قَبْلَهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَابِرٍ وُقُوفَهُ عَلَى أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَسْخِ الْحَجِّ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ: 1297 - قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " مُتْعَتَانِ فَعَلْنَاهُمَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْهُمَا عُمَرُ، فَلَنْ نَعُودَ إِلَيْهِمَا " وَلَا يَجُوزُ، عِنْدَنَا، عَلَى جَابِرٍ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ شَيْئًا قَدْ عَلِمَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِنَسْخِهِ، أَوْ بِثُبُوتِ الْخُصُوصِيَّةِ فِيهِ لِمَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِلَالٍ، وَهُوَ رَجُلٌ قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي فَسْخِ الْحَجِّ أَيْضًا كَنَحْوِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فِيهِ 1298 - وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ، الحديث: 1295 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 1298 - حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِلَالٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَا كَانَ لِأَحَدٍ بَعْدَنَا أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَفْسَخَهُ بِعُمْرَةٍ " 1299 - وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُزَيْنَةَ، عَنْ بَعْضِ أَجْدَادِهِ أَوْ أَعْمَامِهِ، أَنَّهُ قَالَ: " مَا كَانَ لِأَحَدٍ بَعْدَنَا أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَفْسَخَهُ بِعُمْرَةٍ " وَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ عَلَى أَحَدٍ، لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُحْبَةٌ، أَنْ يَقُولَهُ رَأْيًا، إِذْ كَانَ ذَلِكَ لَا يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ، وَلَمْ يَقُلْهُ، عِنْدَنَا، مَنْ قَالَهُ مِنْهُمْ إِلَّا بَعْدَ التَّوْقِيفِ الَّذِي قَدْ وَجَّبَ عَلَيْهِمْ تَرْكَ مَا كَانُوا فَعَلُوهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّمَسُّكَ بِمَا قَدْ وَقَفُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا وَجَدْنَا فِي فَسْخِ الْحَجِّ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَفْعَلُوهُ التَّوْقِيفَ مِنْهُ إِيَّاهُمْ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ بِذَلِكَ، وَعَلى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْهُ، عَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ جَمِيعًا بَعْدَ فَسْخِهِمْ حَجِّهِمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَمْنُوعُونَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْحَجِّ إِلَّا بِإِتْمَامِهِ، إِلَّا أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَيَكُونُ لَهُمْ مَا قَدْ جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ أُحْصِرَ بِالْحَجِّ مِمَّا سَنَأْتِي بِهِ بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَفِيمَا رُوِّينَا وَصَحَّحْنَا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، مَا قَدْ جَمَعَ النَّاسُ فِيهَا الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ خَالِصًا، وَالْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ، وَإِضَافَةَ الْحَجِّ إِلَيْهَا، حَتَّى يَكُونَ الَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ قَارِنًا كَمَا فَعَلَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ مِنْ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ الَّتِي عَادَ حَجُّهُمْ إِلَيْهَا، وَالتَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، بِرُجُوعِ حَجِّهِمْ إِلَى عُمْرَةٍ، وَإِحْرَامِهِمْ بِالْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَعْدَ طَوَافِهِمْ قَبْلَ تِلْكَ الْعُمْرَةِ، حَتَّى صَارُوا بِمَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ مُتَمَتِّعِينَ، وَأَنَّ مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَسَاقَ الْهَدْيَ لِإِحْرَامِهِ لَمْ يَحِلَّ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ، كَمَا لَمْ يَحِلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحديث: 1298 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 حَجَّتِهِ الَّتِي قَدْ عَادَتْ إِلَى عُمْرَةٍ لِسِيَاقِهِ الْهَدْيَ حَتَّى حَلَّ مِنَ الْعُمْرَةِ مَعَ حِلِّهِ مِنَ الْحَجَّةِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَهَا 1300 - وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قَالَ: " إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ " فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَوْلَا سِيَاقَتُهُ الْهَدْيَ لَكَانَ قَدْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ الَّتِي عَادَ إِحْرَامُهُ إِلَيْهَا، كَمَا حَلَّ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ عَادَ حَجُّهُمْ إِلَى عُمْرَةٍ مِمَّنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، وَدَلَّ قَبُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَفْصَةَ قَوْلَهَا: وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ " وَتَرْكُهُ التَّكْثِيرَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهَا، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ إِحْلَالِهِ إِلَّا فِي مِثْلِ مَا كَانَ أَصْحَابُهُ مِنَ الْحَجَّةِ الَّتِي كَانُوا أَحْرَمُوا بِهَا إِلَّا مِنْ عُمْرَةٍ مَعَهَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} الْآيَةِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} وَهَذَا مِمَّا قَدِ اخْتُلِفَ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَرَأَ قَوْمٌ كَمَا تَلَوْنَا وَقَرَأَهُ قَوْمٌ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَمَنْ قَرَأَهُ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، عَائِشَةُ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْهَا بِأَسَانِيدِهِ فِي الحديث: 1300 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَمِمَّنْ قَرَأَهُ: " فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا "، ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا 1301 - يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ هَذَا أَيْضًا كَمَا: 1302 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عِنْدَ أَنَسٍ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، قَالَ أَنَسٌ: " أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا " وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُ هَذَا مِمَّا تُوَافِقُ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ مَعْنَى هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ جَمِيعًا إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ ، لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَصِلُ بِ: لَا، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} ، وَكَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} ، فِي مَعْنَى: أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، وَأُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَأُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَكَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَا 1303 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ الحديث: 1301 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 السِّنِّ: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، فَمَا نَرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: " كَلَا، لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ كَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا أُنْزِلَ فِي الْأَنْصَارِ، كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} " 1304 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ مَنَاةَ كَانَتْ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَحَوْلَهَا الْفُرُوثُ وَالدِّمَاءُ، يَذْبَحُ لَهَا الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا إِذَا أَحْرَمْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَحِلَّ لَنَا فِي دِينِنَا أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} " قَالَ عُرْوَةُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أُبَالِي أَلَّا أَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ: " لِمَ يَا بْنَ أُخْتِي؟ " قَالَ: لِأَنِّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فَقَالَتْ عَائِشَةُ: " لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا " قَالَتْ عَائِشَةُ: " وَلَعَمْرِي مَا تَمَّتْ حَجَّةُ أَحَدٍ، وَلَا عُمْرَتُهُ، لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ " فَزَادَ حَدِيثُ حَمَّادٍ هَذَا عَنْ هِشَامٍ، عَلَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ، قَوْلَ عَائِشَةَ: " مَا تَمَّتْ حَجَّةُ أَحَدٍ، وَلَا عُمْرَتُهُ، لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ " الحديث: 1304 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ مَأْخُوذًا مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ فَقَوْلُ عَائِشَةَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُقُوفِهَا عَلَى وُجُوبِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَأَمَّا قَوْلُهَا لِعُرْوَةَ: " لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ: " فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا "، فَذَلِكَ عِنْدَنَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ لَوْ كَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الصِّلَةِ الَّتِي يَرْجِعُ بِهَا الْمَعْنَى إِلَى قَوْلِهِ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ بِزِيَادَةِ مَعْنًى عَلَى هِشَامٍ، وَبِمَعْنًى ذَكَرَهُ فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ كَمَا 1305 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ، قَالَ عُرْوَةُ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: وَاللهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَلَّا يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَتْ: " بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا بْنَ أُخْتِي، إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ، كَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، وَإِنَّهَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِي أَنَّ الْأَنْصَارَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا كَانُوا يُهِلُّونَ هَمْ وَغَسَّانُ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ عِنْدَ الْمُشَلَّلِ، وَكَانَ مَنْ أَهَلَّ لَهَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَتَطَوَّفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} " قَالَتْ عَائِشَةُ: " ثُمَّ قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالَّذِي حَدَّثَنِي عُرْوَةُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ هَذَا لَعِلْمًا مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الحديث: 1305 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّاسَ، إِلَّا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ، كَانُوا يَطُوفُونَ كُلُّهُمْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الطَّوَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالُوا: هَلْ عَلَيْنَا يَا رَسُولَ اللهِ حَرَجٌ فِي أَنْ نَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَسْمَعُ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالَّذِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مَعَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ حِينَ ذَكَرَهُ 1306 - وَكَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ غَسَّانَ فِي حَدِيثِهِ أَصْلًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا قَدْ سَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ مَا فِي كِتَابِ اللهِ مِنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى إِبَاحَةِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا مِنْ أَجْلِهِ، لَا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَصَارَ الطَّوَافُ بَيْنَهُمَا مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ عَنْهَا مَعَ مَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَ اللهِ فِيهِمَا أَنْ جَعَلَهُمَا مِنْ شَعَائِرِهِ، وَالشَّعَائِرُ هِيَ الْعَلَامَاتُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَامَاتٍ لِمَا دَعَا إِلَيْهِ، وَالْوَاحِدَةُ الحديث: 1306 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 مِنْهَا شَعِيرَةٌ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ، وَالشَّعَائِرُ الْعَلَامَاتُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَنْ يَأْخُذُوا عَنْهُ مَنَاسِكَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: " لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا "، وَطَافَ بَيْنَهُمَا 1307 - كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا انْتَهَى فِي حَجَّتِهِ، وَفِي طَوَافِهِ لَهَا إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ: " نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ "، يُرِيدُ قَوْلَهُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} فَصَارَتَا بِذَلِكَ كَسَائِرِ شَعَائِرِ اللهِ فِي الْحَجِّ، وَكَانَ تَارِكُهُمَا فِي حُكْمِ تَارِكِ مَا سِوَاهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِمَا، خَلَا مَا خُصَّتْ بِهِ عَرَفَةُ، إِذْ كَانَ قَدْ جَعَلَ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا مِمَّنْ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْحَجِّ إِلَى غَيْرِهِ، وَخَلَا مَا خُصَّ بِهِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ فِيمَا وُكِّدَ مِنْ أَمْرِهِ، وَفِيمَا جُعِلَ عَلَى تَارِكِهِ مِنَ اللُّبْثِ فِي إِحْرَامِهِ حَتَّى يَطُوفَهُ، فَهَذَا حَمَلَهُ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي قَدْ رُوِيَ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا أَنَسٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1308 - قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَالَ: " كَانَتَا مِنْ مَشَاعِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {شَاكِرٌ عَلِيمٌ} "، 1309 - الحديث: 1307 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 1309 - وَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1310 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا عَنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَزَادَ قَالَ أَنَسٌ: " وَهُمَا تَطَوُّعٌ " 1311 - وَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَارِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ وَهُوَ أَبُو زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، كَأَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الطَّوَافَ بِهِمَا؟ قَالَ: " أَجَلْ، كَانَتَا مِنْ مَشَاعِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُنَّا نَتَّقِيهُمَا حَتَّى ذَكَرَهُمَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ " قَالَ: " وَالطَّوَافُ بَيْنَهُمَا تَطَوُّعٌ، {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} " 1312 - وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: " أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى نَزَلَتْ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَتَا مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُنَّا نَكْرَهُ الطَّوَافَ بِهِمَا حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ " فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الطَّوَافَ بِهِمَا، لِأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ مَا سِوَاهُمَا مِنَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَالْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ، وَذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ صَارَ مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ فِي الْإِسْلَامِ، فَكَانَ كَذَلِكَ الطَّوَافُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، بَعْدَ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمَا فِي كِتَابِهِ صَارَ مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ فِي الْإِسْلَامِ وَأَمَّا قَوْلُ أَنَسٍ: " وَهُمَا تَطَوُّعٌ "، فَإِنَّ الحديث: 1309 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 ذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا هُوَ، عِنْدَنَا، مِنْ قَوْلِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ، وَعَلى ظَاهِرِ نَفْيِ الْجُنَاحِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى نَفْيِ الْحَرَجِ عَنْهُمَا فِي الْمُرَاجَعَةِ، فَحُمِلَ مَعْنَى: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا فَكَانَ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وُقُوفِهَا عَلَى، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَعَلَهُ مِنْ سُنَنِهِ، كَمَا لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ عَمَّا قَدْ جَعَلَهُ مِنْ سُنَنِهِ فِي الْحَجِّ سِوَى ذَلِكَ كَطَوَافِ الصَّدَرِ، وَكَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَكَالصَّلَاةِ عَلَى إِثْرِ الطَّوَافِ، وَكَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ سُنَنِهِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الَّتِي لَا يُرَخَّصُ لِلْحَاجِّينَ وَلَا الْمُعْتَمِرِينَ فِي تَرْكِهِمَا فِي حَجِّهِمْ، وَلَا فِي عُمَرِهِمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ بِعَقِبِ قَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، تِبَاعًا سُنَّةً لِذَلِكَ: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ بِهِمَا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنَ التَّطَوُّعِ الَّذِي قَدْ أَمَرَ بِهِ فِيهِمَا قِيلَ لَهُ: لَيْسَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتَ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا وَصَفْتَ لَكَانَ الطَّوَافُ بَيْنَهُمَا قُرْبَةً، وَكَانَ لِلنَّاسِ أَنْ يَطَّوَّعُوا بِالطَّوَافِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا حَاجِّينَ، وَلَا مُعْتَمِرِينَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْحَجِّ، وَفِي غَيْرِ الْعُمْرَةِ، لَيْسَ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعِبَادُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا مِمَّا يَتَطَوَّعُونَ لَهُ بِهِ، وَأَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ لَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا قُرْبَةَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَجٍّ أَوْ فِي عُمْرَةٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَكِنَّهُ رَجَعَ عَلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ} ، أَيْ مَنْ تَطَوَّعَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، {فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 1313 - وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَالَ: صَدَقُوا " فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يُخْبِرُ أَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، يَعْنِي: فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنَ السُّنَّةِ، فَقَدْ وَافَقَ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ، لَا مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَنَسٍ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ يَذْهَبُونَ فِي الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا لِحَاجٍّ، وَلَا لِمُعْتَمِرٍ تَرْكُهُ، وَأَنَّ تَارِكًا إِنْ تَرَكَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ لِذَلِكَ دَمٌ، وَتَجْزِيهِ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ وَهَكَذَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ رَأْيِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ وَهَذَا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِنَّمَا يَكُونُ بِعَقِبِ أَوَّلِ طَوَافٍ يَطُوفُهُ الْحَاجُّ لِحَجِّهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الطَّوَافُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَهُوَ طَوَافٌ مَأْخُوذٌ مِنْ طَوَافِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَجَّتِهِ وَعِنْدَ قُدُومِهِ مَكَّةَ عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ، سَعَى بِعَقِبِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْحَاجُّ لَمْ يَطُفْ لِحَجَّتِهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ طَافَ لَهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِيمَا بَعْدَهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ، فَهُوَ طَوَافٌ وَاجِبٌ سَعَى بِعَقِبِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِي الْحَجِّ طَوَافٌ آخَرُ، وَهُوَ طَوَافُ الصَّدَرِ الَّذِي يَطُوفُهُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَصْدُرَ عَنْ مَكَّةَ إِلَى مَا سِوَاهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ حَجَّتِهِ الَّتِي كَانَ دَخَلَ مَكَّةَ لَهَا وَحِلِّهِ مِنْهَا، فَذَلِكَ طَوَافٌ وَكَّدَتْهُ السُّنَّةُ 1314 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَنْفِرُونَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله الحديث: 1313 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ " قَالَ أبَوُ جَعْفَرٍ: وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْهَبُونَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا يَعْذُرُونَ حَائِضًا وَلَا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فِي تَرْكِ الطَّوَافِ لِلصَّدَرِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ كَانَ عَنْهُ إِلَى مَا سِوَاهُ، مِمَّا حَدَّثَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الرُّخْصَةُ لِلْحُيَّضِ، فَتَرَكَ مَا كَانَ يَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَعَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحُيَّضِ، أَنَّهُنَّ فِي ذَلِكَ كَالنِّسْوَةِ الطَّاهِرَاتِ، وَأَنَّهُنَّ يَجْعَلْنَ آخِرَ عَهْدِهِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ كَمَا 1315 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّجَّاجِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ امْرَأَةٍ حَاضَتْ، قَالَ: تَجْعَلُ آخِرَ عَهْدِهَا الطَّوَافَ " قَالَ: " هَكَذَا حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلْتُهُ " قَالَ: فَقَالَ لِي عُمَرُ: " أَرِبْتَ عَنْ يَدَيْكَ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ سَأَلْتَ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْمَا أُخَالِفَهُ "، 1316 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحديث: 1315 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 أَوْسٍ 1317 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَطُوفُ ثُمَّ تَحِيضُ وَكَانَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا حَاضَتْ بَعْدَ طَوَافِهَا بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا فِي حَجِّهَا، وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ، كَانَ لَهَا أَنْ تَنْفِرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَ الصَّدَرِ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا مَكَانَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ 1318 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ خُفِّفَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ابْنَ طَاوُسٍ قَدْ حَفِظَ عَنْ طَاوُسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ عَنْهُ سُلَيْمَانُ، فَهُوَ أَوْلَى 1319 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي رُزَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ اخْتَلَفَا فِي الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَمَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ زَيْدٌ يَكُونُ آخِرَ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَنْفِرُ إِذَا شَاءَتْ فَقَالَ الْأَنْصَارُ لَا نُبَايِعُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَنْتَ تُخَالِفُ زَيْدًا فَقَالَ: سَلُوا صَاحِبَتَكُمْ أَمَّ سُلَيْمٍ فَسَأَلُوهَا، فَقَالَتْ: " حِضْتُ بَعْدَ مَا طُفْتُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْفِرَ، وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: الْخَيْبَةُ لَكِ، حَبَسْتِ أَهْلَنَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْفِرَ " 1320 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ الحديث: 1317 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنْتَ الَّذِي تُفْتِي الْحَائِضَ أَنْ تَصْدُرَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ فَقَالَ: سَلْ فُلَانَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ، هَلْ أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَصْدُرَ؟ فَسَأَلَ الْمَرْأَةَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ صَدَقْتَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَسُؤَالُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّةَ، وَرُجُوعُهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَصْدِيقُهُ إِيَّاهُ فِيمَا كَانَ خَالَفَهُ فِيهِ وَحَاجَّهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، إِلَى الَّذِي كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ خَالَفَهُ فِيهِ 1321 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَسُلَيْمَانَ خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ قَرِيبًا مِنْ سِنِينَ يَنْهَى أَنْ تَنْفِرَ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ " ثُمَّ قَالَ: " ثَبَتَ أَنَّهُ قَدْ رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ " 1322 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يُسْأَلُ عَنْ حَبْسِ النِّسَاءِ عَنِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ إِذَا حِضْنَ قَبْلَ النَّفْرِ، وَقَدْ أَفَضْنَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: " إِنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُخْصَةً لِلنِّسَاءِ " وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بِعَامٍ 1323 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ لِلْحَائِضِ إِذَا أَفَاضَتْ أَنْ تَنْفِرَ " قَالَ طَاوُسٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: لَا تَنْفِرُ ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدُ يَقُولُ: " تَنْفِرُ، رَخَّصَ لَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الحديث: 1321 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 1324 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَيْرٍ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْفِرَ رَأَى صَفِيَّةَ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً حَزِينَةً وَقَدْ حَاضَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: " فَانْفِرِي إِذَنْ "، 1325 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ 1326 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ صَفِيَّةَ ابْنَةَ حَيِيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاضَتْ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ " فَقُلْتُ: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ قَالَ: " فَلَا إِذَنْ "، 1327 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِخْرَاجُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُيَّضَ مِمَّنْ أَمَرَهْ أَلَّا يَنْفِرَ مِنَ الْحَجِّ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طَوَافَ الصَّدَرِ لَيْسَ فِي الْوُجُوبِ كَطَوَافِ يَوْمِ النَّحْرِ، لِأَنَّ الْحَائِضَ لَا يُرَخَّصُ لَهَا فِي تَرْكِ طَوَافِ يَوْمِ الحديث: 1324 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 النَّحْرِ، كَمَا رُخِّصَ لَهَا فِي تَرْكِ طَوَافِ الصَّدَرِ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ فِي طَوَافِ الصَّدَرِ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْحَاجِّ كَطَوَافِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَأَنَّ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ هُوَ الْوَاجِبُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْحَاجِّ، وَأَنَّهُ إِنْ تَرَكَهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فِي حُرْمَةٍ مِنَ الْحَجِّ، بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَأَنَّهُ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ الْبَيْتَ فَيَطُوفُ بِهِ ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ هَلْ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ دَمٌ لِتَأْخِيرِهِ الطَّوَافَ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ أَمْ لَا؟ فَيَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ دَمٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَيَقُولُ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَا دَمَ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي تَارِكِ طَوَافِ الصَّدَرِ مِنَ الرِّجَالِ وَمِنَ النِّسَاءِ غَيْرِ الْحُيَّضِ مِنْهُنَّ: إِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ حَتَّى يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، وَإِنَّهُ يُجْزِئُهُمُ الدِّمَاءُ مِنْ ذَلِكَ يَبْعَثُونَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى يُذْبَحَ عَنْهُمْ فِيهَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَكَانَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا دَمَ فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ رَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، أَنْ يَرْمُلُوا فِي طَوَافِهِمْ عِنْدَ قُدُومِهِمْ مَكَّةَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ الْأُوَلِ مِنَ الطَّوَافِ الْأَوَّلِ وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1328 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " طَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَبْعًا، رَمَلَ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا "، 1329 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، الحديث: 1328 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا وَكَّدَهُ فِعْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُرَخِّصُوا لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهِ إِلَّا النِّسَاءِ، فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا رَمَلَ عَلَيْهِمْ، وَغَيْرَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ 1330 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَمَلَ بِالْبَيْتِ، وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ؟ قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا قُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا؟ قَالَ: صَدَقُوا، قَدْ رَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ وَكَذَبُوا، لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِنَّ قُرَيْشًا قَالَتْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ: دَعُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ حَتَّى يَمُوتُوا مَوْتَ النَّغَفِ فَلَمَّا صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَجِيءَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَيَمْكثوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِمَكَّةَ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " ارْمُلُوا ثَلَاثًا، وَلَيْسَتْ بِسُنَّةٍ " 1331 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نَضِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُطْرُبُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ بِالْبَيْتِ، وَأَنَّهَا سُنَّةٌ؟ قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا، قَدْ رَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ، وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ، وَلَكِنْ قَدِمَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى قُعَيْقِعَانَ، وَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ هَزْلًا فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: " ارْمُلُوا، أَرُوهُمْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً " الحديث: 1330 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، فَإِذَا تَوَارَى عَنْهُمْ مَشَى وَلَمَّا رَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ مِنْ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ فِي حَجَّتِهِ لَا بِحَضْرَةِ عَدُوٍّ، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ رَمَلَهُ الَّذِي كَانَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ الْأُوَلِ مِنَ الطَّوَافِ لِعُمْرَتِهِ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلْعَدُوِّ، وَإِنَّمَا كَأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ ذَلِكَ الطَّوَافِ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، سِوَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ، يَقُولُونَ فِي هَذَا وَهَذَا الرَّمَلُ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الرِّجَالِ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ فِي أَوَّلِ طَوَافٍ يَطُوفُهُ الْحَاجُّ فِي حَجَّتِهِ، وَيَطُوفُهُ الْمُعْتَمِرُ لِعُمْرَتِهِ وَيَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مِنَ الرِّجَالِ وَمِنَ النِّسَاءِ أَنْ يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَيَسْتَلِمُهُ إِنْ قَدِرَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ يَسْتَقْبِلُهُ، وَيُكَبِّرُ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ كَمَا يَفْعَلُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَمْضِي فِي طَوَافِهِ، ثُمَّ لَا يَمُرُّ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طَوَافِهِ إِلَّا اسْتَلَمَهُ إِنْ قَدِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَقْبَلَهُ، وَكَبَّرَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرِهِ ذَلِكَ فَمِمَّا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْمُلُ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ "، غَيْرَ أَنَّهُ إِنَّمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ابْتِدَاءُ الرَّمَلِ خَاصَّةً، لَا ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الرَّمَلِ مِنْ هُنَاكَ، وَقَدْ كَانَ ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ مِنْ غَيْرِهِ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدنَا: 1332 - عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ " 1333 - وَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا، وَيَمْشِي أَرْبَعًا عَلَى هَيْئَتِهِ الحديث: 1332 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ " فَكَانَ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ ابْتِدَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ وَانْتِهَاءَهُ فِي كُلِّ شَوْطٍ إِلَى حَيْثُ ابْتَدَأَهُ، وَلَيْسَ كَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي قَالَ فِيهِ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ حَيْثُ يَرَاهُ الْعَدُوُّ، فَإِذَا تَوَارَى عَنْهُمْ مَشَى " هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ بِالرَّمَلِ مِنْ حَيْثُ رَمَلَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ بِالْمَشْيِ مِنْ حَيْثُ مَشَى وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فِي هَذَا مَا يُدُلُّ عَلَى مَا رُوِيَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا 1334 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ سَبْعًا، رَمَلَ فِي ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ " فَهَذَا يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ أَنْ يَبْتَدِئَ الطَّوَافَ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلطَّائِفِينَ بِهِ أَنْ يَكُونَ طَوَافُهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ، وَأَلا يَحْتَسِبُوا فِيهِ بِطَوَافٍ إِنْ كَانُوا طَافُوهُ فِي الْحَجَرِ، لِأَنَّ الْحَجَرَ مِنَ الْبَيْتِ، وَإِنَّمَا عَلَى النَّاسِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، لَا الطَّوَافُ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آثَارٌ فِي الْحَجَرِ أَنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ، أَوْ أَنَّ بَعْضَهُ مِنَ الْبَيْتِ فَمِنْهَا مَا 1335 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الحديث: 1334 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَجَرِ، فَقَالَ: هُوَ مِنَ الْبَيْتِ قُلْتُ: فَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوهُ فِيهِ؟ قَالَ: عَجَزَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ " 1336 - وَمِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: " لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةُ، وَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابًا شَرْقِيًّا، وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَلَزِدْتُ سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحَجَرِ فِي الْبَيْتِ أَنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْهُ لَمَّا بَنَتِ الْبَيْتَ " 1337 - وَمِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بُكَيْرُ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، قَالَ: قَاتَلَ اللهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَيْثُ يَكْذِبُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، يَقُولُ: سَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا حَدَثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ حَتَّى أُزِيدَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ " فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: لَا تَقُلْ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنَا سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَقُولُ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ سَمِعْتُ هَذَا مِنْكَ قَبْلَ أَنْ أَهْدِمَهُ فَتَرَكْتُهُ 1338 - وَمِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ قَتَادَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَهَا أَنْ تُصَلِّي فِي الْبَيْتِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تُصَلِّي فِي الْحِجْرِ، قَالَتْ: إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ أُصَلِّي فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: " إِنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ، وَلَوْ مَا الحديث: 1336 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِشِرْكٍ أَلْحَقْتُهُ بِالْبَيْتِ " قَالَ أَحْمَدُ: وَكَانَ مَا فِيهِ الزِّيَادَةُ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْهَا مِمَّا يُثْبِتُ أَنَّ كُلَّ الْحِجْرِ مِنَ الْبَيْتِ أَوْلَى مِمَّا يَقْصُرُ عَنْ ذَلِكَ مِنْهَا فَدَلَّ مَا صَحَّحْنَا مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّ الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ وَلَمَّا كَانَ الطَّوَافُ مِنْ وَرَاءِ بَقِيَّةِ الْبَيْتِ، كَانَ كَذَلِكَ يَكُونُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ الَّذِي قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ يَقُولُونَهُ فيِ هَذَا، وَلَا بَأْسَ بِاسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فِي الطَّوَافِ، وَلَا يَصْلُحُ اسْتِلَامُ غَيْرِهِ وَغَيْرِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ مِنْ سَائِرِ أَرْكَانِ الْبَيْتِ، مَعَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا، مِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ كَمَا 1339 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " كُنَّا نَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا " وَمِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ كَمَا 1340 - قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ الرَّؤاسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ الْجَزَرِيُّ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ مُعَاوِيَةَ طَافَ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَجَعَلَ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِمَ تَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُهُمَا؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَيْسَ مِنَ الْبَيْتِ شَيْءٌ الحديث: 1339 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 مَهْجُورُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قَالَ: صَدَقْتَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ مُعَاوِيَةِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، إِلَى الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَرْكِهِ اسْتِلَامِ أَرْكَانِ الْبَيْتِ سِوَى الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْلِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ 1342 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ وَالَّذِي مِنْ نَحْوِ دَارِ الْجُمَحِيِّينَ "، 1343 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1344 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: رَأَيْتُكَ لَا تَمَسَّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ؟ فَقَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِلَامَ لِمَا سِوَى الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ 1345 - وَذَلِكَ أَنَّ يُونُسَ، الحديث: 1342 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 1345 - حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَخْبَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " أَلَمْ تَرَيْ إِلَى قَوْمِكِ حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا تَرُدَّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: " لَوْلَا حَدَثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ " قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أَرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَلَمَّا كَانَ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ لَا يُسْتَلَمُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ، كَانَ أَيْضًا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْبَيْتِ مِمَّا لَيْسَ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ لَا يُسْتَلَمُ فِي الطَّوَافِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصْحَابُنَا ذَكَرُوا فِي كُتُبِهِمُ اسْتِلَامَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَلَا نَرَى ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِمْ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْتِلَامِهِ إِيَّاهُ فِي طَوَافِهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا، وَلَوِ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِهِمْ لَقَالُوهُ، غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِمَّا رَوَاهُ عَنْهُ هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيُّ مِمَّا لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، أَمْرَهُ بِاسْتِلَامِهِ فِي الطَّوَافِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَمَّا اتَّصَلَ بِنَا كَمَا ذَكَرْنَا بِهِ وَاسْتَحَيْنَاهُ فِي الطَّوَافِ، وَاللهُ نَسْأَلَهُ التَّوْفِيقَ وَيَنْبَغِي لِمَنِ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ أَنْ يُقَبِّلَهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَيْضًا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا 1346 - قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادٍ قَبَّلَ الْحَجَرَ، ثُمَّ سَجَدَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا الحديث: 1345 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 هَذَا؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ قَبَّلَ الْحَجَرَ، ثُمَّ سَجَدَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: " رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبَّلَ الْحَجَرَ، وَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ "، 1347 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَبَّلَ الْحَجَرَ، ثُمَّ سَجَدَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ حَدِيثِ يَزِيدَ هَذَا 1348 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَبَّلَ عُمَرُ الْحَجَرَ، وَقَالَ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ " 1349 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ الْأَصْلَعَ، يَعْنِي: عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يُقَبِّلُ الْحَجَرَ، وَيَقُولُ: " وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ " 1350 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفيان، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، عَنْ عُمَرَ، " أَنَّهُ أَتَى الْحَجَرَ فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ سَجَدَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ مَا فَعَلْتُهُ " الحديث: 1347 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 1351 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ، وَيَقُولُ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَ حَفِيًّا " 1352 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ، وَيَقُولُ: " إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ، وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ لَمْ أَقُبِّلْكَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَيَنْبَغِي لِمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، إِمَّا عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ كَمَا 1353 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ لِحَجَّتِهِ عِنْدَ قُدُومِهِ مَكَّةَ، تَقَدَّمَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ " وَكَانَ أَبِي يَقُولُ: وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقْرَأُ ثَمَّ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِ: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَ: قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ الحديث: 1351 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 1354 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، يُحَدِّثُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: صَلَّى عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى طَافَ عَلَى سَبْعَةٍ، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ، ثُمَّ قَالَ: " نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَيَنْبَغِي لِمَنْ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَرْمُلُ فِي بَطْنِ السَّيْلِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ فِي طَوَافِهِ لِحَجَّتِهِ 1355 - فِيمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، فَوَحَّدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَبَّرَهُ، ثُمَّ قَالَ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ "، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، فَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى انْتَصَبَتْ قَدَمَاهُ، رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي حَتَّى إِذَا صَعَدَ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا " وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْفُصُولِ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَسَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ اخْتِلَافٌ فِي الرَّمَلِ فِي بَطْنِ الْوَادِي فَأَمَّا كَثِيرُ بْنُ جُهْمَانَ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1356 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي فِي الحديث: 1354 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 بَطْنِ الْمَسِيلِ، فَقُلْتُ: تَمْشِي وَتَأْمُرُ النَّاسَ بِالسَّعْيِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " إِنْ أَمْشِي فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي، وَإِنْ أَسْعَ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرَ يَسْعَيَانِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَشْي ابْنِ عُمَرَ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ، وَأَمْرُهُ النَّاسَ بِالسَّعْيِ فِيهِ، وَذِكْرُهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُمَا فِيهِ وَذَلِكَ مُحْتَمِلٌ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ كَانَ مَذْهَبُهُ أَنْ لَا فَضْلَ فِي ذَلِكَ لِلسَّعْيِ عَلَى الْمَشْيِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعَى فِي بَعْضِ ذَلِكَ، وَمَشَى فِي بَعْضِهِ وَأَمَّا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ فَرُوِي عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا: 1357 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ، " أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَسْعَى مِنْ لَدُنْ سِكَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ رَفَاقِ بْنِ سَاعٍ " 1358 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: " إِنِّي لَأَسْعَى، وَإِنِّي لَأَظُنُّ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عُمَرَ يَسْعَى " فَفِي حَدِيثَيْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ هَذَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْعَى، وَذَلِكَ خِلَافُ مَا رَوَاهُ كَثِيرُ بْنُ جُمْهَانَ عَنْهُ مِمَّا ذَكَرْنَا وَفِي أَحَدِهِمَا أَيْضًا أَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عُمَرَ يَمْشِي، فَذَلِكَ عَلَى مَا لَا حَقِيقَةَ فِيهِ عِنْدَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عُمَرَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى طَلَبِ الْحَقِيقَةِ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الحديث: 1357 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 الله عَلَيْهِ وَسلم رَمَلَ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ فِي هَذَا أَوْلَى مِمَّا رُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ تَرْكُ شَيْءٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ، إِذْ كَانَ قَدْ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَأْخُذُوا مَنَاسِكَهُمْ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ كَمَا 1359 - قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " لِتَأْخُذْ أُمَّتِي مَنَاسِكَهَا، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا " وَوَجَدْنَا حَبِيبَةَ ابْنَةَ أَبِي تَجْرُؤَةَ قَدْ رَوَتْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِعْلِهِ، ثُمَّ ذَكَرَتْهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا 1360 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ ابْنَةُ شَيْبَةَ، عَنِ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: حَبِيبَةُ ابْنَةُ تَجْرُؤَةَ، قَالَتْ: دَخَلْنَا دَارَ أَبِي حُسَيْنٍ، وَمَعِي نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَتَّى أَنَّ ثَوْبَهُ لَيَدُورُ بِهِ، وَهُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: " اسْعَوْا، فَإِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُضُورُ حَبِيبَةَ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِالسَّعْيِ، وَإِخْبَارِهِ إِيَّاهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَتَبَهُ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، هُوَ السَّعْيُ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا، لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ لَا سَعْيَ فِيهِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ، وَدَلَّ عَلَيْهِ مَا 1361 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ، عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ شَيْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى فِي الْمَسِيلِ وَهُوَ يَقُولُ: " لَا يُقْطَعُ الْأَبْطَحُ إِلَّا شَدًّا "، وَلَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ حَمَّادٌ صَفِيَّةَ الحديث: 1359 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 فَعَقَلْنَا بِحَدِيثِ حَمَّادٍ هَذَا أَنَّ السَّعْيَ الْمُرَادَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مُحَيْصِنٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا هُوَ السَّعْيُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ وَقَدْ رُوِيَ فِي السَّعْيِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ أَيْضًا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَمَا 1362 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، " أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يُوَلِّي مَا بَيْنَهُمَا شَدًّا، وَكَانَ عُرْوَةُ لَا يَسْعَى إِلَّا وَاحِدَةً " وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَمَا 1363 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، فَذُكِرَ لِي أَنَّ عَائِشَةَ وَابْنَ مَسْعُودٍ قَدِمَا مُعْتَمِرِينَ قَالَ: فَحُيِّرْتُ أَيُّهُمَا أَتْبَعُهُ وَأَرْمُقُهُ، وَأَفْعَلُ كَمَا يَفْعَلُ؟ فَأَتَيْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا عَلَى هَيْئَتِهِ، ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الصَّفَا، فَقَامَ عَلَيْهَا مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، فَجَعَلَ يُلَبِّي، فَقُلْتُ: إِنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَنْهَوْنَ عَنِ التَّلْبِيَةِ، فَقَالَ: " أَنَا آمُرُكَ بِهَا، إِنَّمَا التَّلْبِيَةُ اسْتِجَابَةٌ اسْتَجَابَ بِهَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ "، ثُمَّ نَزَلَ، فَمَشَى حَتَّى أَتَى الْوَادِيَ، فَسَعَى، فَجَعَلَ يَقُولُ: " رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ "، ثُمَّ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَقَامَ عَلَيْهَا فَحَسَبَهُ قَالَ: فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَافَ بَيْنَهُمَا سَبْعًا وَالسَّعْيُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَمُؤَكَّدٌ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَمِنْ أَفْعَالِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مِنْ بَعْدِهِ، فَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِّيتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثِ كَثِيرٍ مَا رُوِّيتَ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ رُوِّينَا فِي حَدِيثِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْهُ، خِلَافُ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ بَكْرٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ الحديث: 1362 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 يَكُنْ عِنْدَهُ حَقِيقَةُ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَمَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَحَبِيبَةَ حَقِيقَةُ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِهِ، وَمَعَ حَبِيبَةَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا سِوَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا وَيَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ يُصَلِّي بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ مِنْ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَالصُّبْحَ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ مِنْ حَجَّتِهِ كَمَا 1364 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي ذَلِكَ مَا 1365 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: إِنِّي مُضْعَفٌ مِنَ الْحُمُولَةِ، وَمَعَهُ خَمْسُ دَبَّابَاتٍ، فَأَفِيضُ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ؟ فَقَالَ: " إِنَّ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ بِمِنًى، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَجَّهَ إِلَى عَرَفَةَ، فَوَقَفَ، ثُمَّ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ، فَبَاتَ بِجَمْعٍ، فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ الْمُعَجَّلَةُ صَلَّى الْفَجْرَ وَوَقَفَ، فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ الْمُسْفَرَةُ أَفَاضَ، وَقَدْ أَمَرَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتْبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا الحديث: 1364 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 1366 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: " مِنْ سُنَّةِ الْحَاجِّ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ بِمِنًى " وَهَذَا فِيمَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي خُطَبِ الْحَجِّ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ ثَلَاثُ خُطَبٍ وَيَخْتَلِفُونَ فِي أَوْقَاتِهَا، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِحْدَاهُنَّ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بَيَوْمٍ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجْلِسُ فِيهَا، وَأُخْرَى يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا جَلْسَةً كَمَا يَصْنَعُ فِي الْجُمُعَةِ، وَخُطْبَةٌ أُخْرَى بَعْدَ النَّحْرِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجْلِسُ فِيهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فِيمَا ذَكَرَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعَفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ الْحَسَنُ: وَبِهِ نَأْخُذُ وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ قَانِعٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " يَخْطُبُ إِمَامُ الْحَجُّ ثَلَاثَ خُطَبٍ: خُطْبَةٌ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَخُطْبَةٌ يَوْمَ عَرَفَةَ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَخُطْبَةٌ بَعْدَ النَّحْرِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا 1367 - قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي الْحَجِّ ثَلَاثَ خُطَبٍ: خُطْبَةٌ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَخُطْبَةٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَخُطْبَةٌ بَعْدَ النَّحْرِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ " الحديث: 1366 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 وَلَمْ نَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: يَخْطُبُ إِحْدَاهُنَّ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ خُطْبَةً وَاحِدَةً لَا يَجْلِسُ فِيهَا، وَيَخْطُبُ إِحْدَاهُنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَيَجْعَلُهَا خُطْبَتَيْنِ، وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَفْعَلُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَيَخْطُبُ إِحْدَاهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ حَيْثُ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ضَحْوَةً، خُطْبَةً وَاحِدَةً لَا يَجْلِسُ فِيهَا وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ: زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ فِيمَا ذَكَرَهُ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْجُعَفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ زُفَرَ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ أَرْبَعُ خُطَبٍ، فَخُطْبَةٌ مِنْهُنَّ يَوْمَ السَّابِعَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِمَكَّةَ يَأْمُرُهُمْ فِيهَا بِالْغُدُوِّ مِنَ الْغَدِ إِلَى مِنًى، وَخُطْبَةٌ أُخْرَى يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَخُطْبَةٌ أُخْرَى بَعْدَ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا النَّحْرَ، وَيُعْلِمُهُمْ أَنَّ مَنْ أَرَادَ التَّعْجِيلَ فَذَلِكَ لَهُ، وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَخْتِمُوا حَجَّهُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، ذَكَرَهُ لَنَا عَنْهُ الْمُزَنِيُّ وَلَا نَعْلَمُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْخُطَبِ فِي الْحَجِّ قَوْلًا إِلَّا هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ فَأَمَّا الْخُطْبَةُ الْأُولَى، وَهِيَ الْمُخْتَلَفُ فِي مَوْضِعِهَا الَّتِي قَالَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: إِنَّهَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ، وَقَالَ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي: إِنَّهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ضُحًى، فَإِنَّ الَّذِينَ جَعَلُوهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ضُحًى شَبَّهُوهَ بِخُطْبَتَيِ الْعِيدَيْنِ: الْفِطْرِ، وَالنَّحْرِ، وَقَالُوا: وَجَدْنَاهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنَ النَّهَارِ، فَجَعَلْنَا هَذِهِ كَذَلِكَ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِأَهْلِ الْقَوْلِ الْآخَرِ، أَنَّ خُطْبَتَيِ الْعِيدَيْنِ قَدْ جُعِلَ لَهُمَا صَلَاتَانِ، وَلَمْ تُجْعَلْ هَذِهِ كَذَلِكَ، إِذْ كَانَتْ لَمْ تُجْعَلْ لَهَا صَلَاةٌ قَبْلَهَا، وَلَا بَعْدَهَا وَكَانَتْ خُطْبَةُ عَرَفَةَ قَدْ أُجْمِعَ عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ فِي الصَّدْرِ الْآخِرِ مِنَ النَّهَارِ، وَهِيَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْخُطْبَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ بِخُطْبَةِ عَرَفَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ، أَشْبَهَ، وَأَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا لِوَقْتِهَا وَلَمَّا كَانَتِ الْخُطْبَةُ الَّتِي قَبْلَ عَرَفَةَ فِي وَقْتِهَا بِخُطْبَةِ عَرَفَةَ أَشْبَهَ فِي وَقْتِهَا، وَانْتَفَى أَنْ تَكُونَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنَ النَّهَارِ، وَاسْتَحَالَ أَنْ تُجْعَلَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ، إِذْ كَانَ لَا يَتَهَيَّأُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَهَا بِمَكَّةَ، وَقَدْ صَلَّى صَلَاةَ الظُّهْرِ بِمِنًى، ثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ فِيهَا كَمَا قَالَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ جَعَلُوهَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ، وَإِذْ كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 لَا قَوْلَ فِيهَا غَيْرُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، فَلَمَّا انْتَفَى أَحَدُهُمَا ثَبَتَ الْآخَرُ فَهَذَا حُكْمُ الْخُطْبَةِ الَّتِي قَبْلَ عَرَفَةَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ وَأَمَّا الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ فَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَنَّهَا بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا ذَكَرْنَا فِيهَا، غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيمِ الْأَذَانِ عَلَيْهَا، وَفِي تَقْدِيمِهَا عَلَى الْأَذَانِ، وَفِي ابْتِدَاءِ الْإِمَامِ إِيَّاهَا مَعَ أَحَدِ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْأَذَانِ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَكَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ الْإِمَامَ كَيْفَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ؟ وَكَيْفَ يَخْطُبُ؟ وَكَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: " يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ، وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ بِالظُّهْرِ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ الْإِمَامُ، فَخَطَبَ، فَحَمِدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَهَلَّلَ، وَكَبَّرَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِمَا يَحِقُّ عَلَيْهِمْ، وَنَهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ، ثُمَّ دَعَا اللهَ بِحَاجَتِهِ، ثُمَّ نَزَلَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ "، وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَأَمَّا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، فَحَدَّثَنَا عَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: " أَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ فِي الْحَجِّ ثَلَاثَ خُطَبٍ: إِحْدَاهُنَّ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظُّهْرِ، يُخْبِرُهُمْ فِيهَا بِمَنَاسِكِ حَجِّهِمْ، وَيُخْبِرُهُمْ عَنْ فَضْلِ الْحَجِّ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالَّذِي يَلْزَمُهُمْ فِيهِ، وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُمْ فِيهِ " وَالْخُطْبَةُ يَوْمَ عَرَفَةَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: فِيهَا يَصْعَدُ الْإِمَامُ يَوْمَ عَرَفَةَ، ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ كَأَذَانِ الْجُمُعَةِ، وَيَخْطُبُ فِيهَا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ أَقَامَ قَالَ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: سَمِعْتُ بَعْضَ مُؤَذِّنِي عَرَفَةَ، يَقُولُ: " كُنَّا نُؤَذِّنُ بَعْدَمَا يَخْطُبُ الْإِمَامُ صَدْرًا مِنْ خُطْبَتِهِ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ " وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ فَذَكَرَ لَنَا هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ بَعْضَ مُؤَذِّنِي مَكَّةَ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا آبَاءَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي تَقَدُّمِ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْأَذَانِ، وَأَنَّ آبَاءَهُمْ أَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ رَجَعَ عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ قَدْ كَانَ قَالَ مَرَّةً: يَبْتَدِئُ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ وَالْمُؤَذِّنُ الْأَذَانَ مَعًا كَمِثْلِ مَا حَكَيْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 وَلَوْ خُلِّينَا وَالْقِيَاسَ لَكَانَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَكَانَتْ خُطْبَةُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، إِذْ فِيهَا الْجُلُوسُ كَمَا فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَكِنْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَّ فِي ذَلِكَ خِلَافَ هَذَا الْقَوْلِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ 1368 - أَنَّ يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ، وَرَوْحَ بْنَ الْفَرَجِ، جَمِيعًا قَدْ حَدَّثَانَا، قَالَا: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ السُّلَمِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاحَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: " إِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ " قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ قَالَ: " اللهُمَّ اشْهَدْ "، وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ قَوْلًا كَثِيرًا، وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، ثُمَّ أَقَامَ الظُّهْرَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، 1369 - وَأَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَدِيثِهِ فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِ هَذَا سَوَاءً، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ " وَحَدِيثُ حَاتِمٍ فِي تَرْكِ قَوْلِهِ: " بَعْدَ الْخُطْبَةِ "، أَشْبَهُ عِنْدَنَا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: " بَعْدَ الْخُطْبَةِ "، لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ يَكُونُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْخُطْبَةِ، وَمُحَالٌ عِنْدَنَا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خِلَافِ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَذِهِ خُطْبَةُ عَرَفَةَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا أَيْضًا بِمَا قَدْ رُوِيَ فِيهَا، وَبِمَا قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ، وَصَلَّى الله عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ثُمَّ اعْتَبَرْنَا هَذِهِ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فِي حَدِيثِهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ: " ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَقَامَ الحديث: 1368 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 الظُّهْرَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ "، فَوَجَدْنَاهُ مَحْتَمِلًا لِأَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْإِقَامَةِ أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَذَانُ قَدْ كَانَ فِي الْخُطْبَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْخُطْبَةُ الثَّالِثَةُ، وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، أَنَّهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ زُفَرَ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا، فَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَمْرُو بْنُ الْأَحْوَصِ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَأَبُو عَادِيَةَ، وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا 1370 - قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دُحَيْمُ بْنُ الْيَتِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ الْجَرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: " أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " قَالُوا: يَوْمُ النَّحْرِ قَالَ: " فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ " قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ قَالَ: " فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ " قَالُوا: الشَّهْرُ الْحَرَامُ قَالَ: " هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، فَدِمَاؤُكُمْ، وَأَمْوَالُكُمْ، وَأَعْرَاضُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ هَذَا الْبَلَدِ فِي هَذَا الْيَوْمِ " ثُمَّ قَالَ: " هَلْ بَلَّغْتُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " اللهُمَّ اشْهَدْ "، ثُمَّ وَدَّعَ النَّاسَ، فَقَالُوا: هَذِهِ حَجَّةُ الْوَدَاعِ 1371 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَازِبِ بْنِ سَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ أَبُو غَرْقَدَةَ، عَنْ سَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ: " أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " قَالُوا: يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ بَيْنَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، أَلَا لَا يجَنْيِ وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ، أَلَا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي بَلَدِكُمْ هَذَا بَعْدَ يَوْمِكُمْ هَذَا، وَلَكِنْ سَيَكُونُ لَهُ طَاعَةٌ فِي بَعْضِ مَا تَحْقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ يَرْضَى بِهَا عَنْكُمْ فَاحْذَرُوهُ، فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لَكُمْ أَلَا وَإِنَّ كُلَّ رِبًا الحديث: 1370 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ، لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ، وَإِنَّ أَوَّلَ رِبًا يُوضَعُ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ أَلَا وَإِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ يُوضَعُ دَمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي لُبَابَةَ، فَقَتَلَتْهُ وَالْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا مَا أُحِلَّ لَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَلَا وَاتَّقُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّمَا هُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَكُمْ عَلَيْهِنَّ حَقٌّ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ حَقٌّ، وَمِنْ حَقِّكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلا يُؤْذِنَّ فِي بُيُوتِكُمْ إِلَّا بِإِذْنِكُمْ، وَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا، وَمِنْ حَقِّهِنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ "، ثُمَّ نَادَى: " يَا أُمَّتَاهُ، هَلْ بَلَّغْتُكُمْ؟ يَا أُمَّتَاهُ، هَلْ بَلَّغْتُكُمْ؟ يَا أُمَّتَاهُ، هَلْ بَلَّغْتُكُمْ؟ "، ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: " اللهُمَّ اشْهَدْ " ثمَّ قَالَت جَارِيَة من الْحَيّ لأمها: يَا أمتاه مَا لَهُ يَدْعُو أمه؟ قَالَت: أَي بنية إِنَّمَا يَدْعُو أمته 1372 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ هَوْدَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْبَكْرَاوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ رَكِبَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَتَهُ، ثُمَّ وَقَفَ، فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟ " فَسَكَتْنَا حَتَّى رِينَا أَنْ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قُلْنَا: بَلَى ثُمَّ قَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا؟ " فَسَكَتْنَا حَتَّى رِينَا أَنْ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ ذَا الْحَجَّةِ؟ " فَقَالُوا: بَلَى فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيَّ بَلَدٍ هَذَا؟ " فَسَكَتْنَا حَتَّى رِينَا أَنْ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ قَالَ: " أَلَيْسَ الْبَلَدَ؟ فَقُلْنَا: بَلَى قَالَ: " إِنَّ أَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَدِمَاءَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ فِي مِثْلِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي مِثْلِ شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي مِثْلِ بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا لِيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ مُبَلِّغٍ " ثُمَّ مَالَ عَلَى نَاقَتِهِ إِلَى غُنَيْمَاتٍ، فَجَعَلَ يَقْسِمُهُنَّ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الحديث: 1372 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 الشَّاةُ، وَبَيْنَ الثَّلَاثَةِ الشَّاةُ " 1373 - وَمِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي عَادِيَةَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ " فَقُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: " اللهُمَّ اشْهَدْ، أَلَا لَا تَرْجِعُونَ بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ " 1374 - وَمِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَةٍ، فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ يَوْمُكُمْ هَذَا؟ " قَالُوا: يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ: " صَدَقْتُمْ، يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، أَتَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ شَهْرُكُمْ هَذَا؟ " قَالُوا: ذُو الْحَجَّةِ قَالَ: " صَدَقْتُمْ، شَهْرُ اللهِ الْأَصَمُّ، أَتَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ بَلَدُكُمْ هَذَا؟ " قَالُوا: الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ قَالَ: " صَدَقْتُمْ، فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَوْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا وَشَهْرِكُمْ هَذَا، أَلَا إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ وَالنَّاسَ، فَلَا تُسَوِّدُوا وَجْهِي، أَلَا وَقَدْ رَأَيْتُمُونِي، وَسَمِعْتُمْ مِنِّي، وَسَتُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأَ مِقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، أَلَا وَإِنِّي مُسْتَنْقِذٌ رِجَالًا وَنِسَاءً، وَمُسْتَنْقَذٌ مِنِّي آخَرُونَ، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ " وَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ مِمَّا احْتَجَّ بِهَا الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ أَمِيرَ الْحَاجِّ يَخْطُبُ بِالْحَاجِّ يَوْمَ الحديث: 1373 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 النَّحْرِ، فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِلْآخَرِينَ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَلَّا خُطْبَةَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ لِلْحَجِّ، أَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ لَمْ تَكُنْ فِي أَسْبَابِ الْحَجِّ ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَكَرَ فِيهَا الْأُمُورَ لَا يَصْلُحُ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ ذِكْرُ بَعْضِهَا، لِأَنَّ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ أَمِيرَ الْحَاجِّ أَنْ يَخْطُبَ بِالْحَاجِّ فِي يَوْمِ النَّحْرِ يَأْمُرُونَه أَنْ يَخْطُبَ بِهِمْ فِي سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ حَجِّهِمْ، فِي تَعْلِيمِهِمْ رَمْيَ جِمَارِهِمْ، وَفِي التَّعْجِيلِ لِمَنْ أَرَادَهُ، وَفِي الْمَقَامِ لِمَنْ أَرَادَهُ، وَفِي نَحْرِ النُّسُكِ وَالدِّمَاءِ، لَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَمَّا وَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْطُبِ النَّاسَ بِذَلِكَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ فِي حَجَّتِهِ، وَلَكِنَّهُ خَطَبَهُمْ بِغَيْرِهِ، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ خُطْبَتَهُ تِلْكَ لَمْ تَكُنْ لِلْحَجِّ، وَأَنَّهَا كَانَتْ لِمَا سِوَاهُ وَفِي تَرْكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُطْبَةَ يَوْمَئِذٍ بِأَسْبَابِ الْحَجِّ دَلِيلٌ أَنَّ لَا خُطْبَةَ لِلْحَجِّ فِي يَوْمِ النِّحْرِ كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِمَّا قَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ بِهَا فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، كَانَ خَطَبَهُمْ بِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ كَمَا 1375 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي حَجَّتِهِ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ، فَرُحِّلَتْ لَهُ، فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: " إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، أَوَّلُ دَمٍ أَضَعُ دِمَاءَنَا دَمَ ابْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مَسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدٍ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَإِنَّ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، اتَّقُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوَطِّئْنَ فُرَشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، الحديث: 1375 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ " قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَأَدَّيْتَ، وَنَصَحْتَ فَقَالَ بِأُصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، وَرَفَعَهَا إِلَى السَّمَاءِ يَنْكِبُهَا إِلَى النَّاسِ: " اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ "، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَهَذَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ بِهَذِهِ الْخُطْبَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَطَبَ بِهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، ثُمَّ خَطَبَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا مَعْنًى يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ 1376 - وَذَلِكَ أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ: قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَمَى يَوْمَئِذٍ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَأَعْطَى عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبُضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَطُبِخَتْ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ " فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ أَنَّهُ لَمْ يَخْطُبْ يَوْمَئِذٍ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا صَارَ مِنْ بَعْدِ الرَّمْيِ إِلَى الْهَدْيِ حَتَّى نَحَرَهُ، وَحَتَّى طُبِخَ لَهُ، وَأَكَلَ مِنْ لَحْمِهِ، وَحَشَا مِنْ مَرَقِهِ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مَكَّةَ فَهَذَا خِلَافُ الْآثَارِ الْأُوَلِ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي حَجَّتِهِ ثَلَاثَ خُطَبٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ خَطَبَهُ سِوَى تِلْكَ الثَّلَاثِ الْخُطَبِ فِي حَجَّتِهِ فَلَمْ تَكُنْ لِلْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ فِي خُطَبِ الْحَجِّ إِلَى أَنَّهَا أَرْبَعُ خُطَبٍ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا قَدْ كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَجَّتِهِ الَّتِي كَانَ حَجَّهَا قَبْلَ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي ذَكَرْنَا خُطَبَهُ هَذِهِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُ فِيهَا الحديث: 1376 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 1377 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَجَعَ مِنْ عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الْحَجِّ " فَأَقْبَلَنَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُخْطَبُ بِمَكَّةَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَفِي تَرْكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُطْبَةَ يَوْمَئِذٍ بِمِنًى بَعْدَ الظُّهْرِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى نَسْخِ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أَبِي بِكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي خُطْبَتِهِ فِي حَجَّتِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِمِنًى وَاللهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْخُطْبَةُ بَعْدَ النَّحْرِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَمَالِكًا، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدًا جَعَلُوهَا ثَانِيَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَجَعَلَهَا الشَّافِعِيُّ ثَالِثَ يَوْمِ النَّحْرِ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ أَنَّهَا خُطْبَةٌ يَأْمُرُ الْإِمَامُ النَّاسَ فِيهَا بِالتَّعْجِيلِ إِنْ شَاءُوا، أَوِ الْمَقَامِ إِنْ شَاءُوا وَلَمَّا كَانَ مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ أَنَّ الْخُطْبَةَ يَأْمُرُ الْإِمَامُ النَّاسَ فِيهَا بِالْخُرُوجِ إِلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِ الْخُرُوجِ إِلَيْهَا، كَانَ كَذَلِكَ الْخُطْبَةُ الَّتِي يَأْمُرُهُمْ بِالتَّعْجِيلِ فِيهَا بِيَوْمَيْنِ، وَبِالْمَقَامِ قَبْلَ الْيَوْمِ الَّذِي يَخْرُجُونَ فِيهِ وَلَمَّا كَانَتْ خُطْبَةُ عَرَفَةَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ الْأَخِيرِ، كَانَ كَذَلِكَ الْخُطْبَةُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ تَكُونُ فِي صَدْرِ النَّهَارِ الْأَخِيرِ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ فِي هَذَا الْبَابِ: " فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلُ قَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ يَنْفِرُونَ، وَكَيْفَ يَرْمُونَ "، فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ خُطْبَتَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ النَّفْرُ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَنْفِرَ فِيهِ، لَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ، وَكَانَ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ بِحَرِيٍّ، وَالَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَوْقِيفٌ وَأَمَّا زُفَرُ فَلَمْ يَكُنْ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ أَصْلًا فَهَذِهِ خُطَبُ الْحَجِّ قَدْ ذَكَرْنَاهَا، وَمَا قَدْ رُوِيَ فِيهَا، وَمَا قَدْ قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا، وَاحْتَجَجْنَا لِمَنْ صَحَّ قَوْلُهُ عِنْدَنَا مِنْهُمْ بِمَا صَحَّ بِهِ قَوْلُهُ عِنْدَنَا وَاللهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ الحديث: 1377 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} الْآيَةَ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} قَالَ أَحْمَدُ: وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَهُمْ بِوُقُوفِ عَرَفَةَ قَبْلَ إِفَاضَتِهِمْ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَجِدْهُ ذَكَرَ لَنَا ابْتِدَاءَ ذَلِكَ الْوُقُوفِ، أَيَّ وَقْتٍ هُوَ فِي كِتَابِهِ؟ وَبَيَّنَهُ لَنَا بِفِعَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا 1378 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمِنًى، مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَرَكِبَ، وَأَمَرَ بَقُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ، فَنُصِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ، وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ، فَرُحِّلَتْ لَهُ، فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ دَفْعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَرَفَةَ كَانَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي رَوَاحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا، أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ كَمَا 1379 - قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ بَزَّارٍ الْأَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ حَسَّانٍ، قَالَ: أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ يَوْمَ عَرَفَةَ، مَتَى رَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْيَوْمَ؟ قَالَ: " إِذَا كَانَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ رُحْتَ " فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ رَسُولًا، وَقَالَ: اجْلِسْ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا رَاحَ، فَأَخْبِرْنِي الحديث: 1378 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " ارْتَحِلُوا " قَالُوا: لَمْ تَزُغِ الشَّمْسُ؟ قَالَ: فَجَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: " ارْتَحِلُوا " قَالُوا: لَمْ تَزُغِ الشَّمْسُ، فَجَلَسُوا حَتَّى رَاحَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، 1380 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ حَسَّانٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فِي الرَّوَاحِ إِلَيْهَا كَذَلِكَ أَيْضًا كَمَا 1381 - قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّفْظُ لِبِشْرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرَوَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ: أَلَّا تُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَمَرَ بِهِ مِنْ شَأْنِ الْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ جَاءَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَأَنَا مَعَهُ، فَصَرَخَ بِهِ عِنْدَ سُرَادِقِهِ " أَيْنَ هَذَا؟ " فَخَرَجَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ وَعَلَيْهِ مَلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ، فَقَالَ: مَالَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: " الرَّوَاحُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ " قَالَ: هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: فَأَنْظِرْنِي أُفِيضُ عَلَيَّ مَاءً، ثُمَّ أَخْرُجُ فَنَزَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي، فَقُلْتُ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ الْيَوْمَ فَأَقْصِرِ الْخُطْبَةَ، وَعَجِّلِ الصَّلَاةَ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَيْ يَسْمَعَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا رَآهُ عَبْدُ اللهِ، قَالَ: " صَدَقَ " وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حَبْسٌ مِنَ الْمَنَاسِكِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا قَبْلُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَهُوَ خُرُوجُ الْحَجَّاجِ وَعَلَيْهِ مُعَصْفَرَةٌ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمٌ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ عَلَيْهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَرَى الْعُصْفُرَ مِنَ الطِّيبِ الَّذِي يُحَرِّمُهُ الْإِحْرَامُ عَلَى الْمُحْرِمِ 1382 - وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ، الحديث: 1380 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 أَنِ اقْتَدِي بِابْنِ عُمَرَ فِي مَنَاسِكِكَ قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَوْمَ عَرَفَةَ، إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَرُوحَ فَأْذِنَّا قَالَ: فَجَاءَ هُوَ وَسَالِمٌ، قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَنَا مَعَهُمْ، حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَوَقَفَ ابْنُ عُمَرَ بِفِنَائِهِ، فَقَالَ: " مَا تَحْبِسُهُ "، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ الْحَجَّاجُ، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ إِلَيَّ أَنِ أَقَتِدي بِكَ، وَأَنْ آخُذُ عَنْكَ فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ: إِنْ أَرَدْتَ السُّنَّةَ فَأَوْجِزِ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكُنْتُ يَوْمَئِذٍ صَائِمًا، فَلَقِيتُ مِنَ الْحَرِّ شِدَّةً قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: فَقُلْتُ لِمَعْمَرٍ: أَسَمِعَ الزُّهْرِيُّ مِنَ ابْنِ عُمَرَ؟ قَالَ: سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَمْ نَجِدْهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيَّنَ لَنَا فِي كِتَابِهِ هَلْ عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ؟ أَوْ هَلِ الْمَوْقِفُ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ؟ وَوَجَدْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ بَيَّنَ لَنَا ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا 1383 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: " هَذِهِ عَرَفَةُ، وَهَذَا الْمَوْقِفُ، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ " 1384 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ " 1385 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُسْلِمِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي حُسَيْنٍ، يُخْبِرُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَطَاءٌ جَالِسٌ يَسْمَعُ، فَقَالَ قَالَ عَطَاءٌ: الحديث: 1383 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ السَّلْمِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ " فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إِخْبَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَرَفَةَ مَا هِيَ، وَأَنَّ كُلَّهَا مَوْقِفٌ 1386 - غَيْرَ أَنَّ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو يَعْنِي: ابْنَ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَيْبَانَ، قَالُوا: أَتَانَا ابْنُ مَرْبَعٍ الْأَنْصَارِيُّ بِعَرَفَةَ، وَنَحْنُ فِي مَكَانٍ مِنَ الْمَوْقِفِ بَعِيدٍ يُبْعِدُهُ عَمْرٌو، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ، يَقُولُ لَكُمْ: " كُونُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْقَصْدُ بِالْوُقُوفِ إِلَى مَوْضِعٍ مِنْ عَرَفَةَ لَمْ يُبَيَّنْ لَنَا فِيهِ أَيُّ مَوْضِعٍ هُوَ، وَأَمْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ أَنْ يُثْنُوا عَلَيْهِ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْحَاجِّ فِي وُقُوفِهِمْ بِعَرَفَةَ أَنْ يَرْتَفِعُوا عَنْ بُطُونِ عُرَنَةَ ، وَلَمْ نَجِدْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْصُوصًا كَذَلِكَ فِي حَدِيثٍ مُتَّصِلٍ، غَيْرَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ قَدْ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مَا 1387 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " ارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ " وَوَجَدْنَا يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، الحديث: 1386 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 1388 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، حَدَّثَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " يَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ " هَكَذَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ 1389 - وَأما مُحَمَّد بن خُزَيْمَة، فَحَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: " عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ " فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدِ اسْتَثْنَى بَطْنَ عُرَنَةَ مِنَ الْمَوْقِفِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِمَّا يُوقَفُ فِيهِ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، إِمَّا عَبْدُ اللهِ، وَإِمَّا عُرْوَةُ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَهَذَا مِمَّا لَا يُؤْخَذُ بِالرَّأْيِ، وَلَا بِالِاسْتِنْبَاطِ، وَلَا بِالْمَقَايِيسِ، وَلَا بِضَرْبِ الْأَمْثَالِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ مِنْ جِهَةِ التَّوَقُّفِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُمَا لَنْ يَقُولَا ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ وَقَفَا عَلَى تَوْقِيفٍ فِي ذَلِكَ يَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ "، كَمَا كَانَ السَّلَمُ الْحَلَالُ مُسْتَثْنًى مِنْ نَهْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ثُمَّ وَجَدْنَا ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا كَمَا 1390 - قَدْ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ: " عَرَفَاتُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ " وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي عُرَنَةَ، أَنَّهَا مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْحَاجِّ أَنْ يَرْتَفِعُوا عَنْهُ فِي وُقُوفِهِمْ بِعَرَفَةَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي الحديث: 1388 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَكَذَلِكَ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَحْكِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْقَطِعًا بِلَا إِسْنَادٍ نَذْكُرُهُ فِيهِ كَمَا 1391 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا مِنْ بَطْنِ عُرَنَةَ " غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا حَرْفًا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ كَمَا 1392 - قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زِيَادٍ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرْقِيُّ بْنُ قَطَامِيٍّ، عَنْ أَبِي طَلْقٍ الْعَائِذِيِّ، عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ، يَقُولُ: كُلُّ عَشِيَّةِ عَرَفَةَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ نَتَخَوَّفُ أَنْ يَتَخَطَّفَنَا الْجِنُّ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَخْبِرُوا إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا إِخْوَانُكُمْ " فَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُبِيحَ لِلنَّاسِ الْوُقُوفُ بِبَطْنِ عُرَنَةَ لِمَا كَانُوا يَخَافُونَ فِي الْوُقُوفِ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ عَرَفَةَ مِنَ الْجِنِّ، حَتَّى أَمِنُوا مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصِيرُوا مِنْ عَرَفَةَ سِوَى عُرَنَةَ إِلَى حَيْثُ أَمِنُوا فِيهِ مِنَ الْجِنِّ وَقَدْ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَا رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قَوْلِهِ: " عَرَفَةُ مَوْقِفٌ "، بِلَا اسْتِثْنَاءٍ، كَانَ فِي حَالِ خَوْفِ النَّاسِ مِنَ الْجِنِّ، ثُمَّ اسْتَثْنَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ عَرَفَةَ بَطْنَ عُرَنَةَ لَمَّا أَسْلَمَ الْجِنُّ الَّذِينَ كَانُوا هُنَاكَ، فَأَمِنَهُمُ النَّاسُ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِعَرَفَةَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا جَامِعًا بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ فِي حَجَّتِهِ كَمَا 1393 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي الحديث: 1391 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ بِعَرَفَةَ، أَقَامَ بِلَالٌ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتْ جَلِيًّا حِينَ غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ " وَهَذَا مِمَّا لَا نَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حَرْفٌ زَائِدٌ عَلَى حُكْمِ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ، وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالدُّعَاءِ، فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْوَاقِفِينَ بِعَرَفَةَ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ فِي وَقْتِ الدُّعَاءِ فَإِنْ فَاتَتْ رَجُلًا بِعَرَفَةَ الصَّلَاتَانِ جَمِيعًا مَعَ الْإِمَامِ، فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيهُمَا جَمِيعًا بَعْدَهُ، أَوْ فَاتَتْهُ الْأُولَى مِنْهُمَا فَصَلَّاهَا وَحْدَهُ، وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ الْإِمَامِ، أَوْ وَحْدَهُ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: يُصَلِّيهُمَا جَمِيعًا إِذَا فَاتَتَهْ بَعْدَ الْإِمَامِ وَحْدَهُ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهُمَا مَعَ الْإِمَامِ، وَيُصَلِّي الْأُولَى مِنْهُمَا إِذَا فَاتَتْهُ وَحْدَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ مَعَ الْإِمَامِ إِنْ أَدْرَكَهُ، أَوْ يُصَلِّيهُمَا وَحْدَهُ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهُمَا مَعَ الْإِمَامِ لَوْ أَدْرَكَهُمَا مَعَهُ وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّمَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ وَتَقْدِيمُ الثَّانِيَةِ بَيْنَهُمَا إِلَى وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا لِلْحَاجِّ بِسَبَبِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِلدُّعَاءِ، فَسَوَاءٌ صَلَّيْنَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ صَلَّيْنَا دُونَ الْإِمَامِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1394 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ الْأَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بَنْ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ فِي مَوَاقِيتِهَا إِلَّا فِي عَرَفَاتٍ وَالْمُزْدَلِفَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَجْمَعُهُمَا، شَهِدَ الْإِمَامَ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ " 1395 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ، شَهِدَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ صَلَّاهُمَا فِي رَحْلِهِ " الحديث: 1394 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 1396 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ الْأَنْدِرَاوَرْدِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي الصَّلَاتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، الظَّهْرَ وَالْعَصْرَ، جَمِيعًا مَعًا، تَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي مَنْزِلِهَا، ثُمَّ تَرُوحُ إِلَى الْمَوْقِفِ " وَهَكَذَا كَانَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَذْهَبَانِ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِمَا ذَكَرْنَا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَيْسَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا إِلَّا أَنْ يُصَلِّيهُمَا مَعَ الْإِمَامِ، فَإِنْ فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ وَكَذَلِكَ إِنْ فَاتَتْهُ الْأُولَى مِنْهُمَا مَعَ الْإِمَامِ، فَصَلَّاهَا وَحْدَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَا وَحْدَهُ إِلَّا فِي وَقْتِهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ سِوَى يَوْمِ عَرَفَةَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادِ عنِ إِبْرَاهِيمَ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي جُعِلَتْ مَكَانَ الظُّهْرِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَجُعِلَ الْقُوَّامُ بِهَا وُلَاةَ الْأُمُورِ لَمْ يُجْعَلْ لِأَحَدٍ سِوَاهُمْ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا دُونَهُمْ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا الصَّلَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا بِعَرَفَةَ لِلْإِمَامِ بِلَا اخْتِلَافٍ عَلِمْنَاهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنْ يُصَلِّيهُمَا إِذَا كَانَ بِعَرَفَةَ حَاجًّا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ جَمَاعَةٌ، وَوَجَدْنَا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ لِلنَّاسِ أَنْ يُصَلُّوهَا دُونَ وُلَاةِ الْأُمُورِ، وَلَيْسَ لِوُلَاةِ الْأُمُورِ أَنْ يُصَلُّوهَا دُونَ النَّاسِ، أَلَا تَرَى أَنَّ إِمَامًا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَحْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ فَلَمَّا كَانَ وُلَاةُ الْأُمُورِ يَحْتَاجُونَ إِلَى الْجَمَاعَةِ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا تُحْتَاجُ الحديث: 1396 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 الْجَمَاعَةُ فِيهَا، وَكَانَ وُلَاةُ الْأُمُورِ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الْجَمَاعَةِ فِي صَلَاتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ، كَانَ كَذَلِكَ الْجَمَاعَةُ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ فِي ذَلِكَ إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَهُمَا مِمَّا قَدْ رُوِّينَاهُ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَاجِّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، هَلْ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ وَبِجَمْعٍ كَمَا يَقْصُرُهَا سَائِرُ أَهْلِ الْبُلْدَانِ مِنَ الْحَاجِّ فِيهِمَا؟ فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ إِلَّا الْمُسَافِرُونَ مِنَ الْحَاجِّ الَّذِينَ لَوْ لَمْ يَكُونُوا حَاجًّا قَصَرُوا الصَّلَاةَ بِهَا وَكَانَ يَقُولُ: لَيْسَ يَجِبُ التَّقْصِيرُ فِي الصَّلَوَاتِ بِالْحَجِّ، وَإِنَّمَا يَجِبُ تَقْصِيرُ الصَّلَاةِ بِالسَّفَرِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ بَيَانٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا وَأما مَالك بن أنس، فَإِن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سُئِلَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ، كَيْفَ تَكُونُ صَلَاتُهُمْ بِعَرَفَةَ، رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا؟ وَكَيْفَ بِأَمِيرِ الْحَاجِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، أَيُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ؟ وَكَيْفَ صَلَاةُ أَهْلِ مَكَّةَ بِمِنًى فِي إِقَامَتِهِمْ بِهَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: " يُصَلِّي أَهْلُ مَكَّةَ بِعَرَفَةَ مَا أَقَامُوا بِهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى مَكَّةَ " قَالَ: " وَأَمِيرُ الْحَاجِّ أَيْضًا إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ وَأَيَّامَ مِنًى " قَالَ مَالِكٌ: " وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ سَاكِنًا مُقِيمًا بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ بِهَا، وَأَهْلُ عَرَفَةَ يَقْصِرُونَ بِمِنًى " وَلَمْ نَجِدِ التَّقْصِيرَ فِي الصَّلَوَاتِ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ يَخْلُو مِنْ وَجْهٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْحَجِّ، فَيَكُونُ كُلُّ حَاجٍّ بِهِمَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مِمَّنْ مَنْزَلُهِ فِيهِمَا، وَمِمَّنْ طَرَأَ عَلَيْهِمَا مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 سَائِرِ أَهْلِ الْبُلْدَانِ سواهُمَا، أَوْ يَكُونَ لَهُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا، فَيَكُونُ كُلُّ مُصَلٍّ بِهِمَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حَاجًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ حَاجٍّ، أَوْ يَكُونَ للسَّفَرِ، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مَنْ كَانَ مَنْزَلُهُ بِمِنًى أَوْ بِعَرَفَةَ مِنَ الْحَاجِّ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي الَّذِي فِيهِ مَنْزَلُهُ مِنْهُمَا، فَخَرَجَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَصْرُ الصَّلَاةِ بِهِمَا يَجِبُ لِلْحَجِّ خَاصَّةً وَوَجَدْنَا مَنْ كَانَ بِهِمَا مِنْ أَهْلِهِمَا، أَوْ مِنْ أَهْلِ مَوْضِعٍ سِوَاهُمَا مِمَّنْ مَسَافَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا مِنَ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَقْصُرُ فِيهَا الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ، لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ بِهِمَا لَا يَجِبُ لِعِلَّتِهِمَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَثَبَتَ أَنَّهُ يَجِبُ لِلسَّفَرِ خَاصَّةً، فَوَجَبَ بِذَلِكَ أَلا يَقْصُرَ الصَّلَاةَ مِنَ الْحَاجِّ بِمِنًى وَعَرَفَةَ إِلَّا مَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا قَصَرَهَا بِهِمَا فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا قَالَ الَّذِينَ ذَهَبُوا هَذَا الْمَذْهَبَ فِيهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ وَقَدْ كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٌ يَقُولَانِ هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا كَمَا 1397 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، قَالَا: " لَيْسَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ قَصْرٌ فِي الْحَجِّ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا 1398 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئَابٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّهُ صَلَّى بِأَهْلِ مِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي تَأَهَّلْتُ بِمَكَّةَ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلْدَةٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا، فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا "، فَلِذَلِكَ صَلَّيْتُ أَرْبَعًا 1399 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمْدَوُيهِ الْبِيكَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذُيَابٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ صَلَّى بِأَهْلِ مِنًى أَرْبَعًا، فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ تَأَهَّلْتُ بِهَا، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا تَأَهَّلَ الرَّجُلُ بِبَلْدَةٍ فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ الْمُقِيمِ " الحديث: 1397 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا تَأَهَّلَ بِمَكَّةَ فَصَارَ فِي حُكْمِ أَهْلِهَا، أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمِنًى، وَلَمْ يَرَ خُرُوجَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى حَاجًّا، وَلَا خُرُوجَهُ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ حَاجًّا، يَجِبُ لَهُ بِهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي حَاجِّ أَهْلِ مَكَّةَ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ بِمِنًى وَعَرَفَةَ، لَا يَقْصُرُهَا بِهِمَا عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَيَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ تَكُونَ إِفَاضَتُهُ مِنْ عَرَفَةَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ فِيهَا 1400 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: " هَذِهِ عَرَفَةُ، وَهَذَا الْمَوْقِفُ "، ثُمَّ أَفَاضَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَفِي حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِفَاضَتِهِ مِنْ عَرَفَةَ مَا يُوَافِقُ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ فِي ذَلِكَ مَا: 1401 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيَدْفَعُونَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَأَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ تِلْكَ، وَقَدَّمَ هَذِهِ، أَخَّرَ الدَّفْعَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَقَّدَمَ الدَّفْعَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ " وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا، لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ، فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا فِي كِتَابِهِ أَنَّ بَيْنَ عَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَاصِلًا مِنْ مَشَاعِرِ الْحَجِّ، وَبَيَّنَهُ لَنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صلّى الحديث: 1400 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا 1402 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ أَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، فَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى أَنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: " أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ " كُلَّمَا أَتَى جَبَلًا مِنَ الْجِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَّلى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِنِدَاءٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَرَقَى عَلَيْهِ، فَحَمِدَ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ، وَهَلَّلَهُ، وَكَبَّرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا، أَظُنُّهُ قَالَ: حَتَّى أَسْفَرَ، جِدًّا ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَأَنَّهُ بَاتَ بِالْمُزْدَلِفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَمَّ فِي أَمْرِ مُزْدَلِفَةَ مَا 1403 - قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَمْعٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لِي مِنْ حَجٍّ وَقَدْ أَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي؟ فَقَالَ: " مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَقَدْ وَقَفَ مَعَنَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ "، 1404 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1405 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الحديث: 1402 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَزَكَرِيَّاءُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ مُضَرِّسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ الطَّائِيَّ، يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُزْدَلِفَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّءٍ، وَوَاللهِ مَا جِئْتُ حَتَّى أَتْعَبْتُ نَفْسِي، وَأَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي، وَمَا تَرَكْتُ جَبَلًا مِنْ هَذِهِ الْجِبَالِ إِلَّا وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ شَهِدَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، صَلَاةَ الْفَجْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَقَدْ كَانَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ " قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ زَكَرِيَّاءُ فِيهِ، فَكَانَ أَحْفَظَ الثَّلَاثَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَيْتُ هَذِهِ السَّاعَةَ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّءٍ قَدْ أَكْلَلْتُ رَاحِلَتِي، وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ: " مَنْ شَهِدَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى يَفِيضَ، وَقَدْ كَانَ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ " قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَرِقَ الْفَجْرُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ 1406 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مُطَرَّفِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُحْفِيتُ وَأُتْعِبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا، وَالْإِمَامُ وَاقِفٌ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ أَفَاضَ مَعَ النَّاسِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ، فَلَا حَجَّ لَهُ " 1407 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ اللُّؤْلُئِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَمْعٍ، يَعْنِي بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْضَبْتُ رَاحِلَتِي، الحديث: 1406 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي، وَلَمْ يَبْقَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ عَرَفَةَ إِلَّا وَقَدْ وَقَفْتُ بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ صَلَّى مَعَنَا صَلَاتَنَا هَذِهِ، وَقَدْ كَانَ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ " فَفِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ هَذَا تَوْكِيدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ مُزْدَلِفَةَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِكْرِ مُزْدَلِفَةَ أَيْضًا مَا 1408 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا بِعَرَفَاتٍ، فَأَقْبَلَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الْحَجِّ، فَقَالَ: " الْحَجُّ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَمَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَوْكِيدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ جَمْعٍ كَنَحْوِ تَوْكِيدِ أَمْرِهَا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ 1409 - غَيْرَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بُكَيْرُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، فَجَاءَ أُنَاسٌ أَوْ نَفَرٌ مِنْ نَجْدٍ، فَأَمَرُوا رَجُلًا فَنَادَى: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ الْحَجُّ؟ فَأَمَرَ رَجُلًا فَنَادَى: " الْحَجُّ يَوْمُ عَرَفَةَ، مَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ " فَلَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ بِالْمَجِيءِ إِلَيْهِ فِي هَذَا لِلَيْلَةِ مُزْدَلِفَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، مُزْدَلِفَةَ وَلَا غَيْرَهَا وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ بِالْمَجِيءِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مُزْدَلِفَةَ كَمَا فِي حَدِيثِ عَلِيِّ الحديث: 1408 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ الَّذِي ذَكَرْنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ عَرَفَةَ، فَلَا يَكُونُ لِلْمُزْدَلِفَةِ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الَّذِي رُوِّينَا حُكْمٌ 1410 - فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا أَبَا بَكْرَةَ بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، فَجَاءَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ الْحَجُّ؟ قَالَ: " الْحَجُّ عَرَفَاتٌ، مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ " فَكَانَ الْمَقْصُودُ بِالْمَجِيءِ إِلَيْهِ، وَالْوُقُوفِ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي لَيْلَةِ مُزْدَلِفَةَ، عَرَفَةَ، لَا مُزْدَلِفَةَ، فَقَدِ اضْطَرَبَ عَلَيْنَا حَدِيثُ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ نَظَرْنَا فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ، كَيْفَ هُوَ؟ 1411 - فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْحَجُّ عَرَفَةُ أَوْ عَرَفَاتٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ " وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدِ اللَّيْلَةَ خَاصَّةً، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَرَادَ اللَّيْلَةَ خَاصَّةً لَكَانَ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا سَوَاءً، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ مَفْعُولًا فِيهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ هَذَا مَا يَدُلُّنَا عَلَيْهِ مَا هُوَ، فَلَمْ نَجِدْ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا مَا يَدُلُّنَا عَلَى تَوْكِيدِ أَمْرِ مُزْدَلِفَةَ، إِلَّا مَا فِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ خَاصَّةً مِمَّا قَدْ خَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ، فَوَجَدْنَا الَّذِي فِيهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَزَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَرِيبًا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَوَجَدْنَا الَّذِي فِيهِ مِنْ حَدِيثِ مُطَرَّفِ بْنِ طَرِيفٍ زَائِدًا عَلَى مَا فِي أَحَادِيثِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا، لِأَنَّ فِي حَدِيثِهِ: " وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ، يَعْنِي الْوُقُوفَ بِمُزْدَلِفَةَ، فَلَا حَجَّ لَهُ " فَكَانَ ذَلِكَ إِنْ حُمِلَ عَلَى مَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ كَثْرَةِ عَدَدِ الرُّوَاةِ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مِمَّا بِهِ يَنْفَرِدُ بِهِ الْوَاحِدُ دُونَهُمْ، كَانَ مَا رَوَى هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ فِي ذَلِكَ أَوْلَى الحديث: 1410 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ مُطَرَّفُ بْنُ طَرِيفٍ وَإِنْ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى التَّكَافُؤِ، فَجُعِلَ الْمُنْفَرِدُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ، إِذْ كَانَ بَيِّنًا فِي حَدِيثِهِ، مُكَافِئًا لِهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ، يَعْنِي مُزْدَلِفَةَ: فَلَا حَجَّ لَهُ "، أَيْ لَا حَجَّ لَهُ مُتَكَامِلَ الْأَسْبَابِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ "، لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالْوُضُوءِ الَّذِي لَا يُسَمِّي عَلَيْهِ طَاهِرًا وَلَا مُنْتَقِلًا مِنْ حَالِ حَدَثٍ إِلَى حَالِ طَهَارَةٍ، وَلَكِنْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِهِ مُتَوَضِّئًا الْوُضُوءَ الْمُتَكَامِلَ الْأَسْبَابَ الْمَأْمُورَ بِهَا فِيهِ وَكَمَا قَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " مَنْ قَدَّمَ ثَقَلَهُ فَلَا حَجَّ لَهُ " 1412 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: " مَنْ قَدَّمَ ثَقَلَهُ فَلَا حَجَّ لَهُ " فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ بِتَقْدِيمِهِ ثَقَلِهِ فِي مَعْنَى: مَنْ لَمْ يَحْجُجْ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَقَدْ حَجَّ قَبْلَ ذَلِكَ وَحَلَّ مِنْ حَجِّهِ؟ وَلَكِنَّهُ فِي مَعْنَى: مَنْ حَجَّ الْحَجَّ النَّاقِصَ عَمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَعْقِبُهُ فِي وَقْتِ الشُّخُوصِ عَنْ مَكَّةَ إِلَى حَيْثُ يُرِيدُ الْحَاجُّ، وَسَنَذْكُرُ فِيمَا بَعْدُ هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، حُكْمَ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَهَلْ هُوَ فِي حُكْمِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فِي الْحَجِّ كَمَا يَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ، أَوْ هُوَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ وَيَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا جَامِعًا بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهُمَا بِهَا جَمِيعًا فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا كَيْفَ يُصَلِّيهُمَا، أَبِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ، أَوْ بِأَذَانٍ وَإِقَامَة وَاحِدَة؟ أَوْ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا أَذَانٍ؟ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: يُصَلِّيهُمَا بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا 1413 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، " أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الحديث: 1412 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 صَلَاتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بِجَمْعٍ، كُلُّ صَلَاةٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالْعِشَاءُ بَيْنَهُمَا " 1414 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا أَتَى جَمْعًا صَلَّى الصَّلاتَيْنِ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا " وَأَمَّا مَا رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي هَذَا، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِلْآخِرَةِ مِنْهُمَا مِنْ أَجْلِ الْعِشَاءِ الَّذِي كَانَ جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا وَلَا نَدْرِي كَيْفَ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِلَا فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا مِنْ عِشَاءٍ، وَلَا غَيْرِهِ، أَهُوَ بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ؟ أَوْ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ؟ أَوْ بِإِقَامَةٍ لَا أَذَانَ مَعَهَا؟ وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَفِي حَدِيثِهِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ، أَنَّهُ " لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا "، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا، وَلَكِنَّهُ يَغْشَى بَيْنَهُمَا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ لِلثَّانِيَةِ مِنْهُمَا كَذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ بِمَا فَعَلَهُ بَيْنَهُمَا مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ سَقَطَ عَنْهُ التَّأْذِينُ وَالْإِقَامَةُ لِلْآخِرَةِ مِنْهُمَا، أَوِ التَّأْذِينُ لَهَا خَاصَّةً، وَعَادَ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِهِمَا بِمُزْدَلِفَةَ إِلَى حُكْمِهِمَا فِي سَائِرِ الْأَمَاكِنِ سِوَاهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا مَا يَدُلُّنَا عَلَى كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَلَا فَاصِلَ يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَهُمَا مِنْ صَلَاةٍ وَمِنْ عِشَاءٍ وَمِنْ غَيْرِهِمَا فَنَظَرْنَا فِي ذَلِك فَوَجَدنَا: 1415 - يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، الحديث: 1414 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 1415 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: " كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَجْعَلُ الْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ " فَعَادَ بِذَلِكَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا إِلَى مَعْنَى حَدِيثِ عُمَرَ الَّذِي رُوِّينَاهُ قَبْلَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَلِيلٌ عَلَى كَيْفِيَّةِ جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ بِمُزْدَلِفَةَ بِلَا فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا مِنْ عَشَاءٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: يُصَلِّيهُمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا أَذَانٍ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، بِهَذَا الْقَوْلِ وَقَدْ رُوِيَ فِيمَا يُوَافِقُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 1416 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، " أَنَّهُ صَلَّى مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِجَمْعٍ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا، وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ حَدَّثَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَحَدَّثَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ " 1417 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، قَالَا: " صَلَّى بِنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بِإِقَامَةٍ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَنَعَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَحَدَّثَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِثْلَ ذَلِكَ " 1418 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 1415 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمْعٍ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ " 1419 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا، وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا هَذَا؟ قَالَ " صَلَّيْتُهُمَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَكَانِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ "، 1420 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1421 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ ثِقَةٌ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَلِيٌّ الْأَزْدِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ " فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِمُزْدَلِفَةَ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّهُ حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِهَا كَذَلِكَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَذَّنَ مَعَهُمَا، وَلَمْ يُنْقَلُ إِلَيْنَا فِي هَذِهِ الْآثَارُ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا: 1422 - رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: صَلَّى عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بِالْمُزْدَلِفَةِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ مَعَهَا أَذَانٌ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَالَ " الصَّلَاةُ "، ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ خَالِدُ بْنُ مَالِكٍ الْحَارِثِيُّ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: " صَلَّيْتُ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَكَانِ لَيْسَ مَعَهَا أَذَانٌ " الحديث: 1419 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ كَشَفَ الْمَعْنَى الَّذِي قَدْ طَلَبْنَاهُ، وَثَبَتَ بِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَاهُ عَنْهُ، وَنَظَرْنَا فِيهِ أَيْضًا، فَوَجَدْنَا: 1423 - يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا لَمْ يُنَادِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَّا بِالْإِقَامَةِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، وَلَا عَلَى إِثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهَا "، وَوَجَدْنَا إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى الْمُزَنِيَّ، 1424 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " لَمْ يُنَادِ بَيْنَهُمَا، وَلَا عَلَى إِثْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَّا بِإِقَامَةٍ " وَهَكَذَا حِفْظِي عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، غَيْرَ أَنِّي وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ يُونُسَ كَمَا قَصَصْتُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا 1425 - وَوَجَدْنَا أَبَا بَكْرَةَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لَمْ يُنَادِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَّا بِالْإِقَامَةِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا " فَكَانَ حَدِيثُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي نَفْيِ الْأَذَانِ مِنَ الصَّلَاتَيْنِ بِمُزْدَلِفَةَ كَحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ قَبْلَهُ الحديث: 1423 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ صَلَّى هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ بِمُزْدَلِفَةَ كَذَلِكَ أَيْضًا 1426 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رُومِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا غَيْلَانُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ "، يَعْنِي بِمُزْدَلِفَةَ 1427 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يُوسُفَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، " عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ صَلَّى بِالْمُزْدَلِفَةِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ " وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: يُصَلِّيهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ بِلَا أَذَانٍ، وَيَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا 1428 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: دَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ، فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، فَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ، فَقُلْتُ لَهُ: الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: " الصَّلَاةُ أَمَامَكَ "، فَرَكِبَ حَتَّى جَاءَ مُزْدَلِفَةَ، فَنَزَلَ، فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى الْمَغِرَبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ، فَصَلَّاهَا، لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ، غَيْرَ أَنَّ الحديث: 1426 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 فِيهِ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ أَنَاخَ بَعِيرَهُ فِي مَنْزَلِهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَاجَتُهُ إِلَى الْإِقَامَةِ لِلصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ كَانَتْ، لِأَنَّ النَّاسَ لَمَّا تَشَاغَلُوا عَنِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ بِإِنَاخَةِ إِبِلِهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ، خَرَجُوا بِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْجَامِعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فَأَقَامُوا الصَّلَاةَ لِيَتْرُكُوا مَا هُمْ فِيهِ، وَيَرْجِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى يُصَلُّوهَا، فَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَشَاغُلٌ بِغَيْرِهِمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ جَمْعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِيَّاهُمَا هُنَاكَ بِإِقَامَتَيْنِ بِغَيْرِ تَشَاغُلٍ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِهِمَا كَمَا 1429 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: " جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، وَهِيَ الْمُزْدَلِفَةُ، صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا سُبْحَةٌ " فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ كَيْفِيَّةِ جَمْعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّلَاتَيْنِ هُنَاكَ، أَنَّهُ كَانَ بِإِقَامَتَيْنِ بِغَيْرِ تَشَاعُلٍ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ أَسْبَابِهِمَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِنْ جَمْعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَاكَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ هَذَا التِّبْيَانُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، مِنْ تِبْيَانِهِ كَيْفِيَّةِ جَمْعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا هُنَاكَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَاللهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يُذْكَرْ لَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَذَانٌ أَيْضًا وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: يُصَلِّيهُمَا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ كَمَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ جَمِيعًا وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 1430 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، الحديث: 1429 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَتَى مُزْدَلِفَةَ صَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ " وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: يُصَلِّيهُمَا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا 1431 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكَ، قَالَ: " وَقَفْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ بِعَرَفَةَ، فَلَمَّا أَتَى جَمْعًا جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَأْذِينُ ابْنِ عُمَرَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ وَقَدْ حَضَرَ جَمْعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فِي حَجَّتِهِ هُنَاكَ، فَاسْتَحَالَ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ يَزِيدُ عَلَى مَا قَدْ كَانَ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ، إِلَّا وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مَا تَجِبُ بِهِ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ إِمَّا مِنْ حَدِيثٍ حَدَّثَهُ غَيْرُهُ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمْرِ بِالْأَذَانِ فِيهِمَا، أَوْ بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذَّنَ فِيهِمَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَأْخُوذًا مِنَ الرَّأْيِ، وَلَا مُسْتَخْرَجًا بِقِيَاسٍ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ سِوَى مَا تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا إِيَّاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، هَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي كَانَ تَأْذِينُهُ فِي الْجَمْعِ لِهَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ، مَا هُوَ؟ فَوَجَدْنَا: 1432 - أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلامٍ الْبَغْدَادِيُّ الْعَطَّارُ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْقَاضِيُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُرَيْكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ بِجَمْعٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، صَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قَالَ: الصَّلَاةُ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ الحديث: 1431 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: هَكَذَا صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ تَأْذِينَهُ كَانَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي ذَلِكَ، وَامْتِثَالًا مِنْهُ لِفِعْلِهِ كَانَ فِيهِ وَهَذَا خِلَافُ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ هَذَا الْبَابِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ، وَوَجَدْنَا الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ تُجْمَعَانِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، كَانَتِ الصَّلَاتَانِ بِمُزْدَلِفَةَ فِي الْقِيَاسِ أَيْضًا كَذَلِكَ تُجْمَعَانِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ كَمَا قَالَ أَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ دُونَ مُزْدَلِفَةَ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَا يُجْزِئَانِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُمَا إِذَا أَتَى مُزْدَلِفَةَ مَعَ الْإِمَامِ إِنْ أَدْرَكَهُمَا مَعَهُ، أَوْ وَحْدَهُ إِنْ فَاتَتَاهُ مَعَ الْإِمَامِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ، بِذَلِكَ وَكَانَا يَحْتَجَّانِ فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قَوْلِهِ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لَمَّا قَالَ لَهُ دُونَ مُزْدَلِفَةَ: الصَّلَاةُ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الصَّلَاةُ أَمَامَكَ " وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ فِي تَقْدِيمِهِ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَكَانَ مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَكَانَ مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُسَامَةَ: " الصَّلَاةُ أَمَامَكَ "، قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا بِالنَّاسِ عَلَى مَا يُصَلِّيهَا بِالنَّاسِ عَلَيْهِ وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَقَالَ فِيهِ: " الْمُصَلَّى أَمَامَكَ " كَمَا 1433 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلّى الحديث: 1433 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ عَرَفَةَ إِلَى جَمْعٍ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَفَضْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ الشِّعْبِ، فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُصَلِّي؟ فَقَالَ: " الْمُصَلَّى أَمَامَكَ "، حَتَّى أَتَى جَمْعًا، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا قَدْرُ مَا وَضَعْنَا عَنْ رَوَاحِلِنَا، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا كَمَا 1434 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ، قَالَ: لَمَّا أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ مَالَ إِلَى الشِّعْبِ، وَبَالَ، وَتَوَضَّأَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، الصَّلَاةُ؟ قَالَ: " الْمُصَلَّى أَمَامَكَ " فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: " الْمُصَلَّى أَمَامَكَ "، أَيْ أَنَّ الْمُصَلَّى الَّذِي أَجْمَعُ فِيهِ بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ أَمَامَكَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، فَلَمْ نَجِدِ الصَّلَاةَ بِالْمُزْدَلِفَةِ لِلْحَاجِّ تَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْأُولَى مِنْهُمَا يَدْخُلُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا يَدْخُلُ بِغَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ، غَيْرَ أَنَّهُ أُبِيحَ لِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ تَأْخِيرُ أُولَاهُمَا إِلَى وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا حَتَّى يَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا أَوْ يَكُونَ وَقْتُهُمَا عِنْدَ الْقُدُومِ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الصَّلَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُصَلَّيَانِ بِعَرَفَةَ، أَيُّهِمَا لَوْ صَلَّيْنَا دُونَهَا، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ، كَانَتَا مُجْزِئَتَيْنِ فَالصَّلَاتَانِ بِمُزْدَلِفَةَ أَحْرَى أَنْ تَكُونَا كَذَلِكَ، لِأَنَّ أَمْرَ عَرَفَةَ لَمَّا كَانَ أَوْكَدَ مِنْ أَمْرِ مُزْدَلِفَةَ، كَانَ مَا يُفْعَلُ فِي عَرَفَةَ أَوْكَدُ مِمَّا يُفْعَلُ فِي مُزْدَلِفَةَ، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ فِيهِ، وَانْتَفَى مَا قَالَ الْآخَرُونَ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا صَلَّاهُمَا بِالشِّعْبِ الحديث: 1434 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 1435 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، " أَنَّ أَبَاهُ قَدِيمًا كَانَ صَلَّاهُمَا عَلَى الْجَبَلِ، وَرُبَّمَا صَلَّاهُمَا بِجَمْعٍ، وَرُبَّمَا صَلَّاهُمَا بِالشِّعْبِ حَيْثُ مَا صَلَّاهُمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا " وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ بِعَرَفَةَ مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِهَا مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَطْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا 1436 - قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ " قَالَ أَسَدٌ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُنَا وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ 1437 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: " مَنْ لَمْ يَقِفْ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ " وَيَنْبَغِي لِمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنَ الْحَاجِّ أَلَّا يُفِيضَ مِنْهَا حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ ، فَإِنَّهُ إِنْ أَفَاضَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حُكْمِهِ، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: قَدْ فَسَدَ حَجُّهُ وَيَرْوُونَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَا 1438 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُنَا فَيُعَلِّمُنَا الحديث: 1435 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 الْمَنَاسِكَ، فَيَقُولُ: " أَلَا كُلُّ عَرَفَاتٍ مَوْقِفٌ "، يُرَدِّدُهَا ثَلَاثًا، وَإِذَا أَفَاضَ الْإِمَامُ أَفَاضَ: " أَلَا وَلَا صَلَاةَ إِلَّا بِجَمْعٍ "، يُرَدِّدُهَا ثَلَاثًا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ صَلَّى صَلَاةً مُعَجَّلَةً، ثُمَّ وَقَفَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمُصْبَحَةِ: " أَلَا وَلَا يَكُونُ أَحَدُكُمْ قَدْ أَنْفَقَ مَالَهُ، وَأَصَابَهُ الْحَرُّ وَالْبَرْدُ، فَيُفِيضُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَ النَّاسِ فَيَفْسُدُ حَجُّهُ " وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ يَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِمَا نَزَلَ مِنَ الْوُقُوفِ الَّذِي قَدْ كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ لَمَّا دَخَلَ فِيهِ، أَلَّا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ وَقْتِهِ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ 1439 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " مَنْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَفْضَلَ مِنَ الْوُقُوفِ بِهَا فِي اللَّيْلِ، وَكَانَ الْوُقُوفُ بِهَا فِي اللَّيْلِ يُجْزِئُ مِنْهُ أَقَلُّ الْقَلِيلِ، كَانَ الْوُقُوفُ بِهَا بِالنَّهَارِ أَحْرَى أَنْ يُجْزِئَ مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ مُقَصِّرًا، وَوَجَبَ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُقَصِّرِ فِي أَشْكَالِهِ فِي أُمُورِ الْحَجِّ وَهُوَ الدَّمُ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ صَلَّى مَعَنَا صَلَاتَنَا هَذِهِ، وَقَدْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ " فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ أَنَّهُ مِمَّنْ قَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَلَيْسَ مَعْنَى " تَمَّ حَجُّهُ " إِلَّا شَيْئًا عَلَيْهِ مِنْ حَجِّهِ، غَيْرَ وُقُوفِهِ الَّذِي كَانَ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ " فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ " أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ إِنْ تَرَكَهُ مِنْهُ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: " الْحَجُّ عَرَفَةُ "، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ الحديث: 1439 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 لَيْسَ إِلَّا عَرَفَةَ خَاصَّةً، لِأَنَّ فِيهِ مَا سِوَاهَا مِنَ الطَّوَافِ، وَمِنَ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَمِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا لِلْحَاجِّ، وَلَكِنْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ " الْحَجُّ عَرَفَةُ "، أَيْ أَنَّ عَرَفَةَ إِذَا فَاتَتْ فَاتَ الْحَجُّ، وَمَا سِوَاهَا مِنْ أُمُورِ الْحَجِّ مِمَّا لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ، أَوْ مِمَّا الدَّهْرُ لَهُ وَقْتٌ بِقَضَاءٍ أَوْ يَجِبُ الدَّمُ مَكَانَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي أَمْرِ عَرَفَةَ كَنَحْوِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ 1440 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَجَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَقِفْ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: " اذْهَبْ فَقِفْ، فَإِنِّي أَنْتَظِرُكَ "، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَعَلَ يَقُولُ: " أَجَاءَ الْأَعْرَابِيُّ؟ أَجَاءَ الْأَعْرَابِيُّ؟ " فَلَمَّا جَاءَ أَفَاضَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مِثْلُ ذَلِكَ 1441 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: " مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الصُّبْحِ فَقَدْ أَدْرَكَ " وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هُوَ فَرِيضَةٌ لَا بُدَّ لِلْحَاجِّ مِنْهُ، وَجَعُلوا حُكْمَهُ كَحُكْمِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَرَوَوْا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، لَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ غَيْرِهِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ، تَقُولُ: لَيْسَ الْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةَ مِنَ الْحَجِّ فَرِيضَةً كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجِّ الَّتِي لَا يَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ يُقَصِّرَ عَنْهَا، وَإِنْ تَرَكَهُ تَارِكٌ مِنَ الْحَاجِّ لَمْ يَبْطُلْ بِذَلِكَ حَجُّهُ، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ إِيَّاهُ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ، بِذَلِكَ وَكَانَ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لِقَوْلِهِمْ، أَنْ قَالُوا: رَأَيْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ مُزْدَلِفَةَ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: {فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ، وَذَكَرَهَا الحديث: 1440 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ، بِقَوْلِهِ " مَنْ صَلَّى مَعَنَا صَلَاتَنَا هَذِهِ، وَقَدْ كَانَ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ " كَمَا ذَكَرَ عَرَفَةَ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَبِمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ أَهْلِ الْقَوْلِ الثَّانِي عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ الْوُقُوفَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ذَكَرُوا، وَقَدْ رَأَيْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ مِنَ الْمَنَاسِكِ شَيْئًا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْفَرَائِضِ الَّتِي لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهَا كَعَرَفَةَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا سُورَة الْبَقَرَة آيَة فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمُوجِبٍ لِلصَّفَا، وَلَا لِلْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ حُكْمَ عَرَفَةَ فِيهِ، بَلْ هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى اخْتِلَافٍ يَخْتَلِفُونَهُ فِيهِ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ، تَقُولُ: عَلَى تَارِكِهِ دَمٌ، وَحَجُّهُ جَائِزٌ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ، تَقُولُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَمْرِهِمَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ تَرْكَ التَّطَوُّفِ بِهِمَا، فَلَمَّا كَانَ ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمَا فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذَكَرْنَا لَا يُوجِبُ لَهُمَا مُسَاوَاةَ عَرَفَةَ فِي حُكْمِهَا، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ ذِكْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْوُقُوفِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لَا يُوجِبُ لَهُ مُسَاوَاةَ عَرَفَةَ فِي حُكْمِهَا مَعَ أَنَّا وَجَدْنَا قَصْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إِنَّمَا هُوَ إِلَى الذِّكْرِ الَّذِي أُشِيرَ بِهِ عِنْدَهُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ سُورَة الْبَقَرَة آيَة وَقَدْ وَجَدْنَاهُمْ مُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ، أَوْ مَرَّ بِهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، أَوْ مَرَّ بِهِ نَائِمًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ مِنَ 1444 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي هَاشِمٍ: " يَا بَنِي أَخِي، تَعَجَّلُوا قَبْلَ زِحَامِ النَّاسِ، وَلَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ " الحديث: 1444 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ الذِّكْرُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ لَيْسَ مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ الَّذِي لَا يُجْزِئُ إِلَّا بِإِصَابَتِهِ كَعَرَفَةَ الَّتِي لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهَا، كَانَ الْوُقُوفُ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ بِعَيْنِهِ فِي الْآيَةِ أَحْرَى أَلا يَكُونَ كَذَلِكَ ، مَعَ أَنَّا وَجَدْنَا السُّنَّةَ قَدْ قَامَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِ مُزْدَلِفَةَ بِمَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِهَا لَيْسَ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذْنِهِ لِسَوْدَةَ بِالْإِفَاضَةِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ قَبْلَ وُقُوفِهَا بِهَا، كَمَا 1442 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَانَتْ سَوْدَةُ امْرَأَةً ثَبْطَةً ثَقِيلَةً، فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُفِيضَ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ أَنْ تَقِفَ، فَأَذِنَ لَهَا، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ اسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لِي " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَخَّصَ لِسَوْدَةَ فِي تَرْكِ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ، وَهِيَ مُزْدَلِفَةُ، وَعَذَرَهَا بِذَلِكَ لِثِقَلِهَا وَمِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُهُ لِضَعَفَةِ أَهْلِهِ مِنْ جَمْعٍ، وَهِيَ مُزْدَلِفَةُ، بِلَيْلٍ، كَمَا 1443 - قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الرَّدِيُّ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوَادِ ضَعَفَةِ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى جَمْرَاتٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: " يَا بَنِيَّ، أَفِيضُوا، وَلَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 1445 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَعَلَيْنَا سَوَادٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ أَفْخَاذَنَا، وَيَقُولُ: " أَبَنِيَّ، أَفِيضُوا، وَلَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ " 1446 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ لَيْلَةَ جَمْعٍ، فَأَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْسَانًا مِنْهُمْ، فَحَرَّكَ فَخْذَهُ، وَقَالَ: " لَا تَرْمِيَنَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ " 1447 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدَّمَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ، فَجَعَلَ يُلَطِّخُ أَفْخَاذَنَا، وَيَقُولُ: " أَبَنِيَّ، لَا تَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ "، 1448 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1449 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، 1450 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ الحديث: 1445 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 1451 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " حَمَلَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى جَمْرَاتٍ "، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 1452 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْبُرْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوَادِ ضُعَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى جَمْرَاتٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ 1453 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَعَفَةِ أَهْلِهِ لَيْلًا مِنْ جَمْعٍ، وَقَالَ لَهُمْ: " لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ " 1454 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كُرَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ وَثَقَلَهُ أَنْ يُفِيضُوا مَعَ أَوَّلِ الْفَجْرِ بِسَوَادٍ، وَلَا يَرْمُوا الْجَمْرَةَ إِلَّا مُصْبِحِينَ " 1455 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِلْعَبَّاسِ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ: " اذْهَبْ بِضُعَفَائِنَا وَنِسَائِنَا، فَلْيُصَلُّوا الصُّبْحَ بِمِنًى، وَلْيَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ أَنْ تُصِيبَهُمْ دَفْعَةُ النَّاسِ " الحديث: 1451 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 قَالَ: وَكَانَ عَطَاءٌ يَفْعَلُهُ بَعْدَمَا كَبِرَ وَضَعُفَ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَخَّصَ لِضَعَفَةِ أَهْلِهِ فِي الْإِفَاضَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ، وَفِي ذَلِكَ تَرْكُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ، وَتَرْكٌ لِلْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا 1456 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ، فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَالْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ، فَيَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ مَا بَدَا لَهُمْ، ثُمَّ يَدْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ، وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدُمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدُمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمُوا الْجَمْرَةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: " أَرْخَصَ لِأُولَئِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " 1457 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، جَمِيعًا، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِضَعَفَةِ النَّاسِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا فِي تَرْكِ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رُوِّينَا وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ 1458 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَالِمِ بْنِ شَوَّالٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: " كُنَّا نُغَلِّسُ مِنْ الحديث: 1456 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 جَمْعٍ بِلَيْلٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَهَذَا مِثْلُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ 1459 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ مَوْلَاةً لِأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَتْهُ، قَالَتْ: " جِئْنَا مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ بِغَلْسٍ، فَقُلْتُ لَهَا: لَقَدْ جِئْنَا مِنًى بِغَلْسٍ، فَقَالَتْ: قَدْ كُنَّا نَصْنَعُ هَذَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكِ " 1460 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: " أَيْ بُنَيَّ، هَلْ غَابَ الْقَمَرُ لَيْلَةَ جَمْعٍ؟ " وَهِيَ تُصَلِّي، وَنَزَلَتْ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، قَالَ: قُلْتُ: لَا قَالَ: فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: " أَيْ بُنَيَّ، هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ " وَقَدْ غَابَ، فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَتْ: " فَارْتَحِلُوا " فَارْتَحَلْنَا، ثُمَّ مَضَيْنَا بِهَا حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا فَقُلْتُ لَهَا: أَيْ هَنْتَاهْ، لَقَدْ غَلَّسْنَا قَالَتْ: " كَلَّا يَا بُنَيَّ، إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظُّعُنِ " فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَةَ تَرْكَ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَصْلًا، وَفِيَها تَقْدِيمُهُ ضَعَفَةَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى بِلَيْلٍ وَفِي ذَلِكَ تَرْكُهُمْ أَيْضًا الْوُقُوفَ بِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْوُقُوفَ بِهَا مِنْ بَعْضِ اللَّيْلِ فَفِي إِبَاحَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ ذَلِكَ لِلضَّعْفِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ بِهَا لَيْسَ مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ الَّذِي لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهِ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ الَّذِي لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهِ الحديث: 1459 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ ضَعُفَ عَنِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَتَرَكَ ذَلِكَ لِضَعْفِهِ عَنْهُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، أَنَّ حَجَّهُ قَدْ فَسَدَ، وَأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ بِهَا بَعْدَ الزَّوَالِ، ثُمَّ نَفَرَ مِنْهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالضَّعْفِ الَّذِي بِهِ، وَأَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ تَقُولُ: عَلَيْهِ دَمٌ فِي تَرْكِهِ بَقِيَّةَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ، تَقُولُ: قَدْ فَسَدَ حَجُّهُ وَمُزْدَلِفَةُ فَلَمْ تُجْعَلْ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الَّذِينَ أَوْجَبُوا الْوُقُوفَ بِهَا قَدْ رَخَّصُوا لِمَنْ وَقَفَ بِهَا فِي النُّفُورِ عَنْهَا بَعْدَ وُقُوفِهِ بِهَا قَبْلَ فَرَاغِ وَقْتِهَا، وَهُوَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ لِلْعُذْرِ وَلِلضَّعْفِ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ عَرَفَةَ لَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْوُقُوفِ بِهَا لِلْعُذْرِ، وَلَا يَحِلُّ النُّفُورُ مِنْهَا قَبْلَ أَوَانِ وَقْتِهِ بِالْعُذْرِ، وَكَانَتْ مُزْدَلِفَةُ مِمَّا يُبَاحُ ذَلِكَ مِنْهَا بِالْعُذْرِ، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ مَزْدَلِفَةَ لَيْسَ فِي حُكْمِ عَرَفَةَ، وَأَنَّ الَّذِي لَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالْعُذْرِ هُوَ الْوَاجِبُ، وَأَنَّ الَّذِي يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ هُوَ الَّذِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ أَلَا تَرَى أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا طَوَافَ الْحَجِّ الْوَاجِبَ فِيهِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهِ، وَلَا تُجْزِئُ مِنَهُ الدِّمَاءُ، وَهُوَ طَوَافُ يَوْمِ النَّحْرِ، لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ فِي تَرْكِهِ بِضَعْفٍ وَلَا بِغَيْرِهِ، وَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ مِنَ النِّسَاءِ فِي تَرْكِهِ لِحَيْضٍ وَلَا لِغَيْرِهِ، وَأَنَّ طَوَافَ الصَّدَرِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَرَ رَجُلٌ وَلَمْ يَطُفْهُ لَا لِعُذْرٍ، أَوْ لِعُذْرٍ، كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَأَجْزَأَهُ حَجُّهُ، وَلَوْ نَفَرَتِ امْرَأَةٌ حَائِضٌ وَلَمْ تَطُفْهُ كَانَتْ غَيْرَ مُسِيئَةٍ فِي ذَلِكَ، بَلْ هَيَ فِي رُخْصَةٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِي تَرْكِهِا فِيهِ فَكَانَ مَا وَصَفْنَا دَلِيلًا عَلَى الطَّوَافِ الْوَاجِبِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ، وَعَلَى الطَّوَافِ الَّذِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَالَّذِي مِنْهُ بُدٌّ فَكَانَ كَذَلِكَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَبِمُزْدَلِفَةَ، مَا كَانَ مِنْهُ لَا يَقْسُطُ بِعُذْرٍ، وَلَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِ اسْتِتْمَامِهِ لِلْعُذْرِ، هُوَ الْفَرْضُ، وَمَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ، وَيُرَخَّصُ فِي تَرْكِ اسْتِتْمَامِهِ لِلْعُذْرِ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا قَالَ الَّذِينَ ذَهَبُوا فِي حُكْمِ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَنْ سَمَّيْنَاهُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَجْزَأَهُ مِنَه الدَّمِ، وَمَنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِ مُزْدَلِفَةَ وَفِي الْوُقُوفِ بِهَا مَا 1461 - قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الحديث: 1461 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَتَى جَمْعًا صَلَّى بِهِمُ الصَّلَاتَيْنِ جَمِيعًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى قُزَحَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: " هَذَا قُزَحُ، وَهَذَا الْمَوْقِفُ، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ "، ثُمَّ أَفَاضَ 1462 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ " 1463 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي حُسَيْنٍ، يُخْبِرُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَطَاءٌ جَالِسٌ يَسْمَعُ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ " وَلَمْ يُبَيِّنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ مُزْدَلِفَةَ شَيْئًا، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا أَنَّ بَطْنَ مُحَسِّرٍ خَارِجٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ مُزْدَلِفَةَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرَ مَذْكُورٍ فِي هَذِهِ الْآثَارِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَالسَّلَمِ الْمُسْتَثْنَى بِاتِّفَاقِهِمْ مِنْ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ لَمْ يُذْكَرْ فِي نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْوَاقِفِينَ بِمُزْدَلِفَةَ أَنْ يَرْتَفِعُوا عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ مِنْهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَيْضًا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَرَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا فِيمَا الحديث: 1462 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 1464 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ " وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِمَّا عَبْدُ اللهِ، وَإِمَّا عُرْوَةُ 1465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " ارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ " 1466 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قَالَ: " تَعْلَمُونَ أَنَّ الْمُزْدَلِفَةَ كُلَّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ مُحَسِّرٍ " 1467 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: " جَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنُ مُحَسِّرٍ " وَهَذَا مِمَّا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، وَلَا بِالِاسْتِخْرَاجِ، وَلَا بِالْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ بِالتَّوْقِيفِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَخْذِهِ إِيَّاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَجَدْنَا ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا كَمَا 1468 - قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ارْتَفِعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ، وَعَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ " 1469 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الحديث: 1464 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ " وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّي فِي مُزْدَلِفَةَ صَلَاةَ الصُّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهَا يَوْمَئِذٍ كَذَلِكَ كَمَا 1470 - قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً قَطُّ فِي غَيْرِ مِيقَاتِهَا إِلَّا أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ، وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ لِغَيْرِ مِيقَاتِهَا " 1471 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَحَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَاللَّفْظُ لِوَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللهِ فِي إِمَارَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَبِتْنَا بِجَمْعٍ، فَلَمَّا رَأَيْنَا أَوَّلَ الْفَجْرِ قَامَ عَبْدُ اللهِ، فَصَلَّى الصُّبْحَ، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ مَا كُنْتَ تُصَلِّيهَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يُسْفِرُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَفِي هَذِهِ السَّاعَةِ " ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ انْصِرَافِ الرَّجُلِ الْمُسْفِرِ بِصَلَاتِهِ، قَالَ: لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَاضَ الْآنَ كَانَ قَدْ أَصَابَ فَأَفَاضَ عُثْمَانُ حِينَئِذٍ 1472 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: " حَجَّ عَبْدُ الحديث: 1470 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 اللهِ، فَأَمَرَنِي عَلْقَمَةُ أَنْ أَلْزَمَهُ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، قَالَ: أَقِمْ قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ مَا رَأَيْتُكَ تُصَلِّي فِيهَا قَطُّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي هَذَا الْمَكَانِ فِي هَذَا الْيَوْمِ قَالَ عَبْدُ اللهِ: هُمَا صَلَاتَانِ تُحَوَّلَانِ عَنْ وَقْتِهِمَا: صَلَاةُ الْمَغْرِبِ بَعْدَمَا يَأْتِي النَّاسُ الْمُزْدَلِفَةَ، وَصَلَاةُ الْغَدَاةِ حِينَ يَبْزُغُ الْفَجْرُ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ " قَالَ زُهَيْرٌ: قَالَ إِسْحَاقُ: فَسَأَلْتُهُ مَتَى أَفَاضَ مِنَ الْمَشْعَرِ؟ قَالَ: انْصِرَافَ الْمُسْفِرِينَ 1473 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضْطَجَعَ بِالْمُزْدَلِفَةِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِنِدَاءٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَرَقَى عَلَيْهِ، فَحَمِدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَلَّلَهُ، وَكَبَّرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا، أَظُنُّهُ قَالَ: حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ " وَهَكَذَا يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا، لَا نَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: " وَبَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ "، بِمُوجِبٍ أَنَّ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ لَيْسَ بِمُزْدَلِفَةَ، بَلْ هُوَ مُزْدَلِفَةُ، وَمَعْنَى قَوْلِ جَابِرٍ هَذَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ مَوْضِعًا مِنْ مُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ رَكِبَ مِنْهُ حَتَّى أَتَى مَوْضِعًا آخَرَ مِنْهَا، وَهُوَ الْمَشْعَرُ وَقَدْ رُوِيَ فِي أَنَّ الْمَشْعَرَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ مَا 1474 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ، قَالَ: هُوَ الْجَبَلُ وَمَا حَوْلَهُ " 1475 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، وَهُوَ الحديث: 1473 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، عَنِ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، فَسَكَتَ حَتَّى أَفَاضَ، وَتَلَبَّطَتْ أَيْدِي الرِّكَابِ فِي تِلْكَ الْجِبَالِ، فَقَالَ: هَذَا الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ " 1476 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ أَبُو شُرَيْحٍ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، جَمِيعًا، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ إِلَى بَطْنِ مُحَسِّرٍ الْمُزْدَلِفَةُ مَنْزِلَةٌ لِمَنْ شَاءَ " 1477 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، جَمِيعًا، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ، قَالَ: الْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا " 1478 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، جَمِيعًا، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ، قَالَ: مَا بَيْنَ جَبَلَيِ الْمُزْدَلِفَةِ " وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُفِيضَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مِنْهَا 1479 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: كُنَّا وُقُوفًا مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِجَمْعٍ، فَقَالَ: " إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرَقَ ثَبِيرُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ، فَأَفَاضَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ " الحديث: 1476 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 1480 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْمُزْدَلِفَةِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِنِدَاءٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَرَقَى عَلَيْهِ، فَحَمِدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، هَلَّلَهُ، وَكَبَّرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا، أَرَاهُ قَالَ: حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1481 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَرْبُوعٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَاقِفًا عَلَى قُزَحَ وَهُوَ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَصْبِحُوا "، ثُمَّ دَفَعَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ فَخْذَهُ قَدِ انْكَشَفَ مِمَّا يَحْرِشُ بَعِيرَهُ بِمِحْجَنِهِ وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَا 1482 - قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: " أَسْفَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالدَّفْعَةِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا تَنْتَظِرُ أَفِعْلَ الْجَاهِلِيَّةِ؟ " ثُمَّ تَهَيَّأَ فَدَفَعَ، وَدَفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَالنَّاسُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ رُوِيَ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تُجْعَلُ بَيْنَ الْإِفَاضَةِ وَبَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ شَيْءٌ؟ قِيلَ لَهُ: نَعَمْ، قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا الحديث: 1480 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 1483 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، قَالَ: كُنَّا وُقُوفًا مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِجَمْعٍ، فَقَالَ: " إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرَقَ ثَبِيرُ، كَيْمَا نُغِيرُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ، فَأَفَاضَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِقَدْرِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ صَلَاةَ الصُّبْحِ " فَهَذَا هُوَ الْوُقُوفُ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ وَالنَّاسِ أَنْ يَنْفِرُوا مِنْ مُزْدَلِفَةَ فِيهِ، لَا يَتَقَدَّمُونَهُ، وَلَا يَتَأَخَّرُونَهُ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} الْآيَةَ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} قَالَ أَحْمَدُ: فَكَانَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْإِفَاضَةَ الْأُولَى مِنْ عَرَفَاتٍ، وَعَلَى أَنَّ الْإِفَاضَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، لِأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ، {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} ، غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ تَأَوَّلُوا ذَلِكَ عَلَى إِفَاضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُحْكَمِ الْمُتَّفَقِ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ، وَجَعَلُوا قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} ، فِي مَعْنَى: وَأَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ، وَقَالُوا: قَدْ تُجْعَلُ " ثُمَّ " فِي مَوْضِعِ الْوَاوِ، وَكَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} الحديث: 1483 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 فَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} ، فِي مَعْنَى: وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ وَقَالُوا: إِنَّمَا كَانَ السَّبَبُ فِي نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَذَكَرُوا مَا: 1484 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى أَبُو شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: " كَانَتْ قُرَيْشٌ وَخُزَاعَةُ لَا يَفِيضُونَ إِلَّا مِنَ الْحَرَمِ، لَا يُجَاوِزُونَهُ، وَكَانَ سَائِرُ النَّاسِ يُفِيضُونَ مِنْ عَرَفَاتٍ، فَأُمِرُوا أَنْ يُفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ " 1485 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " كَانَتْ قُرَيْشٌ تُفِيضُ مِنْ جَمْعٍ، وَيَقُولُونَ: إِنَّا حُمْسٌ، وَكَانَ سَائِرُ النَّاسِ يُفِيضُونَ مِنْ عَرَفَاتٍ، فَأُمِرُوا أَنْ يُفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ " 1486 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تُجَاوِزُ الْحَرَمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} ، الْآيَةَ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا 1487 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " ذَهَبْتُ أَطْلُبُ بَعِيرًا إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَخَرَجْتُ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ مَعَ النَّاسِ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا مِنَ الْحُمْسِ، فَمَا لَهُ خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ، يَعْنِي بِالْحُمْسِ قُرَيْشًا؟ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَقِفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْحُمْسُ، لَا نُجَاوِزُ الْحَرَمَ " الحديث: 1484 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِذَا نَفَرَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ أَنْ يَمْضِيَ إِلَى مِنًى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ، فَيَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَلَا يَرْمِي يَوْمَئِذٍ مِنَ الْجِمَارِ شَيْئًا غَيْرَهَا، ثُمَّ يَرْمِي مِنَ الْغَدِ الْجِمَارَ الثَّلَاثَ، يَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى الَّتِي تَلِي الْمَسْجِدَ، فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَيَقِفُ عِنْدَهَا، فَيَدْعُو، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى كَذَلِكَ أَيْضًا، وَيَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَيَكُونُ رَمْيُهُ هَذِهِ الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، ثُمَّ كَذَلِكَ يَفْعَلُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، ثُمَّ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ تَعَجَّلَ، وَلَا رَمْيَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ إِلَى الْغَدِ أَقَامَ وَرَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ كَمَا رَمَى فِي الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمْيِهِ إِيَّاهَا 1488 - فَإِنَّ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ أَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَتَرَكَهَا عَنْ يَمِينِهِ، حَتَّى إِذَا جَاوَزَهَا اسْتَقْبَلَهَا، فَرَمَاهَا فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ نَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا؟ فَقَالَ: " مِنْ هُنَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ رَمَاهَا الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ " 1489 - وَإِنَّ يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، وَالْحَجَّاجُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ اسْتَبْطَنَ الْوَادِي، فَاعْتَرَضَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ اعْتِرَاضًا، وَجَعَلَ الْجَبَلَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَرَمَاهَا، وَقَالَ: " هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ " 1490 - وَإِنَّ يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ، أَيْضًا، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: الحديث: 1488 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ حَاجًّا، فَوَقَفَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْعُظْمَى، فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَقَالَ: " هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ " وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا فِي مَقَامِ الرَّامِي لِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِيمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَيَّامِ الَّتِي يَرْمِيهَا فِيهَا وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَوْقَاتِ رَمْيِ الْجِمَارِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَفِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَيَّامِ الَّتِي يُرْمَى فِيهَا، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ عَمِلَ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا، وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ، وَهُوَ مَا: 1491 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَمَا سِوَاهَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ " 1492 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَقَامِ الَّذِي أَقَامَهُ لِرَمْيِ الْجِمَارِ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ كُلِّهَا، وَفِي عَدَدِ مَا رَمَاهَا بِهِ، وَفِي وُقُوفِهِ عِنْدَ مَا وَقَفَ عِنَدَهُ مِنْهَا، وَفِي تَرْكِهِ الْوُقُوفَ عِنْدَ مَا لَمْ يَقِفْ عِنْدَهُ مِنْهَا مَا: الحديث: 1491 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 1493 - قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى رَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا، فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ، رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، وَكَانَ يُطِيلُ الْوُقُوفَ، ثُمَّ أَتَى الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ، فَرَمَاهَا سَبْعَ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْحَدِرُ ذَاتَ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِي الْوَادِي، فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ، رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْعَقَبَةِ، فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا " قَالَ الزُّهْرِيُّ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ بِهَذَا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1494 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ " كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ، فَيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ " 1495 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ: الْكُوفِيَّانِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ، ثُمَّ أَتَى مِنًى، فَكَانَ بِهَا لَيَالِيَ مِنًى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، يَرْمِي الْجِمَارَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، الحديث: 1493 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 وَيُطِيلُ الْقِيَامَ، وَيَتَضَرَّعُ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّالِثَةَ، يَعْنِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا " وَيَنْبَغِي لِمَنْ آثَرَ أَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ أَنْ يَرْمِيَهَا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ كَمَا 1496 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَلَغَ وَادِي مُحَسِّرٍ، قَالَ: " عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، عَلَيْكُمْ بِحَصَاةِ الْخَذْفِ "، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ 1497 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَاوِلْنِي حَصَيَاتٍ "، فَنَاوَلْتُهُ حَصَى الْخَذْفِ، فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُنَّ بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: " بِمِثْلِهِنَّ بِمِثْلِهِنَّ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ " 1498 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَفَاضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، وَكَانَ يَقُولُ: " عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ "، ثُمَّ أَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ نَرْمِي الْجِمَارَ بِحَصَى الْخَذْفِ، ثُمَّ قَالَ: " لِتَأْخُذْ أُمَّتِي مَنَاسِكَهَا، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا " 1499 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ أَبِيُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، " الحديث: 1496 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُوا الْجِمَارَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ " 1500 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ قَيْسَرٍ الْأَعْرَجُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ النَّاسَ مَنَاسِكَهُمْ، فَقَالَ: " إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَارْمُوهَا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ " 1501 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ التَّيْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِمِنًى، فَفُتِحَتْ أَسْمَاعُنَا حَتَّى أَنْ كُنَّا لَنَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَنَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا، قَالَ: " فَطَفِقَ يُعَلِّمُهُمْ مَنَاسِكَهُمْ حَتَّى بَلَغَ الْجِمَارَ، فَقَالَ: بِحَصَى الْخَذْفِ، بِحَصَى الْخَذْفِ "، وَوَضَعَ أُصْبَعَيْهِ السَّبَابَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ أَمَرَ الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَنْزِلُوا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، وَأَمَرَ الْأَنْصَارَ أَنْ يَنْزِلُوا مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ النَّاسُ بَعْدُ 1502 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هِنْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ حَرْمَلَةَ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَجَجْتُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مُرْدِفِي سِنَانُ بْنُ سَنَّةٍ، فَلَمَّا وَقَفْنَا بِعَرَفَاتٍ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعًا إِحْدَى أُصْبَعَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، فَقُلْتُ لِعَمِّي، مَاذَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ: " ارْمُوا الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ " الحديث: 1500 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 1503 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَارْمُوهَا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ " 1504 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْحَارِثِ، عَنْ جُنْدُبٍ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " ارْمُوا الْجِمَارَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ " وَهَكَذَا رَمَاهَا بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا 1505 - قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، " أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي الْجِمَارَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ " فَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَرْمُوا الْجِمَارَ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتَعَدُّوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ مِقْدَارِ مَا يَرْمُونَ الْجِمَارَ بِهِ، كَمَا لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتَعَدُّوا ذَلِكَ فِي عَدَدِهِمْ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُونَهُ فِي هَذَا كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَكَذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا أَيْضًا وَيَنْبَغِي لِمَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَنْ يَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ يَرْمِيهَا بِهَا، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ دُونَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ يَقْطَعَ فِيهِ التَّلْبِيَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: يَقْطَعُهَا إِذَا الحديث: 1503 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ يَرْمِيهَا بِهَا يَوْمَ النَّحْرِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى عَرَفَةَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ 1506 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ " كَانَ يُلَبِّي فِي الْحَجِّ حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ " قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ عِنْدَنَا 1507 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الرَّبَعِيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَمِّهِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ " كَانَ يُهِلُّ يَوْمَ عَرْفَةَ حَتَّى يَرُوحَ " 1508 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّهَا كَانَتْ تَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ إِذَا رَاحَتْ إِلَى الْمَوْقِفِ " فَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ هِيَ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ لَا تَلْبِيَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِلْآخَرِينَ، أَنَّ هَذِهِ الْآثَارَ إِنَّمَا ذُكِرَ فِيهَا تَرْكُ الْمَذْكُورَةِ عَنْهُمُ التَّلْبِيَةُ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَلا يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ وَقْتَ التَّلْبِيَةِ قَدِ انْقَطَعَ عَنْهُمْ، وَلَكِنْ عَلَى أَنَّ الرُّوَاةَ الَّذِينَ رَوَوْهَا عَنْهُمْ لَمْ يَسْمَعُوهُمْ يُلَبُّونَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَحَكُوا مَا عَلِمُوا، وَسَمِعَهُمْ غَيْرُهُمْ يُلَبُّونَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَانَ أَوْلَى مِنْهُمْ، فَاعْتُبِرَ مَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، هَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا؟ 1509 - فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، الحديث: 1506 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ الْأَسْوَدِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَخَطَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِعَرَفَةَ، فَلَمَّا لَمْ يَسْمَعْهُ يُلَبِّي، صَعَدَ إِلَيْهِ الْأَسْوَدُ، فَقَالَ: " مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُلَبِّيَ؟ " فَقَالَ: أَوَ يُلَبِّي الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِي مِثْلِ مَقَامِي؟ قَالَ الْأَسْوَدُ: " نَعَمْ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُلَبِّي وَهُوَ فِي مِثْلِ مَقَامِكَ هَذَا، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى صَدَرَ بَعِيرُهُ عَنِ الْمَوْقِفِ " قَالَ: فَلَبَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ فَهَذَا الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ قَدْ وَقَفَ عَلَى أَنَّ عُمَرَ قَدْ لَبَّى بَعْدَ الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَةَ، وَحَدَّثَ بِذَلِكَ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَبِلَ مِنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ذَلِكَ، وَرَآهُ أَوْلَى مِمَّا كَانَ ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ تَلْبِيَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَعْدَ رَوَاحِهِ إِلَى عَرَفَةَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِدُونِ هَذَا الْمَعْنَى كَمَا 1510 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ وَبَرَةَ، قَالَ: " صَعَدَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَارَّهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ نَزَلَ، فَلَمَّا نَزَلَ الْأَسْوَدُ لَبَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّ الْأَسْوَدَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ " فَكَانَ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ مِنْ تَلْبِيَةِ عُمَرَ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ وَقَفَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنْهَا، أَوْلَى وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ لَبَّى لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ 1511 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يُلَبِّي لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: فِيمَ الْإِهْلَالُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: وَهَلْ قَضَيْنَا نُسُكَنَا بَعْدُ؟ " فَأَخْبَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَا تَنْقَطِعُ حَتَّى تَنْقَطِعَ النُّسُكُ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْهُ عَلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ الحديث: 1510 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ لَبَّى غَدَاةَ مُزْدَلِفَةَ كَمَا 1512 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُلَبِّي غَدَاةَ مُزْدَلِفَةَ " فَكَانَ مَنْ رَوَى عَنْ عُمَرَ التَّلْبِيَةَ إِلَى رَوَاحِهِ إِلَى عَرَفَةَ مُقَصِّرًا عَمَّا عَلِمَهُ مِنْهُ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْهُ التَّلْبِيَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَذَا مَا وَجَدْنَاهُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ اعْتَبَرْنَا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِيهِ، فَوَجَدْنَا: 1513 - عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: " وَقَفْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَكَانَ يُهِلُّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: كَانَ أَبِي يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ: فَرَجِعْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: صَدَقَ، أَخْبَرَنِي الْفَضْلُ أَخِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهَا، وَكَانَ رَدِيفَهُ " فَأَخْبَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي قَطْعِ التَّلْبِيَةِ فِي الْحَجِّ كَمِثْلِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ هَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا كَمَا 1514 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ يَوْمًا وَهُوَ بِعَرَفَةَ، وَذَكَرَ مُعَاوِيَةَ " أَمَا أَنَّهُ تَرَكَ التَّلْبِيَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، لِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ يُلَبِّي فِيهِ " وَهَكَذَا كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا 1515 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بِعَرَفَةَ، فَلَبَّى الحديث: 1512 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 عَبْدُ اللهِ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ هَذَا الَّذِي يُلَبِّي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللهِ فِي تَلْبِيَتِهِ شَيْئًا مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَحَدٍ " لَبَّيْكَ عَدَدَ التُّرَابِ " وَقَدْ تَوَاتَرَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآثَارُ بِهَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا، فَمِنْهَا مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَنِ الْفَضْلِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ الْفَضْلِ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا كَمَا 1516 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى، فَكِلَاهُمَا قَالَ: " لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ " 1517 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ، قَالَ: " كُنْتُ رَدِفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ " وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا 1518 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئَابٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَخْبَرَةَ، قَالَ: لَبَّى عَبْدُ اللهِ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى عَرَفَاتٍ، فَقَالَ أُنَاسٌ: مَنْ هَذَا الْأَعْرَابِيُّ؟ فَالْتَفَتُّ إِلَى عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: " ضَلَّ النَّاسُ أَمْ نَسُوا؟ وَاللهِ مَا زَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ إِلَّا أَنْ يَخْلُطَ ذَلِكَ بِتَهْلِيلٍ أَوْ تَكْبِيرٍ " الحديث: 1516 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 1519 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئَابٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي سَخْبَرَةَ، قَالَ: غَدَوْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ غَدَاةَ جَمْعٍ وَهُوَ يُلَبِّي، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: " جَهِلَ النَّاسُ أَمْ نَسُوا؟ أَشْهَدُ لَكُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ " 1520 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ،: " وَنَحْنُ بِجَمْعٍ سَمِعْتُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ يُلَبِّي فِي هَذَا الْمَكَانِ: لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ " 1521 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْأَوَّلِ الْأَحْوَلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَيْنٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَهَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ قَدْ شَهِدُوا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ لَبَّى فِي حَجَّتِهِ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَالِفَ هَذَا إِلَى غَيْرِهِ؟ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا عَدَدَ الْحَصَاةِ الَّتِي يُرْمَى بِهَا كُلُّ جَمْرَةٍ مِنْهُنَّ، وَأَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي ذَلِكَ لِلسَّبْعِ عَلَى السِّتِّ، وَلَا عَلَى الثَّمَانِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي حَبَّةَ الْبَدْرِيِّ كَمَا 1522 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْجَهْمِ الْعَبْدِيُّ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ مَوْلى عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُرْوَةَ بْنِ عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا حَبَّةَ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِمَا رَمَى بِهِ الْإِنْسَانُ الْجَمْرَةَ مِنَ الْحَصَاةِ، يَقُولُ مِنْ عَدَدِهِ، فَجَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، زَعَمُوا، إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَا حَبَّةَ الْأَنْصَارِيَّ يُفْتِي النَّاسَ بِأَنَّ لَا بَأْسَ بِمَا رَمَى بِهِ الْإِنْسَانُ مِنْ حَصَى الحديث: 1519 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 الْجَمْرَةِ، يَقُولُ مِنْ عَدَدِهِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " صَدَقَ أَبُو حَبَّةَ "، وَأَبُو حَبَّةَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا مَا 1523 - قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرَوَانَ الرَّقِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: " قَدِمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ، فَمِنَّا مَنْ رَمَى بِسِتٍّ، وَمِنَّا مَنْ رَمَى بِسَبْعٍ، وَأَكْثَرِ وَأَقَلِّ، فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيْنَا " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَا قَدِ احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا لِقَوْلِهِمْ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ: 1524 - إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مِجْلَزٍ، يَقُولُ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجِمَارِ، فَقَالَ: " مَا أَدْرِي، رُبَّمَا رَمَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِتٍّ أَوْ بِسَبْعٍ "، 1525 - وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ، أَيْضًا، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ مِثْلُ هَذَا أَيْضًا كَمَا 1526 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: " لَا أَدْرِي بِكَمْ رَمَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الحديث: 1523 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ، فَقَالُوا: بَلْ تُرْمَى كُلُّ جَمْرَةٍ مِنَ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، لَا يُنْقَصُ مِنْهُنَّ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِنِّ وَقَالُوا: مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَيْنَا، لِأَنَّهُ حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ، لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، ثُمَّ لَوْ كَانَ ثَابِتًا لَمَا كَانَ فِي قَوْلِ سَعْدٍ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ "، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فَعَلُوهُ، وَلَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، لِأَنَّا قَدْ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ قَدْ فُعِلَتْ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَذْكُرُوهَا لَهُ، فَلَمْ يَعْدِدْ أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ذَلِكَ الْفَعْلَ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ، كَالْفِعْلِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ قَالَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ لَمَّا ذَكَرَ لَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَامِعُونَ وَلَا يُنْزِلُونَ، فَلَا يَغْتَسِلُونَ، وَقَوْلُ عُمَرَ لَهُ: " أَفَذَكَرْتُمْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَرُّكُمْ عَلَيْهِ؟ " فَقَالَ: لَا فَلَمْ يَلْتَفِتْ عُمَرُ إِلَى ذَلِكَ 1527 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " إِنِّي لَجَالِسٌ عَنْ يَمِينِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُفْتِي النَّاسَ بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ بِرَأْيِهِ فَقَالَ عُمَرُ: أَعْجِلْ عَلَيَّ بِهِ فَجَاءَ زَيْدٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَبَلَغَ مِنْ أَمَرِكَ أَنْ تُفْتِي النَّاسَ بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْيِكَ؟ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: وَاللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَفْتَيْتُ بِرَأْيِي، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْ أَعْمَامِي شَيْئًا، فَقُلْتُ بِهِ فَقَالَ: مِنْ أَيِّ أَعْمَامِكَ؟ فَقَالَ: مِنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا يَقُولُ هَذَا الْمُفْتِي؟ قُلْتُ: إِنْ كُنَّا لَنَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَا نَغْتَسِلُ قَالَ: أَفَسَأَلْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: لَا فَقَالَ: عَلَيَّ بِالنَّاسِ، فَأَصْفَقَ النَّاسُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْمَاءِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَلِيٍّ وَمُعَاذٍ، فَقَالَا: إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: لَا أَجِدُ أَحَدًا أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ، فَقَالَتْ: لَا عِلْمَ لِي، الحديث: 1527 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 فَأَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ، فَتَحَطَّمَ عُمَرُ، وَقَالَ: لَئِنْ أُخْبِرْتُ أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُهُ ثُمَّ لَا يَغْتَسِلُ لَأَنْهَكَنَّهُ عُقُوبَةً " أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يَعْدِدْ قَوْلَ رِفَاعَةَ: كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَا نَغْتَسِلُ، لَمَّا لَمْ يُخْبِرْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ عَلِمَهُ مِنْهُمْ فَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ، حُجَّةً يَجِبُ بِهَا أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ سَعْدٍ فِي الْجِمَارِ مِمَّا فَعَلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ فَيُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ، لَيْسَ حُجَّةً أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ قَالُوا: وَأَمَّا مَا رُوِّيتُمُوهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ قَوْلِهِ: " لَا أَدْرِي بِكَمْ رَمَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِتٍّ أَوْ بِسَبْعٍ "، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُ ذَلِكَ، وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا 1528 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مَنَازِلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهُنَّ " قَالُوا: فَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو مِجْلَزٍ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي بُدُوِّ رَمْيِ الْجِمَارِ، فَذَكَرُوا مَا 1529 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةً؟ قَالَ: " صَدَقُوا، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَسْعَى، فَسَابَقَهُ، فَسَبَقَهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 1528 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 إِلَى جَمْرَةِ الْقُصْوَى، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ " قَالُوا: فَكَيْفَ يَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فِي هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو مِجْلَزٍ، وَتَدَعُوا مَا رَوَاهُ عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ مِمَّا هُوَ مُوَافَقٌ لِمَا قَدْ وَقَفَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ عَدَدِ رَمْيِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِمَارَ مِنَ الْحَصَى، وَإِنَّمَا أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: وَأَمَّا مَا رُوِّيتُمُوهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، مِنْ قَوْلِهِ " لَا أَدْرِي بِكَمْ رَمَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِتٍّ أَوْ بِسَبْعٍ "، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ خِلَافُ ذَلِكَ أَيْضًا، فَذَكَرُوا مَا 1530 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُحَدِّثُ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " وَأَنَّهُ لَمَّا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ رَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، رَمَاهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انَّصَرَفَ " قَالُوا: وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو الزُّبَيْرِ، وَهُوَ أَوْلَى بِالْقَوْلِ أَيْضًا مِمَّا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو الزُّبَيْرِ، لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ جَرَتْ عَلَى السَّبْعِ، لَا عَلَى مَا سِوَاهَا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ مِمَّا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَمِمَّا رُوِّينَاهُ قَبْلَهُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَوَجَدْنَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ ذَلِكَ قَدْ قَالَ لِلنَّاسِ: " خُذُوا مِنِّي مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا " وَكَانَ فِي الْحَجِّ أَشْيَاءُ مِنْهَا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَمِنْهَا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَانَ الطَّوَافُ الَّذِي يُطَافُ بِالْبَيْتِ هُوَ الطَّوَافُ الَّذِي طَافَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُزَادُ فِي عَدَدِهِ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ السَّعْيُ الَّذِي سَعَاهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ هُوَ السَّعْيُ الَّذِي سَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، لَا يُزَادُ فِي عَدَدِهِ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ، كَانَ كَذَلِكَ مَا يُرْمَى بِهِ الْجِمَارُ هُوَ مَا رَمَاهَا بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 1530 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 فِي عَدَدِهِ، لَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَسَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ غَيْرَ مَنْ حَكَيْنَا عَنْهُ مَا خَالَفَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ قَالَ: وَيَنْبَغِي لِمَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ، أَيُّهُمَا فَعَلَهُ كَانَ بِهِ مُؤَدِّيًا لِلْغَرَضِ الَّذِي افْتُرِضَ عَلَيْهِ فِيهِ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} ، غَيْرَ أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ، كَمَا الْوُضُوءُ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ أَفْضَلُ مِنَ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً، وَكَمَا الْوُضُوءُ ثَلَاثًا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ التَّوَضُّؤُ مَرَّةً مَرَّةً مُقَصِّرًا عَنِ الْفَرْضِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي وُضُوءِ الصَّلَاةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَفْضِيلِهِ الْمُحَلِّقِينَ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ مَا 1531 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " اللهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " اللهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " وَالْمُقَصِّرِينَ " 1532 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ: " وَالْمُقَصِّرِينَ "، 1533 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ الحديث: 1531 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لِخَاصٍّ مِنَ النَّاسِ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ كَمَا 1534 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، قَالَ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا، وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً " فَكَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، لَا لِسَائِرِ النَّاسِ سِوَاهُمْ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَصَدَ بِهِ إِلَى سَائِرِ النَّاسِ سِوَاهُمْ لَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ التَّقْصِيرَ لَيْسَ يُوفِي عَنِ الْغَرَضِ الْوَاجِبِ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَقَدْ قَصَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْلَالِهِ مِنْ بَعْضِ عُمَرِهِ؟ كَمَا 1535 - قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَصِّرُ بِمِشْقَصٍ " 1536 - فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فِيهِ تَقْصِيرٌ عَنِ الْفَرْضِ الَّذِي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَا شَيْئًا لَا يَسَعُ أُمَّتُهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي خُصَّ بِهَا دُونَهُمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا كَانَ مَعْنَى تَرْكِهِ التَّرَحُّمَ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ فِي مَرَّتَيْنِ قَدْ تَرَحَّمَ فِيهِمَا عَلَى الْمُحَلِّقِينَ؟ الحديث: 1534 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 قِيلَ لَهُ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مَا 1537 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ: " يَرْحَمُ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " يَرْحَمُ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " وَالْمُقَصِّرِينَ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمْ بِالتَّرَحُّمِ؟ قَالَ: " لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا " وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّكُّ عَلَى الشَّكِّ فِي الدِّينِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ عَلَى مَعْنًى قَدْ بَيَّنَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ كَمَا 1538 - قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَبُو حَمَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ، عَنْ زَمْعَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: حَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَحَلَقَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حِينَ رَأَوْهُ حَلَقَ، وَأَمْسَكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا طُفْنَا بِالْبَيْتِ، فَقَصَّرُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَحِمَ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " رَحِمَ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " رَحِمَ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " وَالْمُقَصِّرِينَ " فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَهُ مِنَ الْمُقَصِّرِينَ لَمْ يَكُنْ هُوَ التَّقْصِيرُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ وُقُوفَهُمْ عَنِ الْحَلْقِ وَقَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَعَانِي الَّذِي اطَّلَعَتْ لَهُ فَعَلَهُ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَالَّذِي كَانَ مِنْ كَرَاهَةِ النَّاسِ لِلْإِحْلَالِ مِنَ الْحَجِّ وَتَحْوِيلِهِ إِلَى الْعُمْرَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَمَّا أُمِرُوا بِذَلِكَ، وَكَوُقُوفِهِمْ عَنِ الْإِفْطَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ لَمَّا أُمِرُوا بِذَلِكَ فِي السَّفَرِ حَتَّى كَرِهَ ذَلِكَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَتَّى عَزَمَ عَلَيْهِمْ فَحَلُّوا، وَأَفْطَرُوا الحديث: 1537 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُضَفِّرُ رَأْسَهُ أَوْ يُلَبِّدُهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَيْهِ الْحَلْقُ، وَلَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ فِي ذَلِكَ، وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا 1539 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: " مَنْ ضَفَّرَ فَلْيَحْلِقْ " 1540 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: " مَنْ لَبَّدَ أَوْ ضَفَّرَ فَعَلَيْهِ الْحَلْقُ " فَقَدِ اخْتَلَفَ أَيُّوبُ وَمَالِكٌ عَلَى نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَلَى إِيجَابِ الْحَلْقِ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَلَى الْأَمْرِ بِالْحَلْقِ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِيجَابًا، وَمِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِحْبَابًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى خِلَافُ الَّذِي قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ كَمَا 1541 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِنَّمَا الْحَلْقُ عَلَى نَوَاهٍ " فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَرُدَّ أَمْرَ الْحَلْقِ إِلَى ضَفْرٍ، وَلَا إِلَى تَلْبِيدٍ، وَلَا إِلَى مَا سِوَاهُمَا غَيْرَ النِّيَّةِ مِنَ الْمُحْرِمِ، فَإِنَّهُ رَدَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَيْهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا خِلَافُ الَّذِي رُوِيَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا ذَكَرْنَا 1542 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِهِ يُقَالُ لَهُ: الْمُحَبِّرُ، قَدْ أَفَاضَ، وَلَمْ يَحْلِقْ، وَلَمْ يُقَصِّرْ، جَهِلَ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يَرْجِعَ فَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ، ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى الْبَيْتِ فَيُفِيضُ " قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِيهِ وَإِنْ هُوَ حَلَقَ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يَرْجِعْ، أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ، فَإِنْ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَحَلَقَ، ثُمَّ أَفَاضَ، فَهُوَ أَفْضَلُ الحديث: 1539 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لَمْ يَسْأَلِ الْمُحَبِّرَ، أَكَانَ نَوَى حَلْقًا أَوْ تَقْصِيرًا؟ وَخَيَّرَهُ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَلْتَفِتُ إِلَى النِّيَّةِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَكَانُوا لَا يَلْتَفِتُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى النِّيَّةِ، وَلَا إِلَى التَّلْبِيدِ، وَلَا إِلَى مَا سِوَاهُمَا، وَيَجْعَلُونَ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ بَعْدَ رَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ الْخَيَارَ فِي الْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ كَمَا 1543 - قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ " أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُلَبِّدُ رَأْسَهُ بِصَمْغٍ أَوْ بِضَفْرَةٍ، إِنْ قَصَّرَ وَلَمْ يَحْلِقْ، أَيُجْزِيهِ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ "، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، فَوَجَدْنَا الْحَلْقَ زَائِدًا عَلَى التَّقْصِيرِ، كَمَا الْوُضُوءُ لِلصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا زَائِدًا عَلَى الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ مَرَّةً وَكَانَ مَنْ نَوَى أَنْ يَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ فَرْضَهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ مَنْ نَوَى أَنْ يَحْلِقَ فِي إِحْرَامِهِ، لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ فَرْضَهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ نَرَ النِّيَّاتِ تُوجِبُ مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا قَبْلَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ نَوَى أَنْ يَحُجَّ، أَوْ يَعْتَمِرَ، أَوْ يَتَصَدَّقَ، أَوْ يُعْتِقَ لَمْ يَجِبْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَكَذَلِكَ إِذَا نَوَى وَهُوَ حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شَيْءٌ، فَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَوْجَبَ الْحَلْقَ بِالنِّيَّةِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي التَّلْبِيدِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ فِي ذَلِكَ أَنَّ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَرْفِقَ بِشَعْرِهِ، وَهُوَ لَمَّا لَبَّدَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِيدَهُ إِلَى مَا يُسْتَطَاعُ تَقْصِيرُهُ إِلَّا بِخِلَافِ الرِّفْقِ بِهِ فِي غَسْلِهِ إِيَّاهُ، فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِذَا ضَفَّرَهُ فَلَا يَسْتَطِيعُ حَلَّهُ إِلَّا بِمَا يَخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ الْعُنْفَ عَلَيْهِ، فَجُعِلَ عَلَيْهِ حَلْقُهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، لِيَكُونَ يَحْلِقُ شَعْرَهُ وَافِرًا بِغَيْرِ نَتْفٍ مِنْهُ لِشَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ حَلْقِهِ وَتَقْصِيرِهِ إِيَّاهُ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ فِيمَنْ خَافَ عَلَى شَعْرِهِ مَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ كَانَ لَبَّدَهُ أَوْ ضَفَّرَهُ، أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْلِقَهُ خَوْفَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ خِلَافِ الْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْحَلْقِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ مِنْهُ التَّقْصِيرُ وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ فِي حَلْقِ رَأْسِهِ فِي الْإِحْرَامِ أَنْ يَبْدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَبْدَأُ بِشِقِّهِ الْأَيْسَرِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ كَمَا الحديث: 1543 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 1544 - قَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَمَى الْجَمْرَةَ، وَنَحَرَ نُسُكَهُ، نَاوَلَ الْحَلَّاقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ، فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا طَلْحَةَ، ثُمَّ نَاوَلَ الْحَلَّاقَ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ، فَحَلَقَهُ، ثُمَّ أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يُقَسِّمَهُ بَيْنَ النَّاسِ " وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ الرِّجَالَ خَاصَّةً فَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّ الَّذِي عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِكَ هُوَ التَّقْصِيرُ، كَمَا 1545 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ شَيْبَةَ، عَنْ أُمِّ عُثْمَانَ ابْنَةِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ "، 1546 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ شَيْبَةَ، عَنْ أُمِّ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرٍ، أَنَّ أُمَّ عُثْمَانَ هَذِهِ، هِيَ أُمُّ جُبَيْرٍ وَأُمُّ أُمِّ حَجَرٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ، امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ كَانَتْ صَفِيَّةُ فِي حِجْرِهَا وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّبِيعُ فِي حَدِيثِهِ عَبْدَ الْحَمِيدِ، إِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعِ قَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ خَاصَّةً وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُحْرِمِ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، هَلْ يَكُونُ حَلَالًا مِنْ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ لَا يَكُونُ حَلَالًا مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يَحْلِقَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِإِحْرَامِهِ إِلَّا النِّسَاءَ، وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ أَوْ يُقَصِّرُ بَعْدَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْ حُرْمَةِ الْإِحْرَامِ شَيْءٌ غَيْرُ حُرْمَةِ النِّسَاءِ وَرَوَوْا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا الحديث: 1544 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 1547 - قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ " فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَالطِّيبُ؟ فَقَالَ: " أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَمِّخُ رَأْسَهُ بِالْمِسْكِ، أَفَطِيبٌ هُوَ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحِلُّ لَهُ شَيْءٌ بِرَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَتَّى يَحْلِقَ ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ فِيمَا يَحِلُّ لَهُ إِذَا حَلَقَ، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: يَحِلُّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَقَدْ رَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَمَا 1548 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ بِعَرَفَةَ، فَعَلَّمَهُمْ أَمْرَ الْحَجِّ، وَقَالَ لَهُمْ: " إِذَا جِئْتُمْ مِنًى، فَمَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ " 1549 - هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ، وَحَدَّثَنَاهُ بِعَقِبِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " مَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ، ثُمَّ حَلَقَ، أَوْ قَصَّرَ، وَنَحَرَ هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَهُ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ " فَأَثْبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَلْقَ أَوِ التَّقْصِيرَ وَنَحْرَ الْهَدْيِ إِذَا كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ إِذَا رَمَى وَحَلَقَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ مِمَّا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَالصَّيْدَ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: إِذَا رَمَى وَحَلَقَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا النِّسَاءَ خَاصَّةً وَيَرْوُونَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الحديث: 1547 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 1550 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ "، 1551 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَهَذَا الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ فِعْلًا مِمَّا 1552 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِلِّهِ حِينَ حَلَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ " قَالَ أُسَامَةُ: وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1553 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، 1554 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحديث: 1550 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 مِثْلَهُ، 1555 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، 1556 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، 1557 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنْ رَمَى فِي يَوْمِ النَّحْرِ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَرَامًا بِالْحَجِّ إِلَّا النِّسَاءَ ثُمَّ كَانَ كَذَلِكَ إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِنْ لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْهُ يَوْمُ النَّحْرِ عَادَ عَلَى حُرْمَتِهِ الْأُولَى، وَحَرُمَ عَلَيْهِ مَا كَانَ حَلَّ لَهُ بِرَمْيَةِ الْجَمْرَةِ وَبِحَلْقِهِ رَأْسِهِ، وَكَانَ مَا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ لِقَوْلِهِمْ هَذَا مَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1558 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، حَدَّثَنَاهُ جَمِيعًا عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي صِيرَ إِلَيَّ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَاءَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَصَارَ إِلَيَّ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهْبُ بْنُ زَمْعَةَ وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي أُمَيَّةَ مُتَقَمِّصِينَ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَهْبٍ: " هَلْ أَفَضْتَ بَعْدُ؟ " الحديث: 1555 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " انْزِعْ عَنْكَ الْقَمِيصَ "، فَنَزَعَهُ مِنْ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا مِنْ كُلِّ مَا حُرِّمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا النِّسَاءَ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا بِالْبَيْتِ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ " قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ قَيْسِ ابْنَةُ مِحْصَنٍ، وَكَانَتْ جَارَةً لَهُمْ، قَالَتْ: خَرَجَ مِنْ عِنْدِي عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ مُتَقَمِّصِينَ عَشِيَّةَ يَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيَّ عِشَاءً وَقُمُصُهُمْ عَلَى أَيْدِيهِمْ يَحْمِلُونَهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَيْ عُكَاشَةُ، مَا لَكُمْ خَرَجْتُمْ مُتَقَمِّصِينَ وَرَجَعْتُمْ وَقُمُصُكُمْ عَلَى أَيْدِيكُمْ تَحْمِلُونَهَا؟ قَالَ: " خَيْرٌ يَا أُمَّ قَيْسٍ، كَانَ هَذَا يَوْمًا رُخِّصَ لَنَا فِيهِ، إِذَا رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ حَلَّ لَنَا كُلُّ شَيْءٍ حَرُمْنَا مِنْهُ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ النِّسَاءِ حَتَّى نَطُوفَ بِالْبَيْتِ، فَإِذَا أَمْسَيْنَا وَلَمْ نَطُفْ، صِرْنَا حُرُمًا كَهَيْئَتِنَا قَبْلَ أَنْ نَرْمِيَ الْجَمْرَةَ، فَأَمْسَيْنَا وَلَمْ نَطُفْ، فَصِرْنَا حُرُمًا كَمَا تَرَيْنَ " 1559 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ جُدَامَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ وَهِيَ أُخْتُ عُكَاشَةَ بْنِ وَهْبٍ، أَنَّ عُكَاشَةَ بْنَ وَهْبٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخًا لَهَا آخَرَ، جَاءَا لَهَا حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَلْقَيَا قَمِيصَيْهِمَا، فَقَالَتْ: مَا لَكُمَا؟ فَقَالَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ أَفَاضَ مِنْكُمَا فَلْيَلْقِ ثِيَابَهُ " وَكَانُوا قَدْ تَطَيَّبُوا وَلَبِسُوا الثِّيَابَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْبِابِ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ حَرُمَ عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ أَشْيَاءُ، مِنْهَا حَلْقُ رَأْسِهِ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ الحديث: 1559 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 يَوْمَ النَّحْرِ، فَإِذَا رَمَاهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَحْلِقَ فَدَلَّ إِبَاحَةُ الْحَلْقِ لَهُ أَنَّ الْحُرْمَةَ الَّتِي كَانَتْ مَنَعَتْهُ مِنَ الْحَلْقِ قَدْ ذَهَبَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ حَلَقَ حِينَ حَلَقَ وَهُوَ حَلَالٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، لَا كَمَا قَالَ الْآخَرُونَ، وَهَذَا قَوْلٌ قَدْ رُويَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ خِلَافَهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرْتَ لَكَانَ لَا مَعْنًى لِلْحَلْقِ إِذَا كَانَ الْحَاجُّ قَدْ صَارَ حَلَالًا، بِرَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ، إِلَّا مِنَ النِّسَاءِ خَاصَّةً وَلَمَا كَانَ لِلْحَلْقِ الَّذِي يَفْعَلُهُ فَضْلٌ عَلَى التَّقْصِيرِ الَّذِي يَفْعَلُهُ مِثْلُهُ، كَمَا لَا يَفْضُلُ الْحَلَالُ إِذَا حَلَقَ غَيْرَهُ مِنَ الْمُحِلِّينَ إِذَا قَصَّرُوا قِيلَ لَهُ: بَلْ لِلْحَلْقِ فِي هَذَا أَكْثَرُ مَعْنًى، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ لِلْحَاجِّ بَعْدَ رَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، لِأَنَّهُمَا سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ النُّسُكِ يُفْعَلَانِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْإِحْرَامِ وَزَوَالِ الْحُرْمَةِ وَارْتِفَاعِهَا، لِأَنَّهُ قَدْ رَأَيْنَا بَعْضَ أَسْبَابِ الْحَجِّ يُفْعَلُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْحَجِّ، وَالدُّخُولِ فِي الْإِحْلَالِ، وَهُوَ طَوَافُ الصَّدَرِ، يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ إِحْرَامِهِ، لِأَنَّهُ شَبِيهٌ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ إِحْرَامِهِ، وَإِنْ كَانَ تَرَكَهُ كَانَ عَلَيْهِ الدَّمُ فِي تَرْكِهِ، وَلَمْ يُجْعَلْ فِي حُكْمِ الطَّوَافِ الَّذِي تَرَكَهُ الْحَلَالُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ، وَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا قَبْلَ ذَلِكَ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى قَوْلِ الَّذِينَ قَالُوا: يَحِلُّ لَهُ إِذَا رَمَى وَحَلَقَ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، وَإِلَى قَوْلِ الَّذِينَ قَالُوا: يَحِلُّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ خَاصَّةً، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ بَعْدَ رَمْيِهِ وَحَلْقِهِ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِ النَّحْرِ حَلَالٌ لَهُ اللِّبَاسُ، وَحَرَامٌ عَلَيْهِ النِّسَاءُ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُونَ فِي حُرْمَةِ الطِّيبِ، هَلْ هَيِ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ كَمَا كَانَتْ أَوْ مُرْتَفِعَةٌ عَنْهُ؟ فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي حُكْمِ الطِّيبِ، هَلْ يُشْبِهُ حُكْمَ النِّسَاءِ فَيَقْطَعُهُ عَلَيْهِ؟ أَوْ يُشْبِهُ حُكْمَ اللِّبَاسِ فَيَقْطَعُهُ عَلَيْهِ؟ فَوَجَدْنَا الْحَاجُّ إِذَا جَامَعَ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَكَانَ حَجُّهُ فَاسِدًا، وَكَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ، وَإِذَا لَبِسَ حِينَئِذٍ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَلَمْ يَكُنْ حَجُّهُ فَاسِدًا، وَإِذَا تَطَيَّبَ حِينَئِذٍ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَلَمْ يَكُنْ حَجُّهُ فَاسِدًا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الطِّيبِ بِحُكْمِ اللِّبَاسِ فِيمَا ذَكَرْنَا أَشْبَهُ مِنْهُ بِحُكْمِ النِّسَاءِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ قَوْلُ الَّذِينَ قَالُوا: يَحِلُّ لَهُ مَعَ اللِّبَاسِ الطِّيبُ كَمَا حَلَّ لَهُ اللِّبَاسُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى قَوْلِ الَّذِينَ قَالُوا: إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ مَا كَانَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ، فَإِذَا مَضَى يَوْمُهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَطُفْ فِيهِ بِالْبَيْتِ، عَادَ حَرَامًا كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ نَجِدْ لِأَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ مَعْنًى مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ، فَنَذْكُرُهُ لَهُمْ، وَإِنَّمَا وَجَدْنَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثَيْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَأُمِّ قَيْسٍ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُمَا عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: " إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ "، فَأَطْلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا، أَوْلَى عِنْدَنَا، فَإِنْ تَكَلَّمَ رَجُلٌ فِي الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ الَّذِي دَارَ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا ، فَلِخَصْمِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَيْضًا فِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ لَهِيعَةَ اللَّذَيْنِ دَارَ عَلَيْهِمَا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ، وَأُمِّ قَيْسٍ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَالْكَلَامُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَكْثَرُ مِنَ الْكَلَامِ فِي الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، لِأَنَّ الْحَجَّاجَ إِنَّمَا تُكُلِّمَ فِيمَا أَرْسَلَهُ، فَأَمَّا مَا قَالَ فِيهِ: سَمِعْتُ، أَوْ: أَخْبَرَنِي، أَوْ: حَدَّثَنِي، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ لَهِيعَةَ فَقَدْ تُكُلِّمَ فِي كُلِّ حَدِيثِهِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الْآيَةِ وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " وَيذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ " قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} ، فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ مَا هَذِهِ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ الَّتِي أَرَادَهَا، وَبَيَّنَهَا لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 1560 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ "، 1561 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ قَالَ أَحْمَدُ: فَكَانَ هَذَا مِنْ تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ بِهَ فِيهَا، فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّهَا مِنَ الْمُحْكَمِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ سُورَة الْحَج، فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْمُتَشَابَهِ الَّذِي قَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ وَقَدْ رُوِّيتُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي الْمَعْدُودَاتِ وَالْمَعْلُومَاتِ آثَارٌ نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَمَا 1562 - قَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: " الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، اذْبَحْ فِي أَيِّهَا شِئْتَ، وَأَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا " وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ هَذَا الْأَيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ فَمَا الحديث: 1560 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 1563 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ " 1564 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ أَبُو شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الْعَشْرُ فِيهِنَّ الْأَضْحَى، وَالْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ إِلَى آخِرِ النَّفْرِ " وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ فَقَدْ رُوِّيتُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، فَمِنْهَا مَا 1565 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: " الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ لَيْسَ مِنْهَا يَوْمُ النَّحْرِ " وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مِثْلَهُ فَهَذَا يُوَافِقُ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ 1566 - وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ بُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} ، قَالَ: الْعَشْرُ، وَالْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ النَّحْرِ " فَهَذَا يُوَافِقُ مَا رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا 1567 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ الْجَوَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْتِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " الحديث: 1563 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 الْمَعْلُومَاتُ الْأَضْحَى، وَالْمَعْدُودَاتُ بَعْدَهُ " فَهَذَا خِلَافُ مَا رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَخِلَافُ مَا رُوِّينَاهُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لِأَنَّ هَذَا أَخْرَجَ يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ، وَلَا نَرَى هَذَا إِلَّا وَهْمًا، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُهُ أُضِيفَ إِلَى أَحَدٍ سِوَى ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ حَيْوَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، خِلَافُهُ 1568 - وَقَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: " فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ، قَالَ: هِيَ أَيَّامُ الْعَشْرِ فِيهَا يَوْمُ النَّحْرِ، وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ "، وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَهَذَا الْمَشْهُورُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، غَيْرَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ ذَكَرَ لَنَا، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: كَتَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ الطُّوسِيُّ إِلَى أَبِي يُوسُفَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ، فَأَمْلَى عَلَيَّ أَبُو يُوسُفَ جَوَابَ كِتَابِهِ إِلَيْهِ: سَأَلْتَ عَنِ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: هِيَ أَيَّامُ النَّحْرِ، وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَذْهَبُ، لِأَنَّ اللهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} ، فَهِيَ أَيَّامُ النَّحْرِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، فَوَجَدْنَا قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ أَيَّامَ النَّحْرِ لِيَكُونَ الذِّكْرُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِيهَا كُلِّهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْأَيَّامِ سِوَاهَا، وَيَكُونُ ذِكْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهَا بِالْأَيَّامِ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ فِيهَا، وَعَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ آخَرُونَ فِيهَا فَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} ، أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ أَيَّامَ الْعَشْرِ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَيَكُونُ ذِكْرُهُ عَلَى بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ خَاصَّةً، وَيَكُونُ ذِكْرُهُ بِتَكَرُّرِهِ فِيهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنَ السِّنِينَ أَيَّامًا، فَتَصِيرُ جُمْلَتُهَا أَيَّامًا الحديث: 1568 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 فَلَمْ نَجِدْ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا يُفْضِي لِوَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، غَيْرَ أَنَّا لَمَّا وَجَدْنَا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِهَا فِيهِ نَحْرٌ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْهَا، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ أَيْضًا مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مِنْ غَيْرِ أَيَّامِ النَّحْرِ، كَانَ الْأَوْلَى إِمَّا أَنْ نَجْعَلَهُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ لِيَكُونَ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْهَا مِنْ جِنْسِ مَا قَدْ أُجْمِعَ عَلَيْهِ مِنْهَا وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا ذَكَرَ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ، وَالْأَيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ بِاسْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كَانَ الْأَشْبَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَا شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ شُهُورَ الْحَجِّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، وَذَكَرَ شُهُورَ الْحَرَمِ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} ، فَكَانَ قَدْ سَمَّى كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الصِّنْفَيْنِ بِاسْمٍ غَيْرِ الِاسْمِ الَّذِي سَمَّى بِهِ الْآخَرَ وَكَانَ قَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ أَيَّامِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ فِي أَيَّامِ الصِّنْفِ الْآخَرِ، لِأَنَّ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ ، وَمِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا وَلَمْ يَمْنَعِ اخْتِلَافُ اسْمَيْهِمَا مِنْ رُجُوعِ مَعْنَاهُمَا إِلَى أَيَّامٍ وَاحِدَةٍ، فَمَا أُنْكِرَ أَنْ تَكُونَ الْمَعْلُومَاتُ وَالْمَعْدُودَاتُ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُمَا، أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى أَيَّامٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ كُلُّ صِنْفٍ مِنَ الْأَيَّامِ غَيْرَ الصِّنْفِ الْأَخِيرِ فِي الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ يَتَضَادَّانِ وَيَتَنَافَيَانِ، فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا إِذَا وَجَبَ فِي يَوْمٍ نَفَى وُجُوبَ الْآخَرِ فِيهِ، فَأَمَّا الشَّيْئَانِ اللَّذَانِ لَا يَتَضَادَّانِ، وَلَا يَتَنَافَيَانِ، فَلَا يَنْفِي وُجُوبُ أَحَدِهِمَا فِي يَوْمٍ وُجُوبَ الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَكَانَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ مَا رُوِيَ فِيهَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَمَا حَكَاهُ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهَا وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ الْمُوَافِقِ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ لِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ، وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ: النَّحْرُ يَوْمَانِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ: النَّحْرُ وَحْدَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا 1569 - قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حَجَّتِهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " النَّحْرُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ " 1570 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: " الْأَضْحَى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ " 1571 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " النَّحْرُ يَوْمَانِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَأَفْضَلُهَا يَوْمُ النَّحْرِ " 1572 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " النَّحْرُ يَوْمَانِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ " 1573 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ بَعْدَ الْأَضْحَى بِيَوْمِ: أُضَحِّي الْيَوْمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَغَدًا إِنْ شِئْتَ " 1574 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ السَّدُوسِيُّ عَارِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَارِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " يُضَحَّى بَعْدَ النَّحْرِ بِيَوْمَيْنِ " الحديث: 1569 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 1575 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " الذَّبْحُ بَعْدَ الْعِيدِ يَوْمَانِ " 1576 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " الْأَضْحَى يَوْمَانِ بَعْدَهُ " وَلَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى خِلَافُ هَذَا الْقَوْلِ وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِثْلُ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْهُمُ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، كَمَا 1577 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: النَّحْرُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ " 1578 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، أَنَّ الْحَسَنَ، وَعَطَاءً، قَالَا: " إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ " 1579 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، سُئِلَ عَنْ وَقْتِ الْأَضْحَى، فَقَالَ: مَا كَانَتِ الْفَسَاطِيطُ بِمِنًى " وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ هَذَا الْمَذْهَبَ لِمَذْهَبِهِ هَذَا بِمَا 1580 - قَدْ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " كُلُّ عَرَفَاتٍ مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ عَرَفَاتٍ، وَكُلُّ مُزْدَلِفَةَ مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ، وَكُلُّ فِجَاجِ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ " الحديث: 1575 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 فَنَظَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، هَلْ يَتَّصِلُ أَمْ لَا؟ فَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْإِسْنَادِ قَدْ أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا، مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، فَذَكَرَ الْأَثْرَمُ فِي كِتَابٍ، زَعَمَ لَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سُوَيْدٍ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ الْأَثْرَمَ أَجَازَهُ لِمَنْ كَتَبَهُ مِنْ نُسْخَتِهِ، فَكَتَبْنَاهُ نَحْنُ مِنْ نُسْخَتِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَسْأَلُ عَنْ حدَيثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ، فَقِيلَ لَهُ: أَسَمِعَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: لَا، إِنَّمَا رَوَى هَذَا الشَّيْخُ عَنْ شَهْرٍ أَكْثَرَ رِوَايَتِهِ، وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، وَعَنْ طَاوُسٍ، وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَذُكِرَ عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، فَقَالَ: عَبْدُ اللهِ أَقْدَمُ مِنْهُ، وَهُوَ مِنْهُمْ أَيْضًا، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ الْأَحْدَاثَ ثُمَّ نَظَرْنَا نَحْنُ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ هَذَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى أَصْلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ 1581 - مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ الْكَلْبِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي حُسَيْنٍ، يُخْبِرُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَطَاءٌ يَسْمَعُ، فَقَالَ قَالَ عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ " وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ غَيْرَ هَذَا، فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ الَّذِي ذَكَرْنَا إِنَّمَا هُوَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أبَيِ رَبَاحٍ وَكَيْفَ يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ عَبْدَ اللهِ هَذَا سَمِعَهُ مِنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ؟ وَلَا نَرَى، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كُلَّهَا أَيَّامَ ذَبْحٍ إِلَّا مِنْ كَلَامِ عَطَاءٍ أَوْ مِنْ كَلَامِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَيْضًا مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي النَّحْرِ أَنَّهُ يَوْمَانِ، كَمَا 1582 - قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: النَّحْرُ يَوْمَانِ " الحديث: 1581 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَيْضًا فِي النَّحْرِ أَنَّهُ يَوْمٌ وَاحِدٌ كَمَا 1583 - قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي: ابْنَ سِيرِينَ، قَالَ: النَّحْرُ يَوْمُ النَّحْرِ " وَلَمَّا لَمْ يُرْوَ لَنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْبَابُ مِمَّا يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِخْرَاجِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ، وَكُنَّا قَدْ رُوِّينَا عَمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ وَقْتِ النَّحْرِ فِيهِ، وَأَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَلَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا قَالُوهُ فِيهِ، لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ قِيَاسًا، وَلَا رَأْيًا، وَإِنَّمَا قَالُوه، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ، تَوْقِيفًا وَيَنْبَغِي لِلْحَاجِّ بَعْدَ رَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَنْ يَنْفِرَ إِلَى الْبَيْتِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، أَوْ مِنْ غَدِهِ، أَوْ مِنْ بَعْدِ غَدِهِ، أَوْ فِي اللَّيَالِي الَّتِي بَيْنَهَا، وَلَا يُؤَخِّرُهُ إِلَى بَعْدِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَخَّرَهُ إِلَى آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ: يَطُوفُهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَأْخِيرِهِ إِيَّاهُ إِلَى خُرُوجِ أَيَّامِ النَّحْرِ عَنْهُ وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ جَمِيعًا يَقُولَانِ: يَطُوفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي طَافَ فِيهِ هَذَا الطَّوَافَ اخْتِلَافٌ فَأَمَّا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فَرُوِيَ عَنْهُ فَيِ ذَلِكَ مَا 1584 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَتَى بَنِي الْمُطَّلِبِ، وَهُمْ يَسْقُونَ عَلَى بِئْرِ زَمْزَمَ، فَقَالَ: " انْزَعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا يَغْلِبُكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ "، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا، فَشَرِبَ مِنْهُ الحديث: 1583 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا 1585 - قَدْ حَدَّثَنِي بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الطُّهْرَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَارَ الْبَيْتَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ، ثُمَّ أَتَى مِنًى، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ عَنْهَا فِي الْفَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيهِ رَمْيَ الْجِمَارِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَائِشَةَ، أَيْضًا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إِلَى اللَّيْلِ، كَمَا 1586 - قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ، عَنْ طَاوُسٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إِلَى اللَّيْلِ " وَلَمْ نَعْلَمِ اخْتِلَافًا أَنَّ لِلْحَاجِّ بَعْدَ رَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَبَعْدَ حَلْقِهِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَنْ يَنْفِرَ إِلَى الْبَيْتِ فِي أَيِّ يَوْمِهِ ذَلِكَ شَاءَ وَأَمَّا الْيَوْمَانِ اللَّذَانِ بَعْدَ يَوْمِهِ ذَلِكَ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا حُكْمَهُمَا فِي حِلِّ الذَّبْحِ فِيهِمَا كَحُكْمِ يَوْمِ النَّحْرِ فِي حِلِّ الذَّبْحِ فِيهِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا أَنَّ مَا كَانَ مَفْعُولًا فِيهِ مِنَ الطَّوَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَجَائِزٌ أَنْ يُفْعَلَ فِيهِمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَمَا 1587 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، " أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ فِي رِجَالٍ مِنَ الحديث: 1585 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 الْأَنْصَارِ " قَالَ حُمَيْدٌ: " فَلَمْ يُفِضْ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ النَّفْرَ الْآخِرَ، إِلَّا أَحَدٌ مَعَهُ أَهْلُهُ فَيُرِيدُ أَنْ يَتَعَجَّلَ لَهُمْ " 1588 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ إِلَى الْحَجِّ فِي رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُفِضْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلٌ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَأَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ " 1589 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرَوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: " لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا لَوْ أُمِرُوا أَلَّا يَشْرَبُوا الْمَاءَ مَا شَرِبُوهُ حَتَّى تَنْقَطِعَ أَعْنَاقُهُمْ، وَلَمْ يَكُونُوا يَزُورُونَ الْبَيْتَ إِلَّا يَوْمَ النَّفْرِ " وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى مُؤَخَّرِ الطَّوَافِ حَتَّى تَمْضِيَ أَيَّامُ النَّحْرِ، وَمِنْ نَفْيِ الدَّمِ عَنْهُ، فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا الْأَشْيَاءَ الْمَفْعُولَةَ فِي الْحَجِّ، مِنْهَا مَا لَهُ وَقْتٌ خَاصٌّ يُفْعَلُ فِيهِ، فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ الْوَقْتُ لَمْ يُفْعَلْ فِي غَيْرِهِ، وَوَجَبَ عَلَى تَارِكِهَا الدَّمُ، مِنْ ذَلِكَ رَمْيُ الْجِمَارِ، لَهُ وَقْتٌ خَاصٌّ تُرْمَى فِيهِ الْجِمَارُ، وَلَوْ تَرَكَهَا تَارِكٌ، حَتَّى يَمْضِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ مَكَانَهَا، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِرَمْيِهَا وَمِنْهَا مَا الدَّهْرُ لَهُ وَقْتٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مِنْ وَقْتِهِ، خَاصٌّ مِنْهُ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْ بَقِيَّةٍ، وَفِيهِ مِنْ ذَلِكَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِعَقِبِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَوْ تَرَكَهُ تَارِكٌ بَعْدَ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ أَيَّامًا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ إِذَا تَرَكَهُ حَتَّى تَمْضِي أَيَّامُ النَّحْرِ أُمِرَ أَنْ يَطُوفَهُ فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَلا يَكُونَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ دَمٌ، كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ فِي وَقْتِهِ، وَلِأَنَّ وَقْتَهُ الَّذِي يُفْعَلُ فِيهِ لَوْ كَانَ قَدْ خَرَجَ لَمَا أُمِرَ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ كَمَا لَمْ يُؤْمَرْ تَارِكُ رَمْيِ الْجِمَارِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا، بِرَمْيِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الحديث: 1588 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 فَالَّذِي يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي وَقْتِهِ لَا مَعْنًى لِوُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ، وَلَا يُوجِبُ تَأْخِيرُهُ إِيَّاهُ عَنِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ فِيهِ فِعْلُهُ فِيهِ عَلَيْهِ الدَّمَ، كَمَا لَمْ يُوجِبْ تَرْكُ الْحَاجِّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بِعَقِبِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ عَلَيْهِ الدَّمَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الْآيَةِ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، فَكَانَ هَذَا مِمَّا اخْتُلِفَ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَرَأَهُ قَوْمٌ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} بِالنَّصْبِ وَقَرَأَهُ قَوْمٌ: " وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةُ لِلَّهِ " بِالرَّفْعِ، فَمِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا 1590 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، وَالشَّعْبِيَّ، يَتَذَاكَرَانِ الْعُمْرَةَ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا أَرَاهَا إِلَّا تَطَوُّعًا، قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: " وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةُ لِلَّهِ "، بِالرَّفْعِ وَقَالَ أَبِي: مَا أَرَاهَا إِلَّا وَاجِبَةً، قَالَ اللهُ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} ، بِالنَّصْبِ " فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ وَاجِبَةٌ كَوُجُوبِ الْحَجِّ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 1591 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ: كُنْتُ أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ، وَكُنْتُ حَرِيصًا عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِي يُقَالُ لَهُ: هُذَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: اجْمَعْهُمَا ثُمَّ اذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَأَهْلَلْتُ بِهِمْ جَميعا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سَلْمَانُ بْنُ الحديث: 1590 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ، وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمْ جَمِيعًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا هَذَا بِأَفْقَهِ مِنْ بَعِيرِهِ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أَسْلَمْتُ، وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، فَأَتَيْتُ هُذَيْمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فَقُلْتُ: يَا هَنَاة، وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، فَقَالَ: اجْمَعْهُمَا، ثُمَّ اذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا هَذَا بِأَفْقَهِ مِنْ بَعِيرِهِ " قَدْ هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَكَانَ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَ الصُّبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ عُمَرُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهِمَا عِنْدَهُ، وَأَنَّ الْعُمْرَةَ مَكْتُوبَةٌ كَمَا الْحَجُّ مَكْتُوبٌ 1592 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ الْقَيْسِيِّ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ: " أَأَعْتَمِرُ قَبْلَ أَنْ أَحُجَّ؟ قَالَ: " نُسُكَانِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ، فَلَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ "، 1593 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ 1594 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " الحديث: 1592 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 صَلَاتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ: الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ " 1595 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَاجِبَتَانِ " 1596 - وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَنِ الْحَسَنِ، قَالَ أَحَدُهُمَا: " نُسُكَانِ "، وَقَالَ الْآخَرُ: " صَلَاتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ: الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ " وَذَهَبَ الْآخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً كَوُجُوبِ الْحَجِّ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا 1597 - قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعُمْرَةِ، أَوَاجِبَةٌ، فَرِيضَةً كَفَرِيضَةِ الْحَجِّ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ تَعْتَمِرُ خَيْرٌ لَكَ " وَلَمْ يَرْفَعِ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالْحَجَّاجُ حَدِيثَهُمَا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ، فَنَجْعَلُهُ قَائِمًا لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْآخَرِ مِنْهُمَا 1598 - وَإِذَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، الحديث: 1595 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 1598 - قَدْ حَدَّثَانَا جَمِيعًا، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ " 1599 - وَإِذَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " وَجَدْتُ الْإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ " 1600 - وَإِذَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ الْأَزْدِيُّ الْبَاغِنْدِيُّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ وَهُوَ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ الْمَكِّيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ، يُحَدِّثُ طَاوُسًا، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَا تَغْزُو؟ فَقَالَ: إِنْيِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ " فَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، فَذَكَرَ فَرَائِضَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ الْعُمْرَةَ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا لَيْسَ كَحُكْمِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْفَرَائِضِ، الَّتِي ذَكَرَهَا الحديث: 1598 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ، أَنَّهُ قَالَ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَاجِبَانِ، فَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ، وَقَدْ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ " ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ يَنْفِي وُجُوبَ الْعُمْرَةِ؟ قِيلَ لَهُ: مَا فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فَرِيضَةٌ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وُجُوبًا عَلَى مَا يَقُومُ بِهِ الْخَاصُّ مِنْهُمْ كَوُجُوبِ الْجِهَادِ عِنْدَ الَّذِينَ يُوجِبُونَهُ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَانُوا يَقُولُونَ: الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا إِلَّا أَنَّ مَنْ قَامَ بِهِ مِنْهُمْ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ، وَسَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ عَنْهُمْ، كَوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَغُسْلِ الْمَوْتَى، فَذَلِكَ وَاجِبٌ فِي عَيْنِهِ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، غَيْرَ أَنَّ مَنْ قَامَ بِهِ مِنْهُمْ سَقَطَ بِذَلِكَ الْفَرْضُ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ وَكَذَلِكَ مَا خَاطَبَ بِهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ فِي قَوْلِهِ: وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، وَتَرْكُ عُمَرَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ وُجُوبَ الْعُمْرَةِ كَوُجُوبِ الْحَجِّ، وَلَكِنْ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ وَاجِبًا كَوُجُوبِ الْجِهَادِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِيهِ مَا 1601 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: " إِذَا حَلَلْتُمُ السُّرُوجَ فَشُدُّوا الرِّحَالَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهَا أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ " أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ قَرَنَ الْعُمْرَةَ بِالْحَجِّ، وَقَالَ: " فَشُدُّوا الرِّحَالَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ "، ثُمَّ قَالَ: " فَإِنَّهَا أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ "، فَشَبَّهَهَا خَاصَّةً بِالْجِهَادِ الَّذِي حُكْمُهُ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ مِنْ سُقُوطِ فَرْضِهِ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ بِقِيَامِ الْخَاصِّ مِنْهُمْ 1602 - وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيُّ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ " الحديث: 1601 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 1603 - وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الْبَجَلِيُّ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: " شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَتَكْرَهَ لِلنَّاسِ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ " 1604 - وَإِذَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، وَإِذَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا كُهَيْمِشُ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، مَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا نَعْرِفُهُ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخْذِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: " تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا " قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: صَدَقْتَ، 1605 - وَإِذَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَطَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي الْحَجِّ: " إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا " 1606 - وَإِذَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ الحديث: 1603 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 جَالِسَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ، فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ اللُّمَّةِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، فَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَدْنُو مِنْكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " ادْنُ " قَالَ: حَيْثُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَرَائِعِ الْإِيمَانِ قَالَ: " تُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَقُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ " قَالَ: صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا مِنْ قَوْلِهِ: صَدَقْتَ 1607 - وَإِذَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِيرِيُّ الْكُوفِيُّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كُنَّا نُهِينَا فِي الْقُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ: وَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ الْعَاقِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَجْرَأَ عَلَى ذَلِكَ مِنَّا قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتَانَا رَسُولُكَ، فَزَعَمَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَكَ قَالَ: صَدَقَ قَالَ: وَزَعَمَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا قَالَ: صَدَقَ قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا زَكَاةَ أَمْوَالِنَا قَالَ: صَدَقَ قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرٍ فِي سَنَتِنَا قَالَ: صَدَقَ قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا؟ قَالَ: صَدَقَ الحديث: 1607 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَاللهِ لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ " 1608 - وَإِذَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْرَقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ النُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَيُّوبَ يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُكَرِّرٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْعَمَلُ الَّذِي يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُنَجِّينِي مِنَ النَّارِ؟ فَقَالَ: " لَقَدْ سَأَلْتَ عَظِيمًا، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ " فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ بِفَرَائِضِ الْإِسْلَامِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ الْعُمْرَةَ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرِيضَةً كَفَرْضِ الْحَجِّ الْمَذْكُورِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الصَّلَاةِ، وَمَعَ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَمَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا مَا بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهِ، وَمَا إِذَا أَتَى بِهِ الرَّجُلُ، وَقَصَّرَ عَمَّا سِوَاهُ، لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْفَرَائِضِ، إِذْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ لِلرَّجُلِ فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي رُوِّينَا: " لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ " فَهَذَا حُكْمُ الْعُمْرَةِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: " نُسُكَانِ أَوْ صَلَاتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ "، يُرِيدُهَا وَيُرِيدُ الْحَجَّ، مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا عِنْدَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: نُسُكَانِ وَاجِبَانِ، وَلَا: صَلَاتَانِ وَاجِبَتَانِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: " نُسُكَانِ "؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ يَكُونُ النُّسُكُ تَطَوُّعًا، وَقَدْ يَكُونُ فَرِيضَةً، فَأَمَّا مَا يَكُونُ تَطَوُّعًا فَمَا نَسَكَهُ النَّاسُ مِمَّا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْهَدْيِ بِالتَّطَوُّعِ، وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ: فَقَدْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا، قَالَ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ نُسُكَانِ أَوْ صَلَاتَانِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهِمَا كَانَ عِنْدَهُ؟ الحديث: 1608 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 قِيلَ لَهُ: مَا فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهِمَا كَانَ عِنْدَهُ، لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُقْرَنُ بِالشَّيْءِ وَحُكْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ، وَالرَّفَثُ يُفْسِدُ الْحَجَّ، وَالْجِدَالُ لَا يُفْسِدُهُ، فَقَرَنَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى اخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا فِي أَنْفُسِهَا وَالْفَرَائِضُ فَإِنَّمَا تُعْلَمُ بِالتَّوْقِيفِ عَلَيْهَا، فَلَمَّا لَمْ يَقِفْ عَلَى فَرْضِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعُمْرَةَ عَلَى عِبَادِهِ لَمْ يَجْعَلْهَا فَرِيضَةً عَلَيْهِمْ فَقَالَ قَائِلٌ: الْقِيَاسُ يُوجِبُ أَنَّهَا فَرِيضَةٌ قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّا لَمْ نَرَ شَيْئًا يُتَطَوَّعُ بِهِ إِلَّا وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ، مِنْ ذَلِكَ الْحَجُّ، يُتَطَوَّعُ بِهِ، وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ، يُتَطَوَّعُ بِهَا، وَلَهَا أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصَّدَقَةُ، يُتَطَوَّعُ بِهَا، وَلَهَا أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصِّيَامُ، يُتَطَوَّعُ بِهِ، وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ قَالَ: فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَمَّا كَانَتْ يُتَطَوَّعُ بِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا وَلَهَا أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ فَقِيلَ لِقَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ: فَقَدْ رَأَيْنَا الِاعْتِكَافَ يُتَطَوَّعُ بِهِ، وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي الْفَرْضِ، فَفَسَدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ مَا احْتَجَّ بِهِ وَكَانَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مَقْلُوبًا، وَإِنَّمَا هُوَ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ كَالصَّلَاةِ وَكَالصَّدَقَةِ وَكَالْحَجِّ، فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا لَا شَيْءَ فِيهِ يُوجِبُ فَرْضَ الْعُمْرَةَ وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ مِنَ التَّطَوُّعِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ، أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَدْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مَنْ أَرَادَهَا مِنَ الْحَرَمِ، وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنَ الْحِلِّ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِإِخْرَاجِ عَائِشَةَ إِلَى التَّنْعِيمِ لِيُعْمِرَهَا مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 1609 - وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: " أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُرْدِفَ عَائِشَةَ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأُعْمِرَهَا " مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَخَاهَا بِإِعْمَارِهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ أَمَرَهُ بِإِعْمَارِهَا مِنَ الْحِلِّ، فَكَانَ أَدْنَى الْحِلِّ إِلَيْهِ التَّنْعِيمَ، فَأَعْمَرَهَا مِنْهُ كَمَا 1610 - قَدْ حدَثَّنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَرَفَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: " مَا ذَاكَ؟ " قُلْتُ: حِضْتُ قَالَ: " فَلَا تَبْكِينَ، اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ " فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ أَتَيْنَا مِنًى، ثُمَّ غَدَوْنَا إِلَى عَرَفَةَ، ثُمَّ رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ تِلْكَ الْأَيَّامَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ ارْتَحَلَ، فَنَزَلَ الْحَصْبَةَ، قَالَتْ: وَاللهِ مَا نَزَلَ إِلَّا مِنْ أَجْلِي، فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: " احْتَمِلْ أُخْتَكَ، فَأَحْرِمْهَا مِنَ الْحَرَمِ "، قَالَتْ: وَاللهِ مَا ذَكَرَ الْجِعْرَانَةَ، وَلَا التَّنْعِيمَ، " فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ "، فَكَانَ أَدْنَانَا مِنَ الْحَرَمِ التَّنْعِيمَ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَسَعَيْنَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ، فَارْتَحَلَ وَلَا نَعْلَمُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الْعُمْرَةَ هَذَا حُكْمُهَا، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنَ الْحَرَمِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَإِحْرَامُهُ بِهَا مِنْ حَيْثُ يُؤْمَرُهُ مَنْ آثَرَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ الحديث: 1609 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 وَالْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ يَجْتَنِبُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنَ اللِّبَاسِ، وَالطِّيبِ، وَالنِّسَاءِ، وَالصَّيْدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا 1611 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، حَدَّثَهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ رَجُلًا لَبَّى بِعُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَشَيْءٌ مِنْ خَلُوقٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْجُبَّةَ، وَيَمْسَحُ خَلُوقَهُ، وَيَصْنَعُ فِي عُمْرَتِهِ مَا يَصْنَعُ فِي حَجَّتِهِ "، 1612 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1613 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ أَوِ الصُّفْرَةِ " 1614 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَهُوَ مُصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ أَحْرَمْتُ وَأَنَا كَمَا تَرَى؟ فَقَالَ: " انْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ، وَمَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ " وَيَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمِرِ فِيمَا أَصَابَ فِي عُمْرَتِهِ مِنْ صَيْدٍ وَمِنْ غَيْرِهِ مِثْلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لَوْ أَصَابَهُ فِي حَجَّتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَصَابَهُ عَلَى جَهْلٍ كَانَ مِنْهُ أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ فِي عُمْرَتِهِ، الحديث: 1611 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 أَوْ أَصَابَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَاتِ، لَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ إِثْمًا فِي الْعِلْمِ، وَغَيْرَ إِثْمٍ فِيمَا سِوَاهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ فِي حَدِيثِ يَعْلَى بِكَفَّارَةٍ لِمَا كَانَ مِنْهُ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ مِمَّنْ لَمْ تَكُنِ الْحُجَّةُ قَامَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ انْتِهَاكِهِ الْحُرْمَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ فِي اجْتِنَابِ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَةِ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ سُؤَالِ ذَلِكَ الرَّجُلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَبْلَ جَوَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا: 1615 - أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 1615 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَعَلَيْهِ رَدْعٌ مِنْ خَلُوقٍ، أَوْ قَالَ: أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَأْمُرُنِي فِي عُمْرَتِي؟ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ عَلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ قَالَ: وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ: لَوَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيَسُرُّكَ أَنْ تَرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ؟ فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَلَهُ غَطِيطٌ قَالَ: أَحْسَبُهُ، قَالَ: كَغَطِيطِ البَكْرِ قَالَ: فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ؟ " قَالَ: " اخْلَعِ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ، أَوْ قَالَ: أَثَرَ الصُّفْرَةِ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا صَنَعْتَ فِي حَجَّتِكَ " 1616 - وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَعَلَيْهِ أَثَرُ خَلُوقٍ، أَوْ صُفْرَةٍ، وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ قَالَ: وَأُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ، فَسُتِرَ بِثَوْبٍ، وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ؟ فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، وَلَهُ غَطِيطٌ كَغَطِيطِ الْبَكْرِ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ؟ اخْلَعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، أَوِ اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ أَوِ الصُّفْرَةِ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا صَنَعْتَ فِي حَجِّكَ " فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَحْكَامَ الْعُمْرَةِ تَحْرِيمُ اللِّبَاسِ، وَالطِّيبِ فِيهَا، وَرَدُّ حُكْمِهَا فِيهِمَا إِلَى حُكْمِ الْحَجَّةِ، إِنَّمَا طَرَأَ عَلَى فِعْلِ السَّائِلِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، فَلَمْ يَأْمُرْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَفَّارَةِ لِذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ الذِّئْبَ كَمَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ، وَهُوَ لَاحِقٌ بِالْخَمْسِ سِوَاهُ الَّتِي أَبَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَهَا فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَّدَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَأَعَدْنَاهُ هَاهُنَا، لِأَنَّا لَمْ نَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي فُتْيَاهُ فِي قَتْلِ الذِّئْبِ فِي الْإِحْرَامِ كَمَا 1617 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ وَبْرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: " قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَقْتُلُ الذِّئْبَ وَأَنَا مُحْرِمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ " وَابْنُ عُمَرَ فَقَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْسِ الَّتِي أَبَاحَ قَتْلَهَا فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ لَيْسَ فِيهَا الذِّئْبُ، ثُمَّ أَفْتَى بِقَتْلِ الذِّئْبِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِدُخُولِهِ فِي الْخَمْسِ، أَوْ إِلْحَاقِهِ بِهَا الحديث: 1616 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقْطَعُ فِيهِ الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ التَّلْبِيَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ كَانَتْ عُمْرَتُهُ مِنَ التَّنْعِيمِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حِينَ يَرَى الْبَيْتَ، وَإِنْ كَانَتْ عُمْرَتُهُ مِنْ بَعْضِ الْمَوَاقِيتِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، بِذَلِكَ وَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْرِيقِ عِنْدَنَا، لِأَنَّا رَأَيْنَا أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ كُلَّهَا تَسْتَوِي أَحْكَامُهَا مِنْ حَيْثُ أُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ، لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْعُمْرَةِ الَّتِي أُحْرِمَ بِهَا مِنَ الْمَوَاقِيتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُلَبِّي الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ بِهَا إِلَى أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ لَهَا حِينَئِذٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فِيمَا 1618 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّهُ كَانَ يُلَبِّي فِي الْعُمْرَةِ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ " 1619 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ، يَعْنِي فِي الْعُمْرَةِ، إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ " وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرِهِمَا فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، فَنَظَرْنَا فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، فَرَأَيْنَا عُرُوشَ مَكَّةَ، وَرَوِيَّةَ الْبَيْتِ، وَبُلُوغَ الْحَرَمِ، لَا يَقْطَعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ التَّلْبِيَةَ فِي الْحَجِّ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ رَوِيَّتَهَا فِي الْعُمْرَةِ لَا تَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ أَيْضًا وَلَمَّا انْتَفَى أَنْ تُقْطَعَ التَّلْبِيَةُ فِي الْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ رُوِّينَاهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ فِيهِ، فَانْتَفَى أَحَدُهُمَا، وَثَبَتَ الْآخَرُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا السَّعْيَ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ، وَرُوِّينَا فِيهِ عَنِ ابْنِ الحديث: 1618 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 عُمَرَ مَا يُوجِبُ إِبَاحَةَ تَرْكِ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ، ثُمَّ وَجَدْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ 1620 - عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَثْبِيتُ سَعْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسِيلِ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ فِي ذَلِكَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَهَذَا خِلَافُ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْعُمْرَةِ، هَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ فِي كُلِّ السَّنَةِ أَوْ مَحْظُورَةٌ فِي وَقْتٍ مِنْهَا خَاصٍّ؟ فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ: هِيَ مُبَاحَةٌ فِي كُلِّ السَّنَةِ غَيْرَ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَوْمِ النَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّهَا مَحْظُورَةٌ فِيهِنَّ هَكَذَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ جَمِيعًا، وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ حَكَى هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إِمْلَائِهِ بِبَغْدَادَ، وَحَكَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَدْ كَانَ بِبَغْدَادَ أَمْلَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَنَّ الْأَيَّامَ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الْعُمْرَةُ عِنْدَهُ إِنَّمَا هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَقَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: تَمَّتِ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَبَلَغَنَا عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: تَمَّتِ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ: يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَهَذَا عِنْدَنَا أَصَحُّ الْحَدِيثَيْنِ عَنْهَا، لِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ هَذَا كَلَامُ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي حَكَاهُ عِنْدَهُ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ: لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَكَانَ آخَرُونَ سِوَاهُمْ يَقُولُونَ: لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَصْلُحُ فِيهِنَّ الحديث: 1620 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ: لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا وَمِمَّنْ قَالَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا مِمَّا إِنْ حُمِلَ عَلَى الْقِيَاسِ كَانَتِ الْعُمْرَةُ مُبَاحَةً فِي السَّنَةِ كُلِّهَا، وَلَكِنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي ذَلِكَ أَثَرًا قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَهُوَ أَنَّ: 1621 - مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " تَمَّتِ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامِ: يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ " هَكَذَا رَوَى قَتَادَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ وَأَمَّا يَزِيدُ الرِّشْكُ فَرَوَاهُ عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّ 1622 - سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكُ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " تَمَّتِ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ " فَزَادَ يَزِيدُ الرِّشْكُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى قَتَادَةَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ وَلَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَلَمْ نَجِدْ لِمَا حَكَاهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْهَا فِي كَرَاهَةِ الْعُمْرَةِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَخْرَجًا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَائِشَةَ مِنَ الْمَنْعِ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ الَّتِي ذَكَرَهَا يَزِيدُ الرِّشْكُ فِي حَدِيثِهِ، مِمَّا نَعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تَقُلْهُ رَأْيًا، وَإِنَّمَا قَالَتْهُ تَوْقيِفًا، لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، فَقَوْلُهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عِنْدَنَا فِي هَذَا كَالْحَدِيثِ الْمُتَّصِلِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِهِ عِنْدَنَا الْمَنْعُ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَأَمَّا الْيَوْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيًا عَنِ الْعُمْرَةِ فِيهِ، وَلَا وَجَدْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ تَابِعِيهِمْ نَهْيًا عَنِ الْعُمْرَةِ فِيهِ غَيْرَ طَاوُسٍ، فَإِنَّ 1623 - عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، ذَكَرَ عَنْ سعيد بن حسان: الحديث: 1621 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 1623 - َأنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَحْيَى بْنِ بَابَاهَ أَخْبَرَهُ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ طَاوُسٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: فِي أَيِّ الشَّهْرِ تَأْمُرُنِي أَنْ أَعْتَمِرَ؟ قَالَ " أَيِّهَا شِئْتَ، إِلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَأَيَّامَ مِنًى، اعْتَمِرْ فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِيمَا بَعْدَهُ " فَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ مِنْ كَلَامِ طَاوُسٍ الْمَنْعُ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَالْمَنْعِ مِنْهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ طَاوُسٍ فَعَلَى تَوْقيِفٍ قَدْ وُقِّفَ عَلَيْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ، لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِخْرَاجِ، وَلَا الِاسْتِنْبَاطِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي كَرَاهَةِ الْعُمْرَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَوْمِ النَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا 1624 - أَجَازَهُ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْبَرْزِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ: سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، عَنِ الرَّجُلِ يُفْرِدُ بِالْحَجِّ ثُمَّ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ، أَيُقِيمُ إِلَى الْمُحَرَّمِ أَمْ يَعْتَمِرُ فِي ذِي الْحَجَّةِ؟ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ: " يَعْتَمِرُ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِنْ شَاءَ اللهُ " وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: إِذَا مَضَتْ خَمْسَةُ أَيَّامٍ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ " قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُقِيمُ إِلَى الْمُحَرَّمِ بَابُ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ} الْآيَةِ كُلِّهَا قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الحديث: 1623 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 فَأَمَّا الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي يُوجِبُ الْهَدْيَ الَّذِي ذَكَرْنَا، أَوِ الصِّيَامَ الَّذِي وَصَفْنَا، فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ، كَانُوا يَقُولُونَ: مَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَأَنْشَأَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهِيَ: شَوَّالٌ، وَذَوُ الْقَعْدَةِ، وَالْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ، فَطَافَ لَهَا فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ، وَحَلَّ مِنْهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ فِيمَا بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ إِلَى أَهْلِهِ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ عَلَى مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَإِنْ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا هَكَذَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِمَا ذَكَرْنَا وَهَكَذَا 1625 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: " مَنِ اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ، أَوْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، أَوْ فِي ذِي الْحَجَّةِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ، إِنَّمَا الْهَدْيُ عَلَى مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ قَبْلَ الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ " قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، كَمَا 1626 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا اعْتَمَرَ الرَّجُلُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ " وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحديث: 1625 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، مثله 1628 - وكما قد حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، مِثْلَهُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، مثله 1627 - وكما قد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خُزَيْمَة، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ حَدثنَا لَيْث عَن عَطاء/ وَمُجاهد مثله 1628 - وكما قد حَدثنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا حجاج قَالَ حَمَّاد عَن قيس عَن عَطاء مثله 1629 - وكما قد حَدثنَا مُحَمَّد أَيْضا قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن عَطاء والنخعى مثله 1630 - وكما قد حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا قَدِمَ الرَّجُلُ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَإِنْ خَرَجَ إِلَى مَا لَا تُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ حَجَّ، فَعَلْيِهِ الْهَدْيُ " وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ خُرُوجِ الْمُتَمَتِّعِ مِنَ الْمُتْعَةِ بِرُجُوعِهِ إِلَى أَهْلِهِ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ، فَفِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَّلَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالُوهُ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عَزَّ وَجَّلَ ذَكَرَ الْمُتْعَةَ وَمَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ قَالَ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} فَاسْتَثْنَى حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِمَّنْ أَبَاحَ لَهُ الْمُتْعَةَ، فَمَنَعَهُمْ مِنْهَا، وَكَانَ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامَ هُمُ الْمُقِيمُونَ فِي أَهْلِيهِمْ بَيْنَ عُمَرِهِمْ وَبَيْنَ حِجَجِهِمْ، فَإِذَا صَارَ الْمُعْتَمِرُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى أَهْلِهِ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ، كَانَ فِي رُجُوعِهِ إِلَى أَهْلِهِ، وَفِي إِقَامَتِهِ فِيهِمْ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ كَحَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَخَرَجَ بِذَلِكَ مِنَ الْمُتْعَةِ فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَرَجَعَ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ إِلَى أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ سِوَى الْأُفُقِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ، فَقَدْ حَكَيْنَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا الحديث: 1628 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 فِي هَذَا الْبَابِ، أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا قَدِمَ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ، وَإِنْ خَرَجَ إِلَى مَا لَا تَقْصُرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ حَجَّ، فَعَلْيِهِ الْهَدْيُ "، فَقَدْ وَقَفْنَا بِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ عَطَاءٍ فِيمَنْ يَرْجِعُ إِلَى مَوْضِعٍ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ مِقْدَارُ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ، فَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَصَارَ رُجُوعُهُ إِلَى مَا هُنَاكَ كَرُجُوعِهِ إِلَى أَهْلِهِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالنَّخَعِيِّ فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُمْ وَقَصْدُهُمْ فِي إِخْرَاجِهِ مِنَ الْمُتْعَةِ بِالرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِهِ فِيمَا بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ، لَا إِلَى مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْآفَاقِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَهْلُهُ وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا، مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَالْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، مِثْلُ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالنَّخَعِيِّ فَقَدْ صَارَ هَذَا الْمَعْنَى مُخْتَلَفًا فِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ بَعْدِهِمْ فِي الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ، مِنْ غَيْرِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذَا رَجَعَ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ إِلَى أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ، سِوَى الْأُفُقِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ، هَلْ يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مِمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ؟ أَوْ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنِ التَّمَتُّعِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ؟ فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولَانِ: لَا يَخْرُجُ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْوَاجِبُ فِيهَا مِمَّا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ إِلَّا بِرُجُوعِهِ إِلَى الْأُفُقِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ، لَا إِلَى مَا سِوَاهُ مِنَ الْآفَاقِ، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ فَذَكَرُوا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّهُ أَمْلَى عَلَيْهِمْ، أَنَّهُ إِذَا رَجَعَ إِلَى أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ، أَوْ رَجَعَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ فِيمَا بَيْنَ عُمَرِهِمْ وَحِجَجِهِمْ، خَرَجُوا بِذَلِكَ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَسَقَطَ عَنْهُمْ مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ كَانَ فِي رُجُوعِهِ إِلَى مَا هُنَاكَ كَرُجُوعِهِ إِلَى الْأُفُقِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ وَلَمَّا كَانَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَعَزَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي الْمُتْعَةِ: { الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، فَذَكَرَ الْأَهْلَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْآفَاقَ، وَجَعَلَ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَمْنُوعًا مِنَ الْمُتْعَةِ، كَانَ رُجُوعُهُ إِلَى مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الَّذِي أَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ وَكَانَ رُجُوعُهُ إِلَى غَيْرِهِ لَا مَعْنًى لَهُ يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَيَسْقُطُ بِهِ عَنْهُ مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا حَكَيْنَا فِيهِ هَذَا الِاخْتِلَافَ الَّذِي وَصَفْنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُمَا، وَالْمُخَالِفِ لَهُ الَّذِي قَالَهُ فِي إِمْلَائِهِ، مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الَّذِي وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ غَيْرُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُتَمَتِّعًا بِإِحْرَامِهِ فِيهِ بِعُمْرَةٍ وَبِحَجَّةٍ فِي عَامِهِ ذَلِكَ قَبْلَ رُجُوعِهِ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَحْرَمَ بِهَا فِي شَوَّالٍ، أَوْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، أَوْ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ، وَقَضَاهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، كَانَ مُتَمَتِّعًا قَالُوا: وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ هَذِهِ الْأَشْهُرِ الَّتِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ طَافَ أَكْثَرَ طَوَافِهَا فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ الَّتِي وَصَفْنَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، كَانَ مُتَمَتِّعًا قَالُوا: وَإِنْ كَانَ طَافَ قَبْلَ هَذِهِ الْأَشْهُرِ أَكْثَرَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ طَافَ بَقِيَّةَ طَوَافِهَا فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَكَانَ الَّذِي رَاعُوهُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ اللَّاتِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، كَانَ مُتَمَتِّعًا وَإِنْ كَانَ الَّذِي طَافَهُ لِعُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ الْأَقَلَّ مِنْ طَوَافِهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنَ السَّنَةِ، وَحَلَّ مِنْهَا، ثُمَّ حَجَّ من عَامَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، كَانَ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا وَلَا نَعْلَمُ هَذَا الْقَوْلَ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ غَيْرِ طَاوُسٍ 1631 - فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ الحديث: 1631 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 1631 - حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ الْجَهْمِ الْعَبْدِيُّ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ طَاوُسٌ: " مَنِ اعْتَمَرَ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا فِي الْمُحَرَّمِ فَمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ، فَأَقَامَ حَتَّى يَحُجَّ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَشْهُرُ الْحَجِّ قَبْلَ إِحْلَالِهِ مِنْ عُمْرَتِهِ، فَحَلَّ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، كَانَ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ 1632 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، حَدَّثَهُ، قَالَ " مَنِ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَوَّالٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ، فَهُوَ مِثْلُ مَنِ اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ، وَذِي الْقَعْدَةِ، وَذِي الْحَجَّةِ، ثُمَّ حَجَّ، يَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمِرِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ " فَكَانَ الَّذِي رَاعَى أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ الْإِحْلَالَ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، لَا مَا سِوَاهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِمَا ذَكَرْنَا حَتَّى يَكُونَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ طَوَافِ عُمْرَتِهِ شَوْطٌ فَأَكْثَرُ مِنْهُ، فَيَطُوفُ الْبَاقِي عَلَيْهِ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ يَحِلُّ، ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَا يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ كَيْفِيَّةَ التَّمَتُّعِ، وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ جَمِيعًا لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي سَنَةٍ مِنَ السِّنِينَ، فَطَافَ بِهَا، وَحَلَّ مِنْهَا، ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى حَجَّ فِي السَّنَةِ الَّتِي بَعْدَ تِلْكَ السَّنَةِ، لَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى، أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا، فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ لَيْسَ هُوَ اتِّبَاعَ الْحَجِّ الْعُمْرَةَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى اتِّبَاعِ الْحَجِّ الْعُمْرَةَ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ، وَلَا يَدْخُلُ فِيمَا عَلِمْنَا مِنْ أَدَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ خَاصًّا، إِلَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَى دُخُولِهِ فِيهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا فِي الحديث: 1632 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِيمَنْ طَافَ أَكْثَرَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، أَنَّهُ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى مَا سِوَى مَا ذَكَرْنَا، فَأَدْخَلْنَا فِي الْآيَةِ مَا أَجْمَعُوا عَلَى دُخُولِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى دُخُولِهِ فِيهَا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَا اسْتَيْسَرَ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ خَاصَّةً، لَا مَا سِوَاهُمَا مِنَ الْغَنَمِ وَقَدْ كَانَ مِمَّنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ 1633 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، قَالَا: " {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ " 1634 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " لَا يَكُونُ الْهَدْيُ إِلَّا مِنَ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ " 1635 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ " {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، قَالَ: جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ " 1636 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ وَبْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: " مَنْ تَمَتَّعَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ " فَذُكِرَ لَهُ الشَّاةُ، فَقَالَ: " الصِّيَامُ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنَ الشَّاةِ " الحديث: 1633 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْهَدْيُ مِنَ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَزُفَرُ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا عَن عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ 1637 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: " وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى الشَّاةَ {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} " 1638 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، شَاةٌ " 1639 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: " سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، قَالَ: جَزُورٌ، أَوْ بَقَرَةٌ، أَوْ شَاةٌ، أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ " 1640 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، قَالَ: شَاةٌ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ ذَبَحَ عَنْ مُتْعَتِهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَيْسًا 1641 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الحديث: 1637 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمًا إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُقَسِّمَهَا فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عِلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَسَّمَهَا حَتَّى بَقِيَ تَيْسٌ، فَذَبَحَهُ سَعْدٌ عَنْ نَفْسِهِ، وَتَمَتَّعَ "، 1642 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى سَعْدٍ "، ثُمَّ ذَكَرَهُ مِثْلَهُ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِهِ كَانَ فِيمَا: {اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، أَنَّهُ كَانَ كَمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْفِعْلُ كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عِلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ أَهْدَى غَنَمًا 1643 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى غَنَمًا مَرَّةً " 1644 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى غَنَمًا مُقَلَّدَةً " 1645 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمًا إِلَى الْبَيْتِ وَقَلَّدَهَا " الحديث: 1642 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 1646 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " كُنْتُ أَفْتُلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمًا، ثُمَّ لَا يُحْرِمُ عَنْ شَيْءٍ " 1647 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَنَمِ، ثُمَّ لَا يُحْرِمُ عَنْ شَيْءٍ " 1648 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كُنْتُ أَفْتُلُ الْقَلَائِدَ لِهَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَنَمِ، وَيُقِيمُ فِينَا حَلَالًا " 1649 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الزَّمنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كُنَّا نُقَلِّدُ الشَّاةَ فَنَبْعَثُ بِهَا، أَوْ قَالَتْ: فَنُرْسِلُ بِهَا، وَرِسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَالٌ لَمْ يَحْرُمْ مِنْهُ شَيْءٌ " 1650 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُبَيْدٍ عَنْبَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " كَانَ فِيمَا أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ غَنَمٌ مُقَلَّدَةٌ " الحديث: 1646 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى غَنَمًا، فَقَدْ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْغَنَمَ قَدْ تَكُونُ هَدْيًا وَقَدْ أَنْكَرَ مُنْكِرٌ هَذَا الْحَدِيثَ، وَدَفَعَهُ بِمَا رَوَاهُ الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَرَى الْغَنَمَ مِنْ {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي رَوَاهُ الْقَاسِمُ عَنْهَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى هَدْيِ التَّمَتُّعِ، وَأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ الْأَسْوَدُ عَنْهَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ أَلَا تَرَاهَا تَقُولُ فِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ " ثُمَّ يُقِيمُ فِينَا حَلَالًا، لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ "، دَفْعًا مِنْهَا لِقَوْلِ مَنْ كَانَ يَقُولُ: إِذَا وَجَّهَ الرَّجُلُ بِهَدْيِ تَطَوُّعٍ، فَقَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ ، حَرُمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَبْسُ الثِّيَابِ وَالطِّيبُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} كَمَا ذَكَرْنَا، فَأَدْخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيهِ الْغَنَمَ، وَلَمْ يُدْخِلْهَا ابْنُ عُمَرَ، وَلَا عَائِشَةُ فِيهِ، نَظَرْنَا فِيمَا أَجْمَعُوا عِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْغَنَمُ بِاتِّفَاقِهِمْ، كَمَا دَخَلَتِ الْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ وَصَارَتِ الْغَنَمُ فِي ذَلِكَ مُجْزِئَةٌ عَنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي التَّمَتُّعِ كَذَلِكَ أَيْضًا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا قَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ بَابٌ قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} ، فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُتَمَتِّعِ الَّذِي مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ لِعَدَمِ الْهَدْيِ، أَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ الَّذِي يَصُومُهَا فِي الْحَجِّ: الْيَوْمَ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَيْضًا أَنَّهُ إِنْ صَامَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ مَتَتَابِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً أَنَّهُ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ لَوْ صَامَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِي حُرْمَةِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، فَكَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 بَعْضُهُمْ يَقُولُ: يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُمْ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَمَا 1651 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: " وَالصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا مَا بَيْنَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَمَنْ لَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى "، 1652 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَخْلُ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} ، مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْحَجِّ، أَوْ عَلَى الصَّوْمِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مَنْ صَامَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ، فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: {فِي الْحَجِّ} أَشْهُرَ الْحَجِّ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ بِ: {الْحَجِّ} حُرْمَةَ الْحَجِّ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ، وَانْتَفَى مَا قَالَ مُخَالِفُوهُمْ فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ الَّتِي ذَكَرْنَا حَتَّى مَضَى يَوْمُ عَرَفَةَ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ : لَا يَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، إِذْ كَانَ الصِّيَامُ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، وَالْوَقْتُ الَّذِي أَمَرَهُ بِصَوْمِهِ فِيهِ، وَهُوَ الحديث: 1651 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 الْحَجُّ، قَدْ فَاتَ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَصُومَهَا فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ، لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا، كَمَا لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ عَنْ ذَلِكَ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ كُتُبِنَا هَذِهِ، فَأَغْنَانَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا، غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَا يُوَافِقُ مَا قَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فِيهِ، مِمَّا لَمْ نَكُنْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ كُتُبِنَا هَذِهِ، وَهُوَ أَنَّ: 1653 - مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي تَمَتَّعْتُ فَلَمْ أَهْدِ، وَلَمْ أَصُمْ فِي الْعَشْرِ؟ فَقَالَ: " سَلْ فِي قَوْمِكَ "، ثُمَّ قَالَ: " يَا مُعَيْقِيبُ، أَعْطِهِ شَاةً " فَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمْ يَأْمُرِ الْمُتَمَتِّعَ الَّذِي لَمْ يَصُمْ فِي الْعَشْرِ، وَلَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ، أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ بُدًّا مِنَ الْهَدْيِ 1654 - وَأَنَّ يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، " {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ "، وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلَاثِينَ فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ جَعَلَ آخِرَ الْوَقْتِ الَّذِي يُصَامُ فِيهِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ فِي الْحَجِّ لِلْمُتَمَتِّعِ، يَوْمَ عَرَفَةَ الحديث: 1653 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} ، قَدْ جَعَلَ لَهُ وَقْتًا، وَهُوَ الْحَجُّ، كَمَا جَعَلَ لِلصَّوْمِ فِي الظِّهَارِ، وَفِي الْقَتْلِ الْخَطَإِ، وَصْفَهُ، وَهِيَ التَّتَابُعُ، فَكَمَا كَانَ ذَلِكَ الصَّوْمُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّتَابُعِ لَا يُجْزِئُ إِلَّا مُتَتَابِعًا، فَكَذَلِكَ الصَّوْمُ الَّذِي جُعِلَ فِي الْحَجِّ لَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} ، فَجَائِزٌ لِلْمُتَمَتِّعِينَ أَنْ يَصُومُوهَا بِمَكَّةَ، وَفِي طُرُقِهِمْ إِلَى بُلْدَانِهِمْ، وَفِي بُلْدَانِهِمُ الَّتِي فِيهَا أَهْلُوهُمْ مُتَتَابِعَةً وَمُتَفَرِّقَةً، لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} ، أَيْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مِنَ الْإِحْلَالِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} ، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا هُوَ كَمَا لَهَا عَنِ الْهَدْيِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، فَإِنَّ هَذَا قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ، وَفِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَنْ هُمْ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَكَانُوا يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ: أَهْلُ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى مَكَّةَ، هُمْ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُمْ وَأَمَّا آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَكَانُوا يَقُولُونَ: حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: أَهْلُ مَكَّةَ خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ كَمَا 1655 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، أَجَوْفُ مَكَّةَ أَوْ حَوْلَهَا؟ قَالَ: جَوْفُ مَكَّةَ " الحديث: 1655 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 وَقَالَ بِذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، فَوَجَدْنَا الَّذِينَ قَالُوا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَقُولُونَ: لِكُلِّ مَنْ كَانَ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ دُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إِحْرَامٍ، إِذْ كَانُوا قَدْ جَعَلُوا الْمَكَانَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِهِ كَمَكَّةَ، فَجَعَلُوهُمْ كَأَهْلِ مَكَّةَ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُونَهُ فِي هَذَا أَيْضًا، وَيَحْتَجُّونَ فِيهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ 1656 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، " أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِقُدَيْدٍ، بَلَغَهُ خَبَرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَرَجَعَ فَدَخَلَ مَكَّةَ حَلَالًا " 1657 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ قُدَيْدًا بَلَغَهُ عَنْ جَيْشٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَرَجَعَ، فَدَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ " 1658 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ " خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا كَانَ قَرِيبًا لَقِيَهُ جَيْشُ ابْنُ دُلْجَةَ، فَرَجَعَ مَكَّةَ حَلَالًا " فَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالُوا، وَعَلَى أَنَّ أَهْلَ قُدَيْدٍ كَأَهْلِ مَكَّةَ فِيمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا خِلَافُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ 1659 - كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: الحديث: 1656 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ تَاجِرٌ، وَلَا طَالِبُ حَاجَةٍ، إِلَّا وَهُوَ مُحْرِمٌ " 1660 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ الْجَهْمِ الْعَبْدِيُّ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " لَا عُمْرَةَ عَلَى الْمَكِّيِّ، إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ، فَلَا يَدْخُلُهُ إِلَّا حَرَامًا " قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِنْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ مَكَّةَ قَرِيبًا؟ قَالَ: " نَعَمْ، يَقْضِي حَاجَتَهُ، وَيَجْعَلُ مَعَ قَضَائِهَا عُمْرَةً " فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ مَنَعَ النَّاسَ جَمِيعًا مِنْ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ خِلَافُ حُكْمِ أَهْلِ مَكَّةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُئِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ 1661 - وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَوَضَعَهَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَخْشَبَيْنِ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خِلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يَرْفَعُ لُقْطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ " فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرُ، فَإِنَّهُ لَا غَنَاءَ لِأَهْلِ مَكَّةَ عَنْهُ لِبُيُوتِهِمْ وَقُبُورِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِلَّا الْإِذْخِرُ " الحديث: 1660 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 1662 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدِّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ الْكَعْبِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَسْفِكَنَّ فِيهَا دَمًا، وَلَا يَعْضُدَنَّ فِيهَا شَجَرَةً، فَإِنْ تَرَخَّصَ مُرَخِّصٌ، فَقَالَ: قَدْ حَلَّتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّهَا لِي، وَلَمْ يُحِلَّهَا لِلنَّاسِ، وَإِنَّمَا أَحَلَّهَا لِي سَاعَةً " 1663 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، قَتَلَتْ هُذَيْلٌ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِقَتِيلٍ كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَبَسَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْقَتْلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَتَيْنِ مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَكْوُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ "، 1664 - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَبَسَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْفِيلَ "، وَغَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " وَلَا يُلْتَقَطُ ضَالَّتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ " أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَ بِالْحُرْمَةِ إِلَى مَكَّةَ دُونَ مَا سِوَاهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ سَائِرَ النَّاسِ سِوَى أَهْلِهَا فِي حُكْمِ دُخُولِهِمْ إِيَّاهَا سَوَاءٌ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ الحديث: 1662 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 مَا رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ، وَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ مَا يَجِبُ بِهِ أَنَّ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْمَمْنُوعِينَ مِنَ الْمُتْعَةِ هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ خَاصَّةً كَمَا قَالَ نَافِعٌ وَالْأَعْرَجُ، لَا كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَا 1665 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، قَالَ: الْقُرَى الَّتِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: ضَجْنَانُ، وَعِرْفَانٌ، وَمَرُّ ظَهْرَانَ " فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْصُوصٌ فِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خِلَافُ مَا اسْتَدْلَلْنَا بِهِ عَنْهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِأَهْلِ مَكَّةَ فِي حُضُورِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَهْلُ هَذِهِ الْقُرَى اللَّائِي ذَكَرْنَا، جَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ مَنْ كَانَ دُونَهَا إِلَى الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ فِي حَجِّهِمْ وَعُمَرِهِمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ لِمَا كَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ، فِي تَأْوِيلِ الْمُتْعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ، غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا فِيهَا فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَتْلُوهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {مِنَ الْهَدْيِ} قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ الحديث: 1665 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} فَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ مَا 1666 - قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ، سَمِعَ ابْنَ أُدَيْنَةَ، يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ، " أَنَّهُ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ تَمَامِ الْعُمْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: ائْتِ عَلِيًّا، فَاسْأَلْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ، فَقَالَ: ائتِ عَلِيًّا، فَاسْأَلْهُ فَقَالَ لَهُ فِي الثَّالِثِ: ائتِ عَلِيًّا، فَاسْأَلْهُ فَأَتَى عَلِيًّا، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: رَكِبْتُ الْإِبِلَ وَالْخَيْلَ وَالسُّفُنَ حَتَّى أَتَيْتُكَ، فَمِنْ أَيْنَ تَمَامُ الْعُمْرَةِ؟ فَقَالَ: مِنْ حَيْثُ أَنْشَأْتَ فَأَتَى عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: هُوَ كَمَا قَالَ " 1667 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: " سَأَلْتُ عَلِيًّا عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، مَا تَمَامُهَا؟ قَالَ: أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ " هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلٌ آخَرُ، وَهُوَ مَا 1668 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ لِي: " بِمَا أَهْلَلْتَ؟ " قَالَ: فَقُلْتُ: إِهْلَالٌ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَبِالْمَرْوَةِ، ثُمْ أَحِلَّ " الحديث: 1666 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ، فَفَلَّتْ رَأْسِي، فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ ذَاكَ حَتَّى كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، رُوَيْدًا بَعْضَ فُتْيَاكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ فَقُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ فِيهِ، فَائْتَمُّوا فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَيْتُهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لِي عُمَرُ: أَنْ نَأْخُذَ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يِأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، وَأَنْ نَأْخُذَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ ذَهَبَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى نَسْخِ الْفَسْخِ الَّذِي كَانَ أَبُو مُوسَى عَلَيْهِ مِمَّا فَعَلَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ وَهَذَا فَغَيْرُ مَا رَوَاهُ عَنْهُ أُدَيْنَةُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، فَذَلِكَ مَذْكُورٌ بِعَقِبِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِحْصَارَ الَّذِي لَهُ هَذَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، لِمَنْ أُحْصِرَ دُونَ تَمَامِهِمَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْإِحْصَارِ مَا هُوَ، فَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَا 1669 - قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: " لُدِغَ صَاحِبٌ لَنَا بِذَاتِ التَّنَانِينَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةِ، فَشُقَّ عَلَيْنَا، فَلَقِينَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَذَكَرْنَا لَهُ أَمْرَهُ، فَقَالَ: يَبْعَثُ بْهَدْيَ، وَيُوَاعِدُ أَصْحَابَهُ مَوْعِدًا، فَإِذَا نُحِرَ عَنْهُ حَلَّ " الحديث: 1669 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 1670 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: " ثُمَّ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ " 1671 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: " خَرَجْنَا عُمَّارًا، فَلَمَّا بَلَغْنَا ذَاتَ الشُّقُوقِ لُدِغَ رَجُلٌ مِنَّا، وَمَعَنَا عَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ، وَأَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ، فَلَمْ يَدْرُوا مَا يَقُولُونَ قَالَ: فَخَرَجْنَا إِلَى الطَّرِيقِ نَتَعَرَّضُ بِلِقَاءِ أَحَدٍ نَسْأَلُهُ قَالَ: فَإِذَا رَكْبٌ فِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَأَتَيْنَاهُ، فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: يَبْعَثُ بِهَدْيٍ، وَاجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ يَوْمَ أَمَارٍ، فَإِذَا نَحَرَ الْهَدْيَ فَلْيَحِلَّ، وَعَلَيْهِ الْعُمْرَةُ مِنْ قَابِلٍ " 1672 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: " أَهَلَّ رَجُلٌ مِنَ النَّخَعِ بِعُمْرَةٍ يُقَالُ لَهُ: عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ، فَلُدِغَ، فَبَيْنَا هُوَ صَرِيعٌ فِي الطِّينِ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ فِيهِمُ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: ابْعَثُوا بِالْهَدْيِ، وَاجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ يَوْمَ أَمَارٍ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلْيَحِلَّ " قَالَ الْحَكَمُ: وَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَكَانَ حَسْبُكَ بِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: " وَعَلَيْهِ الْعُمْرَةُ مِنْ قَابِلٍ " قَالَ شُعْبَةُ: وَسَمِعْتُ سُلَيْمَانَ يُحَدِّثُ بِهِ مِثْلَ مَا حَدَّثَ بِهِ الْحَكَمُ سَوَاء ً الحديث: 1670 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 1673 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى أَبُو شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، " {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} ، قَالَ: مِنْ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ " قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَدْ جَعَلَا الْإِحْصَارَ بِالْأَمْرَاضِ دَاخِلًا فِي الْإِحْصَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1674 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " لَا يَكُونُ إِحْصَارٌ إِلَّا مِنْ عَدُوٍّ " 1675 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ حُبِسَ دُونَ الْبَيْتِ، ثُمَّ مَرِضَ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ " 1676 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، " أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَفْتُوا ابْنَ حُزَابَةَ الْمَخْزُومِيَّ، وَصُرِعَ فِي الْحَجِّ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، أَنْ يَتَدَاوَى بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَيَفْتَدِيَ، وَيَجْعَلَهَا عُمْرَةً، وَيَحُجَّ عَامًا قَابِلًا " الحديث: 1673 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ خِلَافُ هَذَا الْقَوْلِ مِمَّا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، هَلْ نَجِدُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ؟ 1677 - فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ الصَّوَّافِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَنْ عَرِجَ أَوْ كُسِرَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى " 1678 - وَإِذَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ الصَّوَّافُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَنْ عَرِجَ أَوْ كُسِرَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى " قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَا: صَدَقَ 1679 - وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَلِيحٍ الْوُحَاظِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَا سَأَلْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو عَمَّنْ حُبِسَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ عَرِجَ أَوْ كُسِرَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى " قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَا: صَدَقَ الحديث: 1677 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 فَفِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا فِي الْحَصْرِ بِالْكَسْرِ وَالْعَرَجِ، وَأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ الْحِلِّ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ، مَا يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي الْحَصْرِ بِالْمَرَضِ، أَنَّهُ كَالْحَصْرِ بِالْعَدُوِّ سَوَاءٌ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُ فِي ذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ وَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ فَكَانَا يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ الْإِحْصَارَ الَّذِي يُوجِبُ الْحِلَّ لِلْمُحْرِمِ هُوَ الْإِحْصَارُ بِالْعَدُوِّ خَاصَّةً، لَا مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَغَيْرِهَا 1680 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: " مَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ، فَعَلَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَأَمَّا مَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ دُونَ الْبَيْتِ " وَالْقِيَاسُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَاهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ إِحْصَارَ الْعَدُوِّ يَجِبُ بِهِ لِلْمُحْصَرِ الْإِحْلَالُ كَمَا يَحِلُّ الْمُحْصَرُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرَضِ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا فَوَجَدْنَا الرَّجُلَ إِذَا كَانَ يُطِيقُ الْقِيَامَ، كَانَ فَرْضُهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ، إِنْ قَامَ، أَنْ يُعَايِنَهُ الْعَدُوُّ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ كَانَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ فَمَنَعَهُ مِنَ الْقِيَامِ، فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهُ قَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ زَمَانَةٌ، فَمَنَعَهُ ذَلِكَ مِنَ الْقِيَامِ، أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ، وَحَلَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، فَكَانَ مَا أُبِيحَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ بِالضَّرُورَةِ مِنَ الْعَدُوِّ أُبِيحَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ بِالضَّرُورَةِ فِي الْمَرَضِ وَرَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا حَالَ الْعَدُوُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فِي سَفَرِهِ، سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْمَاءِ، وَتَيَمَّمَ، وَصَلَّى وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ يَضُرُّهَا الْمَاءُ، سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ التَّوَضُّؤِ بِالْمَاءِ ، وَتَيَمَّمَ، وَصَلَّى فَكَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الْمَعْذُورُ فِيهَا بِالْعَدُوِّ وَالْأَمْرَاضِ فِي سُقُوطِ الْفُرُوضِ فِي الصَّلَوَاتِ سَوَاءً، فَالْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ الحديث: 1680 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 فَقَالَ قَائِلٌ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ "، أَعَلَى أَنَّهُ إِذَا كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَخَرَجَ مِنْ حُرْمَةِ الْإِحْرَامِ؟ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؟ فَقِيلَ لَهُ: مَعْنَاهُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَيْ فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ، كَمَا قَدْ يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ الْحَرَامِ عَلَى الْأَزْوَاجِ بِالِاعْتِدَادِ مِنَ الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ، وَمِمَّا سِوَاهُمَا، إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا: قَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ، لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا قَدْ حَلَّتْ لَهُمْ بِغَيْرِ عُقُودٍ يِأْتَنِفُونَهَا عَلَيْهَا، وَلَكِنْ قَدْ حَلَّتْ لَهُمْ بِعُقُودٍ يَأْتَنِفُونَهَا عَلَيْهَا تَكُونُ لَهُمْ بِهَا إِحْلَالًا، فَكَذَلِكَ " فَقَدْ حَلَّ "، أَيْ فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ بِمَعْنَى يَأْتَنِفُهُ، يَعُودُ بِهِ حَلَالًا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَدْ صَدَّقَ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، ثُمَّ قَالَ مِنْ رَأْيِهِ فِي الْإِحْصَارِ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ، مَتَى يُذْبَحُ عَنْهُ الْهَدْيُ؟ وَمَتَى يَحِلُّ بِذَبْحِ الْهَدْيِ عَنْهُ؟ فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: فِي أَيِّ أَيَّامِ الْعَشْرِ ذُبِحَ عَنْهُ أَجْزَأَهُ، وَحَلَّ بِهِ مِنَ الْحُرْمَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، بِذَلِكَ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ لَا يُنْحَرُ عَنْهُ الْهَدْيُ دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَا يَحِلُّ حَتَّى يُنْحَرَ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِذَلِكَ وَكَمَا قَدْ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِذَلِكَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ الْحَاجُّ غَيْرُ الْمُحْصَرِ لَا يَحِلُّ بِالْأَفْعَالِ الَّتِي يَفْعَلُهَا دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ، كَانَ الْقِيَامُ أَيْضًا عِنْدَنَا أَلا يَحِلَّ بِمَا جُعِلَ بَدَلًا مِنْهَا، إِذَا كَانَ مُحْصَرًا دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ، وَمِنْ نَحْرِ الْهَدْيِ فِيهِ، فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ لَا يُنْحَرُ عَنْهُ الْهَدْيُ إِلَّا فِي الْحَرَمِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِذَلِكَ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: يُنْحَرُ الْهَدْيُ مَكَانَهُ الَّذِي هُوَ مَحْصُورٌ فِيهِ ثُمَّ يَحِلُّ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، كَمَا ذَكَرْنَا، نَظَرْنَا فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ كُلُّ فَرِيُقٍ لِمَذْهَبِهِ لِنَقِفَ بِذَلِكَ عَلَى صَحِيحِ الْقَوْلِ مِنْ قَوْلَيْهِمْ هَذَيْنِ إِنْ شَاءَ اللهُ فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى إِبَاحَةِ نَحْرِ الْهَدْيِ بِالْمَكَانِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ الْحَاجُّ، مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَحْرِهِ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ لَمَّا أُحْصِرَ وَمُنِعَ مِنْ مُجَاوَزَتِهَا إِلَى الْحَرَمِ 1681 - وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ، قَالَتْ: " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَسْأَلُهُ مِنْ لُحُومِ الْهَدْيِ " وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ الْآخَرِينَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ مَشْرُوطٌ فِيهِ بُلُوغُ الْكَعْبَةِ قَالُوا: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أُمُّ كُرْزٍ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ مِنْ لُحُومِ الْهَدْيِ الْمَذْبُوحِ بِغَيْرِهَا، فَنَظَرْنَا، هَلْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى؟ فَإِذا: 1682 - إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ بِشْرٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللِّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ خِبَاؤُهُ فِي الْحِلِّ، وَمُصَلَّاهُ فِي الْحَرَمِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاسْتَحَالَ بِذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ الْهَدْيَ فِي الْحِلِّ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى الْحَرَمِ وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 1681 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 لَمْ يَكُنْ مُحْصَرًا عَنِ الْحَرَمِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مُحْصَرًا عَنِ الْبَيْتِ خَاصَّةً وَوَجَدْنَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا خِلَافَ هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا 1683 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَحُولُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَحُولِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صُدَّ الْهَدْيُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْعِثْ مَعِي بِالْهَدْيِ، فَلْأَنْحَرْهُ فِي الْحَرَمِ فَقَالَ: " وَكَيْفَ تَأْخُذُ بِهِ؟ " قُلْتُ: آخُذُ بِهِ فِي أَوْدِيَةٍ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيَّ فِيهَا فَبَعَثَهُ مَعِي حَتَّى نَحَرْتُهُ بِالْحَرَمِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْصَارِ ذَبَحَ فِي الْحَرَمِ، لَا فِي الْحِلِّ وَلَمَّا كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي الْهَدْيِ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} ، كَمَا قَالَ فِي الصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَفِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ: {شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} ، فَكَانَ الصِّيَامُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّتَابُعِ لَا يُجْزِئُ إِلَّا مُتَتَابِعًا، كَانَ كَذَلِكَ الْهَدْيُ الْمَوْصُوفُ بِبُلُوغِ الْكَعْبَةِ، لَا يَكُونُ إِلَّا كَذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُحْصَرِ فِي الْحَجِّ كَمَا ذَكَرْنَا إِذَا حَلَّ بِنَحْرِ الْهَدْيِ، هَلْ يَحْلِقُ رَأْسَهُ عِنْدَ ذَلِكَ كَمَا يَحْلِقُهُ لَوْ حَلَّ بِغَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْإِحْصَارِ أَمْ لَا؟ فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَا حَلْقَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ قَوْلُنَا وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: يَحْلِقُ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ، كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ الحديث: 1683 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: يَحْلِقُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُحْصَرٍ وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي نَوَادِرِهِ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاحْتَجَّ أَبُو يُوسُفَ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ وَاحْتَجَّ أَبُو يُوسُفَ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَفْضِيلِهِ الْمُحَلِّقِينَ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ، وَقَالُوا: لَوْلَا أَنَّ الْحَلْقَ وَالتَّقْصِيرَ فِي حَالَ الْحَصْرِ عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَصْرِ لَمَا فَضُلَ الْحَالِقُونَ الْمُقَصِّرِينَ، إِذَا كَانَ الْحَلَالُ الْحَالِقُ لَا يَفْضُلُ الْحَلَالَ الْمُقَصِّرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِمَّا حَدَّثَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي فَضَّلَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَالِقِينَ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا لِقَوْلٍ كَانَ مِنَ الْمُقَصِّرِينَ فَفِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ مَا يَفْسُدُ بِهِ عَلَى أَبِي يُوسُفَ هَذِهِ الْعِلَّةُ الَّتِي اعْتَلَّ بِهَا وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَلِنَفْسِهِ، فَقَالَ: لَمَّا كَانَ الْمُحْصَرُ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ سَائِرُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ سِوَى الْحَلْقِ، سَقَطَ عَنْهُ أَيْضًا الْحَلْقُ قَدْ حَلَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ مَا مُنِعَ، وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَه بالْحَصْرِ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ، وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ بَقَاءُ الْحُرْمَةِ فِي بَدَنِهِ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْحَلْقُ الَّذِي هُوَ قَادِرٌ عَلَى فِعْلِهِ إِيَّاهُ، لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهَ الْإِحْصَارِ فِي الْحَجِّ، وَالْإِحْصَارِ فِي الْعُمْرَةِ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: قَدْ يَكُونُ الْمُحْرِمُ بِهَا مُحْصَرًا كَمَا قَدْ يَكُونُ مُحْصَرًا بِالْحَجِّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، إِلَّا أَنَّهُ يُنْحَرُ عَنْهُ الْهَدْيُ فِي أَيِّ يَوْمٍ شَاءَ فِي الْحَرَمِ، لَا فِيمَا سِوَاهُ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لَا يَحِلُّ مِنَ الْعُمْرَةِ أَبَدًا دُونَ الْبَيْتِ، لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا، وَلَيْسَتْ كَالْحَجِّ الَّذِي لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ لِنَعْلَمَ بِهِ الصَّحِيحَ مِنْ قَوْلَيْهِمْ هَذَيْنِ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ حَصْرُ الْعَدُوِّ إِيَّاهُ حَتَّى حَلَّ، وَنَحَرَ الْهَدْيَ دُونَ الْبَيْتِ فِي عُمْرَةٍ، لَا فِي حَجِّهِ كَمَا 1684 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ، وَقَالَ: " إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُهِلُّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ " 1685 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: " إِذَا عَرَضَ لِلْمُحْرِمِ عَدُوٌّ فَإِنَّهُ يَحِلُّ حِينَئِذٍ، قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَبَسَهُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ فِي عُمْرَةٍ عَنِ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ وَحَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ رَجَعُوا حَتَّى رَجَعُوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ " فثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوبُ حُكْمِ الْإِحْصَارِ فِي الْعُمْرَةِ كَوُجُوبِهِ فِي الْحَجِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُحْصَرِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْحَجِّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِيهِ، وَفِي الْعُمْرَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِيهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: عَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ، وَقَضَاءُ الْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِذَلِكَ الحديث: 1684 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ بِذَلِكَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ: " مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى "، كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ مَعَ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي فُتْيَاهُ الَّذِينَ سَأَلُوهُ عَنِ اللَّدِيغِ بِذَاتِ التَّنَانِينَ أَوْ بِذَاتِ الشُّقُوقِ: " أَنَّ عَلَيْهِ عُمْرَةً مِنْ قَابِلٍ " وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ، وَأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الصِّيَامِ، وَمِنَ الصَّدَقَةِ، وَمِنَ النُّسُكِ مِمَّا لَمْ يُبَيِّنِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا فِيهَا، وَلَا فِيمَا سِوَاهَا مِنْ كِتَابِهِ، عَدَدَ ذَلِكَ الصَّوْمِ، وَمِقْدَارَ تِلْكَ الصَّدَقَةِ وَجِنْسَهَا، وَذَلِكَ النُّسُكِ، وَبَيَّنَهُ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا 1686 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قِرَاءَةً مِنْهُ عَلَيْنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ وَقَمْلُهُ يَتَسَاقَطُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: " أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ " قَالَ: نَعَمْ فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقُ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطْعِمَ فَرْقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَبَيَّنَ لَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّوْمَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَأَنَّ النُّسُكَ شَاةٌ، وَأَنَّ الطَّعَامَ فَرْقٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا مَا مِقْدَارُ الْفَرْقِ، وَلَا صِنْفَ الطَّعَامِ، فَالْتَمَسْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا الحديث: 1686 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 1687 - مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَيْهِ وَهُوَ يَحْتَشُّ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ مِنْ رَأْسِهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، قَالَ: " أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَاحْلِقْ رَأْسَكَ، وَإِنْ شِئْتَ فَانْسُكْ نُسُكَهُ، وَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَطْعِمْ ثَلَاثَةَ أَصْوَاعٍ مِنْ تَمْرٍ سِتَّةَ مَسَاكِينَ " قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ وَأَمَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ فَرَوَاهُ عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كَعْبٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى كَمَا 1688 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَلِي وَفْرَةٌ فِيهَا هَوَامُّ، مِنْ بَيْنِ أَصْلِ كُلِّ شَعْرَةٍ إِلَى فَرْعِهَا قَمْلٌ وَصِئْبَانٌ، فَقَالَ: " إِنَّ هَذَا لَأَذًى؟ " قُلْتُ: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ، شَدِيدٌ قَالَ: " مَعَكَ دَمٌ؟ " قُلْتُ: لَا قَالَ: " فَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ أَصْوَاعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٍ " هَكَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ دَاوُدَ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ الصَّدَقَةَ ثَلَاثَةُ أَصْوَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَبَدَأَ فِيهِ بِذِكْرِ الدَّمِ، وَجَعَلَ التَّخْيِيرَ فِي الصِّنْفَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ بَعْدَهُ وَقَدْ رَوَى وَهْبُ بْنُ خَالِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ دَاوُدَ، كَمَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ فِي إِسْنَادِهِ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَقَالَ فِيهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ كَمَا الحديث: 1687 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 1689 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعَلَيَّ وَفْرَةٌ وسان مِنْ أَصْلِ كُلِّ شَعْرَةٍ إِلَى فَرْعِهَا قَمْلًا وَصِئْبَانًا، فَقَالَ: " إِنَّ هَذَا لَأَذًى؟ " قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَاحْلِقْ، وَاذْبَحْ، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّخْيِيرُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبٍ بَيْنَ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْآصُعَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِهِ مِنَ التَّمْرِ كَمَا فِي حَدِيثَيْ حَمَّادٍ، وَيَزِيدَ، عَنْ دَاوُدَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ، فَذَكَرَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْآصُعَ الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مِنَ التَّمْرِ كَمَا 1690 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَا كَثِيرُ الشَّعْرِ، فَقَالَ: " كَأَنَّ هَوَامُّ رَأْسِكَ يُؤْذِيكَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ قَالَ: " فَاحْلِقْهُ، وَاذْبَحْ نَسِيكَةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ آصُعِ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَخْيِيرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَعْبًا بَيْنَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْآصُعَ الثَّلَاثَةَ مِنَ التَّمْرِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ كَعْبٍ، فَذَكَرَ فِيهِ تَخْيِيرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بَيْنَ النُّسُكِ وَالصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: " أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ " 1691 - كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، الحديث: 1689 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَعْقِلٍ، يَقُولُ: قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فَقَالَ: فِيَّ أُنْزِلَتْ، حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: " مَا كُنْتُ أَرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ هَذَا، أَوْ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى "، فَنَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَلَكُمْ عَامَّةً، فَأَمَرَنِي أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِي، وَأَنْسُكَ نَسِيكَةً، أَوْ أَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَخْيِيرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، وَفِيهِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْآصُعَ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، 1692 - كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَوْ أُطْعِمَ فَرْقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ فَالتَّخْيِيرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا هُوَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ وَقَدْ رَوَى زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ كَمَا 1693 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مَعْقِلٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا، فَقَمِلَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللِّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ الْحَلَّاقَ، فَحَلَقَ رَأْسِي، ثُمَّ قَالَ لَهُ: " هَلْ عِنْدَكَ نُسُكٌ؟ " فَقَالَ: مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ بِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، الحديث: 1692 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 أَوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ خَاصَّةً: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ، فَكَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَبْدِئَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النُّسُكَ، وَتَخْيِيرُهُ كَعْبًا بَعْدَ إِخْبَارِهِ إِيَّاهُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّسُكِ، بَيْنَ الصِّنْفَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَقَدْ رَوَى أَبُو عَوَانَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا 1694 - كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَجَلَسَ إِلَيْنَا كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: فِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَيْفَ كَانَ شَأْنُكَ؟ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمِينَ، فَوَقَعَ الْقَمْلُ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي وَشَارِبِي حَتَّى وَقَعَ فِي حَاجِبِي، فَذَكَرَ ذَلِكَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَا كُنْتُ أَرَى بَلَغَ مِنْكَ هَذَا، ادْعُ الْحَلَّاقَ "، فَدُعِيَ الْحَلَّاقُ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، قَالَ: " هَلْ تَجِدُ مِنْ نَسِيكَةٍ؟ " قَالَ: قُلْتُ: لَا قَالَ: " فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إِطْعَامُ ثَلَاثَةِ أُصُوعٍ، بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ " قَالَ: فَأُنْزِلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لِلنَّاسِ عَامَّةً وَقَدْ رَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، فَزَادَ فِيهِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِهِ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ مَا اخْتَارَهُ كَعْبٌ مِنْهَا 1695 - كَمَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ الحديث: 1694 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسِهِ، قَالَ: " صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ، أَوِ انْسُكْ شَاةً، أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ " قَالَ الشَّافِعِيُّ: غَلَطَ مَالِكٌ فِي الْحَدِيثِ، الْحُفَّاظُ حَفِظُوهُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كَعْبٍ: " إِنْ شِئْتَ فَانْسُكْ نَسِيكَةً، وَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَطْعِمْ ثَلَاثَةَ أَصْوَاعٍ مِنْ بَيْنِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ "، مِثْلُ هَذَا أَيْضًا غَيْرَ أَنَّا نَظَرْنَا فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ غَلَطِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ نَجِدْ لَهُ أَصْلًا، وَوَجَدْنَا الْحُفَّاظَ قَدْ رَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْغَلَطَ كَانَ مِنَ الشَّافِعِيِّ، أَوْ كَانَ مَالِكٌ غَلَطَ فِيهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ حَدَّثَ بِهِ صَحِيحًا فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، لَا غَلَطَ فِيهِ، عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، 1696 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً وَمِنْهُمُ الْقَعْنَبِيُّ، فَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ، 1697 - كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَيْضًا، مِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو الحديث: 1696 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 1698 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَبِي الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الشَّافِعِيِّ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: " أَيُّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَكَ " وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُجَاهِدٍ جَمَاعَةٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا، مِنْهُمْ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ 1699 - كَمَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَا: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَعَلَّهُ آذَاكَ هَوَامُّكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ شَاةً "، 1700 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالكًا، حَدَّثَهُ عَنْ حُمَيْدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، 1701 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، 1702 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ قَيْسٍ، حَدَّثَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْهُمُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، 1703 - فَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ، مِثْلَهُ، الحديث: 1698 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 وَمِنْهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ 1704 - فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ 1705 - فَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لِي، وَأَنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ: " أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " احْلِقْ " وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ، فَالصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ سِتَّةُ مَسَاكِينَ بَيْنَهُمْ فَرْقٌ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ وَمِنْهُمُ ابْنُ عَوْنٍ 1706 - فَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُفْيَانَ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوَنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " ادْنُ "، فَدَنَوْتُ، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: أَظُنُّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: " أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ " قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: نَعَمْ فَأَمَرَنِي بِصِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ مَا تَيَسَّرَ وَمِنْهُمْ أَبُو بِشْرٍ 1707 - فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 1704 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَدْ حَبَسَنَا الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْبَيْتِ، وَلِي وَفْرَةٌ، فَجَعَلَتِ الْهَوَامُّ تَقَعُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَاحْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثًا، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ نُسُكًا " وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ 1708 - كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْإِمَامِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ وَلَدِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى مَوْلَى الْأَنْصَارِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى وَجْهِهِ دَوَابَّ، فَقَالَ: " إِنِّي أَرَاكَ يَا كَعْبُ قَدْ آذَاكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ " قَالَ: أَجَلْ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: " احْلِقْ رَأْسَكَ، وَأَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ شَاةً " وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصِّيَامَ وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ، عَنْ كَعْبٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِالتَّخْيِيرِ أَيْضًا 1709 - كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ مِنَ الْقَمْلِ، وَقَالَ: " صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ، أَوِ اذْبَحْ " وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا، عَنْ كَعْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ بِالتَّخْيِيرِ أَيْضًا 1710 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ كَعْبٌ: " أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلّى الحديث: 1708 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ آذَانِي الْقَمْلُ أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِي وَأَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِهِ " وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ، عَنْ كَعْبٍ 1711 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ بِسُوقِ الْبُرْمِ بِالْكُوفَةِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُنْضِجُ تَحْتَ قِدْرٍ لِأَصْحَابِي، وَقَدِ امْتَلَأَ رَأْسِي وَلِحْيَتِي قَمْلًا، فَأَخَذَ بِجَبْهَتِي، وَقَالَ: " احْلِقْ هَذَا، وَصُمْ ثَلَاثَةً، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ " وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ النُّسُكَ وَإِنَّمَا احْتَاجُوا إِلَى كَشْفِ أُمُورِ التَّخْيِيرِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ، وَإِنَّمَا كَانَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ مَا وَجْهُهُ وَجْهُ التَّخْيِيرِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا لَا تَخْيِيرَ فِيهِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى التَّخْيِيرِ، بَلْ كَانَ عَلَى مَرَاتِبٍ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ فَاحْتَجْنَا إِلَى كَشْفِ مَا ذَكَرْنَا لِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا كَانَ تَخْيِيرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبٍ بَيْنَ الْهَدْيِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ مَا سِوَاهُ مِمَّا فِي الْآيَةِ، لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ يُرَدْ بِهَا كَعْبٌ خَاصَّةً، إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا النَّاسُ جَمِيعًا، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِبْيَانَ حُكْمِهَا لِلنَّاسِ جَمِيعًا، فَذَكَرَ الْأَصْنَافَ الَّتِي يُخَيَّرُونَ بَيْنَهَا الحديث: 1711 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِهِمْ عَنْ كَعْبٍ فِي الْآصُعِ، فَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ أَنَّهَا مِنَ الْحِنْطَةِ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مِنَ التَّمْرِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَائِهَا كَفَّارَةً، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا أَدَّى عَنْهَا ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَنَّهَا مُجْزِئَةٌ، وَأَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْهُ سَاقِطَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا أَدَّى عَنْهَا ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُجْزِئُ كَمَا تُجْزِئُ الْحِنْطَةُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُجْزِئُ مِمَّا يُجْزِئُ مِنْهُ الْحِنْطَةُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فَكَانَ الْأَوْلَى بِنَا أَلا تَسْقُطَ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ إِلَّا بِمَا يُجْمِعُونَ عَلَى إِسْقَاطِهَا بِهِ عَنْهُ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} ، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، فَإِذَا خَرَجْتُمْ مِمَّا كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْإِحْصَارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} ، فَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّ الْإِحْصَارَ بِالْحَجَّةِ يُبِيحُ لِصَاحِبِهَا الْبَعْثَةَ بِالْهَدْيِ، وَالْإِحْلَالَ إِذَا بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَإِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ حَلَّ وَوَجَبَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ مَكَانَ الْحَجَّةِ الَّتِي صُدَّ عَنْهَا لِخُرُوجِهِ مِنْهَا، وَلِإِحْلَالِهِ لَهُ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِهَا، كَمَا يَجِبُ عَلَى الَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ مِنَ الْإِحْلَالِ بِالْحَجَّةِ الَّتِي فَاتَتْهُ بِعُمْرَةٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى "، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ عُمْرَةً؟ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ هَذَا لِلْعُمْرَةِ ذِكْرٌ كَمَا ذَكَرْتَ، وَلَكِنْ فيِهِ أَنَّ عِكْرِمَةَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَدَّقَا الْحَجَّاجَ عَلَى ذَلِكَ، فَصَارَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ عِنْدَهُ عَلَى الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ بَعْدَ إِحْلَالِهِ مِنْهُ بِبُلُوغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ كَمَا 1712 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ " وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ إِلَى الْبَيْتِ "، لَا يُجَاوَزُ بِالْعُمْرَةِ الْبَيْتُ قَالَ: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} إِذَا أَهَلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ فَأُحْصِرَ، بَعَثَ بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٍ، فَإِنْ هُوَ عَجِلَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ مَسَّ طِيبًا، أَوْ تَدَاوَى، كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ قَالَ: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} قَالَ: يَقُولُ: إِذَا بَرَأَ، فَمَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ الْبَيْتَ، حَلَّ مِنْ حَجَّتِهِ بِعُمْرَةٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَإِنْ هُوَ رَجَعَ، وَلَمْ يُتِمَّ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى الْبَيْتِ، كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ، وَعُمْرَةٌ، وَدَمٌ لِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ فَإِنْ خَرَجَ مُتَمَتِّعًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: آخِرُ الصِّيَامِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، يَوْمُ عَرَفَةَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلِّهِ هَكَذَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَأَمَّا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، فَحَدَّثَنَاهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ مُخْتَصَرًا الحديث: 1712 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 1713 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ " وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ إِلَى الْبَيْتِ " قَالَ: لَا يُجَاوَزُ بِالْعُمْرَةِ مَا الْبَيْتُ قَالَ: فَإِذَا أَهَلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ فَحُوصِرَ، بَعَثَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةً، فَإِنْ هُوَ عَجِلَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ مَسَّ طِيبًا، أَوْ تَدَاوَى، كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، وَالصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} ، يَقُولُ: إِذَا بَرَأَ، فَمَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ الْبَيْتَ حَلَّ مِنْ حَجِّهِ بِعُمْرَةٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَإِنْ هُوَ رَجَعَ، وَلَمْ يُتِمَّ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى الْبَيْتِ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ، وَعُمْرَةٌ، وَدَمٌ بِتَأْخِيرِهِ وَأَمَّا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، فَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ 1714 - كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، " {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} ، قَالَ: إِذَا أُحْصِرَ الرَّجُلُ بَعَثَ بِالْهَدْيِ، {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} ، فَلَا يَحْلِقُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ، الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَإِنْ عَجِلَ، فَحَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ صَدَقَةٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ، فَإِذَا أَمِنَ مِمَّا كَانَ بِهِ، {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} ، فَإِنْ مَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ، وَإِنْ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ إِلَى آخِرِ الْعُمْرَةِ إِلَى قَابِلٍ، فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ، وَعُمْرَةٌ، وَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} " الحديث: 1713 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلَاثِينَ قَالَ أَحْمَدُ: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، إِلَّا عَلَى أَنَّ الَّذِي حَكَاهُ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُسْتَكْمِلًا لِجَمِيعِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَكُنِ ابْنُ عَبَّاسٍ لِيَزِيدَ عَلَى مَا حَدَّثَهُ عِكْرِمَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا يَجِبُ لَهُ زِيَادَتُهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّ مَنْ تَمَتَّعَ مِنَ الْمُحْصَرِينَ بِالْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ، إِلَى الْحَجَّةِ الَّتِي يَقْضِيهَا بَدَلًا مِنْ حَجَّتِهِ الَّتِي أُحْصِرَتهَا، وَحَلَّ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّمَتُّعِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِيمَا قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، كَانَ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، كَمَا يَكُونُ عَلَى مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِيمَا قَبْلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} ، فَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ، وَمَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، وَالْأَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الصِّيَامَ فِي الْحَجِّ، عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَمَا قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلَمْ يَخْرُجْ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْكُوفِيِّينَ قَدْ قَالَ بِهِ مِنْهُمُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيُّ، وَأَبُو زَيْدٍ حَمَّادُ بْنُ دُلَيْلٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِالتَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ هُمُ الْمُحْصَرُونَ بِالْحَجِّ، لِأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ} ، أَيْ مِنْكُمْ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خِطَابٌ لِغَيْرِ الْمُحْصَرِينَ بِالْحَجِّ وَذَكَرَ فَيِ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِيهِ مِمَّا 1715 - حَدَّثَنَاهُ نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُؤَيَّدٍ، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: الحديث: 1715 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ التَّمَتُّعَ لَيْسَ بِالَّذِي تَصْنَعُونَ، يَتَمَتَّعُ أَحَدُكُمْ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ، وَلَكِنَّ الْحَاجَّ إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ، أَوْ ضَلَّتْ رَاحِلَتُهُ، أَوْ كُسِرَ حَتَّى يَفُوتَهُ الْحَجُّ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا عُمْرَةً، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ " قِيلَ لَهُ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَا قَدْ ذَكَرْتَ، وَلَمْ يُعْلَمْ هَذَا الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرِهِ وَقَدْ رُوِيَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ: تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ، خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَإِنَّ الرَّسُولَ هُوَ الرَّسُولُ، وَإِنَّهُمَا كَانَتَا مُتْعَتَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتْعَةَ الْحَجِّ، فَافْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمَرِكُمْ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لَمَّا نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ: مَا يُرِيدُ إِلَى أَمْرٍ قَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهُ فَفِي نَهْيِ عُثْمَانَ عَنْهَا، وَتَسْمِيَتِهِ إِيَّاهَا مُتْعَةً، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ عِنْدَهُ خِلَافُ مَا قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مِمَّا قَالَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ عَنْ عُمَرَ النَّهْيُ عَنِ الْمُتْعَةِ: قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ وَفِي نَهْيِ عُمَرَ عَنْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ مَا هِيَ عِنْدَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَهْدَى، وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ، وَبَدَأَ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ قَالَ: تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ، فَلَمْ يَنْهَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ حَضَرُوا تَنْزِيلَ الْقُرْآنِ، يَقُولُونَ فِي الْمُتْعَةِ بِخِلَافِ مَا قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِيهَا، وَبَعْضُهُمْ يَحْكِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعْضُهُمْ يُخْبِرُ بِنُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ مَا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، وَابْنُ الزُّبَيْرِ فَلَمْ يُخْبِرُ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ قَالَ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْآيَةِ، لَا مِنْ شَيْءٍ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ، وَلَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُحْصَرِينَ الَّذِينَ حَلُّوا مِمَّا كَانُوا فِيهِ مُحْصَرِينَ بِالْهَدَايَا الَّتِي بَعَثُوا بِهَا وَبَلَغَتْ مَحِلَّهَا، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَوَصَلَ إِلَى الْبَيْتِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ فِي حُرْمَةِ إِحْرَامِهِ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى خَبَرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ الَّذِي ذَكَرْتُمْ، وَلَكِنْ نُطَالِبُكُمْ بِإِطْلَاقِكُمُ الْمُتْعَةَ لِغَيْرِ الْمُحْصَرِينَ بِالْحَجِّ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ لِلْمُحْصَرِينَ بِالْحَجِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُمْ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ لَمْ يُحْصَرْ بِالْحَجِّ فَجَوَابُنَا فِي ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَرِينَ قَدْ دَخَلُوا فِيهَا لِمَا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِمَّا قَدْ وُكِّدَ أَكْثَرَ مِمَّا وُكِّدَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُحْصَرٍ أَنَّهُ إِذَا أَصَابَهُ أَذًى فِي رَأْسِهِ، أَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ، أَنَّهُ يَحْلِقُ، وَأَنَّ عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا إِلَى الْمُحْصَرِينَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْمُحْرِمِينَ غَيْرِ الْمُحْصَرِينَ حَتَّى يَكُونَ حُكْمُهُمْ فِيهَا كَحُكْمِهِمْ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} ، لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْمُحْصَرِينَ فِي ذَلِكَ كَالْمُحْصَرِينَ، بَلْ هَذَا أَوْلَى بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْآيَةِ، لِأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ} ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي مِنْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الْآيَةِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} فَكَانَ الْعَمْدُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الْجَزَاءُ بِإِصَابَةِ الصَّيْدِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُمُ الْمُتَعَمِّدُونَ لِقَتْلِ الصَّيْدِ، لَا مَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لِقَتْلِهِ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَقَالُوا: قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي تَأْوِيلِهَا هَذَا الْمَذْهَبَ، وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا 1716 - قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، سَمِعَ قَبِيصَةَ بْنَ جَابِرٍ، يَقُولُ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا، فَكَثُرَ مِرَاءُ الْقَوْمِ، أَيُّهُمَا أَسْرَعُ مَعَنَا: الْفَرَسُ أَوِ الظَّبْيُ، فَسَنَحَ لَنَا ظَبْيٌ، وَالسُّنُوحُ، هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ، يَمِينًا وَشِمَالًا، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنَّا فَمَا أَخْطَأَ خُشَشَاءَهُ، فَرَكِبَ رَدْعَهُ فَمَاتَ، فَأُسْقِطَ فِي يَدَيْهِ، فَأَتَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ بِمِنًى، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاقْتَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ، فَقَالَ: " كَيْفَ أَصَبْتُهُ أَخَطَأً أَمْ عَمْدًا؟ " قَالَ: لَقَدْ تَعَمَّدْتُ رَمْيَهُ، وَمَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ قَالَ: " لَقَدْ شَرِكْتَ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ " ثُمَّ أَجْنَحَ إِلَى رَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ كَأَنَّ وَجْهَهُ قَلْبٌ، فَشَاوَرَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: " خُذْ شَاةً مِنَ الْغَنَمِ فَأَهْرِقْ دَمَهَا، وَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا، وَاسْقِ إِهَابَهَا سِقَاءً " فَلَمَّا قُمْنَا مِنْ عِنْدِهِ قُلْتُ: أَيُّهَا الْمُسْتَفْتِي ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّ فُتْيَا ابْنِ الْخَطَّابِ لَنْ تُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا، فَانْحَرْ نَاقَتَكَ، وَعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَوَاللهِ مَا عَلِمَ ابْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى سَأَلَ الرَّجُلَ الَّذِي إِلَى جَانِبِهِ فَنَمَاهَا ذُو الْعَيْنَيْنِ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَمَا الحديث: 1716 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 عَلِمْتُ بِعُمَرَ إِلَّا قَدْ أَقْبَلَ بِالدِّرَّةِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ عَلَى صَاحِبِي صُفُوقًا صُفُوقًا، ثُمَّ يَقُولُ: " قَاتَلَكَ اللهُ، تَعَدِّي الْفُتْيَا، وَتَقْتُلُ الْحَرَامَ، وَتَقُولُ: وَاللهِ مَا عَلِمَ عُمَرُ حَتَّى سَأَلَ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ، أَمَا تَقْرَأُ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} ؟ " ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَأَخَذَ بِجَمِيعِ ثِيَابِي، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا أُحِلُّ لَكَ شَيْئًا حَرَّمَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ فَتَرَكَنِي، ثُمَّ قَالَ: " إِنِّي أَرَاكَ رَجُلًا فَصِيحَ اللِّسَانِ، فَسِيحَ الصَّدْرِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الْعَشَرَةِ الْأَخْلَاقِ تِسْعَةٌ صَالِحَةٌ وَخُلُقٌ سَيِّئٌ، فَيُفْسِدُ التِّسْعَةَ الصَّالِحَةَ الْخُلُقُ السَّيِّئُ، فَاتَّقِ عَثَرَاتِ الشَّبَابِ " قَالُوا: أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ قَدْ سَأَلَ: " الرَّجُلَ أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً؟ " وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لِافْتِرَاقِ حُكْمِ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ عِنْدَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأَوْجَبُوا الْجَزَاءَ عَلَى كُلِّ مَنْ أَصَابَ الصَّيْدَ مِنَ الْمُحْرِمِينَ عَلَى الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ جَمِيعًا، وَذَهَبُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ} وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَفِي سُؤَالِ عُمَرَ الرَّجُلَ الَّذِي أَصَابَ الصَّيْدَ: " أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً؟ " أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ ذَلِكَ لِيُعَلِّمَهُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ قَتَلَهُ عَمْدًا، ثُمَّ قَتَلَ بَعْدَهُ صَيْدًا عَمْدًا انْتَقَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ، فَأَرَادَ عُمَرُ تَحْذِيرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ سَعْيَهُ، فَخَالَفَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي رَوَاهُ عَلَيْهَا 1717 - كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَبِيصَةَ بْنَ جَابِرٍ، قَالَ: حَجَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَرَأَيْنَا ظَبْيًا قَالَ: فَقَالَ أَوْ قُلْتُ لِصَاحِبِي: أَتُرَاكَ تَبْلُغُهُ؟ قَالَ: فَأَخَذَ صَاحِبِي حَجَرًا فَرَمَاهُ، فَأَصَابَ خُشَّاءَهُ، فَقَلَتَهُ، فَأَتَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: " أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً؟ " فَقَالَ: مَا أَدْرِي فَقَالَ: " اعْمِدْ إِلَى شَاةٍ فَاذْبَحْهَا، وَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا، وَاجْعَلْ إِهَابَهَا سِقَاءً، أَكَذَلِكَ يَا فُلَانُ؟ " لِرَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ الحديث: 1717 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 قَالَ: فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: وَاللهِ مَا دَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى سَأَلَ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ، انْحَرْ نَاقَتَكَ قَالَ: فَعَمِدَ إِلَى نَاقَتِهِ فَنَحَرَهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، قَالَ: فَجَاءَ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، وَقَالَ: " أَتَقْتُلُ الصَّيْدَ وَتَعَدِّي الْفُتْيَا " فَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فيِ هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ سَأَلَهُ: " أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً؟ " فَقَالَ: مَا أَدْرِي فَحَكَمَ عَلَيْهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَنِ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ لِيَقِفَ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الِانْتِقَامِ فِي الْعَوْدِ فَيُحَذِّرُهُ مِنْهُ لَوْ كَانَ لَا يَرَى عَلَيْهِ الْجَزَاءَ فِي قَتْلِهِ الصَّيْدَ حَتَّى يَكُونَ مُتَعَمِّدًا لِذَلِكَ، إِذَنْ لَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ إِذَا لَمْ يَدْرِ أَخَطَأً قَتْلُهُ أَمْ عَمْدًا، مَعَ أَنَّ الْأَشْبَهَ بِمَذْهَبِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ هُوَ هَذَا الْمَذْهَبُ، لَا الْمَذْهَبُ الْآخَرُ، لِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ 1718 - كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ كَعْبًا، قَالَ لِعُمَرَ: إِنَّ قَوْمًا اسْتَفْتُونِي فِي مُحْرِمٍ قَتَلَ جَرَادَةً، فَأَفْتَيْتُهُمْ أَنَّ فِيهَا دِرْهَمًا فَقَالَ: " إِنَّكُمْ يَا أَهْلَ حِمْصَ كَثِيرَةٌ دَرَاهِمُكُمْ، تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ " أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى كَعْبٍ تَرْكَهُ سُؤَالَ الْقَوْمِ عَنْ قَتْلِ ذَلِكَ الْمُحْرِمِ لِتِلْكَ الْجَرَادَةِ هَلْ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، لِاسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفًا، إِذًا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ تَرْكَهُ سُؤَالَهُمْ عَنْ ذَلِكَ 1719 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُخَارِقٌ، قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ، قَالَ: اعْتَمَرْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَمَرَّ بِضَبٍّ، فَأَوْطَأَهُ، فَأَتَى عُمَرَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: " يَا زَيْدُ بْنُ جَابِرٍ، مَا تَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} قَالَ: فِيهِ جَدْيٌ قَدْ جَمَعَ الحديث: 1718 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 الْمَاءَ وَالشَّجَرَ قَالَ: صَدَقْتَ " أَفَلَا تَرَى أَنَّ الْأَغْلَبَ فِي ذَلِكَ الْوَطْءِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْخَطَإِ لَا عَلَى الْعَمْدِ، وَقَدْ حَكَمَ فِيهِ عُمَرُ بِالْجَزَاءِ 1720 - وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: " سُئِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ الْأَرْنَبِ يُصِيبُهَا الْمُحْرِمُ، قَالَ: فِيهِ حِلَّانِ مِنَ الْغَنَمِ: جَدْيٌ أَوْ عَنَاقٌ " أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ لَمْ يُوقِفِ السَّائِلَ عَنِ ذَلِكَ الْقَتْلِ عَمْدًا أَكَانَ أَوْ خَطَأً، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا وَحُكْمُ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ عُمَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا 1721 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، " أَنَّ رَجُلًا أَلْقَى جِوَالِقًا عَلَى يَرْبُوعٍ، فَحَكَمَ فِيهِ عَبْدُ اللْهَ جَفْرًا أَوْ جَفْرَةً " 1722 - وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَاصِمٍ، يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، " فَسُئِلَ عَنْ مُحْرِمٍ أَصَابَ أَرْنَبًا، فَقَالَ لِي: قُلْ فِيهَا يَا عَمْرُو فَقَالَ: قُلْ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّي قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} " قَالَ: الحديث: 1720 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 قُلْتُ: فِيهَا وَلَدُ شَاةٍ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: فِيهَا وَلَدُ شَاةٍ " 1723 - وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: " إِنِّي قَتَلْتُ دَبَاةً وَأَنَا مُحْرِمٌ، قَالَ: اذْبَحْ شُوَيْهَةً قَالَ: فَتَعَجَّبْتُ مِنْ قَوْلِهِ، فَذَكَرْتُهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: طَعَامٌ فِي كَفِّكَ خَيْرٌ مِنْ دَبَاةٍ " فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، كُلُّهُمْ قَدْ أَجَابَ فِيمَا يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ، وَلَمْ يَسْأَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ عَمْدٍ فِي ذَلِكَ، وَلَا عَنْ خَطَأٍ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لِاسْتِوَاءِ الْحُكْمِ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ ثُمَّ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا قَالَ: 1724 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الضَّبْعِ، فَقَالَ: هِيَ صَيْدٌ "، وَجَعَلَ فِيهَا إِذَا أَصَابَهَا الْمُحْرِمُ كَبْشًا، 1725 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1726 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الضَّبْعِ، فَقَالَ: هِيَ صَيْدٌ، وَفِيهَا جَزَاءٌ كَبْشٌ مُسِنٌّ، وَتُؤْكَلُ " الحديث: 1723 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 فَلَمَّا جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ الْجَزَاءَ فِي الضَّبْعِ إِذَا أَصَابَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ عَمْدًا وَلَا خَطَأً، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ إِصَابَتَهُ إِيَّاهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ لَذَكَرَ الْعَمْدَ فِي ذَلِكَ وَالْقِيَاسُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، لِأَنَّا رَأَيْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ أَشْيَاءَ مِنْهَا الْجِمَاعُ، وَقَتْلُ الصَّيْدِ، مَعَ سَائِرِ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ سِوَاهُمَا، فَكَانَ مَنْ جَامَعَ فِي إِحْرَامِهِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا فِي وُجُوبِ الدَّمِ وَفَسَادِ الْحَجِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ، فَلَمَّا كَانَ الْجِمَاعُ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا، كَانَ كَذَلِكَ قَتْلُ الصَّيْدِ، يَسْتَوِي فِيهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ جَمِيعًا، كَمَا اسْتَوَيَا فِي الْجِمَاعِ وَلَلْخَطَأُ بِالْكَفَّارَةِ أَوْلَى مِنَ الْعَمْدِ بِهَا، لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ فِي كِتَابِهِ عَلَى مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً كَفَّارَةً ذَكَرَهَا، وَلَمْ يُوجِبْ مِثْلَهَا عَلَى قَاتِلِهِ عَمْدًا فِي ذِكْرِهِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} ، فَلَّمَا كَانَ الْعَمْدُ فِي الصَّيْدِ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُحْرِمِينَ، كَانَ الْخَطَأُ بَيْنَهُمْ لِلْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ أَوْجَبُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُحْرِمِينَ فِي الصَّيْدِ إِذَا قَتَلُوهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاللهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ} الْآيَةِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} ، فَأَوْجَبَ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ الْجَزَاءَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْجَزَاءِ مَا هُوَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ حَكَمَ عَلَيْهِ ذَوَا عَدْلٍ، فَقَوِّمَاهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَهُ فِيهِ، فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثَمَنَ هَدْيٍ اشْتَرَى بِهِ هَدْيًا، فَذَبَحَهُ بِمَكَّةَ، وَتَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، وَلَا طَعَامًا، قَوَّمَ قِيمَتَهُ طَعَامًا، ثُمَّ صَامَ لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، وَالْخِيَارُ إِلَيْهِ فِي هَذَا عِنْدَهُمْ، يُكَفِّرُ بِأَيِّ الْكَفَّارَاتِ شَاءَ، إِنْ شَاءَ بِالْهَدْيِ، وَإِنْ شَاءَ بِالطَّعَامِ، وَإِنْ شَاءَ بِالصِّيَامِ، وَلَا يُجْزِئُ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْهَدْيِ إِلَّا مَا يُجْزِئُ فِي الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ، وَمَا أَشْبَهَهُمَا وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ قَالَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ حَكَمَا بِالصِّيَامِ فَعَلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَكَانُوا يَجْعَلُونَ الْخِيَارَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا إِلَى الْحَكَمَيْنِ، لَا إِلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَيُجْزِئُ فِي الْهَدَايَا مِنْ ذَلِكَ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ يَكُونُ عَنَاقًا، وَجَدْيًا، وَفَصِيلًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَهْدَى نَاقَةً فَنَتَجَتْ كَانَ وَلَدُهَا مَعًا هَدْيًا يُنْحَرُ مَعَهَا، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الشَّاةِ، وَالْبَقَرَةِ، هُوَ هَدْيٌ يُذْبَحُ مَعَهَا وَلَوْ كَانَ غَيْرَ هَدْيٍ لَتَصَدَّقَ بِهِ، وَلَمْ يُذْبَحْ مَعَ أُمِّهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذا قَوْلُنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ الصَّيْدَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، حَكَمَ عَلَيْهِ ذَوَا عَدْلٍ بِمَا يَعْدِلُهُ مِنَ النَّعَمِ، فَإِنْ بَلَغَ جَزُورًا فَجَزُورًا، وَإِنْ بَلَغَ بَقَرَةً فَبَقَرَةً، وَإِنْ بَلَغَ شَاةً فَشَاةً وَإِنْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَجِدْهُ، قَوَّمَا قِيمَتَهُ عَلَيْهِ طَعَامًا، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ مَا يَذْبَحُ، وَلَا مَا يُطْعِمُ، صَامَ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، وَإِنْ حَكَمَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا بَعْضَهُ طَعَامًا وَبَعْضَهُ صَوْمًا، فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ وَإِنْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ صَامَ مَكَانَهُ يَوْمًا قَالُوا: وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ كُلَّمَا أَصَابَ، وَفِي الْخَطَإِ كُلَّمَا أَصَابَ، وَفِي النِّسْيَانِ كُلَّمَا أَصَابَ، بِحُكْمِ الَّذِي أَصَابَهُ، وَرَجُلٌ مَعَهُ أَوْ رَجُلَانِ غَيْرُهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ خَطَأً أَوْ عَمَدًا، وَهُوَ مُوسِرٌ، حُكِمَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ دَرَاهِمَ، فَيَشْتَرِي بِهَا هَدْيًا جَزُورًا إِنْ بَلَغَتْ، أَوْ بَقَرَةً، أَوْ شَاةً، فَيَذْبَحُهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا، وَلَا يُجْزِئُهُ إِلَّا ذَلِكَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ثَمَنَ الْهَدْيِ حُكِمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 بِقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى قِيمَتِهِ، وَلَا يُجْزِئُهُ إِلَّا ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قِيمَتِهِ يَتَصَدَّقُ بِهَا حُكِمَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَوِّمَ الصَّيْدَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ يَنْظُرَ كَمْ يُؤْخَذُ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ طَعَامٌ، فَيَصُومُ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيِّ، عَنْ زُفَرَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَوِّمُ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ الَّذِي أَصَابَهُ، فَيَنْظُرُ كَمْ قِيمَتُهُ مِنَ الطَّعَامِ، فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا، أَوْ يَصُومُ مَكَانَ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا هَكَذَا يُرْوَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ بِذَلِكَ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي مُخْتَصَرِهِ الصَّغِيرِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، قَالَ: وَمَنْ أَصَابَ طِيبًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ ذَوَا عَدْلٍ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فيخبرانه قبل الحكم إِن شَاءَ حكما عَلَيْهِ بِالْهَدْي وَهُوَ شَاة مُسِنَّة، لَا يَعْدُوهَا، يَسُوقُهَا فَيَذْبَحُهَا بِمَكَّةَ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} ، وَإِنِ أَنْ يَكُونَ يَحْكُمَا عَلَيْهِ بِالْإِطْعَامِ حَكَمَا عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الظَّبْيِ طَعَامًا، ثُمَّ أَطْعَمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ حَكَمَا عَلَيْهِ بِالصِّيَامِ، فَصَامَ مَكَانَ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، هُوَ فِي ذَلِكَ مُخَيَّرٌ، مُوسِرًا كَانَ أَوْ مَعْسِرًا، أَوْ فِي حَمَامِ مَكَّةَ شَاةٌ، وَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ نُظِرَ إِلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْمَقْتُولِ شَبَهًا مِنَ النَّعَمِ، فَفَدَى بِهِ، وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ الدَّرَاهِمَ طَعَامًا، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ كُلَّ مُدٍّ يَوْمًا وَمَا أَصَابَ مِنَ الْحَمَامِ فَفِي كُلِّ حَمَامَةٍ مِنْهُ شَاةٌ، وَمَا أَصَابَ مِمَّا سِوَى الْحَمَامِ فَفِيهِ قِيمَتُهُ قَالُوا: وَالْحَمَامُ: كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ كَمَا حَكَاهُ لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ فَأَمَّا مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ الْأَخِيرِ، وَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْجَزَاءَ فِي بَعْضِ الصَّيْدِ الْمِثْلَ، وَالْجَزَاءَ فِي بَعْضِهِ الْقِيمَةَ، وَلَمْ نَجِدِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَّقَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، بَيْنَ أَجْنَاسِ الصَّيْدِ، بَلْ وَجَدْنَاهُ عز وَجل عَمَّ ذَلِكَ وَجَمَّعَهُ، فَقَالَ: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} ، فَذَكَرَ مَا فِي الْآيَةِ وَوَجَدْنَا قَائِلِي هَذَا الْقَوْلَ قَدْ حَصَرُوا مَا سِوَى الْحَمَامِ مِنَ الطَّيْرِ، فَجَعَلُوا جَزَاءَهُ عَلَى قِيمَتِهِ، لَا قِيمَةَ لَهُ نَظِيرٌ لَهُ مِمَّا سِوَاهُ، وَجَعَلُوا فِي الْحَمَامِ إِذَا أُصِيبَ شَاةً، ثُمَّ جَعَلُوا الصِّيَامَ إِنْ وَجَبَ عَلَى قَاتِلِهِ، أَوِ الْإِطْعَامَ إِنْ وَجَبَ عَلَى قَاتِلِهِ، مَرْدُودًا إِلَى قِيمَةِ الشَّاةِ، لَا إِلَى قِيمَةِ الْحَمَامِ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ هَذَا فَإِنْ قَالُوا: إِنَّمَا جَعَلْنَا فِي الْحَمَامِ شَاةً لِرِوَايَتِنَا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قِيلَ لَهُمْ: فَهَلْ مَنَعَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ سَائِرُ الطَّيْرِ سِوَى الْحَمَامِ فِي ذَلِكَ كَالْحَمَامِ؟ وَأَنْتُمْ مِمَّنْ يَقُولُ: الْقِيَاسُ حَقٌّ، فَكَيْفَ لَمْ تَقِيسُوا مَا لَمْ تَرْوُوهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْتُمُوهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، عَلَى مَا رَوَيْتُمُوهُ عَنْهُمْ مِنْ أَجْنَاسِ ذَلِكَ؟ وَلَئِنْ كَانَ الْوَاجِبُ فِي بَعْضِ الصَّيْدِ هُوَ الْقِيمَةُ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الصَّيْدِ كَذَلِكَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا سِوَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا، فَنَظَرْنَا فِيمَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مِنْ رَدِّهِ الْحُكْمَ عَلَى الْقَاتِلِ إِلَى نَفْسِهِ، وَإِلَى حَكَمٍ سِوَاهُ، فَوَجَدْنَا الْآيَةَ قَدْ دَلَّتْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ فِيهَا: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَقَدْ وَجَدْنَا الْحُكُومَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ إِنَّمَا تَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِمْ، قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ ذَلِكَ الْحَكَمَ الَّذِي مِنْ أَهْلِهِ، وَكَانَ الْحَكَمُ هُوَ الَّذِي قَدْ وُقِفَ عَلَى عَدْلِهِ، وَأَمَرَ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْحُكُومَةِ إِلَى نَفْسِهِ جَارًّا مَغْنَمًا، وَلَا دَافِعًا عَنْهَا مَغْرَمًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حَكَمًا، وَإِذَا كَانَ الْحَكَمُ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 غَيْرِهِ كَذَلِكَ يَكُونُ انْتَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي تُرَادُ الْحُكُومَةُ عَلَيْهِ حَكَمًا عَلَى نَفْسِهِ، فَانْتَفَى هَذَا الْقَوْلُ، وَثَبَتَ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي آيَةِ الصَّيْدِ هُمَا سِوَى قَاتِلِ الصَّيْدِ اللَّذَيْنِ أُرِيدَا لِلْحُكُومَةِ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي رَدِّ الْحَكَمَيْنِ الْخِيَارَ إِلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِيمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ الَّذِي أَصَابَهُ، فَوَجَدْنَا الْآيَةَ تَمْنَعُ مِنْ هَذَا، لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ سُورَة الْمَائِدَة آيَة، وَلَمْ يَجْعَلْ لِقَاتِلِ الصَّيْدِ فِي ذَلِكَ خِيَارًا وَوَجَدْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ لَمَّا حَكَمَا عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، لَمْ يَسْأَلَاهُ عَمَّا يُرِيدُ، وَلَا خَيَّرَا لَهُ مِنَ الْأَجْنَاسِ الْوَاجِبَةِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ تَخْيِيرُ قَاتِلِ الصَّيْدِ فِيمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ الصَّيْدَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا قَالَ الثَّوْرِيُّ وَزُفَرُ فِي حُكْمِهِمَا أَوَّلًا عَلَى مَنْ وَجَدَ الْهَدْيَ بِالْهَدْيِ، وَمَنْعِهِمَا أَنْ يُحْكَمَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ، أَوْ يُجْزَئَ عَنْهُ فِيهِ، وَهُوَ يَجِدُ الْهَدْيَ غير الْهدى لَوْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ الْهَدْيِ مِنَ الْإِطْعَامِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا إِلَّا بَعْدَ عَدمِ الْهَدْيِ، وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الصِّيَامُ الْمَذْكُورُ فِيهَا إِلَّا بَعْدَ عَدَمِ الْهَدْيِ، وَبَعْدَ عَدَمِ الْإِطْعَامِ جَمِيعًا فَقُلْنَا لِلْقَائِلِينَ بِذَلِكَ: إِنَّمَا وَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا سُورَة الْمَائِدَة آيَة، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ سُورَة الْمَائِدَة آيَة، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ مِنَ الْأَذَى فِي الْإِحْرَامِ: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ سُورَة الْبَقَرَة آيَة فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّخْيِيرِ، لَا عَلَى مَا سِوَاهُ، وَالْآيَةُ الَّتِي تَلَوْنَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ قَالُوا: فَإِنَّا وَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 قِيلَ لَهُمْ: مَا ذَكَرْنَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي الصَّيْدِ هُوَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ، وَمَا ذَكَرْنَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا فِي الْأَيْمَانِ هُوَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ أَيْضًا، وَمَا ذَكَرْنَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَامِ هُوَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ أَيْضًا فَالْكَفَّارَاتُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ أَشْبَهُ مِنَ الْكَفَّارَاتِ بِالْعُقُوبَاتِ، وَكَمَا كَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: " أَوْ أَوْ " فِي الْكَفَّارَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَلَى التَّخْيِيرِ، كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ: " أَوْ أَوْ " فِي آيَةِ الصَّيْدِ الَّتِي تَلَوْنَا أَيْضًا عَلَى التَّخْيِيرِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَكَانَ مَعْنَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْحَكَمَيْنِ أَنَّهُمَا أُرِيدَا بِالْقِيمَةِ لِيَعْدِلَاهَا مِمَّا لَا يُدْرَكُ إِلَّا حَزْرًا أَوْ ظَنًّا، فَأُرِيدَا لِيَعْدِلَاهَا تَعْدِيلًا، لَا وَكْسَ فِيهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَا شَطَطَ فِيهِ عَلَى الْقَاتِلِينَ، ثُمَّ يَكُونُ الْخِيَارُ فِي الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْقَاتِلِ يَصْرِفُ تِلْكَ الْقِيمَةَ الَّتِي حُكِمَ بِهَا عَلَيْهِ فِيمَا شَاءَ مِنْهَا وَكَانَ مَعْنَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْخِيَارَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْحَكَمَيْنِ يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِأَيِّ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْكَفَّارَاتِ رَأْيًا فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَاتُ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي جَعَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهَا إِطْعَامَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوَتَهَمْ أَوْ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ، إِنَّمَا يَكُونُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمُ الْكَفَّارَةُ، فَيُخْرِجُ عَنْهَا أَيَّ هَذِهِ الْأَصْنَافِ شَاءَ وَكَذَلِكَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَامِ مِنَ الْأَذَى الْخِيَارُ أَيْضًا فِي أَصْنَافِ الْكَفَّارَةِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ مِنَ الصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدْيِ إِلَى مَنْ وَجَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْخِيَارُ فِي الْكَفَّارَاتِ الَّتِي فِيهَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَاتِ فِيهَا إِلَى مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، لَا إِلَى غَيْرِهِ، كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ الَّتِي فِيهَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا، يَكُونُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ، لَا إِلَى غَيْرِهِ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ مِنَ الْأَذَى فِي الْإِحْرَامِ، وَفِي الْحِنْثِ فِي الْأَيْمَانِ قَدْ وُقِفَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ عَلَى الْوَاجِبِ فِيهَا، فَكَانَ الْخِيَارُ فِي أَيِّ أَصْنَافِهَا شَاءَ إِلَيْهِ وَأَمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ فَلَمْ يُرَدَّ إِلَيْهِ، وَرُدَّ إِلَى مَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَكَمَانِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ الْحَكَمَانِ فِي ذَلِكَ هُمَا الْمَرْدُودُ إِلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ، كَانَا هُمَا الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِمَا فِي الْخَيَارِ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا، أَنَّهُمَا حَكَمَا، وَلَمْ يُخَيِّرَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْخِيَارَ فِي أَصْنَافِ الْجَزَاءِ كَانَ إِلَيْهِمَا، لَا إِلَى مَنْ حَكَمَا عَلَيْهِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَالَا لِلَّذِي حَكَمَا عَلَيْهِ: " اعْمِدْ إِلَى شَاةٍ، فَاذْبَحْهَا، وَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا، وَاجْعَلْ إِهَابَهَا سَقَاءً "، وَتَرَكَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي آيَةِ الْجَزَاءِ وَهَذَا مِنْ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاهُمَا، وَتُرِكَ مِنْهُمُ النَّكِيرُ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِلْقَوْلِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ قَاتِلَ الصَّيْدِ الَّذِي حَكَمَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ قَدْ نَحَرْنَا فِيهِ، وَلَمْ نَنْحَرْ شَاةً كَمَا كَانَا حَكَمَا عَلَيْهِ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ عَلَى تَعَدِّيهِ الْفُتْيَا، وَعَلَى قَتْلِهِ الْحَرَامَ، وَعَلَى قَوْلِهِ: " وَاللهِ مَا عَلِمَ ابْنُ الْخَطَّابِ مَا يُفْتِيكَ حَتَّى سَأَلَ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ "، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ الشَّاةِ الَّتِي حَكَمَا بِهَا عَلَيْهِ، وَجَعَلَ نَحْرَهُ لِلنَّاقَةِ الَّذِي لَمْ يَحْكُمْ بِهِ هُوَ، وَلَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ، مُجَزِئًا عَنْهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَاتِ إِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَى مَنْ أَصَابَ الصَّيْدَ، وَأَنَّ الْخِيَارَ إِلَيْهِ فِيهَا، وَأَنَّ الْحَكَمَيْنِ إِنَّمَا أُرِيدَا فِيهَا لِئَلَّا يَنْقُصَ عَمَّا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِقَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي هَذَا عَلَى مَنْ ذَهَبَ فِيهِ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّ الَّذِي يُجْزِئُ فِيهِ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَجْنَاسِ الْجَزَاءِ، لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِشَاةٍ، فَجَعَلَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ هَدْيًا، وَأَخْرَجَاهُ مِنَ الصِّيَامِ، وَمِنَ الصَّدَقَةِ، وَلَوْ كَانَتْ نَاقَتُهُ التَّيِ نَحَرَهَا عَنْ ذَلِكَ هَدْيًا، وَفِيهَا وَفَاءٌ بِالشَّاةِ الَّتِي كَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ حَكَمَا بِهَا عَلَيْهِ، وَوَفَّى بِأَضْعَافِهَا، فَأَمْضَى عُمَرُ ذَلِكَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ أَجْنَاسِ الْجَزَاءِ شَيْءٌ، فَأَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِمَّا كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ، كَانَ فَاعِلًا مَا كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ ، وَزَائِدًا فَضْلًا عَلَى مَا كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ، عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي خِلَافِهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ، حُجَّةٌ وَكَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 حَكَمَا فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَاتِلِ بِغَيْرِ تَخْيِيرٍ مِنْهُمَا إِيَّاهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي أَوْجَبَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لَا خِيَارَ لَهُ فِيهِ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى تَعَدِّيهِ إِلَى جِنْسٍ سِوَاهُ مِنْ أَجْنَاسِ الْجَزَاءِ الْوَاجِبِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْخِيَارَ إِلَى الْحَكَمَيْنِ، لَا إِلَى الْقَاتِلِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَمَنْ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْأَقْوَالِ الَّتِي وَصَفْنَا وَثَبَتَ أَيْضًا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْقَاتِلِينَ فِيمَا قَتَلُوهُ مِنَ الصَّيْدِ الَّذِي لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، هُوَ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَكَمَانِ مِنْ أَصْنَافِ الْجَزَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَأَنَّهُمَا إِنْ رَدَّاهُ إِلَى الْهَدْيِ كَانَ الَّذِي يَحْكُمَانِ بِهِ عَلَى الْقَاتِلِ النَّظِيرَ مِنَ النَّعَمِ لِمَا قَتَلَ مِنَ الصَّيْدِ، فَيَجْعَلَانِ عَلَيْهِ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةً، وَفِي الظَّبْيِ شَاةً، وَفِي كُلِّ شَيْءٍ كَانَ مِنَ النَّعَمِ أَقْرَبَ النَّعَمِ بِهِ شَبَهًا فَأَمَّا مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ فَالْمَرْجُوعُ فِيهِ إِلَى قِيمَتِهِ يَحْكُمُ بِهَا الْحَكَمَانِ، وَيَجْعَلَانِهَا فِي أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَا مِنَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي آيَةِ الْجَزَاءِ فَأَمَّا الْحَمَامَةُ إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ جَعَلَهَا مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ، وَجَعَلَ الْوَاجِبَ فِيهَا الْقِيمَةَ، يَجْعَلُهَا الْحَكَمَانِ فِي أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَا مِنْ أَصْنَافِ الْجَزَاءِ بَعْدَ تَعْدِيلِهِمَا إِيَّاهَا وَذَكَرْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ جَعَلَهَا مِمَّا لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، وَجَعَلَ مِثْلَهَا مِنَ النَّعَمِ الشَّاةَ وَكَانَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ مَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيهِ، لِأَنَّ الظَّبْيَ إِذَا كَانَتِ الشَّاةُ تُشْبِهُهُ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُشْبِهٍ لِلْحَمَامَةِ، لِأَنَّ الْحَمَامَةَ فِي نَفْسِهَا غَيْرُ مُشْبِهَةٍ لِلظَّبْيِ، فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ شِبْهُهُ شَبَهَهَا مِنَ النَّعَمِ، إِذْ لَمْ تَكُنْ مُشْبِهَةً لَهُ فِي نَفْسِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا 1727 - قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، " أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ مَكَّةَ، فَعَمَدَ إِلَى خَمْسِ حَمَامَاتٍ مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ، فَذَبَحَهُنَّ، وَظَنَّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُ بِخَمْسٍ مِنَ النَّعَمِ " الحديث: 1727 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 1728 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشْيَمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِدٍ الْمَكِّيِّ، وَعَطَاءٍ، " أَنَّ رَجُلًا أَغْلَقَ بَابًا عَلَى حَمَامَةٍ وَفَرْخَيْهَا، وَانْطَلَقَ إِلَى عَرَفَاتٍ وَمِنًى، فَرَجَعَ وَقَدْ مِتْنَ، فَأَتَى ابْنَ عُمَرَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا مِنَ الْغَنَمِ، وَحَكَمَ مَعَهُ فِيهَا رَجُلٌ آخَرُ " وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ قَوَّمَا عَلَى ذَلِكَ الْمُحْرِمِ مَا أَتْلَفَ مِنَ الْحَمَامِ، فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا دَرَاهِمَ يُوجَدُ مِثْلُهَا مِنَ الشَّاءِ مَا حَكَمَا بِهِ عَلَيْهِ ، فَأَمَرَاهُ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ، لَا مِنْ جِهَةِ الْمِثْلِ وَلَمَّا كَانَ الْمُحْرِمُ إِذَا قَتَلَ عُصْفُورًا لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِالْجَدْيِ الَّذِي هُوَ مِنَ الشَّاةِ بِمَنْزِلَةِ الْعُصْفُورِ مِنَ الْحَمَامِ فِي أَجْسَامِهَا، وَكَانَ مَرْجُوعًا فِيهِ إِلَى الْقِيمَةِ لَا إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعَمِ، إِذْ لَا مِثْلَ لَهُ مِنْهَا، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَمَامَ أَيْضًا مَرْجُوعٌ فِي الْوَاجِبِ فِيهِ عَلَى قَاتِلِهِ فِي الْإِحْرَامِ إِلَى الْقِيمَةِ، لَا إِلَى مِثْلٍ مِنَ النَّعَمِ، إِذْ لَا مِثْلَ لَهُ مِنْهَا وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِكَعْبٍ لَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَفْتَى مَنْ قَتَلَ جَرَادَةً فِي حَالِ إِحْرَامِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ: " تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ "، دَلِيلٌ عَلَى مُرَاعَاةِ الْقِيمَةِ فِي الْجَرَادِ، إِذْ لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ، فَكَذَلِكَ سَائِرُ الصَّيْدِ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ، مَرْجُوعٌ فِيهِ إِلَى الْقِيمَةِ، لَا إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعَمِ وَفِيمَا بَيَّنَا مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَدْيَ وَسَائِرَ الْأَنْعَامِ مِمَّا لَا يُجْزِئُ مِنَ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَالضَّحَايَا قَدْ تَكُونُ نَظَائِرُهُ لِأْشَيَاءَ مِنَ الصَّيْدِ، فَيَكُونُ جَزَاءً لَهَا، إِذْ هِيَ نَظَائِرُ لَهَا، وَيَكُونُ الْهَدْيُ الْمُرَادُ فِي آيَةِ الْجَزَاءِ غَيْرَ الْهَدْيِ الْمُرَادِ فِي آيَةِ الْمُتْعَةِ وَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مِنَ الصَّيْدِ هُوَ الَّذِي لَهُ نَظِيرٌ مِنَ النَّعَمِ، وَأَنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الصَّيْدِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْآيَةِ، وَأَنَّهُ حُكِمَ فِيهِ بِالشَّبَهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا عَلَى الْمُحْرِمِ مِنَ الْجَزَاءِ مَا لَا يُجْزِئُ فِي مُتْعَةٍ، وَلَا قِرَانٍ، وَلَا أُضْحِيَةٍ الحديث: 1728 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَمِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ مَا 1729 - قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ " قَضَى فِي الضَّبْعِ بِكَبْشٍ، وَفِي الظَّبْيِ بِشَاةٍ، وَفِي الْأَرْنَبِ جَفْرَةً "، 1730 - وَمَا قَدْ حَدَثَّنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، مِثْلَهُ 1731 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، " أَنَّهُ حَكَمَ فِي يَرْبُوعٍ جَفْرًا أَوْ جَفْرَةً، وَفِي الظَّبْيِ شَاةً، وَفِي الضَّبْعِ كَبْشًا، وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقًا " وَأَمَّا الْقِيمَةُ الْوَاجِبَةُ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ فَإِنَّمَا يَقُومُ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ فِيهِ مِنَ الْمَنَافِعِ الَّتِي تَكُونُ فِي الصَّيْدِ بِالتَّعْلِيمِ، مِثْلُ مَا يَكُونُ فِي الْبَازِيِّ مِنْ صَيْدِهِ، فَتَزِيدُ قِيمَتُهُ لِذَلِكَ، وَعَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ مِنْ مَحْيِ حَمَامٍ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، وَعَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ مِنْ طَيْرٍ صُورَتُهُ أَوْ يَحْسُنُ لَوْنُهُ، فَإِنَّمَا يُرَاعَى قِيمَتُهُ مِنَ الْجَزَاءِ خَاصَّةً خَالِيًا مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْقُمَارِيُّ، وَالْفَوَاخِتُ، وَالدَّبَاسِيُّ، وَغَيْرُهَا مِنَ الطَّيْرِ الَّذِي تَزِيدُ قِيَمُهَا بِأَصْوَاتِهَا عَلَى نَظَائِرِهَا مِنْ أَجْنَاسِهَا مِمَّا لَا صَوْتَ لَهُ، فَإِنَّمَا تُرَاعَى قِيمَتُهَا غَيْرَ صَالِحَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّوْمِ الْمُعَدَّلِ بِالْقِيمَةِ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدَّيْنِ يَوْمًا، فَعَدَلَ الْيَوْمَ بِالْمُدَّيْنِ، وَهُمَا نِصْفُ صَاعٍ بِصَاعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، فَعَدَلَ الْيَوْمَ بِمُدٍّ، وَهُوَ رُبُعُ صَاعٍ بِصَاعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 1729 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 وَاخْتَلَفُوا كَذَلِكَ فِي الْإِطْعَامِ إِذَا أَطْعَمَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا وَاحِدًا، فَجَعَلَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ مَكَانَ إِطْعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ صِيَامَ يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَكَانَ الِاخْتِلَافُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ عَائِدًا إِلَى الْإِطْعَامِ، لَا إِلَى الصِّيَامِ ثُمَّ نَظَرْنَا إِلَى الطَّعَامِ، هَلِ الْوَاجِبُ فِيهِ إِطْعَامُ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ أَوْ مُدًّا وَاحِدًا؟ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيَّ بِأَنْ يُطْعِمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ عَنْ حَلْقِ رَأْسِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا فَلَمَّا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْإِطْعَامَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ أَذًى، أَنْ يُطْعِمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ أَنَّهُ يَصُومُ مَكَانَ إِطْعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا وَاحِدًا، كَانَ صَوْمُ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ عَنِ الْمُدَّيْنِ، لَا عَنِ الْمُدِّ الْوَاحِدِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَفِي تَعْدِيلِ صَوْمِ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ بِالْمُدَّيْنِ كَمَا قَالَ مَنْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، لَا بِالْمُدِّ كَمَا قَالَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ مَا 1732 - قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْكُوفِيُّ الْيَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} ، قَالَ: إِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ الصَّيْدَ حُكِمَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مِنَ النَّعَمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نُظِرَ كَمْ قِيمَتُهُ طَعَامًا، فَصَامَ عَنْ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا " تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ} الْآيَةِ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} الحديث: 1732 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْوَعِيدِ، هَلْ مَعَهُ جَزَاءٌ عَلَى الْمُحْرِمِ الْمُصِيبِ لِلصَّيْدِ فِي إِحْرَامِهِ عَامِدًا كَمَا كَانَ عَلَيْهِ فِي إِصَابَتِهِ إِيَّاهُ بَدْءًا؟ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ 1733 - كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ: جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّهُ أَصَابَ صَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ " هَلْ كُنْتَ أَصَبْتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ؟ " قَالَ: لَا قَالَ: " أَمَا أَنِّي لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَصَبْتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ أَحْكُمْ عَلَيْكَ، وَلَوَكَّلْتُكَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانَ هُوَ الَّذِي يَنْتَقِمُ مِنْكَ، وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ " 1734 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ: يُحْكَمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَعَادَ تُرِكَ وَالنِّقْمَةَ " وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ إِذَا أَصَابَهُ عَائِدًا كَمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إِذَا أَصَابَهُ مُبْتَدِئًا، وَلَمْ يَرْفَعُوا عَنْهُ الْجَزَاءَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ نَدْبًا بِوُجُوبِ النِّقْمَةِ عَلَيْهِ فِي الْعَوْدِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَهَكَذَا كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ يَقُولَانِ فِي هَذَا أَيْضًا وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُمْ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ 1735 - كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، " فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ الصَّيْدَ، ثُمَّ يَعُودُ، قَالَ: إِذَا عَادَ أُعِيدَ عَلَيْهِ " الحديث: 1733 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 1736 - وَكَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ، أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا عَادَ أُعِيدَ عَلَيْهِ " 1737 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَوْلَ شُرَيْحٍ فِي الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ الصَّيْدَ مُتَعَمِّدًا، أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ عَادَ تُرِكَ وَالنِّقْمَةَ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: " مَا قَالَ شَيْئًا، يُحْكَمُ عَلَيْهِ كُلَّمَا عَادَ " 1738 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، " فِي مُحْرِمٍ أَصَابَ صَيْدًا عَمْدًا، ثُمَّ عَادَ، قَالَ: يُحْكَمُ عَلَيْهِ كُلَّمَا عَادَ " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، فَوَجَدْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ قَدْ حَكَمُوا عَلَى الْمُحْرِمِينَ فِي إِصَابَةِ الصَّيْدِ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، وَلَمْ يَسْأَلْ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ فِيهِ أَمْ لَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي الْبَدْءِ وَالْعَوْدِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ وَجَدْنَا فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا مِنْ جَعْلِهِ عَلَى قَاتِلِ الضَّبْعِ فِي إِحْرَامِهِ كَبْشًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَفِي تَرْكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُؤَالَهُ هَلْ كَانَ قَتَلَ صَيْدًا قَبْلَهَا أَمْ لَا، دَلِيلٌ عَلَى اسْتِوَاءِ الْحُكْمِ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ النَّظَرُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا أَشْيَاءَ مَنَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُحْرِمِينَ مِنْهَا بِالْإِحْرَامِ، فَمِنْهَا الْجِمَاعُ، وَمِنْهَا قَتْلُ الصَّيْدِ إِلَى سَائِرِ مَا نَهَى عَنْهُ سِوَاهُمَا فِي الْإِحْرَامِ فَكَانَ مَنْ جَامَعَ فِي إِحْرَامِهِ مَرَّةً فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ فَأَهْدَاهُ، ثُمَّ جَامَعَ ثَانِيَةً فِي إِحْرَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ أَيْضًا، وَكَانَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي جَمَاعِهِ فِي الْمَرَّةِ الحديث: 1736 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 الثَّانِيَةِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي جَمَاعِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَكَذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي إِصَابَةِ الصَّيْدِ عَائِدًا هُوَ مِثْلُ الَّذِي كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي إِصَابَتِهِ إِيَّاهُ بَدْءًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا انْتَفَتِ الْكَفَّارَةُ عَنِ الْعَائِدِ لِقَتْلِ الصَّيْدِ لِوُقُوعِ النِّقْمَةِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قِيلَ لَهُ: أَوَلَيْسَ إِنَّمَا كَانَ مُنْتَقَمًا مِنْهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ؟ أَرَأَيْتَ لَوْ قَتَلَ الصَّيْدَ بَدْءًا عَاتِيًا، مُنْتَهِكًا لِلْحُرْمَةِ، قَاصِدًا لِلْمَعْصِيَةِ، أَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ نِقْمَةٌ؟ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ؟ وَلَا يَرْفَعُ الْإِثْمُ الْوَاقِعُ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ الْجَزَاءَ عَنْهُ؟ وَكَذَلِكَ رَأَيْنَا سَائِرَ الْأَفْعَالِ الَّتِي هِيَ مَعَاصٍ حُكْمُ الْبَدْءِ مِنْهَا الَّذِي يُوجِبُ الْإِثْمَ فِيمَا يُوجِبُ مِنْ عُقُوبَةٍ وَغَيْرِهَا، حُكْمُ مَا يُصَابُ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي وُجُوبِ الْعُقُوبَاتِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا فِي الْإِثْمِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا زَنَى بَدْءًا فَقَدْ عَصَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعْصِيَةً هِيَ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ، وَالْوَعِيدُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ مِنَ الْوَعِيدِ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ، وَيَجِبُ عَلَى فَاعِلِهَا الْحَدُّ وَرَأَيْنَاهُ لَوْ عَاوَدَ الزِّنَى كَانَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الَّذِي كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ فِيمَا كَانَ أَصَابَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَسْرِقُ السَّرِقَةَ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا الْقَطْعُ، فَهُوَ بِسَرِقَتِهِ عَاصٍ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْوَعِيدُ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنَ الْوَعِيدِ لَهُ إِيَّاهُ عَلَى قَتْلِ الصَّيْدِ فِي إِحْرَامِهِ، وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ قَطْعُ يَدِهِ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَسَرَقَ أَيْضًا قُطِعَتْ رِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ، وَكَانَ فِي سَرِقَتِهِ الثَّانِيَةِ أَعْظَمَ جُرْمًا مِنْهُ فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى، وَكَانَ الْوَعِيدُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنَ الْوَعِيدِ لَهُ فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعًا فِي سَرِقَتِهِ هَذِهِ كَمَا كَانَ مَقْطُوعًا فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ قَاتِلُ الصَّيْدِ عَائِدًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْإِثْمِ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي قَتْلِهِ إِيَّاهُ بَدْءًا، لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِهِ إِيَّاهُ عَائِدًا مِثْلُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ إِيَّاهُ مِنَ الْكَفَّارَاتِ بَدْءًا فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ إِنَّما جُعِلَ كَفَّارَةً، وَالْكَفَّارَاتُ تَمْحُو الذُّنُوبَ، وَقَاتِلُ الصَّيْدِ عَائِدًا فَقَدْ حَقَّ عَلَيْهِ وَعِيدُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْكَفَّارَةُ لَا تَدْفَعُ ذَلِكَ عَنْهُ، فَلَا مَعْنَى لَهَا قِيلَ لَهُ: فَقَدْ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ قَدْ سَمَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّارَةً تَجِبُ عَلَى الْفَاعِلِينَ فِي أَفْعَالِهِمْ بَدْءًا، وَتَجِبُ عَلَيْهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَمِنْ ذَلِكَ مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 1739 - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَادَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: " تُبَايِعُونِي عَلَى أَلا تُشْرِكُوا بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا فَعُوقِبَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَستَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الزِّنَى وَالسَّرِقَةَ إِذَا كَانَا مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ فِيهِمَا مَا أَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمَا، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِي الزِّنَى كُلَّمَا كَانَ مِنَ الزَّانِي، وَفِي السَّرِقَةِ كُلَّمَا كَانَ مِنَ السَّارِقِ، وَلَمْ يَرْتَفِعِ الْحَدُّ الَّذِي هُوَ كَفَّارَةٌ عَنْ مُصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلَّمَا أَصَابَهُ، وَلَمْ يَفْتَرِقْ حُكْمُهُ فِي إِصَابَتِهِ إِيَّاهُ عَائِدًا، وَحُكْمُهُ فِي إِصَابَتِهِ إِيَّاهُ مُبْتَدِئًا، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ سَائِرَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي قَدْ جُعِلَتْ لَهَا كَفَّارَاتٌ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَأَنَّ حُكْمَ الْكَفَّارَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَى مُصِيبِيهَا فِي الِابْتِدَاءِ هُوَ حُكْمٌ لَازِمٌ لَهُمْ، وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ فِي إِصَابَتِهِمْ إِيَّاهَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ} ، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنَى: فَيَنْتَقِمُ مِنْهُ إِنْ شَاءَ أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُ، لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَعِيدِ بِالْعُقُوبَاتِ كَذَلِكَ كَانَتْ عِنْدَ الْعَرَبِ، إِنْ شَاءَ الَّذِي أَوْعَدَ بِهَا أَنْجَزَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا، فَلَمْ يُنْجِزْهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ الَّذِي ذَكَرْتَ الشِّرْكُ، فَتَكُونُ الْعُقُوبَةُ عَلَى الشِّرْكِ كَفَّارَةٌ مِنَ الشِّرْكِ قِيلَ لَهُ: لَيْسَتِ الْعُقُوبَةُ عَلَى الشِّرْكِ كَفَّارَةً لِلشِّرْكِ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا "، لَيْسَ عَلَى كُلِّ مَا فِيهَا، إِنَّمَا هُوَ عَلَى بَعْضِ مَا الحديث: 1739 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 فِيهَا كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِهِمَا، لَا مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَكَمَا قَالَ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} ، وَإِنَّمَا الرُّسُلُ مَنَ الْإِنْسِ خَاصَّةً، لَا مِنَ الْجِنِّ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا "، هُوَ عَلَى مَا سِوَى الشِّرْكِ مِنْهَا فَإِنْ قَالَ: وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُبَادَةَ أَبُو الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ بِمَا هُوَ أَدَلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا رَوَاهُ أَبُو إِدْرِيسَ عَنْ عُبَادَةَ عَلَيْهِ، كَمَا 1740 - قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: " أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْقُرْآنِ: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ} ، الْآيَةَ فَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ حَدًّا فَعُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أُخِّرَ عَنْهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ " فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ حَدًّا "، أَنَّ ذَلِكَ الْحَدَّ هُوَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي دُونَ الشِّرْكِ، فِيمَا لَهَا حُدُودٌ جُعِلَتْ كَفَّارَاتٌ لَهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أُخِّرَ عَنْهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ " وَالشِّرْكُ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فَلَمَّا كَانَ الشِّرْكُ خَارِجًا مِنْ قَوْلِهِ: " وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِّرَ عَنْهُ "، كَانَ أَيْضًا خَارِجًا مِنْ قَوْلِهِ: " فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ " 1741 - وَقَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الحديث: 1740 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ، عَنْ عُبَادَةَ، قَالَ: " أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ، أَلَّا نُشْرِكَ بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا يَعْضَهُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً، فَعُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أُخِّرَتْ عُقُوبَتُهُ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ " سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ يَقُولُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ كَذَبَ عَلَى أَخِيهِ فَقَدْ عَضَهَهُ فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الشِّرْكَ خَارِجٌ مِمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: " فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً، فَعُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ، فَهُوَ كَفَّارَتُهُ "، إِذْ كَانَ قَدْ قَالَ فِيهِ: " وَمَنْ أُخِّرَتْ عُقُوبَتُهُ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ "، وَالشِّرْكُ مِمَّا لَا يُغْفَرُ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الذُّنُوبَ الْمَقْصُودَ إِلَى أَنَّ إِقَامَةَ عُقُوبَتِهَا عَلَى مُصِيبِيهَا كَفَّارَةٌ لَهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، هِيَ الذُّنُوبُ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تُغْفَرَ دُونَ الذُّنُوبِ الَّتِي لَا يَجُوزُ أَنْ تُغْفَرَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي تَأْوِيلِ الْعَوْدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ إِصَابَةُ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْإِصَابَةُ بَدْءًا كَمَا 1742 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ} ؟ قَالَ " مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ} ، قَالَ: فِي الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ " قُلْتُ: فَهَلْ عَلَيْهِ فِي الْعَوْدِ مِنْ حَدٍّ؟ قَالَ: " لَا " قُلْتُ: فَهَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَاقِبَهُ؟ قَالَ: " لَا، إِنَّمَا هُوَ ذَنْبٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " وَهَذَا التَّأْوِيلُ عَلَى مَذْهَبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، وَعَلَى مَذْهَبِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ الحديث: 1742 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي تَرْكِهِمْ كَشْفَ الَّذِينَ سَأَلُوهُمْ عَنْ قَتْلِ الصَّيْدِ، هَلْ كَانُوا أَصَابُوا قَبْلَ ذَلِكَ صَيْدًا أَمْ لَا؟ لِاسْتِوَاءِ الْحُكْمِ كَانَ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، وَلِأَنَّ مُبْتَدِئَهُ عَامِدًا فِيمَا كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ عَمَّا سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ الْقَائِلُونَ لَيْسُوا مِمَّنْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَلَا مِمَّنْ قَتَلَ الصَّيْدَ فِيهَا وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا، أَيْ لِمَا كَانُوا يَقُولُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّا قَدْ جَعَلْتُ {مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} فَكَانَ كُلُّ قَائِلِ ذَلِكَ الْقَوْلَ عَامِدًا فِيمَا نَهَى الله عَزَّ وَجَلَّ، وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَهَا فِي آيَةِ الظِّهَارِ، وَإِنْ كَانَ الْعَوْدُ الْمَذْكُورُ فِي آيَةِ الظِّهَارِ أَيْضًا مُخْتَلَفًا فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ، فَإِنَّا إِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا الْقَوْلَ مِمَّا قَدْ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، وَاسْتَشْهَدْنَا بِهِ إِذْ كَانَ هُوَ الَّذِي يُذْهَبُ إِلَيْهِ مِمَّا قَدْ قَالُوهُ فِي ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ أَقْوَالٌ أُخَرُ تُخَالِفُ هَذَا الْقَوْلَ، وَاحْتِجَاجَاتٌ كَثِيرَةٌ أُخِّرَ ذِكْرُهَا هَاهُنَا إِلَى أَنْ يَأْتِيَ مَوْضِعُهَا فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ} الْآيَةِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} ، إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا إِلَى قَوْلِهِ: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْبُدْنِ، وَبِهَذِهِ الْبَهِيمَةِ مِنَ الْأَنْعَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: كُلُّ هَدْيٍ وَاجِبٍ لَيْسَ بِكَفَّارَةٍ، وَلِإِسَاءَةٍ كَانَتْ مِنْ مُهْدِيهِ أُوجِبَ ذَلِكَ الْهَدْيُ، فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، كَهَدْيِ الْمُتْعَةِ، وَكَهَدْيِ الْقِرَانِ، وَكَهَدْيِ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ، وَكُلُّ هَدْيٍ مِنْ هَدَايَا التَّطَوُّعِ لَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَكُلُّ هَدْيٍ يَكُونُ كَفَّارَةً لِإِسَاءَةٍ كَانَتْ مِنْ مُهْدِيهِ، أَوْجَبَتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْهَدْيَ فِي الْإِحْرَامِ، وَعَنْ تَرْكِ بَعْضِ الْمَنَاسِكِ الَّتِي تَجِبُ عَلَى تَارِكِهَا الدِّمَاءُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُم أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يِوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَهُمْ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: يُؤْكَلُ مِنَ الْهَدَايَا كُلِّهَا إِلَّا جَزَاءَ الصَّيْدِ، وَنُسُكَ الْأَذَى، وَنَذْرَ الْمَسَاكِينَ، وَهَدْيَ التَّطَوُّعِ إِذَا قَصَرَ عَنْ بُلُوغِ مَحِلَّهُ، وَعَطِبَ دُونَ ذَلِكَ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: مَا كَانَ مِنَ الْهَدَايَا الْمُتَطَوَّعِ بِهَا فَلِمُهْدِيهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، وَمَا كَانَ مِنَ الْهَدَايَا عَنِ الْإِسَاءَاتِ، وَعَنِ التَّمَتُّعِ، وَعَن الْقرَان، وَعَن قتل الصَّيْد، وَعَما سوى ذَلِك مِمَّا يُصِيبهُ الْمحرم فِي إِحْرَامه، فَإِنَّهُ لَيْسَ لمن أهْدى تِلْكَ الْهَدَايَا، أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا شَيْئًا وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِي ظَاهِرِ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْنَا، فَكَانَ الظَّاهِرُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} ، الْأَكْلَ مِنْ جَمِيعِ الْهَدَايَا، إِذْ لَمْ يُذْكَرْ فِي ذَلِكَ خَاصٌّ مِنَ الْهَدَايَا، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ بَاطِنُ الْآيَةِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ بَاطِنُهَا كَظَاهِرِهَا فَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ، أَنَّهُ مُبَاحٌ لِمُهْدِيهِ الْأَكْلُ مِنْهُ، وَأَنَّهُ مِمَّا قَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالنُّذُورِ أَنَّ مُهْدِي ذَلِكَ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ، وَأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْهَدَايَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي كِتَابِنَا هَذَا فَالْتَمَسْنَا الْوَجْهَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، مِنَ السُّنَّةِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْنَا: 1743 - أَبَا أُمَيَّةَ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، الحديث: 1743 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 1743 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي، وَانْطَلَقْنَا لَا نَعْرِفُ إِلَّا الْحَجَّ لَهُ، خَرَجْنَا، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، وَفَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ، قَالَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَإِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً " قَالَ جَابِرٌ: وَقَدِمَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنَ الْيَمَنِ وَالنَّاسُ حَالُّونَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بِأَيِّ شَيْءٍ أَهْلَلْتَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَعِيَ الْهَدْيُ فَلَا نُحْلِلْ " وَكَانَ عَلِيٌّ قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ بِهَدْيٍ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ مِائَةُ بَدَنَةٍ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، وَنَحَرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ، وَأَشْرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بَضْعَةً، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لَحْمِهَا، وَحَسَا مِنْ مَرَقِهَا فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَكْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَدْيِهِ عَنْ مُتْعَتِهِ، وَعَنْ تَطَوُّعِهِ الَّذِي زَادَهُ عَلَى الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي مُتْعَتِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّيتُهُ عَنْ جَابِرٍ مَا يَدُلُّ عَنْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْإِحْرَامِ فِي حُرْمَةِ حَجٍّ، لَا فِي حُرْمَةِ مَا سِوَاهُ مِنْ تَمَتُّعٍ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ هَدَايَاهُ وَهَدَايَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ عَنْ مُتْعَةٍ، وَأَنَّهَا كَانَتْ تَطُوُّعًا، وَلَسْنَا نُخَالِفُكَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ أَنَّهُ يُؤْكَلُ مِنْهُ قِيلَ لَهُ: إِنَّمَا بَيَّنَّا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَمَتِّعًا فِي إِحْرَامِهِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ كَذَلِكَ كَانَ دُخُولُهُ فِي الْإِحْرَامِ لِيَكُونَ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، لَا لِيَكُونَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 بِمَا قَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ ابْنَةِ عُمَرَ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بَالُ النَّاسِ حَلُّوا، وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ فَقَالَ: " إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ " وَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ إِحْرَامَهُ كَانَ بِعُمْرَةٍ أَرَادَ بِهَا مُتْعَةً، وَسَاقَ لَهَا الْهَدْيَ، فَمَنَعَهُ ذَلِكَ مِنَ الإِحْلالِ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَبَيْنَ الْحَجَّةِ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدْ حَفِظَتْهُ عَنْهُ حَفْصَةُ ابْنَةُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَلَمْ يَحْفَظْهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي حَكَاهُ جَابِرٌ عَنْهُ مَا رَآهُ مِنْ ظَاهِرِ فعِلْهِ، وَمَا حَمَلَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ مِمَّا كَانَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْحَجِّ، لَا عَلَى الْعُمْرَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ يَعْرِفُهَا جَابِرٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَانَ الْمَحْكِيُّ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَحْدَاثِ حُكْمِ الْعُمْرَةِ أَوْلَى مِمَّا سِوَاهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْهَدْيَ الَّذِي كَانَ سَاقَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ مَنَعَهُ مِنَ الإِحْلالِ الَّذِي قَدْ كَانَ أَحَلَّهُ غَيْرُهُ بَيْنَ الإِحْرَامِ الأَوَّلِ، وَبَيْنَ الإِحْرَامِ الثَّانِي اللَّذَيْنِ كَانَا مِنْهُ، وَكَانَ هَدْيُ التَّطَوُّعِ غَيْرَ مَانِعٍ أَحَدًا مِنَ الإِحْلالِ الَّذِي كَانَ يَحِلُّهُ لَوْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَمَتِّعًا، وَأَنَّ الْهَدْيَ الَّذِي أَهْدَاهُ كَانَ أَوْ بَعْضُهُ عَنْ مُتْعَةٍ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِمَّا كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَهْدَاهُ مَعَهُ، قَدْ وَجَدْنَا التَّطَوُّعَ مِنَ الْهَدَايَا إِنَّمَا يَبْعَثُ بِهِ صَاحِبُهُ، فَيَكُونُ بِبَعْثِهِ بِهِ مُوجِبًا لَهُ تَطَوُّعًا، وَيَكُونُ الْهَدْيُ بِذَلِكَ قَدْ وَجَبَ فِي عَيْنِهِ، فَكَانَ مَعْنَى التَّطَوُّعِ مَا أَوْجَبَهُ صَاحِبُهُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَصَارَ وَاجِبًا، فَلَمْ يُمْنَعْ مُوجِبُهُ مِنَ الأَكْلِ مِنْهُ لِوُجُوبِهِ هَدْيًا وَكَانَ الْهَدْيُ عَنِ النَّذْرِ، وَالْهَدْيُ عَنِ الصَّيْدِ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُمَا وَكَانَ الاخْتِلافُ بَيْنَهُمْ فِي هَدْيِ الْقِرَانِ، وَهَدْيِ الْمُتْعَةِ، وَهَدْيِ الْجِمَاعِ، أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهَا أَمْ لَا؟ فَكَانَ هَدْيُ الْمُتْعَةِ وَهَدْيُ الْقِرَانِ بِهَدْيِ التَّطَوُّعِ أَشْبَهَ مِنْهُمَا بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْهَدَايَا، إِذْ كَانَ هَذَانِ الْهَدْيَانِ إِنَّمَا يَجِبَانِ بِأَفْعَالٍ غَيْرِ مَنْهِيٍّ عَنْهَا كَالْهَدْيِ عَنِ التَّطَوُّعِ الَّذِي يَصِيرُ هَدْيًا، وَيَجِبُ بِفِعْلٍ غَيْرِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَهَدْيِ النَّذْرِ، لأَنَّ هَدْيَ النَّذْرِ إِنَّمَا يَكُونُ شُكْرًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 لِشَيْءٍ مُتَقَدِّمٍ يُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ جَزَاءً لَهُ، كَقَوْلِ الرَّجُلِ: إِنْ بَلَّغَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحَجَّ فَلَهُ عَلَيَّ أَنْ أَهْدِيَ بَدَنَةً، أَوْ كَقَوْلِهِ: إِنْ قَضَى الله عَزَّ وَجَلَّ عَنِّي الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيَّ فَلَهُ عَلَيَّ أَنْ أَهْدِيَ بَدَنَةً فَيُبَلَّغُ الْحَجَّ، وَيُقْضَى عَنْهُ الدَّيْنُ، فَتَجِبُ الْبَدَنَةُ عَلَيْهِ شُكْرًا هَدْيًا لِمَا تَقَدَّمَهَا فَأَشْبَهَتِ الْعِوَضَ عَنِ الأَشْيَاءِ الَّتِي يُتَعَوَّضُ بِهَا وَكَانَ هَدْيُ الْجِمَاعِ بِهَدْيِ جَزَاءِ الصَّيْدِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِهَدْيِ التَّطَوُّعِ، إِذْ كَانَتْ إِصَابَةُ الصَّيْدِ مَنْهِيًّا عَنْهَا فِي الإِحْرَامِ، وَإِصَابَةُ الْجِمَاعِ مَنْهِيًّا عَنْهَا فِي الإِحْرَامِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ نَظِيرِهِ مِنَ الْهَدَايَا وَأَمَّا هَدْيُ التَّطَوُّعِ إِذَا عَطِبَ دُونَ مَحِلِّهِ، فَإِنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَكْلِ الَّذِي أَهْدَاهُ، هَلْ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَهُ أَمْ لَا؟ فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ مُبَاحٌ، وَهُوَ مِنْهُ مَمْنُوعٌ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، فَكَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلافًا بَيْنَهُمْ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ كَمَا 1744 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَنْ أَهْدَى هَدْيًا تَطَوُّعًا فَعَطِبَ، فَلْيَنْحَرْهُ، ثُمَّ لْيَغْمِسْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ، ثُمَّ لْيَضْرِبْ بِهَا جَنْبَهُ، وَلا يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ غُرِّمَ " وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَا بَأْسَ عَلَى مُهْدِيهِ بِالأَكْلِ مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَائِشَةَ، كَمَا 1745 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " عَطِبَتْ بَدَنَةٌ لابْنِ عُمَرَ تَطَوُّعًا، فَنَحَرَهَا وَأَكَلَهَا، وَلَمْ يُهْدِ مَكَانَهَا " 1746 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، الحديث: 1744 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كُلُوهُ، وَلا تَدَعُوهُ لِلْكِلابِ وَالسِّبَاعِ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَأَهْدُوا مَكَانَهُ هَدْيًا آخَرَ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَإِنْ شِئْتُمْ فَأَهْدُوا، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلا تُهْدُوا " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِي السُّنَنِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ نَجِدُ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ؟ فَوَجَدْنَا: 1747 - يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، أَخْبَرَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ صَاحِبَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الْهَدْيِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انْحَرْهَا، ثُمَّ أَلْقِ قَلائِدَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ يَأْكُلُونَهَا "، وَوَجَدْنَا: إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى الْمُزَنِيَّ، 1748 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَاجِيَةَ صَاحِبِ بُدْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ نَاجِيَةَ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ مَا عَطِبَ مِنْ بُدْنِهِ بَعْدَ نَحْرِهِ إِيَّاهُ، وَإِلْقَائِهِ قَلائِدَهُ، وَضَرْبِهِ بِهَا صَفْحَتَهُ لِيَدُلَّ ذَلِكَ مَنْ رَآهُ عَلَى أَنَّهُ هَدْيٌ مُبَاحٌ لَهُ أَكْلُهُ إِنْ كَانَ ذَا حَاجَةٍ وَفَقْرٍ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ مُهْدِيهِ مِنَ الأَكْلِ مِنْهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا، أَوْ إِبَاحَتِهِ إِيَّاهُ فَنَظَرْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى ذَلِكَ أَنْ نَجِدَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَوَجَدْنَا: 1749 - عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، الحديث: 1747 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 1749 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ، حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ الْبُدْنَ، فَيَقُولُ: " إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عَلَيْهِ، فَانْحَرْهَا، وَاغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، وَاضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رِفْقَتِكَ " وَوَجَدْنَا: 1750 - مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، أَيْضًا، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ بِبُدْنِهِ مَعَ ذُؤَيْبٍ الْخُزَاعِيِّ، وَيَأْمُرُهُ إِذَا عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ، أَوْ خَشِيَ عَلَيْهِ، أَنْ يَنْحَرَهَا، وَيَغْمِسَ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، وَيَضْرِبَ بِهَا صَفْحَتَهَا، وَلا يَأْكُلْ هُوَ مِنْهَا، وَلا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ رِفْقَتِهِ " وَوَجَدْنَا: 1751 - مُحَمَّدُ بْنُ خزيةَ، أَيْضًا، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو التِّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: حَجَجْتُ أَنَا وَسِنَانُ بْنُ سَلَمَةَ، وَمَعَ سِنَانٍ بَدَنَةٌ، فَأَزْحَفَتْ عَلَيْهِ، فَعَيِيَ بِهَا، فَقُلْتُ: لَئِنْ قَدِمْتُ مَكَّةَ عَنْ عِلْمِ هَذَا فَلَمَّا قَدِمْنَا قُلْتُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَعِنْدَهُ جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ: كَانَتْ مَعَنَا بَدَنَةٌ، فَأَزْحَفَتْ عَلَيْنَا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُدْنِ مَعَ فُلانٍ، فَأَمَرَهُ فِيهَا بِأَمْرِهِ، فَلَمَّا فَقَأَ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَصْنَعُ بِمَا أَزْحَفَ عَلَيَّ مِنْهَا؟ قَالَ: " انْحَرْهَا، وَاصْبُغْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، وَاضْرِبْهُ عَلَى صَفْحَتِهَا، وَلا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ، وَلا أَهْلُ رِفْقَتِكَ " الحديث: 1749 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، 1752 - قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو التِّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَسِنَانُ بْنُ سَلَمَةَ مُعْتَمِرَيْنِ، وَانْطَلَقَ سِنَانُ مَعَهُ بَدَنَةٌ يَسُوقُهَا، فَأَزْحَفَتْ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ، فَبَعَثَنِي بِشَأْنِهَا، فَقُلْتُ: لَئِنْ قَدِمْتُ الْبَلَدَ لَأَسْتَحْفِيَنَّ عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا نَزَلْنَا الْبَطْحَاءَ، قَالَ: انْطَلِقْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَانْطَلَقْنَا، فَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ بَدَنَتِهِ، فَقَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ، بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِتِّ عَشْرَةَ بَدَنَةً مَعَ رَجُلٍ، وَأَمَرَهُ فِيهَا، فَمَضَى ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا أَبْدَعَ عَلَيَّ مِنْهَا؟ قَالَ: " انْحَرْهَا، ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اجْعَلْهُ عَلَى صَفْحَتِهَا، وَلا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ، وَلا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رِفْقَتِكَ " 1753 - وَوَجَدْنَا الْمُزَنِيَّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو التِّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مَعَ رَجُلٍ بِثَمَانِيَ عَشْرَةَ بَدَنَةً، فَأَمَرَهُ فِيهَا بِأَمْرِهِ، فَانْطَلَقَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ أُزْحِفَتْ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْهَا؟ قَالَ: " انْحَرْهَا، ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اجْعَلْهَا عَلَى صَفْحَتِهَا، وَلا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ، وَلا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رِفْقَتِكَ " فَفِي هَذِهِ الآثَارِ مَنْعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولَهُ بِبُدْنِهِ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا شَيْئًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ الَّذِي رَوَاهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ مَنْعُهُ أَهْلَ رِفْقَتِهِ مِنَ الأَكْلِ مِنْهَا أَيْضًا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَنْعُهُ ذُؤَيْبًا الْخُزَاعِيَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا شَيْئًا، لأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا عَنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَيْضًا مَنْعُهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ رِفْقَتِهِ مِنْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا شَيْئًا، لأَنَّهُمْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ عَنْ ذَلِكَ، فَمَنَعَهُ وَمَنَعَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ لِغَنَائِهِ وَغَنَائِهِمُ الَّذِي قَدْ عَلِمَهُ مِنْهُ الحديث: 1752 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 وَمِنْهُمْ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْحِلْفِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الصَّدَقَةِ مِثْلَ الَّذِي حَرَّمَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّ مَوَالِي الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَجَعَلَ مَوَالِيهِمْ فِي حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ كَهُمْ أَنْفُسِهِمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ كُتُبِنَا هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، فَأَغْنَانَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَإِذَا كَانَ مَوَالِيهِمْ قَدْ دَخَلُوا فِي الَّذِي حَرُمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ، لأَنَّهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، دَخَلَ حُلَفَاؤُهُمْ أَيْضًا فِي الَّذِي حَرُمَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، لأَنَّهُمْ أَيْضًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ 1754 - فَإِنَّ يُونُسَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَثْيَمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رِفَاعَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " يَا عُمَرُ، اجْمَعْ لِي قَوْمَكَ "، فَجَمَعَهُمْ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ جَمَعْتُهُمْ، فَيَدْخُلُونَ عَلَيْكَ أَوْ تَخْرُجُ إِلَيْهِمْ؟ قَالَ: " بَلْ أَخْرُجْ عَلَيْهِمْ " فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِذَلِكَ وَالْمُهَاجِرُونَ، فَقَالُوا: لَقَدْ جَاءَ فِي قُرَيْشٍ وَحْيٌ، فَحَضَرَ النَّاظِرُ وَالْمُسْتَمِعُ مَا يُقَالُ لَهُمْ، فَقَامَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَقَالَ: " هَلْ فِيكُمْ غَيْرُكُمْ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، حُلَفَاؤُنَا، وَأَبْنَاءُ إِخْوَانِنَا، وَمَوَالِينَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حُلَفَاؤُنَا وَأَبْنَاءُ إِخْوَانِنَا وَمَوَالِينَا مِنَّا، أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ، أَوْلِيَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُتَّقُونَ، فَإِنْ كُنْتُمْ أُولَئِكَ فَذَاكَ وَإِلا فَانْصُرُوا، لَا يَأْتِينِي النَّاسُ بِالأَعْمَالِ وَتَأْتُونِي بِالأَثْقَالِ، فَيُعْرَضُ عَنْكُمْ " ثُمَّ نَادَى، فَرَفَعَ صَوْتَهُ: " إِنَّ قُرَيْشًا أَهْلُ إِمَامَةٍ، مَنْ بَغَاهُمُ الْعَوَائِرَ كَبَّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمِنْخَرِهِ "، قَالَهَا ثَلاثًا أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ جَعَلَ حُلَفَاءَهُمْ مِنْهُمْ، وَأَقَامَهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْمَقَامِ الَّذِي أَقَامَ مَوَالِيهِمْ فِيهِ فَكَذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ جَعَلَهُمْ بِالْحِلْفِ فِي تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ كَبَنِي هَاشِمٍ فِي تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ الحديث: 1754 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 وَعَلَى أَيِّ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ كَانَ مُرَادُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُؤَيْبٍ الْخُزَاعِيِّ فِيمَا ذَكَرْنَا، فَلَمْ يُخْرِجْ ذَلِكَ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَفِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ وُجُوبُ حُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَى مُهْدِيهِ، إِذْ كَانَتِ الْقُرَبُ الْمُبَاحُ أَكْلُهَا كَالضَّحَايَا وَمَا أَشْبَهَهَا، غَيْرَ مَمْنُوعٍ مَنْ تَقَرَّبَ بِهَا مِنْ أَكْلِهَا، وَغَيْرَ مَمْنُوعٍ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الأَغْنِيَاءِ، وَمِنْ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ ذَلِكَ فَدَلَّ مَنْعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُؤَيْبًا مِنْ أَكْلِهَا عَلَى حُرْمَةِ أَكْلِهَا عَلَى مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنْ مُهْدِيهَا، وَلا مِنْ غَيْرِهِمْ فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا رُوِّينَا فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَبِذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُونَ وَحَدِيثُ ذُؤَيْبٍ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِنَّمَا دَارَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَفِي قَوْلِهِ ذَلِكَ، وَفِي قَوْلِهِ لِسَائِلِهِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ: " عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ "، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بِخِبْرَتِهِ الَّتِي قَدْ عَلِمَهَا أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ مُهْدِيهِ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَنْعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُؤَيْبًا وَأَهْلَ رِفْقَتِهِ مِنْ أَكْلِهَا، وَأَمْرَهُ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ سِوَاهُمْ وَبَيْنَهَا، أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَعْجَلُوا عَلَيْهَا فَيَقْطَعُوهَا بَعْدَ نَحْرِهَا قَبْلَ مَوْتِهَا، فَأَرَادَ نَهْيَهُمْ عَنْهَا أَنْ تُتْرَكَ حَتَّى تَمُوتَ قَبْلَ أَنْ تُقْطَعَ فَهَذَا تَأْوِيلٌ عِنْدَنَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لأَنَّهُ غَيْرُ مَوْهُومٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ هَذَا، وَقَدْ عَلِمُوا سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، وَلا سِيَّمَا مَنْ قَدْ رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْضَعَ أَمَانَةٍ عَلَى رِسَالَتِهِ، وَعَلى سَوْقِ هَدْيِهِ ، وَعَلَى نَحْرِهِ، وَعَلَى بُلُوغِ مَحِلَّهُ، وَعَلَى مَوْطِنِ نَحْرِهِ، وَعَلَى مَوْضِعِ لَحْمِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ وَضْعُهُ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا لَهُمْ أَكْلُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لَبَيَّنَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِمَّا هُوَ مُبَاحٌ لَهُمْ وَلَقَدْ كَانَ أَمَرَهُمْ بِالصَّبْرِ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ تَمُوتَ، لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ تَقْطِيعُهُمْ إِيَّاهَا قَبْلَ مَوْتِهَا مَوْهُومًا مِنْهُمْ فِيهَا قَبْلَ بُلُوغِ مَحِلِّهَا، لَكَانَ مَوْهُومًا مِنْهُمْ فِيهَا بَعْدَ بُلُوغِ مَحِلِّهَا، وَلَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ نَهْيًا وَاحِدًا وَفِي قَصْدِهِ بِنَهْيِهِمْ عَنْ ذَلِكَ إِلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ فِي الْمَعْنَى الآخَرِ بِخِلافِ ذَلِكَ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا فِي تَأْوِيلِ مَنْعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُؤَيْبًا الْخُزَاعِيَّ مِمَّا مَنَعَهُ، وَاحِدٌ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلَيْنِ الأَوَّلَيْنِ وَفِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ مَذْهَبَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَائِرُ أَهْلِ الرُّفْقَةِ كَانُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَذُؤَيْبٍ الْخُزَاعِيِّ مِنْهُمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ، إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} ، مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْمُرَادُ بِهِ الْبُدْنَ الْمُقَلَّدَةَ وَالْمَنْفَعَةُ فِيهَا الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} عِنْدَهُمْ رُكُوبُهَا، وَالشُّرْبُ مِنْ أَلْبَانِهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ صَارَتْ بُدْنًا وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ فِي الْبُدْنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ كَمَا 1755 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: " {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} ، قَالَ: إِنِ احْتَاجَ إِلَى ظَهْرِهَا رَكِبَ، وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى لَبَنِهَا شَرِبَ "، يَعْنِي: الْبُدْنَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا فِي الْبُدْنِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ كَمَا 1756 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: الْبَدَنَةُ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهَا سَائِقُهَا رَكِبَهَا رُكُوبًا غَيْرَ قَادِحٍ " 1757 - كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " الْبَدَنَةُ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهَا سَائِقُهَا رَكِبَهَا رُكُوبًا غَيْرَ قَادِحٍ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْمُرَادُ بِهَذَا {بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} قَبْلَ أَنْ تُوجَبَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَبْلَ أَنْ تُقَلَّدَ، وَقَبْلَ أَنْ تُجْعَلَ بُدْنًا لأَهْلِهَا، فِيهَا الْمَنَافِعُ الَّتِي تَنْتَفِعُ بِهَا مِنْهَا فَإِذَا قُلِّدَتْ، وَوَجَبَتْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَرُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا إِلا مِنْ ضَرُورَةٍ تَضْطَرُّهُمْ إِلَى ذَلِكَ مِنْهَا الحديث: 1755 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 وَالأَجَلُ الْمُسَمَّى الْمُرَادُ عِنْدَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَنْ تَصِيرَ الْبَهِيمَةُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هَدْيًا، فَإِذَا صَارَتْ كَذَلِكَ حَرُمَ عَلَى أَهْلِهَا الانْتِفَاعُ بِهَا كَمَا كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِهَا قَبْلَ زَوَالِ إِمْلَاكِهِمْ عَنْهَا وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَهُوَ خِلافُ الْمَذْهَبِ الأَوَّلِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ 1758 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: " لَا يَشْرَبُ لَبَنَ الْبَدَنَةِ، وَلا يَرْكَبُهَا إِلا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى ذَلِكَ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ هَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ كَمَا 1759 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} ، قَالَ: فِي ظُهُورِهَا، وَأَلْبَانِهَا، وَأَصْوَافِهَا، وَأَوْبَارِهَا حَتَّى تَصِيرَ بُدْنًا " 1760 - وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 1761 - وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ كَمَا ذَكَرْنَا، الْتَمَسْنَا حُكْمَ ذَلِكَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَيْفَ هُوَ؟ فَوَجَدْنَا: 1762 - يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلا الحديث: 1758 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: ارْكَبْهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ: ارْكَبْهَا وَيْلَكَ "، 1763 - وَوَجَدْنَا يُونسَ، قَدْ حَدَّثَنَا أَيْضًا، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذُؤَيْبٍ، عَنْ عَجْلانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثَلْهُ، 1764 - وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: " ارْكَبْهَا وَيْحَكَ " 1765 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً، قَالَ: ارْكَبْهَا قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ: ارْكَبْهَا "، 1766 - وَوَجَدْنَا أَبَا بَكْرَةَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 1767 - وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّهُ رَأَى رَجُلا يَسُوقُ بَدَنَةً، قَالَ: ارْكَبْهَا قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ: ارْكَبْهَا " قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُسَايِرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُنُقِهَا نَعْلٌ الحديث: 1763 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 1768 - وَوَجْدَنَا عَلِيَّ بْنَ شَيْبَةَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَسُوقُ بَدَنَةً، قَالَ: ارْكَبْهَا قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ: ارْكَبْهَا "، 1769 - وَوَجَدْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَشِيشٍ الْبَصْرِيَّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ الدَّسْتَوَائِيُّ، وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَكَانَ الَّذِي فِي هَذِهِ الآثَارِ الَّتِي رُوِّينَا إِبَاحَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكُوبَ الْبَدَنَةِ لِسَائِقِهَا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لأَنَّ رُكُوبَ الْبَدَنَةِ مُبَاحٌ عَلَى كُلِّ الأَحْوَالِ كَمَا قَالَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الأُولَى، وَكَمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي تَأْوِيلِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِجَهْدٍ رَآهُ بِالسَّائِقِ وَلِضَرَارَةٍ بِهِ، فَأَبَاحَهُ بِذَلِكَ رُكُوبَ الْبَدَنَةِ فَنَظَرْنَا، هَلْ نَجِدُ فِي شَيْءٍ مِنَ الآثَارِ مَا يَدُلُّنَا عَلَى شَيْءٍ فِي ذَلِكَ؟ فَإِذَا: 1770 - نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلا يَسُوقُ بَدَنَةً وَقَدْ جُهِدَ، قَالَ: ارْكَبْهَا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَال: ارْكَبْهَا " 1771 - وَإِذَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَكَأَنَّهُ رَأَى بِهِ جهْدًا، قَالَ: " ارْكَبْهَا " قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ: " ارْكَبْهَا وَإِنْ كَانَتْ بَدَنَةً " الحديث: 1768 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ إِبَاحَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِقَ الْبَدَنَةِ رُكُوبَهَا فِي الآثَارِ الأُوَلِ، كَانَ بَعْدَ أَنْ رَأَى بِهِ الْجَهْدَ الَّذِي رَآهُ بِهِ، فَلَمْ تَكُنْ فِيهَا دَلالَةٌ لَنَا عَلَى رُكُوبِهَا، وَلا جَهْدَ بِهِ إِلَى رَكُوبِهَا، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لَنَا فِي هَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ: إِنَّمَا أَبَحْتُهُ رُكُوبَهَا لِلضَّرُورَةِ أَوْ لِلْجَهْدِ الَّذِي أَرَاهُ بِهِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبَاحَهُ ذَلِكَ لِهَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ إِبَاحَةُ ذَلِكَ لأَنَّ التَّبْدِينَ لَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَرْفًا يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى، وَهُوَ قَوْلُ السَّائِقِ لَهَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَهُ بِرُكُوبِهَا : إِنَّهَا بَدَنَةٌ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْبُدْنِ كَانَتْ عِنْدَهُمْ أَلا تُرْكَبَ، وَلَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ يَحْرُمُ رَكُوبُ الْبُدْنِ؟ ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى ذَلِكَ لِنَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ فِي هَذَا الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، فَوَجْدَنَا 1772 - فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ارْكَبُوا الْهَدْيَ بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى تَجِدُوا ظَهْرًا " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ رُكُوبَ الْهَدْيِ قَبْلَ أَنْ يَجِدُوا ظَهْرًا، وَالْمَنْعُ مِنْهُ إِيَّاهُمْ مِنْ رُكُوبِهِ إِذَا وَجَدُوا ظَهْرًا وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِقَ الْبَدَنَةِ فِي الآثَارِ الأُوَلِ مِنْ رُكُوبِهَا الْمَذْكُورِ فِيهَا، كَانَ مِنْهُ عَلَى الضَّرُورَةِ وَالْجَهْدِ اللَّذَيْنِ رَآهُمَا بِسَائِقِهَا، وَلا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَحْمِلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الآثَارِ عَلَى التَّضَادِّ، وَلا عَلَى الاخْتِلافِ الَّذِي يَدْفَعُ بِهِ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحْمِلَهَا عَلَى الاتِّفَاقِ الَّذِي يَصْدُقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، إِذْ كُنَّا نَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهَا الحديث: 1772 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الآثَارِ الَّتِي رُوِّينَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْبُدْنِ أَلا تُرْكَبَ فِي غَيْرِ أَحْوَالِ الضَّرُورَاتِ، وَلا تُرْكَبَ فِي أَحْوَالِ الضَّرُورَاتِ لِيَكُونَ مَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإِبَاحَةِ فِي ذَلِكَ هُوَ الإِبَاحَةُ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا أَشْبَهُ بِتَأْوِيلِ الآيَةِ مِنَ الْقَوْلِ الآخَرِ، لأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الآيَةِ: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} ، فَدَلَّنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ بِهَا قَدْ تَرْتَفِعُ عَنْهَا عِنْدَ ذَلِكَ الأَجَلٍ الْمُسَمَّى، وَالأَجَلُ الْمُسَمَّى مَوْجُودٌ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ، لأَنَّ أَهْلَهُ يَقُولُونَ: هُوَ أَنْ تَصِيرَ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ بُدْنًا، فَيَحْرُمُ الانْتِفَاعُ بِهَا وَالآخَرُونَ لَا يَحْرُمُ الانْتِفَاعُ بِهَا فِي قَوْلِهِمْ إِلَى بُلُوغِ مَحِلِّهَا، وَلا بُدَّ مِنْ أَنْ يِكُونَ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} مَعْنًى وَالْقِيَاسُ أَيْضًا يَدُلُّ هَذَا الْقَوْلَ، وَذَلِكَ أَنَّا وَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ هَذِهِ الْبُدْنَ الَّتِي ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي رُكُوبِهَا، لَيْسَ لِسَائِقِهَا إِجَارَتُهَا، وَلا التَّعَوُّضُ بِمَنَافِعِهَا أَعْوَاضًا وَقَدْ وَجَدْنَا الأَشْيَاءَ الَّتِي الإِمْلاكُ فِيهَا مُتَكَامِلَةٌ، وَمَنَافِعُهَا مُبَاحَةٌ لأَهْلِهَا، لَا بَأْسَ عَلَى أَهْلِهَا بِإِجَارَتِهَا، وَتَمْلِيكِ مَنَافِعِهَا بِأَعْوَاضٍ يَتَعَوَّضُونَهَا مِنْهَا، كَالْمَمَالِيكِ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلْهُمْ عَتَاقٌ، وَلأَوْلادِهِمْ مِنْ مَالِكِيهِمْ، وَلا تَدْبِيرَ مِنْهُمْ لَهُمْ وَكَانَتِ الْوِلادَةُ وَالتَّدْبِيرُ إِذَا حَدَثَا فِيهِمْ مِمَّنْ يَمْلِكُهُمْ فَنَقَصَتْ بِذَلِكَ الإِمْلَاكُ فِيهِمْ، وَصَارَتْ أُمَّهَاتُ الأَوْلادِ مِنْهُمْ مَمْنُوعَاتٍ مِنْ بَيْعِهِنَّ، وَمِنْ تَمْلِيكِهِنَّ أَحَدًا، وَصَارَ الْمُدَبَّرُونَ مِنْهُمْ، فِي قَوْلِ مَنْ يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِمْ، أَيْضًا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ إِجَارَتِهِمْ، وَلا مِنَ التَّعْوِيضِ مِنْ مَنَافِعِهِمْ، كَمَا كَانَ ذَلِكَ طَلْقًا مُبَاحًا قَبْلَ حُدُوثِ ذَلِكَ فِيهِمْ، إِذْ كَانَ مَا حَدَثَ فِيهِمْ مِنَ الْوِلادَةِ وَالتَّدْبِيرِ لَمْ يَمْنَعْ أَرْبَابَهُمْ مِنَ الانْتِفَاعِ بِهِمْ، فَلَمْ يَمْنَعْهُمْ أَيْضًا مِنْ تَمْلِيكِ ذَلِكَ الانْتِفَاعِ غَيْرَهُمْ، وَالتَّعَوُّضِ مِنْهُ الأَبْدَالَ، وَكَانَتِ الْبُدْنُ الَّتِي قَدْ وَجَبَتْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَسِيقَتْ إِلَيْهِ، وَقُلِّدَتْ لَهُ، لَيْسَ لِمَنْ جَعَلَهَا كَذَلِكَ إِجَارَتُهَا، وَلا الاعْتِيَاضُ مِنْ مَنَافِعِهَا أَعْوَاضًا فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَيْضًا الانْتِفَاعُ بِهَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ الانْتِفَاع بِهَا لِنَفْسِهِ إِذًا لَكَانَ لَهُ تَمْلِيكُ ذَلِكَ مِنْهَا مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ مِنَ الأَعْوَاضِ، كَمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ وَالْمُدَبَّرِينَ وَفِي ثُبُوتِ مَا ذَكَرْنَا ثُبُوتُ الْقَوْلِ الثَّانِي مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ وَصَفْنَا، وَأَنَّ تَأْوِيلَ الآيَةِ بِالَّذِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 قَالَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ أَوْلَى مِنْ تَأْوِيلِهَا بِالْقَوْلِ الآخَرِ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي رُكُوبِ الْبُدْنِ، أَنَّهُ مُبَاحٌ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ، وَمَحْظُورٌ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ، كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلافًا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} الآيَةِ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} فَكَانَتِ الْهَاءُ الَّتِي فِي {دَخَلَهُ} عَائِدَةٌ عَلَى الْبَيْتِ وَكَانَ الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ فِي هَذَا هُوَ الْحَرَمُ لَا اخْتِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ عَلِمْنَاهُ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} فَكَانَ الْخِطَابُ مَقْصُودًا بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحَرَمُ كُلُّهُ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ عَلِمْنَاهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَمَا قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، وَمَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ تَابِعِيهِمْ فِي كِتَابِ الطَّهَارَاتِ مِنْ كُتُبِنَا هَذِهِ وَكَانَ مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ مَنْ أَصَابَ حَدًّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ لِعِبَادِهِ، ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ أَمِنَ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِّ، فَلَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ مَا كَانَ مُقِيمًا فِي الْحَرَمِ، إِلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ، فَيُقَامُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْحَدُّ فِي الْحِلِّ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ كَمَا 1773 - قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَنْ أَصَابَ حَدًّا فِي الحديث: 1773 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 الْحَرَمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ، ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ، لَمْ يُكَلَّمْ، وَلَمْ يُجَالَسْ، وَلَمْ يُبَايَعْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ، فَيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ " 1774 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِذَا أَحْدَثَ الرَّجُلُ، ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ، لَمْ يُؤْوَ، وَلَمْ يُجَالَسْ، وَلَمْ يُبَايَعْ، وَلَمْ يُطْعَمْ، وَلَمْ يُسْقَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ "، 1775 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً 1776 - وَكَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْحَرَمِ، " لَمْ يُكَلَّمْ، وَلَمْ يُبَايَعْ، وَلَمْ يُؤْوَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ، فَإِذَا خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ أُخِذَ، فَأُقِيمَ عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ، وَمَا أَحْدَثَ فِي الْحَرَمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ مَا أَحْدَثَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ " 1777 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَزْرَقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " كَانَ سَعِيدٌ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ، وَأَصْحَابٌ لَهُ بِالطَّائِفِ مُتَحَصِّنِينَ فِي قَلْعَةٍ، فَاسْتُنْزِلُوا مِنْهَا، فَانْطُلِقَ بِهِمْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ بِمَكَّةَ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: مَا تَرَى فِي هَؤُلاءِ النَّفَرِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تُخَلِّيَ سَبِيلَهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا إِذْ أَدْخَلْتَهُمُ الْحَرَمَ فَقَالَ: لَا، نُخْرِجُهُمْ مِنَ الْحَرَمِ ثُمَّ نَصْلُبُهُمْ؟ قَالَ: فَهَلا قَبْلَ أَنْ تُدْخِلَهُمْ؟ " فَأَخْرَجَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَصَلَبَهُمْ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ لَقِيتُ قَاتِلَ أَبِي فِي الْحَرَمِ مَا الحديث: 1774 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 هِجْتُهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ " فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَدْ ذَهَبَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ، إِلَى مَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَجَعَلَ ذَلِكَ عَلَى الْحَرَمِ كُلِّهِ، لَا عَلَى الْبَيْتِ خَاصَّةً، وَخَالَفَ بَيْنَ الْمُصِيبِ لِلذُّنُوبِ الْمُوجِبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فِي الْحَرَمِ، وَبَيْنَ الْمُصِيبِ لَهُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ اللاجِئِ إِلَى الْحَرَمِ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ الدَّاخِلُ فِي الْحَرَمِ إِذَا دَخَلَهُ خَائِفًا مِمَّا كَانَ يَخَافُ، لأَنَّهُ إِنَّمَا يَأْمَنُ الْخَائِفُ وَمَنْ دَخَلَهُ قَبْلَ إِصَابَتِهِ الذَّنْبَ، ثُمَّ أَصَابَ فِيهِ الذَّنْبَ، فَقَدْ دَخَلَهُ آمِنًا غَيْرَ خَائِفٍ، فَلَمْ يُؤَمِّنْهُ دُخُولُهُ الْحَرَمَ مِنْ شَيْءٍ كَانَ مِنْهُ خَائِفًا قَبْلَ دُخُولِهِ إِيَّاهُ فَإِذَا أَصَابَ فِيهِ الذَّنْبَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ بِإِصَابَتِهِ ذَلِكَ الذَّنْبَ فِيهِ مَنْتَهِكًا لِحُرْمَتِهِ، وَمُسْتَحِلا لَهَا وَكَانَ لِغَيْرِهِ مِنَ الآمِنِينَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ إِذَا أَصَابُوا ذَنْبًا حَيْثُ هُمْ مِمَّا سِوَى الْحَرَمِ وَقَدْ قَالَ: تَابَعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ حِينَ لَمْ يَقْتُلْ سَعِيدًا وَلا أَصَابَهُ فِي الْحَرَمِ حَتَّى أَخْرَجَهُمْ مِنْهُ إِلَى الْحِلِّ فَصَلَبَهُمْ فِيهِ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ كَمَا 1778 - قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، قَالا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ، قَالا: الرَّجُلُ يُصِيبُ الْحَدَّ ثُمَّ يَدْخُلْهُ فَلا يُبَايَعُ، وَلا يُجَالَسُ، وَلا يُؤوى، وَلا يُكَلَّمُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ، فَيُقَنَّعُ فَيُؤْخَذُ فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ " 1779 - وَكَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " لَوْ وَجَدْتُ قَاتِلَ عُمَرَ فِي الْحَرَمِ مَا هِجْتُهُ " وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَزُفَرُ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُونَهُ فِي ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ الحديث: 1778 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 كَانُوا يَجْعَلُونَ ذَلِكَ أَمَانًا فِي كُلِّ حَدٍّ يَأْتِي عَلَى النَّفْسِ مِنْ حُدُودِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْ حُدُودِ عِبَادِهِ مِثْلُ أَنْ يَزْنِيَ وَهُوَ مُحْصِنٌ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ، فَيَلْجَأُ إِلَى الْحَرَمِ فَيَدْخُلُهُ، وَمِثْلُ الَّذِي يَرْتَدُّ عَنِ الإِسْلَامِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، فَيَلْجَأُ إِلَى الْحَرَمِ فَيَدْخُلُهُ، وَمِثْلُ الَّذِي يَقْطَعُ الطَّرِيقَ عِلَى الْمُسْلِمِينَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، فَيَلْجَأُ إِلَى الْحَرَمِ فَيَدْخُلُهُ، وَمِثْلُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلا عَمْدًا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي ذَلِكَ، فَيَلْجَأُ إِلَى الْحَرَمِ فَيَدْخُلُهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ لِعِبَادِهِ مِمَّا يَجِبُ بِهَا سَفْكُ الدِّمَاءِ وَلا يَجْعَلُونَ ذَلِكَ عَلَى الْحُدُودِ الَّتِي لَا تَأْتِي عَلَى النَّفْسِ مِنْ حُدُودِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَاتِ، وَلا مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي لِلْعِبَادِ مِثْلُ قَطْعِ الأَيْدِي، أَوْ مَا سِوَاهَا مِنَ الأَعْضَاءِ قَوَدًا، وَلا مِثْلُ التَّعْزِيرِ بِالأَقْوَالِ الْمُوجِبَةِ بِالْعُقُوبَاتِ، وَلا بِمَا يُشْبِهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ حُقُوقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْ حُقُوقِ عِبَادِهِ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فَذَكَرَ هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا كُلَّهَا بِأَنْ كَانَ قَدْ زِدْنَا فِي أَلْفَاظِهَا مَا كَشَفْنَا بِهِ وُجُوهَهَا مِمَّا لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ مَعَانِيهَا وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلافًا بَيْنَهُمْ وَقَدْ ذَكَرَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ زُفَرَ، مِثْلَ ذَلِكَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ: إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُجِيرُ ظَالِمًا، وَإِنَّ مَنْ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّهُ الَّذِي كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَلْجَأَ إِلَى الْحَرَمِ وَكَانَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَمُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ أَوْلَى عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ الْحَسَنُ، وَإِنْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ، فَرَوى عَنْ أَبِي يُوسُفَ خِلافَهُ لِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلأَنَّا لَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا غَيْرَ التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا مَا رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ زُفَرَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحُدُودِ الَّتِي لَا تَأْتِي عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ، فَلا وَجْهَ لِذَلِكَ عِنْدَنَا، لأَنَّ الْحَرَمَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 إِنْ كَانَ دُخُولُهُ يُؤَمِّنُ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِي الأَنْفُسِ فَهُوَ يُؤَمِّنُ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِيمَا دُونَ الأَنْفُسِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَمِّنُ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِيمَا دُونَ الأَنْفُسِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَمِّنُ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِي الأَنْفُسِ وَقَدْ وَجَدْنَاهُ يُؤَمِّنُ الصَّيْدَ فِي نَفْسِهِ، وَيُؤَمِّنُهُ فِي أَعْضَائِهِ فَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْدِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَانَ فِي الآدَمِيِّينَ أَيْضًا كَمَا وَصَفْنَا، وَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ فَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَمْ يُفَرِّقَا فِيهِ بَيْنَ الأَنْفُسِ إِذَا أَتَتِ الْحُدُودُ عَلَيْهَا، وَبَيْنَ الأَعْضَاءِ إِذَا أَتَتِ الْحُدُودُ عَلَيْهَا فَذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِهِمَا أَوْلَى مِمَّا قَدْ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَبُو يُوسُفَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ، لَا سِيَّمَا إِذَا لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمَا فِيمَا قَالا مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ أَبِي رَبَاحٍ كَمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مِمَّا 1780 - قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ: " إِنْ قَذَفَ فِيهِ، يَعْنِي الْحَرَمَ، أَوْ سَرَقَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِذَا صَنَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ ثُمَّ لَجَأَ، يَعْنِي إِلَيْهِ، لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ " وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالأَمَانِ فِي هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا غَيْرُ بَنِي آدَمَ، فَأَمِنَ أَنْ يُصَادَ أَوْ يُهَاجَ وَهَذَا قَوْلٌ لَا نَعْلَمُ لأَهْلِهِ فِيهِ مُتَقَدِّمًا، وَلا إِمَامًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا مِنْ تَابِعِيهِمْ وَهَذَا أَيْضًا تَأْوِيلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي اللُّغَةِ، وَلا مُسْتَقِيمٍ فِي الْقِيَاسِ، فَأَمَّا فَسَادُهُ فِي اللُّغَةِ، فَإِنَّ " مَنْ " لَا يَكُونُ لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مَكَانُهَا لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ " مَا "، فَلا تَكُونُ الآيَةُ كَمَا تَلَوْنَا، فَتَكُونُ: " وَمَا دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا "، وَحَاشَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فَأَمَّا مَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ إِثَبَاتِ " مَا " لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ فِيمَا مَوْضِعُهَا لِبَنِي آدَمَ " مَنْ "، فَكَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} ، وَلَمْ يَقُلْ عَزَّ وَجَلَّ: " إِلا مَنْ ذَكَّيْتُمْ "، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} ، وَلَمْ يَقُلْ عَزَّ وَجَلَّ: " وَمَنْ ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ "، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} ، وَلَمْ يَقُلْ جَلَّ وَعَزَّ: " مِمَّنْ لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ "، فِي نَظَائِرَ لِذَلِكَ كَثِيرَةٍ، فَنَسْتَغْنِي بِمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا عَنْ بَقِيَّتِهَا الحديث: 1780 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 وَأَمَّا مَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ إِثْبَاتِ " مَنْ " فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِبَنِي آدَمَ، فَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلا مَنْ تَابَ} ، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} ، وَلَمْ يَقُلْ " إِلا مَا تَابَ " وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} ، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ} ، فِي نَظَائِرَ لِذَلِكَ كَثِيرَةٍ نَسْتَغْنِي بِمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا عَنْ بَقِيَّتِهَا وَأَمَّا فَسَادُهُ فِي الْقِيَاسِ فَإِنَّا رَأَيْنَا الصَّيْدَ الْمَوْلُودَ فِي الْحَرَمِ مُحَرَّمًا كَحُرْمَةِ الصَّيْدِ الَّذِي يَلْجَأُ إِلَى الْحَرَمِ مِنَ الْحِلِّ، فَلَمْ تَكُنْ حُرْمَةُ الصَّيْدِ بِدُخُولِهِ الْحَرَمَ كَمَا فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، لأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا أَمَّنَ فِيهَا بِدُخُولِهِ الْحَرَمَ، لَا بِالْمَقَامِ فِي الْحَرَمِ، فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَا يُسَوَّى فِيهِ حُكْمُ الدَّاخِلِ إِلَى الْحَرَمِ وَحُكْمُ الْمُقِيمِ فِي الْحَرَمِ الَّذِي لَمْ يَلْجَأْ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَخْتَلِفُ فِيهِ حُكْمُ الدُّخُولِ وَحُكْمُ الْمَقَامِ الَّذِي لَا دُخُولَ قَبْلَهُ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي بَنِي آدَمَ، وَغَيْرُ مَوْجُودٍ فيِ الصَّيْدِ وَالأَوْلَى بِظَاهِرِ الآيَةِ أَنْ يَكُونَ الأَمَانُ الْمَذْكُورُ فِيهَا يُرَادُ بِهِ الْمُخَاطَبُونَ بِالْعُقُوبَاتِ عَلَى الذُّنُوبِ الْمُتَعَبِّدُونَ بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ، لَا مَا سِوَاهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعُقُوبَاتِ، وَلا مِنْ أَهْلِ التَّعَبُّدِ بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ تَمَّ كِتَابُ الْمَنَاسِكِ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرآنِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 كِتَابُ الطَّلاقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فَأَمَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِطَلاقِ النِّسَاءِ لِلْعِدَّةِ، وَبَيَّنَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْعِدَّةَ مَا هِيَ 1781 - كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ الْقَاضِي، وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ أَبُو بَكْرَةَ، وَيَزِيدُ فِي حَدِيثِهِمَا قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا فِي حَدِيثِهِمْ، فَقَالُوا: سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ، عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ: طَلَّقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " قُلْ لَهُ فَلْيَرُدَّهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ "، وَتَلا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قَبْلِ عِدَّتِهِنَّ هَكَذَا قَالَ أَبُو بَكْرَةَ وَيَزِيدُ فِي حَدِيثِهِمَا وَأَمَّا ابْنُ مَرْزُوقٍ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: وَتَلا: يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لَفِي قَبْلِ عِدَّتِهِنَّ وَلَمْ يُضِفِ التِّلاوَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْعِدَّةَ الَّتِي لَهَا يَكُونُ الطَّلاقُ عَلَى مَا أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، ابْتِدَاؤُهَا الْوَقْتُ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنْ يَأْمُرَ عَبْدَ اللهِ أَنْ يُطَلِّقَ فِيهِ امْرَأَتَهُ إِنْ آثَرَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ رَدِّهَا إِلَيْهِ مِنَ الطَّلاقِ الأَوَّلِ وَلَمْ الحديث: 1781 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 يَذْكُرْ أَبُو الزُّبَيْرِ هَذَا فِي حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ذَلِكَ الرَّدَّ مَا هُوَ، هَلْ هُوَ رَجْعَةٌ يُحْدِثُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ أَوْ مَا سِوَاهَا؟ وَكَذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِأَلْفَاظٍ دُونَ الأَلْفَاظِ الَّتِي رَوَاهُ عَلَيْهِا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّدَّ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ عَبْدَ اللهِ مَا هُوَ 1782 - كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ، فَرَدَّهَا عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَّقْتُهَا وَهِيَ طَاهِرٌ " فَنَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا يَدُلُّنَا عَلَى ذَلِكَ الرَّدِّ مَا هُوَ، فَوَجَدْنَا: 1783 - بَكَّارًا، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ؟ قَلت: نَعَمْ قَالَ: فَإِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَتَى عُمَرُ الحديث: 1782 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا " قُلْتُ: وَتَعْتَدُّ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ؟ قَالَ: فَمَهْ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ 1784 - وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: حَدَّثَنَيِ الْمُغِيرَةُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، قُلْتُ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ: أَتَعْرِفُ ابْنَ عُمَرَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَإِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ، " فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا فِي قَبْلِ عِدَّتِهَا " 1785 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " فَلْيُرَاجِعْهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا " فَقِيلَ: احْتُسِبْتَ بِهَا؟ فَقَالَ: فَمَهْ 1786 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سَليْمَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، كَيْفَ صَنَعْتَ فِي امْرَأَتِكَ الَّتِي طَلَّقْتَ؟ فَقَالَ: طَلَّقْتُهَا وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا عِنْدَ طُهْرٍ " قَالَ: فَقُلْتُ: وَكُنْتَ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، اعْتَدَدْتَ بِالطَّلاقِ الأَوَّلِ؟ فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَإِنْ كُنْتُ أَسَأْتُ وَاسْتَحْمَقْتُ 1787 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا وَهِيَ طَاهِرٌ أَوْ حَامِلٌ " الحديث: 1784 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 1788 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ " 1789 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي حَيْضَتِهَا، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْتَجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ " فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الرَّدَّ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ عَبْدَ اللهِ هُوَ الارْتِجَاعُ لِلطَّلاقِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلا وَقَدِ احْتُسِبَتْ عَلَيْهِ بِالطَّلاقِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ وَكَانَ مَا أَرَادَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ مِنَ الْمُرَاجَعَةِ الَّتِي أَمَرَ عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ بِهَا ابْنَ عُمَرَ، لأَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْهُ كَانَ خَطَأً، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ أَنْ يَأْمُرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى يَقْطَعَ بِذَلِكَ أَسْبَابَ الْخَطَإِ ثُمَّ إِنْ آثَرَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَّقَهَا طَلاقًا صَوَابًا حَتَّى يَبِينَ مِنْهُ بِأَسْبَابِ ذَلِكَ الطَّلاقِ الصَّوَابِ وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَأْمُرُونَ مَنْ كَانَ مِنْهُ مِثْلُ هَذَا الطَّلاقِ بِالْمُرَاجَعَةِ، لِيَقْطَعَ أَسْبَابَهُ عَنْهُ، وَتَخْرُجَ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَسْبَابِ الْخَطَإِ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَّقَهَا طَلاقًا صَوَابًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُمِرَ بِالطَّلاقِ فِيهِ، وَلا يَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَلا يُجْبِرُونَهُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي ذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْذَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بِذَلِكَ وَأَمَّا مَالِكٌ فَكَانَ يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ بِذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ فِيهِ مَعْنَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ وَسَعِيدٍ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ، غَيْرَ التِّلاوَةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِيهِ الحديث: 1788 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 1790 - كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ يَعْنِي الدَّالانِيَّ، عَنْ أَبِي الْعَلاءِ الأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: " يَقُولُ أَحَدُكُمْ لامْرَأَتِهِ: قَدْ طَلَّقْتُكِ، قَدْ رَاجَعْتُكِ، لَيْسَ هَذَا بِطَلاقِ الْمُسْلِمِينَ، طَلِّقُوا الْمَرْأَةَ فِي قُبُلِ طُهْرِهَا " فَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنْ يُطَلِّقُوهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامَعْ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ فَهْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ " وَهَذَا الْمَعْنَى فَلَمْ نَجِدْهُ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ مَيْمُونٍ وَغَيْرُ حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ سَنَذْكُرُهُ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فِي قُبُلِ طُهْرِهَا "، أَيْ فِي أَوَّلِ طُهْرِهَا وَمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مِنْ تِلاوَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ " هُوَ هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ، لأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الطَّلاقُ مِنْهُمْ فِي قُبُلِ عِدَدِ النِّسَاءِ اللائِي هُنَّ أَطْهَارٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذَا مَا 1791 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ الْيَشْكُرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، قَالَ: طَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ 1792 - كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " مَنْ أَرَادَ الحديث: 1790 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 الطَّلاقَ الَّذِي هُوَ الطَّلاقُ فَلْيُطَلِّقْ عِنْدَ طُهْرٍ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ فَلْيَقُلْ: اعْتَدِّي، فَإِنْ بَدَا لَهُ رَاجَعَهَا، وَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ، وَإِلا كَانَ الثَّانِيَةَ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى "، فَكَذَلِكَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ مَا 1793 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا، ثُمَّ يَدَعَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، أَوْ يُرَاجِعَهَا إِنْ شَاءَ " وَهَذَا الَّذِي فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِّينَاهَا مِنْ أَنْوَاعِ الطَّلاقِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فِيهِ جِمَاعٌ، قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلافًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَالِمٍ، وَنَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّتِهِ فِي طَلاقِهِ امْرَأَتَهُ حَائِضًا، وَفِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بِمَا أَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ فِي ذَلِكَ، زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الآثَارِ الأُوَلِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ 1794 - كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَنَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ عَبْدُ اللهِ بْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ كَمَا أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ " الحديث: 1793 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 1795 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ سَالِمًا، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعُمَرَ: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ " 1796 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ " 1797 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، غَيْرَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ، قَالَ: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ " 1798 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصْيَبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَعُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ "، 1799 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَعُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ، الحديث: 1795 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 1800 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَزَادَ " قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا " 1801 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، وَفَهْدٌ، قَالا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَفِي هَذِهِ الآثَارِ عَنْ سَالِمٍ، وَنَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ فَفِي ذَلِكَ مَا وَكَّدَ أَنَّ الرَّدَّ الْمَذْكُورَ فِي الآثَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ الْمُرَاجَعَةُ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ وَكَّدَ وُقُوعَ الطَّلاقِ مِنَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى امْرَأَتِهِ الَّتِي كَانَ طَلَّقَهَا وَهِيَ حَائِضٌ، وَأَنَّ الْحَيْضَ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا، وَأَلا يُطَلِّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ مِنْهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى مِثْلِ الْحَالِ الَّتِي طَلَّقَ عَلَيْهَا ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ فَرَاجَعَهَا كَمَا يُؤْمَرُ بِهِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلاقًا آخَرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُطَلِّقُهَا إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا الَّتِي كَانَ طَلَّقَهَا فِيهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ تَحِيضَ بَعْدَهَا حَيْضَةً، ثُمَّ تَطْهُرَ، فَيَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُطَلِّقَهَا إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِبَادَ قَدْ نُهُوا أَنْ يُطَلِّقُوا نِسَاءَهُمْ فِي حَالِ حَيْضِهِنَّ، وَفِي حَالِ مُجَامَعَتِهِمْ إِيَّاهُنَّ، وَأُمِرُوا أَنْ يُطَلِّقُوهُنَّ طَاهِرَاتٍ مِنَ الْحَيْضِ غَيْرَ الحديث: 1800 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 مُجَامَعَاتٍ، وَكَانَ مَنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا الَّتِي جَامَعَهَا فِيهَا، وَحَتَّى تَحِيضَ بَعْدَهَا حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ مِنْهَا لِيَكُونَ بَيْنَ جِمَاعِهِ إِيَّاهَا وَبَيْنَ طَلاقِهِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُطَلِّقَهَا إِيَّاهُ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ فَالْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ إِذَا طَلَّقَهَا حَائِضًا، ثُمَّ إِنْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَلا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَ طَلاقِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا إِيَّاهُ ، وَبَيْنَ الطَّلاقِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُطَلِّقَهَا إِيَّاهُ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ وَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَ مُهَيَّئُونَ أَنْ يُوقِعُوا مِنَ الطَّلاقِ عَلَى نِسَائِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، لأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ ابْنَ عُمَرَ بِمُرَاجَعَةِ امْرَأَتِهِ الَّتِي طَلَّقَهَا حَائِضًا، وَأَلا يُطَلِّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا تِلْكَ، ثُمَّ تَحِيضَ بَعْدَهَا حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ مِنْهَا لِتَكُونَ بَيْنَ كُلِّ طَلْقَتَيْنِ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي جَمْعُ تَطْلِيقَتَيْنِ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ عَلَى امْرَأَةٍ، وَلا فِي وَقْتٍ لَا فَاصِلَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْحَيْضِ كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ ابْنَ عُمَرَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا وَهِيَ طَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ حَتَّى تَكُونَ بَيْنَ كُلِّ تَطْلِيقَتَيْنِ يُطَلِّقُهَا حَيْضَةٌ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَأَبَاحَهُ بَعْضُهُمْ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ أَمْرِهِ أَنْ يُطَلَّقَ النِّسَاءُ لِعِدَدِهِنَّ: {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} فَأَمَرَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِإِحْصَائِهَا لِيَقِفُوا بِذَلِكَ عَلَى أَوَّلِهَا، وَعَلَى الْوَقْتِ الَّذِي بِهِ تَحِلُّ الْمُعْتَدَّةُ مِنَ الْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا، وَعَلَى انْقِطَاعِ الْوَاجِبِ لَهَا كَانَ فِيهَا عَلَى مُطَلِّقِهَا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: { الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ، فَأَمَرَ عَزَّ وَجَلَّ الْمُطَلِّقِينَ بِإِسْكَانِ الْمُطَلَّقَاتِ، وَأَلا يُخْرِجُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِ بِتِلْكَ الْفَاحِشَةِ الْمُبَيِّنَةِ مَا هُوَ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مَا 1802 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ، قَالَ: " الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَنْ تَفْحُشَ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ وَتُؤْذِيَهُمْ " وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلافُ هَذَا الْمَعْنَى كَمَا 1803 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ، قَالَ: " خُرُوجُهَا مِنْ بَيْتِهَا فَاحِشَةٌ مُبَيِّنَةٌ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَعْلَمُهُ إِلا وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَنْ تَزْنِيَ فَتَخْرُجَ لِيُقَامَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُطَلَّقَاتِ لَا يخرُجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُنَّ الْفَاحِشَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ، لَمَّا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلاقًا تَامًّا، بِالنُّقْلَةِ فِي عِدَّتِهَا، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ لِبَذَاءٍ كَانَ فِيهَا وَاسْتَشْهَدُوا فِي ذَلِكَ بِالتَّأْوِيلِ الَّذِي رُوِيَ فِي هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَأْلِيفِهَا، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ وَسَنَذْكُرُ الآثَارَ الْمَذْكُورُ فِيهَا اخْتِلافُهُمْ فِي ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ الحديث: 1802 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ هُوَ الْمُرَاجَعَةُ، وَهَذَا مِنَ الْمُحْكَمِ الَّذِي لَا نَعْلَمُ فِي الْمُرَادِ بِهِ اخْتِلافًا وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} ، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ قُرْبُ بُلُوغِ الأَجَلِ، لَا حَقِيقَةُ بُلُوغِ الأَجَلِ، لأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ عِدَّتِهَا، وَمَلَكَتْ نَفْسَهَا، وَارْتَفَعَتْ عَنْهَا رَجْعَةُ زَوْجِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِمْسَاكُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الآيَةِ الأُخْرَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} فَإِذَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِمْ عَضْلُهُنَّ عَنْ نِكَاحِ الأَزْوَاجِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَبُلُوغِ الأَجَلِ، كَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى خُرُوجِهِنَّ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الأَزْوَاجِ الْمُطَلِّقِينَ وَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُلُوغِ فِي الآيَةِ الأُولَى هُوَ قُرْبُ الْبُلُوغِ الَّذِي فِي الآيَةِ الأُخْرَى، لأَنَّهُ جَعَلَ فِي الآيَةِ الأُولَى الإِمْسَاكَ، وَالْفُرْقَةَ إِلَى الأَزْوَاجِ، وَفِي الآيَةِ الأُخْرَى إِطْلاقُ النِّكَاحِ لِلْمُطَلَّقَاتِ، وَالنَّهْيُ عَنْ عَضْلِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلا بَعْدَ زَوَالِ حُقُوقِ الأَزْوَاجِ الَّتِي لَهُمْ عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} ، فَذَلِكَ قَدْ أُمِرَ بِهِ الأَزْوَاجُ الْمُطَلِّقُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: لَا تَكُونُ مُرَاجَعَةٌ إِلا بِذَلِكَ، وَلا تَكُونُ مُرَاجَعَةٌ بِغَيْرِهِ مِنْ قَوْلٍ، وَلا جِمَاعٍ، وَلا قُبْلَةٍ، وَلا مَا سِوَى ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: قَدْ تَكُونُ الْمُرَاجَعَةُ بِالإِشْهَادِ عَلَيْهَا، وَبِغَيْرِ الإِشْهَادِ عَلَيْهَا، وَبِالْجِمَاعِ، وَبِالْقُبْلَةِ لِشَهْوَةٍ، وَمِمَّا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ إِلا مِنَ الأَزْوَاجِ، وَمِمَّا يَمْنَعُ مِنْهُ الْخُرُوجُ عَنِ النِّكَاحِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، إِلا أَنَّهُمْ قَالُوا: يَنْبَغِي لِمَنْ رَاجَعَ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ارْتِجَاعِهِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 1804 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، " فِي رَجُلٍ طَلَّقَ وَلَمْ يُشْهِدْ، وَرَاجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ، قَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعَ طَلَّقَ فِي غَيْرِ عِدَّةٍ، وَرَاجَعَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ، لِيُشْهِدْ عَلَى مَا صَنَعَ "، 1805 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عُبَادَةَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ، وَالْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ، نَحْوَهُ 1806 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ، قَالَ: " أَشْهِدْ عَلَى طَلاقِكَ وَعَلَى مُرَاجَعَتِكَ، وَاسْتَغْفِرِ اللهَ " 1807 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ عِمْرَانَ، " فِيمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً، ثُمَّ وَقَعَ بِهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى طَلاقِهَا، وَلا عَلَى رَجْعَتِهَا، فَقَالَ: طَلَّقَ لِغَيْرِ عِدَّةٍ، وَرَاجَعَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، لِيُشْهِدْ عَلَى طَلاقِهِ وَعَلَى رَجْعَتِهَا، وَلا يَعُدْ " فَقَدْ دَلَّ قَوْلُ عِمْرَانَ: رَاجَعْتَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ، أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ الْجِمَاعَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ رَجْعَةً، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ مَأْمُورًا بِهِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ الطَّلاقُ الَّذِي يُوجِبُ الرَّجْعَةَ غَيْرَ مُزِيلٍ لِحُقُوقِ النِّكَاحِ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَمِنَ ارْتِجَاعِ النِّسَاءِ الْمُطَلَّقَاتِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِنَّ، وَمِنْ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ، وَرُجُوعِهِنَّ بِهِ إِلَى مَا كُنَّ عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلاقِ بِلا صَدُقَاتٍ تَجِبُ لَهُنَّ عَلَى الأَزْوَاجِ الْمُرَاجِعِينَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ فِي حُكْمِ اسْتِئْنَافِ النِّكَاحِ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ النِّكَاحَ الأَوَّلَ قَائِمٌ بَعْدَ الطَّلاقِ، غَيْرَ مُنْقَطِعٍ دُونَ الْخُرُوجِ مِنَ الْعِدَّةِ، وَكُنَّ لَوْ خَرَجْنَ مِنَ الْعِدَّةِ وَقَعَتِ الْبَيْنُونَةُ، وَزَالَ النِّكَاحُ، فَلَمْ يَعُدْنَ أَزْوَاجًا إِلا بِمَا كُنَّ بِهِ أَزْوَاجًا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِنَّ عَقْدُ الحديث: 1804 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 نِكَاحٍ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّ إِلَى الأَزْوَاجِ الْمُطَلِّقِينَ قَطْعَ تِلْكَ الْعِدَدِ حَتَّى لَا تَحْدُثُ الْبَيْنُونَاتُ فِي الطَّلاقِ وَلَمَّا كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ بِالأَقْوَالِ مَعَ الإِشْهَادِ كَانَ لَهُمْ بِالأَقْوَالِ دُونَ الإِشْهَادِ، وَبِالدَّلائِلِ عَلَى مَا يُرَادُ بِالأَقْوَالِ وَفِي الآيَةِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الإِشْهَادَ إِنَّما هُوَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ، لأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} ، أَيْ رَاجِعُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} ، أَيْ خَلُّوا عَنْهُنَّ حَتَّى يَبِنَّ مِنْكُمْ بِمَعْرُوفٍ، فَيَنْكِحْنَ مَنْ بَدَا لَهُنَّ ثَمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} ، أَيْ عَلَى مَا كَانَ مِنْكُمْ مِنْ هَذَيْنِ الْفِعْلَيْنِ وَكَانَ أَحَدُ الْفِعْلَيْنِ قَدْ يَكُونُ بِلا إِشْهَادٍ وَهُوَ التَّرْكُ حَتَّى تَكُونَ الْفُرْقَةُ، كَانَ الآخَرُ أَيْضًا كَذَلِكَ يَكُونُ بِلا إِشْهَادٍ وَهُوَ الْمُرَاجَعَةُ وَوَجَدْنَا كُلَّ إِشْهَادٍ أُمِرَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ لِمَعْنًى قَدْ تَقَدَّمَهُ، لَيْسَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِنَّمَا عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ إِلَى ذَلِكَ لِخَوْفِ عَاقِبَةٍ فِيهِ أَوْ مَا سِوَاهَا كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الدَّيْنِ: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ سُورَة الْبَقَرَة آيَة، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ وُجُوبِ الدَّيْنِ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ سُورَة الْبَقَرَة آيَة، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ التَّبَايُعِ، وَكَانَ الدَّيْنُ وَالْبَيْعُ لَوْ لَمْ يُشْهَدْ فِيهِمَا كَانَا جَائِزَيْنِ، كَانَ كَذَلِكَ الرَّجْعَةُ تَكُونُ جَائِزَةً وَإِنْ لَمْ يُشْهَدْ فِيهَا، وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَلا نَعْلَمُ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا وَقَدْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ كَمَا 1808 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَجَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: " إِذَا جَامَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ فَهِيَ رَجْعَةٌ وَيُشْهِدُ " 1809 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ النَّخَعِيِّ، قَالَ: " غَشَيَانُهُ لَهَا فِي الْعِدَّةِ مُرَاجَعَةٌ " 1810 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحديث: 1808 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 سَعِيدٌ، عَنْ مَطَرٍ، عَنِ الْحَكَمِ، وَعَطَاءٍ، مثله 1811 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ طَاوُسًا عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ وَلَمْ يُشْهِدْ، فَقَالَ: وَمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: جَهِلَ، وَيُشْهِدُ إِذَا عَلِمَ " يَعْنِي عَلِمَ بِجَهَالَتِهِ فَهَذَا طَاوُسٌ قَدْ أَمَرَ بِالإِشْهَادِ عَلَى الطَّلاقِ، وَكَمَا أَمَرَ بِالإِشْهَادِ عَلَى الرَّجْعَةِ، لَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَمِمَّا لَا يَكُونُ مُطَلِّقًا إِلا بِهِ 1812 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، سَمِعَ مَطَرًا، يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالا: " غَشَيَانُهُ لَهَا فِي الْعِدَّةِ مُرَاجَعَةٌ " فَقَدْ قَالَ بِهَذَا مِنَ التَّابِعِينَ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ التَّابِعِينَ فِي هَذِهِ الآثَارِ، وَلا نَعْلَمُ لِلْمُخَالِفِ لِهَذَا الْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ إِمَامًا كَأَحَدٍ مِنْ هَؤُلاءِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللهَ فَيُطَلِّقُ كَمَا أَمَرَهُ يَكُنْ لَهُ مَخْرَجًا بِالرَّجْعَةِ الَّتِي قَدْ جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا 1813 - قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَحُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ رَجُلا، قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مِائَةً؟ فَقَالَ: " أَغْضَبْتَ رَبَّكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ، لَمْ تَتَّقِ اللهَ فَيَجْعَلْ لَكَ مَخْرَجًا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ " 1814 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنَّ عَمِّي طَلَّقَ الحديث: 1811 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 امْرَأَتَهُ ثَلاثًا فَقَالَ " إِنَّ عَمَّكَ عَصَى اللهَ فَآثَمَهُ، وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا " وَفِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} فَأَمَّا اللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ فَمِنَ النِّسَاءِ الْقَوَاعِدِ اللائِي قَدْ خَرَجْنَ عَنِ الْمَحِيضِ فَصِرْنَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، وَيَئِسْنَ مِنْهُ، وَلا يَكُونُ مُوئِسًا مِنْ شَيْءٍ مَنْ يَرْجُوهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ، وَارْتِفَاعُ الرَّجَاءِ فِيهِ وَأَمَّا الارْتِيَابُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الآيَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ مَا هُوَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا مِمَّا لَا يُدْرَى مَا رَفَعَهُ عَنْهَا، أَنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ تَحِضِ اعْتَدَّتْ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْهُنَّ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ، وَحَلَّتْ لِلأَزْوَاجِ، وَجَعَلُوا ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ عَنْهَا هَذِهِ التِّسْعَةَ الأَشْهُرَ، هِيَ الرِّيبَةُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعِدَّةَ فِيهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ، كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي تَرْفَعُهَا حَيْضَتُهَا حِينَ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا، أَنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ تَحِضِ اعْتَدَّتْ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ اسْتَقْبَلَتِ الْحَيْضَ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتِ الثَّانِيَةَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الثَّلاثَةَ الأَشْهُرَ، اسْتَقْبَلَتِ الْحَيْضَ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتِ الثَّالِثَةَ كَانَتْ قَدِ اسْتَكْمَلَتْ عِدَّةَ الْحَيْضِ، وَإِنْ لَمْ تَحِضِ اسْتَكْمَلَتِ الثَّلاثَةَ الأَشْهُرَ، ثُمَّ حَلَّتْ، وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الرَّجْعَةَ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ إِلا أَنْ يَكُونَ بَتَّ طَلاقَهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ مَا يدل على هَذَا الْمَذْهَب 1815 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ الحديث: 1815 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنِ اسْتَبَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ وَإِلا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ الأَشْهُرِ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ حَلَّتْ " 1816 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " أَيُّمَا امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنِ اسْتَبَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ وَإِلا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ الأَشْهُرِ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ حَلَّتْ " فَقُلْتُ لِيَحْيَى: أَتَحْتَسِبُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِمَا خَلا مِنْ حَيْضَتِهَا؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنَّهَا تَأْتَنِفُ السَّنَةَ حِينَ يَرْقَى الْحَيْضُ 1817 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: " سُئِلَ قَتَادَةُ عَنِ امْرَأَةٍ حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ فِي شَهْرَيْنِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا فَلَمْ تَحِضْ سَنَةً، قَالَ: زَعَمَ عِكْرِمَةُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ: قَالَ: تِلْكَ الرِّيبَةُ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الارْتِيَابُ إِنَّمَا هُوَ ارْتِيَابُ الْمُخَاطَبِينَ فِي الْعِدَّةِ لِلآيِسَةِ الْمُطَلَّقَةِ مَا هِيَ، ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهَا ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُمْ: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} ، أَيْ إِنْ شَكَكْتُمْ فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِنَّ مِنَ الْعِدَدِ، إِذْ كُنَّ لَا يَحِضْنَ، مَا هُوَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ قَدْ يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ، وَأَحَاطَتْ عِلْمًا أَنَّهَا مِمَّنْ لَا يَكُونُ مِنْهُ حَيْضٌ وَلا حَمْلٌ، أَنَّهُ لَمْ تُرْفَعْ عَنْهَا تِلْكَ الْعِدَّةُ، وَأَنَّ الْعِدَّةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرِّيبَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الآيَةِ لَيْسَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ فِي حَمْلٍ يَكُونُ بِهَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ غَيْرُهُمْ، لأَنَّهُ لَوْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ لِرِيبَتِهَا فِي نَفْسِهَا فِي حَمْلِ بَطْنِهَا، لَكَانَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَحْمَلُ، وَمِمَّنْ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهَا تِسْعُونَ سَنَةً، أَوْ مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْ، تَسْقُطُ عَنْهَا الْعِدَّةُ فَفِي إِثْبَاتِهِمْ إِيَّاهَا عَلَيْهَا وَنُزُولِ الحديث: 1816 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 الْقُرْآنِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرِّيبَةَ الَّتِي هِيَ فِي هَذِهِ الآيَةِ إِنَّمَا هِيَ مِنَ الْمُخَاطَبِينَ فِي شَكِّهِمْ فِي نَفْسِ الْعِدَّةِ مِمَّنْ لَا حَيْضَ لَهَا مَا هِيَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيُّ وَفِي الآيَةِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، لأَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ قَالَ: إِنِ ارْتَبْتُمْ سُورَة الْمَائِدَة آيَة، وَلَمْ يَقُلْ: ارْتَبْتُنَّ وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذَاهِبَهُمْ فِي هَذَا خِلافُ الْمَذْهَبِ الأَوَّلِ الَّذِي عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ 1818 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَابْنُ سَمْعَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُمَا " أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: حَبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ كَانَتْ عِنْدَهُ هِنْدُ ابْنَةُ رَبِيعَةَ وَامْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَطَلَّقَ الأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ ابْنَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ، فَمَكَثَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ لَا تَحِيضُ، يَمْنَعُهَا الرَّضَاعُ أَنْ تَحِيضَ، ثُمَّ مَرِضَ حَبَّانُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ امْرَأَتَكَ تَرِثُكَ إِنْ مِتَّ، فَقَالَ لأَهْلِهِ: احْمِلُونِي إِلَى عُثْمَانَ فَحَمَلُوهُ إِلَيْهِ، فَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ امْرَأَتِهُ، وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ، فَقَالَ لَهُمَا عُثْمَانُ: مَاذَا تَرَيَان؟ فَقَالا: نَرَى أَنَّهَا تَرِثُهُ إِنْ مَاتَ، وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقَوَاعِدِ اللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ، وَلَيْسَتْ مِنَ الأَبْكَارِ اللائِي لَمْ يَحِضْنَ، فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى حَيْضِهَا مَا كَانَتْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهَا أَنْ تَحِيضَ إِلا الرَّضَاعُ فَرَجَعَ حَبَّانُ إِلَى أَهْلِهِ فَانْتَزَعَ ابْنَهُ مِنْهَا، فَلَمَّا فَقَدَتِ الرَّضَاعُ حَاضَتْ حَيْضَةً، ثُمَّ حَاضَتْ أُخْرَى فِي الْهِلالِ، ثُمَّ اشْتَدَّ بِحَبَّانَ وَجَعُهُ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ حِبَّانُ عَلَى رَأْسِ السَّنَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَاخْتَصَمَتِ الْمَرْأَتَانِ إِلَى عُثْمَانَ، فَشَرَكَ بَيْنَهُمَا فِي الْمِيرَاثِ، وَأَمَرَ الأَنْصَارِيَّةَ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْهَاشِمِيَّةِ: هَذَا رَأْيُ ابْنِ عَمِّكِ، يَعْنِي عَلِيًّا، هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا " الحديث: 1818 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 فَقَالَ قَائِلٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّهُ مَاتَ عَلَى رَأْسِ السَّنَةِ أَوِ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحَقِيقَةُ فِي ذَلِكَ مَوْتُهُ قَرِيبًا مِنَ السَّنَةِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ لَهَا الْمِيرَاثَ، إِذْ كَانَتْ لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الْعِدَّةِ، لأَنَّهَا إِنَّمَا تَخْرُجُ مِنْهَا لِتَمَامِ السَّنَةِ قِيلَ لَهُ: فَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ بِتَحْقِيقِ مُضُيِّ السَّنَةِ بِغَيْرِ شَكٍّ كَمَا شَكَّ ابْنُ شِهَابٍ 1819 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ عِنْدَ جَدِّهِ حَبَّانَ امْرَأَتَانِ: هَاشِمِيَّةٌ، وَأَنْصَارِيَّةٌ، فَطَلَّقَ الأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ، فَمَرَّتْ بِهِ سَنَةٌ، ثُمَّ هَلَكَ وَلَمْ تَحِضْ، فَقَالَتْ: أَنَا أَرِثُهُ وَلَمْ أَحِضْ فَاخْتَصَمَتَا إِلَى عُثْمَانَ، فَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ، فَلامَتِ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهَا: هَذَا عَمَلُ ابْنِ عَمِّكِ، هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا "، يَعْنِي عَلِيًّا فَفِي هَذَا قَوْلُ عُثْمَانَ وَزَيْدٍ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ، أَنَّ عَلِيًّا وَزَيْدًا قَالا لِعُثْمَانَ: " إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقَوَاعِدِ اللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ، وَلَيْسَتْ مِنَ الأَبْكَارِ اللائِي لَمْ يَحِضْنَ، فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى حَيْضِهَا مَا كَانَتْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ " فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الرِّيبَةَ الَّتِي فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُمَا ارْتِيَابُ الْمَرْأَةِ بِنَفْسِهَا، وَلَكِنَّهَا ارْتِيَابُ الشَّاكِّينَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا، وَأَنَّهَا لَا تَكُونُ مُوئِسًا حَتَّى تَكُونَ مِنَ الْقَوَاعِدِ اللائِي لَا يُرْجَى مِنْهُنَّ الْحَيْضُ، وَتَابَعَهُمَا عُثْمَانُ عَلَى ذَلِكَ فَقَضَى بِهِ وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 1820 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَدَّثَنِي عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَةً تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ مَكَثَتْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَوَرَّثَهُ عَبْدُ اللهِ مِنْهَا، وَقَالَ: " حَبَسَ اللهُ مِيرَاثَهَا "، 1821 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ الحديث: 1819 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مِثْلَهُ إِلا أَنَّهُ قَالَ: سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَلَمْ يَشُكَّ فَهَذَا عَبْدُ اللهِ لَمْ يَجْعَلْهَا بِمُضِيِّ السَّنَةِ خَارِجَةً مِنَ الْعِدَّةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ كَانَ الأَوْلَى بِنَا فِيهِ حَمْلُ الآيَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَأَلا يُلْحَقَ بِظَاهِرِهَا مَا لَا يَقُومُ لَنَا بِهِ الْحُجَّةُ أَنَّهُ فِي بَاطِنِهَا وَكَانَ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا، قَدْ وَقَّتُوا الإِياسَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ مَنْصُوصًا فِي كِتَابٍ، وَلا سُنَّةٍ، وَلا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، فَبَطَلَ وُجُوبُ قَبُولِ ذَلِكَ وَلَمَّا بَطَلَ وُجُوبُ قَبُولِ ذَلِكَ ثَبَتَ الْقَوْلُ الآخَرُ الَّذِي لَا تَوْقِيتَ فِيهِ، وَلا خُرُوجَ فِيهِ عَنِ الآيَةِ فِي ذَلِكَ، وَلا دَعْوَى مَعَ أَهْلِهِ لِنَاظِرٍ فِيهَا، لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ تُوجِبُ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، مَاذَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا مِنْ وَفَاتِهِ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إِلا بِآخِرِ الأَجَلَيْنِ مِنْ وَضْعِ حَمْلِهَا، أَوْ مُضُيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ عَلَيْهَا وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ 1822 - كَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلاسٍ، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: " تَعْتَدُّ الْحَامِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا آخِرَ الأَجَلَيْنِ " 1823 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ الْحَسَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعْقِلٍ، يَقُولُ: " شَاهَدْتُ عَلِيًّا يُسْأَلُ عَنِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَقَالَ: تَعْتَدُّ آخِرَ الأَجَلَيْنِ " فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِيَّ يَقُولُ: لِتَبْتَغِي بِنَفْسِهَا، فَقَالَ: إِنَّ فَرُّوجًا لَا تَعْلَمُ الحديث: 1822 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 شَيْئًا فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا مَسْعُودٍ، فَقَالَ: بَلَى، إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّ الآخَرَ فَالآخَرُ سِرٌّ " 1824 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: " الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَنْتَظِرُ آخِرَ الأَجَلَيْنِ "، يَعْنِي إِذَا كَانَتْ حَامِلا وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا: عِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ قَدْ حَلَّتْ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ فَأَمَّا مَا رَوَوْهُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ فَقَدْ دَخَلَ فِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا الآخَرُونَ فَإِنَّ: 1825 - يُونُسُ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ سَالِمًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَجُلا، يَقُولُ لأَبِي، سَمِعْتُ أَبَاكَ، يَقُولُ: " إِذَا وَضَعَتِ الْحَامِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ذَا بَطْنِهَا، وَزَوْجُهَا عَلَى السَّرِيرِ، فَقَدْ حَلَّتْ " 1826 - حَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا وَضَعَتْ فَقَدْ حَلَّتْ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: " إِذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَزَوْجُهَا عَلَى السَّرِيرِ قَبْلَ أَنْ يَدَلَّى فِي حَفْرَتِهِ فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا " 1827 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " إِنْ وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِيَوْمٍ فَقَدْ حَلَّتْ " الحديث: 1824 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 فَهَذَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَسَنَذْكُرُ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا فِي بَقِيَّةِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ، غَيْرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ خِلافٌ لِهَذَا الْقَوْلِ وَمُوَافَقَةٌ لِمَذْهَبِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا هَذَا الاخْتِلافَ وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا: 1828 - يُونُسُ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ، فَيَسْأَلُهَا عَنْ حَدِيثِهَا، وَعَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَبْدِ اللهِ: " أَنْ سُبَيْعَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَمْكُثْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهَا: مَالِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً، لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ النِّكَاحَ؟ إِنَّكِ وَاللهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِي أَنِي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إِنْ بَدَا لِي " 1829 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي السَّنَابِلِ بْنِ بَعْكَكٍ، أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِثَلاثٍ وَعِشْرِينَ أَوْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَتَشَوَّفَتْ لِلنِّكَاحِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنْ تَفْعَلْ فَقَدْ خَلا أَجَلُهَا "، 1830 - الحديث: 1828 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 1830 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي السَّنَابِلِ، مِثْلَهُ 1831 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، " أَنَّ سُبَيْعَةَ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَوَلَدَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِيَسِيرٍ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَنْكِحَ " 1832 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سُبَيْعَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ، وَكَانَ زَوْجُهَا سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ تُوُفِّيَ عَنْهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَتْ: فَلَمَّا مَضَى شَهْرَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَضَعْتُ، فَخَطَبَنِي أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَتَهَيَّأْتُ لِنِكَاحِهِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ حَمْوِي، وَقَدْ كَانَ يُرِيدُنِي، فَقَالَ: مَا لَكِ يَا سُبَيْعَةُ قَدْ تَهَيَّأْتِ لِلنِّكَاحِ؟ قَالَتْ: قُلْتُ، أَجَلْ قَالَ: كَلا وَاللهِ إِنَّهُ لآخِرُ الأَجَلَيْنِ فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " نَعَمْ، تَزَوَّجِي "، 1833 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَعِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الأَجَلَيْنِ قَالَ قُلْتُ: قَدْ حَلَّتْ قَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي أَقُولُ كَمَا قَالَ الحديث: 1830 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلِمَ فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: هَذِهِ سُبَيْعَةُ حَيَّةٌ لَمْ تَمُتْ، تُخْبِرُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِالتَّزْوِيجِ وَهِيَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ: فَبَعَثَ مَوْلًى لَهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا سَمِعْتُ بِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ مَوْلاهُ مِنْ عِنْدِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنْ: نَعَمْ، قَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْتِي حِينَ أَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ 1834 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: " تُوُفِّيَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ، فَوَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَيَّامٍ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَتَزَوَّجَ " 1835 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: اخْتَلَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا وَضَعَتْ، فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: كُرَيْبٌ، إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ " إِنَّ سُبَيْعَةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ " 1836 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " عِدَّةُ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا آخِرُ الأَجَلَيْنِ إِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَرْسَلَنَا إِلَى سُبَيْعَةَ فَأَخْبَرَتْنَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَهَا إِذَا وَضَعَتْ أَنْ تَنْكِحَ " 1837 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الحديث: 1834 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ، فَخَطَبَهَا رَجُلانِ أَحَدُهُمَا كَهْلٌ وَالآخَرُ شَابٌّ، فَخَطَّبْ إِلَى الشَّابِّ، وَقَالَ الْكَهْلُ: لَمْ تَحْلِلْ، وَكَانَ أَهْلُهَا غُيَّبًا، وَرَجَا إِذَا جَاءَ أَهْلُهَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " قَدْ حَلَلْتِ، انْكِحِي مَنْ شِئْتِ "، 1838 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ الطُّفَيْلِ، تَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذِهِ الْحُجَّةُ قَدْ قَامَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُمَا وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَجْهٌ آخَرُ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ 1839 - كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: " جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عُظْمٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، فَذُكِرَ حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: وَلَكِنَّ عَمَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَجَرِيءٌ أَنْ أَكْذُبَ عَنْ رَجُلٍ فِي جَانِبِ الْكُوفَةِ، وَرَفَعْتُ صَوْتِي، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ، ومَالِكَ بْنَ عَوْفٍ، فَقُلْتُ: كَيْفَ كَانَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ؟ قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ، وَلا تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ؟ أَنَزَلَتْ سُورَةُ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى؟ " 1840 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ، وَعُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ حِينِ تُطَلَّقُ، وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ حَيْثُ يُتَوَفَّى، وَمَنْ شَاءَ قَاسَمْتُهُ، الحديث: 1838 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 أَوْ كَمَا قَالَ، أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى أُنْزِلَتْ بَعْدَ الْبَقَرَةِ " 1841 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " مَنْ شَاءَ حَالَفْتُهُ أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى أُنْزِلَتْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} " 1842 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شُبْرُمَةَ الْكُوفِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " مَنْ شَاءَ لاعَنْتُهُ، مَا نَزَلَتْ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، إِلا بَعْدَ آيَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، إِذَا وَضَعَتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَقَدْ حَلَّتْ " يُرِيدُ بِآيَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} ، الآيَةَ وَكَانَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، قَدْ أَتَى عَلَى كُلِّ مُعْتَدَّةٍ حَامِلٍ، فَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَرَدْنَا أَنْ نَسْتَخْرِجَ الْحُكْمَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُبَيْعَةَ كَافِيًا مِنْ ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي لَيْسَ بِحَامِلٍ، وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ، تَعْتَدُّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ كَمَا قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ سُورَة الْبَقَرَة آيَة، الآيَةَ وَرَأَيْنَاهَا إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ الحديث: 1841 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 اعْتَدَّتْ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ سُورَة الطَّلَاق آيَة وَرَأَيْنَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلا اعْتَدَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا سُورَة الْبَقَرَة آيَة وَرَأَيْنَاهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلا فَمَضَتْ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَلَمْ تَضَعْ، فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ سُورَة الطَّلَاق آيَة قَدْ نَسَخَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا سُورَة الْبَقَرَة آيَة، الْحَوَامِلَ وَدَلَّ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْحَامِلَ، لَا مَعْنًى لِمُرُورِ الأَيَّامِ عَلَيْهَا، وَأَنَّ الْمُرَاعَى بِهِ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا، أَوْ فَرَاغُ رَحِمُهَا بِوَضْعِ حَمْلِهَا كَهِيَ لَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ مِمَّنْ قَالَ: تَابَعَهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَعَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ خَلا مَنْ ذَكَرْنَا مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ خِلافُ ذَلِكَ، وَخِلافُ مَنْ تَابَعَهُمْ مِمَّنْ تَأَخَّرَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ سُورَة الطَّلَاق آيَة، إِلَى قَوْلِهِ: يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ سُورَة الطَّلَاق آيَة قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ سُورَة الطَّلَاق آيَة، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ الْمُعْتَدَّاتِ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي أَيِّ الْمُطَلَّقَاتِ الْمُعْتَدَّاتِ هُنَّ، فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: هُنَّ جَمِيعُ الْمُطَلَّقَاتِ، وَسَوَّوْا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الطَّلاقِ الْبَائِنِ وَغَيْرِ الْبَائِنِ وَمِمَّنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُنَّ الْمُعْتَدَّاتُ مِنَ الطَّلاقِ الَّذِي يُمْلَكُ فِيهِ الرَّجْعَةُ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَلَى خِلافٍ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ 1843 - كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، وَحُصَيْنٍ، وَأَشْعَثَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالٍد، وَدَاوُدَ، وَسَيَّاٍر، وَمُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: " طَلَّقَنِي زَوْجِيَ الْبَتَّةَ فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ، فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى، وَلا نَفَقَةً، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ " وَقَالَ مُجَالِدٌ فِي حَدِيثِهِ: يَا بِنْتَ قَيْسٍ، إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ عَلَى مَنْ كَانَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ 1844 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا ثَلاثًا، فَأَمَرَ لَهَا بِنَفَقَةٍ فَاسْتَقَلَّتْهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ نَحْوَ الْيَمَنِ، فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ طَلَّقَ فُلانَةً ثَلاثًا، فَهَلْ لَهَا نَفَقَةٌ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ وَلا مَسْكَنٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَأْتِيهَا الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ، فَانْتَقِلِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّكِ إِذَا وَضَعْتِ خِمَارَكِ لَمْ يَرَكِ "، 1845 - الحديث: 1843 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 1845 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1846 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ عَلَى ابْنَةِ قَيْسٍ، فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا طَلاقًا بَائِنًا، وَأَمَرَ أَبَا حَفْصٍ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا بِنَفَقَتِهَا خَمْسَةَ أَوْسَاقٍ، " فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي، وَلَمْ يَجْعَلْ لِيَ السُّكْنَى، وَلا النَّفَقَةَ فَقَالَ: صَدَقَ، اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ " ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلٌ يُغْشَى فَاعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ فُلانٍ "، 1847 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ 1848 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ صُخَيْرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَكَانَ زَوْجُهَا طَلَّقَهَا ثَلاثًا، فَقَالَتْ: " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلا نَفَقَةً " 1849 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ عَنْ طَلاقِ جَدِّهِ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ، فَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ: طَلَّقَهَا الثَّلاثَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ، فَوَكَّلَ بِهَا عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عَيَّاشٌ بِبَعْضِ النَّفَقَةِ، فَسَخِطَتْهَا، فَقَالَ لَهَا عَيَّاشٌ: مَا لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ وَلا سُكْنَى، وَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلِيهِ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا قَالَ، فَقَالَ لَهَا: " انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى، فَهُوَ أَقَلُّ وَأَطْيَبُ، وَأَنْتِ تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ "، الحديث: 1845 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 فَانْتَقَلَتْ إِلَيْهِ حَتَّى حَلَّتْ 1850 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، مِثْلَ ذَلِكَ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو أُمَيَّةَ عَنِ الْمُعَلَّى، عَنْ لَيْثٍ وَأَمَّا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فَرَوَاهُ عَنِ اللَّيْثِ بِزِيَادَةٍ 1851 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ، عَنْ طَلاقِ جَدِّهِ أَبِي عَمْرٍو فَاطِمَةَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ: طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ، وَوَكَّلَ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عَيَّاشٌ بِبَعْضِ النَّفَقَةِ، فَسَخِطَتْهَا، فَقَالَ لَهَا عَيَّاشٌ: مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ نَفَقَةٍ وَلا مَسْكَنٍ، فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلِيهِ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ وَلا مَسْكَنٌ، وَلَكِنْ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، فَاخْرُجِي عَنْهُمْ " فَقَالَتْ: أَخْرُجُ إِلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ؟ فَقَالَ لَهَا: " إِنَّ بَيْتَهَا يُوطَأُ، انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى فَهُوَ أَقَلُّ "، 1852 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، نَفْسِهَا، مِثْلَ حَدِيثِ اللَّيْثِ، عَنِ أَبِي الزُّبَيْرِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَهَكَذَا رَوَى اللَّيْثُ حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ وَأَمَّا مَالِكٌ فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ كَمَا الحديث: 1850 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 1853 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللهِ، مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ، وَاعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ " فَكَانَ الَّذِي فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا هُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ "، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ مَسْكَنٍ، غَيْرَ أَنَّ فِيهِ أَنَّ فَاطِمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ وَكِيلِ زَوْجِهَا: " مَالَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ "، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهَا، بَلْ أَمَرَهَا بِالاعْتِدَادِ فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَفِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَ أُرِيدَ مِنْهَا الانْتِقَالُ، فَأَطْلَقَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَأَمَرَهَا بِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَهَا حَقًّا إِذًا لَمَا أَخْرَجَهَا عَنْ حَقِّهَا، وَلا نَقَلَهَا عَنْ غَيْرِ وُجُوبِ النُّقْلَةِ عَلَيْهَا، فَقَدْ عَادَ بِذَلِكَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ إِلَى مَعْنَى حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ اللَّيْثِ عَنْهُ أَكْثَرَ أَلْفَاظًا وَأَبْيَنَ شَرْحًا وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ هَذَا عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، فَجَاءَ بِهِ كَنَحْوِ مَا جَاءَ بِهِ مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ 1854 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّ زَوْجَهَا الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا، وَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا نَفَقَةَ لَكِ، انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ تَكُونِينَ عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ " فَالْكَلامُ فِي هَذَا كَالْكَلامِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ مُحَمَّدُ بْنُ الحديث: 1853 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، كَنَحْوِ مَا رَوَاهُ عِمْرَانُ، وَكَنَحْوِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ 1855 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ، أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَهْلِهِ تَبْتَغِي النَّفَقَةَ، فَقَالُوا: لَيْسَ لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لَيْسَتْ لَكِ عَلَيْهِمْ نَفَقَةٌ، وَعَلَيْكِ الْعِدَّةُ، فَانْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ "، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَدْخُلُ عَلَيْهَا أَخْوَالُهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ " فَالْكَلامُ فِي هَذَا كَالْكَلامِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، سَوَاءً 1856 - كَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ حَدَّثَتْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ حَدِيثَ يُونُسَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ سَوَاءً وَقَدْ وَافَقَ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ فِي ذِكْرِ نَفْيِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ كَذَلِكَ 1857 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ، أَنَّهَا اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا نَفَقَةَ لَكِ عِنْدَهُ وَلا سُكْنَى "، وَكَانَ يَأْتِيهَا أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: " اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ أَعْمَى " الحديث: 1855 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 فَقَدْ صَارَ نَفْيُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْحَارِثِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ مِنْ لَفْظِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، أَوْلَى أَنْ يُضَافَ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ، لِمُوَافَقَتِهِ عَلَى ذَلِكَ غَيْرَهُ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ فَاطِمَةَ، وَبِزِيَادَتِهِ مَنْ زَادَهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، مِمَّنْ لَوِ انْفَرَدَ بِرِوَايَتِهِ لَكَانَ فِيهَا حُجَّةٌ وَقَدْ وَافَقَ أَبَا سَلَمَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ هَذَا، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، فَرَوَاهُ عَنْ فَاطِمَةَ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ فِي أَحَادِيثَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْحَارِثِ، وَابْنِ أَبِي الْجَهْمِ وَقَدْ رَوَى عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ حَدِيثَهَا هَذَا، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ 1858 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ، " أَنَّ فَاطِمَةَ، أَخْبَرَتْهُ، وَكَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلاثًا، وَخَرَجَ إِلَى بَعْضِ الْمَغَازِي، وَأَمَرَ وَكِيلا لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا بَعْضَ النَّفَقَةِ فَاسْتَقَلَّتْهَا، فَانْطَلَقَتْ إِلَى إِحْدَى نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ عِنْدَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ فَاطِمَةُ طَلَّقَهَا فُلانٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِبَعْضِ النَّفَقَةِ فَرَدَّتْهَا، وَزَعَمَ أَنَّهُ شَيْءٌ يَطُولُ قَالَ: صَدَقَ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ أَعْمَى فَانْتَقَلَتْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَاعْتَدَّتْ عِنْدَهُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا " فَالْكَلامُ فِي هَذَا كَالْكَلامِ فِيمَا فِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، فَخَالَفَ ابْنَ جُرَيْجٍ فِي إِسْنَادِهِ وَفِي أَلْفَاظِهِ 1859 - كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ، " الحديث: 1858 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَةً " وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ فَاطِمَةَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بِالْمَعْنَى الَّذِي رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ فَاطِمَةَ، وَبِالْمَعْنَى الَّذِي رَوَاهُ عَلَيْهِ أَبُو سَلَمَةَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ نَفْيِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى عَنْ مُطَلِّقِهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1860 - كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعيب بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ غُلامٌ شَابٌّ فِي إِمَارَةِ مَرْوَانَ، ابْنَةَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَأُمُّهَا حَرْمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ، الْبَتَّةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا خَالَتُهَا فَاطِمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ، فَأَمَرَتْهَا بِالانْتِفَالِ مِنْ بَيْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَسَمِعَ بِذَلِكَ مَرْوَانُ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنَةِ سَعِيدٍ يَأْمُرُهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مَسْكَنِهَا، وَيَسْأَلُهَا مَا حَمَلَهَا عَلَى الانْتِقَالِ قَبْلَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي مَسْكَنِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُخْبِرُهُ أَنَّ خَالَتَهَا فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ أَفْتَتْهَا بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَتْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ أَفْتَاهَا بِالانْتِقَالِ حِينَ طَلَّقَهَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصٍ فَأَرْسَلَ مَرْوَانُ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ إِلَى فَاطِمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَتْ فَاطِمَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ، فَلَمَّا أَمَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الْيَمَنِ خَرَجَ مَعَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا تَطْلِيقَةً، وَهِيَ بَقيَّةُ طَلاقِهَا، فَأَمَرَ لَهَا الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِنَفَقَتِهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْحَارِثِ وَعَيَّاشٍ تَسْأَلُهُمَا النَّفَقَةَ الَّتِي أَمَرَ لَهَا زَوْجُهَا، فَقَالا: لَا وَاللهِ مَا لَهَا عَلَيْنَا مِنْ نَفَقَةٍ إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا، وَمَا لَهَا أَنْ تَسْكُنَ فِي مَسْكَنِنَا إِلا بِإِذْنِنَا قَالَتْ فَاطِمَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَصَدَّقَهُمَا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَأَيْنَ أَنْتَقِلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " انْتَقِلِي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ "، وَهُوَ الأَعْمَى الَّذِي سَمَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ قَالَتْ فَاطِمَةُ: فَانْتَقَلْتُ عِنْدَهُ، وَكَانَ رَجُلا قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ، وَكُنْتُ أَضَعُ ثِيَابِي عِنْدَهُ حَتَّى أَنْكَحَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا ذُكِرَ، بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ الحديث: 1860 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 فَأْنَكَرَ عَلَيْهَا مَرْوَانُ، وَقَالَ لَهَا: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} قَالَتْ فَاطِمَةُ: بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الْقُرْآنُ، إِنَّمَا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يُبَتَّ طَلاقُهَا، وَإِنَّمَا أَمْضَتِ السُّنَّةُ بِتَرْكِ النَّفَقَةِ لِمَنْ لَمْ يَبِتَّ طَلاقَهُ، وَكُنْتُمْ أَنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَبْتُوتَةِ نَفَقَةٌ إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا، وَيُنْكَرُ عَلَيْهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إِذَا أُبِتَّ طَلاقُهَا، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ} ، إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ؟ قَالَ: مُرَاجَعَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} ، وَإِنَّمَا هَذَا لِمَنْ لَمْ يَبِتَّ طَلاقَهُ، فَأَمَّا مَنْ بَتَّ طَلاقَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ لِزَوْجِهَا فَقَالَ مَرْوَانُ: لَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَحَدٍ قَبْلَكَ، وَسَآخُذُ بِالْقَضِيَّةِ الَّتِي وَجَدْتُ النَّاسَ عَلَيْهَا، 1861 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً 1862 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رَحَّالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 1861 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَصْدِيقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَارِثَ وَعَيَّاشًا فِي قَوْلِهِمَا لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: " مَا لَهَا عَلَيْنَا مِنْ نَفَقَةٍ إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا، وَمَا لَهَا أَنْ تَسْكُنَ فِي مَسْكَنِنَا إِلا بِإِذْنِنَا " فَقَدْ وَافَقَ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَنْ فَاطِمَةَ مَنْ رَوَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: " لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلا سُكْنَى " وَفِيهِ احْتِجَاجُ فَاطِمَةَ عَلَى مَنْ أَلْزَمَهَا خِلافَ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا بِمَا احْتَجَّتْ بِهِ عَلَيْهِ فِيهِ مِمَّا قَدْ ذَكْرَنَاهُ عَنْهَا فِيهِ، وَإِخْبَارُهَا إِيَّاهُمْ أَنَّ الَّذِي فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ السُّكْنَى الْمَأْمُورِ بِهِ إِنَّما أُرِيدَ بِهِ الْمُطَلَّقَاتُ اللائِي عَلَيْهِنَّ الْمُرَاجَعَاتُ لِمَنْ قَدْ طَلَّقَهُنَّ، لَا لِمَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ اللائِي لَا رَجْعَةَ عَلَيْهِنَّ لِمَنْ طَلَّقَهُنَّ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِلَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ جَمِيعًا، مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مِمَّا: 1863 - حَدَّثَنَا بِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، وَنَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالا: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلاقًا بَاتًّا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلا سُكْنَى " قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ النَّخَعِيَّ، فَقَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأُخْبِرَ بِذَلِكَ: لَسْنَا بِتَارِكِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَعَلَّهَا أَوْهَمَتْ، سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهَا: السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ 1864 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَذَا الْخَبَرُ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ قِيلَ لَهُ: وَمَا يَدْفَعُ انْقِطَاعَهُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً إِنْ كَانَ مِنْ شَأْنِ إِبْرَاهِيمَ أَلا يَقْطَعَ إِلا مَا حَدَّثَهُ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَزِمَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عِنْدَهُ كَمَا رُوِيَ لَنَا عَنْهُ مِمَّا: 1865 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، الحديث: 1863 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ: إِذَا حَدَّثْتَنِي فَأَسْنِدْ فَقَالَ: إِذَا قُلْتُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ، فَلَمْ أَقُلْ ذلَكَ حَتَّى حَدَّثَنِيهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَإِذَا قُلْتُ: حَدَّثَنِي فُلانٌ، عَنْ فُلانٍ، فَهُوَ الَّذِي حَدَّثَنِي فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ إِبْرَاهِيمَ كَانَ فِيمَا ذَكَرَهُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ، كَمَا كَانَ مَذْهَبُهُ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ كَذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ مَا: 1866 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلاثًا، سُكْنَى وَلا نَفَقَةً " فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: قَدْ رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ فَهَذَا مِثْلُ مَا رَوَى حَمَّادٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ غَيْرَ ذِكْرِ عُمَرَ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ، مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلا أَنَّ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى حَدِيثِ حَمَّادٍ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَة هَذَا: " وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا " وَلا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا وَمَا حَكَتْهُ فَاطِمَةُ عِنْدَهُ مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللهِ مِنْ قَوْلِهِمَا مَا 1867 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولانِ: " الْمُطَلَّقَةُ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ " وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَذْكُرُ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ وَلا سُكْنَى " 1868 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الأَسْوَدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعَبْدَ اللهِ الحديث: 1866 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 بْنَ مَسْعُودٍ، " قَالا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا: لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ " فَهَذَا عُمَرُ وَعَبْدُ اللهِ قَدْ جَعَلا لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ بَعْدَ عِلْمِ عُمَرَ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَوُقُوفِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَوْلُ بِهِ، وَمُخَالَفَتِهِ إِيَّاهُ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَإِعْلامِهِ أَنَّ فِيمَا رَوَتْ فَاطِمَةُ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلافًا لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي هَذِهِ الآثَارِ الأُوَلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُتَّصِلِ الإِسْنَادِ 1869 - كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ فِي الْمَسْجِدِ الأَعْظَمِ، وَمَعَنَا الشَّعْبِيُّ، فَذَكَرُوا الْمُطَلَّقَةَ ثَلاثًا، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: " لَا سُكْنَى لَكِ وَلا نَفَقَةَ " قَالَ: فَرَمَى الأَسْوَدُ بِحَصَاةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَيْلَكَ تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، قَدْ رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: لَسْنَا بِتَارِكِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي مَا لَعَلَّهَا تُحَدِّثُ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} ، الآيَةَ وَقَدْ أَنْكَرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ هَذَا غَيْرُ عُمَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَنْكَرَهُ عُمَرُ، مِنْهُمْ: أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَكَانَ إِذَا ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا رَمَاهَا بِمَا كَانَ فِي يَدِهِ 1870 - كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ لَهَا: " اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ " الحديث: 1869 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ يَقُولُ: كَانَ أُسَامَةُ إِذَا ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا رَمَاهَا بِمَا كَانَ فِي يَدِهِ فَهَذَا أُسَامَةُ قَدْ كَانَ يَبْلُغُ بِهِ إِنْكَارُهُ عَلَى فَاطِمَةَ رِوَايَتَهَا هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ يَرْمِيَهَا بِمَا يَكُونُ فِي يَدِهِ، وَفِي هَذَا إِنْكَارُهُ عَلَيْهَا وَمُعَاقَبَتُهُ لَهَا بِرَمْيِهِ إِيَّاهَا بمَا كَانَ يَرْمِيهَا مِمَّا يَكُونُ فِي يَدِهِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِهَا إِلا عَنْ وُقُوفٍ مِنْهُ أَنَّ مَا رَوَتْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي خَبْرِ فَاطِمَةَ 1871 - مَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الأَوَّلِ الأَحْوَلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: ذُكِرَ لِعَائِشَةَ أَمْرُ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: " إِنَّمَا أَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ لِسُوءِ خُلُقِهَا " 1872 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، يَذْكُرَانِ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ، فَأَنْقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ " أَنِ اتَّقِ اللهَ، وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا " فَقَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ غَلَبَنِي، وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ: أَمَا بَلَغَكِ شَأْنُ حَدِيثِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: " لَا يَضُرُّكَ أَلا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ " فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ كَانَ بِكِ الشَّرُّ فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ 1873 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: " مَا لِفَاطِمَةَ خَيْرٌ فِي أَنْ تَذْكُرَ هَذَا الْحَدِيثَ، يَعْنِي قَوْلَهَا: لَا نَفَقَةَ وَلا سُكْنَى " الحديث: 1871 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 فَهَذِهِ عَائِشَةُ قَدْ أَخْبَرَتْ أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي بِهِ انْتَخَبَ فَاطِمَةَ الانْتِقَالَ فِي عِدَّتِهَا هُوَ سُوءُ خُلُقِهَا، وَفِي قَوْلِ عَائِشَةَ لِمَرْوَانَ: " لَا يَضُرُّكَ أَلا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ "، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ فَاطِمَةَ عِنْدَهَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ مُسْتَعْمَلَةٍ فِي سَائِرِ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ سِوَاهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِفَاطِمَةَ لأَمْرٍ خَاصٍّ فِيهَا وَهُوَ سُوءُ خُلُقِهَا، وَعَلَى أَنَّ سِوَى مَنْ طُلِّقَ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ كَانَ عِنْدَ الْمُبَيَّنَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ فِي الآيَةِ الْمَمْنُوعِ فِيهَا مِنْ إِخْرَاجِ الْمُطَلَّقَاتِ مِنْ بُيُوتِهِنَّ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ سُورَة الطَّلَاق آيَة، كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَذْهَبُ فِي أَنَّهَا الْبَذَاءُ مِنَ الْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ عَلَى الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ لَهَا 1874 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ سُورَة الطَّلَاق آيَة، قَالَ: " الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَنْ تَفْحُشَ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ وَتُؤْذِيَهُمْ " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي شَأْنِهَا هَذَا الْمَعْنَى 1875 - كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلاثًا؟ فَقَالَ: فِي بَيْتِهَا فَقُلْتُ: أَلْيَسَ قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؟ فَقَالَ: " تِلْكَ امْرَأَةٌ أَفْتَنَتِ النَّاسَ، وَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَ رَجُلا مَكْفُوفَ الْبَصَرِ " الحديث: 1874 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوْ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي ذَلِكَ مَا: 1876 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ فَاطِمَةَ، أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ "، فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهَا مَا كَانَتْ تُحَدِّثُ بِهِ مِنْ خُرُوجِهَا قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ فَهَذَا أَبُو سَلَمَةَ أَوِ الزُّهْرِيُّ يُخْبِرُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَنْكَرُوا عَلَى فَاطِمَةَ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلا إِخْبَارًا عَنِ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ حُجَّةٌ، وَيَجِبُ بِإِنْكَارِهِمْ عَلَيْهَا مَا رَوَتْ مِنْ ذَلِكَ تَرْكُهُ وَالأَخْذُ بِغَيْرِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْهَا فِي هَذَا أَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ كَانَ بِالْخُرُوجِ لِمَعْنًى لَا يَكُونُ لِغَيْرِهَا مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ مِمَّنْ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى 1877 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ، فَقُلْتُ: إِنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِكَ طُلِّقَتْ، فَمَرَّتْ عَلَيْنَا آنِفًا وَهِيَ تَنْتَقِلُ، فَعِبْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَمَرَتْنَا فَاطِمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ وَأَخْبَرَتْنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ مَرْوَانُ: أَجَلْ هِيَ أَمَرَتْهُمْ بِذَلِكَ قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلْتُ: أَمْ وَاللهِ لَقَدْ عَابَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ أَشَدَّ الْعَيْبِ، وَقَالَتْ: إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ، فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ نَفْسِهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ أَمَرَهَا بِالنُّقْلَةِ لِمَعْنًى خَافَهُ عَلَيْهَا مِنْ زَوْجِهَا الحديث: 1876 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 1878 - كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبَانٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الزَّمنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي، وَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْتَحِمَ عَلَيَّ، فَقَالَ: " انْتَقِلِي عَنْهُ " 1879 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، " أَنَّ فَاطِمَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلاثًا، أَخَافُ أَنْ يَقْتَحِمَ عَلَيَّ، فَأَمَرَهَا بِالتَّحْوِيلِ " فَهَذَا حَدِيثُ فَاطِمَةَ الَّذِي رَوَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَضَائِهِ عَلَيْهَا " أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلا سُكْنَى " فِي عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ لَهَا الطَّلاقَ الْبَاتَّ الَّذِي ذَكَرْنَا، لَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ عَنْهَا مِنْ وَجْهٍ إِلا وَقَدْ دَخَلَ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَنْكَرُهُ عَلَيْهَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا، فَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِلَّةٍ كَانَتْ فِيهَا خَاصَّةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى خَوْفِهِ عَلَيْهَا الْوَهْمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ لِخَوْفِهِ عَلْيَهَا الْكَذِبَ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهَا، وَلا الْمُنْكِرِينَ لِحَدِيثِهَا هَذَا، قَبِلَهُ، وَلا عَمِلَ بِهِ، وَلا حَمَلَ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَلا أَفْتَاهُمْ بِهِ غَيْرَ شَيْءٍ ذُكِرَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ 1880 - كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا: لَا نَفَقَةَ لَهُمَا، وَتَعْتَدَّانِ حَيْثُ شَاءَتَا " وَقَدْ رُوِّينَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، الحديث: 1878 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَةً حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلاثًا " فَصَارَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إِنَّمَا يَدُورُ علَى الْحَجَّاجِ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ الإِسْنَادِ فِيمَا أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ سَمَاعًا مَا لَا خَفَاءَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْمَعْنَى فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ لِمَا رَوَتْ فَاطِمَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّتِهَا الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَنَّهُ لَيَسْ فِيمَا رَوَتْ مِنْ ذَلِكَ خِلافٌ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِحُجَّةِ فَاطِمَةَ الَّتِي احْتَجَّتْ بِهَا فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قِيلَ لَهُ: أَمَّا مَا ذَكَرَتْ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الْقُرْآنَ إِنَّما نَزَلَ فِيمَنْ لَمْ يُبَتُّ طَلاقُهَا، لَا فِيمَنْ بَتَّ طَلاقَهُ، لأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ اللَّاتِي عَلَيْهِنَّ الرَّجْعَةُ لِمَنْ طَلَّقَهُنَّ، فَإِنَّ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الآيَةَ عَلَى النِّسَاءِ جَمِيعًا الْمَدْخُولِ بِهِنَّ ذَوَاتِ الْعِدَدِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ إِلَى قَوْلِهِ: لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ، فَأَمَرَ عَزَّ وَجَّلَ بِطَلاقِهِنَّ لِلْعِدَّةِ، وَعَطَفَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِنَّ عَلَى الْعِدَّةِ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلْقَتَيْنِ لِلْعِدَّةِ، إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الأُخْرَى، كَانَ لَهَا عَلَيْهِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، لَا اخْتِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ جَميعًا، وَكَانَتِ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا لِمُطَلِّقِهَا، ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا الثَّالِثَةَ الَّتِي لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَهَا، كَانَ طَلاقُهُ إِيَّاهَا لِلْعِدَّةِ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ، عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ فِي طَلاقِهِ إِيَّاهَا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ التَّطْلِيقَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، فَإِذَا لَمْ تَخْرُجِ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ أَنْ تُوقَعَ لِلْعِدَّةِ فِي طُهْرٍ لَا مَمَاسَّةَ فِيهِ، وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ لِلتَّطْلِيقَةِ الثَّالِثَةِ مِثْلَ مَا تَعْتَدُّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ التَّطْلِيقَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الشُّهُورِ أَوِ الْحَيْضِ عَلَى مَا بَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَفِيمَا سِوَاهَا مِنَ الْقُرْآنِ، لَمْ تَخْرُجْ هَذِهِ التَّطْلِيقَةُ أَيْضًا مِمَّا كَانَ لَهَا مِنَ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ كَمَا لَمْ تَخْرُجْ مِمَّا كَانَ عَلَيْهَا، وَلَهَا سَائِرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 أَحْكَامِ الْمُطَلَّقَاتِ الطَّلاقَ الْمَمْلُوكَ فِيهِ الرَّجْعَةُ عَلَيْهِنَّ، وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُطَلَّقَاتِ جَمِيعًا ذَوَاتِ الْعِدَدِ مُرَادَاتٌ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ غَيْرَ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الْمُرَاجَعَةَ لِمَنْ عَلَيْهِ الْمُرَاجَعَةُ مِنْهُنَّ، لَا لِمَنْ سِوَاهُنَّ مِمَّنْ لَا رَجْعَةَ عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ الْمُطَلَّقَاتِ وَلَمَّا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ حُجَّةً لِمَا ذَكَرْنَا يَجِبُ الأَخْذُ بِهَا وَحَمْلُ سَائِرَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمُعْتَدَّاتِ عَلَيْهَا، رَجَعْنَا إِلَى أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَاهُمْ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ: فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلا سُكْنَى، وَتَحْتَجُّ لِمَا تَقُولُ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ ثَبَتَ انْتِفَاءُ مَا فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ مِنْ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِهَذَا الْمَعْنَى وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَكَثِيرٌ مِنْ أْهَلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ، وَيَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ آرَائِهِمَا، وَمَا رَوَاهُ عُمَرُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَهَا السُّكْنَى وَلا نَفَقَةَ لَهَا إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا، فَتَكُونُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، وَيَحْتَجُّونَ فِي إِيجَابِهِمُ السُّكْنَى بِمَا يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ، وَهَذَا عَلَى الْعُمُومِ، وَيَحْتَجُّونَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، فَذَهَبُوا هَذَا الْمَذْهَبَ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، بِقَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي هَذَا وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا ذَكَرَهُ لَنَا الرَّبِيعُ عَنْهُ هَذَا وَإِنَّ أَصْلَ حَدِيثِ فَاطِمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا يَرْجِعُ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ غَيْرِ الْحَوَامِلِ، أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُنَّ فِي عِدَدِهِنَّ عَلَى مَنْ طَلَّقَهُنَّ، وَأَنَّ لَهُنَّ السُّكْنَى عَلَيْهِمْ إِلَى انْقِضَاءِ عِدَدِهِنَّ، وَقَالَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ فِي حَدِيثِهَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، يَعْنِي حَدِيثَ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ: " لَا نَفَقَةَ لَكِ " أَيْ لأَنَّكِ غَيْرُ حَامِلٍ، وَانْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ لِبَذَائِكِ الَّذِي صِرْتِ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَاحِشَةِ الَّتِي أَبَاحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا إِخْرَاجَ الْمُطَلَّقَاتِ اللاتِي يَكُونُ فِيهِنَّ قَالَ: وَإِنَّمَا جَاءَ تَخْلِيطُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ فَاطِمَةَ بِمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ لأَنَّهُ رَوَى عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: " لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلا سُكْنَى " وَأَمَّا مَا رَوَى عَنْهَا الْحِجَازِيُّونَ أَصْحَابُنَا فَمُوَافِقٌ لِقَوْلِنَا، وَغَيْرُ خَارِجٍ عَنْ مَذْهَبِنَا الَّذِي ذَكَرْنَا، يَعْنِي أَنَّ لَهَا السُّكْنَى، وَلا نَفَقَةَ قَالَ أَحْمَدُ: وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْلِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ كَمَا ذُكِرَ، وَلا كَانَ أَصْلُ حَدِيثِ فَاطِمَةَ إِلا كَمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْهَا لإِتْقَانِهِ، وَلِضَبْطِهِ، وَلِفَضْلِ حِفْظِهِ، وَلِتَقَدُّمِهِ فِي الْعِلْمِ، وَلِعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ فِيهِ، وَلأَنَّهُ قَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، مِنْهُمْ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَقَبِيصَةُ، وَابْنُ أَبِي الْجَهْمِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو سَلَمَةَ فَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ لأَنَّ مَالِكًا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَرْوِ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ إِلا كَمَا سَقَطَ إِلَيْهِ وَكَمَا ذَكْرَنَاهُ عَنْهُ رَوَاهُ عَنْ عْبَدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كَمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ فَاطِمَةَ سَوَاءً وَوَافَقَهُ عَلى ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ مَعَ جَلالَتِهِ وَعِلْمِهِ، وَفَضْلِ حِفْظِهِ، وَإِتْقَانِهِ، وَعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ حَتَّى لَقَدْ قَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ فِيهِ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ، يَقُولُ: مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، فَقَدَّمَهُ عَلَى النَّاسِ جَمِيعًا وَوَافَقُ يَحْيَى عَلَى ذَلِكَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ خَالُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ صَحِيحُ الرِّوَايَةِ، فَرَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مِثْلَ الَّذِي رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 فَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ إِبْطَالِ النَّفَقَةِ عَلَى فَاطِمَةَ لأَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ ذَاتِ حَمْلٍ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ تَأْوِيلٌ تَأَوَّلَهُ فِي حَدِيثِهَا، وَلَمْ يَجِدْهُ مَنْصُوصًا وَقَدْ تَأَوَّلَهُ غَيْرُهُ عَلَى غَيْرِ مَا تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ، فَتَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهَا إِنَّمَا مُنِعَتِ النَّفَقَةَ بِالْبَذَاءِ الَّذِي كَانَ فِيهَا الْوَاجِبِ بِهِ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ مِنْ مَنْزِلِهَا، فَصَارَ ذَلِكَ الْخُرُوجُ الَّذِي لَزِمَهَا بِالْفِعْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهَا نُشُوزًا، فَحُرِمَتِ النَّفَقَةَ بِذَلِكَ النُّشُوزِ كَمَا يَقُولُ فِي الْمُطَلَّقَةِ الْمُسْتَحِقَّةِ لِلنَّفَقَةِ إِذَا نَشَزَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا، لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةٌ مَا كَانَتْ كَذَلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ أَوْلَى مِنَ الآخَرِ بِهِ ثُمَّ عُدْنَا إِلَى النَّفَقَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ الْحَوَامِلِ اللائِي لَا رَجْعَةَ عَلَيْهِنَّ لِمَنْ طَلَّقَهُنَّ، فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: قَصْدُهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ} بِالإِنْفَاقِ عَلَيْهِنَّ إِذْ كُنَّ كَذَلِكَ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُنَّ إِذَا لَمْ تَكُنَّ كَذَلِكَ فَلا نَفَقَةَ لَهُنَّ قِيلَ لَهُمْ: قَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ غَيْرَ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ مِنْهُ وَتَأَوَّلْتُمُوهُ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الإِخْبَارَ بِأَنَّ النَّفَقَةَ تَنْقَطِعُ عَنْهُنَّ عِنْدَ وَضْعِهِنَّ حَمْلَهُنَّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، فَيَكُونُ إِنَّمَا قَصَدَ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ إِلَى الإِخْبَارِ عَنِ النِّهَايَةِ الَّتِي تَتَنَاهَى إِلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْحَوَامِلِ الْمُطَلَّقَاتِ، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِالنِّهَايَةِ الَّتِي بِهَا يَكُونُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مِنَ الْحَوَامِلِ، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} ، أَيْ فَإِذَا بَلَغَ أَجَلَهُ جَازَ عَزْمُ عُقْدَةِ النِّكَاحِ وَلَنْ تَخْلُوَ الْحَامِلُ الْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الإِنْفَاقُ عَلَيْهَا لِلْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا مِنَ الطَّلاقِ، أَوْ أَنَّ الإِنْفَاقَ عَلْيَهَا مَقْصُودٌ بِهِ إِلَى الْوَلَدِ الَّذِي فِي بَطْنِهَا مِنْ مُطَلِّقِهَا، لأَنَّهُ لَا يُوصَلُ إِلَى مَا يُغَذَّى بِهِ إِلا بِمَا تُغَذِّيهِ أُمُّهُ الْحَامِلُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا فَكُلُّ مُطَلَّقَةٍ فِي عِدَّةٍ فَلَهَا مِثْلُ مَا لِهَذِهِ الْمُعْتَدَّةِ حَامِلا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ وَإِنْ كَانَتِ النَّفَقَةُ إِنَّمَا هِيَ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا يُدْفَعُ إِلَى أُمِّهِ غِذَاءُ الصَّبِيِّ، إِذْ كَانَ لَا يُوَصَّلُ إِلَى تَغْذِيَتِهِ إِلا بِذَلِكَ، فَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْوَلَدِ الصَّغِيرِ الْمَوْلُودِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ، وَأَنَّ أَبَاهُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ لَا مَالَ لَهُ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَوْمَئِذٍ يُغْنِيهِ عَنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهُ عَلَى أَبِيهِ، رَجَعَ أَبُوهُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ، وَأَخَذَهُ مِنْ مَالِهِ وَرَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى هَذِهِ الْحَوَامِلِ، وَأَنَّهُ إِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ بِحَمْلِهَا مَالٌ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَوْجَبَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ فِيهِ عَلَى أَبِيهِ بِمَوْتِ أَخٍ لأُمِّهِ تَرَكَ مَالا، فَوَرِثَ مِنْهُ مَا صَارَ بِهِ غَنِيًّا، أَنَّ أَبَاهُ لَا يَرْجِعُ فِي مَالِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالنَّفَقَةِ إِلَيْهِ فِيمَا ذَكَرْنَا، هِيَ الأُمُّ الْمُطَلَّقَةُ الْمُعْتَدَّةُ، لَا حَمْلُهَا، لأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَمْلُ الْمَقْصُودَ إِلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ لَكَانَ لِلْمُنْفِقِ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الْحَمْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ لَا مَالَ لَهُ، ثُمَّ قَدْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالا فَإِذَا انْتَفَى أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ مَرْجُوعًا بِهَا عَلَى الْحَمْلِ فِيمَا ذَكَرْنَا، انْتَفَى أَنْ تَكُونَ تِلْكَ النَّفَقَةُ كَانَتْ عَلَى الْحَمْلِ، وَثَبَتَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى أُمِّهِ الْمُطَلَّقَةِ الْمُعْتَدَّةِ، وَلَمَّا ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ كُلُّ مُطَلَّقَةٍ مُعْتَدَّةٍ ذَاتِ حَمْلٍ، أَوْ غَيْرِ ذَاتِ حَمْلٍ فَثَبَتَ بِذَلِكَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّاتِ الْمُطَلَّقَاتِ، حَوَامِلَ كُنَّ أَوْ غَيْرَ حَوَامِلَ، بَوَائِنَ أَوْ غَيْرَ بَوَائِنَ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ: 1881 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: " الْمُطَلَّقَةُ ثَلاثًا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ " وَقَدْ بَيَّنَا فِي هَذَا الْبَابِ اخْتِلافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ غَيْرِ الْحَوَامِلِ، وَاتِّفَاقَهُمْ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ الْحَوَامِلِ وَاحْتَجْنَا إِلَى أَنْ نَذْكُرَ بِعَقِبِ ذَلِكَ أَحْكَامَ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ مِنَ الْحَوَامِلِ، هَلْ لَهُنَّ نَفَقَةٌ فِي أَمْوَالِ أَزْوَاجِهِنَّ الْمُتَوَفَّيْنَ عَنْهُنَّ أَمْ لَا؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ تَابِعِيهِمْ وَمن بعد تابعيهم مِمَّنْ يُضَافُ إِلَيْهِ الْفُتْيَا، الحديث: 1881 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 مُخْتَلِفِينَ فِي ذَلِكَ فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَهُنَّ النَّفَقَةُ فِي أَمْوَالِ أَزْوَاجِهِنَّ الْمُتَوَفَّيْنَ عَنْهُنَّ إِلَى أَنْ يَضَعْنَ أَحْمَالَهُنَّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ 1882 - كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأْشَعَثُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا " 1883 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، " فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ: لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ " وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْ تَابِعِيهِمْ شُرَيْحٌ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَخِلاسُ بْنُ عَمْرٍو، وَالشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ 1884 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَشُرَيْحٍ، وَخِلاسٍ، أَنهم قَالُوا فِي هَذَا: " نَفَقَتُهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ " 1885 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا " 1886 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ الحديث: 1882 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَفَقَتُهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ " وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَا نَفَقَةَ لَهُنَّ فِي أَمْوَالِ أَزْوَاجِهِنَّ الْمُتَوَفَّيْنَ عَنْهُنَّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَجَابِرٌ 1887 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِنْطِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ عَنِ امْرَأَتِهِ حَامِلا، قَالَ: نَفَقَتُهَا مِنْ نَصِيبِهَا "، 1888 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي ذَكْوَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ هَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي ذَكْوَانَ 1889 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْحَامِلِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَأَنْفَقَتْ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ نَصِيبِهَا " وَقَضَى بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ 1890 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِذَا مَاتَ عَنِ الْمَرْأَةِ زَوْجُهَا وَهِيَ حُبْلَى أَوْ غَيْرُ حُبْلَى فَنَفَقَتُهَا مِنْ نَصِيبِهَا " 1891 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، قَالَ: لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ، إِنَّمَا النَّفَقَةُ الحديث: 1887 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 لِلْمُطَلَّقَةِ مِنْ زَوْجِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ " 1892 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: " لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا نَفَقَةٌ، حَسْبُهَا الْمِيرَاثُ " 1893 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، " فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ عَنِ امْرَأَتِهِ حَامِلا، قَالَ: نَفَقَتُهَا مِنْ نَصِيبِهَا " وَمِمَّنْ قَالَ بذلك من تَابعهمْ ابْن الْمسيب، وَالْحسن، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح 1894 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ فِي هَذَا: " إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَقَعَ الْمِيرَاثُ مَوَاقِعَهُ " 1895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، قَالا: " نَفَقَتُهَا مِنْ نَصِيبِهَا " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا الْمُطَلَّقَةَ الْمَبْتُوتَةَ الْحَامِلَ الَّتِي تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ، الإِنْفَاقُ عَلَى زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ إِلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِلا اخْتِلافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، قَدْ بَيَّنَا فِيمَا تَقَّدَمَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ النَّفَقَةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ لَهَا لِنَفْسِهَا، لَا لِمَنْ هِيَ حَامِلٌ بِهِ مِنْ زَوْجِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا مِنَ الْكَلامِ فِي ذَلِكَ مَا يُغْنِينَا عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَلَمَّا كَانَتِ النَّفَقَةُ إِنَّما تَجِبُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ الْمُعْتَدَّةِ لاعْتِدَادِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ لَهَا، وَكَانَتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهَا حَمْلٌ، لَا نَفَقَةَ لَهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ، الحديث: 1892 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 وَجَبَ أَلا تَكُونَ لَهَا نَفَقَةٌ إِذَا كَانَتْ حَامِلا إِذْ كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ لَهَا، لَا لِمَنْ هِيَ حَامِلٌ بِهِ عَلَى مَا بَيَّنَا فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ وَهَكَذَا كَانَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ سِوَاهُمْ مِنَ الطَّبَقَةِ الَّتِي بَعْدَ التَّابِعِينَ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْبَابِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} الآيَةِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} فَكَانَ ظَاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُطَلَّقَاتِ مِمَّنْ قَدْ دُخِلَ بِهِنَّ، وَمِمَّنْ لَمْ يُدْخَلْ بِهِنَّ، قَدْ فُرِضَ لَهُنَّ صَدَاقٌ، وَمِمَّنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهُنَّ صَدَاقٌ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرَوَوْا مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ 1896 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَمُوسَى بْنُ أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ: " لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ " 1897 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ " الحديث: 1896 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 1898 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، " {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} ، قَالَ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ " 1899 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ حَتَّى الْمُخْتَلِعَةِ " وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إِلا الَّتِي تُطَلَّقُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ فُرِضَ لَهَا صَدَاقٌ، فَلَهَا نِصْفُ ذَلِكَ الصَّدَاقِ، وَلا مُتْعَةَ لَهَا وَرَوَوْا مَا ذَهَبُوا إِلْيَهِ مِنْ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالنَّخَعِيِّ 1900 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إِلا الَّتِي تُطَلَّقُ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا صَدَاقٌ، فَحَسْبُهَا نِصْفُ صَدَاقِ مَا فُرِضَ لَهَا " 1901 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إِلا أَنْ تُطَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يُدْخَلَ بِهَا، وَقَدْ فُرِضَ لَهَا، فَلا مُتْعَةَ لَهَا إِلا نِصْفُ الصَّدَاقِ " 1902 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ: " لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ إِلا الَّتِي طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ " الحديث: 1898 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 1903 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدثنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي ذَلِكَ كَذَلِكَ 1904 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ شُرَيْحٍ، " قَالَ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا: إِنَّ لَهَا فِي النِّصْفِ مَتَاعًا " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ الْمَفْرُوضِ لَهَا صَدَاقٌ، أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ مِمَّنْ لَهُ الْمَتَاعُ بِالآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الأَحْزَابِ، وَهِيَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، قَوْلُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا إِلَى قَوْلِهِ جَمِيلا} وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ سَعِيدٍ عَلَى أَزْوَاجِهِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ قَالَ: ثُمَّ نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمَ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ مِمَّنْ قَدْ فَرَضَ لَهَا صَدَاقَهُ بِالآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} 1905 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: كَانَ لِلْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا فِي سُورَةِ الأَحْزَابِ الْمَتَاعُ، فَنَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ، فَصَارَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلا مَتَاعَ لَهَا " فَصَارَ مَذْهَبُهُ فِي تَأْوِيلِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا كَمَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ فِي وُجُوبِ الْمَتَع لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ إِلا الَّتِي طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ سُمِّيَ لَهَا صَدَاقٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ، وَهِيَ: 1906 - مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ الحديث: 1903 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: " لَيْسَ مِنَ النِّسَاءِ شَيْءٌ إِلا وَلَهَا مُتْعَةٌ، إِلا الْمُلاعِنَةَ، وَالْمُخْتَلِعَةَ، وَالَّتِي تُطَلَّقُ وَلَمْ تُمَسَّ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا، فَحَسْبُهَا فَرِيضَتُهَا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ إِلَى إِخْرَاجِ هَؤُلاءِ الْمَذْكُورَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أْهَلِ الْمُتْعَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ، وَهِيَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى لِلْمُخْتَلِعَةِ مُتْعَةً عَلَى زَوْجِهَا الْمُخَالِعُ لَهَا 1907 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: الْمُخْتَلِعَةُ لَيْسَ لَهَا مُتْعَةٌ، كَيْفَ تُمَتِّعُهَا وَأَنْتَ تَأْخُذُ مَالَهَا؟ " فَعَادَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ بِهَذَا وَبِمَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ وَالْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ الْمَفْرُوضَ لَهَا الصَّدَاقُ، لَا مُتْعَةَ لَهُمَا، وَلِمَنْ سِوَاهُمَا مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمُتْعَةُ 1908 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: " مَا نَعْلَمُ لِلْمُخْتَلِعَةِ مُتْعَةً " 1909 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْحَارِثِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ بُكَيْرًا، يَقُولُ: " أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَلا يَرَوْنَ لِلْمُخْتَلِعَةِ مُتْعَةً " وَهَذَا الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ فِي الْمُتْعَةِ، لَمْ يُرْوَ فِيهِ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ يَجِبُ ذَلِكَ لِمَنْ ذَكَرُوهُ لَهُ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ وُجُوبًا يُحْكَمُ بِهِ لَهُنَّ عَلَى الْمُطَلِّقِينَ، وَلا أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ بِهِ لَهُنَّ اخْتِيَارًا، لَا حَتْمًا عَلَى الْمُطَلِّقِينَ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ مَذْكُورًا بِعَقِبِهِ التُّقَى وَالإِحْسَانُ، عَلَى أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ كَانُوا مُتَّقِينَ، مُحْسِنِينَ، مُتَبَرِّعِينَ بِهَا، لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ كَوُجُوبِ الأَصْدِقَةِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ فِيهِ 1910 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى شُرَيْحٍ تُخَاصِمُ رَجُلا فِي الْمُتْعَةِ، وَكَانَ طَلَّقَهَا، فَقَرَأَ شُرَيْحٌ: {مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} فَقَالَ لَهُ: مَتِّعْهَا "، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا الحديث: 1907 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 1911 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، وَيُونُسُ، وَهِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّ امْرَأَةً خَاصَمَتْ زَوْجَهَا إِلَى شُرَيْحٍ فِي الْمُتْعَةِ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: " لَا تَأْبَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، لَا تَأْبَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ "، وَلَمْ يُجْبِرْهُ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُؤَكِّدُ أَمْرَ الْمُتْعَةِ عَلَى الْمُطَلِّقِينَ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ: " لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ وَلا سُكْنَى، وَلَكِنْ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ " فَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ وَلا سُكْنَى، وَلَكِنْ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ " ، دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمَتَاعِ لَهَا، وَأَنَّهُ بِضِدِّ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ السَّاقِطَيْنِ عَنْهُ قِيلَ لَهُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْكُمْ لَهَا بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ لَهَا بِطَرِيقِ الْفُتْيَا، لأَنَّ فِيهِ أَنَّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ لَهَا: " مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ نَفَقَةٍ، وَلا مِنْ سُكْنَى، وَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلِيهِ " وَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فُتْيَا جَوَابًا لِسُؤَالِهَا وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فَكَانُوا يَجْعَلُونَ لِلْمُطَلَّقَاتِ جَمِيعًا الْمُتْعَةَ اخْتِيَارًا، لَا وُجُوبًا يَحْكُمُونَ بِهِ غَيْرَ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقٌ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُوجِبُونَ لَهَا الْمُتْعَةَ، وَيَحْكُمُونَ بِهَا لَهَا عَلَى مُطَلِّقِهَا وَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللهُ فَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: " سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ الْمَرْأَةَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا، أَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمُتْعَةِ؟ فَقَالَ: لَا يُقْضَى بِهَا، إِنَّما قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} ، فَذَلِكَ مِمَّا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَمِمَّا يُؤْمَرُ بِهِ، فَأَمَّا أَنْ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ فَلا " قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ " فِي الْمُخْتَلِعَةِ وَالْمُلاعِنَةِ وَالْمُبَارِئَةِ: لَيْسَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَتَاعٌ " الحديث: 1911 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَذَكَرَ لَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمُتْعَةُ لِلْمُطَلَّقَاتِ، وَالْمُتْعَةُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ طَلَّقَ، وَلِكُلِّ زَوْجَةٍ، إِذَا كَانَ الْفِرَاقُ مِنْ قِبَلِهِ، أَوْ يُتِمَّ بِهِ مِثْلُ أَنْ يُطَلِّقَ، أَوْ يُخَالِعَ، أَوْ يُمَلِّكَ، وَإِذَا كَانَ الْفِرَاقُ مِنْ قِبَلِهَا فَلا مُتْعَةَ لَهَا وَلا مَهْرَ، لأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُطَلَّقَةٍ، وَلَكِنْ إِذَا كَانَتْ أَمَةً فَبَاعَهَا سَيِّدُهَا مِنْ زَوْجِهَا فَهُوَ أَفْسَدَ النِّكَاحَ بِابْتِيَاعِهِ إِيَّاهَا وَأَمَّا الْمُلاعِنَةُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْهُ وَمِنْهَا، وَلأَنَّهُ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، فَهِيَ كَالْمُطَلَّقَةِ وَأَمَّا امْرَأَةُ الْعِنِّينِ فَلَوْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ، فَلَهَا عِنْدِيَ الْمُتْعَةُ، وَاللهُ أَعْلَمُ قَالَ الْمُزَنِيُّ: هَذَا عِنْدِي غَلَطٌ، وَقِيَاسُ قَوْلِهِ: أَنْ لَا مُتْعَةَ لَهَا، لأَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ قِبَلِهَا دُونَهُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي الْمُتْعَةِ هَذَا الاخْتِلافَ، وَلَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ قَطُّ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهَا قَوْلا، إِلا مَا قَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَمْ نَجِدْهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِهَا، وَإِلْزَامِ الزَّوْجِ إِيَّاهَا فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَأْمُرُونَهُ بِهَا فِيهَا، وَلَمْ يَكُنْ إِيجَابُهَا عَلَى الزَّوْجِ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ، وَلَمْ نَجِدْهَا وَاجِبَةً فِي كِتَابِ اللهِ، وَلا سُنَّةٍ، وَلا إِجْمَاعًا، وَلَمْ نَجِدْ لَهَا مَثَلا نَعْطِفُهَا عَلَيْهِ وَنَرُدُّهَا إِلَيْهِ، وَلَمْ نَرُدَّهَا إِلَى الأَصْدِقَةِ إِذْ كَانَتِ الأَصْدِقَةُ أَضْدَادًا لَهَا مِنْ ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ عَلَى صَدَاقٍ مُسَمَّى، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَجَبَ لَهَا نِصْفُ ذَلِكَ الصَّدَاقِ وَرَأَيْنَاهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَاقُ كُلُّهُ، وَكَانَتِ الْفُرْقَةُ بِالْمَوْتِ أَوْكَدَ حَالا فِي إِيجَابِ الأَصْدِقَةِ لِلزَّوْجَاتِ، وَرَأَيْنَا أَهْلَ الأَقْوَالِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا فِي الْمَنْعِ يَقُولُونَ: إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ فَالْمُتْعَةُ غَيْرُ مَحْكُومٍ بِهَا فِي مَالِهِ فَكَانَتِ الْمُتْعَةُ تَسْقُطُ بِإِجْمَاعِهِمْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الصَّدَاقُ بِإِجْمَاعِهِمْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّها ضِدُّ الصَّدَاقِ، لَا مِثْلُ وَلَمَّا كَانَتْ كَذَلِكَ كَانَ الأَوْلَى بِنَا أَلا نَجْعَلَ شَيْئًا عَلَى أَحَدٍ وَاجِبًا مَحْكُومًا بِهِ عَلَيْهِ حَتَّى نَعْلَمَ وُجُوبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنْ لَا مُتْعَةَ وَاجِبَةً عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ طَلاقٍ قَبْلَهُ دُخُولٌ، أَوْ لَا دُخُولَ قَبْلَهُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِيمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ} ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الأَقْرَاءِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الآيَةِ مَا هِيَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هِيَ الأَطْهَارُ الَّتِي تَكُونُ مِنَ الْحَيْضِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عُمَرَ عَلَى اخْتِلافٍ رُوِيَ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَعَنْ عَائِشَةَ مِمَّا لَا نَعْلَمُ عَنْهَا فِي ذَلِكَ اخْتِلافًا 1912 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: " إِذَا طُلِّقَتِ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ " 1913 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: " قَضَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الْمُطَلَّقَةِ إِذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّهَا قَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ 1914 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّهَا انْتَقَلَتْ حَفْصَةَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ، فَقَالَتْ: صَدَقَ عُرْوَةُ، قَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ النَّاسُ، وَقَالُوا: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ} فَقَالَتْ لَهُمْ عَائِشَةُ: " أَتَدْرُونَ مَا الأَقْرَاءُ؟ إِنَّمَا الأَقْرَاءُ الأَطْهَارُ " الحديث: 1912 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 1915 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ، وَبَرِئَ مِنْهَا، وَلا تَرِثُهُ، وَلا يَرِثُهَا " هَكَذَا حَدَّثَنَا يُونُسُ فِي مُوَطَّإِ مَالِكٍ، وَأَمَّا مَا حَدَّثَنَا فِي مُوَطَّإِ ابْنِ وَهْبٍ: 1916 - فَحَدَّثَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ نَافِعًا، أَخْبَرَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مِثْلَهُ سَوَاءً 1917 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى زَيْدٍ يَسْأَلُهُ، وَكَتَبَ: " أَنَّهَا إِذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ " قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُهُ 1918 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا إِلا وَهُوَ يَقُولُ هَذَا، يُرِيدُ الَّذِي قَالَتْ عَائِشَةُ يَعْنِي: " الأَقْرَاءُ: الأَطْهَارُ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الأَقْرَاءُ: الْحِيَضُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي مُوسَى، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ 1919 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، الحديث: 1915 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، " أَنَّ رَجُلا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَحَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ، فَلَمَّا حَاضَتِ الثَّالِثَةَ وَدَخَلَتِ الْمُغْتَسَلَ أَتَاهَا زَوْجُهَا، فَقَالَ: قَدِ ارْتَجَعْتُكِ، قَدِ ارْتَجَعْتُكِ، ثَلاثًا، فَارْتَفَعَا إِلَى عُمَرَ، فَأَجْمَعَ عُمَرُ، وَعَبْدُ اللهِ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلاةُ، فَرَدَّهَا عُمَرُ عَلَيْهِ " 1920 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " زَوْجُهَا أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ "، 1921 - حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، مِثْلَهُ، 1922 - حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، بِمِثْلِ مَعْنَاهُ 1923 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَذَكَرَ لَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، كَانَ يَقُولُ: " إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، فَرَأَتْ أَوَّلَ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِ حَيْضَتِهَا الثَّالِثَةِ، فَلا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا " فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ، فَبَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ، وَمُعَاذًا، وَأَبَا الدَّرْدَاءِ كَانُوا يَجْعَلُونَ لَهُ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ 1924 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: " إِذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ اثْنَتَيْنِ فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، وَعَلَى الْحُرَّةِ ثَلاثُ حِيَضٍ، وَعِدَّةُ الأَمَةِ حَيْضَتَانِ "، الحديث: 1920 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ قَدْ قَالَ فِي هَذَا خِلافُ مَا رُوِّينَا عَنْهُ فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ 1925 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، يَقُولُ: " الطَّلاقُ إِلَى الرَّجُلِ، وَالْعِدَّةُ إِلَى الْمَرْأَةِ، إِنْ كَانَ الرَّجُلُ حُرًّا وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ أَمَةً ثَلاثُ تَطْلِيقَاتٍ، وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الأَمَةِ حَيْضَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَامْرَأَتُهُ حُرَّةً طَلَّقَ طَلاقَ الْعَبْدِ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَاعْتَدَّتِ الْحُرَّةُ ثَلاثَ حِيَضٍ "، فَهَذَا خِلافُ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ زَيْدٍ فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي الأَقْرَاءِ الْمُرَادَةِ فِي هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَكَانَتِ الأَقْرَاءُ اسْمًا جَامِعًا فِي اللُّغَةِ تَقَعُ عَلَى الْحَيْضِ دُونَ الطُّهْرِ، وَتَقَعُ عَلَى الطُّهْرِ دُونَ الْحَيْضِ، وَتَقَعُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَيُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلاثَةِ: قُرْءٌ كَمَا حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ حَسَّانٍ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ النَّحْوِيِّ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ، قَالَ: " مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُسَمِّي الْحَيْضَ قُرْءًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي الطُّهْرَ قُرْءًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْمَعُهُمَا جَمِيعًا فَيُسَمِّي الْحَيْضَ مَعَ الطُّهْرِ قُرْءًا فَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَسْمِيَتِهِمُ الْحَيْضَ قُرْءًا فَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ بِلُغَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1926 - كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَسْتَحَاضُ فَلا يَنْقَطِعُ عَنِّي الدَّمُ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلَ، وَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلاةٍ، ثُمَّ تُصَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ قَطْرًا " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ أَنْكَرَ سُفْيَانُ عَلَى يَحْيَى بْنِ آدَمَ احْتِجَاجَهُ عَلَيْهِ بِهِ، وَقَالَ لَهُ حِينَ احْتَجَّ عَلَيْهِ بِهِ: قَدْ جِئْتَنِي بِأَحَادِيثَ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ قِيلَ لَهُ: هَذَا كَلامٌ مَا نَدْرِي مَا مَعْنَاهُ غَيْرَ أَنَّ حَبِيبًا حُجَّةٌ، إِمَامٌ فِي الْعِلْمِ، قَدْ رَوَى عَمَّنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْ عُرْوَةَ، قَدْ رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا دَفَعَهُ عَنْ الحديث: 1925 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 ذَلِكَ، وَلا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِهِ، غَيْرَ مَا ذُكِرَ عَنْ سُفْيَانَ فِيمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَقِفْ عَلَى وَجْهِهِ، وَلا عَلَى السَّبَبِ الَّذِي أَنْكَرَهُ عَلَى يَحْيَى مِنْ أَجْلِهِ ثُمَّ قَدْ رَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ كَمَا 1927 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصْيَبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، وَتَغْتَسِلُ غُسْلا وَاحِدًا، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاةٍ "، 1928 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ 1929 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ حَدَّثَتْهُ، أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ الدَّمَ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ يَطْرَأُ، إِذَا أَتَاكِ قُرْءٌ فَصَلِّي، وَإِذَا مَرَّ الْقُرْءُ فَتَطَهَّرِي، ثُمَّ صَلِّي مِنَ الْقُرْءِ إِلَى الْقُرْءِ "، 1930 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، وَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الرَّبِيعِ، عَنْ شُعَيْبٍ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَجَدْنَا غَيْرَ عُرْوَةَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَائِشَةَ عَلَى مِثْلِ مَا رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْهَا 1931 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ ابْنَةَ جَحْشٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَنَّهَا اسْتُحِيضَتْ حَتَّى لَا تَطْهُرَ، فَذَكَرَتْ شَأْنَهَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لَيْسَتْ الحديث: 1927 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 بِالْحَيْضَةِ وَلَكِنَّهَا رَكْضَةٌ مِنَ الرَّحِمِ، لِتَنْظُرْ قَدْرَ قُرْئِهَا الَّذِي كَانَتْ تَحِيضُ لَهُ فَلْتَتْرُكْ، ثُمَّ لِتَنْظُرْ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ عَنْد كُلِّ صَلاةٍ وَتُصَلِّي " فَهَذِهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ مَا فِي حَدِيثِ حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ بِمَا ذَكَرْنَا، وَلا نَعْلَمُ وَجْهًا يَجِبُ أَنْ يُنْكَرَ بِهِ هَذَا الْحَدِيثُ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ مِمَّنْ يَقُولُ: الأَقْرَاءُ الأَطْهَارُ، بِمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ، فَذَكَرَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ لَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ حَائِضًا: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، فَتِلْكُ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ "، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ: فَفِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ هِيَ الطُّهْرُ، إِذْ كَانَ الطُّهْرُ هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُوقَعَ الطَّلاقُ لِلسُّنَّةِ فِيهِ، لَا الْحَيْضُ الَّذِي يَتَّصِلُ عِنْدَ إِيقَاعِ الطَّلاقِ لِلسُّنَّةِ فِيهِ قِيلَ لَهُ: الْعِدَّةُ اسْمٌ جَامِعٌ يَقَعُ عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ، فَمِنْ ذَلِكَ الْعِدَّةُ الَّتِي تُطَلَّقُ لَهَا النِّسَاءُ، هِيَ الأَطْهَارُ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعِدَّةُ الَّتِي يَعْتَدِدْنَ بِهَا مِنْ وَفَاةِ أَزْوَاجِهِنَّ عَنْهُنَّ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ إِذَا لَمْ يَكُنَّ حَوَامِلَ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعِدَّةُ الَّتِي يَعْتَدِدْنَ بِهَا إِذْ كُنَّ حَوَامِلَ فِي طَلاقِ الأَزْوَاجِ، وَفِي مَوْتِهِنَّ جَمِيعًا، وَمِنْ ذَلِكَ الْعِدَّةُ الَّتِي يَعْتَدِدْنَ بِهَا مِنَ الطَّلاقِ إِنْ لَمْ يَكُنَّ حَوَامِلَ، وَهِيَ الأَقْرَاءُ الَّتِي اخْتَلَفْنَا فِيهَا فَكُلُّ هَذَا يُسَمَّى عِدَّةً، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا غَيْرُ مَا سِوَاهُ مِنْهَا وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الأَجْنَاسُ الْمُخْتَلِفَةُ يَقَعُ عَلَيْهَا هَذَا الاسْمُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الاسْمُ أَيْضًا يَقَعُ عَلَى الطَّلاقِ لِلْعِدَّةِ، وَهُوَ غَيْرُ مَا سِوَاهُ مِنَ الْعِدَدِ، وَهَذَا عُمَرُ الَّذِي خَاطَبَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الَّذِي احْتَجَجْتَ بِهِ قَدْ قَالَ: " إِنَّ الأَقْرَاءَ الْحِيَضُ "، وَمَذْهَبُكَ أَنَّ مَنْ رَوَى حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِهِ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى مِمَّنْ خَالَفَهُ فِي الأَقْرَاءِ فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ، وَوَقَفَ عَلَى مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ فِي الأَقْرَاءِ أَنَّها الأَطْهَارُ؟ قِيلَ لَكَ: قَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلافُ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 أَوْلَى بِهِ لِمُوَافَقَةِ مَا كَانَ عُمَرُ عَلَيْهِ وَلَمَّا وَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَّلَ جَعَلَ الأَقْرَاءَ مُضَمَّنَةً بِالْعَدَدِ، فَقَالَ: {ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ} ، وَكَانَ مِنْ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّها الأَطْهَارُ: أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ قَدْ مَضَى أَكْثَرُهُ، أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ قُرْءًا مَعَ قُرْءَيْنِ كَامِلَيْنِ سِوَاهُ، فَعَادَ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ إِلَى قُرْءَيْنِ وَبَعْضِ ثَالِثٍ وَهَذَا بِغَيْرِ مَا نَصَّهُ الْكِتَابُ لأَنَّهُ قَدْ نَصَّ جَلَّ وَعَزَّ عَدَدًا، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْهُ فَإِنْ قَالَ: فَقَدْ رَأَيْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى شَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَبَعْضِ ذِي الْحَجَّةِ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} ، فَجَعَلَ ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَخَوَيْنِ فَصَاعِدًا، كَانَ كَذَلِكَ هَذَا أَيْضًا فِي الأَقْرَاءِ قِيلَ لَهُ: لَا يُشْبِهُ هَذَا الأَقْرَاءَ، لأَنَّهُ مَا جَاءَ بِغَيْرِ عَدَدٍ كَمَا قَالَ: {أَشْهُرٌ} ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِخْوَةٌ} ، جَازَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَلَى اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا وَإِنْ كَانَ دُونَ الثَّلاثَةِ وَأَمَّا مَا وُكِّدَ بِالْعَدَدِ فَقِيلَ فِيهِ: ثَلاثَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يُنْقَصَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ عَلَى أَقَلِّ مِنْ ثَلاثَةِ أَشْهُرٍ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، فَلَمْ يَجُزْ فِي ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أَقَلِّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ سُورَة الْبَقَرَة آيَة، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا سَمَّاهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْعَدِدِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ، وَصِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، لَا يُجْزِئُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ التَّقْصِيرُ عَنِ الْعَدِدِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَكَذَلِكَ: ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ سُورَة الْبَقَرَة آيَة، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَقَلِّ مِنْ ثَلاثَةٍ مِنَ الأَقْرَاءِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ فِي الآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الطُّهْرُ، وَذَلِكَ الطُّهْرُ مُذَكَّرٌ، وَالْهَاءُ فِي جَمْعِهِ ثَابِتَةٌ كَمَا تَقُولُ: ثَلاثَةُ أَطْهَارٍ، وَثَلاثَةُ رِجَالٍ، وَثَلاثَةُ أَثْوَابٍ وَالْحَيْضَةُ مُؤَنَّثَةٌ، وَتَسْقُطُ الْهَاءُ مِنْ جَمْعِهَا كَمَا يُقَالُ: ثَلاثُ نِسْوَةٍ، وَكَمَا يُقَالُ: ثَلاثُ حِيَضٍ وَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ سُورَة الْبَقَرَة آيَة، فَكَانَ إِدْخَالُهُ الْهَاءَ فِي الثَّلاثَةِ دَلِيلا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مُذَكَّرًا وَهُوَ الطُّهْرُ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْتَ، لأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُسَمَّى بِاسْمَيْنِ أَحَدُهِمَا مُذَكَّرٌ، وَالآخَرُ مُؤَنَّثٌ، فَإِذَا جُمِعَ بِاللَّفْظِ الَّذِي هُوَ مُذَكَّرٌ مِنْهُمَا اسْتُعْمِلَ فِيهِ حُكْمُ التَّذْكِيرِ، فَأُثْبِتَتِ الْهَاءُ فِيهِ، وَإِذَا جُمِعَ بِاللَّفْظِ الَّذِي هُوَ مُؤَنَّثٌ مِنْهُمَا اسْتُعْمِلَ فِيهِ حُكْمُ التَّأْنِيثِ، فَأُسْقِطَ الْهَاءُ مِنْهُ، مِنْ ذَلِكَ " الدَّارُ " تُسَمَّى دَارًا وَتُسَمَّى مَنْزِلا، فَإِذَا جُمِعَتْ بِلَفْظِ الدَّارِ قِيلَ: ثَلاثُ آدُرٍ، وَإِذَا جُمِعَ بِلَفْظِ الْمَنْزِلِ قِيلَ: ثَلاثَةُ مَنَازِلَ وَمِنْ ذَلِكَ الرُّمْحُ، يُقَالُ لَهُ: رُمْحٌ، وَيُقَالُ لَهُ: قَنَاةٌ، ثُمَّ يُجْمَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلِ مَا يُجْمَعُ بِهِ مِثْلُ لَفْظِهِ وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ وَالْمَلْحَفَةُ وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، يُجْمَعُ بِالثَّوْبِ عَلَى التَّذْكِيرِ، وَبِالْمَلْحَفَةِ عَلَى التَّأْنِيثِ وَكَذَلِكَ الْقُرْءُ وَالْحَيْضُ، هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، إِنْ جُمِعَ بِلَفْظِ الْقُرْءِ جُمِعَ عَلَى التَّذْكِيرِ، وَإِنْ جُمِعَ بِلَفْظَةِ الْحَيْضَةِ جُمِعَ عَلَى التَّأْنِيثِ فَأَمَّا وَجْهُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّا رَأَيْنَا الأَمَةَ الَّتِي يُجْعَلُ عَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ، قَدْ جُعِلَتْ عِدَّتُهَا حَيْضَتَيْنِ، مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَيْضَةَ لَا تَتَبَعَّضُ، وَلَوْ أَمْكَنَ أَنْ تَتَبَعَّضَ لَقِيلَ: حَيْضَةٌ وَنِصْفُ حَيْضَةٍ، كَمَا قِيلَ فِي الشَّهْرِ: شَهْرٌ وَنِصْفُ شَهْرٍ لَمَّا أَمْكَنَ التَّبْعِيضُ فِي ذَلِكَ، وَكَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِيمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 1932 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصْيَبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أُوَيْسٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِدَّةِ الأَمَةِ، " لَوْ قَدَرْتُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا لَفَعَلْتُ " وَهَذَا مِنْ عُمَرَ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاهُ، وَمُتَابَعَتِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَالُوا جَمِيعًا: إِنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَةٌ وَنِصْفٌ، وَحَتَّى قَالَ بِذَلِكَ التَّابِعُونَ بَعْدَهُمْ، وَتَابِعُو التَّابِعِينَ حَتَّى أَفْضَى الأَمْرُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْمُخْتَلِفِينَ فِي الأَقْرَاءِ اللائِي ذَكَرْنَا، فَإِذَا كَانَ عَلَى الأَمَةِ مِنَ الْعِدَّةِ مِمَّا هُوَ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ مِنْهَا مِنَ الْحِيَضِ، لَا مِنَ الأَطْهَارِ، كَانَ الَّذِي عَلَى الْحُرَّةِ مِنْهَا أَيْضًا مِنَ الْحِيَضِ، لَا مِنَ الأَطْهَارِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا حَدِيثَانِ يُثْبِتَانِ هَذَا الْمَعْنَى فِي الإِمَاءِ 1933 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تُطَلَّقُ الأَمَةُ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَتَعْتَدُّ حَيْضَتَيْنِ " 1934 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسْلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَه ُ الحديث: 1932 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} ، الآيَةِ قَالَ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي فِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ هُوَ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَحْلِفُونَ عَلَى تَرْكِ قُرْبِ نِسَائِهِمُ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ كَمَا 1935 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَبُو قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرٌ الأَحْوَلُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ إِيلاءُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَوَقَّتَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الإِيلاءَ، فَمَنْ كَانَ إِيلاؤُهُ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ بِإِيلاءٍ " 1936 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرٌ الأَحْوَلُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ إِيلاءُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَوَقَّتَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَمَنْ كَانَ إِيلاؤُهُ مِنْهُمْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ بِإِيلاءٍ " فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الآيَةُ هُوَ هَذَا، وَأَنَّهُ الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ قُرْبِ الْمَرْأَةِ الْوَاجِبِ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا بِحَقِّ النِّكَاحِ الْقَائِمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لَهُ مُدَّةً يُبْقِي عَلَيْهِ فِيهَا النِّكَاحَ كَمَا كَانَ، وَأَنَّ الإِيلاءَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ لَمْ يُزَلْ بِهِ النِّكَاحُ ثُمَّ وَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ بَعْدَ ذَلِكَ مُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَزَّ: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، أَنَّهُ عَلَى الْجِمَاعِ، وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَيْهَا صَارَ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ، الحديث: 1935 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 وَوَجَبَ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْحَانِثِ، وَزَالَتْ بِذَلِكَ يَمِينُهُ عَنْهَا، غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَاهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي تَرْكِهِ الْجِمَاعَ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مُذْ يَوْمِ آلَى مِنْهَا، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: يُؤْخَذُ بِالْفَيْءِ إِلَيْهَا وَهُوَ الْجِمَاعُ، فَيَكُونُ بِذَلِكَ مُؤَدِّيًا إِلَيْهَا حَقَّهَا، وَحَانِثًا فِي يَمِينِهِ عَلَى قُرْبِهَا، أَوْ يُطَلِّقُهَا طَلاقًا يُزِيلُ نِكَاحَهَا حَتَّى تَنْقَطِعَ عَنْ حُقُوقِهَا الَّتِي عَضَلَهَا عَنْهَا، وَمَنَعَهَا مِنْهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ رُوِيَ مَا قَالُوا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1937 - كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلْيَمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: " الْمُولِي يُوقَفُ " 1938 - وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَرْوَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: " إِنْ كُنْتُ لَمُوقِفَ الْمُولِي بَعْدَ الأَرْبَعَةِ، فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ، وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ " 1939 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " يُوقَفُ الْمُولِي " 1940 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، " أَنَّهُ كَانَ يُوقِفُ صَاحِبَ الإِيلاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ شَاءَ فَاءَ، وَإِنْ شَاءَ عَزَمَ، أَوْ قَالَ: طَلَّقَ " 1941 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ سَلَمَةَ الْكِنْدِيُّ، " أَنَّهُ شَهِدَ الحديث: 1937 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 عَلِيًّا أَوْقَفَ عِنْدَ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ، وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ "، 1942 - حَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا فَعَلَ ذَلِكَ "، 1943 - حَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَهُ فَاخْتَلَفَ هُشَيْمٌ وَخَالِدٌ فِي الرَّجُلِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، فَذَكَرَ هُشَيْمٌ أَنَّهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَذَكَرَ خَالِدٌ أَنَّهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ 1944 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " أَيُّمَا رَجُلٍ آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ فَإِنَّهُ إِذَا مَضَتِ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرُ أُوقِفَ حَتَّى يُطَلِّقَ، أَوْ يَفِيءَ، وَلا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلاقٌ إِذَا مَضَتِ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرُ حَتَّى يُوقَفَ " 1945 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصْيَبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَ: " يُوقُفَ عِنْدَ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، فَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ، وَإِمَّا أَنْ يُرَاجِعَ " وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: مُضِيُّ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ بَعْدَ الْحَلِفِ عَزْمٌ مِنَ الزَّوْجِ لِوُقُوعِ الطَّلاقِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَى جِمَاعِهَا، إِذَا كَانَ فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ وَاصِلا إِلَى جَمَاعِهَا فَتَرَكَ ذَلِكَ إِلَى مُضِيِّ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، كَمَا الحديث: 1942 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ رُوِيَ مَا قَالُوا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا 1946 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولانِ: " إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ فَلَمْ يَفِئْ حَتَّى يمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَ " فَهَذَا زَيْدٌ قَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْهُ، وَأَكْثَرُ رِوَايَاتِ سُلَيْمَانَ وَدُونَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الْفُتْيَا عَنْهُ 1947 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَاتَ ذُو قَرَابَةٍ لِي، وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ، فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَتِي، فَحَلَفْتُ أَلا أَقْرَبَهَا حَتَّى تَفْطِمَ الصَّبِيَّ، فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قِيلَ لِي: قَدْ بَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ، فَسَأَلْتُ عَلِيًّا، فَقَالَ لِي: " إِنْ كُنْتَ حَلَفْتَ عَلَى تَضِرَةٍ فَقَدْ بَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ وَإِلا فَهِيَ امْرَأَتُكَ " فَهَذَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مُضِيَّ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ يُوقِعُ الطَّلاقَ إِذَا كَانَ لَمْ يَقْرَبْهَا فِي الأَرْبَعَةِ حَتَّى مَضَتْ، فَهَذَا خِلافُ مَا رُوِّينَا عَنْهُ فِي الأَوَّلِ 1948 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " إِذَا مَضَتِ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرُ فِي تَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ وَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا " الحديث: 1946 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 1949 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولانِ: " إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ فَلَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى يمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَ " 1950 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا " قِيلَ لِسَعِيدٍ: وَسَمِعْتَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ قَدْ رَوَى عَنْهُ سَعِيدٌ فِي هَذَا مَا يُوَافِقُ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُمَا، وَهُوَ خِلافُ مَا رَوَى عَنْهُ نَافِعٌ مِمَّا يُوَافِقُ الْقَوْلَ الأَوَّلَ وَابْنُ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ تَدُورُ عَلَيْهِ الْفُتْيَا بِالْمَدِينَةِ، فَمَا نَدْرِي هَلْ كَانَ مِنَ الأَرْبَعَةَ الْعَشَرَ الَّذِينَ حَكَى عَنْهُمْ سُلَيْمَانُ مَا حَكَيْنَاهُ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ فَقَدْ صَارَ مُخْتَلَفًا عَنْهُ وَكَذَلِكَ يَزِيدُ، إِنْ كَانَ فَقَدْ صَارَ مُخْتَلَفًا عَنْهُ وَمَا نَدْرِي بَعْدَ هَذَا مَنِ الأَرْبَعَةَ عَشَرَ الَّذِينَ حَكَى عَنْهُمْ سُلَيْمَانُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ وَقَفْنَا عَلَى مُجَالَسَتِهِ إِيَّاهُمْ، وَرِوَايَتِهِ عَنْهُمْ، وَأَخْذِهِ الْفُتْيَا مِنْهُمْ، إِلا أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ لَمْ يَلْقَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَكَى ذَلِكَ عَنْهُمْ بَلاغًا، وَلَمْ يَحْكِهِ سَمَاعًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَارَ حَدِيثُهُ هَذَا فِي حُكْمِ الْمُنْقَطِعِ، وَالْمُنْقَطِعُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلِ الأَوَّلِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ 1951 - وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ مِقْسَمًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " عَزْمُ الطَّلاقِ انْقِضَاءُ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، وَالْفَيْءُ الْجِمَاعُ " 1952 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحديث: 1949 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ فَلَمْ يَفِ حَتَّى مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنٌ " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَتَعَلَّقَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ بِمَا رَوَتْ مِمَّا يُوَافِقُ مَذْهَبَهَا عَمَّنْ ذُكِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ لِنَسْتَخْرِجَ مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِمَا وَقَالُوا: هُمَا فِي ذَلِكَ قَوْلا يُوجِبُ الْقِيَاسُ صِحَّتَهُ، وَيَشْهَدُ لَهُ الإِجْمَاعُ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} ، فَجَعَلَ التَّرَبُّصَ إِلَى مُدَّةٍ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَأْجَمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَّى أَنَّهُ إِنْ فَاءَ إِلْيَها فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ قَبْلَ مُضِيِّهَا كَانَ فِي ذَلِكَ فَيْئًا قَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ، وَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَفِئْ إِلَيْهَا كَانَ فِي ذَلِكَ الاخْتِلافُ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَوَجَبَ النَّظَرُ الَّذِي وَصَفْنَا، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ التَّرَبُّصَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ سِوَى مَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الآيَةِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، فَكَانَ ذَلِكَ التَّرَبُّصُ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَيْهِنَّ غَيْرَ مُجَاوِزٍ لِلأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ وَلِلْعَشْرِ الَّتِي جَعَلَهَا عَلَيْهِنَّ، إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الشُّهُورِ، وَكُنَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ خَارِجَاتٍ مِنَ التَّرَبُّصِ الَّذِي كُنَّ فِيهِ فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ} ، وَكَانَ ذَلِكَ التَّرَبُّصُ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَيْهِنَّ فِي الثَّلاثَةِ الْقُرُوءِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، لَا فِيمَا بَعْدَهَا مِنَ الأَقْرَاءِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى آيَةِ الإِيلاءِ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ فِيهَا تَرَبُّصًا أَوْجَبَهُ عَلَى الزَّوْجَاتِ، وَحَصَرَهُ بِمُدَّةٍ ذَكَرَهَا، فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} ، فَكَانَ فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ الَّتِي أَوْجَبَ التَّرَبُّصَ عَلَيْهِنَّ فِيهَا إِذَا مَضَتْ فَلا مَعْنَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 لِلتَّرَبُّصِ، لأَنَّهُ كَانَ مَحْصُورًا بِمُدَّةٍ قَدْ مَضَتْ، فَلا مَعْنَى لَهُ بَعْدَهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى بَعْدَهَا ذَهَبَ مَعْنَى الإِيلاءِ الَّذِي يُؤْخَذُ الْمُولِي بِالْفَيْءِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْهِ، إِنَّما يَكُونُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي حَبَسَ الْمَرْأَةَ عَلَيْهِ لَهَا، وَجَعَلَهَا مُتَرَبِّصَةً بِنَفْسِهَا عَلَيْهِ إِلَى انْقِضَائِهَا، لَا فِيمَا بَعْدَهَا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ثَبَتَ وُقُوعُ الطَّلاقِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِمُضُيِّ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، وَثَبَتَ أَنَّ مُضِيَّهَا هُوَ عَزْمُ الطَّلاقِ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ فِيهَا يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ الَّذِي لَوْ فَعَلَهُ كَانَ قَدْ فَاءَ إِلَيْهَا، وَزَالَ عَنْ ظُلْمِهَا بِحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ جِمَاعِهَا كَمَا قَالَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي حَكَيْنَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْهَا فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفَةِ الأُولَى مُحْتَجًّا عَلَى الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ: قَدْ رَأَيْنَاكُمْ تَقُولُونَ فِي الْمُلاعِنِ أَنَّ الْفُرْقَةَ لَا تَقَعُ بِاللِّعَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يُحْدِثَ الْقَاضِي فُرْقَةً بَيْنَهُمَا فَيَزُولُ بِذَلِكَ النِّكَاحُ، وَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنَ الْقَاضِي فَالنِّكَاحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَقُولُوا فِي الْمُولِي أنَّ الطَّلاقَ لَا يَقَعُ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ بِإِيقَاعِ الطَّلاقِ عَلَيْهَا، وَبِفِرَاقِهِ لَهَا وَكَانَتْ هَذِهِ الْمُطَالَبَةُ عِنْدَنَا إِنَّما يُرَادُ بِهَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ دُونَ زُفَرَ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْمُلاعِنِ مَا حَكَاهُ هَذَا الْقَائِلُ، وَكَانَ زُفَرُ يُخَالِفُهُمْ فِي ذَلِكَ، وَيَذْهَبُ إِلَى أَنَّ اللِّعَانَ إِذَا تَمَّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّقِ الْحَاكِمُ كَمَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلافَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَاحْتِجَاجَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِقَامَةَ الْحُجَّةِ لِلصَّحِيحِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ فِيهَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ وَأَمَّا الْجَوَّابُ لِلسَّائِلِ فِيمَا سَأَلَ عَنْهُ، وَفِيمَا عَارَضَ بِهِ أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدًا فِيمَا ذَكَرْنَا، فَإِنَّا رَأَيْنَا اللِّعَانَ لَا يَكُونُ دُونَ الْحَاكِمِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ الأَشْيَاءُ الَّتِي تُخْتَمُ بِهَا الْحَوَادِثُ، وَتُكَمَّلُ بِهَا أَحْكَامُهَا، أَنْ تُرَدَّ إِلَى حُكْمِ مَا ابْتُدِئَتْ بِهِ، فَتَكُونُ أَحْكَامُ أَوَاخِرِهَا كَأَحْكَامِ أَوَائِلِهَا لِيُوَافِقَ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَكَمَا كَانَ ابْتِدَاءُ اللِّعَانِ مِنَ الْحَاكِمِ كَذَلِكَ تَفْيِئَتُهُ تَكُونُ مِنَ الْحَاكِمِ، أَوْ كَمَا كَانَ ابْتِدَاءُ الإِيلاءِ دُونَ الْحَاكِمِ كَانَ مَا يَفِيءُ مِنْهُ يَكُونُ دُونَ الْحَاكِمِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَشْيَاءِ سِوَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ قَدْ جَرَتْ عَلَى هَذَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 الْحُكْمَيْنِ، فَجُعِلَ حُكْمُ أَوَاخِرِهَا كَحُكْمِ أَوَائِلِهَا، مِنْ ذَلِكَ عُقُودُ النِّكَاحَاتِ قَدْ رَأْيَنَا تَكُونُ دُونَ الْحَاكِمِ، وَكَذَلِكَ الأَشْيَاءُ الَّتِي تُزِيلُهَا مِنَ الْفِرَقِ بِالطَّلاقِ يَكُونُ أَيْضًا دُونَ الْحَاكِمِ، فَهَذَا حُكْمُ مَا كَانَ أَوَّلُهُ دُونَ الْحَاكِمِ وَأَمَّا مَا لَمْ يَكُنْ أَوَّلُهُ إِلا بِالْحَاكِمِ فَتَأْجِيلُ الْعِنِّينَ الْحَوْلَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُؤَجِّلَهُ لامْرَأَتِهِ الَّتِي خَاصَمَتْهُ فِي عَجْزِهِ عَنْ جِمَاعِهَا الْوَاجِبِ لَهَا عَلَيْهِ بِحَقِّ النِّكَاحِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دُونَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا إِيجَابُ الْحَوْلِ بَيْنَهُمَا، فَكَانَ الَّذِي يُوجِبُهُ مُضِيُّ الْحَوْلِ مِنْ تَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ بَيْنَ الإِقَامَةِ مَعَ زَوْجِهَا الَّذِي خَاصَمَتْهُ فِي ذَلِكَ، وَبَيْنَ فِرَاقِهِ، لَا يَكُونُ إِلا عِنْدَ الْحَاكِمِ حَتَّى يَكُونَ الْحَاكِمُ الَّذِي يُوجِبُ آخِرَ هَذَا الأَمْرِ الَّذِي أَوْجَبَ أَوَّلَهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا تَدُورُ عَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَكَمَا كَانَ أَوَّلُهُ بِالْحَاكْمِ لَا بِغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ آخِرُهُ يَكُونُ بِالْحَاكْمِ، وَمَا كَانَ أَوَّلُهُ بِغَيْرِ الْحَاكْمِ فَكَذَلِكَ آخِرُهُ يَكُونُ بِغَيْرِ الْحَاكْمِ وَالْمُولِي فَقَدْ يَكُونُ إِيلاؤُهُ بِاتِّفَاقِهِمْ جَمِيعًا بِغَيْرِ الْحَاكْمِ فَكَذَلِكَ آخِرُهُ، قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْفَيْءِ وَالْعَزْمِ اللَّذَيْنِ وَصَفْنَا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمُولِي الْقَادِرِ عَلَى جِمَاعِ زَوْجَتِهِ الْمُولِي مِنْهَا، فَأَمَّا إِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ بِعِلَّةٍ بِهِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، تَمْنَعُ مِنْ جِمَاعِهَا، أَوْ كَانَتْ بِهَا عِلَّةٌ لَا يَصِلُ إِلَى جِمَاعِهَا كَالْمَرَضِ الْمُضْنِي لَهَا، أَوْ كَالرَّتَقِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهَا، أَوْ كَانَا جَمِيعًا لَا عِلَّةَ بِهِمَا، وَلا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْنَعُ مِنَ الْجِمَاعِ غَيْرَ أَنَّ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَسَافَةِ مَا لَا يَلْتَقِيَانِ فِيهِ إِلَى مُضُيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِي هَذَا، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: الْفَيْءُ فِي هَذَا قَوْلُ الزَّوْجِ بِلِسَانِهِ: قَدْ فِئْتُ ، فَيَكُونُ فِي مَعْنَاهُ لَوْ فَاءَ إِلَيْهَا بِالْجِمَاعِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا تَزُولُ عَنْهُ الْيَمِينُ الَّتِي حَلَفَ بِهَا كَمَا تَزُولُ لَوْ كَانَ جَامَعَهَا فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ قَبْلَ مُضِيِّهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَحْكِ خِلافًا وَقَدْ قَالَ هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ مِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مُضِيَّ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ هِيَ عَزِيمَةٌ مِنَ الْمُولِي لِوُقُوعِ الطَّلاقِ عَلَى الَّتِي آلَى مِنْهَا وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ: لَا يَكُونُ بِمُضِيِّ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ عَزِيمَةٌ مِنْهُ لِوُقُوعِ الطَّلاقِ عَلَيْهَا، وَقَدْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ بِلِسَانِهِ: قَدْ فِئْتُ إِلَيْهَا فَيْئًا، لأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُزِيلٍ لِلْيَمِينِ، فكَمَا لَا يُزِيلُ الْيَمِينَ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 فَكَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْفَيْءَ، وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ يَذْهَبُونَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَيَقُولُونَ فِيهِ بِالْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَيُخَالِفُونَ أَبَا حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدًا فِيمَا حَكَيْنَاهُ وَقَدْ قَالَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ سِوَاهُمْ وَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْقَائِلِينَ أَنَّ مُضِيَّ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ لَيْسَ بِعَزِيمَةٍ لِوُقُوعِ الطَّلاقِ، أَلا نَجْعَلَ الْفَيْءَ بِاللِّسَانِ فَيْئًا، لأَنَّهُ إِمَّا نَأْخُذُ الْمُولِي فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ بِالْفَيْءِ وَنَجْعَلُ ذَلِكَ لَهُ أَجَلا، فَإِنْ فَعَلَ وَإِلا أَخَذَهُ بِهِ بَعْدَهَا أَوْ بِالطَّلاقِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ مُفَارِقًا لَهَا، إِذْ كَانَ تَرْكُهُ لَهَا حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ عَضْلا مِنْهُ لَهَا، فَإِذَا كَانَ غَيْرَ وَاصِلٍ إِلَى جِمَاعِهَا لَمْ يَكْنُ بِذَلِكَ عَاضِلا لَهَا، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَنْ يُؤْخَذَ بِالطَّلاقِ الَّذِي يُفَارِقُهَا، وَلا بِالْفَيْءِ إِلَيْهَا بِغَيْرِ الْجِمَاعِ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لَهُ عَلَيْهَا، وَحَقٌّ لَهَا عَلَيْهِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} الآيَةِ {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ، إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ رُوِيَ أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي كَانَ فِي نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ مَا 1953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا: خُوَيْلَةُ ابْنَةُ دَلِيجٍ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَةُ تَغْسِلُ رَأْسَهُ، وَزَوْجُهَا قَدْ طَالَتْ صُحْبَتُهَا إِيَّاهُ، وَذَكَرَتْ أَنَّهَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، قَالَ: " قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ " قَالَتْ: أَشْكُو إِلَى اللهِ، {وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} ، {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، " أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا قَالَ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ الحديث: 1953 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 مُتَتَابِعَيْنِ} ، أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَوْ أَنِّي لَمْ آكُلْ فِي الْيَوْمِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ كَادَ أَنْ يُغْشَى بَصَرِي قَالَ: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} ، أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا، إِلا بِعَوْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعَانَهُ " 1954 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} ، قَالَ: هِيَ خَوْلَةُ ابْنَةُ صَامِتٍ، كَانَ زَوْجُهَا مَرِيضًا فَدَعَاهَا فَلَمْ تُجِبْهُ، فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَأَتَيَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الآيَةَ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ، قَالَ: لَا أَجِدُ قَالَ: " فَصَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ " قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ: " فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قَالَ: بِاللهِ مَا عِنْدِي إِلا أَنْ تُعِينَنِي فَأَعَانَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ: لَا أَجِدُ بِالْمَدِينَةِ أَحَدًا أَحْوَجَ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلْهَا أَنْتَ وَأَهْلُكَ " 1955 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ خَوْلَةَ ابْنَةَ ثَعْلَبَةَ كَانَتْ تَحْتَ أَوْسِ بْنِ صَامِتٍ، فَتَظَاهَرَ مِنْهَا، وَكَانَ بِهِ لَمَمٌ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ إِنَّ أَوْسَ بْنَ صَامِتٍ ظَاهَرَ مِنْهَا، فَذَكَرَتْ أَنَّ بِهِ لَمَمًا، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ إِلا رَحْمَةً لَهُ، إِنَّ لَهُ فِيَّ مَنَافِعَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقُرْآنَ فِيهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً " قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدَهُ رَقَبَةٌ، وَلا يَمْلِكُهَا قَالَ: " مُرِيهِ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ " قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، الحديث: 1954 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 لَوْ كَلَّفْتَهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مَا اسْتَطَاعَ، وَكَانَ الْحَرُّ قَالَ: " مُرِيهِ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا " قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَالَ: " مُرِيهِ فَلْيَذْهَبْ إِلَى فُلانٍ فَقَدْ أَخْبَرَنِي أَنَّ عِنْدَهُ شَطْرَ وَسْقٍ، فَلْيَأْخُذْهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ، ثُمَّ يَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا " 1956 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ الطَّحَّانُ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ، عَنْ خَوْلَةَ، " أَنَّ زَوْجَهَا ظَاهَرَ مِنْهَا، فَأَرَادَ أَنْ يُجَامِعَهَا، فَأَبَتْ عَلَيْهِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الظِّهَارِ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ أَنْ يُوَاقِعَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا " فَهَذَا الَّذِي رُوِيَ فِي أَمْرِ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ وَفِي تَظَاهُرِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيِ أَمْرِهِ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ الْبَيَاضِيَّ عِنْدَ تَظَاهُرِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ مَا: 1957 - قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ الْمُسْتَمْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلانَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، " يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَجُلا فَعَلَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِظَهْرٍ مِنْهَا، فَأَتَاهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّارَةٍ " وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ 1958 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ، قَالَ: كُنْتُ امْرَءًا أَسْتَكْثِرُ مِنَ النِّسَاءِ، وَكُنْتُ قَدْ أُوتِيتُ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ، فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ تَظَاهَرْتُ مِنَ امْرَأَتِي مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ مِنِّي شَيْءٌ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، فَتَتَابَعَ ذَلِكَ بِي حَتَّى الحديث: 1956 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 أَدْرَكَنِي الصُّبْحُ، فَبَيْنَا هِيَ ذَاتَ لَيْلَةٍ تَخْدُمُنِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ فَوَثَبْتُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا فَرَغْتُ سُقِطَ فِي يَدِي، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ نَادِيَ قَوْمِي، فَقُلْتُ: تَعْلَمُونَ أَنِّي قَدْ كُنْتُ تَظَاهَرْتُ مِنَ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ هَذَا الشَّهْرُ، وَقَدْ أَصَبْتُهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ انْطَلِقُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَسْأَلَهُ قَالُوا: لَا، وَاللهِ لَا نَنْطَلِقُ مَعَكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّا نَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا شَيْءٌ يَلُومُنَا عَارُهُ، أَوْ يَنْزِلُ فِيكَ قُرْآنٌ مِمَّا نَكْرَهُ فَنُسَلِّمُكَ بِجَرِيرَتِكَ، فَانْطَلِقْ أَنْتَ حَتَّى تَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَيْ رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ تَظَاهَرْتُ مِنَ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ هَذَا الشَّهْرُ، وَقَدْ أَصَبْتُهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَقَالَ لِي: " أَنْتَ بِذَلِكَ يَا سَلَمَةُ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا بِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " أَنْتَ بِذَلِكَ يَا سَلَمَةُ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا بِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَانْظُرْ مَا حُكْمُ اللهِ عَلَيَّ وَرَسُولُهُ فَأَمْضِهِ، فَإِنِّي صَابِرٌ لَهُ قَالَ: " تَجِدُ رَقَبَةً تَعْتِقُهَا؟ " قَالَ: قُلْتُ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَهَا، وَجَعَلَ يَمُرُّ يَدَهُ عَلَى صَفْحَةِ عُنُقِهِ فَقَالَ: " أَتَقْدِرُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ أَدْخَلَ عَلَيَّ مَا أَدْخَلَ إِلا الصَّوْمُ؟ قَالَ: " فَتَقْدِرُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قَالَ: قُلْتُ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَقَدْ بِتْنَا اللَّيْلَةَ وَحْشًا قَالَ: " فَانْطَلِقْ إِلَى صَدَقَاتِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَهُمْ قَوْمُهُ، فَانْظُرْ مَا اجْتَمَعَ عِنْدَهْمُ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ، فَخُذْهُ، فَأَطْعِمْ وَسْقًا سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَاسْتَعِنْ بِسَائِرِهِ عَلَيْكَ وَعَلَى عِيَالِكَ " فَأَتَيْتُ قَوْمِي، فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قُلْتُ: خَيْرٌ، وَجَدْتُ عِنْدَكْمُ الضِّيقَ، وَسُوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّعَةَ وَالْبَرَكَةَ، أَيْنَ صَاحِبُ صَدَقَاتِكُمْ؟ فَقَدْ أَمَرَ لِي بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ، فَأَخَذْتُهَا فَتَصَدَّقْتُ، وَأَكَلْتُ مَا بَقِيَ أَنَا وَأَهْلِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 1959 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزَّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلا تَظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَصَابَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ " قَالَ: أَصْلَحَكَ اللهُ يَا رَسُولَ اللهِ، رَأَيْتُ بَيَاضَ مَا فِيهَا فِي الْقَمَرِ، فَرَغِبْتُ فَأَصَبْتُهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللهُ " فَفِي هَذِهِ الآثَارِ ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِيهِ، وَفِيهَا أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَمَةَ الْمُتَظَاهِرَ بَعْدَ نُزُولِهَا بِمِثْلِ الَّذِي كَانَ أَمَرَ بِهِ أَوْسَ بْنَ صَامِتٍ قَبْلَ نُزُولِهَا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ نُزُولُهَا فِي تَظَاهُرِ سَلَمَةَ وَفِي إِصَابَتِهِ امْرَأَتَهُ الَّتِي كَانَ تَظَاهَرَ مِنْهَا، قَبْلَ الْكَفَّارَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ 1960 - كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، " أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ فِي رَمَضَانَ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ أَعْجَبَتْهُ فَوَقَعَ بِهَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ " وَهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، مُحَالٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَظَاهُرَ سَلَمَةَ مِنَ امْرَأَتِهِ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الآيَةِ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، لأَنَّ حُكْمَ الظِّهَارِ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ لَمْ يَكُنِ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِيهَا، وَإِنَّمَا كَانَ التَّحْرِيمُ فِيهَا لِلزَّوْجَةِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا كَتَحْرِيمِهَا بِالطَّلاقِ، وَلأَنَّ الظِّهَارَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ طَلاقَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَطَلاقَ النَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الإِسْلامِ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الآيَةَ بِنَسْخِ ذَلِكَ، وَرَدِّ حُكْمِ الظِّهَارِ إِلَى مَا أُمِرَ بِهِ أَوْسٌ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ سَلَمَةُ مَعَ صُحْبَتِهِ لِرَسُولِ اللهِ صلّى الله عَلَيْهِ الحديث: 1959 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 وَسلم تَظَاهَرَ وَقْتًا مَعْلُومًا، وَالظِّهَارُ طَلاقٌ، إِذْ كَانَ الطَّلاقُ لَا تَحْصُرُهُ الأَوْقَاتُ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَلا تَرَى أَنَّ رَجُلا لَوْ جَعَلَ امْرَأَتَهُ طَالِقًا الْيَوْمَ، إِنَّها تَكُونُ طَالِقًا فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ وَسَلَمَةُ فَإِنَّمَا كَانَ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ شَهْرَ رَمَضَانَ فَتَكُونُ حَرَامًا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ خَاصَّةً، لَا فِيمَا بَعْدَهُ، فَفِي قَصْدِهِ إِلَى ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ كَانَ حِينَئِذٍ غَيْرَ الطَّلاقِ، وَلَمْ يَكُنِ الطَّلاقُ قَطُّ غَيْرَ الظِّهَارِ حَتَّى نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآيَةُ، فَثَبَتَ بِمَا وَصَفَهَا أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ قَبْلَ تَظَاهُرِ سَلَمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ هَذَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ، وَفِي ذَلِكَ الْعَوْدِ مَا هُوَ فَقَالَ قَوْمٌ، فِيمَا ذَكَرُوا، بِظَاهِرِ الآيَةِ، وَجَعَلُوا مَنْ قَالَ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، غَيْرَ مُظَاهِرٍ مِنْهَا حَتَّى يَعُودَ لِذَلِكَ الْقَوْلِ مَرَّةً أُخْرَى فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مُتَظَاهِرًا، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الآيَةِ وَقَالَ آخَرُونَ: إِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، صَارَ بِذَلِكَ مُظَاهِرًا، وَحَرُمَتْ بِهِ عَلَيْهِ حُرْمَةَ الظِّهَارِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ جِمَاعُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ بِالْكَفَّارَةِ الَّتِي أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالُوا: قَوْلُهُ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، عَوْدٌ إِلَى مَا قَدْ قِيلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّا قَدْ نَهَى الله عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ وَسَمَّاهُ: {مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} ، وَتَأَوَّلُوا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ، عَلَى مَعْنَى: ويَعُودُونَ لِمَا قَالُوا، لأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَجْعَلُ مَكَانَ الْوَاوِ: ثُمَّ، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} ، فِي مَعْنَى: وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ، وَجَعَلُوا نَفْسَ الْقَوْلِ عَوْدًا، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} ، فِي مَعْنَى: حَتَّى صَارَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي بَدَنِهِ كَمَا عَادَ، وَإِنَّمَا صَارَ كَمَا عَادَ إِلَيْهِ وَكَمَا قَالَ أَبُو رَبِيعَةَ الثَّقَفِيُّ فِي أَبْيَاتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 الَّتِي يَمْدَحُ بِهَا الْفَرْسَ لَمَّا غَلَبُوا عَلَى الْيَمَنِ، كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: تِلْكَ الْمَكَارِمُ لَا قُعْبَانَ مِنْ لَبَنٍ شيبا بِمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أَبْوَالا أَيْ: فَصَارَا بَعْدُ أَبْوَالا، لَا لأَنَّهُمَا كَانَا فِي الْبُدُوِّ أَبْوَالا فَصَارَا غَيْرَ أَبْوَالٍ ثُمَّ عَادَا بَعْدُ أَبْوَالا بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا الْقَوْلُ قَدْ قَالَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَ آخَرُونَ: الْعَوْدُ فِي أَنْ يَتَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ يُجْمِعُ عَلَى إِمْسَاكِهَا وَإِصَابَتِهَا، فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ تَظَاهُرِهِ، وَلَمْ يُجْمِعْ عَلَى إِمْسَاكِهَا وَإِصَابَتِهَا، فَلا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكٌ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا قَالَ ذَلِكَ فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُظَاهِرِ بِالْقَوْلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الْقَوْلِ الْعَزْمُ عَلَى الإِمْسَاكِ وَالإِصَابَةِ، وَأَنَّهُ إِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْعَزْمِ عَلَى الإِمْسَاكِ وَالإِصَابَةِ فَلا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مَتَى عَادَ عَادَ وُجُوبُ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ فِي حُكْمِ الثَّدْيِ فِي التَّظَاهُرِ، وَنُحِّيَ عَلَى قِيَاسِ هَذَا الْقَوْلِ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ إِذَا وَجَبَتْ بِالْوَجْهِ الَّذِي يُوجِبُهَا فِي قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُهَا عَنِ الْمُتَظَاهِرِ ثُبُوتُ الْمَرْأَةِ، لَا زَوَالُ النِّكَاحِ، وَلا حُرْمَتُهَا عَلَى الْمُتَظَاهِرِ مِنْهَا بِأَيِّ مَعْنًى حَرُمَتْ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهِ الْحُرُمَاتِ، إِذْ كَانَ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ عِنْدَهُمْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الإِمْسَاكِ وَالإِصَابَةِ الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْمُتَظَاهِرِ وَهَذَا خِلافُ مَذْهَبِ مُحَمَّدٍ الَّذِي لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ الْمُتَظَاهَرُ مِنْهَا سَقَطَتِ الْكَفَّارَةُ عَنِ الْمُتَظَاهِرِ، وَكَذَلِكَ إِذَا طُلِّقَتْ عَلَيْهِ أَوْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِمَعْنًى غَيْرِ الطَّلاقِ، سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ فِي تَظَاهُرِهِ مِنْهَا لِأَن الْكَفَّارَة عِنْده إِنَّمَا تطلق لَهُ مسيسها الَّذِي كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ قبلهَا بالتظاهر الَّذِي كَانَ مِنْهُ قَبْلَها، وَلأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، أَيْ حَتَّى يَعُودَا بَعْدَ تَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ إِلَى حُكْمِ حِلِّ الْمَمَاسَّةِ لَهُمَا الَّذِي كَانَا امْتَنَعَا مِنْهُ بِالتَّظَاهُرِ الَّذِي كَانَ طَرَأَ عَلَيْهِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فَذَكَرَ لَنَا الْمُزَنِيُّ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ، قَالَ: فَالَّذِي عَقَلْتُ مِمَّا سَمِعْتُ فِي: {يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ، أَنَّهُ إِذَا أَتَتْ عَلَى الْمُتَظَاهِرِ مُدَّةٌ بَعْدَ الْقَوْلِ بِالظِّهَارِ، لَمْ يُحَرِّمْهَا بِالطَّلاقِ الَّذِي تَحْرُمُ بِهِ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، كَأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَمْسَكَ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ مُخَالَفَةً، فَأَحَلَّ مَا حَرَّمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَعْلَمُ لَهُ مَعْنًى أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا، فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ مَاتَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَكَانَ هَذَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عُقُوبَةً مُكَفِّرَةً لِقَوْلِ الزُّورِ وَلَوْ تَظَاهَرَ فَأَتْبَعَ الظِّهَارَ طَلاقًا تَحْرِيمًا عَلَيْهِ، ثُمَّ رَاجَعَهَا، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا سَاعَةَ نُكْحِهَا، لأَنَّ مُرَاجَعَتَهُ إِيَّاهَا أَكْثَرُ مِنْ حَبْسِهَا بَعْدَ الظِّهَارِ قَالَ الْمُزَنِيُّ: هَذَا خِلافٌ لأَصْلِهِ، كُلُّ نِكَاحٍ جَدِيدٍ لَا يَعْمَلُ فِيهِ طَلاقٌ وَلا ظِهَارٌ إِلا جَدِيدٌ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا قَالَهُ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ فِيهِ، فَلَمْ نَجِدْ فِي ذَلِكَ مَنْصُوصًا غَيْرَ مَا 1961 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ، فَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ " فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ إِنَّمَا تُرَادُ لِيَحِلَّ بِهَا الْجِمَاعُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا كَفَّارَةَ بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ، وَلا بَعْدَ عَدَمِ حَلِّ الْجِمَاعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآثَارَ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الحديث: 1961 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 الْبَابِ، وَوَصْفَ مَا كَانَ مِنْ زَوْجِ خَوْلَةَ، وَهُوَ أَوْسُ بْنُ صَامِتٍ، وَأَنَّهُ قَوْلُهُ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَحَرَّمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ بَعْدَ نُزُولِ الآيَةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ حَتَّى يَفْعَلَ مَا أَمَرَه بِهِ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ بِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا قَوْلا مِثْلَهُ، فَيَكُونُ بِذَلِكَ الْقَوْلِ عَائِدًا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الأُولَى الَّتِي حَكَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ فَبَطَلَ بِذَلِكَ مَا قَالُوا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ لِلْمُتَظَاهَرِ مِنْهَا لَمَّا ذَكَرَتْ لَهُ ظِهَارَ زَوْجِهَا مِنْهَا قَبْلَ نُزُولِ الآيَةِ الَّتِي فِيهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ: " قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ "، لأَنَّ الظِّهَارَ كَانَ حِينَئِذٍ لَا حُكْمَ لَهُ تُحِلُّهُ الْكَفَّارَةُ، أَوْ تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، إِنَّمَا كَانَ طَلاقَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ مَا أَنْزَلَ، فَقَرَأَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُتَظَاهِرِ، ثُمَّ قَالَ: أَتَجِدُ كَذَا؟ أَتَسْتَطِيعُ كَذَا؟ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ: أَتُطَلِّقُهَا فَتَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ عَنْكَ، كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، أَوْ: أَتَحْبِسُهَا وَتَعْزِمُ عَلَى مُرَافِقِهَا، فَيَكُونُ بِذَلِكَ عَائِدًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ، فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْكَ؟ فَفِي تَرْكِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِخِلافِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَهُوَ لأَنْ يُحِلَّ بِهَا مَا كَانَ حَرَامًا قَبْلَهَا كَمَا قَالَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ حَرَامٌ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ قَوْمٌ حُكْمَ ذَلِكَ كَحُكْمِ الْمُظَاهِرِ بِالأُمَّهَاتِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ فِي إِمْلائِهِ لَهُمْ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا فِيمَا ذَكَرَهُ لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنْهُ وَأَبَى ذَلِكَ قَوْمٌ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَلَمْ يَجْعَلُوا الظِّهَارَ إِلا بِالأُمَّهَاتِ خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنْ ذَوَاتِ الأَرْحَامِ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ الطَّلاقَ فِي كِتَابِهِ فَسَمَّاهُ بِمَا سَمَّاهُ، ثُمَّ رَأَيْنَاهُمْ جَمِيعًا قَدْ أَلْحَقُوا بِذَلِكَ مَا فِيهِ مَعَانِي الطَّلاقِ مِثْلُ الْخَلِيَّةِ، وَالْبَرِيَّةِ، وَالْبَائِنِ، وَالْحَرَامِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يَحْكُمُونَ لَهَا بِحُكْمِ الطَّلاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ظَاهِرِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 طَلاقًا وَكَذَلِكَ الإِيلاءُ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لامْرَأَتِهِ: وَاللهِ لَا أَقْرَبُكِ، قَدْ أُلْحِقَ بِذَلِكَ أَمْثَالُهُ، مِثْلُ قَوْلِهِ: إِنْ قَرُبْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ قَرُبْتُكِ فَعَلَيَّ حَجَّةٌ، أَوْ: إِنْ قَرُبْتُكِ فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الظِّهَارُ كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ بِالأُمَّهَاتِ وَبِمَنْ حُكْمُهُ حُكْمُ الأُمَّهَاتِ فِي الْحُرُمَاتِ مِمَّنْ ذَكَرْنَا، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْحُرُمَاتِ بِالرَّضَاعِ، وَأَهْلُ الْحُرُمَاتِ بِمَا سِوَاهُ وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ فِي إِمْلائِهِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُتَظَاهِرَ لَا يَكُونُ بِمَنْ طَرَأَتْ حُرْمَتُهُ كَالرَّضَاعِ الطَّارِئِ، وَكَمَا سِوَاهُ مِنَ الأَشْيَاءِ الطَّارِئَةِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، لأَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمَّا جَعَلَ عَلَى الْمُظَاهِرِ الْكَفَّارَةَ فِي جَعْلِهِ امْرَأَتَهُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ حَلالَهُ، كَظَهْرِ أُمِّهِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ حَرَامًا، كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا إِذَا جَعَلَهَا حَرَامًا كَحُرْمَةِ مَا قَدْ حَرَّمَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ بِالرَّضَاعِ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الْمُتَظَاهِرِينَ، هَلْ تُجْزِئُ فِيهَا غَيْرُ الْمُؤْمِنَاتِ كَمَا تُجْزِئُ الْمُؤْمِنَاتُ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُجْزِئُ فِيهَا إِلا الْمُؤْمِنَاتُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: لأَنَّهُنَّ وَإِنْ لَمْ يُوصَفْنَ فِي آيَةِ الظِّهَارِ بِالإِيمَانِ فَقَدْ وَصَفَهُنَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا مِنْ آيِ الْكَفَّارَاتِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ، فَدَلَّ أَنَّ سَائِرَ الرِّقَابِ اللائِي ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ فِي الْكَفَّارَاتِ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا إِلا الْمُؤْمِنَاتُ كَمَا ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ الشُّهُودَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ سُورَة النُّور آيَة، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْعُدُولِ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُمْ فِي الآيَةِ الَّتِي ذَكَرَهُمْ فِيهَا، إِذْ كَانَ قَدْ وَصَفَهُمْ بِذَلِكَ فِي غَيْرِهَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الدَّيْنِ: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ سُورَة الْبَقَرَة آيَة، وَفِي آيَةِ الْوَصِيَّةِ: اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ سُورَة الْمَائِدَة آيَة، وَفِي آيَةِ الرَّجْعَةِ: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا: تُجْزِئُ فِي ذَلِكَ الْمُؤْمِنَاتُ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنَاتِ، إِذْ كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَطْلَقَهُنَّ فَلَمْ يَصِفْهُنَّ بِإِيمَانٍ وَلا بِغَيْرِهِ فِي الآيِ اللاتِي ذَكَرَهُنَّ فِيهَا، وَلا يُجْزِئُ فِيمَا وَصَفَهُ فِيهِنَّ بِالإِيمَانِ إِلا الْمُؤْمِنَاتُ، وَكَانَ مِنْ حُجَّتِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الأُولَى أَنْ قَالُوا: رَأَيْنَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْكَفَّارَاتِ مَا قَدْ وُصِفَ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُوصَفْ بِهِ سَائِرُ الْكَفَّارَاتِ، فَلَمْ يَكُنْ مَا وُصِفَتْ بِهِ كَفَّارَةٌ دَلِيلا عَلَى مَا وُصِفَتْ بِهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ فِيهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ، وَفِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ سُورَة النِّسَاء آيَة، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّتَابُعِ، لَا يُجْزِئُ إِلا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فِي كَفَّارَةِ الأَذَى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ سُورَة الْبَقَرَة آيَة، وَكَانَ ذَلِكَ الصِّيَامُ يُجْزِئُ فِيهِ التَّتَابُعُ وَغَيْرُ التَّتَابُعِ، وَفِي كَفَّارَةِ الصَّيْدِ: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ سُورَة الْمَائِدَة آيَة، حَتَّى ذَكَرَ الصِّيَامَ الَّذِي ذَكَرَهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانَ ذَلِكَ الصِّيَامُ يُجْزِئُ فِيهِ التَّتَابُعُ وَغَيْرُ التَّتَابُعِ وَقَوْلُهُ فِي التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ عِنْدَ عَدَمِ الْهَدْيِ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} ، فَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ فِيهِ التَّتَابُعُ وَغَيْرُ التَّتَابُعِ فِي أَشْبَاهٍ، لِذَلِكَ فَلَمْ يَجْعَلْ مَا لَمْ يُوصَفْ بِالتَّتَابُعِ مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ عَلَى التَّتَابُعِ، إِذْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَشْكَالِهِ قَدْ وَصَفَ بِهِ، بَلْ جَعَلَ الْمَوْصُوفَ بِالتَّتَابُعِ لَا يُجْزِئُ إِلا مُتَتَابِعًا، وَالْمَسْكُوتَ عَنْ ذِكْرِ التَّتَابُعِ فِيهِ يُجْزِئُ مُتَتَابِعًا وَغَيْرَ مُتَتَابِعٍ، غَيْرَ الصِّيَامِ فِي كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ، فَإِنَّ الَّذِي أَوْجَبُوا التَّتَابُعَ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا أَوْجَبُوهُ فِيمَا ذَكَرُوا اتِّبَاعًا لِمَا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ " فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ " وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ، وَمَا يُلْزِمُ أَهْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَالْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ، وَالْحُجَّةَ لَهُمْ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا فِي الصِّيَامِ كَمَا وَصَفْنَا، كَانَ كَذَلِكَ الْمَذْكُورُ بِالإِيمَانِ مِنَ الرِّقَابِ، لَا يُجْزِئُ فِيهِ إِلا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ، وَالْمَسْكُوتُ مِنْ ذِكْرِهِ بِالإِيمَانِ مِنْهَا تُجْزِئُ فِيهِ الْمُؤْمِنَاتُ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنَاتِ، وَلا يَكُونُ الْوَصْفُ لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ مِنَ الرِّقَابِ بِالإِيمَانِ وَصْفًا لِلآخَرِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 كَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الصِّيَامِ وَالرِّقَابِ اللائِي مِنَ الْكَفَّارَاتِ أَشْبَهَ بِالصِّيَامِ الَّذِي مِنَ الْكَفَّارَاتِ مِنْهَا بِالشَّهَادَاتِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ يُجْزِئُ فِي الرِّقَابِ الْمَسْكُوتِ عَنْ وَصْفِهَا بِالإِيمَانِ الْمُؤْمِنَاتُ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنَاتِ كَمَا قَالَ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَهَذِهِ الرِّقَابُ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّها تُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَاتِ غَيْرَ الظِّهَارِ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا، أَيُّ الرِّقَابِ هِيَ؟ فَقَالَ قَائِلُونَ: هِيَ غَيْرُ الْمُسْتَهْلَكَاتِ مِنْهُنَّ بِالْعَمَى، أَوْ بِقَطْعِ الْيَدَيْنِ ، أَوْ بِقَطْعِ الرِّجْلَيْنِ، أَوْ بِقَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ النُّقْصَانِ الَّذِي يَكُونُ كَالْعَوَرِ، وَكَقَطْعِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ، أَوْ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ، أَوْ قَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ جَانِبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ كَذَلِكَ يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَقَالَ قَائِلُونَ: لَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ إِلا مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْبَطْشِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا كَالأَعْوَرِ، وَكَمَا أَشْبَهَهُ فَأَمَّا الَّذِي يَنْقُصُ بَطْشُهُ بِذَهَابِ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ نُقْصَانًا بَيِّنًا فِي بَطْشِهِ، فَلا يُجْزِئُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ قَائِلُونَ: لَا يُجْزِئُ مِنَ الرِّقَابِ مَنْ كَانَتْ عَوْرَاءَ، وَلا مَنْ كَانَتْ قَطْعَاءَ، وَلا يُجْزِئُ مِنْهُنَّ إِلا مَنْ كَانَ سَلِيمًا مِنْ ذَلِكَ، وَمِمَّا أَشْبَهَهُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا النَّاقِصَ الأَنْمُلَةَ أَوِ الْمَعِيبَ عَيْبًا فِي يَدَيْهِ يُنْقِصُهُ ذَلِكَ الْعَيْبُ مِنْ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ صَحِيحًا، أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ لَوْ كَانَ سَلِيمًا مِنْهُ مِنَ الرِّقَابِ، يُجْزِئُ بِلا اخْتِلافٍ فِي ذَلِكَ عَلِمْنَاهُ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ يُجْزِئُ مِنَ الرِّقَابِ فِي ذَلِكَ مَنْ بِهِ نَقْصٌ مَا، ثُمَّ إِنْ كَانَ غَيْرَ لاحِقٍ بِأَحْوَالِ ذَوِي التَّمَامِ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فِي ذَلِكَ بِالضَّحَايَا وَبِالْهَدَايَا، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْنَا الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا لَا يُجْزِئُ فِيهَا الأَعْمَى، كَذَلِكَ الرِّقَابُ الْوَاجِبَاتُ، وَرَأَيْنَا الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا لَا يُجْزِئُ فِيهَا الأَعْوَرُ، وَكَانَ مَا إِذَا ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ فِي ذَلِكَ، لَا يَجُوزُ فِيهِ إِذَا ذَهَبَتْ إِحْدَاهُمَا، فَكَذَلِكَ الرِّقَابُ قِيلَ لَهُ: قَدْ رَأَيْنَا أُمُورَ الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا قَدْ وُكِّدَ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي أَكْثَرَ مِمَّا وُكِّدَ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 أَمْثَالِهَا مِنَ الرِّقَابِ، مِنْ ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الصَّغِيرَ مِنَ الرِّقَابِ يُجْزِئُ فِيمَا يُجْزِئُ فِيهِ الْكَبِيرُ، وَرَأَيْنَا السَّخْلَ مِنَ الْمَوَاشِي لَا يُجْزِئُ فِيمَا يُجْزِئُ فِيهِ الْكَبِيرُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلافِ أَصْلَيْهِمَا، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ زِيدَ فِي تَوْكِيدِهِ عَلَى تَوْكِيدِ الآخَرِ، وَإِذَا تَبَايَنَ أَصْلاهُمَا فِي زِيَادَةِ تَوْكِيدِ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ تَبَايَنَ فَرْعَاهُمَا، وَبَطَلَ أَنْ يُرَدَّ حُكْمُ فَرْعِ أَحَدِهِمَا إِلَى حُكْمِ فَرْعِ الآخَرِ وَلَمَّا بَطَلَ ذَلِكَ، وَثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يُرَدَّ فِي الرِّقَابِ الْمُتَكَامَلِ مِنْهَا، ثَبَتَ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَلَى النَّقَائِصِ الَّتِي فِيهَا كَمَا تُجْزِئُ لَوْ كَانَتْ فِيهَا نَقَائِصُ حَتَّى يُجْمَعَ عَلَى خُرُوجِهَا مَنْ ذَلِكَ إِلَى النَّقَائِصِ الَّتِي يُجْمَعُ عَلَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَهِيَ بِهَا فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فِي هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} ، فَذَلِكَ مِنَ الْمُحْكَمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ كَفَّارَةَ مَنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً يَعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِهِ فَإِنْ دَخَلَ فِي الصَّوْمِ غَيْرَ وَاجِدٍ لِلرَّقَبَةِ، فَصَامَ بَعْضَهُ ثُمَّ وَجَدَهَا، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِذَا كَانَ الَّذِي صَامَ أَكْثَرَ الصَّوْمِ، وَالَّذِي بَقِيَ أَقَلَّهُ، مَضَى عَلَى صَوْمِهِ وَأَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي صَامَ أَقَلَّهُ ثُمَّ وَجَدَ الرَّقَبَةَ لَمْ يَحْتَسِبْ بِمَا مَضَى، وَلَمْ يَكُنِ الصَّوْمُ لَهُ كَفَّارَةً، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتِقَ الرَّقَبَةَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ فِي الصَّوْمِ، فَصَامَ شَيْئًا مِنْهُ قَلِيلا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، ثُمَّ وَجَدَ الرَّقَبَةَ أَتَمَّ صَوْمَهُ، وَلا عِتْقَ عَلَيْهِ ، لأَنَّهُ دَخَلَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِذَا صَامَ وَهُوَ لَا يَجِدُ الرَّقَبَةَ، ثُمَّ وَجَدَهَا وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّوْمِ شَيْءٌ، قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، زَالَ ذَلِكَ الْعُذْرُ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ، وَكَانَ فِي مَعْنَى مَنْ كَانَ وَاجِدًا لِلرَّقَبَةِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، لأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا جَعَلَ الصَّوْمَ كَفَّارَةً لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الرِّقَابِ، فَإِذَا صَارَ مِنْ أَهْلِهَا لَمْ يُجْزِئْهُ أَنْ يَصُومَ صَوْمًا لَمْ يَجْعَلْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 لِوَجْدِ الرِّقَابِ كَفَّارَةً وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ ذَلِكَ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُ الْوَاجِدَ مِنَ الرِّقَابِ، فَإِذَا ارْتَفَعَ أَنْ يُجْزِئَهُ مَا صَامَ وَهُوَ وَاجِدٌ لِلرَّقَبَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ إِلا الرَّقَبَةُ، وَلأَنَّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ هُوَ الصَّوْمُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الرِّقَابِ فِي حَالِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ، لَا تَتَحَوَّلُ عَنْ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ صَارَ مِنْ أَهْلِ الرِّقَابِ أَوْ يَكُونَ حُكْمُ وُجُودِ الرِّقَابِ مُعْتَبَرًا فِيهِ إِلَى سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ عَنْهُ فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ الصِّيَامُ إِذْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الرِّقَابِ، فَلَمْ يَصُمْ حَتَّى صَارَ مِنْ أَهْلِ الرِّقَابِ، أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَلا يُجْزِئُهُ الصِّيَامُ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يَكُنْ فَرْضُهُ عِنْدَ عَدَمِ الرَّقَبَةِ فَرْضًا لَا يَتَحَوَّلُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ إِذَا وَجَدَهَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّوْمِ ، وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلا أَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا يُجْزِئُهُ مَا كَانَ مِنْ أَهْلِ عَدَمِ الرَّقَبَةِ، فَإِذَا صَارَ مِنْ أَهْلِ وُجُودِهَا لَمْ يُجْزِئْهُ وَقَدْ وَجَدْنَا لِذَلِكَ نَظِيرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ} ، يَعْنِي مِنْ سِوَى الصِّنْفَيْنِ اللَّذَيْنِ جَعَلَ عِدَدَهُمَا الشُّهُورَ، وَكَانَتِ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ إِذَا طُلِّقَتْ فَدَخَلَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَهِيَ الشُّهُورُ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهَا الْحَيْضُ لَمْ تَعْتَدَّ بِمَا مَضَى مِنَ الشُّهُورِ، وَاعْتَدَّتْ بِالأَقْرَاءِ، وَكَانَتْ فِي حُكْمِ مَنْ طَلَّقَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الأَقْرَاءِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ وُجُودِ الرِّقَابِ إِذَا طَرَأَ فِي الصَّوْمِ الْمَجْعُولِ بَدَلا مِنْهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِهِ لَوْ طَرَأَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِ فَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مُضِيِّ قَلِيلِ الصَّوْمِ وَمُضِيِّ كَثِيرِهِ فَلا مَعْنَى لِتَفْرِيقِهِ بَيْنَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} ، فَذَلِكَ مِنَ الْمُحْكَمِ فِي عَدَدِ الْمَسَاكِينَ، وَمِنَ الْمُتَشَابَهِ فِي مِقْدَارِ مَا يُطْعِمُونَ وَفِي الصَّنْفِ الَّذِينَ هُمْ مِنْهُ، فَقَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 قَائِلُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْمُرَادُ بِهِ إِطْعَامُ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا وَاحِدًا مِنْ طَعَامِ بَلَدِ الْمُكَفِّرِ الَّذِي يُقْتَاتُ مِنْهُ حِنْطَةٌ أَوْ شَعِيرٌ أَوْ أُرْزٌ أَوْ سُلْتٌ أَوْ تَمْرٌ أَوْ زَبِيبٌ أَوْ أَقِطٌ هَكَذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي هَذَا فِيمَا ذَكَرَ لَنَا الْمُزَنِيُّ، وَهُوَ مَعْنَى عَامَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي تَقْدِيرِهِمُ الْمُدَّ وَقَائِلُونَ يَقُولُونَ: لَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ مِنَ الإِطْعَامِ إِلا مُدَّانِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، وَهُمَا نِصْفُ صَاعٍ بِصَاعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ حِنْطَةً أَوْ دَقِيقًا أَوْ سُوَيْقًا مِنْهَا فَأَمَّا مِنَ الشِّعِيرِ، أَوْ مِنْ دَقِيقِهِ، أَوْ مِنْ سَوِيقِهِ، وَمِنَ التَّمْرِ فَصَاعٌ بِصَاعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، لَا يُجْزِئُ عِنْدَهُمْ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ هَذِهِ الأَجْنَاسِ غَيْرُ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْهُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كُتُبِنَا هَذِهِ فِي الْمَنَاسِكِ فِي فِدْيَةِ الأَذَى مِقْدَارَ مَا يُطْعَمُهُ كُلُّ مِسْكِينٍ، فَأَغْنَانَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَقَدِ احْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الأُولَى لِمَقَالَتِهِمْ فِي مِقْدَارِ إِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ بِحَدِيثِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِخَوْلَةَ: " مُرِيهِ فَلْيَذْهَبْ إِلَى فُلانٍ فَقَدْ أَخْبَرَنِي أَنَّ عِنْدَهُ شَطْرَ وَسْقٍ، فَلْيَأْخُذْهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ، ثُمَّ يَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا " وَبِحَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَنْ خَوْلَةَ، " أَنَّ زَوْجَهَا ظَاهَرَ مِنْهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الظِّهَارِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ أَنْ يُوَاقِعَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا " وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ قَدْ رُوِيَا هَكَذَا، وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زَيْدٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَهُ بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ: تَاللهِ مَا عِنْدِي إِلا أَنْ تُعِينَنِي، فَأَعَانَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا " وَالْمُعَاوَنَةُ عَلَى الشَّيْءِ إِنَّمَا هِيَ بِبَعْضِهِ لَا بِكُلِّهِ فَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الآخَرِ، وَأَمَّا حَدِيثُ يُوسف بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ فَقَدْ رُوِيَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ رُوِيَ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ كَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 1962 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَوْلَةُ ابْنَةُ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ ابْنِ أَخِي عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَانَ زَوْجَهَا حِينَ ظَاهَرَ مِنْهَا بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَعَانَتْهُ هِيَ بِعَرَقٍ آخَرَ، وَذَلِكَ سِتُّونَ صَاعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَصَدَّقْ بِهِ، وَاتَّقِي اللهَ، وَارْجِعِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ " فَهَكَذَا كَانَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ يَقُولُونَ: مَا يُطْعَمُ فِيهِ مِنَ التَّمْرِ كُلُّ مِسْكِينٍ صَاعًا، يُطْعَمُ فِيهِ مِنَ الْحِنْطَةِ كُلُّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ فَأَمَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ، هُوَ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِيهِ: " انْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ، فَمُرْهُ فَلْيَدْفَعْ إِلَيْكَ صَدَقَتَهُمْ، فَأَطْعِمْ وَسْقًا سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَأَنْفِقْ سَائِرَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى عِيَالِكَ " وَقَدْ رَوَاهُ بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ بِغَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى 1963 - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ، أَنَّ رَجُلا مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ: سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ، وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ حَظًّا مِنَ الْجِمَاعِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ تَظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَاشْتَكَى عَيْنَيْهِ، فَأَتَتْهُ امْرَأَتُهُ بِمُكْحُلَةٍ فِي الْقَمَرِ، فَأَعْجَبَهُ بَعْضُ مَا رَأَى مِنْهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: " أَنْتَ بِذَلِكَ يَا سَلَمَةُ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَأَعْتِقْ رَقَبَةً " قَالَ: مَا أَمْلِكُ غَيْرَ رَقَبَتِي قَالَ: " فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ " قَالَ: مَا عَمَلٌ يَعْمَلُ النَّاسُ أَشَقُّ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ قَالَ: " فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا " قَالَ: مَا أَجِدُ شَيْئًا قَالَ: فَأَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الحديث: 1962 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ: " تَصَدَّقْ بِهَذَا " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي وَمِنْ أَهْلِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُكَ " فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ هُوَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءِ، عْنِ سُلَيْمَانَ، كَمَا ذَكَرْنَا، فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَدِيثِ كَمَا رَوَاهُ بُكَيْرٌ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ دَلِيلا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْطِهِ الَّذِي أَعْطَاهُ عَلَى أَنَّهُ جَمِيعُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ عَلَى الْمَعُونَةِ مِنْهُ إِيَّاهُ فِيمَا عَلَيْهِ وَلا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ عِنْدَنَا زَوَالُ كَفَّارَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَى وُجُوبِهَا إِلا بِاتِّفَاقٍ عَلَى زَوَالِهَا، إِذْ كَانَ مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ اسْتِنْبَاطًا وَلا قِيَاسًا، وَكَانَ الْمُظَاهِرُ إِذَا أَطْعَمَ مَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْكَفَّارَةِ فِي قَوْلِهِمْ وَفِي قَوْلِ أَهْلِ الْمَقَالَةِ الآخَرِينَ، وَإِذَا أَطْعَمَ مَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الأُولَى لَمْ تَسْقُطِ الْكَفَّارَةُ عِنْهُ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَانَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ أَوْلَى بِنَا، إِذْ كَانَ فِيهِ سُقُوطُ الْوَاجِبِ بِلا اخْتِلافٍ وَعَلَى الْمُظَاهِرِ أَلا يَمَاسَّ أَهْلَهُ فِي كُلِّ مَعْنًى مِنْ هَذِهِ الثَّلاثَةِ الْمَعَانِي مِنَ الْكَفَّارَاتِ حَتَّى يَجِيءَ بِالْمَعْنَى الَّذِي عَلَيْهِ مِنْهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَلِمَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ مِمَّنْ لَيْسَ بِوَاجِدٍ لِلرَّقَبَةِ فَعَادَ فِي حُكْمِهِ إِلَى الإِطْعَامِ، وَلَمْ يَشْتَرِطِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ كَمَا اشْتَرَطَ فِيمَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، فِي الْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي الآيَةِ؟ قِيلَ لَهُ: يَجِبُ ذَلِكَ لِمَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحَادِيثِ الظِّهَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ، أَنَّهُ لَمْ يُطْلِقِ الْمَمَاسَّةَ لِلْمُظَاهِرِينَ فِيهَا حَتَّى يَفْعَلا مَا أَمَرَهُمَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالآخَرُ أَنَّ الْفَرَائِضَ الَّتِي هِيَ أَبْدَالٌ مِنْ أَشْيَاءَ قَبْلَهَا إِذَا عُدِمَتْ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا عَادَ كَمَا كَانَ قَبْلَهَا، فَصَارَ ثَابِتًا، فَلَمْ يَحِلَّ الْجِمَاعُ حَتَّى يَفْعَلَ، كَمَا لَا يَحِلُّ الْجِمَاعُ لِمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْعِتْقِ أَوِ الصِّيَامِ حَتَّى يَفْعَلَهُ، أَلا تَرَى أَنَّ فَرْضَ اللهِ عَزَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ التَّطْهِيرَ بِالْمَاءِ، فَإِنْ عَدَمُوهُ وَجَبَ عَلَيْهِمُ التَّيَمُّمُ بِالصَّعِيدِ، فَإِنْ عَدَمُوهُ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُهُ عَنْهُمْ، لَا إِلَى فَرْضٍ سِوَاهُ، بَلْ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ " 1964 - كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَقْبَلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ صَلاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ " فَنَفَى بِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الصَّلاةُ مَقْبُولَةً إِلا بِطَهُورٍ يُتَطَهَّرُ بِهِ وَكَذَلِكَ مَا عُدِمَ مِنَ الْفَرَائِضِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِمَّا بَعْضُهَا أَبْدَالٌ مِنْ بَعْضٍ إِذَا سَقَطَ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ مِنْهَا عَادَ وُجُوبُ الْبَدَلِ الَّذِي قَبْلَهُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الظِّهَارِ، هَلْ يَلْحَقُ الإِمَاءَ اللائِي غَيْرُ زَوْجَاتٍ مِنْ مَوَالِيهِنَّ أَمْ لَا؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَلْحَقُهُنَّ الظِّهَارُ مِنْ مَوَالِيهِنَّ كَمَا تَلْحَقُ الزَّوْجَاتُ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَلْحَقُهُنَّ ظِهَارٌ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَحْكِ اخْتِلافًا وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ يَذْهَبُ إِلَيْهِ كَمَا ذَكَرَ لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنْهُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ فَوَجَدْنَا الطَّلاقَ لَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَاتِ، وَوَجَدْنَا الإِيلاءَ كَذَلِكَ لَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَاتِ، وَكَانَ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ عز وَجل عِنْدَهُمْ جَمِيعًا: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، عَلَى النِّسَاءِ الزَّوْجَاتِ، لَا عَلَى الْمَمْلُوكَاتِ غَيْرِ الزَّوْجَاتِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ الحديث: 1964 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} ، الآيَةَ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجَاتِ، لَا عَلَى مَنْ سِوَاهُنَّ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الظِّهَارُ كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} ، الآيَةَ عَلَى النِّسَاءِ الزَّوْجَاتِ، لَا عَلَى مَنْ سِوَاهُنَّ فَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} ، قَالَ: فَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ أُمَّهَاتُ الإِمَاءِ الْمُوطَآتُ كَمَا دَخَلَ فِيهَا أُمَّهَاتُ الزَّوْجَاتِ الْمَنْكُوحَاتِ قِيلَ لَهُ: وَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ عِنْدَنَا وَعِنْدَكَ أُمَّهَاتُ النِّسَاءِ الْمُزَوَّجَاتُ نِكَاحًا فَاسِدًا الْمُوطَآتُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ دُخُولُ أُمَّهَاتِهِنَّ فِي ذَلِكَ مُوجِبًا التَّظَاهُرَ مِنْ بَنَاتِهِنَّ، أَلا تَرَى أَنَّ رَجُلا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا فَجَامَعَهَا عَلَى ذَلِكَ، أَنَّ أُمَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَوْ ظَاهَرَ مِنَ ابْنَتِهَا لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا فَلَمَّا ثَبَتَ فِي هَذِهِ الآيَةِ دُخُولُ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ الْمُجَامَعَاتِ عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَلِمْ تَدْخُلْ بَنَاتُهُنَّ فِي آيَةِ الظِّهَارِ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ دُخُولُ أُمَّهَاتِ الإِمَاءِ الْمُجَامَعَاتِ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ غَيْرَ مُوجِبٍ دُخُولَ بَنَاتِهِنَّ فِي آيَةِ الظِّهَارِ، فَسَقَطَتْ بِذَلِكَ حُجَّةُ هَذَا الْمُحْتَجِّ الَّذِي احْتَجَّ بِهَا عَلَى مُخَالِفِيهِ وَلَمَّا سَقَطَ ذَلِكَ طَلَبْنَا الْوَجْهَ فِي هَذَا الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، فَوَجَدْنَا الظِّهَارَ هُوَ طَلاقُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي كَانُوا يُطَلِّقُونَهُ نِسَاءَهُمْ أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَوْلَةَ لَمَّا سَأَلَتْهُ عَنْ تَظَاهُرِ زَوْجِهَا: " قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ "، وَإِلَى قَوْلِهَا: " إِلَى اللهِ أَشْتَكِي "، أَيْ لِمَكَانِ الْفُرْقَةِ الَّتِي حَدَثَتْ بَيْنَهُمَا بِتَظَاهُرِهِ، وَإِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَقَرَّهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَأَوْجَبَ عَلَى الْمُتَظَاهِرِ مَا أَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الآيَةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا، فَصَارَ الظِّهَارُ فِي الإِسْلامِ خَلَفًا مِنَ الطَّلاقِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا كَانَ الطَّلاقُ لَا حَظَّ لِلْمَمْلُوكَاتِ غَيْرِ الزَّوْجَاتِ فِيهِ كَانَ كَذَلِكَ الظِّهَارُ، لَا حَظَّ لِلْمَمْلُوكَاتِ غَيْرِ الزَّوْجَاتِ فِيهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الظِّهَارَ إِنَّمَا أَلْحَقْنَاهُ الْمَمْلُوكَاتِ لأَنَّهُ تَحْرِيمٌ قِيلَ لَهُ: إِنَّ التَّحْرِيمَ الَّذِي يَلْحَقُ الإِمَاءَ، عِنْدَ مَنْ يُلْحِقُهُنَّ إِيَّاهُ بِقَوْلِ مَوَالِيهِنَّ: أَتينَّ عَلَيَّ حَرَامٌ، إِنَّمَا هُوَ فِي التَّحْرِيمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 الْعَامِّ الَّذِي يَلْحَقُ الأَشْيَاءَ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَاللِّبَاسِ وَسَائِرِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ سِوَى ذَلِكَ، فَيُحَرِّمُونَهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِقَوْلِهِمْ: هُوَ عَلَيْنَا حَرَامٌ وَيُوجِبُ ذَلِكَ الْكَفَّارَةَ، إِنْ يَسْتَحِلَّ، عِنْدَ الَّذِينَ يُوجِبُونَ على الْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُوجِبُونَ كَفَّارَةً فِي ذَلِكَ، وَلا يَجْعَلُونَ لِهَذَا الْقَوْلِ مَعْنًى وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْبَابِ، وَمَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} ، وَفِي قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: {قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} ، فِي كِتَابِ الأَيْمَانِ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فَلَمَّا كَانَ التَّحْرِيمُ الَّذِي يَلْحَقُ الإِمَاءَ غَيْرَ الزَّوْجَاتِ يَلْحَقُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ كَمَا يَلْحَقُ الزَّوْجَاتِ فِي قَوْلِ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَالَ: ثَوْبِي عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَهَذَا الطَّعَامُ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ هَذَا الشَّرَابُ عَلَيَّ كَذَلِكَ، لَا يُوجِبُ ذَلِكَ حُرْمَةً عَلَيْهِ، وَلا وُجُوبَ كَفَّارَةٍ فِي انْتِهَاكِهِ إِيَّاهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ إِنَّ الظِّهَارَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْجِنْسِ، وَإِنَهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي خَاصٍّ مِنَ الأَشْيَاءِ، وَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْخَاصِّ إِلا مَا تَقُومُ الْحُجَّةُ تُوجِبُ دُخُولَهُ فِيهِ، وَلا حُجَّةَ نَعْلَمُهَا تُوجِبُ التَّظَاهُرَ مِنَ الإِمَاءِ غَيْرِ الزَّوْجَاتِ فَلَمَّا انْتَفَى ذَلِكَ كَانَ الأَوْلَى بِنَا أَنْ يَكُونَ عَلَى أُصُولِهِنَّ، وَعَلَى حِلِّهِنَّ الَّذِي كُنَّ عَلَيْهِ قَبْلَ تِلْكَ الْحَادِثَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنْ مَوَالِيهِنَّ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} ، إِلَى آخِرِ الآيَةِ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ مَا 1965 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " بَيْنَا نَحْنُ عَشِيَّةَ جُمُعَةٍ فِي الحديث: 1965 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 الْمَسْجِدِ إِذْ قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ أَحَدَنَا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا، فَإِنْ هُوَ قَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ هُوَ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ شَدِيدٍ، اللهُمَّ احْكُمْ فَأُنْزِلُتْ آيَةُ اللِّعَانِ " قَالَ عَبْدُ اللهِ: " فَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوَّلَ مَنِ ابْتُلِيَ " وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مَا 1966 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو الْمُنْذِرِ أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلْتُهُ: هَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُتَلاعِنَيْنِ؟ فَحَدَثَّنِي أَنَّ رَجُلا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: الرَّجُلُ يَرَى مَعَ امْرَأَتِهِ الرَّجُلَ، فَإِنْ سَكَتَ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَإِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: قَدِ ابْتُلِيتُ بِالَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَالَ: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَاتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُورَةِ النُّورِ فَخَوَّفَهُ، وَقَالَ: " عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ " وَذَكَّرَهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، وَدَعَا الْمَرْأَةَ فَذَكَرَهَا، وَقَالَ: " عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ "، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ قَالَ: فَقَامَ الرَّجُلُ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ قَامَتِ الْمَرْأَةُ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الحديث: 1966 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا فِي الأَوَّلِ عَنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ وَفِيهِ كَيْفِيَّةُ اللِّعَانِ، وَتَفْرِيقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلاعِنَيْنِ بَعْدَ تَمَامِهِ، وَتَخْوِيفُهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا خَوَّفَهُ مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مَا: 1967 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ يَا عَاصِمُ لَوْ أَنَّ رَجُلا وَجَدَ رَجُلا مَعَ امْرَأَتِهِ، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي عَنْ ذَلِكَ يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسْطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ رَجُلا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا " قَالَ سَهْلٌ: فَتَلاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاعِنَيْنِ، 1968 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْفِهْرِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلٍ، بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَالَ: " فَطَلَّقَهَا ثَلاثَ تَطْلِيقَاتٍ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْفَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مَا صَنَعَ الحديث: 1967 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةً " قَالَ سَهْلٌ: " فَحَضَرْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَضَتِ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمُتَلاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ غَيْرَ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ وَفِيهِ مُلاعَنَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ اللَّذَيْنِ حَدَثَ الأَمْرُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَانَ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا، وَفِيهِ تَفْرِيقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فَهَذَا مَا رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّمْيِ الَّذِي يُوجِبُ هَذَا اللِّعَانَ مَا هُوَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ قَوْلُ الزَّوْجِ لامْرَأَتِهِ: رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ، لَا مَا سِوَاهُ مِنْ قَوْلِهِ لَهَا: يَا زَانِيَةُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لامْرَأَتِهِ: رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ، وَقَوْلُهُ لَهَا: يَا زَانِيَةُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلِهِمْ يُوجِبُ اللِّعَانَ الْحَادِثَ بَيْنَهُمَا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ، وَالشَّافِعِيُّ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَجَبَ النَّظَرُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَرَأَيْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي الآيَةِ الَّتِي قَبْلَ آيَةِ اللِّعَانِ مِنْ سُورَةِ النُّورِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} ، إِلَى آخِرِ الآيَةِ فَكُلُّ ذَلِكَ الرَّمْيِ الْمَذْكُورِ فِيهَا هُوَ الرَّمْيُ بِالزِّنَى، كَانَتِ الرِّوَايَةُ مَذْكُورَةً فِيهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ فَلَمَّا كَانَ الرَّمْيُ الْمَذْكُورُ فِي الآيَةِ الأُولَى هُوَ مَا ذَكَرْنَا، كَانَ الرَّمْيُ الْمَذْكُورُ فِي الآيَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ، فَثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا مَا قَالَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفُرْقَةِ الْوَاجِبَةِ بِسَبَبِ اللِّعَانِ مَتَى تَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ حَتَّى يَزُولَ بِهَا النِّكَاحُ الَّذِي بَيْنَهُمَا بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ أَنَّهُمَا لَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا بَعْدَ اللِّعَانِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَفَرَغَا مِنْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلِ الْحَاكِمُ لَهُمَا: قَدْ فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَزُفَرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا فَرَغَ الزَّوْجُ مِنَ اللِّعَانِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، ثُمَّ تُلاعِنُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلا نِكَاحَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَاذِفِ لَهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَلَمْ يَحْكِ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُمَا زَوْجَانِ عَلَى حَالِهِمَا الَّتِي كَانَا عَلَيْهَا قَبْلَ اللِّعَانِ حَتَّى يَقُولَ الْحَاكِمُ: قَدْ فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا، فَيَزُولُ بِذَلِكَ النِّكَاحُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا، وَمَا لَمْ يَقُلِ الْحَاكِمُ لَهُمَا ذَلِكَ، وَإِنْ فَرَغَا مِنَ اللِّعَانِ، لَمْ يَزُلِ النِّكَاحُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ فِي إِمْلائِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَجَبَ النَّظَرُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَوَجَدْنَا هَذَا اللِّعَانَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْعَجْلانِيِّ وَامْرَأَتِهِ هُوَ أَوَّلُ لِعَانٍ كَانَ فِي الإِسْلامِ، وَوَجَدْنَا الآيَةَ الَّتِي فِيهَا اللِّعَانُ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِيهِ وَفِي صَاحِبَتِهِ، وَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ، وَمُرَادَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ حَتَّى عَلِمَهُ النَّاسُ مِنْهُ، وَوَجَدْنَا حُقُوقًا تَجِبُ بِالْفُرْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَحُقُوقًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَجِبُ عَلَيْهِمَا فِي تِلْكَ الْفُرْقَ، فَاسْتَحَالَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنْ تَكُونَ فُرْقَةٌ تُوجِبُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ وَقَعَتْ عِنْدَ فَرَاغِ الزَّوْجِ مِنَ اللِّعَانِ، أَوْ عِنْدَ فَرَاغِ الْمَرْأَةِ، لَا يُعْلِمُهُمَا إِيَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَفْعَلا الْوَاجِبَ عَلَيْهِمَا فِيهَا أَلا تَرَى أَنَّ الْفُرْقَةَ إِذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا أُوجِبَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْعِدَّةُ مِنَ الزَّوْجِ، وَأَنَّ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ تَحْصِينَهَا فِيهَا، وَإِسْكَانَهَا إِلَى انْقِضَائِهَا، وَأَنَّ مِنْ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ أَخْذَهُ بِالْوَاجِبِ لَهَا مِنَ السُّكْنَى فِي أَقْوَالِ هَؤُلاءِ الْقَائِلِينَ، وَأَنَّ عَلَيْهَا أَلا تُسَافِرَ، وَأَلا تَبِيتَ عَنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا الْمُفَارِقِ لَهَا، فَاسْتَحَالَ عِنْدَنَا تَرْكُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَثَبَتَ بِسُكُوتِهِ عَمَّا وَصَفْنَا أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ فُرْقَةٌ بَيْنَهُمَا إِلَى أَنْ فَرَّقَ الْفُرْقَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِي حَدِيثِ سَهْلٍ الَّذِي ذَكَرْنَا ثُمَّ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ خَاصَّةً أَنَّ عُوَيْمِرًا قَالَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَزَوْجَتِهِ مِنَ اللِّعَانِ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 وَسلم بِطَلاقِهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ كَانَ عِنْدَ عُوَيْمِرٍ قَائِمًا إِلَى الآنَ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَدْ وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا مِمَّنْ لَا يَقَعُ طَلاقُهُ عَلَيْهَا وَالْقَائِلُونَ بِالْقَوْلَيْنِ الأَوَّلَيْنِ يَقُولُونَ: لَا يَقَعُ الطَّلاقُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْبَائِنِ مِنْ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا، وَقَدْ أَنْفَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الطَّلاقَ عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَأَلْزَمَهُ إِيَّاهُ، فَعَلَى أَيِّ مَعْنًى كَانَ هَذَا الطَّلاقُ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ؟ فَأَهْلُ هَاتَيْنِ الْمَقَالَتَيْنِ خَارِجُونَ عَنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى، قَائِلُونَ بِخِلافِهِ، وَفِي ثُبُوتِ تَفْرِيقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَبْقَيَانِ عَلَى النِّكَاحِ أَبَدًا غَيْرَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِلطَّلاقِ الَّذِي كَانَ، أَوْ بِأَسْبَابِ اللِّعَانِ وَرَأَيْنَا اللِّعَانَ ابْتَدَاؤُهُ كَانَ مِنَ الْحَاكِمِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الأَشْيَاءَ تَرْجِعُ أَوَاخِرُهَا إِلَى حُكْمِ أَوَائِلِهَا، وَأَنَّ مَا كَانَ أَوَّلُهُ مِنْهَا لَا يَكُونُ إِلا بِالْحَاكِمِ، فَآخِرُهُ لَا يَكُونُ إِلا بِهِ، وَمَا كَانَ أَوَّلُهُ بِغَيْرِهِ كَانَ آخِرُهُ كَذَلِكَ، وَشَرَحْنَا ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ شَرْحًا يُغْنِينَا عَنْ إِعَادَتِهِ فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ أَيْضًا كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ أَوَّلُهُ لَمَّا كَانَ بِالْحَاكِمِ، لَا بِغَيْرِهِ، أَنْ يَكُونَ آخِرُهُ كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ بِالْحَاكِمِ لَا بِغَيْرِهِ فَهَذِهِ الْحُجَّةُ عِنْدَنَا لازِمَةٌ لأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ غَيْرَ زُفَرَ، فَإِنَّا لَا نَدْرِي هَلْ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الطَّلاقَ يَلْحَقُ الْمُعْتَدَّةَ الْبَائِنَ مِنَ الَّذِي تَعْتَدُّ مِنْهُ فِي عِدَّتِهَا أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ هَذَا اللِّعَانُ وَقَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ بِالْمَرْأَةِ، وَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِمَا يَجِبُ وُقُوعَهَا مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّهَا فِيمَا يَجِبُ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ عَلَى زَوْجِهَا كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ كَالْبَائِنِ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِفُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ زَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلاقًا، فَإِنْ كَانَ قَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَلَهَا نِصْفُ مَا سَمَّى لَهَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا فَهِيَ كَالْمُطَلَّقَةِ أَوْ كَالْبَائِنِ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْمُتْعَةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَهَذَا فَلا نَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلافًا غَيْرَ شَيْءٍ يُرْوَى عَنْ أَبِي بُرْدَةَ يَدُلُّ أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ فِي حُكْمِ الْفِرَقِ اللاتِي تَأْتِي مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالأَصْدَاقِ لَهَا فِيهَا، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الزَّوْجَةُ قَدْ دُخِلَ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا، فَإِنَّ لَهَا الصَّدَاقَ كَامِلا عَلَى زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ سَمَّى لَهَا فَلَهَا جَمِيعُ مَا سَمَّاهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا فَلَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ بِمِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا، لَا وَكْسَ عَلَيْهَا فِيهِ، وَلا شَطَطَ فِيهِ عَلَى زَوْجِهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 1969 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: فَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلانِ، وَقَالَ لَهُمَا: " حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ، اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا " قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، صَدَاقِي الَّذِي أَصْدَقْتُهَا قَالَ: " لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهُ " وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ تَسْتَحِقُّ بِدُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً مِنَ الصَّدَاقِ فِي فُرْقَةٍ إِنْ وَقَعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، مَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ بِطُولِ الْمُدَّةِ فِي الْمُجَامَعَةِ، وَلا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ اخْتِلافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَ شَيْءٍ رُوِيَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ مُتَلاعِنَيْنِ، وَأَمَرَ الْمَرْأَةَ بِرَدِّ الصَّدَاقَ عَلَى زَوْجِهَا الْمُتَلاعِنِ لَهَا، وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَكَانَ كَاتِبَهُ ، خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى أَغْضَبَهُ، وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِهِ شَاذٌّ، لَا نَعْلَمُ لَهُ فِيهِ مُتَابِعًا عَلَيْهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْفُرْقَةِ الْوَاقِعَةِ بِاللِّعَانِ، هَلْ هِيَ طَلاقٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنٌ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ قَوْلُنَا، وَلَمْ يَذْكُرْ عَنِ أَبِي يُوسُفَ خِلافًا لَهُمَا فِيهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هِيَ فَسْخُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ طَلاقٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي إِمْلائِهِ عَلَيْهِمْ بِبَغْدَادَ الحديث: 1969 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 أَنَّ هَذَا الزَّوْجَ الْقَاذِفَ لامْرَأَتِهِ ذَكَرَ فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا أَنَّهَا حَامِلٌ مِنَ الزِّنَى الَّذِي قَذَفَهَا بِهِ، وَطَلَبَتِ الْمَرْأَةُ بِالْقَذْفِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ، فَإِنَّ الْقَذْفَ قَدْ وَقَعَ عَلَى أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: قَذْفُهُ إِيَّاهَا فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ طَلَبَتْ مُلاعَنَتَهُ عَلَى ذَلِكَ لُوعِنَ بَيْنَهُمَا كَمَا يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ، ثُمَّ تَكُونُ كَامْرَأَةٍ فَارَقَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَالآخَرُ: نَفْيُهُ وَلَدَهَا فَإِنْ طَلَبَتِ اللِّعَانَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَطَائِفَةٌ تَقُولُ لَا يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا، لأَنَّهُ لَا حَقِيقَةَ عِنْدَنَا أَنَّهَا حَامِلٌ الْحَمْلَ الَّذِي نَفَاهُ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ بِظَاهِرِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ لَا حَقِيقَةَ فِيهِ، وَيَنْتَفِي بِذَلِكَ الْحَمْلُ عَنِ الْمُلاعِنِ بِهِ كَمَا يَنْتَفِي لَوْ كَانَ لاعَنَ بِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ أُمِّهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ عَنْهُ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَا يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ، وَلَكِنْ تَنْتَظِرُ بِهِ، فَإِنْ وَضَعَتْهُ الْمَرْأَةُ لأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ يَوْمِ قَذَفَهَا لاعَنَهَا عَلَيْهِ لَوْ كَانَ قَذَفَهَا بِهِ بَعْدَ أَنْ وَضَعَتْهُ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ يَوْمِ قَذَفَهَا بِهِ لَمْ يُلاعَنْ، وَكَانَ فِي حُكْمِ الْمَحْمُولِ بِهِ بَعْدَ الْقَذْفِ الَّذِي كَانَ مِنَ قَالَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ، وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ: فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَكَانَ يَقُولُ: لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَلَدِ جَاءَتْ بِهِ أُمُّهُ لأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْهَا وَقَدْ رَوَى الْقَائِلُونَ أَنَّهُ يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ الْمَنْفِيِّ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بِالْحَمْلِ " فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ الَّذِي اخْتَصَرَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ اللِّعَانَ وَالْحَمْلَ، فَظَنَّ أَنَّ اللِّعَانَ كَانَ بِالْحَمْلِ فَاخْتَصَرَهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا أَصْلُ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ بِلا اخْتِصَارٍ فَمَا 1970 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قَامَ رَجُلٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ وَجَدَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَتِهِ الحديث: 1970 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 رَجُلا فَإِنْ هُوَ قَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ هُوَ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ شَدِيدٍ، اللهُمَّ احْكُمْ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَابْتُلِيَ بِهِ، وَكَانَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاعَنَ امْرَأَتَهُ، فَلَمَّا أُخِذَتِ امْرَأَتُهُ لِتَلْتَعِنَ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَهْ " فَلَمَّا أَدْبَرَتْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَعَلَّهَا تَجِيءُ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا " فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا فَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لاعَنَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلٍ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ هَذَا الْمَعْنَى كَمَا 1971 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا لِي عَهْدٌ بِأَهْلِي مُنْذُ عَفَّرْنَا النَّخْلَ، فَوَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلا وَزَوْجُهَا مُصْفَرٌّ، حَمْشٌ، سَبْطُ الشَّعْرِ، وَالَّذِي رُمِيَتْ بِهِ إِلَى السَّوَادِ، جَعْدٌ قَطَطٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهُمَّ بَيِّنْ "، ثُمَّ لاعَنَ بَيْنَهُمَا، فَجَاءَتْ بِهِ يُشْبِهُ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ 1972 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلانِيِّ وَامْرَأَتِهِ، وَكَانَتْ حُبْلَى، فَقَالَ زَوْجُهَا: وَاللهِ مَا قَرَبْتُهَا مُنْذُ عَفَّرْنَا النَّخْلَ وَالْعَفْرُ أَنْ يُسْقَى النَّخْلُ بَعْدَ أَنْ يُتْرَكَ مِنَ السَّقْيِ بَعْدَ الإِتْيَانِ بِشَهْرَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهُمَّ بَيِّنْ "، فَزَعَمُوا أَنَّ زَوْجَ الْمَرْأَةِ كَانَ حَمْشَ الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ، أَصْهَبَ الشَّعْرِ، وَكَانَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ ابْنَ السَّحْمَاءِ الحديث: 1971 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 قَالَ: فَجَاءَتْ بِغُلامٍ أَسْوَدَ أَجْلَى، جَعْدٍ قَطِطٍ، عَبْلِ الذِّرَاعَيْنِ، خَدْلِ السَّاقَيْنِ قَالَ الْقَاسِمُ: فَقَالَ ابْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُهَا " فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا، وَلَكِنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةُ كَانَتْ قَدْ أَعْلَنَتْ فِي الإِسْلامِ 1973 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا رُوِّينَاهُ كَمَا 1974 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ذُكِرَ التَّلاعُنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلا، فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلا بِقَوْلِي فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحْمِ، سَبْطَ الشَّعْرِ، وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ أَهْلِهِ آدَمَ، كَثِيرَ اللَّحْمِ، خَدْلا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهُمَّ بَيِّنْ "، فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا، فَلاعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ لابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ: هِيَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ؟ " فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلامِ السُّوءَ، 1975 - الحديث: 1973 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 1975 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَثِيرِيُّ الْمَدَنِيُّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: ذُكِرَ الْمُتَلاعِنَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ حَرْفًا حَرْفًا، فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ اللَّيْثِ وَلا سُلَيْمَانَ اخْتِلافٌ إِلا قَوْلَ اللَّيْثِ: ذُكِرَ التَّلاعُنُ، وَقَوْلَ سُلَيْمَانَ: ذُكِرَ الْمُتَلاعِنَانِ وَالَّذِي قَالَ سُلَيْمَانُ عَنْدَنَا أَصَحُّ، لأَنَّ آيَةَ اللِّعَانِ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَسُلَيْمَانَ، أَنَّ اللِّعَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ذَيْنِكَ الزَّوْجَيْنِ، كَانَ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ، وَلَيْسَ هَذَا الْحَرْفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ، وَلا فِيمَا سِوَاهَا مِنْهَا مِمَّا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ وَإِذَا كَانَ اللِّعَانُ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ، لَمْ يَخْلُ ذَلِكَ اللِّعَانُ مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ كَانَ بِالْقَذْفِ خَاصَّةً، فَهَذَا مَا لَا اخْتِلافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالآخَرُ: أَنْ يَكُونَ بِالْحَمْلِ بَعْدَمَا بَانَتْ حَقِيقَتُهُ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا مِنْهُ بِوَضْعِ الْمَرْأَةِ إِيَّاهُ، فَهَذَا مِمَّا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ أَنَّهُ يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 1976 - قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي: ابْنَ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ هِلالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انْظُرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبْطًا قَصى الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ لِهِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ " الحديث: 1975 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 قَالَ: فَجَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا أَحْمَشَ السَّاقَيْنِ 1977 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ هِلالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ شَرِيكَ بْنَ سَحْمَاءَ بِامْرَأَتِهِ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " ائْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، وَإِلا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ " قَالَ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنِّي لَصَادِقٌ، يَقُولُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَلَيُنْزِلَنَّ اللهُ عَلَيْكَ مَا يُبَرِّئُ بِهِ ظَهْرِي مِنَ الْجَلْدِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} قَالَ: فَدُعِيَ هِلالٌ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ قَالَ: ثُمَّ دُعِيَتِ الْمَرْأَةُ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قِفُوهَا، فَإِنَّهَا مُوجِبَةٌ لِلْعَذَابِ " قَالَ: فَتَلَكَّأَتْ حَتَّى مَا شَكَكْنَا أَنْ سَتُقِرَّ، ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ عَلَى الْيَمِينِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انْظُرُوا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا قَصى الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ لِهِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ " قَالَ: فَجَاءَتْ بِهِ آدَمَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْلا مَا سَبَقَ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ " قَالَ: الْقَصى الْعَيْنَيْنِ: طَوِيلُ شِقِّ الْعَيْنَيْنِ، لَيْسَ بِمَفْتُوحِ الْعَيْنَيْنِ وَقَدْ رَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا 1978 - قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ، الحديث: 1977 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلٍ، أَنَّ عُوَيْمِرًا جَاءَ إِلَى عَاصِمٍ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا فَقَتَلَهُ، أَتَقْتُلُونَهُ بِهِ؟ سَلْ يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ عَاصِمٌ فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ وَعَابَهَا، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ لآتِيَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ خِلافَ قَوْلِ عَاصِمٍ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " قَدْ أَنْزَلَ فِيكُمْ قُرْآنًا "، فَدَعَاهُمَا، فَتَقَدَّمَا، فَتَلاعَنَا، ثُمَّ قَالَ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا فَفَارَقَهَا وَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِرَاقِهَا، فَجَرَتْ سُنَّةً فِي الْمُتَلاعِنَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انْظُرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا مِثْلَ وَحَرَةٍ فَلا أَرَاهُ إِلا وَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَغْبَرَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلا أَحْسَبُهُ إِلا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا " فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الأَمْرِ الْمَكْرُوهِ، 1979 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَزْدِيُّ الْجِيزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلٍ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الرَّبِيعِ الْمُرَادِيِّ عَنْ خَالِدٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " فَلا أَرَاهُ إِلا وَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا، وَلا أَرَاهُ إِلا وَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا "، فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهَذَا خِلافُ مَا فِي غَيْرِهِ، وَهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَوْلَى بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ مِنْ سُنَّتِهِ أَلا يُنْتَفَى الْوَلَدُ بِبُعْدِ شَبَهِهِ مِمَّنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ كَمَا 1980 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، الحديث: 1979 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي قَدْ وَلَدَتْ غُلامًا أَسْوَدَ، وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ فَقَالَ: " هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: مَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ قَالَ: " فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ " قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا قَالَ: " فَأَنَّى تَرَى ذَلِكَ جَاءَهَا؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ عِرْقٌ نَزَعَهَا قَالَ: " فَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نَزَعَهُ " 1981 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ سَوَاءً أَفَلا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي نَفْيِهِ عَنْهُ لِبُعْدِ شَبَهِهِ بِهِ، وَضَرَبَ لَهُ الْمَثَلَ الَّذِي ضَرَبَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَاسْتَحَالَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ الَّذِي وَلَدَتِ امْرَأَةُ هِلالٍ يَكُونُ لِهِلالٍ لِشَبَهِهِ بِهِ أَوْ لِشَرِيكٍ لِشَبَهِهِ بِهِ وَلَمَّا عَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ "، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ نَسَبٌ مِنْهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ بِذِي فِرَاشٍ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ لِهِلالٍ مِنْ إِضَافَتِهِ الْوَلَدَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالشَّبَهِ بِهِ، لَمْ يَكُنْ عَلَى تَحْقِيقِ إِثْبَاتِ نَسَبٍ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ سَهْلٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَلَمَّا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اللِّعَانِ بِالْحَمْلِ قَبْلَ وَضْعِ أُمِّهِ إِيَّاهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ نَجِدْ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِي اللِّعَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ، الْتَمَسْنَا حُكْمَ ذَلِكَ منْ طَرِيقِ النَّظَرِ وَالاسْتِشْهَادِ بِالأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا مَا يَظْهَرُ مِنَ الْمَرْأَةِ، مِمَّا يَسَعُ مَنْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ مِنْهَا أَنْ يُطْلِقَ الْقَوْلَ عَلَيْهَا أَنَّهَا حَامِلٌ، وَمَا يَسَعُهَا بِهِ إِطْلاقُ ذَلِكَ الْقَوْلِ عَلَى نَفْسِهَا، قَدْ يُوقَفُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي يُرَى بِهَا، وَأُطْلِقَ بِهِ عَلَيْهَا ذِكْرُ الْحَمْلِ، قَدْ يُنْفَسُ فَلا يَكُونُ حَمْلا فِي الْحَقِيقَةِ وَكَانَ أَوْلَى الأَشْيَاءِ مَا فِي هَذَا أَلا يُوجِبَ الحديث: 1981 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 بِهِ لِعَانًا نُحَرِّمُ بِهِ فَرْجًا عَلَى زَوْجٍ قَدْ كَانَ حَلالا، وَنُحِلُّ بِهِ فَرْجًا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ حَرَامًا غَيْرَ أَنَّ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى اللِّعَانِ بِالْحَمْلِ، ذَكَرُوا أَنَّهُمْ قَدْ وَجَدُوا مَا يُوجِبُ مَا قَالُوا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا مَا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ وَجَدُوهُ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمُطَلَّقَاتِ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَأَمَّا مَا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ وَجَدُوهُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا 1982 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جَوْشَنٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ السَّدُوسِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: " أَلا إِنَّ قَتِيلَ خَطَإِ الْعَمْدِ، بِالسَّوْطِ وَالْعَصَى وَالْحَجَرِ، دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ، مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا " 1983 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمٌ، وَمُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُقْبَةَ، أَوْ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَ: " لَا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، مَا كَانَ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مَأْثَرَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ تَحْتَ قَدَمِي هَذِهِ إِلا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ أَلا إِنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ، مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَى، مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا " غَيْرَ أَنَّ مُسَدَّدًا وَالْحَمَائِيَّ لَمْ يَشُكَّا، وَقَالا فِي حَدِيثِهِمَا: عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1984 - حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحديث: 1982 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلا إِنَّ قَتِيلَ الْعَمْدِ الْخَطَإِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَى فَفِيهِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ مُغَلَّظَةٌ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا أَلا إِنَّ كُلَّ مَأْثَرَةٍ وَدَمٍ وَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمِيَّ هَاتَيْنِ إِلا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجٍّ وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ فَإِنِّي أُمْضِيهُمَا لأَهْلِهِمَا كَمَا كَانَتَا " فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ لأَهْلِ الْقَوْلِ الآخَرِ، أَنَّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، إِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ الَّذِينَ لَا يُلاعِنُونَ بِالْحَمْلِ عَلَى نِهَايَةِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ، وَعَلَى خُرُوجِهِنَّ مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يُنْفَقُ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَجْلِهِ، وَهِيَ الْعِدَّةُ الَّتِي انْقِضَاؤُهَا وَضْعُ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَلا تَرَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي قَدْ أَتَى عَلَيْهَا مِنَ السِّنِّ مَا قَدْ أَحَاطَ الْعِلْمُ مَعَهُ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ، أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ لَهَا حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ عِدَّتِهَا، وَأَنَّ النَّفَقَةَ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا هِيَ لاعْتِدَادِهَا مِنْ زَوْجِهَا، لَا بِحَمْلٍ بِهَا مِنْهُ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَبِرُونَ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولُوا: النَّفَقَةُ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْحَامِلِ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ، لأَنَّهَا تُوَصِّلُ الْغِذَاءَ إِلَيْهِ، فَتَجِبُ عَلَى أَبِيهِ، كَمَا تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ أُمِّهِ بِالأَسْبَابِ الَّتِي يُغَذَّى بِهَا، مِنْهَا الرَّضَاعُ إِذَا كَانَ غِذَاؤُهُ الرَّضَاعُ، وَمِنْهَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يُغَذَّى بِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ حُكْمِ الرَّضَاعِ لَكَانَ يُعْتَبَرُ، وَمِنَ الْحَمْلِ إِلَى ذَلِكَ وَعَنَاؤُهُ عَنْهُ كَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْمَوْلُودِ أَلا تَرَى أَنَّ مَوْلُودًا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْ وَرِثَهُ مِنْ أَخٍ لأُمِّهِ تُوُفِّيَ، أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى أَبِيهِ الإِنْفَاقُ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَلا يَعْلَمُ بِوُجُوبِ ذَلِكَ الْمَالِ لَهُ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ، أَنَّ الْقَاضِيَ يُعِيدُهُ فِي الْمَالِ الَّذِي وَجَبَ لأَبِيهِ بِمَا أَنْفَقَهُ بِأَمْرِهِ، وَأَنَّ الْحَمْلَ الَّذِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ عُلِمَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ عَلَى أَبِيهِ لأُمِّهِ الْمُطَلَّقَةِ الْمُعْتَدَّةِ وُجُوبُ الْمَالِ لَهُ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا، أَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 لَا يُقْضَى لأَبِيهِ بِالرُّجُوعِ فِيمَا كَانَ وَجَبَ الْحَمْلُ مِنْ ذَلِكَ فَعَقَلُوا بِذَلِكَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ إِنَّمَا هِيَ نَفَقَةٌ لِذَاتِهَا، حَامِلا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى إِعْلامِهِمُ السَّبَبَ الَّذِي بِهِ تَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ لِلزَّوْجَاتِ الْمُطَلَّقَاتِ، وَذَلِكَ مَا يَعْلَمُونَهُ عِلْمَ حَقِيقَةٍ، لأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا وَضَعَتْ عُلِمَ بَعْدَ وَضْعِهَا أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ حَامِلا، فَأَتَى دَلالَةً فِي هَذَا لِمَنْ لاعَنَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الْقَاذِفِ لَهَا بِالْحَمْلِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَهَذِهِ حُجَّةٌ فِي دَفْعِ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِمْ مُخَالِفُهُمْ، وَيَعُودُونَ أَيْضًا سَائِلِينَ لِمُخَالِفِيهِمْ عَنِ امْرَأَةٍ قَالَ لَهَا رَجُلٌ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا: أَنْتِ حَامِلٌ بِوَلَدٍ مِنْ غَيْرِ زَوْجِكِ فُلانٍ، هَلْ لَهَا عَلَيْهِ حَدٌّ لِقَذْفِهِ إِيَّاهَا؟ أَوْ هَلْ لِحَمْلِهَا عَلَيْهِ حَدٌّ لِنَفْيِهِ نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ كَمَا يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ لَوْ نَفَى نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ أُمِّهِ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا حَدَّ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ نَفْيِهِ إِيَّاهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ عَنْ أُمِّهِ، وَبَيْنَ نَفْيِهِ مِنْ أَبِيهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ، إِذْ كَانَتْ أُمُّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُتَبَيَّنَ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ، فَيَكُونُ نَفْيُهُ لِحَمْلِهَا الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ بِهَا كَلا نَفْيَ، لَزَمَهُمْ أَنْ يَقُولُوا كَذَلِكَ فِي نَفْيِ الزَّوْجِ الْحَمْلَ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّ امْرَأَتَهُ حَامِلٌ بِهِ، وَأَلا يَجْعَلُوا فِي ذَلِكَ لِعَانًا كَمَا لَا يَجْعَلُونَ عَلَى الْقَرِيبِ الأَجْنَبِيِّ فِيهِ حَدًّا فَإِنْ قَالُوا: يُقِيمُ فِي ذَلِكَ الْحَدَّ لِلْمَرْأَةِ الْمَقْذُوفَةِ عَلَى الْقَاذِفِ لَهَا النَّافِي لِحَمْلِهَا مِنْ زَوْجِهَا، لأَنَّهُ فِي نَفْيِهِ حَمْلَهَا قَاذِفٌ لَهَا فِي نَفْسِهَا، وَلا يُحَدُّ نَافِي حَمْلِهَا فِي نَفْيِ الْحَمْلِ، لَزِمَهُمْ أَنْ يَقُولُوا فِي الزَّوْجَةِ إِذَا نَفَى زَوْجُهَا الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ نَفَى عَنْ نَفْسِهِ كَذَلِكَ، وَأَنْ يُلاعِنَهَا بِقَذْفِهِ إِيَّاهَا، وَأَلا لِعَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي نَفْيِهِ حَمْلَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا الْحُجَّةُ لَهُمْ عَلَيْهِمْ فِيمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَى عَوَاقِلِ الْقَاتِلِينَ، إِذْ كَانَ الْعَوَاقِلُ يَصِلُونَ إِلَى ذَلِكَ وَلِسَعَةِ إِطْلاقِ الْقَوْلِ عَلَى مَا ظَاهِرُهُ الْحَمْلُ، أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَا حَقِيقَةَ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 كَانَ قَدْ يَجُوزُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ مِنَ انْتِفَاءِ الْحَمْلِ عَمَّنْ كَانَ ظَاهِرُهُ عِنْدَهُمُ الْحَمْلُ وَعَدَمُ الْحَمْلِ مِنْهُ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ، لأَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ: أَمَتِي هَذِهِ حَامِلٌ، وَيَسَعُهُ أَنْ يَبِيعَهَا عَلَى أَنَّهَا كَذَلِكَ لِيَبْرَأَ مِنْ عَيْبِهَا بِحَمْلِهَا، وَلا يَكُونُ آثِمًا فِي إِطْلاقِ الْقَوْلِ أَنَّهَا حَامِلٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلافِ ذَلِكَ، لأَنَّ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ إِنَّمَا يَعْتَدُّ الْخَلْقُ فِيهِ بِظَاهِرِهِ، لَا بِمَا سِوَاهُ، أَلا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَتَبَيَّنَ لَهَا مِنْ نَفْسِهَا مَا يَدُلُّهَا أَنَّ بِهَا حَمْلا مِنْهُ، أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا إِنْ رَأَتِ الدَّمَ فِي أَوْقَاتِ أَقْرَائِهَا الَّتِي كَانَتْ تَرَى فِيهَا الدَّمَ، أَلا يُلْتَفَتَ إِلَى ذَلِكَ، وَأَلا يُجْعَلَ حُكْمُ ذَلِكَ الدَّمِ حُكْمَ دَمِ الْحَيْضِ، وَأَلا تَتْرُكَ لَهُ الصَّلاةَ وَالصِّيَامَ فِي قَوْلِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ، وَأَنَّهَا لَوْ عَلِمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ لَا حَمْلَ بِهَا لَرَجَعَتْ فِي نَفْسِهَا إِلَى الاعْتِدَادِ بِالدِّمَاءِ الَّتِي كَانَتْ دَأَبَهَا فِي أَيَّامِ أَقْرَائِهَا، وَإِلَى رَدِّ مَا قَبَضَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ لَهَا مِنَ النَّفَقَةِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ يُوجِبُهُ لَهَا عَلَيْهِ الاعْتِدَادُ بِالأَقْرَاءِ، وَإِلَى قَضَاءِ مَا صَامَتْهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِنْ كَانَ مَرَّ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ أَقْرَائِهَا فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الأَشْيَاءُ يُسْتَعْمَلُ فِيهَا حُكْمُ الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ الأَمْرُ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلافِ ذَلِكَ، كَانَ مَا أَوْجَبَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعَوَاقِلِ مِنَ الإِبِلِ الْحَوَامِلِ، هُوَ مَا يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى أَقْوَالِ الْعَوَاقِلِ فَإِذَا أَحْضَرُوا الإِبَلَ فَقَالُوا: هَذِهِ خَلِفَاتٌ، وَلَمْ نَعْلَمْ مِنْهَا خِلافَ ذَلِكَ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ، وَلَمْ يُكَلَّفُوا خِلافَ ذَلِكَ وَمِثْلُ هَذَا مَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ فِي مُعَامَلاتِهِمْ، وَمَا يَشْتَرِطُونَهُ فِي بِيَاعَاتِهِمْ أَلا تَرَى أَنَّ رَجُلا لَوْ بَاعَ رَجُلا هَذَا الْعَبْدَ عَلَى أَنَّهُ صِقِلِّيٌّ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ رُومِيٌّ، ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مِنْ خِلافِ الْجِنْسِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ أَنْ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ، وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ، إِذْ كَانَ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْعَبْدِ خِلافُ مَا قَالَ، وَأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ الْمُشْتَرَطِ لَكَانَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ أَوْ إِمْضَاؤُهُ بِلا شَرْطٍ وَكَذَلِكَ الْخَلِفَاتُ الْمَرْجُوعُ فِيهَا إِلَى أَقْوَالِ الْعَوَاقِلِ إِذَا ادَّعَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِينَ أَنَّهَا غَيْرُ خَلِفَاتٍ لَمْ يُقْبَلْ فِي ذَلِكَ دَعْوَاهُمْ، إِذْ كَانَ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُنَّ غَيْرُ مَا قَالَتِ الْعَوَاقِلُ، وَأَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مِنْهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُنَّ غَيْرُ خَلِفَاتٍ كَانَ لأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِينَ رَدُّهُنَّ عَلَى الْعَوَاقِلِ وَمُطَالَبَتُهُمْ بِخَلِفَاتٍ مَكَانَهُنَّ وَهَذَا خِلافُ اللِّعَانِ الَّذِي لَوْ أُمْضِيَ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ، ثُمَّ عُلِمَ أَنَّ لَا حَمْلَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ وَضَعَتْهُ أُمُّهُ قَبْلَ قَذْفِ زَوْجِهَا إِيَّاهَا، ثُمَّ قَذَفَهَا بِهِ وَنَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يُلاعَنُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ عَلَيْهِ، وَيَنْتَفِي بِذَلِكَ اللِّعَانُ عَنْ زَوْجِهَا، وَيَلْحَقُ بِأُمِّهِ، وَيَكُونُ كَمَنْ لَا أَبَ لَهُ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا، لَا نَعْلَمُ اخْتِلافًا مِنْ لَدُنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا غَيْرَ شَاذٍّ شَذَّ فِي ذَلِكَ، فَخَرَجَ غَيْرُ هَذَا الْقَوْلِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَنْتَفِي مِنْ أَبِيهِ بِاللِّعَانِ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ "، وَزَعَمَ أَنَّ اللِّعَانَ فِي هَذَا كَاللِّعَانِ بِالْقَوْلِ خَاصَّةً بِلا وَلَدٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا خِلافُ مَا قَالَ 1985 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاعِنَيْنِ، وَأَلْزَمَ الْوَلَدَ أُمَّهُ " 1986 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: " كَتَبْتُ إِلَى صَدِيقٍ لِي مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَنْ يَسْأَلَ لِي عَنْ وَلَدِ الْمُتَلاعِنَيْنِ، لِمَنْ قَضَى بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّ: أَنِّي قَدْ سَأَلْتُ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ قَضَى بِهِ لأُمِّهِ " 1987 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: خَالَفَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مَعْقِلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ فِي وَلَدِ الْمُلاعَنَةِ، فَقُلْتُ " أَلْحَقَهُ بِهِ بَعْدَ أَرْبَعِ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ثُمَّ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ أَلْحَقَهُ بِهِ فَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَكَتَبُوا أَنَّهُ يَلْحَقُ بِأُمِّهِ فَهَذَا مَا وَجَدْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ الحديث: 1985 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 فَأَمَّا مَا احْتَج بِهِ هَذَا الْقَائِلُ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ " فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا كَانَ لِمَعْنًى سِوَاهُ سَنَأْتِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الأَنْسَابَ قَدْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُدْعَى بِوُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنَ النِّكَاحَاتِ وَمَا سِوَاهَا كَمَا 1988 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَج، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ، فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطِبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ابْنَتَهُ فَيُزَوِّجُهَا ثُمَّ يُنْكِحُهَا وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لامْرَأَتِهِ: إِذَا طَهُرْتُ مِنَ طَمْثِهَا أَرْسِلِي إِلَى فُلانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ وَإِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ يُسَمَّى نِكَاحُ الاسْتِبْضَاعِ وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَكُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ لَيال بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلُهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، فَتَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ، وَهُوَ وَلَدُكَ يَا فُلانُ، تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ، فَيُلْحِقُ بِهِ وَلَدَهَا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ وَالنِّكَاحُ الرَّابِعُ يجْتَمع النَّاس الْكثير فَيدْخلُونَ على الْمَرْأَة فَلَا تمْتَنع مِمَّن جاءها، وَهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات، فَمن أرادهن دخل عَلَيْهِنَّ، فَإِذا حملت إِحْدَاهُنَّ وَوضعت حملهَا جمعُوا لَهَا، ودعوا لَهَا الْقَافة، ثمَّ ألْحقُوا وَلَدهَا بِالَّذِي يرَوْنَ، ودعي ابْنه، لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلا نِكَاحَ أَهْلِ الإِسْلامِ الْيَوْمَ فَفِي هَذَا النَّسَبِ قَدْ كَانَتْ تَرِدُ إِلَى غَيْرِ الْفَرْشِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عَلَيْهِ الحديث: 1988 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 وَسلم: " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ " أَيْ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ إِلَى شَبَهٍ، وَلا إِلَى إِصَابَةٍ لَا عَنْ فِرَاشٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي نِكَاحِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانَيِ كَمَا 1989 - حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى شَيْخٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا، فَذَهَبْتُ مَعَ الشَّيْخِ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ، فَسَأَلَهُ عَنْ وِلادٍ مِنْ وِلادِ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا نَكَحَتْ بِغَيْرِ عِدَّةٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا النُّطْفَةُ فَمِنْ فُلانٍ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَهُوَ عَلَى فِرَاشِ فُلانٍ " أَفَلا تَرَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمَّا سَأَلَهُ عُمَرُ، قَالَ لَهُ: أَمَّا النُّطْفَةُ فَمِنْ فُلانٍ، أَيْ عَلَى مَا كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْحُكْمِ لِلنُّطَفِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَعَلَى فِرَاشِ فُلانٍ، فَصَدَّقَهُ عُمَرُ عَلَى مَا قَالَ، وَرَدَّ الْحُكْمَ فِيهِ إِلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ دَعْوَى النَّاسِ فِي الإِسْلامِ لَمَّا كَانَ مَوْلُودًا مِنْ نُطَفِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى الْحُكْمِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا 1990 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّ عُمَرَ " كَانَ يُلِيطُ أَوْلادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الإِسْلامِ "، 1991 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 1989 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 أَفَلا تَرَى أَنَّ عُمَرَ لَمَّا كَانَتِ الْوِلادَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، رَدَّ حُكْمَ دَعْوَاهَا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَدَّلَ ذَلِكَ أَنَّ مَا خَاطَبَ بِهِ الزُّهْرِيَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا، إِنَّمَا كَانَ فِي مَوْلُودٍ فِي الإِسْلامِ، فَرَدَّهُ إِلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي دَعْوَى بَعْضِ الْمَوْلُودِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا 1992 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَتَى رَجُلانِ إِلَى عُمَرَ يَخْتَصِمَانِ فِي غُلامٍ مِنْ وِلادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، يَقُولُ هَذَا: هُوَ ابْنِي، وَيَقُولُ هَذَا: هُوَ ابْنِي فَدَعَا عُمَرُ قَائِفًا مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْغُلامِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمُصْطَلَقِيُّ، ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ إِنِّي لأَجِدُهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى أُضْجِعَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ ذَهَبَ بِكَ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ مَضْرِبٍ ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلامِ فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ هَذَا لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ، قَدْ كَانَ غَلَبَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى وَلَدْتُ لَهُ أَوْلادًا، فَحَبَسَنِي حَتَّى يَسْتَبِينَ حَمْلِي، ثُمَّ يَدَعُنِي عَلَى ذَلِكَ، فَوَلَدْتُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْلادًا، ثُمَّ وَقَعَ بِي عَلَى نَحْوٍ مِمَّا كَانَ يَفْعَلُ فَحَمَلْتُ فِيمَا أَرَى، فَأَصَابَتْنِي هِرَاقَةٌ مِنْ دَمٍ حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ لَا شَيْءَ فِي بَطْنِي قَالَتْ: ثُمَّ إِنَّ الآخَرَ وَقَعَ بِي، فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ؟ فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلامِ: اتْبَعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَاتَّبَعَ أَحَدَهُمَا، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لأَحَدِهِمَا، فَذَهَبَ بِهِ وَقَالَ عُمَرُ: قَاتَلَ اللهُ أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ " هَكَذَا قَالَ بَحْرٌ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لأَحِدِهَما قَدْ ذَهَبَ بِهِ أَفَلا تَرَى أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلْغُلامِ: " اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ " وَقَدْ أَحَاطَ الْعِلْمَ أَنَّ فِيهِمَا مَنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجًا لأُمِّهِ، وَقَدْ جَعَلَ لَهُ اللِّحَاقَ بِهِ، لأَنَّ وِلادَتَهُ كَانَتْ جَاهِلِيَّةً، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الحديث: 1992 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 الأَنْسَابَ قَدْ كَانَتْ تَكُونُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالنُّطَفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نِكَاحٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا 1993 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلانِ، كِلاهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَدَعَا عُمَرُ أُمَّ الْغُلامِ الْمُدَّعَى، فَقَالَ: " أُذَكِّرُكِ بِالَّذِي هَدَاكِ لِلإِسْلامِ، لأَيِّهِمَا هُوَ؟ " فَقَالَتْ: لَا وَالَّذِي هَدَانِي لِلإِسْلامِ، مَا أَدْرِي لأَيِّهِمَا هُوَ؟ أَتَانِي هَذَا أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَأَتَانِي هَذَا آخِرَ اللَّيْلِ، فَلا أَدْرِي لأَيِّهِمَا هُوَ فَدَعَا عُمَرُ بِقَافَةٍ أَرْبَعَةٍ، وَدَعَا بِبَطْحَاءَ، فَنَثَرَهَا، فَأَمَرَ الرَّجُلَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ فَوَطِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدَمٍ، وَأَمَرَ الْمُدَّعَى فَوَطِئَ بِقَدَمٍ، ثُمَّ أَرَاهُ الْقَافَةَ، فَقَالَ: انْظُرُوا، فَإِذَا أَتَيْتُمْ فَلا تَكَلَّمُوا حَتَّى أَسْأَلَكُمْ فَنَظَرَ الْقَافَةُ، فَقَالُوا: قَدْ أَثْبَتْنَا ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ رَجُلا قَالَ: فَتَقَاعَدُوا، يَعْنِي تَبَايَعُوا أَرْبَعَتُهُمْ، كُلُّهُمْ يَشْهَدُ أَنَّ هَذَا لَمِنْ هَذَيْنِ فَقَالَ عُمَرُ: " يَا عَجَبًا لِمَا يَقُولُ هَؤُلاءِ قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الْكَلْبَةَ تُلَقَّحُ بِالْكِلابِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَلَمْ أَكُنْ أَشْعُرُ أَنَّ النِّسَاءَ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا، إِنِّي لأَرَى مَا تَرَوْنَ، اذْهَبْ فَهُمَا أَبَوَاكَ " أَفَلا تَرَى أَنَّ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي قَبْلَهُ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ نِكَاحٍ، إِذْ كَانَ حُكْمُ الْمُدَّعِيَيْنِ عِنْدَهُ، وَمَا كَانَ مِنْهُمَا إِلَى الْمَرْأَةِ، إِنَّمَا كَانَ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ سَمِعَ الدَّعْوَى مِنْهُمَا، وَسَأَلَ الْمَرْأَةَ عَمَّا ادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَكَانَ مِنْ قَوْلِهَا مَا ذَكَرَ، فَسَأَلَ الْقَافَةَ اسْتِثْبَاتًا مِنْهُ، هَلْ يَكُونُ وَلَدٌ مِنْ نُطْفَتَيْنِ فَتَرْتَفِعُ الإِحَالَةُ عَنْ دَعْوَاهُمَا؟ أَوْ هَلْ ذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ؟ فَكَانَ مِنْ قَوْلِ الْقَافَةِ لَهُ، وَمِنْ جَوَابِهِمْ مَا قَدْ ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَرَدَّهُمَا بِذَلِكَ إِلَى تَكَافُؤِ دَعْوَاهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِهِمَا، وَجَعَلَهُ ابْنًا لَهُمَا إِذَا كَانَ مِنْ نُطُفِهِمَا فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْوِلادَاتِ الْجَاهِلِيَّاتِ قَدْ كَانَ حُكْمُ النُّطَفِ مُسْتَعْمَلا فِيهَا، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ الْفِرَاشِ، فَجَعَلَ الْوَلَدَ لاحِقًا بِمَنْ أُمُّهُ لَهُ فِرَاشٌ، لَا مَنْ سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ شَبَهُهُ دَلِيلا عَلَى أَنَّهُ مِنْ نُطْفَةِ غَيْرِ صَاحِبِ الحديث: 1993 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 الْفِرَاشِ وَكَذَلِكَ حَاجَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي دَعْوَاهُ عِنْدَهُ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ الْمَوْلُودَ مِنْ نُطْفَةِ أَخِيهِ بِدَعْوَى أَخِيهِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ فِرَاشٍ لَهُ كَمَا 1994 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ، وَقَالَ: ابْنُ أَخِي، وَكَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ: أَخِي، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ؟ " وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ " ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَوْدَةَ ابْنَةِ زَمْعَةَ: " احْتَجِبِي مِنْهُ "، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهٍه بِعُتْبَةَ قَالَتْ: فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللهَ أَفَلا تَرَى أَنَّ سَعْدًا قَدِ ادَّعَى لِعُتْبَةَ أَخِيهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ لأَنَّهُ كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِ أَنَّهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ أَخُوهُ ذَا فِرَاشٍ، عَلَى الْحُكْمِ الأَوَّلِ الَّذِي كَانُوا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الأَوْلادَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ "، تَعْلِيمًا مِنْهُ لِسَعْدٍ أَنَّكَ تَدَّعِي فِي الإِسْلامِ وَلَدًا لِمَنْ يَحْضُرُ فَيَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ، وَمِمَّنْ لَسْتَ بِخَصْمٍ عَنْهُ، وَلا مُطَالِبٍ لَهُ فَأَبْطَلَ بِذَلِكَ دَعْوَاهُ، وَرَدَّهُ إِلَى عَبْدٍ، إِذْ كَانَ ابْنُ أُمِّهِ لأَبِيهِ يَدُهُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ وَلَدَهَا فِي حُكْمِهَا، ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ: " احْتَجِبِي مِنْهُ " إِذْ كَانَ شَبِيهًا بِالْمُدَّعَى لَهُ، لأَنَّهُ فِي ظَاهِرِهِ مِنَ النُّطْفَةِ الَّتِي يَدَّعِيهِ سَعْدٌ وَفِي أَمْرِهِ إِيَّاهَا بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِي نَسَبِهِ مِنْ زَمْعَةَ بِشَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ قَضَى بِنَسَبِهِ مِنْهُ لَكَانَ قَدْ جَعَلَهُ أَخًا لِسَوْدَةَ، وَأَمَرَهَا بِصِلَتِهِ، وَنَهَاهَا عَنْ حِجَابِهِ عَنْهَا، كَمَا نَهَى عَائِشَةَ عَنْ الحديث: 1994 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 حِجَابِهَا عَمَّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِي نَسَبِهِ بِشَيْءٍ، مَا رَوَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا 1995 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَتْ لِزَمْعَةَ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا، وَكَانَتْ تَظُنُّ بِرَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا، فَمَاتَ زَمْعَةُ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَلَدَتْ غُلامًا كَانَ يُشْبِهُ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ يُظَنُّ بِهَا، فَذَكَرَتْهُ سَوْدَةُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَمَّا الْمِيرَاثُ لَهُ، وَأَمَّا أَنْتِ فَاحْتَجِبِي مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكِ بِأَخٍ " أَفَلا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَفَى نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهَا، إِذْ كَانَ قَدْ نَفَى أَنْ يَكُونَ أَخَاهَا وَقَوْلُهُ: " أَمَّا الْمِيرَاثُ لَهُ " يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لإِقْرَارِهِمْ بِهِ، أَلا تَرَى أَنَّ عَبْدًا قَالَ: " أَخِي، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي " وَفِيمَا رُوِّينَا دَلِيلٌ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ " مَا هُوَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُوهِمُهُ مَنْ يَنْفُذُ، فَقَالَ: لَا يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِاللِّعَانِ كَمَا ذَكَرْنَا وَفِي انْتِفَاءِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ ابْنُ عُمَرَ، فَلا يَجِبُ أَنَّ يُعَارِضَ أَحَدٌ سُنَّةً بِأُخْرَى، وَلا يُدْخِلُ مَعْنَى إِحْدَاهِمَا فِي مَعْنَى الأُخْرَى حَتَّى تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَقَعُ عَلَى مَا أَرَادَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا، لَا عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ أَنَّ هَذَا الزَّوْجَ الْقَاذِفَ لامْرَأَتِهِ بِالْوَلَدِ الَّذِي ذَكَرْنَا، لَمْ يُلاعِنْهَا حَتَّى طَلَّقَهَا طَلاقًا يَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتَهَا، ثُمَّ ارْتَفَعَا إِلَى الْقَاضِي وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الطَّلاقِ، لاعَنَ بَيْنَهُمَا كَمَا يُلاعِنُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الطَّلاقِ، لأَنَّهُمَا زَوْجَانِ بِحَالِهِمَا وَلَوْ لَمْ يَرْتَفِعَا إِلَى الْقَاضِي حَتَّى خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ فَكَانَ الطَّلاقُ الَّذِي طَلَّقَهَا إِيَّاهُ ثَلاثَ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ مَا سِوَاهُ مِنَ الطَّلاقِ الَّذِي بَيْنَهُمَا مُدَّةً، لَمْ يُلاعِنِ الْقَاضِي، وَلَمْ نَجِدِ الرَّجُلَ فِي الْقَذْفِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ، لأَنَّ الْقَذْفَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ يُوجِبُ عَلَيْهِ اللِّعَانَ، فَلا يَتَحَوَّلُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الحديث: 1995 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 اللِّعَانِ إِلَى غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الزَّوْجُ الَّذِي ذَكَرْنَا لَمْ يَقْذِفِ امْرَأَتَهُ حَتَّى طَلَّقَهَا طَلاقًا يَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتَهَا، ثُمَّ قَذَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَخَاصَمَتْهُ إِلَى الْقَاضِي قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، لاعَنَ بَيْنَهُمَا، لأَنَّهُمَا زَوْجَانِ عَلَى حَالِهِمَا وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلاثًا، ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ، أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنَ الْعِدَّةِ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ، فَرُوِيَ عَنْهُمَا فِيهِ مَا 1996 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ حَسَّانٍ الأَزْدِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ، قَالَ: إِنْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلاثًا جُلِدَ الْحَدَّ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ، وَلَمْ يُلاعِنْ، وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً لاعَنَهَا " وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " إِنْ طَلَّقَهَا ثَلاثًا ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ لاعَنَهَا " قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَعْجَبُ إِلَيْنَا مِمَّا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، 1997 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَ ذَلِكَ 1998 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: " كُنْتُ أَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، فَآخُذُ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَأَدَعُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ إِلا فِي هَذَا، فَإِنِّي آخُذُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَرَكْتُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ، قَالَ: يُلاعِنُهَا وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ لاعَنَهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلاثًا ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ جُلِدَ " فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فَكَانُوا يَذْهَبُونَ فِي هَذَا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَكَانَ يَذْهَبُ فِي الْقَذْفِ بِالْوَلَدِ إِلَى أَنَّهُ يُلاعَنُ بِهِ، وَيَنْتَفِي عَنْهُ، وَيُلْحَقُ بِأُمِّهِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ ثُبُوتُ الْمَرْأَةِ فِي الْعِدَّةِ وَخُرُوجُهَا مِنْهَا عِنْدَهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنَّمَا قَصَدَ بِجَوَابِهِ الحديث: 1996 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 إِلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا الَّتِي لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الْعِدَّةِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَوْجَبَ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ اللائِي لَيْسَ بِزَوْجَاتٍ لِمَنْ قَذَفَهُنَّ، مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآيَةَ وَأَوْجَبَ فِي قَذْفِ الزَّوْجَاتِ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} الآيَةَ فَكَانَ مَا أَوْجَبَ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ لِقَاذِفِهَا، غَيْرَ الَّذِي أَوْجَبَ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْقَاذِفِ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا قَدْ زَالَ نِكَاحُهُ عَنْهَا، وَصَارَ غَيْرَ زَوْجٍ لَهَا، فَكَانَ قَذْفُهُ لَهَا إِنَّما هُوَ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ زَوْجَةٍ لَا قَذْفٌ لِزَوْجَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْقَذْفِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ غَيْرِ الزَّوْجَاتِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةِ قَدْ كَانَ هَذَا الْقَاذِفُ لَهَا بِهَذَا الْوَلَدِ زَوْجًا لَهَا فَحُكْمُ وَلَدِهَا الَّذِي كَانَ يَلْزَمُهُ لَوْ لَمْ يَنْفِهِ بِحَقِّ النِّكَاحِ الْمُتَقَدَّمِ حُكْمُهُ لَوْ نَفَاهُ قَبْلَ زَوَالِ ذَلِكَ النِّكَاحِ، أَلا تَرَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَلْزَمُهُ فِيهَا الْوَلَدُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ قَدْ زَالَ عَنْهَا، فَكَذَلِكَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْفِيَ الْوَلَدَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ الَّذِي بِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ قَدْ زَالَ قِيلَ لَهُ: أَمَّا مَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ مِنْهُ، حُكْمُهُ حُكْمُ مَا قَبْلَ الطَّلاقِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ، لأَنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ وَلَدٍ كَانَ مِنْ جِمَاعٍ مِنْ هَذَا الْمُطَلِّقِ، مَحْكُومٌ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ الطَّلاقَ وَقَعَ وَالْوَلَدُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَفِي ذَلِكَ تَحْقِيقُ نَسَبِهِ مِنْ هَذَا الْمُطَلِّقِ وَأَمَّا إِذَا وَضَعَتْهُ ثُمَّ وَقَعَ الطَّلاقُ عَلَيْهَا مِنْ زَوْجِهَا فَأَبَانَهَا مِنْهُ، وَأَزَالَ نِكَاحَهُ عَنْهَا، ثُمَّ نَفَاهُ وَقَذَفَهَا بِهِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ قَذْفٌ مُسْتَأْنَفٌ يُوجِبُ مَعْنًى مُسْتَأْنَفًا، وَهُمَا حِينَئِذٍ غَيْرُ زَوْجَيْنِ، فَلَيْسَا مِمَّنْ جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمَهُ حُكْمَ اللِّعَانِ، وَهُمَا مِمَّنْ جَعَلَ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمَهُمَا حُكْمَ الْجَلْدِ فَهَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى عِنْدَنَا مِنَ الآخَرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 وَلَوْ أَنَّ هَذَا الزَّوْجَ الَّذِي ذَكَرْنَا لَمْ يُطَلِّقِ الطَّلاقَ الَّذِي وَصَفْنَا، وَلَكِنَّهُ قَذَفَهَا وَهُمَا زَوْجَانِ عَلَى حَالِهِمَا، ثُمَّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يَتَلاعَنَا، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مَا 1999 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا غِيَاثُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ حُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " فِي الرَّجُلِ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ تَمُوتُ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يَتَلاعَنَا، قَالَ: يُوقَفُ، فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ وَوَرِثَ، وَإِنْ جَاءَ بِالشُّهُودِ وَرِثَ، وَإِنِ الْتَعَنَ لَمْ يَرِثْ " وَهَذَا عِنْدَنَا قِيَاسُ قَوْلِهِ فِيمَا حَكَاهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَقِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ لَا يُلاعِنُ، وَأَنَّهُ يَرِثُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَهَذَا اللِّعَانُ الَّذِي ذَكَرْنَا وُجُوبَهُ مِنَ الزَّوْجَيْنِ، فَهُوَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بَالِغَيْنِ غَيْرَ مَحْدُودَيْنِ وَلا وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَذْفٍ، وَبَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تُوطَأُ وَطْئًا يُدْرَأُ بِهِ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِمَا فَأَمَّا إِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَوْ كَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ، أَوْ يَهُودِيَّيْنِ، أَوْ مَجُوسِيَّيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا، وَلا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ فِي قَذْفِهِ زَوْجَتِهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّهُمَا يَتَلاعَنَانِ، وَإِنَّهُمَا فِي ذَلِكَ كَالزَّوْجَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا، فَوَجَدْنَا الزَّوْجَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ إِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ مِنْهُمَا الْمَرْأَةَ يُسْأَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ يَشْهَدُونَ عَلَى مَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا يُسْأَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمْ لَوْ قَذَفَهَا وَالنِّكَاحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَإِنْ جَاءَ بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَى ذَلِكَ سَقَطَ بِهِ اللِّعَانُ عَنْهُ كَمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ لَوْ جَاءَ بِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَذَفَهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، لَا نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلَمَّا كَانَ الَّذِي يُسْقِطُ عَنْهُ اللِّعَانَ فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ، هُوَ الَّذِي يُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدَّ فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا وَهِيَ أَجْنِبِيَّةٌ، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يُوجِبُ اللِّعَانَ فِي قَذْفِهِ وَهِيَ زَوْجَةٌ، هُوَ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ فِي قَذْفِهِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، وَكَانَ لَوْ قَذَفَهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الإِسْلامِ أَوْ مَمْلُوكَةٌ لَا حَدٍ الحديث: 1999 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 لَهَا عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ إِذَا قَذَفَهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ، كَذَلِكَ لَا لِعَانَ لَهَا عَلَيْهِ فَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ قَدْ زَنَتْ أَوْ وُطِئَتْ وَطْئًا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْ قَاذِفِهَا لَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً، فَإِذَا قَذَفَهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ فَهِيَ فِي الْقِيَاسِ مِمَّنْ لَا يَجِبُ لَهَا لِعَانٌ، وَيُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ بِالزِّنَى أَوْ بِالْوَطْءِ الَّذِي ذَكَرْنَا، مَا يُدْرَأُ بِهِ الْحَدُّ عَنِ الْقَاذِفِ الْغَرِيبِ الَّذِي لَا نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْذُوفَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَذَفَهَا زَوْجُهَا كَانَتْ مَحْدُودَةً فِي قَذْفٍ وَهِيَ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ غَيْرُ مُوطَأَةٍ وَطْئًا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْ قَاذِفِهَا الأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَا لِعَانَ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا، وَلا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلا يَنْتَفِي مِنْهُ وَلَدُهَا إِنْ نَفَاهُ فِي قَذْفِهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ قَوْلُنَا وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا كَمَا يُلاعَنُ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ وَمِمَّنْ قَالَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ سِوَى أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ لَوْ قَذَفَهَا غَرِيبٌ حُدَّ لَهَا فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ، فَلَمَّا كَانَ الْحَدُّ غَيْرَ مُبْطِلٍ لَهَا عَلَى الْغَرِيبِ كَانَ غَيْرَ مُبْطِلٍ لِوُجُوبِ اللِّعَانِ لَهَا عَلَى الْقَاذِفِ إِذَا كَانَ زَوْجًا وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ لِقَوْلِهِمْ: إِنَّ هَذِهِ الْمَحْدُودَةَ فِي قَذْفٍ لَا شَهَادَةَ لَهَا لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا سُورَة النُّور آيَة، فَلَمَّا كَانَتْ مِمَّنْ لَا شَهَادَةَ لَهَا، وَكَانَ اللَّعانُ شَهَادَةً لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ سُورَة النُّور آيَة، خَرَجَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ اللِّعَانِ، فَلَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَانَ قَذْفُ زَوْجِهَا غَيْرَ مُشْبِهٍ قَذْفَ الْغَرِيبِ، إِذْ كَانَ قَذْفُ الزَّوْجِ يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى شَهَادَاتٍ مِنْهُ وَمِنْهَما، وَلا شَهَادَةَ لَهَا، وَلا يُحْتَاجُ فِي قَذْفِ الْغَرِيبِ إِلَى شَهَادَةٍ مِنْهَا وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ، قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 وَلَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ لَمْ تَكُنْ مَحْدُودَةً فِي قَذْفٍ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَكِنَّ زَوْجَهَا الْقَاذِفَ لَهَا كَانَ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدًا كَانُوا يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ: يُقَامُ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا حَدُّ الْقَذْفِ، لأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ لِعَانَهَا، إِذْ كَانَ مَحْدُودًا لَا شَهَادَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا، كَانَ عَلَى زَوْجِهَا فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا الْحَدُّ، لأَنَّهُ الْمَبْدَأُ بِهِ فِي اللِّعَانِ لَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ اللِّعَانَ لَهَا حُدَّ لَهَا فَإِذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَفَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، أَوْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِتَمَامِ اللِّعَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَزُفَرَ، أَوْ تَمَّ اللِّعَانُ مِنَ الزَّوْجِ خَاصَّةً، فَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ قَبْلَ الْتِعَانِ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ حَرَامٌ عَلَى زَوْجِهَا الْمُلاعِنِ لَهَا فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَكَانَا يَقُولانِ فِي ذَلِكَ: قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ كَمَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً، فَيَجْعَلانِهَا حَرَامًا عَلَيْهِ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ، وَيَمْنَعَانِهِ مِنْ تَزْوِيجِهَا مَا كَانَ مُقِيمًا عَلَى قَذْفِهِ إِيَّاهَا، غَيْرَ مُكَذِّبٍ نَفْسَهُ، فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ جَلَدَهُ الْحَاكِمُ لَهَا حَدَّ الْقَاذِفِ، وَأَسْقَطَ بِذَلِكَ شَهَادَتَهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ خَاطِبًا لَهَا كَسَائِرِ خُطَّابِهَا، هَكَذَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ قَوْلُنَا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَذَفَتْ رَجُلا فَحُدَّتْ كَانَ زَوْجُهَا الْمُلاعِنُ لَهَا خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ، وَحَلَّ لَهُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى قَوْلِهِ الأَوَّلِ الَّذِي قَالَهُ لَهَا، لأَنَّهَا قَدْ سَقَطَتْ شَهَادَتُهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ بِالْحَدِّ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تَقْذِفْ رَجُلا فَيُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا زَنَتْ فَأُقِيمَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الزِّنَى، فَإِنَّ لِزَوْجِهَا الْمُلاعِنِ لَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ بِالْحَدِّ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهَا فِي الْقَذْفِ أَوِ الزِّنَى مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ اللِّعَانَ فِي الْمُسْتَأْنَفِ، وَمِمَّنْ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ قَبْلَ اللِّعَانِ الأَوَّلِ لَمْ يُلاعَنْ بَيْنَهُمَا، حَلَّ لَهُ تَزْوِيجُهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَكَانَ يَقُولُ: الْفُرْقَةُ الْوَاقِعَةُ بَيْنَهُمَا فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلاقٍ هَكَذَا رَوَى بِشْرٌ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ هَذَا الْحَرْفَ أَنَّهُ فَسْخٌ، وَلَكِنَّهُ مَعْنَى مَا حَكَاهُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ وَقَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُتَلاعِنَيْنِ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، فَمِنْ ذَلِكَ مَا 2000 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَجْتَمِعُ الْمُتَلاعِنَانِ أَبَدًا "، 2001 - وَعَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النُّجُودِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَهُ، 2002 - وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ أَجِدْ فِي كِتَابِي عَنْ عَاصِمٍ، وَأَنَا أَحْفَظُهُ عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ 2003 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بِقِصَّةِ الْمُتَلاعِنَيْنِ، وَقَالَ فِيهِ: " فَقَدَّمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَأَنَا أَنْظُرُ مَعَ النَّاسِ، فَتَلاعَنَا " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَمَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا إِذَا تَلاعَنَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَقَدْ رَوَى بَعْضُ النَّاسِ هَذَا فَسَاقَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ يَفْصِلْ فِيهِ بَيْنَ كَلامِ ابْنِ شِهَابٍ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ فِي الْحَدِيثِ فَذَكَرْنَا هَذَا لِيُعْلَمَ أَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ مِنْ مُضِيِّ السُّنَّةِ، الحديث: 2000 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 أَنَّهُمَا إِذَا تَلاعَنَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا " مِنْ كَلامِ ابْنِ شِهَابٍ، لَا مِنْ كَلامِ مَنْ قَبْلَهُ غَيْرَ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَرْفًا مِمَّا كُنَّا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا إِذَا تَلاعَنَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا "، فَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: إِنَّ الْفَرَاغَ مِنَ اللِّعَانِ لَا يُوجِبُ فُرْقَةً بَيْنَ الْمُتَلاعِنَيْنِ حَتَّى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمَسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيِّ فِي الْمُلاعِنِ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَجَالَدَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الَّتِي لاعَنَهَا، كَمَا 2004 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، " أَنَّ الْمُلاعِنَ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ رُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ " قَالَ سُفْيَانُ: وَلَقِينَا ابْنَ أَبِي هِنْدٍ، فَحَدَّثَنَا بِهِ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ أَحْمَدُ: وَمَعْنَى " رُدَّتْ إِلَيْهِ ": أَنْ تَزَوَّجَهَا، كَمَا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ زَوْجًا فَدَخَلَ بِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَدَخَلَتْ لَهُ، لَيْسَ يُرَادُ بِذَلِكَ بِأَنَّهَا حَلَّتْ لَهُ بِغَيْرِ نِكَاحٍ يَأْتَنِفُهُ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ قَدْ حَلَّتْ لَهُ، أَيْ قَدْ حَلَّتْ لَهُ مِنَ الْحُرْمَةِ الَّتِي كَانَتْ حَرُمَتْ بِهَا عَلَيْهِ، فَصَارَ هُوَ وَسَائِرُ النَّاسِ فِي حِلِّهَا لَهُمْ سَوَاءً 2005 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ: " إِنْ ضُرِبَ بَعْدَ ذَلِكَ، يَعْنِي الْمُلاعِنَ، ويَعْنِي الْحَدَّ، فَهُوَ خَاطِبٌ مِنَ الْخُطَّابِ، يَتَزَوَّجَا إِنْ شَاءَ وَشَاءَتْ " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذَا مَا 2006 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " إِذَا لاعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، رُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ " الحديث: 2004 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 فَهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ سَعِيدٍ أَنَّ الطَّلاقَ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِالْفُرْقَةِ فِي اللِّعَانِ طَلاقٌ لَا يُبِينُهَا مِنْهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَيُوجِبُ لَهَا رَجْعَتَهَا إِلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَافَقَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَكَانَ يَذْهَبُ، كَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ، أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُلاعِنِ فِي حَدِيثِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا " وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَمَّا أَطْلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ، وَلَمْ يَقُلْ: مَا لَمْ تُكَذِّبْ نَفْسَكَ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى ارْتِفَاعِ سَبِيلِهِ عَنْهَا أَبَدًا، وَلَوْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ إِلَى مُدَّةٍ مَا لَذَكَرَ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ لِمُخَالِفِيهِ فِي هَذَا: أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُلاعِنِ: " لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا " يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا إِذْ كُنْتَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ بَقَاءِ النِّكَاحِ إِذَا رَجَعْتَ عَنْهُ وَقَدْ وَجَدْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فِي كَلامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ لأُمِّ حَبِيبَةَ لَمَّا قَالَتْ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي أُخْتِي؟: " إِنَّها لَا تَحِلُّ لِي " وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ الرَّضَاعِ مِنْ كُتُبِنَا هَذِهِ، فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّها لَا تَحِلُّ لِي " يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي مَا كُنْتِ أَنْتِ عِنْدِي، وَمَا كَانَ نِكَاحِي عَلَيْكِ، وَمَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُكِ مِنِّي، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا " لَا يُوجِبُ رَفْعَ سَبِيلَهُ عَنْهَا أَبَدًا حَتَّى لَا يَكُونَا زَوْجَيْنِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْقَوْلِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، لأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ رَوَى حَدِيثًا كَانَ أَعْلَمَ بِتَأْوِيلِهِ، فَهَذَا إِنَّمَا رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَقَدْ قَالَ سَعِيدٌ فِي الْمُلاعِنِ " إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ رُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ "، فَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ السَّبِيلَ كَمَا تَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِهِ وَكَذَلِكَ الزُّهْرِيُّ فَقَدْ ذَكْرَنا عَنْهُ مُضِيَّ السُّنَّةِ " أَلا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا "، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 2007 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، " فِي الْمُتَلاعِنَيْنِ: " لَا يَتَرَاجَعَانِ أَبَدًا إِلا أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، فَيُجْلَدُ الْحَدَّ، وَتَظْهَرُ بَرَاءَتُهَا، فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَرَاجَعَا " فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: " مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا " أَيْ مَا كَانَ الزَّوْجُ مُقِيمًا عَلَى قَوْلِهِ، وَثَابِتًا عَلَى الْحَالِ الأُولَى الَّتِي لاعَنَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، " أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا " هُوَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، مَا كَانَا عَلَى الْحَالِ الَّتِي يُلاعِنَا عَلَيْهَا فَأَمَّا إِذَا زَالا عَنْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، وَصَارَا إِلَى حَالٍ لَوْ كَانَا صَارَا إِلَيْهَا قَبْلَ الْمُلاعَنَةِ لَا يَتَلاعَنَا، ذَهَبَتِ الْحُرْمَةُ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتَ، لأَنَّ اللِّعَانَ إِنَّمَا كَانَ مَضَى عَلَيْهِمَا الْحُكْمَ بِزَوَالِ النِّكَاحِ عَنْهُمَا بِثُبُوتِهِمَا عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ مِنَ التَّكَاذُبِ فِيمَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنَ الزِّنَى الَّذِي رَمَاهَا بِهِ فَأَمَّا لَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ فَحُدَّتِ الْمَرْأَةُ، وَحَدَثَتْ حَادِثَةٌ تَمْنَعُ اللِّعَانَ، لَمْ يَتَلاعَنَا، وَبَقِيَا زَوْجَيْنِ عَلَى حَالِهِمَا، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْحَادِثَةُ إِذَا حَدَثَتْ بَعْدَ اللِّعَانِ أَنْ تُطْلَقَ الْحُرْمَةُ الَّتِي كَانَ اللِّعَانُ أَوْجَبَهَا فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} ، فَإِنَّ الْعَذَابَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الآيَةِ مِنَ الْمُتَشَابَهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ، فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: هُوَ الْحَبْسُ حَتَّى تُلاعِنَ كَمَا لاعَنَ الزَّوْجُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: هُوَ الْحَدُّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا الْحُدُودَ الْمُتَّفَقِ عَلَى وُجُوبِهَا إِنَّمَا تَجِبُ بِالإِقْرَارَاتِ أَوِ الْبَيَانَاتِ الْوَاجِبِ بِهَا إِقَامَتُهَا، لَا بِمَا سِوَى ذَلِكَ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَلا يُقَامَ الْحَدُّ عَلَى الْمَرْأَةِ إِلا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الحديث: 2007 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} الآيَةَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} فَهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، فِي الزَّوْجَيْنِ الْبَالِغَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ إِذَا اشْتَبَهَتْ حَالاهُمَا، وَتَبَاعَدَ مَا بَيْنَهُمَا، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَنْعَهُ مِنَ الْحَقِّ الْوَاجِبِ لَهُ، وَلَمْ يَقِفِ الإِمَامُ عَلَى الظَّالِمِ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ فَيَمْنَعُهُ مِنْ ظُلْمِهِ، وَيَأْخُذُهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ، فَيَبْعَثُ فِي ذَلِكَ حَكَمَيْنِ، أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّوْجِ، وَالآخَرُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ، وَيَكْشِفَا الْحَالَ فِيهِ فَإِذَا وَقَفَا عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ فِيهِ رُدَّ الظَّالِمُ مِنْهُمَا إِلَى الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي بُعِثَا مِنْ أَجْلِهِ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى ذَلِكَ وَإِلا كَانَا شَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ بِمَا قَدْ وَقَفَا عَلَيْهِ، فَيُؤَدِّيَانِ ذَلِكَ إِلَى الإِمَامِ عَلَى سَبِيلِ الشَّهَادَةِ، فَيَأْخُذُ الإِمَامُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ عَلَيْهِ، وَيَقْضِي بِذَلِكَ، وَيَرُدُّهُ إِلَى الْوَاجِبِ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ، هَلْ لَهُمَا أَنْ يُفَرِّقَا بِمَا قَدْ جُعِلَ إِلَيْهِمَا حَتَّى تَكُونَ الْمَرْأَةُ بَائِنًا مِنْ زَوْجِهَا، وَيَكُونَ زَوْجُهَا فِي مَعْنَى الْمُطَلِّقِ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا إِلا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ قَدْ جَعَلاهُ إِلَيْهِمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ، وَمِنَ الاجْتِعَالِ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ فِيهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَمَا 2008 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، وَهِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، وَقَدْ نَشَزَتْ عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ: " ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا " فَفَعَلُوا، فَقَالَ عَلِيٌّ الحديث: 2008 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 لِلْحَكَمَيْنِ: " أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ " قَالا: وَمَا عَلَيْنَا؟ قَالَ: " عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا " فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ وَسَلَّمْتُ وَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا بِالْفُرْقَةِ فَلا أَرْضَى فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: " لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْكَ، لَسْتُ بِبَارِحٍ حَتَّى تَرْضَى مَا رَضِيَتْ " أَفَلا تَرَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يَجْعَلْ إِلَى الْحَكَمَيْنِ أَنْ يُفَرِّقَا بَيْنَ الزَّوْجِ وَامْرَأَتِهِ وَالزَّوْجُ يَأْبَى ذَلِكَ حَتَّى يَجْعَلَهُ الزَّوْجُ إِلَيْهِمَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَيْهِمَا بِالتَّحْكِيمِ الْمُطْلَقِ حَتَّى يُبَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمَا فِيهِ وَدَلَّ قَوْلُ عَلِيٍّ: " لَسْتُ بِبَارِحٍ حَتَّى تَرْضَى بِمِثْلِ مَا رَضِيَتْ " أَنَّ عَلَى الإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ الزَّوْجَ بِهَذَا حَتَّى يُفَوِّضَهُ إِلَى الْحَكَمَيْنِ لِيَكُونَ إِلَيْهِمَا مَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْخُرُوجُ مِنْهُ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَمَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْخُرُوجُ مِنْهُ إِلَى الزَّوْجِ مِنْ تَأْدِيَةِ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِمَا بِحَقٍّ فَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمَا فِيهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِلَى الْحَكَمَيْنِ إِذَا أَقَامَهُمَا الإِمَامُ مَقَامَ التَّحْكِيمِ، أَنْ يُفَرِّقَا إِذَا رَأَيَا ذَلِكَ، جَعَلَهُ الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا 2009 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} : فَهَذَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ إِذَا تَفَاسَدَ الَّذِي بَيْنَهُمَا، فَأَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْعَثُوا رَجُلا صَالِحًا مِنْ أَهْلِ الرَّجُلِ، وَرَجُلا مِثْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، فَيَنْظُرَانِ أَيُّهُمَا الْمُسِيءُ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الْمُسِيءُ حَجَبَا عَنْهُ امْرَأَتَهُ، وَقَصَرَاهُ عَلَى النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُسِيئَةُ قَصَرُوهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَمَنَعُوهَا النَّفَقَةَ فَإِنْ أَجْمَعَ رَأْيُهُمَا عَلَى أَنْ يُفَرِّقَا أَوْ يَجْمَعَا فَأَمْرُهُمَا جَائِزٌ " الحديث: 2009 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 قَالَ أَحْمَدُ: وَلْيَسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ إِمْضَاءُ شَيْءٍ مِمَّا بُعِثَا لَهُ حَتَّى يُتَابِعَهُ الآخَرُ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ كَمَا 2010 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " إِذَا حَكَمَ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ وَلَمْ يَحْكُمِ الآخَرُ فَلَيْسَ حُكْمُهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَجْتَمِعَا " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ اخْتِلافٌ فِيمَا ذَكَرْنَا، مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فَمِنْ ذَلِكَ مَا 2011 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ امْرَأَةً نَشَزَتْ عَلَى زَوْجِهَا، فَاخْتَصَمَا إِلَى شُرَيْحٍ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: " ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا " فَبَعَثُوا، فَنَظَرَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرِهِمَا، فَرَأَيَا أَنَّ يُفَرِّقَا، فَكَرِهَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: " فِيمَ كَانَا هَذَا الْيَوْمَ؟ " وَأَجَازَ قَوْلَهُمَا 2012 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: " مَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ إِنْ فَرَّقَا وَإِنْ جَمَعَا " 2013 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَ ذَلِكَ 2014 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالَ " لَمْ أُدْرِكْ إِذْ ذَاكَ " فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنِ الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْقُرْآنِ قَالَ: " يُبْعَثُ بِحَكَمٍ مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمٍ مِنْ الحديث: 2010 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 أَهْلِهَا، فَيُكَلِّمَانِ أَحَدَهُمَا، وَيَعِظَانِهِ، فَإِنْ رَجَعَ وَإِلا كَلَّمَا الآخَرَ، فَإِنْ رَجَعَ وَإِلا حَكَمَا، فَمَا حَكَمَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ " 2015 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} ، قَالَ: هُمَا حَكَمَانِ، وَمَا حَكَمَا مِنْ شَيْءٍ جَازَ " 2016 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: " {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} : إِنْ خَافُوا أَلا تُطِيعَهُ، وَلا تُوَاتِيَهُ، وَلا يَتْرُكَهَا، فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا اخْتَلَعَتْ، وَقَبِلَ مِنْهَا مَالَهَا، وَلَيْسَ الْخُلْعُ إِلا فِي مِثْلِ هَذَا " فَقَوْلُ مُجَاهِدٍ: " فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا اخْتَلَعَتْ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ إِلَيْهِمَا، لَا إِلَى الْحَكَمَيْنِ، وَإِذَا كَانَ الْخُلْعُ إِلَيْهِمَا كَانَ الطَّلاقُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ إِذَا كَانَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ إِلَى الزَّوْجِ، لَا إِلَيْهِمَا فَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلَهُ عَنِ التَّابِعِينَ الَّذِينَ رُوِّينَا عَنْهُمْ إِجَازَةَ قَوْلِ الْحَكَمَيْنِ 2017 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: إِذَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ فَاخْتَلَفَا فَلا حُكْمَ لَهُمَا، فَيُجْعَلُ غَيْرُهُمَا، وَمَا حَكَمَا مِنْ شَيْءٍ جَازَ " قَالَ أَحْمَدُ: وَلا يَنْبَغِي لِلإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ فِي مِثْلِ هَذَا إِلا الْعَدْلَيْنِ فِي شَهَادَتِهِمَا الحديث: 2015 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 الْعَالِمَيْنِ بِالأَحْكَامِ فِيمَا يَبْعَثُهُمَا فِيهِ حَتَّى يَكُونَ مَا يَمْضِي مِنْ أَمْرِهِمَا فِي ذَلِكَ عَلَى سَدَادٍ وَاسْتِقَامَةٍ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَكَانَ الطَّلاقُ يُوجِبُ حَلَّ النِّكَاحِ، وَلَمْ نَجِدِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ إِلَى غَيْرِ الأَزْوَاجِ، ثَبَتَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَلا يَخْرُجَ عَنِ الزَّوْجِ مَا قَدْ جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ، إِلَى الْحَكَمَيْنِ إِلا بِإِخْرَاجِهِ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَأَيْنَا اللِّعَانَ يَتَوَلاهُ الْحَاكِمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَيُوجِبُ الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا بِالسَّبَبِ الَّذِي يَجِبُ بِهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ بِغَيْرِ طَلاقٍ مِنَ الزَّوْجِ، فَأَمْرُ الْحَكَمَيْنِ اللَّذْينِ ذَكَرْنَا فِي التَّفْرِيقِ يَكُونُ إِلَى الْحَكَمَيْنِ حَتَّى يُزِيلا النِّكَاحَ الَّذِي بَيْنَهُمَا قِيلَ لَهُ: إِنَّ اللِّعَانَ الَّذِي ذَكَرْتَ فَإِنَّا وَجَدْنَا الزَّوْجَيْنِ لَوْ رَضِيَا بَعْدَ مُضِيِّهِ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقِيمَا عَلَى النِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمَا، وَكَانَ عَلَى الإِمَامِ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، لأَنَّهُمَا يُقِيمَانِ عَلَى مَعْنًى لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا مَعَهُ عَلَى النِّكَاحِ حَتَّى يَرُدَّا ذَلِكَ الْمَعْنَى عَنْهُمَا وَالزَّوْجَانِ اللَّذَانِ بُعِثَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرِهِمَا، لَوْ أَجْمَعَا بَعْدَ نَظَرِ الْحَكَمَيْنِ فِي أُمُورِهِمَا بِالإِقَامَةِ عَلَى مَا هُمَا عَلَيْهِ لَمْ يَأْخُذْهُمَا الإِمَامُ بِالْفُرْقَةِ، وَكَانَ مَا فَعَلاهُ وَاسِعًا لَهُمَا فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ اللِّعَانَ يُحَرِّمُ اجْتِمَاعَ الْمُتَلاعِنَيْنِ، وَأَنَّ الشِّقَاقَ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَالنَّظَرَ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْحَكَمَيْنِ لَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِمَا الاجْتِمَاعَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنِ الْفُرْقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا بِمَا كَانَتْ تَكُونُ بِهِ قَبْلَهُ، وَبِاللهِ التَّوْفِيق ُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} الآيَةَ وَكَانَ قَوْلُهُ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مَا 2018 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ، قَالَ: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ فَلْيَتَّقِ اللهَ فِي التَّطْلِيقَةِ الثَّالِثَةِ، فَإِمَّا يُمْسِكُهَا بِمَعْرُوفٍ فَيُحْسِنُ صُحْبَتَهَا، أَوْ يُسَرِّحُهَا بِإِحْسَانٍ وَلا يَظْلِمُهَا مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا " قَالَ أَحْمَدُ: فَمْعَنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا الاثْنَتَيْنِ كَمَا يَجِبُ أَنْ يُطَلِّقَهَا إِيَّاهُمَا فِي مَوَاضِعِهِمَا، وَفِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَفِي وَضْعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِهَا الَّذِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالطَّلاقِ فِيهِ فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ مَا 2019 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ، قَالَ: إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَيُطَلِّقُهَا تَطْلِيقَتَيْنِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا أُخْرَى فَلَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ " فَكَانَ مَعْنَى هَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عَلَى اسْتِعْمَالِ عِكْرِمَةَ ظَاهِرَ الآيَةِ، وَعَلَى الحديث: 2018 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ مِنَ الطَّلاقِ تَطْلِيقَتَانِ حَتَّى يَكُونَ الَّذِي يَتْلُوهُمَا مِنَ الطَّلاقِ ضِدًّا لَهُمَا، لأَنَّهُ يَكُونُ لِلْمُطَلِّقِ بَعْدَهُمَا الإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ وَالتَّسْرِيحُ بِالإِحْسَانِ، وَلا يَكُونُ لَهُ بَعْدَ ضِدِّهِمَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، لأَنَّ ضِدَّهُمَا هُوَ الْوَاحِدَةُ الَّتِي تُحَرِّمُ الْمَرْأَةَ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَأْوِيلِهِمَا أَيْضًا مَا 2020 - حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَأَرَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ، قَالَ: يُطَلِّقُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي غَيْرِ جِمَاعٍ طَاهِرًا، فَإِذَا حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ فَقَدْ تَمَّ الْقُرْءُ، ثُمَّ يُطَلِّقُ الثَّانِيَةَ كَمَا يُطَلِّقُ الأُولَى إِنْ أَحَبَّ، فَإِذَا طَلَّقَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ حَاضَتِ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ فَهَاتَانِ تَطْلِيقَتَانِ وَقُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الثَّالِثَةِ: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ، فَيُطَلِّقُهَا فِي ذَلِكَ الْقُرْءِ كُلِّهِ إِنْ شَاءَ جمع باتها " فَفِي هَذَا جَمْعُ الثَّالِثَةِ مَعَ الثَّانِيَةِ فِي قُرْءٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا، وَأَلا يُطَلِّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ فَكَانَ فِي ذَلِكَ نَهْيٌ مِنْهُ إِيَّاهُ عَنْ جَمْعِ التَّطْلِيقَتَيْنِ فِي قُرْءٍ وَاحِدٍ، وَفِي نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ التَّأْوِيلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ خِلافُ الَّذِي تَأَوَّلَهَا عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ، وَأَنَّ تَأْوِيلَهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ التَّطْلِيقَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ فِي طُهْرٍ غَيْرِ الطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَهَا صَاحِبُهَا فِيهِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ الحديث: 2020 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا، إِلَى قَوْلِهِ: فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} الآيَةَ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَى قَوْلِهِ: فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} فَهَذَا مِنَ الْمُتَشَابَهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ، بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ الْخُلْعُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْخُلْعُ جَارِيًا عَلَى الْمَالِ الَّذِي عَقَدَ عَلَيْهِ إِلا بِسُلْطَانٍ فَمِمَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا 2021 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، وَيُونُسُ، وَحُمَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ زِيَادًا، قَالَ: مَنْ خَلَعَ امْرَأَتَهُ دُونَ السُّلْطَانِ فَقَدْ ذَهَبَ مَالُهُ، وَذَهَبَتِ امْرَأَتُهُ " وَمِنْ ذَلِكَ مَا 2022 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِقَتَادَةَ: عَمَّنْ أَخَذَ الْحَسَنُ قَوْلَهُ " لَا يَكُونُ الْخُلْعُ دُونَ السُّلْطَانِ "؟ فَقَالَ: أَخَذَهُ عَنْ زِيَادٍ فَهَذَا مَا يُرْوَى عَنْ زِيَادٍ وَالْحَسَنِ فِي هَذَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ هَذَا أَيْضًا حِكَايَةً عَمَّنْ قَبْلَهُ كَمَا 2023 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَتِيقٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدًا، يَقُولُ: " كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ إِلا عِنْدَ السُّلْطَانِ " الحديث: 2021 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ مَا 2024 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " لَا يَكُونُ الْخُلْعُ حَتَّى يَعِظَهَا، فَإِنِ اتَّعَظَتْ وَإِلا هَجَرَهَا، فَإِنِ اتَّعَظَتْ وَإِلا ضَرَبَهَا، فَإِنِ اتَّعَظَتْ وَإِلا ارْتَفَعَا إِلَى السُّلْطَانِ، فَبَعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، فَيَسْمَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مَا يَقُولُ، فَيَرْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ، فَإِنْ رَأَى أَنْ يُفَرِّقَ فَرَّقَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا جَمَعَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ الْخُلْعُ " وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الْخُلْعَ يَكُونُ دُونَ السُّلْطَانِ وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا 2025 - حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَنْبَأَنِي الْحَكَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ بْنَ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شِهَابٍ الْخَوْلانِيِّ، أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ وَرَجُلٌ فِي الْخُلْعِ، فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَهُ فقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شِهَابٍ: إِنِّي شَهِدْتُ عُمَرَ وَجَاءَتْهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا طُلِّقْتِ بِمَالِكِ وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ مَا 2026 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبٌ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جُمْهَانَ مَوْلَى الأَسْلَمِيِّينَ، عَنْ أُمِّ بَكْرَةَ الأَسْلَمِيَّةِ، " أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِ اللهِ بْنِ الحديث: 2024 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 أُسَيْدٍ، ثُمَّ أَتَيَا عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: هِيَ تَطْلِيقَةٌ إِلا أَنْ تَكُونَ سَمَّيْتَ شَيْئًا فَهُوَ مَا سَمَّيْتَ " 2027 - حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَعُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّ ابْنَةَ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا، وَكَانَتْ كَرِهَتْ مِنْهُ الشَّرَابَ، فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ دُونَ عُثْمَانَ، فَأَجَازَ ذَلِكَ عُثْمَانُ، وَقَالَ لَهَا: انْتَقِلِي، وَلا نَفَقَةَ لَكِ " 2028 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ رُبَيِّعَ ابْنَةَ مُعَاذٍ جَاءَتْ هِيَ وَعَمُّهَا إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَأَخْبَرَتْهُ " أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: عِدَّتُهَا عِدَّةُ مُطَلَّقَةٍ " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ قَالَ: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} ، فَكَانَ ذَلِكَ مُخَاطَبَةً مِنْهُ لِلأَزْوَاجِ، {إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} فَأَدْخَلَ فِي ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ الزَّوْجَاتِ مَعَ الأَزْوَاجِ، فَجَعَلَ الْفِدْيَةَ مِنْهُنَّ، وَالْقَبُولَ لَهَا مِنَ الأَزْوَاجِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلسُّلْطَانِ فِي هَذَا مَعْنًى لَا يَتِمُّ إِلا بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ افْتِدَاءً عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَكَانَ السُّلْطَانُ لَا يُجِيزُهُمَا عَلَى ذَلِكَ لَوِ ارْتَفَعَا إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَرُدُّهُمَا فِيهِ إِلَى مَا تَطِيبُ بِهِ أَنْفُسُهُمَا مِنْ مِقْدَارِ الْفِدْيَةِ، وَمِنْ إِجَابَةِ الزَّوْجِ إِلَى الْفُرَاقِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَا فِي ذَلِكَ دُونَ السُّلْطَانِ، كَمَا يَكُونَانِ فِيهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ الحديث: 2027 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْخُلْعِ إِذَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ طَلاقٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ تَطْلِيقَةٌ عَلَى مَا رُوِّينَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلاقٍ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا 2029 - حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ " جَمَعَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ بَعْدَ تَطْلِيقَتَيْنِ وَخُلْعٍ " وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ذَكَرَهُ، يَعْنِي الْخُلْعَ، بَيْنَ طَلاقَيْنِ، يَعْنِي بَيْنَ قَوْلِهِ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجْدَنا الْخُلْعَ يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، يَكُونُ طَلاقًا إِذَا ذُكِرَ فِيهِ الطَّلاقُ، لأَنَّهُ زَوَالٌ لِلنِّكَاحِ، وَكَانَ النِّكَاحُ لَا يَزُولُ مِنْ قِبَلِ الأَزْوَاجِ إِلا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا بِطَلاقٍ يُبَاشِرُونَ بِهِ الزَّوْجَاتِ، أَوْ بِأَحْدَاثٍ يُحْدِثُونَهَا بِأَفْعَالِهِمْ يَزُولُ بِهَا النِّكَاحُ وَكَانَ فِي الأَحْدَاثِ الَّتِي يُحْدِثُونَهَا مَا يُوقِعُ الطَّلاقَ عَلَى زَوْجَاتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ فِيهَا طَلاقًا بِاتِّفَاقِهِمْ كَالْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ، وَكَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الأَلْفَاظِ الْمَكْنِيَّةِ وَكَانَتْ تِلْكَ الأَلْفَاظُ إِنَّمَا تَكُونُ طَلاقًا إِذَا أُرِيدَ بِهَا الطَّلاقُ، فَإِنْ لَمْ يُرَدْ بِهَا الطَّلاقُ بَطَلَتْ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا حُكْمٌ وَكَانَ الْخُلْعُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الطَّلاقُ كَانَ طَلاقًا بِاتِّفَاقٍ، وَإِذَا لَمْ يُرَدْ بِهِ الطَّلاقُ كَانَ عَامِلا بِاتِّفَاقٍ وَلَمْ يَسْقُطْ فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: هُوَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَطَائِقَةٌ تَقُولٌ: هُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلاقٍ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْخُلْعَ عَامِلٌ لَا مَحَالَةَ، ثَبَتَ أَنَّهُ يَكُونُ مَقَامَ الطَّلاقِ الْمُصَرَّحِ عَلَى الْمَالِ، فَيَكُونُ طَلاقًا كَمَا يَقُولُ الَّذِينَ جَعَلُوهُ طَلاقًا مِمَّنْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الْخُلْعِ مِمَّا تَعْتَدُّ بِهِ مِنْ زَوْجِهَا حَيْضَةٌ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ كَمَا الحديث: 2029 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 2030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: " الْمُخْتَلِعَةُ تَعْتَدُّ حَيْضَةً وَاحِدَةً " وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ خِلافُ هَذَا الْقَوْلِ وَلَمَّا أَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةً، وَقَدْ وَجَدْنَا الْعِدَدَ فِيمَا سِوَى الْخُلْعِ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ فِي الْخُلْعِ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَلَمْ نَجِدِ الْحَيْضَةَ تَجِبُ إِلا فِي الاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا أَلا تَرَى أَنَّ رَجُلا لَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ تَزْوِيجِهَا فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ مَا عَلَى الْمُخْتَلِعَةِ مِمَّا ذَكَرْنَا يَمْنَعُهَا مِنَ التَّزْوِيجِ، ثَبَتَ أَنَّهُ عِدَّةٌ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ عِدَّةٌ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ سَائِرِ الْعِدَدِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَجَمِيعُ مَا اجْتَلَبْنَا فِي هَذَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} ، فقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا وَقْتَ فِي ذَلِكَ، وَلا مِقْدَارَ لَهُ، وَهُوَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الزَّوْجَانِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الزَّوْجَانِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا كَانَ الزَّوْجُ سَاقَهُ إِلَى الْمَرْأَةِ مِنَ الصَّدَاقِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَذَهَبُوا إِلَى أَنَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ فِي أَوَّلِ الآيَةِ هُوَ مَا سَاقَهُ الزَّوْجُ إِلَى الْمَرْأَةِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} ، ثُمَّ أَطْلَقَ ذَلِكَ عِنْدَ خَوْفِهِمَا: {أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} قَالُوا: فَأَطْلَقَ فِي آخِرِ الآيَةِ مَا كَانَ حَظَرَهُ فِي أَوَّلِهَا وَذَهَبَ الآخَرُونَ إِلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وَاللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ الحديث: 2030 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} الآيَةَ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا إِلَى قَوْلِهِ: حُدُودَ اللهِ} فَهَذَا مِنَ الْمُحْكَمِ الْمُتَّفَقِ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ، وَإِنَّ الْمُرَادَ فِي ذَلِكَ هُمُ الزَّوْجَاتُ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ الثَّانِي الْمَرْأَةَ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَأَرَادَ الزَّوْجُ الأَوَّلُ وَالْمَرْأَةُ أَنْ يَتَرَاجَعَا، وَظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ، {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ مَا 2031 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " مَا أَشْكَلَ عَلِيَّ شَيْءٌ مَا أَشْكَلَ عَلَيَّ هَذِهِ الآيَةُ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} ، فَمَا زِلْتُ أَدْرُسُ كِتَابَ اللهِ حَتَّى فَهِمْتُ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الرَّجُلُ الآخَرُ إِذَا طَلَّقَهَا إِنْ شَاءَ " الحديث: 2031 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 كتاب الْمُكَاتبَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} الآيَةَ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} فَكَانَ الْكِتَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الآيَةِ غَيْرَ مُبَيَّنٍ مَا هُوَ فِيهَا، وَلا فِيمَا سِوَاهَا مِنْ آيِ الْقُرْآنِ، وَمُبَيَّنًا فِي السُّنَّةِ مَا هُوَ، وَهُوَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ مَمْلُوكَهُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ عَلَيْهِ فِي حَالٍ مَا قَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا، نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِي بَقِيَّةِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْخَيْرِ الْمُرَادِ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ، فَرُوِيَ فِيهِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَا 2032 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، " {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} ، قَالَ: صِدْقًا وَوَفَاءً " 2033 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: دِينًا " 2034 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يُونُسَ، الحديث: 2032 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 عَنِ الْحَسَنِ، " {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} ، قَالَ: دِينًا وَأَمَانَةً " 2035 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ " {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} ، قَالَ: إِنْ عَلِمْتُمْ لَهُمْ مَالا " 2036 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَطَاءٍ، " {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} ، قَالَ: مَالا " 2037 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، " {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} ، قَالَ: إِنْ أَقَامُوا الصَّلاةَ " 2038 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: " {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} ، قَالَ: إِنْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الْخَيْرَ " فَأَمَّا مَا رُوِّينَا فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْخَيْرِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الآيَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ فَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ} أَنَّ فِيهِمُ الدِّينَ وَالصِّدْقَ وَالْوَفَاءَ الَّذِينَ يُعَامِلُونَكُمْ عَلَى أَنَّهُمْ مُتَعَبِّدُونَ فِيهِ بِالْوَفَاءِ لَكُمْ، وَالْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ مِمَّا تُكَاتِبُونَهُمْ عَلَيْهِ، أَيْ فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ سَبِيلُهُ فَكَاتِبُوهُ إِذَا كَانَ مَذْهَبُهُ الصِّدْقَ فِي مُعَامَلَتِهِ، وَالْوَفَاءَ لِغَرِيمِهِ بِمَا عَلَيْهِ الحديث: 2035 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 وَفِي حَمْلِ هَذَا الْخَيْرِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَكَاتِبُوهُمْ} عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ عَلَى الإِرْشَادِ، لَا عَلَى الإِيجَابِ وَأَمَّا مَا رُوِّينَاهُ فِي تَأْوِيلِ الْخَيْرِ عَنْ عُبَيْدَةَ، وَأَنَّهُ الصَّلاةُ، فَإِنْ كَانَ يَعْنِي بِذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَى مُقِيمِي الصَّلاةِ مِنَ الْوَفَاءِ بِالأَقْوَالِ وَالامْتِثَالِ فِي الْمُعَامَلاتِ مَا قَدْ أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مُقِيمِي الصَّلاةِ، فَقَدْ رَجَعَ مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يَعْنِي إِقَامَةَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ خَاصَّةً فَذَلِكَ عِنْدَنَا لَا مَعْنَى لَهُ، لأَنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ فِي هَذِهِ الآيَةِ مِنْ مُكَاتَبَةِ غَيْرِ أَهْلِ الصَّلاةِ مِنَ الْيَهُودِ، وَمِنَ النَّصَارَى، وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يُكْرَهْ ذَلِكَ لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الإْسِلامِ، وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ وَأَمَّا مَا رُوِّينَا فِي تَأْوِيلِ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ، وَأَنَّهُ الْمَالُ، فَذَلِكَ مُحَالٌ عِنْدَنَا، لأَنَّ الْعَبْدَ نَفْسَهُ مَالٌ لِمَوْلاهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ مَالٌ؟ وَأَمَّا مَا رُوِّينَا فِي تَأْوِيلِهِ عَنْ سَعِيدٍ، وَأَنَّهُ إِرَادَةُ الْخَيْرِ، فَذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى مَا رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ، لأَنَّ الصِّدْقَ وَالْوَفَاءَ مِنَ الْخَيْرِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْكِتَابِ فَغَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى النَّاسِ، وَإِنْ عَلِمُوا فِيمَنْ يَمْلِكُونَ الْخَيْرَ، وَابْتَغَوْا مِنْهُمُ الْكِتَابَ، لأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْمَالِكِينَ إِذَا طَلَبَهُ مِنْهُمُ الْمَمْلُوكُونَ، لَكَانَ وَاجِبًا عَلَى الْمَمْلُوكِينَ إِذَا طَلَبَهُ مِنْهُمُ الْمَالِكُونَ، لأَنَّ أَحْكَامَ التَّمْلِيكَاتِ كُلَّهَا مِنَ الْبِيَاعَاتِ، وَغَيْرُهَا كَذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهَا حُكْمُ الْمُمَلِّكِ لَهَا وَحُكْمُ الْمُمَلَّكِ إِيَّاهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى الْمَالِ الْحَالِّ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُكَاتَبَةُ عَلَى ذَلِكَ جَائِزَةٌ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، بِغَيْرِ اخْتِلافٍ ذَكَرَهُ بَيْنَهُمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا تَجُوزُ الْمُكَاتَبَةُ إِلا عَلَى مَالٍ آجِلٍ، وَلا تَجُوزُ عَلَى الْمَالِ الْعَاجِلِ وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا الشَّافِعِيُّ، غَيْرَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ زَادَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي ذَلِكَ، أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَجُوزُ إِلا إِلَى نَجْمَيْنِ فَمَا فَوْقَهَا مِنَ النُّجُومِ، وَلا تَجُوزُ حَالَّةً وَلا إِلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا الْبِيَاعَاتِ جَائِزَاتٍ عَلَى الأَبْدَالِ الْعَاجِلَةِ، وَعَلَى الأَبْدَالِ الآجِلَةِ، وَوَجَدْنَا النِّكَاحَاتِ وَالْخُلْعَ كَذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إِلا بِأَجَلٍ غَيْرِ السَّلْمِ، فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَالا غَيْرَ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ ذَهَبَ إِلَى إِجَازَتِهِ حَالا وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ الْمُكَاتَبَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا فِيهِ تَمْلِيكُ الْمُكَاتِبِ كَسْبَهُ بِعِوَضٍ يُتَعَوَّضُ عَلَيْهِ، كَانَ حُكْمُهُ بِحُكْمِ الْبِيَاعَاتِ أَشْبَهَ فَلَمَّا جَازَ عَقْدُ الْبِيَاعَاتِ عَلَى الأَيْمَانِ الْعَاجِلَةِ وَعَلَى الأَيْمَانِ الآجِلَةِ، جَازَ فِي عَقْدِ الْمُكَاتَبَاتِ عَلَى الأَمْوَالِ الْعَاجِلَةِ وَالآجِلَةِ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاللهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُكَاتَبَةِ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى مَا تَجُوزُ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبَةُ، مَتَى يُعْتَقُ بِهَا الْمُكَاتَبُ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعْتَقُ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ، وَتَكُونُ الْمُكَاتَبَةُ عَلَيْهِ دَيْنًا وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا فَاسِدٌ، وَلَمْ نَجِدْ لَهُ إِمَامًا قَالَ بِهِ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ إِسْنَادًا وَذَلِكَ عِنْدَنَا غَيْرُ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بَلْ قَدْ وَجَدْنَا عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلافَهُ مِمَّا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَدْفَعُ هَذَا الْقَوْلَ 2039 - فَمِمَّا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا كَانَ لإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ " قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَثَبَّتَنِيهُ مَعْمَرٌ فَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا، مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الأَدَاءِ، خِلافُ حُكْمِهِ إِذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الأَدَاءِ، فِي الدُّخُولِ إِلَى مَوْلاتِهِ، وَفِي النَّظَرِ إِلَيْهَا، وَفِي إِبَاحَةِ ذَلِكَ لَهُ مِنْهَا وَأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِخِلافِهِ بَعْدَ الحديث: 2039 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 الأَدَاءِ، لأَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ الأَدَاءِ حُرًّا لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إِلَى مَوْلاتِهِ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَنَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا مُنِعَ الأَدَاءُ أَنْ يَتَّسِعَ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا، وَلِيَبْقَى عَلَى حُكْمِهِ فِي سَعَةِ ذَلِكَ لَهُ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهَا، وَمَنَعَهَا مِنْ إِبَاحَةِ ذَلِكَ لَهُ فِيهَا فَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتِبَ لَا يُعْتَقُ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْتَقُ بِحَالٍ يَأْتِيهِ وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَمَا 2040 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ بِحِصَّةِ مَا أَدَّى، دِيَةَ حُرٍّ، وَمَا بَقِيَ عَلَيْهِ، دِيَةَ الْعَبْدِ " فَفِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تَجِبُ لِلْمُكَاتَبِ فِي شَيْءٍ مِنْ رَقَبَتِهِ إِلا بِحَالٍ حَادِثَةٍ بَعْدَ عَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ غَيْرَ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ 2041 - كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يُؤَدِّي الْمُكَاتِبُ بِحِصَّةِ مَا أَدَّى بِهِ حُرٌّ، وَمَا بَقِيَ دِيَةَ عَبْدٍ " فَاخْتَلَفَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِي إِسْنَادِهِ وَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا 2042 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ الحديث: 2040 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُؤَدِّي الْمُكَاتِبُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى دِيَةَ حُرٍّ، وَبِقَدْرِ مَا بَقِيَ دِيَةَ الْعَبْدِ " 2043 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُكَاتَبٍ قُتِلَ بِدِيَةِ الْحُرِّ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " وَيُقَامُ عَلَى الْمُكَاتَبِ حَدُّ الْمَمْلُوكِ " فَهَذَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَهُوَ إِمَامُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَحُجَّةٌ مِنْ حُجَجِهِمْ قَدْ رَوَى هَذَا عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ذَكَرْنَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْمُكَاتَبَةِ، وَلا بِأَدَائِهِ لِشَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَهَا، وَهُوَ قَبَلَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْمُكَاتَبِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ حَتَّى يَبْقَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْمُكَاتَبَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا، وَيَشْمَلُ قَوْلَهُمُ الأَمْصَارَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَسَائِرُ أَمْثَالِهِمْ، وَالْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِمْ، وَسَائِرِ مَنْ أُضِيفَ الْفُتْيَا إِلَيْهِ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا وَلا نَعْلَمُهُ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ إِلا مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا 2044 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ الْفَوْزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ " الحديث: 2043 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا 2045 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، يَقُولُ: " الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ " 2046 - وَكَمَّا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَأَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: " كَمْ بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِكَ؟ " قُلْتُ: عَشْرُ أَوَاقٍ فَقَالَتْ: " ادْخُلْ، فَإِنَّكَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ دِرْهَمٌ " 2047 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ 2048 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ سَبَلانَ، أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا أَرَاكِ إِلا سَتَسْتَحْيِينَ مِنِّي فَقَالَتْ: " مَا لَكَ؟ " فَقَالَ: كَاتَبْتُ فَقَالَتْ: " إِنَّكَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ شَيْءٌ " 2049 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، أَخْبَرَاهُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: " الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ " 2050 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: " الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ الحديث: 2045 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 شَيْءٌ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ آخَرِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلافُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، وَخِلافُ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَمَا 2051 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: " إِذَا أَدَّى النِّصْفَ فَهُوَ غَرِيمٌ "، يَعْنِي الْمُكَاتَبَ 2052 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تُكَاتِبُونَ مُكَاتَبِينَ، فَأَيُّهُمْ أَدَّى النِّصْفَ فَلا رَدَّ عَلَيْهِ فِي الرِّقِّ " فَهَذَا عُمَرُ قَدْ جَعَلَ الْمُكَاتَبَ حُرًّا بِأَدَائِهِ نِصْفَ مُكَاتَبَتِهِ غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا عَنْهُ خِلافَ هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعَ الإِسْنَادِ، كَمَا 2053 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: " الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ " وَمِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ، رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا 2054 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: " إِذَا أَدَّى الْمُكَاتِبُ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا فَهُوَ غَرِيمٌ " 2055 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " كَانَ عَبْدُ اللهِ، وَشُرَيْحٌ، يَقُولانِ فِي الْمُكَاتِبِ: إِذَا أَدَّى الثُّلُثَ فَهُوَ غَرِيمٌ " الحديث: 2051 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ خِلافُ هَذَا، وَخِلافُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْعُلَمَاءِ سِوَاهُ فِيمَا يُعْتَقُ بِهِ مِنَ الْمُكَاتَبِ كَمَا 2056 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: " إِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ فَهُوَ غَرِيمٌ " وَمِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَرُوِيَ عَنْهُ مَا 2057 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ جَابِرٌ، يَقُولُ: " شُرُوطُهُمْ جَائِزَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ "، يَعْنِي الْمُكَاتِبِينَ وَالْمُكَاتَبِينَ فَهَذَا جَابِرٌ قَدْ رَدَّ أَمْرَ عَتَاقِ الْمُكَاتَبِينِ إِلَى الشَّرَائِطِ الَّتِي يَشْتَرِطُونَهَا عَلَى مَوَالِيهِمْ فِي مُكَاتَبَاتِهِمْ إِيَّاهُمْ وَلَمْ يَقِفْ عَلَى مَا كَانَ يُذْهَبُ إِلَيْهِ فِي الْمُكَاتَبَةِ إِذَا وَقَعَتْ خَالِيَةً مِنَ الشُّرُوطِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي الْمُكَاتَبِ، وَقَالُوا فِيهِ مِنَ الأَقْوَالِ مَا وَصَفْنَا، وَانْتَفَى قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُكَاتَبَ يُعْتَقُ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ بِمَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثَيْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُمَا فِي هَذَا، نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ وَفِي سَائِرِ الأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَجِبُ بِالْعُقُودِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ بِحَالٍ أُخْرَى تَحْدُثُ بَعْدَهَا، كَيْفَ حُكْمُهَا؟ فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ يَبِيعُ الرَّجُلَ الْعَرَضَ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِمَا سِوَاهَا مِمَّا يَجُوزُ بِهِ الْبَيْعُ، فَيَكُونُ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ احْتِبَاسُ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ، فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ قَبْضَ شَيْءٍ مِنَ الْمَبِيعِ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الثَّمَنِ، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي دَفْعِهِ بَعْضَ الثَّمَنِ كَهُوَ لَوْ لَمْ يَدْفَعْ إِلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الثَّمَنِ وَرَأَيْنَا الرَّجُلَ يَرْهَنُ الرَّجُلَ الْعَرَضَ بِالْمَالِ لَهُ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ احْتِبَاسُ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ ، وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ قَبْضَ شَيْءٍ مِنَ الرَّهْنِ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَهُ بِهِ ذَلِكَ الرَّهْنَ، وَأَنَّ الرَّاهِنَ بَعْدَ بَرَاءَتِهِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ مِنْ بَعْضِ الدَّيْنِ فِي حُكْمِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ بَرَاءَتِهِ إِلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الحديث: 2056 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 ذَلِكَ الدَّيْنِ فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا فِي الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ اللَّذَيْنِ وَصَفْنَا، أَنْ تَكُونَ الْكِتَابَةُ كَهُمَا، وَأَنْ يَكُونَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ بَرَاءَتِهِ إِلَى مَوْلاهُ مِنْ بَعْضِ الْمُكَاتَبَةِ فِي حُكْمِهِ قَبْلَ بَرَاءَتِهِ إِلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ مِنْهَا فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ وَفِي ذَلِكَ دَلالَةٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْعَتَاقِ لِلْمُكَاتَبِ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ سَنَذْكُرُهَا فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى النَّدْبِ عَلَى الْخَيْرِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِمَعُونَةِ الْمُكَاتَبِينَ عَلَى مَا يُعْتَقُونَ بِهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِي آخَرِينَ سِوَاهُمْ، وَقَالُوا: لَيْسَ ذَلِكَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الآيَةِ مَقْصُودًا إِلَى الْمُكَاتَبَةِ دُونَ مَا سِوَاهَا مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِينَ، وَلَكِنَّهُ عَلَيْهَا وَعَلَى مَا سِوَاهَا مِنْ أَمْوَالِ الْمُكَاتَبِينَ، فَمَا أَتَاهُ الْمُكَاتَبُونَ مُكَاتِبِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابُوا بِهِ مَا أُمِرُوا بِهِ فِي هَذِهِ الآيَةِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَضَعَ عَنْ مُكَاتَبِهِ شَيْئًا مِنْ مُكَاتَبَتِهِ الَّتِي كَاتَبَهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ بِذَلِكَ، مَحْكُومٌ بِهِ عَلَيْهِ غَيْرُ مُتَرَخَّصٍ لَهُ فِي تَرْكِهِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَذَهَبُوا إِلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} عَلَى الْوُجُوبِ وَالْحَتْمِ، لَا عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِثْلَ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمَأْمُورَ بِوَضْعِهِ وَإِتْيَانِهِ الْمُكَاتَبِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ رُبُعَ مَا كُوتِبُوا عَلَيْهِ، فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَكَانَتْ مُحْتَمِلَةً لِمَا تَأَوَّلَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَيْهِ، نَظَرْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّنَنِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُ، هَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ 2058 - فَوَجَدْنَا يُونُسَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، الحديث: 2058 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 مِنْهُمْ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَاللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ بَرِيرَةُ إِلَيَّ، فَقَالَتْ: يَا عَائِشَةُ، إِنِّي قَدْ كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ جَمِيعًا وَيَكُونُ وَلاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا، فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونُ وَلاؤُكِ لَنَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ مِنْهَا، ابْتَاعِي وَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا؟ مَنْ شَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " 2059 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ بَرِيرَةُ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونُ لِي وَلاؤُكِ، فَعَلْتُ فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ، فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْوَلاءُ لَهُمْ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي الْوَلاءَ لَهُمْ، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ قَوْمٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَا كَانَ الحديث: 2059 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 مِنْ شُرُوطٍ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ، إِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " فَوَجَدْنَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الَّذِينَ تَأَوَّلُوا قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} عَلَى الْحَضِّ وَالنَّدْبِ، لَا عَلَى الْوُجُوبِ وَالْحَتْمِ، أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِ بَرِيرَةَ لِعَائِشَةَ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، وَقَوْلِ عَائِشَةَ لَهَا: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ جَمِيعًا أَوْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونُ وَلاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، وَذِكْرِ عَائِشَةَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرْكِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْكَارَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى أَهْلِ بَرِيرَةَ وَضْعُ شَيْءٍ مِمَّا كَاتَبُوهَا عَلَيْهِ عَنْهَا، إِذًا لَمَا بَذَلَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُمْ، وَلأَنْكَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا لَوْ بَذَلَتْهُ، وَلَقَالَ لَهَا: وَلِمَ تَدْفَعِي إِلَيْهِمْ مَا لَا يَجِبُ لَهُمْ عَلَيْهَا، وَمَا قَدْ أَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ عَلَيْهِمْ إِسْقَاطَهُ عَنْهَا؟ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا بِهَذِهِ السُّنَّةِ الَّتِي رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ الطَّائِفَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} عَلَى الْحَضِّ وَالنَّدْبِ، لَا عَلَى الْوُجُوبِ وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُعْتَقُ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْتَقُ بِحَالٍ ثَابِتَةٍ تَطْرَأُ عَلَى الْمُكَاتِبِ وَرُوِّيتُ فِي هَذَا آثَارٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ نَفْيِ عَتَاقِ الْمُكَاتَبِ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ، وَهِيَ مَا 2060 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، قَالَ: الحديث: 2060 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ مِنْ نَاسٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَاشْتَرَطُوا الْوَلاءَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْوَلاءُ لِمَنْ وَلِيَ النِّعْمَةَ " قَالَ: وَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا 2061 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: اشْتَرَيْتُ جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا: بَرِيرَةُ، فَاشْتَرَطَ مَوَالِيهَا أَنَّ الْوَلاءَ لَهُمْ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ وَلِيَ النِّعْمَةَ، وَأَعْطَى الثَّمَنَ " 2062 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ، فَأَعْتَقَتْهَا وَشَرَطَتْ لأَهْلِهَا أَنَّ الْوَلاءَ لَهُمْ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " 2063 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَتُعْتِقَهَا، وَاشْتَرَطَ مَوَالِيهَا الْوَلاءَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " وَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى زَوْجِهَا 2064 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الحديث: 2061 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 بْنُ يَعْلَى، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ، وَاشْتَرَطَ الَّذِينَ بَاعُوهَا الْوَلاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْوَلاءُ لِمَنِ اشْتَرَى " فَأَعْتَقَهَا وَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَفَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا 2065 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ بَرِيرَةُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ، فَقَالَتِ: اشْتَرِينِي فَأَعْتِقِينِي، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَهْلِي لَا يَبِيعُونِي حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلائِي، فَقُلْتُ لَهَا لَا حَاجَةَ لَنَا بِذَلِكَ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَلَغَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ مَا قَالَتْ لَهَا، فَقَالَ: " اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، وَدَعِيهِمْ فَلْيَشْتَرِطُوا مَا شَاءُوا " فَاشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ فَأَعْتَقَتْهَا، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلاءَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ " 2066 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَائِشَةَ سَاوَمَتْ بَرِيرَةَ، فَلَمَّا رَجِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: إِنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يَبِيعُونِي إِلا أَنْ يَشْتَرِطُوا الْوَلاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " فَفِي هَذِهِ الآثَارِ ابْتِيَاعُ عَائِشَةَ بَرِيرَةَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا بِذَلِكَ، وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا فِي بَعْضِهَا، وَبِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَجْنَاسِهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْمُكَاتَبَةِ لَمْ يُوجِبُ لَهَا عَتَاقًا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ مَنَعَ الْعَتَاقَ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا كُنَّا فِيهِ مِنَ الآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 2065 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 الدَّالَّةِ عَلَى مُرَادِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} ، هَلْ هُوَ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ عَلَى الْحَضِّ؟ فَوَجَدْنَا: 2067 - الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ ابْنَةُ الْحَارِثِ فِي سَهْمٍ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، أَوْ لابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبَتْ عَلَى نَفْسِهَا قَالَتْ: وَكَانَتِ امْرَأَةً حُلْوَةً مَلاحَةً لَا يَكَادُ يَرَاهَا أَحَدٌ إِلا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَعِينُهُ فِي مُكَاتَبَتِهَا، فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ فَكَرِهْتُهَا، وَعَرِفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا جُوَيْرِيَةُ ابْنَةُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ، سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الأَمْرِ مَا لَمْ يَخْفَ، فَوَقَعْتُ فِي سَهْمٍ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، أَوْ لابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبْتُهُ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى كِتَابَتِي قَالَ: " فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ " قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " أَقْضِي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ " قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: " فَقَدْ فَعَلْتُ " وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ، فَقَالُوا: صِهْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ قَالَتْ: فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَلا نَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَّى جَمِيعَ مُكَاتَبَتِهَا عَنْهَا إِلَى الَّذِي كَانَتْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ فَكَاتَبَهَا، وَلَوْ كَانَ لَهَا عَلَى الَّذِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ حَطِيطَةٌ مِمَّا كَاتَبَهَا عَلَيْهِ، لَكَانَ الَّذِي يَقْصِدُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالأَدَاءِ عَنْهَا مِنَ الْمُكَاتَبَةِ، هُوَ الْبَاقِي عَلَيْهَا بَعْدَ تِلْكَ الْحَطِيطَةِ 2068 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الحديث: 2067 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَمَانُ الْفَارِسِيُّ، حَدَّثَنِيهُ مِنْ فِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَاتِبْ " فَسَأَلْتُ صَاحِبِي ذَلِكَ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى كَاتَبَنِي عَلَى أَنْ أُحْيِيَ لَهُ ثَلاثَ مِائَةِ نَخْلَةٍ وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَعِينُوا أَخَاكُمْ بِالنَّخْلِ " فَأَعَانَنِي كُلُّ رَجُلٍ بِقَدْرِهِ بِالثَّلاثِينَ، وَالْعِشْرِينَ، وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ، وَالْعَشْرَةِ، ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا سَلْمَانُ، اذْهَبْ فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَضَعَهَا فَلا تَضَعْهَا حَتَّى تَأْتِيَنِي تُؤْذِنِّي، فَأَكُونُ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي " فَقُمْتُ فِي فَقِيرِي، فَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى فَقَّرْنَا ثَرَاهَا ثَلاثَ مِائَةِ وَدِيَّةٍ، وَجَاءَ كُلُّ رَجُلٍ بِمَا أَعَانَنِي مِنَ النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَضَعُهَا بِيَدِهِ، وَجَعَلَ يُسَوِّي عَلَيْهَا تُرَابَهَا حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا جَمِيعًا، فَلا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا بَقِيَتْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ، وَبَقِيَتِ الدَّرَاهِمُ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ ذَهَبٍ أَصَابَهَا مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ، فَتَصَدَّقَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمِسْكِينُ الْمُكَاتَبُ؟ ادْعُوهُ لِي " فَدُعِيتُ لَهُ، فَجِئْتُ، فَقَالَ: " اذْهَبْ فَأَدِّهَا عَنْكَ فِيمَا عَلَيْكَ مِنَ الْمَالِ " قُلْتُ: فَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِمَّا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " إِنَّ اللهَ سَيُؤَدِّيهَا " فَفِي هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ مَوْلَى سَلْمَانَ بِحَطٍّ عَنْهُ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ، وَلا بِوَضْعٍ عَنْهُ مِنْهَا فَقَدْ دَلَّ مَا رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا مِنْ هَذِهِ الآثَارِ أَنَّهُ لَا وَاجِبَ لِلْمُكَاتَبِينَ عَلَى مَنْ كَاتَبَهُمْ حَطِيطَةً مِمَّا كَاتَبُوهُمْ عَلَيْهِ، وَلا وُضِعَ عَنْهُمْ مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آثَارٌ نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِيمَا بَقِيَ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَمِنْهَا مَا 2069 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الحديث: 2069 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 الْوَاشِحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ أَبِي، قَالَ: وَقَالَ مَيْمُونٌ، عَنْ عَمِّي، قَالَ: وَحَدَّثَتْنِي أُمِّي، وَأَهْلِي، أَنَّ جَدِّي، قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: كَاتِبْنِي، قَالَ " اعْرِضْ " قَالَ: قُلْتُ: مِائَةَ أُوقِيَّةٍ قَالَ: فَمَا اسْتَزَادَنِي، فَأَرَادَ شَيْئًا يَعْطِينِيهُ فَلَمْ يَجِدْ، فَأَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ: " إِنِّي قَدْ كَاتَبْتُ غُلامِي، وَإِنِّي أُرِيدُ أُعْطِيهِ شَيْئًا، فَابْعَثِي إِلَيَّ بِدَرَاهِمَ "، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: " خُذْهَا، بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا " قَالَ: فَبَارَكَ اللهُ لِي فِيهَا، قَدْ أَعْتَقْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْهَا قَالَ: فَاسْتَأْذَنْتُهُ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ آتِيَ الْعِرَاقَ؟ قَالَ: " أَنَا قَدْ كَاتَبْتُكَ، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ " قَالَ: فَأَرَادَ مَوَالٍ لِبَنِي غِفَارٍ أَنْ يَصْحَبُونِي، فَقَالُوا: كَلِّمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكْتُبَ لَنَا كِتَابًا نُكْرَمُ بِهِ قَالَ: وَعَلِمْتُ أَنَّهُ سَيَكْرَهُ ذَلِكَ، فَكَلَّمْتُهُ فَانْتَهَرَنِي، وَمَا انْتَهَرَنِي قَبْلَهَا، فَقَالَ: " أَتُرِيدُ أَنْ تَظْلِمَ النَّاسَ أَنْتَ أُسْوَةُ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: " فَخَرَجْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا جِئْتُ مَعِي بِنَمَطٍ وَطِنْفَسَةٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَان هَدِيَّةٌ لَكَ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَعْجَبَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا عَلَيَّ، وَقَالَ: " إِنَّهُ قَدْ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ مُكَاتَبَتِكَ، فَاسْتَعِنْ بِهِمَا فِي مُكَاتَبَتِكَ " فَفِي هَذَا أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يَضَعْ عَنْهُ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ الَّتِي كَاتَبَهُ عَلَيْهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا أَعَانَهُ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ، فَفِي ذَلِكَ مَا دَلَّ أَنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} كَانَ عِنْدَهُ عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ، لَا عَلَى الْوُجُوبِ 2070 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدٍ لِعُثْمَانَ، قَالَ: " بَعَثَنِي عُثْمَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تِجَارَةٍ، فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَأَحْمَدَ وِلايَتِي، فَقُمْتُ إِلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ الْكِتَابَةَ، فَقَطَّبَ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْلا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا فَعَلْتُ، أُكَاتِبُكَ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ، عَلَى أَنْ تَعُدَّهَا لِي فِي عَدَّتَيْنِ، وَاللهِ لَا أَغُضُّكَ مِنْهَا دِرْهَمًا الحديث: 2070 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، فَتَلَقَّانِيَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَقَالَ: مَا الَّذِي أَرَى بِكَ؟ قُلْتُ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بَعَثَنِي فِي تِجَارَةٍ، فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَأَحْمَدَ وِلايَتِي، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَسْأَلُكَ الْكِتَابَةَ قَالَ: فَقَطَّبَ ثُمَّ قَالَ: لَوْلا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ مَا فَعَلْتُ، أُكَاتِبُكَ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ عَلَى أَنْ تَعُدَّهَا لِي فِي عَدَّتَيْنِ، وَاللهِ لَا أَغُضُّكَ مِنْهَا دِرْهَمًا قَالَ: ارْجِعْ قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَامَ قَائِمًا، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فُلانٌ كَاتَبْتُهُ؟ قَالَ: فَقَطَّبَ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْلا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللهِ مَا فَعَلْتُ، أُكَاتِبُهُ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ عَلَى أَنْ يَعُدَّهَا لِي فِي عَدَّتَيْنِ، وَاللهِ لَا أَغُضُّهُ مِنْهَا دِرْهَمًا قَالَ: فَغَضِبَ الزُّبَيْرُ، وَقَالَ: وَاللهِ لأَمْثُلَنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ قَائِمًا أَطْلُبُ إِلَيْكَ حَاجَةً تَحُولُ دُونَهَا بِيَمِينٍ، وَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا: كَاتِبْهُ قَالَ: فَكَاتَبْتُهُ، وَانْطَلَقَ بِيَ الزُّبَيْرُ إِلَى أَهْلِهِ، فَأَعْطَانِي مِائَةَ أَلْفٍ، وَقَالَ: انْطَلِقْ فَاطْلُبْ فِيهَا مِنْ فَضْلِ اللهِ، فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَأَدِّ إِلَى عُثْمَانَ مَالَهُ مِنْهَا قَالَ: فَانْطَلَقْتُ، فَطَلَبْتُ فِيهَا مِنْ فَضْلِ اللهِ، فَأَدَّيْتُ إِلَى عُثْمَانَ مَالَهُ، وَإِلَى الزُّبَيْرِ مَالَهُ، وَفَضَلَتْ فِي يَدِي ثَمَانُونَ أَلْفًا " فَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ: " أُكَاتِبُهُ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ عَلَى أَنْ يَعُدَّهَا لِي فِي عَدَّتَيْنِ، وَاللهِ لَا أَغُضُّهُ مِنْهَا دِرْهَمًا "، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} عِنْدَ عُثْمَانَ عَلَى النَّدْبِ، لَا عَلَى الْحَتْمِ وَقَدْ وَقَفَ الزُّبْيَرُ مِنْ عُثْمَانَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، وَخَاطَبَهُ عُثْمَانُ بِهِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُتَابَعَتِهِ إِيَّاهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا كَمَذْهَبِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِيهِ وَهَذَا مِنْ عُثْمَانَ وَالزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَكَانَ مِثْلُهُ مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاهُمْ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مُنْكِرٌ، وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اتِّفَاقِهِمْ جَمِيعًا عَلَيْهِ، وَعَلَى اسْتِوَاءِ مَذْهَبِهِمْ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم ْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 2071 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، فَكَاتَبَ غُلامًا لَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ إِنْ عَجَزَ رُدَّ فِي الرِّقِّ، وَمَا أَخَذْتُ مِنْكَ فَهُوَ لِي، فَوَضَعَ عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنَ الأَرْبَعَةِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ خَلِيلَكَ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: " {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} : هُوَ الرُّبُعُ " وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا فِي هَذَا حُجَّةٌ لِوَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا عَلَى الْفَرِيقِ الآخَرِ مِنْهُمَا، لأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ سُورَة النُّور آيَة عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ، لَا عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ وَالْحَتْمِ، فَرَأَى أَنْ يُوضَعَ بِذَلِكَ عَنِ الْمُكَاتَبِ رُبُعُ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ إِجْبَارٍ يَلْزَمُ مَوْلاهُ فِي ذَلِكَ، وَلا إِيجَابٍ عَلَيْهِ كَمَا أُمِرْنَا بِالإِطْعَامِ مِنَ الأُضْحِيَةِ، وَوَقَّتَ فِي ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ الثُّلُثَ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَهُ، وَلا عَلَى التَّوْقِيتِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ دُونَهُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ هَذَا عَلَى الْوُجُوبِ، وَعَلَى التَّوْقِيتِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ دُونَهُ وَلَمَّا كَانَ حَدِيثُ عَلِيٍّ هَذَا مُحْتَمِلا لِمَا ذَكَرْنَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ الآخَرِ وَمِنْهَا مَا 2072 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ سُورَة النُّور آيَة، قَالَ: حَثَّ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ " الحديث: 2071 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 فَفِي هَذَا التَّأْوِيلِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ سُورَة النُّور آيَة إِلَى الْمَوَالِي الْمُكَاتِبِينَ خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ إِلَى النَّاسِ جَمِيعًا، فَحَضَّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَعَلَى مُعَاوَنَةِ الْمُكَاتَبِينَ عَلَى مُكَاتَبَاتِهِمْ لِكَيْ يُعْتَقُوا وَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَذْهَبُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى كَمَا 2073 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ " {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} ، قَالَ: هِيَ شَيْءٌ حَثَّ النَّاسَ عَلَيْهِ " قِيلَ لِسُفْيَانَ: الْمَوْلَى وَغَيْرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ وَالنَّظَرُ مِنْ بَعْدِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا وَاجِبَ عَلَى الْمَوْلَى لِمُكَاتَبِهِ إِسْقَاطَ شَيْءٍ مِمَّا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ، وَلا تَمْلِيكَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ سِوَاهُ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الْمُكَاتَبَةَ لَا تَجُوزُ إِلا عَلَى مِقْدَارٍ مِنَ الْمَالِ مَعْلُومٍ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ فُسِخَتِ الْمُكَاتَبَةُ وَأُمِرَ بِتَرْكِهَا، وَلَمْ يُخَلَّ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُضِيِّ عَلَيْهَا، وَكَانَ إِذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ جَازَتِ الْمُكَاتَبَةُ بَيْنَهُمَا، وَأُمِرَا بِإِمْضَائِهَا عَلَيْهِمَا، وَوَجَبَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ إِعَانَةُ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ إِلَى الْحُرِّيَّةِ وَلَوْ كَانَتِ الْمُكَاتَبَةُ إِذَا عُقِدَتْ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ وَجَبَ لِلْمُكَاتَبِ بَعْضُ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى مَوْلاهُ الَّذِي كَاتَبَهُ عَلَيْهِ، كَانَ مَا وَجَبَ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى الْمَوْلَى مِنْهُ سَاقِطًا مِنَ الْمُكَاتَبَةِ، فَكَانَ كَمَا لَمْ يُسَمَّ فِيهَا، وَكَمَا لَمْ يُعْقَدْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ لَمَّا كَانَ جَمِيعُ الْمُكَاتَبَةِ لِلْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبِ وَطَائِفَةٌ مِثْلُ بَعْضِ تِلْكَ الْمُكَاتَبَةِ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى الْمَوْلَى، كَانَتْ كَتِلْكَ الطَّائِفَةِ سَاقِطَةً عَنِ الْمُكَاتَبِ غَيْرَ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ، وكَانَ الْوَاجِبُ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ لِلْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبِ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَهَا، وَالْبَاقِي بَعْدَهَا مَجْهُولٌ، لأَنَّ الْحَطِيطَةَ لَمَّا كَانَتْ لَا مِقْدَارَ لَهَا مَعْلُومٌ فِي قَوْلِ مَنْ يُوجِبُهَا، كَانَ الْبَاقِي بَعْدَهَا مِنَ الْمُكَاتَبَةِ الْمَعْلُومَةِ مَجْهُولا فَفِي تَثْبِيتِهِمْ عَقْدَ الْمُكَاتَبَةِ عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَعْلُومِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا هُوَ جَمِيعُ مَا عُقِدَتْ عَلَيْهِ، لَا حَطِيطَةَ عَلَى الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُونَ مِمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ الحديث: 2073 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ عَلِيٍّ مِنَ التَّوْقِيتِ فِي ذَلِكَ رُبُعَ الْمُكَاتَبَةِ، فَلَمْ نَقِفْ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْحَتْمِ وَالْوُجُوبِ، فَنَجْعَلُهُ حُجَّةً فِي تَوْقِيتِ هَذَا الْمِقْدَارِ مِنَ الْمُكَاتَبَةِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُ عَلَى الْحَضِّ وَالنَّدْبِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْمُكَاتَبِ الَّذِي ذَكَرْنَا، يَمُوتُ بَعْدَ مُكَاتَبَتِهِ قَبْلَ أَدَائِهِ إِلَى مَوْلاهُ، وَيَتْرُكُ مَالا قَدْ كَسَبَهُ فِي حَالِ الْمُكَاتَبَةِ، فقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: يُؤَدَّى إِلَى الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جَمِيعُ الْبَاقِي لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَيُعْتَقُ بِذَلِكَ الْمُكَاتَبَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الأَدَاءُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَأَدَائِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: جَمِيعُ مَا خَلَفَهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ لِمَوْلاهُ، وَقَدْ بَطَلَتِ الْمُكَاتَبَةُ، وَصَارَ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ كَالْعَاجِزِ فِي حَيَاتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَانِ الْقَوْلانِ جَمِيعًا فَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَا 2074 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِمِصْرَ، وَكَتَبَ إِلَى عَلِيٍّ يَسْأَلُهُ عَنْ مُكَاتَبٍ مَاتَ، وَتَرَكَ أَوْلادًا أَحْرَارًا وَبَقِيَّةً مِنْ مُكَاتَبَتِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " يُؤَدَّى عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ، وَيَكُونُ مَا بَقِيَ مِيرَاثًا لِوَلَدِهِ " 2075 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ الْمُسَيِّبِ: إِنَّ شُرَيْحًا، كَانَ يَقُولُ: يُبْدَأُ الحديث: 2074 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 بِالْمُكَاتَبَةِ قَبْلَ الدَّيْنِ، أَوْ يُشْرَكُ بَيْنَهُمَا يَعْنِي فِي الْمُكَاتَبِ إِذَا مَاتَ، شَكَّ شُعْبَةُ، فَقَالَ: أَخْطَأَ شُرَيْحٌ، وَكَانَ قَاضِيًا، قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: " يُبْدَأُ بِالدَّيْنِ " قَالَ أَحْمَدُ: فَفِي قَوْلِ زَيْدٍ: " يُبْدَأُ بِالدَّيْنِ " مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ تُعَدُّ عِنْدَهُ كَانَتْ قَائِمَةً، وَلَمْ يَفْسَخْهَا مَوْتُ الْمُكَاتَبِ 2076 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ الْمُسَيِّبِ: إِنَّ شُرَيْحًا، كَانَ يَقُولُ: فِي الْمُكَاتَبِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ: قَصُرَتْ مَوَالِيهِ بِمَا قَدْ حَلَّ مِنْ نُجُومِهِمْ، وَقَصُرَتْ غُرَمَاؤُهُ بِدَيْنِهِمْ قَالَ: أَخْطَأَ شُرَيْحٌ، وَكَانَ قَاضِيًا، قَالَ: زَيْدٌ يَقُولُ: " يُبْدَأُ بِالدَّيْنِ " 2077 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعْيَمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ امْرَأَةً كُوتِبَتْ، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ بَعْدَمَا كُوتِبَتْ، ثُمَّ مَاتَتْ، فَسُئِلَ عَنْهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: " إِنْ قَامَا بِكِتَابَةِ أُمِّهِمَا فَذَلِكَ لَهُمَا، وَإِنْ قَضَيَاهَا أَعْتِقَا " فَهَذَا عَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَوْتَ الْمُكَاتَبِ لَا يَفْسَخُ مُكَاتَبَتَهُ إِذَا كَانَ قَدْ تَرَكَ مَا يُؤَدَّى عَنْهُ مِنْهُ، أَوْ مَنْ يَقُومُ بِهَا عَنْهُ وَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّا يُوَافِقُ الْقَوْلَ الآخَرَ مَا 2078 - قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " إِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَقَدْ أَدَّى طَائِفَةً مِنْ كِتَابَتِهِ وَتَرَكَ مَالا، فَإِنَّ مَالَهُ وَمَا تَرَكَ مِنْ شَيْءٍ لِسَيِّدِهِ، وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ " الحديث: 2076 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 قَالَ وَكَانَ لَهُ مكَاتب ولمكاتبة ولد من وليدة قد أدّى من مُكَاتبَته خَمْسَة آلَاف ثمَّ مَاتَ فَقبض ابْن عمر مَا ترك من شىء أجمع واسترقهم وَلما اخْتلفُوا فِي ذَلِك نَظرنَا فِيمَا ذهب إِلَيْهِ كل فريق فَوَجَدنَا الَّذين يذهبون فى ذَلِك إِلَى بطلَان مُكَاتبَة الْمكَاتب بِمَوْتِهِ يذهبون فى ذَلِك إِلَى أَن الْمُكَاتبَة كالعتاق على الصّفة فَإِذا بطلت الصّفة الَّتِى بهَا يكون الْعتاق لم يجب الْعتاق كَرجل قَالَ لعَبْدِهِ: إِذا أدّيت إِلَيّ ألف دِرْهَم فَأَنت حر،وَقبل ذَلِك العَبْد مِنْهُ ثمَّ مَاتَ العَبْد قبل أَدَاء الدَّرَاهِم إِلَيْهِ أَن ذَلِك القَوْل قد بَطل وَأَنه لَا يلْحق العَبْد بِهِ عتاق بعد ذَلِك أبدا وَكَانَ مَذْهَب أهل هَذَا القَوْل الآخر من قَائِله إِن الْمُكَاتبَة الصَّحِيحَة على المَال الْمَعْلُوم لَيست كالعتاق على المَال الْمُشْتَرط فِيهِ وجوب الْعتاق بعده كَمَا ذكر أهل القَوْل الأول وَلَكِن حكمهَا حكم التمليكات الْوَاجِبَات كالبياعات وكما أشبههَا مَالا يُبطلهُ مَا يطْرَأ عَلَيْهِ من الْمَوْت الْحَادِث فى متعاقديه بعد ذَلِك لِأَن الْمُكَاتبَة فِيهَا تمْلِيك من الْمولى لعَبْدِهِ كَسبه بِمَا كَاتبه عَلَيْهِ، فَإِذا وَقعت الْمُكَاتبَة بَينهمَا على ذَلِك ملك الْمكَاتب كَسبه بذلك العقد فَصَارَ لَهُ دون مَوْلَاهُ وَصَارَت الْمُكَاتبَة دينا عَلَيْهِ لمَوْلَاهُ أَلا ترى أَن الْمكَاتب لَو اكْتسب بعد التكاتب مَالا ثمَّ أَن مَوْلَاهُ بعد ذَلِك أعْتقهُ بِلِسَانِهِ أَنه يكون حرا وَأَن كَسبه الذى كَانَ فى حَال الْمُكَاتبَة لَهُ دون مَوْلَاهُ وَأَن مَوْلَاهُ لم يكن مَالِكًا لشىء من ذَلِك الْكسْب قطّ وَأَن ذَلِك لَا ينْسبهُ العَبْد إِذا جعله مَوْلَاهُ حرا إِن أدّى إِلَيْهِ مَالا لِأَن ذَلِك العَبْد لَو اكْتسب مَالا ثمَّ أعْتقهُ مَوْلَاهُ بعد ذَلِك بِلِسَانِهِ وَقبل أَدَاء العَبْد المَال الذى أعْتقهُ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك المَال الذى اكْتَسبهُ قبل إِعْتَاق الْمولى إِيَّاه غير مُخْتَلف فِيهِ أَنه قد كَانَ للْمولى قبل إِعْتَاقه إِيَّاه وَإِنَّمَا يخْتَلف أهل الْعلم فى الحكم فى ذَلِك المَال بعد وُقُوع الْعتاق من الْمولى على ذَلِك العَبْد فطائفة مِنْهُم تَقول ذَلِك المَال للْمولى وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك أَبُو حنيفَة وسُفْيَان وَزفر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد والشافعى. وَطَائِفَة تَقول ذَلِك المَال للْعَبد الْمُعْتق دون مَوْلَاهُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك مَالك بن أنس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 فَلَمَّا كَانَ مَا اكْتَسبهُ الْمكَاتب فى حَال الْمُكَاتبَة لَهُ دون مَوْلَاهُ ثَبت بذلك أَن الْمكَاتب قد ملك على مَوْلَاهُ بعد الْمُكَاتبَة مالم يملك مثله العَبْد الذى قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ إِن أدّيت إِلَيّ ألف دِرْهَم فَأَنت حر، على مَوْلَاهُ فَلَمَّا مَاتَ الْمكَاتب بعد ملكه مَا ذكرنَا لم يكن مَوته مُبْطلًا لشىء مِمَّا كَانَ ملكه فى حَيَاته وَجرى حكمه بعد مَوته على حكمه الذى كَانَ يجرى عَلَيْهِ فى حَيَاته وَلما كَانَ العَبْد الْمُعْتق بعد أَدَائِهِ الدَّرَاهِم الَّتِى ذكرنَا لم يملك على مَوْلَاهُ شَيْئا فى حَيَاته فَمَاتَ بعد ذَلِك اسْتَحَالَ أَن يكون يسْتَأْنف بِهِ بعد وَفَاته تمْلِيك مَا لم يكن ملكه على مَوْلَاهُ فى حَيَاته فَهَذِهِ حجَّة وفى ذَلِك حجَّة أُخْرَى وَهُوَ أَن العَبْد الذى قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ إِذا أدّيت إِلَيّ ألف دِرْهَم فَأَنت حر لَو مَاتَ مَوْلَاهُ بعد هَذَا القَوْل قبل أَدَاء العَبْد إِلَيْهِ الدَّرَاهِم الَّتِى جعله حرا إِن أَدَّاهَا بَطل ذَلِك القَوْل وَلم يجز للْعَبد بعد موت مَوْلَاهُ اسْتِحْقَاق ذَلِك الْعتاق بأَدَاء تِلْكَ الدَّرَاهِم إِلَى من خَلفه فى مَاله من وصّى وَمن وَارِث لِأَن الصّفة الَّتِى عقد لَهُ الْمولى الْعتاق عيها وَجعله حرا بهَا قد ذهبت وَصَارَ أَدَاؤُهُ بعد وَفَاة مَوْلَاهُ إِنَّمَا هُوَ أَدَاء إِلَى غير مَوْلَاهُ وَالْمكَاتب فَلم يره سلك بِهِ هَذَا المسلك لأَنا لم نجدهم يَخْتَلِفُونَ فى الْمكَاتب بِمَوْت مَوْلَاهُ أَن ذَلِك لَا يفْسخ مُكَاتبَته وَأَنه يُؤدى مُكَاتبَته بعد موت مَوْلَاهُ إِلَى من يجب عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ إِلَيْهِ من وصّى إِن كَانَ أَو وَارِث إِن كَانَ لَهُ وَاجِب لَهُ فيض المكاتبه بعد مَوْلَاهُ فَلَمَّا كَانَ ذَلِك خرج بِهِ حكم الْمكَاتب من حكم العَبْد الذى جعله مَوْلَاهُ حرا إِن أدّى إِلَيْهِ ألف دِرْهَم وَبَطل اسْتِعْمَال الصِّفَات فى الْمكَاتب الذى ذكرنَا وَثَبت اسْتِعْمَالهَا فى العَبْد الذى وَصفنَا وَوجدنَا العَبْد الذى وَصفنَا يستوى حكمه بعد موت مَوْلَاهُ وَبعد مَوته نَفسه فى حكم القَوْل الذى كَانَ من مَوْلَاهُ لَهُ وَهُوَ قَول لَهُ "إِن أدّيت إِلَى ألف دِرْهَم فَأَنت حر" لِأَنَّهُ إِذا قَالَ لَهُ ذَلِك ثمَّ مَاتَ الْمولى أَو مَاتَ العَبْد قبل أَدَاء الدَّرَاهِم إِلَى الْمولى بَطل ذَلِك القَوْل الذى كَانَ من الْمولى فَصَارَ كلا قَول فَلَمَّا كَانَ حكم ذَلِك القَوْل بعد موت الْمكَاتب وَبعد موت مَوْلَاهُ مؤتلفا غير مُخْتَلف فَلَمَّا كَانَ موت الْمولى غير مُبْطل للمكاتبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 وَكَانَت الْمُكَاتبَة تجرى بعد مَوته على مَا كَانَت تجرى عَلَيْهِ فى حَيَاته كَانَ كَذَلِك بقى بعد موت الْمكَاتب تجرى على مَا كَانَت عَلَيْهِ فى حَيَاته فَإِن قَالَ قَائِل: أفيجوز أَن يكون الْمكَاتب بعد موت مَوْلَاهُ مكَاتبا وعتيقا بعد مَوته فَيكون مَيتا حرا بعد أَن كَانَ مَيتا مكَاتبا قيل لَهُ: كَمَا جَازَ بِمَا وَصفنَا أَن يكون بعد مَوته مكَاتبا جَازَ أَن يكون بعد مَوته مُسْتَعْملا فِيهِ حكم الْمُكَاتبَة الْقَائِمَة فِيهِ بعد مَوته فَهَذِهِ حجَّة وفى ذَلِك حجَّة أُخْرَى إِنَّا قد وجدنَا أَحْكَام الْمولى فى قَضَاء دُيُونهم من تركاتهم ترجع بذلك أحكامهم إِلَى قضائهم تِلْكَ الدُّيُون عَن أنفسهم فى حياتهم أَلا ترى أَن رجلا لَو مَاتَ وَعَلِيهِ دين بقى بِتركَتِهِ وَله ابْنَانِ لَا وَارِث لَهُ غَيرهمَا أَنَّهُمَا ممنوعان من مِيرَاثه للدّين الذى عَلَيْهِ وَأَن أَحدهمَا لَو مَاتَ بعد ذَلِك وَترك بَنِينَ أَنه قد مَاتَ قبل وراثته شَيْئا من تَرِكَة ابْنه إِذا كَانَ الله عز وَجل إِنَّمَا جعل التركات مِيرَاثا للْوَرَثَة بعد قَضَاء الدُّيُون وَبعد إِنْفَاذ الْوَصَايَا لقَوْله عز وَجل بعد ذكره مَا ذكره من الْفَرَائِض والمواريث {من بعد وَصِيَّة يوصى بهَا أَو دين} و {من بعد وَصِيَّة توصون بهَا أَو دين} و {من بعد وَصِيَّة يوصين بهَا أَو دين} وَكَانَ هَذَا الْمُتَوفَّى أولى من هذَيْن المتوفيين اللَّذين ذكرنَا لَو أَبرَأَهُ الْغُرَمَاء من الدَّين لَهُم عَلَيْهِ فبرىء من ذَلِك وَصَارَ لَا دين عَلَيْهِ عَادَتْ تركته ميرثا عَنهُ ولابنيه الحى مِنْهُمَا والمتوفى بعد وَفَاته وَلم يمْنَع الْمُتَوفَّى بعد وَفَاته من مِيرَاث ابْنه الْمُتَوفَّى بعد وَفَاته من مِيرَاث ابْنه الْمُتَوفَّى فى حَيَاته وَلم يَجْعَل الدَّين الذى مَنعه من مِيرَاث أَبِيه إِلَى أَن توفى بعد أَبِيه مَانِعا لَهُ من الوراثة من أَبِيه بعد بَرَاءَة أَبِيه من الدُّيُون الَّتِى كَانَت عَلَيْهِ بل قد جعل بعد بَرَاءَة أَبِيه وَارِثا عَن أَبِيه كأخيه الحى إِلَى أَن كَانَت الْمَرْأَة وَجعل أَبوهُ إِذا برىء بعد وَفَاته من الدُّيُون الَّتِى كَانَت عَلَيْهِ يَوْم توفى كمن برىء مِنْهَا فى حَيَاته فَكَذَلِك الْمكَاتب الذى ذكرنَا لما ثَبت بِمَا وَصفنَا بَقَاء الْمُكَاتبَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 فِيهِ بعد وَفَاته كبقائها كَانَت فى حَيَاته فأديت الْمُكَاتبَة عَنهُ بعد وَفَاته إِلَى مَوْلَاهُ من تركته أَو أبراه مَوْلَاهُ مِنْهَا بِلِسَانِهِ بِغَيْر استبدال الشىء مِنْهَا عَاد بذلك حكمه إِلَى حكم من برِئ مِنْهَا فى حَيَاته فَثَبت بِمَا ذكرنَا فى الْمكَاتب الْمُتَوفَّى مَا ذهبت إِلَيْهِ فِيهِ الطَّائِفَة الَّتِى ذكرنَا عَنْهَا أَنه بعد مَوته بَاقٍ على مكَاتبه الَّتِى كَانَ عقدهَا على نَفسه فى حَيَاته وَأَنه يكون عتيقا بأدائها إِلَى مَوْلَاهُ أَو بميراثه مِنْهَا بِغَيْر أَدَائِهَا إِلَى مَوْلَاهُ حَتَّى يعود بذلك إِلَى حكم البريء مِنْهَا فى حَيَاته الْمُسْتَحق للعتاق بهَا قبل وَفَاته وَمن هَذِه الطَّائِفَة الْقَائِلين بِهَذَا أَبُو حنيفَة وَزفر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَاخْتلف أهل الْعلم الَّذين ذكرنَا عَنْهُم أَن الْمكَاتب لَا يسْتَحق الْعتاق بالمكاتبة حَتَّى يبريء من جَمِيع الْمُكَاتبَة فى الْمكَاتب يعجز عَن الْمُكَاتبَة هَل يرجع رَقِيقا على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل الْمُكَاتبَة باتفاقه ومولاه على ذَلِك؟ أَو لَا يرجع إِلَى ذَلِك الرّقّ إِلَّا بِحكم من الْحَاكِم عَلَيْهِ بِهِ؟ فَقَالَ بَعضهم: لَا يرجع إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل الْمُكَاتبَة من الرّقّ، وَلَا يخرج من الْمُكَاتبَة إِلَّا بِحكم الْحَاكِم بذلك لَهُ وَعَلِيهِ وَيرد القاضى إِيَّاه إِلَى الرّقّ الذى كَانَ فِيهِ عَلَيْهِ عقد الْمُكَاتبَة وَهَذَا قَول كثير من فُقَهَاء أهل الْمَدِينَة وَقَالَ بَعضهم إِذا اجْتمع الْمكَاتب ومولاه دون القاضى على تعجيز الْمكَاتب عَن الْمكَاتب، ورده إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ من الرّقّ قبلهَا وفعلا ذَلِك، وفسخا المكاتبه الَّتِى كَانَت بذلك بتفسخه، وَعَاد الْمكَاتب فى المستأنف رَقِيقا لمَوْلَاهُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك أَبُو حنيفَة وَزفر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَلما اخْتلفُوا فى ذَلِك احتجنا إِلَى اسْتِخْرَاج الصَّحِيح من هذَيْن الْقَوْلَيْنِ اللَّذين وَصفنَا. فَوَجَدنَا الْمُكَاتبَة جَائِزا للْمولى عقدهَا على عَبده برضى عَبده بذلك دون القاضى كَمَا يجوز للرجلين أَن يتعاقدا البيع دون القاضى.فَلَمَّا ثَبت أَن الْمُكَاتبَة مِمَّا يجوز عقده دون القَاضِي، ثَبت أَن نسخهَا مِمَّا يجوز دون القَاضِي. وَقد ذكرنَا فِيمَا تقدم فى هَذَا الْكتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 أَن الْأَشْيَاء الَّتِى يُرَاد الْحَاكِم فى آخرهَا حَتَّى يكون هَذَا المنفذ لَهَا هى الْأَشْيَاء الَّتِى كَانَ يحْتَاج إِلَى الْحَاكِم فى أَولهَا , وَأَن الْأَشْيَاء الَّتِى لَا يحْتَاج إِلَى الْحَاكِم فى أَولهَا هى الْأَشْيَاء الَّتِى لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فى آخرهَا. وشرحنا ذَلِك شرحا بَينا فاستغنينا بذلك عَن إِعَادَته هَاهُنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. تمّ كتاب الْمُكَاتبَة، وبتمامه تمّ الْجُزْء الأول من كتاب أَحْكَام الْقُرْآن. وَالْحَمْد لله وَحده، وَصلَاته وَسَلَامه على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَعَبده وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا دَائِما بدوام ملك الله إِلَى مَا لَا نِهَايَة لذَلِك، على يَد العَبْد الْفَقِير الراجى عَفْو ربه الْقَدِير مُحَمَّد بن أَحْمد بن صفي بن قَاسم الْمَعْرُوف بِابْن الغزولى. عَفا الله عَنهُ وَعَن من كَانَ السَّبَب فى نسخ هَذَا الْكتاب، وَهُوَ الْمولى الْأَجَل الْمُحْتَرَم الرئيس الْمعلم شمس الدَّين مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالحجيج أثابه الله، وَتقبل مِنْهُ، وَغفر لَهُ ولوالديه وَلمن كتبه وقرأه وسَمعه أَو قرئَ عَلَيْهِ، وَأَن يَجْعَل ذَلِك خَالِصا لوجهه الْكَرِيم آمين آمين آمين رب الْعَالمين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482