الكتاب: فتاوى نور على الدرب المؤلف: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ) جمعها: الدكتور محمد بن سعد الشويعر قدم لها: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ عدد الأجزاء: 22   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر ابن باز الكتاب: فتاوى نور على الدرب المؤلف: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ) جمعها: الدكتور محمد بن سعد الشويعر قدم لها: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ عدد الأجزاء: 22   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ـ[فتاوى نور على الدرب]ـ المؤلف: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ) جمعها: الدكتور محمد بن سعد الشويعر قدم لها: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ عدد الأجزاء: 22 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: فبحمد الله وتوفيقه تم الانتهاء من (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة) لسماحة شيخنا الإمام العلامة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز - غفر الله له ورحمه، وأسكنه الفردوس الأعلى من جنانه - وقد قام بجمعها وترتيبها معالي الشيخ الدكتور / محمد بن سعد الشويعر - جزاه الله عنا وعن شيخنا وعن سائر المسلمين خير الجزاء وأوفاه - وها نحن الآن في بواكير (فتاوى نور على الدرب) لسماحة شيخنا العلامة الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - والتي قام بجمعها وترتيبها معالي الشيخ الدكتور/ محمد بن سعد الشويعر، وفقه الله. وقد تميزت هذه الفتاوى بما تميز به شيخنا - غفر الله له - من التعظيم للكتاب والسنة، والصدور عنهما، وتقديم ما دل الدليل عليه من آراء الرجال، مع ما وهبه الله لسماحته - غفر الله له - من فقه واطلاع واسع، وذاكرة حاضرة بأنواع المحفوظات، ودقة في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 الاستنباط، وتأدب مع أهل العلم بل والعامة، ولغة فصيحة قريبة سهلة المأخذ، لا تنبو عن أفهام العوام، ولا تتصاغر أمام عقول فحول العلماء، هبة من الله وفضلا، {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} (1). عاش - غفر الله له - مجاهدا في العلم والتعلم والدعوة والتعليم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح بين الناس، وبذل النصح للخاص والعام، مقربا محببا للولاة والرعية، بذل ماله ووقته وجاهه وجهده لله عز وجل، كان محبا للضعفاء والمساكين في سائر بقاع الأرض، ساعيا جهده لنفعهم ورفع الضرر عنهم، ضرب في كل ميدان من ميادين الخير بسهم، عظم السنة في قلبه فعظم الله شأنه في قلوب خلقه، مهيبا معظما على لطفه ولينه وسماحته، فسبحان من جمع له الخير من أطرافه، وبارك له في عمره وعمله، وقد لقي عاجل بشرى المؤمن ثناء حسنا من الناس حيث سار، بل في السر والجهار، فالحمد لله على فضله وإحسانه؛ وإن من إحسان الله إليه أن هيأ لعلمه من يقوم عليه؛ جمعا ودراسة وترتيبا ونشرا، فضلا من الله ومنة؛ جزاء ما بذل، وهذا من أمارات الخير له غفر الله له ورحمه. هذا وإني قد سمعت جميع ما ورد في هذه الفتاوى من قراءة معالي الشيخ الدكتور/ محمد بن سعد الشويعر - وفقه الله - في مجالس منتظمة لسنوات عدة، وذلك من خلال ما فرغ من أشرطة فتاوى نور على   (1) سورة البقرة الآية 105 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 الدرب، التي بلغت (435) شريطا، فشكر الله سعيه ووصله بإحسانه ووفقه لما يحبه ويرضاه سبحانه. كما أسأله سبحانه أن ينفع بهذا الجهد، وأن يجعله خالصا لوجهه مقربا لمرضاته، نافعا لعباده المؤمنين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 كتاب العقيدة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 باب ما جاء في التوحيد 1 - تعريف الإسلام س: أرجو توضيح معنى الإسلام؟ (1) ج: الإسلام معناه الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، إذلالا وخضوعا، هذا معنى الإسلام، يقال: أسلم فلان لفلان: ذل له وانقاد له، وأعطاه مطلوبه. فالإسلام معناه ذل لله، وانقياد لله؛ بتوحيده والإخلاص له، وطاعة أوامره، وترك نواهيه، هذا هو الإسلام، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (2). وسمي المسلم مسلما: لأنه منقاد لله ذليل مطيع له سبحانه في فعل ما أمر، وترك ما نهى، ويطلق الإسلام على جميع ما أمر الله به ورسوله: من صلاة وصوم وحج وإيمان، وغير ذلك، كله يسمى إسلاما، كما قال الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (3)، وقال   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (373). (2) سورة آل عمران الآية 19 (3) سورة المائدة الآية 3 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 سبحانه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (1). فالمسلم هو المنقاد لأمر الله؛ قولا وعملا وعقيدة، والإسلام هو الانقياد لأمر الله، والتسليم لأمر الله، والذل لأمر الله من جميع الوجوه. ...   (1) سورة آل عمران الآية 85 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 2 - معنى شهادة أن لا إله إلا الله س: نطلب من سماحتكم أن تشرحوا لنا معنى الركن الأول من أركان الإسلام، وما يقتضيه ذلك المعنى، وكيف يتحقق في الإنسان؟ وما حكم من جهل شيئا منه؟ (1): ج: إن الله بعث نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس عامة عربهم وعجمهم، جنهم وإنسهم، ذكورهم وإناثهم، يدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له وإلى الإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام وبما جاء به وإلى الإيمان بجميع المرسلين وبجميع الملائكة، والكتب المنزلة من السماء وباليوم الآخر، وهو البعث والنشور، والجزاء والحساب، والجنة والنار، وبالقدر خيره وشره، وإن الله قدر الأشياء، وعلمها وأحصاها وكتبها سبحانه وتعالى، فكل شيء يقع فهو بقضاء الله وقدره   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (74). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 سبحانه وتعالى، وأمر الناس أن يقولوا: لا إله إلا الله، هذا هو أول شيء دعا إليه، وهو الركن الأول من أركان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فلما قال للناس قولوا: لا إله إلا الله، وأمر أن يؤمنوا بأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام امتنع الأكثرون وأنكروا هذه الدعوة، وقالت له قريش ما ذكر الله عنهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (1)،: وقال سبحانه عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (2) {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (3)، فاستنكروا هذه الدعوة؛ لأنهم عاشوا على عبادة الأوثان والأصنام واتخاذ الآلهة مع الله عز وجل، ولهذا أنكروا دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى توحيد الله والإخلاص له، وهذا الذي دعا إليه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي دعت إليه الرسل جميعا كما قال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (4)، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (5). وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:   (1) سورة ص الآية 5 (2) سورة الصافات الآية 35 (3) سورة الصافات الآية 36 (4) سورة النحل الآية 36 (5) سورة الأنبياء الآية 25 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 «بني الإسلام على خمس يعني: على خمس دعائم: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت (1)»، وفي الصحيح أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه سائل يسأله في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه من الحاضرين أحد، فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال: " الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ": قال: صدقت. قال الصحابة: فعجبنا له يسأله ويصدقه ثم قال ما الإيمان؟ قال: " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال صدقت قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. (2)» الحديث. ثم أخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذا هو جبرائيل أتاهم يعلمهم دينهم، لما لم يسألوا أتاهم جبرائيل بأمر الله يسأله عن هذا الدين العظيم حتى يتعلموا ويستفيدوا، فدين الإسلام مبني على هذه الأركان الخمسة الظاهرة: أولها: شهادة أن لا إله   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم 8، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 8. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان وأركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم 16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 إلا الله وأن محمدا رسول الله. ثانيها: إقام الصلوات الخمس. ثالثها: أداء الزكاة. رابعها: صوم رمضان. خامسها: حج بيت الله الحرام. وعلى أركان باطنة إيمانية في القلب وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. فلا بد من هذه الأصول، ولا بد أن يؤمن المكلف بهذه الأصول الستة الباطنية التي تتعلق بالقلب، فيؤمن أن الله ربه وإلهه ومعبوده الحق سبحانه وتعالى، ويؤمن بملائكة الله وبكتب الله التي أنزلها على الأنبياء من التوراة والإنجيل والزبور والقرآن وغير ذلك، ويؤمن أيضا بالرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده أولهم نوح وآخرهم محمد عليه الصلاة والسلام، وهم كثيرون بين الله بعضهم في القرآن العظيم، ويؤمن أيضا باليوم الآخر والبعث بعد الموت والجزاء من عند الله عز وجل وأن أهل الإيمان لهم السعادة، وأهل الكفر لهم الخيبة والندامة والنار، ولا بد من الإيمان بالقدر خيره وشره، وأن الله قدر الأشياء وعلمها وكتبها وأحصاها فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وكل ما يقع في الوجود من خير وشر وطاعة ومعصية فقد سبق بهذا علم الله وكتابته وقدره سبحانه وتعالى. فالأصل العظيم الأول الذي طالبت به الرسل هو الإيمان بأن الله هو الإله الحق سبحانه وتعالى، وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، هذا أصل أصيل أجمعت عليه الرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم دعوا إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 هذا الأصل الأصيل، وهو أن يؤمن الناس بأن الله هو الإله الحق وأنه لا معبود بحق سواه، وهذا هو معنى لا إله إلا الله أي: لا معبود حق إلا الله، وما عبده الناس من أصنام أو أشجار أو أحجار أو أنبياء أو أولياء أو ملائكة كله باطل، العبادة بالحق لله وحده سبحانه وتعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (1)، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2)، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3)، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (4). ولا بد مع هذا الأصل من الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام من عهد نوح الإيمان بنوح، وفي عهد هود الإيمان بهود، مع توحيد الله، وفي عهد صالح الإيمان بصالح، مع توحيد الله وهكذا في عهد كل رسول لا بد من توحيد الله، والإيمان بأنه لا إله إلا الله ولا بد من الإيمان بالرسول الذي بلغ الرسالة في عهده إلى آخرهم عيسى عليه الصلاة والسلام، آخر الأنبياء بني إسرائيل، ثم بعث الله خاتمهم وأفضلهم نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم -، فعيسى هو آخر أنبياء بني إسرائيل، ومحمد هو آخر الأنبياء وخاتم الأنبياء جميعا، ليس بعده نبي ولا رسول عليه الصلاة والسلام، وهو أفضل الرسل، وهو إمامهم، وهو خاتمهم،   (1) سورة البقرة الآية 163 (2) سورة الإسراء الآية 23 (3) سورة الفاتحة الآية 5 (4) سورة البينة الآية 5 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 فلا بد في حق الأمة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - جنها وإنسها، عربها وعجمها، ذكورها وإناثها، أغنيائها وفقرائها، حكامها ومحكوميها، لا بد أن يؤمنوا بهذا النبي، فمن لم يؤمن به فلا إسلام له، ولا دين له، فلا بد من الإيمان بأن الله هو الإله الحق، وأنه لا إله بحق إلا الله، ولا بد من الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأنه رسول الله حقا، إلى جميع الناس، فمن لم يؤمن بهاتين الشهادتين فليس بمسلم، إذ لا بد من الإيمان بهما واعتقاد معناهما، وأن معنى لا إله إلا الله؛ معناها لا معبود حق إلا الله فلا يجوز أن يدعى مع الله ملك أو نبي أو شجر أو حجر أو جن أو صنم، فإذا قال: يا رسول الله انصرني. بعد موته - صلى الله عليه وسلم -، أو قال: يا سيدي البدوي انصرني. أو: اشف مريضي. أو: يا سيدي الحسين. أو: يا سيدي عبد القادر. أو: المدد المدد. صار هذا شركا بالله عز وجل، يبطل معنى لا إله إلا الله؛ لأنك لم تأت بالعبادة لله وحده، بل أشركت مع الله غيره، ودعوت مع الله غيره، والله يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، ويقول سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (2)، ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3) ويقول جل وعلا: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4) ويقول:   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة يونس الآية 106 (3) سورة البينة الآية 5 (4) سورة الإسراء الآية 23 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1). ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء هو العبادة (2)». ويقول جل وعلا: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (3). فلا بد من إخلاص العبادة لله وحده، ومنها الدعاء، فإذا قلت للميت أو للشجر أو للصنم: أغنني، انصرني، اشف مريضي، المدد المدد. صار شركا بالله، وصار نقضا لقول: لا إله إلا الله. وهكذا من كذب الرسول محمدا - صلى الله عليه وسلم -، وشك في رسالته، أو قال: إنه للعرب دون العجم - أو قال: إنه ليس خاتم النبيين بل بعده نبي. كل هذا كفر وضلال، ونقض للإسلام، نسأل الله العافية. فلا بد من الإيمان بأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين الجن والإنس، ولا بد من الإيمان بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، ليس بعده نبي، وأن من ادعى النبوة بعده كافر بالله كذاب؛ كمسيلمة، والأسود العنسي في اليمن، وسجاح التميمية، وطليحة الأسدي، وجميع من ادعوا من بعده، فأجمع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم على كفرهم وقاتلوهم؛ لأنهم كذبوا معنى قوله سبحانه: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (4). وقد تواترت الأحاديث عن   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) أخرجه الإمام أحمد في أول مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم 17888 (3) سورة غافر الآية 60 (4) سورة الأحزاب الآية 40 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي (1)». فهذه الشهادة التي هي شهادة: أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، هي الأصل الأصيل، وهي الركن الأول من أركان الإسلام، فلا إسلام إلا بهاتين الشهادتين، لو صلى وصام وحج، وصام النهار وقام الليل، وذكر الله كثيرا، ولكنه لا يؤمن بأن الله هو المستحق للعبادة، لا يؤمن بأن: لا إله إلا الله، بل يرى أنه لا مانع من عبادة الأوثان والأصنام، لا يرى مانعا من عبادة البدوي أو الحسين أو الشيخ عبد القادر أو علي بن أبي طالب، أو غيرهم، إذا اعتقد أنه يجوز هذا؛ يدعوهم من دون الله، يستغيث بهم، ينذر لهم، صار مشركا بالله عز وجل، وصار كلامه هذا وعقيدته ناقضة لقول: لا إله إلا الله. وهكذا لو قال: إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - ليس بخاتم الأنبياء. أو: ليس مرسلا للثقلين بل هو للعرب خاصة. كان كافرا بالله عز وجل، فلا بد أن يؤمن بأنه رسول الله إلى جميع الثقلين، ولا بد أن يؤمن بأنه خاتم الأنبياء، ليس بعده نبي ولا رسول. هذا هو الأصل الأصيل. ثم بعد هذا يطالب المسلم بعد هذا بالصلاة، يطالب بالزكاة بالصيام بالحج، ببقية الأوامر، وترك النواهي بعد ما يثبت هذا الأصل، بعد إيمانه بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛   (1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار، ومن حديث ثوبان رضي الله عنه، برقم 27703. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 يعني: إيمانه بأن الله سبحانه هو المعبود الحق، وأن العبادة حقه وحده، وأنه لا يعبد معه سواه؛ لا نبي ولا ملك ولا شجر ولا صنم، ولا غير ذلك. ولا بد من الإيمان بأن محمدا رسول الله، مع التصديق بجميع الأنبياء الماضين، وأنهم أدوا الرسالة، وبلغوها عليهم الصلاة والسلام، مع الإيمان بجميع ما تقدم؛ بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره. لا بد من هذا وهذا، ولا بد مع هذا كله من التصديق بما أخبر الله به ورسوله عما كان وما يكون، فالله صادق في خبره، ورسوله صادق عليه الصلاة والسلام. فمن كذب الله أو كذب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كفر، ولو صلى وصام، نسأل الله للجميع الهداية. *** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 3 - بيان مراتب دين الإسلام س: يسأل المستمع من الرياض ويقول: ما هي مراتب الدين، مع ذكر أركان كل مرتبة؛ جزاكم الله خيرا (1). ج: مراتبه ثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان. كما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم -. المرتبة الأولى: الإسلام؛ المرتبة العامة، وأركانها خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛ وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت. وكل عمل مما شرعه الله داخل في الإسلام.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (433). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 والمرتبة الثانية: الإيمان: وأركانها ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره. المرتبة الثالثة: الإحسان؛ وهو ركن واحد، ومعناه: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وجميع الأعمال الصالحة داخلة في الإسلام والإيمان، فإذا جمع المؤمن بين الأعمال كلها الظاهرة والباطنة صار مسلما مؤمنا، وإذا عبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإنه يراه، صار مسلما مؤمنا محسنا نسأل الله للجميع التوفيق. *** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 4 - العقيدة الصحيحة هي أصل الدين وأساس الملة س: الأخ/ س. ع. م. ل. من الحبشة، مقيم في مدينة جدة، يسأل ويقول: لقد تعلمت في بلدي الحبشة بعض العلوم الدينية، ولكني لا أعلم صحتها خاصة فيما يتعلق بالعقيدة، إذ تتخللها بعض التوهيمات الصوفية، أدركت هذا بعد قدومي إلى هذا البلد. أرجو توجيهي جزاكم الله خيرا (1). ج: العقيدة أهم الأمور، وهي أصل الدين وأساس الملة، وهي التي بدأ بها الرسل عليهم الصلاة والسلام أممهم، وبدأ بها نبينا - صلى الله عليه وسلم -   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (165). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 أمته، فمكث في مكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى توحيد الله، والإخلاص له، والإيمان بأسمائه وصفاته، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه المستحق للعبادة، وكانت العرب تعرف أن الله رب العالمين، وأنه خالقهم ولكنهم يتخذون معه الأنداد والآلهة؛ من الشجر والحجر والأصنام وبني آدم والجن، وغير ذلك. فبين لهم - صلى الله عليه وسلم - أن العبادة حق الله وحده، وأن الواجب عليهم إخلاص العبادة لله وحده، وقال: «يا قومي قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا (1)». فلما قال لهم هذا استنكروا ذلك، وأنزل الله في حقهم قوله تعالى عنهم أنهم قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (2). فالعقيدة هي أهم الأمور، وهي أساس الدين، فالواجب على طالب العلم أن يعتني بها حتى يتقنها على بصيرة، وحتى يعلمها على بينة. والخلاصة في ذلك أن الذي عليه أهل السنة والجماعة وهو الذي بعث الله به الرسل وبعث به خاتمهم نبينا محمدا عليه الصلاة والسلام؛ هو الإيمان بالله وحده، وإخلاص العبادة له جل وعلا، والإيمان بأنه مستحق للعبادة، ولا يدعى إلا هو، ولا يستغاث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يتقرب بالذبائح والنذور إلا له سبحانه وتعالى. إلى غير هذا من العبادات كما قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3).   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. (2) سورة ص الآية 5 (3) سورة البينة الآية 5 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، وقال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)، وقال عز وجل: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (3). وهذه العبادة خلق الله من أجلها الثقلين، كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (4). المعنى ليخصوني بالعبادة وبالدعاء، وبالخوف والرجاء والتوكل، والصلاة والصوم، والذبح والنذر، ونحو ذلك. وبعث الله الرسل بذلك سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (5). والطاغوت: كل ما عبد من دون الله، قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (6). فالتقرب إلى أصحاب القبور؛ بالذبائح أو بالنذور أو بالدعاء، أو طلب الشفاء أو المدد، هذا من الشرك بالله عز وجل، ويناقض قول: لا إله إلا الله. فالواجب على المسلمين أن يعبدوا الله وحده، وأن يخصوه بدعائهم وخوفهم، ورجائهم وذبحهم ونذرهم، وصلاتهم وصومهم، ونحو ذلك، أما الأموات المسلمون فيدعى لهم بالمغفرة   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة الفاتحة الآية 5 (3) سورة الأنعام الآية 162 (4) سورة الذاريات الآية 56 (5) سورة النحل الآية 36 (6) سورة الأنبياء الآية 25 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 والرحمة، تزار قبورهم للذكرى؛ لذكر الآخرة، وذكر الموت، وللدعاء لهم: اللهم اغفر لهم واللهم ارحمهم. فقد كان النبي يزور القبور عليه الصلاة والسلام، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة، ويقول: «زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة (1)». وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (2)». فعلم أصحابه أن يدعوا للأموات، ويستغفروا لهم، ويترحموا عليهم، لا أن يدعوهم مع الله، ولا أن يستغاث بهم، ولا أن يطلب منهم المدد، فإنهم عاجزون عن ذلك، هذا بيد الله سبحانه وتعالى؛ هم في حاجة إلى الدعاء لهم، في حاجة إلى أن يدعو لهم أخوهم المسلم، وأن يستغفر لهم. كان يزور البقيع عليه الصلاة والسلام، ويقول: «السلام عليكم أهل الديار من القوم المؤمنين، غدا مؤجلون وأتاكم ما توعدون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (3)» يدعو لهم عليه الصلاة والسلام، هذا هو الواجب،   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال في دخول القبور، برقم 974. (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 وهذا هو المشروع في زيارة الموتى؛ الدعاء لهم، والترحم عليهم، والاستغفار لهم. أما أن يطلب منهم المدد، ويقول: المدد المدد يا فلان. فإن هذا من الشرك الأكبر، أو: يا سيدي، اشف مريضي، يا سيدي البدوي يا سيدي الحسين. أو: يا فلان، أو يا فلانة. أو: اشف لنا مرضانا. أو: المدد المدد. أو: انصرنا. أو ما أشبهه، فهذا لا يجوز، بل هذا من أنواع الشرك الأكبر، وهكذا إذا فعلها مع الأصنام أو مع الأشجار أو مع الجن، كله شرك بالله سبحانه وتعالى، أما الحي فلا بأس أن يطلب منه ما يقدر عليه من الأمور العادية، الحي الحاضر، القادر، تقول: يا أخي، ساعدني على كذا، أقرضني كذا، امنعني من خادمك؛ لأنه آذاني، أو ولدك، أو زوجتك، انههم عني، لا تؤذني بكذا. حتى يمنعه من الأذى، الشيء المعتاد لا بأس به بين الناس، وليس من الشرك، إنما الشرك طلب الأموات، والاستغاثة بالأموات أو بالغائبين، يعتقد أن فيهم سرا وأنهم يسمعونه من بعيد، يدعوهم يطلبهم المدد، هذا هو الشرك الأكبر، أما حي حاضر قادر تخاطبه في أمور يقدر عليها، أو تكتب إليه، أو بالهاتف بالتليفون، تقول: أقرضني كذا. أو ساعدني في مزرعتي في كذا. أو: بعني كذا. أو: ماذا ترى في كذا. تشاوره في كذا، هذه أمور عادية بين المسلمين وغير المسلمين، بين الأحياء سواء كان من طريق المشافهة، أو من طريق المكاتبة، أو من طريق الهاتف - التليفون - أو البرقية، أو ما أشبه ذلك. هذه أمور عادية ليس فيها بأس، إنما المنكر والشرك أن تدعو الأموات، أو الأصنام أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 الأحجار أو الأشجار، تدعوهم تسألهم الشفاعة، تسألهم الغوث، المدد، أو الغائبون عنك الذين لا يسمعونك، تعتقد فيهم أنهم يسمعونك، وأن لهم سرا، أو تدعو الجن، أو ما أشبه ذلك، هذا هو المنكر، هذا هو الشرك الذي أنكرته الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنكره نبينا عليه الصلاة والسلام، وبعث الله الرسل بإنكاره والتحذير منه، نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل خير، وأن يبصر المسلمين بما فيه رضاه، وأن يهدي جميع المسلمين للفقه في الدين. *** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 5 - حكم إطلاق كلمة العقيدة س: السائل يقول: بأن اسم العقيدة ليس صحيحا وليس له أصل وإنما الصحيح أن يقول الإنسان: اسم الإيمان بدل العقيدة فهل هذا صحيح؛ (1). ج: ليس بصحيح، بل درج العلماء على أنهم يسمون ما يتعلق بالقلوب: عقيدة. وما يتعلق بالتوحيد والصفات: عقيدة؛ يعتقدها في قلبه: يعني: يعقد عليها قلبه، يعتقد عليها قلبه. فلا بأس بالتسمية، ولا حرج فيها؛ أن يقال: عقيدة فلان عقيدة أهل السنة والجماعة. وهو ما يعتقدونه ويؤمنون به، وهو يسمى عقيدة؛ لأنهم يعتقدونه ويجزمون   (1) السؤال الثالث عشر، من الشريط رقم (374). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 به، ويقولون به فلهذا سمي عقيدة من عقد القلب عليه وإيمانه به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 6 - بيان كيفية تصحيح المرء عقيدته س: يقول السائل: كيف يصحح المسلم العقيدة الإسلامية، وكيف يحافظ عليها؟ (1). ج: يتفقه في الدين، ويتبصر ويتعلم؛ حتى يعلم العقيدة، ويحافظ عليها، يسأل أهل العلم، وإن كان طالب علم يتأمل القرآن والسنة، حتى يعرف العقيدة الصحيحة التي دل عليها القرآن ويتمسك بها، ويستقيم عليها، وإذا كان عنده إشكال يسأل أهل العلم الذين يثق فيهم ويطمئن إليهم عما أشكل عليه؛ حتى يكون على بصيرة. ...   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (432). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 7 - أصح كتب العقيدة س: أرشدني - وفقكم الله - عن أصح كتاب في العقيدة الإسلامية الصحيحة؟ (1). ج: أصح كتاب وأشرف كتاب وأعظم كتاب في العقيدة وفي غيرها هو كتاب الله القرآن، هذا أعظم كتاب وأشرف كتاب، وأصدق   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (125). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 كتاب؛ وهو كتاب الله؛ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. فالوصية لك أيها السائل، ولكل مسلم ولكل مسلمة التمسك بكتاب الله، والعناية بكتاب الله، والإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، والحرص على حفظ ما تيسر منه، فهو الكتاب العظيم المنزل الذي نزله الله على عباده؛ ليحفظوه ويستقيموا عليه ويعملوا به، وفيه الحق الواضح والهدى المستبين؛ كما قال عز وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (1)، وقال سبحانه: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} (2) {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (3) وقال سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (4). فالوصية: العناية بهذا الكتاب العظيم، والإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، والمذاكرة فيه مع زملائك ومع إخوانك، ومراجعة كتب التفسير المأمونة؛ مثل: كتاب أضواء البيان، وتفسير البغوي، وتفسير ابن كثير رحمة الله عليهم، وأشباههم من أئمة الهدى؛ لأنهم أوضحوا معاني الآيات، وأوردوا ما جاء فيها من الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. فعليك يا أخي أن تقبل على كتاب الله، وأن تعتني بكتاب الله، ثم سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ففيها الهدى والنور أيضا: صحيح البخاري، صحيح مسلم، وبقية الكتب الستة، وهكذا كتب أخرى،   (1) سورة الإسراء الآية 9 (2) سورة فصلت الآية 41 (3) سورة فصلت الآية 42 (4) سورة النحل الآية 89 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 التي فيها بيان للحق: كموطأ مالك رحمه الله، وسنن الدارمي رحمه الله، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، والحاكم، وغيرها من الكتب التي فيها الخير الكثير. وإذا كنت من أهل العلم بالحديث، أمكنك أن تميز بين الصحيح والسقيم من الأحاديث التي في الكتب المذكورة، ما عدا الصحيحين فإنهما قد تلقتهما الأمة بالقبول، وأجمعت على ذلك، فعليك أن تسير على نهج الأخيار من أئمة الحديث وأئمة السنة، فالصحيحان كل أحاديثهما معتمدة، وهي محل اعتماد أهل السنة والجماعة، وقد تلقتهما الأمة بالقبول، فعض عليهما بالنواجذ، وتمسك بهما مع كتاب الله سبحانه، وهكذا بقية الكتب الستة، وما ذكرنا من الكتب، عليك بها والاستقامة على ما فيها، وما وجد فيها من ضعيف فقد بينه أهل العلم، وأوضحوا أسباب ضعفه. أما الكتب المؤلفة في العقائد فهي كثيرة؛ من أحسنها كتاب التوحيد لابن خزيمة، وكتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومنهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية، للرد على المعتزلة وأهل البدع، وكتاب زاد المعاد لابن القيم، فيه خير كثير من جهة العقيدة والأحكام، واجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم، للرد على أهل البدع، الصواعق المرسلة لابن القيم، للرد على أهل البدع، والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ كتاب مختصر عظيم مفيد على طريقة أهل السنة والجماعة، أوصي بحفظه، وأن يحفظه طالب العلم؛ لما فيه من الخير العظيم، ولما فيه من بيان عظيم عن مذهب أهل السنة والجماعة، وله أيضا كتاب الرسالة الحموية؛ أجاب فيه على أهل حماة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 في أسئلتهم فيما يتعلق بالصفات والأسماء والعقيدة، وهو أيضا جواب عظيم ومفيد، وهكذا له رسالة أخرى سماها: التدمرية؛ عندما جاء أهل تدمر، وهي رسالة عظيمة أيضا في بيان العقيدة الصحيحة، وهكذا عقيدة الطحاوي رحمه الله، ولها شرح عظيم للإمام العز، شرح جيد، وهي جيدة في نفسها، مفيدة سوى كلمات يسيرة نبه عليها الشارح، وهي عقيدة مهمة ولها شرح عظيم مفيد، وهكذا كتاب التوحيد، لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، كتاب طيب مهم، والثلاثة الأصول له رحمه الله؛ إجابة مختصرة، وهكذا كشف الشبهات له أيضا، رسالة مختصرة مفيدة في العقيدة، وهكذا فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، لحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو كتاب مفيد وعظيم، وهكذا شرح هذا الكتاب ومؤلفه الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب فسماه: تيسير العزيز الحميد لشرح كتاب التوحيد، وهو كتاب مفيد عظيم. فهذه الكتب وأشباهها من الكتب الطيبة المؤلفة في العقيدة، وهي مفيدة وننصح بمراجعتها، والاستفادة منها، لكن أعود وأبين أن أعظم كتاب، وأشرف كتاب، وأصدق كتاب؛ هو كتاب الله سبحانه وتعالى؛ فيه الكفاية العظيمة لمن استشفى به ولمن استند عليه. كان السلف الصالح ليس عندهم هذه الكتب الجديدة، وإنما عندهم كتاب الله، وعندهم سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكفتهم والحمد لله؛ عند الصحابة والتابعين القرآن العظيم وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ففيهما الكفاية والهدى، ولكن لا مانع من الاستعانة بكتب أهل العلم، المعروفين بالخير مثل ما تقدم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 لا مانع من الاستعانة بكتبهم والاستفادة منها، ودعوة الناس إلى الاستفادة منها؛ لأن بعض الناس قد لا يثق بفهمه، من الكتاب والسنة ولا يطمئن إلى فهمه. فإذا استعان بكتب أهل العلم المعروفين؛ ووافق ما عندهم ما فهمه من الكتاب والسنة؛ ازداد نورا، وازداد بصيرة؛ واطمأن قلبه؛ والله ولي التوفيق. *** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 8 - أفضل الكتب في بيان العقيدة س: ما هي أفضل الكتب في العقيدة (1). ج: أفضل الكتب وأصحها: القرآن العظيم، فقد بين العقيدة الصحيحة، فالقرآن هو كتاب الله، وأصدق كتاب، وأفضل كتاب، وأعظم كتاب في بيان العقيدة الصحيحة؛ بيان أسماء الله وصفاته، وتوحيده وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى، هو أعظم كتاب، ثم يليه بعد ذلك من السنة: البخاري ومسلم الصحيحان، هما أعظم الكتب المفيدة من كتب الحديث بعد القرآن؛ لأن فيهما أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة، الصحيحان: صحيح البخاري وصحيح مسلم، هما أصح الكتب وأنفعها بعد كتاب الله عز وجل، ثم بقية الكتب المعروفة في الحديث: سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطبراني، ومسند الإمام أحمد، وسنن الدارمي، كتب جيدة ومفيدة،   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (299). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 وإن كان فيها بعض أحاديث ضعيفة لكنها كتب مفيدة عظيمة، وكتب العقيدة كثيرة لكن منها ما ألفه السلف الصالح؛ مثل: عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية، مثل كتاب عبد الله بن أحمد في اعتقاد أهل السنة والرد على البدع، ومثل كتاب التوحيد لابن خزيمة في التوحيد والرد على أهل البدع، وأشباهها من الكتب المفيدة؛ مثل الطحاوية وشرحها، ومثل لمعة الاعتقاد للموفق، والعقيدة الواسطية، والتدمرية والحموية؛ كتب ابن تيمية كلها في العقيدة، وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فهو كتاب عظيم مفيد، وكشف الشبهات في العقيدة كذلك للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وثلاثة الأصول: كتاب مختصر في العقيدة للشيخ محمد رحمه الله. ... س: هذا يسأل سماحتكم عن مجموعة من الكتب خاصة الكتب التي تبحث في العقيدة؟ (1). ج: فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن، تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله، التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية، الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية أيضا، العقيدة الواسطية له أيضا، زاد المعاد لابن القيم رحمه الله، إغاثة اللهفان لابن القيم رحمه الله، الصواعق المرسلة لابن القيم رحمه الله، اجتماع الجيوش الإسلامية   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (301). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 لابن القيم رحمه الله، كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ثلاثة الأصول، كشف الشبهات له أيضا رحمه الله، كل هذه كتب عظيمة ومفيدة، الطحاوية وشرحها لابن أبي العز الحنفي، كلها طيبة في العقيدة، وأعظم ذلك وأكبره القرآن العظيم هو أعظم وأكبر، وهو أفضل كتاب وأعظم كتاب، كتاب الله القرآن، هو كتاب عقيدة، وكتاب فقه، وكتاب أحكام. فنوصي كل مسلم ومسلمة بالعناية بالقرآن، والإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، ففيه العلم العظيم بالعقيدة، والأحكام الشرعية، وهكذا أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - كتب الحديث الشريف؛ كالصحيحين البخاري ومسلم، ومثل رياض الصالحين، ومنتقى الأخبار لابن تيمية، بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، كتب جيدة عظيمة في الحديث، وعمدة الحديث للشيخ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، كتاب عظيم. ... س: السائل من سوريا يقول: أنا أريد أن أتفقه في أمور ديني، وخصوصا في العقيدة، فما الكتب التي توصونني وزملائي بقراءتها في كتب العقيدة مأجورين؟ (1). ج: أوصيك وكل مسلم بالقرآن؛ هو كتاب العقيدة الأصل العظيم؛ والإكثار من تلاوته؛ وتدبر معانيه وحفظه إذا تيسر؛ وهو أعظم   (1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (411). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 كتاب وهو أصدق كتاب، وهو فيه بيان العقيدة التي أمر الله بها عباده؛ من التوحيد والأسماء والصفات، وغير ذلك، فعليكم بالإكثار من تلاوة القرآن، والإكثار من تدبره، والسؤال عما أشكل عليك، فهو كتاب الله فيه الهدى والنور، وهكذا أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا تيسر؛ مثل كتاب الأربعين النووية مع تكملتها لابن رجب خمسين حديثا، إذا تيسر لك حفظها فهي أحاديث جيدة، كذلك عمدة الحديث للشيخ عبد الغني، فيها أحاديث صحيحة تحفظونها، والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، كتاب طيب عقيدة طيبة ملخصة من الكتاب والسنة، كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ثلاثة الأصول للشيخ محمد، والقواعد الأربعة كلها هذه كتب طيبة، كشف الشبهات للشيخ محمد أيضا كتاب طيب. ... س: السائل ص. س. من اليمن، يقول كثيرا يا سماحة الشيخ ما نسمع عن العقيدة الواسطية، فلا ندري ما معنى الواسطية، فهل يعني بذلك العقيدة الصحيحة أم ماذا يعني؟ وجهونا في ضوء سؤالنا فنحن مجموعة من طلاب العلم. (1). ج: العقيدة الواسطية كتاب ألفه أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني، الملقب بشيخ الإسلام ابن تيمية،   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (401). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 والملقب بتقي الدين، المولود سنة (661 هـ) إحدى وستين وستمائة، والمتوفى سنة (728 هـ) ثمان وعشرين وسبعمائة، وهو من الأئمة المجتهدين، ومن أهل السنة والجماعة، ومن أئمة أهل السنة والجماعة رحمهم الله، وله المؤلفات الكثيرة، منها منهاج السنة في الرد على المعتزلة والرافضة، ومنها كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، ومنها كتاب العقيدة الواسطية، سميت الواسطية؛ لأنه كتبها إلى جماعة سألوه من أهل واسط في العراق: فقيل لها: الواسطية، وله رسالة أخرى في العقيدة، يقال لها: الحموية، كتبها إلى أهل حماة بالشام، وله رسالة أخرى ثالثة في الصفات تسمى: التدمرية، كتبها إلى أهل تدمر في بلاد الشام، هذه أسباب التسمية، وهي كتب ثلاثة عظيمة في عقيدة أهل السنة والجماعة، مفيدة، نوصي بقراءتها والاستفادة منها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 9 - شروط ومعنى لا إله إلا الله س: ما هو مدلول لا إله إلا الله؟ وما هي شروطها، وما هو معناها؟ (1). ج: لا إله إلا الله، هي أفضل الكلام بعد القرآن، هي أحب الكلام   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (309). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 إلى الله، وأفضل الكلام، وهي كلمة الإخلاص، وهي أول شيء دعت إليه الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأول شيء دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن قال لقومه: «قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا (1)»، هي كلمة الإخلاص كلمة التوحيد. ومعناها لا معبود حق إلا الله، هذا معناها، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (2) وهي نفي وإثبات، (لا إله) نفي، و: (إلا الله) إثبات، (لا إله) تنفي جميع المعبودات، وجميع الآلهة بغير حق، و (إلا الله) تثبت العبادة بالحق لله وحده سبحانه وتعالى، هي أصل الدين وأساس الملة، والواجب على جميع المكلفين من جن وإنس، أن يأتوا بها رجالا ونساء، مع إيمانهم بمعناها واعتقاد له، وإخلاص العبادة لله وحده، وشروطها ثمانية جمعها بعضهم في بيتين فقال: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها فإن تعلموا هذه الأمور فالحمد لله، وإلا يكفي معناها، وإن لم يتعلم المرء هذه الشروط، إذا أتى بمعناها وعبد الله بالحق، أخلص له العبادة، وترك عبادة ما سواه، واستقام على دين الله كفى، وإن لم يعرف الشروط، والشروط معناها واضح، (علم) يعني: أن تعرف معناها، وأن معناها لا معبود بحق إلا الله. (يقين) وأن تكون موقنا   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. (2) سورة الحج الآية 62 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 بذلك، وليس عن شك، عن يقين أنه لا معبود حق إلا الله، (وإخلاص) لا بد من الإخلاص في العبادة لله وحده، صلاتك، صومك، صدقاتك، كلها لله وحده، مع المحبة، تحب الله محبة صادقة، تحب رسوله صلى الله عليه وسلم، لا بد من محبة الله جل وعلا، وهكذا الصدق لا بد أن تكون صادقا في ذلك، بخلاف المنافقين يكذبون، أما أنت تقولها صادقا أنه لا معبود حق إلا الله. (والانقياد): تنقاد بما دلت عليه، من إخلاص العبادة لله وحده، وترك عبادة ما سواه، وأداء الشرائع التي شرعها الله لك، من الأوامر وترك النواهي، عن محبة وانقياد، وهكذا القبول؛ تقبل ما جاء به الشرع ولا ترده، تقبل ما دلت عليه من العبادة والتوحيد والإخلاص، ولا ترده، ولا بد من الكفران بما يعبد من دون الله كما قال سبحانه: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1). والمعنى أنك تتبرأ من كل ما ينافي لا إله إلا الله، وتعتقد بطلانه، تؤمن بأن الله هو المعبود الحق، وأن ما عبده الناس من دون الله باطل، وتكفر به وتبرأ منه، هذه معنى الشروط الثمانية: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها أي دون الله، فإذا عرفها طالب العلم طبقها، والذي لا يعرفها   (1) سورة البقرة الآية 256 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 يكفيه المعنى، إذا أتى بهذه الكلمة عن إيمان وإخلاص لله، ويقين وصدق في ذلك، وتبرأ من عبادة غير الله، وانقاد للشرع، فقد أتى بالمقصود، مع محبة الله سبحانه وتعالى، ومحبة دينه. س: ما هي شروط (لا إله إلا الله) كلمة التوحيد؟ وهل من قال: (لا إله إلا الله) فقط دون أن يعمل يدخل الجنة؟ (1). ج: قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن من أتى بالتوحيد ومات عليه دخل الجنة، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها حرمت علي دمائهم، وأموالهم إلا بحقها (2)»، ومنها حديث عبادة بن الصامت: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل (3)».   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (380). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام برقم 2946. (3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم "، برقم 3435، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، برقم 28. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 والأحاديث في هذا كثيرة تدل على أن من قال: لا إله إلا الله صادقا موحدا يتضمن كلامه براءته من الشرك، وإيمانه بأن الله مستحق العبادة، فإنه يدخل الجنة، ويكون من المسلمين، مع الإيمان بشهادة أن محمدا رسول الله، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله مما بلغه ذلك الوقت، ثم يطالب بعد ذلك بشرائع الإسلام، فإذا أدرك الصلاة، وجب عليه أن يصلي، وهكذا الزكاة وهكذا الصيام، وهكذا الحج، وإن مات في الحال بعد التوحيد دخل الجنة؛ يعني: لو أسلم ومات في الحال دخل الجنة؛ لأنه ما أدرك العمل، ولا فعل شيئا من السيئات، والإسلام يجب ما قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها، فإن عاش حتى أدرك الصلاة لزمته الصلاة، فإن أبى وجحدها كفر، وإن لم يصل كفر، وهكذا إذا أدرك الزكاة يجب عليه الزكاة، فإن أبى صار عاصيا يستحق دخول النار، وهكذا إذا أدرك الصيام ولم يصم صار عاصيا يستحق دخول النار، إلا أن يعفو الله عنه، وهكذا إذا زنا، أو سرق، أو ما أشبه ذلك، صار عاصيا يستحق دخول النار، إلا أن يعفو الله عنه، وصار تحت مشيئة الله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1). المقصود أنه متى دخل في الإسلام، ووحد الله، وتبرأ من الشرك كله، وآمن بكل ما أخبر الله به ورسوله يكون مسلما، ثم يطالب بحقوق الإسلام من صلاة وغيرها، وترك المعاصي، فإن ترك المعاصي وأدى   (1) سورة النساء الآية 48 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 الحقوق تم إسلامه وإيمانه، وإن مات في الحال قبل أن يدرك شيئا من الأعمال فله الجنة؛ لأن إسلامه جب ما قبله من الشرور، فإن عاش فباشر بعض المعاصي أو ترك بعض الواجبات هو تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة بتوحيده، وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، كما تقدم في قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1)، وهذا بإجماع المسلمين، بإجماع أهل السنة والجماعة، والعاصي تحت المشيئة، لا يكفر خلافا للخوارج، ولا يخلد في النار كما تقول الخوارج والمعتزلة، بل هو تحت مشيئة الله، إذا مات على الزنى، على السرقة، على عقوق الوالدين، على شرب المسكر، على أكل الربا، لكن لم يستحلها، يرى أنها معاص، غير مستحل، ولكن غلبه الهوى والشيطان، وإلا هو يعرف أنها معاص، تحت مشيئة الله، إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عذبه في النار على قدر المعاصي التي مات عليها، وبعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار بإجماع أهل السنة والجماعة، ما يخلد في النار إلا لكفره؛ خلافا للخوارج والمعتزلة الذين يقولون: إن العاصي إذا مات على المعصية يخلد في النار. وتقول الخوارج: إنه يكفر. وقولهم باطل عند أهل السنة والجماعة، من أبطل الباطل، والآية الكريمة ترد عليهم، وهي قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (2).   (1) سورة النساء الآية 48 (2) سورة النساء الآية 48 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الزاني: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن (1)». فالمعنى الوعيد والتحذير؛ يعني: ليس مؤمنا الإيمان الكامل، عنده نقص في إيمانه، وليس معناه أنه كافر؛ لأن الآيات يصدق بعضها بعضا، والأحاديث يصدق بعضها بعضا، وكتاب الله لا يكذب بعضه بعضا، والسنة لا تخالف القرآن، فوجب أن تفسر النصوص بالنصوص، يفسر النص بالنص، فقوله: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)؛ يعني: الإيمان الواجب الكامل، لو كان عنده إيمان كامل ما زنى، لكن عنده نقص، فلهذا وقع في الزنى، وقع في الخمر، مع نقص إيمانه، ليس معناه أنه كافر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر في حق الزاني أن يحد، يقام عليه الحد، ويكون الحد كفارة له، وصاحب الخمر كذلك، يقام عليه الحد كفارة له، وإذا مات الزاني على الزنى بعد الحد دخل الجنة، وصار الحد كفارة له، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم في حق عباد الله الصالحين، لما ذكر المعاصي، قال: «فمن أدركه الله في الدنيا - يعني: بالحدود الشرعية - كان كفارة له، ومن أجله الله في الآخرة فأمره إلى الله (2)».   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب قول الله تعالى: " إنما الخمر والميسر والأنصاب "، برقم 5578، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله، برقم 57. (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان برقم 18، بلفظ: ومن أصابه من ذلك شيء فعوقب في الدنيا فهو كفارة له. . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 كما قال تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1). فأهل السنة والجماعة يقولون: إن صاحب المعاصي تحت المشيئة إذا كانت معصية دون الشرك ولم يستحلها فهو تحت المشيئة؛ كالزاني وشارب الخمر، وآكل الربا، والعاق لوالديه، ونحو ذلك. أما من استحل المعاصي، واستحل الزنى، قال: الزنى حلال. تقام عليه الحجة، فإذا بين له الدليل وأصر على أن الزنى حلال كفر، صار كافرا كفرا أكبر. وهكذا من يقول: الخمر حلال، ويبين له الدليل ويصر، يكون كافرا. وهكذا من يقول: السرقة حلال. أو: الربا حلال. تبين له الأدلة، فإذا أصر على أن الربا كله حلال كفر، وهكذا من قال: عقوق الوالدين حلال. يبين له الأمر، فإذا أصر بعد الأدلة كفر، وهكذا من يقول: إن اللواط حلال. وهكذا من استحل المعاصي المعروفة من الدين بالضرورة، استحلها وبين له الدليل وأصر كفر، أما من مات على المعصية، وهو يعرف أنها معصية لم يستحلها، يعرف أنه عاص، مات وهو زان، مات وهو شارب الخمر، مات وهو يرابي، وهو يعرف أنه عاص، مات تحت مشيئة الله، إن شاء ربنا غفر له بأعماله الصالحة وتوحيده، وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي مات عليها، ثم بعد التطهير والتمحيص في النار، يخرجهم الله من النار، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كثيرا من العصاة يدخلون النار   (1) سورة النساء الآية 48 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ويعذبون فيها، ثم يخرجهم الله من النار، وقد امتحشوا، قد احترقوا، فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم، أدخلهم الله الجنة، وقد تواترت بهذا الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع على هذا أهل السنة والجماعة، ولا يبقى في النار مخلدا إلا الكفرة، نسأل الله العافية، أما العصاة فلا، قد يبقى فيها وقد تطول إقامته، ويسمى خلودا، لكنه خلود مؤقت ينتهي، فإذا تمت المدة التي قدرها الله عليه يخرج من النار، وصار إلى الجنة بتوحيده وإسلامه. والتوحيد له شروط ذكرها بعض أهل العلم، وهي سبعة. قال بعضهم: ثمانية. وقد جمعها بعضهم في بيتين: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها فإذا فهمها طالب العلم وأتقنها وأداها كان هذا كمالا لتوحيده وإيمانه، وإن كان عاميا لا يعرف هذه الشروط، ولكنه تبرأ من الشرك، وآمن بالله ووحده كفى، وإن لم يعرف الشروط، متى تبرأ من الشرك، وتبرأ من الكفر، واعتقد بطلانه وآمن بالله ووحده كفى. فقوله: (علم) يعني يعلم أن الله جل وعلا هو المستحق للعبادة، وأن معنى لا إله إلا الله؛ معناها لا معبود حق إلا الله، وقوله: (يقين) يقولها عن يقين، بدون شك، يوحد الله عن يقين، وقوله: (وإخلاص) يعني ما أشرك بالله غيره، بل أخلص لله مع الصدق، خلاف المنافقين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 يقولونها وهم كاذبون، هذا كافر إذا قالها ظاهرا، وهو يكذب في الباطن هذا كافر. (مع محبة) مع محبة الله، ومحبة توحيده، الذي لا يحب الله كافر، أو يكره التوحيد، ويكره الإيمان كافر: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (1)، هكذا القبول كونه يقبل الدين، يقبل الحق ينقاد له، أما إذا رد الحق ولم يقبله، ولم ينقد للحق، بل آذاه ولم يوحد الله، ولم يترك الشرك، يكون كافرا، ولا بد من الكفران بما يعبد من دون الله، كما قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (2)؛ يعني: يكفر بعبادة غير الله، يعني ينكرها، يعتقد بطلان عبادة غير الله، وينكرها يتبرأ منها، هذا معنى قول الشاعر: وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها المقصود أن المؤمن يعلم الحق ويعتقده، ويصدق في ذلك ويتبرأ من الشرك وأهله، وينقاد إلى الحق، ويطمئن إليه، ويحب الله ورسوله، هكذا المؤمن ولو ما عرف الشروط، متى قبل الحق، وانقاد لتوحيد الله، وأخلص لله، وأحب الله، وانقاد لشرعه، ولم يكن كاذبا كالمنافقين، صار إيمانه صحيحا.   (1) سورة محمد الآية 9 (2) سورة البقرة الآية 256 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 س: يسأل السائل ويقول: كلمة التوحيد ما هي شروطها (1)؟ ج: كلمة التوحيد هي لا إله إلا الله، فلا بد أن يقولها عن علم ويقين: لا إله إلا الله. يقول الله جل وعلا: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (2)، ويقول سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (3)، ويقول الله عز وجل: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (4)، ويقول عز وجل: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (5)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله صدقا من قلبه (6)»، قال صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة (7)»، لا بد من علم، وتصديق وبصيرة. ومعناها: لا معبود حق إلا الله؛ هذا معنى لا إله إلا الله؛ فالذي يقول: لا إله إلا الله. وهو يعبد الأولياء فكأنه ما قالها، لأن وجودها كعدمه؛ لا بد أن يقولها وهو يعلم معناها ويعمل، فالذي يقول:   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (423). (2) سورة محمد الآية 19 (3) سورة البقرة الآية 163 (4) سورة آل عمران الآية 18 (5) سورة الزخرف الآية 86 (6) أخرجه البخاري في كتاب العلم؛ باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، برقم 128. (7) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، برقم 26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 لا إله إلا الله. ويدعو الأموات ويستغيث بالنبي، أو بالبدوي، أو بالحسين، أو بعلي بن أبي طالب، أو بعبد القادر الجيلاني، أو بغيرهم من الأموات، هذا ما قالها حقا، وقوله لها باطل، لا ينفع حتى يقولها عن علم وعن يقين، وعن صدق وعن محبة. ذكر بعضهم شروطها سبعة: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها فلا بد من العلم: يعني معناها لا معبود حق إلا الله، ولا بد من اليقين؛ يتيقن أنه لا معبود حق إلا الله، ما عنده شك؛ لا بد أن يكون يعلم، ولا بد من صدق، يقول وهو صادق أنه لا معبود حق إلا الله، لا كالمنافقين، بل يصدق يقول عن علم ويقين وصدق أنه لا معبود حق إلا الله. (مع محبة) يحب الله جل وعلا محبة صادقة تقتضي الإخلاص له وطاعته واتباع شريعته. كذلك القبول يقبلها ويرضاها، ولا يردها، وينقاد للعمل بما دلت عليه الكلمة، بتوحيد الله والإخلاص له وطاعة أوامره، وترك نواهيه، ولهذا قال: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها والإخلاص معناه: أن يتوجه إلى الله بأعماله. ويخصه بها سبحانه دون كل ما سواه، فلا يعبد إلا الله، ولا يصلي إلا لله، ولا يزكي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 إلا لله، ولا يصوم إلا لله، وهكذا يكون في أعماله مخلصا لله وحده، فلا بد من هذه الشروط: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها قال بعضهم شرطا ثامنا: وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها هذا الشرط الثامن قاله شيخنا الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله، وهذا معنى قوله سبحانه: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} (1)، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله (2)». فلا بد أن يقول: لا إله إلا الله. ويتبرأ من عبادة غير الله؛ يكفر بعبادة غير الله، ينكرها، يعتقد بطلانها، وهذا ظاهر من الشروط السبعة أيضا. فإن الإخلاص يقتضي الكفر بعبادة غير الله، وإنكارها، واعتقاد بطلانها، فالصادق هو الذي يخص الله بالعبادة، ويعتقد بطلان عبادة غير الله.   (1) سورة البقرة الآية 256 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، برقم 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 والثامن داخل في الإخلاص، لكن ذكر الثامن من باب الكمال والتمام، وإلا فهو داخل في الإخلاص، فإن المخلص هو الذي يخص الله بالعبادة، ويعتقد بطلان عبادة غير الله، ويكفر بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 10 - تحقيق معنى لا إله إلا الله س: ما هي مقتضيات لا إله إلا الله؟ (1). ج: هذه الكلمة أعظم كلمة وهي كلمة التوحيد، ولا يدخل العبد في الإسلام إلا بتحقيقها، والإيمان بها، وأنه لا معبود حق إلا الله، وهي أول كلمة دعا إليها الرسل: (لا إله إلا الله). قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (2)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (3). ونبينا محمد لما بعثه الله أول كلمة دعا إليها: (لا إله إلا الله). مع الإيمان به وأنه رسول الله، وهي تقتضي إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه المعبود بالحق، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم،   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (186). (2) سورة الأنبياء الآية 25 (3) سورة النحل الآية 36 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 وأنه المستحق أن يعبد ويطاع أمره، وتقتضي أن يؤمن العبد بأن الله هو خالق العبد، وأنه أعد له جنة ونارا، وأنه لا بد من لقائه ربه، فإما الجنة وإما النار، هذه الكلمة هي أصل الدين، وأساس الملة، وهي العروة الوثقى، فلا بد من الإيمان بها واعتقاد معناها، وأنه لا معبود حق إلا الله، وهذا الاعتقاد يقتضي طاعة الأوامر، وترك النواهي، وطاعة الإله الحق الذي آمنت بأنه معبود بحق، هي تقتضي أن تؤدي حقه، بأن تعبده بصلاتك وبصومك وزكاتك وحجك وصيامك وغير ذلك؛ لأن التأله: التعبد؛ لا إله إلا الله؛ يعني: لا مألوه حق إلا الله، يعني: لا معبود حق إلا الله، فالواجب عليك أن تؤلهه وتعبده في صلاتك وصومك وزكاتك وحجك وجهادك وسائر عباداتك، وتعبده وحده، ترجو ثوابه، وتخشى عقابه سبحانه وتعالى. وهكذا من مقتضياتها أن تؤمن بما حرم الله عليك من الشرك والمعاصي، وأن تبتعد عن ذلك وتحذر ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 11 - بيان معنى الطاغوت س: ما معنى الكفر بالطاغوت؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: معناه البراءة منه، واعتقاد بطلانه، قال الله سبحانه: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (2)، معنى الطاغوت: المعبود من دون الله. يعني: يتبرأ من عبادة غير الله؛ عبادة الأوثان والأصنام والجن، يتبرأ منها، ويعتقد بطلانها، ويؤمن بأن المعبود بحق هو الله وحده سبحانه وتعالى، فمن لم يؤمن بهذا فليس بمسلم، لا بد أن يؤمن بأن الله هو المستحق للعبادة، وأن عبادة الطواغيت؛ عبادة الجن، عبادة الأصنام، عبادة من دعا إلى نفسه، كل هذا باطل، لا بد أن يتبرأ منها. والطواغيت: كل ما عبد من دون الله وهو راض. وهكذا الأصنام تسمى طواغيت، والأشجار والأحجار المعبودة تسمى طواغيت، أما الأولياء والأنبياء والملائكة فليسوا طواغيت، لكن الطاغوت الذي دعا إلى عبادته، الطاغوت الذي دعا إلى الشرك به وعبادته من الشياطين؛ شياطين الإنس والجن، هم الطواغيت، أما الأولياء المؤمنون فيبرؤون إلى الله من ذلك، ما يرضون أن يعبدوا من دون الله، وهكذا الأنبياء وهكذا الملائكة، وهكذا الجن المؤمنون ما يرضون، فالطاغوت الذي يدعو   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (299) (2) سورة البقرة الآية 256 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 إلى عبادة غير الله، أو يرضى بها كفرعون وأشباهه. فالبراءة من ذلك معناها البراءة من عبادة غير الله، واعتقاد بطلانه، يعني أن يتبرأ من عبادة غير الله، وأن يعتقد بطلان ذلك، وأن العبادة بالحق لله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل في كتابه العظيم في سورة الحج: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (1)   (1) سورة الحج الآية 62 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 12 - تفسير معنى الشهادتين س: يسأل المستمع من الرياض ويقول: ما معنى شهادة أن لا إله إلا لله، وأن محمدا رسول الله؟ (1) ج: معنى الشهادة أن يشهد بلسانه وبقلبه، أنه لا معبود حق إلى الله، يشهد بلسانه ويؤمن بقلبه أنه لا إله إلا الله، يعني لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس من دون الله من أصنام أو أموات أو أشجار أو أحجار أو ملائكة أو غيرهم كله باطل، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (2). هذا معنى شهادة أن لا إله إلا لله، أن تشهد عن علم ويقين وصدق أنه لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس من دون الله كله باطل.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (433). (2) سورة الحج الآية 62 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله: أن تشهد عن علم ويقين وصدق أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب هو رسول الله حقا إلى جميع الثقلين؛ جنهم وإنسهم، وأنه خاتم الأنبياء، ليس بعده نبي عليه الصلاة والسلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 13 - حكم التلفظ بالشهادتين س: هل مجرد التلفظ بالشهادتين يعصم الإنسان ويعصم دمه وماله، وإذا انتفى عنه العلم بمدلول (لا إله إلا الله) وهو يردده ليل نهار هل تكفيه؟ وهل تدخله الجنة وتنجيه من النار؟ (1) ج: لفظ (لا إله إلا الله) ولفظ شهادة (أن محمدا رسول الله) هاتان الشهادتان هما أصل الدين، هما أساس الملة، فمن أتى بهما وهو لا يقولهما قبل ذلك عصم دمه وماله وحكم بإسلامه، ثم ينظر ويعلم ويفقه، فإن قبل الحق واستقام عرف صدقه، وإن أبى واستمر على كفره وشركه وعبادته الأصنام والأشجار والأحجار وأصحاب القبور، أو استمر على استهزائه بالدين أو سبه للدين أو غير هذا من نواقض الإسلام لم تنفعه هذه الشهادة، يكون مرتدا، يحكم بإسلامه أولا، ثم بمجيئه بما يخالف الإسلام بما يوجب الردة يحكم بردته؛ كما قال   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (152) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (1)» فالشخص إذا نطق بالشهادتين وهو لا ينطق بهما سابقا حكم بإسلامه كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم بالأحاديث الصحيحة من حديث أسامة وفي غيره من حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة وغير ذلك، يقول عليه الصلاة والسلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها (2)» وفي لفظ آخر: «إلا بحق الإسلام (3)». فالمقصود أنه إذا أتى بحق الشهادة فإنه يعصم دمه وماله إذا كان لم يأت بهما قبل ذلك، ثم ينظر في أمره، فإن استقام على دين الله صار له حكم المسلمين، وإن أبى وبقي على كفره وضلاله لم تنفعه الشهادة بمجرد القول، فالمنافقون يقولونها وهم في الدرك الأسفل من النار؛ لأنهم قالوها ولم يعملوا بها؛ كفروا بها، كذبوا الله ورسوله، أو شكوا في دين الله، وهكذا الذين قال الله سبحانه فيهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (4) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (5).   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله برقم 21. (3) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب قوله تعالى: " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم "، برقم 25. (4) سورة التوبة الآية 65 (5) سورة التوبة الآية 66 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 هناك أناس أظهروا الإسلام وشاركوا المسلمين في أعمالهم، ولكن ظهر منهم الاستهزاء بالرسول وبالإسلام، فلهذا أنزل الله في حقهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (2). وقد أجمع العلماء على أن من أتى بناقض من نواقض الإسلام يحكم عليه بذلك الناقض وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإن صلى وصام؛ لأن هذه الشهادة تنفع إذا أدى حقها، أما إذا ضيع حقها لم تنفع قائلها، والله المستعان.   (1) سورة التوبة الآية 65 (2) سورة التوبة الآية 66 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 14 - النطق بالشهادتين يكفي لدخول الإسلام س: هل يكفي النطق والاعتقاد بالركن الأول من أركان الإسلام، أم لا بد من أشياء أخر حتى يكتمل إسلام المرء ويكتمل إيمانه؟ (1) ج: هذا الركن يدخل به في الإسلام، إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، عن صدق وعن يقين وعن علم وعمل بذلك، يدخل في الإسلام، ثم يطالب بالصلاة وما سواها من الأحكام، ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له: «ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم (2)». فلم يأمرهم بالصلاة إلا بعد التوحيد والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، فهم مطالبون أولا بالتوحيد والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا دخل الكافر في ذلك وأسلم، صار له حكم المسلمين، ثم يطالب بالصلاة وبقية أمور الدين، فإذا امتنع من ذلك صار له أحكام أخرى،   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (74). (2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم 1395، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، برقم 19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 إذا امتنع من الصلاة يستتاب إن تاب وإلا قتل، وإذا امتنع من الزكاة وكابر عليها وقاتل دونها كذلك يقاتل كما قاتل الصحابة مانعي الزكاة، والصيام كذلك، إذا امتنع يعزره الإمام ويؤدبه الإمام بما يردعه عن ترك الصيام، وهكذا الحج مع الاستطاعة، إذا تركه وهو يستطيع، يؤدب حتى يحج، وهكذا بقية المعاصي، الذي فيه حد يقام عليه الحد، والذي ما فيه حد بالتعزير والتأديب. فالحاصل أن الأصل هو الشهادتان، متى شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، دخل في الإسلام، وصار له حكم المسلمين، فلو مات في الحال صار من أهل الجنة، فإن جاء وقت الصلاة وقد أسلم مثلا بعد طلوع الشمس، ثم مات قبل الظهر، هذا مات على الإسلام، وهو ما صلى شيئا، ولا فعل شيئا، كما كان قد وقع لبعض الصحابة أسلموا وقتلوا في الحال، فصاروا من أهل الجنة، من دون أن يعملوا عملا سوى التوحيد والشهادة بالرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان بالله ورسوله، فإن أدرك الصلاة يؤمر بالصلاة، ثم إذا جمع مالا وحصل عنده مال تجب فيه الزكاة يؤمر بالزكاة، وإذا أدرك رمضان يؤمر بالصيام، وإذا استطاع الحج يؤمر بالحج، وهكذا أصبح له حكم المسلمين من جميع الأحكام في الدنيا والآخرة، فيطالب بأمور الإسلام وحق الإسلام، ولو مات على حاله قبل أن يأتي وقت الصلاة، مات على الإسلام الكامل، ودخل الجنة، لكن لو عاش وأبى أن يصلي، حينئذ هذا محل نظر، يطالب بالصلاة، فإذا أصر على تركها كفر عند جمع من أهل العلم، وقال آخرون من أهل العلم: يكون كفرا دون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 كفر، فيستحق القتل، ولكن لا يكون كفرا أكبر. كما لو ترك الزكاة والصيام، ولكن القول الصحيح: أنه متى ترك الصلاة بخصوصها؛ لأنها لها منزلة عظيمة، الصلاة إذا تركها عمدا تهاونا تكاسلا، صار حكمه حكم من جحدها، يقتل كافرا على الصحيح. وأما جمهور الفقهاء فقالوا: يقتل عاصيا وحدا، وكفرا دون كفر. هذا قول أكثر الفقهاء المتأخرين، أما الصحابة فقد نقل عبد الله بن شقيق العقيلي إجماعهم على أن من تركها كفر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 15 - حكم من وفق للتلفظ بالشهادتين قبل وفاته س: السائل أبو أحمد يقول: هل الإنسان الذي لم يصل أبدا في حياته، ثم وفق إلى التلفظ بالشهادتين قبل وفاته، هل يصبح هذا مسلما، ويعامل في الآخرة معاملة المسلمين؛ ويحشر مع المسلمين؟ (1). ج: إذا كان أتى بها توبة ودخولا في الإسلام، يمحو الله بها ما مضى، إذا كان لا يقولها سابقا ثم جاء بها تائبا موحدا مخلصا لله، عارفا لمعناها، وترك الشرك، وترك المعاصي، والعزم على ترك الجميع، فهذا معناه توبة يمحو الله بها ما سلف، أما إذا كان يقولها كالعادة ما تنفعه، إذا كان مات على الشرك، هو يقولها في حياته وعند وفاته إذا كان يقولها وهو يعبد القبور ويستغيث بالأموات، ويأتي المعاصي، لم يقلها عن توبة وعن رجوع، فهي مثل قوله لها في حياته وصحته، لا تؤثر شيئا، كالمنافقين يقولونها وهم على كفرهم ونفاقهم؛ ومثل عباد القبور اليوم يقولونها في المجالس وفي المكان وهم يعبدون أصحاب القبور، يستغيثون بهم وينذرون لهم، ويذبحون لهم كعباد البدوي، وعباد الحسين، وعباد الشيخ عبد القادر، وعباد غيرهم.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (394). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 16 - وجوب النطق بالشهادتين على القادر عند دخول الإسلام س: ما مصداقية النطق بالشهادة سماحة الشيخ وفقكم الله؟ (1). ج: أولا لا بد من النطق بها، ومن لم ينطق بها وهو يقدر كفر، حتى ينطق بالشهادتين، ثم مع النطق لا بد من العقيدة والإيمان بأن معنى لا إله إلا الله؛ أنه لا معبود بحق إلا الله، فلو قالها وهو يكذب كالمنافقين، يقولها بلسانه وهو يعتقد أن مع الله آلهة أخرى، لم تنفعه هذه الكلمة، كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (2) وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} (3) {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (4). فلا بد من التصديق بالقلب واليقين بأنه لا معبود حق إلا الله، ولا بد من إخلاص العبادة لله؛ والمحبة لما دلت عليه من توحيد الله؛ وكراهية الكفر وبغضه؛ ولا بد أيضا من قبول شرع الله، والانقياد له؛ فان استكبر عن ذلك ولم ينقد لشرع الله كفر، نسأل الله العافية؛ وهذا معنى النفي والإثبات؛ (لا إله) معناها نفي ما يعبد من دون الله؛ يعني: الاعتقاد بأن جميع ما يعبد من دون الله باطل، و: (إلا الله) معناها   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (74). (2) سورة النساء الآية 145 (3) سورة البقرة الآية 8 (4) سورة البقرة الآية 9 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 إثبات العبودية لله وحده، وأنه مستحق لها، كما قال عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (1) الآية من سورة الحج.   (1) سورة الحج الآية 62 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 17 - مصداقية الشهادة القيام ببقية الأركان س: هل مصداقية الشهادة وهذا الركن من أركان الإسلام هي العمل ببقية أركان الإسلام الظاهرة والباطنة التي تفضلتم ببيانها؟ (1). ج: نعم لكنها متفاوتة بعضها إذا تركها كفر، وبعضها من تركها لا يكفر، يكون ناقص الإيمان، ضعيف الإيمان، إلا إذا جحد ما أوجب الله، أو جحد ما حرم الله، إذا جحده كفر عند الجميع، لو جحد وجوب الصلاة كفر عند الجميع، ومن جحد وجوب صيام رمضان كفر عند الجميع، ومن جحد وجوب الزكاة مع توفر شروطها كفر عند الجميع. ومن جحد وجوب الحج مع الاستطاعة كفر عند الجميع، ومن جحد تحريم الزنى يكفر عند الجميع، ومن جحد تحريم الخمر، وقال: ما هو بحرام. كفر عند الجميع، من جحد عقوق الوالدين، قال: ليس عقوقهما   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (74). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 بحرام، يجوز عقوق الوالدين. كفر بالإجماع، نسأل الله العافية، وهكذا ما يشبهه من أمور الدين الظاهرة المعروفة بالوجوب أو التحريم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 18 - الشهادتان اعتقاد بالقلب وعمل بأداء الفرائض س: هل (لا إله إلا الله) قول باللسان أم قول يحتاج إلى عمل؟ (1). ج: هذه الكلمة هي أعظم الكلام الذي يتكلم به الناس، وأفضل الكلام وهي قول وعمل، ولا يكفي مجرد القول، ولو كان مجرد القول يكفي لكان المنافقون مسلمين؛ لأنهم يقولونها وهم مع ذلك كفار، بل في الدرك الأسفل من النار - نعوذ بالله من ذلك - لأنهم يقولونها باللسان من دون عقيدة ولا إيمان، فلا بد من قولها باللسان مع اعتقاد القلب، وإيمان القلب بأنه لا معبود حق إلا الله، ولا بد أيضا من أداء حقها بأداء الفرائض وترك المحارم؛ لأن هذا من حق لا إله إلا الله، كما قال عليه الصلاة والسلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله (2)»، وفي اللفظ الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (160). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام برقم 2946. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل (1)». متفق على صحته. فالحاصل أنه لا بد من قول مع يقين، ومع علم ومع عمل لا مجرد القول باللسان، فاليهود يقولونها والمنافقون يقولونها، ولكن لا تنفعهم لما لم يأتوا بالعمل والعقيدة، فلا بد من العقيدة بأنه لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس؛ من أصنام وأشجار أو أحجار، أو قبور أو أنبياء أو ملائكة أو غيرهم، أنه باطل وأن هذا شرك بالله عز وجل، والعبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، وهذا هو معنى لا إله إلا الله؛ فإن معناها لا معبود بحق إلا الله، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (2)، وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3)، وقال عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (5) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (6).   (1) صحيح البخاري الإيمان (25)، صحيح مسلم الإيمان (22). (2) سورة البينة الآية 5 (3) سورة الفاتحة الآية 5 (4) سورة الإسراء الآية 23 (5) سورة الزمر الآية 2 (6) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وقال عليه الصلاة والسلام: «من قال: لا إله إلا الله. وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه (1)»، واللفظ الآخر عند مسلم: «من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه (2)». فدل على أنه لا بد من التوحيد والإخلاص لله. ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن معلما ومرشدا وأميرا وقاضيا، قال له: «ادعهم إلى أن يوحدوا الله - وفي اللفظ الآخر - ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم (3)» الحديث. فالخلاصة أنه لا بد من الإيمان بها قولا وعملا مع النطق، فيشهد أنه لا إله إلا الله: عن علم ويقين وإخلاص، وصدق ومحبة لما دلت عليه من التوحيد، وانقياد لحقها وقبول لذلك، وبراءة وكفر لما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى، هكذا يكون الإيمان بهذه الكلمة، يقولها عن   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله برقم 23. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، حديث طارق بن أشيم، برقم 15448، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس، برقم 23. (3) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم 1395، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، برقم 19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 يقين، وأنه لا معبود بحق إلا الله، مع العلم ليس فيه جهل ولا شك، وعن إخلاص في ذلك لا رياء ولا سمعة، وعن محبة لما دلت عليه من التوحيد والإخلاص وعن صدق، لا كالمنافق يقولها باللسان ويكذب بالباطن، وعن قبول لما دلت عليه من التوحيد، وانقياد لذلك وعن محبة لذلك، والتزام به، مع البراءة من كل ما يعبد من دون الله، والكفر بكل ما يعبد من دون الله، كما قال سبحانه: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1). ومعنى الكفر بالطاغوت البراءة من عبادة غير الله، واعتقاد بطلانها، هذا معنى الكفر بالطاغوت، وهي أن تتبرأ من عبادة غير الله، وأن تعتقد بطلان ذلك، وأن العبادة بحق لله وحده سبحانه وتعالى، ليس له شريك، لا ملك ولا نبي ولا شجر ولا حجر ولا ميت ولا غير ذلك.   (1) سورة البقرة الآية 256 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 19 - بيان أقسام التوحيد س: ما هي أقسام التوحيد؟ وهل المسلم المطلوب منه أن يؤمن بجميع هذه الأقسام؟ وإذا أقر المسلم بالشهادتين فقط، هل يكفي ذلك؟ ج: أقسام التوحيد ثلاثة معروفة بالاستقراء، وهي الإيمان بتوحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وإذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، عن صدق كفى ذلك، ويبين له ما قد يجهل، والرسول صلى الله عليه وسلم قبل من الناس من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وصدق عمله قوله، وانقاد للشرع ووحد الله جل وعلا، فهو مسلم؛ لأن في معنى الشهادة الإيمان بأن الله ربه وخالقه، والإيمان بأنه مستحق للعبادة، والإيمان بأسمائه وصفاته، لأن الشهادة بأنه لا إله إلا الله، وأنه المعبود الحق، يتضمن توحيد الربوبية والأسماء والصفات، فإنه سبحانه هو الإله الحق، ومن كان بهذه المثابة فهو رب الجميع، وخالق الجميع، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. فتوحيد الربوبية: الإيمان بأنه خلاق، رزاق، وتوحيد الألوهية: الإيمان بأنه مستحق العبادة جل وعلا، وأن الآلهة المدعوة معه باطلة، سواء كانت جمادا أو حيوانا، وسواء كان المدعو ملكا أو نبيا أو غير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 ذلك، كل من يدعى من دون الله فعبادته باطلة، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} (1) فجميع من يدعى من دون الله معبود باطل، سواء كان المعبود رسولا أو ملكا أو جنيا أو حجرا أو شجرا أو غير ذلك. وهكذا الإيمان بأسماء الله وصفاته، إذا آمن بأن الله سبحانه له الأسماء الحسنى والصفات العلا، وأنه الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله كفى ذلك. فتوحيد الأسماء والصفات: الإيمان بأنه سبحانه موصوف بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وأنه لا شبيه له ولا نظير له ولا مثل له، والإيمان بالربوبية بأنه هو الخلاق الرزاق مدبر الأمور ومصرف الأشياء، ولا خالق غيره، ولا رب سواه. وتوحيد الألوهية معناه: الإيمان بأنه مستحق أن يعبد ويدعى ويستغاث به وينذر له ويذبح له، إلى غير هذا، هو المستحق للعبادة: من صلاة وصوم ودعاء وذبح وغير ذلك، لا يستحقها سواه، فإذا أقر بالشهادتين فقد دخل هذا في ضمن الشهادة، فإنه إذا شهد أن لا إله إلا الله، معناه أنه هو المعبود بالحق، وأنه الخلاق الرزاق، وأنه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته، هذا داخل في ضمن الشهادة.   (1) سورة لقمان الآية 30 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 20 - بيان الحكمة من خلق الدنيا س: لقد أصبح من المتعارف عليه وشائع على ألسنة الناس، وكأنما هو شيء بديهي أن الدنيا بما فيها خلقت لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولاه لم تكن ولم تخلق ولم توجد. نرجو من فضيلة الشيخ الإجابة على سؤالي مع الدليل، إن كان كما قيل، وجزاكم الله خيرا؟ (1). ج: هذا من كلام بعض العامة الذين لا يعرفون ولا يفهمون، قول بعض الناس: إن الدنيا خلقت من أجل محمد ولولا محمد ما خلقت الدنيا ولا خلق الناس هذا باطل ولا أصل له، وهذا كلام فاسد، والله خلق الدنيا ليعرف ويعلم وجوده سبحانه وتعالى، وليعبد جل وعلا، خلق الدنيا وخلق الخلق ليعرف بأسمائه وصفاته، وبفضله وعلمه، وليعبد وحده لا شريك له ويطاع سبحانه وتعالى، لا من أجل محمد، ولا من أجل نوح، ولا موسى، ولا عيسى، ولا غيرهم من الأنبياء، بل خلق الله الخلق ليعبد وحده لا شريك له. خلق الله الدنيا وسائر الخلق ليعبد ويعظم ويعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه هو القادر على كل شيء، وأنه بكل شيء عليم، كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (2) فبين سبحانه أنه خلقهم ليعبدوه، لا من أجل   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (28). (2) سورة الذاريات الآية 56 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 محمد عليه الصلاة والسلام، ومحمد من جملتهم خلق ليعبد ربه، يقول سبحانه: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (1)، وقال سبحانه وتعالى في سورة الطلاق: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} (2)، وقال سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} (3). والله جل وعلا خلق الخلق ليعبد، خلقه للحق وبالحق ليعبد ويطاع ويعظم، وليعلم أنه على كل شيء قدير، وأن كل شيء من شأنه سبحانه وتعالى. فأيها السائل، هذه الأشياء التي سمعتها باطلة لا أساس لها، لم يخلق الله الخلق، لا الجن، ولا الإنس، ولا السماء، ولا الأرض، وغير ذلك لم يخلق ذلك من أجل محمد عليه الصلاة والسلام، ولا لغيره من الرسل، وإنما خلق الخلق أو خلق الدنيا ليعبد وحده لا شريك له، وليعرف بأسمائه وصفاته. هذا هو الحق، وهذا الذي دلت عليه الأدلة، وإن كان محمد عليه الصلاة والسلام هو أشرف الناس، وهو أفضل الناس عليه الصلاة والسلام وهو خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم، لكن الله خلقه ليعبد ربه، وخلق الناس ليعبدوا ربهم سبحانه وتعالى، ما خلقهم من أجل محمد، وإن كان أفضل الناس، فافهم هذا وبلغه لغيرك أيها السائل؛ لأن   (1) سورة الحجر الآية 99 (2) سورة الطلاق الآية 12 (3) سورة ص الآية 27 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 هذه مسألة مهمة، وقد وقع فيها من ينتسب إلى العلم، من الجهلة ومن الغلاة، الذين ليس عندهم من العلم الحقيقي نصيب، وهذا يشبه على العامة الذين ليس عندهم علم، أما أهل العلم والبصائر فهم يعلمون أن هذا باطل، وأن الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وحده لا شريك له، وليعرف بأسمائه وصفاته وأنه الحكيم العليم، وأنه السميع المجيب، وأنه العليم القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وأنه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله سبحانه وتعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 21 - ذكر بعض من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب س: هل هناك من يدخل الجنة بغير حساب؟ (1) ج: نعم، أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: «عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجلان، والنبي وليس معه أحد حتى قال في آخره إنه: أبلغ أنه يدخل الجنة من أمته سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب فسأله الصحابة عنهم فقال: هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون (2)».   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (141). (2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، برقم 5705، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم 218. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 والمقصود من هذا: أن المؤمن الذي استقام على أمر الله وترك محارم الله ومات على الاستقامة فإنه يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، ومنهم هؤلاء الذين أخبر عنهم صلى الله عليه وسلم " لا يسترقون " يعني: لا يطلبون من الناس أن يرقوهم، يعني: لا يطلبون الرقية، أما كونهم يرقون غيرهم فلا بأس؛ لأنه محسن، الراقي محسن إذا رقى غيره، ودعا له بالعافية والشفاء هذا محسن. في الحديث الصحيح: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه (1)». أما الاسترقاء فهو طلب الرقية، وهو أن يقول: يا فلان اقرأ علي. ترك هذا أفضل، إلا من حاجة، إذا كان هناك حاجة فلا بأس أن يطلب الرقية، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «استرقي من كذا (2)» فأمرها بالاسترقاء، كما أمر أسماء بنت عميس أن تسترقي لأولاد جعفر لما أصابتهم العين، قال عليه الصلاة والسلام: «لا رقية إلا من عين أو حمة (3)» فالاسترقاء عند الحاجة لا بأس به،   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، برقم 2199. (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، برقم 2195. (3) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، برقم 5705، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم 220. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 لكن تركه أفضل إذا تيسر علاج آخر، وهكذا الكي تركه أفضل إذا تيسر علاج آخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شربة عسل، أو شرطة محجم، وما أحب أن أكتوي (1)». وفي اللفظ الآخر قال: «وأنا أنهى أمتي عن الكي (2)». فدل ذلك على أن الكي ينبغي أن يكون هو آخر الطب عند الحاجة إليه، فإذا تيسر أن يكتفى بغيره من الأدوية فهو أولى، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كوى بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام، فإذا دعت الحاجة إلى الكي فلا كراهة، وإن استغنى عنه بدواء آخر مثل شربة عسل أو شرطة محجم، يعني الحجامة أو قراءة أو دواء آخر، كان أفضل من الكي، فالمقصود أن قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يسترقون ولا يكتوون (3)» لا يدل على التحريم وإنما يدل على أن هذا هو الأفضل، عدم الاسترقاء يعني عدم طلب الرقية وعدم الكي، هذا هو الأفضل، ومتى دعت الحاجة إلى الاسترقاء أو الكي فلا حرج ولا كراهة في ذلك. " ولا يتطيرون ": التطير هو التشاؤم بالمرئيات أو المسموعات، والتطير الشرك من عمل الجاهلية، فهؤلاء السبعون يتركون ما حرم الله عليهم من الطيرة وما كره لهم من الاسترقاء والكي عند عدم الحاجة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الحجامة من الشقيقة والصداع، برقم 5702. (2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الشفاء في ثلاث، برقم 5680. (3) صحيح البخاري الطب (5752)، صحيح مسلم الإيمان (220)، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2446)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 271). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 إليه، وعلى ربهم يتوكلون، يتركون ذلك ثقة بالله واعتمادا عليه وطلبا لمرضاته، والمعنى أنهم استقاموا على طاعة الله، وتركوا ما حرم الله، وتركوا بعض ما أباح الله، إذا كان غيره أفضل منه، كالاسترقاء والكي يرجون ثواب الله ويخافون عقابه، ويتقربون إليه بما هو أحب إليه سبحانه وتعالى عن توكل وعن ثقة به، واعتماد عليه سبحانه وتعالى. وجاء في الرواية الأخرى، «أن الله زاده مع كل ألف سبعين ألفا (1)». وفي بعض الروايات الأخرى: «وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل (2)» وهذه الحثيات لا يعلم مقدارها إلا الله سبحانه وتعالى، والجامع في هذا أن كل مؤمن استقام على أمر الله وعلى ترك محارم الله ووقف عند حدود الله هو داخل في السبعين، داخل في حكمهم بأنه يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب.   (1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم 22. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث أبي أمامة الباهلي، برقم 21800. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 س: هذا سائل يقول: سماحة الشيخ ورد حديث يخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يدخل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الجنة سبعون ألفا من غير حساب ولا عذاب، ولما سأل الصحابة رضي الله عنهم فيما بينهم من هم، وما هي صفاتهم، خرج عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما جرى بينهم وأخبر صلى الله عليه وسلم بأنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، نرجو من سماحتكم - كما يقول السائل - أن تفسروا لنا هذه الصفات، لعلنا نتمسك بها (1). ج: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يدخل من أمته سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب، وفي رواية: «مع كل ألف سبعون ألفا (2)»، وسئل عليه الصلاة والسلام عن صفاتهم قال: «هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون، ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون (3)» يعني: هم الذين استقاموا على دين الله من أهل التقوى والإيمان، وعبدوا الله وحده، وأدوا فرائضه   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (400). (2) أخرجه الترمذي في سننه في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه، برقم 2437، وابن ماجه في سننه في كتاب الزهد. باب صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، برقم 4286. (3) أخرجه البخاري في كتاب لطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو. برقم 5705، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم 218. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 وتركوا محارمه؛ واجتهدوا في أنواع الخير؛ حتى تركوا بعض ما يستحب تركه كالاسترقاء والكي وهذا من كمال إيمانهم، لا يسترقون يعني لا يطلبون من يرقيهم، ولا يكتوون؛ لأن الكي تركه أفضل؛ إلا عند الحاجة؛ والاسترقاء تركه أفضل، إلا عند الحاجة هذا من كمال إيمانهم، وإذا احتاج الإنسان للاسترقاء لا بأس، يسترقي كما أمر النبي عائشة أن تسترقي، وأمر أم أولاد جعفر بن أبي طالب أن تسترقي لأولاده، لما أصابتهم العين، فدل على أنه لا بأس بالاسترقاء عند الحاجة، ولكن تركه أفضل إذا تيسر دواء آخر واستغنى عنه، وهكذا الكي إذا تيسر دواء يقوم مقامه فهو أفضل، وإن دعت الحاجة إلى الكي فلا بأس؛ قد كوى الصحابة كما كوى خباب بن الأرت وغيره، وقد كوى النبي بعض أصحابه للحاجة، هذا من الكمال ولا يخرجهم عن السبعين إذا استرقى أو كوى، لكن هذه من أعمالهم الحسنة؛ ترك الكي إذا استغنى عنه؛ ترك الاسترقاء إذا استغنى عنه؛ وإلا فالسبعون ألفا هم أهل الاستقامة. أهل الخير والاستقامة في طاعة الله، وترك معصيته والمحافظون على الخير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 س: السائل / أمجد يستفسر عن معنى الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة: ما الذي تخوضون فيه؟ فأخبروه عن أولئك الناس، فقال: هم أولئك الذين لا يرقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون (1). ج: هذا جاء في حديث السبعين، النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه أنه عرضت عليه أمته، وكان فيهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وخاض الناس في أولئك من هم؟ لما حدث بهذا الحديث، وقام عليه الصلاة والسلام، خاضوا فقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام، وقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني من الصغر ولم يكفروا، وخاضوا في غير هذا، ثم خرج عليهم صلى الله عليه وسلم فسألهم عما يخوضون فيه فأخبروه، فقال لهم: «هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون، (2)». هذه من صفاتهم، مع تقواهم لله، وإيمانهم بالله، واستقامتهم على دينه، هم مع هذا لا يسترقون، يعني لا يسألون الناس أن يرقوهم، ولا يتطيرون.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (405). (2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، برقم 5705، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم 218. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 الطيرة: التشاؤم بالمرئيات والمسموعات، هذه الطيرة ما أمضاك أو ردك بسبب التشاؤم. ولا يكتوون: يعني إذا مرضوا لا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون. هذه من صفاتهم العظيمة، ولكن يجوز الكي، الرسول صلى الله عليه وسلم رخص بالكي، ويجوز الاسترقاء، رخص بالاسترقاء أيضا لعائشة وأم أولاد جعفر، لا حرج في الاسترقاء، كونه يطلب من يرقيه لا حرج، لكن تركه أفضل إذا تيسر دواء آخر غير الاسترقاء أفضل، وهكذا الكي لا بأس به عند الحاجة إليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شرطة محجم، أو شربة عسل، وما أحب أن أكتوي (1)». أما الطيرة فلا تجوز وهي محرمة؛ لأنها تشاؤم لا يجوز، أما رواية: " لا يرقون " فهي رواية ضعيفة، رواها مسلم ولكنها ضعيفة، وغلط من بعض الرواة، لا يرقون؛ لأن رقية الإنسان لأخيه مطلوبة، كونك ترقي أخاك هذا مشروع، النبي عليه السلام قال: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (2)».   (1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الشفاء في ثلاث، برقم 5681، ومسلم في كتاب السلام، باب لكل داء دواء واستحباب التداوي برقم 2205. (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وقد رقى النبي بعض أصحابه، ورقي عليه الصلاة والسلام، رقته عائشة رضي الله عنها لما مرض، والصحابة رقى بعضهم بعضا، لا بأس بالرقية. أما الاسترقاء كونه يقول: اقرأ علي يا فلان، هكذا تركه أفضل إلا عند الحاجة، إذا احتاج للاسترقاء فلا حرج؛ لقوله لعائشة: " استرقي "، ولقوله لأم أولاد جعفر: " استرقي "، فلا حرج في ذلك. أما الاسترقاء فتركه أفضل؛ لأنه سؤال للناس، وتركه أفضل، فإن دعت الحاجة إليه كالكي، إذا دعت الحاجة إليه لا بأس، لا بأس أن يقول: يا فلان اقرأ علي جزاك الله خيرا، أو يذهب إلى الراقي يرقي عليه لا بأس، أو يكوي عند الحاجة إذا ظن أن الكي مفيد في هذا الشيء. فلا بأس. س: يسأل السائل ويقول: من هم الذين يدخلون الجنة بغير حساب؟ هل الذين هم لا يرقون ولا يسترقون يدخلون الجنة؟ أرجو التوضيح في ذلك مأجورين (1). ج: من استقام على دينه، وأدى ما فرض الله عليه، وترك ما حرم الله عليه، دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، ومنهم السبعون ألفا الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (412). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 تركوا الطيرة لأنها محرمة، وتركوا الكي والاسترقاء استحبابا؛ لأن الرسول ذكر أنها من صفات السبعين ألفا، فإذا ترك الكي واستعمل دواء آخر فلا بأس. النبي عليه الصلاة والسلام قال: «الشفاء في ثلاث: كية نار، وشرطة محجم، وشربة عسل، وما أحب أن أكتوي (1)» وقد كوى بعض أصحابه، فإذا ترك الكي فهذا أفضل، إذا تيسر دواء آخر وإلا فلا بأس بالكي، ولا يمنعه ذلك من كونه من السبعين؛ لأن السبعين ألفا هم الذين استقاموا على دين الله، وتركوا محارم الله، وأدوا ما أوجب الله، ومن صفاتهم الطيبة: عدم الاسترقاء، ولكن الاسترقاء لا يمنع كونه من السبعين، والاسترقاء: طلب الرقية، وإذا دعت الحاجة إلى هذا فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تسترقي، وأمر أم أولاد جعفر أن تسترقي لأولادها، فلا حرج في ذلك. وإذا دعت الحاجة إلى الكي فلا بأس أن يكتوي، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الشفاء في ثلاث: كية نار وشرطة محجم، وشربة عسل (2)». يدل على أن الكي لا بأس به، لكن تركه أفضل، إذا تيسر غيره.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الحجامة من الشقيقة والصداع، برقم 5702. (2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الحجامة من الشقيقة والصداع، برقم 5702. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 22 - بيان تحقيق التوحيد س: كيف يحقق المسلم التوحيد؟ (1). ج: يحققه باجتناب المعاصي ووسائل الشرك، يحذر وسائل الشرك، ويحذر المعاصي، هذا من تحقيق التوحيد، تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي هذا تحقيقه، الحذر من المعاصي والبدع ووسائل الشرك، هذا هو التحقيق.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (428). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 23 - بيان الطريق لإخلاص العمل لله عز وجل س: الأخت / م. ح. من مكة المكرمة، تقول: ما الطريق الصحيح لإخلاص العمل لله عز وجل؟ وكيف يكون العمل خالصا لوجهه الكريم؟ (1). ج: الطريق لذلك ولإخلاص العمل هو الإقبال على الله، وإحضار القلب بين يديه، وأن تعمل العمل تريد وجهه، تريد النجاة من النار، تريد رحمته وإحسانه، سواء كان العمل صلاة أو صوما، أو صدقة أو حجا أو عمرة، أو غير ذلك، هذا هو الإخلاص أن تقصد وجه ربك، تريد التقرب إليه، تريد رحمته، تريد قبوله منك، تريد   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (429). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 النجاة من النار؛ تريد الفوز بالجنة؛ لا تفعله رياء ولا سمعة؛ ولكن تفعله تريد وجه الله، تريد دار الآخرة، تريد النجاة، تريد براءة الذمة، هكذا المؤمن. فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يكون عمله لله، وأن يقصد بهذا العمل وجه ربه، والقربة لديه لعله يرضى عنه ولعله يتقبله منه. س: تسأل المستمعة وتقول: كيف يكون الفرد المسلم من المتقين، ومن عباد الله الصالحين؟ (1). ج: إذا اتقى ربه، إذا أدى فرائض الله؛ وترك محارم الله، إخلاصا لله، ومحبة لله؛ يكون من المتقين، ويكون من المؤمنين؛ إذا أخلص لله صادقا؛ وأدى فرائضه؛ وابتعد عن محارمه؛ ووقف عند حدوده، هذا يكون من عباد الله الصالحين، ومن المتقين الموعودين بالجنة والكرامة.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (431). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 24 - عدد الأنبياء والرسل س: كم عدد الأنبياء والرسل وعن الفرق ما بينهم؟ (1).   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (351). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 ج: لم يثبت في عددهم حديث صحيح، لم يثبت في عدد الرسل والأنبياء حديث صحيح، ويروى أن الرسل ثلاثمائة وبضعة عشر، والأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، ولكن الحديث ليس بثابت، بل هو ضعيف، لكن الأنبياء كثيرون، والرسل أخص وأقل، والرسول هو الذي يوحى إليه ويؤمر بالبلاغ، يرسل للأمة يبلغها، والنبي هو الذي يوحى إليه في نفسه، لكن لا يؤمر بتبليغ الناس، هذا أحد التعريفين، والتعريف الثاني للعلماء: أن الرسول هو الذي يبعث إلى الأمة مستقلا، والنبي هو الذي يبعث تابعا لغيره، كأنبياء بني إسرائيل بعد موسى تابعين له، والصواب في هذا أن الأمر واسع، النبي يسمى رسولا، والرسول يسمى نبيا حتى النبي يسمى رسولا، قال الله جل وعلا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى} (1). سمى كليهما رسولا، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} (2). الآية من سورة الحج فسماهم جميعا رسلا، فالنبي يسمى رسولا، والرسول الذي يبلغ الناس يسمى رسولا؛ لأن النبي الذي أوحي إليه قد أرسل إلى نفسه، لكن ما أمر أن يبلغ الناس، فقد أرسل إلى نفسه يأمرها وينهاها.   (1) سورة الحج الآية 52 (2) سورة الحج الآية 52 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 25 - أول رسول بعث س: يقول السائل: من هو أول الأنبياء إدريس أم نوح عليهم السلام؟ (1). ج: أول الأنبياء بعدما وقع الشرك نوح، بعد ما وقع في الأمة، وأما قبل ذلك فهو آدم، هو أول الرسل وأول الأنبياء، آدم أبونا عليه الصلاة والسلام، وهو أول رسول وأول نبي، وكانت ذريته على الإسلام، عشرة قرون، ثم وقع الشرك في قوم نوح، فأرسل الله عليهم نوحا فصار نوح أول الرسل بعد وقوع الشرك.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (428). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 26 - تعريف النبي والرسول س: إذا كان هناك فرق بين النبي والرسول، فمن هو أول رسول بعث؟ وما هو الفرق بين النبي والرسول جزاكم الله خيرا؟ (1). ج: المشهور عند العلماء أن النبي هو الذي يوحى إليه بشرع، لكن لا يؤمر بتبليغه بل هو وحي لنفسه، يعني أمر في نفسه بالعمل، فهذا يقال له: نبي، فإذا أمر بتبليغ الناس، يقال له: نبي رسول، قال آخرون   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (350). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 من أهل العلم: إن النبي هو الذي يكون مبعوثا بشريعة سبقه إليها نبي مثله، كالأنبياء بعد موسى الذين يحكمون بالتوراة، فيقال لهم أنبياء ورسل، أما الرسول المستقل كموسى ونوح وهود، فهؤلاء يقال لهم رسل وهم أنبياء أيضا. وبكل حال فالأمر في هذا واسع، والأقرب أن الرسول يسمى نبيا، والنبي يسمى رسولا؛ ولهذا قال جل وعلا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} (1). فالنبي يسمى رسولا؛ لأنه أوحي إليه بشرع، وإن كان لنفسه، وإذا أمر بالتبليغ صار رسولا لنفسه ولغيره، فالأمر في هذا واسع.   (1) سورة الحج الآية 52 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 27 - الفرق بين النبي والرسول س: ما هو الفرق بين النبي والرسول (1)؟. ج: المشهور عند العلماء أن النبي هو الذي يوحى إليه بشرع ولكن لا يؤمر بتبليغ الناس، يوحى إليه أن يفعل كذا ويفعل كذا يصلي كذا ويصوم كذا لكن لا يؤمر بالتبليغ، هذا يقال له نبي؛ أما إذا أمر بالتبليغ أن يبلغ الناس صار نبيا رسولا، كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وموسى، وعيسى،   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (221). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 ونوح، وهود، وصالح وغيرهم، وقال قوم آخرون من أهل العلم: إن النبي هو الذي يبعث بشريعة تابعة لغيره تابعة لنبي قبله، يقال له نبي، أما إذا كان مستقلا فإنه يكون نبيا رسولا، فالذين بعثوا بعد موسى بشريعة التوراة يسمون أنبياء؛ لأنهم تابعون للتوراة، والصواب الأول: أن الرسول هو الذي يبعث ويؤمر بالتبليغ وإن كان تابعا لمن قبله، كما جرى من داود وسليمان، وغيرهم من الأنبياء بعد موسى؛ لأنهم دعوا لما دعا إليه موسى وهم أنبياء ورسل عليهم الصلاة والسلام، فالرسول هو الذي يؤمر بالتبليغ مطلقا وإن كان تابعا لنبي قبله، كمن كان على شريعة التوراة، والنبي هو الذي لا يؤمر بالتبليغ يوحى إليه بصيام أو بصلاة أو نحو ذلك، لكنه لا يقال له بلغ الناس. س: السائل أ. أ. من السودان؛ يقول: ما هو الفرق بين النبي والرسول صلى الله عليه وسلم؟ وما هي فائدة علم النبي للبشر؟ (1). ج: المشهور أن النبي هو الذي يوحى إليه بشرع لنفسه يعمل بنفسه ولا يؤمر بالتبليغ؛ والرسول الذي يؤمر بالتبليغ؛ مثل النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: اقرأ هذا نبي، فلما قيل له: {قُمْ فَأَنْذِرْ} (2) صار رسولا نبيا جميعا.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (396). (2) سورة المدثر الآية 2 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 فالرسول هو الذي يؤمر بالتبليغ، يوحى إليه ويؤمر بتبليغ الناس ودعوتهم، كمحمد صلى الله عليه وسلم، وموسى وعيسى وداود وسليمان ونوح، ونحوهم، والنبي هو الذي يوحى إليه بشرع ولكن لا يؤمر بالتبليغ، ككثير من أنبياء بني إسرائيل، أوحي إليهم ولم يؤمروا بالتبليغ، ولكن لأنفسهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 28 - القول بأن أصل الإنسان قرد باطل س: دائما اقرأ وأسمع أن الإنسان قد كان قردا في البداية، ثم مر بمراحل وتحول إلى الإنسان العادي المعروف اليوم هل هذا من المعقول أم لا؟ وهل عناصر القرد، أي عناصر تكوين جسمه هي نفس العناصر المكونة لجسم الإنسان؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا؟. (1). ج: هذا القول الذي ذكره السائل قول منكر وباطل ومخالف لكتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولإجماع سلف الأمة. وقد اشتهر هذا القول عن المدعو (داروين) وهو كاذب فيما قال. بل أصل الإنسان هو الإنسان على حاله المعروف؛ ليس أصله قردا ولا غير قرد، بل هو إنسان سوي عاقل خلقه الله من الطين من التراب؛ وهو أبونا آدم عليه الصلاة والسلام، خلقه الله من تراب كما قال   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (140). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 الله جل وعلا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} (1). فهو مخلوق من هذا التراب خلقه الله على صورته، طوله ستون ذراعا في السماء ثم لا يزال الخلق ينقص حتى الآن، فهو مخلوق على الصفة التي نشاهدها، فأولاده كأبيهم مخلوقون على خلقة أبيهم، لهم أسماع ولهم أبصار ولهم عقول ولهم القامة التي تعرف لهم الآن، يقومون على أرجلهم ويتكلمون ويسمعون ويبصرون ويأخذون بأيديهم ويعطون، وليسوا على شكل القردة، وليس تكوينهم تكوين قردة، بل لهم تكوين خاص، وللقردة تكوين خاص، وهكذا كل أمة، فالقردة أمة مستقلة، والخنازير أمة مستقلة، وهكذا الكلاب والحمير، وهكذا القطط وهكذا غيرها أمم، كما قال الله عز وجل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (2). هذه الأمم كلها تحشر إلى الله، تجمع يوم القيامة ويقتص لبعضها من بعض، ثم يقال لها: كوني ترابا فتكون ترابا، ما عدا الجن والإنس، فلهما شأن آخر يحاسبون ويجزون بأعمالهم، فمن أطاع ربه فإلى الجنة، ومن كفر به فإلى النار، أما هذه الحيوانات الأخرى فهي أمم مستقلة فالقردة أمة مستقلة، لها خلقتها ونشأتها وخصائصها، والخنازير كذلك والكلاب كذلك، والحمر كذلك والإبل كذلك والبقر كذلك، والغنم كذلك وهكذا كل أمة من الأمم لها خلقتها، وميزتها   (1) سورة المؤمنون الآية 12 (2) سورة الأنعام الآية 38 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 التي أنشأها الله عليها سبحانه، وهو الحكيم العليم وهو أبصر بدقائق أمرها؛ ودقائق تكوينها هو أبصر بهذا سبحانه وتعالى، لكن يجب أن يؤمن العبد أن خلق آدم غير خلق القردة، وأن أصل آدم هو أصله الذي هو عليه الآن وليس أصله قردا ولا غيره؛ بل هو إنسان سوي على خلقته المشاهدة، فالقول إن أصله قرد قول منكر، قول باطل، بل لو قيل بكفر صاحبه لكان وجيها، فالأظهر والله أعلم أن من قاله مع علمه بما جاء به الشرع أنه يكون كافرا؛ لأنه مكذب لله ورسوله ومكذب لكتاب الله في خلق آدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 29 - ليس قبل آدم عليه السلام إنسان آخر س: الأخ م. م. ي. من الجمهورية العربية اليمنية لواء الجديدة يسأل ويقول: سمعت من بعض الناس أنه كان يوجد قبل آدم إنسان بدائي واختفى قبل ظهور آدم، فهل هذا صحيح؟ (1). ج: ليس لهذا أصل، بل هذا من الخرافات؛ ليس قبل آدم إنسان آخر.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (179). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 30 - الحكمة في اختلاف اللغات والألوان س: لماذا تعددت اللغات في العالم مع العلم أن جميع الأمم من أصل واحد هو أبونا آدم وأمنا حواء؟ (1). ج: الله أعلم سبحانه، ربك هو الحكيم العليم، ليس عندنا يقين بالحكمة في هذا، ولكننا نعلم أن ربنا حكيم عليم، يقول جل وعلا: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (2)، ويقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (3). فمن حكمته البالغة جعل اللغات متعددة، وجعل الناس ألوانا كذلك؛ كما قال عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} (4)، فقد يكون من الحكمة الدلالة على قدرة الله العظيمة، وأنه سبحانه قادر أن يجعل لهؤلاء لغة ولهؤلاء لغة، فإن هذا أبين في القدرة العظيمة، وقد يكون من الحكمة أشياء أخرى لا نعقلها ولا نفهمها ويفهمها غيرنا من أهل العلم، فالحاصل أن من أوضح الحكم في ذلك أنه سبحانه وتعالى قدير، ولهذا جعل لغات الناس متعددة، وأخبر أنها من آياته:   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (57). (2) سورة الأنعام الآية 83 (3) سورة النساء الآية 11 (4) سورة الروم الآية 22 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} (1) (2). كما جعلهم ألوانا فيهم الأحمر والأسود والأبيض وبين ذلك، وجعلهم أيضا مختلفين في الأحجام؛ هذا طويل وهذا قصير وهذا بين ذلك، وجعلهم مختلفين في الأخلاق والعقول، وهكذا مسألة اللغة كلها تدل على قدرته العظيمة وأنه يتصرف كما يشاء، سبحانه وتعالى، وقد تكون هناك حكم كثيرة لا نفهمها.   (1) سورة الروم الآية 22 (2) يعني: لغاتكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 31 - لا يعرف مكان نزول آدم عليه السلام ولا قبره س: هل صحيح أن آدم عليه السلام نزل في سيريلانكا، وخاصة في منطقة سرندبب، هل هذا صحيح أم لا؟ (1). ج: لا أصل لهذا ولا أساس لهذا، لا تعرف صحته ولا أصل له. فلا يعرف قبره ولا في أين نزل، ولا في أي بقعة أين دفن آدم عليه السلام، المقصود أن قبر آدم لا يعرف في أي بقعة من الأرض.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (198). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 32 - بيان ارتباط العقل بالروح س: نحن بنو البشر، نملك العقل والروح، والسؤال: هل عندما يفكر العقل في شيء، يمكن أن تعارضه الروح على هذا الشيء أو توافقه، أو هل هناك ارتباط بين العقل والروح، أم كلاهما يعملان باختلاف عن الآخر؟ (1). ج: العقل والنفس شيء واحد؛ لأن العقل إنما يفكر ينظر ويتأمل بواسطة النفس (الروح)، فإذا ذهبت الروح بطل كل شيء، فإذا كانت الروح فيه فكر بنفسه، الذي معه هي روحه يفكر بما أعطاه الله من العقل، والتمييز في الصالح والضار، والطيب والخبيث وهكذا، فهو يفكر بما أعطاه الله من العقل بواسطة الروح التي هي نفسه وحياته، فما زالت الروح موجودة أمكنه التفكير والنظر والإعداد لما يريد، والعزم على ما يريد، فإذا ذهبت الروح بطل التفكير.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (181). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 باب فيما يتحقق به الإسلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 باب فيما يتحقق به الإسلام 33 - بيان ما يتحقق به الإسلام س: كم هي شروط الإسلام؟ (1) ج: شروط الإسلام شرطان: الشرط الأول: الإخلاص لله، وأن تكون قاصدا بإسلامك ودخولك في دين الله وأعمالك وجه الله عز وجل، هذا لا بد منه؛ في كل عمل تعمله وكل عمل تعمله وليس لوجه الله سواء كان صلاة أو صدقة أو صياما أو غير هذا لا يكون لله، حتى الشهادتين لو فعلتهما رياء أو نفاقا لا تنفعك تكون من المنافقين. فلا بد أن تنوي بقولك: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله صدقا، من قلبك تؤمن بالله وحده وأنه المعبود بحق وأن محمدا رسول الله صادقا ورسول الله حقا وأنه خاتم الأنبياء، فإذا كان ذلك صدقا إخلاصا نفعك ذلك، وهكذا في صلاتك تعبد الله بها وحده، وهكذا صدقاتك، وهكذا قراءتك، تهليلك، صومك، حجك يكون لله وحده. الشرط الثاني: الموافقة للشريعة، لا بد أن تكون أعمالك موافقة   (1) السؤال الثالث عشر، من الشريط رقم (63). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 للشريعة، ما هو من عند رأيك ولا من اجتهادك، لا بد تتحرى موافقة الشريعة تصلي كما شرع الله، تصوم كما شرع الله، وتزكي كما شرع الله، وتجاهد كما شرع الله وتحج كما شرع الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» والله يقول في كتابه العظيم: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (2). يعيبهم الله بهذا، ويقول سبحانه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (3) {إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} (4). فالواجب اتباع الشريعة التي شرعها الله على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وعدم الخروج عنها في جميع العبادات التي قضى الله بها سبحانه وتعالى، هذه هي شروط الإسلام، شرطان: الأول: الإخلاص لله في العمل، والثاني: الموافقة للشريعة، هذا هو الذي به تنتفع بعباداتك، ويقبل الله منك عباداتك إذا كنت مسلما.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، برقم 24944. (2) سورة الشورى الآية 21 (3) سورة الجاثية الآية 18 (4) سورة الجاثية الآية 19 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 34 - حمل من أظهر الإسلام على ظاهره س: هل يحكم بالإسلام لمن أظهر شيئا من أمور الإسلام، أم يتوقف إلى أن تعرف عقيدته؟ (1). ج: الواجب هو الحكم بالإسلام لمن أظهر ما يدل على إسلامه؛ كالشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وكصلاته مع المسلمين، فإن هذا يدل على أنه مسلم حتى يتبين ما يخالف ذلك، فإذا تبين منه ما يخالف ذلك وجبت نصيحته، ووجب إرشاده ودلالته على ما قد يخفى عليه، فإن ظهر منه الردة عن الإسلام، وما يحكم به عليه بذلك فإن على ولي الأمر أن يستتيبه، فإن تاب وإلا وجب أن يقتل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (2)» رواه البخاري في صحيحه. والخلاصة أن الواجب حمل من أظهر الإسلام على الإسلام وتوجيهه إلى الخير وتعليمه ما جهل، وإرشاده إلى ما قد يخفى عليه حتى يتبين منه ما يدل على كفره وضلاله، فيعامل كما يعامل غيره من الكفرة المرتدين. نسأل الله السلامة والعافية.   (1) السؤال الثاني عشر، من الشريط رقم (155). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 35 - بيان ما يتم الدخول به في الإسلام س: فيه شيء يتردد بين أوساط الناس يقولون مثلا: الصلاة يشترط لها الإسلام، والحج أيضا يشترط له الإسلام، فإن الإنسان قد يكون مسلما ولو لم يأت ببقية أركان الإسلام. نريد تجلية هذا الموضوع. (1). ج: واضح أن المسلم من أتى بالشهادتين، متى أقر بالشهادتين ووحد الله عز وجل وصدق رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم دخل في الإسلام، ثم ينظر فإن صلى تم إسلامه، وإن لم يصل صار مرتدا، وهكذا لو أنكر الصلاة بعد ذلك صار مرتدا، أو أنكر الصيام قال: ليس واجب صيام رمضان صار مرتدا، أو قال: الزكاة ليست واجبة زكاة الإسلام ليست واجبة صار مرتدا، أو قال: الحج مع الاستطاعة غير واجب، صار مرتدا، أو استهزأ بالدين أو سب الرسول صار مرتدا. هذا ينبغي أن يكون واضحا، فهو إذا دخل في الإسلام بالشهادتين حكم له بالإسلام، ثم ينظر بعد ذلك في بقية الأمور فإذا استقام على الحق تم إسلامه، وإذا وجد منه ما ينقض الإسلام؛ من سب الدين، من تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، من جحد لما أوجب الله من صلاة أو صوم، من جحد لما حرم الله كما لو قال: الزنا حلال، يرتد عن الإسلام ولو صلى وصام، ولو قال أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. لو قال: إن الزنا حلال، وهو   (1) السؤال الحادي عشر، من الشريط رقم (26). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 يعلم بالأدلة التي تقيم عليه الحجة، أنه يكون كافرا كفرا أكبر أعوذ بالله. أو قال: الخمر حلال، وقد بين له الأدلة ووضحت له الأدلة ثم أصر يقول: الخمر حلال، يكون كافرا كفرا أكبر، وردة عن الإسلام نعوذ بالله. أو قال مثلا: إن العقوق، كونه يعق والديه حلال، يكون ردة عن الإسلام نعوذ بالله، أو قال إن شهادة الزور حلال، يكون ردة عن الإسلام بعد أن يبين له الأدلة الشرعية. كذلك إذا قال: الصلاة ليست واجبة، الزكاة ليست واجبة، صيام رمضان ليس واجبا، الحج مع الاستطاعة ليس واجبا، يكون ناقضا من نواقض الإسلام ويكون كافرا إنما الخلاف إذا قال: الصلاة واجبة، ولكن لا أصلي، هذا محل الخلاف، هل يكفر أو لا يكفر؟ هو يقول الصلاة واجبة، لكن أتساهل ما أصلي، فإن جمهور الفقهاء يقولون: لا يكفر ويكون عاصيا يستتاب فإن تاب وإلا قتل حدا. وذهب آخرون من أهل العلم وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم أنه يكفر بها كفرا أكبر، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا؛ لقول الله عز وجل: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (1)، فدل ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة لا يخلى سبيله، بل يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (2)، فدل ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة ولا يصلي ليس بأخ في الدين.   (1) سورة التوبة الآية 5 (2) سورة التوبة الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 36 - حكم تغيير الاسم والختان بعد الإسلام س: إذا أسلم الكافر هل يلزم تغيير اسمه، وإذا كان رجلا كبيرا ولم يطهر وهو صغير؛ لأنه كان كافرا ماذا يفعل به في هذه الحال؟ (1). ج: إذا كان اسمه ليس بحسن شرع له تغيير اسمه بعد الإسلام؛ ولأن تغييره أيضا يعطي انطباعا واضحا وظاهرا عن انتقاله للإسلام، وأنه انتقل إلى الإسلام؛ لأنه يسأل عن أسباب التغيير فيعرف الناس أنه أسلم، وأيضا في الغالب أن أسماءهم في الكفر قد لا تكون مناسبة، فتغير بأسماء إسلامية كصالح وأحمد وعبد الله وعبد الرحمن ومحمد ونحو ذلك، أما إذا كان اسمه معبدا لغير الله كعبد المسيح أو عبد الزهرة أو عبد موسى أو عبد عيسى هذا يجب تغييره، فلا يعبد إلا لله سبحانه وتعالى، فإذا كان اسمه معبدا لغير الله يجب أن يغير بعبد الله وبعبد الرحمن، ونحو ذلك، أما إذا كان ما عبد لغير الله ولكن أسماء معروفة عند الكفرة ومن عادات الكفرة فالأولى تغييرها والأفضل تغييرها بأسماه إسلامية. وأما الختان فالأفضل أن يختتن ولو كان كبيرا، لكن بواسطة، الطبيب الحاذق العارف، ينبغي له أن يختتن، وجمع من أهل العلم   (1) السؤال الخامس؛ من الشريط رقم (30). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 يقول: يجب عليه أن يختتن إذا كان ما فيه خطر، أما إن قال الطبيب: إن فيه خطرا - فيسقط، لكن إذا قال الطبيب: إن اختتانه لا بأس به، ولا حرج فيه، ولا خطر فيه - فإنه يختتن. هذا هو الذي ينبغي له. وهو سنة مؤكدة، أو واجب عند جمع من أهل العلم. فإذا تيسر له الختان، وهو كبير من غير خطر - هذا هو الأولى والأفضل والأحوط. أما إن كان فيه مشقة، وقال بعض الأطباء: إن فيه خطرا - فلا حاجة إلى ذلك، ويسقط. وإن كان تختينه يسبب تنفيره من الإسلام فلا يذكر، ولا يبين له ذلك. أو يترك؛ لأن دخوله في الإسلام نعمة عظيمة، ولو ما اختتن فلا ينبغي أن يعارض بشيء ينفره من الإسلام. لكن إذا دخل في الإسلام، واستقر في الإسلام - ينظر بعد ذلك إن تيسر اختتانه بدون مشقة، وبدون خطر فهذا أولى وأحوط، وإن لم يتيسر يترك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 باب ما جاء في الأسماء والصفات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 باب ما جاء في الأسماء والصفات 37 - فضل تعلم أسماء الله وصفاته س: هناك سؤال - سماحة الشيخ - الحقيقة يتعلق بالعقيدة من السائل ق. س. من محافظة حضرموت، يقول في هذا السؤال: هل تعلم صفات الله عز وجل واجب؟ أم مستحب؟ أم أنه سواء تعلم ذلك أم لم يتعلم هذه الصفات؟ وماذا تقولون في الذين يقولون بأن تعلم هذه الصفات لا ينبغي؛ لأنه يجعل الإنسان يدخل أو يوسوس له كلمة: كيف وماذا؟ وما الكتب التي تنصحوننا بتعلمها في هذا الباب مأجورين؟ (1). ج: تعلم أسماء الله وصفاته من القرآن العظيم والسنة المطهرة من أفضل القربات؛ لأن هذا يعين على تعظيم الله وتقديسه، وسؤاله بأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى، والله يقول: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2)   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (400). (2) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 دل على أنه يشرع أن نعرفها حتى ندعوه بها. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة (1)». دل على أنه وتر يحب الوتر، ودل على أنه ينبغي لأهل العلم ولأهل الإيمان تعلم أسماء الله وصفاته، حتى يسألوه بها، وحتى يثنوا عليه بها، وحتى يعملوا بمقتضاها، وتحصل لهم الجنة. هكذا ينبغي للمؤمن أن يعلم أن الله جل وعلا ذو الأسماء الحسنى، وأنه لا شبيه له، ولا كفو له ولا ند له. وأنه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، ولا يشبه الله بخلقه؛ لأنه سبحانه يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (2). وهو الرحمن رحمة لا كرحمتنا، وهو العلي علوا لا كعلونا، وهو المستوي على العرش لا كاستوائنا، رحيم لا كرحمتنا، يغضب لا كغضبنا، ويضحك لا كضحكنا، إلى غير هذا من صفاته سبحانه وتعالى. أما الكتب التي ننصح بقراءتها في هذا المجال فإن أعظم كتاب هو القرآن، ننصحك بالقرآن العظيم، ننصح جميع المسلمين بالعناية   (1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب إن لله مائة اسم إلا واحدا، برقم 7392. ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في أسماء الله تعالى، وفضل من أحصاها، برقم 2677. (2) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 بالقرآن، والإكثار من تلاوته؛ فهو كتاب الله، فيه الهدى والنور، كما قال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (1)، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (2)، وقال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (3)، وقال سبحانه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (4). فنوصي جميع المسلمين رجالا ونساء، نوصيهم بالقرآن، نوصيهم بالإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، وحفظه، أو ما تيسر منه؛ فهو كتاب الله، فيه الهدى والنور، فيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، فيه الدعوة إلى ما أوجب الله، وترك ما حرم الله. فيه قصص الأنبياء والمرسلين، فيه قصص الأخيار؛ حتى يتأسى بهم المؤمن، فيه قصص الأشرار؛ حتى تجتنب أعمالهم. ثم كتب الحديث الشريف، كالصحيحين: البخاري، ومسلم. والسنن الأربعة، لمن كان عنده علم يقرأ فيهما. وأما المبتدئ، طالب العلم المبتدئ - فنوصيه بمثل المختصرات التي يستطيع حفظها، مثل بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، ومثل كتاب التوحيد، وثلاثة الأصول، والأربع القواعد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. كشف الشبهات كذلك له رحمه الله. والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، وعمدة الحديث للشيخ   (1) سورة الإسراء الآية 9 (2) سورة فصلت الآية 44 (3) سورة ص الآية 29 (4) سورة محمد الآية 24 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 الحافظ عبد الغني المقدسي. هذه كتب ينبغي حفظها، تفيد وتنفع، من الكتب المهمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 38 - فضل حفظ أسماء الله الحسنى س: يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة وتسعين اسما، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة (1)» أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -. هل كل من حفظ أسماء الله يضمن دخوله الجنة؟ (2). ج: هذا من أحاديث الوعد، ومن أحاديث الفضائل، وفيه غيره من أحاديث الفضائل، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة (3)». وفيه لفظ آخر: «من حفظها دخل الجنة (4)» متفق على صحته. هذا فيه حث على العناية بأسماء الله، وتدبرها، وحفظها، وإحصائها، حتى يستفيد من هذه المعاني العظيمة، وحتى يكون هذا من أسباب الخشوع لله، وطاعته له، والقيام بحقه   (1) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، برقم 2736، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، برقم 2677. (2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (321). (3) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، برقم 2736، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، برقم 2677. (4) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب لله مائة اسم غير واحدا، برقم 6410. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 سبحانه وتعالى. ومن أسباب دخول الجنة لمن حفظها، وأدى حق الله، ولم يغش الكبائر. أما من غشي الكبائر من المعاصي فهو معرض لوعيد الله، وتحت مشيئة الله؛ إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة. لكن حفظ هذه الأسماء وإحصاؤها من أسباب دخول الجنة، لمن سلم من الموانع الأخرى؛ فإن دخول الجنة له أسباب، وله موانع كالإقامة على المعاصي من أسباب منع دخول الجنة، مع أول من دخلها، مع الداخلين أولا، فيعذب ثم بعد ما يطهر ويمحص إذا كان مات على المعاصي يدخل الجنة. وقد يعفو الله عنه، ويدخل من أول وهلة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - كفارات لما بينهن، ما لم تغش الكبائر (1)» يعني: كبائر الذنوب، وهي المعاصي التي فيها وعيد أو غضب أو لعن، مثل الزنى، ومثل شرب الخمر، ومثل عقوق الوالدين، أو أحدهما، ومثل أكل الربا، ومثل الغيبة، والنميمة، وأشباهها من المعاصي. هذه الأشياء خطيرة، وأمرها خطير، وصاحبها إذا مات عليها تحت مشيئة الله؛ إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة بتوحيده وإسلامه، وإن شاء عذبه على قدرها، ثم بعد ما يطهر ويمحص في النار يخرجه الله من النار إلى الجنة. وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كثيرا من   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، برقم 233. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 العصاة يدخلون النار بمعاصيهم، ويعذبون فيها على قدر معاصيهم. ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجهم الله من النار؛ بعضهم بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبعضهم بشفاعة غيره من الملائكة والأنبياء والأفراط، وبعضهم بمجرد عفو الله عنه؛ لقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1). هذه المعاصي تحت مشيئة معلقة؛ إن شاء الله عفا عنهم وأدخلهم الجنة، وإن شاء عذبهم على قدر معاصيهم، ثم يخرجون من النار بعد التطهير، ولا يخلدون، فيدخلون الجنة بعد ذلك. ولا يخلد في النار إلا صاحب الكفر بالله والشرك، فهم الذين يخلدون لا يغفر لهم. أما أهل المعاصي فمن دخل النار لا يخلد عند أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سار على مذهبهم الباطل، فإنهم يرون أن العصاة يخلدون في النار، فمذهبهم باطل. أما أهل السنة والجماعة فيقولون: العصاة تحت المشيئة إذا ماتوا على التوحيد والإسلام وعندهم معاص فهم تحت المشيئة إذا لم يتوبوا. . وفق الله الجميع. س: هل من حفظ الأسماء الحسنى دخل الجنة؟ (2) ج: جاء في الحديث الصحيح، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة   (1) سورة النساء الآية 48 (2) السؤال الثاني من الشريط رقم (241). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة (1)». وفي لفظ: «من حفظها دخل الجنة (2)»، ولم يبينها - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة. لكن لو وفق الإنسان فأحصاها وحفظها، وصادف أنها تسعة وتسعون - فهو موعود بهذا الخير. هذا من أحاديث الفضائل إن لم يمت على كبيرة من كبائر الذنوب، فالذي مات على كبيرة، والكبائر من أسباب حرمان دخول الجنة، من أسباب دخول النار، إلا أن يعفو الله عنه. والقاعدة الشرعية أن الآيات المطلقة والأحاديث المطلقة يجب أن تحمل على المقيدة وتفسر بها؛ لأن القرآن لا يتناقض، والسنة لا تتناقض. والأحاديث يصدق بعضها بعضا، والآيات يصدق بعضها بعضا، فوجب حمل المطلق من الآيات والأحاديث على المقيد، وتفسر بذلك، تفسير هذا بهذا. وقد قال الله سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (3). فاشترط في تكفير السيئات ودخول الجنة اجتناب الكبائر. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - كفارات لما بينهن، ما لم تؤت الكبائر (4)». فإذا حفظ الأسماء الحسنى التسعة والتسعين، وهو مقيم على الزنى أو الخمر - فهو معرض للوعيد. وهو على خطر من دخول النار، إلا أن يعفو الله عنه أو يتوب. لكن إن دخلها   (1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب إن لله مائة اسم إلا واحدا، برقم 7392. ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في أسماء الله تعالى، وفضل من أحصاها، برقم 2677. (2) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب لله مائة اسم غير واحدا، برقم 6410. (3) سورة النساء الآية 31 (4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، برقم 233. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 وهو موحد مسلم بسبب بعض الكبائر لا يخلد فيها، خلافا للخوارج والمعتزلة، بل يعذب على قدر الجريمة، ثم يخرجه الله من النار فضلا منه وإحسانا، ولا يخلد في النار إلا الكفار، الذين حكم عليهم القرآن بأنهم كفار أو السنة. أما العصاة فلا يخلدون إذا دخلوا النار كالزاني والسارق والعاق لوالديه، ونحو ذلك من أهل المعاصي لا يخلدون إذا دخلوا النار، إذا ماتوا عليها ولم يتوبوا، هم متوعدون بالنار. فإن عفا الله عنهم فهو أهل الجود والكرم سبحانه وتعالى، وإن لم يعف عنهم عذبهم على قدر الجريمة التي ماتوا عليها، ثم بعد ذلك يطهرون، ثم بعد ذلك يخرجون من النار. وقد أخبر النبي بهذا - عليه الصلاة والسلام - في أحاديث كثيرة متوافقة، أن العصاة يخرجون من النار، ويشفع فيهم - صلى الله عليه وسلم - عدة شفاعات، ويشفع الملائكة، ويشفع المؤمنون، ويشفع الأفراط. هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة، خلاف الخوارج والمعتزلة. ويدل على هذا قوله سبحانه في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1)، فجعل المعاصي تحت مشيئته سبحانه وتعالى، وجعل الشرك لا يغفر إذا مات عليه. من مات على الشرك فإنه لا يغفر، بل صاحبه مخلد في النار، نعوذ بالله! إذا مات عليه، وهو ليس من أهل الفترة، ولا من في حكمهم - فإنه يخلد في النار، نعوذ بالله! أما من مات على شيء من المعاصي، ولم يتب - فإنه تحت مشيئة الله سبحانه؛ إن شاء الله عفا عنه   (1) سورة النساء الآية 48 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 فضلا منه وإحسانا، وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي مات عليها. ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار، فضلا منه ورحمة سبحانه وتعالى، خلافا للخوارج والمعتزلة فإنهم يقولون بخلود العاصي في النار، وقولهم باطل عند أهل الحق. س: أسأل سماحتكم عن حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة». هل كلمة "أحصاها" الواردة في الحديث معناها حفظها؟ أم قراءتها فقط؟ وجهوني، جزاكم الله خيرا! (1). ج: هذا الحديث مخرج في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وله لفظان: أحدهما: " أحصاها "، واللفظ الثاني: «من حفظها دخل الجنة (2)». معنى " أحصاها " أي حفظها وأتقنها دخل الجنة. وإحصاؤها يكون بحفظها، ويكون بالعمل بمقتضاها. أما لو أحصاها، وما عمل بمقتضاها، ولا يؤمن بهاء - فإنها لا تنفعه، فالإحصاء يدخل فيه حفظها، ويدخل فيه العمل بمعناها. فالواجب على من وفقه الله لإحصائها وحفظها أن يعمل بمقتضاها، فيكون رحيما، ويكون أيضا عاملا بمقتضى بقية الأسماء. يؤمن بأن الله عزيز حكيم، رءوف رحيم، قدير عالم بكل شيء. يؤمن بذلك، ثم يراقب الله، ويخاف الله، فلا يصر على المعاصي التي يعلمها   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (289). (2) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب لله مائة اسم غير واحدا، برقم 6410. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 ربه، بل يحذر المعاصي، ويبتعد عنها وعن الكفر بالله كله بأنواعه، إلى غير ذلك. فهو يجتهد في حفظها مع العمل بمقتضاها، مع الإيمان بالله ورسوله، وإثبات الصفات والأسماء لله، على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. يعلم أنها حق، وأنها صفات لله وأسماء لله، وأنه سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. لا شبيه له ولا مثل له، كما قال عز وجل في كتابه العظيم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4). يؤمن بهذا، وأنه صمد لا شبيه له، تصمد إليه الخلائق، وتحتاج إليه سبحانه وتعالى. هو الكامل في كل شيء، وأنه لم يلد ولم يولد، وأنه لا كفو له، لا في صفاته ولا في أفعاله. ليس له كفء ولا مثل ولا سمي، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (5) وقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (6)، وقال: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (7). فهو سبحانه لا سمي له ولا شبه له، ولا كفو له ولا ند له، هو الكامل في كل شيء سبحانه في علمه وفي ذاته، وفي حكمته وفي رحمته وفي عزته وفي قدرته. وفي جميع صفاته سبحانه وتعالى، فمن أحصاها علما وعملا وحفظها علما وعملا أدخله   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 2 (3) سورة الإخلاص الآية 3 (4) سورة الإخلاص الآية 4 (5) سورة الشورى الآية 11 (6) سورة مريم الآية 65 (7) سورة النحل الآية 74 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 الله الجنة. أما إذا أحصاها وحفظها، لكن قد أقام على المعاصي والسيئات - فهو تحت مشيئة الله؛ إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه بمعاصيه. ثم بعد تطهيره من المعاصي يخرجه الله من النار إلى الجنة، إذا كان مات على التوحيد والإسلام، كما قال الله سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (1). والكبائر تشمل الشرك وأنواع الكفر، وتشمل المعاصي التي حرم الله وجاء فيها اللعن، والغضب والوعيد من الكبائر. فعلى العبد من العباد الرجال والنساء أن يجتنبوها؛ ولهذا قال سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (2) يعني الصغائر {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (3). ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر (4)» وفي لفظ: «ما لم تغش الكبائر (5)»، كالزنى والسرقة وعقوق الوالدين أو أحدهما، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، والغيبة والنميمة، والتولي يوم الزحف، والسحر، إلى غيرها مما حرمه الله من الكبائر.   (1) سورة النساء الآية 31 (2) سورة النساء الآية 31 (3) سورة النساء الآية 31 (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 8498. (5) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم 233. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 والمقصود أن إحصاء الأسماء الحسنى وحفظها من أسباب السعادة، ومن أسباب دخول الجنة لمن أدى حقها، واستقام على طاعة الله ورسوله، ولم يصر على الكبائر. س: سائل من سوريا يقول: كيف أفرق بين الأسماء والصفات، جزاكم الله خيرا؟ (1). ج: الأسماء واضحة إذا كان المقصود أسماء الله وصفاته؛ لأن السؤال مجمل، فأسماء الله ما سمى به نفسه كالعزيز والحكيم والقدير والسميع والبصير، هذه يقال لها أسماء. والصفات: السمع، البصر، العلم، القدرة، وما أشبه ذلك. هذا الفرق بينهما.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (411). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 39 - أسماء الله تعالى كلها حسنى س: ماذا يجب على المؤمن أن يعتقده في صفات الله سبحانه وتعالى، حتى يكون سليم الاعتقاد، كما كان عليه سلفنا الصالح؟ (1)   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (346). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 ج: الواجب على المؤمن أن يعتقد أن الله سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال، وأن أسماءه كلها حسنى كما قال عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (1). . وهكذا يعتقد أنها كاملة، وأنه لا شبيه له، ولا مثيل له، ولا نقص فيها بوجه من الوجوه؛ لقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (2)، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3)، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (4)، {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} (5). . هذا هو الواجب على كل مؤمن ومؤمنة، أن يعتقد أن الله جل وعلا، له الأسماء الحسنى الكاملة وله الصفات الكاملة، التي ليس فيها نقص ولا عيب، ولا خلل. الرضا والغضب والرحمة والإحسان، والجود والكرم والعزة. وكونه مستحق العبادة، وكونه الحكيم، وكونه العليم، إلى غير هذا. هذه الصفات كاملة يوصف بها على أنها كاملة، من كل الوجوه، ويسمى بها. العليم الحكيم، القدير على ما سمى بها نفسه، سبحانه وتعالى! فهو سبحانه له الأسماء الحسنى كما سمى نفسه، وله معانيها العظيمة، كل معانيها كاملة، ليس له نظير ولا شبيه، ولا مثيل. له الأسماء الحسنى، وله المثل الأعلى في جميع الصفات، سبحانه وتعالى.   (1) سورة الأعراف الآية 180 (2) سورة الإخلاص الآية 4 (3) سورة الشورى الآية 11 (4) سورة مريم الآية 65 (5) سورة البقرة الآية 22 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 40 - بيان عقيدة الصحابة في الأسماء والصفات س: سماحة الشيخ بينوا لنا كيف كانت عقيدة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفات الله سبحانه وتعالى، وفي توحيد الله، وفي القرآن، وفي البعث والجزاء؟ جزاكم الله خيرا؟ (1). ج: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه! أما بعد: هذا سؤال عظيم جدير بالعناية. عقيدة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أسماء الله وصفاته، وفي البعث والنشور، وفي غير ذلك - هي ما دل عليه القرآن العظيم والسنة المطهرة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهم - رضي الله عنهم - تلقوا عن نبيهم العقيدة التي دل عليها القرآن العظيم، وهي الإيمان بالله أنه ربهم ومعبودهم الحق سبحانه وتعالى الذي لا تجب العبادة إلا له سبحانه وتعالى. هو الذي يصلى له، ويدعى ويستغاث به، وينذر له، ويصلى له ويسجد ويذبح له، إلى غير ذلك، العبادة حقه سبحانه وتعالى. فعقيدتهم أن العبادة حق الله وحده، وأنه لا يصرف منها شيء إلى غير الله، لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل. وقد كانوا في الجاهلية يعبدون الأصنام، ويدعونها ويستغيثون بها، والأشجار والأحجار. فلما بعث الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - هداهم للإسلام وعرفوا أن ما هم عليه هو الباطل، وأنه الشرك الأكبر، وأن العبادات كلها يجب أن تكون لله وحده.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (380) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 وعقيدتهم في أسماء الله وصفاته الإيمان بها، وإمرارها كما جاءت وعدم التكييف والتمثيل، فهم يؤمنون بأن الله هو السميع البصير، الحكيم العليم، الرحمن الرحيم، وأنه على العرش استوى فوق جميع الخلق، وأنه العلي العظيم سبحانه وتعالى. وأنه الحي القيوم، وأنه المتصرف في عباده كيف يشاء، مدبر الأمور وخالق الخلق، ورازق العباد. لا شبيه له ولا مثل له ولا كفء له {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4)، ويقول سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (5). فهذه عقيدة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أسماء الله وصفاته، يؤمنون بأنه سبحانه فوق العرش فوق جميع الخلق، وأنه العلي العظيم، وأن الأعمال الصالحة ترفع إليه، كما قال جل وعلا: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (6)، وقال جل وعلا: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (7). والعروج: الصعود من أسفل إلى أعلى. وقال جل وعلا: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (8)، وقال: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (9). .   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 2 (3) سورة الإخلاص الآية 3 (4) سورة الإخلاص الآية 4 (5) سورة الشورى الآية 11 (6) سورة فاطر الآية 10 (7) سورة المعارج الآية 4 (8) سورة غافر الآية 12 (9) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وقال سبحانه في حق عيسى عليه السلام: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} (1)، وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (2). . فهو فوق العرش، فوق جميع الخلق، فهو العلي الأعلى، هو ذو العرش، كما قال تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} (3). فهو فوق العرش، فوق جميع الخلق، قد استوى عليه. والاستواء هو العلو والارتفاع فوق العرش، استواء يليق بجلال الله، لا يشابه خلقه في استوائهم، ولا في كلامهم، ولا في غير ذلك، فهو سبحانه وتعالى العلي الأعلى، فوق العرش بلا كيف. أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي وأتباعهم - لا يكيفون، لا يقولون: استوى، كيف استوى؟ بل يقولون: استوى على العرش بلا كيف، على الكيف الذي يعلمه سبحانه، لا نعلم كيفية صفاته جل وعلا، بل نقول: استوى بلا كيف، وهو الرحمن الرحيم، وهو العزيز الحكيم، وهو السميع البصير، بلا كيف. لكن نعلم يقينا أن صفاته كاملة، وأنه لا شبيه له ولا مثل له، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4)، فلا يجوز لأحد أن يكيفها ولا أن يمثلها، فالمشبهة كفار، من شبه الله بخلقه فقد كفر، وكذب قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (5) ومن عطل صفاته وأنكرها كالجهمية كفر، أو عطل معانيها كالمعتزلة كفر. فالواجب إثبات أسمائه وصفاته لفظها ومعناها، يجب   (1) سورة آل عمران الآية 55 (2) سورة النساء الآية 158 (3) سورة غافر الآية 15 (4) سورة الشورى الآية 11 (5) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 إثبات الأسماء والصفات لفظا ومعنى لله عز وجل، فهو موصوف بها. وهو سبحانه وتعالى له معناها، فهو العلي له العلو، رحمن له الرحمة، سميع يسمع، بصير يبصر، إلى غير ذلك. كله حق، على وجه لا شبيه له في ذلك، ولا كفء له، ولا ند له سبحانه وتعالى. وكلام الله منزل غير مخلوق، تكلم بالقرآن، وكلامه منزل غير مخلوق، وهكذا كلم موسى، كلم محمدا - صلى الله عليه وسلم -. يكلم الملائكة، كلامه حق. يسمع، ليس كمثله شيء. كلامه نقول فيه كسائر الصفات: كلام صحيح حقيقي، لا يشبه كلام المخلوقين، صفة من صفاته كالسمع والبصر، والرضا والغضب والرحمة، وغير ذلك من صفاته جل وعلا. فالواجب على جميع المكلفين الإيمان بأسمائه وصفاته، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ومن دون زيادة أو نقص، بل يجب إثبات ما أثبته الله ورسوله، ونفي ما نفاه الله ورسوله. هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وعقيدة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. وأما الذين غيروا وبدلوا فليسوا من الصحابة في شيء، وليسوا من أهل السنة في شيء كالجهمية والمعتزلة والرافضة وغيرهم. أهل السنة والجماعة يؤمنون بالله سبحانه وتعالى، واحد لا شريك له، ويعتقدون معنى قول: لا إله إلا الله، وأن معناها لا معبود حق إلا الله، فهم يؤمنون بأنه سبحانه المعبود الحق، وأنه لا إله غيره، ولا شريك له، ويؤمنون بأنه سبحانه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلا، وأن أسماءه كلها حسنى، وأن صفاته كلها علا. لا يشبهه شيء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 من خلقه سبحانه وتعالى في شيء من صفاته، والواجب على جميع المكلفين الإيمان بذلك، والسير على منهج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. وهو توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بأنه يستحق العبادة والإيمان بأسمائه وصفاته، وأنها حق، وأنه سبحانه لا شبيه له، ولا مثل له ولا كفء له. ولا يقاس بخلقه عز وجل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1)، سبحانه وتعالى، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (2)، {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (3). . هذا هو دين الله، هذا هو الحق الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام.   (1) سورة الشورى الآية 11 (2) سورة الإخلاص الآية 4 (3) سورة النحل الآية 74 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 41 - مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته س: مجموعة من طلاب العلم بعثوا بهذا السؤال يقولون: نود من سماحة الشيخ أن يتحدث عن مذهب أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات؛ لأننا اختلفنا كثيرا مع الإخوان في ذلك حول هذا الموضوع، وجهونا سماحة الشيخ. (1) ج: مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته أنهم   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (399) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 يؤمنون بها، ويثبتونها كما جاءت في القرآن والسنة، ويمرونها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. هكذا قول أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن سلك سبيلهم. يؤمنون بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن الكريم أو في السنة الصحيحة، ويثبتونها لله على وجه لائق بالله، من غير تحريف لها، ومن غير تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل. يعني لا يحرفونها ويغيرونها، ولا يعطلونها كما تفعل الجهمية والمعتزلة، ولا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، ولا يكيفون. ويقولون: كيفيتها كذا، كيفيتها كذا، لا، بل يمرونها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، مثل الرحمن، نقول: هو موصوف بالرحمة على وجه لائق بالله، ليست مثل رحمة المخلوقين، ولا نعلم كيفيتها، ولا نزيد ولا ننقص. وهكذا نقول: إنه موصوف بالاستواء {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1). . أما كيف استوى، الله أعلم. ولا نقول كما تقول الجهمية: إنه استولى. لا، نحن نقول: استوى، يعني ارتفع وعلا فوق العرش، الاستواء هو العلو والارتفاع، لكن على وجه لائق بالله، لا يشابه استواء المخلوقين على دوابهم أو في سطوحهم. لا، استواء يليق به ويناسبه، لا يماثل صفات المخلوقين، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى. كذلك كونه يغضب، هو يغضب جل وعلا على من عصاه وخالف أمره، لكن ليس   (1) سورة طه الآية 5 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 مثل غضبنا، ولا نكيف ونقول: كيفيته كذا وكذا. لا، نقول: يغضب غضبا يليق بجلاله، لا يشابه صفات المخلوقين، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1)، وقال تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (2)، وقال تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} (3)، يعني أشباها ونظراء. وهكذا نقول: إنه يعطي ويمنع، وإنه يحب وإنه يكره، لكن على وجه لائق بالله، لا يشابه صفات المخلوقين في محبتهم وكراهيتهم وبغضهم وسخطهم. لا، صفاته تليق به. وهكذا نقول: له وجه، وله يد، وله قدم وسمع، وله بصر. لكن ليس مثل أسماعنا، ولا مثل أبصارنا، ولا مثل أيدينا، ولا مثل وجوهنا. وجه يليق بالله، يد تليق بالله، سمع يليق بالله، عين تليق بالله. لا يشابه الخلق في شيء من صفاته جل وعلا، كما قال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4). . وقد أخبر عن نفسه أنه سميع بصير، وأنه عزيز حكيم، بل يداه مبسوطتان. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال جهنم يلقى فيها، وهي تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع الجبار فيها قدمه، فيلتوي بعضها إلى بعض، ثم تقول: قط قط (5)»، يعني حسبي حسبي.   (1) سورة الشورى الآية 11 (2) سورة الإخلاص الآية 4 (3) سورة البقرة الآية 22 (4) سورة الشورى الآية 11 (5) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: [وهو العزيز الحكيم] برقم 7384، ومسلم في كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، برقم 2848. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 وهكذا بقية الصفات نمرها كما جاءت مع الإيمان بها، وإثباتها لله على وجه لائق بالله، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. نقول: إنها ثابتة، وإنها حق. ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه، كما قال جل وعلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1). . ولما سئل مالك بن أنس - رحمه الله - عن الاستواء، قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن ذلك بدعة (2)، يعني عن الكيفية. وهكذا قال سفيان الثوري وابن معين والأوزاعي والإمام أحمد بن حنبل والإمام إسحاق بن راهوية، وغيرهم من أئمة السلف. وهكذا الصحابة والتابعون على هذا الطريق، لا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، ولا يكيفونها ولا يقولون: كيف كيف، بل يقولون: نثبتها لله، على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل نقول كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3). .   (1) سورة الشورى الآية 11 (2) الأسماء والصفات للبيهقي ج 2 ص 410 برقم 836، الاعتقاد للبيهقي ج 1 ص 67، برقم 55 (3) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 س: السائل من جمهورية مصر العربية، يقول: ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات؟ وما الفرق بين الأسماء والصفات؟ (1). ج: مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته هو إثباتها وإمرارها كما جاءت على وجه لائق بالله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل؛ عملا بقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (2)، وقوله سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (3). . فقد سمى نفسه بأسماء، ووصف نفسه بصفات، فالواجب إثباتها وإمرارها كما جاءت. الرحيم، والعزيز، والقدير، والسميع، والبصير، والرءوف، والغفور، والعليم، إلى غير ذلك. يجب إثباتها لله، على وجه لائق بالله، من غير تحريف للفظها، ولا تعطيل لمعناها، ولا تكييف. ما يقول: كيفيتها كذا، أو كيفيتها كذا، ولا إنها مثل كذا، ولا مثل كذا، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4). . وقال رجل للإمام مالك بن أنس رحمه الله: يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ فقال   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (412) (2) سورة الشورى الآية 11 (3) سورة الأعراف الآية 180 (4) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 رحمه الله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن ذلك بدعة. وهكذا جاء هذا المعنى عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك، وجاء معناه عن أم سلمة رضي الله عنها: معنى: الاستواء معلوم. يعني معروفا معناه، أنه العلو فوق العرش. هذا الاستواء، كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1). . وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (2). في سبعة مواضع من القرآن، صرح فيها سبحانه أنه استوى على العرش، يعني ارتفع عليه، وعلا عليه جل وعلا. استواء يليق بجلاله، لا يشابه خلقه في استوائهم، ولا يكيف، ما يقال: كيفيته كذا، كيفيته كذا، بل يقال: الله أعلم بالكيفية، الاستواء حق ومعلوم، وهو العلو فوق العرش، أما الكيفية فلا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى. وهكذا قال جميع أهل السنة من الصحابة، ومن بعدهم، كلهم يقولون هذا المعنى. فالاستواء والرحمة والعلم والقدرة كلها معلومة، أما الكيف غير معلوم، والإيمان بهذا واجب. نؤمن بأن الله سميع، عليم، حكيم، رءوف، رحيم، قدير، بصير، لطيف، إلى غير ذلك من أسمائه، ولكن لا نكيفها، بل نقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3). .   (1) سورة طه الآية 5 (2) سورة الأعراف الآية 54 (3) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 معناها حق، والرحمن اسم والرحمة صفة، والعليم اسم والعلم صفة، والقدير اسم والقدرة صفة. هذا هو الفرق بينهما، فتقول: اللهم، إني أسألك بقدرتك، أسألك بعلمك كذا وكذا، هذه صفة. اللهم، إني أسألك بأنك العليم، بأنك الرحمن - توسل بالأسماء، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1). . والصفة هي المعنى، والاسم هو اللفظ المشتمل على الذات والمعنى، يقال له: اسم. أما المعنى فقط يقال له: وصف. الرحمن هذا يسمى علما اسما؛ لأنه دال على الذات وعلى الصفة، وهي الرحمة. العليم اسم؛ لأنه دال على الذات وعلى العلم، السميع اسم؛ لأنه دال على الذات وعلى السمع، البصير اسم دال على الذات والبصر. هذه يقال لها: أسماء. أما الصفات فالعلم صفة، والرحمة صفة، والقدرة صفة، السمع صفة. وهكذا يجب إمرار الجميع كما جاءت، وإثباتها لله، كما قال أهل السنة والجماعة على الوجه اللائق بالله سبحانه، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل. صفات الله تليق به، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، كما قال سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (2)، وقال: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (3). وقال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4)، سبحانه وتعالى.   (1) سورة الأعراف الآية 180 (2) سورة الإخلاص الآية 4 (3) سورة النحل الآية 74 (4) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 42 - بيان الكلام في أفعال الله وصفاته س: السائل من تشاد، يقول: هل أفعال الله عز وجل قديمة؟ أم حادثة؟ وكيف نوفق بين ذلك؟ جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء (1). ج: أفعال الله سبحانه جل وعلا أصلها قديم، وأنواعها تحدث شيئا بعد شيء، فهو الخلاق لم يزل خلاقا، سبحانه وتعالى. لم يزل فعالا لما يريد سبحانه وتعالى، لكن أفعاله تتجدد بحسب حال الواقع. فخلق آدم وقع بعد أن كان عدما، وهكذا خلق الملائكة، وهكذا خلق السماوات، وهكذا خلق الأرض، وهكذا خلق شيء بعد ذلك. وهكذا رضاه عمن مضى، ورضاه عمن يأتي من المؤمنين، وغضبه على من مضى، وغضبه على من يأتي من الكفار، وهكذا. سبحانه وتعالى، فجنس أفعاله وصفاته قديمة. والصفات قسمان: قسم ذاتي، كعلمه وسمعه وبصره. فهذا لم يزل سبحانه سميعا بصيرا عليما قادرا على كل شيء، جل وعلا. وأفعال متعددة تتعلق بالمخلوقين، تتجدد بفعل المخلوقين. فخلق السماوات وخلق الأرض وقع بعد أن كانت عدما، وخلق آدم وقع بعد أن كان عدما. وهكذا خلق الجنة والنار، وهكذا غير ذلك. كلها تقع شيئا بعد شيء، وهو سبحانه موصوف بأنه الخلاق القادر على كل شيء، ولكنه يفعل ما يشاء، كما قال تعالى:   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (417) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} (1) {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} (2) {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} (3) {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} (4) {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} (5)، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} (6)، فهو سبحانه يفعل ما يشاء قديما وحديثا جل وعلا، لم يزل خلاقا، لم يزل قادرا، لم يزل عالما، لم يزل حيا، قيوما سميعا بصيرا، إلى غير هذا سبحانه وتعالى.   (1) سورة البروج الآية 12 (2) سورة البروج الآية 13 (3) سورة البروج الآية 14 (4) سورة البروج الآية 15 (5) سورة البروج الآية 16 (6) سورة الحج الآية 18 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 43 - وجوب الإيمان باستواء الله تعالى على العرش س: سألني أخ مسلم أين الله؟ فقلت له: في السماء. فقال لي: فما رأيك في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} (1).؟ وذكر آيات كثيرة، ثم قال: لو زعمنا أن الله في السماء لحددنا جهة معينة، فما رأي سماحتكم في ذلك؟ وهل هذه الأسئلة من الأمور التي نهينا عن السؤال عنها؟ (2)؟ ج: قد أصبت في جوابك، وهذا الجواب الذي أجبت به هو الذي أجاب به النبي - صلى الله عليه وسلم - فالله جل وعلا في السماء، في العلو سبحانه   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (118) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وتعالى كما قال سبحانه وتعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (1) {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (2)، وقال جل وعلا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (3). . وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (4). . فهو سبحانه وتعالى فوق العرش في جهة العلو، فوق جميع الخلق عند جميع أهل العلم من أهل السنة. قد أجمع أهل السنة والجماعة - رحمة الله عليهم - على أن الله في السماء فوق العرش، فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى. وهذا هو المنقول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه رضي الله عنهم، وعن أتباعهم بإحسان. كما أنه موجود في كتاب الله القرآن. وقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - جارية جاء بها سيدها ليعتقها، «فقال لها الرسول: " أين الله "؟ قالت: في السماء، قال: "من أنا"؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة (5)» رواه مسلم في الصحيح. فالرسول أقر هذه الجارية في الجواب الذي قلته أنت، «قال لها: " أين الله "؟ قالت: في السماء. قال: " من أنا "؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة». وما ذاك إلا لأن إيمانها بأن   (1) سورة الملك الآية 16 (2) سورة الملك الآية 17 (3) سورة طه الآية 5 (4) سورة الأعراف الآية 54 (5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، برقم 537. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 الله في السماء يدل على إخلاصها لله، وتوحيدها لله، وأنها مؤمنة به سبحانه وبعلوه، فوق جميع خلقه وبرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث قالت: أنت رسول الله. أما قوله جل وعلا: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} (1). فهذا لا ينافي ذلك، الكرسي فوق السماوات، والعرش فوق الكرسي، والله فوق العرش، فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى. وتحديد الجهة لا مانع منه، جهة العلو؛ لأن الله في العلو، وإنما يشبه بهذا بعض المتكلمين، وبعض المبتدعة ويقولون: ليس في جهة. وهذا كلام فيه تفصيل، فإن أرادوا ليس في جهة مخلوقة، وأنه ليس في داخل السماوات، وليس في داخل الأرض ونحوها - فهذا صحيح. أما إن أرادوا أنه ليس في العلو فهذا باطل، وخلاف ما دل عليه كتاب الله، وما دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وما دل عليه إجماع سلف الأمة، فقد أجمع علماء الإسلام أن الله في السماء، فوق العرش، فوق جميع الخلق، والجهة التي هو فيها هي جهة العلو، وهي ما فوق جميع الخلق. وهذه الأسئلة ليست بدعة، ولم ينه عنها، بل هذه الأسئلة مأمور بها، يعلمها الناس كما سأل عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أين الله؟ " وسأله رجل، فقال: أين ربنا؟ فأخبره أنه في العلو سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى في العلو في جهة العلو، فوق السماوات، فوق العرش، فوق   (1) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 جميع الخلق، وليس في الأرض ولا في داخل الأرض، ولا في داخل السماوات، ومن قال: إن الله في الأرض، إن الله في كل مكان كالجهمية والمعتزلة ونحوهم فهو كافر عند أهل السنة والجماعة؛ لأنه مكذب لله ولرسوله، في إخبارهما بأن الله سبحانه في السماء فوق العرش جل وعلا، فلا بد من الإيمان بالله، فوق العرش فوق جميع الخلق، وأنه في السماء في العلو معنى السماء يعني العلو، فالسماء يطلق على معنيين أحدهما: السماوات المبنية، يقال لها: سماء، والثاني العلو يقال له: سماء فالله سبحانه في العلو في جهة العلو، فوق جميع الخلق، وإذا أريد السماء المبنية معناه عليها (في) يعني على، على السماء وفوقها كما قال الله سبحانه: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} (1)، يعني: عليها، وكما قال الله عز وجل عن فرعون إنه قال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} (2)، يعني على جذوع النخل فلا منافاة بين قول من قال: في السماء، وبين قول من قال: إنه في العلو؛ لأن السماء المراد بها العلو، فالله في العلو فوق السماوات فوق جميع الخلق وفوق العرش سبحانه وتعالى، ومن قال: إنه علا يعني فوق السماوات المبنية، ولا شك أنه فوقها فوق العرش فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى. فأنت على عقيدة صالحة وأبشر بالخير والحمد لله الذي هداك لذلك، ولا تلتفت لأقوال المشبهين والملبسين؛ فإنهم في ضلال وأنت   (1) سورة التوبة الآية 2 (2) سورة طه الآية 71 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 الحمد لله ومن معك على هذه العقيدة، أنتم على الحق في إيمانكم بأن الله في السماء فوق العرش فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، وعلمه في كل مكان جل وعلا، ولا يشابه الخلق في شيء من صفاته سبحانه وتعالى، وليس في حاجة إلى العرش، ولا إلى السماء بل هو غني عن كل شيء سبحانه وتعالى، والسماوات مفتقرة إليه والعرش مفتقر إليه، وهو الذي أقام العرش، وهو الذي أقام الكرسي، وهو الذي أقام السماوات وهو الذي أمسكها سبحانه وتعالى كما قال عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} (1)، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} (2)، فالله الذي أمسك السماوات وأمسك العرش، وأمسك هذه المخلوقات، فلولا إمساكه لها وإقامته لها لاندك بعضها على بعض، ولكنه جل وعلا هو الذي أقامها وأمسكها حتى يأتي أمر القيامة إذا جاء يوم القيامة صار لها حال أخرى، فهو سبحانه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم وهو العالي فوق جميع خلقه، وصفاته كلها علا، وأسماؤه كلها حسنى. فالواجب على أهل العلم والإيمان أن يصفوا الله سبحانه بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله عليه الصلاة والسلام من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تمثيل بل مع الإيمان بأنه سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.   (1) سورة الروم الآية 25 (2) سورة فاطر الآية 41 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 س: تسأل أم مجاهد سودانية تقول: قال زوجي في إحدى خطب الجمعة: إن الله في السماء مستو على العرش، بائن من خلقه وهو فوق السماء السابعة، فذهب أحد الناس يستنكر عليه وشنع به، ونطلب من سماحتكم القول الواضح في هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: قد أحسن زوجك فيما قال، وأصاب الحق فيما قال، والله سبحانه وتعالى فوق العرش، فوق جميع السماوات، فوق جميع الخلق؛ كما قال عز وجل: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (2). والاستواء معناه: العلو والارتفاع، يعني ثم علا على العرش وارتفع عليه سبحانه وتعالى. فهو فوق العرش وعلمه في كل مكان عند أهل السنة والجماعة، وهذا هو الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وعلى رأسهم نبينا وإمامنا محمد عليه الصلاة والسلام، وهو قول أصحاب النبي جميعا رضي الله عنهم، كلهم درجوا على أن الله في العلو، فوق العرش فوق جميع الخلق، وعلمه في كل مكان سبحانه وتعالى؛ كما قال جل وعلا: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (3). وقوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (4). فله العلو الكامل   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (104). (2) سورة الأعراف الآية 54 (3) سورة غافر الآية 12 (4) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 سبحانه وتعالى من جميع الوجوه: علو الذات، وعلو القدر والشرف، وعلو السلطان والقهر سبحانه وتعالى، وهو فوق العرش، فوق جميع الخلق، استوى على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته؛ كما قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1). قال هذا في سبعة مواضع من كتابه العظيم. فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الإيمان بذلك، والإمرار للصفات كما جاءت بغير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وإنكار الاستواء من مذهب الجهمية، مذهب أهل البدع، فالواجب على أهل الإسلام ذكورا وإناثا أن يؤمنوا بذلك؛ كما جاء في القرآن العظيم، وأن يسيروا على نهج أهل السنة في إثبات علو الله فوق جميع الخلق، فوق السماء السابعة، فوق جميع الخلق، فوق العرش؛ فإن العرش فوق الكرسي، ثم هناك بعد الكرسي بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين السماء والأرض، فالعرش فوق الكرسي وفوق الماء، والعرش هو سقف المخلوقات. وهو أعلاها والله فوق العرش سبحانه وتعالى، فوق جميع الخلق جل وعلا، ولهذا قال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (2)، وقال عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (3)   (1) سورة طه الآية 5 (2) سورة الأعراف الآية 54 (3) سورة طه الآية 5 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} (1). في آيات سبع، كلها دالة على علوه وفوقيته واستوائه على العرش سبحانه وتعالى، فالذي أنكر على زوجك هو الذي أخطأ وغلط ووافق أهل البدع، وخالف أهل السنة، وأما زوجك في إخباره بأن الله فوق العرش فوق السماء، فوق جميع الخلق فقد أصاب، ووافق أهل السنة ووافق الكتاب والسنة، وخالف أهل البدع، فنسأل الله لنا ولكم ولزوجك ولجميع المسلمين التوفيق والهداية، والاستقامة على الحق.   (1) سورة الفرقان الآية 59 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 44 - معنى عرش الرحمن س: ما المقصود بعرش الرحمن؟ (1). ج: العرش عند أهل العلم وفي اللغة العربية هو السرير العظيم، سرير الملك والمراد بعرش الرحمن سرير عظيم هو أعظم المخلوقات، له قوائم وله حملة من الملائكة يحملونه، والله فوق العرش سبحانه وتعالى كما قال عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (2)، وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (3)   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (140). (2) سورة طه الآية 5 (3) سورة الأعراف الآية 54 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 ، فهو سرير عظيم ومخلوق عظيم لا يعلم مدى عظمته وسعته إلا الذي خلقه سبحانه وتعالى، وهو كالقبة على العالم، هو سقف العالم كله، وهو سقف الجنة أيضا وليس فوقه شيء سوى الله سبحانه وتعالى، هذا هو العرش السرير العظيم الذي تعرفه العرب، كما قال الله سبحانه في قصة بلقيس: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} (1)، فكراسي الملوك يقال لها عروش، لكن عرش الله سبحانه لا يشابهه شيء من عروش المخلوقين، ولكنه في الجملة يعرف من حيث اللغة، وهو سرير عظيم لا يعلم سعته وعظمته وكنهه ومادته إلا الذي خلقه سبحانه وتعالى، إلا إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء بذلك، إذا صح عن رسول الله شيء من كنهه فذلك مقدر، ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق، لأنه لا ينطق عن الهوى، ولا أعلم شيئا صحيحا معتمدا يبين مادة هذا العرش، لكنه عرش عظيم ومخلوق عظيم له حملة من الملائكة، كما قال الله جل وعلا: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} (2)، يوم القيامة. والمشهور أنه في الدنيا يحمله أربعة، كما قال أمية بن أبي الصلت في شعره المعروف الذي أنشده فأقره النبي صلى الله عليه وسلم: رجل وثور تحتمي بيمينه ... والنسر للأخرى وليث مرصد يعني أربعة أملاك في صور ما ذكر، أحدهم في صورة رجل،   (1) سورة النمل الآية 23 (2) سورة الحاقة الآية 17 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 والثاني في صورة ثور، والثالث في صورة نسر، والرابع في صورة أسد. فهذه مخلوقات تسمى ملائكة خلقهم الله لحمل هذا العرش، وجاء في حديث العباس بن عبد المطلب أنه في يوم القيامة يحمله ثمانية أوعال، وأنهم يحملون العرش في صورة أوعال، ولهم خلق عظيم وطول عظيم، لكن في إسناده بعض المقال، ونص القرآن أن هذا يكون يوم القيامة كما قال سبحانه: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} (1)، يومئذ يوم القيامة، فدل ذلك على أنه في الدنيا أربعة، ويوم القيامة يكون ثمانية، والله المستعان وهو سبحانه أعلم.   (1) سورة الحاقة الآية 17 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 45 - مذهب أهل السنة والجماعة في صفة العلو س: السائل إ. أ. أ. من الحوطة، يقول: ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في العلو؟ (1). ج: مذهب أهل السنة والجماعة: الإيمان بعلو الله، وأنه سبحانه فوق العرش، فوق جميع الخلق، كما قال جل وعلا: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (2) وقال جل وعلا: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (3)، وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (4)   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (404). (2) سورة غافر الآية 12 (3) سورة البقرة الآية 255 (4) سورة الأعراف الآية 54 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 ، وقال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1)، وقال جل وعلا: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (2)، والآيات في هذا المعنى كثيرة، أهل السنة والجماعة يؤمنون إيمانا قطعيا بأنه سبحانه في العلو فوق العرش، فوق جميع الخلق، ليس بينهم خلاف في هذا والحمد لله. س: السائل من تشاد، يقول: أين الله؟ هل هو على عرشه؟ أم في كل مكان؟ وما حكم من يقول بأن الله في كل مكان؟ (3). ج: الله سبحانه فوق العرش في العلو فوق جميع الخلق، عند أهل السنة والجماعة، هكذا جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، كل الرسل جاءوا بأن الله فوق العرش، فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (4)، وقال سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (5)، وقال جل وعلا: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (6)، وقال جل وعلا: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} (7)   (1) سورة طه الآية 5 (2) سورة فاطر الآية 10 (3) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (417). (4) سورة طه الآية 5 (5) سورة الملك الآية 16 (6) سورة فاطر الآية 10 (7) سورة المعارج الآية 4 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 ، وقال جل وعلا: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (1)، في سبعة مواضع، صرح فيها سبحانه بأنه فوق العرش، قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في استوائهم، ولا في غير ذلك من صفاته جل وعلا، قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (2)، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (4) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (5) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (6)، وقال سبحانه: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (7)، استفهام إنكاري يعني لا سمي له، ولا كفو له سبحانه وتعالى، وجاء رجل من الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية يريد أن يعتقها، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «يا جارية أين الله؟ " قالت: في السماء، قال: " من أنا؟ "، قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة (8)»، أخرجه مسلم في صحيحه، «لما سألها عن الله؟ قالت: في السماء، فقال: أعتقها فإنها مؤمنة»، دل على أن ربنا في السماء في العلو، فوق العرش، فوق جميع الخلق، وهذا معنى قوله سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (9) أم {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (10)   (1) سورة الأعراف الآية 54 (2) سورة الشورى الآية 11 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 2 (5) سورة الإخلاص الآية 3 (6) سورة الإخلاص الآية 4 (7) سورة مريم الآية 65 (8) أخرجه مسلم في كتاب المساجد مواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته، برقم 537. (9) سورة الملك الآية 16 (10) سورة الملك الآية 17 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 ، هكذا جاء في سورة الملك، وهذا إجماع أهل السنة والجماعة، أجمع الصحابة كما أجمعت الرسل عليهم الصلاة والسلام أن الله فوق العرش، وأن الله في العلو جل وعلا، ومن هذا قوله جل وعلا: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} (1) {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} (2)، دل على أن موسى أخبره أن الله في العلو، وأنه فوق العرش، ولهذا قال فرعون ما قال. ومن قال: إن الله في كل مكان أو ليس في العلو فهو كافر، مكذب لله ورسوله، ومكذب لإجماع أهل السنة والجماعة، كالجهمية وأشباههم والمعتزلة هؤلاء من أكفر الناس، لإنكارهم أسماء الله وصفاته.   (1) سورة غافر الآية 36 (2) سورة غافر الآية 37 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 46 - بيان الواجب على من سئل: أين الله س: البعض من الناس حينما يسأل أين الله؟ يقول: في كل مكان، فما هو الجواب الصحيح من الأدلة الشرعية؟ (1). ج: الواجب على من سئل: أين الله؟ أن يجيب بما أجابت به الجارية لما سألها الرسول صلى الله عليه وسلم، جيء للرسول صلى الله عليه وسلم بجارية يريد صاحبها   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (389). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 أن يعتقها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أين الله؟ " قالت: في السماء، قال: " من أنا؟ " قالت: أنت رسول الله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للذي أتى بها: أعتقها فإنها مؤمنة». وهذا هو الواجب، من قيل له: أين الله؟ يقول: في السماء، فوق العرش؛ كما قال الله جل وعلا: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (1)، وقال: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (2)، يعني في جهة العلو فوق العرش، وقال جل وعلا: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (3) وقال سبحانه: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (4) الآية. والله جل وعلا قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (5)، وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (6)، يعني استوى ارتفع وعلا، في سبعة مواضع من القرآن، ذكر فيها أنه استوى على العرش سبحانه وتعالى، وأهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان يؤمنون بهذا ويقرون بأنه سبحانه فوق العرش، فوق جميع الخلق، وأنه استوى على العرش، فوق جميع الخلق، وأنه استوى على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته سبحانه وتعالى. فمن سئل: أين الله؟ يقول: في السماء فوق العرش، هكذا قال   (1) سورة الملك الآية 16 (2) سورة الملك الآية 17 (3) سورة فاطر الآية 10 (4) سورة المعارج الآية 4 (5) سورة طه الآية 5 (6) سورة الأعراف الآية 54 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 أهل السنة والجماعة، كما دل عليه القرآن العظيم، والسنة المطهرة. ومن قال: إنه في كل مكان، فقد كذب الله ورسوله، وهو بهذا يكون كافرا، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وعلى ولي الأمر: السلطان أن يحيله إلى المحكمة، فإن تاب وإلا قتل؛ لأن معناه إنكار كون الله في العلو كونه فوق العرش، معناه تكذيب الله، وتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فيكون كافرا مرتدا، يستتاب فإن تاب وإلا قتل من جهة ولي الأمر، يحال إلى المحكمة الشرعية حتى يستتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 47 - حكم قول: الله في كل مكان س: السائل ل. ع. ل. من السودان، يقول سماحة الشيخ: الإيمان بالأسماء والصفات من أهم شروط اكتمال العقيدة الصحيحة، ومنها الاستواء على العرش، ولكن نجد في بعض البلاد بأنهم يقولون بأن الله في كل مكان، بماذا تنصحونهم، وإن ماتوا على هذا، هل هم خارج الملة، أفتونا بالتفصيل جزاكم الله خيرا؟ (1). ج: هذا سؤال مهم عظيم يجب على كل مسلم أن ينتبه له، قد أوضحه الرب جل وعلا في كتابه العظيم أوضح الجواب في كتابه   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (396). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 العظيم سبحانه وتعالى، وهو الإيمان بعلو الله واستوائه على عرشه، فقد دل كتاب الله العظيم في سبعة مواضع على أنه سبحانه فوق العرش قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من ذلك سبحانه وتعالى، كما قال جل وعلا في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (1)، ومنها قوله جل وعلا في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (2). فالذي عليه أهل السنة والجماعة: الإيمان بذلك، وأنه سبحانه فوق العرش في علو، قد استوى على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته، كما قال تعالى: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (3)، وقال سبحانه: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (4)، وقال سبحانه: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} (5)، وقال سبحانه: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (6)، إلى آيات كثيرات تدل على علوه سبحانه، وأنه فوق العرش، فوق جميع الخلق، وهذا قول أهل السنة والجماعة، وهو الذي جاءت به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعا،   (1) سورة الأعراف الآية 54 (2) سورة طه الآية 5 (3) سورة غافر الآية 12 (4) سورة البقرة الآية 255 (5) سورة المعارج الآية 4 (6) سورة فاطر الآية 10 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 وهو الذي دل عليه القرآن العظيم، ودلت عليه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم المتواترة، وأجمع عليه المسلمون: الصحابة ومن بعدهم. ومن زعم أن الله في كل مكان فقد كفر؛ لأنه مكذب لله ورسوله، ومكذب لجماعة المسلمين، فالواجب على كل من يعتقد هذا الاعتقاد أن يتوب إلى الله، وأن يقلع من ذنبه العظيم، وأن يؤمن بأن الله سبحانه في العلو فوق العرش، فوق جميع الخلق جل وعلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 48 - بيان معنى معية الله تعالى مع خلقه س: قرأت كثيرا في كتب التوحيد، فما إرشادكم في الكتاب الجامع للأسماء والصفات، واعتقاد أهل السنة والجماعة؟ وهل يصلح إطلاق كلمة: إن الله سبحانه وتعالى مع خلقه بعلمه وبقدرته وإرادته، وأقصد بذلك الباء، لأني أقول الباء تقتضي الملاصقة، أرجو التوجيه في هذه القضايا؟ (1). ج: أحسن كتاب وأشرف كتاب، وأعظم كتاب في بيان أسماء الله وصفاته، وحقه على عباده هو كتاب الله، هو القرآن العظيم ليس بعده كتاب، هو أشرف كتاب وأعظم كتاب وخير كتاب، وأعلى كتاب لمن أراد الحق وليس فوقه كتاب، وفيه الهداية وفيه البيان، وفيه الدلالة على   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (87). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 كل خير، ثم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة، مثل ما في الصحيحين وما ثبت في السنن وغيرها من الأحاديث الصحيحة، فهي أيضا العمدة في هذا الباب، ثم الاستعانة بكتب أهل العلم، التي فيها خير كثير من السلف ككتب الأئمة المعروفين، وموطأ مالك ومسند أحمد وغيرها؛ لأنها كتب تروي الأحاديث الصحيحة تروي الآثار عن السلف الصالح، ثم ما ألفه بعدهم العلماء في الأسماء والصفات مثل كتاب التوحيد لابن خزيمة، كتاب السنة لعبد الله بن أحمد، كتاب الدارمي عثمان بن سعيد للرد على بشر المريسي، وما أشبه ذلك من الكتب التي ألفت في السنة، كتب البيهقي وإن كان فيها بعض التأويل، الذي وافق فيه الأشاعرة لكنها في الجملة كتب مفيدة، لكن يجب التنبه لما فيها من بعض الخلل والتأويل، ومن أحسن الكتب المتأخرة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، كتب ابن القيم والذهبي، هؤلاء من خيرة العلماء في القرن الثامن، وشيخ الإسلام أيضا من أعيان القرن السابع، فقد جمع بين القرنين فهو من أعيان السابع والثامن جميعا، أما ابن القيم والذهبي وأشباههم، فهم من أعيان القرن الثامن، وهم من أئمة الهدى وكتبهم فيها خير كثير، وهكذا أشباههم من أهل السنة كالحافظ ابن كثير وغيره، وابن رجب، ومن المتأخرين شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، فإنه من أهل السنة وممن ألف في السنة في القرن الثاني عشر، هكذا تلاميذه وأتباعه، كالشيخ عبد الرحمن بن حسن صاحب فتح المجيد، والشيخ سليمان بن عبد الله صاحب تيسير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 العزيز الحميد، وكلاهما حفيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهكذا كتب أئمة الدعوة الذين سلكوا مسلك الشيخ محمد في الدعوة إلى الحق وفي إثبات أسماء الله وصفاته. والقاعدة في هذا أن كل من عرف باتباع السنة، وتعظيم السنة والسير على منهج السلف الصالح، فهو الذي ينبغي السير على منهاجه، والاستعانة بكتبه والثناء عليه، وحث الناس على الاستفادة من كتبه هكذا، لا يقتصر على أحد معين، كل من عرف أنه يعتني بالسنة ويعظم كلام الله، وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام، ويحذر كلام أهل البدع، ويحذر منه ويسير على منهاج السلف الصالح، فهو جدير بالاتباع، وجدير أن يعض على كتبه بالنواجذ سواء كان شافعيا أو مالكيا أو حنفيا، أو حنبليا أو ظاهريا أو لا ينتسب لأحد. وعن المعية نعم المعية حق، وهذا الكلام هو كلام أهل السنة، بأن الله مع عباده بالمعية، كما قال تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (1) وهو مع أوليائه أيضا بالمعية، لكنها معية خاصة تقتضي نصره لهم، وحفظه لهم وكلاءته لهم، كما قال سبحانه في حق موسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (2) يعني بالنصر والتأييد والكلاءة، وحمايتهما من شر فرعون، وقد فعل سبحانه لقد تكلما على   (1) سورة الحديد الآية 4 (2) سورة طه الآية 46 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 فرعون وناظراه، وبينا له الحق ولم يخافا في الله لومة لائم، والله حماهما من كيده. وهكذا قوله سبحانه في حق محمد صلى الله عليه وسلم {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (1)، لما كان في الغار مع صاحبه أبي بكر، وهكذا قوله سبحانه: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (2) إلى غير هذا من آيات المعية، وليس في الباء شبهة، الله معنا بقدرته بعلمه ليس بشبهة. المعنى: أنه فوق العرش، فوق السماوات السبع، بائن من خلقه وهو معنا سبحانه، بقدرته يعني قادرا علينا، معنا يعني أنه قادر علينا، عالم بأحوالنا يرانا ولا يخفى عليه مكاننا، وهو فوق العرش سبحانه وتعالى، وهو معنا أيضا بإحسانه إلينا وبكلاءته لأوليائه، وبحفظه لهم كما أنه مع الناس كلهم بالعلم والإحاطة والقدرة والتصرف سبحانه وتعالى، واعتقاد الباء ملاصقة غير لازم؛ لأن كل مقام له مقال، سرت مع زيد، لا يلزم منه الملاصقة معه، يعني جنبه، لكن لا تلزم الملاصقة، سافرت مع زوجتي كذلك، سافرت مع فلان كذلك، أو سافرت بفلان مثل مع فلان، لا يقتضي الملاصقة، كل شيء بحسبه، سرت مع القمر أو سرت والقمر، أو سرت بالشمس، يعني بالاستمتاع بها والانتفاع بها.   (1) سورة التوبة الآية 40 (2) سورة الأنفال الآية 46 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 كما هي في حق المخلوق إذا قال أحد: أنا معك حيثما كنت، فالله أولى وأجل، ويقول الناس مثلا في العهد الأول: فلان مع معاوية، يعني مع مناصرة معاوية، ولو كان في الشرق أو الغرب، وفلان مع علي يعني مع مناصرة علي، وإن كان ليس في الكوفة ولا معه في جيشه، ويقال: فلانة مع زوجها وفلان معه فلانة، وإن كان بينهما مسافات طويلة، يعني في عصمته، كذلك الراعي مع الرعية والرعية مع الراعي، كلها معية نسبية إذا جاز هذا في المخلوقين، مع قرب بعضهم من بعض، فيجوز في حق الخالق مع عظيم البينونة، البينونة عظيمة، الله سبحانه لا يشابهه شيء، والله سبحانه لا يخالط خلقه، ولا يكون في خلقه شيء منه ولا في خلقه شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من خلقه سبحانه وتعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 49 - الكلام على صفة نزول الله تعالى س: يسأل المستمع ويقول: حديث النزول قول: ينزل ربنا في الثلث الأخير، هل ينزل ربنا عز وجل؟ أم تنزل الرحمة؟ (1) ج: تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أن الله جل وعلا ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (417). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فينادي فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1)». أخبر عن نفسه أنه ينزل، لكن لا يعلم كيف النزول إلا هو، كما لا يعلم كيف الاستواء إلا هو سبحانه وتعالى، ينزل كما يشاء وكما يليق بجلاله، لا يعلم كيف نزوله إلا هو، فنقول: ينزل ولا نكيف، ولا نمثل، ولا نزيد ولا ننقص، بل نقول: ينزل ربنا كما قال: «ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له (2)» وفي لفظ: «هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر فيغفر له (3)» وفي اللفظ الآخر: «هل من تائب فيتاب عليه؟ (4)». يجب على كل مسلم أن يؤمن بهذا النزول إيمانا قاطعا يقينا على الوجه اللائق بالله، لا يكيف، كما نقول في الاستواء، الاستواء معلوم والكيف مجهول، فهكذا نقول: النزول معلوم والكيف مجهول. هكذا قال أئمة السلف كمالك، وربيعة بن أبي عبد الرحمن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم 1145، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، برقم 758. (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم 1145، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، برقم 758. (3) مسند أبي يعلى ج 10 ص 342 برقم 5936. (4) مسند أبي يعلى ج 10 ص 342 برقم 5936. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 عن شيخه، وسفيان الثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أئمة الإسلام، قالوا في الاستواء وهكذا في النزول، استوى كما يليق بجلاله، استواء بلا كيف فالاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال - يعني عن الكيف - بدعة. فهكذا نقول: يغضب ويرضى، سبحانه وتعالى غضبا يليق بجلاله لا يشابه غضب المخلوقين، وهكذا يسمع ويبصر لا كسمع المخلوقين، ولا كبصر المخلوقين، سمعا يليق بجلاله، وبصرا يليق بجلاله لا يشابه صفات المخلوقين، وهكذا بقية الصفات، بابها واحد، نثبتها لله على الوجه اللائق بجلال الله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) هذا قول أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان إلى يوم القيامة.   (1) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 50 - صفه الصبر والحلم س: السائلة / أم تماضر تسأل: ما الفرق بين الحلم والصبر الذي من صفات الله عز وجل؟ (1). ج: الحلم هو عدم معاجلة العاصي بالعقوبة فهو سبحانه موصوف بالحلم جل وعلا، وهو أيضا موصوف بالصبر كما في الحديث الصحيح: «لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم (2)»، الصبر يعني عدم العجلة بالعقوبة، كونه يصبر لا يعاجل عباده بالعقوبة مع شرك الكثير وظلمهم وعدوانهم، كما قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (3)، وقال سبحانه: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (4) ومع هذا يمهلهم، كما قال عز وجل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} (5) ففي هذا الحلم والصبر جميعا.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (394). (2) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)، برقم 7378، ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل، برقم 2804. (3) سورة يوسف الآية 103 (4) سورة الأنعام الآية 116 (5) سورة إبراهيم الآية 42 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 51 - تكليم الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام س: كم مرة كلم الله موسى؟ وهل كلمه في نفس المكان الذي كلمه به أول مرة إن كان كلمه مرة أخرى؟ (1). ج: الله أعلم، الله قال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (2) أما عدد الكلمات فالله أعلم، لم يبلغني في هذا عدد. س: يسأل المستمع ويقول: ما هي اللغة التي يتكلم بها الله عز وجل يوم القيامة لعباده؟ وضحوا لنا ذلك مأجورين (3). ج: ظاهر النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه يكلم الناس باللغة العربية، والله أعلم جل وعلا. ولا أعلم مانعا من أنه يتكلم بغيرها، هو على كل شيء قدير سبحانه وتعالى؛ يعلم كل شيء؛ ويعلم جميع اللغات، ولا تخفى عليه خافية جل وعلا، لكن ظاهر النصوص أنه يخاطب الناس يوم القيامة باللغة العربية؛ وأن لغة أهل الجنة هي اللغة العربية، يتخاطبون بهذه اللغة المعروفة - أهل الجنة - والله يخاطبهم بذلك، كما هو ظاهر   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (175). (2) سورة النساء الآية 164 (3) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (432). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 النصوص، وهو سبحانه يعلم كل شيء، ويقدر على كل شيء وعلى جميع اللغات سبحانه وتعالى؛ ويعلم أحوال أهلها؛ ويجازيهم على أعمالهم بما يستحقون سبحانه وتعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 52 - القرآن الكريم كلام الله غير مخلوق س: رسالة من أحد المستمعين أخونا طالب علم من جدة، له عدة قضايا من بينها هذه القضية، يقول: من المعلوم عند أهل السنة أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، ولكن هذه الحروف التي كتب بها القرآن، هل هي غير مخلوقة، أم أنها حروف عربية؛ أي هل كان القرآن مكتوبا في اللوح المحفوظ بهذه الحروف، أم أن هذه الحروف وجدت مع العرب؟ أرجو بيان مذهب السلف فيما سبق، والرد على الإشكالات إن كان هناك إشكالات (1). ج: هذا الكلام الذي سأل عنه السائل قد أجاب عنه أهل السنة والجماعة، وأجمعوا أن هذا القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، حروفه ومعانيه، فالقرآن هو كلام الله، حروفا ومعاني، تكلم الله به جل وعلا وسمعه جبرائيل وبلغه محمدا عليه الصلاة   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (321). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 والسلام. فالقرآن كله حروفه ومعانيه هو كلام الله، ومن قال: إنه مخلوق، فقد كفر عند أهل السنة والجماعة، فهو كلام الله حروفا ومعاني، وهو موجود في اللوح المحفوظ، بحروفه ومعانيه، كما قال سبحانه: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} (1) {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} (2)، فالقرآن كله كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، بحروفه ومعانيه جميعا، كما نص عليه أهل السنة والجماعة، وكما نص على ذلك أيضا أبو العباس، شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتبه، منها العقيدة الواسطية التي ذكر فيها عقيدة أهل السنة والجماعة، فالقرآن كلام الله، حروفا ومعاني جميعا، فكلام الله حروف ومعان. نزل به جبرائيل على النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، وأثبته الله في اللوح المحفوظ، كما بين الله في كتابه سبحانه وتعالى، ومن قال خلاف ذلك فقد خالف الشرع، وابتدع في الدين، وخالف أهل السنة والجماعة. س: هذا السائل من اليمن، رمز لاسمه، بـ س. و. ت. يقول: هل قال البخاري - رحمه الله - بأن القرآن ليس مخلوقا، وهو كلام الله، ولكن التلفظ به مخلوق؟ (3). ج. القرآن هو كلام الله، والبخاري وغيره يقولون: هو كلام الله،   (1) سورة البروج الآية 21 (2) سورة البروج الآية 22 (3) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (406). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 منزل غير مخلوق، ولكن إذا قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ هذا فيه احتمال، ولهذا رأى الأئمة ترك ذلك، وإذا أراد صوته فصوته مخلوق، أما إذا أراد لفظي يعني ملفوظي. والذي يتكلم به هو القرآن، هذا غلط، ولهذا كره بعض أهل العلم من يقول: هذا الكلام؛ لأنه يوهم، إذا قال: صوتي مخلوق، أما القرآن فهو كلام الله، وأوضح الأمر فلا حرج، ولهذا كره إطلاق هذه الكلمة بعض أهل العلم لأنه يوهم، وبعضهم أجاز ذلك على نية الصوت، أما المتلفظ به وهو القرآن فهو كلام الله، منزل غير مخلوق، سواء في قلبك أو تلفظت به أو كتبته هو كلام الله غير مخلوق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 53 - حكم من قال: إن القرآن مخلوق س: تقول: ما حكم من ينتسب إلى مذهب يؤمن بأن القرآن مخلوق، وأن الناس لا يرون الله يوم القيامة، مع العلم أن من ينتسبون إلى هذا المذهب أغلبهم لا يقرون بخلق القرآن، ولا يؤمنون به، ويقولون: إنا لا نؤمن بأن القرآن مخلوق، لكننا ننتسب إلى هذا المذهب؛ لأن آباءنا كانوا ينتسبون إليه فقط، وما حكم من يؤمن بخلق القرآن؟ أيعتبر خارجا عن ملة الإسلام؟ وجهونا في هذا، جزاكم الله خيرا (1).   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (443). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 ج: نعم الذين يقولون: إن القرآن مخلوق، معناه إنكار أنه كلام الله، وهذا كفر أكبر، وهكذا من قال: إن الله لا يرى، فمن أنكر رؤية الله في الآخرة، رؤيته في الجنة فهذا كفر أكبر؛ لأنه كذب الله وكذب رسوله عليه الصلاة والسلام، فكل طائفة أو شخص يقول: إن القرآن مخلوق، معناه أنه ليس كلام الله بل هو كلام مخلوق، والله صرح بأنه كلامه سبحانه وتعالى؛ لقوله جل وعلا: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} (1) وقال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (2). والرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول للناس: «ألا رجل يؤمنني حتى أبلغ كلام ربي (3)» يطوف عليهم في مكة قبل الهجرة يطلب منهم أن يؤووه حتى يبلغ كلام الله، المقصود أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة كلهم صرحوا بأن القرآن كلام الله، والقرآن دل على أنه كلام الله، فمن زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أنه ليس كلام الله، فيكون كافرا بذلك، مكذبا لله ولرسوله ولإجماع المسلمين، وهكذا من أنكر صفات الله، وأنكر رؤيته ومن قال: إنه ليس بحكيم ولا حليم، ولا عزيز ولا قدير، فهو كافر كالجهمية، وكذلك من أنكر رؤية الله، وأن المؤمنين لا يرونه في   (1) سورة التوبة الآية 6 (2) سورة الفتح الآية 15 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه، برقم 14770. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 الآخرة ولا في الجنة، هذا كافر كفرا أكبر، أعوذ بالله؛ لأنه كذب الله ورسوله، والله يقول جل وعلا في حق الكفرة: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (1) فإذا حجب الكفار، معناه أن المؤمنين يرون ربهم، سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (2)، ناضرة أي بهية جميلة، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (3) تنظر إلى الله سبحانه وتعالى، وقال جل وعلا: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (4)، جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله (5)» وجاء في الأحاديث الصحيحة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنكم ترون ربكم كما ترون القمر في ليلة البدر لا تضامون في رؤيته (6)»، وقال في حديث آخر: «كما ترون الشمس في صحراء ليس دونها سحاب (7)» وكما قال في ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته، يعني رؤية واضحة بارزة ظاهرة، ليست فيها شبهة ولا شك، فالمقصود أن   (1) سورة المطففين الآية 15 (2) سورة القيامة الآية 22 (3) سورة القيامة الآية 23 (4) سورة يونس الآية 26 (5) السنة لعبد الله بن أحمد ج 1 رقم 443. (6) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة) برقم 7434 (7) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية برقم 183. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 المؤمنين يوم القيامة يرون ربهم رؤية ظاهرة كما ترى الشمس صحوا، ليس دونها سحاب رؤية بارزة، وهكذا في الجنة يرون ربهم جل وعلا، فمن أنكر هذا، وقال: إنه لا يرى فقد كذب الله ورسوله، فيكون كافرا نسأل الله العافية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 54 - الأحاديث القدسية كلام الله غير مخلوقة س: هل تعتبر الأحاديث القدسية أنها غير مخلوقة لأنها كلام الله، وكلام الله غير مخلوق؟ (1). ج: نعم الأحاديث القدسية هي كلام الله، هي غير مخلوقة، كالقرآن؛ كقوله جل وعلا، فيما رواه النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه يقول قال الله سبحانه: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. (2)» الحديث وغيره من الأحاديث القدسية الثابتة، كلها كلام الله.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (321). (2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والأدب، باب تحريم الظلم، برقم 257. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 55 - رؤية الله سبحانه وتعالى يوم القيامة س: هناك جدل في مسألة الرؤية؛ أي رؤية الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، وقد كثر الخصام فمن الناس من يقول: إن الله لن يرى، ومنهم من يقول: إنه سيرى، وكل منهم يأتي بالأحاديث وبعض الآيات الكريمة لنفي أقوال الطرف الآخر، أفتونا جزاكم الله خيرا حول هذا الموضوع (1). ج: قول أهل السنة والجماعة، وهو إجماع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع أهل السنة بعدهم: أن الله سبحانه يرى يوم القيامة، يراه المؤمنون ويرونه في الجنة أيضا، أجمع أهل العلم على هذا، أجمع علماء الصحابة والمسلمون الذين هم أهل السنة والجماعة على هذا، وقد دل عليه القرآن العظيم، والسنة المطهرة الصحيحة، يقول الله عز وجل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (2)، ناضرة يعني: بهية جميلة، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (3) تنظر إلى وجهه الكريم سبحانه وتعالى، وقال عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (4)، صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله (5)» وقال عز وجل في الكفرة. {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (6)   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (350). (2) سورة القيامة الآية 22 (3) سورة القيامة الآية 23 (4) سورة يونس الآية 26 (5) السنة لعبد الله بن أحمد ج 1 رقم 443. (6) سورة المطففين الآية 15 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 فإذا حجب الكفار علم أن المؤمنين غير محجوبين، بل يرون ربهم في القيامة وفي الجنة، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن المؤمنين يرون ربهم في القيامة، وفي الجنة يقول صلى الله عليه وسلم: «إنكم ترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر، لا تمارون في رؤيته (1)». وفي لفظ: «لا تضارون في رؤيته (2)» وفي اللفظ الآخر: «كما ترون الشمس صحوا، ليس دونها سحاب (3)» كلام بين واضح، يبين عليه الصلاة والسلام أن المؤمنين يرون ربهم رؤية ظاهرة جلية، كما ترى الشمس صحوا ليس دونها سحاب، وكما يرى القمر ليلة البدر، ليس هناك سحاب، وهل بعد هذا البيان بيان؟ ما أوضح هذا البيان وما أبينه وما أكمله، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنهم يرونه في الجنة أيضا، من أنكر الرؤية فهو مبتدع ضال، من أنكر رؤية الله للمؤمنين، كونهم يرونه يوم القيامة في الجنة، فهو ضال مبتدع نسأل الله العافية. س: هذا سائل لم يذكر الاسم في هذه الرسالة، ويقول فيها: أريد من سماحة الشيخ الإجابة على هذا السؤال، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان: «إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن   (1) مسلم الإيمان (183)، ابن ماجه المقدمة (179)، أحمد (3/ 16). (2) الترمذي صفة الجنة (2557)، أبو داود السنة (4730)، أحمد (2/ 389). (3) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية برقم 183. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا (1)» والسؤال هو: لماذا قرن في هذا الحديث بين رؤية الله عز وجل، وبين صلاة الفجر وصلاة العصر؟ هل المحافظة على هذه الصلاة في هذين الوقتين سبب لرؤية الله عز وجل؟ جزاكم الله خيرا (2). ج: رؤية الله سبحانه في الجنة ويوم القيامة حق يراه المؤمنون وهي أعلى نعيم أهل الجنة، إذا كشف الحجاب عن وجهه ورأوه ما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى وجهه، وقد أخبر جل وعلا أنهم يرونه يوم القيامة عيانا كما يرون الشمس صحوة ليس دونها سحاب، وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، عند أهل السنة والجماعة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها فافعلوا (3)» يعني: صلاة العصر وصلاة الفجر،   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 554، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم 633. (2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (397). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 554، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم 633. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 ذكر أهل العلم أن السر في ذلك أن من حافظ عليهما يكون ممن ينظر إلى الله، بكرة وعشيا في الجنة، يعني هي مقدار البكرة والعشي، الجنة ليس فيها ليل كلها نهار مطرد، لكن هي مقدار البكرة والعشي كما قال تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} (1)، يعني هي مقدار البكرة والعشي في الدنيا وهكذا في الرؤية في مقدار البكرة والعشي يعني خواص أهل الجنة لهم رؤية ما بين البكرة والعشي يعني رؤية كثيرة بسبب أعمالهم الطيبة وإيمانهم الصادق، ومن أسباب ذلك محافظتهم على صلاة العصر وصلاة الصبح؛ لخصوصيات أهل صلاة العصر وصلاة الصبح والمحافظة عليهما، مما يدل على قوة الإيمان وكمال الإيمان مع بقية الصلوات، الواجب أن يحافظ على الجميع، ولكن يخص العصر والفجر بمزيد عناية؛ لأنها ضد ما يفعله المنافقون وضد ما عليه الكسالى.   (1) سورة مريم الآية 62 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 56 - رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا س: تسأل السائلة وتقول: هل هناك دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى الله عز وجل؟ وهل هناك دليل على رؤية الناس يوم القيامة للرسول صلى الله عليه وسلم؟ (1).   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (207). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 ج: أما في الدنيا فلم ير ربه - عليه الصلاة والسلام، وقد طلب موسى أن يرى ربه فقال. {لَنْ تَرَانِي} (1)، وقال نبينا محمد عليه الصلاة والسلام: «واعلموا أنه لن يرى أحدكم ربه حتى يموت (2)»، والنبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه، سئل عن هذا، قال لما سأله أبو ذر، قال «يا رسول الله: هل رأيت ربك؟ قال: رأيت نورا (3)»، وفي لفظ قال: «نور أنى أراه (4)»، رواهما مسلم في الصحيح. فبين لنا أنه لن يرى أحد منا ربه حتى يموت، فعلم بهذا أنه لا يرى في الدنيا سبحانه وتعالى، وإنما يرى في الآخرة، قد يرى في النوم كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا يرى بالعين في اليقظة إلا في الآخرة، فقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يرى في الآخرة، يراه المؤمنون في القيامة، ويراه أهل الجنة في الجنة، وهذا إجماع أهل السنة والجماعة، وقد أنكر ذلك بعض أهل البدع، وقالوا: إنه لا يرى   (1) سورة الأعراف الآية 143 (2) أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة. باب ذكر ابن صياد، برقم 2931. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: " نور أنى أراه "، برقم 178. (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: " نور أنى أراه "، برقم 178، والإمام أحمد في مسنده، مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم 20987. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 حتى في الآخرة، وهذا قول باطل، بل من عرف الأحاديث الصحيحة المتواترة عرف أنه حق، أنه يرى في الآخرة ويرى في الجنة، يراه المؤمنون، وأن من أنكر ذلك فقد كذب الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا أننا نرى ربنا، قال في بعض الروايات في الصحيحين عليه الصلاة والسلام: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، وكما ترون الشمس صحوا ليس دونها سحاب (1)» فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يرى جل وعلا رؤية واضحة ظاهرة، يراه المؤمنون في القيامة، ويراه المؤمنون في الجنة كما يرى القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، يعني لا يزاحمون في رؤيته ولا يتضامون أيضا ولا يشكون برؤيته سبحانه وتعالى، هكذا أخبر صلى الله عليه وسلم، بل جاءت به الأخبار عن رسول الله المتواترة، اليقينية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، كلهم أجمعوا على أن الله سبحانه - يرى في الآخرة، ويراه أهل الجنة، يراه المؤمنون ولا يراه الكافرون، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (2) يعني: الكفار، لا يرونه في القيامة محجوبون عنه، وأما المؤمنون فيرونه في القيامة ويرونه في الجنة كما يشاء سبحانه وتعالى، هذا هو قول أهل الحق وهو قول أهل السنة والجماعة، وقد ذهب جمع من أهل العلم على أن من أنكر ذلك فهو كافر، ذهب جمع من أهل السنة والجماعة على من أنكر رؤية الله   (1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية برقم 183. (2) سورة المطففين الآية 15 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 في الجنة وفي القيامة يكون كافرا، لأنه مكذب للرسول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه عليه الصلاة والسلام من الأحاديث المتواترة الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم وسائر المسلمين ممن يراه، ومن يفوز بذلك يوم القيامة وفي دار الكرامة، ونسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان. س: هل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء والمعراج، علما أني سمعت رجلا يقول في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (1) {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} (2) {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} (3): إن جبريل عليه السلام لا يستطيع الوصول إلى هذا المكان، إنما هو الله سبحانه؟ أرشدوني جزاكم الله خيرا (4). ج: الصواب أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لم ير ربه ليلة الإسراء والمعراج، وإنما رأى جبرائيل، هذا هو الصواب، كما قال الله سبحانه: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (5) {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (6) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (7) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (8) {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (9) هذا جبرائيل عليه السلام: {ذُو مِرَّةٍ} (10) يعني: ذا قوة {ثُمَّ دَنَا} (11) يعني: جبرائيل،   (1) سورة النجم الآية 13 (2) سورة النجم الآية 14 (3) سورة النجم الآية 15 (4) السؤال الرابع من الشريط رقم (125). (5) سورة النجم الآية 1 (6) سورة النجم الآية 2 (7) سورة النجم الآية 3 (8) سورة النجم الآية 4 (9) سورة النجم الآية 5 (10) سورة النجم الآية 6 (11) سورة النجم الآية 8 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} (1) {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (2) يعني: من محمد عليه الصلاة والسلام، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ} (3) يعني: أوحى جبرائيل إلى عبد الله، هو محمد عليه الصلاة والسلام يعني معروفا من السياق، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} (4) {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (5) {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} (6) {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (7) {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} (8) كل هذا في جبرائيل هذا هو الصواب، إنه السياق كله في جبرائيل لا في حق الله عز وجل، هذا هو الحق، وقد وقع في رواية شريك بن عبد الله بعض الأغلاط، وذكر ما يدل على أنه الله سبحانه وتعالى، ولكن أهل الحق من أئمة الحديث غلطوا شريكا في ذلك، فالصواب أن الآية في جبرائيل، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (9) {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} (10) هذا جبرائيل عليه الصلاة والسلام، وكان رآه مرتين في صورته التي خلقه الله عليها، رآه في مكة ورآه عند السدرة، وله ستمائة جناح، كل جناح منها مد البصر، وهذا من آيات الله العظيمة سبحانه وتعالى، وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: «سألت النبي عليه الصلاة والسلام: هل رأيت ربك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: رأيت نورا (11)» وفي لفظ آخر «نور أنى أراه (12)» فبين عليه الصلاة والسلام أنه لم ير ربه وإنما رأى نورا، سئلت عائشة   (1) سورة النجم الآية 8 (2) سورة النجم الآية 9 (3) سورة النجم الآية 10 (4) سورة النجم الآية 10 (5) سورة النجم الآية 11 (6) سورة النجم الآية 12 (7) سورة النجم الآية 13 (8) سورة النجم الآية 14 (9) سورة النجم الآية 13 (10) سورة النجم الآية 14 (11) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: " نور أنى أراه "، برقم 178. (12) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: " نور أنى أراه "، برقم 178، والإمام أحمد في مسنده، مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم 20987. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 عن ذلك؛ فأفادت أنه لم ير ربه، وتلت قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} (1) يعني: في الدنيا أما في الآخرة فيراه النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمنون يرونه يوم القيامة، ويرونه في الجنة كما يشاء، سبحانه وتعالى، هذا بإجماع أهل السنة والجماعة، المؤمنون يرونه يوم القيامة في عرصات القيامة، ويرونه في الجنة كما تواترت به الأخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال للصحابة: «هل تضارون في رؤية الشمس صحوا من دون سحاب؟، قالوا: لا. قال: هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا. قال: فإنكم سترون ربكم كذلك، ترونه كما ترون هذه الشمس وهذا القمر (2)» يعني: رؤية حقيقية. هذا واضح في مسألة الرؤية، وأن المؤمنين يرون ربهم جل وعلا، يوم القيامة وفي دار الكرامة كما ترى الشمس، وكما يرى القمر وهذا تشبيه للرؤية، لا للمرئي، ربنا لا شبيه له سبحانه وتعالى، ليس كمثله شيء سبحانه وتعالى، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم شبه الرؤية في وضوحها، وإنها يقين كرؤية الشمس والقمر، يعني: أنها رؤية واضحة ثابتة، يقينية لا شبه فيها. أما المرئي سبحانه فليس له شبيه، ولا نظير، جل وعلا. وهذا هو قول أهل الحق، قول أهل السنة والجماعة، وقد ثبت هذا في الصحيحين، من حديث أبي هريرة وحديث جرير بن عبد الله البجلي،   (1) سورة الأنعام الآية 103 (2) البخاري الرقاق (6204)، مسلم الإيمان (183)، أحمد (2/ 276). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 ومن أحاديث أخرى كثيرة متواترة، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، في إثبات رؤية الله جل وعلا، المؤمنون يرونه يوم القيامة، ويرونه أيضا في الجنة، أما الكفار فإنهم محجوبون عن الله عز وجل، كما أخبر بهذا سبحانه: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (1) {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (2) فهم محجوبون عن رؤية الله عز وجل، لا يرونه أما أهل الإيمان فيرونه، وهذا معنى قوله سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (3) وجوه ناضرة يعني من البهاء والحسن، ناضرة من النضارة من البهاء والحسن والجمال، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (4)، تنظر إليه سبحانه وتعالى كما يشاء، فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى، وكما قال عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (5) المعنى للذين أحسنوا في الدنيا الحسنى في الآخرة، وهي الجنة وزيادة وهي النظر إلى ربنا سبحانه وتعالى، فالواجب على كل مؤمن وكل مؤمنة أن يعتقد ذلك، وأن يؤمن بذلك وأن يبرأ إلى الله من طريقة أهل البدع، الذين أنكروا الرؤية ونفوها كالجهمية والمعتزلة، ومن سار في ركابهم، هذا القول من أبطل الباطل، وأضل الضلال، وجحدان لما بينه الله في كتابه، وبينه رسوله عليه الصلاة والسلام.   (1) سورة المطففين الآية 14 (2) سورة المطففين الآية 15 (3) سورة القيامة الآية 22 (4) سورة القيامة الآية 23 (5) سورة يونس الآية 26 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 نسأل الله أن لا يحجبنا عن رؤيته، وأن يوفقنا وجميع إخواننا المؤمنين لرؤيته سبحانه وتعالى، والتنعم بذلك في القيامة وفي دار الكرامة؛ إنه جل وعلا جواد كريم، ونسأل الله العافية من هذه البدع، الذين حرموا هذا الخير، وحرموا هذا التوفيق، نسأل الله العافية. وحرموا أن يقروا بالحق الذي أقر به المؤمنون، وهم جديرون بأن يمنعوا من هذا يوم القيامة؛ لجحدهم إياه، نسأل الله العافية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 57 - معنى قول: عز وجل، ورب الأرباب س: تقول السائلة: دائما نقول: الله عز وجل، الله رب الأرباب، ما معنى عز وجل ومعنى رب الأرباب؟ (1) ج: معنى عز وجل يعني: متصفا بالعزة والجلال والعظمة، فله العزة الكاملة، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ ولرسوله} (2) يعني: القهر، والغلبة، والقوة، وكذلك جل أي: متصف بالجلال والعظمة، والكبرياء سبحانه وتعالى، فهو الجليل العظيم، وهو العزيز الذي هو أعز شيء وأجل شيء سبحانه وتعالى، وهو القاهر لعباده والعزيز الغالب لهم، وهو الذي يتصف بالجلال الكامل، يعني العظمة الكاملة.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (87). . (2) سورة المنافقون الآية 8 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وأما رب الأرباب يعني رب المخلوقات، فإن الدار لها رب، والأرض لها رب، والنخل لها رب، والأنعام لها رب، يعني مالكا، وهكذا يسمى رب الدار، رب الأنعام، رب الأرض، يعني: صاحبها فهو رب هذه الأرباب، يعني: رب هذه المخلوقات، التي لها أتباع: صاحب الغنم يقال: رب الغنم، صاحب الدار يقال: رب الدار، صاحب الإبل يقال: رب الإبل، فالمعنى أن الله هو رب الجميع وإن سموا أربابهم، لكنهم مملوكون له سبحانه، فهم عبيده فهو رب الأرباب، يعني: رب المخلوقات جميعا، مربوبها ورابها، عبيدها وأحرارها، جمادها وعاقلها إلى غير ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 58 - معنى حديث " إن الله خلق آدم على صورته " س: ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن تقبيح الوجه، وأن الله خلق آدم على صورته، فما الاعتقاد السليم نحو هذا الحديث؟ (1) ج: الحديث ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته (2)»،   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (89). . (2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن ضرب الوجه، برقم 2612. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وفي لفظ آخر: «على صورة الرحمن (1)» وهذا لا يلزم منه التشبيه والتمثيل. فالمعنى عند أهل العلم: أن الله خلق آدم سميعا بصيرا، متكلما إذا شاء، وهذا هو وصف الله عز وجل، فإنه سميع بصير متكلم، ذو وجه جل وعلا، وليس المعنى التشبيه والتمثيل، بل الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع بصير ذو وجه ومتكلم إذا شاء، وهكذا خلق الله آدم، سميعا بصيرا، ذا وجه وذا يد وذا قدم، ويتكلم إذا شاء، لكن ليس السميع كالسميع، وليس البصير كالبصير، وليس المتكلم كالمتكلم، وليس الوجه كالوجه، بل لله صفاته سبحانه وتعالى، لا يشابهه فيها شيء، بل تليق به سبحانه، وللعبد صفاته التي تليق به، صفات يعتريها الفناء والنقص والضعف، أما صفات الله سبحانه، فهي كاملة لا يعتريها نقص ولا ضعف ولا فناء ولا زوال، ولهذا قال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (2) ويقول سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (3) فلا يجوز ضرب الوجه، ولا تقبيح الوجه.   (1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج 12، برقم 1358. (2) سورة الشورى الآية 11 (3) سورة الإخلاص الآية 4 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 59 - حكم الثناء على الله تعالى بالشعر والنثر س: هل يجوز مدح الله سبحانه وتعالى بالشعر بنية القربة ونيل المقصود من الله؟ (1) ج: نعم، يمدح بالشعر وبالنثر كما فعل الصحابة وغيرهم رضي الله تعالى عنهم.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (156). . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 60 - معنى تمجيد الله س: ما معنى تمجيد الله؟ (1) ج: تمجيد الله معناه: تكثير الثناء عليه. أنت الرحيم، وأنت الرحمن، وأنت الجواد، وأنت الكريم، وأنت المحسن، وأنت صاحب الخيرات، أنت الذي أحسنت إلى العباد، أنت المرجو لكل كرب، ولكل شدة. بيدك الخير ولك التصرف في الأمر كله. أثني عليه كثيرا. هذا التمجيد، التوسع في الثناء على الله سبحانه وتعالى   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (254). . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 س: يقول السائل: اسم الله الأعظم، هل من ضمن الأسماء الحسنى التسعة والتسعين؟ (1) ج: كل أسماء الله يقال لها: الأعظم؛ كلها عظمى، وكل أسماء الله عظمى. س: تسأل المستمعة وتقول: هل لكل اسم من أسماء الله الحسنى سر إذا ردده المسلم لعدد معين من المرات، كما نسمع من بعض العلماء؟ (2) ج: لا نعرف لهذا أصلا المشروع الإكثار من ذكر الله، لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله اكبر، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، هكذا شرع لنا الله، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. يقول صلى الله عليه وسلم: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم (3)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله،   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (432). (2) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (432). . (3) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، برقم 6406، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم 2694. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 ولا إله إلا الله، والله أكبر (1)»، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله، والحمد لله. ولا إله إلا الله. والله أكبر. ويقول: «الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله (2)» ويقول: «الإيمان بضع وسبعون شعبة: فأفضلها قول لا إله إلا الله (3)» ويقول: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل (4)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب الله له مائة حسنة، ومحا منه مائة سيئة، وكان في حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، إلا رجل عمل أكثر من   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأدب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة، برقم 2137. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة؛ مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 515. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، برقم 35. (4) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم 2693. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 عمله (1)» هذا فضل عظيم. وقال: «من قال: سبحان الله العظيم وبحمده حين يصبح، أو حين يمسي مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (2)» يعني: إذا اجتنبت الكبائر بشرط اجتناب الكبائر؛ كما قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (3).   (1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم 3293 ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم 2691. (2) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، برقم 6405 ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم 2691. (3) سورة النساء الآية 31 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 باب ما جاء في احترام أسماء الله تعالى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 باب ما جاء في احترام أسماء الله تعالى 61 - حكم تسمية المخلوق بالبصير والعزيز س: حكم التسمية على البشر مثل البصير والعزيز وغيرهم (1). ج: أسماء الرب قسمان: قسم يجوز التسمي به وقسم لا يجوز، لا يقال: فلان خلاق ولا رزاق ولا رب العالمين، لكن مثل عزيز، بصير لا بأس: لأن الله سبحانه سمى بعض مخلوقاته كذلك، فقال سبحانه: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (2) وفي قصة يوسف عن امرأة العزيز، فمثل هذه الأشياء تطلق على المخلوق، عزيز قومه، كذا البصير المنظور أو بصير بمعنى مبصر، كذلك حكيم بمعنى الحكمة، لا بأس بهذه الأسماء؛ لأن هذه مشتركة: للمخلوق نصيبه منها، والله له الأكمل منها سبحانه وتعالى، لكن الأسماء المختصة بالله لا تطلق على غيره، لا يقال: (الله) لابن آدم، ولا الرحمن، ولا الخلاق ولا الرزاق، ولا خالق الخلق ولا أشباهه مما يختص بالله سبحانه وتعالى.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (32). (2) سورة الإنسان الآية 2 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 62 - حكم التسمي برحمة س: يسأل المستمع ويقول: هل يجوز التسمي بالأسماء التي تعتبر من صفات الله عز وجل؟ فإن بعض الناس يتسمى برحمة، فما حكم ذلك؟ (1) ج: ما أعلم فيه شيئا، رحمة، ما أعلم في هذا شيئا، اسمه الرحيم، ما هو برحمة، اسم الله: الرحيم، والرحمن، أما الرحمة فما هي من أسمائه، لكن من صفاته.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (428). . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 63 - حكم التسمي باسم محسن س: الأخ م. ع. ع، من جمهورية مصر العربية وهو مقيم في العراق، يقول: أنا اسمي محسن، وأحد طلبة العلم قال: إن هذا الاسم غير جائز، ونصحني بتغيير اسمي، فما هو رأيكم جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: نعم، قد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على تسمية الله سبحانه بأنه المحسن، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، قد جاء فيه حديث جيد فلا بأس به بإطلاق اسم المحسن على الله جل وعلا فهو   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (124). . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 المحسن سبحانه وتعالى، هو المحسن إلى جميع العباد جل وعلا، فعبد المحسن لا بأس به، هذا هو الصواب. أما من كان اسمه المحسن فانه لا بأس به؛ لأن هذه الأسماء التي تسمى بها، مثل العزيز والسميع مثل الحميد وشبهها؛ لأن أسماء الله ليست تمنع بالنسبة للمخلوقين، إلا ما يختص به سبحانه كالخلاق والرزاق ومالك الملك والرحمن الرحيم، والرحمن كذا وما أشبه ذلك، أما ما يشترك فيه غيره، فللعبد ما يناسبه، ولله ما يناسبه، فيقال لشخص: حليم ويقال: رءوف ويقال: رحيم، كما قال الله في نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (1) عليه الصلاة والسلام. وهكذا في السميع والبصير في قوله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (2) وقوله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} (3) {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (4) سماه سميعا بصيرا، فالحاصل أن المخلوق يسمى ببعض أسماء الله، التي لا تختص به سبحانه كالسميع والبصير، والقدير والحليم والرءوف والرحيم، ونحو ذلك، فالمحسن كذلك.   (1) سورة التوبة الآية 117 (2) سورة النساء الآية 58 (3) سورة الإنسان الآية 1 (4) سورة الإنسان الآية 2 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 64 - حكم العملات الورقية المكتوب عليها لفظ الجلالة س: الأخ أ. د. من المدينة المنورة، يسأل عن العملة الورقية التي تكتب عليها كلمة التوحيد. كيف نتصرف تجاهها جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: تحفظها معك في جيبك، ولا حرج عليك إذا دخلت بها الحمام أو غير الحمام، لأنك مضطرا إلى ذلك. والحكم في هذا عند بعض أهل العلم، كراهة الدخول بشيء فيه ذكر الله للحمام، ولكن إذا احتاج الإنسان إلى ذلك وخاف على نقوده، أو نسيها في جيبه أو خاف عليها فلا كراهة. لأن إخراج النقود ووضعها خارج الحمام قد تسرق أو قد ينساها أو يأخذها بعض الأطفال، المقصود أنه لا حرج إذا دعت الحاجة إلى ذلك.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (139). . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 65 - حكم كتابة البسملة على الملابس الداخلية س: رأيت بعض الشركات لديها مجموعة من الفلبينيين من غير المسلمين، وهم يعملون لدى بعض هذه الشركات، وقد كتب على الفنيلة الداخلية لدى كل منهم اسم الشركة، وكتب على الفنيلة أيضا: بسم الله الرحمن الرحيم، فما حكم ذلك؟. (1) ج: قد يقال في هذا: إن الكتابة على الفنيلة بسم الله الرحمن الرحيم غير جائز؛ لأنها عرضة لأن تلقى في المحلات، التي لا يتوقى فيها القذر، وقد تلقى في محلات ليست نظيفة، فالحاصل أنه لا ينبغي أن يكتب على الفنيلة وشبهها أسماء الرب عز وجل، ولا بسم الله الرحمن الرحيم، والآيات من القرآن؛ لأن هذا قد يمتهن، ويداس في بعض الأحيان إذا اخلولق، فالمقصود أن هذا لا يجوز، لا في حق النصارى ولا في حق غيرهم. وبهذه المناسبة فإنه لا يجوز استقدام الكافرات للعمل في الجزيرة، بل يجب أن يمنع ذلك، حتى لا يستخدم إلا المسلمات؛ لأن هذه الجزيرة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود والنصارى منها، وبإخراج المشركين منها، حتى لا يكون فيها إلا دين الإسلام، فالذي أوصي به إخوتي في هذه البلاد، أن يحذروا استيراد الكافرات والكافرين للعمل أو غيره، بل يجب أن يكون الاستيراد من المسلمين خاصة؛ لأن هذه الجزيرة لا يجوز أن يبقى فيها دينان، ولا يجوز أن يبقى فيها يهودي أو نصراني أو وثني، بل يجب أن تطهر من ذلك تنفيذا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (11). . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 66 - حكم الأوراق والخطابات المكتوب عليها البسملة بعد الانتهاء منها س: الأوراق المكتوب فها بسم الله مثل الخطابات والأوراق والجرائد، هل لنا أن نرميها في أي مكان أم لا بد من رميها في مكان معين؟ (1) ج: لا بد من رميها في مكان محترم أو تحريقها أو دفنها في محل طيب لا توضع بالقمامة؛ لأن فيها بسم الله أو آيات من القرآن.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (336). . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 67 - حكم كتابة أسماء الله الحسنى على المسبحة س: لي خالة تصلي وتصوم، ولكنها تصدق بسبحة اليسر، وهذه السبحة يكتب عليها أسماء الله الحسنى، ولذلك تحلف بالرسول وببعض المشايخ وقبر أخيها، فهل مثل هذه الأشياء تمنعنا من زيارتها أو الجلوس معها إذا زارتنا هي أيضا؟ ج: يجب أن تنصحوها، وأن تعلموها أن هذا لا يجوز، كونها تجعل في حبات السبحة أسماء الله هذا نوع امتهان لأسماء الله، فلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 يجوز وضعها في حبات السبحة، وكذلك الحلف بالرسول صلى الله عليه وسلم والحلف بقبر أخيها، أو بالمشايخ، كله لا يجوز منكر، من المحرمات الشركية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (1)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (2)». فلا يجوز الحلف بغير الله كائنا من كان، لا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بالكعبة ولا بالأمانة، ولا بغير ذلك. فهذه المرأة تنصحونها وتوجهونها إلى الخير وتعلمونها ما شرع الله، وإذا لم تقنع تطلبون من بعض أهل العلم بأن يعلمها ذلك بأن يكتب لها أو يكلمها بالهاتف حتى تقتنع؛ لأن المرأة الجاهلة تعلم، فأنتم تقنعونها فإن أبت تطلبون بعض أهل العلم يقنعونها بالهاتف أو بالكتابة لعل الله يهديها وتدع هذا المنكر، والتسبيح في الأصابع أولى من السبحة، كونها تسبح بأصابعها والتهليل بالأصابع هذا أفضل وأولى، ولكن لا يجوز الوضع في أحجار تكتب عليها أسماء الله ولا شيء من الآيات القرآنية، ولا ذكر الله جل وعلا؛ لأن هذا يكون فيه امتهان. في وضع الأسماء على هذه الأحجار.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب كيف يستحلف؟ برقم 2679، ومسلم في كتاب الإيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم 1646. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 68 - معنى حديث " من سأل بالله فأعطوه " س: سائل يقول: بعض الناس يحرجوننا بكلمة: أسالك بالله أن تعطيني كذا، أو أسالك بالله أن تبيعني كذا أو أسالك بالله أن تخبرني بكذا. وفي بعض المرات نرفض تلبية طلبهم عندما لا يكون الطلب في محله. هل الرفض رغم كلمة أسالك بالله يعرضنا للإثم، أم أنه ليس علينا شيء في ذلك؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (1). ج: إذا كان السائل بالله لا حق له في هذا الشيء فلا حرج في ذلك إن شاء الله؛ إن كان يقول: أسالك بالله أن تعطيني دارك، أو تعطيني سيارتك، أو تعطيني كذا وكذا من المال، هذا لا حق له. أما إذا كان يسأل حقا له، أسالك بالله أن توفيني ديني، أسالك بالله أن تعطيني من الزكاة، وهو من أهلها، تعطيه ما تيسر؛ لأن الرسول قال: «من سأل بالله فأعطوه (2)» اللهم صل وسلم عليه. فإذا كان له حق كالفقير يسأل من الزكاة أو حق عليك له دين، يقول: أسالك بالله أن توفيني ديني، أسالك بالله أن تنصرني على هذا الظالم، وأنت تستطيع تنصره على الظالم، أسالك بالله أن تعينني على كذا، وكذا من إزالة   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (208). . (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة؛ مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ برقم 5670. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 المنكر، لا بأس بهذا، هذا أمر مطلوب عليك أن تعينه، وأن تستجيب له؛ لأنه سأل حقه، والرسول عليه السلام قال: «من سأل بالله فأعطوه» أما أن يسأل شيئا لا حق له فيه، أو يسأل معصية، هذا لا حق له في ذلك، وليس عليهم حرج إذا رفضوا طلبه؛ لأنه طلب ما ليس له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 69 - حكم التسمية باسم رزاق س: هل لكم من كلمة حول الاسم (رزاق) يا سماحة الشيخ؟ وأم رزاق؟ (1) ج: هذا الاسم لا ينبغي لأن الرزاق هو الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (2) فينبغي أن يقال: عبد الرزاق، هذا هو الذي ينبغي، ولا يقال: أم رزاق ولا أم خلاق؛ لأن هذين الاسمين من خصائصه سبحانه وتعالى، وتقول لمن يكلمها: أنا أم عبد الرزاق، وإذا كان لها حفيظة النفوس تغيرها إذا استطاعت.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (232). . (2) سورة الذاريات الآية 58 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 70 - حكم التسمية والتعبيد لغير الله تعالى س: نجد بعض الناس يسمون أولادهم مثل عبد النبي وعبد الحسين، وهذه منتشرة كثيرا عندنا، فما رأي فضيلة العلماء في هذه الأسماء؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1). ج: التعبيد لغير الله لا يجوز، لا يجوز أن يقال: عبد النبي ولا عبد علي، ولا عبد الحسين هذا منكر لا يجوز إنما التعبيد لله وحده، عبد الله، عبد الرحمن، عبد الرحيم، عبد الملك، عبد القدوس، هذا هو التعبيد ولا يعبد لغير الله. قال ابن حزم أبو محمد المشهور: اتفق العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، كعبد عمر وعبد الكعبة ونحو ذلك، ما عدا عبد المطلب فليس فيه اتفاق، المقصود أنه حكى اتفاق العلماء على تحريم هذا الشيء، فلا يجوز التعبيد لغير الله كائنا من كان، فلا يقال: عبد الحسين ولا عبد عمر، ولا عبد النبي، ولا عبد الكعبة، ولا أشباه ذلك بل يجب التسمي بالتعبيد لله، أو بأسماء أخرى كصالح، ومحمد، وأحمد وزيد، وخالد، وبكر، وأشباه ذلك.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (32). . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 71 - حكم التسمي بعبد الرسول س: أخونا يقول: يسمع أن هناك أناسا سموا أبناءهم بعبد الرسول وعبد النبي وعبد الحسن، وما أشبه ذلك، يرجو التوجيه في حكم ذلك (1). ج: هذا لا يجوز، التعبيد لا يكون إلا لله وحده سبحانه، لا يجوز التعبيد لغير الله. قال ابن حزم؛ أبو محمد وهو إمام مشهور: أجمع العلماء على أنه لا يجوز التعبيد لغير الله، فلا يجوز أن يقال: عبد الحارث، ولا عبد علي ولا عبد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا عبد الكعبة كل هذا لا يجوز، هذا من أسماء الجاهلية، وكذلك ما يفعل بعض الشيعة: عبد الحسين، عبد الحسن، عبد العلي، كل هذا لا يصلح ولا يجوز، التعبيد لله وحده سبحانه وتعالى، فيقول: عبد الله، عبد الرحمن، عبد العزيز، عبد القدير، عبد الكريم، وما أشبه ذلك، أو يأتي بأسماء أخرى غير معبدة، كصالح، ومحمد، وسعد، وسعيد، ومالك، وأشباه ذلك من الأسماء التي يعرفها المسلمون وقد تسموا بها والأمر بحمد الله واسع، ليس الناس في حاجة إلى التعبيد لغير الله.   (1) (السؤال التاسع من الشريط رقم (80). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 س: كثيرا ما يسمي الناس عندنا في مصر: حسن عبد النبي، ونحو هذه الأسماء، هل هذه التسمية حرام، أم لا؟ وهل يجب علينا تغييرها جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: نعم هذه التسمية حرام، لا يجوز التسمية بعبد الرسول ولا عبد النبي، ولا عبد عمر، ولا عبد الحسين، ولا عبد الحسن، ولا عبد علي، كل هذا منكر، التعبيد يكون لله وحده سبحانه وتعالى، عبد الله، عبد الرحمن، عبد القدوس، عبد الكريم، لا بأس، قال أبو محمد بن حزم رحمه الله: أجمع العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، ما عدا عبد المطلب، فالحاصل أن التعبيد لغير الله محرم بالإجماع، فلا يقال: عبد النبي أو عبد الحسين، ولا عبد علي، وعبد عمر ونحو ذلك، بل عبد الله، عبد الرحمن، عبد الكريم، عبد القدوس، عبد الملك، عبد السلام، وأشباه ذلك من التعبيد لأسماء الله سبحانه وتعالى، وإذا كان قد وقع يغير إذا كان موجودا له أولاد سماهم بهذه الأسماء، عبد النبي أو عبد الحسين أو عبد الحسن، أو عبد عمر، أو شبه ذلك تغير الأسماء إلى أسماء شرعية، بدل عبد النبي يقول: عبد رب النبي، عبد الرسول يقول: عبد رب الرسول عليه الصلاة والسلام. وعبد الحسين يقول: عبد رب الحسين، أو عبد الله أو عبد الرحمن يغير بأسماء تجوز شرعا.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (95). . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 72 - حكم إطلاق كلمة سيدنا للنبي صلى الله عليه وسلم س: ما هو حكم إطلاق كلمة سيدنا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والأولياء والصالحين، وحكم التسمية باسم الجلالة على البشر، مثل البصير والعزيز وغيرها؟ (1) ج: إطلاق لفظ سيدنا على النبي صلى الله عليه وسلم حق؛ لأنه سيد ولد آدم عليه السلام، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر (2)» فهو سيد العباد من المسلمين، إذا قال الرجل في حقه: اللهم صل على سيدنا محمد فلا بأس بهذا، هو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، وهو سيد الخلق، وإنما كره ذلك على الناس في حياته؛ لأنه خاف عليهم من الغلو لما قالوا: أنت سيدنا قال: «السيد الله تبارك وتعالى (3)» سدا للذريعة، خاف عليهم أن يغلوا فيه عليه الصلاة والسلام، والآن قد توفي عليه الصلاة والسلام، وقد أخبرنا أنه سيد ولد آدم، فلا بأس أن تقول: سيدنا عليه الصلاة والسلام، وهو   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (32). . (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم 10604، ومسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، برقم 2278. (3) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 خيرنا وسيدنا، وإمامنا وهو خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام، أما بقية الناس فالأولى ألا يقال: سيدنا، ولا يخاطب بهذا، لكن لو قيل: آل فلان سيدهم فلان، يعني رئيسهم، سيدهم فلان يعني أميرهم، شيخ قبيلتهم لا بأس، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنه الحسن: «إن ابني هذا سيد (1)»، وقال: " من سيد بني فلان؟ من سيد بني فلان؟ وقال للصحابة لما جاء سعد بن معاذ يحكم في بني قريظة: «قوموا إلى سيدكم (2)» هذا لا بأس به، لكن إذا قاموا وقالوا: يا سيدنا، أو هذا سيدنا هذا تركه أولى؛ لأن الرسول قال: «السيد الله تبارك وتعالى (3)» ولأن من قال هذا قد يفضي إلى التكبر، إذا قيل له هذا الكلام، قد يفضي إلى التكبر، والغلو فيه، فالأولى ألا يقال: سيدنا، يعني ينصحهم يقول: لا تقولوا: سيدنا، قولوا: يا أخانا يا أبا فلان يكفي، أما إذا قيل على سبيل الإضافة، من سيد بني فلان؟ أو هذا فلان سيد: لأنه من بيت النبوة، أو لأنه فقيه أو عالم أو شريف في نفسه في أخلاقه   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما " ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين، برقم 2704. (2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب إذا نزل العدو على حكم رجل، برقم 3043، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، برقم 176. (3) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 في أعماله، أو جواد كريم لا بأس، لكن إذا خيف من إطلاق سيد خيف أن يتكبر أو يتعاظم في نفسه، يترك ذلك ولا يقال هذا للكافر، ولا للمنافق ولا للعاصي، لا ينبغي أن يقال له: سيد، بل يقال هذا للشيخ الكبير للفقيه، للعالم للرئيس المعروف بالإصلاح والخير، المعروف بالحكم والفضل والجود، فهذا إذا قيل له: سيد لا بأس، أما أن يقال لغير من ذكر: يا سيدنا فإن ترك هذا أولى. لكن لو قال: يا سيد قومه لا بأس، أو يا سيد بني فلان، يا سيد بني تميم، يعني رئيسهم لا بأس، إذا كان رئيسهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 73 - حكم إطلاق كلمة مولانا س: تقول السائلة: أسمع بعض الناس يقولون: مولانا سيدنا، هل لذلكم من حكم؟ (1) ج: نعم ترك مولانا أولى؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث النهي عن ذلك، وجاء في بعضها في حق العبد: " يقول: سيدي ومولاي ". فالأحوط والأولى للمؤمن ألا يقولها، إلا إذا كان مملوكا يقولها لسيده، وإلا فالأفضل والأحوط ترك ذلك، ولا يقول: سيدي ولا يقول: مولاي، ولما ذهب بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: أنت   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (145). . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 سيدنا. قال عليه الصلاة والسلام: «السيد الله تبارك وتعالى، يا أيها الناس قولوا بقولكم، ولا يستفزنكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، لا أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل (1)». مع أنه عليه الصلاة والسلام سيد ولد آدم، وقد صح عنه أنه قال: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر (2)» هذا معروف. وبعد وفاته لا بأس أن يقال: هو سيدنا؛ لأنه غير مخاطب بها عليه الصلاة والسلام بعد وفاته، لو قيل: هو سيد ولد آدم، أو سيدنا محمد لا بأس في ذلك، أما الشخص الذي يخاطب يا سيدي فينبغي ترك ذلك؛ لأن العلة في ذلك التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم في حقه وفي حق غيره، وقد يجر هذا إلى الغلو في الشخص، وقد يضره هو أيضا فيعجب بنفسه، فيتكبر فلا ينبغي أن يستعمل معه سيدنا أو أنت مولانا، وليستعمل معه شيء آخر، أبا فلان أو يا فلان بلقبه أو بكنيته، يكفي، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، أما أن يقال: فلان سيد بني فلان فلا بأس، كما يقال: فلان سيد تميم، فلان سيد قحطان، فلان سيد قريش، يعني رئيسهم كبيرهم، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ لما جاء في الحكم في بني قريظة، قال: «قوموا إلى سيدكم (3)».   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم 10604، ومسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، برقم 2278. (3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب إذا نزل العدو على حكم رجل، برقم 3043، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، برقم 176. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 «وكان عليه الصلاة والسلام: يسأل الناس، ويسأل القبائل: من سيدكم؟ (1)» من سيد بني فلان؟ يعني: من رئيسهم؛ وقال في حق الحسن رضي الله عنه: «ابني هذا سيد (2)»؛ الحسن بن علي رضي الله عنه، هذا لا بأس به، إنما المكروه أن يخاطب بها مثل أن يقال: أنت سيدنا أو يا سيدي؛ لأن هذا قد يكسبه شيئا من الترفع والعجب والتعاظم، وقد يكسب القائل شيئا من الذل، والغلو ولهذا كره النبي ذلك من الناس، وهو معصوم أن يرضى بالشرك عليه الصلاة والسلام، لكن خاف عليهم من الغلو.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، حديث وفد عبد القيس رضي الله تعالى عنه، برقم 15559. (2) أخرجه البخاري في كتاب، الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن على رضي الله عنهما - "ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين، برقم 2704. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 74 - حكم إطلاق كلمة مولاي وسيدي س: هناك من يسمون اسم مولاي أو سيدي فلان، فما الحكم في هذه التسمية؟ ولمن يمكن أن نقول له: مولاي فلان أو سيدي فلان؟ (1) ج: هذه التسمية لا تنبغي، لا مولاي ولا سيدي ينبغي ألا يسمى بهذا؛ لأنه جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقل: مولاي؛ فإن مولاكم الله (2)» وإنما يقال هذا في حق السيد من عبده ومملوكه، كما في الحديث الصحيح: «وليقل: سيدي ومولاي» وفي الحديث الأخر: «لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضئ ربك، اسق ربك. وليقل: سيدي ومولاي (3)» يقول العبد المملوك لمالكه: سيدي ومولاي لا بأس، أما أن يقول الإنسان لأخيه: يا مولاي أو يا سيدي؛ فينبغي ترك ذلك، ولما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أنت سيدنا قال: «السيد الله تبارك وتعالى (4)». خاف عليهم أن يغلوا عليه الصلاة والسلام، فقال: «السيد الله تبارك   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (179). (2) أخرجه مسلم في كتاب الألفاظ من الأدب، باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد، برقم 2249. (3) أخرجه البخاري في كتاب العتق، باب كراهية التطاول على الرقيق، برقم 2552 ومسلم في كتاب الألفاظ من الأدب، باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد، برقم 2249. (4) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 وتعالى (1)». مع أنه سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، لكن خشي عليهم من هذه المواجهة أن يقعوا في الغلو. فلا ينبغي لك أن تقول: يا سيدي فلان، أو أنت سيدنا لزيد أو عمرو لا. تقول: يا أبا فلان، يا فلان، تدعوه باسمه أو بكنيته أو نحو ذلك من الأسماء المشهورة، التي يتسمى بها، لكن ليس فيها سيدي ولا مولاي، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، التأدب مع ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم والتقيد بالآداب الشرعية في الألفاظ والأعمال جميعا.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 75 - حكم المناداة بكلمة سيد فلان س: تكثر عندنا المناداة بكلمة سيد فلان، وذلك لكونه يرجع في النسب إلى أسر معينة، هل يصح هذا؟ (1) ج: إذا عرف بذلك فلا بأس. السيد فلان، السيد فلان؛ لأن كلمة السيد تطلق على رئيس القوم، وعلى الفقيه والعالم وعلى من كان من ذرية فاطمة، من أولاد الحسن يقال له: سيد، كل هذا اصطلاح بين الناس معروف، وكانت العرب تسمي رؤساء القبائل والكبراء سادة: سيد بني فلان فلان، وسيد بني فلان فلان. مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم، «لما   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (153). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 سأل بعض العرب: " من سيدكم يا بني فلان، من سيدكم يا بني فلان؟ (1)» يعني من رئيسكم؛ ومثل ما قال صلى الله عليه وسلم في الحسن: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين (2)»، إنما يكره أن يخاطب الإنسان سيدي، يا سيدي، يا سيدنا، يكره هذا: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قيل له: أنت سيدنا، قال: «السيد الله تبارك وتعالى (3)». ولأن هذا قد يكسبه غرورا وتكبرا وتعاظما، فينبغي ترك ذلك، بل يقال: يا أبا فلان، يا فلان، بالأسماء والألقاب التي تعرف، وأما التعبير عند المخاطبة له بسيد، يا سيدي، يا سيدنا؛ ترك هذا هو الأولى.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين حديث وفد عبد القيس رضي الله تعالى عنه، برقم 15559. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما " ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين)، برقم 2704. (3) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 باب ما جاء في الولاء والبراء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 باب ما جاء في الولاء والبراء 76 - حكم التشبه بالكفار س: تعلمون أنه يجب على المسلم أن يكون ذا شخصية مميزة، تابعة لتعاليم ديننا الحنيف، من المحافظة على هيئته ولباسه، وتمسكه بالسنة المطهرة، وعدم التقليد المقيت لعادات مجتمعه، بل يتبع شرع الله وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وحيث إنه جاءت في العالم الإسلامي عادات قادمة من الغرب، والبلاد النصرانية، بل ودخلت في بعض الأنظمة كالنظم العسكرية ونظام الخدمة المدنية، وحيث إن الرسول قد أمر بمخالفة اليهود والنصارى بكل شيء، وفي الحديث: «لا تشبهوا باليهود فمن تشبه بقوم حشر معهم» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وحيث إن هناك حديثا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيه: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 ، فمن؟ (1)». فهل يأثم المسلم بهذا التشبه؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير (2). ج: نعم الواجب على المسلم أن يستقل بنفسه، وأن يتباعد عن مشابهة أعداء الله، كما أمره الله بذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم حذر الأمة من اتباع سنن من كان قبلها، الأمم الكافرة اليهود والنصارى والمجوس أو غيرهم من الكفرة، فدل ذلك على وجوب استقلال المسلمين بزيهم الخاص، وطاعاتهم التي أوجب الله عليهم، وشرعها لهم إلى غير ذلك، وأن لا يتشبهوا بأعدائهم لا في أخلاقهم، ولا في أعمالهم ولا في أقوالهم، ولا في أعيادهم، ولا في أزيائهم، ولهذا روى الإمام أحمد رضي الله عنه ورحمه، بإسناد جيد عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل: «ومن تشبه بقوم فهو منهم (3)». . أوله: «بعثت بين يدي الساعة، حتى يعبد الله وحده، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم (4)». فالواجب على المؤمنين والمسلمين أن يبتعدوا عن التشبه بأعداء الله في جميع الأمور، وأن يستقلوا بأنفسهم في جميع أمورهم حتى   (1) البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (6889)، مسلم العلم (2669)، أحمد (3/ 84). (2) السؤال الخامس من الشريط رقم (57). (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر، برقم 5094. (4) أحمد (2/ 92). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 يتميزوا عن عدوهم وحتى يعرفوا أينما كانوا بزيهم وطرائقهم وعاداتهم الإسلامية، وأعمالهم الإسلامية. لكن لو وجد شيء مشترك، فعله المسلمون والكافرون، فلا يسمى هذا تشبها كما وقع الآن في ركوب الطائرات، وركوب السيارات كانت هذه أولا عند أعدائنا ثم يسر الله لنا الانتفاع بها، هذا صار الآن مشتركا ليس فيه تشبه بأعداء الله، ولا يمنع استعمالهم هذه الطائرات، أو لهذه القطارات، أو السيارات أن نستعملها وهكذا ما حدث من القوات التي يستعان بها في الحرب للمسلمين، أن يأخذوها ليدافعوا بها عن دينهم، وعن بلادهم وحتى يعملوا بقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (1). فالأمور التي للمسلمين فيها نفع يجوز لهم أن يأخذوها من عدوهم، ولا يسمى تشبها، لما فيه من الإعداد والنفع العام للمسلمين، وهكذا الأشياء التي اشترك فيها المسلمون، وصارت من عادة الجميع لا يكون فيها تشبه، وإنما التشبه يكون فيما اختصوا به، وصار من زيهم الخاص، المقصود أن الأشياء التي فيها نفع لنا ولا يختص فيها المشركون، أما ما كان خاصا بالمشركين، ليس لنا فيه نفع لا نتزين به، لكن الذي فيه نفع نأخذه منهم ونحتج بقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (2) والله سبحانه يقول:   (1) سورة الأنفال الآية 60 (2) سورة الأنفال الآية 60 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} (1)، والحذر من أمور الدين التي هي من زيهم وأخلاقهم، وليست من ديننا، وإذا كان من ديننا نستعمله، ولو تشبهوا بنا فيه ولو شاركونا كما لو أجمعوا على إرخاء اللحى، نرخيها نحن، ولو أرخوها لا نخالفهم في ذلك، بل نرخيها لأننا مأمورون بإرخائها وهكذا لو بنوا المساجد وصلوا في المساجد لا نهدم مساجدنا ما كان من ديننا نلزمه ولو شاركونا فيه، وكذلك الأنظمة التي تنفعنا نأخذ بها، كنظام المرور والشرطة ونظام كذا وكذا الذي ينفع الأمة.   (1) سورة الأعراف الآية 32 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 77 - حكم توريد البطاقات الخاصة بأعياد الكفار س: هل يجوز توريد البطاقات الكروت الخاصة بأعياد المسيحيين وما شابهها، مثل الكرسمس وأشكاله، هل يجوز توريدها أو حملها أو الاعتناء بها؟ (1) ج: الذي يظهر لي أن هذا لا يجوز؛ لأن هذا فيه إشاعة لها، وربما اغتر بها بعض الناس فظن أنها جائزة، وربما أفضت إلى تقليدهم، والتشجيع على تقليدهم في هذه الأعياد المبتدعة، فلا ينبغي   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (311). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 أن تروج هذه البطاقات، ولا ينبغي أن تتداول بين الناس بل ينبغي إتلافها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 78 - حكم الصلاة على والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم س: نعلم أن هناك مجلسا لذكر الله، وعندنا أصبح مجلس اسمه مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى والديه وسلم، أو اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم؛ على حسب الإمام. فهل هذا المجلس جائز؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1). ج: الصلاة على والدي النبي لا تجوز؛ لأن والدي النبي ماتا على الجاهلية، فلا يصلى عليهما، ولا يدعى لهما، فعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «استأذنت ربي أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي (2)» وقال لرجل سأله عن أبيه: «إن أبي وأباك في النار (3)» فلا يجوز الصلاة عليهما، ولا الدعاء لهما، ولكن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم تقول: (اللهم صل على محمد، اللهم صل على نبينا محمد، على سيدنا محمد) هذا طيب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (311). (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، برقم 976. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 «من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا (1)» في أي وقت. أما جعل مجالس خاصة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت جماعي وبلفظ جماعي، فهذا لا أصل له، لكن إذا سمعت من يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام فصل عليه، وإذا سمعت من يذكر النبي فصل عليه، عليه الصلاة والسلام، وأنت في طريقك، وفي بيتك في المسجد تصلي على النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن النبي عليه السلام يقول: «من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا» والله يقول في كتابه العظيم القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (2) اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، وإذا قلت: اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه، أو اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته؛ كله طيب، والمقصود الصلاة عليه وعلى آله، كله طيب، أما ذكر والديه فلا، ولا يدخل والديه في الدعاء والصلاة المخصوصة بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهما لم يسلما، فهما غير داخلين في آله؛ آله يعني أهل بيته من المسلمين وأتباعه هم آله، وأهل بيته الطيبون، كفاطمة وكزوجاته وكعلي وكالحسن والحسين وغيرهم، ممن أسلم من بني هاشم، هم من آله، أما أبواه فليسا من آله، الذين يصلى عليهم، ويدعى لهم؛ لأنهما ماتا على دين الجاهلية.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 408. (2) سورة الأحزاب الآية 56 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 79 - حكم مشاركة الكفار في أعيادهم س: يلاحظ أن بعضا من المسلمين يشاركون المسيحيين في عيد الميلاد والكرسمس كما يسمونه، ويرجو التوجيه في ذلك (1). ج: لا يجوز للمسلم ولا للمسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم، بل يجب ترك ذلك؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم، والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم، فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك، وأن لا يساعد في إقامة هذه الأعياد بأي شيء؛ لأنها أعياد مخالفة لشرع الله، ويقيمها أعداء الله فلا يجوز الاشتراك فيها ولا التعاون مع أهلها ولا مساعدتهم بأي شيء لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بأي شيء من الأمور كالأواني ونحوها وأيضا يقول الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (2). فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان، فالواجب على كل مسلم وكل مسلمة ترك ذلك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك، الواجب أن ينظر في الشرع الإسلامي وما جاء   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (73). (2) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 به وأن يمتثل أمر الله ورسوله، وأن لا ينظر إلى أمور الناس، فإن أكثرهم لا يبالي بما شرع الله، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (1) وقال سبحانه: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (2) فالعوائد المخالفة للشرع لا يجوز الأخذ بها، وإن فعلها الناس، والمؤمن يزن أقواله وأفعاله، ويزن أقوال وأفعال الناس بالكتاب والسنة، كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما وافقهما أو أحدهما فهو المقبول، وإن تركه الناس، وما خالفهما أو أحدهما، فهو المردود ولو فعله الناس، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.   (1) سورة الأنعام الآية 116 (2) سورة يوسف الآية 103 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 80 - حكم الإحسان إلى الكافر الذمي والمستأمن س: نحن - الحمد لله - مسلمون، ولدينا أخ مسيحي هل يجوز الأكل والشرب معه أو لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1). ج: المسيحي ليس أخا لك، إذا كنت مسلما، إلا إذا كان أخا لك من النسب، الكافر ليس أخا لك، يقول الله جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (2)   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (209). (2) سورة الحجرات الآية 10 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم (1)»، فالمسلم هو أخو المسلم، وليس أخا للكافر، وإن كان أخا لنسبه، لكن ليس أخا في الدين، سواء كان يهوديا أو نصرانيا، أو مجوسيا أو شيوعيا أو قاديانيا أو وثنيا كل هؤلاء الكفرة ليسوا إخوة لنا بل بيننا وبينهم البغضاء والعداوة، وإن أحسنا إليهم، إذا كانوا فقراء ليسوا محاربين، لا مانع أن نحسن إليهم، إذا كانوا أهل ذمة أو مستأمنين، نحسن إليهم لفقرهم، وندعوهم إلى الإسلام لا بأس، لكن ليسوا إخوة لنا، وليسوا أحبابا لنا، بل نبغضهم في الله حتى يهتدوا، ومع هذا نحسن إليهم وندعوهم إلى الله، ونسأل الله لهم الهداية، كل هذا مطلوب، أما إذا كانوا حربا لنا، بيننا وبينهم القتال، ليس لهم ذمة ولا أمان، فهؤلاء نبغضهم في الله ونقاتلهم، ولا نعطيهم شيئا ولا نساعدهم على المسلمين، بل نبغضهم في الله ونحاربهم ونقطع الصلة بيننا وبينهم، ولا نساعدهم بشيء أصلا، بل إعانتهم على المسلمين كفر وردة، وهذا المسيحي لا تتخذوه صاحبا ولا تواكلوه، لكن إذا بليت به، ساكن معك، أو ضيف لا مانع أن تأكل معه، لكن لا تتخذه صاحبا ولا بطانة   (1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم 2442، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم 2580. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 بل اتخذه عدوا وبغيضا في الله عز وجل حتى يهتدي وأما مواكلته العارضة، بسبب الضيافة أو بسبب أنه نزل معك في محل السكن، لعارض فإنك تأكل معه إذا دعت الحاجة، ولكن تسعى في الخلاص من صحبته ومساكنته؛ لئلا يجرك إلى بلائه، ولئلا تتساهل فيما أوجب الله عليك من شأنه، والله المستعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 81 - حكم النداء بالألفاظ التي تسبب الكبر س: عندنا مدرسون غير مسلمين، وغالبا ما نناديهم بكلمة " سير " باللغة الإنجليزية، وهذه الكلمة تعني سيدي بالعربي فهل هذا يجوز؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء (1). ج: إذا كان معناها يا سيدي فالذي ينبغي تركها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له أنت سيدنا، قال: «السيد الله تبارك وتعالى (2)»، ولأن لفظة سيدي قد تسبب عظمة في نفسه وكبرياء، وتجره إلى الكبرياء والغلو، والتكبر ونحو ذلك، فالحاصل أن الأولى عدم نداء الأستاذ أو الأخ بسيدي أو ما يدل على معناها، ولكن يقول: يا أبا فلان، يا فلان بالألقاب الأخرى التي يرتضيها، وليس فيها غلو أو بكنيته أو باسم معروف.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (32). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 82 - معنى الحب في الله والبغض في الله س: أبو أحمد من الرياض يقول: علمنا أن من أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، فما معنى الحب في الله؟ وما معنى البغض في الله؟ (1) ج: الحب في الله أن تحب من أجل الله جل وعلا؛ لأنك رأيته ذا تقوى وإيمان، فتحبه في الله وتبغضه في الله: لأنك رأيته كافرا عاصيا لله فتبغضه في الله أو عاصيا، وإن كان مسلما فتبغضه بقدر ما عنده من المعاصي، هكذا المؤمن يتسع قلبه لهذا أو هذا، يحب في الله أهل الإيمان والتقوى، ويبغض في الله أهل الكفر والشرور والمعاصي، ويكون قلبه متسعا لهذا وهذا وإذا كان الرجل فيه خير وشر كالمسلم العاصي أحبه من أجل إسلامه، وأبغضه من أجل ما عنده من المعاصي ويكون فيه الأمران، الشعبتان، شعبة الحب والبغض، أهل الإيمان والاستقامة يحبهم حبا كاملا وأهل الكفر يبغضهم بغضا كاملا وصاحب الشائبتين صاحب المعاصي يحبه على قدر ما عنده من الإيمان والإسلام، ويبغضه على قدر ما عنده من المعاصي والمخالفات.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (356). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 باب ما جاء في أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم جميع الثقلين الجن والإنس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 باب ما جاء في أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم جميع الثقلين الجن والإنس 83 - أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم جميع الثقلين الجن والإنس س: من هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ وهل هم الجيل الذي بعث فيهم إلى قيام الساعة، أم هم الذين آمنوا به وصدقوه واتبعوه؟ (1) ج: أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم جميع الثقلين، الجن والإنس هم أمته، لكن يقال لهم: أمة الدعوة، كلهم مدعوون، كلهم مكلفون، مأمورون بتوحيد الله، وطاعته واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم وترك ما نهى عنه، كلهم مأمورون جنهم وإنسهم، قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (2)، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (3) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة عليه الصلاة والسلام (4)».   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط (33). (2) سورة الأعراف الآية 158 (3) سورة سبأ الآية 28 (4) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب قول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) برقم 335. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 الأمة الثانية أمة الإجابة، وهم الذين أجابوه واتبعوه، وهم الأمة التي أثنى الله عليها ومدحها الذين أجابوه واتبعوا شريعته، كما في قوله سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (1) هؤلاء الذين آمنوا به، لهم الفضل العظيم، أما أولئك الذين لم يؤمنوا فيقال لهم: أمة الدعوة، ولهم النار يوم القيامة؛ لعدم إيمانهم بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا من لم تبلغه دعوته، فلم يعلم به عليه الصلاة والسلام، لكونه في أطراف بعيدة، فهذا يمتحن يوم القيامة، ويسمون أهل الفترة، يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب ما طلب منه صار إلى الجنة، ومن عصى دخل النار، أما الذين سمعوا به وعلموا به، ولم يستجيبوا فإنهم يكونون من أهل النار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بي إلا كان من أصحاب النار (2)» رواه مسلم في الصحيح، وفي قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} (3) فهو رسول الله إلى الجميع عليه الصلاة والسلام، فمن اتبعه وسار على منهجه، بتوحيد الله وطاعته، فهو من أمة الإجابة وله الجنة يوم القيامة، ومن أبى   (1) سورة آل عمران الآية 110 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، برقم 153. (3) سورة هود الآية 17 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 كاليهود والنصارى والشيوعيين والوثنيين وسائر الملحدين، من أبى عن الدخول في دينه فهو من أهل النار إلا الذين لم يبلغهم أمره، فهؤلاء يمتحنون يوم القيامة ويقال لهم: أهل الفترة، والله يقول سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم يأمره أن يبلغ الناس، يقول جل وعلا يأمر نبيه أن يقول ذلك: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (1) ويقول سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} (2) فالله جعل القرآن بلاغا وهكذا ما أخبر به النبي بلاغ عليه الصلاة والسلام، والقرآن والأحاديث كلها بلاغ، فمن اتبع القرآن والسنة، ووحد الله، واتبع الشريعة فهذا هو المؤمن، وهؤلاء هم أهل الجنة، وهم أمة الإجابة، إلى يوم القيامة، ومن حاد عن السبيل، ولم يستجب للدعوة كاليهود والنصارى أو غيرهم، فهو من أهل النار يوم القيامة، لكن من كان بعيدا في أطراف الدنيا لم يسمع عن القرآن، ولا عن محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا يقال له: من أهل الفترة، يسمى من أهل الفترة، ليس عنده علم، فهذا يمتحن يوم القيامة، جاءت الأحاديث بأنه يمتحن يوم القيامة، ويبعث إليه جزء من النار فإن أجابه دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.   (1) سورة الأنعام الآية 19 (2) سورة إبراهيم الآية 52 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 84 - بيان أنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الجن والإنس كافة س: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجن والإنس كافة، والسؤال: هل كان هذا شأن الرسل قبله عليهم السلام، أم أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان أول رسول إلى هؤلاء الخلق (الجن)؛ وجهونا جزاكم الله خيرا (1). ج: كان الأنبياء والرسل مأمورين كل واحد يرسل إلى قومه، والجن لهم نذر ينذرونهم، من قومهم، من جماعتهم، أما رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد أرسل للجميع لجميع الجن والإنس هذه خاصة عليه الصلاة والسلام، لم يبعث رسول إلى الجن والإنس جميعا إلا محمد عليه الصلاة والسلام؛ لأن كل رسول يبعث إلى قومه من جن وإنس، قومه في جهته أو مكانه من جن وإنس هو المبعوث إليهم، وإن كان لا يعرف تفاصيل الجن ولا أسماء الجن، لكن هو مبعوث إليهم، عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا، وينتفعوا برسالته، ويعملوا بها إذا كانوا من قومه من بلده، من قومه الذين بعث إليهم، فإنهم يلزمهم أن يتبعوا هذا الرسول؛ لأنه أرسل إلى قومهم، والله أعلم سبحانه بحقيقة ذلك.   (1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (295). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 85 - الجن مخاطبون بما خوطب الإنس من الشرائع س: من المعلوم أن الجن والإنس مكلفون، كما في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1) وكما في قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} (2) {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} (3) على أي طريقة كان يتعبد الجن، ذلك أنهم خلقوا قبل آدم؟ فكيف كانت عبادتهم قبل أولي العزم من الرسل؟ (4) ج: الذي نعلمه من الشرع أنهم مخاطبون بما خوطب به الإنس من الشرائع، إلا ما استثني مما لا نعلمه، فلهم أشياء تخصهم لا نعلمها، والنبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بهم، وبلغهم أشياء فلا نعلم شيئا يخصهم دوننا، فالأصل أنهم مكلفون بما كلف به الإنس، من صلاة وغيرها إلا ما استثناه الشارع في حقهم، مما لا نعلم ونقول ما كلفوا به، وخصهم الله به مما لا نعلمه، الله الذي يعلمه سبحانه وتعالى، وهو سائلهم عنه جل وعلا، أما ما كلفنا به جميعا فهم مسئولون عنه أيضا، وقد أنزل الله سورة الرحمن وخاطبهم فيها جميعا مع الإنس، بعد كل آية يقول: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (5)، فهم مسئولون ومكلفون وموعودون   (1) سورة الذاريات الآية 56 (2) سورة الجن الآية 1 (3) سورة الجن الآية 2 (4) السؤال الرابع عشر من الشريط (57). (5) سورة الرحمن الآية 13 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 بالجنة والنار مطيعهم في الجنة وعاصيهم في النار، كما قال عز وجل: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} (1) {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} (2)، وقال قبل ذلك: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} (3)، فهم فيهم الصالحون وفيهم المبتدعة، وفيهم الكفار وفيهم الفساق، كالإنس؛ فليس لنا أن نقول على الله بغير علم، فالأصل أنهم مكلفون بما كلفنا به، إلا ما استثناه الشارع فيما بينه وبينهم، وأعلمهم به مما لا نطلع عليه، فعلمه إلى الله سبحانه وتعالى، وعليهم أن يؤدوا ما أوجبه الله عليهم، ومن قصر منهم فله حكم المقصرين، من كفر أو عصيان إن كان كفرا فكفر وإن كان عصيانا فعصيان، وهو أيضا مجزي بعمله يوم القيامة، كما دلت عليه سورة الرحمن، وسورة الجن والله سبحانه أعلم. س: الأخ هـ. هـ يقول: هل يدخل المؤمنون من الجن الجنة مع الإنس؟ وأين تكون منازلهم في الجنة؛ وهل يلتقون مع الإنس أيضا؟ (4) ج: الكفار من الجن والإنس في النار والمؤمنون من الجن والإنس في الجنة، قال الله تعالى في سورة الرحمن: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (5). .   (1) سورة الجن الآية 14 (2) سورة الجن الآية 15 (3) سورة الجن الآية 11 (4) السؤال الأول من الشريط رقم (426). (5) سورة الرحمن الآية 46 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 يعني: من الجن والإنس، {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (1)، وقال جل وعلا في سورة الرحمن: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} (2) {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} (3)، فالجن والإنس سواء سواء، من آمن منهم ومات على الإيمان دخل الجنة، ومن مات على الكفر دخل النار سواء جنا أو إنسا.   (1) سورة الرحمن الآية 13 (2) سورة الرحمن الآية 43 (3) سورة الرحمن الآية 44 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 86 - بيان أصل الجن س: من المعلوم أن الجن والإنس من مخلوقات الله تعالى، وقد أمرهم بالعبادة في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)، هل الجن يؤذون الإنس؛ وكيف؟ وبأي طريقة؟ وما أعراض الشخص المصاب؟ وكيف الشفاء إذا وقع؟ (2) ج: الجن ثقل عظيم، خلقهم الله لعبادته، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (3)، والصحيح أنهم أولاد إبليس يقال لهم   (1) سورة الذاريات الآية 56 (2) السؤال الثالث من الشريط (13). (3) سورة الذاريات الآية 56 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 الجن، هو أبوهم، كما أن آدم أبو الإنس وهم فيهم الكافر وفيهم المسلم وفيهم العاصي مثل بني آدم فيهم الطيب والخبيث، والله كلفهم بعبادته وطاعته، وفرض عليهم فرائض، فالواجب عليهم أن يسمعوه ويطيعوه، وأن ينقادوا لأمر الله، وأن يعظموا حرماته، وهم أصناف وأشكال، يأكلون ويشربون وينكحون ويتناسلون، هم أصناف وأشكال وقد يؤذون بني آدم، كما يؤذي بنو آدم بعضهم بعضا، قد يؤذي الجن الإنس في بعض الأحيان بالحجارة، أو بشب النار في بعض أمتعتهم، أو بكلام مزعج، أو بغير ذلك، وقد يؤذون أيضا في تلبس الجن بالإنس، وفي الغالب أن يكون هذا بأسباب من الإنس، إما بطرح شيء ثقيل ولم يسم، أو صب ماء حار ولم يسم، أو ما أشبه ذلك مما قد يؤذيهم هو فيتسلطون بسبب الأذى الذي حصل من الإنس، فيتلبس به الجن، ولكن متى قرئ عليه من آيات الله جل وعلا الكريمة، وطولب بالخروج وخوف من الله سبحانه وتعالى، وقرأ عليه من لديه قوة في دين الله، وإيمان قوي فإنه يخرج، إذا كان فيه دين، إذا كان فيه خير ويتعظ ويتذكر، وقد لا يخرج إذا كان فاسقا أو كافرا، مثل فسقة الإنس، قد يظلمون ويتعدون ولا يبالون بالنصيحة، لكفرهم أو فسقهم، فهم كالإنس فيهم الفاسق وفيهم الكافر وفيهم الظالم وفيهم الطيب، وفيهم الخبيث، والله شرع لنا أن نتقي شرهم بالتعوذات، الإنسان مشروع له صباحا ومساء أن يقول: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات، (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات، صباحا ومساء كل هذا من أسباب السلامة من الجن وغيرهم، كذلك قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وقراءتها عند النوم من أسباب حفظ الله من الشياطين، وهكذا قراءة قل هو الله أحد، والمعوذتين بعد كل صلاة، وقراءتها ثلاث مرات بعد المغرب والفجر، كل هذا من أسباب السلامة من شياطين الإنس والجن، والمؤمن ينبغي له أن يكون بعيدا عن أسباب الأذى للإنس والجن جميعا، ومن كان معتصما بالله، وأخذ بالأسباب الشرعية وقاه الله شر الإنس والجن جميعا، ومن تساهل فقد يسلط عليه الإنس والجن، بسبب تساهله أو عدوانه أو ظلمه نسأل الله السلامة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 87 - بيان معنى شياطين الجن والإنس س: ما الفرق بين الشيطان والجن؛ وهل الشيطان يتناسل من ذكر وأنثى؛ وإذا كان أبوهم طرد من الجنة؛ لأنه عصى ربه، ووعده الله بالنار، فلماذا لا ينصح أولاده لينجوا من النار؟ هل الشيطان يتعامل مع الإنسان بأنه يخدمه، مقابل عصيان الإنسان لربه؟ وهل هناك جن مسلمون يخدمون المسلمين، كخدمتهم لسيدنا سليمان عليه السلام؟ وإذا كان الشيطان أو الجن في استطاعته خدمة الإنسان أو ضره، فلماذا لا يساعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 المسلمون من الجن المسلمين من الإنس في حربهم مع الكفار، ونقل أسرارهم ونصرة الإسلام؟ ولماذا ما يساعد الكفار منهم كفار الإنس على المسلمين بأي شكل من الأشكال؟ أرجو التوجيه حفظكم الله. وإذا نويت عمل خير في قلبي هل يعلم به الشيطان، ويحاول صرفي عنه؟ وإذا كان هذا كله يوجد فهل هناك دليل من الكتاب والسنة؟ وهل حصلت أمثلة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان يوجد كتاب فيه مثل هذه المسائل دلوني عليه لأستطيع أن أنجو من شر الشياطين، نجاني الله وإياكم وجميع المسلمين. والسلام عليكم (1). ج: الشياطين من الجن، وهم متمردوهم وأشرارهم، كما أن شياطين الإنس هم متمردو الإنس وأشرارهم، فالجن والإنس فيهم شياطين، وهم متمردوهم وأشرارهم، من الكفرة والفسقة، وفيهم المسلمون من الأخيار الطيبين، كما في الإنس الأخيار الطيبون، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (2)، والشيطان هو أبو الجن عند جمع من أهل العلم، وهو الذي عصى ربه واستكبر عن السجود، وقال آخرون من أهل   (1) السؤال الثاني من الشريط (166). (2) سورة الأنعام الآية 112 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 العلم: إن الشيطان من طائفة من الملائكة، يقال لهم: الجن استكبر عن السجود فطرده الله، وأبعده وصار قائدا لكل شر، ولكل خبيث ولكل كافر أو ضال، وكل إنسان معه شيطان، ومعه ملك كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فالشيطان يملي عليه الشر ويدعوه إلى الشر، وله لمة بقلبه، وله اطلاع بتقدير الله على ما يقوم به العبد ويلهي العبد بين الخير والشر، والملك كذلك فهذه أشياء مكنهم الله منها، مكن القرينين: القرين من الجن، والقرين من الإنس، وهو شيطان، قرين الجن مع الإنسان، كما قاله عليه الصلاة والسلام، لما قال: «ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة "، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم (1)». المقصود أن كل إنسان معه قرينه من الملائكة وقرينه من الشياطين، فالمؤمن بطاعة الله ورسوله، والاستقامة على دين الله يقهر شيطانه، ويذل شيطانه ويهين شيطانه، حتى يكون ضعيفا لا يستطيع أن يغالب، ويمنع المؤمن من الخير. والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه حتى يقوى على مساعدته على الباطل، وعلى تشجيعه على الباطل، وعلى تثبيطه عن الخير، فعلى المؤمن أن يتقي الله، وأن يحرص على جهاد شيطانه، بطاعة الله ورسوله والتعوذ بالله من الشيطان، وعلى أن يحرص   (1) أخرجه مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس، برقم 2814، وأخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم 3792. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 في مساعدة ملكه على طاعة الله ورسوله، والقيام بأمر الله سبحانه تعالى، والمسلمون يعينون إخوانهم من الجن، على طاعة الله ورسوله كالإنس، وقد يعينون الإنس في بعض المسائل، وإن لم يعلم الإنس قد يعينونهم على طاعة الله ورسوله، وقد يسمع الإنس منهم بعض الشيء، وقد يوقظونه للصلاة، وقد ينبهونه على أشياء تنفعه، وأشياء تضره، كل هذا واقع وإن كانوا لا يتمثلون له، وقد يتمثل الجني لبعض الناس في دلالته على الخير، وفي دلالته على الشر، قد يقع هذا ولكنه قليل، والغالب أنهم لا يظهرون للإنسان، وإن سمع صوتهم في بعض الأحيان، يوقظونه للصلاة أو يخبرونه ببعض الأخبار، فالحاصل أن الجن من المؤمنين لهم مساعدة للمؤمنين، وإن لم يعلم المؤمنون، ويحبون لهم كل خير، وهكذا المؤمنون من الإنس يحبون لإخوانهم من الجن المؤمنين الخير، ويسألون الله لهم التوفيق، ويحضرون الدروس ويحبون سماع العلم، فالمؤمنون من الجن يحضرون دروس الإنس في بعض الأحيان وفي بعض البلاد ويستفيدون من دروس الإنس، كل هذا واقع ومعلوم، وقد صرح به كثير ممن اتصل به الجن، وسألوه عن بعض المسائل العلمية وأخبروه أنهم يحضرون دروسه، كل هذا أمر معلوم، وفيه كتب كثيرة كتبت في هذا الباب، وابن القيم رحمه الله في كتبه قد ذكر كثيرا من هذا، وفيه كتاب لبعض العلماء سماه آكام المرجان في بيان أحكام الجان، لشخص يقال له: الشبلي، وهو كتاب مفيد، ولا بد أن هناك كتبا أخرى قد صنفت في هذا الباب، في إمكان الإنسان أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 يلتمسها، ويسأل عنها في المكتبات التجارية، وفي إمكانه يستفيد من كتب التفسير، على سورة الجن: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} (1)، والآيات الأخرى التي فيها أخبار الجن، بمراجعة التفاسير ليستفيد الإنسان من ذلك، مما قاله المفسرون رحمهم الله، في أخبار الجن من أشرارهم وأخيارهم. س: يقول بعض الناس: إن هناك شيطانا قد أسلم وشيطانا كفر. هل هذا صحيح؟ (2) ج: الجن فيهم المسلم وفيهم الكافر، والشيطان هو المتمرد، شياطين الجن متمردوهم، وشياطين الإنس متمردوهم، فذرية الشيطان من الشياطين، هم على حالهم شياطين، يصدون الناس عن الهدى، ومن هداه الله من الجن ما يسمى شيطانا، الشيطان هو الذي يتمرد عن الحق والهدى، ويتبع جده الشيطان في الباطل، ومن هداه الله منهم، كان من جنسنا له فضله، وله ما وعد الله به من الجنة والخير، كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} (3) فإذا أسلم من تشيطن منهم، ورجع إلى الإسلام وتمسك   (1) سورة الجن الآية 1 (2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (131). (3) سورة الجن الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 بالإسلام، هو مثل الإنس الذي كان كافرا ثم رجع إلى الإسلام، وهداه الله، فالجن والإنس فيهم الكافر، وفيهم المسلم، وفيهم المبتدع، وفيهم العاصي، وفيهم الجهمي، وفيهم الرافضي، وفيهم غير ذلك، كما قال سبحانه: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} (1) ثم قال بعده: {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} (2) يعني أقساما متفرقة، وفرقا متنوعة، فيهم الطيب والخبيث، فيهم الصالح والطالح، فيهم صاحب السنة وصاحب البدعة، وقال في الآية التي بعدها: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} (3) {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} (4) القاسط العادل عن الحق، يقال: قسط إذا جار، أما أقسط فهو العادل، ومنه قوله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (5) أهل العدل والفضل والبصيرة، فالمقسط صفة مدح، وهو الذي التزم الحق واعتدل، وأخذ بالعدالة، والقاسط المائل عن الحق الذي جار عن الحق، وأبى اتباع الحق، ولهذا قال سبحانه: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ} (6) يعني الجائرين المنحرفين عن الحق {فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} (7) فهكذا يقال في الجن والإنس، فهم سواء: من ترك شركه وباطله، ودخل في الإسلام فله ما للمسلمين، من الجن والإنس، وعليه ما عليهم، ومن بقي في شيطنته وكفره وضلاله، فله ما لأصحابه من جن أو إنس، ومن استقر على الهدى ومضى على الهدى، وسار على الهدى، فله ما وعد الله به المهتدين، والله المستعان.   (1) سورة الجن الآية 11 (2) سورة الجن الآية 11 (3) سورة الجن الآية 14 (4) سورة الجن الآية 15 (5) سورة المائدة الآية 42 (6) سورة الجن الآية 15 (7) سورة الجن الآية 15 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 88 - حكم مصاحبة الجان للإنس س: يوجد في منطقتنا شخص يسكن في بيت وحده، ويدعي وجود الجان في بيته، ولا يستطيع حسب قوله إشعال النور ليلا، ويغمض عينيه في أغلب الأحيان، وقد زار منزله بعض ممن يدعي معرفة الجان، وقالوا: إن البيت فعلا يسكنه الجان يأكلون معه، وهناك جنية تصحبه دائما. فهل حقيقة أن الجان تتحكم في بعض الناس بهذه الطريقة؟ وهل في شريعتنا الغراء ما يتم به طرد الجان من مثل هذا البيت؛ أرجو الإفادة؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: نعم، قد يقع هذا لبعض الناس، وقد يصحبه الجان وقد يضلونه، وقد يغرونه بأشياء تضر الناس، وقد يعطونه بعض العلوم المغيبة التي اطلعوا عليها باستراق السمع، أو بمجيء من بلدان لأخرى، كأن يخبروه بأنه مات أمير البلد، أو مات فلان في البلد الفلاني؛ لأن الشياطين يخبر بعضهم بعضا، وهم سريعو التنقل من بلد إلى بلد، وقد يسترقون السمع، ويسمعون شيئا من الملائكة في السماء، أو في سماء الدنيا أو في العنان فيبلغون أولياءهم من الإنس، فالإنسي قد يكون له صاحب من الجن، يسمونه الرئي، ويسمى صاحبه الكاهن، هذا واقع من قديم الزمان، وكل إنسان معه شيطان ومعه ملك قرين.   (1) السؤال السادس من الشريط (135). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 وقد يكون الشيطان الذي مع الإنسان يصحب هذا ويدعوه إلى الحضور. وقد يتعاون معه على مقاصدهم الخبيثة، مع هذا الرجل، أو مع هذه المرأة. هذا واقع من الناس، صحبة الجن واتخاذهم أولياء، والاستعانة بهم على ضرر بعض الناس، أو نفع بعض الناس، كل هذا واقع. ولكنه منكر لا يجوز، بل محرم، لا يجوز للمسلم أن يتخذهم أصحابا، من طريق الكهانة، أو طريق السحر، حتى يضر بهم الناس، بل يجب أن يحذرهم، ويجب على المسلمين أن يجاهدوا هؤلاء بما يزيل شرهم، وولي الأمر يبعث لهم من يستتيبهم فإن تابوا ورجعوا إلى الحق والصواب، وإلا عذبهم وعاقبهم بالضرب والسجن، حتى يتركوا هذه الشعوذة وهذا الفساد. وإذا علم منهم أنهم يدعون الجن ويستغيثون بالجن، ولهم ينذرون صار هذا شركا أكبر، يستحقون معه القتل. أو علم منهم أنهم يدعون الغيب، بسبب شياطينهم وأنهم يعلمون الغيب، وأنه سوف يكون كذا وسوف يكون كذا، فهم يستتابون أيضا، فإن تابوا وإلا قتلوا كفارا: لأن دعوى علم الغيب كفر. كما قال الله سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (1)، وقال سبحانه: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (2)، وقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم:   (1) سورة النمل الآية 65 (2) سورة هود الآية 123 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (1)، فإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق، وسيد ولد آدم لا يعلم الغيب، فغيره من باب أولى. فالواجب القضاء على هذه الشعوذة، وعلى هذا الشخص الذي يفعل ما ذكرت من الجلوس وحده، ودعواه أنه له جنية، وأنه لا ينور في بيته في الليل، وأنه يغمض عينيه، هذا كله من باب إيهام الناس، وأخذ أموالهم بالباطل، حتى يقول لهم: افعلوا كذا وافعلوا كذا، وسوف يكون كذا وسوف يكون كذا، هذا لا يجوز إقراره على حاله عند من له أدنى تمسك بالشرع من الولاة، بل الواجب على ولاة الأمور الإسلاميين، أن يأخذوا على أيدي هؤلاء، وأن يقضوا على خرافاتهم وشعوذتهم وإفكهم. ومعلوم إذا كان صادقا أنه يزول عنه هذا، إذا تاب إلى الله ورجع إلى الحق، وتاب إلى ربه من هذه الأشياء فإنها تبتعد عنه؛ لأنها تنزل على كل أفاك أثيم، والكذاب الأثيم على أصحابهم. فإذا تاب ورجع إلى الله، وصدق واستعاذ بالله من شرهم كفاه الله شرهم. ومن أسباب الوقاية كثرة قراءة القرآن، والتعوذ بكلمات الله التامات إذا دخل المنزل، وأن يقول صباحا ومساء: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السمع العليم   (1) سورة الأعراف الآية 188 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 ثلاث مرات، فإنه لا يضره شيء، وهكذا إذا قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات إذا دخل المنزل، كل هذا من أسباب العافية والسلامة من هؤلاء الأشرار، من الشياطين، شياطين الإنس والجن. فلا يجوز أن يقر هذا الشخص وأشباهه على هذا الباطل، وهذه الشعوذة المنكرة التي يضل بها الناس، ولا سيما الجهال، والله المستعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 89 - إمكانية ظهور الجن لبعض الناس ومصادقتهم س: هل يظهر الجن لبعض الناس ويعقد صداقات معهم؟ وهل الجني هو الشيطان؟ (1) ج: قد يظهر الجن لبعض الناس. والجن ثقل مستقل غير الإنس، والمشهور عند العلماء أنهم أولاد الشيطان، كما أن الإنس أولاد آدم، فالشيطان الذي هو الجان، الذي امتنع من السجود لآدم هو أبو الجن، فمنهم طيب، وكافرهم مثل كافر الإنس خبيث، فيهم الفاسق وفيهم الكافر وفيهم المؤمن الطيب، وفيهم العاصي، فهم أقسام مثل الإنس قد يتصل بعض الناس بهم، وقد يكلمهم ويكلمونه، قد يراهم بعض الناس، لكن الأغلب أنهم لا يرون كما قال جل وعلا:   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط (193). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} (1). يعني يروننا من حيث لا نراهم، وليس معناه أننا لا نراهم، قد نراهم، لكن من حيث لا نراهم قد يروننا، من جهات يروننا فيها ولا نراهم فيها، لكن الجني قد يبدو لبعض الناس في الصحراء، وفي البيوت، وقد يخاطب، وقد حدثنا جماعة من العلماء عن وقائع كثيرة من هذا، أن بعض الجن حضروا مجالس العلم، وسألوا عن بعض العلم وإن كانوا لا يرون، وبعض الناس قد يراهم يتمثلون في الصحراء وغير الصحراء، لكن لا تجوز عبادتهم من دون الله، ولا الاستغاثة بهم، ولا الاستعانة بهم على إضرار المسلمين، ولا سؤالهم عن علم الغيب، بل يجب أن يحذروا، أما دعوتهم إلى الله إذا عرفتهم، وتعليمهم ما ينفعهم، ونصيحتهم، ووعظهم، وتذكيرهم، فلا بأس بذلك. أما الاستعانة بهم أو الاستغاثة بهم، أو النذر لهم، أو التقرب إليهم بالذبائح خوف شرهم، كل هذا منكر، قال الله جل وعلا: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (2) يعني زادوهم شرا وبلاء. والآية فيها تفسيران: أحدهما زادوهم، يعني الجن زادوا الإنس ذعرا وخوفا، يعني فزاد الجن الإنس ذعرا وخوفا منهم. والمعنى الثاني فزادوهم رهقا، زاد الإنس الجن رهقا، يعني طغيانا وكفرا وعدوانا عليهم، لأنهم لما رأوا الإنس يخافونهم تكبروا عليهم، وزادوا في إيذائهم. وبكل حال فلا يجوز سؤالهم ولا الاستغاثة بهم   (1) سورة الأعراف الآية 27 (2) سورة الجن الآية 6 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 ولا النذر لهم، ولا نداؤهم لطلب حاجة، أو شفاء مريض، أو ما أشبه ذلك، لكن إذا كلمهم ينصحهم ويذكرهم ويدعوهم إلى الله ويعلمهم ما ينفعهم، فلا حرج في ذلك، كالإنس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 90 - بيان أن الشيطان يتكلم على ألسنة البشر س: هل الشيطان يتكلم على ألسنة البشر؟ (1). ج: قد يتكلم على السنة البشر، ويكذب عليهم وقد يغر الناس في أشياء كثيرة يكذبها.   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط (188). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 91 - حكم تلبس الجن بالإنس س: هل يجوز للجن الصالحين أن يسكنوا في أجساد المسلمين من الإنس، مع الدليل؟ مع العلم أن بعض الجن الصالحين لا يلحقون أذى بالإنس، بل ينزلون ويتلبسون؛ لكي يستمعوا الذكر والقرآن، وبعض الجن الصالحين يقرأ القرآن ويخرج مردة الجن من بعض الإنس بلسان صاحبه الإنسي الذي يسكن فيه، جزاكم الله خيرا (1).   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط (191). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 ج: لا شك أنه لا يجوز للجن أن يسكن في أجسام الإنس، ولا أن يتعدى عليهم، ولا أن يؤذيهم، ومن أعظم الظلم، ومن أعظم الأذى، أن يخالط الجني الإنسي، وأن يسكن في جسمه وأن يتلبس به، لما في ذلك من إفساد عقله، وجعله في حكم المجانين، ومع ما في ذلك من الشرور الأخرى، والأذى الآخر، والله يقول سبحانه: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} (1) ويقول جل وعلا في كتابه العظيم: {وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (2) ويقول: {وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا} (3) فلا يجوز للجني أن يؤذي الإنسي المسلم، ولا يجوز للإنسي أن يؤذيهم ويضرهم، كل منهم عليه الحذر من الآخر، والحذر من ظلمه، ومعلوم ما في حلول الجني في الإنسي من أضرار كثيرة، وفساد كبير سواء كان مسلما أو كافرا، ليس له أن يسكن في الإنسي، وليس له أن يؤذيه، ولا يضره، ومعلوم أيضا ما يحصل للناس من النفرة من هذا الذي داخله الجني، وما يحصل عليه من المضرة، والأذى في ذلك. فالواجب على الجن أن يحذروا ظلم الإنس، وأن يبتعدوا عن أذاهم. وإذا أراد سماع القرآن يسمعه في حلقات العلم، وحلقات القرآن من غير تلبسه بالإنسي، في إمكانه سماع القرآن وسماع   (1) سورة الفرقان الآية 19 (2) سورة الشورى الآية 8 (3) سورة الفرقان الآية 37 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 الأحاديث، بحضور حلقات العلم في المساجد، وغيرها. أما احتجاجه على ذلك أنه يحب أن يسمع منه القرآن هذا غلط، ودعوى خاطئة لا وجه لها. والله المستعان، وعلى الإنسي أن يتعوذ بالأعواذ الشرعية، التي يعيذه الله بها من الجن، ومن ذلك آية الكرسي عند النوم، ومن ذلك قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين عند النوم ثلاث مرات، ومن ذلك أن يقول مساء وصباحا: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. يقول صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. لم يضره شيء، حتى يرتحل من منزله ذلك (1)». وقال: «من قالها ثلاثا في ليلة لم تصبه حمة (2)». يعني: سما من ذوات السموم، ومن ذلك أن يقول: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ". ثلاث مرات يقول صلى الله عليه وسلم: " من قالها ثلاث مرات لا يضره شيء. صباحا ومساء (3)».   (1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 7838، والترمذي في كتاب الدعوات، باب الاستعاذة، برقم 3966. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 476. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 ومن ذلك أن يقول: «أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة (1)» كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يعوذ بهما الحسن والحسين كل ليلة، هذه التعوذات الشرعية مما يحفظ الله بها العبد من أذى الجن وغيرهم، ومن ذلك: «أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ينزل في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن (2)»، وفي الحديث: «"إن العبد إذا دخل بيته مساء، وقال: بسم الله قال الشيطان لغيره: لا مبيت، وإذا سمى عند أكله قال: لا مبيت ولا عشاء (3)». تسمية الله والتعوذ به من أسباب السلامة من الشياطين، فينبغي له أن يحافظ على ذلك، وأن يأخذ بالأوراد الشرعية، التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك حفظ من الله عز وجل، وسلامة العبد من أذى الجن والإنس جميعا. والله المستعان.   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} برقم 3371. (2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، حديث عبد الرحمن بن خنبش رضي الله عنه برقم، 15460. (3) أخرجه مسلم في كتاب: الأشربة، باب: آداب الطعام والشراب وأحكامهما، برقم 2018. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 92 - قتال علي رضي الله عنه للجن لا أصل له س: الأخ ع. ع. م. ق، من الجمهورية العربية اليمنية، يسأل ويقول: هل صحيح أن الإمام عليا رضي الله عنه حارب الجن؟ حيث ورد في كتاب غزوات الإمام علي ذلك، وأنه حاربهم حتى أوصلهم الأرض السابعة، ثم ما هو رأيكم في هذا الكتاب؟ (1). ج: كل هذا لا أصل له، لم يحارب الجن ولم يقع شيء من ذلك، بل هذا باطل، ومن الموضوعات والكذب التي كذبها الناس، وقد نص أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية على ذلك، وقال: إنه شيء لا أصل له، بل هو من الأباطيل التي كذبها الكذابون.   (1) السؤال الرابع من الشريط (167). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 93 - الجن مثل الإنس في تعدد اللغات س: يسأل عن لغات الجن؟ (1). ج: الذي يظهر أنهم مثل الإنس لهم لغات متعددة، فيهم الإنجليزي وفيهم الفرنسي، والعجمي والعربي وهكذا، فهم أجناس! لأن الله قال عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} (2) فهم   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (106). (2) سورة الجن الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 على طرائق، وقال سبحانه عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} (1) يعني أقساما، وفرقا فيهم الطيب، وفيهم الخبيث، وفيهم الجهمي، وفيهم السني، وفيهم الرافضي، وفيهم النصراني، وفيهم اليهودي، وفيهم غير ذلك، أقسام وفرق شتى، {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} (2) فقوله دون ذلك يعم الفرق الأخرى.   (1) سورة الجن الآية 14 (2) سورة الجن الآية 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 باب ما جاء في العذر بالجهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 باب ما جاء في العذر بالجهل 94 - حكم العذر بالجهل في أمور التوحيد س: هل يوجد عذر بالجهل في أمور التوحيد؟ وهل ينطبق هذا على من يدعون وينذرون للأولياء، ويعتبرون معذورين بجهلهم؟ (1). ج: لا يعذر بذلك من أقام في بلد التوحيد، لا يعذر فيه بالجهل، وما دام بين المسلمين، ليس في فترة من الزمان، ولا في محل بعيد عن أهل الإسلام، بل بين المسلمين لا يعذر في التوحيد، بل متى وقع الشرك منه أخذ به، كما يقع الآن في مصر والشام ونحو ذلك، في بعض البلدان عند قبر البدوي وغيره. فالواجب على علماء الإسلام أن ينبهوا الناس، وأن يحذروهم من هذا الشرك، وأن يعظوهم ويذكروهم في المساجد وغيرها، وعلى الإنسان أن يطلب العلم ويسأل، ولا يرضى بأن يكون إمعة لغيره، بل   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (200). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 يسأل، والله يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1) فلا يجوز للإنسان أن يبقى على الكفر والشرك! لأنه رأى الناس على ذلك، ولا يسأل ولا يتبصر. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لمن سأله عن أبيه: «إن أباك في النار، فلما رأى تغير وجهه قال: إن أبي وأباك في النار (2)» وأبوه مات في الجاهلية، رواه مسلم في الصحيح؛ لأنهم كانوا على شريعة تلقوها عن خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهي التوحيد، وأمه عليه الصلاة والسلام ماتت في الجاهلية، واستأذن ربه أن يستغفر لها، فلم يؤذن له، واستأذن أن يزورها فأذن له، فدل ذلك على أن من مات على كفر لا يستغفر له ولا يدعى له، وإن كان في الجاهلية، فكيف إذا كان بين المسلمين، وبين أهل التوحيد، وبين من يقرأ القرآن، ويسمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، هو أولى بأن يقال في حقه: إنه كافر وله حكم الكفار. وكثير منهم لو سمع من يدعوه إلى توحيد الله، وينذره من الشرك لأنف واستكبر وخاصم، أو ضارب على دينه الباطل، وعلى تقليده لأسلافه وآبائه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فالواجب على كل إنسان مكلف، أن يسأل ويتحرى الحق، ويتفقه في دينه، ولا يرضى بمشاركة العامة، والتأسي بكفرهم وضلالهم، وأعمالهم القبيحة، وعليه أن يسأل العلماء، ويعتني بأهل العلم،   (1) سورة النحل الآية 43 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 عما أشكل عليه، من أمر التوحيد وغيره يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1). س: ما رأي سماحتكم في مسألة العذر بالجهل، وخاصة في أمر العقيدة؟ (2). ج: العقيدة أهم الأمور وهي أعظم واجب، وحقيقتها: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، والإيمان بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة، والشهادة له بذلك، وهي شهادة أن لا إله إلا الله يشهد المؤمن بأنه لا معبود بحق إلا هو سبحانه وتعالى، والشهادة بأن محمدا رسول الله أرسله الله إلى الثقلين الجن والإنس، وهو خاتم الأنبياء، كل هذا لا بد منه، وهو من صلب العقيدة، فلا بد من هذا في حق الرجال والنساء جميعا، وهو أساس الدين وأساس الملة، كما يجب الإيمان بما أمر الله به ورسوله من أمر القيامة، والجنة والنار، والحساب والجزاء، ونشر الصحف، وأخذها باليمين أو بالشمال، ووزن الأعمال، إلى غير ذلك مما جاءت به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. فالجهل بهذا لا يكون عذرا، بل يجب على المؤمن أن يعلم هذا وأن يتبصر فيه، ولا يعذر بقوله: إني جاهل في هذه الأمور،   (1) سورة النحل الآية 43 (2) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (155). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وهو بين المسلمين، وهو قد بلغه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، هذا يسمى معرضا، ويسمى غافلا ومتجاهلا لهذا الأمر العظيم، فلا يعذر، أما من كان بعيدا عن المسلمين في أطراف البلاد التي ليس فيها مسلمون ولم يبلغه القرآن ولا السنة فهذا معذور، وحكمه حكم أهل الفترة إذا مات على هذه الحالة، حكمه حكم أهل الفترات، الذين يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب وأطاع الأمر دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، أما المسائل التي قد تخفى في بعض الأحيان على بعض الناس كبعض أحكام الصلاة أو بعض أحكام الزكاة أو بعض أحكام الحج، هذه قد يعذر فيه بالجهل. ولا حرج في ذلك؛ لأنها تخفى على كثير من الناس، وليس كل واحد يستطيع الفقه فيها، هذه المسائل أمرها أسهل. والواجب على المؤمن أن يتعلم ويتفقه في الدين ويسأل أهل العلم، كما قال الله سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1) ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لقوم أفتوا بغير علم: «ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (3)».   (1) سورة النحل الآية 43 (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم، برقم 336. (3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 فالواجب على الرجال والنساء من المسلمين التفقه في الدين والتبصر، والسؤال عما أشكل عليهم، وعدم السكوت على الجهل، وعدم الإعراض، وعدم الغفلة؛ لأنهم خلقوا ليعبدوا الله ويطيعوه سبحانه وتعالى، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم، لا يحصل هكذا من دون طلب ولا سؤال، لا بد من طلب العلم، ولا بد من السؤال لأهل العلم حتى يتعلم الجاهل. س: هل يوجد عذر بالجهل في توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية أم لا؟ وهل العذر بالجهل مسألة قياسية تختلف حسب الزمان والمكان؟ (1). ج: ليس في العقيدة عذر في توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، ليس فيها عذر بل يجب على المؤمن أن يعتقد العقيدة الصحيحة، وأن يوحد الله جل وعلا، ويؤمن بأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه المنفرد بالربوبية، ليس هناك خالق سواه، وأنه مستحق العبادة وحده دون كل ما سواه، وأنه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلا لا شبيه له، ولا كفء له، الذي يؤمن بهذا ليس له عذر في التساهل في هذا الأمر، إلا إذا كان بعيدا عن المسلمين في أرض لا يبلغه فيها الوحي، فإنه معذور في هذه الحالة، وأمره إلى الله، يكون حكمه حكم أهل الفترات، أمره إلى الله يوم القيامة يمتحن، فإن أجاب   (1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (294). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 جوابا صحيحا دخل الجنة وإن أجاب جوابا فاسدا دخل النار، فالمقصود أن هذا يختلف فإذا كان في محل بعيد لا يسمع القرآن والسنة فهذا حكمه حكم أهل الفترة، حكمهم عند أهل العلم أنهم يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب دخل الجنة ومن عصى دخل النار، وأما كونه بين المسلمين يسمع القرآن والسنة ثم يبقى على الشرك وعلى إنكار الصفات فهو غير معذور، نسأل الله العافية، وليس العذر بالجهل مسألة قياسية تختلف من زمان إلى زمان ومكان إلى آخر؛ لأن الجهل ليس بعذر بالنسبة للعقيدة، إلا إذا كان في محل لم تبلغه الدعوة: القرآن ولا السنة، أما في الأحكام فهو عذر: يعني جهل بالحكم الشرعي في بعض الأحكام التي تخفى، أو في دقائق الصفات، وبعض الصفات التي قد تخفى فهذا عذر، أما في الأمور الواضحة، الأمور التي تعد بالضرورة كالإيمان بتوحيد الله، وأنه الخلاق العليم، وأنه مستحق للعبادة، وأنه الكامل في أسمائه وصفاته، والإيمان بما جاء في القرآن العظيم والسنة المطهرة من أسماء الله وصفاته، هذا ليس محل عذر إذا كان ممن بلغه القرآن والسنة، نسأل الله السلامة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 95 - التفصيل في مسألة العذر بالجهل س: ما موقف السلف رحمهم الله كالإمام ابن تيمية والإمام ابن عبد الوهاب من قضية العذر بالجهل؟ وهل هي واردة؟ وهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 تطرق إليها السلف أم أنها باطلة ولا أصل لها في قضية التوحيد؟ (1). ج: الجهل بالجملة قد يكون عذرا، وقد لا يكون عذرا، فإذا كان الشخص المكلف بعيدا عن أهل الإسلام وعن أهل العلم، كالذي ينشأ في بلاد بعيدة عن بلاد المسلمين، ولم تبلغه الرسالة ولا القرآن ولا السنة هذا يكون معذورا بالجهل، وله حكم أهل الفترات يوم القيامة يمتحنون، فإن أجاب دخل الجنة، وإن عصى دخل النار. وقد يكون معذورا أيضا في الأشياء الخفية في الفروع التي قد تخفى على مثله، كما عذر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الجبة لما تضمخ بالطيب وقد أحرم بالعمرة، قال له عليه الصلاة والسلام: «انزع عنك الجبة، واغسل عنك الخلوق، واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك (2)» ولم يأمره بفدية عن لبسه الجبة ولا عن تضمخه بالطيب للجهل. فالحاصل أن الجهل عذر في الأمور التي قد يخفى مثلها في المسائل الفرعية، أو في حق من كان بعيدا عن المسلمين وعن سماع القرآن والسنة، كأهل البلاد التي تبعد عن المسلمين في أطراف الدنيا   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (152). (2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج برقم 1789، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة، برقم 1180. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 ومثل أهل الفترة الذين ما بلغتهم الرسالات، هؤلاء يعذرون بالجهل، والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب الأمر دخل الجنة ومن عصى دخل النار، أما من بين المسلمين يسمع السنة ويسمع القرآن هذا غير معذور لا في العقيدة ولا في غيرها، قال الله جل وعلا: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (1) فالله جعل القرآن نذيرا، ومحمدا جعله نذيرا، فالقرآن نذير ومحمد نذير، فالذي يبلغه القرآن والسنة ويعيش بين المسلمين فهذا غير معذور، عليه أن يسأل وعليه أن يتفقه في الدين، وعليه أن يتعلم، والله المستعان.   (1) سورة الأنعام الآية 19 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 96 - حكم العذر بالجهل فيمن يستغيث بالأموات س: لقد أجبت يا سماحة الشيخ على أحد الأسئلة المطروحة، من أحد السائلين فيما يتعلق بالعذر بالجهل، متى يعذر ومتى لا يعذر، وذكرت بأن الأمر فيه تفصيل، ومما ذكرت، بأنه لا يعذر أحد بالجهل في أمور العقيدة، أقول: يا سماحة الشيخ، إذا مات رجل وهو لا يستغيث بالأموات، ولا يفعل مثل هذه الأمور المنهي عنها، إلا أنه فعل ذلك مرة واحدة - فيما أعلم - حيث استغاث بالرسول صلى الله عليه وسلم في زيارته لمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو لا يعلم أن ذلك حرام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 وشرك، ثم حج بعد ذلك دون أن ينبهه أحد على ذلك، ودون أن يعرف الحكم فيما أظن، حتى توفاه الله، وكان هذا الرجل يصلي ويستغفر الله، لكنه لا يعرف أن تلك المرة التي فعلها حرام، فيا ترى هل من فعل ذلك، ولو مرة واحدة وإذا مات وهو يجهل ذلك، هل يعتبر مشركا؟ نرجو التوجيه والتوضيح جزاكم الله خيرا (1). ج: إن كان من ذكرته تاب إلى الله بعد المرة التي ذكرت، ورجع إليه سبحانه وتعالى، واستغفر من ذلك زال حكم ذلك، وثبت إسلامه، أما إن كان استمر على العقيدة التي هي الاستغاثة بغير الله، ولم يتب إلى الله من ذلك فإنه يبقى على شركه ولو صلى وصام، حتى يتوب إلى الله مما هو فيه من الشرك، وهكذا لو أن إنسانا يسب الله ورسوله، أو يسب دين الله أو يستهزئ بدين الله، أو بالجنة أو بالنار، في أنه لا ينفعه كونه يصلي ويصوم، إذا وجد الناقض من نواقض الإسلام، بطلت الأعمال حتى يتوب إلى الله من ذلك، هذه القاعدة، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3) {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (4)، وكانت أم النبي صلى الله عليه وسلم ماتت في   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (154). (2) سورة الأنعام الآية 88 (3) سورة الزمر الآية 65 (4) سورة الزمر الآية 66 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 الجاهلية، واستأذن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لها فلم يؤذن له، وهي ماتت في الجاهلية وقال: «إن أبي وأباك في النار (1)» لمن سأله عن أبيه، وأبوه مات في الجاهلية، المقصود أن الذي مات على الشرك لا يستغفر له، ولا يدعى له ولا يتصدق عنه، إلا إذا علم أنه تاب إلى الله من ذلك، هذه القاعدة المعروفة عند أهل العلم، أما الأشياء التي قد تخفى على الناس، مثل ما جرى للشخص الذي قال لأولاده: «إذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني ثم ذروني في البحر في يوم عاصف، فإنه إن قدر علي الله ليعذبني، أو كما قال، وسأله الله عن ذلك بعدما مات، فقال: حملني على هذا مخافتك، فغفر الله له (2)»، قال العلماء إن هذا خفي عليه كمال القدرة، كمال قدرة الله سبحانه وتعالى، وجهل هذا الأمر، وظن أنه بهذا الحرق والسحق، والذر في البحر أنه يفوت الله ويضيع، فهذا الجهل الذي جهل الشيء الدقيق، عفا الله عنه سبحانه وتعالى؛ لأنه حمله عليه خوف الله والحذر من عقابه سبحانه وتعالى، أما إنسان يستغيث بالأموات، وهذا جاءت الرسل بالنهي عنه، وبعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه، والله يقول سبحانه وتعالى:   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203. (2) البخاري أحاديث الأنبياء (3294)، مسلم التوبة (2756)، النسائي الجنائز (2079)، ابن ماجه الزهد (4255)، أحمد (2/ 269)، مالك الجنائز (568). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ} (1) ويقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2) ويقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (3) هذه أمور معلومة من الدين بالضرورة، ومشهورة بين المسلمين فلا يعذر من قال: إني أجهل وهو بين المسلمين، لو كان في بلاد بعيدة عن المسلمين، في أطراف الدنيا بين أهل الكفر بالله، ما عندهم من يعلمهم، هذا يكون حكمه حكم أهل الفترة، أمرهم إلى الله يوم القيامة، إن شاء عذبهم وإن شاء رحمهم، فهو سبحانه يمتحنهم يوم القيامة، فمن أجاب دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، هذا هو الصواب فيهم! إنهم يمتحنون ويؤمرون بشيء، فإن أجابوا وأطاعوا، دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار.   (1) سورة يونس الآية 106 (2) سورة الجن الآية 18 (3) سورة غافر الآية 60 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 97 - حكم العذر بالجهل فيمن يعبد القبور س 1: في بلادنا ضل الكثير بسبب الطرق الصوفية، حيث يعبدون القبور، ويدعون غير الله، ومنهم حفظة لكتاب الله وأئمة للمساجد. السؤال يتكون من فقرات - سماحة الشيخ -: هل هؤلاء كفار بسبب ارتكابهم للشرك ولعدم معرفتهم للتوحيد، إذا كانوا يجهلون معنى لا إله إلا الله؟ وهل يعذرون بالجهل، أم هم كفارا وجهونا على ضوء هذا السؤال جزاكم الله خيرا (1). ج 1: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد؛ لقد دل الكتاب العزيز والسنة المطهرة على بيان توحيد الله جل وعلا، وعلى أنواع الشرك الأكبر، فمن تلبس بالشرك من سائر الناس وهو بين المسلمين فيمن بلغه القرآن والسنة فإنه يحكم عليه بالشرك، قال الله جل وعلا: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (2)، وقال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} (3)، وقال جل وعلا: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} (4)، فمن بلغه القرآن العظيم   (1) السؤال الأول والثاني والثالث من الشريط رقم (382). (2) سورة الأنعام الآية 19 (3) سورة المائدة الآية 67 (4) سورة الرعد الآية 40 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 والسنة المطهرة، ثم تعاطى الشرك يحكم عليه بالشرك؛ لتساهله وعدم عنايته بما أوجب الله عليه من التفقه في الدين والبصيرة، فإذا كان يدعو الأموات، ويستغيث بالأموات، أو بالنجوم أو بالأشجار والأحجار أو بالأصنام أو بالجن، يدعوهم يستغيث بهم، ينذر لهم، فهذا شرك أكبر، يستتاب من ذلك، يستتيبه ولي الأمر، فإن تاب وإلا وجب قتله على شركه بالله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (1)»، والله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله، وجهاد المشركين، فإذا كان الرجل بين المسلمين وفي بلاد المسلمين أو بين قوم بلغهم القرآن والسنة، ثم تساهل واستمر على ما هو عليه فإنه يحكم عليه بالشرك، إذا كان يدعو الأموات، أو يستغيث بالأموات، وينذر لهم، أو بالجن أو بالملائكة، أو بالأنبياء يقول: يا سيدي فلان، أو يا نبي الله فلان، اغفر لي أو أنجني من النار، أو أغثني أو اشف مريضي، أو رد غائبي، أو أنا في جوارك، أو أنا في حسبك، يقول هذا لميت أو لجن أو للملائكة، أو لغيرهم هذا من الشرك الأكبر؛ لأن الله يقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3)، ويقول جل وعلا:   (1) أخرجه البخاري في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم؛ باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم، برقم 6922. (2) سورة الجن الآية 18 (3) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (1) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (2)، ويقول عن المشركين وهم جهال: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (3)، ويقول جل وعلا عنهم: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (4)، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (5)، فسماهم كذبة بزعمهم أن أصنامهم تقربهم إلى الله زلفى، وسماهم كفرة بعبادتهم إياها، وشركهم إياها. س 2: هل يعذر عباد القبور بالجهل، رغم وجود دعاة التوحيد بينهم؟ ج 2: تقدم أنهم لا يعذرون، بل يجب عليهم أن يطلبوا العلم، وأن يتبصروا وأن يتفقهوا في الدين، ويسألوا عما أشكل عليهم، هذا الواجب عليهم، إذا سكتوا واستمروا على عبادة الأموات أو الأشجار،   (1) سورة فاطر الآية 13 (2) سورة فاطر الآية 14 (3) سورة يونس الآية 18 (4) سورة الزمر الآية 3 (5) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 أو الأحجار أو الأنبياء أو الملائكة أو الجن؛ صاروا كفارا بذلك، في دعائهم إياهم، وطلبهم منهم الشفاعة أو شفاء المريض أو رد الغائب أو ما أشبه ذلك. س 3: هل تصح الصلاة خلف من عرف بدعاء غير الله؛ وما حكم من يصلي خلفه؟ ج 3: من صلى خلف من يشرك بالله لا تصح صلاته، ما دام يدعو غير الله، ويستغيث بغير الله، أو ينذر لغير الله، لا يصلى خلفه عند أهل العلم، لا يصلى خلف الكافر، ولا تصح الصلاة خلف الكافر، إنما الخلاف في الفاسق أما الكافر فلا. س: الأخ م. أ. ع. من القاهرة، يسأل ويقول: هل يعذر الإنسان بجهله؟ مثلا: رجل زار قبور الأولياء بنية التبرك بهم مع أنه لا يعلم أن ذلك الفعل من الشرك الأكبر، مع بيان وتوضيح الأدلة من الكتاب والسنة، جزاكم الله خيرا (1). ج: أمور العقيدة التي تتعلق بالتوحيد والشرك لا يعذر فيها بالجهل وهو بين المسلمين، ويسمع القرآن والأحاديث، ويستطيع أن يسأل، ما   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (240). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 يعذر بدعوة القبور، والاستغاثة بالأموات وأشباه ذلك. بل يجب عليه أن يتعلم، وأن يتفقه، وليس له أن يتساهل في هذا الأمر. وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يستغفر لأمه، وهي ماتت في الجاهلية، فلم يؤذن له. وقال: «إن أبي وأباك في النار (1)» لما سأله رجل عن أبيه قال: «إن أبي وأباك في النار (2)». وقد مات في الجاهلية. قال جمع من أهل العلم: إنما ذلك لأنهما ماتا على علم بشريعة إبراهيم، وشريعة إبراهيم النهي عن الشرك! فلعل أمه بلغها ذلك، فلهذا نهي عن الاستغفار لها، ولعل أباه بلغه ذلك، فلهذا قال: «إن أبي وأباك في النار (3)». فإذا كان أبوه صلى الله عليه وسلم وأمه لم يعذرا وهما في حال الجاهلية، فكيف بالذي بين المسلمين وعنده العلماء ويسمع القرآن، ويسمع الأحاديث. فالحاصل أن هؤلاء الذين يعكفون على القبور، ويستغيثون بالأموات غير معذورين، بل يجب عليهم أن يتفقهوا في الدين، وأن يسألوا أهل العلم، وألا يبقوا على حالهم السيئة. والآيات تعمهم والأحاديث.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 98 - بيان أن أصول الدين لا يعذر فيها بالجهل س: الأخ ج. م. ع. من جمهورية مصر العربية، سيناء، يسأل ويقول: وقع خلاف بين شخصين حول تكفير من يطوف حول القبر ويستغيث به، فمنهم من يقول: إن هذا الفعل فعل شرك ولا خلاف، ولكن يعذر صاحب هذا الفعل لجهله بأمور التوحيد. والآخر يقول بكفر ذلك الشخص الذي يستغيث بغير الله، ولا يعذر بسبب الجهل بأمور التوحيد، ولكن يعذر في الفرعيات والأمور الفقهية. والسؤال هو: أي الرأيين صواب؟ وأيهما خطأ؟ جزاكم الله خيرا. (1). ج: الصواب قول من قال: إن هذا لا يعذر؛ لأن هذه أمور عظيمة وهي من أصول الدين، وهي أول شيء دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الصلاة والصوم والزكاة وغير ذلك، فأصول الدين لا يعذر فيها بالجهل لمن هو بين المسلمين، ويسمع القرآن ويسمع الأحاديث. فالاستغاثة بأصحاب القبور والنذر لهم ودعاؤهم، وطلبهم الشفاء والمدد كل هذا من أعظم الشرك بالله عز وجل، والله سبحانه يقول في كتابه العظيم: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2). فسماهم كفارا بذلك. وقال عز وجل:   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (156). (2) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (1) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (2)، سبحانه وتعالى فسمى دعاءهم إياهم شركا، والله يقول جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3) ويقول سبحانه {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (4) والظالمون هم المشركون، إذا أطلق الظلم فهو الشرك، كما قال عز وجل: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (5). وهكذا الطواف بالقبور، إذا طاف يتقرب بذلك إلى صاحب القبر، فهو مثل إذا دعاه واستغاث به، يكون شركا أكبر. أما إذا طاف يحسب أن الطواف بالقبور قربة إلى الله، قصده التقرب إلى الله كما يطوف الناس بالكعبة، يتقرب إلى الله بذلك وليس يقصد الميت، هذا من البدع ومن وسائل الشرك المحرمة الخطيرة، ولكن الغالب على من طاف بالقبور أنه يتقرب إلى أهلها بالطواف، ويريد الثواب منهم والشفاعة منهم، وهذا شرك أكبر، نسأل الله العافية، كالدعاء.   (1) سورة فاطر الآية 13 (2) سورة فاطر الآية 14 (3) سورة الجن الآية 18 (4) سورة يونس الآية 106 (5) سورة لقمان الآية 13 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 س: السائل ج. س. ط. من مصر يقول: ما حكم الشرع في نظركم في رجل مسلم ارتكب الشرك الأكبر، فهل يعذر بجهله أم لا؟ ومتى يعذر الإنسان بالجهل؟ وما الدليل في كلا الحالتين؟ جزاكم الله خيرا. (1). ج: من ارتكب الشرك الأكبر فقد أتى أعظم الذنوب، والواجب عليه البدار بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله يقول: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2)، ويقول سبحانه: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} (3) يعني: بالشرك والمعاصي {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (4) هذه الآية أجمع العلماء على أنها في التائبين، فالواجب على من فعل شيئا من الشرك أو المعاصي أن يبادر بالتوبة، وألا يقنط ولا ييأس؛ لأن الله سبحانه وعد من تاب إليه بالتوبة عليه وهو الجواد الكريم سبحانه وتعالى، والرءوف الرحيم سبحانه وتعالى، وكل من كان بين المسلمين أو بلغه القرآن أو السنة فقد قامت عليه الحجة، فالواجب عليه التفقه والسؤال والتعلم حتى تبرأ ذمته، وحتى يكون على بصيرة، أما من كان في بلاد بعيدة لم يبلغه القرآن ولا السنة، فهذا يقال له: من أهل الفترة، حكمه حكم أهل الفترة، ليس بمسلم ولا كافر، بل هو من   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (394). (2) سورة النور الآية 31 (3) سورة الزمر الآية 53 (4) سورة الزمر الآية 53 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 أهل الفترة، موقوف أمره إلى يوم القيامة، يمتحن يوم القيامة فإن أجاب دخل الجنة، وإن عصى دخل النار؛ لأنه لم تبلغه الدعوة، وأما من كان بين المسلمين، قد سمع القرآن وسمع السنة وعنده العلماء ثم يعرض ولا يسأل ولا يتبصر فهذا غير معذور، نسأل الله العافية. س: ما حكم من مات على الشرك - والعياذ بالله - ولكنه لم يكن يعرف خطورة ذلك الأمر؟ وهو من جهل أهل القرى في ذلك الوقت، ولا يعرفون أن الشرك من أكبر الكبائر، ومات على ذلك الحال، سؤالي: هل يجب علينا أن ندعو لهم بالرحمة والمغفرة وأداء الحج والعمرة؟ وهل ينفعهم ذلك العمل؟ (1). ج: الشرك هو أعظم الذنوب وهو أكبر الكبائر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ " قلنا: بلى يا رسول الله. قال: " الإشراك بالله (2)». ويدل على هذا قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (3)،   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (376). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر، برقم 4976، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم 87. (3) سورة النساء الآية 48 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 فالشرك أعظم الذنوب وأقبح السيئات، فمن مات عليه لم يغفر له، وهو من أهل النار المخلدين فيها، ولا يحج عليه ولا يصلى عنه، ولا يتصدق عنه ولا يدعى له؛ لقول الله جل وعلا: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (1)، وقوله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2)، وقال في المشركين: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (3). والشرك هو صرف العبادة أو شيء منها لغير الله، كالذي يدعو الأموات أو النجوم أو الملائكة، أو الأنبياء يستغيث بهم أو ينذر لهم، أو يذبح لهم، هذا هو الشرك، وهكذا من جحد شيئا مما أوجبه الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة، مما أجمع عليه المسلمون؛ كالذي يجحد وجوب الصلاة، أو وجوب الزكاة، أو يجحد وجوب صوم رمضان، أو يجحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو يستحل ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة، وأجمع المسلمون على تحريمه: كالزنى والخمر، فيقول: الزنى حلال أو الخمر حلال، أو يقول: عقوق الوالدين حلال، هذا كافر كفرا أكبر لا يصلى عليه، ولا يستغفر له ولا يحج عنه ولا يتصدق عنه؛ لأنه مات على غير الإسلام،   (1) سورة الزمر الآية 65 (2) سورة الأنعام الآية 88 (3) سورة البقرة الآية 167 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 ما دام بين المسلمين: قد سمع القرآن، ورأى المسلمين، ورأى أعمالهم، هذا غير معذور، قد قامت عليه الحجة؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (1) من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، قال الله سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ} (2) ولأنه معرض، ما تعلم ولا سأل، وأمره إلى الله لكن هذا حكمه في الدنيا، مثل عامة كفار قريش، الذين قتلوا يوم بدر وفي غيره، أو ماتوا في مكة، ومثل عامة كفار اليوم، عامة كفار النصارى، كفار اليهود كلهم جهال، لكن لما رضوا بما هم عليه ولم ينقادوا لما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم، ولم يلتفتوا إليه صاروا كفارا، نسأل الله العافية والسلامة.   (1) سورة الأنعام الآية 19 (2) سورة إبراهيم الآية 52 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 99 - بيان المقصود بأهل الفترة س: السائل يقول: من هم أهل الفترة؟ وهل صحيح بأنه يوجد منهم أحد الآن؟ (1) ج: أهل الفترة هم الذين لم تبلغهم الرسالة هؤلاء هم أهل الفترة، لا سمعوا بالقرآن ولا بالرسول صلى الله عليه وسلم، هؤلاء يقال لهم: أهل الفترة؛ أما من بلغه القرآن؛ أو بلغه خبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله بعثه إلى الناس، يدعوهم ولم   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (405). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 يبال ليس من أهل الفترة، لكن من لم يبلغه ذلك يقال له: من أهل الفترة، والصواب فيهم أنهم يمتحنون يوم القيامة، يمتحنهم الله يوم القيامة، فمن أجاب دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، نسأل الله العافية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 100 - حكم العذر بالجهل في اقتراف المعاصي س: هل يعذر الشخص بالجهل إذا فعل فعلا مكفرا، وهو كبيرة من الكبائر بل من أكبرها؟ وجهونا حول هذا الموضوع، وكيف نقارن بين هذا وبين قوله وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1) (2). ج: لا يعذر في اقتراف المعاصي وهو بين المسلمين، في إمكانه أن يسأل أهل العلم ويتبصر، لا يعنى بالتساهل، وعليه أن يتوب إلى الله من ذلك ويبادر بالتوبة من المعصية، والمعصية تختلف إن كانت كفرا كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو سب الدين أو ترك الصلاة هذا عليه التوبة إلى الله جل وعلا منها والمبادرة بالتوبة، والله يتوب على التائبين. أما إن كانت معصية ليست كفرا مثل التدخين وشرب المسكر وأكل الربا هذه معاص، فالواجب عليه البدار بالتوبة والاستغفار والندم والإقلاع والعزم ألا يعود في ذلك، وإن مات عليها فهو تحت المشيئة مثل ما قال   (1) سورة النساء الآية 48 (2) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (364) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1) إذا مات على المعصية، مات وهو يأكل الربا، أو مات وهو يشرب الخمر، لكنه مسلم يصلي، مسلم، هذا تحت مشيئة الله، أو مات وهو عاق لوالديه، أو مات وهو قد زنا، أو ما أشبه ذلك، تحت مشيئة الله. إن شاء الله سبحانه غفر له، وإن شاء عذبه على قدر المعصية التي مات عليها، إذا كان غير تائب، ما تاب، أما إذا كان تائبا فالتوبة تجب ما قبلها - والحمد لله - التائب لا ذنب له، أما لو مات على الزنى ما تاب، أو على العقوق وما تاب، أو على شرب مسكر ما تاب، أو نحو ذلك، فهذا تحت مشيئة الله، إن شاء الله جل وعلا غفر له، فضلا منه، وإحسانا منه، جل وعلا، وإن شاء عذبه على قدر المعصية التي مات عليها؛ وبعد التعذيب والتطهير يخرجه الله من النار إلى الجنة، إذا كان مات مسلما موحدا، لا يخلد في النار إلا الكفار، لكن هذا الذي دخل النار بمعصيته إذا عذب التعذيب الذي أراده الله يخرجه الله من النار إلى الجنة بتوحيده، وإيمانه الذي مات عليه، لا يخلد في النار إلا الكفرة؛ هذا والله أعلم. س: متى يعذر الإنسان بالجهل، لو تكرمتم؟ (2). ج: يعذر بالأشياء الخفية، لا سيما في بعض الأحكام الشرعية،   (1) سورة النساء الآية 48 (2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (240). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 قد تخفى على العامي حتى يتعلم، أما الذي بين المسلمين وقال: لا أدري عن الزنى، ما يعذر وهو بين المسلمين. الزنى معروف عند المسلمين أنه حرام، فلو قال: ما عرفت أن الزنى حرام، لا يعذر بهذا، أو قال: ما عرفت أن الخمر حرام وهو بين المسلمين، لا يعذر. لكن في بعض المسائل التي قد تخفى في مسائل الأحكام الدقيقة قد يعذر فيها الإنسان، لأجل كونه ليس من أهل العلم. كذلك لو قال: ما أعلم أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات ممنوع، لا يعذر بهذا؛ لأن هذا هو أصل التوحيد وأصل الدين. والله أنزل القرآن للنهي عن هذه الأمور والقضاء عليها وبين حال المشركين، وحذر من أعمالهم. س: السائلة م. هـ مقيمة بالسعودية، تقول: أرجو توضيح هذه العبارة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال رحمه الله: (إن القول قد يكون كفرا، فيطلق القول بتكفير صاحبه، ويقال: من قال كذا فهو كافر؛ لكن الشخص المعين لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها). هل هذا عام في الأقوال والأفعال الاعتقادية والعملية؟ أفتونا في ضوء هذا السؤال (1). ج: نعم هذا هو الصواب، فإذا سب الله، أو سب الرسول عليه الصلاة   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (430). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 والسلام، أو استهزأ بالدين فهذا كفر، لكن إذا كان في بلاد يجهل هذا، ولا يعلم أن هذا لا يجوز؛ وأن هذا كفر إذا كان يظن أنه جائز وهذا ليس بين المسلمين، بل في بلاد الكفرة، بلاد غريبة عن الإسلام؛ يظن أنه يخفى عليه الأمر؛ يبين له؛ فإذا عاد إلى هذا بعد ما يبين له أن هذا حرام وأن هذا لا يجوز، يكفر؛ إذا سب الله؛ أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو سب الدين أو سب الإسلام، يكون كفره أكبر، وهكذا لو سجد لغير الله، سجد للقبور وهو ما عنده مسلمون يرشدونه، في بلاد الكفرة، يعلم حتى يفهم أن هذا منكر وأنه لا يجوز؛ كما قال الله جل وعلا: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (1).   (1) سورة الإسراء الآية 15 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 باب ما جاء في الخوف من الشرك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 باب ما جاء في الخوف من الشرك 101 - بيان الشرك وأنواعه س: يسأل عن الإشراك الذي لا يغفره الله، فيقول: الإشراك الذي لا يغفره الله، هل هو في العبودية فقط؟ أو حتى في الطاعة؟ وهل هناك إشراك في الطاعة، أم لا يوجد إشراك إلا في العبودية؛ ثم ما هو الإشراك؟ وكيف التخلص منه في أعمالنا ومعاملاتنا ومع بعضنا؟ ثم إذا أطعنا أشخاصا فيما فيه الخير، وما فيه طاعة الله فهل هذه الطاعة إشراك بالله؟، والعياذ بالله من كل عمل فيه شرك - أجيبوني عن هذه الأسئلة جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم. (1). ج: الشرك بالله بينه الله في كتابه العظيم وهو صرف العبادة لغير الله، كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو الملائكة أو الجن أو الأصنام أو نحو ذلك، أو الصلاة لهم أو السجود لهم أو الذبح لهم تقربا إليهم، يرجو شفاعتهم، يرجو أنهم ينصرونه، يشفون مريضه تقربا   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (283). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 إليهم، أما إذا ذبح الذبيحة يتقرب إلى الله كالأضحية يضحي عن أبيه، أو عن أخيه أو يتصدق بها عنه يرجو ثواب الله، لا يتقرب له، يتقرب إلى الله بالذبيحة في الضحية، هذا قربة إلى الله ليست للميت، أما إذا ذبح يريد التقرب لغيره، يشفع له الميت حتى ينصره حتى يشفي مريضه، هذه العبادة لغير الله، وهكذا النذر يقول: إن شفى الله مريضي، أو شفيت مريضي يا فلان فلك علي ذبيحة كذا وكذا، هذا الشرك بالله، أو يقول: يا سيدي فلان، أو يا فاطمة أو يا سيدي البدوي، انصرني أو اشف مريضي، أو يا سيدي عبد القادر أو يا شيخ عبد القادر، أو يا أبا ذر أو يا رسول الله، أو يا أبا بكر الصديق أو يا عمر أو عثمان، انصرني أو اشف مريضي، أو يا ابن عباس أو غيرهم من الناس، أو يا ملائكة الله انصروني، أو يا أيها الجن انصروني أو الجني فلان انصرني أو اشف مريضي، أو يا الشخص الفلاني أو الشجرة الفلانية، كل هذا شرك بالله، وعبادة لغيره، وهكذا إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة بالأدلة الشرعية، إذا أنكره يكون كافرا مشركا، كالذي ينكر أن الله أوجب الصلاة، يقول: الصلاة ليست واجبة، هذا كافر كفرا أكبر، أو قال: صلاة الفجر ما هي بواجبة، أو العصر ما هي بواجبة أو الظهر ما هي بواجبة، أو المغرب ما هي بواجبة أو الجمعة ما هي بواجبة على الناس، كل هذا كفر أكبر أو يقول: الزكاة ما هي بواجبة، أو شهر رمضان ما هو بواجب على الناس، أو الحج مع الاستطاعة ما هو بواجب، هذا كفر أكبر، أو يقول: الزنى حلال، أو الخمر حلال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 إذا كان جاهلا يبين له الأمر الشرعي، فإذا أصر على أن الزنى حلال، والخمر حلال صار كافرا كفرا أكبر، أو قال: مساعدة المشركين على المسلمين واجبة، كونه يساعد الكفار على إخوانه المسلمين حتى يذبحوهم حتى يعذبوهم، هذه ردة، يقول الله سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (1) يعني يتولى الكفار، ينصرهم على المسلمين يكون ردة، وهكذا من يستحل السجود لغير الله، والصلاة لغير الله، ولو لم يفعله يقول: ما يخالف كونه يصلي للملائكة، يصلي للجن أو يصلي للأموات، أو يسجد لهم، ولو ما فعله يكفر بهذا الاعتقاد، وهكذا من يطيع غير الله في الشرك بالله، إذا أطاعه في الشرك بالله والسجود لغير الله صار مشركا؛ لأنه أطاعه فيما هو شرك بالله عز وجل، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (2)» فإن أطاعه في المعصية صار معصية، وإن أطاعه في الشرك صار مشركا، فإذا أطاعه في أن يذبح لغير الله، أو يسجد لغير الله صار شركا أكبر، وإذا أطاعه أنه يقتل بغير الحق، يقتل إنسانا بغير حق، أو يجلد بغير حق، يكون عاصيا ظالما، أو أطاعه في الظلم والمعصية، أو إن أطاعه في معصية الرسول فإن طاعته طاعة لله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (3)،   (1) سورة المائدة الآية 51 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، ومن مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم 1098. (3) سورة النساء الآية 80 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 طاعة الرسول واجبة، تطيع الرسول فيما أمر به وما نهى عنه، والله قال: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (1)، وقال سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (2) كذلك طاعة العلماء في الحق وطاعة الأمراء في الحق طاعة لله، إذا أمرك الأمير تصلي في الجماعة، وأمرك أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وأمرك أن تحكم بالحق، وأن تحكم بما أنزل الله، يجب أن يطاع في ذلك؛ لأنه أمر بطاعة الله، أمرك ببر والديك، عليك أن تطيعه؛ لأن طاعته طاعة لله في هذا، نهاك عن السرقة، نهاك عن الظلم تطيعه؛ لأن الله أمر بهذا، فولي الأمر إذا أطعته في هذا أنت مطيع لله؛ لأنه أمرك بطاعة الله ورسوله، لكن إذا قال لك: اضرب والديك لا تطيعه، إذا قال: اشرب الخمر! لا، لا تطيعه. إذا أطعته في هذا أنت عاص مثله؛ لأن الرسول يقول: «إنما الطاعة في المعروف، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (3)» سبحانه وتعالى، فإذا أطعته في الشرك صرت مشركا، وإذا أطعته في معصية صرت عاصيا، وإذا أطعته في طاعة الله فأنت مأجور، وفق الله الجميع.   (1) سورة المائدة الآية 92 (2) سورة النساء الآية 80 (3) أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ: (إنما الطاعة في المعروف)؛ في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم 7145 ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم 1840 وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير بلفظ: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ج 18 برقم 381. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 س: سائلة من جمهورية مصر العربية، من ضمن أسئلتها سؤال في العقيدة، وتذكر سماحة الشيخ فتقول: هل هناك فرق بين شرك الاعتقاد وشرك العبادة؟ وما هو الشرك؟ وما هي أنواعه؟ (1). ج: شرك الاعتقاد هو شرك العبادة، لكن الاعتقاد قد يكون بالقلب، وقد يكون بشيء في العبادة كإحداث بدعة يعبد بها غير الله، فالاعتقاد كأن يعتقد في أهل القبور، أو في الأنبياء أو في غيرهم أنهم يتصرفون في الكون، وأنهم يعلمون الغيب، هذه بدعة في الاعتقاد وشرك أكبر وكفر أكبر، وقد يفعل ما هو كفر أكبر، ليس من جنس هذا بل يدعو الميت أو يستغيث به أو يسجد له أو يذبح له، هذه أيضا كفر أكبر، نسأل الله العافية، وهكذا اعتقاده أن الميت يعلم الغيب أو أنه يشفي من المرض، ولو ما دعاه، إذا اعتقد أن فلانا يعلم الغيب، الحي أو الميت أو الأنبياء أنهم يعلمون الغيب، أو أن فلانا يعلم الغيب، أو فلانة أو يشفي المرضى أو ما شابه ذلك هذا كفر أكبر، نسأل الله العافية.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (406). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 102 - توضيح أنواع الشرك س: أرجو من سعادتكم توضيح أنواع الشرك، وهل الحلف بغير الله شرك يخرج صاحبه من الملة أم لا؟ (1). ج: الشرك نوعان: شرك أكبر وشرك أصغر، الشرك الأكبر صرف العبادة لغير الله، أو بعضها: كدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم أو الجن أو الملائكة، أو غيرهم؛ لأن الأموات من الغائبين، هذا هو الشرك الأكبر كما كانت قريش وغيرها من العرب يفعلون ذلك عند أصنامهم وأوثانهم، ومن ذلك أيضا إذا جحد الإنسان أمرا معلوما من الدين بالضرورة وجوبا أو تحريما، من جحده كان كافرا أو مشركا شركا أكبر، أو قال: إن الصلاة لا تجب على المكلفين من المسلمين، أو قال: إن الزكاة لا تجب على من عنده أموال زكاة، أو قال: إن صوم رمضان لا يجب على المسلم المكلف؛ هذا يكون كافرا مشركا شركا أكبر، أو أحل ما حرمه الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة مما أجمع عليه المسلمون، كأن يقول: الزنى حلال أو شرب المسكر حلال أو عقوق الوالدين حلال أو السحر حلال أو ما أشبه ذلك؛ يكون كافرا أو مشركا شركا أكبر. والقاعدة أن من صرف العبادة أو بعضها لغير الله من أصنام أو أشجار أو أموات أو جن أو غيرهم من الغائبين؛ هذا مشرك شركا أكبر، وهكذا من جحد ما أوجب الله   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (297). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 أو ما حرم الله بما هو معلوم من الدين بالضرورة، ومما أجمع عليه المسلمون، هذا يكون كافرا كفرا أكبر، ومشركا شركا أكبر، وكل من أتى ناقضا من نواقض الإسلام يكون مشركا شركا أكبر، كما أسلفنا، أما الشرك الأصغر فهو أنواع أيضا، مثل الحلف بغير الله، بالنبي بالأمانة برأس فلان، هذا شرك أصغر لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء غير الله فقد أشرك (1)»، وهكذا الرياء كونه يقرأ يرائي أو يتصدق يرائي هذا شرك أصغر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أخوف ما أخاف عليكم من الشرك الأصغر. فسئل عنه، فقال: الرياء (2)». وهكذا قول: ما شاء الله وشاء فلان بالواو، أو لولا الله وفلان، أو من الله ومن فلان، من الشرك الأصغر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان (3)»، ولما قال رجل: يا رسول الله: ما شاء الله وشئت! قال: «أجعلتني لله ندا، ما شاء الله وحده (4)».   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 27742. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم 22754. (4) أخرجه الإمام أحمد، مسند بني هاشم، بداية مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم 1842. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وقد يكون الأصغر شركا أكبر إذا اعتقد صاحبه أنه والحالة هذه أي مع الله، أو قال فيه: ما شاء الله وشاء فلان، أنه له تصرف في الكون، وأن له إرادة تحول عن إرادة الله، وعن مشيئة الله، أو القدرة فيضر وينفع دون الله، أو اعتقد أنه يصلح أن يعبد من دون الله، وأن يستغاث به، يكون شركا أكبر بهذا الاعتقاد، أما إذا كان مجرد حلف بغير الله، من غير اعتقاد آخر، لكن جرى على لسانه الحلف بغير الله تعظيما لهذا الشخص، يرى أنه أهل لأن يحلف به: نبي أو صالح، أو حياة أبيه أو أمه أو ما أشبه ذلك، فهذا من الشرك الأصغر لا من الشرك الأكبر عند أهل العلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 103 - بيان بعض أنواع الشرك التي توجب الخلود في النار س: تسأل أختنا وتقول: ما هي الأعمال أو الكبائر التي تجعل الإنسان خالدا في النار؟ وهل صحيح أن كل شخص غير مسلم لا يدخل الجنة وهو خالد في النار؟ (1). ج: نعم، الأعمال التي توجب الخلود في النار أبد الآباد هي أعمال الكفر، من مات كافرا بالله عز وجل فهو مخلد في النار، أبد الآباد. كاليهود والنصارى والشيوعيين، وهكذا كل من أتى بمكفر،   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (147). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 ومثل ذلك من ترك الصلاة، أو من سب الدين أو استهزأ بالدين، أو استهزأ بالجنة أو بالنار، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو تنقص الرسول أو سب الله، أو تنقصه وطعن في دينه، كل هذا ردة عن الإسلام، إذا مات عليها الإنسان صار مخلدا في النار، أبد الآباد، كسائر الكفرة. أما العصاة، المسلم العاصي هذا لا يخلد في النار، إذا دخل النار لا يخلد فيها، مثل من مات وهو على الزنى، وما تاب من الزنى، أو مات وهو يشرب الخمر، ولكنه موحد مسلم يعبد الله وحده، ولا يسب الإسلام ولا يسب الدين، بل هو مسلم، ولكنه أطاع الهوى في بعض المعاصي، كشرب الخمر، كالعقوق للوالدين، أو أحدهما. كأكل الربا، كالزنى. هذه وأشباهها من المعاصي إذا مات عليها وهو مسلم يعبد الله وحده، وليس بكافر، فهذا تحت مشيئة الله جل وعلا، إن شاء الله غفر له وعفا عنه بتوحيده وإسلامه وإيمانه الذي معه، وإن شاء سبحانه عذبه على قدر الجرائم والذنوب التي مات عليها، ثم بعد ما يمحص في النار ويعذب ما شاء الله، يخرجه الله من النار إلى الجنة، كما قال الله سبحانه في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1) فأبان سبحانه أن الشرك لا يغفر، من مات على شرك لا يغفر له، نعوذ بالله. أما من مات على ما دون الشرك من المعاصي فهذا تحت مشيئة الله. وقد أجمع العلماء، علماء المسلمين على أن العاصي   (1) سورة النساء الآية 48 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 الذي هو مسلم موحد مؤمن. لكنه عنده معصية لا يخلد في النار أبد الآباد، بل متى دخل النار بهذه المعصية، فإنه لا يخلد؛ بل يعذب فيها ما شاء الله، ثم يخرجه الله من النار إلى الجنة. هذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، وهو الحق. أما من مات على كفره بالله فهذا يخلد في النار، أبد الآباد. نسأل الله السلامة والعافية. ومن الكفرة اليهود والنصارى المعروفون، والشيوعيون المعروفون وعباد الأوثان، عباد أصحاب القبور؛ ومن ذلك من يسب الدين أو يستهزئ بالدين، أو يسب الله؛ أو يسب رسوله عليه الصلاة والسلام؛ هؤلاء إذا ماتوا على ذلك، ولم يتوبوا فهم من أهل النار المخلدين فيها أبد الآباد؛ نعوذ بالله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 104 - بيان بعض ظواهر الشرك القولية والعملية س: ما هي ظواهر الشرك القولية والعملية الموجودة في أي مجتمع؟ نرجو منكم الإفادة (1). ج: ظواهر الشرك تارة تكون بالكلام؛ وتارة تكون بالفعال، إذا كان في محل تدعى فيه القبور من دون الله؛ ويجتمع الناس لدعوة الأموات، والاستغاثة بالأموات، هذه مظاهر الشرك؛ وإذا كان الناس يجهرون بدعاء الأموات، أو بدعاء الأنبياء، أو الأولياء، أو الأصنام،   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (372). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 أو الجن، هذه مظاهر الشرك: يستغيثون بهم، ينذرون لهم، يذبحون لهم، هذه مظاهر الشرك، فالواجب الحذر من ذلك. المقصود أن الشرك له مظاهر، تارة عند دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات عند القبور، وتارة بعبادة الأشجار، أو الأحجار، وتارة أصنام مصورة توضع في محلات معينة، يدعونها من دون الله، تارة بدعاء الجن والاستغاثة بالجن، إلى غير ذلك، تارة بدعاء الأموات، وإن كان في بيته أو في السيارة أو في الطائرة يا سيدي فلان يا رسول الله انصرني، أو يا سيدي البدوي انصرني أو يا حسين أو يا حسن انصرني أو اشف مريضي، ويا شيخ عبد القادر الجيلاني أو يا فلان أو يا فلان، كل هذا شرك أكبر، ولو في السيارة، ولو في الطريق، ولو في الطائرة، ولو عند قبر كذلك. نسأل الله العافية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 105 - توضيح الفرق بين الشرك والكفر س: السائل ح. م. ح. من الرياض يقول: ما الفرق بين الشرك والكفر؟ (1) ج: كل شرك يسمى كفرا، دعوة غير الله والاستغاثة بغير الله، وصرف العبادة لغير الله يسمى شركا، ويسمى كفرا، وقد يسمى كفرا،   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (394). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 وشركا أيضا، كمن جحد وجوب الصلاة، أو قال: الزنى حلال، يسمى كافرا ويسمى مشركا، ولكن الغالب على ما كان جحدا لواجب، وجحدا لمحرم يسمى كفرا، والغالب ما كان دعوة لغير الله، والاستغاثة بغير الله، والنذر لغير الله، يسمى شركا، وإلا فكل شرك يسمى كفرا، وكل كفر أكبر يسمى شركا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 106 - بيان معنى النفاق س: ما هو النفاق؟ وكيف الخلاص منه؟ (1) ج: النفاق نفاقان: نفاق أكبر ونفاق أصغر، النفاق الأكبر كون الإنسان يتعاطى الدين، ويتظاهر بالدين وهو يكذب، لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا يؤمن بالدين، ولكن يصلي مع الناس، أو يذكر الله مع الناس رياء كفعل المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلا لا يؤمن بالدين، ولا يؤمن بالجنة، ولا بالنار، ولا بتوحيد الله، هذا كافر كفرا أكبر، أعظم من الكفار من اليهود والنصارى، قال الله في حقهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (2) نسأل الله العافية، وهناك نفاق أصغر وهو من صفات المنافقين، قال النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (427). (2) سورة النساء الآية 145 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان (1)»، هذه من خصال المنافقين، وقال صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا (2)» نفاقا عمليا معنى إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر، هذه من أعمالهم التي تجعله نفاقا أصغر، كذلك التكاسل عن الصلاة، وعدم الإكثار من ذكر الله من خصال المنافقين: كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)، هذه خصالهم، لكن هذا يسمى النفاق الأصغر، ما يخرج من الإسلام، مسلم، لكن ناقص الإيمان، ناقص التوحيد، فهو مسلم لكن يعتبر بهذه الخصال منافقا نفاقا أصغر، نسأل الله العافية، ويخشى عليه من النفاق الأكبر.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، برقم 33، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، برقم 59. (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، برقم 34، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، برقم 58. (3) سورة النساء الآية 142 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 صفحة فارغة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 باب ما جاء في الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 باب ما جاء في الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله 107 - بيان أهمية الدعوة إلى توحيد الله تعالى س: نريد من سماحتكم أن توجهوا نداء للناس، تبينوا فيه أهمية الدعوة إلى الله وتبصير الناس بمعنى لا إله إلا الله (1). ج: في كتاب الله العظيم الكفاية العظيمة والدعوة إلى هذا الحق العظيم، فقد دعاهم مولاهم سبحانه في كتابه العظيم في آيات كثيرة إلى أن يعبدوه وحده، وهكذا رسوله صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى ذلك في مكة والمدينة مدة ثلاث وعشرين سنة، يدعو إلى الله ويبصر الناس بدينهم، كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2) وقال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (3) وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4) وقال جل وعلا:   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (156). (2) سورة البقرة الآية 21 (3) سورة البقرة الآية 163 (4) سورة الإسراء الآية 23 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (1) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (2) وقال سبحانه: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (3) وقال عز وجل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (4)، في آيات كثيرات قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (5)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (6)» متفق على صحته. وقال عليه الصلاة والسلام: «من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار (7)». وقال عليه الصلاة والسلام: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار (8)». فالواجب على جميع أهل الأرض من المكلفين أن يعبدوا الله وحده وأن يقولوا لا إله إلا الله وأن يشهدوا أن محمدا رسول   (1) سورة الزمر الآية 2 (2) سورة الزمر الآية 3 (3) سورة غافر الآية 14 (4) سورة محمد الآية 19 (5) سورة البينة الآية 5 (6) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار برقم 856، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة برقم: 30. (7) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا} برقم: 4497. (8) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوما دون قوم، برقم 129، ومسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، برقم 93. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 الله، وأن يخصوا الله بدعائهم وخوفهم ورجائهم واستغاثتهم وصومهم وصلاتهم وسائر عباداتهم، وهكذا طوافهم بالكعبة يطوفون بالكعبة تقربا إلى الله وعبادة له وحده سبحانه وتعالى، وأن يحذروا دعوة غير الله من أصحاب القبور أو الأصنام أو الأنبياء وغير ذلك، فالعبادة حق الله وحده، لا يجوز أن يصرفها لغيره سبحانه وتعالى، والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، والصلاة عبادة والصوم عبادة والصدقة عبادة والحج عبادة وخوف الله عبادة ورجاؤه عبادة، والنذر عبادة والذبح عبادة، وهكذا يجب أن تكون كلها لله وحده، فلا يذبح المسلم إلا لله ولا يصلي إلا لله، ولا يسجد إلا لله، ولا يخاف خوف السر خوف القلوب إلا من الله سبحانه وتعالى، وهكذا لا يستغيث إلا بالله، ولا يطلب المدد إلا منه سبحانه وتعالى؛ لأنه خالقه وربه ومعبوده الحق سبحانه وتعالى، وقد بعث الله الرسل كلهم بذلك، من أولهم إلى آخرهم من أولهم نوح إلى آخرهم محمد عليه الصلاة والسلام، كلهم يدعون الناس إلى توحيد الله كما قال عز وجل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (1) وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (2)،   (1) سورة النحل الآية 36 (2) سورة الأنبياء الآية 25 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وكان يقول صلى الله عليه وسلم لأهل مكة: «يا قوم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا (1)» هذا هو الواجب على جميع المكلفين من الرجال والنساء، من العجم والعرب، من الجن والإنس، في جميع أرض الله، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يقولوا لا إله إلا الله وأن يخصوه بالعبادة سبحانه وتعالى وأن لا يعبدوا معه سواه لا صنما ولا نبيا ولا ملكا ولا جنيا ولا شجرا ولا غير ذلك، العبادة حق الله وحده: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3) {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (4) لكن خوف الإنسان ما يضره واتخاذ الأسباب هذا غير داخل في العبادة، وخوفه من اللص حتى يغلق الباب ويتخذ الحرس لا حرج في ذلك، كما قال الله عن موسى لما خاف فرعون قال: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} (5) يعني خائفا من شر فرعون، فخوف الأمور الحسية، وخوف الظلمة واتخاذ الأسباب هذا غير داخل في العبادة، فإذا خاف من اللصوص وأغلق بابه أو جعل حارسا على ماله، أو خاف حين سفره من اللصوص أو من قطاع الطريق وحمل السلاح وسلك الطريق الآمنة، كل هذا لا بأس به، وهكذا إذا   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. (2) سورة الإسراء الآية 23 (3) سورة الفاتحة الآية 5 (4) سورة البينة الآية 5 (5) سورة القصص الآية 21 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 خاف الجوع أكل، وخاف الظمأ شرب، وخاف البرد لبس ما يدفئه وما أشبهه، هذه كلها أمور حسية معروفة لا حرج فيها، وهكذا إذا استعان بأخيه في مزرعته، في إصلاح سيارته، في بناء بيته، هذه أمور عادية، غير داخلة في العبادة، كما قال تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1) يعني موسى، هذه أمور عادية يقدر عليها المخلوق، فالتصرف مع المخلوق الحي الحاضر في أشياء يقدر عليها من تعاون في بناء، في مزرعة، في جهاد، وفي غير ذلك، هذا غير داخل فيما يتعلق بالعبادة، لكن دعاؤه وهو ميت، دعاء الشجر، دعاء الصنم، دعاء الجن، دعاء الملائكة، دعاء الأنبياء؛ يستغيث، هذا هو الشرك الأكبر، أو دعاء الحي في أمور لا يقدر عليها، يعتقد فيه أنه له تصرف في الكون، كما يفعل بعض الصوفية مع مشايخهم يدعونهم مع الله، ويعتقدون أن لهم تصرفا في الكون، وأن لهم سرا يستطيعون معه أن يعلموا الغيب، أو ينفعوا الناس بما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، هذه أمور شركية حتى مع الأحياء. نسأل الله السلامة، والله ولي التوفيق.   (1) سورة القصص الآية 15 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 108 - الواجب على العلماء أن يرشدوا الناس إلى حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك س: أنا أعيش في مكان يوجد فيه أناس يدعون أنهم من المسلمين، يصلون ويزكون ويصومون ويحجون، ولكنهم يعتقدون في الأموات، ويقولون: إن الولي الميت أو الشيخ واسطة عند الله، ويتبركون به، ويستغيثون بهذا الميت الولي ويزورونه وينذرون له النذر ويشدون إليهم الرحال، وإذا نصحتهم قالوا: هؤلاء أولياء يجب التقرب إليهم، ويكرهون من يمنعهم وينصحهم بأن لا يعبدوا الأموات والأولياء، ماذا نفعل؟ وهل نتركهم على ما هم عليه؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: هذه مصيبة عظيمة، واقعة في بلدان كثيرة، والواجب على أهل العلم أن يرشدوا الناس إلى حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك، حتى يعلم هؤلاء العوام بطلان ما هم عليه، فكونه يصلي ويحج ويصوم، ويزكي ثم يعبد غير الله، هذا يبطل عمله، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3).   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (63). (2) سورة الأنعام الآية 88 (3) سورة الزمر الآية 65 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 فدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، والذبح لهم، هذا شرك أكبر، ينافي التوحيد الذي هو معنى لا إله إلا الله، وينافي ما دلت عليه الآيات من وجوب إخلاص العبادة لله، كما في قوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1)، وقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2). وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (3). وقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4) وقوله سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (5) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (6) وقوله عز وجل: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (7) وقوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (8) وقال سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (9) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (10) سبحانه وتعالى. فجعل دعاءهم للأموات والأصنام والأشجار والأحجار شركا بالله عز وجل، فالواجب تنبيه هؤلاء وتحذيرهم وحث العلماء على   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة البينة الآية 5 (3) سورة البقرة الآية 21 (4) سورة الإسراء الآية 23 (5) سورة الزمر الآية 2 (6) سورة الزمر الآية 3 (7) سورة الجن الآية 18 (8) سورة المؤمنون الآية 117 (9) سورة فاطر الآية 13 (10) سورة فاطر الآية 14 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 تنبيههم وتحذيرهم، حتى يتبصروا ويعلموا أنهم على باطل، وعلى شرك، وأن صلاتهم تحبط بذلك، وهكذا صومهم، وزكاتهم، وحجهم، وأعمالهم الأخرى، حتى يخلصوا العبادة لله وحده، وقد بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الناس ليخلصهم من هذا الشرك، فأقام في مكة عشر سنين يدعوهم إلى توحيد الله وترك دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والأصنام، والأشجار والأحجار ويقول: «يا قوم قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا (1)» قبل أن تفرض الصلاة، ثم فرضت الصلاة في مكة، ومكث بعد ذلك مدة يدعوهم إلى توحيد الله، ثم هاجر إلى المدينة ولم يزل يدعو إلى الله، وإلى توحيده سبحانه وتعالى. فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على دعوة هؤلاء وإرشادهم بالحكمة والصبر والأسلوب الحسن، لعل الله يهديهم بأسبابك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم (3)»، فدعوة   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، برقم 1893. (3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب فضل من أسلم على يديه رجل برقم 3009، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي رضي الله عنه، برقم 2406. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 الأموات، كأن يقول: يا سيدي فلان، اشف مريضي، انصرني أو المدد المدد يا فلان، أو النذر لهم أو ما أشبه ذلك من أنواع العبادة، كله شرك بالله، وهكذا الذبح لهم، ذبح البقر أو الدجاج أو غير ذلك، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (1)»، والله يقول سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (3). فالذبح لغير الله مثل الصلاة لغير الله، والذي يذبح للأموات يتقرب إليهم مثل الذي يصلي لهم، وهكذا من ينذر لهم القرابين إن شفى الله مريضي للسيد فلان كذا، أو يا سيدي البدوي اشف مريضي، أو المدد المدد، أو يا سيدي الحسين أو يا شيخ عبد القادر، أو يا رسول الله اشف مريضي، أو انصرنا، أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر، والواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يبلغوا الناس ذلك، وأن ينصحوهم وأن يرشدوهم إلى الحق وإلى الصواب، وأن يصبروا على جهلهم وأذاهم حتى يتعلموا ويستفيدوا، هكذا كان الرسل عليهم السلام يصبرون وهم أفضل الخلق عليهم السلام، وآذاهم أقوامهم، وربما قتلوهم على ذلك ومع هذا صبروا عليهم الصلاة والسلام، وبلغوا الرسالة وأدوا الأمانة حتى قبضهم الله، عليهم   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، برقم 1978. (2) سورة الأنعام الآية 162 (3) سورة الأنعام الآية 163 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 الصلاة والسلام، وخاتمهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وهو أفضلهم قد صبر على قومه ثلاثا وعشرين سنة، وهو يدعوهم إلى الله حتى هدى الله على يديه من هدى، وحتى أكمل الله به الدين وأتم عليه النعمة، فالواجب التأسي به في ذلك، عليه الصلاة والسلام، والصبر على الدعوة والتوجيه والإرشاد، رجاء ما عند الله من المثوبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 109 - كيف نبدأ الدعوة إلى الإسلام؟ س: إذا أردنا دعوة إنسان ما إلى الدين الإسلامي كيف نبدأ معه الدعوة؟ وما هي الخطوات الرئيسية حتى يستجيب هذا الإنسان ويدخل في الدين الإسلامي الحنيف؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: الخطوة الأولى: تبيين فضل الإسلام، وأن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام الذي بعث به الأنبياء الماضين، والرسل كلهم. تبين له أن هذا هو دين الحق، وأن الله بعث محمدا بالحق وأن على العاقل أن يجتهد في أسباب السلامة والحيطة لدينه حتى إذا مات مات على طريقة سليمة، وعلى دين مستقيم، فيفوز بالجنة والنجاة من النار، تشرح له الدين الإسلامي وأنه طريق النجاة وأنه الصراط المستقيم، وأن جميع   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (352). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 الأديان الأخرى يهودية أو نصرانية كلها باطلة، وليس هناك دين حق إلا دين الإسلام {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (1) لكن بالأسلوب الحسن، باللطف والكلام الطيب، وترغبه في ذلك، وتحرص على أنه بحمد الله ميسر ليس فيه صعوبة، ولا آصار ولا أغلال، بل هي أعمال صالحة ميسرة بحمد الله، حتى يقبل منك إن شاء الله، ويدخل في الإسلام، أما إن كان مسلما لكن عنده معاص، تبين له شر المعاصي، وأخطارها وأنها من أسباب قسوة القلب، وموت القلب من أسباب غضب الله عليك، ومن الأسباب التي تبقى عليها حتى تموت، وتحذره من البقاء عليها، تحرضه على التوبة، يعني توصيه بالتوبة والمسارعة إليها قبل أن يموت؛ لأن بقاءه على المعاصي من أسباب غضب الله، ومن أسباب سوء الخاتمة، ومن أسباب العذاب يوم القيامة إلا من رحمه الله. الخطوة الثانية: أن يشرح له الإسلام، إذا كان كافرا يشرح له الإسلام، بأن يقال له: الإسلام هو كذا وكذا، الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، تبين له معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن معناها أن لا يعبد إلا الله وحده، وأن لا يدعو معه صنما ولا نبيا ولا قبرا ولا شجرا ولا حجرا، بل يخلص العبادة لله وحده، صلاته ودعاءه وذبحه ونذره وصومه، إلى غير ذلك، وكذلك أن يشهد أن محمدا رسول الله، يعني يشهد أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب،   (1) سورة آل عمران الآية 19 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 الهاشمي القرشي هو رسول الله حقا، بعثه الله إلى الناس عامة وختم به الأنبياء، وأنزل عليه شريعة كاملة من تمسك بها فله الجنة، ومن ضيعها وتركها فله النار، يبين له بقية أركان الإسلام: الصلاة والزكاة والصيام والحج وأركان الإيمان، ويوصيه بأن يبادر إلى هذه الأشياء، ويستقيم على طاعة الله ورسوله، وإذا مات على هذا فله الجنة. الخطوة الثالثة: أن يجتهد بتوصيته في الأعمال الصالحات، والحرص على الحفظ للوقت عن النقص وعن الأشياء التي لا نفع فيها، والحرص على عمارة الوقت بذكر الله، بالأعمال الصالحة، بالتطوع حتى تكون هذه الأعمال الصالحة جبرا، لما قد يقع من النقص في الفرائض، ومن أسباب علو الدرجات، وكثرة الحسنات، تكون أوقاته معمورة بالخيرات، وبالصلوات وبالذكر وقراءة القرآن، وصحبة الأخيار، إلى غير ذلك، والدعوة إلى وجوه الخير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 110 - الضابط الشرعي لتعليم وإرشاد المسلم الجديد س: بعض الناس تستعجل في بعض الأمور في توضيحها لمن يسلم مجددا، فربما ذكروا مثلا أمورا، ربما تكون فرعية كالالتزام بالحجاب الكامل بالنسبة للنساء وكالالتزام بإعفاء اللحية، من أول وهلة وكالختان، وما أشبه ذلك. هل لسماحتكم من كلمة حول هذا الموضوع؟ (1). ج: هذه فروع إن بينها له فلا بأس، وإن أخرها إلى وقت آخر فلا بأس، المهم الأصول حتى يدخل في الإسلام، أما الفروع الأخرى: حلق اللحية أو قصها، وكذلك الحجاب، وكذلك ما يتعلق بالختان وما أشبه ذلك، هذه لو أجلت لئلا ينفر من الإسلام، ويكون التعليم بأصول الإسلام ومبانيه العظام، فإذا دخل بالإسلام بعد ذلك يرغب في بقية أعمال الإسلام.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (352). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 111 - ما يشرع البدء به في دعوة وإرشاد المجتمعات الإسلامية س: نحن نعيش في مجتمع يكثر فيه الدجل والشعوذة والشركيات، كبناء القباب على القبور، وكذلك دعاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 الأموات لتفريج الكروب. هل يشرع أولا في مجتمع كهذا الدعوة إلى التوحيد وتصحيح العقائد من أدران الشرك والاهتمام بتربية الفرد تربية دينية، حتى يصبح عضوا صالحا في المجتمع، أم يشرع المناداة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، كما يفعل الكثير من الجماعات الإسلامية؟ (1). ج: إذا كنت في بلد إسلامي وبين المسلمين، تعلمهم ما جهلوا من الشرك وغيره من المعاصي، أما إذا كنت في بلد كافرة بين النصارى أو بين اليهود، بين الوثنيين الذين لا يعرفون الإسلام، ولا يدعون الإسلام، فإنك تبدأهم بالتوحيد، تدعوهم إلى توحيد الله، فإذا أسلموا ودخلوا في دين الله، تعلمهم الصلاة والزكاة وغير ذلك، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم معاذا بذلك، لما بعثه إلى اليمن عليه الصلاة والسلام، أما إذا كنت بين المسلمين، في مصر، في الشام، في الأردن، في السعودية، في أي مكان، فإنك تنكر عليهم ما وقع منهم من شرك أو غيره، وتعلمهم دينهم، وتعلمهم ما جهلوا، وتبصرهم بالحق الذي جهلوه. سواء كان شركاء أو تهاونا بالصلاة، أو عقوقا للوالدين، أو تعاطيا للربا، أو غير ذلك مما يقع من بعض المسلمين.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (182). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 112 - الصفات الواجب توافرها في الداعية المسلم س: ما هي الصفات الواجب توفرها في الداعي المسلم، لدعوة ملحد أو يهودي أو نصراني؟ أي هل باستطاعة أي مسلم أن يكون داعيا إلى الله؟ (1). ج: ليس في استطاعة كل مسلم الدعوة إلى الله إلا بعد التعلم، الدعوة إلى الله تحتاج إلى علم، وتحتاج إلى لغة المخاطب أيضا، والله يقول سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (2) يعني على علم، فمن أراد أن يدعو الناس إلى الله، فليتعلم ويتفقه في الدين، وليعتن بالقرآن الكريم وتفسيره، ومعرفة معانيه، وليحضر عند أهل العلم، يحضر حلقات العلم ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه، حتى يصلح للدعوة، فإذا وجد من نفسه قوة على ذلك، واستشار من يطمئن إليه من أساتذته ليبين له، حتى يصلح للدعوة وحتى يوجهه إلى ما ينبغي وحتى يشير عليه بما ينبغي أن يستعمل، فإذا وجد من نفسه القدرة، لأن عنده حصيلة من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، في أي موضوع من الموضوعات التي يريد أن يدعو إليها، أو يناقش فيها فليتكلم، وإذا كانت اللغة غير العربية، فلا بد أن يستعين بمن يفهم اللغة من الثقات، حتى يكون واسطة بينه وبينه في توجيه الخير، وإرشاده إلى   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (173). (2) سورة يوسف الآية 108 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 الحق باللغة التي يفهمها بواسطة من يعرف اللغة المذكورة، من الثقات المعروفين بالعلم والفضل، وإذا كان الداعي يعرف اللغة هذا نعمة كبيرة، يدعو إلى الله باللغات التي يفهمها ويعرفها المخاطب، وبكل حال فالصفات التي يجب توافرها في الداعي: أن يكون عنده علم وعنده حلم وبصيرة، حتى يدعو إلى الله على بينة ورفق ولين، وبأسلوب يؤثر على المدعو، وأن يكون في نفسه صالحا، حتى لا يحتج عليه المدعو، يقول: أنت تدعونا إلى كذا وأنت فاسد تخالف أقوالك أعمالك، وأعمالك أقوالك، ينبغي له أن يكون حريصا بأن يعمل بما يدعو إليه، وأن يحذر ما ينهى عنه، فالداعي يمثل دعوته بأفعاله وأخلاقه، وسيرته مع الناس، وينبغي أيضا أن يكون عنده حصيلة محفوظة من الأحاديث الصحيحة، ومن آثار السلف الصالح الذين قاموا بالدعوة، حتى يتأسى بهم مع كتاب الله عز وجل، والعناية بحفظه وتدبر معانيه، والاستعانة بكلام أئمة التفسير المعروفين بالعلم والفضل والعقيدة الصالحة، كالإمام ابن جرير والبغوي وابن كثير، وغيرهم من أئمة التفسير الذين يستفاد من كلامهم في تفسير كلام الله عز وجل، فالحاصل أنه لا بد من بصيرة ولا بد من أخلاق فاضلة، وأن يكون ذا خلق كريم في حلمه، وقوله وعمله وأساليبه، حتى لا يجد المدعو ثغرة يدخل منها عليه، لينتقصه أو ليهجن دعوته، ويقول: إنك لست كما تقول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 113 - الفروق بين دعوة الملحد والكتابي س: سماحة الشيخ، كأن السائلة تفرق بين دعوة الملحد ودعوة اليهودي، ودعوة النصراني، هل فيها فروق معينة؟ (1) ج: نعم لا شك أن اليهودي والنصراني عندهم إيمان بالآخرة، وعندهم إيمان بالرسل وإن كان إيمانهم مدخولا، وإن كان لا ينفعهم لأنهم خلطوا كفرا وإيمانا، لكن دعوتهم أسهل لأنهم يخاطبون بالكتب التي نزلت على الأنبياء، يخاطبون بالإيمان باليوم الآخر، وأن الواجب الإعداد لليوم الآخر، وأن الواجب طاعة الرسل، هم يعرفون أن طاعة الرسل لازمة، وأن محمدا من الرسل عليه الصلاة والسلام، وتقام الحجج على رسالته عليه الصلاة والسلام، ويدعون إلى الإيمان به، واتباع شريعته وأنه ليس هناك نجاة إلا باتباع محمد عليه الصلاة والسلام، فالحجة قائمة على اليهود والنصارى، لما عندهم من العلم السابق، من عهد الأنبياء، وإنما حملهم على الترك الهوى والحسد والبغي، ولا سيما اليهود فإنهم أمة الحسد، وأمة البغي وأمة الغضب، وأمة العناد، وهكذا أئمة النصارى الذين عرفوا الحق، ولكن آثروا الدنيا على الآخرة، فصاروا مشابهين لليهود في عنادهم، وفي جحدهم الحق، وهم يعلمون. نسأل الله العافية، لكن الغالب على النصارى الضلال والجهل، وهم يحتاجون إلى التعليم والتوجيه، بالأدلة الشرعية   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (173). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 حتى يدخلوا في الحق، وعندهم أصل الإيمان بالآخرة، وأصل الإيمان بوجود الله، وإن كان إيمانا فاسدا مشوشا لا ينفعهم في الآخرة؛ لأن اليهود اعتقدوا عزيرا ابن الله، والنصارى اعتقدوا المسيح ابن الله، ثالث ثلاثة، وعندهم أيضا غلو في أحبارهم ورهبانهم، كلهم عندهم غلو في أحبارهم ورهبانهم، وعندهم أنواع من التحريف والشر، لكنهم أسهل في الدعوة، من دعوة الملحد الشيوعي، أما الملحد فيحتاج لإقامة الأدلة على وجود الله، وعلى صحة ما جاء به الرسل من العقل الذي يفهمه هو، فدعوتهم تحتاج إلى مزيد من البصيرة والحكمة والتجارب، وبيان ما فطر الله عليه العباد حتى يخاطبه بمقتضى الفطرة والعقل. والله المستعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 114 - الواجب على جميع أهل الأرض الدخول في الإسلام والالتزام به س: إذا أردنا دعوة إنسان إلى الدين الإسلامي، كيف نبدأ هذه الدعوة؟ وجهونا حول هذا الموضوع جزاكم الله خير (1) ج: البداءة: تبدأ بترغيبه في الإسلام. والبيان له أن الإسلام هو دين الله الذي بعث به الرسل؟ وأنزل به الكتب، وبعث به آخر الأنبياء،   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (352). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وخاتمهم محمدا عليه الصلاة والسلام، وأنه واجب على جميع أهل الأرض الدخول في الإسلام والالتزام به، هذا الواجب على جميع أهل الأرض، من اليهود والنصارى، والشيوعيين وغيرهم. جميع أهل الأرض رجالا ونساء، يجب عليهم الدخول في الإسلام واعتناقه، والتمسك به والثبات عليه، لأن الله خلق الخلق ليعبدوه، وهذه العبادة التي خلقوا لها هي الإسلام الذي بعث الله به الرسل، وبعث به محمدا عليه الصلاة والسلام، وجعل شريعته ناسخة لجميع الشرائع، ناسخة لشريعة التوراة، والإنجيل، وجميع ما في الأرض من تعبدات، شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لذلك، يجب الأخذ بها، والتمسك بها على جميع أهل الأرض، فتبين له أن الإسلام هو دين الله، وأنه هو الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم، وهو دين الأنبياء قبله جميعا وأصله وأساسه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فتعلمه الشهادتين أولا وتعلمه معناهما، ثم الصلاة والزكاة والصيام والحج وأركان الإيمان الستة، وتفهمه معناها، وتعلمه أن عليه البراءة من جميع الأديان المخالفة للإسلام، من دين النصارى وغيرهم، عليه أن يتبرأ من كل دين يخالف الإسلام، وأن يؤمن بأن عيسى هو عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، إذا كان نصرانيا، تعلمه أن عيسى هو عبد الله ورسوله، خلقه الله من أنثى بلا ذكر، قال الله له كن فكان، فالواجب الإيمان بأنه عبد الله ورسوله، وليس هو الله، وليس هو ابن الله، وليس هو ثالث ثلاثة، بل هو عبد الله ورسوله، خلقه الله من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 أنثى، وهي مريم البتول الصديقة رضي الله عنها، وليس له أب، قال الله له: كن فكان، فعلى العبد أن يؤمن بهذا، ويصدق بهذا، ويتبرأ من طريقة اليهود والنصارى في ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 115 - الإسلام يدعو للعقيدة الصحيحة س: إذا كان الإسلام قد أقر حرية العقيدة، فلماذا يحارب الوثنية والارتداد والإلحاد؟ (1). ج: الإسلام لا يقر حرية العقيدة، وإنما الإسلام يأمر بالعقيدة الصالحة، ويلزم بها ويفرضها على الناس، ولا يجعل الإنسان حرا يختار ما شاء من الأديان، لا، القول بأن الإسلام يجيز حرية العقيدة، هذا غلط، الإسلام يوجب توحيد الله، والإخلاص له سبحانه، والالتزام بدينه والدخول في الإسلام، والبعد عما حرم الله، وأعظم الواجبات وأهمها: توحيد الله، والإخلاص له، وأعظم المعاصي وأعظم الذنوب: الشرك بالله عز وجل، وفعل ما يكفر العبد من سائر أنواع الإلحاد، والله سبحانه يقول: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (2)، ويقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (3)   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (37). (2) سورة النساء الآية 36 (3) سورة الإسراء الآية 23 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 ويقول سبحانه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1) ويقول عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (2) ويقول سبحانه {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (3). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل (4)» متفق على صحته. وبين الرب عز وجل، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وجوب العقيدة، ووجوب الالتزام بشرع الله، وأن لا حرية للإنسان في هذا، فليس له أن يختار دينا آخر، وليس له أن يعتنق ما حرم الله، وليس له أن يدع ما أوجب الله عليه، بل يلزمه ويفترض عليه أن يستقيم على دين الله وهو الإسلام، وأن يوحد الله بالعبادة، وأن لا يعبد معه سواه سبحانه وتعالى، وأن يؤمن برسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وأن يستقيم   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة الزمر الآية 2 (3) سورة البينة الآية 5 (4) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب " فإن تابوا وأقاموا الصلاة "، برقم 25، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، برقم 21. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 على شريعته، ويوالي على هذا ويعادي على هذا، وأن يقيم الصلاة كما أمر الله، ويؤدي الزكاة كما أمر الله، وأن يصوم كما أمر الله، ويحج كما أمر الله، وهكذا يلتزم، وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: «يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " قلت: ثم أي؟ قال: " أن تزني بحليلة جارك (1)». فأنزل الله بهذا قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (2) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (3) {إِلَّا مَنْ تَابَ} (4) الآية. فدل ذلك على أن توحيد الله، والإخلاص له وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وتحريم القتل وتحريم الزنى؛ أمر مفترض لا بد منه، وليس لأحد أن يشرك بالله، ليس له أن يزني، وليس له أن يسرق، وليس له أن يقتل نفسا بغير حق، وليس له أن يشرب الخمر، وليس له أن يدع الصلاة، وليس له أن يدع الزكاة وعنده مال، وليس له أن يدع الصيام وهو قادر، صيام رمضان إلا في السفر والمرض، وليس له أن يترك الحج وهو قادر، بل يحج مرة في العمر، إلى غير ذلك، فلا حرية   (1) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب إثم الزناة، برقم 6811، ومسلم في كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب؛ برقم 86. (2) سورة الفرقان الآية 68 (3) سورة الفرقان الآية 69 (4) سورة الفرقان الآية 70 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 في الإسلام بين العقائد، بل يجب أن يلتزم الإنسان العقيدة الصحيحة، ويذر ما حرم الله، نعم له حرية في الأمور المباحة التي أباح الله له، وإنما له حرية في الأمور المستحبة التي لا تجب إذا شاء تركها فلا بأس، والمباح إن شاء فعله وإن شاء تركه، وليس له أن يعتنق الشيوعية ولا النصرانية أو اليهودية أو الوثنية أو المجوسية، ليس له ذلك، بل متى ما اعتنق النصرانية أو اليهودية، أو المجوسية أو الشيوعية صار كافرا، حلال الدم والمال، يجب أن يستتاب، يستتيبه ولي الأمر الذي هو في بلده، ولي الأمر المسلم يستتيبه، فإن تاب ورجع إلى الحق وإلا قتله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من بدل دينه فاقتلوه (1)» رواه البخاري في الصحيح، من بدل دينه دين الإسلام بالكفر، يجب أن يقتل إذا لم يتب، فلهذا يعلم أن ليس للمسلم حرية أن يترك الحق وأن يدخل الباطل أبدا، بل يلزمه الاستقامة على الحق، ويلزمه ترك الباطل، وعليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينصح لله ويدعو لله عز وجل، وأن يدعو الناس إلى ترك ما حرم الله عليه، كل هذا أمر مفترض حسب الطاقة، النفس فيها حركة، إن لم تلتزم بالحق دعته إلى الباطل، واللسان كذلك إن لم يتكلم بالحق تكلم بالباطل، وهكذا الجوارح فالعبد إن لم يلزمها ويأخذ عليها بالحق،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 وإلا انقاد لهواها وباطلها وللشيطان، فوقع فيما حرم الله عليه، فالواجب أن يلتزم ما أوجب الله عليه بلسانه، وأفعاله وفي سائر شئونه، وأن لا يدع للشيطان مجالا، ولا لنفسه الأمارة بالسوء مجالا، بل يحارب ذلك ويستعين بالله، بترك الباطل وعلى أداء الحق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 116 - حكم اقتناء وقراءة التوراة والإنجيل س: هل يجوز إذا وقع كتاب الإنجيل في يدي أن أقرأه؟ وإذا كان جائزا فأين أجده (1) ج: ما يتعلق بالإنجيل والتوراة مثلا، فلا ينبغي قراءتها ولا اقتناؤها، إلا لطالب علم يريد الرد على ما فيها من أباطيلهم وأكاذيبهم، فإن التوراة والإنجيل قد غيرتا، وبدل منها شيء كثير، وحرف كثير منهما أولئك الضالون من اليهود والنصارى. فهذان الكتابان لا ينبغي اقتناؤهما؟ لأنه ربما تشوش بقراءتهما، وربما اشتبه عليه شيء من ذلك، فيضر بدينه، أما طالب العلم فيحتاج إليهما لرد شبه، أو لإنكار منكر أو لبيان حق، أو للرد على اليهود والنصارى، فهذا كله لا بأس به، إذا كان من أهل العلم، يأخذ منهما ما يحتاج إليه عند الحاجة لرد باطل وإنكار منكر، كما فعل هذا كثير من أهل العلم   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (18). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 رحمة الله عليهم، وأما العامة فلا حاجة لهم في ذلك، ولا ينبغي لهم اقتناؤهما، ولا التماسهما في أي مكان، لأن الله سبحانه قد أغنانا - وله الحمد والمنة - بكتابه العزيز القرآن، أغنانا عن جميع الكتب الماضية، فلا حاجة لنا بها بل علينا أن نعنى بكتاب الله، وأن نتدبر كتاب ربنا، وفيه الكفاية، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنكر على عمر لما رأى في يده شيئا من ذلك، يعني من التوراة، وقال: «أفي شك يا ابن الخطاب، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي (1)» يروى هذا عنه عليه الصلاة والسلام، المقصود أن التوراة والإنجيل ليس لنا حاجة إليهما، ولا إلى اقتنائهما، ولا إلى مراجعتهما، ولا سيما عامة المسلمين، أما أهل العلم فقد يحتاجون إلى شيء من ذلك في بعض الأحيان عند رد شبه يوردها النصارى، أو اليهود، أو يوردها غيرهم ممن يحتجون بالتوراة والإنجيل، أو يزعمون أن في التوراة والإنجيل كذا وكذا، فيريد طالب العلم أن يوضح الأمر، وأن يبطل شبهتهم هذه التي شبهوا بها، كما طلب النبي التوراة لما ترافع إليه اليهود في شأن الرجم، طلبها وأحضروها، ووجد بها آية الرجم، ليحتج عليهم بذلك. فالحاصل أنه لا ينبغي لعامة المسلمين شراؤهما، ولا اقتناؤهما   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنهم، برقم 14736. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 ولا مراجعتهما، بل ذلك منكر بحق عامة الناس، وقد كفى الله وشفى بإنزال كتابه العزيز القرآن الكريم، الذي فيه نبأ ما قبلنا، وحكم ما بيننا، وفيه الكفاية، وهو أفضل كتاب وخير كتاب. والحمد لله. أما أهل العلم فقد يحتاجون شيئا من ذلك، لكن لهم شأنهم في ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 باب ما جاء في أن لبس الحلقة أو الخيط لرفع البلاء أو دفعه شرك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 باب ما جاء في أن لبس الحلقة أو الخيط لرفع البلاء أو دفعه شرك 117 - حكم تعليق الخيط لرفع البلاء أو دفعه س: ما حكم الذي يعلق خيطا لرفع البلاء أو دفعه؟ (1) ج: هذا ينكر عليه؛ لأنه من الشرك الأصغر، من جنس التمائم، قال عليه الصلاة والسلام: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)». وفي رواية: «من تعلق تميمة فقد أشرك (3)». ولما دخل حذيفة رضي الله عنه على رجل، قد علق عليه خيطا قطعه حذيفة وأنكر عليه، وتلا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (4)   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (38). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16951. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه؛ برقم 16969. (4) سورة يوسف الآية 106 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 بين له أن هذا من الشرك، فتعليق الخيوط والتمائم من الودع، أو من العظام أو من شعر الذئب، أو من عظام الذئب أو أسنانه كل هذا من خرافات الجاهلية، وهو من المنكرات. وهكذا تعليق الحجب، من القرآن يسمونها حجبا، يسمونها حرزا، يسمونها جامعات، كل هذا لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عمم النهي ولم يستثن من القرآن ولا غيره، ولأن استعمال القرآن يفضي إلى استعمال غيره، يعني فتح باب الشرك، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (1)» يعني الرقى المجهولة التي ليست على الطريقة الشرعية، هكذا التمائم ما يعلق على الأولاد عن العين، أو يعلق على النساء عن العين، كل هذا منكر ومن عمل الجاهلية، والتولة الصرف والعطف، وهو السحر، فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من الشرك؛ لأنه يستعان فيه بالجن والشياطين، فالساحر والساحرة إنما يتم لهما ما يتعاطيانه من السحر بواسطة عبادتهم للجن والشياطين، وتقربهم إليهم بما يرضيهم، والخيوط من جنس التمائم، إذا علق على يده خيطا، أو على رقبته يزعم أنه من أسباب الشفاء، هذا من المنكرات يجب أن يقطع.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 118 - حكم تعليق رجل الذئب على من به مس س: وجدت بعض الناس إذا أصيب أحدهم بجني يعلق رجل ذئب على يد المصاب، فما مدى صحة ذلك؟ وما رأي فضيلتكم فيه. وفقكم الله؟ (1) ج: تعليق رجل الذئب أو شعر الذئب على المريض، الذي يظن به مس من الجن أو غير ذلك هذا لا يجوز، بل هذا من التمائم التي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنها وحذر منها، حيث قال عليه الصلاة والسلام: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)»، «من علق تميمة فقد أشرك (3)» فلا يجوز تعليق التمائم، سواء كانت عظاما أو ودعا أو شعرا أو حلقات من حديد أو غير ذلك أو من أي جنس، كل هذا لا يجوز، ولا يختص بالذئب. بل قد يكون ذئبا أو أسدا أو كلبا أو فهدا أو غير ذلك كل هذا لا يجوز، وكل هذا يعتبر من التمائم التي نهى الرسول عن تعليقها. ولكن يعالج بالقرآن الكريم بالقراءة وبالأدوية الطيبة النافعة. أما التعليق على الأطفال، وعلى المريض، تعليق التمائم من عظام، أو من رجل الذئب، أو يد الذئب، أو شيء من شعر   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (31). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 الذئب، أو الكلب، أو الأسد أو غير ذلك، كل هذا لا يجوز، وهكذا مثل ما يفعل بعض الناس من كونه يضع آيات في قرطاس، أو يضع معها بعض الدعوات أو بعض المسامير أو بعض الطلاسم، ثم يجعلها في جلد أو في غير ذلك، يعلقها على الطفل أو على المريض، كل هذا لا يجوز، التعليق التي يراد بها دفع المرض أو دفع الجن أو دفع العين، كل هذا لا يجوز، والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى على أعرابي حلقة فقال: «انزعها فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا (1)». وقال: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (2)». فالرقى يعني المجهولة أو التي فيها أشياء منكرة، وهكذا التمائم كلها لا تجوز، وما يعلق على الأولاد والمرضى عن العين، وعن الجن كل هذا لا يجوز، وهكذا التولة وهي الصرف والعطف، وهي ما يفعله بعض النساء لتحبيب الأزواج إلى نسائهم وتحبيب المرأة إلى زوجها، كل هذا لا يجوز وهو من السحر، هذه كلها محرمة نبه عليها النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما الرقى الجائزة، الرقى الشرعية بالقرآن، وبالدعوات الطيبة، وبما جاء في الأحاديث، الرقى الطيبة يرقى بها المريض، ويدعى له وينفث عليه ويدعى له، أما يعلق عليه شيء فهذا لا يجوز.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند البصريين حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما برقم 19498. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 119 - حكم تعليق رجل الذئب أو ضرسه على رقاب الأولاد س: بعض الناس يعلقون رجل الذئب على رقاب أبنائهم أو ذويهم، ويعتقدون أنه يذهب الجنون. فما رد فضيلتكم على هذا وفقكم الله؟ (1) ج: هذا من الخرافات تعليق رجل الذئب أو أذنه، أو ضرسه أو شيء من شعره على المريض، أو على غير المريض للصيانة والحفظ، كل هذا منكر كله خرافات لا أصل له، وهذا من التمائم التي حرمها الله جل وعلا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق شيئا فقد أشرك (2)» فتعليق التمائم لا يجوز، سواء كانت التمائم من رجل الذئب، أو من شعره أو من عظامه، أو من غير هذا من الحيوانات الأخرى، أو حديدة أو شيء مقروء فيه في ورقة، أو رقعة أو غير ذلك، معلق على الطفل أو على المرأة أو على المريض، كل هذا لا يجوز؛ لأن الرسول نهى عن هذا - عليه الصلاة والسلام - وحذر منه، وأخبر أنه من الشرك، وقال: «من علق تميمة فلا أتم الله له (3)». وكان في الجاهلية تعلق التمائم، يسمونها الحرز يسمونها الحجب، يسمونها الجوامع، تعلق على المريض وعلى الأطفال يزعمون أنها تدفع العين عنهم، أو تدفع الجن، وهذا لا يجوز بل هو منكر، يجب إزالته،   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (30). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 فلا يجوز تعليق تميمة من عظام الذئاب، أو من شعر الذئاب أو من رجل الذئب أو الضبع أو الأسد أو النمر أو غير ذلك، ولا يجوز أيضا تعليق تمائم من القرآن، كأن تجعل ورقة يكتب فيها شيء، ويعلقها في قطعة جلد، أو غير ذلك، أو مسامير أو غير ذلك، مما يفعله بعض الناس أو طلاسم وحروف مقطعة، يجعلونها في وريقات ثم يجعلونها في جلد أو غيره تعلق، كل هذا لا يجوز. ويجب الحذر من ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 120 - حكم لبس الخاتم لقصد الشفاء س: المستمع أ. ع. م. وحرمه بعثوا برسالة يقولون فيها: إن والدهم توفي وقد كان يلبس خاتما يعتقد أنه يشفي من العقم، وحينئذ كان يلبسه وهو لا يدري أن هذا العمل محرم، ويسألون كيف يتصرفون الآن، بعد أن توفي ذلك الرجل، وهو على ذلكم الجهل؟ وبماذا توصونهم؟ (1) ج: يدعى له بالعفو والمغفرة؛ لأن هذا جاهل يحسب أن هذا التعلق ينفع، التعلق بالخاتم، وأنه ينفع من باب الدواء ومن باب الطب، لو كان حيا نبه عليه، وأخبر بما في تعليق التمائم والخواتم، لمن يعتقد فيها أنها من أسباب الشفاء، ولا تجوز على ما هو معروف عند أهل   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (345). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 العلم، المقصود أن تعليق خرقة أو ورقة أو خاتم، أو حلقة لقصد الشفاء لا يجوز، والنبي نهى عنه - عليه الصلاة والسلام - لكن ما دام جاهلا فإنه يدعى له بالمغفرة والرحمة، ويصلى عليه والحمد لله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 باب ما جاء في الرقى والتمائم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 باب ما جاء في الرقى والتمائم 121 - بيان معنى العزائم والرقى س: جاء في فتح الباري أن العزائم والرقى لها آثار عجيبة، ما هي العزائم والرقى؟ وما هي آثارها العجيبة؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: العزائم والرقى هي القراءة على المرضى بأن يقرأ على المريض، قرأ يعني عزم عليه، يقرأ من الآيات ومن الدعوات الطيبة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وغير هذا من الدعوات الطيبة، لها أثر عجيب في شفاء المريض، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المريض وكان الصحابة كذلك، فالرقية للمريض والدعاء له من أسباب الشفاء، من الدعوات التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن أسباب الشفاء، وقوله صلى الله عليه وسلم في رقية المريض: «اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما (2)» هذا الدعاء من أنفع الدعاء، ومن   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (277). (2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم برقم 5742. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 ذلك رقية جبرائيل للنبي بهذه الرقية: «بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك (1)» هذه من الرقى العظيمة، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا ألم بأحدكم شيء من جسده فليضع يده على محل الألم، وليقل: بسم الله، ثلاثا، أعوذ بعزة الله وقدرته، من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات (2)» هذا من أسباب الشفاء، وهكذا قوله: اللهم اشفني، اللهم عافني اللهم من علي بالعافية، اللهم ارزقني العافية، يدعو ربه بالكلمات الطيبة، اللهم اشفني من هذا المرض، اللهم اشفني من كل داء.   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى، برقم 2186. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند القبائل، حديث كعب بن مالك رضي الله عنه، برقم 26638. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 122 - بيان الرقية الشرعية س: السائل مصري ومقيم بتبوك يقول: ما هي الحدود والضوابط في الرقية الشرعية؟ وهل يجوز للراقي أن يرقي مجموعة من الأشخاص في وقت واحد؟ وبماذا تنصحون المرضى مأجورين؟ (1). ج: الرقية تكون بالقرآن وبالدعوات الطيبة، هذه الرقية مع رجاء أن   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (431). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 الله يتقبل وينفع بها، فينفث عليه بريقه ويقرأ الفاتحة أو بعض الآيات، أو آية الكرسي، أو قل هو الله أحد والمعوذتين، القرآن كله شفاء: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (1)، فالرقية تكون بالقرآن، وبالدعوات الطيبة على محل الألم، ينفث على محل الألم: في صدره، أو رأسه، أو يده، أو رجله، ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها من القرآن، ويدعو: اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما، ويقول: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس وعين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك، هذه الرقية الشرعية، مع رجاء أن الله ينفع بذلك، وسؤاله أن يتقبل وأن ينفع وأن يشفي المريض، يكون عنده إيمان بأن الله هو الشافي، وأن هذه أسباب، فهو يسأل الله أن يشفي المريض، ويقرأ عليه، ويرجو من الله أن ينفع برقيته، يجوز له أن يرقي أشخاصا: اثنين، ثلاثة، قدامه، ينفث على هذا، وهذا وهذا، يقرأ، لا بأس إذا استطاع ذلك، يكون اثنين أو ثلاثة قدامه، ينفت عليهم، على صدورهم، أو في أيديهم، أو على رءوسهم، على حسب المرض، لا بأس، ما هو بشرط واحد، لو كانوا اثنين قدامه، أو ثلاثة، نفث على هذا وهذا لا حرج فيه، ولا أعلم في هذا حرجا.   (1) سورة فصلت الآية 44 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 س: يسأل هذا المستمع ويقول: ما هي الآيات التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرقي بها المرض؟ وكيف تكون؟ وهل يرقي بها عند بداية المرض، أو تكون دائمة حتى يزول المرض؟ وما نصيحتكم للقراء؟ مأجورين (1) ج: كل القرآن مبارك كله رقية، ومن الرقية الفاتحة، وآية الكرسي، قل هو الله آحد والمعوذتين، مما كان يستعمله النبي صلى الله عليه وسلم ويحث عليه، والفاتحة لأنها أم القرآن، وهي أفضل السور، وآية الكرسي، فالرسول أرشد إلى قراءتها بعد كل صلاة، وعند النوم، وكذلك قل هو الله، والمعوذتين، كان يقرؤها صلى الله عليه وسلم عند النوم ثلاث مرات، عند النوم وينفث في يديه ويمسح بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، كل هذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وقال: من قرأ هذه السور الثلاث في أول الليل، أو في أول النهار لم يمسه شيء، أو لم يصبه شيء، فهذا كله مما يشرع، وثبت أن بعض الصحابة رقى بعض المرضى بالفاتحة فقط فشفاه الله.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (429). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 س: سماحة الشيخ يستفسر الكثير من الناس عن كيفية الرقية الشرعية؟ (1) ج: الرقية الشرعية هي الرقية بالآيات والدعوات الطيبة، هذه الشرعية، الرقية بالقرآن أو بالدعوات الطيبة، يرقي بالفاتحة، بآية الكرسي بغيرها من الآيات: قل هو الله أحد المعوذتين، بغيرها، هذه الرقية الشرعية، أو بالدعاء، يدعو له: اللهم رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما، بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك، أو: اللهم اشفه وعافه، اللهم أنزل عليه الشفاء اللهم أبرئه من مرضه، وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة. س: السائل أبو عبد الله يقول: القرآن فيه شفاء للناس ورحمة، نرجو أن تذكروا الآيات التي يشرع قراءتها على المريض وعدد المرات، وكيفية النفث، جزاكم الله خيرا؛ لأن عندنا شخصا مصابا بمرض ونريد أن نقرأ عليه (2). ج: كل القرآن شفاء من أوله إلى آخره، وإذا قرأ الفاتحة فهي أعظم سورة في القرآن، كررها، كما قرأها الصحابة على اللديغ، لما   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (405). (2) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (409). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 مروا عليه في بعض أحياء العرب قرأ عليه بعض الصحابة سورة الفاتحة، وكررها فشفاه الله، فإذا قرأ سورة الفاتحة، وقرأ معها آية الكرسي، أو بعض الآيات الأخرى كله طيب، وإذا قرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثلاث مرات، كان حسنا أيضا من أسباب الشفاء، وكل القرآن شفاء، إذا قرأ منه ما يسر الله من البقرة، من آل عمران، من النساء من المائدة، من بقية القرآن، كله شفاء كما قال الله جل وعلا: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (1) وقال سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (2) يعني كله شفاء، فإذا تحرى بعض الآيات وقرأها كله طيب، ولكن من أهم ما يقرأ: الفاتحة وآية الكرسي وقل هو الله أحد، وسورتا المعوذتين، كل هذه من أهم ما يقرأ على المريض. س: الأخ يسأل ويقول: هل يجوز في الرقية أن يقرأ المسلم القرآن الكريم وبعض الأدعية النبوية على الماء أو الزيت، ويقوم المريض بشرب ذلك الماء والاغتسال به، وإذا كان لا يجوز فما الرقية الشرعية، والشروط التي يجب أن تتوفر في الرقية، ويجوز أن يستعملها المسلم بعد ذلك (3).   (1) سورة فصلت الآية 44 (2) سورة الإسراء الآية 82 (3) من ضمن أسئلة الشريط رقم (425). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 ج: لا حرج في الرقية في الماء ثم يشرب منه المريض أو يغتسل به، كل هذا لا بأس به، الرقية تكون على المريض بالنفث عليه، وتكون في ماء يشربه المريض أو يتروش به، كل هذا لا بأس به، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رقى لثابت بن قيس بن شماس في ماء ثم صبه عليه، فإذا رقى الإنسان أخاه في ماء ثم شرب منه، أو صبه عليه يرجى فيه العافية والشفاء، وإذا قرأ على نفسه على العضو المريض: يده أو رجله، أو صدره، ونفث عليه ودعا له بالشفاء، فهذا كله حسن. س: يسأل المستمع ويقول: ما كيفية الرقية بالدعاء يا سماحة الشيخ؟ وما هي الأدعية التي تقرأ؟ (1) ج: ينفث على المريض على محل المرض ويدعو له، ينفث عليه من ريقه، ويقرأ الفاتحة ويكررها سبع مرات، يقرأ آية الكرسي ويقرأ ما تيسر من القرآن، ويقرأ قل هو الله أحد، والمعوذتين يكررها ثلاثا، هذه الرقية، وينفث معها ويدعو الله ويقول: اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما؛ كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك (2)». هكذا رقى جبريل النبي عليه الصلاة والسلام، كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، كل   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (430). (2) مسلم السلام (2186)، الترمذي الجنائز (972)، ابن ماجه الطب (3523)، أحمد (3/ 56). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 هذا حسن، وإذا قال: اللهم اشفه، اللهم عافه، اللهم يسر له العافية، والدعوات المناسبة لا بأس، لكن هذا الدعاء الثسرعي الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا رقى بدعوات آخرى للمريض، بطلب العافية فلا بأس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 123 - بيان علاج العين س: السائل أخوكم أبو سعد الدين، مقيم في هذا البلد الطيب، يقول: سماحة الشيخ، المشكلة ملخصها: ذهبت زوجتي لزيارة إحدى جاراتها من باب المودة والصلة والرحمة، وبعد يومين فوجئنا بدعوة من هذه الجارة التي زارتها زوجتي تقول لزوجتي: نريد منك أن تتوضئي، ونأخذ منك ماء الوضوء؛ لأنني مصابة بورم في ساقي، وأظنه حسدا، فقامت زوجتي في الحال، وتوضأت وهي لا تعلم عن هذا الأمر شيئا، وجاءتني وهي تبكي من هذا الأمر، ولأول مرة يحصل لها هذا الأمر، فذهبت إلى جاري وقلت له: يا أخي ما الأمر؟ قال لي: لأن زوجتي محسودة، وأخذنا ماء من كل من دخل عليها، وقال بأن هذا الأمر وارد، وذكر لي حادثة سهل بن حنيف عندما صرعه عامر بن ربيعة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. السؤال: هل من علاج الحسد أن نأخذ ماء الوضوء من الحاسد؟ مع العلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 بأن الحاسد غير معلوم؟ وهل الأسلوب الذي تعاملت به هذه الجارة مع زوجتي صحيح بدون علمي؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: العين حق كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم قد تقع العين من المرأة والرجل، إذا رأت المرأة ما يعجبها من جارتها، أو من غيرها، قد تقع العين، وهكذا الرجل قد تقع منه العين لأخيه ولجاره ولغيرهما، فإذا طلب الرجل أو المرأة من الشخص الآخر أن يتوضأ له فلا حرج في ذلك والحمد لله، قد تقع العين بغير اختيار الإنسان، فلا ينبغي له أن يتكدر من هذا، فإن العين حق وليست باختيار الإنسان، قد تقع منه من غير اختياره، ينظر إلى شخص فيعجبه فتقع العين، يعجبه وجهه يعجبه مشيه، يعجبه غير ذلك، فتقع العين، إما مرض في رجل، أو في رأس أو ينصرع أو ما أشبه ذلك، قد يقع، فإذا قال الرجل لأخيه: توضأ لي أو اغسل وجهك أو يديك، أو قالت المرأة لأختها في الله: أصابني كذا، وأخشى من شيء وقع منك بغير اختيارك، بأسلوب حسن، توضئي لي، أو اغسلي وجهك ويديك وأعطنيه لعل الله يشفيني بذلك، كما وقع لسهل بن حنيف وعامر بن ربيعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر عامرا أن يتوضا لسهل، فصب عليه وشفاه الله، فالمقصود أن العين حق ولا حرج أن يقول الإنسان لأخيه، أو المرأة لأختها في   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (397). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 الله: اغسلي يديك أو وجهك، أو توضئي، حتى يصب على من يظن أنه أصابته العين فلا حرج في ذلك، وينبغي أن لا يتكدر من قيل له ذلك، فإنه ليس باختياره، العين تقع بغير الاختيار، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 124 - حكم قول: الفاتحة، بنية الشفاء لطالب الشفاء س: يقول السائل: ما حكم من يقول بعد الصلاة: الفاتحة، بنية الشفاء لطالب الشفاء؟ (1) ج: هذا بدعة لا أصل له، وإنما المشروع أن يقرأ على المريض، إذا قرأ عليه الفاتحة أو غيرها لا بأس، أما أن يقول: الفاتحة، بهذا الشكل هذا بدعة.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (431). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 125 - الأسباب المعينة على إزالة الهموم التي تصيب الإنسان س: ما هي الأمور التي تساعد على إزالة الهموم والغموم التي تصيب المسلم؟ وهل يشرع أن يرقي المسلم نفسه من أجل ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: من أعظم الأسباب التي يزيل الله بها الهموم والغموم، الإكثار من ذكر الله سبحانه، والصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام، والإكثار من قراءة القرآن، فإن ذلك من أسباب انشراح الصدر وزوال الهم والغم، فأكثر من ذكر الله، ومن قراءة القرآن، ومن الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام، مع الاستغفار والتوبة من المعاصي والحذر منها، فاحذر المعاصي كلها وتب إلى الله من سالفها، وأكثر من الاستغفار، وأبشر بالانشراح وزوال الهموم والغموم، فطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم أعظم سبب في شرح الصدر وزوال كل ما يضرك ويسوؤك، ولا بأس أن ترقي نفسك؟ تقرأ على نفسك بالفاتحة، أو آية الكرسي أو قل هو الله أحد والمعوذتين، أو بكلها، هذه رقية طيبة، كان النبي صلى الله عليه وسلم عند النوم يجمع كفيه ويرقي نفسه، يقرأ فيهما، قل هو الله أحد والمعوذتين، ثلاث مرات، ثم يمسح بهما ما أقبل من جسده، رأسه ووجهه وصدره، فإن رقيت نفسك بما   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (308). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 يسر الله، يعني قرأت على نفسك بما يسر الله من القرآن فذلك من أحسن الأسباب، ومن ذلك الرقية بالفاتحة، وآية الكرسي وقل هو الله أحد، والمعوذتين، كل هذا طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم مثل ما تقدم كان يرقي نفسه، قل هو الله أحد، والمعوذتين ثلاث مرات، يقرؤها في كفيه عند النوم عليه الصلاة والسلام، ويمسح بكل مرة ما أقبل من جسده على رأسه ووجهه وصدره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 126 - بيان علاج ضيق الصدر س: الشخص الذي بشتكي من ضيق في الصدر، هل يقرأ عليه؟ (1) ج: ينبغي له أن يكثر من ذكر الله ومن قراءة القرآن، وإذا قرئ عليه لا بأس، لكن الأفضل له أن يكثر من قراءة القرآن ومن ذكر الله؛ لأن هذا يشرح الصدر: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (2) يكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده سبحان الله   (1) من ضمن أسئلة الشريط رقم (423). (2) سورة الرعد الآية 28 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 العظيم، يكثر من قراءة القرآن إذا كان يحفظ، أو من المفصل إذا كان ما يحفظ إلا القليل، أو يردد السورة التي يحفظها، كل هذا من أسباب شرح الصدر، مع دعاء الرب، يقول: اللهم اشرح صدري اللهم يسر أمري، اللهم اشرح لي صدري اللهم أزل عني كل بأس، اللهم اشفني من كل سوء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 127 - حكم كتابة آيات القرآن على ورق وشرب مائه س: يقول السائل: هل كتابة القرآن في لوح وشرابه، أو التمسح به مشروع، أم به بدعة؟ وهذا العمل كثير في بلادنا (1). ج: لا حرج في ذلك، أن يكتب في لوح أو قرطاس آيات أو دعوات بالزعفران، ثم يغسلها ويشربها لا بأس، فعله أهل العلم وأجازه أهل العلم والتحقيق، فلا حرج في ذلك، لكن أفضل من ذلك أن يقرأ على نفسه، أو يقرأ عليه غيره وينفث عليه، أو في ماء ويشربه، وهذا أحسن من الكتابة والله أعلم.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (181). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 128 - حكم القراءة على المرأة بلا خلوة س: يقول السائل: هل تجوز القراءة والنفث على المرأة المصروعة أو الملدوغة بحية أو عقرب، مع وجود جمع من النساء ولا محرم هناك؟ (1) ج: نعم لا بأس إذا حصل عدم الخلوة، إذا حصل وجود شخص ثالث كأبيها أو أخيها أو امرأة أخرى، المقصود لا يخلو يكون معهم ثالث أو أكثر فلا حرج وإن كان الحاضر من النساء ليس بشرط المحرم، المحرم في السفر فقط.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (331). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 129 - حكم كتابة القرآن وشربه للعلاج س: هل يجوز كتابة القرآن وشرابه للعلاج؟ (1) ج: لا نعلم مانعا من ذلك، وإن كان الأفضل أن يقرأ على المريض وينفث المريض على نفسه، أو يقرأ عليه أخوه، على يده أو رجله أو موضع الألم منه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، لكن إذا قرأ في ماء وشربه، أو رش به أو كتب آيات ودعوات في إناء بالزعفران أو في ورقة وغسله وشربه لا بأس، فعله جمع من السلف وذكره ابن القيم وغيره عن السلف فلا حرج في ذلك، ولكن الأفضل والأولى والأنفع   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (57). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 هو ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه، كان يقرأ على المريض وينفث على المريض، وكان يقرأ على نفسه وينفث على نفسه إذا أحس بشيء عليه الصلاة والسلام، وكان إذا أراد النوم نفث في يديه ومسح بهما ما أقبل من جسده، ولما مرض مرضه الأخير عليه الصلاة والسلام صارت عائشة تفعل ذلك، تأخذ يديه وتقرأ فيهما وتمسح بهما على ما أقبل من جسده عليه الصلاة والسلام؛ عملا بما كان يعمله في صحته عليه الصلاة والسلام، وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في ماء لثابت بن قيس بن شماس ثم صبه عليه، عليه الصلاة والسلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 130 - حكم كتابة آيات من القرآن بالزعفران وشرب مائه س: هذا سؤال من مستمعة من الرياض، تقول: سماحة الشيخ جاء لمنزلنا رجل لمعالجة إحدى قريباتي، وذلك بأن يقرأ عليها آيات من القرآن، وعندما دخلت لأستمع فقط لقراءته، وأنا ألبس الحجاب الشرعي طلب أخي من الشيخ أن يقرأ علي، مع العلم بأنني لم أكن أريد ذلك، ولكنه قرأ علي ووضع يده على أنحاء متفرقة من جسدي، مثل الرأس وأيضا الأيدي وأعلى الساق، ولكن من وراء الحجاب، وأعطاني بعض الأوراق التي كتب عليها آيات من القرآن الكريم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 وطلب مني التبخر بها، والسؤال: هل هذا العمل مشروع؟ وهل يجوز؟ وهل علي إثم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: إذا قرأ على المرأة ونفث عليها من القرآن، أو قرأ على الرجل، هذا مشروع، أو في ماء وتشرب منه، أو تتروش به، أو كتب لها قرآنا بزعفران ونحوه، وغسله وشربته، فلا بأس، لكن لا يضع يده على شيء من جسدها! لأنها عورة، ولكن من دون ذلك، يقرأ على محل الألم، محل اليد محل الرأس، محل القدم، يقرأ على محل الألم من غير لمس، وإذا تيسر أن يكون الراقي امرأة فهذا أولى وأحسن، المرأة للمرأة والرجل للرجل، ولكن إذا دعت الحاجة للرجل يقرأ من غير مس، وأما كونه يكتب ذلك في ورقة تغسل بالزعفران فلا بأس أيضا، أو في صحن ونحوه، يكتب آيات بالزعفران ثم يغسل ويشرب كل هذا لا بأس به.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (411). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 131 - بيان حكم التمائم س: ما حكم الشرع في التمائم والرقى؟ (1) ج: التمائم ممنوعة وهي ما يعلق على الإنسان سواء كانت من القرآن أو من غير القرآن، والصواب منعها إذا كان من غير القرآن   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (372). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 فلا خلاف، تمنع كالطلاسم أو أشياء منكرة عن كتابات منكرة أو عظام أو أشياء غير ذلك هذا منكر، أما إن كانت من القرآن فاختلف فيها العلماء والصواب أنها أيضا تمنع لأمرين: الأمر الأول: عموم الأحاديث مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (2)»، هذا عام. والأمر الثاني: أنه وسيلة لتعليق التمائم الأخرى، صار وسيلة لتعليق التمائم الأخرى فإن التمييز بين هذا وهذا فيه صعوبة، فالواجب سد الباب ومنع التمائم كلها. س: ما حكم الشرع في التمائم والرقى؟ (3) ج: التمائم لا تجوز الحروز لا يجوز وتعليق التمائم لا يجوز، الرسول نهى عنها، قال: «من علق تميمة فلا أتم الله له (4)»، «من تعلق   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16951. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (3) السؤال الرابع من الشريط رقم (427). (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 تميمة فقد أشرك (1)» فلا يجوز تعليق التمائم، لا من الحديد ولا من غيره، ولا من الرقى، أما كونه يرقى عليه، ينفث عليه إن كان مريضا فلا بأس، رقية شرعية، أما كونه يكتب كتابا يعلقه عليه، أو معضدا يعلقه عليه، أو حديدة يعلقها عليه، كل هذا لا يجوز؛ لأن الرسول نهى من هذا، قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)».   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 132 - حكم تعليق التمائم والحلف بغير الله تعالى س: عندنا في العراق عندما يمرض شخص يذهب إلى السادة، ويكتبون له أوراقا يعلقونها في رءوسهم، فهل يجوز هذا أم لا؟ كذلك الحلف هناك من يحلف بغير الله أو يحلفون بهؤلاء السادة فما حكم ذلك؟ (1) ج: تعليق التمائم على الأولاد خوف العين، أو خوف الجن، أمر لا يجوز، وهكذا تعليق التمائم على المرضى، وإن كانوا كبارا لا يجوز! لأن هذا فيه نوعا من التعلق على غير الله، فلا يجوز لا مع السادة المنسوبين إلى الحسن والحسين، أو غيرهما ولا مع غيرهم من العلماء ولا مع غيرهم من العباد، لا يجوز هذا ابدأ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (42). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1)». وفي رواية عنه أنه قال: «من تعلق تميمة فقد أشرك (2)». والتميمة هي ما يعلق على الأولاد، أو على الكبار عن العين أو عن الجن من خرز أو ودع أو عظام ذئب أو ذيله، أو أوراق مكتوب فيها كتابات، حتى ولو من القرآن الكريم، على الصحيح، حتى ولو آية الكرسي أو غيرها، لا يجوز التعليق مطلقا ولو كان من القرآن؛ لأن الأحاديث عامة، فالرسول صلى الله عليه وسلم عمم وأطلق، ولم يستثن شيئا فدل ذلك على أن التمائم كلها ممنوعة، وأن ما يعلق على الأولاد عن العين أو عن الجن، أو يعلق على المرضى الكبار كله لا يجوز، والمشروع في هذا أن الإنسان يسأل ربه العافية، ولا بأس أن يقرأ عليه المؤمن العارف بالقراءة يقرأ عليه آيات، يدعو له بدعوات شرعية، ينفث عليه برقية طيبة، هذا لا بأس، أما أن يعلق في قرطاس، أو في رقعة في عضده، أو في رقبته هذا لا يجوز، وهذا من الشرك الأصغر، وقد يكون من الأكبر إذا اعتقد صاحبه أنها تدفع عنه وأنها تكفيه الشرور، هذا يكون من الشرك الأكبر، أما إذا اعتقد أنها من الأسباب فهذا شرك أصغر، والواجب قطعها وإزالتها. وكذلك الحلف بغير الله لا يجوز ومن الشرك الأصغر أيضا، وقد يكون من الشرك الأكبر إذا اعتقد الحالف بغير الله أن هذا المحلوف به مثل الله، أو أنه يصلح أن يتصرف من دون الله، أو أنه يتصرف في الكون   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 هذا يكون شركا أكبر، نعوذ بالله، الحاصل أن الحلف بغير الله لا يجوز، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (1)»، وقال: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد (2)». وقال عليه الصلاة والسلام: «من حلف بغير الله فقد كفر (3)» وفي لفظ: «فقد أشرك (4)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بالأمانة فليس منا (5)». وقال ذات يوم لبعض أصحابه في السفر وهم يحلفون بآبائهم: قال لهم عليه الصلاة والسلام: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت (6)». وقال ابن عبد البر - الإمام المغربي المعروف - المتوفى سنة 463 هـ: (إن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز الحلف بغير الله).   (1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات؛ باب كيف يستحلف، برقم 2679، ومسلم في كتاب الإيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله، برقم 1646. (2) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم 6036. (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم 4886. (5) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253. (6) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، برقم 6108. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 هذا يفيدنا أن الحلف بالأمانة أو بالنبي أو بالكعبة أو بحياة فلان أو شرف فلان، هذا لا يجوز، وإنما يكون الحلف بالله وحده، يقول: بالله، تالله، والله، هذا هو المشروع، أما الحلف بغير الله كائنا من كان فلا يجوز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 133 - حكم تعليق الحجب والحرز س: تعليق الحجاب على الجسم بقصد أنه ينفع، هل هو حلال أم حرام، وهي آية من الآيات، وعليها بعض المربعات. إذا كانت حراما فهل أدفنها أم أقوم بحرقها؟ (1) ج: تعليق الحجب أمر لا يجوز، سواء من الآيات أو من غير الآيات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (3)». التمائم هي الحجب التي تعلق على الناس، والرقى الشركية التي   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (213). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم 3604. (3) أبو داود الطب (3883)، ابن ماجه الطب (3530)، أحمد (1/ 381). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 لا نعرف معانيها، أو بلسان مجهول، أو فيها إثم، وتوسلات منكرة، أما الرقى الشرعية التي ليس فيها منكر فلا بأس أن يرقي أخاه بالآيات، أو بالدعوات الطيبة، وأما التمائم فهي الحجب، لا يجوز تعليقها مطلقا، لا على الرقبة ولا في العضد، ولا في غير ذلك، ويجب إتلافها بإحراقها أو دفنها في أرض طيبة، إذا كانت آيات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 134 - الحكمة التشريعية من تحريم التمائم والحروز س: الأخ ش. ك. ع. من جمهورية السودان، يسأل ويقول: ما حكم التمائم مع ذكر الدليل لكي تتضح المسألة؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: تعليق التمائم من المحرمات الشركية، والتمائم هي ما يكتب في الرقاع من خرق أو قراطيس أو رقاع من الجلد، أوغير ذلك، يكتب فيها طلاسم لا تعرف معناها، وربما يكتب فيها بأسماء لبعض الشياطين، بعض الجن، وربما كتب فيها دعوات أو آيات، ثم تعلق على المريض أو على الطفل، يزعمون أنها تدفع عنهم الجن، وبعضهم يعلقها لدفع العين، وكانت الجاهلية تفعل ذلك، تعلق التمائم على الأولاد والأوتار   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (148). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 على الإبل، ويزعمون أنها تدفع عنهم البلادة وهذا من الجهل بالله وقلة البصيرة، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بقطع التمائم، وقال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1)». «من تعلق تميمة فقد أشرك (2)» ونهى عن تعليق الأوتار على الدواب، وبعث في الجيوش من يزيل ذلك، ويقطع الأوتار التي تعلق على الإبل أو الخيل، المقصود أن تعليق الأوتار والتمائم أمر كان معروفا في الجاهلية، فنهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله، والتعليق للتمائم والأوتار عند أهل العلم من الشرك الأصغر، إذا كان قصد المعلق أنها سبب، أما إذا كان قصد المعلق أنها تدفع بنفسها، وأنها تصرف السوء بنفسها فهذا شرك أكبر نعوذ بالله، وهناك مسألة اختلف فيها العلماء؛ وهي ما إذا كانت التمائم من القرآن أو من الدعوات الطيبة، وليس فيها طلاسم ولا شركيات ولا أشياء منكرة، هل تجوز أم لا تجوز؟ أجازها بعض السلف، وقالوا: إنها من جنس الرقية، وأجازوا تعليق التمائم التي من القرآن، أو من دعوات لا بأس بها. وقال آخرون من أهل العلم: لا تجوز بل جوازها فتح لباب الشرك، وقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم وأطلق ولم يخص شيئا دون شيء، بل قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (3)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (4)»، هذا عام. وقال:، «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (5)» فإذا أجزنا التمائم من القرآن فقد خالفنا   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (5) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 هذه الأحاديث العامة، والعموم حجة يجب الأخذ به، ثم إذا أجزنا هذه التمائم من القرآن صار فتحا لباب الشرك؛ لأنها تلتبس الأمور وتختلط هذه بهذه، ويلبس الناس هذه بهذه فيقع الشرك، وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع بأدلة كثيرة، كل شيء يفضي إلى الشرك أو إلى المحرمات يمنع، ولا شك أن تعليق التمائم من القرآن، أو من الدعوات المباحة يخالف الأحاديث العامة والنهي العام، ويسبب فتح باب الشرك واختلاط الأمور، فلهذا كان الصواب منع الجميع، الصواب منع التمائم كلها من القرآن وغير القرآن؛ أخذا بعموم الأحاديث وسدا لباب الشرك، والله المستعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 135 - حكم تعليق الحجب من القرآن س: هل يجوز لبس الورقة (الحجاب)؛ وهي عبارة عن ورقة من دفتر عادي، ويكتب عليها الشخص الذي يدعونه؛ يكتب عليها آية الكرسي وسورة الفاتحة والمعوذتين؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: تعليق التمائم لا يجوز لا أوراق ولا خرق ولا غير ذلك؛ وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ولم يرشد إلى هذا عليه الصلاة والسلام   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (335). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 وإنما أرشد إلى القراءة، قراءة القرآن والعلاج بالقرآن بالنفث بحيث ينفث الإنسان على نفسه، وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى نفث في كفيه وقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات، ثم مسح بذلك ما أقبل من جسده من رأسه ووجهه وصدره، أما ما يكتب فيها أوراق تعلق فهذا لا يجوز، بل هذا من وسائل الشرك والاعتماد على غير الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (2)». هذه يقال لها: التمائم، ويقال لها: الحروز ويقال لها: الحجب، وليس منها شيء من المباحات فكل هذا لا يجوز، لا يجوز تعليق قرآن ولا غير قرآن، وإذا كان من غير القرآن صار أشد في الإنكار؛ كالطلاسم أو العظام أو الحديد أو ما أشبه ذلك، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم على إنسان حلقة فقال: «ما هذا؟ " قالوا: من الواهنة، فقال: " انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا (3)». فالمقصود أن المؤمن يتجنب هذه الأشياء، ولا يعلق تميمة ولا ورقة ولا خرقة ولا غير ذلك، مما يرى أنها حرز ينفع من الجن أو ينفع من العين أو ما أشبه ذلك، ويسمونها الحروز ويسمونها التمائم   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند البصريين حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما برقم 19498. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 ويسمونها الحجب كل هذا لا يجوز، والصواب أنها لا تجوز حتى ولو كانت من القرآن، والصواب منعها سدا للذريعة وعملا بالأحاديث عامة، في منع التمائم والتعليقات، وهي من الشرك الأصغر، فإن كان صاحبها يعتقد أنها تدفع عنه الشر بنفسها صار ذلك من الشرك الأكبر، أعوذ بالله من ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 136 - حكم تعليق الحرز من القرآن س: يقول السائل: أرى بعض الناس يكتبون آيات من القرآن، ويربطونها في أعناقهم، ويقولون: هذا حجاب من كذا وكذا. هل هذا مشروع؟ وهل الصحابة فعلوا شيئا من هذا؟ (1) ج: هذا ليس بمشروع، هذا يسمى التميمة ويسمى الحرز، يسميه بعض الناس الجوامع، هذا لا يجوز فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)»، فلا يجوز تعليق التمائم وهي الحروز، وهي أن يكتب آيات أو دعوات أو أحاديث، ويعلقها في عنقه أو في عضده، هذا لا يجوز والواجب الحذر من ذلك، أما كونه يتعاطى الورد الشرعي يقرأ على   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (181). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 نفسه عند النوم، ويتعاطى الأوراد الشرعية، هذا مطلوب مأمور به شرعا، وعند النوم يقرأ آية الكرسي، ويقرأ قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثلاث مرات عند النوم، كل هذا من أسباب العافية والسلامة، كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من قرأ آية الكرسي لا يزال معه من الله حافظ، ولا يقريه شيطان حتى يصبح (1)». فأنت استعمل هذا، تقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (2) تقول: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات، (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات، صباحا ومساء، تقرأ: قل هو الله أحد ثلاثا وقل أعوذ برب الفلق ثلاثا وقل أعوذ برب الناس ثلاثا، بعد المغرب، وعند النوم، وبعد صلاة الفجر؛ كل هذا من أسباب السلامة، والحمد لله، والله يغنيك بهذا عن التميمة المكتوبة المعلقة.   (1) أخرجه الدارمي في كتاب فضائل القرآن، باب فضل أول سورة البقرة وآية الكرسي برقم 3386. (2) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 137 - حكم لبس القلائد من القرآن س: يقول السائل: ما رأي سماحتكم في القلائد؛ أي كتابة الآيات القرآنية، ووضعها في قطعة قماش، وتعليقها على جسم الشخص أو تحت الوسادة؟ (1) ج: تعليق التمائم ويقال لها: الحروز، ويقال لها أيضا: الجوامع، لا يجوز؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من علق تميمة فقد أشرك (3)». وقال: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (4)». فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على منع التمائم، وأنه لا يجوز تعليقها على المريض ولا على الطفل، ولا جعلها تحت الوسائد كل ذلك لا يجوز! لأنه من عمل الجاهلية، ولأنه يسبب تعلق القلوب بهذه القلائد وصرفها عن الله عز وجل، ولأنه أيضا يفضي إلى التعلق بها والاعتقاد فيها، وأنها تصرف عنه البلاء وكل شيء بيد الله ليس بيد التمائم شيء، بل الله هو النافع الضار وهو الحافظ لعباده، وهو مسبب الأسباب، فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى شيئا من الأسباب التي يظن أنها أسباب إلا بإذن الشرع كالقراءة على المريض، والتداوي بالأدوية المباحة، هذه أذن فيها الشرع، أما التمائم   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (154). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 فلم يأذن فيها الشرع، وتعليقها على الأطفال لم يأذن به الشرع، بل نهى عنه للأسباب التي سبق ذكرها، واختلف أهل العلم فيما يتعلق بالتمائم التي تكون من القرآن أو من الدعوات المباحة، هل تجوز أم لا؟ والصواب أنها لا تجوز؛ لأمرين: أحدهما أن الأدلة التي تمنع التمائم مطلقة عامة، ليس فيها استثناء بخلاف الرقى، فإنه يجوز منها ما ليس فيه شرك، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (1)». وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (2)». هذا عام لكن جاءت الأحاديث باستثناء الرقى التي ليس فيها بأس، وهي ما يكون من القرآن ومن الدعوات الطيبة، تقرأ على المريض هذه لا بأس بها! لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (3)» ولأنه رقى ورقي عليه الصلاة والسلام، فلا بأس بذلك، أما التمائم فلم يأت فيها استثناء فتبقى على العموم والمنع، وهكذا التولة وهي نوع من السحر يتعاطاه النساء وتسمى الصرف والعطف، صرف الرجل عن زوجته إلى غيرها، أو عطفه عليها دون غيرها، وهو من السحر وهو منكر لا يجوز بل من المحرمات الشركية، سواء الصرف أو العطف كله من السحر لا يجوز، وأما التمائم التي من العظام أو من الودع أو من شعر   (1) أخرجه الامام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. (2) أبو داود الطب (3883)، ابن ماجه الطب (3530)، أحمد (1/ 381). (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 الذئب أو من حيوانات أخرى، هذه كلها محرمة لا تجوز وليس فيها نزاع بل هي ممنوعة، وإنما النزاع والخلاف إذا كانت التمائم من القرآن، أو من دعوات معلومة لا بأس بها، هذه هي محل الخلاف، والصواب أنها ممنوعة أيضا، لما تقدم من كون الأحاديث عامة في منع التمائم ولم يستثن منها الرسول عليه الصلاة والسلام شيئا. والأمر الثاني سد الذرائع التي تفضي إلى الشرك، فإنه متى سمح للتمائم التي من القرآن، أو الدعوات المباحة التبس الأمر وعلقت هذه وهذه، ولم يتميز الممنوع من الجائز وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع، والنهي عن وسائل الشرك كلها، فوجب منع التمائم كلها لهذين المعنين والسببين: لعموم الأدلة وسد الذرائع. وذكر بعض أهل العلم مانعا ثالثا، وهو: أن تعليقها وسيلة إلى أن يدخل بها صاحبها إلى محلات قضاء الحاجة، ولا يبالي وفيها آيات قرآنية، فيكون ذلك من أسباب امتهانها، وعلى كل حال فهذا وجه من المنع، لكن المعنيين الأوليين أبلغ في الحجة وأبين في المنع وهما عموم الأدلة، وليس هناك استثناء لشيء من التمائم، والمعنى الثاني سد الذرائع التي تفضي إلى الشرك، ولا ريب أن إجازة التمائم التي من القرآن، أو من الدعوات المباحة والأسباب المباحة لا شك أنها وسيلة إلى تعليق النوعين، ولا حول ولا قوة الا بالله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 138 - حكم صلاة من صلى بالحجب والحرز س: السائل يقول: بأنني كنت مريضا، وكتب لي أحد الإخوان حجابا، ولبسته، هل تصح صلاتي في ذلك وأنا أرتدي الحجاب؟ وهل الحجاب محرم يا سماحة الشيخ؟ (1) ج: الصلاة صحيحة والحجاب يقطع ويزال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم، وهذا من التمائم، يقول صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)» والتميمة يسمونها الحجاب، يسمونها الجوامع، جامعة ويسمونها أسماء أخرى، فالمقصود أنه لا يعلق، لا خيط ولا خرقة ولا شيء يقرأ فيه ويعلقه، كل هذا يسمى حجابا، ويسمى تميمة لا يجوز تعليقها، والواجب قطع ذلك. أما الصلاة فهي صحيحة.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (359). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 139 - بيان الحكم في تعليق القرآن على المرضى س: سائل يقول: إن إمام المسجد متفرغ للإمامة، ويقوم بكتابة القرآن وإعطائه للمرضى؛ ليلبسوه بما يسمى بالحجاب، وهذه الإمامة متوارثة، أي عن جد وأب، ونفس العمل - أقصد الرقى وكتابة القرآن - هو مصدر كسبهم، فما هو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 تعليق سماحتكم على هذا؟ أرجو أن توجهونا، وكيف أتصرف فيما إذا كان من قرابتي؟ (1) ج: تعليق القرآن الكريم على المرضى، أو على الأطفال كل ذلك لا يجوز في أصح قولي العلماء، وبعض أهل العلم أجاز ذلك، ولكن لا دليل عليه، والصواب أنه لا يجوز تعليق القرآن، ولا غيره من الدعوات أو الأحاديث لا على الطفل، ولا على غيره من المرضى، ولا على كبير السن؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم، والتمائم: هي ما يعلق على الأولاد أو على الكبار، وتسمى الحروز وتسمى الحجب، والصواب أنها لا تجوز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (2)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (3)»، ويقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (4)». ولم يستثن شيئا، فما قال: إلا القرآن، بل عمم عليه الصلاة والسلام، فوجب الأخذ بالعموم، ولأن تعليق القرآن وسيلة إلى تعليق غيره؛ لأن الناس يتوسلون بالمباحات إلى ما حرم الله، فكيف بشيء فيه شبهة، وإن أفتى بذلك بعض أهل العلم، فهذا يسبب التساهل؛ فالواجب الحذر من ذلك أخذا بالعموم، وسدا للذرائع؛ ذريعة الشرك، فإن تعليق التميمة من القرآن وسيلة إلى تعليق تميمة أخرى، هكذا الناس لا يقفون عند حد في الغالب، والواجب الأخذ بالعموم، وليس هناك.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (443). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 دليل يخص الآيات القرآنية أو يستثنيها، والرسول صلى الله عليه وسلم أفصح الناس وأنصح الناس، ولو كان يستثني من ذلك شيء لقال: إلا كذا وكذا، أما الرقية فلا بأس، فيرقي بالقرآن وبالدعوات الطيبة، كان النبي عليه الصلاة والسلام يرقي، وقال: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (1)»، وقوله: «الرقى والتمائم والتولة شرك (2)» يعني: الرقى المجهولة، أو الرقى الشركية التي فيها التوسل بغير الله، أو دعاء غير الله، فالرقى المذكورة في هذا الحديث هي الرقى المخالفة للشرع، أما الرقى الشرعية فلا بأس بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (3)». أما التمائم فكلها ممنوعة سواء كانت من القرآن، أو من غير القرآن، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم. أما التولة فهي السحر، ويسمى العطف والصرف، والسحر لا يجوز كله، ولا يجوز لأحد أن يتعاطى السحر، بل يجب الحذر منه، والسحر في الحقيقة لا يتوصل إليه إلا بالشرك، إلا بعبادة الجن والاستغاثة بهم وخدمتهم، وبطاعتهم بمعاصي الله؛ ولهذا قال الله سبحانه في حق الملكين: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (4) بين أن الملكين يخبران أن تعلم السحر كفر، والله يقول جل وعلا: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (5). فتعليم السحر وتعلمه   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. (4) سورة البقرة الآية 102 (5) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 منكر عظيم، ومن الشرك الأكبر؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن، والاستغاثة بهم والتقرب إليهم، وما يهديهم من الذبائح والنذر، نسأل الله السلامة والعافية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 140 - حكم كتابة بعض آيات القرآن على جسم المريض س: مريض يكتب له رجل صالح القرآن يعالجه به من أي مرض، هل يمكن أن يحدث العكس، لو استعمل آيات القرآن واستغفز الله على صورة معكوسة، وأقصد بذلك قول العامة: فلان حب فلانا، فإذا كان العلاج عكسه ممكنا حدوثه؟ أرجو شرح ذلك وذكر كيفية التحصن من العبث، ثم شرح أسبابه (1). ج: كتابة الآيات لعلاج المريض هذا غير مشروع لا تعلق عليه ولا تكتب على جسده، كل هذا غير مشروع، إنما المشروع أن يقرأ عليه، ينفث عليه ويدعو له بالشفاء والعافية، يقرأ عليه بعض الآيات على بعض من جسده على يده، على رأسه يدعو له هذا لا بأس، الرقية مشروعة، كونه يرقي المريض فيدعو له يقرأ عليه القرآن حتى يشفيه الله، فالنبي رقى ورقي عليه الصلاة والسلام، وقال: «لا بأس بالرقى ما لم   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (39). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 تكن شركا (1)» الرقى الشرعية، كونه يقرأ على المريض من القرآن يدعو له بالشفاء، هذا كله مشروع، كله سنة، أما أن يكتب الآيات وتعلق برقبته، أو في عضده فهذا ليس من الشرع، أو يكتب له أحاديث أو كلمات أخرى دعوات أو مسامير أو طلاسم أو حروف مقطعة، أو أشباه ذلك كل هذا لا يجوز، حتى القرآن لا يعلق؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)» فالحجب والحروز والأشياء التي يفعلها بعض الناس، يعلقونها على المرضى في أعناقهم، أو يعلقونها في أعضدهم أو في غير ذلك، هذا لا يجوز، لكن الرقية لا بأس بها، كونه يرقي المريض يدعو له، يقرأ عليه آيات هذا طيب، هذا يسمى الرقية لا بأس بها، أو يرقيه في ماء يشرب، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء من هذا أيضا، كما في سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قرأ في ماء لثابت بن قيس، هذا لا بأس به، وأما التعليق فلا يعلق لا قرآن ولا غيره، لا يعلق في الرقبة ولا في اليد؛ كل هذا ليس بعلاج وليس مشروعا، بل منهي عنه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 141 - حكم حمل المصحف في الجيب للوقاية من العين س: أريد أن أحمل مصحفا صغيرا في جيبي؛ ليحميني من نظرات السوء وخواطر الشيطان، فهل يجوز ذلك، علما بأن الإنسان لا يستطيع أن يبقى متوضئا دائما؟ فهل يصح حمله بدون وضوء، وبدون مسه باليد؟ (1). ج: حمله بهذه النية لا يجوز؛ لأن هذا معناه أنك جعلته تميمة، جعلته حجابا ليقيك العين وغيرها، وهذا باطل، ليس حمله مما يقي العين، ولكن تحمله للقراءة لا بأس، تحمله في جيبك حتى تقرأ إذا تيسر في المسجد أو في بيتك لا بأس، وتحمله بالغلاف إذا كنت على غير طهارة، يكون له غلاف تحمله به، أما أن تحمله ليقيك شر العين بزعمك، أو الآفات هذا غلط، هذا باطل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (2)» وهذا يعم كل شيء؛ فليس لك أن تحمل المصحف بهذه النية وهذا القصد، ولكن تحمله لتقرأ فيه لا بأس بهذا، تقرأ فيه إذا كنت على طهارة، وإذا كنت على غير طهارة تبقيه في جيبك حتى تتوضأ، وتقرأ لا بأس وتحمله بعلاقة أو بغلاف.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (215). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 142 - حكم وضع المصحف في السيارة خشية العين س: السائل أحمد أ. أ. يقول: بالنسبة لبعض الشباب يضعون في السيارة المصحف؟ وذلك خشية من العين (1). ج: هذا لا أصل له بل بدعة من جنس التميمة، من جنس الحروز، ولكن يقرأ إذا ركب يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، يسأل ربه العافية، أما وضع المصحف أو آيات؛ بناء على الحرز هذا لا أصل له، بل هذا من البدع، وهذا من جنس تعليق التمائم لا يجوز.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (404). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 143 - حكم وضع المصحف عند الطفل لقصد الحرز س: يقول السائل: هل يجوز وضع مصحف عند الطفل، أو تعليقه في السرير؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: هذا لا أصل له، إذا كان المقصود من ذلك أن يكون حرزا له، فهذا لا أصل له، ثم أيضا وضعه عنده قد يعبث فيه، ويستهين به؛ لأنه طفل، فلا ينبغي وضعه عنده، إذا كان يستهين به أو يلعب به فلا يوضع عنده، إذا كان القصد من ذلك أن يكون حرزا له من   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (242). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 الشياطين أو الجن كل هذا لا أصل له، وإنما أهله يعيذونه بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في الليل يعوذ الحسن والحسين عند النوم، يقول: «أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة (1)»، فوالده أو أمه تقول له عند النوم: أعيذك بكلمات الله التامة من شر ما خلق، أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. أما جعل المصحف عند رأسه، أو عند سريره لأجل أن يكون حرزا له، أو كتابة أوراق تعلق عليه، كل هذا لا يجوز. والله المستعان   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم 3371. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 144 - حكم تعليق حرز الحصن الحصين س: السائلة س. م. ص. من الأردن، تقول: كثير من الناس يشترون كتابا صغيرا اسمه (الحصن الحصين)، وتوجد في هذا الكتاب آيات قرآنية وأدعية، ومكتوب في أوله أنه من قرأ هذا الحصن، إذا كان مدانا انقضى دينه، وإذا كان مسجونا خرج من سجنه، وإذا كان مريضا شفي من مرضه، وأنه دواء لكل داء، وأنه نافع للطفل إذا مرض، فعلى والدته أن تعلقه على صدره، وأنه نافع للفتيات البكر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 اللائي لم يتزوجن، فإنها تضعه في قطعة حرير خضراء، وتعلقه على رأسها، حتى تتزوج مبكرا، فما حكم ذلك بارك الله فيكم؟ (1) ج: كل هذا غير صحيح، بل منكر والتمائم نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وحذر منها، فلا تعلق على المرأة ولا على الرجل ولا على الطفل، لا هذا الحصن الحصين، ولا غيره ولا آية ولا حديث ولا دعاء، لا يعلق، الصواب أنه ينهى عن التعليق، ولكن يفعل المسلم ما شرع الله من التعوذات الشرعية، كأن يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحا ومساء، يكررها ثلاثا، وإذا دخل المنزل يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (2)»، «وقال له بعض الصحابة في بعض الليالي: ما رأيت الليلة من مرض أو أذى من عقرب لدغتني؟ قال: " أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك (3)». وقال صلى الله عليه وسلم: «من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (273). (2) كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء، ودرك الشقاء وغيره، برقم 2709. (3) مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2709)، أحمد (2/ 375)، مالك الجامع (1774). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحا، لم يضره شيء حتى يمسي، وإن قالها مساء لم يضره شيء حنى يصبح (1)». هذه الأذكار الشرعية والتعوذات الشرعية مستحبة، وفيها خير عظيم، وهكذا آية الكرسي، إذا قرأها عند النوم: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (2). إذا قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية العظيمة، وهي أعظم آية في القرآن، آية الكرسي من قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، فنوصي بقراءتها عند النوم، وبعد كل صلاة كما جاء في الحديث أيضا، كذلك قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل صلاة مستحبة، ويستحب تكرارها ثلاثا بعد المغرب والفجر، هذه السور الثلاث وعند النوم كذلك، نوصي بهذه الأشياء. أما تعليق آيات أو أحاديث أو دعوات أو حرز الحصن الحصين،   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 529. (2) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 هذا كله لا أصل له، بل هو من البدع ومن التمائم المنكرة، وهكذا أن من قرأه أنه ما يضره شيء كل هذا لا دليل عليه، بل هو من خرافات بعض من ينتسب إلى العلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 145 - حكم تعليق الأدعية على الجسم س: هل يجوز تعليق بعض الأدعية الواردة في الكتاب والسنة على صدر الرجل أو المرأة؛ لتكون حرزا لهم من الجن والشياطين؟ (1) ج: هذا لا يجوز، لا من القرآن ولا من السنة ولا من غيرهما، وتسمى التمائم، وتسمى الجامعات، وتسمى الحجب، لا يجوز تعليقها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له. ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (3)». فالرقى هي الرقى المجهولة، التي لا تعرف أو فيها شرك، وفيها منكر فهي ممنوعة! والتمائم ممنوعة كلها وهي ما يكتب في الرقع والقراطيس ونحوها، ثم يجعل في رقعة. أو كيسة تعلق على الطفل أو على المريض كل هذا لا يجوز بل هذه التمائم حتى   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (195). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 ولو كانت من القرآن، حتى ولو كانت من الأدعية المباحة، فإن الصحيح أن التمائم تمنع مطلقا، لكن من غير القرآن أشد في التحريم، أما القرآن فهو من باب سد الذرائع، يجب على المؤمن أن يمتنع من ذلك؛ لئلا يقع فيما حرم الله جل وعلا، فالله سبحانه شرع لعباده ما فيه سعادتهم، وفيه نجاتهم وفيه صلاحهم، ولم يشرع لهم ما فيه ضررهم، بل شرع لهم سبحانه ما فيه الصلاح والسعادة في العاجل والآجل، فليس للإنسان أن يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله سبحانه وتعالى؛ لأنها من البدع فليس له أن يعلقها ولو كانت من القرآن، أو من السنة كما تقدم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم منع من التمائم وتوعد من تعلقها بأن الله لا يتم له، ومن تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، فالواجب على المؤمن والمؤمنة التحرز بالأدعية الشرعية لا لتعليقه، فالمريض يدعى له بالشفاء والعافية، والطفل يدعى له بالشفاء، والعافية ويعوذ يقال: «أعيذك بكلمات الله التامات، من شر ما خلق (1)» عند النوم، كما «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، يقول لهما:، أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة (2)»، ويعود أن يعتاد الذكر والدعاء، والتعوذ بالله إن كان يعقل حتى يتعوذ بنفسه عند نومه، وعند دخوله، وفي خروجه، المقصود ليس   (1) مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2708)، الترمذي الدعوات (3437)، ابن ماجه الطب (3547)، أحمد (6/ 409)، الدارمي الاستئذان (2680). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم 3371. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 هناك حاجة إلى تعليق التمائم، وقد أجاز بعض العلماء تعليق التميمة التي من القرآن أو من الأدعية المباحة وقال: إنها من جنس الرقية، كما أن الرقية تجوز إذا كانت من القرآن والدعوات الطيبة كذلك التميمة إذا كانت من القرآن، والجواب: إن هناك فرقا بين هذا وهذا، الرقية جاء فيها أن النبي رقى ورقي عليه الصلاة والسلام، وقال: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (1)» فدل على استثناء الرقية الجائزة، وأنها مستثناة من قوله: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (2)»؛ لأن الرسول رقى ورقي. أما التمائم فلم يرد فيها استثناء ولم يرد أنه علق تميمة على أحد، فلا يجوز أن تلحق التمائم بالرقى، بل التمائم ممنوعة مطلقا، ولأن تعليق التمائم من القرآن ومن الأدعية المباحة وسيلة إلى تعليق التمائم الأخرى، ومن يدري أن هذا سليم وهذا ليس بسليم، فينفتح باب الشرك والتعليق للتمائم الأخرى، والشريعة الكاملة جاءت بسد الذرائع التي توصل إلى الشرك، فالأحاديث عامة في تعليق التمائم والنهي عن ذلك، وسد الذرائع أمر لازم واجب، فتعين من هذا وهذا منع جميع التمائم مطلقا، حتى ولو كان من القرآن أو من الدعوات المباحة؛ سدا لذريعة الشرك، وعملا بالعموم وحتى يعتاد المؤمن الثقة بالله، والاعتماد عليه وسؤاله والضراعة إليه، أن يعيذه من شر ما يضره، وأن يكفيه شر ما يهمه، وأن لا يعتمد على شيء يعلقه في رقبته، أو عضده، فالذي جاء به   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 الشرع فيه الخير كله والصلاح كله، للصغار والكبار والمريض وغير المريض، رزق الله الجميع التوفيق والهداية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 146 - حكم تعليق الأدعية على الميت س: هناك بعض الأدعية تعلق على الميت؛ لتكون في قبره مذكرة ومعينة على سؤال منكر ونكير، ما حكم مثل هذا؟ (1) ج: هذا أيضا لا أصل له، بل منكر وبدعة إن مات على استقامة لقنه الله، وأجاب منكرا ونكيرا، وإن مات على غير الاستقامة ما نفعته هذه الأشياء التي معه، إنما هو تثبيت الله جل وعلا، من ثبته الله بالقول الثابت أجاب ومن لم يثبت لم يجب، من مات على هدى واستقامة أجاب: ربي الله والاسلام ديني، ومحمد نبيي، وإذا مات على غير هدى قال: هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان؛ فليست التعليقات التي تعلق عليه بنافعة له، ولا قيمة لها؛ بل هذه من البدع التي أحدثها الناس، والله المستعان.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (195). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 147 - حكم وضع الحجب والحروز تحت فراش النوم س: يقول السائل: لي والدان على قيد الحياة والحمد لله، ولكنهم يكتبون لي حجبا عند العرافين، ويضعونها تحت فراشي الذي أنام عليه، وعندما قمت بتنظيف ذلك الفراش وجدت حجابا، وهو عبارة عن قطعة من القماش بها خيط معقود وكزبرة وشبة وغيرها من الحبوب الأخرى، فقمت بحرقه ولم أخبرهم بهذا العمل، فهل عملي هذا معصية لهم؟ وبماذا توجهون الآباء جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: قد أحسنت فيما فعلت في إتلاف هذا الحجاب، ووضع الحجب منكر لا يجوز، لا تحت الفراش ولا تحت الوسادة، ولا وضعه في الرقبة أو في العضد كل ذلك منكر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك (2)» فالواجب على كل مسلم أن يحذر ما نهى الله عنه ومن ذلك الحروز وهي التمائم، والحجب التي تعلق على الصبيان أو على المرضى أو توضع تحت الوسائد كل هذا لا يجوز، وإنما المشروع القراءة على المريض، كونه يقرأ عليه يرقيه ينفث عليه بالفاتحة وغيرها من السور، من الآيات بالدعاء، هذا أمر مشروع، وأما   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (329). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 الحجاب المسمى الحرز، وما أشبه ذلك مما يعلق فهذا لا يجوز سواء سمي حجابا أو حرزا أو غير ذلك من الأسماء، هو التميمة التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وسواء كانت تحت الوسادة أو مربوطة في العنق أو في العضد أو في غير ذلك. نسأل الله للجميع الصلاح والهداية، وعلى والديك أن يتوبا إلى الله ويستغفراه، وعليك أن تنصحهما بالرفق والكلام الطيب، أو تأتي لهما بطالب علم فينصحهما ويوجههما، أو ترشدهما إلى سؤال أهل العلم المعروفين بالعقيدة الطيبة والبصيرة حتى يعلم والداك العقيدة الصحيحة والعمل الذي يرضاه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 148 - تحريم تعليق التمائم والحروز لدفع العين س: سائلة تقول: عند زيارتي لبيت جدتي أرى أنهم يعلقون خنجرا على الحائط؛ ظنا منهم أنه يمنع الحسد، ويسمى لدينا صبايون، ولقد أوضحت لجدتي أن هذا شرك بالله، وإنه يجب أن يكون التوكل على الله وحده ولا نستعين بغيره، إلا أنها لم تأخذ بنصيحتي، وبعد فترة وبدون علم منها أخذته وحطمته، وهي حتى الآن لا تعلم من أخذه، فهل علي إثم في عدم إخبارها بأني أنا فعلت ذلك، مع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 علمي بأنها ستغضب علي لو قلت لها: أنا فعلت ذلك، هل لي أجر فيما فعلت؟ (1) ج: قد أحسنت في هذا وجزاك الله خيرا ولا تخبريها، وقد أحسنت في نصيحتها والحمد لله، قد أفهمتيها ونصحتيها، ولا حاجة إلى إخبارها بمن أزاله، وهو يشبه التميمة التي تعلق على الأولاد، أو غير الأولاد من باب الشرك الأصغر؛ لأنهم يعتقدون أن الحرز يدفع عنهم العين أو الحسد، فهذا شيء لا أصل له، بل هو من جنس تعليق التمائم على الأولاد من حروز، واعتقاد أنها تدفع العين أو تدفع الجن، وهذا من الشرك الأصغر، فهو من المنكر وهذا يشبهه وقد أحسنت بإزالته، أما لو اعتقد الإنسان أن هذا الحجر أو هذه التميمة تتصرف بغير إذن الله عز وجل فهذا شرك أكبر، لكن في الغالب على الناس أنهم يقصدون أنها خير، فهو باطل لا أصل له، لا في التميمة ولا في الأشياء التي تعلق على الأولاد أو غيرهم، ولا في الحجر أو الخنجر الذي يعلق على باب أو جدار، نسأل الله السلامة.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (303). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 149 - حكم لبس الحجب والتمائم لدفع الشر والمرض س: السائلة من السودان تقول: أمي ترتدي التمائم، مع أنها مؤمنة بأن ما يريده الله عز وجل سيقع، ولكن حسب ما تقول: الإنسان مطالب أن يبحث من عافيته وصحة نفسه. ولقد نصحناها بأن التمائم شرك وحرام، فنهرتني وغضبت. علما بأن التمائم منتشرة بين أقاربي ونساء القرية، فما رأيكم بذلك يا مساحة الشيخ؟ (1) ج: تعليق التمائم لا يجوز بنص الرسول صلى الله عليه وسلم، ووصيتي لك ولأمك ولجميع أهل البلد أن يتقوا الله، وأن يحذروا تعليق التمائم لا من القرآن ومن غيره، يجب قطع التمائم وإزالتها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك (2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (3)». فالرقى يعني المجهولة أو الرقى بغير الشرع، أما الرقى الشرعية فهي مستثناة غير داخلة في الحديث، والتمائم جمع تميمة: وهي ما يعلق على الأولاد وغيرهم، من الحروز من القرآن وغير القرآن، أو من الودع أو من خرزات أو من طلاسم، كل ذلك منكر لا يجوز. وهكذا التولة وهي تسمى الصرف والعطف، نوع من السحر لا يجوز فعله، لا من النساء   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (373). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 ولا من الرجال، فالسحر من المحرمات بل من الشرك؛ لقوله جل وعلا في السحرة: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (1) فجعله كفرا. فالواجب الحذر من التمائم كلها من القرآن وغير القرآن؛ لأن تعليقها منكر عمته الأحاديث، ولأن تعليق التميمة من القرآن وسيلة لتعليق غيرها أيضا فالذين أجازوا تعليق التمائم من القرآن قد غلطوا في هذا، والصواب المنع لأمرين أحدهما: عموم الأحاديث الدالة على تحريم تعليق التمائم؛ لأن الرسول لم يستثن، ما قال: إلا إذا كانت من القرآن، بل عمم. والمعنى الثاني: أن تعليق التمائم من القرآن لو أجيز لكان وسيلة لتعليق التمائم الأخرى؛ لأنه ما كل أحد سيفتش على هذا وعلى هذا؛ وسدا للذرائع صار الترك أمرا لازما وواجبا.   (1) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 150 - حكم تعليق الحرز لدفع الأمراض س: يوجد أشخاص يقومون بتعليق الخرز على عيونهم ورقابهم وآذانهم، بسبب الأمراض كما يقولون، فهل هذا شرك يخرج من الملة أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: هذا من الشرك الأصغر وهر من تعليق التمائم، والحروز سواء أكان خرزا أو أوراقا أو ودعا أو غير ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)»، وفي حديث آخر: «من تعلق تميمة فقد أشرك (3)». فالتمائم هي الحروز التي يعلقها بعض الناس، ويقال لها: الحجب سواء أكان من خرز أو من ودع أو من عظام، أو من أوراق يكتب فيها آيات أو أحاديث، والصواب حتى الآيات والأحاديث لا يجوز تعليقها، بل العلاج يكون بالقراءة على المريض، والدعاء له، أما أن يعلق عليه أوراق أو خيوط أو عظام، أو خرز أو غير هذا فهذا لا يجوز وهو من الشرك الأصغر، لا يخرج من الملة، ولكنه ينافي كمال التوحيد، مثل قول: ما شاء الله وشاء فلان، هذا من الشرك الأصغر، ومثل الحلف بالنبي والأمانة من الشرك الأصغر، ويجب الحذر منه، وقد يكون شركا أكبر، إذا اعتقد صاحبه أن هذه الأمور تنفع بعينها دون الله، فهذا شرك أكبر نعوذ بالله.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (342). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 151 - حكم اتخاذ الحجب والحرز لتحقيق المصالح الدنيوية س: سائل من سوريا يقول: يقوم بعض الناس بحمل الحجب للدخول على المسئولين والقضاة؛ بحجة أن هذه الحجب تنفعهم في أغراضهم، ولا يرد لهم طلب، أو ينتصر على خصمه، ما صحة ذلك مأجورين وما حكمه؟ (1) ج: هذا باطل ليس له أصل، واتخاذ الحجب لا يجوز، وهي الحروز ويقال لها: التمائم، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)» وفي لفظ آخر: «من تعلق تميمة فقد أشرك (3)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (4)» فالرقى التي لا تعرف لا تجوز، أما الرقى الشرعية فلا بأس بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (5)»، والتمائم هي الحروز وهي الحجب، لا تجوز سواء كانت من القرآن أو غير القرآن أو مخلوطة كلها لا تجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنها وحذر منها، وأخبر أنها من الشرك سواء كان المتخذ لها رجلا أو امرأة لا يجوز اتخاذها أبدا، بل يجب الإنكار على من فعل ذلك.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (367). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. (5) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 152 - حكم كتابة بعض آيات القرآن لجلب الرزق س: يقول السائل: عندي خالة تعمل بالتجارة في السوق، وذهبت للذين يكتبون القرآن للناس، ويقول: هذا يجلب للرزق ويزيد البيع، وكتب لها ورقة فيها آيات قرآنية، وقال لها: هذه ورقة للمال والأرزاق، هل هذا صحيح أم لا؟ (1) ج: هذا ليس بصحيح، هذا غلط ولا يجوز فعل هذا، ولا تصديق فاعله، بل هذا من المنكرات والبدع.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (181). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 153 - حكم تعليق آيات القرآن على جدران الغرف س: تقول السائلة: ما حكم من يعلق آيات من القرآن الكريم على جدران غرفة النوم، وهذه الآيات منقوشة بفصوص لامعة، معمولة باليد على قطعة قماش؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1). ج: إذا كان المقصود التذكير بها والأنس بقراءتها فلا بأس، وإذا كان تعليقها لدفع الجن هذا لا أصل له، وإنما تعلق للذكرى وقراءتها وما فيها من الخير لا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (174). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 154 - حكم تعليق آيات القرآن والأحاديث في المنزل س: ما حكم كتابة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية؟ وما حكم تعليقها في المنزل؟ (1) ج: أما العناية بحفظ القرآن فهذا شيء مطلوب ومن السنة، وهكذا حفظ الأحاديث وكتابتها، يكتب الأحاديث الصحيحة؛ ليحفظها، والأحاديث الضعيفة ليعرفها، فكونه يكتب ذلك ويعتني به هذا طيب، ولا سيما الأحاديث الصحيحة حتى يعمل بها، أما تعليقها على المريض، أو الصبيان فهذا لا يجوز، لا أحاديث ولا آيات، لا على المرضى ولا على الصبيان ولا على غيرهم، هذه هي التمائم التي حرمها الرسول ونهى عنها، وقال: «من علق تميمة فلا أتم الله له (2)». ويقول: «من تعلق تميمة فقد أشرك (3)». ولا يجوز تعليق التمائم لا من الآيات ولا من الأحاديث، ولا من الدعوات الأخرى ولا من أي مادة، فهو أمر منكر ولا يجوز.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (321). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 155 - حكم تعليق السور القرآنية على الحائط س: الأخ ع. ر. من بلاد زهران، يقول: يا سماحة الشيخ، هناك من يقول بأن تعليق السور القرآنية أو الآيات على الحائط حرام، مع العلم أن هذه الآيات أو السور لم توضع إلا لفضائلها، مثل سورة يس وآية الكرسي وغيرها، لذا نأمل من سماحتكم بيان حكم ذلك. جزاكم الله خيرا (1). ج: تعليق الآيات أو السور في الجدران في المكتب، أو في المجلس للتذكير والعظة لا بأس بذلك على الصحيح، قد كره بعض علماء العصر وغيرهم تعليق ذلك، ولكن لا حرج فيه إذا كان للتذكير بذلك، والعظة فلا بأس بذلك، إذا كان المحل محترما، كالمجلس والمكتب ونحو ذلك، أو علق حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحاديث، كل ذلك فيه مواعظ وذكرى، أما إذا كان القصد غير ذلك؛ القصد أنها تحفظه من الجن، أو تحفظه من العين أو كذا، فلا يجوز بهذا القصد وبهذا الاعتقاد؛ لأن هذا لم يرد في الشرع، وليس له أصل يعتمد عليه.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (136). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 س: هل يجوز تعليق الآيات في البيوت، أم أن ذلك بدعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1). ج: لا حرج في تعليق الآيات والأحاديث في المكاتب والمجالس ونحو ذلك للفائدة والذكرى، وأما تعليقها على الإنسان كالمريض أو الصغير كتميمة لحفظه من الجن أو كذا فهذا لا يجوز، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)»، وفي رواية أخرى: «من تعلق تميمة فقد أشرك (3)»، فالتمائم هي التي تعلق على الأولاد وعلى المرضى، إما لقصد حفظهم - بزعم المعلق - من الجن أو من العين، كل هذا لا يجوز أما تعليق آيات أو أحاديث في المكاتب أو نحوها، لقصد الفائدة والذكرى فلا بأس بذلك. س: ما هو رأي سماحتكم في تعليق السور القرآنية على الحائط؟ (4) ج: إذا علقها للفائدة ليقرأها أو علق أحاديث أو كلاما طيبا فلا بأس بذلك، أما أن يعلقها كحرز فهذا لا يجوز.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (143). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (4) السؤال السادس من الشريط رقم (338). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 156 - حكم تعليق الآيات القرآنية والأحاديث للتذكير س: هل يجوز تعليق السور من القرآن الكريم أو الأحاديث الشريفة على جدران المنازل، مثل آية الكرسي أو المعوذات أو أي شيء من القرآن، والقصد من ذلك المحبة للقرآن والأحاديث النبوية هل يجوز ذلك، علما بأن هذه الظاهرة منتشرة في كثير من الأماكن؟ (1) ج: لا مانع من تعليق الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية في المجالس والمكاتب كل ذلك لا بأس به؛ للتذكير والعظة والفائدة، لا اتخاذها حروزا تمنع من الجن، ونحو ذلك، وإنما تعلق للفائدة والذكرى.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (177). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 157 - حكم استعمال الساعات والتحف التي كتب عليها آيات من القرآن الكريم س: ما حكم تعليق الآيات القرآنية على الجدران، أو ما كتب على الساعات أو التحف وغير ذلك؟ (1) ج: أما تعليق الآيات في المجالس فلا حرج فيه إذا كان لقصد   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (304). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 القراءة والاستفادة منها فلا بأس بها، أو تعليق أحاديث أو كلمات طيبة أو أشعار طيبة لا بأس في ذلك، أما جعلها في الساعة فهذا خطأ؛ لأنها قد تمتهن وقد تطرح في محل غير مناسب، فلا ينبغي أن يكون لا في الساعة ولا في الحلي شيء، من ذلك، لا ذكر الله ولا آيات! لأنها قد تطرح على وجه يقتضي الامتهان، ولكن المعلق في الجدار في المكتب أو في المجلس من أحاديث أو آيات أو أشعار طيبة فلا بأس في هذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 158 - حكم الاستشفاء بمياه الآبار س: هل الذهاب إلى بعض الأماكن التي بها مياه، يقال: إنها تشفي من الأمراض الجلدية بإذن الله، هل هذا جائز أو لا؟ (1) ج: إذا كان شيء مجربا فلا حرج، وقد أخذ منه مثل ما يأخذ الناس من ماء زمزم، ماء مبارك، فإذا وجد ماء مجرب لعلاج بعض الأمراض، فلا بأس أن يأخذ منه.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (325). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 159 - حكم الذبح عند المياه التي تقصد للاستحمام والشفاء س: توجد في جنوب الأردن المياه المعدنية، والتي يطلق عليها برك سليمان بن داود، فيقصدها الناس للاستحمام والشفاء، ويحضرون معهم الذبائح لذبحها حال وصولهم، فما حكم ذبح مثل هذه الذبائح؟ (1) ج: إذا كان الماء المذكور مجربا معروفا ينفع في بعض الأمراض فلا بأس بذلك؛ لأن الله جعل في بعض المياه فائدة لبعض الأمراض، فإذا عرف بالتجارب أن هذا الماه ينفع من بعض الأمراض المعينة، كالروماتيزم أو غيره فلا بأس في ذلك. أما الذبائح ففيها تفصيل: فإن كانت عندما تذبح من أجل حاجتهم وأكلهم ونحو ذلك، وما يقع لهم من ضيوف فلا بأس بذلك، أما إن كانت تذبح لأجل شيء آخر، لأجل التقرب إلى الماء أو التقرب إلى الجن، أو التقرب إلى الأنبياء أو ما أشبه ذلك من الاعتقادات الفاسدة فهذا لا يجوز؛ لأن الله يقول سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) {لَا شَرِيكَ لَهُ} (3). ويقول سبحانه:   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (69). (2) سورة الأنعام الآية 162 (3) سورة الأنعام الآية 163 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (1) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (2). فالذبح لله والنسك لله والصلاة لله، فليس لأحد أن يذبح للجن أو للكوكب الفلاني، أو النجم الفلاني أو الماء الفلاني، أو النبي الفلاني، أو أي شخص، بل التقرب كله لله وحده سبحانه وتعالى بالذبائح والصلوات وسائر العبادات، يقول الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3). ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (4)، ويقول سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (5) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (6). والذبح من أهم العبادات ومن أفضل العبادات، فإذا كان المقصود من هذه الذبائح الأكل؛ لأنهم جالسون هناك فيذبحونها للأكل والحاجة فلا بأس، وأما إن كان الذبح لأمر آخر ولقصد آخر؛ إما لأجل المكان، أو مسألة الماء من أجل الماء، أو من أجل الجن أو من أجل ملك من الملائكة يقصدونه، أو نبي من الأنبياء يقصدونه، ويتقربون إليه أو أي شخص كان، أو أي كوكب أو أي صنم، أو أي وثن هذا كله شرك بالله، فيجب الحذر والله المستعان، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (7)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث علي أمير المؤمنين رضي الله عنه.   (1) سورة الكوثر الآية 1 (2) سورة الكوثر الآية 2 (3) سورة الفاتحة الآية 5 (4) سورة البينة الآية 5 (5) سورة الزمر الآية 2 (6) سورة الزمر الآية 3 (7) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله، برقم 1978. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 160 - حكم لبس السوار لقصد النفع أو دفع الضر س: تقول السائلة: مشكلتي كما يأتي: أنا امرأة محجبة بحمد الله وأداوم على الصلاة في أوقاتها، وأخاف الله عز وجل، وأومن بأن الأعمار بيد الله، وكنت عندما أنجب طفلا يموت، فأشار علي بعض الناس بشيء متعارف هنا في ليبيا، وهذا الشيء هو أن أجمع قطعة نقود من كل بيت، يوجد فيه شخص يسمى باسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أي أنه يسمى محمدا سواء كان هذا الشخص طفلا أو صبيا أو رجلا، وتجمع النقود ويشترى بثمنها سوارة تضعها المرأة التي عندما تنجب طفلا يموت تضعها في يدها، السوارة عادة تكون من الحديد، وفعلت ذلك فعلا، فشاء الله عز وجل أن يعيش الأطفال الذين أنجبتهم بعد ذلك، فلما رأت أختي السوارة وعرفت لماذا وضعتها أنا، وعرفت كذلك قصة السوارة، قالت لي: اخلعيها فورا من يدك؛ إن هذا شرك صريح بالله عز وجل، ولو توفاك الله وأنت تلبسينها باعتقادك أنها تفيدك وتضرك فإنك تموتين وأنت مشركة، فهل هذا صحيح؟ أي: هل يعتبر لبسي لها على هذا، الأساس شركا بالله عز وجل أم لا؟ وإن كان شركا فكيف أكفر عن ذنبي العظيم هذا؟ وهل صلاتي وصيامي وحسناتي السابقة ذهبت هباء منثور أم لا؟ ثالثا: إذا مكنكم الله من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 إذاعة رسالتي هذه فأرجو أن تكون الإجابة واضحة مفصلة! لكي أستفيد ويستفيد من يسمعها جزاكم الله خيرا (1). ج: إن هذا الذي فعلتيه أيتها السائلة وأرشدك إليه بعض الناس؛ رجاء أن يعيش الولد شيء لا أصل له، ولا أساس له، بل هو منكر وبدعة، ولا دليل عليه، ويسمى مثل هذا تميمة، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم، وأمر بقطعها، يقول عليه الصلاة والسلام: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (3)». وبعث عليه الصلاة والسلام في بعض غزواته من يقطع القلائد التي تعلق على الدواب؛ خشية العين وهي الأوتار، وقال: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (4)». وهي الرقى التي لا توافق الشرع، والتمائم ما يعلق على الإنسان، خشية العين أو خشية الجن، والتولة نوع من الصرف، والعطف نوع من السحر. فبين صلى الله عليه وسلم أنها كلها من الشرك، وفي مسند أحمد رحمه الله بإسناد جيد عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما، «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر فقال: " ما هذا؟ فقال: من الواهنة - يعني: علقتها من أجل الواهنة - قال: " انزعها؛ فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (96). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 أبدا (1)». فهذا وعيد عظيم في جعل هذه الحلقة الذي يزعم أنه جعلها من أجل الواهنة، مرض باليد يقال له: الواهنة. وجاء عن حذيفة رضي الله عنه أنه دخل على رجل قد علق خيطا في يده، فسأله فقال: من أجل الحمى، فقطعه حذيفة وتلا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (2). وجاء عن إبراهيم النخعي قال: كان أصحاب ابن مسعود يكرهون التمائم كلها، من القرآن ومن غير القرآن يحرمونها، وقال سعيد بن جبير - تابعي جليل رحمه الله -: من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة. كأنه أعتق رقبة؛ لأنه خلصه من رق الشرك. وبهذا تعلمين - أيتها السائلة - الذي قيل لك: تجمعين نقودا من كل بيت فيه اسم محمد، ثم يشترى بها حاجة كالسوار، ويعلق لعله يعش الولد، هذا شيء لا أصل له، وهذا باطل، وعليك التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، ومن تاب تاب الله عليه، وهذا الذي يسره الله من كون الأطفال عاشوا بعد ذلك، هذا من فضل الله صادف قدرا، لا من أجل السوارة هذه، بل صادف قدر الله الماضي، وأن أولادك يعيشون بعد الأولاد الذين ماتوا سابقا، وليس من أجل السوارة، لكنه أمر الله الماضي في قدره السابق؛ فإنه سبحانه وتعالى قدر ما يكون من أولاد ومن عقم، ومن موت طفل ومن حياة.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند البصريين حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما برقم 19498. (2) سورة يوسف الآية 106 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 طفل إلى غير ذلك، كله مقدر كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماء والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء (1)»، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن العبد إذا أكمل في الرحم - يعني الإنسان، إذا اكمل في الرحم - مائة وعشرين يوما - ثلاثة أطوار - يرسل إليه ملك، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد (2)»، فالعمر بيد الله جل وعلا فقد سبق في علم الله وفي قدره السابق، أن أولادك يعيشون بعد الذين ماتوا، وليس من أجل السوارة، ولكنه ابتلاء وامتحان وقع لك، فعليك التوبة إلى الله جل وعلا، والرجوع إليه والندم على ما مضى، وهذا شرك أصغر، تعليق التمائم من الشرك الأصغر لا تحبط معه صلاتك ولا صومك ولا عبادتك السابقة، أعمالك الطيبة السابقة التي لله فعلتيها، لا تبطل بهذا! لأنه شرك أصغر لا تبطل به الأعمال، وإن كنت أردت بهذا السوار وقصدت أنه ينفع ويضر دون الله، فهذا شرك أكبر، لكن ليس المسلم يقصد هذا، ولا يظن هذا ولا يعتقد هذا، وإنما يعتقد أنها   (1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653. (2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، برقم 3208، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، برقم 2643. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 أسباب، كما يكفي عن المرض، وكما يتعاطى الأدوية من الحبوب والإبر، كلها أسباب، وهكذا تعليق السوار، الذي نعتقد فيك أنك ظننتيها أسبابا، أنها من الأسباب فبكل حال عليك التوبة من ذلك، وإن كنت تعتقدين فيها أنها تنفع وتضر فعليك التوبة إلى الله من ذلك أيضا، والرجوع إليه بالتوبة النصوح، ولعل جهلك بذلك يكون شافعا في سلامة أعمالك الصالحة، والعبد متى تاب أيضا إلى الله، ورجع عن شركه وباطله، فإن أعماله الصالحة تبقى له، ولا تبطل إلا إذا مات على الكفر بالله سبحانه وتعالى، ولهذا لما أسلم حكيم بن حزام، وذكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم أنه سبق منه عتاقة في الجاهلية، وصدقة في الجاهلية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أسلمت على ما أسلفت من خيرا (1)». والله سبحانه قال عن الكفار إنما أعمالهم تحبط إذا ماتوا على الكفر: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (2)، الآية. وقال سبحانه: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (3). فقيد فيمن مات وهو كافر، فدل ذلك على أن من لم يمت كافرا، بل مات على الإسلام فإن أعماله الصالحة تبقى له، ولا تفوت عليه والحمد لله   (1) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب من تصدق في الشرك ثم أسلم، برقم 1436، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم، برقم 123. (2) سورة البقرة الآية 161 (3) سورة البقرة الآية 217 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 ونوصيها بتقوى الله عز وجل، والأخذ بالأسباب التي أباحها الله، كعرض الطفل على الطبيب، وتعاطي الأدوية المباحة، والقراءة على المريض والنفث عليه، والكي إذا دعت الحاجة إليه، وأشباه ذلك من الأدوية النافعة، والأسباب المباحة، أما الشيء الذي حرمه الله كتعليق التمائم، أو دعاء غير الله، أو الاستغاثة بالجن، أو إتيان الكهان والمنجمين، كل هذا باطل لا يجوز، وإنما يجوز للمؤمن الأسباب المباحة، والوسائل المباحة فقط، والله سبحانه جعل لكل داء دواء، كما في الحديث الصحيح: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله (1)». وقال عليه الصلاة والسلام: «لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله (2)». والمؤمن إذا أصابه شيء يعرضه على أهل الخبرة من الأطباء، أو غيرهم من أهل العلم والبصيرة، فإن كان هناك طبيب يعرف هذا الداء عالجه، وإن كان يحتاج إلى قراءة قرأ عليه بعض إخوانه المسلمين وعالجوه بالقراءة والدعاء هكذا المشروع، أما أن يعلق حديدة، أو قرطاسة أو خشبة أو شيئا يقرأ فيه، يقرأ ويعلق كل هذا ما يجوز حتى ولو من القرآن على الصحيح، وإن كان بعض السلف خالف في ذلك، فإن الصحيح الذي عليه المحققون أن تعليق التمائم لا يجوز، ولو كان من القرآن، لسد   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لكل داء دواء، برقم 2204. (2) مسلم السلام (2204)، أحمد (3/ 335). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 الذريعة، وعملا بالعموم الوارد بالأحاديث التي فيها النهي عن التمائم، والتحذير منها، ولم يفصل عليه الصلاة والسلام. والله المستعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 161 - بيان خرافة أم الصبيان من الجان س: تقول السائلة: إنها قرأت كلاما طويلا عن أم الصبيان، مروي عن سليمان عليه السلام، وترجو من سماحة الشيخ التوجيه، وهل لهذه المسميات تأثير على الإنسان؟ (1) ج: فهذه الأشياء التي يقولها الناس عن أم الصبيان، كلها لا أصل لها ولا تعتبر، وإنما هي من خرافات العامة، يزعمون أنها جنة مع الصبيان، وهذا كله لا أصل له، وهكذا ما ينسبون إلى سليمان، كله لا أساس له ولا يعتبر، ولا يعتمد عليه، فكل إنسان معه ملك وشيطان، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، كل إنسان معه قرين، ليس خاصا بزيد ولا بعمرو، فمن أطاع الله واستقام على أمره كفاه الله شر شيطانه، كما قال النبي - لما قيل له: وأنت يا رسول الله معك شيطان؟ قال: «نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم (2)».   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (174). (2) أخرجه مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه، برقم 2814. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 أما أم الصبيان فلا أساس لها، ولا صحة لهذا الخبر ولا لهذا القول، ولا يجوز اتخاذ الحجاب من أجلها، يعني كأن يضع الإنسان على ولده أو على بنته كتابا، يكتب فيه كذا وكذا تعوذا بالله من أم الصبيان، أو طلاسم أو أسماء شياطين أو شيوخ شياطين أو غير ذلك، لا يجوز اتخاذ ذلك ولا تعليقه على الصبية ولا الصبي، كل هذا منكر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم وهي الحجب، وقال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1)». وقال: «إن الرقى والتمائم والتولة من الشرك (2)». فالتمائم هي ما يعلق على الأولاد ذكورهم وإناثهم، أو على المرضى لدفع المرض أو لدفع الجن، يسمى تميمة ويسمى حجابا قد يكون من طلاسم، وقد يكون من أسماء شياطين وقد يكون من حروف مقطعة، لا يعرف معناها، وقد يكون من آيات معها غيرها، فلا يجوز اتخاذ هذه الحجب لا مع الصبي ولا مع الصبية، ولا مع المريض، لكن يقرأ عليه الرقى الجائزة. والرقى الممنوعة هي رقى مجهولة أو يرقى فيها بمنكر؛ أما الرقى بالقرآن العظيم والدعوات الطيبة فهي مشروعة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي أمته، وقد رقاه جبرائيل عليه السلام، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (3)». كون الصبي يقرأ عليه إذا أصابه مرض، أو الصبية يقرأ   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 عليها أبوها أو أمها، أوغيرهما بالفاتحة وبآية الكرسي، قل هو الله أحد، المعوذتين، ويدعون له بالعافية، أو على المرضى يقرأ عليهم ويدعى لهم بالعافية، أو على اللديغ، كما قرأ الصحابة على اللديغ، كل هذا لا بأس به، هذا مشروع، أما أن يقرأ عليه برقى شيطانية، لا يعرف معناها أو بأسماء شياطين، أو بدعوات مجهولة؛ هذا لا يجوز، وكذلك الحجب التي يسمونها الحروز، وتسمى الجوامع ولها أسماء، هذه لا يجوز تعليقها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تعليق التمائم، وقال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1)». وروي عن حذيفة رضي الله عنه أنه رأى رجلا بيده خيط من الحمى فقطعه، يعني خيط علقه في يده عن الحمى فقطعه وتلا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (2)، وعن عمران بن الحصين رضي الله عنه، أن «النبي صلى الله عليه وسلم وجد في يد إنسان حلقة صفر، فقال: " ما هذا؟ " قال: من الواهنة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا وضعفا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا (3)». وهذا وعيد وتحذير من تعليق الحجب والحلقات وأشباه ذلك، مما يعلقه الجهلة أو الخيوط تعلق على المريض، أو على غيره كل ذلك   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (2) سورة يوسف الآية 106 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند البصريين حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما برقم 19498. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 ممنوع ولا يجوز تعليقه، لا ما يدعونه عن أم الصبيان ولا غير ذلك، ولكن الإنسان يتحرز بما شرع الله من التعوذات، فإذا أصبح الإنسان وقرأ آية الكرسي بعد صلاة الفجر، وقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين، ثلاث مرات، هذا من التعوذات الشرعية، وهكذا إذا قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات صباحا ومساء، هذا من التعوذات الشرعية، وهكذا بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، يقولها صباحا ومساء، وهكذا: «أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة (1)»، يقولها. كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ بها الحسن والحسين، فإذا استعمل الإنسان هذه التعوذات الشرعية، وهكذا إذا قال: أعيذ نفسي وذريتي وأهل بيتي بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامات، من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون هذا أيضا جاء، وهكذا: «أعوذ بكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وبرأ وذرأ، ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم 3371. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن (1)»، هذا أيضا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وتعوذ به عندما هجم عليه بعض الشياطين، وأعاذه الله من شرهم، هذه تعوذات شرعية، ينبغي للمؤمن أن يفعلها في صباحه ومسائه، وعند نومه وهكذا قراءة قل هو الله أحد، والمعوذتين بعد كل صلاة، هي من التعوذات الشرعية مع آية الكرسي، ولكنها تكرر بعد الفجر والمغرب ثلاث مرات، قل هو الله أحد والمعوذتين تكرر ثلاث مرات بعد الفجر والمغرب، وتقال عند النوم ثلاث مرات، كل هذا جاءت به السنة. هذه حروز شرعية، ليس فيها تعليق شيء، لكنه يقولها المؤمن والله جل وعلا ينفعه بها، ويحفظه بها من الشر الكثير من شر الدنيا والآخرة.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، حديث عبد الرحمن بن خنبش رضي الله عنه برقم 15460. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 162 - حكم الذهاب إلى المشعوذين والتداوي بالمحرم س: يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه: «إن الله عز وجل لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها»، وبعض الناس عندما يصاب ببعض الأمراض المزمنة يذهبون لبعض المشعوذين؛ أي من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 يسمون أنفسهم بالأطباء العرب، فينصحونهم إما بأكل لحم الخنزير، أو بشرب الخمر، وقد حدث هذا كثيرا، ويستدل هؤلاء المشعوذون بالقاعدة الثسرعية التي تقول: (إن الضرورات تبيح المحظورات)؛ ما حكم التداوي بما ذكرت؟ وهل القاعدة تتعارض مع معنى الحديث السابق؟ (1) ج: هذا غلط من بعض الناس، فإن الله جل وعلا لم يجعل شفاء الناس فيما حرم عليهم، وليس داخلا في القاعدة، وليس هناك شفاء، الشفاء فيما أباح الله جل وعلا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لما «سأله سائل قال يا رسول الله: إني أصنع الخمر للدواء، قال علية الصلاة والسلام: " إنها ليست بدواء، ولكنها داء (2)»، وفي الحديث: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم (3)». فلا يجوز للمريض أن يأتي للمشعوذين الذين يتهمون باستخدام الجن ودعوى علم الغيب ونحو ذلك، أو يتهمون بأنهم يعالجون بالحرام أو كلحم الخنزير، أو شرب الخمر أو غير هذا مما حرم الله، فهو منكر لا يجوز، بل يجب على المريض أن يبتعد عما حرم الله، وأن لا يتعاطى إلا ما أباح الله في علاجه، فلا يأتي السحرة   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (168). (2) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب تحريم التداوي بالخمر برقم 1984. (3) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج 23 برقم 749. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 والكهان والمشعوذين، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم، ولا يجوز أن يتعالج بما حرم الله من خمر أو خنزير أو دخان أو غير هذا مما حرم الله، وفيما أباح الله غنية عما حرم الله، والحمد لله، نسأل الله السلامة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 163 - حكم رش المريض بالدم المسفوح س: ما حكم من مرض عندنا يدعون له الشيخ ليداويه وهو يعمل حرزا؟ وذلك إذا كان المرض من جنون أو من سحر، ويرش عليه الدم المسفوح؟ وهل كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ (1) ج: هذا منكر - نعوذ بالله - رشه بالدم المسفوح منكر؛ لأنه نجس فلا يجوز هذا، ولا أن يكتب له حروزا ويعلقها في رقبته، أو في عضده أو في غير ذلك هذا كله لا يجوز، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)». المقصود أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن تعليق الحروز وهي التمائم؛ في أوراق أو في خرق أو في جلود فيها دعوات أو آيات   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (317). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 أو طلاسم، كل هذا لا يجوز، ولا يعلق لا في يد المريض ولا في رقبته، ولا في غير ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا؛ قال صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1)»، وفي لفظ: «من تعلق تميمة فقد أشرك (2)»، فالواجب على أهل الإسلام ترك هذه الأشياء المنكرة؛ لأن الرسول نهى عنها عليه الصلاة والسلام، أما صب الدم المسفوح فهذا منكر ظاهر، والمسفوح هو المراق الذي يخرج من البهيمة عند الذبح، هذا نجس محرم، فالواجب على المسلم أن يحذر ما حرم الله عليه، أما إذا قرأ عليه القرآن، الفاتحة، آية الكرسي، ونفث عليه ودعا له، فإن هذا طيب، وهكذا لو أخذ له دواء من بعض الأطباء العارفين، وعالجه ببعض الطب لا بأس، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء (3)»، فالدواء لا بأس به.   (1) أخرجه البخاري في كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داء، برقم 5678. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (3) البخاري الطب (5354)، ابن ماجه الطب (3439). الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 164 - حكم تبخير المنزل لطرد الشياطين س: هل صحيح من بخر منزله باللبان السحري يذهب الشياطين من المنزل؟ وهل يوجد دليل على ذلك؟ لأن كثيرا ممن حولنا يبخرون منازلهم عند الغروب؛ اعتقادا منهم أنه يذهب الشياطين، وأنا لست مقتنعا بعملهم هذا (1). ج: هذا شيء لا أصل له، وإنما يذهب الشياطين ذكر الله، والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، هكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ يقول صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (2)»؛ وقال: «إذا دخل الإنسان منزله مساء وقال: بسم الله، قال الشيطان: لا مبيت، وإذا سمى عند الأكل، قال: لا مبيت ولا عشاء (3)». فالتسمية بالله، والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق هذه من أسباب الحفظ من الشياطين، وهكذا قراءة القرآن كل ذلك من أسباب السلامة، فينبغي للمؤمن أن يفعل ما شرعه الله من التعوذ بكلمات الله التامات من شر   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (190). (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب في التعوذ من سوء القضاء، برقم 2708. (3) أخرجه مسلم بنحوه في كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب، برقم 2018. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 ما خلق، ومن التسمية عند الدخول، يقول: بسم الله عند دخول المنزل، والتسمية عند الأكل وعند الشرب، هكذا السنة، وإذا كرر أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات، كان أولى وأفضل، كذلك يقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، صباحا ومساء، هذا من أسباب السلامة من كل شر، وهكذا أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، إذا قالها لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك، وإن كرر ثلاث مرات أولى وأكمل، كما جاء في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالحاصل أنه هذه التعوذات وهذه الأذكار هي التي يقي الله بها العبد من شر الشياطين، ومن كل ما يضره، أما البخور الذي ذكره السائل فلا أصل له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 165 - حكم من ادعى لقاءه بالخضر وتعلم منه علاج المرضى س: في قريتي رجل يدعي أنه قابل الخضر عليه السلام في المدينة المنورة وأعطاه تمرة، كما يدعي أنه يعالج المرضى، ولهذا فالناس يتوافدون عليه ليل نهار ليعالجهم عن طريق المسح على مكان الألم مقابل بعض النقود، فهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 هذا صحيح، أم أنه نوع من الشعوذة، واستغلال السذج والبسطاء؟ (1) ج: أما الخضر فالصحيح أنه مات من دهر طويل، قبل مبعث النبي عليه الصلاة والسلام وليس لوجوده حقيقة، بل هو كله باطل وليس له وجود، هذا هو الصحيح الذي عليه المحققون من أهل العلم، فالخضر عليه الصلاة والسلام قد مات قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، بل قبل أن يرفع عيسى عليه الصلاة والسلام، والصحيح أن الخضر نبي، كما دل عليه ظاهر القرآن الكريم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد علات ليس بيني وبينه نبي (2)». هكذا يقول نبينا محمد عليه الصلاة والسلام إنه أولى الناس بابن مريم، ليس بينه وبينه نبي، فدل على أن الخضر قد مات قبل ذلك، ولو فرضنا أنه ليس بنبي وأنه رجل صالح لكان اتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم لو فرضنا أنه لم يتصل لكان مات على رأس مائة سنة، كما قال عليه الصلاة والسلام في آخر حياته: «أريتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (167). (2) أخرجه البخاري في كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم)، برقم 3442، ومسلم في كتاب: الفضائل، باب: فضائل عيسى عليه السلام، برقم 2365 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد (1)». فدل ذلك على أن من كان موجودا في ذلك الوقت، لا يبقى بعد مائة سنة على نص النبي عليه الصلاة والسلام، وأنهم يموتون قبل انخرام المائة. فالحاصل أن الخضر قد مات وليس بموجود، والذي يزعم أنه رآه إما أنه كاذب، وإما أن الذي قال: إنه الخضر قد كذب عليه، وليس بالخضر إنما هو شيطان من شياطين الإنس أو الجن، أما هذا الذي يعالج الناس بأن يمسح على محل المرض فهذا ينظر في أمره، إذا كان من الناس الطيبين المعروفين بالاستقامة والإيمان، وأنه يقرأ عليه مثل الفاتحة، ومثل غيرها من القرآن، يدعو الله لهم فلا بأس، وإن أخذ شيئا من الأجرة فلا بأس، أما إن كان لا يعرف بالخير بل يتهم بالسوء فإنه يمنع ولا يؤتى ولا يمكن من ذلك، يمنع بواسطة المسئولين في البلد؛ لأن هذا في الغالب يكون خرافيا أو مشعوذا، أو يستخدم الجن، أو كذابا يأخذ أموال الناس بالباطل. نسأل الله السلامة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تأتي مائة " برقم 2537. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 166 - حكم طاعة الوالدين فى المحرم س: لي والد يكتب للناس من كتب عديدة، منها كتاب الرحمة في الطب والحكمة، وكذلك كتب فيها طلاسم، ثم إنه يكتب آيات من القرآن الكريم ليتعلقها الناس على أجسامهم، ما هو توجيهكم؟ وهل إذا لم يطع والده في هذا الموضوع يعتبر عاقا أو لا؟ (1) ج: الواجب نصيحة والدك، وإخباره أنه لا يجوز تعليق الطلاسم، ولا تعليق ما حرم الله عز وجل، ولا تعليق الآيات؛ لأن هذه من التمائم، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (3)». فلا يجوز تعليق الحروز على المريض ولا على الأطفال، لا من الطلاسم ولا من الحرز أو الودع، ولا من الآيات القرآنية ولا غير ذلك، الواجب على المؤمن أن يستعمل ما شرعه الله من التعوذات الشرعية، مثل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، وإذا كان صغيرا عوذه أهله، أمه، وأبوه بالقول له عند النوم: أعيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق، أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (163). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 وهامة ومن كل عين لامة، أما تعليق التمائم على الأطفال، أو على المرضى هذا لا يجوز؛ لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام، وهكذا تعليق الطلاسم والأشياء التي لا تعرف، لا يجوز ذلك ولا يجوز لوالدك أن يفعل ذلك، وليس لك أن تطيعه فيما حرم الله، إنما الطاعة في المعروف، نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 بسم الله الرحمن الرحيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 باب ما جاء في الذبح لغير الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 باب ما جاء في الذبح لغير الله 1 - حكم الذبح والنذر لغير الله تعالى س: ما رأي سماحة الشيخ في العائلة التي عندما يولد لها مولود تقوم بذبح شاة لأحد الأئمة دون الله، وذلك لنذر قد نذروه، علما أنهم يذبحون للذكر فقط، ولا يذبحون للأنثى، وهل على المولود بعد بلوغه من ذنب؟ ماذا عليه أن يفعل جزاكم الله خيرا؟ (1). ج: هذا من الشرك الأكبر، والواجب على من فعله التوبة إلى الله، والندم وعدم العودة إلى ذلك، كونه ينذر ذبيحة للولي فلان إذا جاءه ولد هذا شرك أكبر، نعوذ بالله؛ فالنذر عبادة لله سبحانه وتعالى، فالذي يفعل هذا عليه التوبة إلى الله، وعدم العودة إلى مثل هذا، وأما الطفل فليس عليه شيء، لأنه ليس من عمله، والله يقول سبحانه: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (2). لكن الذي فعل من رجل أو امرأة عليه التوبة   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط، رقم 201. (2) سورة فاطر الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 والرجوع إلى الله والندم على ما مضى، وألا يعود إلى ذلك، والله يقول سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1)، ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (2). فدعاء غير الله والاستغاثة بغير الله من الأولياء والأنبياء من أصحاب القبور، أو الاستغاثة بالجن أو بالملائكة، أو بالنجوم والكواكب، كل هذا من الشرك الأكبر، كل هذا من عبادة غير الله سبحانه وتعالى، وهكذا النذر لهم والذبح لهم، كونه ينذر للأموات أو للملائكة أو للجن، أو للكواكب ليشفعوا له، أو يخلصوه من النار أو يشفوا مريضه، أو يردوا غائبه أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر، يقول الله سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (3) (4) {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (5) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (6)؛ ويقول سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (7) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (8) {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (9)، ويقول عز وجل: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (10). فالنذر عبادة، التزام بعبادة الله: من صدقة أو صلاة أو غير ذلك، لا تجوز إلا لله وحده سبحانه وتعالى، فالذي ينذر ذبيحة إن رزقه الله مولودا ذكرا للبدوي، أو للشيخ عبد القادر أو للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو للحسن أو   (1) سورة النور الآية 31 (2) سورة التحريم الآية 8 (3) سورة الأنعام الآية 162 (4) " ونسكي "، يعني: ذبحي. (5) سورة الأنعام الآية 162 (6) سورة الأنعام الآية 163 (7) سورة الكوثر الآية 1 (8) سورة الكوثر الآية 2 (9) سورة الكوثر الآية 3 (10) سورة البقرة الآية 270 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 للحسين، أو لعلي بن أبي طالب أو لغيرهم، فهذا يعتبر من الشرك الأكبر، وهكذا لو قال: يا علي انصرني، أو اشف مريضي، أو يا سيدي الحسين أو الحسن، أو يا رسول الله أو يا سيدي البدوي، أو يا سيدي عبد القادر أو ما أشبه ذلك، انصرني أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك وحسبك، أو المدد المدد؛ كل هذا من الشرك الأكبر، كل هذا من عبادة غير الله سبحانه وتعالى، والله يقول جل وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (1)، ويقول سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)، ويقول عز وجل: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (3)، ويقول عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4)، ويقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (5)، ويقول عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (6)، يعني: المشركين. والآيات في هذا كثيرة ويقول عليه الصلاة والسلام: «الدعاء هو العبادة (7)». والله يقول سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (8)   (1) سورة البينة الآية 5 (2) سورة الفاتحة الآية 5 (3) سورة غافر الآية 14 (4) سورة الإسراء الآية 23 (5) سورة الجن الآية 18 (6) سورة يونس الآية 106 (7) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم 17888. (8) سورة غافر الآية 60 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 فالواجب على جميع المسلمين وعلى جميع المكلفين الحذر من ذلك، وأن تكون العبادة لله وحده كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (1)، وقال: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2). هو الذي يدعى هو الذي يرجى سبحانه وتعالى، هو الذي يتقرب إليه بالذبائح والنذور، دون غيره سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذهم من كل ما يخالف شرعه، والله المستعان.   (1) سورة البينة الآية 5 (2) سورة الجن الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 2 - حكم الذبح عند قبور الأولياء س: رسالة من المستمع م. ص. أ. من أرتيريا يقول: في بلدنا بعض الناس يذبح عند قبور الأولياء، وإذا سألتهم أليس الذبح يجب أن يكون لله، وأن يكون خالصا لله، وأن هذا العمل من الشرك، لا يستمعون إليك، وجهودهم لعلهم يستمعون رأي الشرع في ذلك، وفقكم الله وجزاكم خيرا؟ (1). ج: الذبح لغير الله من الشرك بالله، سواء كان عند القبور، أو بعيدا عن القبور، إذا نوى بالذبيحة التقرب للمخلوقين، أو إلى النجوم،   (1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 307. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 أو إلى الأصنام، أو إلى الجن، أو الأولياء أو الملائكة، صار بذلك شركا بالله، لقول الله سبحانه في كتابه العظيم: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (1) (2) {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (4)؛ ويقول سبحانه في كتابه العظيم مخاطبا نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (5) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (6)، والنحر عبادة مثل الصلاة، كما أنه لا يحل الذبح لغير الله، فلا يحل أن يصلي لغير الله، فمن صلى للمخلوقين، أو سجد لهم أشرك، وهكذا إذا ذبح للأولياء؛ ليتقرب إليهم، أو للأصنام، أو للجن أو للملائكة، أو للنجوم أو لغير ذلك من المخلوقين، فذبح لهم أو صلى لهم، أو سجد لهم أو نذر لهم القرابين، ينذر للولي الفلاني أنه يذبح كذا أو يتصدق بكذا، أو يسجد أو يصلي أو يصوم، المقصود النذر لغير الله، من أولياء أو من الجن، أو الأصنام كأن يقول: نذر علي للقبر الفلاني، أو الولي الفلاني، أن أتصدق بكذا، أو أن أصوم كذا، أو أصلي كذا، أو أذبح كذا، كل هذا من النذور الشركية، فالصلاة لغير الله، والسجود لغير الله، والذبح لغير الله، والنذر لغير الله، كله من الشرك بالله، فإن صلى لله عند قبر، ما قصد صاحب القبر، يصلي لله، ولكن ينذر للصلاة عند القبر بأن فيها فائدة، وأنها أفضل، يعني ما قصده أن يصلي للمخلوقين   (1) سورة الأنعام الآية 162 (2) " ونسكي "، يعني: ذبحي. (3) سورة الأنعام الآية 162 (4) سورة الأنعام الآية 163 (5) سورة الكوثر الآية 1 (6) سورة الكوثر الآية 2 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 ولا قصده الذبح لهم، قصده الذبح لله والصلاة لله، ولكن يظن أنها عند هذا القبر فيها فائدة، فيها ثواب أكثر، هذه بدعة، فلا تجوز فهي وسيلة للشرك، ولكن لا تكون شركا إذا كان قصد به وجه الله، والتقرب إلى الله فتكون بدعة؛ لأنه فعلها في محل لا يجوز التعبد فيه كالصلاة أو الذبح، بل هذا يفضي إلى الشرك، ووسيلة إلى أن يذبحها للمخلوق صاحب القبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 3 - حكم الدعاء والصدقة عن الميت إذا شك في صلاح عقيدته س: سائل يقول: إن والده كان يذبح لغير الله فيما قيل له عن ذلك، ويريد الآن أن يتصدق عنه ويحج عنه، ويعزو سبب وقوع والده في تلك المعصية إلى عدم وجود علماء ومرشدين وناصحين له، ويرجو التوجيه يا سماحة الشيخ؟ (1) ج: إذا كان والدك أيها السائل، معروفا بالخير والإسلام والصلاة، فلا تصدق القائلين إنه يذبح لغير الله، إلا على بصيرة، فعليك الدعاء له والصدقة عنه ونحو ذلك، حتى تعلم يقينا أنه قد أتى بالشرك، أما مجرد قيل وقال من دون بصيرة لا يكفي، إلا إذا ثبت لديك بشهادة الثقات اثنين فأكثر من الثقات، أخبروك بأنهم رأوه   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط، رقم 78. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 وشاهدوه يذبح لغير الله، من أصحاب القبور أو يدعو غير الله، فعند ذلك تمسك عن الدعاء له، وأمره إلى الله سبحانه وتعالى، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يستغفر لأمه لم يأذن الله له لأنها ماتت في الجاهلية على دين الكفار، فاستاذن ربه ليستغفر لها فلم يؤذن له، لأنها ماتت على ظاهر الكفر، وإن كانت في جهل، فأنت كذلك، إذا بلغك من طريق الثقات أنه مات على ظاهر الشرك، من دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والذبح لهم والنذر لهم، فإنه حينئذ لا يستغفر له ولا يدعى له، لكن لا يدعى عليه، ولا يسب ولكن يمسك عنه، وأمره إلى الله سبحانه وتعالى، إن كانت قامت عليه الحجة استحق ما وعد الله به أمثاله، وإن كانت لم تقم عليه الحجة امتحن يوم القيامة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 4 - حكم أكل الذبائح التي تذبح عند القبور س: يسأل المستمع ويقول: هل يجوز أكل لحم البهائم أو الغنم التي تذبح على القبر، وهذا الشخص متعمدا الذبح لمن في القبر، وجهونا في ضوء السؤال؟ (1) ج: ما يذبح لغير الله لا يؤكل، يكون ميتة، ما يذبح لأصحاب القبور، أو للأصنام، أو للجن هذا يكون ميتة، لا يحل أكله، قال الله   (1) السؤال التاسع من الشريط، رقم 428. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 جل وعلا: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (1)، ما ذبح لغير الله يكون ميتة نسأل الله العافية، وصاحبه مشرك عليه التوبة إلى الله جل وعلا، الذبح لغير الله من الشرك، فعليه التوبة إلى الله، والرجوع إليه، والذبيحة حرام، نسأل الله العافية. س: تسال المستمعة وتقول وهي من اليمن: هناك قبور تزار من قبل بعض الناس، فهل يجوز لهم ذلك، حيث إنهم يذبحون عندها، وهل يجوز أن يأكلوا اللحم عند هذه القبور؟ (2) ج: الذبح عند القبور لا يجوز، ولا الجلوس عندها للقراءة والدعاء، بل يجب الحذر من ذلك، بل هذا من وسائل الشرك، وإذا ذبح يتقرب إلى أصحاب القبور، أو دعاهم، أو استغاث بهم، أو نذر لهم، فإن هذا شرك أكبر، والعياذ بالله. أما زيارة القبور للسلام عليهم، والدعاء لهم فلا بأس، سنة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (3)»، فإذا زارها المؤمن ليدعو لهم، ويسلم عليهم ويستغفر لهم فلا بأس، أما أن يزورهم للذبح   (1) سورة المائدة الآية 3 (2) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 433. (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 عندهم، أو للقراءة عندهم، أو للدعاء عند قبورهم، فهذا منكر لا يجوز، هو من وسائل الشرك، فإذا ذبح لهم، أو دعاهم، أو استغاث بهم، أو نذر لهم، فقد صار هذا شركا أكبر، نعوذ بالله، أما النساء فلا يزرن القبور، يدعين لأمواتهن في البيوت، لا حاجة إلى زيارة القبور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 5 - حكم البقاء بين من يذبح لغير الله لقصد دعوتهم لتوحيد الله تعالى س: أنا أعيش في قرية يعم فيها الشرك والجهل، وكلما نصحت لأهلها لا يسمعون لنصحي، فهم يقومون بالذبح والنذر لغير الله سبحانه وتعالى، ويقولون لي عندما أمنعهم أو أنصحهم: أنت مشرك بالله، ماذا أفعل؟ وهل أنا على حق، وهل أبتعد عنهم، أم أبقى في القرية مع مجاهدتي لنفسي ولهم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: ننصحك أيها الأخ بالبقاء معهم، والجهاد لنفسك ولهم بالتعليم والتوجيه والإرشاد والنصيحة؛ لعل الله أن يهديهم بأسبابك، ولك مثل أجورهم إذا هداهم الله على يديك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2)» فاصبر واحتسب ولا تعجل وادع الله   (1) السؤال الأول من الشريط، رقم 324. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، برقم 1893. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 لهم بالهداية فأنت على خير عظيم، هكذا صبر الرسل عليهم الصلاة والسلام، فتأس بالرسل عليهم الصلاة والسلام، والله يقول: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (1)، وقد أوذي نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وأوذي الأنبياء، فصبروا، فكن أنت متأسيا بهم عليهم الصلاة والسلام، فإذا كان أهل هذه القرية يتعاطون الشرك، ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات وأصحاب القبور، أو النذر لهم أو الذبح لهم، فهذا شرك أكبر، هذا دين المشركين؛ فالواجب عليهم ترك ذلك، والتوبة إلى الله من ذلك، وعليك أن تنصحهم دائما، وأن تصبر حتى يهديهم الله بأسبابك، فأنت على خير عظيم، فلا تجزع ولا تمل ولا تغادر القرية، إلا إذا وجد من يقوم مقامك، ويحصل به المقصود، وإلا فابق في القرية، واجتهد في الدعوة، واحرص على أن تلتمس من يساعدك ويعينك على هذه الدعوة العظيمة، يسر الله أمرك وبارك في جهودك وهدى أصحابك.   (1) سورة الزمر الآية 10 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 6 - حكم الادعاء بمعرفة قبور الأنبياء عليهم السلام س: لدينا من يدعي بأن قبور الأنبياء: عمران وصالح وأيوب وهود عليهم السلام موجودة عندنا في سلطنة عمان، وخاصة في المنطقة الجنوبية صلالة حيث توجد قبور بهذه الأسماء، فهل هذا صحيح أم لا؟ (1) ج: لا يعرف قبر نبي من الأنبياء سوى نبينا عليه الصلاة والسلام، أما من ادعى أن هناك قبورا في عمان أو في غير عمان، معروفة للأنبياء فهو كاذب، وليس بصحيح إلا قبر نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام - في المدينة، وهكذا قبر الخليل في فلسطين معروف هناك محل القبر، وأما بقية الأنبياء فلا تعرف قبورهم: لا نوح ولا هود ولا صالح ولا غيرهم، ما عدا إبراهيم في الخليل، المقصود أن جميع الأنبياء ما عدا النبيين الكريمين عليهما الصلاة والسلام، محمد وإبراهيم لا تعرف قبورهم، محمد - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وهذا معروف بإجماع المسلمين، وهكذا إبراهيم الخليل معروف أيضا بالمغارة بالخليل، وأما من سواهما من الأنبياء فقد نص أهل العلم أنه لا تعرف قبورهم.   (1) السؤال العاشر من الشريط، رقم 198. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 7 - حكم التقرب للأولياء والطواف حول قبورهم س: الأخ م. م. خ من مصر، يقول: هل يجوز الذبح لأولياء الله الصالحين، وإقامة الموالد لهم والطواف حول قبورهم، أم لا؟ (1) ج: التقرب للأولياء والأنبياء بالذبائح والنذور، هذا من الشرك الأكبر، وهكذا الاستغاثة بهم والنذر لهم ودعاؤهم بطلب تفريج الكروب أو شفاء المرضى، أو صلاح الأولاد أو صلاح المال كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بقبورهم والتقرب إليهم بالطواف هذا من الشرك الأكبر؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2)، ويقول جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3)، ويقول سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (4)، ويقول عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (5)، ويقول جل وعلا: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (6)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة (7)». فالذي يدعو الأموات أو الملائكة أو الأنبياء قد عبدهم، فلا يجوز   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 210. (2) سورة غافر الآية 60 (3) سورة الجن الآية 18 (4) سورة الفاتحة الآية 5 (5) سورة البينة الآية 5 (6) سورة يونس الآية 106 (7) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم 17888. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 للمسلم أن يتقرب للأولياء بالذبائح والنذور، أو بالدعاء والاستغاثة، أو بالطواف حول قبورهم، كل هذا من المنكرات الشركية، ومن عمل الجاهلية، ومن عمل عباد الأوثان والأصنام، فالواجب الحذر من ذلك. أما كونه يضحي لأخيه، لأبيه، أضحية يذبحها أيام عيد النحر، ينويها عن أبيه أو عن أخيه، أو عن رجل صالح يحبه في الله، يضحي له حتى يثيبه الله على ذلك، يقصد بها وجه الله، التقرب إلى الله، حتى يثيبه على ذلك، ويثيب من ذبحها له أجرا، فقد كان النبي يضحي عن أهل بيته عليه الصلاة والسلام، فلا بأس. أما أن يذبح الذبائح يتقرب إلى القبور، حتى يشفعوا له، حتى يشفوا مريضه، هذا الشرك الأكبر؛ لأن الله سبحانه يقول: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (1) يعني: قل يا محمد للناس {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (2) يعني: ذبحي {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (4) ويقوله سبحانه {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (5) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (6). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (7)»، رواه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.   (1) سورة الأنعام الآية 162 (2) سورة الأنعام الآية 162 (3) سورة الأنعام الآية 162 (4) سورة الأنعام الآية 163 (5) سورة الكوثر الآية 1 (6) سورة الكوثر الآية 2 (7) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله، برقم 1978. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 فالمقصود أنه لا يجوز للمسلم أن يتقرب إلى القبور وأصحاب القبور بالذبح أو النذر، نذر الذبائح أو نذر الصدقات، أو ما أشبه ذلك، أو يستغيث بأهل القبور، أو يسألهم قضاء الحاجة، أو شفاء المريض، أو النصر على الأعداء أو حصول الولد، أو ما أشبه ذلك كل هذا لا يجوز، كله من عبادة غير الله، والله سبحانه أنكر ذلك، وأمر عباده أن يعبدوه. قال سبحانه {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)، وقال: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3)، وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (4). فالواجب على كل مكلف أن يتفقه في الدين وأن يتعلم، وعلى كل مسلم أن يصون دينه عن الشرك بالله، وأن يعبد الله وحده ويتوجه إليه في كل حاجاته، بالدعاء والخوف والرجاء والنذر والاستغاثة، والذبح وغير هذا، كله لله وحده. أما الأولياء فحقهم أن يدعى لهم، المؤمنون يدعى لهم بالمغفرة، الأولياء هم المؤمنون سواء كانوا ذكورا أو إناثا، هم المؤمنون بالله، هم المسلمون، يقال لهم أولياء لطاعتهم لله، كما قاله سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (5) {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (6)،   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة الفاتحة الآية 5 (3) سورة الجن الآية 18 (4) سورة البينة الآية 5 (5) سورة يونس الآية 62 (6) سورة يونس الآية 63 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 وقال سبحانه: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (1). فأولياء الله هم أهل التقوى والإيمان، المطيعون لله ورسوله، فحقهم أن يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ويحبون في الله. أما أن يعبدوا من دونه فلا، لا يجوز أن يعبدوا من دون الله، لا بالدعاء ولا بالطواف بقبورهم، ولا بالذبح لهم ولا بالنذر، كل هذا لا يجوز، وهكذا الرسل، وهكذا الجن، وهكذا الملائكة، لا يعبدون مع الله سبحانه وتعالى، العبادة حق الله وحده، ليس لأحد أن يصرفها لغيره جل وعلا. يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (2)، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (3). نسأل الله للجميع الهداية.   (1) سورة الأنفال الآية 34 (2) سورة الذاريات الآية 56 (3) سورة البقرة الآية 21 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 8 - حكم تسييب البهائم للقربى للزار أو غيره س: يسأل ويقول: بقرة معتقة للزار، لا يحرثون بها ولا يبيعونها، ولا يذبحونها لأي ضرورة. أفيدونا عن حكم الشرع فيها؟ مأجورين جزاكم الله خيرا. (1) ج: هذا من جنس عمل المشركين الأولين، والله أبطل هذا بقوله:   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 183. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} (1) فلا يسيب البقر لا للزار ولا للميت فلان، ولا للجني فلان، ولا لغير ذلك. فالتسييب للزار تقرب للشياطين، الزار شيطان. فالتقرب للشياطين بتسييب البقر أو الإبل شرك بالله وتشبه بالجاهلية. فلا يتقرب إلى الجن لا بتسييب ولا بذبح، ولا بدعاء واستغاثة، كل هذا من الشرك الأكبر؛ فإذا قال: يا الجني فلان، أو يا سبعة، أو يا تسعة، خذوا فلانا اذبحوه، اقتلوه، انصرونا على فلان، اشفوا مرضانا من كذا، كل هذا من الشرك الأكبر، كما لو قال: يا سيدي عبد القادر انصرني، أو يا سيدي الحسين انصرني، أو يا سيدي البدوي انصرني، أو المدد المدد، أو يا سيدي سفيان الثوري، أو يا سيدي أبا حنيفة، أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر. وهكذا لو قال: يا رسول الله، أو يا نوح أو يا هود، أو يا عيسى، أو يا داود انصرنا، أو اشف مرضانا، أو يا عائشة أم المؤمنين، أو يا صفية أم المؤمنين، أو يا فاطمة بنت رسول الله انصرينا أو أغيثينا، أو المدد المدد، أو ما أشبه ذلك مما يفعله المشركون، كل هذا من الشرك بالله، كله كفر وشرك أكبر، لا يجوز لا مع الصالحين ولا مع الطالحين، لا مع الإنس ولا مع الجن. نسأل الله السلامة.   (1) سورة المائدة الآية 103 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 9 - حكم تلطيخ الرأس بدم الدجاجة أو نحوها س: في قريتنا إمام يصلي بهم، وهو يتعاطى أمرا، كثيرا ما حيرهم، وهو عندما يتزوج أحد في القرية لم يجعله يتم الزواج الكامل، حيث إن العروسين يحصل بينهما غضب شديد، ويقال: اذهبوا إلى هذا الشيخ لكي يعمل لهما ورقة وهما يرضيان على بعض، وعندما يحضر الشيخ يأتي بكتب من الإنس والجن ويقرأ فيها، ويمسح على رأس العروسين بزيت الطيب ويحضر معه حبرا أحمر، ويقول: هذا الحبر تدفعه هكذا في الماء وتشربه، وبعد هذا يقول ايتوني بدجاجة كي أذبحها، فيأخذ دمها ويضعه على رأس العروسين، بعد ذلك ينصرف الغضب، ما هو توجيه سماحتكم على هذا السؤال؟ (1) ج: هذا العمل الذي يعمله هذا الرجل تخريف وغلط وتلبيس على الناس، لا وجه له ولا أساس له من الصحة، بل الواجب على من أحس بشيء من الغضب أن يتعوذ بالله من الشيطان، حتى يهدأ غضبه، ويشرع له الوضوء الشرعي، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الشيطان خلق من النار، والنار تطفئ بالماء، والغضب من الشيطان، فالمؤمن يفعل الأشياء الشرعية، يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويتوضأ، هذا   (1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 72. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 مشروع كذلك، ومن أسباب إطفاء الغضب أن يجلس إن كان قائما، ويضطجع إذا كان قاعدا، أو يخرج من المحل حتى يهدأ الغضب، أما ما يعمله هذا الشيخ من تلطيخ رؤوسهم بالزيت، أو بدم الدجاجة أو بغير ذلك مما يقول، كل هذا لا أصل له، كله غلط وكله تلبيس وخداع لا وجه له، وإذا كان قصده ذبح الدجاجة للجن صارت شركا أكبر، ففي الحديث الصحيح: «لعن الله من ذبح لغير الله (1)»، والله يقول سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (2) (3) {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (4) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (5)، ويقول سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (6) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (7)، والنحر هو الذبح؛ المقصود أن هذا العمل الذي يعمله هذا الرجل غلط وينبغي أن يعرضوا عنه، ولا يقبلوا منه وينصحوه، فإن لم ينتصح ينبغي أن يتفقوا على رجل غيره يصلي بهم، ولا يصلي بهم هذا؛ لأن هذا متهم بالشركيات، عمله لذبح الدجاج هنا يوهم شرا كبيرا، فالحاصل أن مثل هذا لا ينبغي أن يكون إماما لهم إن لم يتب، فإن تاب فالحمد لله، وإلا فليزيلوه ويلتمسوا إماما آخر لمسجدهم، ولا يلتفتوا إليه في مسألة، إذا حصل بين العروسين شيء من الغضب، أو من الجفوة لا يلتفت إليه، بل يعالج ما بين العروسين بالطرق الأخرى، بالنصيحة، بالتوجيه، بقراءة القرآن،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. (2) سورة الأنعام الآية 162 (3) يعني: ذبحي. (4) سورة الأنعام الآية 162 (5) سورة الأنعام الآية 163 (6) سورة الكوثر الآية 1 (7) سورة الكوثر الآية 2 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 بأن يقرأ لهم إذا كان نوع المرض الذي أصابهم، بتوقف الزوج عن زوجته، هذا يقرأ له القرآن، يقرأ له: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، وآية الكرسي، وآيات السحر من سورة الأعراف ويونس وطه، ويشرب من ذلك ويغتسل من ذلك، ويزول ما قد يصيبه من المنع والحبس، الحاصل أنه قد يقع لبعض الناس حبس عن زوجته فيعالج بالقرآن والأدوية الشرعية، أما عمل هذا الرجل فهو عمل باطل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 10 - حكم الذبح لله في أماكن مخصوصة س: عندنا في قريتنا حصن ريمان، الناس يذهبون إلى جبل ويأخذون معهم ذبيحة، ويذبحونها في الجبل، من أجل الله سبحانه وتعالى، ولعل الله يرحمهم وينزل عليهم المطر، هل هذا يحل أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله؟ (1) ج: هذا العمل فيه تفصيل، إذا كان الذبح لله وحده، وليس هناك مقصد آخر، ليس هناك قبر يذبحون عنده، وليس هناك اعتقاد آخر في الجبل، وإنما فعلوه كذا صدفة، من غير قصد فلا حرج، والذبيحة لله وحده، ولكن لا حاجة إلى مجيء الجبل؛ لأن هذا يوهم أن هناك أشياء تنفع وتضر من دون الله، بل يذبحونها في بيوتهم أو في أي مكان تذبح فيه الدواب، ويكفي لله سبحانه تقربا إلى الله جل وعلا، ثم يوزع   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 63. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 هذا اللحم على الفقراء، والمساكين أو يأكلونه إذا أرادوا أكله، أو إن كانوا أرادوا الفقراء قسموا بين الفقراء، أو أعطوا الفقراء منه ما شاءوا، المقصود أن قصدهم الجبل فيه شيء من الإيهام، فإذا كان المقصود من الجبل إظهار الذبيحة وأنها تذبح لله على رؤوس الأشهاد فلا حاجة إلى قصد الجبل، يذبحونها في مكان بارز، ويقسمونها بين الفقراء، في قريتهم ويكفي ولا يقصدون الجبل، هذا الذي يوهم أن وراءه شيئا أما إن كانوا أرادوا في الجبل أن هناك ميتا مدفونا هناك، أو أن هناك محلا لرجال صالحين جلسوا فيه أو غارا جلس فيه رجال صالحون يتبركون به، هذا لا يجوز ويجب التنبيه لهذا، وإذا كان المقصود فقط إظهار الذبيحة، فإظهارها يكون في كل مكان، سواء الجبل أو غيره ولا حاجة إلى الجبل، ولو في بيوتهم، يذبحونها في محل الذبح، أو في حوش عندهم فيه محل للذبح، أو في محل حول الطريق يراه الناس، ولا يؤذي أحدا من الناس، لا بأس المقصود إظهارها بأي طريق، لكن لا يكون إظهارا يوهم أن هناك قصدا كقصد جبل معين، أو شجرة معينة، حتى لا يتهموا بالشرك، أو بالبدعة ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 11 - حكم الدوران بالدواب حول الجبال والوديان وذبحها للاستسقاء س: سماحة الشيخ يحكي لنا الآباء عن شيء في منطقتنا قبل أن تنتشر الدعوة من جديد بعد حكم آل سعود، يقولون: كانوا يقودون الأبقار ويلفون بها حول الجبال، وحول الأودية، وبعد ذلك يذبحون واحدة منها، وهم بذلك يريدون الاستسقاء، فهل هذا شبيه بالصدقة سماحة الشيخ؟ (1) ج: هذا غلط لا أصل له، بل هذا من البدع، المقصود التقرب إلى الله بصلاة الاستسقاء والدعاء فيستغيثون الله ويصلون الصلاة الشرعية، وإذا ذبحوا ذبائح وتصدقوا بها، أو صاموا أو تصدقوا بنقود، أو بأطعمة من الحبوب، أو من التمور كل هذا طيب، لكن لا يقصدون مكانا يوهم أنهم يتعبدون فيه لأنه قد سكنه رجل صالح، أو أقام به رجل صالح، أو دفن فيه رجل صالح لا يوهمون هذه الأشياء، ولا يقصدون هذه الأشياء، أما كونهم يدورون بها في الوادي، أو في الجبال هذا لا أصل له، هذه بدعة ولا حاجة إلى هذا، المقصود التقرب إلى الله، في أي مكان ذبحوها كفى، بقرة أو ناقة أو غنما، كل هذا طيب، إذا قصدوا به الصدقة والتقرب إلى الله؛ رجاء أن يرحمهم الله، كما رحموا الفقراء، وأحسنوا إليهم، الصدقة في وقت الاستسقاء مطلوبة؛   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 63. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 لأن الله جل وعلا يرحم عباده الرحماء، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما يرحم الله من عباده الرحماء (1)»، «من لا يرحم لا يرحم (2)» فإذا تصدقوا على الفقراء بالنقود، أو بالذبائح أو بالملابس، أو بالأطعمة وقت الحاجة، وقت الجدب هذه من أسباب رحمة الله لهم لما رحموا عباده.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يعذب، برقم 1284، ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم 923. (2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله، برقم 5997، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم 2318. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 12 - حكم الذبح لأجل بناء المنزل س: توجد في بلدنا عادة وهي أن المرء إذا شرع في بناء منزل له، يذبح ذبيحة عندما يصل البناء إلى العتاب، أو تؤجل هذه الذبيحة حتى اكتمال البناء وإرادة السكن في المنزل، ويدعى لهذه الذبيحة الأقارب والجيران، فما رأي فضيلتكم في هذا العمل، وهل هناك عمل مشروع يفضل عمله قبل السكن في المنزل الجديد، أفيدونا جزاكم الله خيرا (1).   (1) السؤال السادس عشر من الشريط، رقم 58. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 ج: هذا التصرف فيه تفصيل، فإن كان المقصود من الذبيحة اتقاء الجن أو مقصدا آخر يقصد به صاحب البيت أن هذا الذبح يحصل به كذا ويحصل به كذا في البيت، سلامة البيت أو كذا أو كذا، هذا لا يجوز، بل هو من البدع، وإن كان للجن فهو شرك أكبر؛ لأنه عبادة لغير الله، أما إن كان من باب الشكر لنعم الله، لما من الله عليه بالوصول إلى السقف، أو بإكمال البيت من باب شكر الله على النعم، يجمع أقاربه وجيرانه ويدعوهم لهذه النعمة، فلا بأس بهذا، وهذا يفعله كثير من الناس، من باب الشكر لنعم الله، حيث من عليه بتعمير البيت، وسكن البيت بدلا من الاستئجار، هذا من باب الشكر لا بأس بذلك، شكرا لله عز وجل، أما إذا كان لقصد آخر كاتقاء شر الجن، أو مقاصد أخرى جاهلية فلا تجوز. والذي يعمل هذا من باب شكر النعم، حيث من الله بتعميره وسكناه للبيت، فهذا مثل ما يسمى النزالة لإكرام الأقارب والجيران، والشكر لله على ما من به من تمام البناء، ومثل ما يفعله الناس في العرس، ومثل ما يفعلونه في مسائل أخرى إذا قدموا من السفر، قد ينحرون أشياء ويدعون الأقارب، وكان النبي إذا قدم من سفر نحر جزورا، ودعا الناس عليه الصلاة والسلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 13 - حكم من أظهر الإسلام ويذبح لغير الله س: الأخ خ. م. س. يسأل ويقول: ما حكم الإسلام فيمن يشهد: أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويصوم ويصلي، ولكنه يقرب الذبائح لغير الله، ويحلف بغير الله، ويشد الرحال إلى قبور الصالحين، ويدعوهم ويستغيث بهم، المطلوب بيان هوية من يفعل ذلك، هل هو مسلم، وهل صلاته صحيحة، أم غير ذلك؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: هذه مسألة قد وقع فيها جمع غفير ممن ينتسب إلى الإسلام، جهلا منهم وتقليدا لآبائهم وأسلافهم، فالذي شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويصلي ويصوم، ولكنه مع ذلك يتقرب إلى أصحاب القبور بالذبائح ويستغيث بهم وينذر لهم، أو إلى الجن، أو إلى الأصنام، هذا مشرك وصلاته باطلة، وشهادته باطلة؛ لأنه نقضها بأفعاله الشركية، مثل المنافقين الذين يصلون مع الناس ويصومون ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولكن يقولون: محمد ما هو بصادق في باطنهم، وينكرون البعث والنشور في الباطن، هؤلاء في الدرك الأسفل من النار، كما قال الله جل وعلا: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (2)، وقال عنهم سبحانه:   (1) السؤال السابع عشر من الشريط، رقم 235. (2) سورة النساء الآية 145 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (2) لا مع المسلمين ولا مع الكفار. وقال في الآية الأخرى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (3). فسماهم كفرة ولم يقبل منهم أعمالهم مع أنهم يصلون، لماذا؟ لأنهم في الداخل والباطن قد كذبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنكروا البعث والنشور، فلهذا صاروا كفارا لاعتقادهم الباطل، فلا ينفعهم صلواتهم وشهاداتهم الظاهرة؛ لأن باطنهم يخالف ذلك. فهكذا الذي يتقرب للقبور بالذبائح والنذور ويستغيث بهم ويذبح لهم هذا ليس بمسلم، يكون كافرا، وإن صلى وصام، وإن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، عند أهل العلم، عند جميع أهل السنة والجماعة، ليس في هذا خلاف بحمد الله؛ لأن نواقض الإسلام متى وجد منها ناقض بطلت أعمال العبد، ومن ذلك مما يبين هذا الأمر: لو أن إنسانا يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويصلي ويصوم، ولكنه يسب الله ويلعن الله ويلعن الرسول، هذا كافر   (1) سورة النساء الآية 142 (2) سورة النساء الآية 143 (3) سورة التوبة الآية 54 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 عند جميع العلماء ولو شهد، لو لعن الله أو لعن الرسول كفر بإجماع المسلمين. أو قال: إن الرسول بخيل، ذمه، قال: بخيل، أو قال: جبان، كفر عند جميع العلماء ولو شهد أن محمدا رسول الله، وهكذا لو سب الله كفر إجماعا، أو قال كما قالت اليهود: إن الله بخيل، كفر إجماعا، أو قال: يداه مغلولتان كفر بإجماع المسلمين، لو صلى وصام، أو قال: في باطن الأمر إنه ما هناك جنة ولا نار، هذا كذب، كما يقول المنافقون، كفر بالإجماع، ولو شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، هذه مسألة مهمة عظيمة. وهكذا لو أن إنسانا يصلي ويصوم ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقول: إن الزنى حلال، ليس فيه حرج أن الإنسان يزني، أو لا حرج أنه يشرب الخمر، أو لا حرج أنه يعق والديه، لا بأس لا حرج، صار كافرا بإجماع المسلمين، فينبغي للعاقل أن ينتبه لهذا، وهكذا كل مسلم ومسلمة، فيجب الانتباه لهذا الأمر، والتقرب للقبور بالذبائح والنذور والاستغاثة بأهل القبور شرك أكبر، كما يفعله بعض الناس عند قبر ابن علوان في اليمن أو عند العيدروس في اليمن، أو عند ابن عربي في الشام، أو عند الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، أو عند قبر أبي حنيفة في العراق، أو يفعله مع البدوي في مصر، أو مع الحسين في مصر، أو مع غيرهم، كل هذا كفر وشرك أكبر، فالذي يستغيث بهؤلاء وينذر لهم ويذبح لهم ويسألهم الغوث والنصر والشفاء كافر عند جميع أهل السنة والجماعة، ولا تنفعه صلاته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 ولا صومه ولا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، كالمنافقين الذين يقولونها وهم يسبون الرسول ويكذبون الله في الباطن. هذه المسائل عظيمة يجب التنبه لها من جميع المسلمين، ويجب على العلماء في أي قطر وفي أي مكان أن ينبهوا الناس على هذا الأمر، حتى يتبصر المسلمون وحتى يتبصر عباد القبور وغيرهم، وحتى يكونوا على بينة، وحتى يقلعوا من هذا العمل السيئ وحتى يتوبوا إلى الله من ذلك، هذا هو واجب العلماء أينما كانوا، في هذه المملكة وفي الشام، وفي مصر، وفي إفريقيا وفي العراق وفي كل مكان يجب على علماء الشريعة علماء السنة أن يبينوا للناس أحكام هذه الأمور، وأن يرشدوهم إلى توحيد الله والإخلاص له؛ كما قال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)، وقال عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3)، وقال عن الكفار من قريش وغيرهم: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (4) جعل طلبهم الشفاعة من آلهتهم كفرا وشركا أكبر، فكيف بالذي يذبح لهم وينذر لهم ويستغيث بهم؟ أعظم وأعظم. فالواجب على جميع المسلمين وعلى جميع من وقع في هذه الأمور   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة الفاتحة الآية 5 (3) سورة البينة الآية 5 (4) سورة يونس الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 أن ينتبه وأن يتوب إلى الله وأن يخلص العبادة لله وحده، وألا يذبح إلا لله، وألا يستغيث إلا بالله، وألا ينذر إلا لله، يقول سبحانه في سورة الأنعام في آخرها: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (1) يعني: قل يا محمد للناس {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (2) يعني: ذبحي. {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (4)، ويقول سبحانه يخاطب نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (5) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (6) الصلاة لله والذبح لله جل وعلا، ويقول جل وعلا: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (7)، قال جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (8). هذا يعم الأنبياء وغيرهم: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (9). يعني: المشركين. والآيات في هذا المعنى كثيرة. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (10)».   (1) سورة الأنعام الآية 162 (2) سورة الأنعام الآية 162 (3) سورة الأنعام الآية 162 (4) سورة الأنعام الآية 163 (5) سورة الكوثر الآية 1 (6) سورة الكوثر الآية 2 (7) سورة غافر الآية 14 (8) سورة الجن الآية 18 (9) سورة يونس الآية 106 (10) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار، برقم 2856، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، برقم 30. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 ويقول لابن عباس: «إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله (1)»؛ فالعبادة حق الله وحده، هو الذي يستعان به ويستغاث به، أما المخلوق إذا كان حيا فلا بأس أن يستعان فيما يقدر عليه الحي الحاضر تقول له: أعني على إصلاح سيارتي، لا بأس، أعني على تعمير بيتي لا بأس، حاضر يسمع كلامك ويعينك، أما سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات، أو بالأحجار، أو بالأصنام، أو بالأشجار أو بالجن فهذا كفر أكبر وشرك أعظم، نسأل الله العافية.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق، باب منه، برقم 2516. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 14 - حكم الذبح عند المنزل بعد الانتهاء من بنائه س: سائلة تقول: لدينا عادة، إذا بنى الإنسان منزلا جديدا وأراد أن يسكنه، لا بد أن يذبح ذبيحة يسمونها فتحة الدار، هل هذا الكلام صحيح، وهل له أصل؟ (1) ج: إذا كان المقصود شكر الله جل وعلا على نعمته، فيدعو إخوانه وأحبابه وجيرانه، فلا بأس؛ أما إذا كان عن اعتقاد أنه يذبح من أجل الجن، أو من أجل خوف الجن، هذا لا يجوز. وهذه عادة معروفة عند بعض الناس إذا نزلوا بيتا جديدا، عمروه، أو اشتروه، في الغالب يدعون إخوانهم، وأقاربهم ويدعون جيرانهم، يكرمونهم شكرا لله على   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط، رقم 243. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 نعمة السكن، فإذا كان بهذه المثابة فلا شيء في ذلك، هذا من شكر الله، أما إن كان عن اعتقاد سيئ، يذبحها من أجل الجن أو خوف شر الجن، فلا يجوز. س: الأخ أ. م. ب. من السودان. يسأل ويقول: في قريتنا عادات، أنا أشك كثيرا في صحتها شرعا، فمثلا عندما يبني الرجل منزلا جديدا، وحين وضع العتب، لا بد أن يذبح ذبيحة يجعلونها كشيء واجب، ويقولون: الليلة يوم العتب؛ والعتب هو عبارة عن الأعواد التي توضع للشبابيك والأبواب، فهل هناك شيء إذا لم أقم بهذا العمل من الناحية الشرعية؟ (1). ج: هذا العمل منكر ولا يجوز، وكثير من الناس في بلدان كثيرة يقصد به الذبح للجن، والسلامة من شرهم، ويقول: إن هذا يتقى به شر الجن، فلا يجوز فعل ذلك، ولو زعم صاحبه أنه ما قصد الجن؛ لأن تعاطي هذا الأمر على هذا الوجه عند التأسيس، يدل على قصد سيئ؛ فالواجب الحذر من ذلك وترك ذلك، ولكن يستعين بالله ويسأله التوفيق ويدع العادات الجاهلية التي يفعلها أهل الجهل، كانت هذه عادة قديمة في الذبح عند تأسيس البيوت للجن، يتقون بهذا شرهم   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط، رقم 197. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 بزعمهم، فإذا كان قصد الجن، فهذا شرك أكبر وعبادة لغير الله، نعوذ بالله. أما إذا كان فعله تقليدا لغيره ولم يقصد الجن، فهذا بدعة ومنكر، لا يجوز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 باب ما جاء في النذر لغير الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 باب ما جاء في النذر لغير الله 15 - حكم النذر لغير الله س: ورد في بعض المجلات الناطقة باسم الإسلام، مقالا جاء فيه: إن بعض المسلمين ينذرون، إن حصل لهم كذا وكذا، فسوف يقدمون بعض الأموال لصناديق النذور الموضوعة في المساجد، المقامة على أضرحة الأولياء والصالحين، وهذه الأموال تجرد كل عام، وتقسم على العاملين بهذه المساجد كالإمام وغيره، ويرجو من سماحتكم التوجيه في هذا الموضوع؟ (1) ج: هذه النذور التي يتقرب بها الناس إلى أصحاب القبور، والسدنة التي على القبور كلها باطلة، وكلها شرك بالله عز وجل، لأن النذر عبادة، فلا يجوز أن يصرف لغير الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز أن ينذر لقبر البدوي أو الحسين، أو فلان أو فلان لا دراهم ولا شمعا ولا خبزا ولا غير ذلك، كل ذلك منكر لا يجوز، كما أن دعاء الأموات والاستغاثة بهم منكر، وهكذا الذبح لهم والتقرب إليهم بالذبائح   (1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 109. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 منكر، فهكذا النذر. قال الله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (1) والنسك العبادة، يعم النذر وغيره، {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (3) وقال عز وجل: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (4) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (5) وقال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (6)، يعني فيجازيكم عليه، فالنذور قرب وطاعات، فإن كانت لله فلصاحبها ثوابها، مع أن الرسول نهى عن النذر وقال: «إنه لا يأتي بخير (7)» فلا ينبغي النذر، لكن لو فعل النذر طاعة لله، وجب عليه أن يفعل الطاعة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (8)». أخرجه البخاري في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها. فإذا نذر طاعة لزمه الوفاء، وأجره على الله سبحانه وتعالى، ولكن ينصح ألا يعود إلى ذلك، فإذا قال: لله علي أن أصلي ركعتين، هذه الليلة، أو لله علي أن أصوم يوم الاثنين، أو يوم الخميس، أو لله علي أن أتصدق بكذا وكذا على الفقراء، أو لله علي أن أحج هذا العام أو عام كذا، أو عام كذا فهذه كلها نذور عبادة وطاعة، فعليه أن يوفي   (1) سورة الأنعام الآية 162 (2) سورة الأنعام الآية 162 (3) سورة الأنعام الآية 163 (4) سورة الكوثر الآية 1 (5) سورة الكوثر الآية 2 (6) سورة البقرة الآية 270 (7) أخرجه مسلم في كتاب النذر باب النهي عن النذر برقم 1639. (8) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 بها، أما إذا نذر أن يتصدق بكذا وكذا للشيخ البدوي، أو للسيد حسين أو للشيخ عبد القادر الجيلاني، أو لفلان أو لفلان هذه نذور باطلة، نذور شركية باطلة، وهذا المال الذي يوضع في الصناديق يجب أن يفرق على الفقراء، ولا يعطى إمام مسجد ولا خدم المسجد، ولا السدنة لأنهم أعانوا على الشرك، ودعوا إلى الشرك، فهم بدعائهم إلى الشرك ورضائهم بالشرك، يكونون مشركين بهذا العمل، فإن من دعا إلى الشرك ورضي بالشرك فهو مشرك، نسأل الله العافية، وهؤلاء السدنة الذين يدعون الناس إلى التقرب إلى أصحاب القبور، معناه أنهم يضلونهم ويدعونهم إلى الشرك بالله عز وجل، فلا يجوز أن تدفع إليهم هذه الأموال، بل يجب أن تؤخذ من الصناديق، يأخذها ولي الأمر وتدفع إلى الفقراء والمساكين، الذين لا تعلق لهم بهذه القبور، وعلى ولي الأمر وعلى الدعاة إلى الله، وعلى العلماء أن ينصحوا الناس وأن يعلموهم، أن هذه النذور باطلة، وأنه لا يجوز لهم أن يتقربوا إلى هذه الصناديق بشيء، وأن ترفع هذه الصناديق وتقفل، وأن يمنع السدنة من أعمالهم الخبيثة، وهكذا أئمة المساجد التي فيها القبور، ويبين لهم أن هذا باطل، وعلى ولاة الأمور أن يزيلوا القبور من المساجد، وأن ينقلوها إلى مقابر المسلمين، وإذا كان المسجد مبنيا على القبر وجب هدم المسجد، وألا يصلى فيه ويبقى القبر على حاله من دون مسجد، رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وأرشد الأئمة والعلماء والأمراء لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد، ومنح الجميع الفقه في الدين والثبات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 عليه، وهدي العامة لما فيه صلاحهم ونجاتهم، وأعاذهم من كل ما يغضبه سبحانه، ويوقعهم في الهلاك والعذاب، في العاجل والآجل، ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 16 - بيان حكم النذر للأولياء والصالحين س: يسأل السائل ويقول: هل النذر للأولياء والصالحين محرم، وكيف يكون حلالا، وكيف يكون حراما، وما حكمه مأجورين؟ (1) ج: النذر للصالحين والتقرب إليهم بالذبائح أو النذور أو بالدعاء شرك أكبر من الشرك الأكبر، فالذي ينذر الصلاة أو الذبيحة للصالحين أو للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو لعبد القادر الجيلاني أو للصديق، أو لعلي بن أبي طالب، أو يستغيث بهم أو يذبح لهم أو يسجد لهم يكفر بالله كفرا أكبر، أو يستغيث بهم، يا سيدي علي أو يا نبي الله، أو يا رسول الله اغفر لي، أو انصرني، أو يا سيدي البدوي اغفر لي أو انصرني، أو يا علي أو يا أبا بكر أو يا عمر، أو يا فلان كل هذا من الشرك الأكبر، فدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والذبح لهم، والاستنصار بهم، كل هذا من الشرك الأكبر، هذا دين المشركين، نعوذ بالله من ذلك، وهكذا السجود لهم، وهكذا الذبح لهم، وهكذا طلب الغوث منهم،   (1) من ضمن أسئلة الشريط، رقم 423. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 وهكذا الغائبون، ولو كانوا أحياء، إن كانوا غائبين يعتقد أنهم يسمعونه ويجيبونه وهم في البلاد البعيدة، يستغيث بهم، يستعين بهم، يسألهم قضاء الحاجات؛ لأنه يعتقد فيهم أنهم يعلمون الغيب أو أنهم يغيثونه من بعيد هذا الشرك الأكبر كالاستغاثة بالأموات نسأل الله العافية، أما من طريقة الكتابة، كونه يكتب كتابا يقول لفلان: اشتر لي كذا، أو أعطني كذا، أو أقرضني كذا، يكتب له كتابا لا بأس، وهو حي، أو بالتلفون يكلمه بالتلفون، هذا لا بأس، أما أن يعتقد في الغائب في بلاد بعيدة، لا يسمع كلامه، ويعتقد فيه أنه يسمعه، أو يعلم الغيب أو يسمع كلامه من بعد لاعتقاده السر فيه فيستغيث به، أو يطلب قضاء الحاجة، أو العون على كذا، هذا شرك أكبر، كالميت، كسؤال الميت نسأل الله العافية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 17 - حكم نذر الذبائح للأئمة والصحابة س: بعض الناس ينذرون النذور من الذبائح وغيرها للأئمة والصحابة، فهل هذا جائز، وهل من الصحيح أن يأخذوا من النذور لأنفسهم أفيدونا؟ (1) ج: النذور والذبائح التي تنذر للأموات أو الأنبياء أو غيرهم، هذه النذور والذبائح من المحرمات الشركية، كما ينذر لغير الله ذبيحة، أو شمعا أو صدقات أو ما أشبه ذلك سواء كان المنذور له نبيا أو وليا،   (1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 27. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 إماما أو غير إمام، لا يجوز النذر إلا أن يكون لله، والذبيحة تكون لله، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (2)، ويقول سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (3) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (4)، وثبت عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: «لعن الله من ذبح لغير الله (5)» خرجه مسلم في الصحيح، وقال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (6) يعني يجازيكم عليه، وقال النبي - عليه الصلاة والسلام -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (7)»، فالنذور عبادات فيها تعظيم الله، وفيها تعظيم المخلوق إذا نذر له، كما أن الذبح عبادة يعظم بها الرب، ويعظم بها المخلوق، فلا تليق إلا لله سبحانه وتعالى، فليس له أن يذبح للجن ولا للأنبياء يتقرب إليهم بذلك، يريد شفاعتهم أو شفاء مريضه أو رد غائبه أو قضاء دينه أو ما أشبه ذلك، لا للأنبياء ولا للملائكة ولا للجن ولا للأولياء ولا لغيرهم، بل يكون الذبح لله وحده يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، وهكذا النذر كما يقول بعض الجهلة: إن شفى الله مريضي، فللشيخ كذا وكذا، وللولي الفلاني كذا وكذا، ويقول: إن شفى الله مريضي فلك يا شيخ فلان كذا وكذا يتقرب إليه لأنه واسطة بزعمه في   (1) سورة الأنعام الآية 162 (2) سورة الأنعام الآية 163 (3) سورة الكوثر الآية 1 (4) سورة الكوثر الآية 2 (5) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. (6) سورة البقرة الآية 270 (7) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 الشفاء، هذا من الشرك الأكبر، لا يجوز بل يجب على من فعل هذا أن يتوب إلى الله، وأن يقلع عن هذا العمل السيئ، وأن يندم على ما مضى منه، ومن تاب تاب الله عليه سبحانه وتعالى، وهذا غير الذبيحة التي يذبحها الإنسان كرامة للضيف أو لأهله ليأكلوا، هذا لا بأس به إذا ذبح ذبيحة للضيف الذي نزل به لإكرامه فإكرام الضيف حق، كالذي ذبح ذبيحة ليأكلها هو وأولاده أو يجعلها موزعة على أيام، كل هذا لا بأس به، وهذا غير الضحية التي تذبح أيام النحر، هذه ذبيحة لله، الضحية يتقرب بها الذابح إلى الله سبحانه وتعالى فإن ذبحها عنه أو عن أبيه أو أمه فلا يقال: إنه ذبحها لغير الله، هذه ذبحها لله يتقرب بها إلى الله يريد ثوابها له أو لأهل بيته، أو له ولأهل بيته، هذا لا حرج فيه، وإنما المنكر أن يتقرب بالذبيحة لغير الله، يذبحها للنبي أو الولي أو للجن أو للملائكة يقصد أنه بهذه الذبيحة يتوسط بهم في قضاء حاجاته في شفاعتهم به إلى الله ليشفي مريضه، ليرد غائبه ليشفيه هو من مرضه، يرى أن هذه العبادة تكون سببا لوساطتهم وتقريبهم له إلى الله سبحانه وتعالى. س: يسأل المستمع من السودان ويقول: هل يجوز لي أن أمنع الهبة كالنخيل التي وهبها جدي تقربا للسيد أو الولي، وإرشادي إلى بعض الكتب التي تنهى عن البدع؟ (1)   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط، رقم 413. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 ج: إذا كان جدك أو أبوك وقف نخلات أو بيتا على الضريح الفلاني يبنى منه عليه، أو ينفق منه على تطييب المحل، أو البناء عليه، أو تجصيصه، أو ما أشبه ذلك، فالوقف باطل ويكون للورثة، ولا يلتفت إلى الهبة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)»، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)»، فلا بد أن تكون الأوقاف على الوجه الشرعي، فالوقف الذي لا يوافق الشرع يكون باطلا. وعن طلب إرشادك إلى الكتب التي تنهى عن البدع وهل هناك بدع حسنة، فنرشدك إلى كتاب فتح المجيد، وشرح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفتح المجيد لحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والبدع والنهي عنها للشيخ ابن وضاح رحمه الله، والاعتصام للشاطبي رحمه الله، كل هذه فيها التحذير عن البدع، ويكفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (3)»، كل بدعة ضلالة، فما أحدث   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة برقم 1718. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم 867. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 الناس في الدين من عبادة لم يشرعها الله اجتنبها واحذرها، ولكن تستعين بالكتب التي ذكرنا وغيرها من الكتب المعروفة في بيان السنة وبيان البدعة، وإذا أشكل عليك شيء تسأل أهل العلم من أهل السنة والجماعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 18 - حكم الأموال التي تنذر للأولياء س: ما حكم الشرع في الأموال التي تنذر للأولياء، وتوضع في صناديق، هل لأحد حق فيها لانتسابه إلى هذا الولي؟ (1) ج: النذر من العبادات التي يجب إخلاصها لله، وحده، لأنها التزام المكلف ما ليس لازما له، من جهة الشرع، هي تعظيم للمنذور له وتقربا إليه، وهذا لا يصلح إلا لله وحده، فليس لأحد أن يلتزم صلاة ولا صوما، ولا صدقة ولا غير ذلك، لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، ولا لنجم ولا لشجر ولا لحجر، ولا لجني ولا لغير ذلك، فهذه النذور التي يقدمها بعض الجهال، إلى الأولياء من أصحاب القبور، تعتبر شركا أكبر، كالذبح لغير الله، والاستغاثة بالأموات، كل ذلك من قسم الشرك الأكبر قال الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2) قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3) وقال عز وجل:   (1) السؤال الأول من الشريط، رقم 131. (2) سورة الإسراء الآية 23 (3) سورة البينة الآية 5 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1) وقال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (2). المعني فيجازيكم عليه سبحانه وتعالى، فالنذور عبادات وقرب، يجب أن تكون لله وحده، ومع ذلك فالرسول نهى عن النذر، قال: «إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل (3)»؛ فلا ينبغي للمؤمن النذر، ولكن متى نذر فليكن لله وحده، لا لغيره سبحانه وتعالى، فإذا قال: لله علي أن أصلي كذا، أو أصوم كذا، أو يتصدق بكذا، لزمه الوفاء لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (4)» خرجه البخاري في صحيحه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، فإذا قال: لله علي أن أصلي الضحى ركعتين وجب عليه الوفاء، أو لله علي أن أتصدق بكذا وكذا درهما، أو بكذا وكذا صاعا من بر أو شعير أو أرز أو غير ذلك وجب عليه الوفاء، أو قال: لله علي أن أحج وجب عليه الحج، أو لله علي أن أعتمر وجب عليه العمرة، وهكذا لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نذر أن يطيع الله فليطعه». أما أن ينذر للأولياء، لأصحاب القبور للجن، للكواكب، للرسل عليهم الصلاة والسلام، أو لغيرهم من المخلوقين فهذا شرك بالله، كما لو ذبح لغير الله، أو استغاث بغير الله، من الأموات أو من الجن أو من الكواكب أو ما أشبه ذلك، كله شرك بالله بإجماع أهل   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة البقرة الآية 270 (3) أخرجه مسلم في كتاب النذر باب النهي عن النذر برقم 1639. (4) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 العلم، وإنما وقع هذا من المتأخرين الذين جهلوا توحيد الله، وجهلوا أحكام شريعته ووقعوا في الشرك، وقد يقع في هذا بعض من ينتسب إلى العلم، لعدم بصيرته في العقيدة الصحيحة التي درج عليها سلف الأمة، وهذه النذور التي تكون من الأموال، وتجمع في الصناديق حول القبور، هذه حكمها حكم الأموال التي لا رب لها، تؤخذ لبيت مال المسلمين، أو يأخذها ولي الأمر يصرفها في مصالح المسلمين، كمساعدة الفقراء والمساكين أو إصلاح الطرق، أو دورات المياه أو ما أشبهها من المصالح العامة، ولا ترد على أهلها، وليس لأحد أن يأخذها من الناس، بل هذه ترجع لولي الأمر، إذا كان ولي الأمر صالحا، ينفذ شرع الله، وإلا فلأصحاب البصيرة من أهل العلم أن يأخذوها، ويوزعوها في وجوه البر والخير، على الفقراء والمحاويج ونحو ذلك، يبصرون الناس ويحذرونهم منها، وأنها منكر، وأنها من الشرك حتى لا يعودوا إليها، وتزال هذه الصناديق وترفع من المساجد وغيرها، لأنها منكر ولأنها دعوة للشرك بالله، عز وجل فالواجب إزالتها والتحذير منها، وتوعية الناس وتبصيرهم، بأن هذا من الشرك الأكبر، وما وجد فيها حين إزالتها، من نقود وغيرها تصرف في أعمال الخير كما تقدم، مع إزالتها من المساجد، ومع تنبيه العامة وتحذيرهم من مثل هذا، وأنه لا يجوز التقرب إلى غير الله، لا بالصلاة ولا بالنذور ولا بالصدقات ولا غير هذا، لا لأصحاب القبور، ولا للأصنام، ولا للكواكب ولا للجن ولا لغير هذا، العبادة لله وحده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (1)، وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2) والعبادة كل ما أمر الله به ورسوله، قال بعض أهل العلم: معناها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وتكون قولية وتكون عملية، وتكون بالقلب، وتكون باللسان، وتكون بالجوارح، خوفا لله وتعظيمه ومحبته، هذه عبادات قلبية وهكذا رجاؤه سبحانه، ونحو ذلك من سائر العبادات القلبية، وهناك عبادات عملية: كالصلاة والزكاة والصدقات والذبح، والنذر هذه عبادات عملية وتكون قولية، كالنذر من جهة القول، فالنذر عبادة قولية، وما يحصل به من صدقات ونحو ذلك، عبادات مالية، فالحاصل: أن جميع العبادات قولية أو عملية أو قلبية أو لسانية يجب أن تكون لله وحده سبحانه وتعالى، ولا يجوز لأي أحد أن يصرفها لأي مخلوق، من ولي أو رسول أو ملك، أو جني أو صنم أو غير ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.   (1) سورة الزمر الآية 2 (2) سورة البينة الآية 5 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 19 - بيان حكم النذر س: هل النذر الذي يعود أجره للأئمة حلال، أم حرام وصفته أن يقول صاحب النذر لتأديته له، يقول: النذر لله وثوابه للإمام الفلاني مثلا؟ (1) ج: هذا السؤال فيه إجمال، والنذور قسمان: قسم شرعي وقربة إلى الله عز وجل، وإن كان أصله ينهى عنه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (2)»، لكن جنس النذر ينبغي أن يدعه المؤمن، لقوله عليه الصلاة والسلام لما سئل عن النذور قال: «لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل (3)» متفق على صحته. وفي اللفظ الآخر من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى عن النذر وقال: «إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل (4)» هذا يدل على أن جنس النذر لا ينبغي، لأن فيه إلزاما، وقد يشق على المسلم أداؤه، فينبغي له أن يدع النذر، لكن متى نذر نذر طاعة وجب عليه   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 42. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه برقم 7167. (3) البخاري الأيمان والنذور (6316)، مسلم النذر (1640)، الترمذي النذور والأيمان (1538)، النسائي الأيمان والنذور (3805)، أبو داود الأيمان والنذور (3288)، ابن ماجه الكفارات (2123)، أحمد (2/ 314). (4) أخرجه مسلم في كتاب النذر باب النهي عن النذر برقم 1639. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 الوفاء؛ لأن الله سبحانه مدح الموفين بالنذر، فقال عز وجل: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} (1)، وقال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (2). وقال عليه الصلاة والسلام: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (3)». فإذا قال: لله علي أن أصوم ثلاثة أيام، أو يصوم شهر شعبان، أو يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس من كل أسبوع، أو ما أشبه ذلك هذا كله نذر طاعة، يجب عليه الوفاء، أو قال: لله عليه أن يصلي الضحى، أو هذه الليلة ركعتين، أو أربع ركعات، أو ما أشبه ذلك، هذا نذر طاعة، أو قال: لله علي أن أتصدق بكذا وكذا، على الفقراء والمساكين هذا نذر طاعة، وإذا كان نوى بذلك أن هذا النذر صدقة، عن أبيه أو أمه أو نفسه، فهو على ما نوى من نيته، أو نواه عن الإمام مالك، أو عن فلان أو فلان من أهل العلم هو على نيته، لكن هنا أمر آخر ينبغي التنبه له، وهو أنه قد يقصد بالنذر غير الله، والتقرب إلى غير الله، كما يفعله بعض عباد القبور، أو عباد الأموات، فيقول: إن شفى الله مريضي، فللشيخ البدوي كذا من الطعام، وللشيخ عبد القادر الجيلاني كذا وكذا من النقود أو من الشمع، هذا شرك بالله، لأن هذا نذر لمخلوق، والنذور عبادة،   (1) سورة الإنسان الآية 7 (2) سورة البقرة الآية 270 (3) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 والعبادة لله وحده، كما قال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)؛ وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (2)، وقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (3). فالنذر للمشايخ وأصحاب القبور، أو للجن أو للكواكب، والتقرب إليهم هذا من عبادة غير الله، هذا لا يجوز بل نص العلماء أنه من الشرك بالله عز وجل، لأنه تقرب بهذه العبادة لغير الله، من الأموات أو من الجن، أو من المشايخ الأموات أو غيرهم، ممن يتقرب إليهم بالنذور، هذا لا يجوز، أما إذا تقرب به لله، قال: لله علي كذا وكذا، صدقة بكذا دراهم، بكذا من الطعام، ينويها عن نفسه أو عن أبيه أو عن أمه، أو عن بعض أحبائه، صدقة لله يتقرب بها إلى الله وحده سبحانه وتعالى هذا لا بأس به، ولكن تركه أولى لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النذر فينبغي تركه، ويكره النذر مع كونه لله يكره، أما إذا أراد به النذر لغير الله يعتقد أن هذا الشيخ يشفي مريضه، يرد الغائب بما أعطاه الله من الولاية، أو من الكرامة فلهذا ينذر له، ينذر للبدوي بالطعام، ينذر له عجل، ينذر له شاة، أو للشيخ عبد القادر الجيلاني أو للدسوقي، أو لفلان أو لفلان، ممن يغلو فيهم الصوفية، وغيرهم هذا كله من الشرك بالله عز وجل، أو ينذر للجن أو يسألهم، أو يستغيث بهم أو يستعين بهم أو يستغيث بالأموات، يقول: يا سيدي   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة البينة الآية 5 (3) سورة الذاريات الآية 56 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 فلان انصرني، أو اشف مريضي، أو رد غائبي أو أنا في حسبك، أو أنا في جوارك، كما يفعله عباد الأموات، أو عباد القبور، هذا لا يجوز هذا من الشرك بالله سبحانه وتعالى، ومن النذور البطالة أيضا التي تحرم، كأن ينذر أن يشرب الخمر، أو يزني أو يتعامل بالربا، هذه نذور معصية والنبي عليه السلام قال: «ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (1)». واختلف العلماء هل فيه كفارة أم لا على قولين، والأرجح أن نذر المعصية فيه كفارة، إنه لا يعصي ولكن فيه كفارة يمين، لأنه جاء في بعض الروايات أنه لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين، فينبغي لمن فعل ذلك أن يتوب إلى الله، وعليه كفارة يمين، إذا قال: لله عليه أن يشرب الخمر، أو يزني أو يسرق أو يضرب فلانا بغير حق، هذا نذر باطل منكر ومعصية، ولا يجوز له فعله، وعليه كفارة يمين على الصحيح.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 20 - حكم التبرع للمساجد التي حولها قبور س: يوجد عندنا مسجد بجانبه قبران خارج المسجد، أحدهما يوجد داخل حجرة مبنية له، بحجة أنه ولي صالح، ويوجد بداخل الحجرة صندوق مخصص للتبرعات، يضع فيه الزوار النقود وتنفق هذه النقود فيما ينقص المسجد، السؤال ما الحكم في إنفاق هذه النقود، وما الحكم بالنسبة للصلاة فيه، وبماذا تنصحوننا أفتونا أثابكم الله؟ (1) ج: إذا كان القبر خارج المسجد، فلا حرج من الصلاة في المسجد، لأنه مستقل حينئذ والرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن اتخاذ المساجد على القبور، قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)». فإذا كان القبر خارج ذلك المسجد، في حجرة خارج المسجد فلا حرج، لكن هذا القبر يجب أن يبعد إلى مقابر المسلمين، حتى لا يغلى فيه وحتى لا يعبد من دون الله، وهذا الصندوق يجب أن يزال، لأن الجهلة يسلمون الأموال تقربا إلى صاحب القبر، لأنه بزعمهم ولي، فكونهم يتقربون إليه بالنذور والصدقات، هذا شرك أكبر   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط، رقم 119. (2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور برقم 1330، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم 529. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 لا يجوز، فالواجب على المسؤولين في البلد أن يتصلوا بالعلماء، وأن يزيلوا هذا القبر، ويزيلوا رفاته إلى مقابر المسلمين، مع المقابر وتزال هذه الحجرة التي قد يفتن بها الناس، ويزال الصندوق وهذه الأموال التي في الصندوق تصرف في مصالح المسلمين، في مصالح المسجد أو مصالح المدارس، أو يعطاها الفقراء ونحو ذلك، لأنها أموال ضائعة ليس لها مالك في الحقيقة، فتصرف في المصالح العامة، ويزال هذا الصندوق ويخبر الناس بأنه لا يجوز التقرب لأهل القبور، لا بالذبائح ولا بالنذور، ولا يصلى عند القبور ولا يصلى لهم، ولا يدعون من دون الله، ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم، لأن هذا لا يجوز، النذر لهم شرك بالله، ودعاؤهم من دون الله، كأن يقول يا سيدي أنا بجوارك، يا سيدي المدد المدد هذا شرك أكبر من جنس عمل المشركين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل مكة وغيرهم، الميت يدعى له ويستغفر له، ويترحم عليه، ولا يدعى من دون الله، ولا يستغاث به، ولا ينذر له ولا يذبح له، فمن فعل هذا مع الأموات فقد أشرك، قال الله عز وجل: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (2)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (3) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (4)، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، عن علي رضي الله عنه - أمير المؤمنين - أنه قال:   (1) سورة الأنعام الآية 162 (2) سورة الأنعام الآية 163 (3) سورة الكوثر الآية 1 (4) سورة الكوثر الآية 2 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 «لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا - يعني مبتدعا أو غيره ممن يحدثون حدثا في الدين، وينصرون ويجارون - لعن الله من غير منار الأرض (1)». يعني مراسيمها وحدودها. والشاهد قوله: «لعن الله من ذبح لغير الله (2)». فالذبح لغير الله تقرب لغير الله، كالصلاة لغير الله، فلا يجوز أن يذبح لفلان أو فلان، تقربا إلى الميت الفلاني، والنبي الفلاني أو للجن أو للملائكة، يتقربون إليهم أو للأنبياء يعبدونهم، بهذا من دون الله هذا لا يجوز، الذبيحة لله وحده والدعاء كذلك لا يدعى مع الله أحد.   (1) مسلم الأضاحي (1978)، النسائي الضحايا (4422)، أحمد (1/ 118). (2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 21 - حكم الأموال التي يتبرع بها للقبور س: سؤال يقول سماحة الشيخ: ما حكم الشرع في الأموال التي تنذر للأولياء، وتوضع في صناديق أضرحتهم، وهل لأحد فيها حق لانتسابه إلى هذا الولي؟ (1) ج: هذه الأموال التي تنذر للموتى، ويتقرب بها إليهم، هذه نذور شركية باطلة، وعلى من فعلها أن يتوب إلى الله، وأن ينيب إليه وأن يستغفره سبحانه، لأن النذر عبادة كالصلاة والذبح، كلها عبادات، فالذي ينذر لأصحاب القبور، أو للأصنام أو للجن كالذي يدعوهم   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 114. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 ويستغيث بهم، وكالذي يذبح لهم كله شرك بالله عز وجل، فالواجب الحذر من ذلك، وهذه الأموال التي توضع في الصناديق من النذور، يجب أن يأخذها ولي الأمر وأن تصرف في وجوه البر والخير، كالصدقة على الفقراء أو في مشاريع خيرية، وأن تمنع منعا باتا إذا عثر عليها ولي الأمر المسلم، يزيلها ويمنع الناس من هذا الأمر، ويعلمهم أن هذا لا يجوز، وما كان موجودا فيها يوزع بوجوه الخير كما تقدم، ولا يجوز أن يقر هذا الصندوق، بل يجب أن يمنع وتمنع السدنة الذين يدعون إلى ذلك، ويعاقبوا بما يردعهم وأمثالهم، وينادي في الناس في المساجد والخطب والصحف المحلية أن هذا شرك وأنه لا يجوز حتى يرتدع الناس، وحتى يعلم الناس بذلك، والواجب على العلماء أن يفعلوا ذلك، الواجب على أهل العلم في كل مكان أن يرفعوا هذا اللبس عن الناس بالكلام الطيب في الإذاعة وفي الصحافة وفي التلفاز، حتى يكون الناس على بينة وعلى بصيرة، والله يقول جل وعلا في كتابه العظيم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1)، ويقول سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (2)، ويقول عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (3)؛ فالدعوة إلى الله من أهم الأمور وهي فرض على المسلمين فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقي، فإن   (1) سورة النحل الآية 125 (2) سورة يوسف الآية 108 (3) سورة فصلت الآية 33 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 تركها العلماء والدعاة أثموا جميعا، فالواجب على أهل كل بلد وكل قرية من أهل العلم أن ينشروا العلم وأن يبينوا للناس ما أوجب الله عليهم من الدعوة ومن الإخلاص لله، وتوحيد العبادة وعدم صرفها لغير الله كائنا من كان، وتحريم الشرك قليله وكثيره، صغيره وكبيره، وهكذا بقية الأوامر والنواهي، يوضحوا للناس وجوب الصلاة وأدائها في الجماعة، وجوب الزكاة ووجوب صوم رمضان، وحج البيت مع الاستطاعة، بر الوالدين صلة الرحم، صدق الحديث، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى غير هذا مما أوجب الله، كما أنه يجب عليهم أن يبينوا للناس ما حرم الله عليهم من الشرك وترك الصلاة، أو التساهل بها أو العقوق للوالدين أو أحدهما، أو قطيعة الرحم أو أكل الربا أو الغيبة والنميمة، أو قتل النفوس بغير الحق أو شهادة الزور، أو غير هذا مما حرم الله، هذا واجب العلماء والله سائلهم سبحانه وتعالى، عما كتموا وعما لديهم من العلم، وهذا أوان نشر العلم، هذا وقت الغربة الآن، وقبل هذا العام بأزمان كثيرة، فالغربة للإسلام عظيمة ومنتشرة والعلماء قليل، العلماء بالله ودينه، أهل البصائر قليلون، الواجب عليهم مع قلتهم أن ينشروا العلم، وأن يتقوا الله في جميع الدول، في الدول الإسلامية وفي الأقليات الإسلامية، وفي كل مكان يجب عليهم أن ينشروا العلم، وأن يعلموا الناس من طريق وسائل الإعلام، فقد يسر الله للناس اليوم وسائل الإعلام، طريق الإذاعة والصحافة والتلفاز، والخطابة ومن سائر الأمور الممكنة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 كالنصيحة في المجتمعات والمحافل ونحو هذا، مما يتيسر لطالب العلم إذا اجتمع بإخوانه أو في حفلة وليمة، أو حفلة عرس أو غير هذا من أنواع الاجتماعات، المؤمن يستغل الفرص، العالم يستغل الفرص حتى ينشر العلم، وحتى يوضح للناس ما أوجب الله عليهم، وحتى يشرح للناس ما حرم الله عليهم، وبذلك تبرأ ذمته، وينتشر العلم وتقوم الحجة، ويحصل له من الأجور مثل أجور من هداه الله على يديه، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (1)». ويقول عليه الصلاة والسلام: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا (2)». والعكس بالعكس لا حول ولا قوة إلا بالله، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا (3)». ويقول - صلى الله عليه وسلم - لعلي رضي الله عنه - أمير المؤمنين - لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود، وقتالهم إن أبوا، قال له عليه الصلاة والسلام: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (4)». هكذا يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام لابن عمه   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله برقم 1893. (2) مسلم العلم (2674)، الترمذي العلم (2674)، أبو داود السنة (4609)، أحمد (2/ 397)، الدارمي المقدمة (513). (3) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة برقم 2674. (4) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 3701 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والخليفة الراشد رابع الخلفاء، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنه، يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فوالله " - يحلف وهو الصادق وإن لم يطلب منه الحلف، لكن للتأكيد - لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (1)»، فلا يليق بطالب العلم ولا بالعالم، بل يجب أن يشمر أينما كان، وأن يتقي الله وأن يراقبه، وأن ينشر العلم يريد ما عند الله من المثوبة، يريد أن يهدي الناس وأن يرشدهم، وأن ينقذهم مما هم فيه من الباطل، وأن يخرجهم من الظلمات إلى النور، تأسيا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعملا بأمره، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.   (1) البخاري الجهاد والسير (2847)، مسلم فضائل الصحابة (2406)، أبو داود العلم (3661)، أحمد (5/ 333). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 22 - حكم النذر لأصحاب القبور ودعائهم من دون الله س: ما حكم النذر على القبور والدعاء لأصحاب القبور، مثلا يدعو صاحب القبر، يا شيخ فلان ويا شيخ فلان، وما حكم هؤلاء الناس الذين يدعون أصحاب القبور؟ (1) ج: هذا فيه تفصيل، أما النذر للأموات والاستغاثة بهم ودعاؤهم، فهذا من الشرك الأكبر ومن العبادة لغير الله، فإذا قال: لله علي كذا وكذا من المال للبدوي أو للرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو للصديق أو للشيخ عبد القادر،   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 97. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 أو عليه ذبيحة أو ذبيحتان للشيخ عبد القادر، أو للسيد الحسين أو للبدوي أو للرسول - صلى الله عليه وسلم -، هذا من الشرك الأكبر، لأن النذر عبادة، لا ينذر إلا لله وحده سبحانه وتعالى، أو قال: يا رسول الله أغثني أو اشف مريضي، أو يا سيد الحسين أو يا علي أو يا فاطمة، أو يا سيدي البدوي أو يا فلان أو يا فلان، كل هذا من الشرك الأكبر، لأنه دعوة لغير الله، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، فقول سبحانه أحدا نكرة في سياق النهي، تعم الأنبياء وتعم الصالحين، وتعم الملائكة وتعم الأصنام عامة، ويقول سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (2). يعني المشركين وجميع المخلوقات لا ينفعون ولا يضرون إلا بالله، هو الذي ينفع ويضر سبحانه وتعالى، ويقول عز وجل: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) فسمى من دعا غير الله كافرا، فدل ذلك على أنه من الشرك الأكبر، وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (4)؛ القطمير: اللفافة التي على النواة، على عجمة التمر: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (5) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (6)   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة يونس الآية 106 (3) سورة المؤمنون الآية 117 (4) سورة فاطر الآية 13 (5) سورة فاطر الآية 13 (6) سورة فاطر الآية 14 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 فسماه شركا، سمى دعاءهم إياهم شركا، ونفى أنهم يسمعون، لأنهم ما بين ميت لا يستطيع السمع، وما بين ملك مشغول بما هو فيه، أو جني مشغول أو لا يعرف شيئا من ذلك، ولا يدري عن شيء من ذلك، أو ميت أو صنم أو شجرة، كلها لا تجيب داعيها، كل هؤلاء لا يجيبون داعيهم، لا يسمعون ولا يستجيبون، وهم مع هذا لو قدر أنهم سمعوا، كالملك أو غيره، لا يستطيعون أن يجيبوا، لأن أمرهم بيد الله سبحانه وتعالى، هو مالكهم ومالك غيرهم سبحانه وتعالى، فإذا كانوا أمواتا فلن يستطيعوا، وإذا كانوا جمادا لا يستطيعون وإذا كانوا ملائكة أو جنا فهم لم يشرع لنا أن ندعوهم من دون الله، وهم لا يتصرفون إذا كانوا ملائكة إلا بإذن الله، والله لا يأذن لهم أن يعبدوا من دون الله، ولا يرضوا بذلك وهكذا الجن المؤمنون، لا يرضون بذلك، والكافرون لا يجوز أن يعبدوا، فلا يعبد هؤلاء ولا هؤلاء، فالمؤمنون من الجن والإنس، لا يرضون بذلك ولو رضوا لكفروا بذلك، والجن لا يرضون بذلك، إذا كانوا مؤمنين، وأما كفار الإنس وكفار الجن، فليسوا أهلا لأن يعبدوا من دون الله، ولو عبدوا من دون الله، لكان عابدهم كافرا من باب أولى، ولهذا قال سبحانه: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (1). هؤلاء المعبودون كلهم يكفرون بشرك العابدين، من جن وإنس وملائكة، كلهم يكفرون بعبادة عابديهم، فعلم بذلك أن عبادة غير الله   (1) سورة فاطر الآية 14 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 من جن أو إنس، أو ملائكة أو صنم أو شجر أو غير ذلك، كله كفر بالله، كله شرك بالله عز وجل، ولهذا يقول سبحانه: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} (1) {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} (2). قال سبحانه: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (3). نسأل الله العافية، فالخلاصة أنه لا يجوز دعاء غير الله، ولا النذر لغير الله، ولا الاستغاثة بغير الله، ولا سؤالهم شفاءهم المرضى، ولا رد الغياب ولا الرزق ولا غير هذا، مما يحتاجه الناس سوءا كانوا أنبياء أو ملائكة، أو شجرا أو صنما أو جنا أو غير ذلك، يجب أن تكون العبادة لله وحده سبحانه وتعالى، أما كونه يدعو للميت، ويستغفر له فلا بأس، إذا كان الميت مسلما قال: اللهم اغفر لفلان، اللهم اغفر للحسين، اللهم ارض عن الحسين، اللهم اغفر لأبي بكر، اللهم ارض عن أبي بكر أو دعا لغيرهم، من الصالحين من المسلمين هذا مأجور عليه، دعاء المسلم لأخيه فيه أجر عظيم، وخير كثير قال الله تعالى عن الصالحين إنهم قالوا: {اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (4)؛ فالدعاء للميت المسلم والاستغفار له، هذا طيب لكن المنكر أن يدعوه من دون الله، أن يستغيث به أن ينذر له أن   (1) سورة سبأ الآية 40 (2) سورة سبأ الآية 41 (3) سورة الأحقاف الآية 6 (4) سورة الحشر الآية 10 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 يسأله الشفاعة ويسأله شفاء المريض، هذا هو المنكر هذا هو الشرك، أما إذا دعا له قال: اللهم اغفر له، الله ارحمه، اللهم ارفع درجته في الجنة، اللهم اغفر سيئاته، هذا لا بأس به وهذا طيب مأمور به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 23 - حكم النذر بالذبح عند القبر س: يقول هذا السائل: مرضت وأنا صغير، فنذرت أمي إن شفيت وكبرت أن تذبح ماعزا عند قبر الولي، ويجتمع عليها الناس، وعندما كبرت أحضرت ماعزا لتفي بنذرها، فأخذت الماعز وبعتها في السوق، وقلت لها إن هذا شرك بالله، هل ما قمت به صحيح أم لا؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: قد أحسنت، هذا هو الصواب، ليس لها أن تذبح عند قبر الولي لا عن نذر ولا عن غير نذر، إذا كان الذبح للولي كان شركا أكبر، إذا كان القصد التقرب للولي، لفلان أو فلان، عند قبر البدوي، أو فلان أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو ابن عربي، أو فلان أو فلان، كل هؤلاء لا يجوز التقرب إليهم بالذبائح، ولا يدعى أحد من دون الله ولا يستغاث به، ولا ينذر له، كل ذلك من الشرك الأكبر،   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط، رقم 208. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 وهكذا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لا يجوز للمسلم أن يذبح للنبي، يتقرب إليه، أو يسأله أن يغيثه أو ينصره، أو يشفي مريضه، لا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره، هذا حق الله سبحانه وتعالى، والله يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (1)، ويقول عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2)، ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (3)، ويقول عز وجل: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (4) والنبي عليه السلام يقول: «الدعاء هو العبادة (5)» فلا يدعى أحد مع الله، لا نبي ولا ملك ولا جن ولا إنس ولا ولي ولا غير ذلك. وهكذا الذبح، لا يذبح للأنبياء ولا للملائكة ولا للأولياء، ولا يتقرب إليهم بالنذور، ولا غير هذا من العبادات. يقول الله سبحانه: {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (6)، ويقول سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (7) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (8)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله من ذبح لغير الله (9)»، فالتقرب للأولياء بالذبيحة من الشرك الأكبر، كونه يذبح عند قبره أو في غير قبره، حتى ولو في مكان بعيد، ولو ببيت الإنسان، كونه يذبح ينوي الولي، فلانا أو فلانا، هذا شرك أكبر، مثل لو صلى له وسجد له فهو شرك، فهكذا إذا ذبح له، أو دعاه أو استغاث به أو نذر له، أو قال: يا سيدي اشف مريضي، أو   (1) سورة البقرة الآية 21 (2) سورة الإسراء الآية 23 (3) سورة البينة الآية 5 (4) سورة الجن الآية 18 (5) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم 17888. (6) سورة الأنعام الآية 163 (7) سورة الكوثر الآية 1 (8) سورة الكوثر الآية 2 (9) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 انصرني أو دلني على كذا، أو ما أشبه ذلك، سواء عند قبره أو بعيدا عن قبره، هذا كله لا يجوز، هذا حق الله، هو الذي يدعى سبحانه وتعالى، هو الذي يسأل؛ أما الحي الحاضر كونه يذبح له ذبيحة، كرامة له لأنه ضيف، جاء من سفر، أو لأنه قريب له زاره وذبح له، من أجل الكرامة، ضيف، هذا لا بأس به، وهكذا لو قال لأخيه الذي عنده: ساعدني على كذا، الحي الحاضر، ساعدني على إصلاح سيارتي، على إصلاح مزرعتي، يتعاون هو وإياه في المزرعة، لا بأس؛ أما الأموات أو الغائبون أو الملائكة، أو الأنبياء، أو الجن يدعوهم مع الله، أو يستغيث بهم أو ينذر لهم هذا لا يجوز، هذا من الشرك الأكبر، لا يدعى الغياب ولا الموتى ولا الجمادات، كالأشجار والأحجار والأصنام ولا الملائكة كلهم ما يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم، بل هذا من الشرك الأكبر، نعوذ بالله من ذلك. أما إذا كان بالطرق الحسية مع الأحياء، مثل أن يكتب برقية، يقول: أقرضني كذا أو يكلمه بالهاتف، أقرضني كذا أو ساعدني على كذا، مع إنسان حي يكلمه، أو يكتب له رسالة، هذا مثل الحي الحاضر، مثل المشاهد، لا حرج في ذلك كما قال الله عز وجل في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1) فالناس يتعاونون، الأحياء يتعاونون، لا حرج في ذلك، لكن دعاء الميت أو الغائب لأنه يعتقد فيه   (1) سورة القصص الآية 15 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 السر، أنه يسمع ولو بعد، أو دعاء الجمادات كالأصنام والكواكب هذا كله شرك أكبر، أو دعاء الملائكة والجن، هذا شرك أكبر؛ لأنهم غائبون عنك، مشغولون بشؤونهم، ليس من جنس الحاضر بين يديك، الذي تخاطبه، وتسأله أن يعينك على كذا، أو كذا. وبهذا ينبغي للمؤمن أن يحتاط ويبتعد عن أسباب الشرك، وعن ذرائعه وعن أعماله. وقد أحسنت أيها السائل في إخبار أمك، وإيضاح الحق لها، فقد أحسنت في ذلك، بارك الله فيك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 24 - حكم أكل الذبيحة التي تذبح لغير الله س: يسأل السائل ويقول: عندنا في القرية إذا حصل للإنسان مكروه يقول: إذا أزال الله عني هذا المكروه سوف أذبح ذبيحة على قبر الشيخ فلان، هل يصح الأكل من هذه الذبيحة؟ وهل يصح الوفاء بهذا النذر إذا زال المكروه؟ (1) ج: النذر فيه تفصيل، فإذا كان النذر طاعة لله، كأن يقول: لله علي إن شفى الله مريضي فلانا أن أصلي كذا وكذا، أو أصوم أيام كذا وكذا، أو شهرا، أو ما أشبه ذلك، أو أتصدق بكذا، هذا نذر طاعة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه (2)»، فإذا قال: إن شفى   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 252. (2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 الله مريضي، أو رد غائبي، أو شفيت من كذا، صمت لله خمسة أيام أو عشرة أيام، تصدقت بألف درهم، صليت كذا وكذا، كل هذا نذر طاعة متى حصل المطلوب وجب عليه الوفاء. أما إذا كان النذر معصية لله فالنذر لا يجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يعصي الله فلا يعصه (1)»، فلو قال: لله علي إن شفى الله مريضي أن أذبح للشيخ فلان ذبيحة للبدوي، أو للحسين، أو الشيخ عبد القادر، أو لغيرهم، هذا شرك أكبر، هذا لا يجوز، هذا لا يحل الوفاء به، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، لأن هذا هو الشرك الأكبر، الذبح للأموات والتقرب إليهم بالذبائح، أو النذور، هذا الشرك الأكبر. العبادة حق الله وحده؛ يقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2). ويقول سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (3) يعني قل يا محمد للناس: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (4) يعني ذبحي، {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (5) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (6)، ويقول سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (7) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (8)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (9)» فلا يجوز الذبح للجن ولا للمشايخ أصحاب القبور، ولا لغيرهم من أصنام أو أشجار أو أحجار أو ملائكة أو أنبياء، لا. الذبح يكون لله وحده، التقرب لله بالذبح، الضحايا والهدايا لله وحده سبحانه وتعالى. فيقول: لله علي إن شفى الله مريضي أن أذبح كذا وكذا، لله وحده ناقة أو بقرة أو ذبيحة   (1) البخاري الأيمان والنذور (6318)، الترمذي النذور والأيمان (1526)، النسائي الأيمان والنذور (3807)، أبو داود الأيمان والنذور (3289)، ابن ماجه الكفارات (2126)، أحمد (6/ 36)، مالك النذور والأيمان (1031)، الدارمي النذور والأيمان (2338). (2) سورة الإسراء الآية 23 (3) سورة الأنعام الآية 162 (4) سورة الأنعام الآية 162 (5) سورة الأنعام الآية 162 (6) سورة الأنعام الآية 163 (7) سورة الكوثر الآية 1 (8) سورة الكوثر الآية 2 (9) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 من الغنم، لله وحده، هذا قربة وطاعة. عليه أن يوفي بذلك. أما أن يذبح للشيخ الفلاني يتقرب إليه، حتى يشفع له، أو يشفي مريضه، فهذا الشرك الأكبر وهكذا إذا قال: يا شيخ فلان اشف مريضي، أو انصرني، أو يا رسول الله اشفني، أو انصرني، أو يا شيخ عبد القادر انصرني، أو اشف مريضي، أو رد غائبي كل هذا من الشرك الأكبر، لا يجوز دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات ولا النذر لهم، ولا سؤال الجن، ولا النذر لهم، ولا التقرب إلى الأصنام من الحجارة أو غيرها، كل هذا منكر عظيم، وشرك أكبر. الله يقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، ويقول سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (2) يعني المشركين. قال عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (4)، ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (5) الواجب إخلاص العبادة لله وحده. ومن ذلك الدعاء والخوف والرجاء والذبح والنذر، كله عبادة، يجب أن تكون لله وحده، ولا يصرف منها شيء، لا للأصنام ولا للشيوخ ولا للأنبياء ولا للجن ولا للأشجار ولا للملائكة ولا لغيرهم العبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى. وهكذا لو قال: لله علي إن شفى الله مريضي أو رد غائبي أن أشرب الخمر، أو أزني هذه معصية لله لا يوفي   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة يونس الآية 106 (3) سورة الزمر الآية 2 (4) سورة الزمر الآية 3 (5) سورة البينة الآية 5 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 بها، هذا منكر عظيم. يتقرب لله بالمعاصي، هذا منكر عظيم، لا يجوز له الوفاء بذلك، وعليه كفارة يمين عن هذا النذر الباطل عن هذا النذر المعصية. والخلاصة أن النذر أقسام، فما كان لله وحده، إذا كان طاعة لله وجب الوفاء به، وما كان معصية أو شركا لا يوفى به. المعصية يجب التوبة منها والشرك يجب التوبة منه. أما إذا كان ليس شركا، ولا معصية، ولا طاعة مثل لله علي أن أزور فلانا، أو آكل طعام فلان، هذا مخير إن شاء زار فلانا وإن شاء كفر عن نذره ولم يزره ولم يأكل طعامه، مخير؛ لأن هذا مباح أو لله علي أن أعزم فلانا، أو أصنع له طعاما، هو مخير، إن شاء عزمه ودعاه وإن شاء ترك. لكن إذا لم يعزمه ولم يوف بنذره عليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام، هذا كفارة اليمين، كما نص على ذلك ربنا عز وجل في سورة المائدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 25 - حكم النذر بذبح الدجاج بناء على نصائح المشعوذين س: بعض الناس إذا مرض نذر أن يذبح بعض الدجاج بناء على نصائح بعض المشعوذين الذين يحددون لهم ألوانه، هل هذا جائز أم لا؟ (1) ج: إذا كان على طريقة المخرفين والدجالين والكهنة ونحو هذا   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط، رقم 208. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 فلا يجوز، أما إذا أراد التقرب إلى الله إن الله شفاه أن يذبح دجاجا أو ناقة، أو شاة للفقراء والمحاويج هذا قربة إلى الله، ولكن النذر مكروه، ما ينبغي النذر، لكن لو نذر عليه أن يوفي بنذره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه (1)»، ولقول الله سبحانه: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} (2)، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، قال: إنه لا يأتي بالخير، فينبغي له ألا ينذر، لكن إذا نذر طاعة لله كصلاة وصوم وصدقة يوفي بنذره إذا حصل الخير، أما أن ينذر دجاجا على رأي المخرفين الذين قد يجرونه إلى الشرك، ويقول له: إذا نذرت دجاجة صفتها كذا، أو دجاجة صفتها كذا أو كذا يشفى مرضك، هذا كله باطل لا أصل له، هذا منكر فلا يطيعهم في ذلك، وإنما الذبح صدقة، وإذا نذر على أنه صدقة لله، لعل الله ينفعه بهذه الصدقة لا بأس، أما على اعتقاد أن هذا الشيء يحصل به الشفاء بأسباب قول المخرفين هذا لا يجوز.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696. (2) سورة الإنسان الآية 7 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 باب ما جاء في دعاء غير الله تعالى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 باب ما جاء في دعاء غير الله تعالى 26 - حكم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند زيارة قبره س: نسمع الكثير من بعض الحجاج وغيرهم، إذا دخلوا المسجد النبوي، نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقوله: يا رسول الله أتيتك من بلاد كذا وكذا، فاشف مريضي واقض حاجتي، وارزقني كذا وكذا إلى آخره فما هو توجيه سماحتكم لهؤلاء؟ (1) ج: الزيارة للمسجد النبوي سنة، وقربة وطاعة ويشد لها الرحال، لقول صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (2)». فهذه الثلاثة المساجد أفضل مساجد الدنيا ولهذا شرع الله شد الرحال لها، للعبادة في المسجد   (1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 90. (2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم 1864، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم 1397. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 الحرام في الحج والعمرة والصلاة فيه، والقراءة والاعتكاف، والمسجد النبوي للصلاة فيه والقراءة والذكر، والاعتكاف والتعلم والتعليم كما في المسجد الحرام، لكن يختص المسجد الحرام بالطواف، لأن الله شرع الطواف فيه، ويقصد بأداء الحج والعمرة، أما المسجد النبوي فيقصد للعبادة، لا يقصد من أجل القبر بل من أجل المسجد من أجل الصلاة فيه، والقراءة فيه، والذكر والاعتكاف ونحو ذلك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة في مسجدي هذا، خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام، أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة (1)»؛ هذا فضل عظيم، والسنة للزائر إذا زار المسجد أن يسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه يقف على قبره وقبر صاحبيه، ويسلم على الجميع عليه الصلاة والسلام، فيقف على القبر الشريف ويقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، أشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، فجزاك الله عن أمتك أفضل الجزاء، وأحسنه وإن اكتفى بالسلام فقط وانصرف فلا بأس ثم يأخذ عن يمينه قليلا، فيسلم على الصديق، فيقول: السلام عليك يا أبا بكر الصديق ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمد خيرا، ورضي الله عنك، فلقد نصحت وأديت الأمانة   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المدنيين، حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، برقم 15685. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 ونحو ذلك، وهكذا ينحرف قليلا عن يمينه أيضا، ويسلم على عمر الفاروق - رضي الله عنه - كما سلم على الصديق، ويدعو لهم رضي الله عن الجميع، هذا السنة. أما أن ينادوا من قريب، أو من بعيد يقول: يا رسول الله أغثني أو اشف مريضي، أو جئت من بلاد بعيدة لتشفيني أو لتعطيني كذا وكذا، هذا هو الشرك الأكبر، هذا لا يجوز لا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا مع غيره، ولا مع الصديق ولا مع عمر ولا مع أي أحد من الناس، لأن العبادة حق الله وحده، والدعاء هو العبادة فلا يجوز صرفه لغير الله، كائنا من كان. والأموات لا يسألون ولا يدعون ولا يستغاث بهم، سواء كانوا من الأنبياء أو من غير الأنبياء، فالواجب إخلاص العبادة لله وحده كما قال الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)، وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2)، وقال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3). فقوله سبحانه أحدا نكرة في سياق النهي، تعم الأنبياء وتعم الصالحين، وتعم الأصنام والأشجار والملائكة وغير ذلك، فلا يدعو مع الله أحدا، يعني كائنا من كان. وهكذا قوله سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (4) يعني: المشركين، وكل ما سوى الله لا ينفع ولا يضر، الله سبحانه هو النافع الضار، وهو الذي يجعل المنفعة فيمن يشاء، ويسلبها عمن يشاء،   (1) سورة الذاريات الآية 56 (2) سورة الإسراء الآية 23 (3) سورة الجن الآية 18 (4) سورة يونس الآية 106 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 ويجعل العزة فيمن يشاء، ويسلبها عمن يشاء، وهو سبحانه النافع الضار، المعطي المانع القوي العزيز جل وعلا، فهو الذي يسأل ويطلب، سبحانه وتعالى، فإذا جئت للرسول - صلى الله عليه وسلم - للسلام عليه، أو إلى أي مقبرة للسلام على القبور والدعاء لهم، فاحذر أن تدعوهم مع الله لا تقول يا سيدي فلان اشف مريضي، أو اقض حاجتي، أو أنا في حسبك أو أنا في جوارك، أو قد جئت قاصدا لك لتغفر لي، أو لترحمني أو لتشفي مريضي، أو لتسهل كربتي، لا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا مع غيره، هذا حق الله سبحانه وتعالى، ولكن تسلم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى صاحبيه، وتترضى عنهما، وتصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتشهد له أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، هذا حق. أما الزيادة على هذا الوضع: بأن تقول يا رسول الله اشفع لي في كذا أو انصرني، أو اشف مريضي أو أنا في جوارك، أو أنا في حسبك، أو أنا مظلوم، فانصرني، أو أمتك قد أصابها ما أصابها فانصرها، أو اشفها مما أصابها، أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز. هذا من الشرك بالله سبحانه وتعالى، ولكن هذا يطلب من الله، تطلب في صلاتك في المسجد النبوي وغيره، أو في بيتك تقول: يا رب انصرني، يا رب أصلح أمة محمد، يا رب وفقهم يا رب اجمع كلمتهم على الحق، يا رب احمهم من شر أعدائهم، يا رب اغفر لي، يا رب اشف مريضي، هذا بينك وبين الله سبحانه وتعالى في المساجد في الصلاة في غير ذلك، أما المخلوق وإن كان نبيا لا يملك هذا، كله بيد الله عز وجل، يقول الله سبحانه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 لنبيه - صلى الله عليه وسلم - لما قنت مدة من الزمن يدعو على أحياء من العرب، أنزل الله في حقه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} (1). فالأمر لله سبحانه وتعالى، هو الذي بيده الهداية والإضلال، والضر والنفع والعطاء والمنع، وغير ذلك، كله بيده، سبحانه وتعالى، وهو المالك لكل شيء والشفاعة حق الله سبحانه وتعالى، {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (2) هي ملك له سبحانه وتعالى، يعطيه من يشاء وقد أخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أن الله يشفعه يوم القيامة، ليس هناك حاجة أن تسأله أنت، وهو في قبره، إذا كان يوم القيامة، إن كنت من أهل الجنة، دخلت بشفاعته، وكذلك يشفع لأهل الموقف ليقضى بينهم، وأنت منهم، فلا حاجة إلى أن تسأله إياها، تسأل الله وتقول: اللهم شفع في نبيك، اللهم اجعلني من أهل شفاعته، اللهم اجزه عنا خيرا، وما أشبه ذلك، أما أن تطلبها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا. أما في حياته فلا بأس، إن كان حيا بين الناس عليه الصلاة والسلام، تقول: يا رسول الله اشفع لي أن الله يهديني، أن الله يرزقني. كان يشفع لأصحابه، ولما أصابهم الجدب (القحط) في بعض السنوات، أتى بعضهم إليه وهو يخطب يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا، فرفع يديه عليه الصلاة والسلام، وقال: «اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا (3)»؛ فأنشأ الله السحاب ثم أمطر فخرج الناس في مطر كل قد   (1) سورة آل عمران الآية 128 (2) سورة الزمر الآية 44 (3) البخاري الجمعة (968)، مسلم صلاة الاستسقاء (897)، النسائي الاستسقاء (1518). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 ابتل قبل أن يصل البيت، ولم يزل المطر إلى الجمعة الأخرى، ثم جاء ذلك الرجل أو غيره في الجمعة الأخرى، وقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يمسكها عنا فرفع يديه - صلى الله عليه وسلم - وقال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر (1)» فانقشع السحاب ووقف المطر عن المدينة، وأجاب الله دعوته في الحال في الأولى والأخرى عليه الصلاة والسلام، وذلك من علامات نبوته، وأنه رسول الله حقا، عليه الصلاة والسلام، ففي حياته لا مانع أن يطلب منه أن يستغيث للمسلمين، فيشفع لهم وهكذا يوم القيامة، وهو بين أظهرهم يوم القيامة، يتوجه إليه المؤمنون ويسألون: أن يشفع حتى يريح الله الناس من هول الموقف، وحتى يقضي بينهم، ثم يطلب من الله تعالى للمؤمنين أن يدخلوا الجنة، يشفع إلى الله بدخول أهل الجنة الجنة، هذا حق جاءت به النصوص، فإنه لا يطلب منه شيء، بل يصلى عليه، عليه الصلاة والسلام، وتتبع سنته ويعظم أمره ونهيه، أما أن يسأل شفاء المرضى، أو قضاء الحاجات عند قبره، أو في أي بلد، هذا الذي لا يجوز، هذا هو الشرك الأكبر الذي حرمه الله على عباده، بقوله سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (2)، وفي قوله عز وجل: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (3)، وفي قوله   (1) البخاري الجمعة (968)، مسلم صلاة الاستسقاء (897)، النسائي الاستسقاء (1518)، أبو داود الصلاة (1174)، أحمد (3/ 194). (2) سورة لقمان الآية 13 (3) سورة المائدة الآية 72 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) وفي قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (2)، فالواجب على كل مكلف، وكل إنسان أن ينتبه لهذا الأمر، سواء كان حاجا أو غير حاج، فليحذر الاستغاثة بالأنبياء أو بالصالحين، أو بالملائكة أو بالجن في أي مكان، بل يجعل دعاءه لله وحده، ويخص ربه بالدعاء والاستغاثة، ويلجأ إليه سبحانه ويسأله قضاء حاجاته، وتفريج كروبه، فهو سبحانه القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، أما الأنبياء والملائكة والجن وسائر الخلق، فليس في أيديهم شيء، الملك لله وحده سبحانه وتعالى، هو المالك لكل شيء جل وعلا: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (3) فاتق الله يا عبد الله، واحذر ما حرم الله عليك، وانصح من معك وبين لهم ما شرع الله لهم في الحج وفي غيره، وحذرهم مما حرم الله عليهم، وهكذا النساء يعلمن ويوجهن إلى ما يرضي الله، ويقرب إليه ويبين لهن أيضا ما شرع الله لهن في الحج حتى يكون الجميع على بصيرة في حجهم، وفي زيارتهم للمسجد النبوي، على صاحبه أفضل الصلاة والسلام.   (1) سورة الأنعام الآية 88 (2) سورة النساء الآية 48 (3) سورة المائدة الآية 120 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 27 - حكم دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستغاثة به س: لي جدة تدعو الله وتدعو معه النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعض الأشخاص؛ وإني لأغضب لذلك بشدة، مع أن جدتي قليلة السمع، لا تسمع إلا برفع الصوت. كيف أتصرف معها لو تكرمتم؟ (1) ج: عليك أن تعلمها ولو برفع الصوت، لأنها لا تسمع، هذا الرفع لا يضر؛ لأنك إنما رفعت لتسمعها، لا لإهانتها ولا لإدخال السوء عليها. والنهي الذي جاء في القرآن: {وَلَا تَنْهَرْهُمَا} (2) هذا إذا كان على سبيل الإيذاء والإهانة. أما إذا كان على سبيل التفهيم لأنها ضعيفة السمع، فلا حرج في ذلك. المقصود أنك تفهمها وتعلمها، أن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، والاستغاثة بالنبي شرك أكبر، وأنه لا يجوز لها أن تستغيث بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أن تدعوه مع الله، ولا تقول المدد المدد، أو انصرني، أو اشف مريضي، أو عافني يا رسول الله، أو رد علي كذا وكذا. هذا من خصائص الله، لا يجوز طلبه من الموتى لا من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من غيره. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى عليه ويدعى له، أما أنه يطلب منه شفاء المرضى، أو يطلب منه النصر على الأعداء، أو ما أشبه ذلك، هذا   (1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 193. (2) سورة الإسراء الآية 23 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 شرك أكبر. لا يجوز معه، ولا مع غيره من الناس. وهكذا طلب المدد، أو شفاء المرض، أو الرزق، أو طول الأجل، أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يطلب إلا من الله سبحانه، لا يطلب من غيره، لا من الأنبياء ولا من غيرهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 28 - بيان أن قبر الخضر عليه السلام لا يعرف مكانه س: يوجد عندنا مقام ويدعي الناس أنه موجود فيه قبر الخضر عليه السلام فيأتون إلى هذا المقام ويأخذون معهم الشموع والحلوى، وعندما يدخلون فيه يضيئون الشموع، ويبدءون بالدعاء والنذر عند هذا القبر، فهل هذا بدعة؟ (1) ج: الخضر مات من دهر طويل، والصواب أنه مات قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام، وهو رجل صالح، وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه نبي، وهو الأرجح لظاهر القرآن الكريم، ولكن لا يعرف قبره، الذي يقال عندكم إنه قبر كذب لا صحة له ولو عرف ما جاز أن يغلا فيه ولا ينذر له، ولا يدعى من دون الله، ولا يتبرك به، ولا يبنى عليه، بل هذا منكر عظيم، بل النذر للخضر أو دعاؤه من دون الله من الشرك الأكبر، كدعاء الأنبياء والصالحين، والاستغاثة بهم، كله شرك أكبر،   (1) السؤال السابع من الشريط، رقم 274. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 الله يقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2)، فلا يجوز للرجل ولا للمرأة دعاء الخضر ولا الاستغاثة به، ولا النذر له ولا الطواف بما يدعى أنه قبر له، كل هذا لا يجوز بل من الشرك الأكبر، الدعاء والنذر له والاستغاثة به من الشرك الأكبر، والطواف بالقبر الذي يدعى أنه قبر الخضر أو غيره، الطواف بالقبور طلبا للثواب من أهلها أو الفائدة من أهلها شرك أكبر؛ فالواجب على جميع من يأتي هذا القبر أن يترك ذلك وأن يحذره، والواجب على الدولة إن كانت مسلمة أن تهدم هذا وتزيله؛ لأنه كذب لا صحة له.   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 29 - حكم دعاء غير الله تعالى س: إذا كان المسلم قد وقع في محنة أو ضيق، فدعا الله عز وجل ومن ثم دعا أحد الصالحين، مثال الشيخ عبد القادر الجيلاني، قدس الله سره أو غير ذلك من الصالحين، فهل هذا جائز أم لا، فقد دار جدال بيننا حول هذا الموضوع، وذكر أحد الإخوة بأنه سمع بأذنه، بأن إحدى الإذاعات ذكرت بأن المؤمن إذا وقع في ضيق يجب عليه أن يقول: يا عبد القادر ثلاث مرات، ويقول: يا ساكن بغداد يا راعي الحمراء، وحينئذ يفرج كربه في هذه الحالة، أو يدعو أحد الرجال الصالحين دون ذكر الله، أفيدونا أفادكم الله وشكر الله لكم؟ (1) ج: الواجب على المسلم إذا وقع في ضيق وحاجة، أن يضرع إلى الله سبحانه، ويتوجه إليه جل وعلا، ويسأله حاجته وكشف كربته، كما قال الله عز وجل: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (2)، فهو سبحانه يجيب المضطر، والقائل عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (3)، وهو القائل سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (4)   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 123. (2) سورة النمل الآية 62 (3) سورة البقرة الآية 186 (4) سورة غافر الآية 60 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 فالواجب على المؤمن في هذه الحال إذا اضطر: أن يضرع إلى الله، وأن يفزع إليه سبحانه وتعالى، وأن يسأله تفريج كربته، وتيسير أمره، أما الفزع إلى عبد القادر أو إلى غيره من الناس، فهذا هو الشرك الأكبر، هذا شرك أكبر نعوذ بالله من ذلك، فلا يجوز أن يفزع الإنسان إلى عبد القادر، أو إلى السيد البدوي أو إلى الحسين أو إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أو إلى غيره من الناس، بل يجب الفزع إلى الله وحده، وهو القائل سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) وهو القائل عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (2) فهو جل وعلا الذي يجيب المضطر، ويكشف السوء ويجود على عباده سبحانه وتعالى، ولا ينبغي لأحد أن يغتر بما يفعله بعض الناس، من الفزع إلى الشيخ عبد القادر، أو إلى غيره، أو أنها تقضى حاجته في بعض الأحيان، هذا من باب الاستدراج، وقد يقضيها له بعض الجن، يستدرجه بذلك حتى يوقعه في الشرك الأكبر دائما، فلا ينبغي لعاقل أن يغتر، فكون حاجته قضيت لما دعا الشيخ عبد القادر أو غيره قد تقضى الحاجة بأسباب قدرها الله سبحانه وتعالى صادفت وقت دعائه لعبد القادر، وقد تكون حاجة يستطيعها بعض شياطين الجن، فيقضيها لك لأجل يستدرجك في الشرك، ويوقعك في الشرك مرة أخرى،   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة يونس الآية 106 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 والمقصود أن الواجب على المكلف أن يخلص لله عبادته، وأن لا يدعو معه أحدا سبحانه وتعالى، لا نبيا ولا غيره وهو يقول جل وعلا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1) ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (2)، ويقول عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (4). وبهذا تعلم أيها السائل أن هذا الذي قيل لك، قول باطل ومنكر ومن الشرك الأكبر، وأن الواجب على جميع المسلمين، وعلى جميع المكلفين الإخلاص لله في العبادة، وألا يدعى أحد معه جل وعلا، لا ملك ولا نبي ولا صالح ولا غيرهم، ولا يدعى إلا الله وحده سبحانه وتعالى، لكن الأحياء لا بأس أن تدعو الحي القادر، يساعدك في شيء من الزكاة أو غيره لا بأس تقول لأخيك الحاضر: يا أخي ساعدني على إصلاح سيارتي، أو على عمارة بيتي، أو على قضاء الحاجة الفلانية، وهو حي حاضر يسمع كلامك، هذا لا بأس به كما قال الله عز وجل في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (5)، وكما هو معلوم بين المسلمين أنهم يتساعدون في أمور دنياهم، وفي أمور دينهم والله يقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (6) ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «والله في عون   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة البينة الآية 5 (3) سورة الزمر الآية 2 (4) سورة الزمر الآية 3 (5) سورة القصص الآية 15 (6) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 العبد ما كان العبد في عون أخيه (1)» فالتعاون بين المسلمين فيما يقدرون عليه مشافهة، أو من طريق الكتابة أو من طريق الهاتف: (التلفون)، أو من غيره من الطرق الحسية المعروفة لا بأس بهذا، هذا شيء معروف جائز، لأنه طلب من مخلوق ما يقدر عليه، وهو حي حاضر يسمع كلامه، أو تكاتبه بذلك مكاتبة أو من طريق الهاتف، ونحو ذلك أما دعاء الأموات أو دعاء الغائبين من الملائكة والجن، أو دعاء الأحجار والأصنام والأشجار، هذا شرك أكبر. نسأل الله العافية والسلامة. وهذا دين المشركين الأولين، دين أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وأبي لهب ونحوهم، هذا دينهم، يعبدون الأنبياء والأولياء ويستغيثون بهم، وينذرون لهم ويذبحون لهم، فكفرهم الله بهذا وقاتلهم نبيه محمد عليه السلام حتى أسلم من أسلم منهم، حتى ظهر دين الله عز وجل، فالواجب على كل مكلف أن يخص ربه بالعبادة، أينما كان يفزع إليه في جميع الشؤون، وجميع الحاجات وجميع الكربات، دون كل ما سواه سبحانه وتعالى، ولكن مثل ما تقدم لا بأس أن تستعين بأخيك الحاضر الحي، تستعين به في مزرعتك تحط عمالا في مزرعتك تستعين بهم في شؤونك، تستعين بإخوانك وهم أحياء يسمعون كلامك، أو بالكتابة أو بالبرقية أو بالهاتف أو بالتلكس، هذه أمور عادية غير داخلة في الشرك، إذا صارت في أمور يقدر عليها   (1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، برقم 2699. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 المستعان به. أما دعاء الأموات كالشيخ عبد القادر، والشيخ البدوي أو الحسين أو علي رضي الله عنه أو الأنبياء أو غيرهم من الصالحين. فهذا لا يجوز هذا من الشرك الأكبر، وهكذا دعاء الجن أو دعاء الملائكة، أو دعاء الأصنام والأشجار والأحجار، هذا هو الشرك الأكبر، هذا دين أهل الشرك، هذا الدين الذي بعث الله الرسل عليهم الصلاة والسلام بإنكاره، والتحذير منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 30 - حكم دعاء الأولياء س: قال شيخ لمريده، الذي يريد أن يدرس في أوربا، قال له وهو يودعه: يا بني إذا سولت لك نفسك بالمعصية، هناك فتذكر شيخك؛ يصرف الله عنك هذا السوء وهذه الفاحشة، فهل هذا شرك بالله؟ (1) ج: هذا منكر عظيم وشرك بالله جل وعلا، لأنه فزع إلى الشيخ لينقذه من هذا الشيء، والواجب أن يقول: فاذكر الله واسأل ربك العون والتوفيق، واعتصم بالله ونحو ذلك، فأما أن يوصيه بأن يذكر شيخه، هذا من شأن الصوفية، يوجهون مريديهم وتلاميذهم على أن يعبدوهم من دون الله، ويلجأوا إليهم ويتوكلوا عليهم، ويسألوهم قضاء   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 98. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 الحاجات، وتفريج الكروب وتعليمهم الشرك، نعوذ بالله من ذلك، فالواجب على هذا الشخص أن يتقي الله، وأن يفزع إلى الله فيما يهمه، ويسأله العون والتوفيق، لا إلى شيخه الذي علمه أن يفزع إليه، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 31 - حكم من يدعو أصحاب القبور س: ما حكم أولئك الذين يدعون أصحاب القبور؟ (1) ج: حكمهم أنهم مشركون، إذا دعوا أصحاب القبور، أو دعوا الأصنام أو الأشجار، أو الأحجار أو الملائكة أو الجن، كلها طريقها واحد، كله كفر بالله عز وجل، يستثنى من هذا شيء واحد، وهو أنه لا بأس أن يستعين المؤمن بأخيه الحاضر، أو بغير المؤمن كما لو اشترى سلعة من كافر، أو قال له يبني له المحل، أو يصلح السيارة وهو يسمع كلامه، ويقدر هذا أمر مستثنى ليس من الشرك، مثل ما قال الله سبحانه في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (2)، فإذا قال الإنسان لأخيه الحاضر، أو لغير أخيه من كافر، قال له: اصنع لي كذا أو اعمل لي كذا، أو اعمر لي هذا البيت، أو أصلح لي هذه   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 97. (2) سورة القصص الآية 15 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 السيارة، أو احرث لي هذه الأرض بكذا وكذا، اتفق معه على شيء لا بأس، هذه أمور عادية يقدر عليها المخلوق الحي الحاضر، المنكر هو أن يدعو غائبا أو ميتا، أو إنسانا حيا لكن يعتقد فيه السر، أمورا ما يقدر عليها بطبيعته يعتقد أنه سر، وأنه إذا دعي مع الله، إذا سئل أن يغفر الذنوب، أو سئل أن يدخل الجنة، أنه يستطيع هذه الأمور لسر فيه، هذا هو المنكر ولو كان حيا، فكمن يعبد من بعض الصوفية شيوخهم، وكبارهم الموتى ويستغيثون بهم، ويطلبونهم شفاء المرضى، هذا من الشرك الأكبر ولو كان حيا، لأنه سأله شيئا ليس من طاقته، وليس من قدرته، بخلاف إذا قال: سلفني كذا أقرضني كذا، اعمر لي هذه الدار بكذا أصلح هذه الأرض، أصلح هذه السيارة، ناولني هذا المتاع الذي في السيارة، أمور بين الناس عادية لا بأس بها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 32 - حكم الاستعانة والاستغاثة بالأموات س: هناك جماعة من الناس يستعينون بالأموات والمشايخ، وهناك بعض الإخوة يقولون لهم: إنكم مشركون بهذا العمل، ويقاطعونهم بالرد، فما هو توجيهكم جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: نعم الاستعانة بالأموات والاستغاثة بالأموات أو بالأشجار   (1) السؤال السادس من الشريط، رقم 270. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 والأحجار أو بالأصنام أو بالجن أو بالملائكة، كله شرك أكبر، أو بالرسل كله شرك أكبر، كله من الشرك بالله عز وجل، وهكذا بالمشايخ إذا كانوا أمواتا أو غائبين، يعتقد فيهم أنهم ينفعونه أو يشفعون له، يدعونهم من دون الله، يستغيث الإنسان بهم، كل هذا من الشرك الأكبر، وقد أنزل الله في ذلك كتابه العظيم، وبعث به رسله الكرام عليهم الصلاة والسلام، قال عز وجل في كتابه العظيم: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2)، وقال جل وعلا: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (4) يسمي دعاءهم شركا، فلا يجوز للمسلم أن يدعو الأموات أو يستغيث بهم أو ينذر لهم أو يذبح لأئمتهم، يتقرب إليهم بالذبائح أو يستغيث بهم عند الشدائد، كل هذا من الشرك الأكبر، وهذا عمل كفار قريش وغيرهم، هذا عمل الكفار عند قبور الأموات، وعند أصنامهم وأشجارهم التي يعبدونها من دون الله، والقريب والغائب مثل الميت، الغائب عنك مثل الميت، يدعو غائبا يعتقد أنه يسمع دعاءه في السر، يدعوه مثلا في مصر أو في مكة، أو في أي مكان يدعوه من بعيد، هذا من دعاء الميت وهو شرك أكبر،   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة المؤمنون الآية 117 (3) سورة فاطر الآية 13 (4) سورة فاطر الآية 14 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 أما الحاضر الذي يسمع كلامك تقول له عبد الله أعني على كذا، أقرضني كذا، ساعدني على إصلاح السيارة، أعني على رفع الحجر، ارفع هذا الباب علي، ارفع هذه الخشبة لا بأس حاضرا يسمع كلامه، ويقدر على أن يعينك لا بأس بهذا، كما قال الله في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1)؛ لأن موسى يسمع الكلام ويستطيع فلا بأس، وهكذا خوفكم من العدو تغلق الباب، أو تخرج من بلد إلى بلد، تخاف من العدو لا بأس كما قال الله جل وعلا في قصة موسى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} (2) خرج من مصر خائفا من شيعة آل فرعون، لما قتل قتيلا، الشيء الذي يفعله الإنسان مع الحاضر، أو مع الجماعة الحاضرين أو خوفا من العدو الحاضر، يبتعد عنه لئلا يعاقبه، ويهرب إلى جهة بعيدة حتى يكون أسلم له، كل هذا لا بأس به، هذه أمور عادية وأمور متعلقة بالأسباب، حسية معروفة لا حرج فيها، أما دعاء الأموات والغائبين عنك، والأصنام والأشجار والأحجار هذا هو الشرك الأكبر، هذا عمل المشركين الأولين، من عباد اللات والعزى ومناة، ومن عمل قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وغيرهم من الكفرة، هذه أعمالهم، فالواجب على العاقل أن يميز بين الأمرين، وأن يكون على بصيرة، فإذا قلت لأخيك يا أخي ناولني هذه السجادة، أو ناولني هذا الإناء، أو أقرضني كذا، حاضرا يسمع كلامك لا بأس بإجماع المسلمين، لا حرج   (1) سورة القصص الآية 15 (2) سورة القصص الآية 21 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 في ذلك، أو في البناء، أو في الحرب، أو الجهاد تستعين به تقول بعد السلام: تقدم إلى المحل الفلاني، أمسك المحل الفلاني، احرس المحل الفلاني، كل هذا لا بأس فيه، هذه أمور عادية مشروعة، مأمور بها ليس صاحبها عبدا لغير الله، بل أمور حسية مقدورة يتعامل بها الناس. س: ما حكم من قال: إن من يدعون الأولياء الصالحين هم مسلمون؟ (1) ج: حكمه أنه يبين له أن هذا كفر وضلال، إذا أصر صار كافرا مثلهم يبين له كفرهم وضلالهم، والأدلة على ذلك يقول الله جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) سماهم كفرة؛ قال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (4) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (5) سمى دعاءهم شركا يبين لهم، أن دعاءهم واستغاثتهم بالأموات، هذا شرك المشركين، هذا شرك قريش مع اللات مع غيرهم من الصالحين ومع الملائكة، نسأل الله العافية والسلامة.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 372. (2) سورة الجن الآية 18 (3) سورة المؤمنون الآية 117 (4) سورة فاطر الآية 13 (5) سورة فاطر الآية 14 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 33 - حكم كتابة أسماء بعض الأولياء على السيارة لقصد سلامة الرحلة س: ما هو رأي الشرع في الذين يكتبون على جنبات عرباتهم بعض العبارات - وما أكثرهم في بلدي - مثل أن يقولوا يا الشيخ التوم ودنباقا، يا الشيخ الياقوت، يا الشيخ المكاشفي. علما بأن هؤلاء كما يقولون أولياء الله، وهم ميتون، وقبورهم عليها قباب وتزار للتبرك على حد زعمهم. وجهونا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا العمل لا يجوز، بل هو منكر، بل هو شرك، لأن قصدهم التوجه إلى هؤلاء ليحفظوا سياراتهم، وليحفظوا ركابهم، ولهذا يكتبون عليها يا فلان، يا فلان، أو يا رسول الله، أو يا علي، أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز، وكله من الشرك الأكبر؛ لأنه استغاثة بغير الله، ولجوء إلى غير الله، ودعاء لغير الله، يقصدون من هذا أن يمدهم بما يسبب سلامة رحلتهم، وسيرهم في الداخل أو في الخارج، فلا يجوز مثل هذا العمل.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط، رقم 197. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 34 - حكم التلفظ بكلمة (أرجو منك) س: تقول هذه السائلة: هل كلمة أرجو أو الرجاء لغير الله جائزة، أم إن الرجاء لا يكون إلا لله عز وجل؟ (1) ج: لا بأس أن تقول لأخيك: أرجو منك يا أخي أن تعطيني كذا، أو أرجو من والدي أن يعطيني كذا أو أرجو من والدتي أو أرجو من فلان صاحب له أن يعطيني أو أن يقرضني أو يعينني على كذا وكذا، لا بأس بهذا، لكن الشخص الذي لا يستطيع أو ليس من شأن الإنسان، لا يرجى منه، إنما هذا فيما يستطاع أرجو منه أن يقرضني كذا أرجو منه أن يعينني وهو يستطيع، أما أن تقول أرجو من الميت، فلا. هذا شرك أن رجوت أنه يعينك بكذا أو رجوت من الغائب الذي لا يسمع كلامك، ولا تخاطبه، إنما تعتقد فيه أنه يساعدك، وهو ميت؛ إذا رجوته أو خفته هذا من الشرك لا يجوز. أما إذا رجوته بمكاتبة وهو غائب، بالهاتف التليفون وهو غائب، أو خاطبته وهو حاضر، تقول: أرجو أن تقرضني كذا، أرجو أن تعينني على كذا وكذا؛ هذا لا حرج فيه، لأن دعاء الحاضر السامع فيما يقدر عليه، لا حرج فيه. كما قال الله سبحانه في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (2)؛ لأن موسى قادر حاضر، فاستغاثه شخص من بني إسرائيل، على خصم له من القبط، فأغاثه موسى، فالمقصود   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 372. (2) سورة القصص الآية 15 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 أن الاستغاثة بالحي الحاضر، القادر مشافهة أو بالمكاتبة، لا حرج في ذلك إذا كان قادرا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 35 - حكم الغلو في محبة النبي صلى الله عليه وسلم س: هذا السائل يقول: ما معنى الغلو في حب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ (1) ج: الغلو: الزيادة بأن تفعل شيئا ما شرعه الله، هذا هو الغلو، يقال غلا القدر إذا ارتفع الماء بسبب النار. فالغلو: معناه الزيادة في غير المشروع. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين (2)»، والله يقول سبحانه: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} (3)، فالغلو الزيادة في المحبة في الأعمال التي شرعها الله، يقال لها: غلو، مثلا تقول: الله شرع لنا خمس صلوات، أنا أجعل سادسة، الضحى أوجبها على الناس، أنت مثلا سلطان أو أمير تقول: أزيد - الزيادة خير - صلاة سادسة. هذا لا يجوز، الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. (4)» هذا غلو؛ أو تقول:   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط، رقم 367. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، رقم 3238. (3) سورة النساء الآية 171 (4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 أنا أحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأدعوه من دون الله، أقول: يا رسول الله، اشف مريضي، انصرني، بعد موته، هذا غلو. ادع الله لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «فليدع الله (1)» أمرك أن تدعو الله، ما أمرك أن تدعوه هو، أمرك أن تدعو الله، الله سبحانه الذي يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2)؛ فعليك أن تدعو الله، لا تسأل الرسول، ويقول جل وعلا: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3)، فدعاء غير الله من الأموات والأشجار والأحجار حتى النبي كفر أكبر. هذا من الغلو، ومن الغلو أن تزيد فيما شرع الله في سائر العبادات، شرع الله أن تتوسل بأسمائه وصفاته والأعمال الصالحة، تزيد أنت التوسل بجاه النبي، أو ببركة النبي، أو بحق النبي. هذا بدعة وغلو، لكن توسل بالأعمال الصالحة، حبك للنبي، نعم، اللهم إني أسألك بحبي لنبيك، بإيماني بنبيك، هذا طيب، هذه وسيلة شرعية، لكن بجاه نبيك، هذا ما له أصل، بحق نبيك، هذا ما هو بمشروع، ببركة نبيك، هذا ما هو بمشروع. المشروع أن تتوسل بمحبته، بإيمانك به، باتباعك له، بطاعتك له، هذه الوسيلة الشرعية أو بأسماء الله وصفاته، أو بالإيمان بالله ورسوله.   (1) أخرجه النسائي في كتاب التطبيق، باب كيف التشهد الأول، برقم 1163. (2) سورة غافر الآية 60 (3) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 باب ما جاء في الشفاعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 باب ما جاء في الشفاعة 36 - بيان أنه لا يشفع أحد عند الله تعالى إلا بإذنه س: حدثونا عن شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ إني سمعت عن هذا بعض الشيء وأريد أن أستدرك كثيرا مما فاتني حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: النبي - صلى الله عليه وسلم - له شفاعات، منها شيء يختص به، ومنها شيء يشترك معه الناس فيه، فأما الشفاعة التي تختص به، فهي الشفاعة العظمى لأهل الموقف يشفع لهم، يسجد عند ربه ويحمده محامد عظيمة، ويأذن الله له بالشفاعة، فيشفع لأهل الموقف حتى يقضى بينهم، وهذه من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وهذا هو المقام المحمود، الذي ذكر الله جل وعلا في سورة بني إسرائيل: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (2) وهذا المقام هو مقام الشفاعة، يحمده فيه الأولون والآخرون، عليه الصلاة والسلام، فإنه   (1) السؤال الخامس من الشريط، رقم 216. (2) سورة الإسراء الآية 79 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 تتوجه إليه الخلائق يوم القيامة، المؤمنون يتوجهون إليه، بعدما يتوجهون إلى آدم ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، فكلهم يعتذرون، ثم يقول لهم عيسى: اذهبوا إلى عبد قد غفر الله له من ذنبه ما تقدم وما تأخر، يعني محمدا عليه الصلاة والسلام، فيتوجهون إليه فإذا طلبوا منه، تقدم عليه الصلاة والسلام إلى ربه، وسجد بين يدي العرش، وحمده سبحانه بمحامد عظيمة، يفتحها الله عليه، ثم يقال له: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، واسأل تعطه، واشفع تشفع، فيشفع عند ذلك، بعد إذن الله سبحانه وتعالى، لأنه يقول جل وعلا: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (1)، فلا أحد يشفع عنده إلا بإذنه سبحانه وتعالى. وهناك شفاعات أخرى خاصة به، عليه الصلاة والسلام، وهي الشفاعة في أهل الجنة ليدخلوا الجنة فإنهم لا يدخلون ولا تفتح لهم إلا بشفاعته، عليه الصلاة والسلام، هذه خاصة به عليه الصلاة والسلام، وهناك شفاعة ثالثة خاصة به لأبي طالب عمه وهو أن شفع له حتى صار في ضحضاح من النار، وهو قد مات على الكفر بالله، وصار في غمرات من النار، فيشفع له - صلى الله عليه وسلم - أن يكون في ضحضاح من النار، بسبب نصره إياه، لأنه نصره وحماه لما تعدى عليه قومه، فيشفع له - صلى الله عليه وسلم - أن يكون في ضحضاح من النار، وهذه شفاعة خاصة بأبي طالب، مستثناة من قوله جل وعلا: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (2) إلا في هذه الخصلة، مع أبي طالب خاصة   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة المدثر الآية 48 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 وأبو طالب مخلد في النار مع الكفرة، لكنه في ضحضاح من النار، يغلي منه دماغه، نسأل الله العافية، وهو أهون أهل النار عذابا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أهون الناس عذابا يوم القيامة، من له نعلان من نار، يغلي منهما دماغه (1)»، نسأل الله السلامة. وفي رواية: «يوضع على قدميه جمرتان من نار، يغلي منهما دماغه، ويرى أنه أشد الناس عذابا، وهو أهونهم عذابا (2)» وأبو طالب من هذا الصنف نسأل الله العافية.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، برقم 3885، ومسلم في كتاب الإيمان، باب أهون أهل النار عذابا، برقم 213. (2) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، برقم 6562، ومسلم في كتاب الإيمان، باب أهون أهل النار عذابا، برقم 213. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 37 - حكم طلب الشفاعة من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره س: كثير من الناس يقولون: الشفاعة يا محمد، هل هي شرك؛ وإن كانت شركا ماذا يقولون؟ (1) ج: طلب الشفاعة من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من غيره، من الأموات لا يجوز، وهو شرك أكبر عند أهل العلم، لأنه لا يملك شيئا بعدما مات عليه الصلاة والسلام، والله يقول: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (2)   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط، رقم 35. (2) سورة الزمر الآية 44 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 الشفاعة ملكه سبحانه وتعالى، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأموات لا يملكون التصرف بعد الموت، بشفاعة ولا بدعاء ولا بغير ذلك، الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، وإنما جاء أنها تعرض عليه الصلاة، عليه الصلاة والسلام، ولذا قال: «فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم (1)»؛ «صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم (2)»، وأما حديث أنها تعرض عليه الأعمال، فإن وجد خيرا حمد الله، وإن وجد شرا استغفر لنا، فهو حديث ضعيف، لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو صح لم يكن فيه دلالة أن نطلب منه الشفاعة، فالحاصل أن طلب الشفاعة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو من غيره من الأموات أمر لا يجوز، وهو على القاعدة الشرعية، من الشرك الأكبر، لأنه طلب من الميت شيئا لا يقدر عليه، كما لو طلب منه شفاء المريض، أو النصر على الأعداء، أو غوث المكروبين، وما أشبه ذلك، فكل هذا من أنواع الشرك الأكبر، ولا فرق بين طلب هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو من الشيخ عبد القادر أو فلان أو فلان أو من البدوي، أو من الحسين أو من غير ذلك، طلب هذا من الموتى أمر لا يجوز، وهو من أقسام الشرك، وإنما الميت يترحم عليه إذا كان مسلما، ويدعى له بالمغفرة والرحمة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم عليه المسلم، يصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، ويدعو له إما أن يطلب منه المدد، أو الشفاعة أو   (1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم 2042. (2) أبو داود المناسك (2042)، أحمد (2/ 367). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 النصر على الأعداء، كل هذا لا يجوز، وهذا من عمل أهل الجاهلية، ومن عمل أهل الشرك، فيجب على المسلم أن ينتبه لهذا وأن يحذر من هذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 باب ما جاء في التوسل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 باب ما جاء في التوسل 38 - بيان معنى التوسل والوسيلة س: حدثونا عن التوسل والوسيلة، ووضحوا لنا الشبه والرد عليها، ولا سيما أن هناك من يستدل بمثل قوله تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (1) ويستدلون أيضا بالتوسل بالعباس رضي الله عنه، وما الفرق بين التوسل بالأنبياء والصالحين، والتوسل بالأعمال الصالحة؟ جزاكم الله خيرا (2). ج: هذا السؤال سؤال مهم، وجدير بالعناية، لأنه يشتبه الموضوع فيه على كثير من الناس، فالوسيلة وسيلتان: وسيلة جائزة، بل مشروعة مأمور بها، ووسيلة ممنوعة، أما الوسيلة المشروعة، فهي التوسل إلى الله بالإيمان، والعمل الصالح، وسائر ما شرعه الله جل وعلا، وهي المراد في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (3) يعني: القربة إليه بطاعته، كالصلاة والصوم والصدقة، والحج، وإخلاص   (1) سورة المائدة الآية 35 (2) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 266. (3) سورة المائدة الآية 35 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 العبادة لله ونحو ذلك، فقوله سبحانه: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} (1) يعني: من دون الله، من أصنام ومن أشجار، وأحجار، وأنبياء وغير ذلك، {فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} (2)، يعني: أولئك المدعوون لا يملكون كشف الضر عن داعيهم من مرض أو جنون أو غير ذلك، {وَلَا تَحْوِيلًا} (3) يعني: ولا تحويلا من حال إلى حال، ومن شدة إلى سهولة، أو من عضو إلى عضو، لا يملكون ذلك، بل هم عاجزون عن ذلك، وإنما هو بيد الله سبحانه وتعالى، ثم قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ} (4)، يعني: أولئك الذين يدعوهم هؤلاء المشركون، من أنبياء وصالحين أو ملائكة: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} (5)، يعني: هم يبتغون يطلبون من الله الوسيلة، وهي القربة إليه بطاعته من صلاة وصوم وصدقات وغير ذلك، ويرجون رحمته، لهذا عملوا واجتهدوا بطاعته، ويخافون عذابه سبحانه وتعالى، فهذه الوسيلة هي القيام بحقه من توحيده وطاعته، بفعل الأوامر وترك النواهي، وهي الإيمان والهدى والتقوى، وهي ما بعث الله به الرسل، عليهم الصلاة والسلام، من قول وعمل، فهذه الوسيلة واجبة من الواجبات، ومستحبة من المستحبات، فالتوسل إليه بتوحيده، والإخلاص له وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت، هذا أمر لازم، وفريضة، في الحجة الأولى من العمر، وكذلك التوسل إليه بترك المعاصي أمر لازم،   (1) سورة الإسراء الآية 56 (2) سورة الإسراء الآية 56 (3) سورة الإسراء الآية 56 (4) سورة الإسراء الآية 57 (5) سورة الإسراء الآية 57 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 فريضة، والتوسل إليه، بالنوافل من صلاة النافلة، وصوم النافلة وصدقة النافلة، والإكثار من ذكر الله، أيضا مستحب، وقربة وطاعة، وذلك جعله الله من أسباب دخول الجنة، والنجاة من النار، أما الوسيلة الأخرى التي لا تجوز، فهي التوسل إليه بدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، هذه وسائل شركية، يسميها المشركون وسيلة، وهي شرك أكبر وهي المراد في قوله سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (1)، ويقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (2)، يعني يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فاتخذوهم وسيلة بهذا المعنى، يعني بدعائهم وسؤالهم، وطلب الشفاعة منهم، والنصر على الأعداء وشفاء المرضى ونحو ذلك، وزعموا أنهم بهذا يكونون لهم وسيلة، وهذا هو الشرك الأكبر، وهذا هو دين المشركين، نسأل الله العافية، فإن المشركين يزعمون: أن عبادتهم للأنبياء، والملائكة والصالحين والجن، وسيلة إلى مقاصدهم، وأن هذه المعبودات تشفع لهم عند الله، وتقربهم من الله زلفى، فأبطل الله ذلك، وأكذبهم بذلك، قال تعالى في حقهم: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (3)، بعد قوله سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (4).   (1) سورة يونس الآية 18 (2) سورة الزمر الآية 3 (3) سورة يونس الآية 18 (4) سورة يونس الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 وقال في آية الزمر: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (1)؛ فأكذبهم الله سبحانه وتعالى، بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (2)، فسماهم كذبة في قولهم: إنها تقربنا إلى الله زلفى، كفرة بهذا العمل، بدعائهم إياهم واستغاثتهم بهم ونذرهم لهم ونحو ذلك، فالواجب على جميع المكلفين بل على جميع الناس، الحذر من هذه الوسيلة، فلا يفعلها المكلف ولا غير المكلف، يجب على المكلف أن يحذرها، وعليه أن يحذر غير المكلفين، من أولاده أن يفعلها أيضا، فالله هو الذي يعبد سبحانه وتعالى، وهو الذي يدعى، وهو الذي يرجى وهو الذي يسأل النصر على الأعداء، والشفاء للمرضى، وغير ذلك من حاجات العباد، يقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (3) {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (4) {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (5)، ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (6)، ويقول عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (7). ونذير وبشير، ليس بمعبود من دون الله، وليس بإله مع الله، سبحانه وتعالى، وقال   (1) سورة الزمر الآية 3 (2) سورة الزمر الآية 3 (3) سورة الذاريات الآية 56 (4) سورة الذاريات الآية 57 (5) سورة الذاريات الآية 58 (6) سورة البقرة الآية 21 (7) سورة الأعراف الآية 188 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} (2) قل يا محمد للناس: {إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} (3)، {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} (4) {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} (5) {إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ} (6) بل ذلك بيده سبحانه وتعالى، هو الذي يملك النفع والضر، والعطاء والمنع والشفاء من الأمراض، والنصر على الأعداء، بيده سبحانه وتعالى، وهناك نوع ثان: من الوسيلة الممنوعة، هو التوسل بجاه فلان، وحق فلان، هذه الوسيلة ممنوعة، لكنها ليست شركا أكبر، بل هي من وسائل الشرك، كأن يقول: اللهم إني أسألك بجاه محمد، بجاه فلان وحق أنبيائك، هذا لا يجوز، هذه بدعة ليس عليها دليل، الله يقول: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (7) يدعى بأسمائه وصفاته، وما كان يتوسل إلا بالأعمال الصالحة، بالصلاة والصوم، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والعفة عن الفواحش، هذه وسائل شرعية، كما في قصة أصحاب الغار، الذين آواهم المبيت والمطر إلى غار فدخلوا فيه، فانطبقت عليهم صخرة، سدت عليهم فم الغار، فقالوا فيما بينهم: لا ينجيكم من هذا إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فاسألوا الله وتوجهوا إليه بصالح أعمالكم، فأحدهم: دعا وسأل ربه ببره لوالديه، والآخر توسل إلى الله بعفته عن الزنا بعد قدرته على المرأة، والثالث توسل إلى الله   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة الجن الآية 19 (3) سورة الجن الآية 20 (4) سورة الجن الآية 21 (5) سورة الجن الآية 22 (6) سورة الجن الآية 23 (7) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 بأداء الأمانة، بأجير كان له أجر عنده، نمى أجره، فلما جاء أعطاه إياه كاملا فانفرجت عنهم الصخرة، بهذه الوسيلة الصالحة، العملية، وهذا من لطف الله وإحسانه، وآياته العظيمة، أن فرج عنهم وجعل انطباق هذه الصخرة، سببا لتوسلهم بهذه الأعمال، وليعلم الناس فضل الأعمال الصالحة، وأنها من أسباب تفريج الكروب وتيسير الأمور، وأن الواجب على العبد، أن يحذر غضب الله، وأسباب عقابه، متى أقام على المعصية فليحذر، وليبتعد عنها، ومتى قدر على البر والخير فليفعل، أما توسل عمر رضي الله عنه بالعباس، فهذا توسل بدعاء العباس، فإنه كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أجدب الناس كان يسأل الله عز وجل الغيث، وكان الناس يفزعون إليه ويقولون: يا رسول الله استغث لنا، هلكت الأموال وانقطعت السبل، يعني بسبب الجدب فيستغيث الله، ويسأله سبحانه أن يغيث العباد، فيغيثهم سبحانه وتعالى، فلما أجدبوا في عهد عمر، قال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا حين كان بين أيدنا، فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قم يا عباس فادع الله لنا، فقام العباس ودعا لهم واستغاث فسقاهم الله، والعباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، هذا توسل بدعاء العباس، مثلما كان يتوسل بدعاء النبي في حياته، - صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على أنه بعد وفاته، لا يستغاث به ولا يطلب منه الغوث، عليه الصلاة والسلام، لأنه لا يستطيع ذلك، انقطع عمله المتعلق بالدنيا، ولهذا طلب عمر رضي الله عنه من العباس، أن يدعو الله أن يغيث الناس، فقام العباس ودعا الله فأغاث الله الناس، وهكذا فعل معاوية رضي الله عنه في الشام طلب من يزيد بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 الأسود، الصحابي الجليل أن يسأل الله الغوث، فقام يزيد وسأل الله، فأغاث الناس، هذا لا بأس به شرعي، أن يقول ولي الأمر، أو خطيب المسجد لعالم من العلماء، أو بعض الأخيار: ادع الله يا فلان للمسلمين، أن الله يغيثهم فلا بأس، كما فعل عمر مع العباس، وكما فعل معاوية مع يزيد بن الأسود، وهكذا الإنسان يقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلا، أن تغيثنا وأن ترحمنا، وأن تغفر لنا، الله يقول سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1) فأنت تسأل، وهكذا غيرك يسأل يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، ويدعو الله للمسلمين، في الجدب وفي غيره، وبهذا يتضح أن الوسيلة: ثلاثة أقسام: قسم مشروع، وهو التوسل إلى الله بتوحيده، والإيمان به وبالأعمال الصالحة، وبأسمائه وصفاته، وقسم شرك، وهو التوسل إلى الله بدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، والذبح لهم، والتوسل بالأصنام، أو بالأشجار والأحجار، أو بالجن هذا شرك أكبر، القسم الثالث بدعة لا يجوز، وليس بشرك، وليس مشروعا، بل هو بدعة، وهو التوسل بحق فلان، أو بجاه فلان، أو حق الأنبياء، هذا منكر وبدعة، ومن وسائل الشرك، أما الوسائل الشرعية، فكما تقدم: التوسل بالأعمال الصالحات، وبأسماء الله وصفاته، هذا كله من التوسل الشرعي.   (1) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 39 - بيان بعض شبه المتوسلين بالمخلوقين والرد عليها س: هل يتعرض سماحتكم لشبه أولئك، الذين يتوسلون بالمخلوقين؟ (1) ج: هذه الشبه لا أساس لها، بل هي باطلة، بعضهم يشبه يقول: إذا جاز التوسل بجاه فلان، وحق فلان، دل على أنه يدعى ويسأل، هذا باطل لأن هذا التوسل بدعة، ثم لو جاز ما صلح أن يكون دليلا على أن يستغاث بالإنسان، لأن التوسل بالجاه، سؤال لله، يسأل الله بجاه فلان، وهذا سؤال لله، ليس سؤالا للمخلوق، لكن الوسيلة هي التي منكرة وبدعة بجاه فلان وحق فلان، أما لو سأل الله بأسمائه وصفاته، أو سأل الله ولم يتوسل بشيء، قال: اللهم أنجنا من النار، اللهم أغثنا كله طيب، أو اللهم أغثنا بفضلك، أو بأسمائك وصفاتك ورحمتك، هذا طيب أما الشبهة بأن الأنبياء لهم جاه ولهم عند الله منزلة، فندعوهم حتى يشفعوا لنا، هذا باطل، لأن جاههم ومنزلتهم، التي عند الله لم يجعلها الله مسوغة للمشركين أن يعبدوهم بل أنكر عليهم لما استغاثوا بهم، وطلبوا منهم الشفاعة، أنكر عليهم ذلك، وسماهم كذبة كفرة، وذكر أن ما فعلوه باطل يتنزه الله عنه، بقوله سبحانه: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (2)، ثم قال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (3)   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 266. (2) سورة يونس الآية 18 (3) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 هذه الوسيلة التي فعلها المشركون مع الأصنام، ومع الأنبياء ومع الجن استغاثوا بهم ونذروا لهم، وزعموا أنهم يشفعون لهم، هذه باطلة، أبطلها الله وأبطلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحذر منها الأمة، وأمرهم أن يخلصوا العبادة لله، وحده سبحانه وتعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 40 - حكم قول: (بجاه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -) في الدعاء س: الأخ ع. ع. من مصر يقول: ما حكم الوجاهة؟ وهل يصح أن نقول: بجاه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - اغفر لي، أو اغفر لوالدي، وما أشبه ذلك؟ (1) ج: السؤال بالجاه بدعة، لا يجوز، ولكن تسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وبإيمانك، وأعمالك الصالحة، هذا المشروع. أما أن تقول: اللهم إني أسألك بجاه محمد - صلى الله عليه وسلم - أو بجاه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو بجاه الأنبياء، أو بجاه الصالحين، هذا منهي عنه، ليس من الوسائل الشرعية. الله يقول جل وعلا: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2) ما قال فادعوا بجاه الأنبياء، أو بجاه الصالحين. فتقول اللهم إني أسألك   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط، رقم 258. (2) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 بأسمائك الحسنى أن تغفر لي، وأن ترحمني، وأن تعلمني العلم النافع، وأن تفقهني في الدين، وأن تغنيني عن خلقك، وما أشبه ذلك، اللهم إني أسألك: لأنك الرحمن الرحيم، ولأنك العزيز الحكيم أن تغفر لي وترحمني، اللهم إني أسألك برحمتك وفضلك وإحسانك، أن تغفر لي وترحمني، اللهم إني أسألك لأنك الجواد الكريم، ولأنك العفو الغفور، إلى غير هذا من الأدعية مثل ما في الحديث الصحيح؛ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال للصديق رضي الله عنه لما قال الصديق: «يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتي؟ قال: " قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (1)». هكذا علم الصديق، رواه الشيخان في الصحيحين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه، يقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2)». ويدعو الله بأسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، فلا ينبغي لأحد أن يدعو الله بغير ما شرع، لا بجاه فلان ولا بحق فلان؛ لا بحق الأنبياء والصالحين، ولا بجاه الأنبياء والصالحين، ولا بأس أن تتوسل بالإيمان، تقول:   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب الدعاء قبل السلام برقم 834، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة باب استحباب خفض الصوت برقم 2705. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود برقم 483. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 اللهم إني أسألك بإيماني بك وبنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - أن تغفر لي، أو تعطيني كذا وكذا؛ اللهم إني أسألك بمحبتي لك، ومحبة نبيك وعبادك الصالحين أن تغفر لي وترحمني، لا بأس. التوسل بالإيمان والمحبة لله ولرسوله أو بالتوحيد، أو تقول: اللهم إني أسألك، بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: اللهم إني أسأل بتوحيدي لك وإيماني بك، وهكذا بالأعمال الصالحة الأخرى، تقول: اللهم إني أسألك ببري لوالدي، وبأدائي الأمانة، وبعفتي عما حرم الله، تسأل بأعمالك الطيبة، كله طيب. أما أن تسأله بجاه فلان، ليس عملك هذا، حق فلان ليس عملك، ولا هو من أسماء الله وصفاته، فلا تسأل به. وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن ثلاثة ممن قبلنا آواهم مبيت ومطر إلى غار، فدخلوا فيه، من أجل المبيت والوقاية من المطر، فأراد الله جل وعلا أن أنزل عليهم صخرة، انحدرت عليهم بإذن الله، فغطت عليهم باب الغار، عظيمة ما استطاعوا دفعها؛ فقالوا فيما بينهم لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم (1)»؛ الله جل وعلا قدر سقوط هذا الحجر على الغار، ليتوسلوا بهذه الوسائل وليعلم الناس فضل البر وفضل العفة عن الفواحش وفضل أداء الأمانة حتى يتأسوا بهؤلاء، ويستفيدوا من عمل هؤلاء، هذه نعمة من الله، فضل من الله. والنبي - صلى الله عليه وسلم - خبرنا بهذا، حتى نستفيد من هذه القصة، وأن بر الوالدين والعفة عن الفواحش، وأداء الأمانة من أعظم الأسباب في تفريج الكروب وتيسير الأمور، ومن   (1) البخاري الإجارة (2152)، مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2743)، أحمد (2/ 116). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 أعظم الأسباب في النجاة من النار، لأن الكربة يوم القيامة، أعظم من كربة الدنيا، فالإنسان إذا اتقى الله وابتعد عن محارم الله وأدى ما أوجب الله عليه، فهذا من أسباب التفريج في الدنيا والنجاة في الآخرة، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (1) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (2)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (3)، فأنت يا عبد الله وأنت يا أمة الله تذكرا جميعا في هذه القصة، قصة هؤلاء الثلاثة، واستفيدا من هذه القصة الفائدة العظيمة، وليتيقن كل واحد منا أن بر الوالدين من أعظم القربات ومن أفضل الطاعات، ومن أسباب تفريج الكروب، وتيسير الأمور. وهكذا العفة عما حرم الله، عن الزنى والفواحش من أفضل القربات ومن أعظم أسباب تيسير الأمور، وتفريج الكروب والنجاة من النار. وهكذا أداء الأمانة والعناية بالأمانة، وعدم الخيانة، كل ذلك من أسباب تفريج الكروب وتيسير الأمور ومن أسباب رضا الله سبحانه، وتيسير أمرك وإدخالك الجنة وإنجائك من النار. نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.   (1) سورة الطلاق الآية 2 (2) سورة الطلاق الآية 3 (3) سورة الطلاق الآية 4 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 41 - بيان أقسام التوسل الجائز والممنوع س: السائل من السودان ع. م. ط. يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ ما هو التوسل، وهل يصح العمل به عندما يقول العبد طالبا من ربه: اللهم ارحمني وارزقني بجاه المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وربما البعض من الإخوة في الإسلام يذهب للشيخ يقول له مثلا: اسأل لنا الله عز وجل في بعض الأمور، فما حكم الشرع في نظركم سماحة الشيخ في هذه القضية؟ (1) ج: التوسل أقسام: منها أقسام ممنوعة، وأقسام جائزة، فالأقسام الممنوعة: التوسل الذي هو الشرك يسميه المسؤول توسلا وهو دعوة الأموات، والاستغاثة بالأموات والنذر لهم، هذا يسميه المسؤول توسلا وهو الشرك الأكبر، فالواجب الحذر منه، دعوة الميت والاستغاثة به، والنذر له ونحو ذلك، هذا كله من الشرك الأكبر، وإن سماه توسلا، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (2) ويقول سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (3). والنوع الثاني: شرك أصغر وهو التوسل بجاه فلان وبفلان، كأسألك بجاه نبيي محمد أو بجاه الأنبياء أو بجاه الشيخ عبد القادر   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط، رقم 400. (2) سورة يونس الآية 18 (3) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 أو بجاه أبي بكر أو عمر أو بذواتهم، أسألك بعمر أو عثمان هذه من التوسل الذي هو منكر ويسمى شركا أصغر وهو من وسائل الشرك الأكبر، هذا من وسائل الشرك الأكبر. وهناك توسل ثالث جائز: وهو التوسل بدعاء الحي والاستغاثة وطلب أن يدعو لك، مثلما قال الرجل لرسول الله: يا رسول الله ادع الله لي أن يرد علي بصري، تقول لأخيك ادع الله لي أن يشفيني، هذا توسل بدعائه هو، ما هو بدعائك أنت، بدعائه هو لك، وهو حي موجود، جائز، توسل جائز، تقول: يا أخي ادع الله لي أن يشفيني، ادع الله يرزقني ولدا، ادع الله أن يغنيني من الفقر، مثلما ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر لما ذهب إلى العمرة: «لا تنسنا من دعائك (1)» رواه الترمذي والجماعة وفي سنده ضعف، ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - للصحابة: «إنه يقدم عليكم رجل من اليمن يقال له أويس القرني، كان بارا بأمه، فمن لقيه منكم فليطلب منه أن يستغفر له (2)».   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 196 واللفظ له، والترمذي في كتاب الدعوات، باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم 3562، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم 1498، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب فضل دعاء الحاج، برقم 2894. (2) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أويس القرني رضي الله عنه، برقم 2542. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 أما التوسل الشرعي فهو التوسل بأسماء الله وصفاته وتوحيده والإيمان به، هذا توسل شرعي، تقول: اللهم إني أتوسل بتوحيدك واتباع نبيك وطاعتي لك أن تغفر لي، اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا، اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم، بأنك رب كريم، بأنك خالق كل شيء، فالتوسل بالله وبأسمائه وصفاته هذا مشروع، ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد (1)»، هذا كله من التوسل الشرعي، اللهم إني أسألك بإيماني بك، وبمحبة نبيك أن تغفر لي، ومن هذا قوله عليه الصلاة والسلام في تعليمه لبعض الصحابة، لما علمهم أن يتوسلوا، علمهم أن يقولوا: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت (2)»، وفي لفظ آخر: «اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم (3)». كل هذا توسل بأسمائه وصفاته، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أقر الصحابة على ذلك، وذكر أن هذه توسلات من أسباب الإجابة في بعضها: «لقد سأل الله باسمه الأعظم (4)». . فالتوسل بتوحيد الله، والإيمان بالله، وبأسماء الله، وبصفات الله توسل شرعي من أسباب الإجابة.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22442، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3475. (2) الترمذي الدعوات (3475)، أبو داود الصلاة (1493)، ابن ماجه الدعاء (3857)، أحمد (5/ 349). (3) النسائي السهو (1300)، أبو داود الصلاة (1495). (4) أخرجه النسائي في كتاب السهو، باب الدعاء بعد الذكر، برقم 1300. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 س: هل يجوز للإنسان يا سماحة الشيخ أن يدعو في دعائه اللهم بحق محمد عندك، لأني سمعت بعض الناس يقولون بأن آدم عليه السلام عندما أذنب دعا وقال لربه بجاه محمد عندك اغفر لي؟ (1) ج: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: التوسل لا يجوز لأن المسائل توقيفية عبادة لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع والله يقول سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2)، فلا يدعى إلا بأسمائه وصفاته والإيمان به وتوحيده جل وعلا ولا يدعى بما يراه الإنسان من توسلات ولا بجاه فلان ولا بحق فلان ولا بحق محمد ولا بجاه محمد ولا بجاه الأنبياء ولا بحق الأنبياء أو الملائكة، كل هذا لا يجوز هذا هو الصواب؛ لأن التوسل عبادة والعبادة توقيفية لا تثبت بالرأي المجرد والاختيار. لا، لا بد من الدليل على ذلك قال جل وعلا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (3) أنكر عليهم الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} (4). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملا ليس   (1) السؤال الأول من الشريط، رقم 359. (2) سورة الأعراف الآية 180 (3) سورة الشورى الآية 21 (4) سورة الجاثية الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 عليه أمرنا فهو رد (1)»؛ وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد (2)»؛ والشريعة جاءت بالتوسل بأسماء الله وصفاته والإيمان به وتوحيده: اللهم إني أشهد بإيماني بأني أؤمن بك، بتوحيدي لك بإخلاص عبادتك إلى غير ذلك بأسمائك وصفاتك وبصلاتي وبصومي وبحجي ببري والدي إلى غير ذلك، فالتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته والإيمان به أو بالأعمال الصالحات كل هذا لا بأس به فهو وسيلة شرعية. ومن هذا حديث الغار أن أصحاب الغار الثلاثة كانوا في سفر فيمن قبلنا فأخبر عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فآواهم "المبيت" إلى غار، وفي رواية " المطر"، فلما دخلوا الغار انحدرت الصخرة فسدت عليهم الغار وكانت عظيمة لم يستطيعوا دفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم ففرج الله عنهم الصخرة، الأول توسل ببر والديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم، هذه وسيلة شرعية، أسماء الله وصفاته وتوحيده والإيمان به وعمل الصالحات.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ومحدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 أما التوسل بجاه النبي أو بحق النبي أو بجاه الأنبياء أو بحق الأنبياء أو بجاه المؤمنين كل هذا غير مشروع، بل هو بدعة. وأما حديث أن تتوسل بمحمد وبحق محمد فهذا حديث موضوع غير صحيح، بل نبه العلماء على أنه موضوع لا صحة له ولا أساس له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 42 - حكم التوسل بحق الأنبياء وذوات الملائكة س: ما حكم من يصلي بالناس الجمعة ويقول في خطبته: اللهم ربنا عليك توكلنا وبنبيك إليك توسلنا؟ وما حكم هذا التوسل؟ أفيدونا بارك الله فيكم (1). ج: هذا التوسل بدعة عند جمهور أهل العلم لكن الصلاة صحيحة التوسل بجاه نبينا أو بنبينا، أو بحق نبينا، أو بحق الأنبياء أو بحق الملائكة، أو بذات الملائكة أو بحق فلان، أو بحق أبي أو ما أشبه ذلك كلها ليس من الشرع، الوسيلة تكون بأسماء الله وصفاته والأعمال الصالحات كما قال الله جل وعلا: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2)، فيقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن ترحمنا وتغفر لنا وأن تسقينا الغيث، إلى غير ذلك أو اللهم إني أسألك بإيماني بك وطاعتي لك واتباعي نبيك، يتوسل بأعماله الطيبة، أما التوسل بجاه   (1) السؤال العاشر من الشريط، رقم 230. (2) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 فلان أو بنبينا أو بجاه نبينا أو بحق نبينا أو بحق الأنبياء والملائكة هذا كله بدعة عند أهل السنة. وليس عليه دليل، وقد ثبت في الحديث الصحيح أنه قال عليه الصلاة والسلام «لما سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، قال - صلى الله عليه وسلم -: " لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب (1)». لأنه توسل بصفات الله وأسمائه. وهكذا التوسل بالأعمال الصالحات كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن ثلاثة آواهم المبيت والمطر، إلى غار في البرية فدخلوا فيه، ليبيتوا فيه ويتقوا المطر، فانحدرت عليهم صخرة من الجبل، فسدت عليهم فم الغار بإذن الله عز وجل ليسن لعباده ويشرع لعباده ما فعله أهل الغار وليعلم الناس علاج الكروب بما شرعه الله، فما انطبقت عليهم الصخرة أرادوا دفعها فلم يستطيعوا فقالوا فيما بينهم: إنه لن ينجيكم من هذا البلاء إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فدعوا فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون بأسباب هذه الوسيلة العظيمة على أعمال صالحة فعلوها لله فنفعتهم عند الحاجة توسلوا بها عند الحاجة فنفعتهم، هذا يدل على أن التوسل بالأعمال   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22443، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب اسم الله الأعظم، برقم 3857، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم 1493. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 الصالحة من أعظم الوسائل، ولا سيما عند الحاجة والشدة، وهو القائل جل وعلا: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (1) سبحانه وتعالى، وهو القائل جل وعلا: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2)، فهو سبحانه قدر هذه الصخرة ليتوسل هؤلاء، وليعرفوا فضل أعمالهم، وليعرف الناس أيضا فضل أعمالهم، وليتوسلوا كما توسل هؤلاء إذا وقعت عليهم الشدائد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قص علينا هذه القصة لنعلمها ونعمل بها ونستفيد منها، وهو حديث صحيح متفق على صحته عند البخاري ومسلم، رحمة الله عليهما والله ولي التوفيق.   (1) سورة النمل الآية 62 (2) سورة غافر الآية 60 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 43 - بيان الفرق بين التوسل والوسيلة س: ما الفرق بين التوسل والوسيلة؟ (1) ج: التوسل دعاء الشخص، فالتوسل دعاء، قال: أسألك بأسمائك، هذا التوسل أسألك بالإيمان بك، هذا توسل، والوسيلة هي الإيمان والتقوى، والأسماء الحسنى وسيلة إلى الله جل وعلا، الدعاء بها وسيلة، وأنت المتوسل، التوسل دعاؤك، والوسيلة ما دعوت به، إذا قلت اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلا، أن تغفر لي،   (1) السؤال الخامس من الشريط، رقم 307. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 فأنت بدعائك متوسل، وهذا الدعاء يسمى توسلا، والمدعو به بأسمائه وصفاته، هذا يقال له وسيلة، يعني الدعاء بالأسماء والصفات وسيلة، وهذا نص الدعاء يسمى توسلا، وهو توسل بالإيمان، أو الأسماء والصفات أو أعمالك الأخرى الصالحة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 44 - حكم التوسل بصفة من صفات الله تعالى س: ما حكم التوسل بجاه الله سبحانه وتعالى؟ (1) ج: التوسل بجاه الله إلى الله سبحانه وتعالى كأن تقول: أسألك بجاهك العظيم، بعلمك العظيم، برحمتك بإحسانك، بجبروتك بعزتك، كله طيب، جاهه عظمته سبحانه وتعالى. فإذا سأل الله بذلك فلا بأس، يقول: اللهم إني أسألك بجاهك العظيم، بعلمك العظيم، بقدرتك بعزتك، أن تغفر لي وأن ترحمني. أما سؤال الناس بالله، فإن تركه أولى، لا يسأل الناس بالله، لا بجاه الله، لا يقول: أسألك بالله، وبجاهه سبحانه أن تفعل كذا إن ترك هذا أولى وأحوط.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط، رقم 325. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 45 - بيان ما يجوز من التوسل وما لا يجوز س: أرجو أن تفيدنا كثيرا عن حقيقة التوسل، وما يجوز وما لا يجوز، لأن عندنا أكثر الدعاء بالتوسل، إما بالأنبياء، أو بالأولياء، أو أهل بدر، وأنا بنفسي لست أحبها، فأنا بحاجة إلى المساعدة والإرشاد؟ أرجو الإجابة جزاكم الله خيرا (1) ج: التوسل قسمان: قسم شرعي مأمور به، وقسم منكر منهي عنه. فأما التوسل الشرعي فهو أنواع أربعة: النوع الأول: التوسل بتوحيد الله والشهادة له بالوحدانية، ولنبيه بالرسالة كما في حديث بريدة، عند أهل السنن بإسناد صحيح، «أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يدعو، ويقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد بأنك أنت الله، لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد. فقال عليه الصلاة والسلام: لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب (2)»، هذا أفضل التوسل، تسأله بتوحيدك إياه، تقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، اللهم إني أسألك بإيماني بك، وتوحيدي لك وشهادتي، بأنك الواحد الأحد، وبأنك المستحق   (1) السؤال الثالث من الشريط، رقم 184. (2) الترمذي الدعوات (3475)، أبو داود الصلاة (1493)، ابن ماجه الدعاء (3857)، أحمد (5/ 349). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 للعبادة، اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك، اللهم إني أسألك بإيماني بك وإيماني بجميع المرسلين، أن تغفر لي وأن ترحمني أو ترزقني، كذا أو تمنحني العلم النافع والعمل الصالح، أو ترزقني زوجة صالحة، أو ذرية طيبة أو ما أشبه ذلك. النوع الثاني: التوسل بالعمل الصالح، بأن تسأل الله بصلاتك وصيامك وبر والديك، وصلة أرحامك كفعل أهل الغار، الذين آواهم المبيت والمطر إلى غار، فلما دخلوه قدر الله عليهم بصخرة فانحدرت عليهم، فسدت عليهم باب الغار، فلم يستطيعوا الخروج، فقالوا فيما بينهم لن ينجيكم من هذا إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم. النوع الثالث: التوسل إلى الله سبحانه بحبه له وحبه لأنبيائه، وحبه لعباده الصالحين، وهو نوع من العمل الصالح، فإن الحب عمل صالح، فالتوسل إلى الله بقولك: اللهم إني أسألك بحبي لك، وحبي لأنبيائك، أن تفعل بي كذا وكذا، فهذا أيضا توسل شرعي من جنس التوسل بالتوحيد والعمل الصالح. النوع الرابع: التوسل بالدعاء، دعاء الحي كأن تقول: يا عبد الله ادع الله لي، بأن الله يشفيني، بأن الله يصلحني، كما كان الصحابة يقولون: يا رسول الله ادع الله لنا، ادع الله أن يغيثنا، ادع الله أن يصلحنا، هذا أيضا توسل شرعي، تقول لأخيك: ادع الله لي أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 يشفيني، ادع الله أن يغفر لي أن يهب لي ذرية صالحة، ومن هذا استغاثة المسلمين بالرسول، في حال حياته لما أجدبوا، خطب الناس يوم الجمعة، واستسقى ومرة خرج إلى الصحراء، وصلى ركعتين واستسقى عليه الصلاة والسلام، فهذا توسل شرعي، بدعاء أخيك الحي الحاضر، يطلب الله لك شيئا معينا. أما القسم الثاني: التوسل المنكر البدعي، فهذا توسل بجاه الناس، وأسمائهم، تقول: اللهم إني أسألك بجاه محمد، عليه الصلاة والسلام أو بجاه آل البيت، أو بجاه فلان، هذا لا يجوز، فهو بدعة، أو اللهم إني أسألك بحق فلان، هذا بدعة وأعظم من ذلك أن نسأله بدعاء الأموات، أو بالاستغاثة بالأموات، هذا من الشرك الأكبر كما فعله المشركون، فإنهم يسمونه توسلا وتشفعا، فيقولون: يا فلان أغثنا، يا فلان انصرنا، اشف مرضانا، المدد المدد، وهذا من الشرك الأكبر وإن سموه توسلا، هذا من الشرك الأكبر؛ والتوسل بالجاه والحظ من البدع ومن وسائل الشرك وليس من الشرك، لكن من وسائل الشرك، وبهذا تعلم الفرق بين التوسل الشرعي، والتوسل البدعي المنكر. فالتوسل الشرعي أقسام وأنواع، أعظمه التوسل بتوحيد الله، الذي هو دين الله، التوسل بتوحيد الله والإخلاص له، والإيمان به وبرسله ثم التوسل بالأعمال الصالحات ثم التوسل بحبك لأنبيائه ورسله، وعباده الصالحين كحب آل البيت المؤمنين، وحب الرسل وحب الصحابة كل هذا من الوسائل الشرعية؛ الرابع: التوسل بدعاء أخيك لك، أن تقول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 له: ادع الله لي يا أخي، ومنه دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس واستسقاؤه بالناس واستغاثته عليه الصلاة والسلام للناس لما أجدبوا. أما القسم الثاني: المنكر فهو، التوسل بالشرك، ودعاء الأموات والاستغاثة بالأصنام، هذا شرك أكبر، وهذا معنى قوله جل وعلا في حق المشركين: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (1)، ومعنى قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (2). هذا توسل بالشرك وعبادة غير الله، نعوذ بالله، وهذا شرك أكبر، ومنه التوسل البدعي وهو التوسل بجاه الأنبياء أو جاه الصالحين، أو حق الأنبياء أو حق الصالحين، أو ذوات الأنبياء أو ذوات الصالحين، اللهم إني أسألك بنبينا، أو بعمر أو بأبي بكر، هذا من البدع وفق الله الجميع وصلى الله وسلم على نبينا محمد.   (1) سورة يونس الآية 18 (2) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 س: السائل من جمهورية مصر العربية يقول: اختلط على كثير من الناس مفهوم التوسل الجائز والتوسل الممنوع، نرجو من سماحة الشيخ أن يبين لنا ما هو التوسل، وما هو الجائز منه، وما هو الممنوع، وأمثلة على ذلك مأجورين؟ (1) ج: التوسل كما ذكر ابن القيم وغيره رحمة الله عليه، بأن التوسل أقسام ثلاث: توسل هو الشرك الأكبر، كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والذبح لهم والنذر لهم، هذا هو الشرك الأكبر، يقول المشركون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (2)، ويقولون: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (3)، يتوسلون بدعائهم واستغاثتهم بهم، وهذا هو الشرك الأكبر. التوسل الثاني: التوسل بذواتهم، تقول: اللهم إني أسألك بذات فلان، أسألك بنبيك فلان، اللهم إني أسألك بعبادك الصالحين، اللهم إني أسألك بمحمد، بموسى، هذا توسل ممنوع، بدعة، لأنه وسيلة للغلو والشرك. التوسل الثالث: الجائز المشروع: وهو التوسل بأسماء الله وصفاته، التوسل بأعمالك الصالحة بإيمانك، هذا التوسل المشروع،   (1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 412. (2) سورة الزمر الآية 3 (3) سورة يونس الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 مثل ما قاله الله جل وعلا: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1)، ومثل ما كان النبي يدعو الله بأسمائه وصفاته، هذا يقال له التوسل المشروع، مثل ما في الحديث: «أعوذ بعزتك أن تضلني (2)»، فالتوسل بصفات الله أمر مشروع، أسألك برحمتك، أسألك بعلمك، أسألك بإحسانك، أسألك بقدرتك أن تغفر لي، ومنه حديث الدعاء الذي سأله عثمان بن أبي العاص واشتكى إليه مرضا، قال: «ضع يدك على ما تشتكي، وقل: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر (3)»، فتوسل بعزة الله وقدرته من شر ما يجد ويحاذر، استعاذ بذلك، ومنه: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك، أما التوسل بالإيمان والأعمال الصالحة والتقوى لله، فهذا هو التوسل الشرعي، فالتوسل بصفات الله وبأسماء الله، وبإيمانك وتقواك هذا التوسل الشرعي. أما التوسل بالذوات، ذات فلان، وذات فلان، أو جاه فلان، أو حق فلان، هذا توسل بدعي، ولا يتوسل بجاه فلان، ولا بحق فلان، ولا بالنبي فلان، ولا بذات فلان، هذا توسل بدعي.   (1) سورة الأعراف الآية 180 (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، برقم 2717، والإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس، برقم 3743. (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء، برقم 2202. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 أما التوسل بعلم الله، بطاعة الله، باتباع شرع الله، هذا كله لا بأس به، توسل بصفات الله، وتوسل بأسماء الله وصفاته: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1). ومنه التوسل بالأعمال الصالحة، كأن يقول: اللهم إني أسألك بإيماني بك، وبتوكلي عليك، وبثقتي بك، وببري لوالدي، وبأدائي الأمانة، وما أشبه ذلك، هذا توسل شرعي، ومنه حديث أصحاب الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة فقالوا فيما بينهم: لن ينجيكم من هذا البلاء إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم، فسألوا الله بصالح أعمالهم، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فنأى بي في طلب شيء ذات ليلة، فلم أرح عليهما إلا وقد ناما، فوقفت على رؤوسهما، والقدح في يدي أنتظر استيقاظهما، ولم أستحسن استيقاظهما حتى برق الصبح، فلما استيقظا شربا غبوقهما، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة شيئا لا يستطيعون الخروج منه، وقال آخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم، كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، وإني راودتها على نفسها فأبت، فألمت بها سنة - يعني حاجة شديدة - فجاءت إلي تقول يا ابن العم أعني، فقال: لا حتى تمكينيني من نفسك، فطاوعته من أجل حاجتها، فلما جلس بين رجليها قالت له: يا عبد الله اتق الله   (1) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 ولا تفض الخاتم إلا بحقه، قال: فقمت عنها خوفا منك، وهي أحب الناس إلي، وتركت لها المال، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، لكنهم لا يستطيعون الخروج، ثم قال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيت كل أجير حقه، إلا واحدا ترك أجره، فنميته له وثمرته له، حتى صار منه إبل وبقر وغنم وعبيد، فجاء إلي بعد ذلك وقال: يا عبد الله أعطني أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجرك، من الإبل والبقر، والغنم، والعبيد، قال: يا عبد الله لا تستهزئ بي، قلت: إني لا أستهزئ بك إنه من أجرك نميته لك فخذه فاستاقه كله، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة حتى خرجوا. (1) هذا توسل من هؤلاء الثلاثة بأعمالهم الطيبة التي فعلوها لله عز وجل، فنفعهم الله بها عند الشدة. س: السائل عبد الرءوف من الجزائر يقول: ما هو التوسل، وأيهما الجائز، وأيهما الممنوع، وما حكم الشرع في نظركم سماحة الشيخ في التوسل ببركة رمضان؟ (2) ج: التوسل أقسام، توسل كفري، وهو أن يتوسل بدعاء الأموات،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإجارة، باب من استأجر أجيرا برقم 2272. (2) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 405. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 والاستغاثة بالأموات، كونه يأتي الميت يسأله أن يغيثه، أو أن ينصره، أو أن يقضي حاجته، أو يفرج كربته، هذا شرك، ويسميه بعض الناس توسلا، يسمون شركهم توسلا، هذا شرك أكبر، إذا دعا الأموات أو استغاث بالجن، أو بالأموات، أو بالغائبين يطلبهم الغوث، أو العون، أو النصر على الأعداء، هذا الشرك الأكبر، والتوسل الثاني: التوسل بجاههم وحقهم، يقول: اللهم إني أسألك بجاه فلان، أو بحق فلان، أو بفلان، هذا بدعة، من وسائل الشرك، لا يجوز. التوسل الثالث: التوسل بالإيمان، أو بالعمل الصالح أو بالأسماء والصفات، هذا سنة، مطلوب، اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم، اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى أن تغفر لي، اللهم إني أسألك بإيماني بك ومحبتي لك أن تغفر لي، اللهم إني أسألك ببر والدي وصلة رحمي أن تغفر لي، كل هذا وسيلة شرعية، هذا توسل بالإيمان، والتوحيد، أو بالأعمال الصالحات، كله طيب، كله مشروع، ومن هذا الحديث: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت (1)» توسل شرعي. ومن هذا توسل أصحاب الغار لما انطبقت عليهم الصخرة توسلوا إلى الله بأعمالهم الطيبة، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم الصخرة.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22442، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3475. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 46 - الصحابة كانوا يتوسلون به - صلى الله عليه وسلم - لنزول الغيث، وبعد وفاته توسلوا بعمه العباس أن يستغيث لهم س: يوجد حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصحابة كانت تتوسل به لنزول الغيث، وعندما مات - صلى الله عليه وسلم - كانت الصحابة تتوسل بالعباس رضي الله عنه، لنزول الغيث، فلماذا لا يجوز لنا التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ليشفع لنا وغير ذلك من الأمور؟ (1) ج: كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون به في حياته، يعني بدعائه وشفاعته، لا بالذات، يتوسلون بدعائه وشفاعته إلى الله عز وجل، فكان يخطب ويدعو ويستغيث، فيغيث الله المسلمين أو يدعو للشخص بدعوات صالحة ينفعه الله بها، وهكذا يوم القيامة يطلب الناس منه الشفاعة فيشفع لهم في الموقف حتى يريحهم الله من هول الموقف ويشفع في أهل الجنة، حتى يدخلوا الجنة، بعدما يتقدم الناس إلى آدم، ثم إلى نوح ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى، كلهم يعتذرون كل واحد يقول: اذهبوا إلى غيري لست لها، حتى يقول لهم عيسى وهو الأخير منهم: اذهبوا إلى محمد عليه الصلاة والسلام، عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: فيأتوني يعني يأتيه الناس، يأتيه المؤمنون فيقول: أنا لها أنا لها، عليه الصلاة والسلام، ثم يتقدم إلى ربه فيسجد بين يديه، ويحمده بمحامد عظيمة يفتحها الله   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط، رقم 333. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 عليه، ثم يقول له الرب جل وعلا: ارفع رأسك فقل يسمع واسأل تعط، واشفع تشفع، فبعد الإذن يشفع عليه الصلاة والسلام، في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، ثم يشفع في أهل الجنة حتى يدخلوا الجنة، وفي حياته - صلى الله عليه وسلم -، يطلب منه المسلمون أن يستغيث لهم، أن يدعو لهم، وأن يستشفعوا بدعائه، لا بذاته؛ فلهذا لما توفي - صلى الله عليه وسلم - تركوا ذلك واستسقى عمر بالعباس وقال: عمر رضي الله عنه: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل بعم نبينا فاسقنا. ولو كان التوسل بذاته جائزا لتوسلوا به بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، ولم يحتاجوا إلى العباس، فلما عدل عمر والصحابة إلى العباس، ليدعو لهم دل على أن التوسل بالدعاء والشفاعة لا بالذوات، فالمسلمون اليوم يتوسلون إلى الله بالدعاء يسألون الله ويدعونه، أن يسقيهم وأن يرحمهم وأن يغفر لهم، لا بذات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا بغير ذات النبي، وإذا رأى المسلمون أن يدعو لهم فلان أو فلان، لما فيه من الصلاح والخير، فقالوا له: تقدم فادع الله لنا، أو وجدوا من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من هو معروف بالخير والفضل والعلم، وطلبوا منه أن يدعو الله لهم، كله طيب كما فعله عمر مع العباس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 47 - حكم طلب الإنسان من شخص أن يدعو له س: الأخت / أم البراء من أبها تقول: طلب الإنسان من شخص أن يدعو له، كأن يقول: ادع لي في سفرك، أو لا تنسنا من الدعاء، أو غير ذلك، هل هذا من التوسل بغير الله، وجهونا في ضوء هذا الدعاء مأجورين؟ (1) ج: طلب الدعاء من الأخ في الله أو الأخت في الله لا حرج فيه، وليس من التوسل المذموم، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في بعض أيامه لأصحابه: إنه يقدم عليكم شخص من اليمن يقال له أويس القرني كان بارا بأمه، فمن لقيه منكم فليطلب منه أن يستغفر له، ويروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعمر لما أراد العمرة: «لا تنسنا من دعائك (2)». فالمقصود أن كون الإنسان يقول لأخيه: ادع الله لي في سفرك، أو في سفري، ادع الله لي بأن يرزقني الولد الصالح، أو الزوجة الصالحة، أو تقول له أخته أو أمه أو غيرهم ادع الله لي، كل هذا لا بأس به، المقصود أن الإنسان إذا طلب من أخيه أو من أخته في الله الدعاء لا حرج.   (1) من ضمن أسئلة الشريط، رقم 423. (2) سنن الترمذي الدعوات (3562)، سنن أبي داود الصلاة (1498)، سنن ابن ماجه المناسك (2894)، مسند أحمد (1/ 29). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 48 - حكم التوسل بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - س: ما حكم التوسل بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء؟ (1) ج: من أسباب الإجابة: حمد الله، والصلاة على النبي من أسباب الإجابة، شيء مشروع.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط، رقم 298. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 49 - حكم التوسل بحق فلان س: ما حكم من يقول: أسألك بجاه فلان، أو حق فلان، هل يكون هذا كفرا أم لا؟ (1) ج: السؤال بالجاه والحق، ليس بكفر، لكنه وسيلة من وسائل الكفر، إذا قال: أسألك يا ربي بجاه فلان، بجاه الأنبياء، بجاه محمد، بحق الأنبياء، بحق محمد، أو بحق فلان، هذا من وسائل الشرك، بدعة ولا يجوز، لعدم الدليل عليه، والعبادات توقيفية، لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع، والله سبحانه قال: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2) ندعوه بأسمائه، نتوسل بالإيمان، كما قال تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} (3).   (1) السؤال الرابع من الشريط، رقم 308. (2) سورة الأعراف الآية 180 (3) سورة آل عمران الآية 193 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 فالتوسل بالإيمان، مثل: اللهم إني أسألك بإيماني بك بمحبتي لك، بمحبتي لنبيك، هذا طيب لأن هذه أعمال صحيحة، يتوسل بها إلى الله، وهكذا أهل الغار، الذين انطبقت عليهم الصخرة، لما آواهم المبيت إلى غار، وآواهم المطر أيضا مع المبيت، انحدرت صخرة من فوق الجبل، وسدت عليهم باب الغار، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قالوا فيما بينهم، لن ينجيكم من هذا إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، فأحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل إلى الله بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم، سبحانه وتعالى. فالمقصود أن التوسل إلى الله يكون بأسمائه الحسنى، وبالإيمان ومحبة الله ورسوله، ويكون بالأعمال الصالحة، هذه الوسيلة الشرعية، أما التوسل بجاه فلان، وحق فلان بدعة لا تجوز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 50 - حكم التوسل بشرف فلان س: رجل يقول أحيانا في بعض دعواته: اللهم بشرف الرسول اشفني، ويسر أموري بجاه محمد - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته أن هذا لا يجوز، وأن الدعاء يكون لله عز وجل، بعظمته ومقدرته وبجاهه، وإذا أردت أن تقول بدلا من هذا، فافعل وقل: اللهم شفع في نبيك محمدا - صلى الله عليه وسلم - هل ما قلت للرجل صحيح؟ وما حكم الدعاء بشرف وجاه الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وماذا أفعل إذا كنت مخطئا في قولي؟ هذا وجهوني جزاكم الله خيرا (1). ج: كلامك طيب، وأنت مصيب فيما فعلت، فلا يشرع التوسل بشرف الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا بحق الرسول ولا بجاهه، ولا بجاه فلان ولا بحق الأنبياء، ولا بشرف الأنبياء لأن الله تعالى ما شرع ذلك، وإنما شرع لنا التوسل بأسمائه، وصفاته، وبالأعمال الصالحات، هذا الوسيلة في الدعاء، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2) وشرع لنا التوسل بصفاته، فعند السؤال تقول: اللهم إني أسألك برحمتك، وبجودك وكرمك أن تغفر لي، وبعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق، أن تغفر لي وأن ترحمني، أو تتوسل بأعمالك الصالحة،   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط، رقم 220. (2) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 بتوبتك إليه، وإيمانك به، سبحانه وتوحيدك له، ومحبتك له، أو بطاعتك للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومحبتك للرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو بأدائك الصلاة لله وحده، وما أشبه ذلك من الأعمال الصالحات، أما التوسل بجاه فلان أو شرف فلان، أو حق فلان، هذا لا يجوز على الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، والأصل في هذا قوله سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1) وهكذا ما صح عن رسول الله من تعليم الناس التوسل إلى الله بصفاته وأسمائه، ومن الأعمال الصالحات، وقد وقع لثلاثة في غار انسد عليهم الغار، بصخرة عظيمة لم يستطيعوا دفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لا يخلصكم من هذه المصيبة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فدعوا الله وسألوه بصالح أعمالهم، ففرج الله عنهم، وأزاح عنهم الصخرة، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل بأدائه الأمانة ففرج الله عنهم سبحانه وتعالى، فهذه الوسيلة الشرعية.   (1) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 51 - حكم التوسل ببركة رمضان س: ما حكم التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وببركة رمضان؟ (1) ج: التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعة، إذا توسل يقول: اللهم إني أسألك بإيماني بنبيك، بمحبتي له، هذا طيب، هذه وسيلة شرعية،   (1) السؤال الثلاثون من الشريط، رقم 405. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 اللهم إني أسألك باتباعي نبيك - صلى الله عليه وسلم -، بمتابعته للنبي - صلى الله عليه وسلم -، بإيمانه بالنبي، هذا كله طيب، كله وسيلة شرعية، أما بجاه نبيك أو بحق نبيك هذا ليس بوسيلة شرعية. أما التوسل ببركة رمضان فلا، لا يتوسل بذلك، يتوسل بصيامه لرمضان، هذا بالعمل، أما بركة رمضان ما هو بعمل له، بركة رمضان شيء جعله الله في رمضان، لكن يقول: اللهم إني أسألك بصيامي وبقيامي أن تغفر لي، أو بحجي لبيتك، أو بطاعتي لك، أو باتباعي لشريعتك، يتوسل بأعماله الطيبة هو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 52 - حكم التوسل بالقرآن الكريم س: هل يجوز الدعاء بجاه الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - أو بجاه القرآن أو بجاه الإنجيل، والتوراة، أو بجاه رمضان، أو بجاه الصالحين من الناس؟ (1) ج: ليس للمسلم أن يدعو متوسلا بجاه فلان، أو حق فلان كجاه الأنبياء أو جاه الصالحين، أو جاه النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو جاه جبرائيل أو حق فلان، ليس هذا بمشروع عند جمهور أهل العلم، بل هو من البدع ومن وسائل الشرك، أما التوسل بالقرآن الكريم، أن يقول: أسألك   (1) السؤال التاسع من الشريط، رقم 152. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 يا ربي بكلامك، أو بكتابك العزيز، فلا بأس، أو أسألك بكلامك المنزل على موسى وعلى عيسى، فلا بأس، لكن التوسل بأسماء الله وصفاته أكمل، مثل: أسألك بأسمائك يا ربي بصفاتك، والقرآن من كلامه والتوراة من كلامه والإنجيل من كلامه المنزل، لا المحرف الكلام المنزل على موسى من كلام الله، والكلام المنزل على عيسى من كلام الله، فإذا توسل المؤمن بكلام الله المنزل على أنبيائه فلا بأس، أو بالقرآن نفسه فلا بأس، لأنه من صفاته سبحانه وتعالى، وإذا قال أسألك بأسمائك الحسنى، أو بصفاتك العلا مجملا فهذا كله طيب، وكلها وسائل شرعية كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1) وهكذا التوسل بالإيمان بالله ورسوله، ومحبة الله ورسوله، والتوسل بأعمالك الصالحة، كالتوسل ببرك لوالديك، وبعفتك عما حرم الله، وبأدائك الأمانة التي عليك، فالتوسل بالأعمال الصالحة لا بأس به.   (1) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 53 - حكم التوجه إلى الله بالدعاء عند قبور الصالحين س: يقول أحد الأشخاص: الذي يتوجه بالدعاء إلى الله عند قبور الصالحين فهذا هو التوسل بالأولياء والصالحين والتوسل جائز شرعا، وهو يطلب من الله متوسلا إليه بهذا الولي عسى أن يكون هذا الدعاء أو دعاء السائل مقبولا، وليس في ذلك ما يتنافى مع العقيدة، لا فرق في ذلك بين الحي والميت، والدليل على ذلك بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاءه أعمى فقال له: يا رسول الله اطلب من الله أن يرد علي بصري فقال له: اذهب فتوضأ وصل لله ركعتين ثم قل: اللهم إني أتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا سيدي يا رسول الله توسلنا بك إلى ربي ليرد علي بصري، فرد الله عليه بصره، ويقول أيضا: بأنه يجوز الاستعانة بالأحياء والأموات؛ لأن السائل يسأل الله ببركة هذا الصالح من نبي أو ولي وليس طالبا من ذات الشخص أن تفعل شيئا، نرجو من سماحتكم الإفادة عن هذا الموضوع؟ (1) ج: هذا السؤال جدير بالعناية وفيه تفصيل: فالحي الحاضر لا بأس أن يسال بأن يشفع للسائل، كما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشفع لهم إذا أجدبوا ويستغيث لهم، وكما سأله الأعمى، فأمره أن   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط، رقم 381. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 يسأل ربه أن يقبل شفاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأمره أن يتوضأ ويسأل ربه، هذا لا بأس به سؤال الأحياء أن يشفعوا لك فتقول: يا أخي ادع الله لي، اسأل الله لي، اشفع لي أن الله يشفيني، اشفع لي أن الله يرزقني، أن الله يمنحني زوجة صالحة وذرية طيبة لا بأس، تقول لأخيك هو يدعو ربه، يرفع يديه ويدعو ربه: اللهم اشف فلانا، اللهم يسر أمره، اللهم ارزقه الزوجة الصالحة، اللهم ارزقه الذرية الطيبة، لا بأس، كما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما كان الصحابة أيضا فيما بينهم، كل هذا لا بأس به، «والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: إنه يقدم عليكم رجل بر بأمه يقال له: أويس القرني، كان برا بأمه، فمن لقيه منكم فليطلب منه أن يستغفر له، (1)» فهذا شيء لا بأس به، أما سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر للأموات، فهذا شرك أكبر، هذا عمل الجاهلية، عمل قريش في جاهليتها، وعمل غيرهم من الكفرة، سؤال الأموات وأصحاب القبور والاستغاثة بهم والاستعانة بهم هذا الشرك الأكبر، هذا عبادة غير الله، التي قال فيها جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) ومن دعا الأنبياء أو دعا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أو استغاث بالصديق أو بعمر أو بعثمان أو بعلي أو بغيرهم فقد اتخذهم   (1) مسلم فضائل الصحابة (2542)، أحمد (1/ 39). (2) سورة الجن الآية 18 (3) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 آلهة، جعلهم آلهة مع الله، قال الله جل وعلا: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (1)، سماه شركا، وقال جل وعلا: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (2)، فأخبر سبحانه أنه لا أضل من هؤلاء دعاة غير الله. المقصود أن الواجب على المؤمن أن يحذر دعاء الأموات أو الغائبين كالملائكة والجن، يدعوهم يسأل جبرائيل أو إسرافيل، أو جن البلاد الفلانية، أو جن الجبل الفلاني، هذا شرك أكبر، قال جل وعلا: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} (3) {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} (4)، قال جل وعلا في سورة الجن: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (5). فالواجب الحذر فلا يسأل الأموات ولا الغائبين من الملائكة ولا غيرهم، ولا يسألون الأصنام ولا الجمادات من الأشجار والأحجار والنجوم، بل يسأل الله وحده، يسأل الله، يستعين بالله، يستغيث بالله، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (6)، وقال سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (7)، وقال جل وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (8)   (1) سورة فاطر الآية 14 (2) سورة الأحقاف الآية 6 (3) سورة سبأ الآية 40 (4) سورة سبأ الآية 41 (5) سورة الجن الآية 6 (6) سورة الإسراء الآية 23 (7) سورة غافر الآية 60 (8) سورة البينة الآية 5 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 وقال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (1)، وقال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (2) (3) {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (4) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (5)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (6) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (7). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله (8)»؛ وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله من ذبح لغير الله (9)». فهذه أمور عظيمة خطيرة، والجلوس عند القبور، يدعو ربه عند القبور، هذه وسيلة للشرك، كونه يجلس عنده يقرأ أو يدعو هذه وسيلة ما يجوز من وسائل الشرك، أما إذا دعا المقبور واستغاث به هذا   (1) سورة البقرة الآية 186 (2) سورة الأنعام الآية 162 (3) (ونسكي)، يعني: ذبحي. (4) سورة الأنعام الآية 162 (5) سورة الأنعام الآية 163 (6) سورة الكوثر الآية 1 (7) سورة الكوثر الآية 2 (8) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس، برقم 2664، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق، باب: منه، برقم 2516. (9) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 الشرك الأكبر، هذا الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة، أما الحي الحاضر، يقول: ادع الله لي، أو يسأل منه أن يعينه على كذا لا بأس، إذا كان حيا حاضرا قادرا، لا بأس، مثلما كان الصحابة يسألون النبي وهو حاضر أن يعينهم، وأن يواسيهم مما أعطى الله من المال، وأن يدعو لهم لا بأس، ومثلما قال الله عن موسى في قصة موسى مع القبطي: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1)، فأغاثه موسى وقتل القبطي، لأن موسى حي حاضر، يسمع الكلام. وهكذا في الحرب، الإنسان مع إخوانه، في الحرب، في الجهاد يتعاونون في قتال الأعداء، هذا يعين بالسلاح، وهذا يعين بالسوط، وهذا يعين بفرس، وهذا يعين بالدرقة إلى غير ذلك، وهكذا في الدنيا يتعاونون في المزرعة يعينه في مزرعته، يعينه في بيعه وشرائه، حي قادر حاضر، يتعاونون في المزرعة، في البيع والشراء في بناء البيت لا بأس، حي قادر حاضر، لا بأس، أما ميت أو غائب فلا يستعان به، هذا من الشرك الأكبر، والمشركون ما كانوا يعتقدون أنهم يخلقون أو يرزقون بل المشركون يبعدونهم لأنهم بزعمهم يشفعون لهم، يقربونهم إلى الله زلفى - هذا زعمهم - ما كانوا يعتقدون فيهم أنهم يخلقون أو يرزقون، قال الله جل وعلا: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (2)، قال سبحانه: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ} (3) يعني قل لهم يا محمد:   (1) سورة القصص الآية 15 (2) سورة الزخرف الآية 87 (3) سورة يونس الآية 31 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} (1) يعترفون بهذا. وقال جل وعلا: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (2) ما قال يقولون هؤلاء خلقونا، أو رزقونا، لا، يقولون: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (3)، هم يعلمون أن الخلاق الرزاق هو الله سبحانه، وإنما يعبدون الأصنام لأنها تشفع لهم بزعمهم، وقد أبطلوا في هذا، وقال الله جل وعلا: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (4)، وقال الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (5)، سماهم كذبة، وسماهم كفرة، كذبة فيما قالوا: {لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (6)، وهم كفرة بهذا بدعائهم إياهم، وذبحهم لهم، ونذرهم لهم، هم كفرة بهذا سواء كانوا أنبياء أو صالحين أو ملائكة، من عبدهم كفر، بالشفاعة لهم، بنذره لهم، بذبحه لهم، يقول: إنهم يقربونه إلى الله زلفى، إنهم يشفعون له، هذا دين المشركين، هذا دين عباد الأصنام، يزعمون أنها تقربهم إلى الله، وتشفع لهم، لا أنها تخلق، وترزق، فالذي يأتي البدوي، أو السيد الحسين، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو يأتي غيرهم يسألهم، يستغيث بهم، هذا قد   (1) سورة يونس الآية 31 (2) سورة يونس الآية 18 (3) سورة يونس الآية 18 (4) سورة الزمر الآية 3 (5) سورة الزمر الآية 3 (6) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 جعلهم آلهة مع الله، وهذا هو الشرك الأكبر، وهكذا إذا أتى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعوه، يستغيث به، هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر، الواجب على السائل وعلى غير السائل الحذر من هذه الشركيات، وعدم الالتفات إلى دعاة الشرك من علماء السوء، وقادة السوء، نسأل الله العافية والسلامة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 54 - حكم الاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - س: هل تجوز الاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ (1) ج: أما في حياته فيما يقدر عليه، فلا بأس، كأن يقال يا رسول الله أغثنا من هذا الأمير، الذي ظلمنا، أو من هذا الشخص الذي ظلمنا، فالرسول يستطيع بأن يأمر بعض الصحابة، أن يزيل الشر وأن يغيثه من ذلك، أما بعد الوفاة فلا. لا يستغاث بأحد، لا الرسول ولا غيره، بعد الوفاة لا يستغاث بالأموات، لا الرسول ولا غيره عليه الصلاة والسلام، ومن باب الجواز قوله سبحانه: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (2) استغاث الإسرائيلي بموسى على القبطي، لأن موسى حي يسمع كلامه ويستطيع إغاثته، ومن هذا استغاثة الإنسان بإخوانه في الحرب، في قتال الأعداء، هذا لا بأس به.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط، رقم 204. (2) سورة القصص الآية 15 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 أما طلب الأموات، والاستغاثة بالأموات أو بالأصنام، أو بالجمادات أو بالأشجار والأحجار أو بالنجوم، هذا كفر بالله شرك أكبر. وهكذا الاستغاثة بالحي، فيما لا يقدر عليه، كأن يستغيث به في أن يصلح قلبه، بأمر سري في نفسه يرى أن له سرا، أو بأن ينقذه من النار … لسر فيه، أو يدخله الجنة لسر فيه، هذا كفر بالله. أما إذا قال: أعني على أسباب دخول الجنة، يعلمه ويتفقه في الدين، أو على إصلاح قلبي، بالتذكير والوعظ والتوجيه إلى الخير، هذا أمر مطلوب، يعظه ويذكره وينصحه، أما أن يعتقد أن هذا الولي، وإن كان حيا يعتقد أنه يستطيع إدخال الجنة، وإنجاء الناس من النار، وشفاء المرضى بسره بشيء فيه، هذا كفر بالله، نعوذ بالله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 باب ما جاء في التبرك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 باب ما جاء في التبرك 55 - تبرك الصحابة بآثاره عليه الصلاة والسلام من خصائصه س: رأيت في بعض الكتب المنتشرة عندنا في الصومال أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يزدحمون على ماء وضوء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، يتبركون به، وإذا تنخم أو بصق يأخذون ذلك ويتمسحون به، وازدحموا على الحلاق عند حلق رأسه صلى الله عليه وسلم، واقتسموا شعره يتبركون به، وشرب عبد الله بن الزبير دمه صلى الله عليه وسلم لما احتجم، وشربت أم أيمن بوله فقال لها: صحة يا أم أيمن، فما صحة ذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا، وهل يجوز أن يقيس الناس على مثل هذه الأحوال، إن كان ما ورد صحيحا؟ (1) ج: لا ريب أنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بماء وضوئه، وبشعره عليه الصلاة والسلام، وببصاقه عليه الصلاة والسلام وبنخامته، كل هذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام،   (1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 120. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 وعن الصحابة، وقد ثبت في حديث أبي جحيفة في الصحيحين، في حجة الوداع، أنه لما خرج بلال بوضوئه صلى الله عليه وسلم، كان الصحابة يتناولون منه ما تيسر، هذا يأخذ قليلا وهذا يأخذ كثيرا من وضوئه عليه الصلاة والسلام، وثبت في صلح الحديبية، أنه إذا تنخع نخاعة أو بصق تلقاها الصحابة وجعلوا يدلكون بها أجسادهم، لما جعل الله فيها من البركة، ولما حلق في حجة الوداع، قسم نصف الشعر بين الصحابة، والنصف الثاني أعطاه أبا طلحة رضي الله عنه، كل هذا ثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وليس هناك شك عند أهل العلم في بركة جسمه صلى الله عليه وسلم، وشعره وما مس جسمه ووضوئه، وعرقه عليه الصلاة والسلام. لكن لا يقاس عليه غيره، إذ إن الصحابة رضي الله عنهم، ما فعلوا هذا مع الصديق ولا مع عمر، ولا مع عثمان، ولا مع علي، وهم أفضل الصحابة هم أفضل الناس بعد الأنبياء، فلو كان هذا مشروعا أو جائزا، مع غير النبي صلى الله عليه وسلم لفعله المسلمون، مع هؤلاء الأخيار، ولأن ذلك قد يكون وسيلة للشرك والغلو، فلهذا منعه أهل العلم في الصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يقاس على الرسول صلى الله عليه وسلم أحد بل خاص به صلى الله عليه وسلم، لما ثبت وعلم من بركته صلى الله عليه وسلم، في جسمه وعرقه وشعره، وسائر أجزائه عليه الصلاة والسلام، ولأنه أقر الصحابة على ذلك، فلولا أنه جائز لما أقرهم، فلا يقاس عليه غيره لأمور كثيرة، أما التبرك بالعلماء والعباد، الذي يفعله بعض الناس، فهذا غلط ولا يجوز، لأنه خالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يفعله المسلمون مع فضلائهم ولا كبارهم، كالخلفاء الراشدين ولم يفعله مع بقية الصحابة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 ولو كان خيرا لسبقونا إليه، ولأن العبادات توقيفية، ولأن هذا قد يفضي إلى الشرك والغلو، ولهذا رجح المحققون من أهل العلم منعه مع غير النبي عليه الصلاة والسلام، أما شرب ابن الزبير دمه، وأم أيمن بوله، فهذا محل نظر، وقد ورد هذا ولكن في صحته نظر، فهو يحتاج إلى تمحيص ونظر في أسانيد القصة، والأصل تحريم الدم وتحريم البول، الله حرم علينا البول لأنه نجس، وحرم الدم لأنه من الخبائث، وهو نجس، فإن صح فهذا يستثنى، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم له خصائص، كما قلنا في العرق ومسألة الشعر، ومسألة البصاق هذا خاص به، فهكذا إذا صح حديث أم أيمن، وصح حديث ابن الزبير، صار من الخصائص، وسوف نبحثه إن شاء الله، ونعتني به ويكون في حلقة أخرى إن شاء الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 56 - قياس التبرك بآثار الصالحين بما فعله الصحابة برسول الله صلى الله عليه وسلم باطل ولا يصح س: يقيس الذين يرون التبرك بالصالحين، يقيسون عملهم بما كان يفعله الصحابة رضي الله عنهم من التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وشعره وملابسه، وفضلات جسمه، فبينوا لنا المعتقد الصحيح، في هذا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا القياس باطل، النبي صلى الله عليه وسلم شرع الله لنا أن نقتدي به ونتأسى   (1) السؤال السادس عشر من الشريط، رقم 266. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 به صلى الله عليه وسلم، وشرع الله جل وعلا التبرك بما مس جسده من شعر وعرق ونحو ذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه في حجة الوداع، وزعه على الصحابة، هذا يدل على أنه هذا جائز بالنسبة إليه، عليه الصلاة والسلام، وهكذا ملابسه التي تلي جسده، فيها بركة، لأن الله جعله مباركا وجعل ما أصاب جسده فيه بركة، أما غيره فلا يقاس عليه، ولا يدعى من دون الله، ولكن نفس العرق، أو نفس الشعر من النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، لا بأس أن يجعل في طيب الإنسان، أو يلبسه على جسده، يرجو أن الله يجعل فيه بركة له، كما جعل ماء زمزم مباركا، سبحانه وتعالى، هذا فضل منه جل وعلا. وكما جعل في الأطعمة واللحوم بركة للمسلمين، فليس هذا بمستنكر أما أن يتبرك بفلان، أو شعر فلان، أو عرق فلان فلا، لأنه لا يقاس عليه غيره، عليه الصلاة والسلام، القياس لا بد أن يكون الفرع مساويا للأصل، وليس أحد يساوي النبي صلى الله عليه وسلم، هو أفضل الخلق وسيد الخلق، وله خصائص، ولهذا لم يفعل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم هذا التبرك مع الصديق ولا مع عمر ولا مع عثمان، ولا مع علي، ولا مع غيرهم من سادات الصحابة وكبارهم لعلمهم أن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، لا بغيره صلى الله عليه وسلم، وهم القدوة والأسوة، وهم أعلم الناس، بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورضي الله عنهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 57 - حكم التبرك بتراب قبور الأولياء س: يسأل أخونا ويقول: هل يجوز التبرك بالتراب الموجود على ضريح الولي المتوفى؟ وهل هذا التراب يفيد شيئا؟ وما هو رأي سماحتكم في هذا؟ (1) ج: التبرك بتراب القبور منكر ومن المحرمات الشركية لأنه لا يجوز التبرك بتراب الولي ولا غير الولي لأن البركة من الله عز وجل إنما التبرك بالشيء الذي شرعه الله مثل التبرك بماء زمزم لأن الله قد جعل فيه البركة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه مبارك أو كونه مثلا يسأل ربه أن الله يجعل هذا المال مباركا يدعو ربه أنه يبارك فيه له أو أن الله يبارك له في هذا الولد، فالبركة من الله عز وجل ولم يكن الصحابة يتبركون لا بالصديق ولا بعمر ولا بعثمان ولا بعلي إنما هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم كانوا يتبركون بعرقه وريقه عليه الصلاة والسلام، أما من بعده فلا يتبرك بهم، وجميع الأولياء لا يتبرك بهم، إنما هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، فالتبرك بالأشخاص ترابهم أو آثارهم كله منكر لا يجوز، بل من وسائل الشرك الأكبر.   (1) السؤال الرابع من الشريط، رقم 338. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 58 - التعريف بأولياء الله تعالى س: أرجو تعريفا كاملا لأولياء الله، ومن هم؟ وهل عندهم علامات مميزة؟ وهل تصح زيارتهم للتبرك، وقضاء الحوائج سواء كانوا أحياء أم أمواتا؟ جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: أولياء الله هم أهل التقوى والإيمان هم أهل الصلاح والاستقامة على دين الله، وعلى ما جاء به رسوله عليه الصلاة والسلام، هؤلاء هم أولياء الله، وهم أهل التقوى، وهم أهل الإيمان، كما قال الله سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2)، ثم فسرهم فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (3)، هؤلاء هم أولياء الله، هكذا في سورة يونس. وقال في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (4)، فأولياء الله هم أهل التقوى، هم أهل الإيمان، هم الذين أطاعوا الله ورسوله، واستقاموا على دين الله وتركوا الشرك والمعاصي، هؤلاء هم أولياء الله، يجب حبهم في الله، ولكن لا يجوز دعاؤهم من دون الله، ولا الاستغاثة بهم، ولا البناء على قبورهم، هذا منكر، ولا البناء على قبور الأنبياء أيضا، يقول   (1) السؤال السابع عشر من الشريط، رقم 197. (2) سورة يونس الآية 62 (3) سورة يونس الآية 63 (4) سورة الأنفال الآية 34 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم - يعني: من الأمم - كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)» رواه مسلم في الصحيح فنهى الناس عن اتخاذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين، وحذرهم من ذلك، ولعن من فعل هذا. وروى مسلم في الصحيح، عن جابر رضي الله عنه، قال: «نهى رسول الله أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه، (3)» فلا يبنى عليه قبة ولا غرفة ولا مسجد، بل يجب الحذر من ذلك، بل تترك القبور بارزة شامسة، كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع وفي غيره، في الأرض الواضحة التي ليس فيها بناء، يكون القبر بارزا عن الأرض قدر شبر ونحوه، حتى يعرف أنه قبر، ولا يبنى عليه، ولا يجصص، ولا يبنى عليه قبة ولا مسجد، كل هذا لا يجوز وهذه القباب والمساجد التي توضع على القبور من أسباب الشرك، إذا رآها العامي معظمة بالقباب والمساجد، وربما فرشوها، وربما طيبوها صار هذا من أسباب الشرك، بدعة يترتب عليها شرك أكبر، نسأل الله العافية، فإن العامة إذا رأوا هذا العمل، دعوها من دون الله واستغاثوا بها، وتمسحوا بها إلى غير ذلك؛ أما زيارة   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد، برقم 532. (2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (3) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052)، النسائي الجنائز (2027)، أبو داود الجنائز (3225)، أحمد (3/ 339). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 المؤمن، أن يسلم على أخيه، يعني على قبره، إذا كان ظاهرا، بارزا، ليس فيه قبة ولا مسجد، فلا بأس، بل سنة النبي عليه السلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (1)»، فإذا زار القبور ليسلم عليهم، ويدعو لهم، فهذا مشروع، وهذا سنة؛ أما أن يزورهم ليدعوهم من دون الله، أو يستغيث بهم، أو يطلبهم المدد، فهذا شرك أكبر، لا يجوز، فالذي يقول لصاحب القبر: المدد المدد، أو يا سيدي فلان أغثني، أو انصرني، أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك، أو أنا في حمايتك، هذا دعاء لغير الله، وشرك بالله سبحانه وتعالى هذا من جنس عمل الجاهلية الأولى، أبي جهل وأشباهه. الواجب على المسلمين أن يحذروا هذه الأمور، وأن يتواصوا ويتناصحوا بتركها أينما كانوا، وأما الأحياء منهم إذا زارهم يسلم عليهم لحبهم في الله، فلا بأس يزورهم لحبهم في الله، لا للتبرك بهم، والذي يزورهم يسلم عليهم ويعرف أحوالهم، ويتذاكر معهم في الخير، أو في العلم، كل هذا طيب، أو ليدعوا ويستغفروا له، لا بأس، إذا قال: ادعوا لي أو استغفروا لي، لا بأس أما أن يزوره لأجل الاعتقاد فيه، أنه يدعى من دون الله، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله حيا أو ميتا، لأنه ينفع أو يضر، أو أنه يتصرف في الكون، أو ما أشبه هذا من اعتقاد الجهلة، فهذا لا يجوز يقول الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم:   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (1)، فإذا كان صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم، وأفضل الخلق، لا يملك لغيره نفعا ولا ضرا، ولا يعلم الغيب، فكيف بغيره من الناس، فعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى، هو النافع الضار، المعطي المانع، جل وعلا، فليس لأحد أن يدعو غير الله من الأموات أو الغائبين، أو الأشجار أو الأحجار أو الجن، أو الملائكة، بل هذا من الشرك بالله سبحانه وتعالى، وليس له أن يعتقد في أحد من أنه ينفع ويضر دون الله، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله، ويدعى من دون الله، كل هذا اعتقاد باطل وكفر، نسأل الله العافية؛ أما الحي الحاضر، القادر، يقول: يا أخي أعني على كذا، لا بأس. الحي الحاضر، تقول له: ساعدني على إصلاح سيارتي، على عمارة بيتي، على مزرعتي، وهو قادر يسمعك ويستطيع أن يساعدك بما يسر الله، لا بأس. هذه أمور جائزة فيما بين الناس، قال تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (2)؛ لأنه حي يسمع كلامه، وموسى يقدر أن يغيثه، فلا بأس بهذا أما دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، أو الغائبين يعتقد فيهم أنهم يسمعون دعاءه وينفعون ويضرون، هذا هو الشرك الأكبر، هذا عمل الجاهلية الأولى، نسأل الله العافية ولو قال: إني ما قصدت أنهم ينفعون ويضرون، ولو قال: أقصد أنهم شفعاء عند   (1) سورة الأعراف الآية 188 (2) سورة القصص الآية 15 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 الله، هذا شرك المشركين، المشركون ما قصدوا أنهم ينفعون ويضرون، بل أرادوهم شفعاء عند الله، وأرادوهم أن يقربوهم إلى الله، كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (1)، قال الله سبحانه: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (2)، فسمى عملهم هذا شركا، وقال سبحانه وتعالى في سورة الزمر: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (3) ما قالوا لأنهم ينفعون ويضرون، لا، قالوا: يقربونا إلى الله زلفى، هذه عقيدتهم، يعلمون أن النافع الضار هو الله وحده، ولكنهم يطلبون من الأولياء أو من الأنبياء، أو من الملائكة الشفاعة إلى الله، ليعطيهم مطالبهم، ويزعمون أنهم شفعاء وأنهم يقربون إلى الله، ولا يعتقدون أنهم يتصرفون في الكون، أو ينفعون أو يضرون، لا، ليس هذا من اعتقاد الجاهلية، ومع هذا كفرهم الله وقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم على شركهم هذا، فالواجب على كل من يدعي الإسلام أن يتبصر ويتفقه في دينه، وأن يحذر التعلق بأهل القبور ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم، وأن هذا هو شرك الجاهلية، كما يفعل هذا بعض الناس عند قبر السيد البدوي، أو السيد الحسين، أو الشيخ عبد القادر في العراق، أو غيرهم كل هذا شرك بالله لا يجوز لا مع الحسين، ولا مع البدوي، ولا مع   (1) سورة يونس الآية 18 (2) سورة يونس الآية 18 (3) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 الشيخ عبد القادر الجيلاني، ولا مع غيرهم من الناس، ولا مع ابن عربي في الشام، ولا مع غيرهم؛ الواجب الإخلاص لله في العبادة؛ لأنه حقه سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (1)، وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2)، يعني أمر وأوصى ألا تعبدوا إلا إياه، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (3)، وقال جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (4) هذا أصل الدين وأساس الملة، وهذا أعظم واجب وأهم واجب، أن تعبد الله وحده، بدعائك ونذرك وذبحك وصلاتك وصومك وغير ذلك، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (5) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (6)، والنسك يطلق على الذبح وعلى العبادة، فكما أن الصلاة لله، هكذا الذبح لله، فالذي يذبح للجن، أو يتقرب لأصحاب القبور، أو الأشجار والأصنام بالذبائح، هذا شرك بالله عز وجل. وهكذا دعاؤهم والاستغاثة بهم وطلبهم المدد، الذي يقف على قبر ويقول: المدد، أو يدعوهم من قريب، يا سيدي البدوي، أو يا سيدي الحسين المدد المدد، أو يا سيدي عبد القادر المدد المدد، هذا الشرك الأكبر، هذا شرك بالله عز وجل وعبادة لغيره. قال سبحانه وتعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (7)،   (1) سورة البينة الآية 5 (2) سورة الإسراء الآية 23 (3) سورة البقرة الآية 21 (4) سورة الذاريات الآية 56 (5) سورة الأنعام الآية 162 (6) سورة الأنعام الآية 163 (7) سورة الجن الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 (أحدا) عام يعم الأنبياء وغيرهم، نكرة في سياق النهي تعم الأنبياء والملائكة والجن والإنس، وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (1)، يعني: المشركين، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2)، فسمى دعاة غير الله: كفارا، ولو قالوا: ما نسميه إلها، ولو قالوا: نسميهم سادة، أو نسميهم أولياء، متى دعوهم واستغاثوا بهم، فقد جعلوهم آلهة، وإن لم يسموهم آلهة، فلا عبرة بالأسماء، العبرة بالحقائق، فالذي يعبده من دون الله ويستغيث به، قد جعله إلها، وإن لم يسمه إلها، وإن قال: هو السيد، أو هو الولي، أو هو كذا، أو كذا بأسماء أخرى، الاعتبار في الأمور بالحقائق، والمعاني، لا بالألفاظ. نسأل الله أن يهدي إخواننا جميعا المسلمين، ونسأل الله أن يرشد الجاهل للحق على الهدى، وأن يكثر في المسلمين علماء الحق، وعلماء الهدى، حتى يبصروا الناس، وحتى يرشدوهم إلى توحيد الله، وإلى الحق الذي بعث الله به نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام، ونسأل الله أن يهدي الجاهل إلى أن يتعلم، ويسأل، ويتبصر، ولا يرضى بالتقليد الأعمى، ونصيحتي لجميع من يتصل بالقبور، أو يدعو القبور، أو يجهل أحكام الله، نصيحتي   (1) سورة يونس الآية 106 (2) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 للجميع أن يسألوا العلماء، علماء الحق، علماء السنة، أهل البصيرة، يسألوهم، مثل أنصار السنة في مصر، مثل علماء السنة في الشام، في الأردن، في أي مكان، علماء الحق المعروفين بالسنة والتوحيد، والإخلاص، والبصيرة، وهكذا في كل مكان، في إفريقيا، وفي أوروبا، وفي أمريكا، في كل مكان. الواجب على من جهل الحكم أن يسأل، ولا يقدم على شيء على غير بصيرة، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1). وروي عنه عليه السلام أنه قال لقوم أفتوا من غير علم: «ألا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال (2)» وكان الصحابة يسألونه عليه الصلاة والسلام، ويعلمهم ويجيبهم، حتى النساء يسألونه ويجيبهم. وقال له بعض النساء: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا يوما نسألك ونتحدث إليك، فوعدهن وجمعهن في مكان، وأتاهن وسألنه عن حاجاتهن، عليه الصلاة والسلام. فالواجب على العلماء أن ينبسطوا للجهلة حتى يعلموهم، وأن يعتنوا بالكتاب والسنة، وأن تكون الفتاوى من الكتاب والسنة، لا من التقليد الأعمى، بل من كتاب الله العظيم، وسنة رسوله   (1) سورة النحل الآية 43 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند ابن عباس رضي الله عنهما، برقم 3048، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب: في المجروح يتيمم، واللفظ له، برقم 337، وابن ماجه في كتاب الطهارة، باب: في المجروح تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه، برقم 572. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 الأمين، على العالم أن يتبصر من طريق الكتاب والسنة، وأن يعلم الناس على ضوء الكتاب والسنة، ويرشدهم إلى أحكام الله التي دل عليها كتابه العظيم، وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، وأن يحذر التساهل في هذه الأمور. رزق الله الجميع الهداية التوفيق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 59 - حكم الطواف بالقبور س: ما حكم من يطوف بالقبور للتبرك، ولا يدعو أصحابها من دون الله، هل يعذر بالجهل أم لا؟ (1) ج: إذا طاف بالقبور يتقرب إلى الميت، ويرجو شفاعته عند الله بذلك، فهذا كفر أكبر، مثل إذا دعاه واستغاث به، أما إذا طاف يحسب أن هذا مشروع، وهو يتقرب إلى الله، لا إلى الميت، وهو يحسب أنه مشروع، فهذا من الكبائر ومن البدع العظيمة، والواجب تعليمه حتى يبتعد عن هذا الأمر، والغالب على عباد القبور، التقرب إلى أهلها بالطواف، والدعاء والاستغاثة، وهذا هو الشرك الأكبر، نعوذ بالله من ذلك، وهذه هي عبادة المشركين، وهذه حالهم يتصرفون هذا التصرف، حول القبور، يرجون شفاعة أهلها عند الله، وهذا هو الشرك الأكبر، يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فلم يعذرهم الله سبحانه بل قال: {أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (2)   (1) السؤال الثالث من الشريط، رقم 308. (2) سورة يونس الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 فسماه شركا، وقال في سورة الزمر في حق عباد غير الله، قال: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (1)، ثم قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (2)، فسماهم الله كذبة كفرة، بقولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، هم كذبة في قولهم: {لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (3) وهم كفرة بهذا الفعل، بدعائهم إياهم واستغاثتهم بهم، ونذرهم لهم، وذبحهم لهم، وطوافهم بقبورهم، والتقرب إليهم إلى غير هذا من العبادات، كله كفر بالله، وكله شرك أكبر، نعوذ بالله من ذلك، ومن كان بين المسلمين لا يعذر بالجهالة بل هو مشرك، لأن عليه أن يسأل ويتبصر، أما إذا كان في بلاد لا يبلغها الإسلام، ولم يبلغها دعاة الإسلام، فهو كسائر أهل الفترات، الذين تبلغهم الدعوة، هؤلاء أمرهم إلى الله، يوم القيامة، والصواب فيهم أنهم يمتحنون يوم القيامة، ويؤمرون بأي شيء، فإن أجابوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار، ولكن إذا كانوا أحياء في هذه الدنيا، يعاملون معاملة الكفرة، لا يصلى عليهم، ولا يغسلون إذا ماتوا على الكفر بالله على عبادة الأصنام ونحوها، أما إذا كانوا بين المسلمين يسمعون القرآن، يسمعون السنة هؤلاء لا يعذرون، بل هم كفار بهذا العمل، نعوذ بالله، ويعاملون معاملة الكفرة.   (1) سورة الزمر الآية 3 (2) سورة الزمر الآية 3 (3) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 60 - حكم التبرك بقبور الأولياء س: سماحة الشيخ لدينا أشخاص يحافظون على الصلوات في أوقاتها، ويتصدقون ويصومون، ولكنهم يتبركون بأناس يدعون بأنهم أولياء، ويذبحون عند قبورهم، ما الحكم في هؤلاء، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الذي يتعاطى الشرك تبطل أعماله ولو صلى وصام، فالذي يتصل بأهل القبور، يدعوهم من دون الله أو يذبح لهم أو يتبرك بقبورهم ويتمسح بها ويقبلها؛ يرجو بركتها هذا كفر أكبر والعياذ بالله، وهكذا من يتمسح بمن يظن أو يقول: إنهم صالحون، يعتقد فيهم البركة، وأنه إذا تمسح بهم جاءته بركة من عندهم، أو أنهم يشفعون له عند الله، أو يقربونه إلى الله، مثل فعل الكفار هذا لا يجوز، قال الله جل وعلا في الكفرة: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (2)، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (3)، هم يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (4)، {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (5) سماهم الله كذبة كفرة،   (1) السؤال السابع من الشريط، رقم 377. (2) سورة يونس الآية 18 (3) سورة الزمر الآية 3 (4) سورة الزمر الآية 3 (5) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 فالواجب الحذر من هذا، فلا يذبح عند القبور، ولا يتمسح بالقبور، أما إذا أراد الذبح، الذبح لله ولكن يحسب أن الذبح عند القبور طيب، وهو أراد لله هذه بدعة، تصير بدعة ما يصير كفرا، أما إذا ذبح يتقرب لأصحاب القبور، يريد أنهم يشفعون له أو ينفعونه يوم القيامة بهذه الذبيحة هذا هو شغل المشركين، والله يقول: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (1)، ويقول سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) {لَا شَرِيكَ لَهُ} (3) المقصود به الذبح. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (4)». الخلاصة: أن الواجب إخلاص العبادة لله وحده: في الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والذبح والنذر، وغير ذلك يكون لله وحده، فلا يذبح لصاحب القبر ولا للصنم ولا للنجوم ولا للجن، ولا يستغيث بهم ولا ينذر لهم، ولا يلجأ إليهم عند الملمات، بل يستغيث بالله وحده، وينذر لله وحده سبحانه وتعالى هو المستحق أن يعبد جل وعلا، وهكذا لا يتبرك بالقبور، ولا يتمسح بها يرجو بركتها، ولا بالناس بفلان وفلان، يرجو بركته، كل هذا لا يجوز، وإذا ظن أن هذا الرجل بنفسه يحصل له البركة منه صار شركا أكبر، أما إذا ظن أن   (1) سورة الكوثر الآية 2 (2) سورة الأنعام الآية 162 (3) سورة الأنعام الآية 163 (4) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 هذا مناسب وأنه مستحب يكون بدعة، ما كان يفعل إلا مع النبي خاصة، هذا لا يجوز إلا مع النبي خاصة لأنه أقرهم على التبرك بوضوئه، وبشعره وبعرقه عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله جعله مباركا، أما غيره فلا، ولهذا لم يفعله الصحابة مع الصديق، ولا مع عمر، ولا مع عثمان، ولا مع علي ولا مع غيرهم، لعلمهم أن هذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم دون غيره: التبرك بشعره، التبرك بعرقه وبوضوئه هذا خاص به صلى الله عليه وسلم، أما غيره فبدعة لا يجوز، وإذا اعتقد أنه يحصل له البركة من هذا الشخص صار كفرا أكبر، نسأل الله العافية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 61 - حكم الدعاء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم س: السائل يقول: ما رأي فضيلتكم فيمن يقول في دعائه: نسأل الله التوفيق والسداد والنجاح ببركة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، وهل يعد ذلك من التبرك بجاه النبي (1). ج: هذا من الوسائل غير الشرعية، هذه بدعة من وسائل الشرك إذا قال: اللهم إني أسألك ببركة النبي أو بجاه النبي أو بحق النبي أو بحق الأنبياء، هذه بدعة، ولكن يسأل الله بأسمائه وصفاته؛ قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2)، فيقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط، رقم 367. (2) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 بأنك الرحمن الرحيم بأنك العزيز الحكيم وما أشبه ذلك، أو يسأله بإيمانه وتوحيده، اللهم إني أسألك بإيماني بك وبرسولك وبإخلاص العبادة لك، يسأل بتوحيده وإيمانه أو بالأعمال الصالحة بإقامتي الصلاة بأدائي للزكاة، بحبي لله ولرسوله، كل هذه وسائل شرعية، ومن هذه قصة أهل الغار الذين توسلوا إلى الله بأعمالهم الصالحة وهي قصة غريبة عظيمة ثابتة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وهي «أن ثلاثة كانوا في البرية، فاضطرهم الليل والمطر إلى غار، بجبل فدخلوا فيه للمبيت وأثناء المطر انحدرت صخرة عظيمة من أعلى الجبل فسدت عليهم الغار ابتلاء وامتحانا، فأرادوا زحزحتها فلم يستطيعوا لأنها عظيمة فقالوا فيما بينهم: إنه لا ينجيكم من هذا البلاء إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما لا أهلا ولا مالا - الغبوق اللبن الذي يشرب بعد العشاء - الحليب - فجئت ذات ليلة بغبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أسقي قبلهما أهلا أو مالا فوقفت بالقدح أنتظر لعلهما يستيقظان فلم يزل ذلك بي حتى طلع الفجر فلما استيقظا أسقيتهما، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة بعض الشيء حتى رأوا السماء لكن لا يستطيعون الخروج، ثم قال الثاني: اللهم إنه كانت لي ابنة عم، وكنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء وإني أردتها على نفسها ذات يوم - أراد الزنا منها - فأبت فألمت بها سنة، ألمت بها حاجة وجاءت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 إليه تطلبه الرفد فقال: لا حتى تمكنيني من نفسك، فعند الضرورة وافقت، فلما جلس بين رجليها قالت: يا عبد الله اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، وكان قد أعطاها مائة وعشرين دينارا - يعني مائة وعشرين جنيه ذهب - فلما قالت هذا الكلام له خاف الله وقام ولم يجامعها وترك لها الذهب كله، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم إني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة بعض الشيء أيضا لكن لا يستطيعون الخروج؛ ثم قال الثالث: اللهم إنه كان عندي أجراء فأعطيتهم أجورهم إلا واحدا بقي أجره عندي فنميته وثمرته حتى صار منه إبل وبقر وغنم ورقيق وإن كان طعاما فهو مثلا: قمح أو شعير أو أرز فجاءه الرجل يقول: يا عبد الله أعطني مالي، جاءه بعد مدة يقول: يا عبد الله مالي عندك أجرتي. فقال له هذا الذي ترى كله مالك، الإبل والبقر والغنم والرقيق كلها من مالك، فقال الرجل يا عبد الله لا تستهزئ بي أعطني مالي أجرتي. قال كل هذا من أجرتك فأخذه واستاقه كله، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة وخرجوا (1)». هذا كله يدل على أن التوسل بالأعمال الصالحات من أسباب الإجابة، أما التوسل بجاه محمد وببركات النبي أو بحق النبي محمد أو بحق الأولياء أو بحق الأنبياء هذا بدعة ليس من الشرع إنما التوسل بأسماء الله وبصفاته وبالأعمال الصالحات.   (1) البخاري الإجارة (2152)، مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2743)، أحمد (2/ 116). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 63 - حكم سؤال الأشخاص الذين يتنبئون بأشياء مستقبلية س: يقول: يوجد لدينا أشخاص، يقال عنهم أناس صالحون، يزورهم الناس في بيوتهم، للتعرف على أشياء معينة، مثل أن يذهب إليهم الشخص، فيقول له: أنت ناجح في دراستك، أو إذا أراد إنسان أن يحفر بئرا يأتي به فيقول: احفر في هذا المكان، وبالفعل يحفر ويخرج الماء، مع أنه حفر قبل ذلك في نفس المنطقة وعلى بعد أمتار قليلة ولم يجد ماء، ونجد أن هؤلاء الأشخاص يتنبئون بأشياء مستقبلية، فيقول مثلا: لن يعمر هذا المبنى كثيرا، أو أن هذا العام سيكون خصبا، ويسألون عن الأحكام في مثل هذه القضايا، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هؤلاء فيهم تفصيل. إن كانوا يدعون هذا من دون أسباب فهؤلاء مخرفون ومن جنس الكهنة والمنجمين، لا يصدقون ولا يسألون، وينكر عليهم، ويجب على ولاة الأمور أن يستتيبوهم وأن يعاقبوا من فعل هذه الأمور، لأن هؤلاء ظاهرهم دعوى علم الغيب، ودعوى ما يعظمهم عند الناس، فيغرون الناس ويشبهون عليهم، بأن عندهم معلومات غيبية. أما إذا كان أسباب ذلك واضحة، مثل إنسان يتعاطى علم مواضع الماء وقد جرب، ويذهب إلى المحل وينظر فيه، ويتأمل   (1) السؤال التاسع من الشريط، رقم 258. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 الأسباب، مما حوله من الأودية والأشجار، والنباتات، ويقول: هذا محل ماء، هذا لا بأس به، يعرف بالقرائن، لأن لمعرفة الماء أسبابا، كذلك إذا كان يقول له: ناجح في دراستك، إذا اختبره وسأله عن مسائل وظهر له من حاله أنه جيد، فقال: إن شاء الله إنك تنجح، هذا له وجه. أما أن يقولها على الغيب، وهو ما اختبره ولا عرف ما عنده، هذا باطل، ودعواه باطلة. الله هو الذي يعلم الغيب سبحانه وتعالى، لا يعلمه سواه جل وعلا. المقصود أن هؤلاء يدعون علم الغيب ويتنبئون بأشياء بدون أسباب هؤلاء مخرفون ضلال، يجب القضاء عليهم بالتأديب، ومنعهم من هذا الأمر، إلا إنسان يتعاطى ذلك بأسبابه الشرعية، مثل ما تقدم، يختبر الولد ويعرف قوته في الدراسة، وفي الدرس الذي يقرأ فيه، يقول له: إن شاء الله تنجح، لأنه ظهر له نوع من النبوغ والحذق، أو إنسان ذهب به إلى محل الماء، إلى الأرض التي يحفر فيها وتأمل موضع الماء وما حوله من الجبال، وما حوله من الأشجار، وظهر له أن المحل فيه ماء، لأنه قد جرب هذه الأمور، وعرف أمرها، هؤلاء قد يصيبون كثيرا، وقد يغلطون ولا يصيبون، وهذا واقع، لكن هذا ممكن كما ذكر ابن القيم وغيره، من أهل العلم أن الماء له علامات. أما إنسان يدعي هكذا من دون أن يذهب، ومن دون أن يراجع، هذا كذاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين 63 - تعريف الولي س: يسأل عن الأولياء في بلدهم وعن طرقهم، ويرجو التوجيه من سماحة الشيخ؟ (1) ج: الأولياء هم المؤمنون، وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأتباعهم بإحسان هم الأولياء هم أهل التقوى هم أهل الصلاح المطيعون لله ورسوله، هؤلاء هم أولياء الله سواء كانوا عربا أو عجما بيضا أو سودا، أغنياء أو فقراء، حكاما أو محكومين، هم أولياء الله، قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم من سورة يونس: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2) {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (3) هؤلاء هم أولياء الله الذين أطاعوا الله ورسوله واتقوا غضبه فأدوا حقه، وابتعدوا عما نهى عنه سبحانه وتعالى، هؤلاء هم الأولياء، وهم المسلمون الصالحون، وهم المهتدون، وهم أهل الإيمان والتقوى،   (1) السؤال الثاني من الشريط، رقم82. (2) سورة يونس الآية 62 (3) سورة يونس الآية 63 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 ليسوا أهل الشعوذة ودعوى الخوارق الشيطانية، أو الكرامات المكذوبة، لا. هم المؤمنون، سواء أعطوا كرامة، أو ما أعطوا كرامة، أكثر الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهم أتقى الناس، وأفضل الناس بعد الأنبياء وهم أولياء الله ليس لهم كرامات خارقة؛ لأن إيمانهم قوي لا يحتاجون معه إلى خوارق، فليس من شرط الولاية أن يعطى خارقا يخرق العادة بأن يعطى طعاما من طريق لا يعرف أو شرابا من طريق لا يعرف أو أموالا أو غير ذلك لا، العلامة والصفة هي تقوى الله والإيمان بالله هذا هو الولي، إذا اتقى الله جل وعلا وأطاع أوامره وترك نواهيه، هؤلاء هم أولياء الله. وقال سبحانه وتعالى في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (1) إن نافية معناه: ما أولياؤه إلا المتقون، هؤلاء هم أولياء الله أهل التقوى، الذين وحدوا الله وأخلصوا له العبادة، وآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبسائر المرسلين وصدقوا بكل ما أخبر به الله ورسوله، وانقادوا لشرع الله فأدوا ما فرض عليهم، وتركوا ما حرم عليهم، هؤلاء هم أولياء الله، ولكن مع ذلك ليس لأحد أن يعبدهم مع الله، فهم مخلوقون، ليس لهم تصرف في الكون، بل هم عبيد من عبيد الله كالملائكة كما قال سبحانه في الملائكة: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} (2) هؤلاء كذلك من الإنس عباد مكرمون، لا يجوز أن يعبدوا مع الله، فلا ينذر لهم ولا يتمسح بقبورهم ولا يطاف بهم، ولا يدعون مع الله، كأن يقول: يا سيدي   (1) سورة الأنفال الآية 34 (2) سورة الأنبياء الآية 26 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 اشفع لي أو اشف مريضي، أو أنا في حسبك، أو أنا بالله وبك أو ما أشبه ذلك، أو يقول: المدد المدد عندما يقف على قبره أو من بعيد ويتوجه إلى جهة بلده ويقول: المدد المدد يا سيدي، أو يا فلان كل هذا من الشرك الأكبر، لا يجوز لأي إنسان أن يعبد الأولياء، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يطلب منهم المدد والعون والغوث، هذا لا يجوز، هذا لله وحده سبحانه وتعالى، يطلب من الله ويجوز طلبه من المخلوق الحي القادر لا بأس يكون حيا حاضرا قادرا، تقول يا أخي أغثني في هذا الأمر، أنا عندي عائلة كبيرة، وعلي دين أغثني بقرض أقرضني بكذا وكذا، أو ساعدني بكذا وكذا أو ساعدني على إصلاح السيارة تعطلت السيارة ساعدني إذا كان عنده قطع غيار، عنده معرفة يساعدك في إصلاحها، أو في المزرعة يساعدك على حصد أو على بذر، أو في عمارة بيت يساعدك على تعمير بيتك، وما أشبه ذلك من الأمور الحسية فلا بأس بهذا كان الصحابة يتعاونون يستغيث بعضهم ببعض في الحرب، يقول: أعني على كذا إذا تجمع عليهم جند من المشركين، تجمعوا وتعاونوا بصده، هكذا يتعاونون فيما ينوبهم من الحاجات والديون والحاجات الأخرى، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (1)» هكذا يقول صلى الله عليه وسلم   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإكراه، باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه برقم 6951، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم برقم 2580. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 في الحديث الصحيح المتفق على صحته من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الآخر: «كان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (1)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه؛ فالتعاون بين المسلمين أمر مطلوب كما قال الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) هذا ليس من الشرك أما إذا دعوت الميت أو الغائب الذي تعتقد أن فيه سرا أو الجبل أو الصنم أو الشجر أو الملائكة أو إنسانا حيا، ولكن تعتقد فيه أن له تصرفا ليس من جهة الأمور الحسية لا؛ وأنك لو دعوته ولو في ظهر الغيب، سمع كلامك ونفعك، وأن له خصوصية في قضاء الحاجات وأنه يعلم الغيب وأن له سرا يقضي به الحاجات، هذا هو الشرك الأكبر، هذا اعتقاد أهل الشرك في معبوداتهم من دون الله. فالواجب التنبه لهذا الأمر، وأن يكون المؤمن عنده ميزة، عنده فرق يفرق بين حال الميت وبين حال الحي، حال الشجرة والحجر والصنم، وحال الحي القادر الذي يسمع كلامك، أو تكاتبه مكاتبة، أو تكلمه بالهاتف تقول: ساعدني على كذا، أو بالتلكس من هذه الوسائل الجديدة، كأنه حاضر، أما أن تقول للميت أو للشجر أو للحجر أو   (1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم 2699. (2) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 للجن، وتطلبهم وتسألهم هذا هو شرك المشركين، هذا لا يجوز؛ لأنه يقع عن اعتقاد وعن سر فيهم، ترى أنهم أهل لأن يتصرفوا في الكون وأنه عندهم مزية خاصة يستطيعون بها كذا وكذا، وإن لم تباشرهم بالكلام وإن لم يحصل لهم قوة حسية، هذا يقع لكثير من المشركين يعتقدون في معبوداتهم أنها تتصرف في الكون، وأن لها كرامات بحيث تقضي لهم حوائجهم وتسعفهم بطلباتهم، وإن كانوا أمواتا وإن كانوا غائبين لا يسمعون ولا يعون، وهذا من الشرك الأكبر، الذي قال الله فيه سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، وقال فيه سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2)، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (4)، تبين أن دعاء الأموات من دون الله ودعاء الأصنام ودعاء الأشجار والأحجار كله شرك وفي الآية الأخرى قال كفر: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (5).   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة المؤمنون الآية 117 (3) سورة فاطر الآية 13 (4) سورة فاطر الآية 14 (5) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 فوجب على كل من له أدنى بصيرة، وكل مكلف وكل عاقل أن يحذر الشرك بالله بجميع أنواعه وصوره وألا يدعو إلا ربه سبحانه وتعالى، ويخصه بالعبادة دون سواه جل وعلا، وأما الأمور العادية التي تقع بين الناس من طريق الأسباب الحسية، فقد عرفت أيها المستمع أن هذه لا حرج فيها، هذه أمور حسية تقع بين الناس، في أمور يحتاجون إليها، فيقول الإنسان لأخيه، وهو يسمع كلامه، يقول: يا أخي أقرضني كذا، ساعدني على كذا، أو يكتب له أو يكلمه هاتفيا أنك تساعدني بكذا أو تشتري لي كذا، هذه أمور عادية حسية لا حرج فيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 64 - مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء س: هناك بعض من الناس لا يعترفون بكرامة الأولياء، فهل من توجيه حولهم جزاكم الله خيرا، وكيف يكون الاعتراف بكرامة الأولياء؟ (1) ج: الأولياء هم أهل الإيمان، هم المؤمنون بالله ورسوله، والرسل وأتباعهم هم أولياء الله؛ قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2) ثم قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (3)، فأولياء الله هم أحباؤه، هم الرسل وأتباعهم   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 341. (2) سورة يونس الآية 62 (3) سورة يونس الآية 63 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 المستقيمون على الحق، ولهم كرامات هي في حق الأنبياء تسمى معجزات، وفي حق الأولياء تسمى كرامات، يعني خرقا للعادة لحجة أو حاجة، إما لإقامة حجة لإظهار الحق، وإما لحاجة أصابتهم لفقر أو غيره، فيسهل الله لهم ما يعينهم بأسباب خارقة للعادة، مثل قصة أهل الكهف لما أنامهم الله النومة الطويلة ثم أحياهم، وكفاهم شر أعدائهم، ومثل عباد بن بشر وأسيد بن حضير، لما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، ثم خرجا منه في ليلة ظلماء أضاءت لهما أسواطهما نورا، حتى وصلا إلى بيوتهما هذه من آيات الله. وقصة الطفيل بن عمرو الدوسي، لما أسلم وطلب من النبي آية لقومه لعلهم يهتدون دعا الله له، وجعل الله له آية، نورا بين عينيه، فقال يا رب في غير هذا فجعله الله في سوطه، إذا رفعه صار له نور عظيم، آية لقومه لعلهم يهتدون، فهداهم الله بأسبابه ولهذا أمثال. س: هذا السائل يقول: هل صحيح أن الأولياء تحدث لهم كرامات خارقة للعادة، كالمشي على الماء، والمكاشفات كالنظر إلى اللوح، وظهور الملائكة وغير ذلك؟ (1) ج: نعم الأولياء لهم كرامات خرقا للعادة، إذا كانوا مستقيمين على طاعة الله ورسوله، قد تقع لهم كرامات عند حاجتهم، أو عند   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 401. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 إقامة الحجة على غيرهم، قد يخرق الله لهم العادة بكرامة، ومن ذلك ما وقع لعباد بن بشر، وأسيد بن حضير، كانا زارا النبي في ليلة مظلمة، فلما خرجا من عنده أضاءت لهما أسواطهما كالسراج في الطريق حتى وصلا إلى أهلهما، كرامة من الله لهما، ومن هذا قصة الطفيل الدوسي رئيس دوس، لما أسلم وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له آية حتى يصدقه قومه، فصار له نور في وجهه مثل السراج لما أتى أهله، فقال يا ربي في غير وجهي فجعلها الله في سوطه، إذا رفعه استنار كالسراج، فأسلم قومه على يديه، وهداهم الله بأسبابه، وهناك وقائع أخرى لأولياء الله، عند الشدائد مثل ما وقع لجريج، لما ظلمته البغي، قالت: إنه زنى بها وأنها حملت منه، وهي كاذبة، فجاءه أهل بلده، وهدموا عليه صومعته، فقال: ما بالكم؟ قالوا: زنيت بهذه، فقال: سبحان الله ما زنيت بها، هاتوا الغلام؟ فجاءوا بالغلام، ووضع إصبعه على الغلام، وهو لتوه مولود، فقال: من أبوك يا هذا؟ فقال: أبي فلان الراعي، الذي زنى بالمرأة، فلما أنطقه الله وهو صغير، قالوا: نعيد لك صومعتك من الذهب؟ فقال: لا، ردوها طينا كحالها الأولى، المقصود براءتي مما رميتموني به، الحمد لله؛ والقصص كثيرة في هذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 س: ماذا عن الكرامات التي وهبها الله سبحانه وتعالى لأوليائه الصالحين، وهل هناك ما يثبت أن لبعض الناس كرامة معينة، وأن هناك أدلة تثبت أن لهذا المرء كرامة وإلا لما حصل ما هو كذا وكذا؟ (1) ج: الكرامات للأولياء ثابتة عند أهل السنة والجماعة، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكرامات الأولياء وأنها حق، وهي خوارق العادات التي يخرقها الله لبعض أوليائه إما لحاجة أو لإقامة حجة على أعداء الله، لنصر الدين وإقامة أمر الله عز وجل، فتكون لأولياء الله المؤمنين، تارة لحاجتهم كأن يسهل الله له طعاما عند جوعه، أو شرابا عند ظمئه، لا يدري من أين أتى، أو في محل بعيد عن الطعام والشراب أو نحو ذلك، أو بركة في طعام تكون واضحة، أو غير ذلك من الخوارق للعادة، والميزان في ذلك أن يكون مستقيما على الكتاب والسنة لا تكون كرامة خارقة إلا إذا كان الشخص معروفا بالاستقامة على دين الله ورسوله، أما إذا كان منحرفا عن الشريعة فليست كرامة، ولكنها من خوارق الشياطين، ومن فتن الشياطين، وإنما تكون الكرامة لأولياء الله المؤمنين، الذين عرفوا بالاستقامة على دين الله، واتباع شريعته، فما خرق الله لهم من العادات تسمى كرامة، ومن ذلك قصة الصديق، والطعام الذي قدمه لأضيافه، فصاروا كلما أخذوا لقمة ربا   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 304. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 من تحتها ما هو أكثر منها، حتى فرغوا من الأكل، وبقي الطعام أكثر مما كان، فهذا من آيات الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك ما جرى لعباد بن بشر، وأسيد بن الحضير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لما خرجا من عنده في ليلة ظلماء، أضاءت لهما أسواطهما في الظلمة، فلما انصرف كل واحد منهما إلى بيته، أضاء له سوطه حتى وصل إلى بيته، فهذا من كرامات الله لأوليائه سبحانه وتعالى، وهكذا ما أشبه ذلك مما يقع لأولياء الله. س: السائل: أ. أ. من السودان يقول: هل هناك أشخاص يعلمون الغيب بعد ارتضاء الله لهم غير الرسل والأنبياء؟ وما الفرق بين ذلك؟ وأيضا عن كرامات الأنبياء التي يجريها الله عز وجل على ألسنتهم، وهي في الحقيقة غائبة عن النظر، كتلك التي قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " يا سارية الجبل " وغير ذلك؟ (1) ج: الغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه الرسل ولا غيرهم، وإنما يعلم الرسول ما أوحي إليه، قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (2)، وقال: عالم {الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (3) {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (4)   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط، رقم 396. (2) سورة النمل الآية 65 (3) سورة الجن الآية 26 (4) سورة الجن الآية 27 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 فقد يخبره بعض المغيبات، كما أخبر الله نبينا عن أشراط الساعة، وعن بعض أمور الجنة والنار إلى غير ذلك، فالغيب لا يعلمه إلا الله، لكنه سبحانه يطلع بعض أنبيائه ورسله على بعض الغيب، والأنبياء لهم معجزات وهي كرامات ومعجزات تدل على صدقهم وأنهم رسل الله كالعصا لموسى واليد التي أظهرها موسى لفرعون تخرج يده بيضاء من غير سوء والعصا، بينما هي عصا صارت حية تسعى، آيتان من آيات الله، ومعجزتان لموسى على أنه نبي عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك ما وقع لنبينا عليه الصلاة والسلام، ينبع الماء بين أصابعه يراه الناس في الإناء ويشربون ويأخذون في أوعيتهم، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم تبوك وكانت العين تبض ماء قليلا، فتوضأ وصب الماء، رمى سهمه في البئر حتى جاشت بالماء عليه الصلاة والسلام. كل هذه من معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والأولياء الصالحون لهم كرامات، أتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لهم كرامات يكرمهم الله بها، تخرق العادة، لكنها ليست معجزة إنما هي كرامة للولي الذي هو من الصالحين، وليس نبيا، كما جرى لعباد بن بشر وأسيد بن حضير في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لما سريا من عند النبي في آخر الليل، قاما من عنده صلى الله عليه وسلم بعد ما سمرا عنده، وخرجا على بيوتهما في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 ليلة مظلمة، فأضاءت لهما أسواطهما كالسراج كل واحد سوطه صار سراجا له، هذه من آيات الله ومن كرامات أوليائه، وهكذا الطفيل الدوسي لما طلب من النبي آية يدعو بها قومه، سأل الله أن يعطيه آية، فصار نور له في جبهته في وجهه، فقال: يا رب في غير وجهي، فجعله الله في سوطه، إذا رفعه استنار فدعا قومه، فأسلموا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 65 - أولياء الله هم أهل التقوى س: هناك بعض الذين يدعون أنهم أولياء، وهم يقومون بأعمال غريبة، وبعض الناس يصدقونهم، فأرجو منكم توضيح حقيقتهم؟ (1) ج: ولي الله هو المؤمن الذي يطيع الله ورسوله، هذا هو ولي الله، يقول الله سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2)، ثم قال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (3)، هؤلاء هم أولياء الله، وقال سبحانه في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (4)، فأولياء الله هم أهل التقوى، أهل   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 299. (2) سورة يونس الآية 62 (3) سورة يونس الآية 63 (4) سورة الأنفال الآية 34 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 طاعة الله ورسوله، هؤلاء هم أولياء الله، أما الخرافيون المشعوذون، الذين يأتون بالمعاصي أو يلبسون على الناس بأنهم أولياء، بأشياء مبتدعة أو بدعوة أصحاب القبور، أو بالصلاة عند القبور وما أشبه ذلك، هؤلاء ليسوا من الأولياء، أولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى، المطيعون لله ورسوله، هؤلاء هم أولياء الله. أما أهل الخرافات والشرك بالله، وأهل البدع أو المتصوفة الذين يأتون بالبدع المخالفة لشرع الله، هؤلاء ليسوا بأولياء الله؛ إنما أولياء الله الملتزمون بطاعة الله ورسوله، التاركون لما حرم الله ورسوله من البدع والمعاصي. س: هناك من يخلط بين الكرامة وشعوذة المشعوذين ومعجزات الأنبياء، فهل من توجيه في هذا، بارك الله فيكم؟ (1) ج: القاعدة لا تكون كرامة إلا إذا كان العبد مستقيما على دين الله معروفا بالخير والاستقامة على طاعة الله، وطاعة رسوله ومن أهل التوحيد والإيمان، فهذه كرامة وإلا فهي من الشعوذة ومن تزيين الشيطان، ومن أعمال الشياطين يغر بها الناس، فإذا كان الرجل غير مستقيم فهذه علامة أن ما جرى على يديه من الشعوذة وليست بكرامة.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط، رقم 341. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 66 - حكم التقرب للأولياء بالذبائح س: هل يصح زيارة الولي في المسجد للرجل أو للمرأة؟ وحينئذ يكون هناك شرك بالله، إذا وضعت أو حملت له في مرة قادمة خروفا لهذا الولي ومبلغا معينا من المال؟ (1) ج: الولي علمه عند الله عز وجل، والمؤمنون كلهم أولياء الله، فما يظنه بعض الخرافيين من أن الولي يكون له صفة أخرى زائدة على صفات أهل الإيمان، من بعض الخرافات وخرق العادات ونحو ذلك، فهذا ليس بصحيح، فكثير من الأولياء لا يجري على أيديهم خرق للعادات، فأولياء الله هم أهل الإيمان، وإن لم توجد لهم كرامات خاصة، قال الله جل وعلا: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (2). فالمؤمن ولي الله، سواء كان عربيا أو عجميا، ذكرا أو أنثى، عالما أو غير عالم، فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى؛ فزيارتهم في الله للمحبة في الله في المسجد، أو في بيوتهم، التزاور بين المؤمنين سنة، قربة وطاعة. جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله عز وجل: وجبت محبتي للمتزاورين في والمتجالسين في   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط، رقم 176. (2) سورة يونس الآية 63 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 والمتحابين في والمتباذلين في (1)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «يقول الله جل وعلا يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (2)». فالمؤمن يزوره أخوه في الله في بيته أو في المسجد، وتزوره أخته في بيته أو في المسجد، وتزوره أخته في الله إذا كانت الزيارة ليس فيها ريبة، كأن تزور أخاها أو عمها أو خالها أو قريبا لها أو جارا لها مريضا تعوده، أو تسأله عن علم، مع التحجب ومع عدم الخلوة، لا بأس بذلك. فالمؤمن يزوره إخوانه المؤمنون وتزوره أخته المؤمنة، على وجه شرعي ليس فيه ريبة ولا فتنة، مع التستر والحجاب وعدم الخلوة لمصلحة شرعية من عيادة مريض أو سؤاله عن علم أو غير هذا من المقاصد الشرعية. أما أن يذبح له من دون الله، أو يدعى من دون الله، لظن بعض الخرافيين أنه يتصرف في الكون، هذا باطل، هذا من الشرك الأكبر سواء كان حيا أو ميتا، فالذي يتقرب لقبور الأولياء يزعم أنهم يقضون حوائجه أو أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يتصرفون في الكون هذا شرك أكبر، حتى ولو ما تقرب لهم، هذا الاعتقاد نفسه شرك   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه برقم 21497. (2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: في فضل الحب في الله، برقم 2566. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 أكبر، نسال الله العافية، فإذا ذبح لهم إبلا أو بقرا أو غنما أو دجاجا أو غير ذلك، هذا شرك أكبر أيضا، وإذا استغاث بهم، قال: يا سيدي فلان المدد أو اشفع لي، أو اقض حاجتي أو أغثني، يقوله عند قبره أو بعيدا عنه، كل هذا من الشرك الأكبر، أما إذا كان يقول لحي حاضر قادر، يقول: ساعدني على كذا، اشفع لي عند فلان، أو ساعدني على قضاء ديني، أو ساعدني على كف شر فلان ابن فلان، حتى يشفع له، حتى يتصل به، ويقول له: دع فلانا لا يؤذ فلانا، هذه أمور عادية لا بأس بها كما قال الله جل وعلا في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1). فالناس ما داموا أحياء فيما بينهم يطلب بعضهم من بعض الرفد أو العون أو المساعدة، بالمشافهة أو بالمكاتبة أو من طريق الهاتف أو من طريق البرق " البرقية " أو ما أشبهه، لا بأس بهذا. أما أنه يدعوه من دون الله، يعتقد أنه ولي لله وأنه يتصرف في الكون، يدعوه من بعيد أو يدعوه عند قبره، أو يقدم له الذبائح، أو يستغيث به أو ينذر له وهو ميت أو غائب هذا شرك أكبر؛ فيجب الحذر من هذه الأمور التي يقع فيها العامة لجهلهم، أما الأمور الحسية العادية التي يفعلها الناس فيما بينهم، كأن تقول لأخيك الحاضر: يا فلان أقرضني كذا أو ساعدني على كذا أو عاوني في إصلاح سيارتي أو في بناء بيتي، وهو حاضر   (1) سورة القصص الآية 15 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 يسمع كلامك، أو من طريق المكاتبة أو من طريق الهاتف، يعني التليفون، أو من طريق البرق، أو من طريق حسي، أو طرق أخرى تكلمه منه، هذا كله لا بأس به؛ لأنها أمور عادية، وقد جرى بين الناس الآن اتصالات هاتفية واتصالات رسمية، كانت لم تكن قبل ذلك وقد وقعت الآن، فإذا كان الاتصال بالشيء الحسي المعروف، سواء سمي هاتفا أو سمي باسم آخر، تلكس أو غير ذلك، كل ذلك من الأمور الحسية فيما يقدر عليه الإنسان؛ أما أن يعتقد فيه أنه يتصرف في الكون، أو أنه يعلم الغيب فهذا كفر وشرك أكبر، أو يتقرب لقبره إلى الميت يتقرب إليه بالذبائح أو يستغيث به أو ينذر له أو يذبح له قرابين، كل هذا شرك أكبر، فيجب التفريق بين ما جاز شرعا وما حرم الله شرعا. نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 67 - حكم التقرب للأولياء بالهدايا س: يوجد لدينا مقابر أولياء توفوا من قديم الزمان ويعتقد الكثير من الناس عندنا بأن لهم كرامات، فهم يأتون بالحلوى والأرز، والقهوة والتمر من بلد آخر ويقولون: إن هذه من كرامات هؤلاء الأولياء، ويؤكدون بأن ما كانت معجزة النبي كانت كرامة لولي، فهل هذا الاعتقاد صحيح، وهل من المعقول أن يحصل من هؤلاء الأولياء مثل هذه الأشياء، نرجو الإفادة والتوجيه. جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: كونهم يعتقدون أن الأولياء يأتونهم بكذا وكذا من الحلوى وغيرها هذا باطل، وهذا من لعب الشياطين، أما كونهم يتقربون إلى الأولياء بالحلوى إلى قبورهم، أو بالذبائح أو بغير هذا يرجون بركتهم أو شفاعتهم، هذا من الشرك الأكبر نسأل الله العافية. فالواجب على المؤمن أن يحذر هذه الخرافات التي يفعلها كثير من الناس، فلا يجوز له أن يعتقد في المقبورين، سواء سموا أولياء أم لم يسموا أولياء، لا يجوز أن يعتقد فيهم أنهم يشفعون لمن ذبح لهم، أو دعاهم من دون الله، بل هم يشفعون لأولياء المؤمنين، المؤمن يوم القيامة، يشفع للمؤمن لا للمشرك، فالأنبياء يشفعون والملائكة   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 212. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 يشفعون، والمؤمنون يشفعون، والأولياء يشفعون، والأفراط يشفعون لكن لمن رضي الله قوله وعمله، كما قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (1)، فالشفاعة تكون لأهل التوحيد والإيمان، لا لأهل الشرك، والذي يظن أن الأولياء أو الأنبياء يشفعون للمشركين، الذين يعبدونهم مع الله ويدعونهم مع الله، فهذا غالط واعتقاده باطل، فلا يجوز أن يدعوا مع الله، ولا يسألوا الشفاعة ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم، كل هذا من الشرك بالله عز وجل، وإذا أردت شفاعة الأنبياء والمؤمنين فعليك بطاعة الله وتوحيده، واتباع شريعته والاستقامة على دينه. فالأنبياء والأولياء والمؤمنون يشفعون لأهل التوحيد والإيمان، كما أن الملائكة تشفع والأفراط تشفع أيضا، لكن لمن رضي الله قوله وعمله، لأهل الإيمان، لأهل التوحيد، لا لأهل الشرك بالله سبحانه وتعالى، ولكن الشياطين تلعب بكثير من الناس، وتزين لهم أن هؤلاء الأولياء يتصرفون في الكون وأنهم ينفعون ويضرون، ويشفون مرضى الناس، إذا تقربوا إليهم بالذبائح أو النذور، هذا من الشرك الأكبر وهذا من ألاعيب الشيطان، وهذا من فعل الجاهلية، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (2) ويتقربون لقبورهم وللأصنام التي صورت على صورهم، بقرابين من السجود والذبح وغير ذلك يزعمون أنهم بهذا   (1) سورة الأنبياء الآية 28 (2) سورة يونس الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 يشفعون لهم عند الله، وهذا عين الكفر، وهكذا قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (1) يعني عبدوهم مع الله، معتقدين أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، بذبحهم لهم، وسجودهم لهم ودعائهم إياهم واستغاثتهم بهم، وهذا هو الشرك الأكبر، فيجب الحذر من هذه الخرافات والضلالات، التي هي من أعمال الشياطين، ومن أعمال المشركين فلا يدعى مع الله أحد، لا ولي ولا غيره، ولا نبي ولا غيره، ولا ملك ولا غيره، بل يدعى الله وحده، ويسأل ويطلب منه قضاء الحاجات، وتفريج الكرب سبحانه وتعالى، أما المؤمن الميت، يدعى له بالمغفرة والرحمة، والحي يدعى له بالثبات على الحق، والأنبياء يصلى عليهم، عليهم الصلاة والسلام، ويدعى الله لهم، أن يجزيهم عما قاموا به خيرا، ولا يعبدون مع الله سبحانه وتعالى، العبادة حق الله، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (2)، وقال تعالى: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3)، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (4) سماه شركا.   (1) سورة الزمر الآية 3 (2) سورة البينة الآية 5 (3) سورة الجن الآية 18 (4) سورة فاطر الآية 13 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 فالواجب الحذر، وقال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (1) ومن زعم أن الولي يأتي بحلوى، أو يأتي بكسوة أو يأتي بذبيحة، أو يأتي بلحم، فهو غلطان، هذا من عمل الشيطان، الشياطين هي التي تأتي بهذه الأمور، حتى تشجعهم على الشرك، وعبادة غير الله سبحانه وتعالى، نسأل الله العافية.   (1) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 68 - تحريم أجساد الأنبياء على الأرض خاص بهم دون غيرهم من الصالحين س: الأخ: ع. ي. من المملكة الأردنية الهاشمية، عمان من دائرة التربية والتعليم، يقول: نعرف جميعا: أن الأرض قد حرمها الله على أجساد الأنبياء والشهداء، فهل حرمت أيضا على الصالحين؟ ومن هم الصالحون في التقييم الإسلامي وعند الله سبحانه وتعالى، وهل يعتبر سيف الله المسلول خالد بن الوليد من الصالحين؟ وهل حرمت الأرض على جسمه رغم أنه لم يمت شهيدا، ولكن قيمته بأكثر من قيمة الشهيد، وأيضا ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} (1)   (1) سورة البقرة الآية 130 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 وفي موضع آخر من القرآن الكريم قال الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (1) {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (2) {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} (3) {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (4) صدق الله العظيم، هنا ذكر الله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين أن إبراهيم عليه السلام كان من الصالحين، فهل كان سيدنا إبراهيم عليه السلام نبيا، كما نعلم جميعا أم صالحا كما ذكر الله سبحانه وتعالى، في كتابه العزيز، أرجو التوضيح تجاه هذه القضايا، جزاكم الله خيرا وعن المسلمين؟ (5) ج: قد صح الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: «أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء (6)»، أما الشهداء الصالحون فلم يرد فيما نعلم ما يدل على تحريم أجسادهم على الأرض، وإنما ذاك في الأنبياء خاصة، كما جاء به الحديث، ولا ريب أن أصحاب   (1) سورة النحل الآية 120 (2) سورة النحل الآية 121 (3) سورة النحل الآية 122 (4) سورة النحل الآية 123 (5) السؤال الأول من الشريط، رقم 112. (6) أخرجه الإمام أحمد في مسند المدنيين، حديث أوس بن أبي أوس الثقفي برقم 15739. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 النبي صلى الله عليه وسلم كلهم من الصالحين، وهكذا خالد بن الوليد هو من أصلح الصالحين رضي الله عنه وأرضاه، وهكذا جميع الأنبياء والمرسلين كلهم من الصالحين وإن كانوا أنبياء فوصف الصالح يعم الجميع، وإذا أطلق الصالحون فهو يعم الأنبياء والمرسلين وجميع عباد الله المؤمنين الذين استقاموا على دينه، وأدوا حقه وحق عباده، يقال لهم صالحون كلهم، وهكذا قال الله جل وعلا في شأن إبراهيم سماه وأدخله في الصالحين لكونه ممن قام بحق الله وحق عباده؛ ولهذا قال جل وعلا: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} (1). فهو مصطفى مختار، وهو خليل الرحمن وهو أفضل الأنبياء وأكملهم بعد نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ونبينا هو سيد ولد آدم، وهو خليل الله الثاني، فإبراهيم ومحمد هما الخليلان، وإبراهيم هو جده ومحمد حفيد إبراهيم، وهو أفضل الأنبياء ويليه في الفضل جده إبراهيم عليهم الصلاة والسلام جميعا، وعلى سائر أنبياء الله ورسله، والصالحون إذا أطلقوا عموا الأنبياء والصالحين والشهداء، وجميع من اتقى الله وأدى حقه وحق عباده يقال له صالح، وإذا أضيفوا إلى الأنبياء والصديقين والشهداء صاروا غيرهم، كما في قوله جل وعلا: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (2)، فجعل   (1) سورة البقرة الآية 130 (2) سورة النساء الآية 69 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 الصالحين في المرتبة الرابعة وهم غير الأنبياء وغير الصديقين وغير الشهداء، والمرتبة الأولى مرتبة الأنبياء والرسل، ثم يليهم مرتبة الصديقية، ثم يلي ذلك مرتبة الشهداء ثم عم الصالحين، والصالح من عباد الله هو الذي أدى حق الله وحق عباده، يقال له: صالح، أدى حق الله يعني أدى أوامره واجتنب نواهيه وأدى حق العباد فلم يظلمهم، بل أدى حقوقهم مثل حق الجوار، وحق المؤمن على أخيه، وحق الوالدين، وحق الرحم، إلى غير ذلك. فالصالح من عباد الله هو الذي أدى حق ربه رغبة فيما عنده، وإخلاصا له سبحانه، وأدى حق العباد ولم يظلمهم، ولم ينقصهم حقوقهم، فهذا يقال له: صالح ويقال له: مؤمن، ويقال له: مسلم ويقال له: تقي؛ ويقال: له بر، فالصالحون هم الأبرار وهم الأتقياء وهم المتقون، وهم المؤمنون وهم المسلمون وهذه الأوصاف تشمل الأنبياء والصالحين، الأنبياء يقال لهم مسلمون، ويقال: صالحون، ويقال: مؤمنون ويقال: متقون، ويقال: أبرار. لكنهم يمتازون بالنبوة والرسالة فهم في المرتبة العليا أعلى المراتب، وأفضلها مرتبة الأنبياء والرسل، والرسل أعلى مرتبة ثم يليهم النبيون، ثم يلي ذلك مرتبة الصديقين الذين كمل تصديقهم، وكمل إيمانهم حتى صارت منزلتهم فوق منزلة الشهداء والصالحين، بسبب كمال صدقهم وكمال تصديقهم وكمال إيمانهم، وكمال تقواهم لله سبحانه وتعالى، ثم يليهم الشهداء الذين باعوا نفوسهم على الله، وقدموها طاعة لله، واستشهدوا في سبيله، ثم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 يليهم عموم المؤمنين وهم الصالحون، وبذلك يتضح لك أيها السائل أن الصالح يوصف به جميع المؤمنين، من أنبياء وغيرهم عند الإطلاق وعند ضمه إلى الرسل والأنبياء والصديقين والشهداء، يكون الصالح في المرتبة الرابعة، يعني الذي أدى حق الله وأدى حق عباده، ولكنه ليس نبيا ولا صديقا ولا شهيدا، ومنهم خالد بن الوليد رضي الله عنه ورحمه، وبقية الصحابة الذين لم يستشهدوا ولم يكونوا من الصديقين هم من هذه المرتبة. وكون إبراهيم الخليل عليه السلام من الصالحين، لا يخرجه عن كونه نبيا، فالأنبياء صالحون، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الخليل إبراهيم هما أفضل الناس، وهما أفضل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ أما خالد بن الوليد رضي الله عنه فقد مات على فراشه، كما روي ذلك، وقد يقال إنه أفضل من كثير من الشهداء، أما كونه أفضل من الشهداء على العموم فلا يقال هذا، بل يقال: أفضل من كثير من الشهداء لما أعطاه الله من الفضل العظيم والبسالة في الجهاد، والصبر على الجهاد والقوة في دين الله، وما حصل على يده من النفع العظيم، في قتال أهل الردة وغيرهم، ومن قتال الروم وقتال الفرس، والله جل وعلا جعل له مراتب كبيرة، ومزايا عظيمة، فهو لا شك من الصالحين وهو لا شك أفضل من كثير من الشهداء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 69 - حكم مدح الرسول عليه الصلاة والسلام بشعر فيه غلو س: الأخ أبو محمد، يقول: هل يجوز مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، بمثل هذا الشعر وإنشاده بالمجالس: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم (1) ج: هذه أبيات منكرة شرك، هذه من أبيات البردة للبوصيري لا تجوز، بل هذه من الشرك الأكبر، أعوذ بالله، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من جوده الدنيا وضرتها، ضرتها الآخرة، هذا من جود الرب جل وعلا، ما يملكه النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعلم ما في اللوح والقلم عليه الصلاة والسلام، ما يعلم الغيب عليه الصلاة والسلام، وفي قوله: ما لي من ألوذ به سواك، هذا معناه جعله المعاذ والملاذ، وهذا شرك أكبر، نعوذ بالله إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا ........................... ، يعني يوم القيامة، معناه: أنه هو الذي يجير من النار، وهذا شرك أكبر نعوذ بالله، الذي يجير من النار هو الله وحده، ولكن اتباع النبي من أسباب السلامة من النار؛ أما النبي فلا يملك الدنيا   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط، رقم 434. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 والآخرة، ولا يجير من النار بل هو عبد مأمور عليه الصلاة والسلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 70 - حكم تقبيل القبور والاستغاثة بها س: أسألكم عن زيارة قبور الصالحين وتقبيل الحجر، يعني النصايب، هل هذا يجوز أم لا، وعن مديح المشايخ، هل هذا يجوز أم لا؛ وعن المدد أو الاستمداد من غير الله، مثل مدد يا شيخ الفلاني، هل هو في قبره يمدني أم لا؟ أفيدونا إننا غشماء عن هذه ولا ندري، هل هذا القول يجوز أم حرام؟ (1) ج: زيارة القبور للصالحين وللمسلمين عموما سنة، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بزيارة القبور وحث عليها وقال: «إنها تذكر الآخرة (2)» وتزهد في الدنيا وتذكر الموت، وقال عليه الصلاة والسلام. «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (3)»؛ وكان يعلم أصحابه عليه الصلاة والسلام إذا زاروا القبور أن   (1) السؤال التاسع من الشريط، رقم 37. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم 22496. (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (1)»، وفي حديث عائشة يقول: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (2)» وعلينا معشر المسلمين أن نعلم هذا الحكم ويشرع لنا أن نفعل ذلك بأن نزور القبور للذكرى والرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا والإحسان للموتى بالدعاء لهم، الإنسان يزورهم ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة والعافية وليتذكر الآخرة؛ لأنه صائر إلى ما صاروا إليه من الموت حتى يستعد للآخرة، أما تقبيل القبور فلا. ما يقبل النصايب ولا التراب ولا الجدران إن كان عليها جدران ولا القضبان إن كان هناك قضبان، كل هذا منكر لا يجوز ومن الغلو، ولا يجوز البناء على القبور. القبور يجب أن تكون مكشوفة ليس عليها بناء، واتخاذ القباب عليها من البدع، وهكذا بناء المساجد عليها من البدع التي أنكرها الرسول صلى الله عليه وسلم ونهى عنها قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)»، وقال   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور .. برقم 529. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 جابر رضي الله عنه: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المشي والقعود عليها والبناء عليها والكتابة عليها، فليس لأحد أن يبني على القبور، لا قبابا ولا مساجد ولا غير ذلك وليس له أن يقبلها ولا يتبرك بترابها ولا أن يطلب من الشيخ المدد كما سيأتي، ولا يجوز أن يقول: يا رسول الله مدد مدد؛ ولا يا فلان للشيخ عبد القادر أو يا شيخ سيد بدوي أو يا حسن أو يا حسين أو يا فلان أو يا أبا حنيفة أو يا أبا فلان، كل هذا لا يجوز، المدد لا يطلب من الميت بل يطلب من الله جل وعلا ويقول: يا رب أغثني يا رب ارحمني، يا رب اشف مريضي، يا رب ارزقني، أما طلب المدد من الموتى فهو من الشرك بالله عز وجل، من الشرك الأكبر، من عمل الجاهلية فلا يقبل الحجارة ولا النصايب ولا التراب ولا أخذ التراب للبركة. ولا يطلب المدد من المخلوق من الميت أم الحي الحاضر، تقول: يا أخي ساعدني في كذا، أعني على كذا، وتعني الحي الحاضر القادر، لا بأس لكن الميت لا نقل: المدد المدد؛ ولا نقل: اشف مريضي، انصرني على عدوي، لا يقول هذا للميت، الميت انقطع عمله، وليس له التصرف في الكون، بل التصرف لله وحده سبحانه وتعالى، وهو المتصرف في كل شيء، وهو القادر فوق عباده، هو النافع الضار، هو المعطي المانع سبحانه وتعالى. أما الميت فهو مرتهن بعمله ليس له تصرف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية (مثل الأوقاف التي يوقفها في حياته)، أو علم ينتفع به (كتب ألفها أو طلبة علمهم، له أجر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 ذلك) أو ولد صالح يدعو له (1)». أما كونه يتصرف في الكون، أو يمد هذا أو يضر هذا فهذا منكر لا حقيقة له، ولا صحة له؛ فالاستغاثة بالأموات والنذر لهم والتقرب إليهم بالذبائح الطلب منهم المدد والغوث كل هذا من فعل الجاهلية، من عمل أهل الشرك، وهو شرك أكبر يجب الحذر منه، ولذلك أيها السائل عليك أن تبلغ من يفعل هذا بأنه منكر وشرك يجب ترك ذلك، والتوبة إلى الله من ذلك لأن هذا من عمل الجاهلية، كذلك مديح المشايخ، المديح فيه تفصيل: ترك المديح أولى لأنه قد يسبب الغلو، وقد يعجب الممدوح بنفسه وربما أكسبه الكبر والخيلاء، ترك المديح أولى، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب (2)». فالمدح فيه خطر، قال سيد الخلق عليه الصلاة والسلام: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله (3)»، نهى عن الزيادة في مدحه، والإطراء والغلو؛ لأن هذا قد   (1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته برقم 1631. (2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على الممدوح برقم 3002. (3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت .. ) برقم 3445. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 يفضي إلى الشرك، ولهذا خاف على أمته عليه الصلاة والسلام نهاهم عن إطرائه كما فعلت النصارى حتى قالت في ابن مريم: إنه ابن الله، وحتى عبدوه من دون الله، بسبب الغلو والإطراء، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإطراء، وأن لا يمدح إلا بحق، يمدح بصفاته أنه رسول الله، أنه عبد الله ورسوله، أنه الأمين أن الله بعثه رحمة، أنه يشفع للناس يوم القيامة، أنه سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، يمدح بما وصفه الله سبحانه به عليه الصلاة والسلام، لكن لا يجوز الغلو فيه أن يعبد من دون الله أو يستغاث به أو يطلب منه المدد أو النصر على الأعداء بعد موته عليه الصلاة والسلام، لا، هذا غلو هذا إطراء منكر، والمشايخ يجب عليهم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، بكراهة المدح، وأن لا يتساهلوا في هذا؛ لأن إطلاق المديح لهم من أتباعهم أو من طلبتهم، قد يفضي إلى شر وإلى عجب، وإلى خيلاء وكبر. فينبغي للعلماء أن يكرهوا المدح وأن لا يسمحوا لأتباعهم ولا طلبتهم بالتوسع في هذا، أما المدح القليل، مما فيه التشجيع على الخير، والتقوية على الخير، والتنشيط عليه فلا بأس قد مدح النبي بعض الصحابة، وقال لعمر: الفاروق: «ما سلكت فجا إلا سلك الشيطان فجا غير فجك (1)» يعنيه رضي الله عنه، فالمدح القليل الذي   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الأدب، باب التبسم والضحك برقم 6085. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 لا يخشى منه شر، لا بأس به للتشجيع على الخير، والدعوة إليه، أما التوسع في المديح والإكثار فيه، فالأولى تركه، ولو كان بحق لأنه يخشى منه الفتنة إذا كان الممدوح حيا يخشى عليه الفتنة. س: يسأل المستمع ويقول: ما هو حكم زيارة قبور من يقال بأنهم من الصالحين، أو الأولياء أو الأقطاب، أو الأسياد، أو المشايخ، ويقدم لهم الحلوى والمأكولات عند تلك القبور للزوار، بعضهم البعض، والدعاء بجاه أولئك السادة، أن يشفع الله للزائر ويقضي حاجته؟ (1) ج: زيارة القبور سنة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة (2)»، لكن كونه يستشفع بهم أو يتوسل بهم، لا يجوز، أو يقرأ عندهم، أو يزورهم ليطعم الطعام هناك، ويتصدق وغيره فلا، هذا ما هو بمشروع، هذا بدعة؛ ولكن يزورهم للسلام فقط، والدعاء لهم فيقول: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، نسأل الله لنا ولكم العافية (3)»، كما أمر النبي الصحابة قال: «زوروا القبور فإنها   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط، رقم 434. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر برقم 1053. (3) مسلم الجنائز (975)، النسائي الجنائز (2040)، ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547)، أحمد (5/ 353). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 تذكركم الآخرة (1)»، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (2)»، وكان يقول في دعائه لهم: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين،» هذا هو السنة. أما أن يزورهم للصدقة عند قبورهم، أو لدعائهم من دون الله، أو للتوسل بهم، أو للطعام عندهم، كل هذا لا يجوز، ودعاؤهم والاستغاثة بهم شرك أكبر، إذا دعا أهل القبور قال: انصروني، أو أغيثوني من كذا، أو اشفعوا لي هذا منكر من المنكرات الشركية لا يجوز، أو قال: اللهم إني أسألك بجاههم، أو بفلان أو فلان، كل هذا منكر، ولكن يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته وبأعماله الصالحة، كما توسل أهل الغار لما انطبقت عليهم الصخرة، توسلوا بأعمالهم الصالحة. أما التوسل بأسماء فلان وفلان فلا يجوز، ولكن يسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، كما قال جل وعلا: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (3)، وهكذا التوسل بالأعمال الصالحة، وبالدين وبمحبة الله ورسوله، كأن يقول: اللهم إني أسألك بإيماني بك وبرسولك، اللهم إني أسألك بمحبتي لك وبمحبتي لرسولك، اللهم إني أسألك ببري لوالدي، واجتنابي ما حرمت علي، يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، وبالأعمال الصالحة، والثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (3) سورة الأعراف الآية 180 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 توسلوا، واحد ببر والديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 71 - حكم التبرع بالأموال لقبور الأولياء س: يقوم بعض الناس بوضع نقود ليست بسيطة على القبور، بما يسمونها قبور الأولياء ثم تجمع هذه النقود ويصرفونها لتعمير القباب وزخرفتها ووضع الأنوار عليها واستعمال مكبرات الصوت على تلك القباب لمثل دعايات ذلك الولي، كما يؤدون هناك صلاة الفريضة أحيانا داخل المقابر حول ذلك الولي، فما حكم الدين الإسلامي في مثل هذه الأفعال حفظكم الله؟ (1) ج: أولا: التقرب بالنقود أو بالطعام، أو بالخبز إلى القبور هذا منكر، ومن الشرك الأكبر؛ لأنها تقرب إليهم، وعبادة لهم بالصدقات يتقرب إليهم، يرجو بهذا فضلهم وثوابهم وبركتهم مثل لو ذبح لهم، ومثل لو صلى لهم؛ لأن من تقرب بذلك يرى أنهم يصلحون لهذا الأمر، وأنه يتقرب إليهم بالصدقات، أو بالذبائح أو بغير ذلك حتى ينفعوه وحتى يشفعوا له، وحتى يبرئوا مريضه، وحتى يعطوه الولد أو إلى غير ذلك. ثانيا: اتخاذ القباب على القبور أيضا منكر، لا يجوز البناء عليها   (1) السؤال التاسع من الشريط، رقم 74. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 مطلقا، بل يجب أن تبقى مكشوفة ليس عليها بناء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)»، ولما ثبت في الصحيح عن جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها، (2)» فالرسول نهى عن البناء عليها، ونهى عن الكتابة عليها. فالواجب أن لا يكتب عليها، وأن لا يبنى عليها لا قبة ولا غيرها. ثالثا: الصلاة عند القبور لا تجوز، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذها مساجد، وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (3)»، رواه مسلم في الصحيح فنهاهم أن يتخذوها مساجد، ومن صلى عند القبر فقد اتخذه مسجدا، ولو ما بنى عليه قبة، ولو ما بنى عليه مسجدا، ما دام يصلي عند القبور وبين القبور، فإنه بهذا يتخذها مسجدا؛ لأن الرسول عليه الصلاة قال: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (4)»   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (2) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052)، النسائي الجنائز (2028)، أبو داود الجنائز (3225)، أحمد (3/ 339). (3) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور .. برقم 532. (4) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا برقم 438. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 فمن صلى في محل اتخذه مسجدا، ولهذا لا يصلى في المحل النجس، ولو صلى بين القبور، فإذا صلى عند القبور أو إلى القبر، أو في طرف المقبرة كل هذا من الاتخاذ لها مساجد، فالواجب الحذر من ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 72 - حكم الاعتكاف وإقامة حلقات الذكر عند القبور س: الأخ: ع. ي. يسأل ويقول: يأتي ناس لأحد القبور لدينا من جميع البلدان، ويقفون عند القبر، بل ويقيمون لفترة لا تقل عن أسبوع ويعملون حلقات الذكر، فكيف نوجه هؤلاء وبما توجهونهم؟ جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم (1) ج: هذا بدعة، من وسائل الشرك يوجهون بأنه لا يجوز لهم هذا، والمشروع أن يأتوا للسلام والزيارة، ويسلمون على أهل القبور ويدعون لهم، ثم ينصرفون. أما الجلوس عندهم لإقامة دروس، أو قراءة القرآن، أو لأجل الدعاء يوما أو يومين أو أقل أو أكثر فهذا لا يجوز، ليس من سنته عليه الصلاة والسلام، إنما يسلم ويدعو لهم ثم ينصرف، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط، رقم 292. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 العافية يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (1)»، وهكذا كان يفعل صلى الله عليه وسلم، يزور القبور ويسلم عليهم ويدعو لهم ثم ينصرف. أما الجلوس عندهم أسبوعا أو أسبوعين أو يوما أو يومين، للصلاة أو للدعاء أو للقراءة، أو للصدقات، هذا لا أصل له، بل هو من وسائل الشرك والغلو، فإن دعوا الأموات واستغاثوا بهم صار شركا أكبر، دعوهم أو نذروا لهم أو ذبحوا لهم، يتقربون إليهم بذلك أو استعانوا بهم هذا هو الشرك الأكبر، كما قال الله سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2)، وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (4) فسماه شركا ثم دعاؤهم إياهم شرك بهم، فدل ذلك على أنه لا يجوز دعاء الأموات ولا الأصنام ولا الأحجار ولا الكواكب، ولا الملائكة ولا غيره، بل يدعى الله وحده، هو الذي يدعى جل وعلا، هو الذي يسأل سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (5)، فالمؤمن يجتهد في دعاء ربه والضراعة إليه وسؤاله، ولا يدعو معه لا ملكا ولا نبيا، ولا شجرا، ولا حجرا، ولا صنما، ولا جنا ولا كوكبا، ولا غير ذلك. العبادة حق الله وحده.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (2) سورة المؤمنون الآية 117 (3) سورة فاطر الآية 13 (4) سورة فاطر الآية 14 (5) سورة الجن الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 أما الحي الحاضر الذي يسمع كلامك، أو من طريق المكاتبة، أو الهاتف تقول له: افعل كذا، وتأمره بكذا، لا بأس عن طريق الهاتف، عن طريق المكاتبة، أو حاضر عندك، تقول له افعل كذا، أصلح سيارتي، اسق نخلي، أرسل لي كذا وكذا لا بأس بهذا، هذه أمور عادية لا بأس بها، ولهذا قال الله سبحانه في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1) يعني حاضرا عنده، يقدر على إغاثته، بخلاف دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات أو الغائبين، أو الجن، أو الملائكة أو الأشجار أو الأحجار، هذا كله من الشرك الأكبر.   (1) سورة القصص الآية 15 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 73 - الصلاة في المساجد التي فيها قبور س: في مدينة دنقلا بالسودان، مسجد كبير وبه ضريحان لشخصين، يعتقد الناس أنهما من الصالحين، وهذه الأضرحة تزار وتقدم لها القربان، والمقابر من جهة القبلة، ويفصل بينها وبين المصلين حائط المصلى فقط؛ هل يجوز لي أن أصلي في هذا المسجد، لتبليغ الدين، علما بأن المسجد يجمع ناسا كثيرين، من مناطق مختلفة وإذا صليت ما حكم صلاتي، هل أعيدها أم ماذا أفعل؟ (1)   (1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 199. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 ج: بناء المساجد على القبور منكر عظيم، وهو من وسائل الشرك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)»، فلا يجوز البناء على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا جعلها مصلى، فالمسجد الذي فيه قبر أو أكثر، لا يصلى فيه والصلاة فيه غير صحيحة؛ لأن الرسول نهى عنها، ولعن من فعل ذلك، عليه الصلاة والسلام. وقال في الحديث الآخر الذي رواه مسلم، في الصحيح: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)»، فنهى عن اتخاذ القبور مساجد، قال: إنه ينهى عنها، ولعن من فعلها وذمه، فلا يجوز للمسلمين أن يصلوا في المساجد، التي فيها القبور بل يجب نبشها، فعلى الدولة وعلى أهل الحل والعقد، أن ينبشوها ويجعلوها في مقابر المسلمين؛ لتبقى المساجد ليس فيها قبور على الدولة إذا كانت تدين بالإسلام، أن تنبش هذه القبور التي في المساجد، وأن تجعلها مع المسلمين في مقابرهم، حتى تخلو المساجد من القبور، هذا إن كانت القبور بعد المسجد، أما إن كان المسجد بني عليها وهي قديمة، فالواجب أن يهدم المسجد، ولا يصلى فيه ويلتمس   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور .. برقم 532. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 أهل الحي أرضا أخرى، ليس فيها قبور فيعمرون فيها مسجدا، ويصلون فيه، أما المسجد الذي بني على القبور، فالواجب هدمه لأنه أسس على معصية الله، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: «نهى عن تجصيص القبور، والقعود عليها والبناء عليها (1)»، رواه مسلم في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه، والخلاصة أن القبر إن كان جديدا، والمسجد هو الأسبق، وجب نبش القبر، ونقل الرفات إلى المقابر الأخرى، تجعل في حفرة ينصب ظاهرها كالقبر، وهكذا لو كان أكثر من قبر، قبرين أو ثلاثة، كلها تنقل كل رفات قبر تجعل في حفرة وحدها في المقابر العامة، يجعل ظاهرها كظاهر القبور، حتى لا تمتهن ويبقى المسجد خاليا. أما إن كانت القبور هي الأصل، والمسجد هو الحادث بني عليها فيهدم؛ لأنه أسس على غير التقوى، على المعصية فيهدم ويبنى لأهل الحي مسجد في محل آخر ليس فيه قبور، طاعة لله ورسوله عليه الصلاة والسلام، وعملا بما دلت عليه النصوص، وتحذيرا للمسلمين من الشرك وقطعا لوسائله؛ لأن وجود القبور في المساجد من وسائل الشرك، من وسائل الغلو فيها، ووسائل دعائها والاستغاثة بها، والطواف بها ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب الحذر من ذلك، أما   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 إن كان القبر خارج المسجد، عن يمينه أو شماله أو أمامه أو خلفه وليس في داخله، فالصلاة صحيحة، لكن لو تيسر إبعاده في المقابر، يكون أولى حتى لا يغلو فيه أحد، إذا كان خارج المسجد خارج بناء المسجد، عن يمين أو شمال أو أمام أو خلف، الأولى والأفضل أن ينقل لا يبقى القبر عند المسجد، لئلا يغلى فيه وينقل للمقابر العامة، ولكن الصلاة صحيحة؛ لأن المسجد سليم من القبور ليس في داخله قبور، ونسأل الله أن يوفق ولاة أمر المسلمين لتطهير بلادهم من آثار الشرك ووسائله وأن يعينهم على كل خير، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم، وأن يوفق العلماء للقيام بما يجب من النصيحة لولاة الأمور، وإرشادهم إلى الخير وإعانتهم عليه. فإن واجب العلماء عظيم في كل مكان، في السودان وفي غير السودان، وواجب العلماء عظيم، يجب عليهم أن يرشدوا الناس إلى أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أمر منكر، بل شرك أكبر، فإنه لا يجوز الطواف بالقبور، ولا دعاء أهلها، والاستغاثة بهم ولا أن يطلب منهم المدد، هذا منكر عظيم وشرك أكبر. فالواجب على أهل العلم في السودان، وفي مصر وفي الشام والأردن وفي كل مكان، وفي هذه الجزيرة كلها، في اليمن والخليج في كل مكان؛ الواجب على العلماء أن يبينوا أمر الله، ويرشدوا الناس إلى توحيد الله وطاعة الله، وأن ينكروا عليهم المنكرات، حتى يعرف الناس المنكر وحتى يحذروه، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وعليهم واجب عظيم هو واجب الدعوة والبلاغ، والأمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 بالمعروف والنهي عن المنكر، في كل بلد وفي كل دولة، وعلى العلماء إذا كانت الدولة كافرة، أن يرفعوا إليها ويبينوا لها أن هذا الأمر كذا وكذا، حتى تسمح لهم بعمل ما شرع الله، لأنه لا بد من قوة تعين على إزالة المنكر؛ لأن العامة الجهلة قد يعترضون على أهل العلم، فلا بد من الاستعانة بالله ثم بالدولة، حتى تعينهم على هدم المساجد التي بنيت على القبور، وحتى تعينهم على نقل القبور التي وضعت في المساجد تنقل رفاتها إلى المقابر العامة، وليس لأحد أن يفعل ما يحصل به التشويش، بل عليه أن يستأذن من ولاة الأمور، حتى تجري الأمور على طريقة حسنة مضبوطة من جهة ولاة الأمور. وإذا كان ولي الأمر قد جعل الأمر لأمير البلد، وعلماء البلد قاموا بالواجب: العلماء يرفعون لأمير البلد، وأمير البلد ينفذ ويتعاون الجميع على البر والتقوى، كما قال سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1)؛ ولا يجوز للعالم السكوت عن هذا الأمر العظيم، والخطر الكبير يجب على أنصار السنة في مصر والشام والسودان وفي كل مكان، وعلى العلماء جميعا في كل مكان أن يبينوا للناس أمر الله، وأن يشرحوا لهم حقيقة الدين، وأن يوضحوا لهم أنواع الشرك الأكبر والأصغر، وسائر المعاصي حتى يجتنبوها، وحتى يحذروها، ويجب على العلماء أن ينكروا على الناس دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات والنذر للأموات، والذبح لهم وأن يجعل صناديق للنذور، هذا منكر عظيم   (1) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 وشر وخيم، يجب على العلماء أن ينكروه بغاية النشاط، وبالأساليب الحسنة التي يحصل بها إنكار المنكر، فلا يحصل بها تشويش مع ولاة الأمور، بل يتصلون بولاة الأمور، ويخبرونهم بما يجب حتى تتفق الكلمة مع ولاة الأمور في إنكار المنكر، والقضاء على أسباب الشرك والفساد والشرك، فالعلماء واجبهم عظيم، وهم مسئولون أمام الله يوم القيامة، مسئولون عما قصروا فيه، وعما لم يقوموا به من الواجب، هم ورثة الرسل، هم خلفاؤهم، يقول الله سبحانه: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (1) {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) ولا سيما ما يتعلق بالعقيدة والشرك والتوحيد، هي أعظم من غيره. وأصل الدين وأساس الملة عبادة الله وحده، وهو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها لا معبود حق إلا الله، كما قال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (3)؛ وقال سبحانه في سورة لقمان: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} (4) فدعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم وطلب المدد منهم هذا من الشرك الأكبر، سواء كانوا أنبياء أو صالحين أو غيرهم، هذا حق الله، العبادة حق الله وحده لا يدعى إلا الله ولا يستغاث إلا به، الأموات قد انقطعت أعمالهم، إلا مما شرع الله من صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو لأبيه وأمه،   (1) سورة الحجر الآية 92 (2) سورة الحجر الآية 93 (3) سورة البقرة الآية 163 (4) سورة لقمان الآية 30 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 المقصود أنهم لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم، ولا يطلب منهم المدد، ولو كانوا عظماء في الدين كالعلماء والرسل، لا يجوز هذا أبدا، بل دين الله سبحانه إخلاص العبادة لله وحده؛ قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)؛ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)؛ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (3)، هكذا يقول سبحانه، ويقول عز وجل: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (4)؛ {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (5)، أما الحي القادر، لا بأس أن يستعان به، الحي القادر، تقول لأخيك: أعني على كذا يسمع كلامك، أو من طريق الكتابة تقول: يا أخي ساعدني على كذا، أعني على مزرعتي على إصلاح سيارتي، اشتر لي كذا، لا بأس بالتعاون بين الأحياء، أما دعاء الأموات أو دعاء الغائبين يسمعون وهم غائبون بدون واسطة، هذا شرك أكبر، أو دعاء الجن أو دعاء الملائكة، أو الاستغاثة بهم هذا هو الشرك الأكبر، بعث الله الرسل لإنكاره والنهي عنه والتحذير منه، وهو مصادم لقوله عز وجل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (6)؛ ولقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (7)؛ ولقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (8) نسأل الله أن يوفق ولاة الأمور، من الأمراء والعلماء لكل ما فيه صلاح   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة الفاتحة الآية 5 (3) سورة الذاريات الآية 56 (4) سورة غافر الآية 65 (5) سورة الزمر الآية 2 (6) سورة الفاتحة الآية 5 (7) سورة الإسراء الآية 23 (8) سورة الذاريات الآية 56 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 العباد والبلاد، وأن يعينهم على كل خير ويصلح لهم البطانة، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وإيانا وسائر إخواننا، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا كان القبر في هذا المسجد لا يصلي معهم، إنما يجلس وينبههم أو في أوقات أخرى، في غير هذا المسجد، جماعات أخرى، أما إذا كان القبر خارج المسجد لا بأس يصلي معهم، ويذكرهم بالله، ويعلمهم دينهم، أما إذا كان القبر في داخل المسجد، فلا يصلي فيه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)»، هكذا قال عليه الصلاة والسلام، ولكن المؤمن يتحرى الأوقات المناسبة، فإذا جاء وقد صلوا ذكرهم، أو ذكرهم قبل الصلاة، وقال: أحب أن أصلي معكم لولا هذا القبر، والمساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، ويرشدهم أو بعد الصلاة يرشدهم ويعلمهم لا حرج في ذلك والحمد لله. س: ما حكم البناء على القبر بما في ذلك المسجد؟ (2) ج: أما البناء على القبور فهو محرم سواء كان مسجدا أو قبة أو أي بناء لا يجوز ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود، قال: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)» فعلل اللعنة   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (2) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 10. (3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 باتخاذهم المساجد على القبور، فدل ذلك على تحريم البناء على القبور، وأنه لا يجوز، واتخاذها مساجد من أسباب الفتنة بها، لأنها إذا وضعت عليها المساجد افتتن بها الناس، وربما دعوها من دون الله واستغاثوا بأهلها فوقع الشرك، وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي عند مسلم في صحيحه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (1)»، هكذا يقول صلى الله عليه وسلم يحذرنا من اتخاذ المساجد على القبور، فينبغي لأهل الإسلام أن يحذروا ذلك، بل الواجب عليهم أن يحذروا ذلك، وفي حديث جابر عند مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها أو البناء عليها، فالبناء عليها منهي عنه مطلقا واتخاذ القباب والمساجد عليها كذلك؛ لأن ذلك من وسائل الشرك إذا بني على القبر المسجد أو القبة ونحو ذلك عظمه الناس، وفتن به الناس، وصار من أسباب الشرك به، ودعاء أصحاب القبور من دون الله عز وجل، كما هو واقع في دول كثيرة وبلدان كثيرة عظمت القبور، وبنيت عليها المساجد وصار الجهلة يطوفون بها، ويدعونها ويستغيثون بأهلها، وينذرون لهم ويتبركون بقبورهم ويتمسحون بها، كل هذا وقع بأسباب البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذا من باب الغلو الذي حرمه الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو في الدين فإنما   (1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين (1)»، وقال: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون (2)»، يعني: المتشددين الغالين. والخلاصة أنه لا يجوز البناء على القبور لا مسجد ولا غير مسجد ولا قبة وأن هذا من المحرمات العظيمة، ومن وسائل الشرك، فلا يجوز فعل ذلك، وإذا وقع فالواجب على ولاة الأمور إزالته وهدمه وأن لا يبقى على القبور مساجد، ولا قباب بل تبقى ضاحية مكشوفة كما كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم والسلف الصالح، ولأن بناء المساجد على القبور من وسائل الشرك، كذلك القباب والأبنية الأخرى كلها من وسائل الشرك فلا تجوز بل الواجب إزالتها وهدمها؛ لأن ذلك هو مقتضى أمر النبي صلى الله عليه وسلم، هو أمر عليه الصلاة والسلام بأن تزار القبور للذكرى والعظة ونهى عن البناء عليها، واتخاذ المساجد عليها؛ لأن هذا يجعلها آلهة يجعلها أوثانا تعبد من دون الله، فوجب امتثال أمره بالزيارة يعني شرع لنا أن ننفذ الأمر بالزيارة المشروعة فالزيارة مستحبة، يشرع لنا أن نزورها للذكرى والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، لكن لا نبني عليها لا مساجد ولا قبابا ولا أبنية أخرى؛ لأن البناء عليها من وسائل الشرك، والفتنة   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس رضي الله عنه برقم 1854. (2) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب هلك المتنطعون برقم 2670. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 بها من الجهة الأخرى، وهي وضع القبور في المساجد يدفن الميت في المسجد، هذا لا يجوز أيضا بعض الناس إذا مات قال: ادفنوني في المسجد هذا لا يجوز دفنه في المسجد بل يجب أن ينبش وينقل إلى المقبرة إذا دفن أحد في المسجد ينبش وينقل إلى المقبرة ولا يجوز بقاؤه في المسجد أبدا، هذا هو الواجب على أهل الإسلام ألا يدفنوا في المساجد يعني ليس لأحد أن يدفن في المسجد ينبش ينقل إلى المقبرة العامة. س: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (1)»، وله أحاديث تنهى عن بناء المساجد على القبور، فإذا وجد القبر، فعلينا التسوية، والمسجد النبوي أسأل الله أن يطعمني زيارته، ولكن من زار المسجد النبوي، وجد أن قبر النبي بارز غير مسوى مع الأرض، ويصلى عليه أحيانا، أنا أسأل مع السائلين هل هناك رخصة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم فقط وهذا غير وارد. أفتونا جزاكم الله خيرا؟ (2) ج: النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته، والصحابة رأوا دفنه في البيت حتى لا يتخذ قبره مسجدا، هذا هو الأصل لكن لما وسع أمير المؤمنين في وقته الوليد بن عبد الملك في المائة الأولى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أدخل   (1) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532). (2) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط، رقم 306. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 الحجرة في المسجد، ومن ذلك الوقت دخلت في المسجد، وإلا فهو مدفون في بيته عليه الصلاة والسلام، فلا حجة فيه لأحد من الناس؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يدفن في المسجد، وإنما دفن في بيته، ودخلت الحجرة برمتها في التوسعة. أما الناس فلا يجوز لهم أن يدفنوا في المساجد، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)»، فلا يجوز الدفن في المساجد، ولا يجوز بناء مساجد على القبور، فكل هذا منكر، لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، والواجب الحذر من ذلك، أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يدفن في المسجد، بل دفن في بيته، ولكن عند التوسعة أدخل البيت في المسجد، وكان هذا من أخطاء الوليد عفا الله عنه.   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 74 - حكم من يقصد قبور الأولياء للغوث والشفاعة س: السائل من الجزائر يقول: تعلق بعض الناس بالصالحين وهم موتى، فترى هذا الإنسان يذهب إلى هؤلاء الموتى يطلب منهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات مع أن هؤلاء ماتوا، ويزعم أنهم صالحون، ما حكم عمل هؤلاء مأجورين؟ (1) ج: ما يفعله بعض الناس من الذهاب إلى قبور الصالحين، أو قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويستغيث، هذا من الشرك الأكبر، هذا شرك المشركين، هذا شرك الجاهلية نعوذ بالله، كان في الجاهلية، يطلبون من الموتى، كما كانوا يسألون اللات ويتقربون إليه وهو رجل صالح، يزعمون أنه كان يلت سويق الحاج فمات فعكفوا على قبره وصاروا يسألونه من دون الله يستغيثون به، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)». فالواجب على كل مكلف أن يتقي الله وأن يراقب الله، وأن يخص الله بالعبادة، فلا يدعو إلا الله ولا يستغيث إلا به، ولا يستجير إلا به هو سبحانه الذي يدعى ويرجى، قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3)   (1) السؤال من الشريط، رقم 419. (2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (3) سورة الجن الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 قال سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1)، قال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2)، قال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (3)، يعني: المشركين، فالذي يقصد أصحاب القبور وإن كانوا صالحين، ويسألهم الغوث أو الشفاعة أو غفران الذنوب، أو السلام من شر الأعداء كل هذا شرك بالله، شرك أكبر، وهكذا دعاء الجن والاستغاثة بالجن، أو بالأصنام والأوثان كل هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. فالواجب الحذر من ذلك، هذا هو دين المشركين، دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات وبالأصنام وبالجن والنجوم هذا شرك المشركين، هذا دينهم الباطل، نسأل الله العافية.   (1) سورة غافر الآية 60 (2) سورة المؤمنون الآية 117 (3) سورة يونس الآية 106 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 75 - حكم الصلاة عند القبور س: يوجد عندنا في العراق، بدع وهي أن بعض الناس يقصدون إلى قبور أولياء الله والصالحين من مكان بعيد وعند زيارة القبر يخلعون أحذيتهم، والقبور مبني عليها شبه المساجد، هل هذا جائز، وعند دخولهم يصلون ركعتين وهي صلاة الزيارة، تقال سنة هل هذا جائز أم لا؟ (1) ج: هذا سؤال مهم وله شأنه العظيم وهو تعظيم القبور للزيارة البدعية، والبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها هذه مسائل ذات أهمية، فينبغي أن يعلم أن الزيارة للقبور سنة؛ لأن النبي عليه السلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)»، ولكن ليس المقصود بهذه الزيارة أن يدعى الميت أو يستغاث به أو يطلب منه المدد أو يتمسح بالقبر أو ما أشبه ذلك، المقصود من الزيارة ذكر الآخرة ذكر الموت والدعاء للميت والترحم عليه إذا كان مسلما، هذا المقصود؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (3)»، وفي   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 26. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 لفظ آخر: «تذكركم الموت (1)»، فالسنة للزائر إذا زار المسلم أن يسلم على المقبورين وأن يدعو لهم بالمغفرة والرحمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (2)»، وفي لفظ: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (3)»، وكان يقول إذا زار البقيع: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (4)»؛ السنة إذا زار القبور هكذا أن يدعو لهم بالمغفرة والرحمة يسلم عليهم ويدعو لهم، هذا هو المشروع، أما أن يزورهم ليدعوهم من دون الله، ويطلب منهم المدد ليستغيث بهم لينذر لهم، هذا من الشرك الأكبر والعياذ بالله، وهذا من عمل الجاهلية، أبي جهل وأصحابه عند القبور، هذا لا يجوز بل هو من الشرك الأكبر، وهكذا الصلاة عند القبور لا تجوز، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (5)»، بل لعن الله   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة قبور المشركين برقم 1572. (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (5) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فلا يجوز الصلاة في القبور، ولا العكوف عندها ولا سؤال أهلها ولا الاستغاثة بهم ولا النذر لهم كما تقدم، ولما رأت أم حبيبة وأم سلمة كنيسة في الحبشة وما فيها من الصور أخبرت بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروه بتلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (1)»، فأخبر أنهم شرار الخلق بسبب تعظيمهم للقبور بالبناء عليها واتخاذ المساجد عليها ونحو ذلك، فالذي يغفله بعض الناس من اتخاذ المساجد على القبور أو اتخاذ القباب على القبور المزينة بالذهب والفضة وغير ذلك كل هذا منكر. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها وعن البناء عليها، فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على القبور المساجد ولا القباب ولا غيرها من الأبنية بل تبقى ضاحية مكشوفة في الجبانة في المقابر إذ يأتي إليها الزائر ويسلم عليهم وهو واقف ثم ينصرف ولا يجوز الصلاة عندها ولا بين القبور ولا التمسح بالتراب، ولا الجلوس عندها للقراءة أو الدعاء كل هذا منكر، وإنما يسلم عليهم ويدعو لهم وينصرف كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وكما فعله أصحابه، وكما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، والصلاة عند القبور من البدع، ومن وسائل الشرك أيضا، النبي صلى الله عليه وسلم قال:   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم 434، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. برقم 528. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا (1)»، دل ذلك على أن القبور لا يصلى فيها ولا يصلى عندها، إنما الصلاة في المساجد، في البيوت، أم القبور فلا؛ لأن الصلاة عندها من وسائل الشرك، من وسائل العبادة من دون الله، وهكذا البناء عليها وهكذا اتخاذ المساجد عليها، وهكذا اتخاذ القباب عليها وفرشها وتطييبها، كل هذا من وسائل الشرك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بما يفعله الناس الجهلة من هذا الشيء كما في بلاد كثيرة يعظمون القبور ويبنون عليها المساجد والقباب، وهذا من المنكرات العظيمة ومن وسائل الشرك كما لا يخفى عند أهل العلم. فوصيتي ونصيحتي للسائل أن يحذر هذا وإذا زار القبور يزورها زيارة شرعية، يسلم عليهم ويدعو لهم إذا كانوا مسلمين وينصرف، أما الصلاة في مسجد على القبر أو عند القبور، فهذا منكر، كذلك الجلوس عندها للدعاء أو القراءة كذلك لا يجوز، وهكذا أعظم وأكبر دعاؤها والاستغاثة بها والنذر لها وطلبها المدد هذا يفعله بعض الجهلة وهو من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر، وكثير من المسلمين عندهم   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الصلاة؛ باب كراهية الصلاة في المقابر برقم 432، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته .. برقم 777. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 جهل كثير في هذه المسائل يفعلون ما يرون العامة يفعلونه عند القبور ولا يعلمون أحكام الشرع في ذلك. والواجب على العلماء في كل البلاد أن يعلموا الناس، ويرشدوا الناس إلى سنة نبيهم عليه الصلاة والسلام وأن يحذروهم من الشرك والبدع، هذا هو الواجب على أهل العلم، في كل مكان ولكن بسبب قلة العلماء وقلة أهل التحقيق، كثر هذا الشر في بلدان كثيرة وظنوه دينا وظنوه شيئا مشروعا وصاروا يسارعون إليه، يحسبون أنهم على هدى وعلى حق في ذلك، وهذه مصيبة، يجب التنبيه عليها ويجب على كل مسلم أن يسأل عما أشكل عليه، وألا يتساهل في الأمور العادية التي يرى عليها آباءه وأسلافه لا بل يسأل، فإن الكفار كان من عاداتهم اتباع أسلافهم على غير بصيرة كما حكى الله عنهم أنهم يقولون: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (1)؛ فلا ينبغي التأسي بالكفرة في ذلك، بل تسألون أهل العلم إن كانوا عندكم، فالمسلم مأمور بالسؤال أو تكتب إليهم في أي بلاد تسألهم عما أشكل عليك من أمور دينك حتى تكون بصيرة؛ لأن الله قال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (2). فالواجب على أهل الإسلام إذا كان ما عندهم علم أن يسألوا، كل إنسان ما عنده علم يسأل عما أشكل عليه في أمور القبور في أمور صلاته في زكاته في صيامه في معاملاته في كل شيء.   (1) سورة الزخرف الآية 23 (2) سورة النحل الآية 43 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 76 - الرد على شبهة جواز الاستغاثة من الأموات س: لقد استمعنا إلى برنامجكم في السعودية كثيرا والبرنامج هو نور على الدرب وأحسسنا على تركيزكم الكبير على زيارة القبور، والتبرك بما فيها من أهل الخير وهم بلا شك فيهم الخير الكثير، وخاصة أنهم يعيشون في كنف الله سبحانه وتعالى، وهم أقرب إليه من غيرهم؛ لأنهم في حضرته، لكن كثرة كلامكم عن عدم جدواهم، جعلتنا نضع عدة أسئلة عندما نريد أن نقوم بزيارة هؤلاء، نرجو منكم أن تصدقونا القول، وفقنا الله وإياكم؛ لأننا نريد إذا لم نكن على صواب، أن نتجنب ما نحن عليه؟ (1) ج: السائل مشكور في طلبه الحق، وهذا هو الذي ينبغي لكل مؤمن أن يسأل عما أشكل عليه، وأن لا يبقى على الجهل؛ لأن الله يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (2)، والموتى في القبور أقسام: منهم ما هو قريب من الله، وفي كنف الله ومرحوم ومن أهل التقوى والإيمان، ومنهم معذب لما غلب عليه من الكفر، والفسق فليسوا على حد سواء، المؤمن الطيب الذي مات على طاعة الله ورسوله على خير عظيم، وموعود بالجنة، وقبره روضة من رياض   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 23. (2) سورة النحل الآية 43 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 الجنة، أما الذي مات على الكفر بالله، كالذين يدعون الأموات، ويستغيثون بالأموات، ويطلبونهم المدد، فهذا كفر يبطل الأعمال، هذا على خطر عظيم، وهو متوعد بالنار والعذاب الأليم لكفره بالله وشركه بالله، وهكذا من مات على المعاصي غير تائب، كالذي يموت على الزنا، وعقوق الوالدين أو على أكل الربا، أو على شهادة الزور، أو على شرب الخمور، وسرقة أموال الناس ونحوها، هؤلاء على خطر عظيم من دخول النار، وعلى خطر أن تكون قبورهم حفرة من حفر النار، نعوذ بالله، فليسوا الموتى على حد سواء. فينبغي أن تعلم أيها السائل أن الأموات أقسام: منهم المرضي عنه، المستقيم الذي مات على تقوى وإيمان، فله الجنة والكرامة، وقبره روضة من رياض الجنة، ومنهم من مات على الكفر والضلال، كالذي يستهزئ بالدين، ويسب الدين، أو يدع الصلاة، أو يسأل الموتى ويستغيث بهم، وينذر لهم ويطلبهم المدد، وما أشبه ذلك، هذا هو الكفر بالله عز وجل، وهم متوعدون بالنار، إذا ماتوا على كفرهم، ومنهم مسلم، لكن مات على المعاصي، مات على شرب الخمر، مات على الربا، مات على الزنا، مات على السرقة، مات عاقا لوالديه، هذا على خطر من دخول النار وإن كان لا يخلد في النار إذا دخلها، لكن على خطر من العذاب في قبره، بسبب معاصيه. فينبغي لك أن تحذر، وأن تكون على بينة، أما زيارة القبور فهي أقسام: إن كانوا مسلمين يزارون للدعاء لهم، والترحم عليهم والاستغفار لهم، ويتذكر الزائر الآخرة والزهد في الدنيا، وقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه، إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (1)»، وكان يقول: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (2)»، فأنت تسأل الله لهم المغفرة والرحمة والعافية، إذا زرتهم، أما دعاؤهم، فتقول: يا سيدي فلان، اقض حاجتي، اشف مريضي، المدد المدد، فهذا شرك بالله، ولا يجوز هذا من عمل الجاهلية، من عمل أبي جهل وأشباهه من كفار الجاهلية كفار قريش وأشباههم، وأنت لا تطلب منهم شيئا فلا يقال لهم المدد، ولا يسألون ولا يطلبون الشفاء، هذا يطلب من الله سبحانه وتعالى، لا منهم، هو القادر على كل شيء جل وعلا، أو يقال: ألا تشفعون لنا، لا يطلب منهم هذا، أيضا، وإنما يستغفر لهم، يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، فينبغي أن تعلم ذلك، وأن تكون على بينة، أما الكفار فلا يزارون مثل قبور اليهود، وقبور النصارى، وقبور المشركين الذين يعبدون غير الله ويستغيثون بالأموات، وينذرون لهم، هؤلاء لا تزار قبورهم، ومن زارها لقصد الاعتبار فلا بأس، مثل زيارة النبي للاعتبار، يعتبر، يتذكر الآخرة، لكن لا يدعى لهم، ولا يترحم عليهم، فقد زار النبي قبر أمه التي ماتت على الجاهلية، واستأذن أن يستغفر لها، فلم يؤذن له أن يستغفر لها عليه الصلاة والسلام، لكن   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 زارها للاعتبار للذكرى فقط، فإن زيارة القبور، قبور الكفار، من النصارى وغيرهم للذكرى والاعتبار، والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، فلا بأس لكن لا تسلم عليهم ولا تدعو لهم؛ أما المسلمون فتزار قبورهم، ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ولا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم ولا يسألون عن الشفاعة، ولا يذبح لهم ولا يطلب منهم النصر ولا المدد كل هذا لا يجوز، كل هذا من الشرك الذي حرمه الله، وهو من عمل أهل الجاهلية. فينبغي لك أيها السائل أن تحفظ هذا، وأن تبلغه لمن وراءك من الإخوان، ينبغي لك أن تحفظ هذا جيدا، وأن تبلغه من حولك، من جيرانك ومن أصحابك وجلسائك، حتى تكونوا على بينة وعلى بصيرة، لأن الله يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) سبحانه وتعالى، فالموتى لا يدعون، وهكذا الملائكة، وهكذا الأنبياء بعد موتهم، وهكذا الكواكب وهكذا الأشجار والأحجار، وهكذا الأصنام كلها لا تدعى من دون الله، ولا يستغاث بها ولا ينذر لها، ولا يتمسح بها، أما النبي الحي، والصالح الحي، الذي يسمع كلامك لا بأس أن تقول له: اشفع لي ادع الله لي، كان الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يدعونه، يقولون: اشفع لنا يا رسول الله، هذا في حياته صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت، كان الصحابة يطلبونه الدعاء والشفاعة صلى الله عليه وسلم، ولا بأس بذلك؛ لأنه في حياته، أما بعد موته فلا، وهكذا إخوانك   (1) سورة الجن الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 إذا كان فيهم رجل صالح، صاحب صلاة وصاحب تقوى، تقول: ادع الله لي يا أخي، وهو يسمع كلامك، حي، يطلب الله لك أن يصلح حالك، يصلح ذريتك لا بأس، المقصود أن الحي الحاضر القادر، لا بأس أن تطلبه بما يستطيعه، كأن يدعو لك، كأن يقرضك شيئا من ماله لحاجتك، كأن تعامله في شيء، لا بأس بهذه الأمور التي بينك وبين الحي الحاضر القادر، أما الموتى، فلا، الموتى لا يطلب منهم شيء ولا يسألون ولا يستغاث بهم، وهكذا الجمادات كالأزلام والأصنام، وكالكواكب وأشباه ذلك، لا تسأل ولا يستغاث بها، وهكذا الغائبون من الجن والملائكة، لا يسألون ولا يستغاث بهم، كل هذا من الشرك بالله عز وجل، لا يجوز فعله مع الملائكة، ولا مع الجن ولا مع الأموات ولا مع الجمادات ولكن تطلب ربك حاجتك، تسأله سبحانه وتعالى أن يشفي مريضك، وأن ينصرك على عدوك، وتسأله المدد من فضله، والعون والتوفيق والهداية، كل هذا يطلب من الله سبحانه وتعالى، وفقنا الله وإياك إلى الاستقامة والبصيرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 س: سؤال عن أولئك الذين يزورون القباب وقبور بعض الصالحين كما يسميهم، ما هو توجيهكم شيخ عبد العزيز ? (1) ج: يعلمون الزيارة الشرعية، يعلمون زيارة القبور الزيارة الشرعية، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور، أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (2)»، وفي حديث آخر قال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (3)»، وفي حديث آخر عليه الصلاة والسلام: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (4)»، هذا وأشباهه يدعى به للموتى، أما وضع القباب على القبور أو بناء المساجد عليها، فهذا لا يجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (5)»، ويقول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: «لا تدع صورة   (1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 151. (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (3) مسلم الجنائز (974)، أحمد (6/ 180). (4) أخرجه الإمام الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر برقم 1053. (5) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته (1)»، وصح عنه عليه الصلاة والسلام من حديث جابر عند مسلم في صحيحه، أنه نهى عليه الصلاة والسلام عن تجصيص القبور والقعود عليها، والبناء عليها. فالقبور لا يبنى عليها بنص النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يتخذ عليها مساجد ولا قباب، ولا تجصص ولا يقعد عليها ولا تمتهن، كل هذا ممنوع ولا تكسى بالستور، كل هذا ممنوع؛ وإنما يرفع القبر عن الأرض قدر شبر تقريبا، ليعرف أنه قبر حتى لا يمتهن ولا يوطأ. فالمؤمن يبلغ إخوانه ويعلمهم، وهكذا طالب العلم وهكذا العلماء، يعلمون الناس ما شرعه الله، والمؤمن يتعلم من العلماء ويعلم من يأتي القبور، يقول لهم: إن الزيارة الشرعية كذا وكذا، أما البناء على القبور، أو سؤال الميت، والتبرك بتراب القبر، أو تقبيل القبر، أو الصلاة عنده كل هذه بدع، لا يصلى عند القبور ولا تتخذ محلا للدعاء، تقصد للدعاء عندها، ولا القراءة عندها، كل هذا من البدع كذلك طلب البركة، منها أو الشفاعة منها أو الشفاء، هذا من أنواع الشرك الأكبر، إذا قال: يا سيدي فلان اشفع لي إلى الله، ويقول للميت: انصرني أو اشف مريضي، هذا لا يجوز؛ لأن الميت انقطع عمله بعد موته إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، أما أنه يطلب منهم شفاء المرضى، أو النصر على الأعداء أو الشفاعة إلى الله   (1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر برقم 969. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 في كذا، أعماله قد انقطعت فلا يجوز طلبهم، بل يطلب من الله سبحانه وتعالى، يقول: اللهم اشفني، اللهم أعطني كذا، اللهم شفع في أنبياءك، اللهم شفع في نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم اللهم شفع في أفراطي، اللهم شفع في الملائكة والمؤمنين، هذا لا بأس به، تطلب من الله جل وعلا. فالخلاصة أن المسلمين ينصح بعضهم بعضا، ويعلم بعضهم بعضا بأمر الشرع، والعلماء عليهم بيان ذلك وتوجيه العامة، لما شرع الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك أن يعلموا الزيارة الشرعية للقبور، التي جاءت في الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام والتي تقدم بيانها ويعلمون أنه لا يجوز البناء على القبور، لا قباب ولا مساجد ولا أبنية أخرى، ولا تجصص ولا يقعد عليها، ولا تتخذ محلا للدعاء عندها، أو الصلاة عندها، والقعود عندها للدعاء أو القراءة، هذا من وسائل الشرك من البدع، أما دعاء الميت والاستغاثة بالميت والنذر له والذبح له، هذا من الشرك الأكبر، نعوذ بالله من عمل الجاهلية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 س: السائل من أديس أبابا، إريتريا يقول: التعلق بقبور الصالحين، وتعظيمها وزيارتها ما حكمه في الشرع جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا فيه تفصيل، أما زيارة القبور فمشروعة، للدعاء لأهلها والترحم عليهم، والاستغفار لهم، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)»، زيارة قبور الصالحين والأخيار والأقارب والدعاء لهم، والاستغفار لهم هذا قربة وطاعة. أما التعلق بالقبور ودعاء أهلها، والاستغاثة بها، هذا شرك أكبر، كونه يدعوهم يا سيدي أغثني، انصرني أنا في جوارك، أنا في حسبك، اقض ديني، أو أصلح ذريتي، أو اشف مريضي، كل هذا من الشرك الأكبر، هذا من دعاء غير الله، فإذا فعل هذا مع قبور الصالحين، أو مع الجن، أو مع الغائبين، أو مع الملائكة، فإن هذا الشرك الأكبر، نسأل الله العافية؛ لقوله جل وعلا: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3)، وقوله جل وعلا: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (4)، وقوله سبحانه:   (1) السؤال العشرون من الشريط، رقم 416. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (3) سورة الزمر الآية 65 (4) سورة المائدة الآية 72 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (1) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (2) فسمى دعاءهم شركا، قال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3)، هذا محل إجماع بين أهل السنة والجماعة، ليس فيه نزاع، الذي يدعو الأموات، ويستغيث بالأموات، أو بالجن أو بالملائكة، أو بالأنبياء أو ما أشبه ذلك، هذا كله شرك أكبر؛ لأن الأنبياء كلهم قد ماتوا، ولم يبق منهم إلا عيسى، مرفوع غائب في السماء والملائكة غائبون، فلا يجوز دعاؤهم ولا الاستغاثة بهم، وهكذا الغائبون من الناس لا يدعون ولا يستغاث بهم، إلا من طريق حسي، كالمكاتبة، أو التليفون وهو في بلد أخرى، يقول: أقرضني كذا، أو أرسل لي كذا، لا بأس مثل الحاضر، إذا كلمه بالتليفون أو بالمكاتبة، لا بأس كالحاضر. أما من يعتقد أن هذا الغائب له سر وأنه يعلم الغيب فيخاطبه من بعيد، اقض حاجتي، انصرني يعتقد فيه أنه يعلم الغيب، ويسمع دعاءه أو يدعو الملائكة، أو يدعو الأموات، ويستغيث بالأموات، كل هذا شرك أكبر، نسأل الله العافية.   (1) سورة فاطر الآية 13 (2) سورة فاطر الآية 14 (3) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 77 - حكم شد الرحال لزيارة قبور الصالحين س: في حضرموت يذهب الناس في وقت محدود من كل سنة إلى زيارة أحد القبور، يقولون: إنه قبر النبي هود، الكائن في شعب هود، وهناك تتم الصلاة، وتتم الزيارة والقراءة، والبيع والشراء فما حقيقة ذلك، وهل قبر النبي هود هناك أم لا؟ (1) ج: لا شك أن هودا عليه الصلاة والسلام كان في الأحقاف، كان منزلهم هناك، بعثه الله إلى قومه هناك، ولكن لا يعلم قبره ولا يدرى عنه، وليس هناك ما يدل على وجوده، فالذين يقصدون قبرا هناك، ليس معهم حجة على أنه قبر هود، ولا يحفظ قبر معلوم للأنبياء سوى قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو المحفوظ في المدينة، وهكذا قبر إبراهيم في المغارة التي في الشام في محله المعروف هناك، من دون أن يعلم عينه، لكنه موجود في المغارة المعروفة هناك في الخليل، وأما بقية الأنبياء فلا تعلم قبورهم، لا هود ولا صالح ولا نوح ولا غيرهم كلهم لا تعلم قبورهم، فمن زعم أن قبر هود في بقعة معينة هناك، وأشار إليه بأنه في المحل المعين، فليس حجة، وليس معه دليل، فقبور الأنبياء لا تعرف، ما عدا قبر نبينا صلى الله عليه وسلم وقبر إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم لو فرضنا أنه صحيح، وأنه قبر هود فإنه لا يجوز شد الرحال إليه، للسلام عليه أو الصلاة عنده أو غير ذلك، لكن لو مر إنسان به وهو   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 22. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 يعلم أنه قبره، وسلم عليه فلا بأس كما يسلم على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، أما أن يزار بشد الرحال فلا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (1)»، فلا يشد الرحال لقبر أي أحد، لا قبر هود ولا غيره، ثم لو فرض أنه مر عليه وزاره، فليس له أن يصلي عند قبره؛ لأن الصلاة لا تجوز عند القبور، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)»، فالصلاة عند القبر اتخاذ له مسجدا فلا يجوز الصلاة عند القبور، ولا اتخاذها مساجد، لو فرضنا أنه علم قبر هود أو غيره، فلا يجوز للمسلمين أن يشدوا الرحال من أجل زيارة القبور، لا قبر هود ولا غيره، وليس للمسلمين أيضا أن يصلوا عند القبور، ولا أن يتخذوا عليها مساجد؛ لأن الرسول زجر عن ذلك عليه الصلاة والسلام فقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1189. (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء برقم 1864، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد برقم 1397. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 ما صنعوا، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1)»، فصرح صلى الله عليه وسلم أنه ينهى عن اتخاذ القبور مساجد، والصلاة عندها اتخاذ لها مساجد، فلا يجوز لأي مسلم أن يفعل ذلك، فلا يشد الرحل إلى قبر أيا كان ولا يصلي عنده، أما إذا مر عليه أو صار في البلد وزاره للسلام على القبور هذا سنة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)»، لكن من دون شد رحل، ومن دون أن تتخذ مساجد ويصلى عندها، أو تتخذ محل القراءة والدعاء، لا، بل يزورها ويسلم على المقبورين، ويدعو لهم وينصرف. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (3)»، وفي لفظ: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (4)»، هذه هي السنة أن تزار القبور، من دون شد رحل ويدعى لهم، ويسلم عليهم، يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، ولك معهم وفي زيارة القبور ذكرى وعظة، فإن الزائر يتذكر الموت، وما بعد الموت ويعتبر ويدعوه هذا إلى إعداد العدة والتأهب إلى الآخرة، أما اتخاذها مساجد أو اتخاذها محلا للدعاء والقراءة، فهذا لا يجوز، وليست محلا للدعاء ولا القراءة، ولا الصلاة، ولكن يسلم   (1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 عليهم ويدعو لهم في عرض السلام، ويكفي ذلك، كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين لنا وحذرنا من خلاف ذلك، فشد الرحال إلى القبور منكر، ولا يجوز، وهكذا الصلاة عندها واتخاذها مساجد، والبناء عليها واتخاذ القباب عليها، كل هذا منكر، ولا ينبغي لك أيها السائل، ولا لغيرك أن يغتر بالناس، فإن أكثر الناس اليوم ليس عندهم بصيرة، وإنما تحكمهم العادات وما ورثوه عن الآباء والأجداد، فاتخاذ المساجد على القبور اليوم في بعض الدول الإسلامية، واتخاذ القباب عليها كله منكر، هو من وسائل الشرك، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)»، يحذر من أعمالهم، وكذلك نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها، والبناء عليها، فلا يجوز أن تجصص ولا أن يبنى عليها، لا قبة ولا غيرها ولا يتخذ عليها مسجد، لأن هذا كله مصادم لما جاء عنه عليه الصلاة والسلام، ولأنه أيضا وسيلة من وسائل الشرك، والغلو في القبور، فالواجب على رؤساء الدول الإسلامية أن يزيلوا ما على القبور من أبنية من قباب ومساجد، وأن تكون القبور بارزة ليس عليها قبة وليس عليها مسجد، هذا هو الواجب في جميع الدول الإسلامية، الواجب عليهم جميعا أن يبرزوا القبور، وأن يزيلوا ما عليها من مساجد وقباب وأبنية، طاعة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم، وامتثالا لأمره، وعملا بشرعه عليه الصلاة   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 والسلام، وأيضا في ذلك سد ذرائع الشرك وحسم موادها؛ لأن الناس إذا رأوا قبرا مشيدا معظما بالقباب والبناء والفرش غلت فيه العامة، وظنت أنه ينفع ويضر، وأنه يستجيب الداعي، وأنه يشفي المريض، وأنه يتوسط بينه وبين الله، فيقع الشرك بالله نعوذ بالله، كما قد وقع لعباد القبور في الزمن الأول، فإنهم عظموا القبور، وزعموا أنها لهم شفعاء عند الله، ودعوهم واستغاثوا بهم، وهذا هو الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. وهذا واقع اليوم في كثير من البلاد الإسلامية، واقع فيها هذا الغلو في القبور، كما يقع في مصر عند قبر البدوي والحسين وغيرهما، وكما يقع في الشام عند قبر ابن عربي وغيره، وكما يقع في العراق عند قبر موسى الكاظم، وأبي حنيفة وغيرهما، وكما قد يقع من بعض الجهال عند قبر النبي في المدينة عليه الصلاة والسلام، بعض الجهال من الحجاج والزوار، قد يقع منهم الشرك عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: يا رسول الله اشف مريضي، انصرني، المدد المدد، اشفع لي، وهذا لا يجوز لا مع النبي ولا مع غيره من الأموات، عليه الصلاة والسلام، وإنما هذا في حياته، في حياته يقال: اشفع يا رسول الله، يعني ادع لنا، وهكذا، يوم القيامة إذا قام الناس من قبورهم يأتيه المؤمنون ويسألونه أن يشفع لهم إلى الله حتى يحكم بينهم وحتى يدخلوا الجنة. أما بعد الموت وقبل البعث في حال البرزخ فلا يطلب منه شفاعة، ولا يجوز أن يطلب منه المدد، ولا غوث ولا نصر على الأعداء؛ لأن هذا بيد الله سبحانه وتعالى، ليس بيد الأنبياء ولا غيرهم، بل النصر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 والشفاء للمرضى والغوث، والمدد كله بيد الله سبحانه وتعالى، وهكذا قد يقع من بعض الجهلة عند قبر خديجة في المعلاه في مكة المكرمة إلا إذا لوحظوا ووجهوا وبين لهم ما يجب عليهم، فأنت أيها السائل ينبغي لك أن تحذر هذه المسائل، وأن تكون على بينة وأن تعلم أن القبور، لا قبر هود ولا غيره، لا يجوز أن تتخذ معابد ولا مصلى ولا مساجد، ولا أن تدعى مع الله، ولا يستغاث بأهلها ولا يطاف بقبورهم، ولا أن يبنى عليها قبة، ولا أن تفرش ولا أن تطيب، كل هذا لا يجوز؛ لأنه من وسائل الشرك، ودعاء الميت وطلب الغوث منه، والمدد وشفاء المريض، وهذا كله شرك بالله عز وجل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 س: الأخ: م. هـ. ع. ق. من حضرموت يقول: تقام في شهر شعبان في بلدتنا حضرموت زيارة لقبر النبي هود عليه السلام، المعتقد أن قبره بالأحقاف، حضرموت، إذ تشد الرحال إلى هناك بمسافة خمس ساعات بالسيارة، حيث يفد إلى هناك جمع غفير من الناس، تعد بالألوف المليئة بالاعتقاد الباطل، كما نعتقد؛ حيث يقومون بصعود جبل، ويصلون إلى غرفة في أعلاه بها قبران أو ثلاثة، وينكبون عليها تمسحا وبكاء ودعاء وتبركا، ثم ينزلون ويفعلون ذلك كل يوم لمدة أربعة أيام تقريبا، وهذا ما يشبهونه بالسعي، وجعلوا أماكن شخصوا فيها جسد النبي هود عليه السلام، فهناك حصاة يقال لها نخرة النبي، أي أنفه، وأخرى ملساء فيها أثر لقدمه وتسمى الدحقة، يبلغ طولها حوالي ثلاثة أذرع، وثالثة يقال لها: قدمية، تعلق فيها النساء اللاتي يردن أزواجا حصيات لكي تحصل على زوج، وكذلك تفعل الأم التي تريد أولادا، ويقولون من الوعظ في هذه الزيارة، إن السلف من الأولياء قد قاموا بتأسيس هذه الزيارة، وإنهم دعوا إليها مثل الفقيه المهاجر أحمد بن عيسى، وهكذا، ويستمرون على هذا المنوال، في شرح هذه الصفة يا شيخ عبد العزيز، في النهاية يرجو توجيهكم ونصحكم، وماذا عليهم أن يعملوا لو تكرمتم؟ (1)   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط، رقم 147. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 ج: أولا: نبي الله هود عليه الصلاة والسلام، لا يعرف قبره وما يزعمون أنه قبر هود في الأحقاف هناك، ليس له أصل ولا يعرف من القبور التي تنسب للأنبياء، سوى قبر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وقبر الخليل في المغارة المعروفة في الخليل في الشام، فلسطين؛ وأما قبر هود وصالح ونوح وغيرهم من الأنبياء، فلا تعرف قبورهم، وما يدعى أن قبر هود موجود هناك في الأحقاف، وأنه في الغرفة التي أشار إليها السائل، كل هذا لا أصل له وليس بصحيح، ولا يعرف قبر هود ولا غيره من الأنبياء سوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وسوى قبر الخليل. المقصود أن هذا الذي يفعلونه منكر ولا يجوز، بل هو من المحرمات الشركية، فإن دعاء نبي الله هود والتبرك بالحصى، الذي ينسب إلى أنه قبره، وأنه من جسده كل هذا شرك أكبر، فالتماس البركة من ذلك، أو الأزواج أو الذرية كل هذا منكر، وكله من المحرمات الشركية، فطلب الأولاد يكون من الله هو الذي يعطي الأولاد سبحانه وتعالى، وهكذا يطلب من الله تيسير الأزواج لا من أحجار تنسب إلى هود أو قبر ينسب إلى هود، بل لا يطلب من هود نفسه عليه الصلاة والسلام، لا يقال لهود: أعطنا أولادا أو بارك لنا في الأولاد. هذا إلى الله سبحانه وتعالى، وما يفعله الجهلة من هذه الأمور كله منكر، يجب إنكاره ويجب على العقلاء نهيهم عن ذلك، وعلى أهل العلم أن يحذروهم من ذلك، وأن لا يغتروا بفعل الجهلة، وما يقوله بعض الصوفية أو بعض عباد الأوثان في هذه المسائل، كل هذا غلط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 فالعبادة حق الله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1) وهو سبحانه المبارك والذي تطلب منه البركة جل وعلا، ولا تطلب البركة من أحجار ولا من قبور ولا من أشجار، ولا من نبي الله هود ولا من غير ذلك. وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم، سأله جماعة من الصحابة لما رأوا شجرة يتعلق بها المشركون ويعلقون بها أسلحتهم، يرجون بركتها، «قالوا يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، قال عليه الصلاة والسلام: " الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى، اجعل لنا إلها كما لهم آلهة (2)»، شبه قولهم " اجعل لنا ذات أنواط " بقول بني إسرائيل " اجعل لنا إلها "؛ ومعلوم أن اتخاذ الآلهة مع الله كفر أكبر، فلا يجوز أن يتخذ مع الله إلها، لا من الأصنام ولا من الأشجار، ولا من الملائكة ولا من الرسل، ولا من سائر الناس ولا من الجن، بل حق الله أن يعبد سبحانه وتعالى، حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وهو القائل سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3)، وهو القائل عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4)، وهو القائل سبحانه:   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه برقم 21390. (3) سورة البينة الآية 5 (4) سورة الإسراء الآية 23 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (1)، وهو القائل عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (2)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لما سأل معاذا عن حق الله على العباد، قال له معاذ: الله ورسوله أعلم، فقال عليه الصلاة والسلام: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (3)»، فحق الله على العباد أن يعبدوه وحده في دعائهم وسؤالهم، وصلاتهم وصومهم وذبحهم ونذرهم وطلب البركة، كل ذلك إلى الله وحده سبحانه وتعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (4)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله (5)»، وهكذا ما يفعله بعض الجهلة، عند قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من دعائه أو الاستغاثة به أو طلبه النصر أو المدد، كل ذلك من المحرمات الشركية وهكذا ما يفعله بعض الناس عند قبر البدوي، أو الحسين بن علي رضي الله عنه أو عند قبر ابن عربي في الشام، أو عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، فما يفعله الجهلاء من دعائهم والاستغاثة بهؤلاء وطلب المدد منهم، كل هذا من الكفر بالله، ومن الشرك بالله سبحانه وتعالى.   (1) سورة غافر الآية 14 (2) سورة الزمر الآية 2 (3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار، برقم 2856، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، برقم 30. (4) سورة البقرة الآية 163 (5) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس رضي الله عنهما برقم 2664. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 فالواجب: إخلاص العبادة لله وحده، وأن لا يدعى سواه جل وعلا، وأن لا يطلب النصر من الأموات، ولا من الأشجار والأحجار، ولا المدد ولا الشفاء كل ذلك يطلب من الله وحده سبحانه وتعالى، أما المخلوق فيطلب منه ما يقدر عليه، إذا كان حيا حاضرا ما هو الميت، الميت ما يطلب منه شيء، ولا الغائب، إنما يطلب من الحي الحاضر، إذا كان يقدر يقال: يا أخي ساعدنا في كذا، أعنا على كذا فيما يقدر عليه، أقرضنا كذا، أو ساعدني علي إصلاح البيت، على إصلاح السيارة، يقوله له مشافهة أو من طريق المكاتبة أو الهاتف، لا بأس. أما الأموات والأشجار والأحجار والأصنام والنجوم، هذه كلها لا تسأل ولا تطلب منها شيء، بل ذلك من الشرك الأكبر نعوذ بالله، بل ذلك من عبادتها من دون الله سبحانه وتعالى، فيجب على أهل الإسلام أن يحذروا ما حرم الله عليهم، وأن يتثقفوا في دينهم، وأن يسألوا العلماء المعروفين بالسنة، والمعروفين بالعقيدة الصحيحة، على العامة أن يسألوهم عن دين الله، وعما أشكل عليهم، وألا يعملوا بمجرد العادات، والآراء التي يفعلها الجهلة، يقول الله سبحانه: {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (1)، ويقول عز وجل {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (2) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (3)، الصلاة لله والذبح لله، وهكذا الدعاء،   (1) سورة الأنعام الآية 163 (2) سورة الكوثر الآية 1 (3) سورة الكوثر الآية 2 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 يقول سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، فهو الذي يدعى ويرجى سبحانه وتعالى، وهو الذي يتقرب إليه بالنذور، والذبائح والصلاة والصوم ونحو ذلك، نسأل الله أن يوفق المسلمين للبصيرة في دينهم، وأن يصلح علماء المسلمين، وأن يوفقهم لتبصير إخوانهم وتعليمهم ما أشكل عليهم.   (1) سورة الجن الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 78 - حكم غسل قبور الأولياء والتمسح بها س: في حضرموت وفي مدينة سيئون يذهب الناس في وقت محدد من كل سنة إلى زيارة قبة علي حبشي يقال: إنه أحد الأولياء وفي هذه القبة قبره، والطريقة المتبعة هي غسل وتلبيس القبر ثم ثاني يوم وقفة مع خطبة لأحد العلماء، وذلك قبل شروق الشمس، نرجو أن تفتونا بذلك مع الدليل، وما حكم زيارة القبور والتمسح بالقبر أو الشخص العالم الولي؟ (1) ج: هذا القبر المسئول عنه لا نعلم له أصلا، ثم لو عرف فإن البناء على القبور وتخصيص يوم معين لزيارتها واتخاذها أعيادا أمر منكر، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا تتخذوا قبري عيدا   (1) السؤال العشرون من الشريط، رقم 11. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 ولا بيوتكم قبورا (1)»، فلا يجوز أن تعظم القبور بالبناء عليها ولا اتخاذها مساجد، ولا باتخاذها أعيادا يجتمع إليها في السنة مرة أو مرتين، كل هذا مما أحدثه الناس، وإنما المشروع أن تزار فيما يسر الله من الأيام، من غير تحديد يوم معين تزار ويدعى للميت، ويترحم عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)»، وفي لفظ: «تذكر الموت (3)»، فيزورها المؤمن، يزورها الرجال، أما النساء منهيات عن زيارة القبور، لكن يزورها الرجل، ويسلم على المقبورين، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة، هذا هو المشروع من دون شد رحل، أما شد الرحال إلى القبور فلا يجوز، وإنما تشد الرحال للمساجد الثلاثة فقط، المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، هكذا بين النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (4)». أما شد الرحال لقبر معين أو لقبور معينة، فهذا منكر وخلاف السنة، ثم قصد القبور للدعاء عندها، أو الصلاة عندها، أو القراءة عندها أمر منكر، ومن وسائل الشرك فلا تتخذ محلا للدعاء، والصلاة والقراءة، بل هذا من نوع اتخاذها مساجد، فلا يجوز ولا يجوز البناء   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه برقم 8804. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة قبور المشركين برقم 1572. (4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1189. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 عليها لا بقبة ولا بسقف، لا يتخذ القبر مصلى، ولا يبنى عليه قبة، ولا يفرش ولا يطيب؛ لأن هذا من وسائل الشرك، من وسائل الغلو فيه، فلا يجوز هذا العمل، الذي ذكره السائل من قصد القبر وتغسيله وتعظيمه، والاجتماع عنده والتبرك به كله من المنكرات التي حرمها الله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)»، وقال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)»، فلا يجوز أن تتخذ مساجد ولا يبنى عليها ولا يصلى عندها، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا، فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة»، فدل ذلك على أن القبور ما هي محل مساجد، ولا محل قراءة، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام، فيما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها (3)»؛ رواه مسلم في الصحيح؛ فالقبور لا يبنى عليها لا قبة ولا غيرها، ولا يبنى عليها مسجد، ولا تتخذ محلا للدعاء والصلاة والقراءة، ولكن تزار في البلد من دون شد رحل، يزورها في البلد، أو المار عليها فيسلم عليهم، ويدعو لهم ويستغفر لهم، وفيها   (1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته … برقم 780. (2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (3) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052)، النسائي الجنائز (2029)، أبو داود الجنائز (3225)، ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1562)، أحمد (3/ 332). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 عبرة وذكرى للزيارة يذكر الموت ويذكر الآخرة، ويذكر ما صاروا إليه هؤلاء الأموات؛ فيستعد للقاء الله عز وجل، هذا هو المشروع، فينبغي الحذر مما أحدثه الجهال ومما يفعله الجهال من الغلو في القبور ودعاء أهلها والاستغاثة بهم، والنذر لهم وطلبهم المدد فإن هذا من الشرك الأكبر، بأن يقول: يا سيدي فلان المدد المدد الغوث الغوث، اشف مريضي انصرنا على أعدائنا، هذا من الكفر والشرك الأكبر، وإنما يطلب من الله، هو الذي يمد العباد وهو الذي ينصرهم، وهو الذي يشفي المرضى سبحانه وتعالى، أما الميت فليس عنده قدرة، لا يشفي نفسه ولا يشفي غيره، فدعاؤه والاستغاثة به، والنذر له والذبح له وطلبه المدد، كل هذا من عمل الجاهلية، ومن الشرك الأكبر، فيجب الحذر من ذلك، والله المستعان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 79 - حكم نصب القباب على قبور الصالحين س: ما حكم نصب القباب على قبور الصالحين بقصد تشريفهم وتكريمهم، وما حكم التبرك بها والاستشفاء بها، والصلاة عندها وخاصة صلاة الأعياد، وبماذا تنصحون الناس جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: نصب القباب على القبور منكر، ومن وسائل الشرك، وهكذا   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط، رقم 291. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 البناء عليها من مساجد، كله منكر من عمل اليهود والنصارى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)». فالواجب الحذر من ذلك، وعدم التشبه بهم؛ لأنهم فعلوا ما يسبب الشرك، والرسول ذمهم على هذا ولعنهم عليه، والواجب هدمها، الواجب على ولاة الأمور إذا كانوا مسلمين أن يهدموها أو يزيلوها وتبقى القبور مكشوفة ليس عليها قباب ولا مساجد، كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة وكما كانت عند أهل السنة في مقابرهم، وكما في المملكة العربية السعودية بحمد الله فإنها مكشوفة وليس عليها بناء ولا يجوز التبرك بها، ولا دعاء أهلها ولا الاستغاثة بهم، ولا النذر لهم بل هذا من الشرك الأكبر، دعاؤهم والاستغاثة بهم والنذر لهم وطلب البركة منهم كله من الشرك الأكبر، نعوذ بالله، وهكذا الذبح لهم، فيجب على المسلم أن يحذر هذه الأمور وأن يحذر غيره.   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 80 - حكم ذبح الذبائح عند القبور وأكل لحمها س: السائل يقول: يوجد مقابر بجوارها مقام يذبح عند هذا المقام ذبائح نذرت لله، ولكن لا تذبح إلا في هذا المكان وإذا نهاهم أحد قالوا: إنما نذبح لله ولكن بجوار الأولياء علما بأنهم يأتون من أماكن متفرقة وأماكن بعيدة للذبح في هذا المكان ثم يجلسون لتناول الطعام بنفس المكان، فهل هذا حلال أم حرام أفيدونا بذلك؟ (1) ج: هذا بدعة ووسيلة للشرك، مجيئهم للذبح عند القبور بدعة ولو قالوا: إنها لله، أما إن كانت لأصحاب القبور فشرك أكبر والعياذ بالله قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (3)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (4) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (5)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (6)»، فإذا ذبحوا للأموات يتقربون لهم صار شركا أكبر، كما يذبحون للأولياء يرجون شفاعتهم، أو شفاء مرضاهم، أو ما أشبه   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 367. (2) سورة الأنعام الآية 162 (3) سورة الأنعام الآية 163 (4) سورة الكوثر الآية 1 (5) سورة الكوثر الآية 2 (6) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، ولعن فاعله برقم 1978. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 ذلك أو يدعونهم أو يستغيثون بهم، أو ينذرون لهم أو يطوفون بالقبور، كل هذا شرك أكبر؛ أما إن كان الذبح لله ولكن يرون أن هذا المحل مناسب أنه محل مبارك، هذا غلط، هذا بدعة لا يجوز لأنه وسيلة للشرك وبدعة في الدين؛ ولأنه كثيرا ما يرد مثل هذه الأسئلة؛ نوصي الدعاة أن يوجهوهم إلى الخير وأن يعلموهم ويرشدوهم حتى يكونوا على بينة وعلى بصيرة؛ يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1)، ويقول جل وعلا: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (2)، وقال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (3)، هكذا أتباع النبي صلى الله عليه وسلم يدعون إلى الله على بصيرة يعلمون الناس ويرشدون الناس لا يغفلون، ويقول صلى الله عليه وسلم في حديث علي: «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (4)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (5)».   (1) سورة النحل الآية 125 (2) سورة فصلت الآية 33 (3) سورة يوسف الآية 108 (4) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 2942، والإمام مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 2406. (5) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره برقم 1893. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 س: يسأل ويقول: ما حكم زيارة الأضرحة والتبرك عن الأضرحة؟ (1) ج: الزيارة تقدم الكلام فيها، والأضرحة هي القبور، والسنة الزيارة للدعاء لهم، والترحم عليهم والاعتبار والذكرى، أما للتبرك فلا يجوز فهذا شرك، التبرك بهم، ودعاؤهم من دون الله شرك أكبر، كونه يتبرك بقبورهم أو بترابهم، أو يستغيث بهم أو ينذر لهم أو يقول: يا سيدي فلان اقض حاجتي، أو انصرني، أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك، أو أنا أرجو بركتك، أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر عند أهل العلم، ولكن يزور القبور للذكرى والدعاء لهم، يدعو لهم اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم، يتذكر الموت، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)».، وفي اللفظ الآخر: «تذكركم الموت (3)».   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 292. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة قبور المشركين برقم 1572. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 81 - حكم زيارة قبور الصالحين لجلب النفع ودفع الضر س: يوجد عندنا قبور يقال: إنها قبور بعض الصالحين، ويقوم بعض الناس بزيارتها، لكي تبعد عنهم الشر، وتجلب لهم الخير وتشفي مرضهم بزعمهم؛ لأنهم يقولون: إن هذا الصالح له شأن في هذا الشيء، وعن نهاية زيارتهم يضعون بعض النقود على هذا القبر ما حكم عملهم هذا؟ (1) ج: الحمد لله وبعد: فإن الله شرع لعباده زيارة القبور للذكرى والاستغفار للميتين والدعاء لهم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)»، ويقول لأصحابه عليه الصلاة والسلام، وكان يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (3)»، ويقول عليه الصلاة والسلام إذا زار البقيع: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (4)»، ويقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون (5)»، ثم يقول: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد»، هذه السنة أن يدعى لهم عند الزيارة ويترحم عليهم؛ لأنهم في حاجة إلى الدعاء، أما زيارتهم لطلب الشفاء للمرضى، أو لطلب المدد والنصر على الأعداء   (1) السؤال الأول من الشريط، رقم 277. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (5) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 أو ما أشبه ذلك فهذا من الشرك الأكبر هذا كفر بالله هذا لا يجوز، هذه حال عباد الأوثان يعبدون الموتى والأصنام والأشجار والأحجار والكواكب ويسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب، وشفاء المرضى ويسألونهم المدد لكل ما يعينهم، هذا كله من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من هذا العمل السيئ، قبور الصالحين تزار للدعاء لهم، والترحم عليهم لا للدعاء من دون الله، ولا فرق بين العيدروس ولا ابن علوان، وغيرهما، جميع القبور حتى قبور الأنبياء، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر الصديق وعمر وأهل البقيع، كلهم لا يدعون مع الله، لا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم، حتى النبي صلى الله عليه وسلم يقول الزائر له: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمتك أفضل الجزاء وأحسنه، ولا يدعى من دون الله، ولا يقال له: المدد، ولا اشف مرضانا ولا انصرنا، هذا شرك أكبر، وهكذا عند الصديق، وهكذا عند عمر، وهكذا عند عثمان وهكذا عند علي، وهكذا عند قبور آل البيت جميعا، لا يدعون مع الله، لا يقال: انصرونا أو اشفوا مرضانا، أو أنتم تعلمون حاجاتنا، هذا كله من الكفر الأكبر، والغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، قال الله عز وجل: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (1)، هو الذي يعلم الغيب جل وعلا ولما سقط عقد لعائشة في بعض الأسفار أناخ النبي عليه الصلاة والسلام وطلب العقد، وأرسل   (1) سورة النمل الآية 65 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 من يطلبه ويلتمسه، ولم يعرف أين مكانه عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق وأفضلهم، فلما أقام البعير الذي عليه عائشة وجدوه تحته، فلو كان يعلم الغيب لقال: انظروه تحت البعير، ولم يحتج إلى من يطلبه، ولما قذف المنافقون عائشة، وبعض الناس قلدهم وقذفها، لم يعلم الحقيقة، وتوقف حتى جاءه الوحي بسلامتها وبراءتها، رضي الله عنها وأرضاها؛ فالغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه نبي ولا ملك ولا غيرهما، إلا من علم الله عباده مثل ما أوحى الله إلى أنبيائه، وعلمهم إياه، هكذا لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم وهم أنبياء، قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) هذا عام، نكرة في سياق النهي يعم الأنبياء وغيرهم، قال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2)، فسمى دعاة غير الله كفرة، دعاة الأموات والأنبياء والأشجار والأصنام ونحو ذلك. قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (3)، يعني المشركين، المقصود تحذيره صلى الله عليه وسلم وتحذير الأمة، هو صلى الله عليه وسلم لا يشرك، بل عصمه الله من هذا، لكن المقصود تحذير الأمة، وبيان أن هذا الأمر خطير، وأنه لا يجوز لأحد أن يفعله وهكذا، وقوله   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة المؤمنون الآية 117 (3) سورة يونس الآية 106 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (1)، أوحى الله إليه هذا الأمر ليعلم الناس أن الشرك محرم وأنه أعظم الذنوب وأنه محرم على الأنبياء وعلى غيرهم، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (3) سبحانه وتعالى فجعل دعاء غير الله كائنا من كان من الشرك وأخبر أن المدعوين لا يسمعون دعاء الداعين وأنهم لو سمعوا ما استجابوا. فالواجب الحذر من هذا الشرك الوخيم، وتحذير الناس من ذلك، والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر العظيم، وأن يحذروهم من التعلق على القبور، والتعلق على الأموات والاستغاثة بهم، والنذر لهم وطلبهم المدد والعون، كل هذا من المحرمات الشنيعة، بل من الشرك الأكبر؛ وإذا كان هذا لا يجوز مع النبي ولا مع الخلفاء الراشدين فكيف يجوز مع العيدروس، أو مع ابن علوان أو مع الشيخ عبد القادر، أو مع علي أو مع الحسن أو فاطمة أو غيرهم، لا يجوز أبدا مع أحد، العبادة حق الله وحده، قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (4)   (1) سورة الزمر الآية 65 (2) سورة فاطر الآية 13 (3) سورة فاطر الآية 14 (4) سورة الذاريات الآية 56 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 وقال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1) وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (2) وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3)؛ فهو المعبود بالحق، وهو المستعان جل وعلا فلا يدعى مع الله أحد، لا ملك ولا نبي ولا صنم ولا شجر ولا حجر ولا ميت، فالعبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (4)، وقال سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (5)، وقال جل وعلا: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (6)، أما الحي فلا بأس يقال له: يا عبد الله أعني على كذا، الحي الحاضر، أعني على إصلاح سيارتي، أقرضني كذا وكذا، حي يسمعك ويقدر، تقول له: أعني على تعمير بيتي، أعني على إمساك دابتي، هذا لا بأس به، كما قال الله في قصة موسى عليه السلام: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (7)؛ لأنه حي قادر، أما الأموات فلا يدعون مع الله وهكذا الأصنام، وهكذا الأشجار، والأحجار، وهكذا النجوم، كل ذلك من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. فنصيحتي لكل مسلم أن يحذر هذا، وعلى العلماء أن يحذروا   (1) سورة غافر الآية 60 (2) سورة البقرة الآية 21 (3) سورة الفاتحة الآية 5 (4) سورة البينة الآية 5 (5) سورة الزمر الآية 2 (6) سورة غافر الآية 14 (7) سورة القصص الآية 15 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 الناس من هذا الشرك الوخيم، وعليهم أن يتقوا الله وأن يعنوا بهذا الأمر، بالكتابة وفي خطب الجمعة، وفي غير ذلك، وهكذا زيارة القبور حتى ينبه الناس، القبر الذي يدعى من دون الله يزوره العالم ويقول: يا ناس هذا لا يجوز سلموا وادعوا له بالمغفرة والرحمة، أما أن تدعوه من دون الله، المدد، يا سيدي فلان اشفع لنا انصرنا، هذا ما هو من شأنه، هذا الشرك الأكبر. نعوذ بالله فيجب الحذر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 82 - حكم الصلاة إلى القبور والتبرك بها س: يوجد لدينا في القطر عادة ذلك بأنهم يصلون إلى قبر ويزورونه ويتبركون به، ويقولون: إنه من قبور الصحابة، نرجو أن توجهوا الناس، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: القبور فتن بها كثير من الناس فيما مضى وفي هذه الأمة كانت اليهود والنصاري فتنت بذلك، وعبدوا القبور، واتخذوها أوثانا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته اثنتان من نسائه، في الحبشة أنهما رأتا كنيسة في الحبشة وما فيها من الصور قال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط، رقم 224. (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 الصور أولئك شرار الخلق عند الله (1)» فجعلهم بهذا العمل شرار الخلق؛ لأنهم يعظمونهم بالتصوير والبناء ويسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب، ويتبركون بتراب قبورهم إلى غير هذا من أعمالهم القبيحة، ولهذا استحقوا اللعنة على ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في الصحيح: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)»، وقال في حديث ابن مسعود: «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء واللذين يتخذون القبور مساجد (3)». فالواجب الحذر من هذه الخصلة الذميمة التي سار عليها اليهود والنصارى، وهي تعظيم القبور بالبناء عليها، واتخاذ المساجد عليها والقباب، والتبرك بها، ودعاء أهلها، والاستغاثة بهم والذبح لهم، والنذر لهم، وطلبهم المدد، وهذا بلاء عظيم، بعضه بدعة وبعضه شرك، فاتخاذ المساجد على القبور بدعة، واتخاذ القباب وتجصيصها كل ذلك من البدع، ومن أسباب الشرك ووسائله، ولهذا ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه؛ لأن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم 434. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه برقم 4330. (3) أحمد (1/ 405). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 تجصيصه والبناء عليه وسيلة للشرك والتعظيم، وهكذا اتخاذ القبة فوقه والمسجد فوقه كل هذا من أسباب الشرك، وهكذا القراءة عنده والصلاة عنده من البدع، أما السؤال بالمدد وطلبه الغوث هذا شرك أكبر، هذه عبادة لغير الله سبحانه وتعالى. فالواجب على الأمة الحذر من ذلك، والواجب على العلماء بيان ذلك للأمة، وتحذيرهم من هذا الشرك، ومن هذه البدع لعلهم يسلمون منها، وهكذا كل من لديه علم يبثه في الناس ويعلمه الناس يقول الله سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1)، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «بلغوا عني ولو آية (2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه (3)»، وكان إذا خطب عليه الصلاة والسلام يقول للناس: «فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع (4)»، وهذه   (1) سورة فصلت الآية 33 (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل برقم 3461. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه برقم 12871. (4) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى برقم 1741. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 البلية انتشرت في العالم في البلاد الإسلامية وغيرها وهي التعلق على القبور، والبناء عليها والتمسح بها وسؤالها الحاجات وتفريج الكروب والمدد، وهذا بلاء عظيم وشر كبير، يجب الحذر منه، والبدعة دائما تكون وسيلة للشرك، فأسباب هذا الشرك تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ المساجد عليها والقراءة عندها، فلما وجدت هذه البدع جرت الناس إلى الشرك والغلو في القبور وعبادتها من دون الله بالدعاء والاستغاثة، والذبح لها، والنذر لها، وطلبها المدد، وهذا هو الشرك الأكبر. فيجب الحذر من ذلك والتوبة إلى الله من ذلك ويجب هدم البناء الذي على القبور، من المساجد وغيرها أن تكون القبور بارزة، ليس عليها بناء كما كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، وهكذا في البلاد الإسلامية السليمة من هذه الفتنة وعلى العلماء وعلى الأمراء أمراء المسلمين أن يعالجوا هذه الأوضاع، وأن يزيلوها من بينهم، وأن يحذروا الناس منها وأن تكون القبور بارزة ليس عليها بناء لا قبة ولا مسجد، ولا غير ذلك. رزق الله الجميع الهداية والبصيرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 83 - حكم من يعتقد النفع والضر في أهل القبور س: يقول السائل: لدينا أناس يعظمون القبور، ويرجون من أهلها النفع والضر، هل يكون هؤلاء كفارا مع أنهم يصلون ويقومون بباقي العبادات، وجهونا في ضوء هذا السؤال سماحة الشيخ؟ (1) ج: التعلق بالقبور ورجاء نفعها، ودفع الضر منها بدعائها أو التمسح بها أو الاستغاثة بها أو الطواف بها كلها كفر أكبر، هذا شرك المشركين هذا ضلال الأولين، لا يجوز التعلق بالقبور لا بقبور الصالحين ولا بقبور الأنبياء ولا غيرهم، فالذي يتعلق بها ويطوف بها يرجو نفعها، أو يستغيث بأهلها أو ينذر لهم أو يتمسح بقبورهم يرجو منهم النفع أو يستعين بهم أو يذبح لهم أو يسجد لهم كل هذا من الكفر بإجماع أهل السنة والجماعة، بإجماع أهل العلم، هذا شرك المشركين الأولين، الله يقول جل وعلا: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2)، سماهم كفارا، قال جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3)، وقال سبحانه: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (4) سماه شركا وهو دعاؤهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط، رقم 375. (2) سورة المؤمنون الآية 117 (3) سورة الجن الآية 18 (4) سورة فاطر الآية 14 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 «الدعاء هو العبادة (1)»، فالذي يدعوهم قد عبدهم، فإذا قال يا سيدي انصرني واشف مريضي أو اشفع لي أو أنا في جوارك أو أنا في حسبك أو أنا متوكل عليك أنا أرجوك أنا أخافك، هذا كله شرك أكبر، هذا ما يفعل إلا لله جل وعلا يخاطب الله سبحانه: يا رب انصرني اشف مريضي، أنا أخافك وأرجوك هذا مع الله سبحانه وتعالى، أما مع المخلوق فهذا شرك أكبر أو مع النجوم أو مع الجن أو مع الأصنام كل هذا كفر أكبر، هذا شرك المشركين وهكذا ما يفعله عباد الحسين أو عباد الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهما، أو عباد العيدروس أو السيدة زينب أو غير ذلك، كل هذا كفر أكبر إذا دعا العيدروس أو دعا الحسين أو الحسن أو استغاث بعلي رضي الله عنه أو بالنبي صلى الله عليه وسلم أو استعان بهم أو قال: يا رسول الله انصرني أو اشفع لي أو اشف مريضي أو ثبتني على الدين، كل هذا كفر أكبر. الشفاعة تطلب منه بوم القيامة بعد البعث والنشور وفي حياته قبل الموت، يقال: اشفع لي يا رسول الله لا بأس، أما بعد الموت فلا يطلب منه لا شفاعة ولا غيرها ولكن إذا كان حيا يقول: يا رسول الله اشفع لي، استغث لنا لا بأس؛ لأنه قادر. ويوم القيامة كذلك عندما يبعث الله الناس، وعند شدة الهول يذهبون إلى آدم يقولون: اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم 17888. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 كرب الموقف يقضي بيننا، فيعتذر آدم ويحيلهم إلى نوح، ويعتذر نوح ويحيلهم إلى إبراهيم، ويعتذر إبراهيم ويحيلهم إلى موسى، ويعتذر موسى ويحيلهم إلى عيسى ويعتذر عيسى ويقول: اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال صلى الله عليه وسلم: «فيأتونني؛ يأتيه الناس، فأقول: أنا لها أنا لها، ثم يذهب عليه الصلاة والسلام فيسجد بين يدي ربه، تحت العرش، ويحمد الله بمحامد يفتحها الله عليه ويثني عليه كثيرا حتى يقال له: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط واشفع تشفع (1)»، لا يشفع إلا بعد الإذن؛ لأن الله تعالى يقول: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (2)؛ فإذا أذن له شفع في الناس فيقضي بينهم، ويشفع في أهل الجنة فيدخلون الجنة ويشفع في أناس من العصاة دخلوا النار أن يخرجوا منها شفاعات كثيرة عليه الصلاة والسلام، وكذلك يشفع المؤمنون في العصاة، وتشفع الملائكة، ويشفع الأفراط، كل هذا جاءت به النصوص عنه صلى الله عليه وسلم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا)، برقم 4712، ومسلم في كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها برقم 193. (2) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 84 - حكم الاستغفار لمن مات وهو يدعو أصحاب القبور س: هل يجوز يا سماحة الشيخ الاستغفار لشخص من أحد أقاربي مات وأنا لا أدري أهو مات حسن الختام أم لا، علما بأنه كان يقدس الأولياء وأصحاب القبور والأضرحة، ويعتقد بأن هذا من الدين؟ (1) ج: إذا كان ظاهره الشرك، والغلو في الأموات والدعاء بالأموات والاستغاثة بالأموات لا يدعى له، ولكن إذا كان ظاهره الإسلام، ولا تعلم عنه إلا الإسلام، فلا بأس تدعو له وتستغفر لأخيك، هذا مشروع، فالمؤمن يدعو لإخوانه ويستغفر لهم، كما قال أتباع المهاجرين وأصحاب عيسى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (2)، فأنت تستغفر لإخوانك، تدعو لهم بالرحمة، إذا كان ظاهرهم الإسلام، أما من كان ظاهره الشرك وهو الغلو في القبور، ودعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، فهذا لا يدعى له؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، وطلب الحوائج منهم، هذا من الشرك الأكبر، هذا دين المشركين، نسأل الله العافية، وهكذا دعاء الجن، ودعاء الأصنام، ودعاء الكواكب، كل هذا من الشرك الأكبر، يقول الله جل وعلا: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (3)   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 411. (2) سورة الحشر الآية 10 (3) سورة التوبة الآية 113 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 ولما مات أبو طالب على دين قومه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأستغفرن لك، ما لم أنه عنك (1)»؛ فأنزل الله في ذلك هذه الآية: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (2) من مات على الشرك، فهو من أصحاب الجحيم، المقصود أن من كان معروفا بدعاء الأموات، والاستغاثة بأهل القبور، أو بالأصنام أو بالجن، أو بالكواكب أو بالملائكة، أو بالأنبياء، هذا كله شرك أكبر، داخل في قوله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (3)، وداخل في قوله سبحانه: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (4)، وداخل في قوله سبحانه: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (5)؛ وفي قوله: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (6)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (7) {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (8)   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب إذا قال المشرك لا إله إلا الله .. برقم 1360، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت … برقم 24. (2) سورة التوبة الآية 113 (3) سورة النساء الآية 48 (4) سورة لقمان الآية 13 (5) سورة المائدة الآية 72 (6) سورة الأنعام الآية 88 (7) سورة الزمر الآية 65 (8) سورة الزمر الآية 66 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 ، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (1)، وقال جل وعلا: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2)، القطمير: اللفافة التي على النواة: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (3)، هذا يعم الجميع، يعم الغائبين، ويعم الموتى من الأنبياء وغيرهم، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم، لو قدرنا أنهم سمعوا لم يستجيبوا، ويوم القيامة يكفرون بشرككم، ينكرونه ويتبرؤون منكم، يقول سبحانه: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} (4)، نسأل الله العافية.   (1) سورة المؤمنون الآية 117 (2) سورة فاطر الآية 13 (3) سورة فاطر الآية 14 (4) سورة القصص الآية 63 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 س: يقول هذا السائل من السودان، سماحة الشيخ: في الحديث: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (1)»؛ البعض من الناس يذهب لقبر أحد الأشخاص كأن يكون شيخا ويطلب منه كذا وكذا، هل يجوز ذلك، وما حكم من يفعل ذلك في الشرع، وكيف ندعو للميت من منطلق هذا الحديث: ابن صالح يدعو له، كيف ندعو بعد الممات، جزاكم الله خيرا؟ (2) ج: يقول: اللهم اغفر لأبي أو أمي، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم نجه من النار ونحو ذلك، هذا الدعاء له، أما دعاء الميت التوجه للميت، تقول: يا فلان انصرني أو أنا في حسبك، أو أغثني، هذا الشرك الأكبر، أو اشفع لي، أو أنا في جوارك أو ما أشبه ذلك، هذا الشرك الأكبر هذا فعل المشركين، مع اللات والعزى، ومع أصنامهم وهذا فعل المشركين مع الشيخ عبد القادر الجيلاني، ومع البدوي ومع الحسين لا يجوز هذا، لا يقول: سيدي فلان انصرني أو أنا في حسبك أو أنا في جوارك، أو اشفع لي هذا ما يقال للميت، يقال للحي، يقول للحي: اشفع لي، ادع الله لي، لا بأس الحي تقول له: ادع الله لي أن يغفر لي، ادع الله أن يرحمني هذا لا بأس، أما   (1) مسلم الوصية (1631)، الترمذي الأحكام (1376)، النسائي الوصايا (3651)، أبو داود الوصايا (2880)، أحمد (2/ 372)، الدارمي المقدمة (559). (2) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 400. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 الميت تقول له: يا فلان يا شيخ عبد القادر، أو يا حسين أو يا ست زينب، أو يا فلان وهو ميت ادع الله لي، هذا لا يجوز؛ لأنه غير قادر، هذا لا يستطيع شيئا، أو اشفع لي، هذا توسل بميت، لا يقدر كالذي يقول للصنم: انصرني أو اشفع لي من الجماد، لا قدرة له على شيء، فسؤال الأموات والاستغاثة بالأموات والتشفع بالأموات هذا هو عمل المشركين، وهذا هو المنكر، ولا يجوز، بل هو من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. ومثله الغائبون: يا ملائكة الله يا جبريل، يا ميكائيل أو الجن الفلانيون، يا جن الظهران، يا جن الحساء، يا جن أمريكا، يا جن مصر، أو يا جن الفلاني، كل هذا من الشرك الأكبر، وقد ذم الله بعض المشركين، في هذا وقال عنهم: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (1)، يعني: زادوهم شرا وبلاء؛ فنسأل الله العافية.   (1) سورة الجن الآية 6 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 85 - حكم من مات وهو يسأل أصحاب القبور شفاء المرضى وتفريج الكرب س: الأخ: ط إ. إ. يسأل ويقول: أرجو منكم التعليق على ما يقع فيه الكثير من الناس من عابدي القبور والأضرحة من صرف العمل لها وسؤال أصحابها شفاء المرضى وتفريج الكرب، فهل من مات وحالته هذه يكون خالدا في جهنم؟ وهل يعذر جاهل بهذه القضية؟ (1) ج: هذا سؤال عظيم، وجدير بالعناية؛ لأنه واقع في كثير من البلدان الإسلامية، وهو سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات وطلبهم شفاء المرضى، أو النصر على الأعداء، وهذا من الشرك الأكبر، وهذا دين الجاهلية، دين أبي جهل وأشباهه من عباد القبور وعباد الأصنام، يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (2)؛ كما حكى الله عنهم سبحانه وتعالى، قال الله جل وعلا: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (3)؛ وقال سبحانه في سورة الزمر: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (4)، فالحاصل أن هذا العمل من الشرك الأكبر، وصاحبه إذا مات عليه يكون من أهل النار مخلدا   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط، رقم 243. (2) سورة الزمر الآية 3 (3) سورة يونس الآية 18 (4) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 فيها، نسأل الله العافية، إلا إذا كان لم تبلغه الدعوة، كان من أهل الفترات الذين ما بلغتهم الدعوة، وما بلغهم القرآن، ولا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا حكمه إلى الله جل وعلا يوم القيامة، يمتحن يوم القيامة، فمن أجاب جوابا صحيحا دخل الجنة، ومن أجاب جوابا غير صحيح دخل النار. فالمقصود أنه يمتحن يوم القيامة، فمن أجاب بما طلب منه دخل الجنة، ومن عصى دخل النار. أما من كان في الدنيا وقد بلغه القرآن وبلغته السنة ويعيش بين المسلمين فهذا لا يعذر بدعواه الجهل، هو قد أسرف على نفسه وتساهل، ولم يسأل أهل العلم ولم يتبصر في دينه فهو مؤاخذ بأعماله السيئة الشركية، نسأل الله السلامة. العقائد التي هي أصل الإسلام ليس فيها عذر بالجهل؛ الله جل وعلا قال عن الكفار: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} (1) ما عذرهم بحسبانهم أنهم مهتدون ما عذرهم بجهلهم وقال في النصارى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (2) {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (3)، فالحاصل أنهم بهذا كفروا، قال بعد هذا سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} (4) {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (5)   (1) سورة الأعراف الآية 30 (2) سورة الكهف الآية 103 (3) سورة الكهف الآية 104 (4) سورة الكهف الآية 105 (5) سورة الكهف الآية 106 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 ما عذرهم بالجهل لتساهلهم وعدم عنايتهم بطلب الحق، قال سبحانه: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (1)، وقال عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار (2)». رواه مسلم في صحيحه، ولم يقل: " وفهم عني " أو " تبصر " أو " علم " بل علق بالسماع.   (1) سورة الأنعام الآية 19 (2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم برقم 153. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 86 - حكم من يسأل أصحاب القبور الرحمة والخير س: يقول السائل: رأيت بعض الناس يزورون القبب التي فيها مقابر الأولياء ويطلبون منهم الرحمة والخير والعافية، ما حكم الإسلام في هؤلاء؟ (1) ج: إن الله جل وعلا شرع لعباده ما فيه صلاحهم وما فيه نجاتهم في الدنيا والآخرة، ونهاهم عن كل ما يضرهم في الدنيا والآخرة وبعث الرسل مبشرين ومنذرين عليهم الصلاة والسلام مبشرين من أطاعهم واستقام على ما دعوا إليه بالجنة والسعادة والنصر في الدنيا والنجاة في   (1) السؤال الأول من الشريط، رقم 234. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 الآخرة، ومنذرين من عصاهم بالذل في الدنيا والشقاء في الآخرة وأعظم ما بعث الله به الرسل وأهمه وأفرضه توحيد الله والإخلاص في العبادة له صرف العبادة له وحده جل وعلا، هذا أهم دعوة الرسل، هذا زبدتها إخلاص العبادة لله وحده كما قال جل وعلا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (1)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (2) فهذه أعظم دعوة الرسل وأهمها، وهذا أساسها توحيد الله والإخلاص له وألا يعبد معه سواه لا نبي ولا ملك ولا شجر ولا حجر ولا صنم ولا غير ذلك، واتخاذ القباب على القبور والمساجد على القبور من وسائل الشرك، لأن هذا من تعظيم القبور، فإذا بني عليها القباب وبني عليها المساجد قصدها العامة ودعوها من دون الله، واستغاثوا بها ونذروا لها وهذا هو الشرك الأكبر، فدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم هذا هو الشرك الأكبر هذا ضد دعوة الرسل، ضد التوحيد الذي بعث الله به الرسل فلما بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم قال لقومه: «يا قومي قولوا لا إله إلا الله تفلحوا (3)» نهاهم أن يعبدوا مع الله سواه نهاهم أن يعبدوا مع الله العزى أو مناة أو   (1) سورة الأنبياء الآية 25 (2) سورة النحل الآية 36 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 اللات أو غير ذلك وأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (2) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (3) {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (4)، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (5). فالواجب إخلاص العبادة لله وحده ولا يجوز اتخاذ القباب على القبور ولا المساجد عليها بل يدفن الميت ويرفع قبره قدر شبر عن الأرض حتى يعرف أنه قبر ميت حتى لا يمتهن، ولا يجوز أن يدعى من دون الله ولا أن يبنى عليه قبة ولا مسجد ولكن يترك ضاحيا بارزا كما كانت قبور الصحابة في المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده ولا يجوز أن يدعى الميت مع الله ولا يستغاث به، ولا يقال يا سيدي يا فلان أغثني أو انصرني أو أنا في حسبك وجوارك أو يطلب منه الرحمة أو المغفرة أو شيئا من أمور الخير كالرزق أو الزواج أو النجاة من النار أو دخول الجنة أو ما أشبه ذلك كل هذا كفر بالله من الشرك الأكبر، قال الله جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (6) معنى يعبدون أي: يوحدوني بالعبادة يقصدونه بالعبادة وحده سبحانه وتعالى، وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (7) أي: أمر ألا تعبدوا إلا إياه، وقال سبحانه:   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة الزمر الآية 2 (3) سورة الزمر الآية 3 (4) سورة البينة الآية 5 (5) سورة الفاتحة الآية 5 (6) سورة الذاريات الآية 56 (7) سورة الإسراء الآية 23 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (1)، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (2) يعني المشركين، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) سماهم كفارا، وقال عز وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (4) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (5)، فأمر الله سبحانه بعبادته وحده جل وعلا وإخلاص العبادة له وحده سبحانه وتعالى، وأخبر أن المشركين اتخذوا من دونه أولياء يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، هم يعبدون اللات والعزى والأصنام ويدعونها ويستغيثون بها ويقولون: ما نقصد إلا أنهم يقربونا إلى الله زلفى، يشفعون لنا عند الله كما في آية يونس، ويقول سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (6) فكذبهم الله سبحانه، بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (7) وفي آية الزمر يقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} (8) أي:   (1) سورة النساء الآية 36 (2) سورة يونس الآية 106 (3) سورة المؤمنون الآية 117 (4) سورة الزمر الآية 2 (5) سورة الزمر الآية 3 (6) سورة يونس الآية 18 (7) سورة يونس الآية 18 (8) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 يقولون: ما نعبدهم {إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (1) فكذبهم الله سبحانه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (2)، فبين أنهم لا يقربون إلى الله، بل هم كفار بهذا كاذبون، القرب من الله بدعوته سبحانه وعبادته وحده وسؤاله، هذا هو الذي يقربهم إلى الله، وينجيهم بفضله سبحانه، يا رب أغثني يا رب يسر لي الزواج بالمرأة الصالحة يا رب اقض ديني، يا رب أدخلني الجنة يا رب اغفر لي يا رب ارحمني هذا هو الذي شرعه الله، وهذا هو العبادة لله والتوحيد، أما تقول: يا سيدي البدوي ارحمني أو أنا في جوارك أو أغثني هذا هو الشرك الأكبر أو يا سيدي الحسين أو يا سيدي علي بن أبي طالب أو يا سيدي الحسن أو يا فاطمة أو ما أشبه ذلك، هذا هو الشرك الأكبر، هذا عبادة غير الله التي أنكرها الرسل وأنكرها نبينا محمد عليه السلام. ولما خطبهم محمد صلى الله عليه وسلم في مكة في بعض الأيام قال: «يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب أنقذ نفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا (3)». فأخبرهم   (1) سورة الزمر الآية 3 (2) سورة الزمر الآية 3 (3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب برقم 2753، ومسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) برقم 206 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 عليه الصلاة والسلام أنه لا يغني عنهم من الله شيئا بل لا بد من شراء أنفسهم من الله بالتوحيد والإيمان والطاعة هؤلاء أقرب الناس إليه بنته وعمه وعمته وأخبرهم أنه لا يخلصهم من الله ولا ينجيهم من عذاب الله ولا يغني عنهم من الله شيئا إلا أن يوحدوا الله ويعبدوه وحده حتى فاطمة بنته قال: «سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا (1)». فالواجب على الجميع عبادة الله وحده وسؤاله وحده سبحانه والاستغاثة به وحده وأداء حقه في صلاة وزكاة وصيام وحج وبر الوالدين وصلة الرحم وترك ما حرم الله من سائر المعاصي من جنس الزنا وشرب الخمر واللواط وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وشهادة الزور إلى غير هذا من المعاصي، يجب تركها طاعة لله وتعظيما لله وتقربا له سبحانه هذا هو الدين، وهذا الذي بعث الله به الرسل وأنزل به من الكتب، وبعث به خاتم الرسل محمدا عليه الصلاة والسلام بعثه يدعو الناس إلى توحيد الله والإخلاص له وإلى طاعة أوامره التي أمر بها عباده من صلاة وصوم وزكاة وحج وغير ذلك، ونهاهم عما حرم الله عليهم، ولهذا صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى (2)» من أطاع الرسول واتبع الشريعة فله الجنة ومن عصاه فله النار نسأل الله العافية.   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب برقم 2753، ومسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) برقم 206 (2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 7280. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 فنصيحتي لكل من يخاف الله، لكل من يرجو الله: أن يعبد الله وحده، وأن يخصه بدعائه واستغاثته ونذره وذبحه وغير ذلك، كما يخصه بصلاته وصومه وسائر عباداته، لله وحده، هذا هو التوحيد، وهذا هو الإيمان، وهذا معنى قوله جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)، ومعنى قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (2) أي وحدوه أي خصوه بالعبادة بدعائكم وخوفكم ورجائكم وذبحكم ونذركم وصلاتكم وصومكم. أما من يأتي أصحاب القباب ويدعوهم مع الله فعمله هذا هو الشرك الأكبر سواء كانوا أنبياء أو غيرهم، إذا قالوا: يا رسول الله أغثني؛ هذا شرك أكبر بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، أما في حياته يقول: أعطني كذا، أعطني من مال الله الذي عندك ساعدني من كذا لا بأس في حياته صلى الله عليه وسلم كما يقال للملوك وغيرهم: ساعدونا، في حياتهم، لكن بعد وفاته يقول: أغثنا يا رسول الله انصرنا أو اشفع لنا هذا لا يجوز بل يطلب من الله يقول: يا رب اشفع في نبيك يا رب أغثني يا رب أنجني من النار، وهكذا لا يدعى عمر ولا الصديق ولا عثمان ولا علي ولا غيرهم، وهذا من بعد الصحابة من باب أولى لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم هذا حق الله، الأموات يترضى عنهم ويدعى لهم والأنبياء يتبعون ويدعى لهم لا يدعون   (1) سورة الذاريات الآية 56 (2) سورة البقرة الآية 21 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 مع الله بل العبادة حق الله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1)؛ {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2)؛ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3)؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار (4)»؛ نده شبيهه أي نظيره يدعوه مع الله، يستغيث به وينذر له، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار (5)». فالواجب الحذر من هذا الشرك والواجب البصيرة والتفقه في الدين هذا الواجب على جميع المسلمين في كل مكان وعلى جميع المكلفين في كل مكان في البلاد العربية وغيرها في أوربا في أمريكا في أفريقيا في آسيا في كل مكان يجب على المكلفين أن يعبدوا الله وحده، يجب أن يخصوه بدعائهم ونذرهم واستغاثتهم ونحو ذلك؛ لأنهم لهذا خلقوا، خلقهم ليعبدوه ويعظموه ويخصوه بالعبادة وبه أمروا، وبهذا تعرف أيها السائل أن اتخاذ القباب منكر ومن وسائل الشرك وهكذا بناء المساجد على القبور، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة الإسراء الآية 23 (3) سورة البينة الآية 5 (4) أخرجه الإمام البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا) برقم 4497. (5) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. برقم 92. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)»، يحذر ما صنعوا، متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث جندب بن عبد الله البجلي: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوها مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)» رواه مسلم في الصحيح فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس السابقين يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد يعظمونها يصلون عندها يدعون عندها يقرأون عندها فنهاهم عن هذا، نهاهم أن يفعلوا هذا الفعل، فوجب على العباد أن يتركوا هذا الفعل؛ لأنه وسيلة إلى الشرك إذا بني عليه المسجد أو القبة جاء الجاهل والعامي قال: هذا ولي، هذا ينفع، هذا يشفع؛ يدعوه من دون الله يستغيث به، وهذا هو الشرك الأكبر نعوذ بالله، وهكذا البناء على القبور حتى غير المساجد؛ يقول جابر رضي الله عنه: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه (3)» رواه مسلم في الصحيح زاد الترمذي وغيره وأن يكتب عليه، فالرسول نهى عن تجصيص القبر، وأن يبنى عليها وهذا يشمل القباب وغير القباب لا يبنى عليها شيء، نهى أن يجلس عليها؛ لأنه امتهان له فلا يجلس عليه لأنه امتهان ولا يبنى عليه ولا يجصص؛ لأن التجصيص والبناء عليه من وسائل التعظيم، فإذا جصص وبني عليه عظمه الناس حتى يقع الشرك ويدعونه من دون الله ويعظمونه.   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 فالواجب أن يكون مكشوفا كسائر القبور ولو كان قبر نبي أو صالح حتى لا يدعى من دون الله أو يخص بشيء من العبادة لكن لما خاف الصحابة أن يدعى وأن يعبد دفنوه في حجرة عائشة لئلا يعبد من دون الله ولكن أهل الغلو ما تركوا ذلك، عبدوه خارج الحجرة وفي كل مكان يستغيثون به، وينذرون له عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الشرك الأكبر الذي نهى عنه وحذر منه وقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله (1)» لا يجوز لأحد أن يغلو فيه بالدعاء ويدعوه من دون الله أو ينذر له أو يستغيث به أو يذبح له كل هذا شرك أكبر. وهكذا غيره من الأنبياء والصالحين لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم؛ لأن ذلك مما حرم الله سبحانه وتعالى. فينبغي لك يا عبد الله أن تكون على غاية من الحذر من هذا الشرك دقيقه وجليله قد عمت به البلوى في بلدان كثيرة في البلاد العربية وغيرها كما لا يخفى، على من له أدنى دراية بأحوال الناس ما يقع عند قبر البدوي والحسين والست زينب ونفيسة في مصر، وعند العيدروس في الجنوب اليمني وعند غيرها من القبور وعند قبور كثيرة، عند قبر ابن عربي في الشام وعند قبور كثيرة في العراق وغيرها، تدعى من دون الله ويستغاث بها، يجب الحذر، وهكذا من يأتي من الحجاج عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 أو عند قبور البقيع أو الصحابة يدعوهم من دون الله هذا منكر، وشرك أكبر، يجب الحذر من ذلك ويجب على أهل العلم أن يبينوا ما يجب، على العلماء في كل مكان وفقهم الله، أن يبينوا للناس؛ لأن الناس قد يغلب عليهم الجهل يحسبونه دينا. فالواجب على العلماء أن يوضحوا للناس أن الواجب عبادة الله وحده إخلاص العبادة لله وحد وأن أصحاب القبور لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم ولا يبنى على قبورهم ولا يتخذ عليها مساجد، فالناس في ذمة العلماء يجب على العلماء أن يبينوا وأن يوضحوا للناس شرع الله ولا سيما ما يتعلق بالتوحيد، فهو أعظم الأمور وأهمها، كما أن الشرك أعظم الذنوب، وعلى العلماء البلاغ، مثل ما على الرسل، والله يهدي من يشاء، وعلى ولاة الأمور التنفيذ، على الحكام والرؤساء والملوك ورؤساء الجمهوريات ومن له قدرة التنفيذ أن يمنع العامة من الشرك بالله ويدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له ويبين لهم أن هذا لا يجوز وأن الواجب عبادة الله وحده والاستغاثة بالله وحده لا بالقبور، النذر لله وحده لا لأهل القبور، فأهل القبور الدعاء لهم هم محتاجون للدعاء، يزورهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين يدعو لهم؛ كان النبي يزور القبور ويدعو لهم عليه الصلاة والسلام وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (1)»، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبور المدينة، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر (2)»، وكان يعلم أصحابه هذا عليه الصلاة والسلام، رواه مسلم في الصحيح. كان يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية (3)»، وفي الحديث الآخر: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (4)». فالواجب على أهل الإسلام التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسير عليه في زيارة القبور وفي غيرها في جميع الأمور، كما قال الله سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (5)، وقال سبحانه: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (6). فلذلك تجب طاعته عليه الصلاة والسلام، وما على الرسول إلا البلاغ المبين، وقال سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (7)   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم 1053 (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (5) سورة الحشر الآية 7 (6) سورة النور الآية 54 (7) سورة النساء الآية 80 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 وقال عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1) فالخير كله في طاعة المصطفى عليه الصلاة والسلام واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه، وذلك بتعظيم كتاب الله القرآن والتمسك به والأخذ بما فيه، وتعظيم السنة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم فإن الله أعطاه القرآن ومثله معه السنة. فالواجب على أهل الإسلام التفقه في كتاب الله والتفقه في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل بهما في جميع الأحوال ولا سيما في أصل التوحيد وأصل الدين وأساسه وأعظم الأمور وهو رأس المال، نسأل الله لجميع المسلمين ولنا التوفيق والهداية والفقه في الدين ولا حول ولا قوة إلا بالله.   (1) سورة النور الآية 63 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 87 - التفصيل بين زيارة القبور الشرعية والزيارة الشركية س: عندنا أناس يزورون القبور، وخاصة قبور الأولياء ويذبحون عندها الذبائح، فإذا قلت هذه بدعة يقولون: ليست بدعة نحن نعملها لله؛ هل هذا العمل وارد في السنة وهل هو صحيح، أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيرا؟ (1) ج: زيارة القبور على الوجه الشرعي سنة، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)»، فإذا زار قبرا ليدعو له وليتذكر الآخرة والموت، فهذا كله طيب، فقد زار النبي القبور عليه الصلاة والسلام ودعا لأهلها وأمر الناس فقال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (3)» وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية (4)»، وفي حديث عائشة رضي الله عنها كان يقول: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (5)». أما زيارتها لغير ذلك زيارتها لدعاء الموتى والاستغاثة بهم وطلب الشفاعة منهم أو النصر على الأعداء، فهذه يقال لها: زيارة شركية، هذه زيارة منكرة، بل هي شرك أكبر؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم شرك أكبر، وهكذا الذبح لهم كأن يذبح بقرة أو   (1) السؤال السابع من الشريط، رقم 250. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (5) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 بعيرا أو شاة أو دجاجة يتقرب بها إلى الميت يرجو شفاعته أو يرجو بركته هذا شرك أكبر؛ لأن الله يقول سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (2)، والنسك يطلق على الذبح والعبادة، يقول جل وعلا: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (3) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (4)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (5)»، فليس لأحد أن يذبح للأصنام أو للأولياء أو الجن لقصد التقرب إليهم لطلب شفاعتهم أو نصرهم على الأعداء أو لطلب إغاثتهم أو ليشفوا مريضه أو يردوا غائبه أو ليعطوه الولد أو ما أشبه هذا مما يفعله عباد القبور، وعباد الأولياء وعباد الأصنام، أما الذبح عند القبور لله لا للأولياء، لله يتقرب إلى الله، فهذه بدعة، فالقبور ليست محلا للذبح عندها، وإنما هو توسيخ لها وتقذير وإيذاء. الذابح يذبح في بيته أو المجزرة ويوزع على الفقراء والتقرب إلى الله، مثلما يذبح الضحية والهدية في منى والضحية في بيته هذا لا بأس، أما يأتي بالذبيحة عند القبور فهذا بدعة، وتلويث للقبور وإيذاء لها، وإيذاء للزوار أيضا، والغالب على هؤلاء أنهم ما يأتون بها للقبور إلا لاعتقادهم في أهل القبور وقصد التقرب إليهم بهذا، فإذا كانوا صادقين وأنهم ما قصدوا   (1) سورة الأنعام الآية 162 (2) سورة الأنعام الآية 163 (3) سورة الكوثر الآية 1 (4) سورة الكوثر الآية 2 (5) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 إلا التقرب إلى الله والذبح لله لا للأموات هذا يكون بدعة، أما إن أرادوا بالذبيحة التقرب للميت ليشفع لهم أو ليشفي مريضهم أو ليعطيهم كذا، فهذا الشرك الأكبر والعقيدة فاسدة والذبح شرك كله، نسأل الله السلامة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 88 - حكم زيارة الأضرحة في الإسلام س: سائل من المغرب يقول: ما حكم الأضرحة في الإسلام، وهل تجب الزيارة لغير الأماكن المقدسة كزيارة ضريح مثلا، ما حكم الشرع في ذلك؟ (1) ج: الأضرحة فيها تفصيل، الأضرحة هي القبور، والسنة أن ترفع عن الأرض قدر شبر، حتى يعلم أنها قبور، حتى لا تمتهن، لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنه رأى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم قد رفع قدر شبر وأوصى أن يفعل بقبره مثل ذلك من حديث عثمان بن أبي سالم، أما ما يتعلق بالبناء عليه واتخاذ المساجد عليها والقباب فهذا لا يجوز، هذا منكر عند أهل العلم وبدعة ومن وسائل الشرك. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)».   (1) السؤال السادس من الشريط، رقم 306. (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 وفي صحيح مسلم جاء في حديث عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: «نهى أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (1)»، فلا يجوز البناء على القبور لا مسجد ولا قبة، ولا يجصص أيضا؛ لأن هذا من وسائل الشرك، ومن وسائل أنه يعظم ويدعى من دون الله ويستغاث به من دون الله فيقع الشرك، فالبناء على القبور واتخاذ القبب على القبور وبناء المساجد عليها من الوسائل المحرمة من وسائل الشرك، ولهذا حذر النبي عليه الصلاة والسلام ولعن أهلها، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وألا يبنى على القبر، لا مسجد ولا غيره ولا قبة، ولا يجصص ولا يتخذ عليه حجب ولا ستور، كل هذا لا يجوز، بل هو من وسائل الشرك؛ لأن اتخاذ البناء والستور أو السرج، أو المساجد أو القبة على القبور كل هذا من وسائل التعظيم والشرك، وإذا دعا الميت بقوله: أنجدني، أو يا فلان أغثني، أو انصرني أو اشف لي مريضا أو أنا في حفظك وجوارك، كل هذا من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من ذلك، وكذلك الطواف بالقبور، يطوف عليها، يرجو بركة أهلها ونفعهم، وفضل أهلها كل هذا من الشرك الأكبر، أما إذا كان الجاهل يظن أن الطواف سنة، ويتقرب بها إلى الله، فهذا بدعة ومنكر، ويكون من وسائل الشرك، أما إذا طاف   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 يتقرب إلى القبر فهذا من الشرك الأكبر، مثل إذا دعاه أو استغاث به، أو نذر أو ذبح له، كل هذا من الشرك الأكبر. فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من ذلك، وإنما الزيارة الشرعية، أن للتسليم عليهم، والدعاء لهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (1)» فيأتيها فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله منا المستقدمين والمستأخرين (2)»، هكذا علم النبي الصحابة، إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله منا المستقدمين والمستأخرين (3)»، هذه هي الدعوة الشرعية ثم ينصرف، لا يصلي عند قبر ولا يقرأ عنده، ولا يطوف به ولا يسأل قضاء حاجة، كل هذا لا يجوز.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (2) مسلم الطهارة (249)، النسائي الطهارة (150)، أبو داود الجنائز (3237)، ابن ماجه الزهد (4306)، أحمد (2/ 300)، مالك الطهارة (60). (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 89 - حكم شد الرحال إلى قبور الأولياء والصالحين س: إن كثيرا من الناس يشدون الرحال إلى قبور الأولياء والصالحين، سائلين أهلها من الأموات شفاء مرضاهم، أو قضاء حوائجهم، ويقدمون لأصحاب هذه الأضرحة النذور والذبائح، ويدعونهم ويستغيثون بهم، وما شابه ذلك من أعمال، وهذه القضية اختلفت فيها الآراء، فالذين يقومون بهذا العمل يقولون: إن لله في الأرض عبادا يستجيب الله الدعاء من أجلهم، والذين يعارضون هذا العمل قالوا: إن هذا شرك صريح، ومخرج لصاحبه من الملة، نرجو أن تلقوا مزيدا من الضوء على جوانب وزوايا هذا الموضوع، مع بيان هل يجوز الصلاة خلف مرتكبيه أو لا يجوز؟ وفقكم الله (1). ج: إن هذا السؤال مهم جدا وعظيم جدا، وهو شد الرحال إلى الأضرحة لطلب الحاجات وشفاء المرضى من أصحاب القبور، لدعائهم والاستغاثة بهم، والنذر لهم وتقديم الذبائح ونحو ذلك، أما شد الرحال لمجرد الزيارة للقبور، فهذا لا يجوز على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأنه منهي عنه؛ ولأنه وسيلة إلى الشرك، والأصل في هذا قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لا تشد الرحال   (1) السؤال السابع عشر من الشريط، رقم 5. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا - يعني مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة - والمسجد الأقصى (1)» هذه الثلاثة تشد لها الرحال للعبادة فيها، بنص النبي عليه الصلاة والسلام، وما سواها لا تشد إليه الرحال للعبادة فيها، فيدخل في ذلك بقية المساجد، ويدخل في ذلك أيضا الأضرحة من باب أولى؛ فإنه إذا كان لا تشد الرحال إلى المساجد غير الثلاثة، وهي أفضل البقاع، فغيرها من البقاع التي تشد لها الرحال، من أجل فضل المدفون بها، أو نحو ذلك المنع من ذلك من باب أولى، ولهذا أصح أقوال العلماء في هذا الباب تحريم شد الرحال لزيارة القبور، وإنما تزار من دون شد الرحال، فزيارتها سنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)». فالسنة زيارة القبور، والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، للرجال خاصة دون النساء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بزيارة القبور، وقال إنها تذكر الموت، تذكر الآخرة، وكان يعلم أصحابه ذلك، يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (3)» وكان يزور البقيع عليه الصلاة والسلام، ويترحم عليهم   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة. برقم 1189، ومسلم في كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره .. برقم 837. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 ويدعو لهم بالمغفرة، أما بشد الرحال فلا، لا تشد الرحال لزيارة القبور، كما لا تشد لأجل زيارة المساجد الأخرى غير الثلاثة، أما إذا قصد بشد الرحال دعاء الميت، والاستغاثة بالميت فهذا منكر وحرام بالإجماع إجماع المسلمين ولو فعل هذا من دون شد الرحال، لو أتى القبور التي في بلده من دون شد رحل، يستغيث بها أو ينذر لها أو يذبح لها، أو يسألها قضاء الحاجات، شفاء المرضى، تفريج الكروب، كان هذا منكرا عظيما وشركا ظاهرا، وهذا هو شرك الأولين من الجاهلية كانوا يفعلون هذا مع الأموات، كانت الجاهلية، تشرك بالأموات، وتستغيث بهم وتنذر لهم: {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (1) ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (2) كما حكى الله عنهم ذلك سبحانه وتعالى، فإنه سبحانه قال: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (3)، فرد الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (4)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (5) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (6) يعني يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى،   (1) سورة يونس الآية 18 (2) سورة الزمر الآية 3 (3) سورة يونس الآية 18 (4) سورة يونس الآية 18 (5) سورة الزمر الآية 2 (6) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 فرد الله عليهم بقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (1) فبين سبحانه وتعالى أن عبادتهم إياهم بالدعاء والضراعة والاستغاثة، والذبح والنذر والسجود على القبور أو نحو ذلك أن هذا هو الشرك بالله، وأن هو الكفر والضلال، وأن هذا لا ينفعهم بل يضرهم وإن زعموا أنهم شفعاء عند الله وإن زعموا أنهم يقربون إلى الله زلفى، فهو زعم باطل؛ لأن دعاء الأموات، أو الاستغاثة بالأموات، أو الأصنام أو الأشجار لا يقرب إلى الله ولا يدني من رضاه، بل يباعد من رحمته، ويوجب غضبه، ويوجب النار، وحرمان الجنة كما قال الله في كتابه الكريم: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (2)، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (3) فبين سبحانه أنه لا يغفر الشرك، ولكن ما دونه لمن يشاء، فما دون الشرك معلق بمشيئة الله سبحانه وتعالى إن شاء غفر، وإن شاء عذب أصحابه إن ماتوا قبل التوبة، وأما الشرك فلا يغفر، إذا مات عليه صاحبه، وكذلك الشرك يحبط الأعمال، كما قال الله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (4)، والشرك معناه صرف بعض العبادة لغير الله، من دعاء أو خوف أو رجاء، أو توكل أو ذبح أو نذر، أو صلاة أو صوم أو نحو ذلك، فالذي يدعو الأموات   (1) سورة الزمر الآية 3 (2) سورة المائدة الآية 72 (3) سورة النساء الآية 48 (4) سورة الأنعام الآية 88 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 ويستغيث بهم، وينذر لهم ويزعم أنهم يشفعون له، أو يقربونه إلى الله زلفى، قد فعل فعل المشركين الأولين سواء بسواء، وهكذا إذا تقرب إليهم بالذبائح والنذور، فهذا كله شرك بالله عز وجل، ومنكر يجب على أهل العلم إنكاره، وبيان بطلانه، وتحذير العامة من ذلك، وهذا هو نفس الشرك الذي فعله أبو جهل وأشباهه، في الجاهلية مع اللات والعزى ومناة، وهذا هو شرك الأولين مع أصنامهم وأوثانهم في كل مكان، ومن المصائب أن يظن العامة أن هذا دين وأن هذا قربة ويسكت على ذلك من ينسب إلى العلم، ويتساهل في هذا الأمر، فإن هذا يضر العامة ضررا عظيما، إذا سكت من ينسب إلى العلم، ولم ينكروا هذا الشرك، فيظن العامة أنه جائز وأنه دين وأنه قربة فبقوا عليه واستمروا عليه. فالواجب على أهل العلم إنكار الشرك بالله، وإنكار البدع، وإنكار المعاصي والتحذير من ذلك، وتنبيه العامة على كل ما حرم الله عليهم، حتى يحذروه من الشرك فما دونه، ولا شك ولا ريب أن دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، وطلب شفاء المرضى وطلب المدد أن هذا شرك بالله عز وجل، وهذا يفعله كثير من الناس عند بعض القبور، كما يفعله بعض الناس عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم أيام الحج من بعض الجهلة، وكما يفعله كثير من الناس عند قبر السيد البدوي في مصر، وعند قبر الحسين في مصر وعند قبور أخرى، وهكذا يفعل عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني، ويفعله بعض الناس وهم بعيدون عن هذه القبور، يدعونها من بعيد، ويسألونها قضاء الحاجات، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 وشفاء المرضى من بعيد، وهكذا يفعل عند قبور أهل البيت من بعض من يزورها من الشيعة وغير الشيعة وهكذا عند قبر ابن عربي في الشام، وهكذا عند قبور أخرى في بلدان لا يحصيها إلا الله عز وجل، وهذه بلية عمت وطم شرها وعظم ضررها؛ لأسباب قلة العلم وقلة من ينبه على هذا الأمر الخطير، وإني أهيب بجميع أهل العلم في كل مكان أن يتقوا الله، وأن ينذروا الناس من هذا الشرك، وأن يحذروهم منه، وأن يبينوا لهم أن العبادة حق الله وحده، كما قال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1)، وقال عز جل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2)، قال سبحانه وتعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (3) وقال عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (4) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (5)؛ قال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (6)، في آيات كثيرات تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده، وأنه لا يجوز أبدا أن يعبد أحد من دونه، من الأشجار أو الأحجار أو الأموات أو الأصنام، أو الكواكب أو غير ذلك، فالعبادة حق الله وحده ليس لأحد فيها حق، لا الملائكة ولا الأنبياء، ولا الصالحون ولا غيرهم، أما العبادة فهي حق الله وحده، الرسل بعثوا ليعلموا الناس دينهم، ولينذروهم من الشرك بالله، وليوجهوهم إلى عبادة الله وحده،   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة الإسراء الآية 23 (3) سورة النساء الآية 36 (4) سورة الزمر الآية 2 (5) سورة الزمر الآية 3 (6) سورة الجن الآية 18 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (1)، وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (2)، في آيات كثيرة أخرى، وقال النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ: «أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم؛ قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا (3)»، فهنا حقان: حق الله على عباده، وحق العباد على الله، أما حق الله على عباده فهو مفترض، حق عظيم، وعليهم أن يؤدوه وقد خلقوا من أجله، كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (4) والله أرسل الرسل من أجله كما تقدم فوجب على العباد أن يعبدوا الله وحده هذا حقه عليهم، حق فرضه عليهم، فعليهم أداؤه، وعليهم أن يؤدوا كل ما أمرهم به الله ورسوله وأن ينتهوا عن كل ما نهاهم عنه الله ورسوله، كل هذا من عبادته سبحانه وتعالى، أداء الفرائض وترك المحارم، ابتغاء وجه الله وإخلاصا له سبحانه، كل ذلك   (1) سورة النحل الآية 36 (2) سورة الأنبياء الآية 25 (3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم برقم 7373، ومسلم في كتاب التوحيد، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة برقم 30. (4) سورة الذاريات الآية 56 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 من عبادته ومن طاعته وتعظيمه، أما حق العباد على الله فهو حق تفضل، وإحسان وجود وكرم، فمن جوده وكرمه وإحسانه، أن من لقيه بالتوحيد والإيمان والهدى، فإن الله يدخله الجنة ولا يعذبه في النار، هذا فضله وإحسانه جل وعلا، كما يقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ} (1)، وقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} (2)، وقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (3). فالواجب على أهل الإسلام أن يعبدوا الله وحده، وأن يخلصوه بالعبادة، وأن يتفقهوا في دين الله، وأن يحذروا الشرك بالله عز وجل، فإن دعوى الإسلام مع وجود الشرك، لا تنفع، بل ينتقض إسلامه بشركه بالله، فالشرك ينقض الإسلام ويبطله، فوجب على من ينتسب للإسلام أن يحقق إسلامه وأن يتفقه في دين الله، وأن يحفظ دينه من أنواع الشرك بالله عز وجل، حتى يبقى له إسلامه، وحتى يبقى له دينه، وهكذا يجب على كل أهل الأرض من المكلفين من جن وإنس، وعرب وعجم يجب عليهم جميعا أن يعبدوا الله وحده، وأن ينقادوا بما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، فهو رسول الله حقا، وهو خاتم الأنبياء؛ لأن الله بعثه إلى أهل الأرض جميعا، من الجن والإنس، ومن العرب   (1) سورة لقمان الآية 8 (2) سورة الطور الآية 17 (3) سورة الحجر الآية 45 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 والعجم، ومن سائر الأمم، يجب عليهم أن يعبدوا الله وأن ينقادوا لما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، كما قال الله سبحانه آمرا نبيه عليه الصلاة والسلام، أن يبلغ الناس: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (1)، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (2)، وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (3)، فهو رسول الله إلى الجميع، إلى الجن والإنس، إلى العرب والعجم، إلى اليهود والنصارى والفرس، وجميع أهل الأرض من الجن والإنس، عليهم جميعا أن يعبدوا الله ويوحدوه، ويخصوه بالعبادة وألا يعبدوا معه لا ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، ولا شجرا ولا ميتا ولا صنما ولا وثنا ولا غير ذلك، بل عليهم أن يخصوا الله بالعبادة دون كل ما سواه، وعليهم أيضا أن ينقادوا لما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، وأن يحكموه بينهم وألا يخرجوا عن هديه وطريقه، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (4)، وقال سبحانه: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (5)، ويقول   (1) سورة الأعراف الآية 158 (2) سورة سبأ الآية 28 (3) سورة الأنبياء الآية 107 (4) سورة النساء الآية 65 (5) سورة النور الآية 54 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 عز وجل: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (1)، المفلحون: هم هؤلاء، هم أتباع النبي محمد عليه الصلاة والسلام، أما الذين خرجوا عن دين محمد صلى الله عليه وسلم ولم ينقادوا لشرعه، ولم يصدقوه فهؤلاء هم الخاسرون هم الهالكون هم الضالون هم الكافرون من أي جنس كانوا، وقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (2)، فجعل الهداية في اتباعه فدل ذلك على أن من خرج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو الخاسر وهو الضال غير المهتدي، فالهداية والفلاح والنجاة في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إخلاص العبادة لله وحده وبتحكيم شريعة الله التي جاء بها رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وبهذا يعلم أن الواجب على جميع الأمم توحيد الله والإخلاص له، وعلى جميع الدول أن تعبد الله وأن تلزم شعوبها بعبادة الله وأن تدع ما هي عليه من الشرك والباطل، هذا عام لجميع الدول، لجميع الناس، ولكن المسلمين المنتسبين للإسلام الواجب عليهم أخص وأكبر؛ لأنهم انتسبوا إلى دين الله فوجب عليهم أن يحققوا دين الله وأن يعظموا دين الله وأن يصونوه عما حرم الله وأن يخلصوا   (1) سورة الأعراف الآية 157 (2) سورة الأعراف الآية 158 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 العبادة لله وحده حتى يتحقق إسلامهم، وحتى يكونوا مسلمين حقا لا بالانتساب، فالانتساب لا يفيد ولا ينفع بل يجب أن يكون إسلامهم حقا بعبادة الله وحده والإخلاص له، وتعظيم أمره ونهيه واتباع رسوله محمد عليه الصلاة والسلام. ويجب على الأمم الأخرى التي لا تنتسب للإسلام من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من جميع الأمم التي لا تتبع محمدا عليه الصلاة والسلام، عليهم جميعا أن يعبدوا الله وحده، وعليهم جميعا أن ينقادوا للشرع الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، عليهم جميعا ذلك؛ لأنهم مأمورون بذلك مخلوقون لذلك، فالله بعث محمدا إلى الجميع عليه الصلاة والسلام إلى جميع أهل الأرض من الجن والإنس، فلا يجوز لأحد منهم أن يخرج عن شريعة محمد عليه الصلاة والسلام كائنا من كان، فنسأل الله للجميع الهداية والتوفيق والفقه في الدين ولا حول ولا قوة إلا بالله. ومن عرف أنه من عباد الأضرحة، من عرف بأنه يأتي القبور ويستغيث بأهلها ويسألهم شفاء المرضى ونحو ذلك، فهذا لا يصلى خلفه؛ لأن ظاهره الشرك، والمشرك لا يصلى خلفه، والصلاة خلفه باطلة، فلا يجوز أن يصلى خلف هؤلاء، بل يجب أن ينبهوا وأن يحذروا من الشرك وأن ينصحوا، فإذا تابوا ورجعوا عن الباطل ووحدوا الله سبحانه وتعالى وقبلوا النصيحة يصلى خلفهم، أما ما داموا يعبدون غير الله، ما داموا يتعلقون بالقبور ويسألونها شفاء المرضى والمدد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 وقضاء الحاجات، فهؤلاء لا يصلى خلفهم، بل شركهم ظاهر وكفرهم ظاهر، وإن كان بعضهم قد غره الجهل وغره سكوت العلماء فإن هذا لا يعذره، بل يجب عليه أن يسأل وأن يتفقه في دين الله وأن يسأل أهل العلم ويتبصر في ذلك ولا يتساهل. س: ما حكم أولئك الذين يسافرون إلى القبور، وللطواف بها ويعملون الاحتفالات وما شابه ذلك؟ (1) ج: هؤلاء الذين يتوجهون إلى القبور، سواء كانت القبور في بلادهم، أو كانت في بلاد أخرى يسافرون إليها لسؤالها أو الاستغاثة بها، أو الطواف في قبورهم يدعوهم ويسألهم حاجاته، كل هذا من الشرك الأكبر وإن كانوا سافروا إليها لعبادة عندها، فقد شبهوا قبورهم بالكعبة المشرفة التي أمر الله بالسفر إليها لعبادته عندها، وهؤلاء صرفوا عباداتهم لهم دون الله عز وجل، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (2) ويقول سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3)، ويقول عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (4) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (5)، ويقول سبحانه:   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 144. (2) سورة البينة الآية 5 (3) سورة الفاتحة الآية 5 (4) سورة الزمر الآية 2 (5) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (1)، ويقول عز وجل: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2)، إلى أمثال هذه الآيات الكريمات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الدعاء هو العبادة (3)»، فالذي يدعو الأموات أو الأشجار أو الأحجار أو القبور، قد أشرك بالله سبحانه وتعالى، وهكذا إذا استغاث بهم، أو طاف في قبورهم يسألهم حاجته أو ما أشبه ذلك، أو يتعبد بالطواف ويتقرب به إليهم، كل هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. س: هل يجوز أن يذهب الفرد من بلد إلى بلد ليصلي صلاة الجمعة في مسجد يقال له مسجد الشيخ فلان (4) ج: إذا كانت الصلاة لأجل أنه يقال مسجد فلان، فلا يشد الرحل لأجل مسجد فلان، ولا لأجل أنه ينسب إلى الشيخ فلان، وإن كان يقصد الصلاة خلف إمام ذلك المسجد الذي في بلده، فالعمدة على الإمام الحاضر، إذا كان إماما طيبا والصلاة خلفه جيدة، لأجل خشوعه، وحسن تلاوته، هذا إذا قصده من شأن أن يصلي خلفه، من أجل حسن تلاوته، ومن أجل إقامته للصلاة، هذا حسن، أما شد الرحل لأجل فضل   (1) سورة غافر الآية 14 (2) سورة الجن الآية 18 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم … برقم 17888. (4) السؤال، رقم 32 من الشريط، رقم 220. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 المسجد؛ لأنه منسوب لفلان هذا لا يجوز؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى» (1) هكذا قال عليه الصلاة والسلام، أما المساجد الأخرى فلا يشد الرحل لها، ولو كان صاحبها معروفا بالخير، أما شد الرحل للتعلم أو للصلاة خلفه لا من أجل المسجد للإقامة عنده للتعلم عليه ويستفيد منه، لا بأس هذا من أجل طلب العلم.   (1) سبق تخريجه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 90 - حكم توزيع الأطعمة عند الأضرحة وسؤالها قضاء الحوائج س: سائل يقول: تقوم بعض النساء عندنا بزيارة القبور والمساجد ومن خلال الزيارة يقمن بجمع الأطفال داخل المسجد أو على القبور، ويفرقن عليهم خبزا وبعض الأشياء، ويقلن لوجه الله ثم يقمن بدعاء الولي الذي زرن لأجله ويقلن يا ولي عافني، واحفظ أولادي؟ (1) ج: هذا عمل خطير يجب الحذر منه، النساء ممنوعات من زيارة القبور، وإنما الإذن للرجال، يقول صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)» ولعن زائرات القبور من النساء؛ لأنهن فتنة وصبرهن قليل.   (1) السؤال السابع من الشريط، رقم 200. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 أما إذا كان مع ذلك دعوة الموتى والاستغاثة بالموتى صار شركا أكبر، وهكذا الذبح لهم، طلبهم المدد، هذا شرك أكبر من الرجال والنساء جميعا، فالذي يأتي القبور ليدعوها من دون الله، ويطلبها النصر والمدد والعون، هذا أتى شركا عظيما من الرجال والنساء جميعا، وهذا شرك المشركين، هذا شرك عباد القبور كأبي جهل وأصحابه من عباد القبور، وهكذا توزيع الصدقات إذا كان يقصد بهذا التقرب إلى الموتى بذلك، وأنه إذا تصدق ينوي التقرب بالصدقة لهم، يعتقد أنهم ينفعونه إذا تصدق عند قبورهم، وأنهم بهذه الصدقة التي يتقرب بها إليهم ينفعونه مثل لو صلى لهم، فهذا الشرك أكبر. أما إن كان فعل الصدقة عند القبر يطلب من الله ثوابها، ولكن يظن ويعتقد أنها عند القبور أفضل هذه بدعة، ما هي عند القبور أفضل، الصدقة يتصدق في بيته في أي محل، وإذا كانت عن طريق السر كانت أفضل، إلا إذا دعت الحاجة إلى الجهر، ولكن ليس محلها القبور، وإنما في الأسواق، في البيت، في أي مكان في المسجد لمن سأل، لا بأس. والخلاصة أن زيارة النساء للقبور لا تجوز، وكونهن يذبحن للأموات أو يطلبن منهم المدد، أو الغوث أو شفاء المرضى هذا شرك أكبر، سواء وقع من امرأة أو من رجل، حتى ولو فعله في بيته ما هو عند القبور، يا سيدي فلان، يا عبد القادر يا حسين، يا علي، يا رسول الله، ولو في بيته ولو في أي مكان بعيد عن المدن والقبور، هو شرك أكبر ولو أنه في الصحراء، ما عنده أحد إذا قال: يا رسول الله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 انصرني، أو يا رسول الله اشف مريضي، أو ما أشبه ذلك، فقد عبده من دون الله بهذا الدعاء، أو قال يا سيدي الحسين أو يا سيدي الحسن، أو يا سيدي علي، أو يا سيدي عبد القادر هذا من الشرك الأكبر، وهكذا إذا تقرب بالذبائح سواء عند قبره، أو بعيدا عن قبره، يذبح من أجل التقرب إليه، يرى أنه إذا ذبح له يمده بأشياء أو يعطيه أشياء أو يحصل له أشياء، فالذبح لغير الله شرك أكبر، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (2)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (3) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (4)، فأمر بالصلاة والنحر لله عز وجل، قال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله من ذبح لغير الله (5)» والذبح عبادة عظيمة كالصلاة، فإذا ذبح لأصحاب القبور، وتقرب إليهم بذلك، يرجو شفاعتهم ويرجو أنهم يقربونه إلى الله زلفى، أو تصدق يطلب الأجر منهم، والثواب منهم، أو حج لقبورهم أو ما أشبه ذلك من المقاصد التي يفعلها يتقرب بها إلى أصحاب القبور، هو يكون بهذا قد عبدهم وجعلهم آلهة، يعبدهم مع الله بصلاته لهم، أو دعائه لهم، أو ذبحه لهم أو نذره لهم أو غير ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.   (1) سورة الأنعام الآية 162 (2) سورة الأنعام الآية 163 (3) سورة الكوثر الآية 1 (4) سورة الكوثر الآية 2 (5) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله برقم 1978. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 91 - الرد على شبهة من أجاز دفن الميت في المسجد بحجة دفنه عليه الصلاة والسلام في مسجده س: ما هي العلاقة بين كل من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بما فيه قبره وقبر صاحبيه، ومسجد من المساجد التي توجد بها قبور، حيث إنه بعد سماعي للشيخ: عبد العزيز في هذه المسألة، فقد أوضح بأن ذلك كان خطأ عند توسعة المسجد، في عهد عبد الملك بن مروان، ولكن كثيرا من المسلمين يتساءلون، إذا كان هذا خطأ فإنه من الممكن تدارك الخطأ وعلاجه، وذلك بأن يفصل القبر عن المسجد تماما، حيث إنه لا يكفي السور؛ لأن باقي المقابر في المساجد الأخرى حولها أيضا سور، وبذلك من الصعب إقناعهم لاختلاف المسجد النبوي عن غيره، إن هذه المسألة إذا تفضلتم بحسمها، سوف تقضي قطعا على افتتان المسلمين، وسوف تمنع وتساعد على نبش القبور التي استجدت على المساجد، وندعو الله لكم بالتوفيق في بحث هذا الموضوع، وجزاكم الله خيرا؟ (1) ج: لا شك أن إدخال القبر الشريف في المسجد الشريف كان سببا لفتنة بعض الناس، من وضع القبور في المساجد والبناء على القبور، وسبق في حلقات مضت بيان الواقع وهو أن الوليد بن عبد الملك وليس   (1) السؤال الأول من الشريط، رقم 75. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 عبد الملك، بل الوليد في خلافته لما وسع المسجد النبوي، رأى إدخال الحجرة النبوية في المسجد، بسبب التوسعة وأنكر ذلك عليه بعض الناس، وبعض التابعين، ولكنه رأى أن التوسعة تدعو إلى ذلك، فلهذا أدخله وصار ذلك الإدخال فتنة لبعض الناس في البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وليست العلاقة بين مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وحجرته، مثل العلاقة التي بين المساجد والقبور الأخرى، الفرق عظيم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته بيت عائشة، ودفن معه صاحباه: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم يدفن في المسجد عليه الصلاة والسلام ولا صاحباه بل كلهم دفنوا في البيت، وأما القبور الأخرى غير قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فهي تدفن في المساجد قصدا، ويظن أهلها أن هذا قربة، وأن هذا طاعة، وربما حدث المسجد بعد ذلك، يوجد قبر ثم يبنى عليه مسجد، كل هذا واقع فليس هذا كهذا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بل في الأحاديث الصحيحة: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا. وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)» رواه مسلم. ولما قالت له عليه الصلاة والسلام أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما: إنهما رأتا   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 في أرض الحبشة كنيسة، وذكرتا ما فيها من الصور، قال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور (1)»، ثم قال عليه الصلاة والسلام: «أولئك شرار الخلق عند الله (2)» فأخبر عن الذين يبنون على القبور مساجد، ويصورون عليها الصور، أنهم شرار الخلق؛ لأنهم فعلوا أمرا يجر الناس إلى الشرك، ويوقعهم في الشرك؛ لأن البناء على القبور وبناء المساجد عليها واتخاذ الصور عليها، كل هذا من وسائل الشرك، ولهذا حذر من ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، وأبدى وأعاد في ذلك، والوليد حين أدخل الحجرة النبوية، لم يكن على باله هذا الأمر، ولم يظهر له أن الناس يشتبه عليهم الأمر، ويعتقدون أن هذا مثل هذا، وأن إدخال الحجرة برمتها من جنس إدخال القبور في المساجد، أو من جنس إقامة المساجد على القبور، وليس هذا كهذا، فالحاصل أن إدخال الحجرة النبوية في المسجد ليس من جنس عمل الغلاة في القبور الذين بنوا عليها المساجد، أو أحدثوها في المساجد، هذا غير هذا، فإحداث القبر في المسجد أمر لا يجوز، ومنكر ووسيلة للشرك بصاحب القبر، وهكذا كون المسجد يبنى عليه كما فعلت بنو إسرائيل، هذا أيضا لا يجوز، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح المتفق عليه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)».   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم 434. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم 434. (3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 فالواجب على أهل الإسلام أينما كانوا في كل مكان ألا يبنوا على القبور مساجد، وألا يبنوا عليها قبابا، ولا غيرها وأن يجعلوها ضاحية بارزة، كما كانت القبور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كذلك في البقيع وغيره ليس عليها بناء، وكما هو الحال في البقيع والحمد لله، قد أزيلت عنها المباني، وهكذا في مكة، المقصود أن الواجب أن تكون بارزة ظاهرة ليس عليها بناء، هذا هو الواجب ولا يبنى عليها قباب ولا مساجد ولا غير ذلك، وأما إدخال الوليد بن عبد الملك الحجرة النبوية، فكان لأجل التوسعة، وإن كان هذا غلطا ينبغي أنه لم يقع، حذرا من هذه الفتنة التي وقعت لبعض الناس، لكنه رحمه الله وعفا الله عنا وعنه، لم يتنبه لهذا الأمر الذي حصل للناس الآن، ولعل أسباب عدم إخراجه من المسجد بعد ذلك، أن كل وال يتولى المدينة يخشى أنه إن فعل ذلك أن يقام عليه الاحتجاج من الجهال وأن ينكر عليه، وأن يقال: أنت تبغض النبي صلى الله عليه وسلم، وأنت وأنت، فيتهم، فلهذا ترك الناس الحجرة بعدما أدخلت، لعل هذا هو السبب والله أعلم فيما أعتقد أن الولاة الذين تولوا الإمارة بعد الوليد، لعلهم خشوا إذا أخرجوا الحجرة من المسجد، أن يقال فيهم: إنهم كيت وكيت، إنهم ليسوا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم، أو إنهم مقصرون في حق النبي عليه الصلاة والسلام، أو ما أشبه ذلك من الأقاويل التي يخشى منها، فلهذا ترك هذا الأمر ولم يخرج من المسجد، من أجل خوف قالة الناس، وفتنة الناس، في القيل والقال، في إخراجه من المسجد بعدما أدخل، ثم أيضا مثل ما تقدم، ليس هذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 من جنس ما يفعله الناس، بل هذه حجرة برمتها بيت برمته، أدخل فليس من المسجد وليس من أرض المسجد، وليس مدفونا في المسجد، وليس المسجد مقاما عليه، بل المسجد قائم مستقل، قبل إدخال الحجرة، فالمسجد قائم، وإنما جاءت التوسعة فقط، اليسيرة التي جاءت من جهة الشرق، هذا هو الواقع فلا يجوز لأحد أن يحتج بهذا، على البناء على القبور أو إدخال القبور في المساجد، لا حجة له في هذا، بل الواجب أن تكون القبور بعيدة عن المساجد، ليست في المساجد، كما تكون في أرض مستقلة وضاحية، شامسة مكشوفة ليس عليها بناء، وليس عليها مساجد، هذا الواجب على جميع المسلمين في كل مكان، طاعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وامتثالا لأمره واتباعا لسنته، وحذرا من وسائل الشرك، ولهذا أبدى وأعاد عليه الصلاة والسلام، وأكثر في ذلك لئلا يقع الناس في الشرك، ومن ذلك ما تقدم في الأحاديث الصحيحة: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان من قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)» رواه مسلم في الصحيح من حديث جندب بن عبد الله البجلي، وهكذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)».   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ذلك، وألا يحتجوا بما فعله الوليد بن عبد الملك من إدخال الحجرة النبوية، فإنه أدخل بيتا ولم يدفن في المسجد، ولم يحدث الوليد قبرا في المسجد، وإنما أدخل الحجرة اجتهادا منه للتوسعة للمسلمين، فليس هذا مثل ما أحدثه الناس، ولا ينبغي أن يقاس هذا على هذا، بل الواجب الحذر مما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولعن أهله الفاعلين له، ومن ذلك ما روى جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن تجصص القبور، وعن القعود عليها والبناء عليها. فالرسول نهى أن يجصص القبر، ونهى أن يقعد عليه، أو يبنى عليه، وهذا يشمل القبر والمسجد وغيرها، فالواجب على جميع المسلمين طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وامتثال أمره والحذر مما نهى عنه في القبور وغيرها، فلا يبنى عليها، ولا يتخذ عليها قبة ولا مسجد ولا تجصص، كل هذا مما نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام، والمقصود من هذا كله سد الذرائع للشرك، والنهي عن وسائله؛ لأن الناس إذا رأوا قبرا معظما بالقبة، والفراش ونحو ذلك، عظموه بالدعاء والاستغاثة، دعوه واستغاثوا بصاحبه فوقع الشرك. فالواجب على المسلمين في أي مكان أن يتقوا الله، وأن يحذروا الدفن في المساجد، أو إقامة مسجد على القبر، وإن كان قبرا عظيما وإن كان صاحبه صالحا، فالأنبياء هم أصلح الناس، ولا يجوز البناء على قبورهم، فبقية الناس من باب أولى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 فالواجب هو امتثال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتقيد بما قاله عليه الصلاة والسلام، والحذر مما نهى عنه عليه الصلاة والسلام، والحكمة في هذا واضحة، والحكمة ظاهرة وهي سد الذرائع الموصلة للشرك، فإن وجود المسجد على القبر، أو وجود القبر في المسجد، كل ذلك من وسائل الشرك بصاحب القبر نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، ونسأل الله أن يبصر المسلمين ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذهم من أسباب الشرك، ووسائله وذرائعه. أما قوله: لماذا لا يعالج الخطأ الذي وقع فيه الوليد بن عبد الملك بإدخال الحجرة النبوية في المسجد، فقد بينا أن أسباب ذلك أن كل دولة تخشى أنها إذا قامت بهذا الأمر، تتهم وأن يقال فيها إنها قصرت في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنها تبغض النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنها جاهلة بالإسلام، قد يتحاشون الدخول في هذا الأمر، يقولون: ما دام قد سكت من قبلنا، فنتركه، ولأن الحكمة في ذلك والعلة في ذلك واضحة، فإنه لم يدفن في المسجد عليه الصلاة والسلام، وإنما أدخلت الحجرة برمتها، فليست هذه المسألة مثل المسائل التي وقع فيها الناس في بلدان كثيرة حيث دفنوا في المساجد، وأوجدوا قبورا في المساجد، وبنوا مساجد على القبور، هذا هو الواقع، وهذا غير ما فعله الوليد، هذا فرق عظيم، وخوف الفتنة بين المسلمين هذا هو السبب الذي جعل الناس يتركون الأمور على حالها، خشية من فتنة تقوم بين الناس، بسبب ظنهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 بمن أخرجه السوء، وأنه أراد بهذا تنقصا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه أو أنه أراد بذلك شيئا آخر، قد لا يحمل على المعنى الشرعي، وقد يظن به خلاف ذلك، فلعل هذا السبب الذي من أجله تركته الدول السابقة، وقد يقوم حرب فكرية وغير فكرية من أعداء الإسلام، وقد يكون هذا من أسباب بعض الفتن، التي يوجدها بعض الناس، لأتفه الأسباب، وكيف هذا وهذا مما يتعلق بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه وأكثر الخلق ليس عنده العلم الكافي، والبصيرة الكافية بهذه الأمور بل يعتقدون أن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها أنه دين وقربة، بل بعضهم وكثير منهم يرى أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات دين وقربة نسأل الله العافية، ولما قيل له - صلى الله عليه وسلم - في حجر إسماعيل قال: «لولا أن قومك حديثو عهد بكفر، لنقضت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم (1)» فترك نقض الكعبة وإدخال الحجر فيها خوفا من الفتنة عليه الصلاة والسلام فأبقاها على حالها، وهذا من جنس هذا.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب فضل مكة وبيانها برقم 1583، ومسلم في كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها برقم 1333. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 92 - بيان الحكم في القبة الخضراء على قبره عليه الصلاة والسلام س: قد عرفنا من كلام سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أن البناء والقباب على القبور لا يجوز، فما حكم القبة الخضراء على قبر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة؟ (1) ج: لا ريب أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن البناء على القبور ولعن اليهود والنصارى على اتخاذ المساجد عليها، فقال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه مسلم في الصحيح، عن جابر أنه: نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها، والبناء عليها وفي رواية للترمذي وغيره والكتابة عليها (3). فالبناء على القبور، واتخاذ مساجد عليها من المحرمات التي حذر منها النبي عليه الصلاة والسلام، وتلقاها أهل العلم بما قاله - صلى الله عليه وسلم - بالقبول، ونهى أهل العلم عن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، تنفيذا للسنة المطهرة، ومع ذلك فقد وجد في كثير من الدول والبلدان، البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها، واتخاذ القباب عليها أيضا، وهذا كله   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 40. (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (3) سبق تخريجه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 مخالف لما جاءت به السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو من أعظم وسائل وقوع الشرك، والغلو في أصحاب القبور، فلا ينبغي لعاقل ولا ينبغي لأي مسلم أن يغتر بهؤلاء وأن يتأسى بهم فيما فعلوا؛ لأن أعمال الناس تعرض على الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة، أو وافق أحدهما قبل، وإلا رد على من أحدثه، كما قال الله سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (1)؛ وقال عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (2). أما ما يتعلق بالقبة الخضراء التي على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا شيء أحدثه بعض الأمراء في المدينة المنورة، في القرون المتأخرة في القرن التاسع وما حوله. ولا شك أنه غلط منه، وجهل منه، ولم يكن هذا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد أصحابه ولا في عهد القرون المفضلة، وإنما حدث في القرون المتأخرة التي كثر فيها الجهل، وقل فيها العلم وكثرت فيها البدع، فلا ينبغي أن يغتر بذلك، ولا أن يقتدى بذلك، ولعل من تولى المدينة من الملوك والأمراء، والمسلمين تركوا ذلك خشية الفتنة من بعض العامة، فتركوا ذلك وأعرضوا عن ذلك، حسما لمادة الفتن؛ لأن بعض الناس ليس عنده بصيرة، فقد يقول: غيروا وفعلوا بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا كذا، وهذا كذا، فيثير إلى فتن لا حاجة   (1) سورة الشورى الآية 10 (2) سورة النساء الآية 59 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 إلى إثارتها وقد تضر إثارتها، فالأظهر والله أعلم أنها تركت لهذا المعنى خشية رواج فتنة يثيرها بعض الجهلة، ويرمي من أزال القبة أنه يستهين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو بأنه لا يرعى حرمته عليه الصلاة والسلام هكذا يدعي عباد القبور، وأصحاب الغلو إذا رأوا من يدعو إلى التوحيد، ويحذر من الشرك والبدع، رموه بأنواع المعايب، واتهموه بأنه يبغض النبي عليه الصلاة والسلام، أو بأنه يبغض الأولياء، أو لا يرعى حرمته - صلى الله عليه وسلم -، أو ما أشبه هذه الأقاويل الفاسدة الباطلة، وإلا فلا شك أن الذي عملها قد أخطأ، وأتى بدعة وخالف ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في التحذير من البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها. وأما البناء الأول فهو بيت عائشة؛ كان دفن عليه الصلاة والسلام في بيت عائشة والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم خافوا على دفنه في البقيع من الفتنة، فجعلوه في بيت عائشة ثم دفنوا معه صاحبيه: أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم يكن الدفن في المسجد بل كان في بيت عائشة، ثم لما وسع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك في آخر القرن الأول أدخل الحجرة في التوسعة، فظن بعض الناس الذين لا يعلمون أن الرسول دفن في المسجد وليس الأمر كذلك بل هو عليه الصلاة والسلام دفن في بيت عائشة في خارج المسجد، ولم يدفن في المسجد فليس لأحد حجة في ذلك أن يدفن في المساجد، بل يجب أن تكون المساجد خالية من القبور، ويجب ألا يبنى أي مسجد على قبر، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 لكون الرسول حذر من ذلك عليه الصلاة والسلام فقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. (1)» أخرجه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، وروى مسلم في صحيحه رحمه الله، عن جندب بن عبد الله البجلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمعه يقول: قبل أن يموت بخمس يقول: «إن الله اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)» فذم من اتخذ المساجد على القبور، ونهى عن ذلك بصيغتين إحداهما: قوله فلا تتخذوها مساجد، والثانية: فإني أنهاكم عن ذلك، وهذه مبالغة في النهي والتحذير منه عليه الصلاة والسلام، من وجوه ثلاثة: الوجه الأول: ذم من اتخذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين قبلنا، والثاني: نهى عن ذلك بصيغة لا تتخذوا، والثالث: أنه نهى عنه بصيغة وإني أنهاكم عن ذلك، وهذه مبالغة في التحذير، وسبق في حديث عائشة أنه نهى عنه باللعن، قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)»، هذا يبين لنا ويبين لكل مسلم ولكل ذي فهم أن البناء على القبور، واتخاذ   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. برقم 532. (2) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532). (3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 القباب عليها والمساجد أنه مخالف لشريعة الله التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه منكر وبدعة في الدين، وأنه من وسائل الشرك، ولهذا لما رأى العامة والجهلة هذه القبور المعظمة، بالمساجد والقباب وغير ذلك، والفرش ظنوا أنها تنفعهم، وأنها تجيب دعاءهم، وأنها ترد عليهم غائبهم، وتشفي مريضهم، فدعوها واستغاثوا بها، ونذروا لها ووقعوا في الشرك، بسبب ذلك. فالواجب على أهل العلم والإيمان أين ما كانوا أن يحذروا الناس من هذه الشرور، وأن يبينوا لهم أن البناء على القبور من البدع المنكرة، وهكذا اتخاذ القباب والمساجد عليها من البدع المنكرة وأنها من وسائل الشرك، حتى يحذر العامة ذلك، ليعلم الخاص والعام أن هذه الأشياء، حدثت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعد أصحابه رضي الله عنهم، وبعد القرون المفضلة، حتى يحذروها وحتى يبتعدوا عنها والزيارة الشرعية للقبور هي أن يزوروها للسلام عليهم، والدعاء لهم والترحم عليهم، لا لسؤالهم، ودعائهم، وقضاء الحاجات وتفريج الكروب، فإن هذا شرك بالله، ولا يجوز إلا مع الله سبحانه وتعالى، ولكن الجهلة والمشركين بدلوا الزيارة الشرعية، بالزيارة المنكرة الشركية، جهلا وضلالا؛ ومن أسباب هذا الشرك والبدع وجود هذه البنايات، والقباب والمساجد على القبور، ومن أسباب ذلك سكوت كثير من العلماء عن ذلك، إما للجهل بالحكم الشرعي لذلك، من بعضهم وإما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 يأسهم من قبول العامة، وعدم الفائدة من كلامه منهم لما رأوه من إقبالهم عليها، وإنكارهم على من أنكر عليهم، وإما لأسباب أخرى. فالواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يوضحوا للناس ما حرم الله عليهم، وأن يبنوا ما أوجب الله عليهم، وأن يحذروهم من الشرك وأسبابه ووسائله، فإن العامة في ذمتهم، والله أوجب عليهم البلاغ والبيان، وحرم عليهم الكتمان. س: إنني أعلم أن بناء القباب على القبور لا يجوز، ولكن بعض الناس يقولون: إنها تجوز ودليلهم قبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويقولون: إن محمد بن عبد الوهاب أزال كل القباب، ولم يزل تلكم القبة، أي قبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالمفروض أن تزال ما دام الناس غير متشككين، فيما يبدو فكيف نرد على هؤلاء أفيدونا بارك الله فيكم؟ (1) ج: لا شك أن القباب على القبور بدعة ومنكر، كالمساجد على القبور كلها بدعة وكلها منكر؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)»، ولما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ألا وإن من   (1) السؤال العاشر من الشريط، رقم 109. (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1)» رواه مسلم في الصحيح، ولما ثبت أيضا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صحيح مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها، فنص - صلى الله عليه وسلم - على النهي عن البناء على القبور والتجصيص لها، أو القعود عليها ولا شك أن وضع القبة عليها نوع من البناء، وهكذا بناء المسجد عليها نوع من البناء، وهكذا جعل سقوف عليها وحيطان نوع من البناء. فالواجب أن تبقى مكشوفة على الأرض مكشوفة كما كانت القبور في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في البقيع وغيره مكشوفة، يرفع القبر عن الأرض قدر شبر تقريبا، ليعلم أنه قبر لا يمتهن، أما أن يبنى عليه قبة أو غرفة أو عريش أو غير ذلك، فهذا لا يجوز، بل يجب أن تبقى القبور على حالها مكشوفة، ولا يزاد عليها غير ترابها، فيؤخذ القبر من ترابه، الذي حفر منه يرفع قدر شبر ويكفي ذلك، كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص أنه قال رضي الله عنه: الحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال في رواية: فرفع قبره عن الأرض قدر شبر، يعني قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. فالحاصل أن القبور ترفع قدر شبر، للعلم بأنها قبور، ولئلا تمتهن   (1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 وتوطأ أو يجلس عليها، أما أن يبنى عليها فلا، لا قبة ولا غيرها، للأحاديث السابقة حديث جابر وحديث عائشة وغيرهما، وفي حديث جابر التصريح بالنهي عن البناء على القبور، وتجصيصها، أما قبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذه حادثة أحدثها بعض أمراء الأتراك، في بعض القرون المتأخرة في القرن التاسع أو الثامن وترك الناس إزالتها لأسباب كثيرة، منها جهل الكثير ممن يتولى إمارة المدينة ومنها خوف الفتنة؛ لأن بعض الناس يخشى الفتنة، لو أزالها لربما قام عليه الناس، وقالوا: هذا يبغض النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا كيت وكيت، وهذا هو السر في إبقاء الدولة السعودية لهذه القبة؛ لأنها لو أزالتها لربما قال الجهال، وأكثر الناس جهال: إن هؤلاء إنما أزالوها لبغضهم النبي عليه الصلاة والسلام ولا يقولون: لأنها بدعة، وإنما يقولون لبغضهم النبي - صلى الله عليه وسلم - هكذا يقول الجهلة وأشباههم، فالحكومة السعودية الأولى والأخرى إلى وقتنا هذا، إنما تركت هذه القبة المحدثة خشية الفتنة، وأن يظن بها السوء، وهي لا شك أنها والحمد لله تعتقد تحريم البناء على القبور، وتحريم اتخاذ القباب على القبور، والرسول - صلى الله عليه وسلم - دفن في بيت عائشة لئلا تقع الفتنة به، ولئلا يغلى فيه، فدفنه الصحابة في بيت عائشة حذرا من الفتنة والجدران قائمة من قديم، دفنوه في البيت حماية له من الفتنة عليه الصلاة والسلام لئلا يفتن به الجهلة، وأما هذه القبة فهي موضوعة متأخرة من جهل بعض الأمراء، فإذا أزيلت فلا بأس بذلك، بل هذا حق لكن قد لا يتحمل هذا بعض الجهلة، وقد يظنون بمن أزالها بأنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 ليس على حق، وأنه مبغض للنبي عليه الصلاة والسلام، فمن أجل هذا تركت الدولة السعودية هذه القبة على حالها؛ لأنها من عمل غيرها ولا تحب التشويش والفتنة التي قد يتزعمها بعض الناس من عباد القبور وأصحاب الغلو في الأموات من المشركين فيرمونها بما هي بريئة منه، من البغض للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو الجفاء في حقه والعلماء السعوديون منهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وغيره من العلماء كلهم بحمد الله على السنة، وعلى طريق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان في توحيد الله، والإخلاص له والتحذير من الشرك والبدع، أو وسائل الشرك، وهم أشد الناس تعظيما للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه كالسلف الصالح هم من أشد الناس تعظيما للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم مشيا وسيرا على الطريق السلف الصالح، في محبته - صلى الله عليه وسلم - وتعظيم جانبه: التعظيم الشرعي، الذي ليس فيه غلو ولا بدعة بل تعظيم يقتضي اتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه، والذب عن سنته ودعوة الناس إلى اتباعه وتحذيرهم من الشرك به أو بغيره، وتحذيرهم من البدع المنكرة، فهم على هذا الطريق أولهم وآخرهم، يدعون الناس إلى اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى تعظيم سنته وإلى إخلاص العبادة لله وحده، وعدم الشرك به سبحانه ويحذرون الناس من البدع التي كثرت بين الناس من عصور كثيرة، ومن ذلك بدعة هذه القبة التي وضعت على القبر النبوي، وإنما تركت من أجل خوف القالة والفتنة، والله ولي التوفيق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 93 - بيان مكان قبر الحسين رضي الله عنه س: كثر كلام الناس، واختل حول قبر سيدنا الحسين أين مكانه، وهل يستفيد المسلمون من معرفة مكانه بالتحديد؟ (1) ج: الصواب أنه كان بالعراق جسده؛ لأنه قتل في العراق، أما رأسه فاختلف فيه فقيل في الشام، وقيل في مصر وقيل غير ذلك، والصواب: أن الذي في مصر ليس قبره، إنما هو غلط وليس رأس الحسين، وقد ألف في هذا بعض أهل العلم، وبينوا أنه لا أصل لوجود رأسه في مصر، ولا وجه لوجوده في مصر، وإنما الأغلب أنه في الشام؛ لأنه نقل إلى يزيد بن معاوية وهو في الشام، فلا وجه للظن أنه في مصر، بل إما أنه في الشام؛ في مخازن الشام؛ وإما أعيد إلى جسده في العراق، وبكل حال فليس للناس حاجة في هذا، ليس للناس حاجة أن يعرفوا رأسه أين دفن، وأين كان، إنما الدعاء له بالمغفرة والرحمة، غفر الله له ورضي الله عنه قتل مظلوما، فيدعى له بالمغفرة والرحمة ويرجى له خير كثير، هو وأخوه الحسن، سيدا شباب الجنة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فهو مظلوم له الأجر العظيم، وترجى له الشهادة، مع أنه وأخاه كما تقدم جاء فيهما الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنهما سيدا شباب أهل الجنة (2)» ومن عرف   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 95. (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - برقم 10616. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 قبره وسلم عليه، ودعا له فلا بأس، كما تزار القبور الأخرى إنما يزار قبره إذا عرف، مثل بقية قبور المسلمين بالدعاء لهم، والترحم عليهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (1)» فمن زار قبر الحسين أو الحسن، أو فلان أو فلان للدعاء لهم، والترحم عليهم والاستغفار لهم، كما يفعل مع بقية القبور هذا سنة، أما زيارة القبور لدعائها من دون الله، أو الاستغاثة بها أو التمسح بترابها، هذا من المنكرات لا يجوز ولا يبنى عليها، لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» وروى جابر في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها وعن البناء عليها (3)» فالرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تجصيص القبر، وعن القعود عليه وعن البناء عليه، فلا يبنى عليه قبة ولا مسجد، ولا غير ذلك ولا يجوز أيضا أن يجصص أو يطيب، أو توضع عليه الستور، كل هذا ممنوع ولا يصلى عنده، يقول عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (4)» خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة عند القبور، ولا اتخاذها مساجد، لماذا؟ لأنه وسيلة للشرك ووسيلة لأن يعبد من   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970. (4) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 دون الله، بدعائهم والاستغاثة بهم والنذر لهم، والتمسح بقبورهم، فلهذا حذر النبي من هذا عليه الصلاة والسلام، وإنما تزار القبور فقط بالسلام عليهم والدعاء لهم، والترحم عليهم: الدعاء لهم لا دعاؤهم من دون الله، وإنما يدعى لهم غفر الله لك يا فلان، رحمك الله رضي الله عنك، كفر الله سيئاتك. أما إذا قال يا سيدي أنا بجوارك، أنا في حسبك اشفع لي، انصرني اشف مريضي، هذا منكر لا يجوز هذا من دعاء غير الله، من أنواع الشرك الأكبر نسأل الله السلامة. الزيارة الشرعية جائزة، أما الزيارة البدعية التي تقصدها بالتمسح بالقبور أو دعائهم أو الاستغاثة بهم، هذا منكر لا يجوز مطلقا، والزيارة الشرعية تجوز لكن من دون سفر، من دون شد الرحل إذا كان في البلد نفسه زاره في البلد، أما أن يشد الرحل يسافر لأجل زيارة القبر، هذا لا يجوز؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (1)» س: هل جثة الحسين في العراق أو في الشام أو في مصر؟ (2) ج: المعروف أن جثة الحسين في العراق وليست في مصر، وليست في الشام، وإنما دفن في العراق والذي في مصر، ليس له   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1189. (2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط، رقم 143. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 أصل، وإنما هي دعوى لا حقيقة لها وأقبح من ذلك وأشد من ذلك دعاؤه والاستغاثة به والطواف بقبره، هذا من أعظم المنكرات والقبائح ومن الشرك الأكبر، فإن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم والتقرب إليهم، بالذبائح كل ذلك من المنكرات العظيمة، ومن الشرك الأكبر سواء كان المدفون الحسين، أو غير الحسين، وهكذا ما يفعل عند قبر البدوي، أو الست زينب، أو غير ذلك كله يجب تركه، وإنما تجوز الزيارة فقط، للميت ويدعى له بالمغفرة والرحمة، سواء كان الحسين أو غير الحسين. أما أن يدعى الأموات من دون الله ويستغاث بهم وينذر لهم، ويطلب منهم الشفاء أو النصر على الأعداء هذا كله من عمل الجاهلية، ومن عمل المشركين الأولين، من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بقبورهم، رغبة فيما عندهم من السر، كما يقول عبادهم من دون الله، كل هذا منكر عظيم، والطواف عبادة عظيمة لله، ولا يجوز إلا حول الكعبة المشرفة، القبور لا يطاف بها، ولا يسأل أهلها شفاء ولا نصرا على الأعداء، ولا غير هذا وإنما يزارون إذا كانوا مسلمين، ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة، وفي ذلك عبرة وذكرى للزائر يذكر الموت ويذكر الآخرة، أما العبادة فحق الله وحده، هو الذي يدعى ويرجى سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (1)، وقاله سبحانه:   (1) سورة البينة الآية 5 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (1)، وقال عز وجل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2)، والآيات في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده وأنه هو الذي يدعى سبحانه، ويرجى ويخاف وهو الذي يتقرب إليه بالذبائح والنذور، وغير هذا من العبادات كما قال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (3) يعني: قل يا محمد للناس، قل يا أيها الرسول للناس: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (4) يعني ذبحي {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (5) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (6)، وقال سبحانه يخاطب نبيه عليه الصلاة والسلام: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (7) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (8)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه علي رضي الله عنه: «لعن الله من ذبح لغير الله (9)». فالواجب على جميع المسلمين التفقه في الدين وتبصير الجاهل وتعليمه، وهذا من حق العلماء ومن واجب العلماء، أن يبصروا الناس سواء كان ذلك فيما يتعلق بقبر الحسين، أو غيره في مصر وغير مصر. الواجب على العلماء: علماء الحق، أن يبصروا الناس، وأن يعلموهم أن دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات والنذر للأموات أمر منكر، بل من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بقبورهم، أمر منكر، الطواف عبادة لله،   (1) سورة الزمر الآية 2 (2) سورة الجن الآية 18 (3) سورة الأنعام الآية 162 (4) سورة الأنعام الآية 162 (5) سورة الأنعام الآية 162 (6) سورة الأنعام الآية 163 (7) سورة الكوثر الآية 1 (8) سورة الكوثر الآية 2 (9) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 ولا تفعل إلا عند الكعبة عند البيت الشريف في مكة المكرمة، فالقبور لا يطاف بها، ولا يدعى أهلها من دون الله، ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم إلا إذا كانوا مسلمين، فإنه يسلم عليهم ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة، هكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور البقيع ويدعو لأهله بالمغفرة والرحمة، ويقول لأصحابه يعلمهم إذا زاروا القبور، أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (1)». هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، وهذا هو السنة في زيارة القبور، أما قبور الكفار فلا يسلم عليهم إنما تزار للعظة والذكرى إذا زارها يتذكر الآخرة، يتذكر الموت لكن لا يسلم عليهم، ولا يدعو لهم، فقد زار النبي - صلى الله عليه وسلم - قبر أمه، فلم يستغفر لها، نهاه الله أن يستغفر لها؛ لأنها ماتت على دين الجاهلية، فاستأذن ربه أن يستغفر لها، فلم يأذن له سبحانه وتعالى، وإنما أذن في زيارتها للعبرة والاتعاظ، وبهذا يعلم السائل أن ما يدعى من وجود الحسين، في مصر ليس له أصل عند أهل العلم، وإنما جثته كانت في العراق، وهو قتل في العراق، ويقال إن رأسه نقل إلى يزيد في الشام فلا يدرى أين هذا الرأس، هل دفن في الشام أو أعيد إلى محله في العراق، مع جثته الحاصل أن وجود جثة الحسين في مصر أمر لا أساس له.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 94 - حكم الاحتفال والذبح عند القبور س: أسألكم عن قبور الأولياء، أولياء الله الصالحين مثل مسجد الحسين والسيد البدوي، وهم كثيرون جدا وكل واحد يقام له الاحتفالات، وتنذر له النذور ولا أحد ينكر على الناس، أرجو من سماحة الشيخ توجيه الناس على ما فيه الخير، وإذا أمكن أيضا أن يكون التوجيه مكتوبا فلعله يكون مفيدا؟ (1) ج: لا شك أن هذا الأمر واقع في الناس، وهو من أعظم المصائب ومن أعظم الكبائر، بل هو الشرك الأعظم ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإن الغلو في أصحاب القبور ودعاءهم من دون الله، والاستغاثة بهم والتقرب إليهم بالطواف بقبورهم كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا الذبح لهم والنذر لهم كله من الشرك الأكبر. أما الاحتفالات بمواليدهم فهذه من البدع التي يجب تركها، لكن لو وقع فيها دعاؤهم والاستغاثة بهم صار ذلك من الشرك الأكبر، وكثير من الناس في الاحتفالات قد يدعون المحتفل به ويستغيثون به، كما يفعل هذا بعض الناس عند احتفالهم بمولد النبي عليه الصلاة والسلام، فالبدع تجر إلى الشرك وهي بريد له، وهي أعظم المنكرات بعد الشرك، فإن المنكرات مراتب أعظمها الشرك بالله عز وجل، وأنواع الكفر به   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 94. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 سبحانه وتعالى، ثم يلي ذلك البدع؛ لأنها زيادة في الدين، واعتراض على الله فهي وسيلة إلى الشرك بالله عز وجل. فالواجب الحذر منها ومن ذلك البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها وإقامة الموالد والاحتفال بها، كل هذا من وسائل الشرك، فإن القبر متى عظم بالبناء واتخاذ القبة عليه والمسجد، فإن العامة يظنون أن هذا يدل على أنه يدعى من دون الله، فيستغيثون به وينذرون له، ويظنون أنه يقضي حوائجهم، وأنه يشفع لهم عند الله، بهذا العمل السيئ وهذا هو عمل المشركين الأولين هو دينهم دين قريش وأشباههم، الغلو في الأموات والاستغاثة بأصحاب القبور، ودعاؤهم من دون الله والنذر لهم هذا هو دين قريش، كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (1)، فرد الله عليهم بقوله سبحانه: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (2) وبين سبحانه أنه لا يعلم له شريكا لا في السماء ولا في الأرض، وأنكر عليهم عملهم هذا، فليس المشركون على حق بل هم على باطل، وليست آلهتهم التي دعوها من دون الله بالتي تشفع لهم، قال الله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (3)، وهكذا قوله سبحانه في الآيات الأخرى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (4) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (5).   (1) سورة يونس الآية 18 (2) سورة يونس الآية 18 (3) سورة المدثر الآية 48 (4) سورة الزمر الآية 2 (5) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 يعني يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا زلفى إلى الله فأخبر عن المشركين أنهم اتخذوا آلهتهم التي عبدوها من دون الله، يزعمون أنها تقربهم إلى الله زلفى، ولم يزعموا أنها تخلق أو ترزق، لا، وإنما أرادوا تقريبها لهم عند الله، وشفاعتها لهم عند الله، ومع هذا حكم الله عليهم بالشرك والكفر، قال تعالى في هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (1)، سماهم كذبة في دعواهم، أنها تقربهم وكفرة في هذا العمل. فالواجب الحذر من هذا الغلو، وهذه البدع التي أحدثها الناس عند القبور، فإنها شر عظيم وفساد كبير، ووقوعها يجر إلى الشرك، فإنه متى عكف على القبر، وبنى عليه وعظمه بالستور والأطياب، فإن ذلك يجره إلى أن يدعوه من دون الله، وإلى أن يستغيث به، وهذا هو الشرك الأكبر عند جميع أهل العلم. فيجب الحذر من هذا البلاء العظيم، ويجب على العلماء أن يبينوا للناس هذه الشركيات، وهذه المنكرات وأن يرشدوهم إلى الحق، حتى يدعوا هذا الباطل، وحتى يدعوا هذا الشرك، وقد مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة عشر سنين، يدعو الناس إلى توحيد الله، وينكر عليهم الشرك بالله   (1) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 وعبادة الأوثان، والأصنام وأصحاب القبور، ثم فرض الله عليهم الصلوات الخمس، فبقي بعدها في مكة نحو ثلاث سنين، يدعو إلى توحيد الله، والإخلاص له ثم هاجر إلى المدينة، عليه الصلاة والسلام ولم يزل يدعو إلى الله ويعلم الناس ما شرع الله لهم حتى توفاه الله عليه الصلاة والسلام، ونقله إلى الرفيق الأعلى عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم. فالواجب على الخلفاء وهم العلماء، أن يتقوا الله وأن يبينوا للناس دينهم على الوجه الذي لا خفاء فيه، ولا ريب أن سكوت العلماء ومن ينسب إلى العلم، عند العامة وهم يفعلون هذه الأفعال التي هي التعلق بالأموات والاستغاثة بالأموات، لا شك أن سكوتهم يشجع هؤلاء على هذا الشرك، ويعتقدون أن هذا السكوت دليل على أن هذا جائز، وأنه لا حرج فيه. فالواجب الحذر والواجب على العامة، أن يسألوا أهل العلم المعروفين بالعقيدة الصالحة، وتعظيم كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام. والواجب على العلماء أن يتقوا الله ويتبصروا، وأن ينكروا ما أنكره الله ورسوله من الشرك وسائر المعاصي، والله المستعان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 95 - حكم الطواف بالقبور س: ما حكم من يطوف بالقبر ويدعو الله عنده؟ وهذا ألاحظه كثيرا في بعض الأماكن؟ (1) ج: الطواف عبادة لله عز وجل، من أفضل العبادات ولكنه يختص بالكعبة، لا يطاف بغير الكعبة، ومن طاف بالقبور يريد التقرب إلى أهلها فقد أشرك، مثل من يدعوها ويستغيث بها وينذر لأهلها. أما إذا طاف بالقبر يقصد التقرب إلى الله يحسب أنه جائز فهذا بدعة ومنكر، وعليه التوبة إلى الله عز وجل؛ لأنه ما قصد صاحب القبر، وإنما قصد التقرب إلى الله يظن أنه يجوز، فهذا بدعة ومنكر وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ولا يكون بهذا مشركا، إلا إذا قصد التقرب بالطواف للميت، ليشفع له، فهذا يكون مثل قوله يا سيدي أغثني، أو اشف مريضي، أو المدد المدد، كل هذا من الشرك الأكبر، أو ينذر له؛ أو يذبح له.   (1) السؤال السابع من الشريط، رقم 193. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 96 - حكم إيقاد السرج على القبور وذبح النذور لها س: الأخ م. ش. ع. من محافظة مطروح، برج العرب، يسأل ويقول: بجوارنا الكثير من الأضرحة والقبور المرتفعة، التي أوقدت عليها السرج وتذبح لها النذور من دون الله، ويحلف بأصحابها والعياذ بالله. فإذا ما تحدثنا للناس وبينا لهم بأن هذا شرك، وأن عليهم أن يتوبوا إلى الله، قالوا بأنهم وجدوا آباءهم على هذه الحال التي وصفت فماذا تفعل إزاءهم؟ وجهونا ووجهوهم، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الواجب عليكم وعليهم السعي عند ولاة الأمور في إزالة الأبنية التي على القبور وتركها ضاحية شامسة كما كانت القبور في بلاد أهل السنة والجماعة، من قديم الزمان ولا يجوز البناء عليها، ولا اتخاذ المساجد عليها؛ لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)»، وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها (3)» ولا يجوز لأحد من الناس أن يدعوها من دون الله أو يستغيث بأهلها، أو ينذر لهم، أو يذبح لهم، أو يطلبهم المدد، أو يتبرك بتراب قبورهم، كل ذلك منكر   (1) السؤال السادس من الشريط، رقم 182. (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 ومن الشرك الأكبر نعوذ بالله. الواجب تنبيههم، وليس لهم حجة في تقليد آبائهم. هذه حجة المشركين، قال الله جل وعلا عن المشركين لما نهاهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن عبادة الأصنام: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (1)، هذه حجة باطلة، حجة ملعونة خبيثة، فلا يجوز الاحتجاج بها، هذه حجة الكفرة، إذا وجدت أباك على باطل فلا تتبع أباك، أما إذا كان على حق، فالواجب الأخذ بالحق سواء كان عليه أبوك أو غير أبيك، وأما ما يفعله الناس اليوم عند القبور، من الدعاء والاستغاثة بأهلها، والذبح لهم والطواف بقبورهم، كل هذا منكر عظيم، كل هذا من عمل أهل الشرك من عباد الأوثان. فالواجب على المسلم أن يحذر ذلك، وأن يحذره إخوانه وينذرهم، والواجب على العلماء في كل مكان أن يحذروا الناس وأن يرشدوهم وأن يوضحوا لهم حقيقة التوحيد، وحقيقة الشرك وأنه لا يجوز لأحد أن يدعو الميت من دون الله، ولا أن يستغيث به، ولا أن يذبح له، ولا أن يطلبه المدد، ولا أن يطوف في قبره، كل ذلك من الشرك الأكبر، كونه يطوف يتقرب إلى الميت بالطواف، هذا شرك أكبر. أو يقول: يا سيدي المدد المدد، أو الغوث الغوث، هذا من الشرك الأكبر، هذا من جنس عمل أبي جهل وأشباهه من عباد القبور،   (1) سورة الزخرف الآية 23 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 عباد الأصنام. فالواجب عليكم أيها السائل أن تستمروا في النصيحة والإنكار، وأن تطلبوا من العلماء أن ينبهوهم ويوضحوا لهم ويرشدوهم حتى يتركوا هذا الشرك وحتى يزيلوا هذه الأبنية التي على القبور، وتبقى القبور ضاحية شامسة ليس عليها بناء. نسأل الله للجميع الهداية. س: والدي سمع من العلماء أنه لا يجوز البناء على القبور، وفي مقبرة قريبة منا توجد فيها قبور عليها بناء من الذين يدعون بالصوفية، وأنهم يقولون: إنهم يضرون وينفعون، ولا يضر ولا ينفع إلا الله سبحانه وتعالى، ويزورها الناس يوم الجمعة، وأيام الأعياد، هل ما فعل والدي على حق، أم ننهاه عن ذلك جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: البناء على القبور لا يجوز، والواجب إزالته وعلى الدولة والحكام أن يزيلوه، أما الأفراد فليس لهم أن يزيلوه، إلا بإذن حتى لا يكون اصطدام وفتنة بينهم وبين المسؤولين، بل على ولاة الأمور، من الأمراء والقضاة، وعلى العلماء أن ينكروا هذا المنكر، وأن يزال؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن من بنى المساجد على القبور، وقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)»؛ ونهى عن تجصيص   (1) السؤال السادس عشر من الشريط، رقم 195. (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 القبور والبناء عليها. فالواجب أن يزال البناء حتى تكون شامسة بارزة، كقبور المدينة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وحتى لا يغلى فيها، فإذا بني عليها صار من أسباب الغلو فيها، وعبادتها من دون الله وتعظيمها التعظيم غير الشرعي، فلا يبنى عليها لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، وإذا وجد بناء يرفع الأمر إلى ولي الأمر المسلم، وإلى العلماء حتى يزال بطريقة شرعية، ليس فيها فتنة ولا تعرض لمشكلات تضر المجتمع، والله المستعان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 97 - حكم قطع الأشجار التي على القبور س: يوجد مقابر في اليمن، وعلى هذه المقابر أشجار، وقد مر عليها مئات السنين لا أحد يأخذ منها؛ لأنهم يدعونها حق الأولياء المقبورين في هذه المقابر، وأنه من أخذ منها تتصور له حنش كما يقولون، وأنه يعضه بنابه، ويخرج عليه من هذه الأشجار التي على القبور، هل هذا صحيح، وما مدى صحة قطع الأشجار من على القبور؟ (1) ج: لا بأس أن تؤخذ الأشجار يقطعها، ولا بأس أن يأخذ من ثمارها   (1) السؤال السابع من الشريط، رقم 9. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 إذا كان فيها ثمرة كالسدر ونحوه، ولا بأس أن يقطعها ويستفيد منها، إذا كانت ليس ملكا لأحد، ولا هي في أرض مملوكة لأحد، إنما نبتت على المطر مثلا، فلا بأس أن تقطع وينتفع بها، ولكن إذا كان هناك فتنة تقع بهذا الشيء فينبغي ألا يقدم على هذا إلا بمشاورة ولاة الأمور حتى لا تقع فتنة بينه وبين الناس، ولاة الأمور: لهم التصرف، يشاورهم في قطعها لمصلحة المسلمين، أو الفقراء أو ما أشبه ذلك. أما إذا كان لا يترتب على قطعها فتنة، ولا قتال ولا شرور، وأحب الإنسان أن يقطعها ليستفيد منها، وينتفع بها، فلا بأس بذلك، أما قوله إنها لحرمة القبور، أو كرامات الأولياء أو لكذا أو لكذا هذا لا أصل له، أو عندما يأخذ منها يصيبه حنش، هذا من تلبيس الملبسين، ولا أصل لهذا الشيء فلا بأس أن تؤخذ الأشجار وتقطع، ولا بأس أن تؤكل ثمارها إذا كان فيها ثمر، ولكن إذا كان قطعها يترتب عليه شيء من النزاع بينه وبين الناس، أو القتال أو شيء من الفتن. فينبغي له ألا يعجل في الأمور، حتى يستشير أهل العلم، أهل البصيرة، أهل الهدى والاستقامة وحتى يتفق مع ولاة الأمور، أمير بلد أو قاضي بلد، حتى يكون هذا على بصيرة وحتى لا تقع فتن بينه وبين الناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 98 - حكم اعتقاد النفع والضر في الأولياء س: أختنا تقول: عندما استمعت لهذا البرنامج استفدت الكثير والكثير، وخاصة عندما عرفت أن الأولياء والموتى لا يفيدون الإنسان، وعندما أخبرت أهلي بذلك اتهموني بأنني كافرة، وأن الأولياء سيضرونني، وأنهم يرونني في المنام، بأن هؤلاء الرجال الصالحين يلومونني، بماذا تنصحون مثل هؤلاء الذين تشبعت عقولهم بالخرافات، والتي تكاد في كل البلدان العربية تنتشر؟ (1) ج: ننصح الجميع بأن يتقوا الله عز وجل ويعلموا أن السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، فهو سيد الأولياء وأفضل الأولياء، فالأنبياء هم أفضل الناس وهم أفضل الأولياء وأفضل الصالحين ثم يليهم بعد ذلك الأتقياء من عباد الله من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. فالأولياء هم أهل الصلاح والاستقامة على طاعة الله ورسوله، وعلى رأسهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فحبهم دين، حبهم في الله والتأسي بهم في الخير والأعمال الصالحات هذا هو المطلوب، ولكنه لا يجوز التعلق بهم وعبادتهم من دون الله، لا يجوز أن يدعوا   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 80. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 مع الله فلا يستغاث بهم ولا يطلب منهم مدد، كأن يقول: يا سيدي عبد القادر أغثني، أو يا رسول الله أغثني، أو يا علي أغثني، أو انصرني أو يا حسين أو يا فاطمة أو يا ست زينب أو كذا، هذا لا يجوز. الدعاء لله وحده، الله يقوله سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1) ويقول سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (2) ويقول سبحانه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (3)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (4) فسماهم كفرة بدعائهم غير الله، وقال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (5)، وقال جل وعلا: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (6) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (7) سبحانه وتعالى فبين سبحانه أن من يدعونه من دون الله من الأولياء وغير الأولياء، لا يسمعون دعاءهم ما بين ميت وما بين مشغول بشأنه مع الله فلا يسمعون دعاءهم في موتهم أو غيبتهم، ولو سمعوا ما استجابوا لهم ولا يستطيعون أن يستجيبوا لهم؛ لأن غفران الذنوب وتفريج الكروب   (1) سورة غافر الآية 60 (2) سورة البقرة الآية 186 (3) سورة النمل الآية 62 (4) سورة المؤمنون الآية 117 (5) سورة الجن الآية 18 (6) سورة فاطر الآية 13 (7) سورة فاطر الآية 14 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 بيد الله سبحانه وتعالى، ثم قال {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (1) سمى دعاءهم لأوليائهم شركا بالله سبحانه وتعالى كما سماه في الآيات الأخرى كفرا، فطلب المدد والغوث من الأموات والغائبين للاعتقاد أن لهم سرا وأنهم يسمعون مع البعد كل هذا باطل كله من الشرك بالله سبحانه وتعالى. فالواجب على كل مسلم أن ينتبه لهذا الأمر، وأن يعرف أن اعتقاد الجهلة في الأولياء أو في الأنبياء، أنهم ينفعون أو يضرون وأنهم يغيثون من استجار بهم واستغاث بهم بعد الموت، وأنهم يعطونه مطالبه من غفران الذنوب وشفاء المرضى وغير هذا، كل هذا جهل كله شرك بالله عز وجل، فيجب الحذر من ذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه الله لإنكار هذا، بعثه الله إلى العرب والعجم إلى الجن والإنس، يدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وكانت العرب تعبد الأصنام والأولياء والأشجار والأحجار، فدعاهم إلى ترك هذا وحذرهم من هذا، وأمرهم بأن يعبدوا الله وحده، فتلا عليهم قوله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2)، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3)، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (4) إلى غيرها من الآيات. فعلى المسلمين جميعا وعلى المكلفين وعلى كل من له أدنى بصيرة   (1) سورة فاطر الآية 14 (2) سورة الإسراء الآية 23 (3) سورة الفاتحة الآية 5 (4) سورة البينة الآية 5 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 أن ينتبه لهذا الأمر، وألا يغتر بالمشركين وعباد الأوثان وعباد القبور، يجب أن يحذر من شبههم الباطلة، ويجب عليه أن يحذر من دعوتهم إلى الشرك، ويجب أن يلتزم بما شرعه الله لعباده، وما علمه عباده على يد الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما أوضحه في كتابه العظيم، من وجوب العبادة لله وحده، وإخلاصها له وحده دون كل ما سواه، كما قال عز وجل: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (1) وأنت أيتها السائلة اشكري الله الذي علمك وأنقذك وبصرك حتى عرفت الحق، الذي جهله الناس، ولا تبالي بعيبهم لك أو وعيدهم لك، بالأولياء فإن هذا لا يضرك فهم جاهلون، ومتى اهتدوا عرفوا الحق الذي عرفته، وصاروا عونا لك إن شاء الله على الخير، نسأل الله أن يهدي الجميع.   (1) سورة غافر الآية 14 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 99 - حكم تقديم النذور لمزارات الأولياء س: في مدينة الموصل يوجد مزار يسمى مزار الشيخ فتحي أبي عبد الله، وهذا الشيخ له أثر كبير عند أهالي الموصل، وخاصة النساء وحيث إذا مرضن أو أصبن بأذى يذهبن إلى زيارة الشيخ فتحي، ويحصل لهن الشفاء العاجل، كما يدعين، وينذرن النذور للشيخ فتحي، عند شفائهن من المرض، والعبارات اللآئي يقلنها، هي النذر لوجه الله، والثاني لأبي عبد الله، أو يقول: نذر لله والشيخ فتحي، أو لله وثوابها لأبي عبد الله؛ وسؤالي هذا هل هو حرام أم حلال، أفيدونا أفادكم الله؟ (1) ج: هذا القبر الذي ذكره السائل لا أعرف صاحبه، ولكن بكل حال فلا يجوز إتيان القبور لدعائها والاستغاثة بأهلها والنذر لهم سواء كان هذا القبر أو غيره، لا قبر فتحي ولا غيره لا يجوز للمسلمين ذكورا أو إناثا أن يأتوا القبور لدعائها والاستغاثة بأهلها أو النذر لهم أو التمسح بقبورهم أو ما أشبه ذلك بل هذا منكر ولا يجوز ودعاء الميت والاستغاثة به شرك من أنواع الشرك الأكبر. فعلى أهل العلم أن يوضحوا للنساء وغير النساء أن هذا لا يجوز وأن عليهن أن يسألن الله جل وعلا، إذا نزل بهن بأس من مرض أو   (1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 19. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 غيره أن يسألن الله ويتضرعن إليه في سجودهن وفي آخر الصلاة، وفي آخر الليل، وبين الأذان والإقامة، يسألن الله جل وعلا الشفاء والعافية، ومن ذلك استعمال الرقية كونهن يرقي بعضهن بعضا بالرقية الشرعية وهي: اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما، ويقرأ: قل هو الله أحد، والمعوذتين والفاتحة، وآية الكرسي وغير هذا من الآيات القرآنية؛ المقصود أن إتيان القبور وسؤال أهلها الشفاء أو النصر أو ما أشبه ذلك، هذا منكر ومن الشرك الأكبر ومن عمل الجاهلية؛ وإنما تزار القبور للسلام على أهلها والدعاء لهم والترحم عليهم، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، (1)» ويدعو لهم يقول: اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم ونحو هذا، هذه الزيارة الشرعية، وقد زار النبي - صلى الله عليه وسلم - قبور البقيع، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (2)»، هذه الزيارة الشرعية، أما الزيارة لدعاء الميت، أو الاستغاثة بالميت، فهذا من الشرك الأكبر، أو الطواف لقبر يرجو شفاعته، يرجو نفعه يرجو أنه يشفي مرضه، هذا كله من الشرك الأكبر، وهكذا التمسح بتراب القبر، والاستشفاء بتراب القبر هذا من عمل الجاهلية وهو من الشرك الذي حرمه الله عز وجل.   (1) البخاري صلاة التراويح (1920)، مسلم الاعتكاف (1174)، الترمذي الصوم (796)، النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1639)، أبو داود الصلاة (1376)، ابن ماجه الصيام (1768)، أحمد (6/ 68). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم 1053 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 فالواجب على أهل العلم أن ينبهوا العامة وأن يوضحوا لهم أن هذا لا يجوز وأن الله هو الذي يسأل سبحانه وتعالى ويرجى لشفاء المرض والنصر على الأعداء وغير ذلك سبحانه وتعالى، وهو القائل جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) وهو القائل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2)، كما قال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (3) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء هو العبادة (4)» فلا يجوز أن يدعى غير الله، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، بل الدعاء لله وحده، هو الذي يرجى ويدعى سبحانه وتعالى، ولا يجوز أن يقول: يا رسول الله: اشف مريضي، وانصرني، أو يا شيخ أبا عبد الله انصرني أو يا شيخ عبد القادر الجيلاني انصرني، أو اشف مريضي أو يا سيدي البدوي، أو سيدي الحسين، أو ما أشبه ذلك، كل هذا منكر وكله من الشرك الأكبر. فالواجب التنبه لهذا الأمر، من الإخوان في العراق وغيرها، والواجب على أهل العلم وفقهم الله أن يوضحوا للناس حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك، وأن ينكروا على العامة ما يقعون فيه من الشرك بالله عند قبور ما يسمونهم بالأولياء، فالحاصل أن هذه الأمور العظيمة يجب على أهل العلم أن يهتموا بها وأن يعنوا بها حتى يدرك العامة الشرك   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة غافر الآية 60 (3) سورة يونس الآية 106 (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم 17888. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 وحتى يوجهوهم إلى توحيد الله والإخلاص له ودعائه سبحانه ورفع الأيدي له جل وعلا، فهو الذي يشفي ويكفي سبحانه وتعالى، هو الشافي لعباده وهو المالك لكل شيء وهو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وأما ما قد يقع لبعض الناس من كونه يدعو الميت، ويشفي، هذا قد يقع استدراجا وابتلاء وامتحانا، والله سبحانه وتعالى هو الشافي، وقد يكون المرض من أسباب الشياطين تسبب المرض للإنسان حتى إذا دعا الميت كفوا عنه، ما قد فعلوه به، الحاصل أن هذا ليس بحجة كونه يأتي المريض إلى الميت، فيدعوه ويستغيث به، فيشفى سريعا. هذا قد يكون استدراجا وابتلاء وامتحانا، حتى يمتحن صبره وإيمانه، فلا يغتر بهذا عاقل، وقد يصادف القدر الذي قدره الله بالشفاء فيظنه من أسباب الميت، وقد يكون بشيء من أسباب الشيطان، قد يقع من الشيطان للإنسان شيء، يعني يعمل معه عملا يؤذيه ويضره ويمرض منه، فإذا ذهب إلى الميت ودعاه وسأله كف عنه هذا الشيطان حتى يغريه بالشرك وحتى يوقعه بالشرك وحتى يظن هذا الجاهل أن هذا من عمل الولي وأنه هو الشافي، وهذا من أقبح الغلط والمنكر، والله هو الذي يشفي ويعافي سبحانه وتعالى، والولي وغير الولي لا يجلب لنفسه ضرا ولا نفعا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، مملوك لله سبحانه وتعالى، فالله هو النافع الضار عز وجل، فينبغي التنبه لهذا الأمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 س: يوجد لدينا مساجد ونجد في بعض المساجد قبورا من قبور الصالحين أو الأولياء ليس داخل المسجد بل بالقرب منه، على ساحة واحدة، وحوش واحد، أفيدونا إن كان هذا صحيحا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: المساجد التي تبنى على القبور فإنه لا يصلى فيها، أو المساجد التي فيها موتى لا يصلى فيها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)» فكل مسجد بني على قبر أو على قبور تحرم الصلاة فيه، ويجب هدمه، يجب على ولاة أمور المسلمين هدمه وإزالته، أما إذا وضعت القبور في المسجد وهو قائم، لكن وضعت فيه القبور، فإنها تنبش وتنقل إلى محلات القبور، فلا يبقى في المساجد قبور أبدا هذا هو الحق، وهذا هو دين الله عز وجل، الذي يجب العمل به، وهو ما جاء به نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - .. أما إذا كان القبر خارج المسجد عن يمينه أو شماله، أو خلفه أو أمامه، أو على خارج الحيطان فلا تضر الصلاة، ولكن إبعاد القبور عن المسجد إذا تيسر، يكون أفضل وإلا فلا تضر ما دامت خارج المسجد عن يمين أو شمال، أو أمام أو خلف أخرجتها جدران المسجد، أو حائط المسجد أخرجتها عنه فلا تضر.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 306. (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 100 - حكم الأكل من الذبائح التي يتقرب بها إلى أصحاب القبور س: سائلة تقول: إن لوالدتنا أقارب، يتقربون إلى ذوي القبور وتأكل من ذبائحهم، وطلبنا منها أن تتبرأ منهم، ولكنها لم تستجب، فما هو توجيه سماحتكم، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الذين يتقربون إلى أصحاب القبور بالدعاء أو الاستغاثة، أو الذبائح مشركون، لا تؤكل ذبيحتهم. فالواجب ترك ذبيحتهم، والإنكار عليهم، ودعوتهم إلى الله وتوجيههم إلى الخير لعلهم يهتدون، الله سبحانه وتعالى حرم ذبيحة الكافر إلا أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى إذا ذبحوها لغير آلهتهم، وإنما ذبحوها للحم، وذكروا اسم الله عليها. أما عباد القبور، ودعاة الأموات، المستغيثون بالأموات، هؤلاء ذبيحتهم حرام. فالواجب الحذر من أكلها مع دعوتهم إلى الله وإرشادهم وتعليمهم لعل الله يهديهم بأسبابكم.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 335. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 س: تسأل عن علاقة والدتها بأولئك الذين يتقربون بالموتى، وبوالدهم الذي ذكرت صفته ثم تقول: هل يؤثر ذلك على معتقدها؟ ج: على كل حال الواجب عليها الإنكار والتعليم ولا يضرها، إذا أنكرت عليهم وعلمتهم فقد أدت ما عليها، والحمد لله. س: أما الوالدة فكيف يكون معتقدها؟ ج: عليها تعليمها وإرشادها، وتعليم الوالد والاستعانة بأهل الخير الذين عندهم علم، حتى يساعدوها في دعوتهم إلى الله، والإحسان إليهم كما قال جل وعلا في حق ولد الكافرين: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (1)، فعليها أن تحسن إليهما وأن ترفق بهما، وأن تخاطبهما بالتي هي أحسن، مع الجد في دعوتهما إلى الخير، والاستعانة بالناس الطيبين في دعوة والديها إلى الخير، من العلماء والأخيار لعلهما يهتديان.   (1) سورة لقمان الآية 15 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 س: إذا كان والدها متوفيا، فكيف يكون تصرفهم حينئذ؟ ج: لا يدعون له ولا يستغفرون له، إذا مات على الكفر، لا يدعى له، ولا يستغفر له؛ لأنه مات على الكفر، قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} (1)، المقصود أنهم لا يستغفرون لهم، ولا يدعون لهم، ولا يتصدقون عنهم؛ لأنهم ماتوا على عبادة القبور، والاستغاثة بالأموات ونحو ذلك، نسأل الله العافية.   (1) سورة التوبة الآية 113 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 101 - حكم اتخاذ قبور الأولياء أعيادا س: الأخ: م. هـ. ع. ق. من حضرموت، يسأل ويقول: تقام زيارة لقبر أحد الأولياء كما يزعم العامة والله أعلم واسمه علي بن محمد الحبشي، وتسمى هذه الزيارة بزيارة الحول، ويمكثون على قبره الموجود تحت قبة إحدى عشرة ليلة، يصلون على المقابر حيث الإمام داخل المقبرة المحيطة بالقبة، ويمتد الجمع وخاصة المغرب والعشاء إلى مساحة خارج المقبرة، ويأمر الإمام من يصلي على المقبرة بفرش ردائه، وفي اليوم الثامن يجتمع الناس من الرجال والنساء، حيث الاختلاط وانتهاك الأعراض حاملين ثوبا على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 النعش، من بيت أهل الولي إلى تابوت قبر الولي بالقبة بالطبول والأناشيد ثم يلبسون ذلك التابوت، مع العلم بأن التابوت مرتفع بقدر متر تقريبا، ويتمسحون بالثوب والتابوت والقبة، سائلين الولي قائلين يا علي، يا علي، بما يسأل الله به، وفي اليوم العاشر تكون الوقفة تشبها بالحج، يقفون في ذلك المكان، وتلقى الكلمات عن ذلك الولي وكراماته، وإذا نصحنا بعدم فعل ذلك، وأنه من البدع والشرك، قالوا أنتم أهل البدع الخارجين عن اتباع السلف، وأنتم تكرهون الأولياء، ما رأي الشرع في ذلك؟ وبم تنصحون هؤلاء جزاكم الله خيرا، ومتع بوجودكم. (1) ج: فينبغي أن يعلم أن شد الرحال للقبور من المنكرات، التي نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام، فالرحال لا تشد إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد النبوي وبيت المقدس، هذه هي المساجد الثلاثة التي تشد لها الرحال، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (2)». ثم الذهاب إلى ما يسمونهم بالأولياء، للجلوس عند قبورهم وطلب المدد منهم، أو الشفاء أو   (1) السؤال الأول من الشريط، رقم 148. (2) مسلم الحج (1397)، النسائي المساجد (700)، أبو داود المناسك (2033)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1409)، أحمد (2/ 234). الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 النصر على الأعداء، كل هذا من الشرك الأكبر؛ لأنه لا يجوز سؤال المخلوق، سواء سمي وليا أو ما سمي وليا، لا يجوز سؤاله ولا طلب شفاء المرضى منه، ولا طلب المدد؛ لأن هذا إلى الله سبحانه وتعالى ليس إلى الأولياء، ولا إلى الرسل ولا يطلب منهم مثل هذا الطلب، ولا يجوز التمسح بقبورهم، ولا التبرك بها ولو سموا أولياء، ولو كانوا صالحين ولو كانوا أنبياء، لا يجوز هذا في القبور، وهذا هو عمل المشركين الأولين، وعمل أهل الجاهلية مع القبور. فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذه الأمور، وألا يفعلوها وأن ينكروها على من فعلها من العامة، وألا يغتروا بما درج عليه الأسلاف والآباء من الشرك الأكبر، فالبناء على القبور واتخاذ القباب عليها منكر لا يجوز، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)»، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بتسوية القبر إذا رفع، يأمر بتسويته، قال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه: «لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته (2)». معنى سويته، يعني نقضته وهدمته حتى يستوي بالأرض، ما يبقى إلا علامة القبر قدر شبر ونحوه. هكذا شرع الله القبور أن ترفع قدر شبر من الأرض، حتى يعرف أنها قبور، لا توطأ ولا تمتهن ولا يبنى عليها،   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر برقم 969. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، يقول جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها وعن البناء عليها (1)».، فلا فرق بين قبر ولي أو نبي أو غيرهما، ولا يجوز لأحد أن يتبرك بالقبور، أو يتخذها أعيادا أو يسألها شفاء المرضى، أو المدد والعون أو النصر على الأعداء، أو البركة في الأولاد أو في الطعام أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز. وهذه الإقامة عند قبر هذا الشخص منكرة وبدعة، ومن أسباب الشرك، سواء كان أحد عشر يوما أو أقل أو أكثر، إنما المشروع للمسلم أن يزور القبور، ويسلم عليهم ويدعو لهم وينصرف إذا كانوا مسلمين يزورهم للسلام عليهم، والدعاء لهم، وليس لطلب دعائهم من دون الله، أما الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، فإنهم محتاجون للدعاء، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية (2)»، وكان إذا زار القبور عليه الصلاة والسلام يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غدا مؤجلون وأتاكم ما توعدون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (3)»، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه زار قبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه وقال:   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970. (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974. (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (1)»، هكذا الزيارة الشرعية، سلام على المقبورين ودعاء لهم بالمغفرة والرحمة والعافية. أما أنهم يدعون مع الله يقول: اشفعوا لنا، انصرونا، المدد المدد، هذا منكر لا يجوز، هذا نفس الشرك الذي فعلته قريش وغيرها. فالواجب على المسلم الانتباه واليقظة والحذر من أعمال الشرك، ثم النساء لا يزرن القبور، الرسول نهى عن زيارة القبور للنساء، ولعن زائرات القبور من النساء، إنما الزيارة للرجال للقبور خاصة، يزورونها ويدعون لأهلها بالمغفرة والرحمة، أما النساء فلا يزرن القبور، والحكمة في ذلك والله أعلم؛ لأنهن قد يفتن أو يفتن، ولقلة صبرهن أيضا، فمن رحمة الله أن نهاهن عن زيارة القبور، ويكفي أن يدعين لأمواتهن في بيوتهن، يدعين لأمواتهن ويترحمن عليهم وهن في البيوت، لا حاجة إلى زيارة القبور، إنما الزيارة للرجال، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: «لعن رسول الله زائرات القبور (2)». فلا يجوز للنساء أن يذهبن إلى القبور، ولا يجوز للرجال أن يتوجهوا للقبور لقصد التبرك بالمقبورين، أو دعائهم أو الاستغاثة بهم، أو طلب منهم   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم 1053 (2) أخرجه أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس برقم 2031. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 المدد أو الصلاة عند قبورهم، هذا منكر، بل هو من المحرمات الشركية، والصلاة عند القبور بدعة، وإذا كان يصلي للميت ويطلبه من دون الله، صار شركا أكبر، نسأل الله العافية. فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذه الأمور الشركية ومن هذه البدع التي أحدثها الجهال الذين ما فهموا الشريعة ولا فقهوا فيها، ونسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 102 - جميع قبور الأنبياء لا تعرف سوى قبري نبينا وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام س: عندنا في سلطنة عمان وخاصة في المنطقة الجنوبية يوجد مسجد وقبر في الجبل، أي جبل ظفار يدعي أهل ظفار بأنه قبر النبي أيوب، ومما لفت انتباهي أنهم يزورنه، ويتوافدون إليه، وكذلك قبر مماثل يوجد في صلالة، يدعون أنه قبر عمران، ويتجهون إليه مثل الذي في الجبل، أرجو من سماحتكم التكرم بالإجابة على هذا السؤال، ونشره في الإذاعة، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا شيء لا صحة له، فجميع قبور الأنبياء لا تعرف ما عدا   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط، رقم 177. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 قبر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، وقبر إبراهيم في الخليل، وما سوى ذلك فهو غير معروف عند أهل العلم، ولا يصدق من قال ذلك، لا قبر أيوب ولا غير أيوب عليه الصلاة والسلام، ثم لو فرضنا أنه موجود قبر أيوب أو غير أيوب، وعمران أو غير عمران لم يجز لأحد أن يعبدهم من دون الله، ولا أن يدعوهم من دون الله، حتى الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل الخلق، لا يجوز لأحد أن يدعوه من دون الله أو يستغيث به أو ينذر له، أو يذبح له أو يتقرب إليه بالذبائح؛ لأن هذا من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من ذلك، فالقبور لا يجوز عبادتها من دون الله فلا تدعى من دون الله، ولا يستغاث بأهلها ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم ولا يطلب منهم المدد كل هذا لا يجوز، بل هو من الشرك الأكبر؛ فالواجب الحذر من ذلك، قال الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (3) وقال سبحانه وتعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (4) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (5) سبحانه وتعالى، فبين سبحانه أن دعاء غير الله، من الأموات والأصنام   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة الفاتحة الآية 5 (3) سورة يونس الآية 106 (4) سورة فاطر الآية 13 (5) سورة فاطر الآية 14 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 والأشجار والأحجار، كله شرك بالله سبحانه وتعالى، ولهذا قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (1) يعني يتبرؤون منكم، وينكرون عليكم ما فعلتم، وقال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2)، فسمى دعاة غير الله من الأصنام والأموات، سماهم كافرين. فالواجب الحذر من هذه الشركيات، والواجب التواصي بإنكارها وإبلاغ الجهلة ذلك، حتى يكونوا على بينة وعلى بصيرة، فالله سبحانه وتعالى أوجب على عباده التواصي بالحق، والدعوة إلى الله عز وجل، قال سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (3) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (4) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5)، وقال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (6) رزق الله الجميع التوفيق والهداية.   (1) سورة فاطر الآية 14 (2) سورة المؤمنون الآية 117 (3) سورة العصر الآية 1 (4) سورة العصر الآية 2 (5) سورة العصر الآية 3 (6) سورة النحل الآية 125 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 103 - التحذير ممن يغالون في الأولياء س: إذا كنت قد حذرت بعض الناس من الأشخاص الذين يقولون: نحن أبناء مشايخ، أو أبناء أولياء، ويعتقدون أنهم أبناء الصالحين وهم أحياء، هل أكون مغتابا أو نماما؛ لأن الآية تقول: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (1) (2) ج: على كل حال الدين النصيحة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة (3)»، فإذا رأيت من بعض الناس ميلا عن الحق، ودعوة إلى الباطل، سواء كانوا يسمون مشايخ، أو يسمون أولياء أو كانوا ينسبون إلى مشايخ، وأولياء فإنك تحذر إخوانك من هؤلاء لئلا يضلوهم، وهذا ليس من باب الغيبة ولا من باب النميمة لكنه من باب النصيحة لله ولعباده، فالناصح لا يسمى مغتابا، «والنبي - صلى الله عليه وسلم - جاءته فاطمة بنت قيس، تقول: يا رسول الله إنه خطبني فلان، وخطبني فلان، نصحها، وقال لها: أما فلان فلا يضع عصاه عن عاتقه - أي ضراب للنساء - وأما فلان فصعلوك لا مال له (4)»، فنصحها ولم يكن هذا غيبة مع أنه سماهم، قال: فلان وفلان، معاوية وأبو جهم.   (1) سورة الحجرات الآية 12 (2) السؤال التاسع من الشريط، رقم 40. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة برقم 55. (4) أخرجه مسلم في كتاب الصداق، باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها برقم 1480. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 فالمقصود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصحها وبين أن هذين الرجلين لا يصلحان لها، وأشار عليها بأسامة بن زيد، فدل ذلك على أن الناصح لا يسمى مغتابا ولا نماما يقول لك: لا تقرب فلانا ولا تجالس فلانا؛ لأنه يفعل كيت وكيت، وأخشى عليك منه فلا حرج في هذا، وإذا كان المقصود النصيحة والخوف عليه من الشر؛ والمشايخ والأولياء لا يقدسون، ولو ظهر منهم الصلاح أو الخير يدعى لهم ويترحم عليهم ويقتدى بهم في الأفعال الطيبة، مثل المحافظة على الصلاة مثل الإكثار من الصوم، مثل الإكثار من ذكر الله وفي طلب العلم، يقتدى بهم في الخير، وهؤلاء الذين يسمون أولياء ويسمون مشايخ، ويعتقد فيهم، هذا غلط حتى الأنبياء وهم أفضل الناس، لا يعتقد فيهم أنهم ينفعون أو يضرون، أو يدعون من دون الله، أو يستغاث بهم، لكن الرسل يتبعون فيما أمروا به ينتهي عما نهوا عنه ويطاع أمرهم وينتهى عن نهيهم، كما قال جل وعلا: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، وقال سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (2)، فالرسل وهم أفضل الناس، والأنبياء لا يقدسون تقديس العبادة، ولكن يعظمون التعظيم الذي شرعه الله، من محبتهم وتعظيم أوامرهم، والمسارعة إلى ما أمروا به والانتهاء عما نهوا عنه، وهكذا الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل الناس، وأفضل الرسل، لا يعبد من دون الله، ولكن يحب، يجب أن   (1) سورة آل عمران الآية 31 (2) سورة المائدة الآية 92 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 تكون محبته فوق محبة النفس، والمال والولد والناس أجمعين، ولكن لا يغلى فيه لا يعبد من دون الله، لا يستغاث به بعد موته، لا يدعى بعد موته، لا يقال إنه يعلم الغيب، كل هذا منكر وهذا من الشرك؛ وفي حياته لا بأس أن تقول: ادع الله لي يا رسول الله، أغثني بكذا يغيثك بشيء يستطيعه، وهذا يوم القيامة يطلب الناس منه عليه الصلاة والسلام، أن يشفع إلى الله أن يريحهم من كرب الموقف، هذا لا بأس به، أما بعد الموت في حال البرزخ، فلا يدعى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره، ما يسمون بالأولياء والمشايخ ولا غيرهم، العبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)، وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} (2)، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (3) والعبادة حق الله وهي التذلل في طاعته، وترك نواهيه كالصلاة والصوم، والصدقة والحج والعمرة والصيام، ونحو ذلك من العبادات كلها لله، وهكذا الذبح لا يذبح إلا لله، ولا ينذر إلا لله، فلا يذبح للمشايخ، ولا للأنبياء ولا للأولياء ولا يتقرب إليهم بالذبائح، ولا يدعون من دون الله، ولا ينذر لهم ولا يستغاث بهم، ولا يدعى أنهم يعلمون الغيب، كل هذا باطل ولا يجوز، ولكن يترحم على الأولياء الصالحين المعروفين بالخير،   (1) سورة الذاريات الآية 56 (2) سورة البينة الآية 5 (3) سورة البقرة الآية 21 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 يترحم عليهم ويدعى لهم، يتأسى بهم في الطيب، ولكن العبادة حق الله وحده وهكذا الرسل يتبعون ويطاعون ولكن لا يغلى فيهم ولا يعبدون مع الله، فيجب أن تفهم هذا أيها السائل، وأن تكون على بصيرة، فالعبادة حق الله، والرسل حقهم الطاعة والاتباع، والمحبة والأولياء والمشايخ الطيبون، هؤلاء يدعى لهم ويترحم عليهم، لا يقدسون بعبادة من دون الله ولا يستغاث بهم، ولا يتمسح بهم وهم أحياء ولا يتمسح بقبورهم ولا بترابها، ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم، ولكن يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ويتبع طريقهم الطيب في طاعة الله ورسوله، ويتأسى بهم في المحافظة على الخير، وحفظ الأوقات من الشر، والإكثار من ذكر الله، والولي هو المؤمن من اتقى الله واستقام على أمره، فهذا ولي من أولياء الله قال الله سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (1) {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (2) بين أنهم أهل الإيمان والتقوى، وقال سبحانه في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (3). فالمتقي لله هو المؤمن، وهو الولي أما ما يذهب إليه الصوفية من أن الولي يعبد من دون الله، أو أنه يعلم الغيب، أو أنه يتصرف في الكون، فهذا باطل، وكفر وضلال، نعوذ بالله، ليس هذا بولي الذي يدعي   (1) سورة يونس الآية 62 (2) سورة يونس الآية 63 (3) سورة الأنفال الآية 34 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 أنه يعلم الغيب، أو يقول: ادعوني من دون الله، أو اذبحوا لي، هذا ليس بولي، هذا ضال، هذا كافر نعوذ بالله، والذي يدعي فيه بهذا المعنى، أنه يدعى من دون الله أو أنه يعلم الغيب، هذا يكون كافرا نعوذ بالله؛ لأنه ادعى دعوى كفرية، وبين الشرع أنها كفر، نسأل الله السلامة والعافية، فينبغي التنبه لهذا الأمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 104 - حكم العذر بالجهل في عباد القبور والأضرحة س: إنني من صعيد مصر، وأقيم في قرية صغيرة تكثر فيها المعتقدات الفاسدة، في أصحاب القبور والأضرحة والمقامات، ويهتفون بأسمائهم عند الشدائد ويلجئون إليهم عند الملمات، وينذرون لهم النذور، ويعتقدون فيهم النفع والضر، ويحلفون بأسمائهم، فهل تصح الصلاة خلف إمام مسجد يعتقد في تلك القبور، ويعتقد النفع والضر في أصحابها، ويهتف بأسمائهم، وهو أيضا يحلف بغير الله، وهل تصح صلاة الجمعة خلفه ولو لم يوجد من يصلى خلفه غيره، إلا من هو مثله، فهل صلاة الفرد تكون في مثل هذه الحالة أفضل، أم الصلاة خلفه، وهل يعذر أولئك القبوريون بجهلهم، أم لا يعذرون، فالجاهل منهم يحكم عليه بالإسلام، أم يحكم عليه بالكفر، وهو يصلى على ميتهم ويدفن في مقابر المسلمين، أم لا، أجيبوني عن هذه القضايا، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا سؤال عظيم وله شأن كبير؛ لأنه يتعلق بالكفر والإيمان والإسلام والشرك، فهؤلاء الذين ذكرت أيها السائل عقيدتهم وأعمالهم هؤلاء يعتبرون كفارا مشركين وثنيين، مثل كفار قريش وأشباههم،   (1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 106. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 لا يصلى عليهم ولا يصلى خلفهم؛ لكونهم يستنجدون بأهل القبور، ويسألونهم قضاء الحاجات، وتفريج الكروب هذا شرك أكبر، فليس لأحد أن يصلي خلفهم، أو يصلي عليهم إذا ماتوا، فحكمهم حكم أهل الشرك، وإذا كان بعض الناس يعتقد في الأولياء النفع والضر صار شركا آخر كونه يدعوهم ويسألهم ويستغيث بهم، هذا شرك أكبر، وكونه يعتقد فيهم النفع والضر والتصرف بالعباد شرك آخر زائد على شرك المشركين الأولين، فإن قريشا وأشباههم في جاهليتهم لا يعتقدون النفع والضر في الأموات ولا في الأصنام، وإنما يعتقدون أنهم شفعاء عند الله، وأنهم يقربونهم إلى الله زلفى فقط، كما قال الله عز وجل: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (1)، فرد الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (2) فسماهم مشركين بهذا، مع أنهم قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فدل ذلك على أنهم لم يعتقدوا فيهم النفع والضر، وإنما اعتقدوا أنهم وسطاء، وقال سبحانه في سورة الزمر: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (4).   (1) سورة يونس الآية 18 (2) سورة يونس الآية 18 (3) سورة الزمر الآية 2 (4) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 فبين سبحانه أنهم ما عبدوهم؛ لأنهم يضرون وينفعون وإنما عبدوهم ليقربوهم إلى الله زلفى قال سبحانه عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (1)، فعلم بذلك أن كفار قريش وغيرهم من كفار العرب في عهده - صلى الله عليه وسلم - لم يعتقدوا أن أصحاب القبور أو أن الأصنام أو الأشجار أو الأنبياء والصالحين ينفعونهم أو يضرونهم، وإنما اعتقدوا أنهم وسطاء ينفعونهم بالوساطة، ويقربونهم إلى الله زلفى، فلهذا عبدوهم وسألوهم واستغاثوا بهم، وذبحوا لهم ونحو ذلك، فهؤلاء كفار ما داموا على هذه الحال، وليس لك أن تصلي خلف أحد منهم، ولو صليت وحدك، فالجمعة تصلى ظهرا وحدك إلا أن تجد من الموحدين من يصلي معك، جمعة في مسجد إن تيسر في المسجد، أو في بيت أحدكم إن لم يتيسر في المسجد، أما أن تصلي خلف هؤلاء فلا؛ لأن هؤلاء شركهم مضاعف وكفرهم مضاعف، نسأل الله العافية. والواجب على الدعاة إلى الله أن يدعوهم إلى الله، وأن يوضحوا لهم الحق وأن يرشدوهم، والواجب عليهم أن يتعلموا ويسألوا ويستفيدوا وألا يصبروا على باطلهم، الواجب على من كان في هذه المثابة أن يسأل أهل العلم في بلاده، أو في غير بلاده بالمكاتبة أو بالهاتف (التليفون) أو بغير ذلك من الوسائل، يسأل الله سبحانه يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (2) فالحريص على دينه   (1) سورة الزمر الآية 3 (2) سورة النحل الآية 43 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 يسأل عنه ولو بالسفر ولو يرتحل من مكان إلى مكان كما فعل السلف الصالح يرتحلون من بلد إلى بلد، لطلب العلم وهذه أعظم مسألة، مسألة التوحيد والكفر هي أعظم مسألة، وأكبر مسألة. فالواجب على كل مكلف أن يسعى في خلاصه ونجاته، وأن يسأل أهل العلم فيما أشكل عليه، وألا يرضى بالعوائد التي درج عليها أسلافه، كما قال الله عن الكفرة: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (1) ما يصلح هذا، لا يصلح، بل يجب التعلم والتبصر والتفقه في الدين، والسؤال عما أشكل حتى تعبد ربك على بصيرة: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (2)، فنسأل الله لك أيها السائل ولمن ذكرت عنهم هذه الأعمال، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق للعلم النافع والعمل الصالح، إنه سبحانه جواد كريم.   (1) سورة الزخرف الآية 23 (2) سورة يوسف الآية 108 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 س: سماحة الشيخ: من خلال ما عرض على سماحتكم من الرسائل، التي تصل إلى هذا البرنامج، ظهر ظهورا واضحا أن عالمنا الإسلامي مليء بأشياء وأشياء مخالفة للدين، من ذلك هذا التصوف، ومن ذلك هذا التبرك بالقبور، وبما يسمونهم بالأولياء، وما أشبه ذلك، يبدو أن الأمر يحتاج من جديد إلى مثل الشيخ: محمد بن عبد الوهاب. (1) ج: لا شك أن هذا الأمر يحتاج إلى مصلحين، يحتاج إلى دعاة الهدى الذين يتصدون لهذه الأمور بالدعوة إلى الله وتبصير الناس وتوجيههم، وإلى أئمة وقادة يزجرونهم عن الباطل بالقوة، ويقبضون على أيدي السفهاء، ويلزمونهم بالحق كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك في هجرته - صلى الله عليه وسلم - وفي مكة عليه الصلاة والسلام، وهكذا قام خلفاؤه الراشدون وهكذا دعاة الإصلاح في كل زمان، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في زمانه، وابن القيم في زمانه وأشباههم من دعاة الهدى، ثم جاء دور الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في القرن الثاني عشر، فقام بهذا الواجب، ودعا إلى الله وأرشد الناس إلى توحيد الله، وأنكر الشرك الذي يوجد في نجد ثم في الحجاز، أنكر ذلك ودعا إلى الحق وهكذا أنصاره من العلماء والأخيار، ومن دعاة الهدى في نجد والحجاز وفي اليمن، قاموا بهذا الواجب ودعوا إلى   (1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 148. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 الله سبحانه وتعالى وأرشدوا الناس إلى توحيد الله وحذروهم من عبادة القبور والأشجار، والأحجار والجن، وهكذا كل مصلح يجب عليه أن يفعل هذا العمل، بالدعوة إلى الله والتوجيه وبالجهاد الشرعي والقوة التي تردع المجرم، إذا لم يرتدع بالكلام والدعوة، فإنه يحتاج إلى الردع بالقوة، بالتأديب بالسجن بقتل المرتد إلى غير ذلك، مما قام به نبينا - صلى الله عليه وسلم - وقام به خلفاؤه الراشدون والأئمة المهديون بعدهم، والله المستعان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 بسم الله الرحمن الرحيم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 باب ما جاء في ذم البدعة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 باب ما جاء في ذم البدعة 1 - بيان معنى البدعة س: سائلة تقول: ما معنى بدعة؟ وهل هي حرام، أم مكروهة؟ (1) ج: البدعة معناها المحدث في الدين الذي أحدثه الناس، ولم يكن شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم للناس، هذا يسمى بدعة. فالمحدثات في الدين هي البدع. وقد قال فيها المصطفى عليه الصلاة والسلام: «كل بدعة ضلالة (2)» وكان يقول في خطبة الجمعة: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (3)» فالبدعة محرمة وممنوعة، لأنها ضلالة، مثل بدعة   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 183. (2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867. (3) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين، مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم 13924. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 الاحتفال بالموالد، في أي يوم كان، أو بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، وإن فعلها كثير من الناس، لكنها بدعة. لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه. فالواجب تركها، ومثل بدعة: " حي على خير العمل " في الأذان، أو أشهد أن عليا ولي الله في الأذان كل هذا بدعة، لا يجوز فعلها. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعلها، ولا أصحابه. بل هي مما أحدثه الناس. والواجب في هذا التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يؤذن الناس كما أذن، وكما أقر على ذلك عليه الصلاة والسلام، وهناك بدع كثيرة أحدثها الناس، ضوابطها أنها غير موافقة لما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما أمر به عليه الصلاة والسلام، بل هي شيء ما شرعه الله ولا رسوله. والله يقول سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (1) ويقول عليه الصلاة والسلام: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (2)» ومن هذا كون الجماعة يذكرون الله جماعيا، بصوت واحد، بعد الصلاة. هذا من البدع أيضا، أو يكبرون في الأعياد بصوت جماعي، الله أكبر كبيرا، أو: الله أكبر ولله الحمد بصوت جماعي يتعمدونه، أو ما أشبه ذلك مما أحدثه الناس.   (1) سورة الشورى الآية 21 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 س: ما هو الفرق بين الاتباع والابتداع؟ (1) ج: الاتباع هو ما جاء به الشرع، اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، من الأوامر والنواهي يقال له اتباع، لأن الله قال: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} (2)، وقال جل وعلا: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (3) فنحن مأمورون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وباتباع القرآن، فالتمسك بالقرآن بما قال الله، والتمسك بما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، أو فعل، هذا هو الاتباع، السير على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم، وطريقه في الأوامر والنواهي، هذا يسمى الاتباع وهو واجب في الواجبات، مستحب في المستحبات. وأما الابتداع: فهو إحداث شيء في الدين لم يأذن به الله، مثل إحداث عبادة ما شرعها الله، هذه يقال لها ابتداع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (4)»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (5)» فلو أن الإنسان صلى صلاة   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 228. (2) سورة الأعراف الآية 3 (3) سورة الأعراف الآية 158 (4) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (5) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم 867. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 زائدة عن الصلوات الخمس، وقال نصلي ستا نحن نريد الخير، نصلي ستا إذا جاءت الساعة الرابعة من النهار، أو الخامسة من النهار بعد طلوع الشمس قبل الظهر، نصلي سادسة هذه بدعة باطلة، ولا يجوز أن يفعلها، ولا أن يدعو الناس إليها، بنية أنها فريضة، أما أنها بنية صلاة الضحى، لا بأس مستحبة، أو يقول: السجدتين ما تكفي، نجعل سجدة ثالثة في الركعة. هذه بدعة، إذا تعمدها تبطل الصلاة، أو قال: نجعل ركوعا ثانيا في الركعة، لتكون بركوعين. هذا بدعة إلا في صلاة الكسوف، وهكذا لو قال: نجعل ليلة من الليالي محل عبادة، نصلي فيها عشر ركعات، عشرين ركعة، ليلة الجمعة أو ليلة الخميس، من كل أسبوع. هذه بدعة، ما يخص ليلة من الليالي، بشيء ما شرعه الله، أو ليالي مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو ليلة مولد فاطمة أو الحسين، أو البدوي أو الصديق أو عمر، بدع الاحتفال يصلي فيه، يتحدث فيه، يذكر فيه هذه بدعة، لأنها ما شرعها الله ورسوله، فالابتداع هو إحداث عبادة ما شرعها الله، قولية أو فعلية يقال لها بدعة، لأن الله ما شرعها سبحانه وتعالى، ومن هذا ما فعله الناس، بالبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب، يزعمون أنها قربة ودين، هذه بدعة لأن الرسول نهى عن البناء على القبور، فالبناء عليها بدعة من وسائل الشرك، كذلك تجصيصها بدعة إذا جصصت القبر تقربا إلى الله بذلك، هذا بدعة لأن الرسول نهى عن التجصيص، لأنه من وسائل الشرك، وهكذا من يتوسل بأصحاب القبور، يقول: أسألك بأصحاب القبور، أو أسألك بجاه النبي، أو حق النبي بدعة، أو أسألك بجاه الصالحين بدعة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 أما لو قال: أسألك بحبي لك، أو بإيماني بك أو بإيماني برسولك، أو بأسمائك الحسنى هذا طيب، الأسماء هذه وسيلة شرعية فالبدع ما أحدثه الناس في الدين، وهو ما لم يشرعه الله ولا رسوله، هذا يقال له بدعة. والاتباع هو السير على المنهج، الذي شرعه الله لعباده، وجاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، هذا يقال له اتباع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 2 - بيان أقسام البدعة س: يسأل أيضا ويقول: هل هناك بدعة حسنة لا إثم علينا إن عملناها أم كل البدع سواء، فلقد استشهد لي بعضهم أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بعد حفظه لسورة البقرة غيبا، ذبح عدة نوق لوجه الله، أو أنه صام عدة أيام، لا أعلم بالضبط، أي أنه ابتدع من عنده بدعة، وهذه قال بأنها بدعة حسنة، فإذا فعلنا مثل فعله، ووزعنا اللحم لوجه الله، نكون عملنا عملا حسنا، فهل تكون هذه البدعة ضلالة، والضلالة في النار، أجيبونا أفادكم الله؟ (1) ج: البدعة كلها ضلالة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح في خطبة الجمعة:   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 311. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 «أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (1)»، رواه مسلم في الصحيح، زاد النسائي: «وكل ضلالة في النار (2)» بإسناد حسن. وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (3)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا (أي في ديننا) ما ليس منه فهو رد (4)» أي مردود. متفق على صحته. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (5)»، فالبدع كلها مردودة، كلها غير حسنة، كلها ضلالة وما ذكرته عن عمر ليس له أصل، فلا نعلم أحدا رواه يعتمد عليه، نعم ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه لما رأى الناس أوزاعا في المسجد، بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في خلافته، يصلون في رمضان أوزاعا، جمعهم على إمام واحد، على أبي بن كعب، يصلي بهم، ثم إنه مر عليهم بعض الليالي، وهو يصلي بهم، فقال: نعمت البدعة هذه. سماها بدعة من جهة اللغة؛ لأن البدعة في اللغة: ما أحدث على غير مثال سابق، يقال له   (1) أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة، برقم 1578. (2) النسائي صلاة العيدين (1578). (3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم. (4) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (5) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 بدعة، وإلا فليست بدعة في الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم فعل التراويح، صلاها بالناس، فليست بدعة وكان يقرهم على فعلها في المساجد، عليه الصلاة والسلام ولهذا جمعهم عمر عليها، واستقر الأمر على ذلك، إلى يومنا هذا فالتراويح ليست ببدعة، وإن سماها عمر بدعة، من جهة اللغة، وإلا فهي سنة وقربة وطاعة، أما الصدقة على الميت، فمن أراد أن يتصدق، فليس لها حد محدود، ولا وقت معلوم، يتصدق متى تيسر، بدراهم أو بإطعام، يعطيها الفقراء أو ذبيحة يذبحها يوزعها على الفقراء كل هذا طيب، لا حرج في ذلك، سواء في رمضان أو في غير رمضان، ليس لها حد محدود، ولا كيفية محدودة، بل متى تيسر له الصدقة بدراهم أو بملابس، أو بطعام أو بلحم كله طيب، ينفع الميت إذا كان مسلما ينفعه ذلك. س: السائل أبو أسامة من جمهورية مصر العربية، يقول: ما هي البدعة، وما هي أقسامها؟ وهل يجوز أن أصلي خلف إمام مبتدع، عنده بعض البدع؟ (1) ج: البدعة هي العبادة المحدثة، التي ما جاء بها الشرع، يقال لها بدعة، وكل بدعة ضلالة، ما فيها أقسام، كلها ضلالة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (2)»، وكان يقول هذا في خطبه، يقول   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم 409. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 صلى الله عليه وسلم: «أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها (1)»، ويقول: «كل بدعة ضلالة (2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3)»، «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (4)»، فالبدعة ما أحدثه الناس في الدين، من العبادات التي لا أساس لها، يقال لها بدع، وكلها منكرة، وكلها ممنوعة. أما تقسيم بعض الناس البدعة، إلى واجبة، ومحرمة ومكروهة ومستحبة، ومباحة، فهذا تقسيم غير صحيح، والصواب أن البدع كلها ضلالة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كانت بدعة الإمام مكفرة، لا يصلى خلفه، كبدعة الجهمية والمعتزلة وأشباههم، أما البدعة غير المكفرة، كرفع الصوت بالنية: نويت أن أصلي، أو ما أشبه ذلك، فلا بأس بالصلاة خلفه، لكن يعلم، يوجه إلى الخير، يعلم فلا يرفع صوته بل ينوي بقلبه، والحمد لله نية القلب تكفي، وهكذا بدعة الاجتماع للموالد، إذا ما كان فيها شرك، هذه ليست بمكفرة، أما إن كان فيها   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718. (2) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (3) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256). (4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، أو دعاء صاحب المولد أو الاستغاثة به، سواء مولد علي أو مولد الحسن أو الحسين، أو النبي صلى الله عليه وسلم، أو فاطمة، إذا كان فيه دعاء لصاحب المولد أو استغاثة أو نذر له، أو ذبح له، هذا شرك أكبر. أما إذا كان مجرد اجتماع لقراءة القرآن، أو أكل الطعام، فهذه بدعة صاحبها لا يكفر. س: ما هو الحد أو القول الفصل بين البدعة والأمور الحديثة الجديدة، ومتطلبات العصر، أو بمعنى آخر كيف نميز بين الأمور الحديثة الموجودة في عصرنا الحاضر، وبين البدعة التي وردت في الأحاديث الشريفة، بينوا لنا هذا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الأشياء الجديدة الحادثة قسمان: قسم يتعلق بأمور الدنيا، من ملابس ومآكل ومشارب، وأوان وأسلحة، هذه لا بأس بها، ولا تسمى بدعا كالطائرات والمدافع والصواريخ وغير ذلك، هذه ما تسمى بدعا هذه أمور دنيوية، والملابس والأواني وتنوع الأكل، هذه ما هي ببدع، البدع ما كان يتعلق بالدين، من المحدثات التي يراها أهلها دينا وقربة، وعبادة مثل إحداث الموالد والاحتفال في الموالد، ومثل إحياء ليلة الإسراء والمعراج، ومثل إحياء ليلة الرغائب، أول ليلة من رجب، وليلة أول جمعة من رجب، هذه يقال لها بدع، إحداث أشياء ما شرعها   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 352. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 الله، تعبد يتعبد بها، مثل إحياء ليلة النصف من شعبان، كل هذه بدع ما أنزل الله بها من سلطان، يعني التعبد بأشياء ما شرعها الله، قولية أو فعلية، هذه: البدع، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا - يعني في ديننا هذا - ما ليس منه فهو رد (1)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» فالمراد به العبادات. فالذي يحدث من العبادات يسمى بدعة، الذي لا أصل له في الشرع يسمى بدعة، وكما قلنا: إن ما يتعلق بمتطلبات العصر كما سماها السائل ليس فيها بدع، وهذه من أمور الدنيا، ما تسمى بدعا، ولو سميت بدعة فهي بدعة لغوية، لا يتعلق بها منع. أنواع المآكل والمشارب، والأواني والملابس والسلاح، كل هذه أمور عادية. س: ما هي البدعة؟ وهل لها أقسام سماحة الشيخ؟ (3) ج: كل قربة تخالف الشرع بدعة، كل من يتقرب بشيء لم يشرعه الله يقال له بدعة مثل الاحتفال بالموالد، مثل الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، مثل الاحتفال في أول ليلة من رجب يسمونها الرغائب كل هذه بدعة، وهكذا ما أحدثه الناس من البناء على القبور بدعة، اتخاذ المساجد عليها بدعة، اتخاذ القباب عليها بدعة، منكر من أسباب   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (3) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 358. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 الشرك من وسائله، وكلها ضلالة ما فيها أقسام. الصحيح كلها ضلالة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة (1)»، هذا الصواب جميع البدع ضلالة. س: يقول السائل: ما حكم من أتى إليه أناس وقال لهم بالسنة عيدان وهذا الثالث؟ (2) ج: ما نعلم فيه شيئا، معناه أن هذا عيد لنا نفرح بكم هذه عبارة يتساهل فيها ليس معناه أنه يقيم عيدا ثالثا، المقصود أننا نفرح بكم كأنه عيد عندنا ليس فيه شيء. س: يسأل البعض ويقول: هل هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ (3) ج: الصواب كل البدع ضلال، بعض الفقهاء قال: بدعة حسنة مثل جمع المصحف، مثل صلاة التراويح، والصواب أن البدع كلها ضلالة ما فيها حسن، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل بدعة ضلالة (4)» ولم يفرق عليه الصلاة والسلام. أما جمع المصحف فليس بدعة بل جمعه الصحابة؛ لأنهم مأمورون بحفظ كتاب الله فهذا مأمور به واجب حفظ المصحف والعناية به حتى لا يضيع منه شيء، وكذلك التراويح فعلها   (1) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (2) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 236. (3) السؤال السابع من الشريط رقم 356. (4) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 النبي صلى الله عليه وسلم وليست بدعة، وقول عمر: نعمت البدعة لما جمعهم على إمام واحد يعني صورة ما فعله بدعة لغوية لما جمعهم على إمام واحد، ولم يكن هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم سماه بدعة من حيث اللغة وإلا فهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وصلى بالصحابة ليالي، وكانوا يصلون في المسجد أوزاعا، يصلي الرجل والرجلان والثلاثة فلم ينكر ذلك عليه الصلاة والسلام، ولكنه خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك، فلما توفي صلى الله عليه وسلم واستخلف عمر رأى جمعهم على إمام واحد، لما رآهم أوزاعا في المسجد رأى جمعهم على إمام واحد، لأن الرسول قد فعل ذلك عليه الصلاة والسلام، فهي بدعة لغوية، لما قال عمر نعمت البدعة يعني: جمعهم على إمام واحد لما رآهم أوزاعا بعد النبي صلى الله عليه وسلم. س: هل هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ (1) ج: ليس هناك بدعة حسنة، كل البدع ضلالة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (2)» فالتقسيم إلى بدعة حسنة غلط وبدعة سيئة غلط لا يجوز، بل كل البدع ضلالة، والبدع هي ما خالف الشرع، كل عبادة تخالف الشرع فهي بدعة، قول عمر: " نعمت البدعة " يعني بها اللغة، سمى التراويح خلف   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 355. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 إمام واحد من جهة اللغة (بدعة)؛ لأنها حدثت بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهي سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وفعلها أصحابه، فالعبادات المحدثة كلها بدعة، وكل بدعة ضلالة. س: يقول السائل: كيف نعرف البدعة وأقسامها يا سماحة الشيخ؟ (1) ج: البدعة ما أحدثه الناس في الشرع ويخالف الشرع، هذا يقال له بدعة، ما أحدث في الدين يقال له بدعة، مثل ما مثلنا، مثل بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وبدعة بناء المساجد على القبور واتخاذ القبب عليها، هذه بدعة كلها بدعة منكرة، ومثل بدعة الجهمية في الصفات والأسماء، وبدعة المعتزلة في الصفات، وقول المعتزلة إن صاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، هذه البدع التي أحدثها المبتدعة.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 374. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 3 - حكم الذبح في المواسم كالنصف من شعبان س: جرت العادة في بلدنا الذبح في المواسم مثل النصف من شعبان وأول رمضان، وسبعة وعشرين من رجب. فهل يجوز الأكل من مثل هذه الذبائح؟ (1) ج: أما الذبح في النصف من شعبان أو في سبعة وعشرين من رجب فهذه بدعة ما لها أصل، لا يجوز فعلها ولا الأكل منها لعدم الدليل بل ذلك من البدع، أما كونه سيتقرب في رمضان بالذبائح ويتصدق بها، فرمضان شهر مبارك، مشروع فيه التوسع فيه بالصدقة والنفقة على الفقراء، فإذا ذبح لذلك في رمضان أو في شهر ذي الحجة، أو في غيرها من الأوقات، وتصدق فهذا كله طيب، أما تخصيص النصف من شعبان أو ليلة سبع وعشرين من رجب، كما يفعل بعض الناس من الاحتفال في هذه الليلة فهذا لا أصل له، بل هو بدعة.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 226. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 4 - حكم إطلاق لفظ البدعة على المخترعات الدنيوية س: سماحة الشيخ لا بد أن هناك حدا فاصلا وحدا دقيقا للفرق بين البدعة وبين السنة، بين ما هو في الدين وبين ما هو في الدنيا؟ (1) ج: أمور الدنيا ليس فيها بدع، وإن سميت بدعا، اختراع الناس السيارات أو الطائرات، أو الحاسب الآلي، أو شبه ذلك مما اخترعه الناس، أو الهاتف أو البرقية، كل ذلك لا يسمى بدعا وإن سمي البدع من حيث اللغة، فهو غير داخل في بدع الدين، لأن البدعة في اللغة في الشيء الذي لم يكن له مثال سابق اخترع، يسمى في اللغة بدعة؛ لقوله: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (2) يعني مخترعهما سبحانه وتعالى. هذا في اللغة يطلق على ما كان ليس له مثال سابق، وإذا كان في الدنيا لا يسمى بدعة، ما يذم وإن سمي بدعة من حيث اللغة، لكن ما ينكر، لأنه ليس في الدين، ليس في العبادات، فإذا سمي مثلا اختراع السيارة أو الحاسب الآلي أو الطائرة أو ما أشبه ذلك سمي بدعة، هذا من حيث اللغة وليس بمنكر ولا ينكر على الناس، وإنما ينكر على الناس ما أحدثوه في الدين من صلوات مبتدعة، أو عبادات أخرى مبتدعة، هذا هو الذي ينكر في الدين، لأن الشرع يجب أن ينزه عن البدع،   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 176. (2) سورة البقرة الآية 117 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 فالشرع ما شرعه الله ورسوله لا ما أحدثه الناس في دين الله من صلاة أو صيام أو غير ذلك مما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى، لأن الدين قد كمل يقول سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (1).   (1) سورة المائدة الآية 3 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 5 - الأسباب التي تقضي على البدع س: سماحة الشيخ متى بدأت البدع؟ وهل هناك من أمل في استئصالها؟ (1) ج: بدأت البدع من العهد الأول، فهي قديمة الوجود، من القرن الأول، نسأل الله السلامة. أما عن استئصالها فليس لها طريق إلا الدعوة إلى الله، وتعليم الناس الخير، وقوة ولاة الأمور في إنكارها، وتعزير من يفعلها، فإذا قوي السلطان والوازع السلطاني في بلد، وبين العلماء حقيقة البدع، في الغالب أنها تنتهي في البلد وتزول، وإن بقيت في بلاد أخرى أو في بلدة أخرى، فعلى حسب قوة السلطان وقوة الوازع، وببيان أهل العلم تقل البدع، وإذا قل أهل العلم أو قل الوازع السلطاني، كثرت الخرافات والبدع في البلاد والمناطق، وكلما زادت   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 76. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 الجهالة وزاد الخرافيون في البلد، وقل الوازع السلطاني وقل العلماء، تكثر البدع وتنتشر، فإذا وجد العلماء أهل البصيرة في الدين، ووجد الوازع السلطاني في إنكار البدع، قلت البدع حتى تزول من البلد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 6 - الفرق بين البدعة الاعتقادية والعملية س: ما هي البدعة الاعتقادية، وما هي البدعة العملية؟ (1) ج: كل ما خالف الشرع فهو بدعة، إن كان في الاعتقاد يسمى بدعة مثل دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والاستغاثة بالجن أو بالملائكة، يظنها دينا، يعتقد أنها دين، يحسب أنها جائزة، هذه بدعية شركية: كفر أكبر، وتسمى بدعة، لأنه يظن أنها دين، كذلك البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها بدعة لكنها دون الكفر، وهي وسيلة للكفر، إذا بنى مسجدا على القبر، يحسب أنه دين أو بنى قبة على قبر، يحسب أن هذا جائز، هذه بدعة منكرة، من وسائل الشرك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)». أما دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم فهذه بدعة شركية، يكون صاحبها كافرا كفرا أكبر، ولو زعم أنه جاهل، لأن هذا   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 322. (2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء برقم 1864. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 أمر معروف من الدين بالضرورة، معروف بين المسلمين، فهو كافر بذلك، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، يستتاب فإن تاب وإلا قتل من ولي الأمر أي الحاكم الشرعي، وهناك بدع كثيرة، مثل بدعة المولد، تسمى إحياء مناسبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو مولد غيره، ومثل بدعة ليلة الإسراء والمعراج 27 رجب الاحتفال بها هذه بدعة أيضا، عملية منكرة لا تجوز، ولكن ليست من الشرك الأكبر، إلا إذا كان فيها شرك، إذا كان في المولد، أو في الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغاثة به يكون ذلك شركا أكبر، أما إذا كان مجرد احتفال، على الأكل والشرب، والقهوة والشاي، وليس فيه دعاء ولا استغاثة بالنبي، فهذه بدعة منكرة، يمنعها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا -يعني ديننا- ما ليس منه فهو رد (1)» فهو مردود، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (3)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 والبدعة هي الشيء المحدث في الدين الذي أحدثه الناس يتقربون به إلى الله، والله ورسوله ما شرعه، ما شرعه الله ولا رسوله يسمى بدعة مثل الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو الاحتفال بمولد الصديق أو عمر، أو عثمان، أو علي، أو الحسين أو غيرهم، أو الاحتفال بمولد أبي حنيفة، أو الشافعي أو مالك، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو السيدة نفيسة أو السيدة زينب، أو ما أشبه ذلك، كلها بدع منكرة لا تجوز ومن وسائل الشرك، نعوذ بالله من ذلك، فبعض الناس في المولد يشرك بالله، في مولد النبي يدعو النبي، ويستغيث به هذا من الشرك الأكبر، وبعضهم في مولد علي يستغيث بعلي، وينذر له ويدعوه من دون الله، هذا شرك أكبر، وهكذا في الموالد الأخرى، يدعون صاحب المولد، يستغيثون به، هذا شرك أكبر، نعوذ بالله من ذلك، ربنا يقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، ويقول سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2) القطمير: اللفافة التي على النواة نواة التمر، {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} (3) يعني: الأموات والأصنام ونحوهم، {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} (4) ما عندهم قدرة يعطونك ما طلبت، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (5) يسمى شركا، يسمى   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة فاطر الآية 13 (3) سورة فاطر الآية 14 (4) سورة فاطر الآية 14 (5) سورة فاطر الآية 14 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 دعاؤهم والاستغاثة بهم شركا أكبر، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (1) والشرك إذا أطلق هو الأكبر، وقال سبحانه في آخر سورة المؤمنون: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2) فسمى دعاة غير الله من الأموات، والأشجار والأحجار سماهم كفرة، قال: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) والنبي صلى الله عليه وسلم حكم على دعاة القبور والأموات، والاستغاثة بهم، حكم عليهم بأنهم كفار، وقاتلهم، قاتل أهل الطائف الذين يدعون اللات، ويعبدون اللات، وهو قبر أو صخرة يعبدونها، وقاتل عباد الشجر، عباد العزى، وعباد الحجر، وعباد المناة لأنهم كفار، حتى يدعوا ذلك، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وحتى يدعوا الشرك ويتبرأوا منه، وهكذا سائر البدع، إن كان فيها دعاء لغير الله، والاستغاثة بغير الله، أو الذبح لغير الله صارت شركا أكبر، وإن كان مجرد عمل لكن ما شرعه الله، تكون بدعة دون الشرك منكرة، ومن هذا الصلاة عند القبور، كونه يصلي عندها يقول: لعلها أفضل وهي عند القبر، يصلي في المقبرة، ويقول لعلها أفضل، هذه بدعة من وسائل الشرك، وهكذا الجلوس عند القبور للدعاء، يعني أن الأفضل الجلوس عند القبور للدعاء بدعة، كذلك وكقول بعضهم: نويت أن أصلي لله أربع ركعات، أو ثلاث ركعات، هذه بدعة التلفظ بالنية إذا   (1) سورة فاطر الآية 14 (2) سورة المؤمنون الآية 117 (3) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 قام للصلاة، وإنما ينوي بقلبه ويكفي، ينوي بقلبه أنه قام للظهر، للعصر، للمغرب، للعشاء، وهكذا جميع الصلوات النافلة ينوي بقلبه ويكفي، أما أن يقول بعد وقوفه: نويت أن أصلي لله أربع ركعات، يعني الظهر أو العصر أو ثلاث ركعات يعني المغرب، أو ركعتين يعني الفجر أو الجمعة، فهذه بدعة ما كان يبيح لهم الرسول ذلك، ولا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولكن تقف خاشعا ناويا بقلبك الصلاة، والحمد لله يكفي فلا حاجة أن تقول نويت أن أصلي كذا وكذا، أو نويت أن أطوف أو أن أسعى، بل تأتي بنية الطواف وتبدأ بالحجر الأسود، ناويا الطواف وعند السعي كذلك، تبدأ بالصفا ناويا السعي ويكفي. س: سائل من مصر، هـ. أ. س. يقول: ما الفرق بين البدعة في العبادة، والبدعة في العقيدة؟ (1) ج: كلها بدعة، من أحدث شيئا في العقيدة كأن يحدث الأعياد البدعية، والاحتفال بها، أو البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، كل هذا بدعة، وهذه تتعلق بالعقيدة أيضا، تسبب شرا كثيرا، وهكذا البدعة في الصلاة، أو في الصيام، أو في الحج كلها منكرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا - يعني الإسلام - ما ليس منه فهو رد (2)»   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 406. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 متفق على صحته. ويقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» فالاعتقاد في الصالحين أو في أهل القبور، ودعاؤهم من دون الله، أو الاستغاثة بهم هذا كفر أكبر في العقيدة، والبناء على القبور. واتخاذ المساجد عليها، كذلك بدعة، لكنه دون الشرك، من وسائل الشرك. وتجصيصها كذلك، ومن وسائل اختلال العقيدة، والبدع الأخرى كونه يبتدع صلاة ما شرعها الله، أو اجتماعا ما شرعه الله، كبدعة الاحتفال بالمولد، أو ما أشبه ذلك من القرب التي يحدثها الناس، هذا يسمى بدعة، وهو من البدع في الفروع. أو يحدث في الصلاة بدعة، أو في الصيام أو في الحج، المقصود أن البدعة ضابطها: أن يأتي بعبادة ما شرعها الله كأن يصلي في الركعة ثلاث سجدات متعمدا، أو ركوعين هذا بدعة منكرة وباطلة، كذلك يحدث صوما ما شرعه الله، كأن يقول الصائم يصوم من الليل كذا، لا يفطر إلا بعد مضي كذا من الليل، أو يتقدم في الصوم بجزء من الليل، يأخذ قطعة من الليل قبل طلوع الفجر فهذه بدعة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 س: يقال: إن هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة، فما حقيقة ذلك مع الدليل، وإن صحت هذه العبارة. نرجو تطبيقها على الأسئلة السابقة؟ (1) ج: هكذا يقول بعض الناس: إن البدعة تنقسم إلى أقسام خمسة، تدور على أحكام التكليف: بدعة حسنة، بدعة محرمة، بدعة مكروهة، بدعة مندوبة، بدعة مباحة، وهذا التقسيم فيه نظر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «كل بدعة ضلالة (2)». ولم يقسمها بل قال: «كل بدعة ضلالة (3)» والحق الذي لا ريب فيه أن البدع المخالفة للشرع كلها ضلالة، ومراد النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدثه الناس، ولهذا قال: «إياكم ومحدثات الأمور (4)» وقال: «وشر الأمور (5)» يعني: محدثات الأمور: «وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (6)» هكذا يقول صلى الله عليه وسلم، فالمحدثات التي تخالف شرع الله فإنها ضلالة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (7)»، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (8)»، فكل بدعة ضلالة، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ومن ذلك الاحتفال بالموالد، فإنها بدعة ضلالة، وهكذا تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ القباب عليها والاجتماع عندها، للنوح أو لدعائها والاستغاثة بها، كل هذا من البدع والضلالة، وبعضها من البدع الشركية، لكن بعض الناس قد   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 11. (2) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (3) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. (5) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (6) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (7) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256). (8) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 تلتبس عليه بعض الأمور، فيرى أن ما وقع في المسلمين من بعض الأشياء، التي لم تقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أنها بدعة حسنة، وربما يتعلق بقول عمر رضي الله عنه، في التراويح نعمت البدعة، لما جمع الناس على إمام واحد، وهذا ليس مما أراده النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ما يحدثه الناس، مما تدل عليه الشريعة، وترشد إليه الأدلة، لا يسمى بدعة منكرة، وإن سمي بدعة من حيث اللغة، لكون المسلمين نقطوا المصاحف، وشكلوا القرآن، حتى لا يشتبه على القارئ، وجمعوه في المصاحف، هذا وإن سمي بدعة لغوية، لكن هذا شيء واجب، شيء يحفظ القرآن، ويسهل قراءته على المسلمين، فهذا نحن مأمورون به، مأمورون بما يسهل علينا القرآن، وبما يحفظه على المسلمين، وبما يعين المسلمين على حفظه وقراءته قراءة مستقيمة، فليس هذا من باب البدعة المنكرة، بل هذا من باب الأوامر الشرعية، من باب الحفظ للدين، ومن باب العناية بالقرآن، فليس مما نحن فيه بشيء، وكذلك قول عمر: نعمت البدعة، يعني كونه جمعهم على إمام واحد، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا بدعة من حيث اللغة، لأن البدعة في اللغة، هي الشيء الذي على غير مثال سابق، ما يحدثه الناس على غير فعل سابق، يسمى بدعة في اللغة، فهذا من حيث اللغة لا من حيث الشرع، فإن التراويح فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى بالناس بعض الليالي، وأرشد إليها وحثهم عليها، فليست التراويح بدعة، ولكن لكونه جمعهم على إمام واحد، قال في ذلك: نعمت البدعة، من حيث اللغة فقط، فالحاصل أن ما أوجده المسلمون، مما يدل عليه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 الشرع، ويرشد إليه الشرع، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لا يسمى بدعة، بل هو مما دعا إليه الشرع، ورغب فيه الشرع، من جنس جمع المصحف، وشكله ونقطه ونحو ذلك، هذا ليس من البدع في شيء، بل من جنس التراويح، وفعل عمر لها، رضي الله عنه وأرضاه، ليس في هذا الباب من شيء، وإنما الذي أنكره العلماء، وقصده النبي صلى الله عليه وسلم، هو ما يحدثه الناس مما يخالف شرع الله، مما يخالف أوامر الله ورسوله، مثل البناء على القبور، مثل اتخاذ المساجد عليها، مثل الغلو فيها، بدعائها والاستغاثة والنذر لها ونحو ذلك، هذه من البدع الشركية. مثل الاحتفال بالموالد، هذه من البدع المنكرة، التي هي من وسائل الشرك، وما أشبه ذلك مثل: بدعة إحياء مناسبة الإسراء والمعراج، يحتفلون بليلة سبع وعشرين من رجب، باسم الإسراء والمعراج، هذه بدعة لا أصل لها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بالإسراء والمعراج، ولا أصحابه ولأنها غير معلومة على الصحيح، بل أنسيها الناس، ولو علمت لم يجز الاحتفال بها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بها، ولا أصحابه رضي الله عنهم، فدل ذلك على أنه بدعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» أي هو مردود.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 7 - بيان معنى حديث: " من سن في الإسلام سنة حسنة " س: لي زملاء يحتجون بما ابتدع في الدين، بأنها سنة، محتجين بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن سنة حسنة (1)» إلى آخر الحديث الشريف، ويكررون دائما قول عمر بن الخطاب، عندما جمع الناس أن يصلوا التراويح على إمام واحد، بقوله: نعم البدعة. من صحيح البخاري. هل يثبت ذلك حجة لزملائي أم لا؟ (2) ج: هذا غلط ومغالطة، ولا يجوز أن يحتج على إيجاد البدع، وعلى إقرار البدع بهذا الحديث الصحيح، من سن في الإسلام سنة حسنة. يعني من سن في الإسلام والمراد بذلك إظهارها وإبرازها. والدعوة إليها بعد ما أميتت أو جهلها الناس ليس المراد بذلك الابتداع والإحداث؛ لأن هذا يناقض قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3)» وقوله: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (4)» وقوله: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وإن كل بدعة ضلالة (5)»، فالأحاديث الصحيحة واضحة في منع البدع، والتحذير منها، وأنها من المنكر فلا يجوز لأحد أن يحكم على البدع بأنها حسنة لأجل فهمه السيئ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة (6)»   (1) مسلم الزكاة (1017)، النسائي الزكاة (2554)، ابن ماجه المقدمة (203)، أحمد (4/ 362)، الدارمي المقدمة (514). (2) السؤال السادس من الشريط رقم 15. (3) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة، برقم 1017. (4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (5) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. (6) مسلم الزكاة (1017)، النسائي الزكاة (2554)، أحمد (4/ 359). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 هذا غلط في فهم السنة، وتحريف للمعاني فإن المراد إبراز السنن وإظهارها، فالذي أظهرها وأبرزها، وبينها للناس حتى اقتدوا به فيها، وحتى ساروا خلفه فيها، بعد ما جهلوها وبعدما غفلوا عنها، أما إحداث البدع فلا يجوز بل يجب على الناس أن يسيروا على ما رسمه الله لهم في كتابه، وعلى ما رسمه الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة، وليس لهم أن يحدثوا، في الدين ما لم يأذن به الله، قال الله جل وعلا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (1)، قال النبي صلى الله عليه وسلم «شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (2)»، وقال: «وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (3)»، وتقدم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (4)» يعني فهو مردود على صاحبه، أما قول عمر: نعمت البدعة. فقد وضح أهل العلم أن مراده في ذلك من حيث اللغة العربية؛ لأنه رضي الله عنه جمع الناس على إمام واحد، وكانوا متفرقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الصديق، فلما كان عهده رضي الله عنه جمعهم على إمام واحد، ومر عليهم ذات ليلة وهم يصلون فقال: نعمت هذه البدعة، يعني: جمعه لهم على إمام واحد مستمر منتظم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد جمعهم وصلى بهم في ليالي ثم ترك ذلك خوفا أن تفرض عليهم - عليه الصلاة والسلام - فأصل التراويح سنة، فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ودعا إليها، وحث عليها لكن خاف أن تفرض على   (1) سورة الشورى الآية 21 (2) مسلم الجمعة (867)، النسائي صلاة العيدين (1578)، ابن ماجه المقدمة (45)، أحمد (3/ 311)، الدارمي المقدمة (206). (3) أبو داود السنة (4607)، أحمد (4/ 126). (4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 الناس، فتركها بعد ما صلاها ليالي - عليه الصلاة والسلام - بالناس جماعة ثم استمر الترك إلى عهد عمر، وكانوا يصلون في المسجد أوزاعا يصلي الرجل لنفسه. ويصلي معه الاثنان والثلاثة إلى أشباه ذلك، فلما رآهم عمر ذات ليلة قال: لو جمعناهم على إمام واحد. ثم جمعهم فلما رآهم بعد ذلك يصلون جميعا قال: نعمت هذه البدعة، يقصد جمعهم على إمام واحد بصفة مستمرة، هذا من حيث اللغة؛ لأن البدعة ما كان على غير الشرع. هذا من حيث اللغة العربية، وليس مقصوده أن هذه البدع، الأساس والأصل، فإنه رضي الله عنه لا يمكن أن يوجد البدع، ولا يقر البدع، هو يعلم أن رسول الله نهى عن البدع، عليه الصلاة والسلام، وهذه سنة وقربة، وطاعة معروفة في عهده صلى الله عليه وسلم بعد ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 8 - بيان معنى قول: العبادات توقيفية س: ما معنى العبادات التوقيفية؟ (1) ج: معناها أنها لا تثبت إلا بالشرع، لا بآراء الناس، لا يكون القول عبادة، ولا الفعل عبادة، إلا بنص من الله، أو من رسوله، من القرآن أو السنة، أما قول الناس هذه عبادة توقيفية يعني لا بد أن يكون   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 307. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 فيها نص شرعي، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» أي مردود. وقال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» أي مردود. وكان يقول في خطبه عليه الصلاة والسلام في الجمعة وغيرها: «أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)» فليس لأحد أن يأتي بتشريع جديد، بل لا بد من الوقوف مع شريعة الله، فلو قام الإنسان ليشرع للناس بأن يصلوا صلاة سادسة في أثناء النهار، في الساعة العاشرة ضحى، لا يجوز، أو قال: يلزمهم أن يصوموا شهرا آخر غير رمضان، أو يشرع لهم أن يصوموا شهرا ما شرعه الله، كل هذا بدعة، أو يقول: إنه يشرع لهم أن يصلوا صلاة خاصة، مقدارها ثلاث ركعات، أو خمس ركعات، في النهار بنية كذا أو بنية كذا، يتعبد بها، هذا باطل، الله شرع لعباده اثنتين أو أربعا المقصود شفعا، والسنة اثنتان اثنتان، في النهار والواجب اثنتان اثنتان في الليل، إلا ما شرعه الله في الوتر، ثلاثا أو خمسا، كما جاء في الحديث، المقصود ليس الحديث عن شيء جديد، وليس الحديث عن شيء لم يذكر في الكتاب والسنة ليقال: إنه مشروع سواء كان قوليا أو عمليا، فهذا لا أساس له ولا يعتد به، لأنه لم يأت عن الله، ولا عن رسوله، ولا يسمى توقيفا.   (1) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256). (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (3) مسلم الجمعة (867)، ابن ماجه المقدمة (45)، أحمد (3/ 311). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 9 - بيان معنى الغلو في الدين س: ما هو التشدد المنهي عنه في الدين؟ (1) ج: التشدد: هو الغلو والتنطع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين (2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون (3)»، قالها ثلاثا عليه الصلاة والسلام، ومعناه الزيادة على ما شرعه الله، هذا هو التشدد يزيد على ما شرعه الله، ومن ذلك البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، والصلاة عندها، هذه زيادة على ما شرع الله، الذي شرعه الله زيارتها، والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، ولا يبنى عليها مساجد أو قباب، هذه الأعمال من وسائل الشرك، وهذا محرم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أنكر ذلك، ولعن اليهود، والنصارى على فعل ذلك، والصلاة عند القبور من وسائل الغلو فيها والشرك، وهكذا الزيادة على ما شرعه الله، كأن يتوضأ أكثر من ثلاث مرات، هذا زيادة على ما شرعه الله، كذلك كونه يستعمل في صلاته ما لم يشرعه الله، غير الزيادة على الوضوء بل يستعمل أشياء ما شرعها الله في صلاته، بأن يركع الركوع الذي يضره أو يضر المأمومين، أو يسجد سجودا يضره   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 321. (2) أخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى برقم 3057. (3) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب هلك المتنطعون، برقم 2670. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 ويضر المأمومين، فالواجب أن يقتصد ويتحرى الاقتصاد، القصد في العبادة هو المطلوب، وعدم التشديد لا على المأموم، ولا على نفسه كذلك كونه يصوم دائما ولا يفطر، أو يصلي الليل كله ولا ينام، كل هذا من التشدد. والنبي نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام قال: «هلك المتنطعون» ونهى عن التبتل كل ذلك منهي عنه لما في التبتل والتشدد من المضرة العظيمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 10 - حكم هجر المبتدع س: متى تجوز مقاطعة المبتدع؟ ومتى يجوز البغض في الله؟ وهل تؤثر المقاطعة في هذا العصر؟ (1) ج: المؤمن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان ونظر الشرع، ونظر التجرد من الهوى، فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم، فإن هجره حق وأقل أحواله أن يكون سنة، وهكذا من أعلن المعاصي وأظهرها، أقل أحواله أن هجره سنة، فإن كان عدم الهجر أصلح، لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين وإرشادهم إلى السنة، وتعليمهم ما أوجب الله عليهم، أن ذلك يؤثر فيهم وأنه يفيدهم، فلا يعجل في الهجر، ومع ذلك يبغضهم في الله، كما يبغض   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 82. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 الكافر في الله، ويبغض العصاة في الله، على قدر معاصيهم وعلى قدر البدعة، وبغض الكافر أشد، وبغض المبتدع على قدر بدعته، إذا كانت بدعته غير مكفرة، على قدرها، وبغض العاصي على قدر معصيته، ويحبه في الله على قدر إسلامه، أما الهجر ففيه تفصيل يقول ابن عبد القوي رحمه الله، في قصيدته المشهورة: وهجران من أبدى المعاصي سنة ... وقد قيل إن يردعه أوجب وآكد وقيل على الإطلاق ما دام معلنا ... ولاقه بوجه مكفر ملبد وقيل على الإطلاق يعني يجب الهجر مطلقا، فالحاصل أن الأرجح والأولى النظر في المصلحة، فالنبي صلى الله عليه وسلم هجر قوما وترك آخرين لم يهجرهم، مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية، فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم، لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر هجرهم خمسين ليلة فتابوا فتاب الله عليهم، ولم يهجر عبد الله بن أبي بن سلول، وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية اقتضت ذلك، فالمؤمن ينظر في الأصلح وهذا لا ينافي بغض الكافر في الله، وبغض المبتدع في الله، وبغض العاصي في الله، ومحبة المسلم في الله، ومحبة العاصي على قدر إسلامه، ومحبة المبتدع الذي لم يعلن بدعته على قدر ما معه من الإسلام لا ينافي ذلك، أما هجرهم فينظر للمصلحة، فإذا كان هجرهم يرجى فيه خير لهم، ويرجى أن يتوبوا من البدعة ومن المعصية، فإن السنة الهجر، وقد أوجب ذلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 جمع من أهل العلم، قالوا: يجب، وإن كان هجرهم وتركه سواء، لا يترتب عليه لا شر ولا خير، فهجرهم أولى أيضا، إظهارا لأمر مشروع، وإبانة لما يجب من إظهار إنكار المنكر، هجره بأي حال أولى وأسلم، وحتى يعلم الناس خطأهم وغلطهم. الحالة الثالثة: أن يكون هجرهم يترتب عليه مفسدة، وشر أكبر، فإنه لا يهجرهم في هذه الحالة، إذا كان هذا المبتدع إذا هجر زاد شره على الناس وانطلق في الدعوة إلى البدعة، وزادت بدعه وشروره، واستغل الهجر في دعوة الناس إلى الباطل، فإنه لا يهجر بل يناقش ويحذر الناس منه، ولا يكون الناس عنه بعيدين، حتى يراقبوا عمله وحتى يمنعوه من التوسع في بدعته، وحتى يحذروا الناس منه، وحتى يكرروا عليه الدعوة، لعل الله يهديه حتى يسلم الناس من شره، وهكذا العاصي المعلن، إذا كان تركه وهجره قد يفضي إلى انتشار شره، وتوسع شره وتسلطه على الناس، فإنه لا يهجر بل يناقش دائما وينكر عليه دائما ويحذر الناس من شره دائما، حتى يسلم الناس من شره، وحتى لا تقع الفتن بمعصيته. س: بم تنصحوننا في كيفية التعامل مع المبتدعة الذين نراهم ونتكلم معهم، ونتعامل معهم كل يوم؟ (1) ج: الواجب هجرهم على بدعتهم، إذا أظهروا البدعة فالواجب   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 185. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 هجرهم بعد النصيحة والتوجيه، فإن المسلم ينصح أخاه، ويحذرهم مما حرم الله عليهم من البدع والمعاصي الظاهرة فإن تاب وإلا استحق أن يهجر ولا يعامل لعله يتوب لعله يندم لعله يرجع إلى الصواب، إلا إذا كان الهجر يترتب عليه ما لا تحمد عقباه فإنه يتركه إذا كان تركه أصلح في الدين، وأكثر للخير وأقرب إلى النجاح، فإنه لا يهجره بل يداوم على نصحه وتحذيره، من الباطل ولا يهجره قد يهديه الله بسبب ذلك، فالمؤمن كالطبيب إذا رأى العلاج نافعا فعله، وإذا رآه ليس بنافع تركه، فالهجر من باب العلاج، فإن كان الهجر يؤثر خيرا وينفع هجر، وكان ذلك من باب العلاج، لعله يتوب ولعله يرجع عن الخطأ، إذا رأى من إخوانه أنهم يهجرونه، أما إن كان الهجر يسبب مزيدا من الشر، وكثرة أهل الشر وتعاونهم، فإنه لا يهجر ولكن يديم النصح له، والتوجيه وإظهار الكراهة لما عمل، ويبين له عدم موافقته على باطله، ولكن يستمر في النصيحة والتوجيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 11 - المبتدعة ليسوا من الطائفة الناجية س: هل المبتدع خارج عن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة؟ (1) ج: المبتدعون ليسوا من الطائفة الناجية، كالرافضة والجهمية، والمعتزلة والكرامية، وأشباههم، الطائفة المنصورة هم أهل السنة والجماعة، هم أتباع الكتاب والسنة، الذين لم يبتدعوا في دين الله، ما لم يكن من أمر الله. لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنهم قال: «هم مثل ما أنا عليه وأصحابي (2)»، وهم الجماعة، وهم الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، وهم أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، الذين لم يحرفوا أو يغيروا، أو يبتدعوا بل تمسكوا بالكتاب والسنة، وساروا على منهج سلف الأمة، من الصحابة ومن تبعهم بإحسان، بالقول والعمل والعقيدة، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، فهم وحدوا الله، وعبدوه وحده، واستقاموا على شريعته، وعملوا بأسمائه وصفاته، وأمروها كما جاءت على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف، ولا تعطيل ولا تأويل ولا تمثيل، واعتمدوا في أعمالهم ما جاء في الكتاب والسنة، في الأقوال والأفعال.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 307. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، برقم 2641. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 12 - حكم الاحتفال بالمواليد س: بعض العلماء يقولون: إن الموالد ليست صحيحة، فهل هذا صحيح أم لا؟ (1) ج: نعم الاحتفال بالموالد بدعة، فلا يجوز الاحتفال بالموالد، لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا غيره، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: في خطبة يوم الجمعة: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)» والاحتفال بالموالد بدعة، ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، ويكفي المؤمن التأسي بسنته صلى الله عليه وسلم، والسير على منهاجه وعدم الإحداث فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم ليست بالبدع، ولكن باتباع طريقه عليه الصلاة والسلام، وامتثال أوامره، وترك نواهيه والصلاة والسلام عليه عند ذكره، عليه الصلاة والسلام في كل وقت، أما إحداث البدع فذلك مما يغضبه، عليه الصلاة والسلام، ومما نهى عنه وأنكره، عليه الصلاة والسلام، وهو مما يغضب الله عز وجل، الله سبحانه أنكر على أهل البدع، قال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (4).   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 215. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. (3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (4) سورة الشورى الآية 21 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 فالواجب على كل مسلم أن يتبع ولا يبتدع، عليه أن يتبع الشريعة ويكفي والحمد لله، أما الابتداع فهو شر وبلاء، فالدين كامل بحمد الله، فليس لأحد أن يحدث شيئا ما شرعه الله، لا الاحتفال بالموالد ولا غيرها، ومن ذلك البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها، هذه بدعة ومن وسائل الشرك، ومن ذلك تجصيصها واتخاذ القباب عليها والستور هذا بدعة أيضا، ومن أسباب الشرك ووسائله، فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا البدع، وأن يبتعدوا عنها، حتى لا يخالفوا نبيهم عليه الصلاة والسلام، وحتى يتبعوه فيما أمر به وفيما نهى عنه عليه الصلاة والسلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 13 - حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم س: يوجد لدينا في جميع البلاد في مصر أنهم يحتفلون بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فما حكم ذلك؟ (1) ج: هذه المسألة قد وقعت في بلدان كثيرة من بلدان المسلمين، كثير من المسلمين يحتفلون بالمولد النبوي، ورغم وجود ذلك في بلاد كثيرة فهو بدعة، فالبدع لا تنقلب سننا لكثرة الفاعلين لها، سواء كان في المغرب أو في المشرق، أو في مصر أو في غير ذلك، الاحتفال   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 8. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 بالموالد من البدع التي أحدثها الشيعة، وتبعهم عليها بعض أهل السنة، وذكر بعض المؤرخين أن أول من أحدثها الفاطميون، بنو عبيد بن القداح، المعروفون الذين ملكوا مصر والمغرب، في القرن الرابع والخامس، هم أول من أحدثوا في القرن الرابع موالد للنبي صلى الله عليه وسلم، وللحسن والحسين وفاطمة ولحاكمهم، ثم وقع بعد ذلك الاحتفال بالموالد بعدهم، فهو بدعة بلا شك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المعلم المرشد، وأصحابه هم أفضل الناس بعد الأنبياء، وهو قد بلغ البلاغ المبين، ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام، ولا أرشد إلى ذلك، ولا احتفل به أصحابه، وهم أفضل الناس، وأحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا التابعون لهم بإحسان، في القرون المفضلة الثلاثة، فعلم أنه بدعة، وهو وسيلة للغلو والشرك، ووسيلة للغلو في الأنبياء والصالحين، فإنهم قد يعظمونهم بالغلو والمدائح، التي فيها الشرك بالله، الشرك الأكبر كوصفهم لهم بأنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يدعون من دون الله أو يستغاث بهم أو ما أشبه ذلك، فيقعون في هذا الاحتفال في أنواع من الشرك، وهو لا يشعرون أو قد يشعرون، فالواجب ترك ذلك، وليست الاحتفالات بالمولد دليلا على حب المحتفلين للنبي صلى الله عليه وسلم، وعلى اتباعهم له، وإنما الدليل والبرهان على ذلك، هو اتباعهم لما جاء به عليه الصلاة والسلام، هذا هو الدليل على حب الله ورسوله، الحب الصادق، كما قال عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)   (1) سورة آل عمران الآية 31 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 فمن كان يحب الله ورسوله، فعليه باتباع الحق بأداء فرائض الله وترك محارم الله والوقوف عند حدود الله والمسارعة إلى مراضي الله والحذر من كل ما يغضب الله عز وجل، هذا هو الدليل وهذا هو البرهان، وهذا هو الذي كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، أما الاحتفالات بالموالد للنبي صلى الله عليه وسلم، أو للشيخ عبد القادر الجيلاني، أو للبدوي أو لفلان وفلان، فكله بدعة وكله منكر يجب تركه؛ لأن الخير في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، واتباع أصحابه والسلف الصالح، والشر في الابتداع والاختراع، ومخالفة ما عليه السلف الصالح، هذا هو الذي يجب وهذا هو الذي أفتي به، وهذا هو الحق الذي عليه سلف الأمة، ولا عبرة لمن خالف ذلك وتأول في ذلك، فإنما هدم الدين في كثير من البلدان، والتبس أمره على الناس، بسبب التأويل والتساهل وإظهار البدع، وإماتة السنة ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله المستعان. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 14 - حكم الاحتفال بمولد الحسين رضي الله عنه س: لقد سمعت لكم إجابة عن سؤال في برنامج نور على الدرب: بخصوص إقامة الموالد والاحتفال بها. مثل المولد النبوي الشريف، وقد تفضلتم بالإجابة، بعدم إقامة مثل هذه الموالد وغيرها بما ورد في الكتاب والسنة. وعلينا أن نتبع ما أمر به ونهى عنه الله ورسوله، وأنا في نفسي مقتنع بذلك تمام الاقتناع. ولكن نشاهد بمصر الإسلامية أن أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ يحضرون هذه الاحتفالات والموالد، أمثال الحسين، والسيدة زينب، والبدوي وغيرهم بل حتى عندنا في صعيد مصر كثير والسؤال الأول هو: ما هو الصواب في هذا الموضوع؟ (1) ج: الصواب هو ما سمعت فيما نقلت عن جوابي السابق، وأن هذه الموالد التي يحتفل بها الناس بدعة لا أصل لها، ولا ينبغي للعاقل وطالب العلم، أن يغتر بالناس، فإن فعل الناس لا يقاس عليه، ولا يحتج به، إنما يحتج بما قاله الله ورسوله، فأقوال الناس، وأعمال الناس، واحتفالاتهم كلها تعرض على الكتاب والسنة، وما وافق كتاب الله، أو سنة رسوله الصحيحة، عليه الصلاة والسلام فهو المتبع وهو الحق. وما خالفهما وجب رده، وإن فعله الناس، قال الله تعالى:   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 12. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (1)، وقال عز وجل: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (2)، وقال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (3) فالحاصل أن أفعال الناس، وأقوال الناس ليست ميزانا توزن بها الأحكام، وتعرف بها الأحكام الشرعية، وإنما الميزان هو ما قال الله جل وعلا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (4). وفيما قال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (5). هذا هو الميزان، الميزان هو ما قاله الله ورسوله، فالاحتفالات بالموالد ليس لها أصل في كتاب الله ولا في سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وقد مضى على المسلمين قرون كثيرة لم يحتفلوا فيها بالموالد، فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وهو خاتم النبيين ليس بعده نبي يعلمنا، هو خاتم النبيين، وهو أنصح الناس عليه الصلاة والسلام، وهو أعلم الناس وأخشى الناس لله وأتقاهم لله عليه الصلاة والسلام. فلو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم أو بالموالد الأخرى أمرا مشروعا لبينه للأمة عليه الصلاة والسلام، أو فعله بنفسه حتى يقتدى به، ثم لو تركه بنفسه عليه الصلاة والسلام،   (1) سورة يوسف الآية 103 (2) سورة الأنعام الآية 116 (3) سورة سبأ الآية 20 (4) سورة النساء الآية 59 (5) سورة الشورى الآية 10 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 لأنه غير واجب ولكن هو سنة في نفسه لفعله الصحابة أخذا من فعله أو من قوله عليه الصلاة والسلام، فلم يفعله صلى الله عليه وسلم. ولم يدع إليه ولم يأمر به ولم يفعله صحابته، لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم، ثم جاء القرن الثاني، قرن التابعين وكبار أتباع التابعين، فلم يفعلوه ثم جاء من بعدهم القرن الثالث فلم يفعلوه، فدل ذلك على أنه بدعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)»، وقال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)»، وكان يقول في خطبته عليه الصلاة والسلام: أما بعد: «فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (3)»، هكذا كان يقول في خطبته عليه الصلاة والسلام في الجمعة اللهم صل عليه، فلو كانت الاحتفالات بالموالد أمرا مطلوبا أو أمرا مشروعا لما فات على أولئك الأخيار السادة، ثم حظي به ووفق له من بعدهم، فإن القرون السابقة قد اشتملت على الحق. ولا يمكن أن يكون الحق في غيرها وتحرم هي من الحق، بل قال عليه الصلاة والسلام، لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، وأولى القرون بهذه الطائفة القرون الأولى، القرن الأول ثم الثاني ثم الثالث، بل قال عليه الصلاة والسلام: «خير أمتي القرن الذين يلونني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم (4)» الحديث.   (1) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة رضي الله تعالى عنهم … ، برقم 3533. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (4) البخاري الشهادات (2509)، مسلم فضائل الصحابة (2533)، الترمذي المناقب (3859)، ابن ماجه الأحكام (2362)، أحمد (1/ 434). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 فلا يجوز أبدا أن يعتقد أحد أن الحق يفوت هذه القرون المفضلة العظيمة، ثم يدركه ويحوزه من بعدهم، هذا لا يقوله من يؤمن بالله واليوم الآخر. فالحاصل أن الاحتفالات بالموالد: مولد النبي صلى الله عليه وسلم، مولد الحسين، مولد فلان، مولد البدوي، إلى غير ذلك كلها بدع لا أصل لها، وإنما أحدثها من أحدثها في القرن الرابع وبعده، كما ذكر ذلك صاحب كتاب الإبداع في مضار الابتداع، وذكر أن الذين بدأوا بإحداثها هم حكام مصر الفاطميون، حكام المغرب الذين انتسبوا لآل البيت كذبا، وليسوا منهم في شيء بل قال أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام رحمة الله عليه: إن ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، فالحاصل أنهم هم الذين أحدثوا هذا في القرن الرابع ثم أحدثه بعدهم أناس آخرون، من الشيعة ومن غير الشيعة ممن ينتسب إلى السنة غلطا وجهلا، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بهذا الأمر، الذي فعله كثير من الناس. فهذه أيضا المساجد تبنى على القبور، والقباب توضع على القبور، فهل يقول من يؤمن بالله واليوم الآخر، إن هذا شرع، وإنه سنة، وإنه قربة، بل هو بدعة منكرة، ومع ذلك وجد في الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور   (1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1)» خرجه مسلم في الصحيح، وقال جابر رضي الله عنه: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجصص القبور، وأن يقعد عليها وأن يبنى عليها (2)» فأخبر جابر أن الرسول نهى عن تجصيص القبور، وعن البناء عليها، وهي الآن تجصص ويبنى عليها وتوضع عليها القباب والمساجد فهل يقول من يعرف الحق: إن هذا جائز أو إنه مشروع لأن الناس فعلوه، بل هو بدعة ومن وسائل الشرك، ولو فعله الناس، اتخاذ المساجد على القبور، والبناء عليها واتخاذ القباب عليها، وتجصيصها كل هذا محرم كله من وسائل الشرك. ولو فعله الناس وكذلك كثير من الجهلة يأتون القبور المعظمة، ويدعونها ويستغيثون بأهلها، ويطلبون منها المدد، فهل يقول قائل: إن هذا جائز، لأن الناس فعلوا هذا، أو لأن كثيرا من الناس فعلوا هذا، لا يقول هذا من يعرف الدين، فإن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، وطلب المدد من الأموات هو فعل الجاهلية الأولى، هو فعل أهل الشرك المعروف سابقا، هو من الشرك الأكبر، ومع ذلك فعله كثير من الجهال عند القبور، عند قبر الحسين، وعند قبر غير الحسين، وعند قبر البدوي، وربما فعله بعض الجهال، عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فهل يقول من يؤمن بالله واليوم الآخر: إن هذا جائز، أو إن هذا قربة، أو إنه لا بأس به، بل هو من الشرك ومن عبادة غير الله، ومن عمل الجاهلية الأولى وإن فعله كثير من الناس، فينبغي لكل مسلم أن يعقل هذا وينتبه لهذا الأمر.   (1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (2) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 س: أيضا يقول هذا السائل: نشاهد في مصر أصحاب الفضيلة العلماء يحضرون هذه الاحتفالات فما رأي سماحتكم؟ (1) ج: كون بعض العلماء يشهد بعض البدع فلا يستنكر هذا، وهل أهلك الناس إلا علماء السوء؟ وعلماء الجهل، وهل هلكت اليهود إلا بعلماء السوء فيها، وهل هلكت النصارى إلا بعلماء السوء فيها وأغلاطهم، وهذه الأمة كذلك إنما هلك أكثرهم بسبب علماء السوء وعلماء الجهل، والعالم وإن كان كبيرا وعظيما قد يغلط، فيغتر بغلطه بعض الناس، وزلة العالم لها خطر عظيم، كما حذر الصحابة وغيرهم من زلة العالم، فإذا زل عالم بفعله أو بقوله، وإن كان يشار إليه بالعلم، لكن غلطه في مسألة من المسائل في حضور الاحتفالات، تأول في ذلك المكان، أو قصد أن ينصحهم، أو يبين شيئا من أمور الدين، فحضر وغاب عنه أن حضوره قد يحتج به، فلا يكون هذا حجة، إذا حضر العالم بعض الاجتماعات المنكرة، أو حضر بعض الاحتفالات المنكرة لا يكون هذا حجة على جوازها، فقد يكون له عذر، وقد يكون جهل هذا الأمر وقت حضوره، وإن كان عنده علوم، وعنده فضل، فلا ينبغي أن يغتر بأغلاط العلماء ولا زلات العلماء لا قولا ولا فعلا نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 12. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 س: أرجو منكم أن تخبروني عن حكم المولد النبوي، وعن حكم من يقوم به، وخاصة إذا كان إماما وخطيبا لمسجد؟ وهل تجوز الصلاة خلفه، حيث إني إذا قلت لأحدهم إن هذا الأمر بدعة منكرة، انزعج كثيرا واحتج بحديث في مسلم، في فضل صيام يومي الخميس والاثنين، والشاهد من الحديث: «وهو يوم ولدت فيه (1)» الحديث؟ فماذا نفعل تجاه هؤلاء الناس، وخاصة أنهم من أصحاب المساجد وإنا لله وإنا إليه راجعون؟ (2) ج: الاحتفال بالموالد من البدع التي حدثت في الناس ومنها مولد النبي صلى الله عليه وسلم، الاحتفال به من البدع التي حدثت في المسلمين ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم، وهكذا لم يفعله المسلمون في القرون المفضلة الثلاثة، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» يعني فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (4)» أي فهو مردود. فالواجب على المسلم ترك ذلك، وأن يعتني بسنته صلى الله عليه وسلم واتباع سيرته والاستقامة على هديه عليه الصلاة والسلام. أما الاحتفال بالمولد   (1) مسلم الصيام (1162). (2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 271. (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (4) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 فلا وجه له فهو بدعة من البدع التي يجب تركها والمطلوب من المسلم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيم شرعه وتعظيم سنته والسير على منهاجه كما قال الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، وقال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (2). فالواجب محبته واتباعه والأخذ بما جاء به والحذر مما نهى عنه هذا هو واجب المسلم. أما البدع فلا، المولد وغير المولد، لا تجوز البدع في الدين. بل يجب تركها فالاحتفال بالموالد والبناء على القبور، واتخاذ المساجد على القبور والصلاة عند القبور كل هذه من البدع التي أحدثها الناس وهكذا بدعة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب والاحتفال بها هذه من البدع أيضا لا أصل لها في الشرع. وينبغي أن ينصح الإمام الذي يصلي بالناس أن يدع هذا، والصلاة خلفه صحيحة، إذا كان ليس عنده إلا بدعة المولد، فالصلاة خلفه صحيحة؛ لأنها بدعة وليست كفرا، لكن إذا كانوا في المولد يدعون الرسول ويستغيثون به، فهذا كفر أكبر إذا كانوا يدعون الرسول ويستغيثون به، وينذرون له هذا كفر أكبر.   (1) سورة آل عمران الآية 31 (2) سورة الحشر الآية 7 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 أما مجرد الاحتفال بالمولد وجمع الطعام، والاجتماع على الطعام وتلاوة القصائد التي ليس فيها شرك فهذه بدعة. أما القصائد التي فيها الشرك، مثل البردة إذا أقروا ما فيها من الشرك، مثل قوله: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم من يعتقد هذا فهو كافر. نسأل الله العافية. فالمقصود أن الواجب على المسلمين، أن يحذروا الشرك والبدع جميعا، وأن يتواصوا بتركها ويتفقهوا في الدين ويتعلموا ويسألوا أهل العلم، أهل السنة، يسألوهم عن هذه البدع. أما حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: «ذاك يوم ولدت فيه وبعثت فيه (1)» هذا لا حجة فيه، إنما يدعو إلى شرعية صومه، صوم يوم الاثنين، ويوم الاثنين يصام؛ لأنه يوم ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه فيه، ولأنه تعرض فيه الأعمال على الله مع الخميس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الاثنين والخميس ويقول:   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر برقم 1162. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 «إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم (1)» فصوم يوم الاثنين لا بأس به، طيب مثلما صامه النبي صلى الله عليه وسلم، ما قال: احتفلوا به واجعلوا فيه عيدا. إنما شرع صومه فقط، فمن صامه فقد أحسن ومن أحدث المولد بالاحتفال وجمع الناس على الطعام وقراءة القصائد فإن هذه هي البدعة، وفرق بين هذا وهذا. س: لماذا لا يحدث اجتماع مثلا بين العلماء جميعا وشرح وجه الحقيقة حتى يغير ما يحدث في جميع البلدان الإسلامية من هذه العادات؟ (2) ج: قد جرى اجتماعات كثيرة، وبحث هذا الموضوع في اجتماعات كثيرة، ولكن لا تزال العقول تختلف في فهمها، ولا يزال من ينظر في المسائل العلمية يحصل بينهم خلاف لوجه النظر، بعضهم يستحسنها لأن فيها دراسة السيرة، للنبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يقول لأن فيها فرصة لتوعية الناس وتعليمهم بعض أمور الدين، وبعضهم يحتج بأشياء أخرى، ولكن من نظر في الأدلة الشرعية عرف أن هذه الأمور التي يحتج بها لا وجه لها، وأن الواجب منع هذه الاحتفالات، وفي   (1) أخرجه أحمد في المسند، مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أسامة بن زيد، برقم 21246. (2) السؤال الرابع من الشريط رقم 12. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 الإمكان أن يعلم الناس أحكام الشرع في المجالس العلمية والحلقات العلمية، وبدراسة السيرة النبوية من دون حاجة إلى هذه الاحتفالات فليست هذه الاحتفالات هي الوسيلة للتعليم، بل هناك وسائل أخرى كالإذاعة والصحافة والحلقات العلمية التي توضح فيها أحكام الشرع، وتوضح فيها سيرة النبي عليه الصلاة والسلام من دون حاجة إلى هذه البدع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 15 - الاحتفال بالمولد ليس له أصل س: ما رأيكم في الاحتفال بمولد النبي الشريف، ولقد تكرر في قول الناس إن بعض العلماء أجازوه، ويقومون به أفيدونا عن هذا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الاحتفال بالمولد ليس له أصل، لكونه من البدع التي أحدثها الناس في القرن الرابع وما بعده، ومشهور أن أول من أحدثه الطائفة المشهورة الذين يقال لهم الفاطميون، وهم حكام المغرب ومصر في المائة الرابعة والخامسة، أحدثوه في المائة الرابعة باسم علي والحسن والحسين وفاطمة واسم النبي صلى الله عليه وسلم، واسم حاكمهم ثم انتشر بعدهم، ولم يكن هذا في القرون المفضلة، ولا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلهذا ذكر   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 100. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 المحققون من أهل العلم أنه بدعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» يعني فهو مردود، ولا عبرة بمن يفعلونه اليوم وكثرتهم، لأنهم توارثوا هذا عن أسلافهم، والقاعدة التي درج عليها العامة والكفرة، قبل النبي صلى الله عليه وسلم قوله سبحانه: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (3) فليس في اتباع الآباء حجة، إذا كان عملهم ليس على أساس متين ليس على دليل، كما أن أعمال الكفار ليست حجة، ولهذا أنكر الله عليهم ذلك، وأمرهم باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجعل لهم عذرا في اتباع أسلافهم، بل عابهم على ذلك، فأنت أيها المؤمن كذلك ليس لك أن تتبع أباك ولا جدك، ولا أهل بلدك إلا فيما شرعه الله، أما ما نهى الله عنه فليس لك أن تتبعهم ولو كثروا، فلو أن أهل بلدك صاروا يشربون الخمر، فليس لك أن تفعله معهم، ولو كانوا يزنون كذلك، ولو كانوا يعقون والديهم، ليس لك أن تفعل مثلهم، فهكذا إذا فعلوا البدع ليس لك أن تتبعهم، بل تدعو لهم بالهداية، تنصحهم وتوجههم إلى الخير، ولا تفعل معهم ما حرم الله من البدعة، كما أنك لا يجوز لك أن تفعل معهم الزنى، أو الخمر أو العقوق أو الربا، أو ما أشبه ذلك.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) سورة الزخرف الآية 23 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 16 - الرد على قول: إن المولد بدعة حسنة س: نسألكم عن مولد النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم هل هو بدعة وإني سمعت في بعض البلدان ومن بعض العلماء يقولون: إنها بدعة حسنة والله أعلم وفقكم الله؟ (1) ج: الاحتفال بالموالد مما حدث في القرون المتأخرة بعد القرون المفضلة بعد القرن الأول والثاني والثالث وهو من البدع التي أحدثها بعض الناس استحسانا وظنا منهم أنها طيبة، والصحيح والحق الذي عليه المحققون من أهل العلم أنها بدعة، الاحتفالات بالموالد كلها بدعة ومن جملة ذلك الاحتفال بالمولد النبوي، ولماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولا أصحابه ولا خلفاؤه الراشدون ولا القرون المفضلة كلها لم تفعل هذا الشيء، فالخير في اتباعهم لا في ما أحدثه الناس بعدهم، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إياكم ومحدثات الأمور (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (3)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 37. (2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم 7277، ومسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867. (3) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 ما ليس منه فهو رد (1)»، «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» أي مردود، فالنبي صلى الله عليه وسلم وضح الأمر وبين أن الحوادث في الدين منكرة، وأنه ليس لأحد أن يحدث في الدين ما لم يأذن الله وذم الله سبحانه هذا بقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (3) والاحتفال أمر محدث لم يأذن به الله ولا رسوله عليه الصلاة والسلام، والصحابة أفضل الناس بعد الأنبياء وأحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم وأسرع الناس إلى كل خير ولم يفعلوا هذا لا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا بقية العشرة ولا بقية الصحابة وهكذا التابعون ما فعلوا هذا، وإنما حدث من بعض الشيعة الفاطميين في مصر في المائة الرابعة كما ذكر هذا بعض المؤرخين، ثم حدث في المائة السادسة في آخرها وفي أول السابعة، على يد من ظن أن هذا طيب ففعل ذلك، والحق أنه بدعة، لأنها عبادة لم يشرعها الله سبحانه وتعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين ولم يكتم شيئا مما شرعه الله بل بلغ كل ما شرعه الله وما أمر به، وقال الله سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (4) فالله قد أكمل الدين وأتمه وليس في ذلك الدين الذي أكمله الله الاحتفال بالموالد، فعلم بهذا أنه بدعة منكرة لا حسنة وليس في الدين بدعة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (3) سورة الشورى الآية 21 (4) سورة المائدة الآية 3 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 حسنة، فكل البدع ضلالة كلها منكرة، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «كل بدعة ضلالة (1)» فلا يجوز لأحد من المسلمين أن يقول: إن في البدع شيئا حسنا والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إن كل بدعة ضلالة؛ لأن هذه مناقضة ومحادة للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه أنه قال: «كل بدعة ضلالة (2)» فلا يجوز لنا أن نقول خلاف قوله عليه الصلاة والسلام وما يظن الناس أنه بدعة وقد جاء به الشرع فهو ليس بدعة مثل كتابة المصاحف، مثل التراويح ليست بدعة كل هذه مشروعة فتسميته بدعة لا أصل لذلك، وأما ما يروى عن عمر أنه قال في التراويح: نعمت البدعة فالمراد بهذا أنها بدعة في اللغة، ليست من جهة الدين، ثم قول عمر لا يناقض ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يخالفه، وقول الرسول مقدم عليه، عليه الصلاة والسلام: «كل بدعة ضلالة (3)»، وقال: «وإياكم ومحدثات الأمور (4)»، وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة»، هذا حكمه، عليه الصلاة والسلام، رواه مسلم في الصحيح فلا يجوز لمسلم أن يخالف ما شرع الله ولا أن يعاند ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام بل يجب عليه الخضوع لشرع الله والكف عما نهى الله عنه من البدع والمعاصي، نسأل الله للجميع الهداية.   (1) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (2) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (3) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (4) أبو داود السنة (4607)، أحمد (4/ 126). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 س: هل يجوز الاحتفال بالمولد النبوي نرجو منكم التوجيه؟ (1) ج: لقد سبق منا جوابات كثيرة في هذا البرنامج وفي غيره وكتبنا في هذا كتابات كثيرة فهذا الاحتفال بالمولد بدعة، الاحتفال بالمولد بدعة عند أهل العلم، عند أهل التحقيق بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره فلا يجوز الاحتفال بالموالد لا بمولده صلى الله عليه وسلم ولا بغيره من الأنبياء والأخيار فما يفعله الناس بمولد النبي صلى الله عليه وسلم أو البدوي أو الشيخ عبد القادر أو الحسن أو الحسين أو غيرهم كله بدعة لا يجوز. والواجب الترضي عنهم واتباع طريقهم الطيب والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واتباع سبيله والحث على سنته وتعليم دينه والقيام بحقه من طاعة أمره وترك نهيه والسير على منهاجه صلى الله عليه وسلم هذا هو الواجب على المؤمن قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (2) ما قال: فاتخذوا مولدا لي احتفلوا بي قال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (3) فعلامة المحبة اتباعه وطاعة أوامره وترك نواهيه، أما إقامة الموالد والبدع التي ما أنزل الله بها من سلطان فهذا لا يجوز بل هو من وسائل الشرك، كثير من هؤلاء الذين يتخذون الموالد يقعون في الشرك في دعاء النبي والاستغاثة به، وبعضهم يقع في بدعة التوسل بجاهه وبحقه وهذا لا يجوز أما التوسل بمحبته والإيمان به لا بأس   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 359. (2) سورة آل عمران الآية 31 (3) سورة آل عمران الآية 31 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 اللهم إني أسألك بمحبة نبيك والإيمان بنبيك أن تغفر لي هذا لا بأس به، أما التوسل بجاه النبي أو بحق النبي هذا بدعة ليس عليه دليل بل هو من البدع والتوسل بمحبته والإيمان به والسير على منهاجه هذا توسل شرعي، فالمقصود أن الاحتفال بالموالد من البدع سواء كان ذلك بمولد النبي صلى الله عليه وسلم أو بمولد غيره من الأنبياء أو الصالحين أو الصحابة أو غيرهم كله من البدع، وهكذا الاحتفال بليلة النصف من شعبان أو بليلة تسع وعشرين من رجب يسمونها ليلة الإسراء والمعراج هذه بدعة أو الاحتفال بأول ليلة من رجب أول ليلة جمعة من رجب يسمونها صلاة الرغائب بدعة، المقصود أن الاحتفال بما لم يشرعه الله، يتقرب به إلى الله، هذا من البدع، ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، النبي صلى الله عليه وسلم هو أصدق الناس وأنصح الناس، علم الأمة كل خير ودعاها إلى كل خير ولم يحتفل بمولده في حياته صلى الله عليه وسلم مكث في المدينة عشر سنين وهو رئيس المؤمنين وأميرهم ليس له معارض ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام ثم الصديق بعده ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم الخلفاء بعدهم ما احتفلوا بالمولد، ولو كان خيرا لسبقونا إليه فجميع القرون المفضلة لم يحدثوا الموالد إنما أحدثها الرافضة الفاطميون في القرن الرابع ثم تابعهم بعض المسلمين جهلا منهم وعدم بصيرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 17 - الرد على شبه تجويز إقامة الموالد س: لقد سمعت منكم مؤخرا أن المولد الشريف من المنكر والبدع، وأود أن أقول وأسأل هنا، إن في المولد الشريف يجتمع الناس على الأخوة والتقوى، وقراءة شيء من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وقراءة شيء من الشعر الذي قيل قديما، إما بمدح الإسلام، أو الرسول العظيم، وهذا كل ما يحدث، وليس في ذلك ما يعارض الشريعة الإسلامية، أرجو توضيح ذلك ولكم كل تقديري واحترامي؟ (1) ج: لا ريب أن الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام قد يقع فيه شيء مما ذكره السائل بالنسبة لأهل العلم وأهل البصائر، ولكن ينبغي أن يعلم أننا عبيد مأمورون لا مشرعون، علينا أن نمتثل أمر الله، وعلينا أن ننفذ شريعة الله. وليس لنا أن نبتدع في ديننا ما لم يأذن به الله، يجب أن نعلم هذا جيدا، الله سبحانه يقول: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (2) ويقول المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، الذي رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: «من أحدث في أمرنا هذا   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 6. (2) سورة الشورى الآية 21 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 ما ليس منه فهو رد (1)» يعني: فهو مردود على من أحدثه، وفي لفظ آخر عند مسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)»، وجاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة، تدل على تحريم البدع، وأن البدع هي المحدثات في الدين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عليه الصلاة والسلام: «أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)»، وتعلمون أيها المستمعون من أهل العلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام، عاش بعد النبوة ثلاثا وعشرين سنة، ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام، ولم يقل للناس احتفلوا بالمولد، لدراسة السيرة أو لغير ذلك، ولا سيما بعد الهجرة؛ فإنها وقت التشريع، وكمال التشريع، فمات صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا من ذلك، وأما حديث أنه سئل عن صوم يوم الاثنين؟ قال: «ذلك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه (4)»، فهذا لا يدل على الاحتفال بالموالد، كما يظن بعض الناس، وإنما يدل على فضل يوم الاثنين، وأنه يوم شريف، لأنه أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه ولأنه ولد فيه عليه الصلاة والسلام، ولأنه يوم تعرض فيه الأعمال على الله عز وجل، فإذا صامه الإنسان، لما فيه من المزايا، فهذا حسن، أما أن يزيد شيئا غير ذلك، فهذا عمل ما شرعه الله، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ولدت فيه "؛ لبيان فضل صومه، ولما سئل   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (4) مسلم الصيام (1162). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 في حديث آخر عن صوم يوم الاثنين والخميس، أعرض عن الولادة، وقال في يوم الاثنين والخميس: «إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم (1)»، وسكت عما يتعلق بالمولد، فعلم بذلك أن كونه يوم المولد، جزء من أسباب استحباب صومه، مع كونه تعرض فيه الأعمال على الله، وكونه أنزل عليه الوحي فيه، فهذا لا يدل على الاحتفال بالموالد، ولكن يدل على فضل صيام يوم الاثنين، وأنه يصام لهذه الأمور، كونه ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكونه أنزل عليه الوحي فيه، ولأنه تعرض فيه الأعمال على الله عز وجل، ولو كان الاحتفال بالموالد، أو بمولده عليه الصلاة والسلام، أمرا مشروعا أو مرغوبا فيه لما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ عن الله، وهو أنصح الناس، ولا يمكن الظن به أنه يسكت، عن أمر ينفع الأمة، وينفعه عليه الصلاة والسلام، وهو في طاعة الله عز وجل، وهو أنصح الناس، وهو ليس بغاش الأمة، وليس بخائن ولا كاتم، لقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وكل شيء لم يكن في وقته مشروعا، فلا يكون بعد وقته مشروعا، فالتشريع من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أوحى الله إليه جل وعلا، وصحابته المبلغون عنه، ويحملون عنه ما بلغه الأمة، فهو لم يبلغ الناس أن الاحتفال بمولده مطلوب، لا فعلا ولا قولا، وصحابته ما فعلوا ذلك، ولا أرشدوا إليه،   (1) أخرجه أحمد في المسند، مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أسامة بن زيد، برقم 21246. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 لا بأفعالهم ولا بأقوالهم وهم أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الناس بالسنة، وهم أفقه الناس، وهم أحرص الناس على كل خير، فلم يفعلوه ثم التابعون لهم كذلك، ثم أتباع التابعين، حتى مضت القرون المفضلة، فكيف يجوز لنا أن نحدث شيئا ما فعله هؤلاء الأخيار، وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أرشد إليه ولا فعله صحابته رضي الله عنهم، ولا أتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، وإنما أحدثه بعض الشيعة، بعض الرافضة، أحدثه أول من أحدثه شيعة بني عبيد القداح، شيعة الفاطميين، الذين قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن ظاهرهم الرفض، وباطنهم الكفر المحض، هم الفاطميون الذين ملكوا المغرب ومصر والشام، على رأس المائة الثالثة، وبعدها إلى القرن الخامس، وأول السادس فالمقصود أن هؤلاء هم الذين أحدثوا الأعياد، بالاحتفال بالموالد كما ذكر جماعة من المؤرخين، أحدثوا ذلك في المائة الرابعة ثم جاء بعدهم من أحدث هذه الأشياء، أحدثوها لمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وللحسن والحسين وفاطمة وحاكمهم، فالمقصود أنهم هم أول من أحدث هذه الموالد، فكيف يتأسى بهم المؤمن في بدعة أحدثها الشيعة، هذا من البلاء العظيم، ثم أمر آخر وهو أنه قد يقع في هذه الاحتفالات، في بعض الأحيان في بعض البلدان، شرور كثيرة، قد يقع فيها من الشرك بالله، والغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، ودعائه من دون الله، والاستغاثة به ومدحه بما لا يليق إلا بالله، كما في البردة، فإن صاحب البردة قال فيها: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم فأي شيء أبقاه لله عز وجل بهذا الغلو العظيم؟! وكثير من الناس يأتون بهذه القصيدة في احتفالاتهم وفي اجتماعاتهم، وهي قصيدة خطيرة فيها هذا الشرك العظيم، المقصود أن كثيرا من الاحتفالات في بعض البلدان، يقع فيها الشرك الأكبر، بسبب الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، والغلو في مدحه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله (1)»، ويقع فيها في بعض الأحيان أيضا منكرات أخرى، من شرب الخمور ومن الفواحش والزنى، واختلاط الرجال بالنساء، هذا يقع في بعض الأحيان، وقد أخبرنا بهذا من لا نتهم، وإن كانت بعض الاحتفالات سليمة من هذا، والحاصل أنه بدعة مطلقا، حتى ولو كان على أحسن حالة، لو كان ما فيه إلا مجرد قراءة السيرة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهو بدعة بهذه الطريقة، أن يحتفل به في أيام مولده، ربيع الأول على طريقة خاصة، كل سنة أو في يوم يتكرر، يعتاد باسم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، هذا يكون بدعة لأنه ليس في ديننا هذا الشيء، وأعيادنا   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله: (واذكر في الكتاب مريم) برقم 3445. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 عيدان: عيد النحر وعيد الفطر وأيام النحر ويوم عرفة، هذه أعياد المسلمين، فليس لنا أن نحدث فيها شيئا ما شرعه الله عز وجل، وإذا أراد الناس دراسة السيرة فيدرسوها بغير هذه الطريقة، يدرسونها في المساجد، وفي المدارس، سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مطلوبة، تجب دراستها والتفقه فيها في المدارس وفي المعاهد، وفي الكليات، وفي البيوت، وفي كل مكان، لكن بغير هذه الطريقة، وبغير طريقة الاحتفال بالمولد، هذا شيء وهذا شيء فيجب على أهل العلم التنبه لهذا الأمر، وعلى طالب العلم أن يتنبه لهذا الأمر، وعلى محب الخير التنبه لهذا الأمر ففي السنة خير وسلامة، والبدعة كلها شر وبلاء. رزق الله الجميع العافية والهدى، ولا حول ولا قوة إلا بالله. س: ما قولكم فيمن يقول إن إقامة الموالد، وقراءة القرآن على الأموات وإهداء ثوابه إليهم جائز؟ (1) ج: الصواب أنه بدعة، ما فعله الرسول ولا أصحابه، ولا أمر به ولا دعا إليه ولا أقره عليه الصلاة والسلام، ولا فعله السلف الصالح والقرون المفضلة، فهو بدعة من وسائل الشرك، فالاحتفال بالموالد بدعة منكرة، ولا فرق بين مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وهو من وسائل الشرك، لأن الناس إذا احتفلوا بالمولد يدعون صاحب المولد،   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 227. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 يستغيثون به، كما يفعل الجهال في النبي عليه الصلاة والسلام وبعضهم يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من قبره ويحضرهم، هذا من المنكر؛ لأن النبي لا يخرج من قبره إلى يوم القيامة، لكن روحه في الجنة في أعلى عليين عليه الصلاة والسلام، ترد إلى جسده إذا شاء الله ذلك، عند السلام عليه، عليه الصلاة والسلام كما في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يصلي علي إلا رد الله علي روحي، حتى أرد عليه السلام (1)»، المقصود أن الاحتفال بالموالد، سواء كان للأنبياء أو بعض الصالحين أو غيرهم، أو للملوك كله بدعة، لا يجوز الاحتفال بالموالد، لأنه محدث، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» يعني هو مردود، «وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة: " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (4)»، وهي أحاديث صحيحة، بعضها في مسلم وبعضها في الصحيحين، وبعضها في السنن فالواجب على علماء الإسلام إنذار الناس وتعليمهم، والواجب على العامة سؤال أهل العلم عما أشكل عليهم، والتفقه في الدين، وسؤالهم يكون لأهل العلم، من أهل السنة، ليسوا علماء البدعة وأهل الخرافة، يكون لعلماء السنة الذين يعرفون   (1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم 2041. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحكمون القرآن والسنة ويعملون بهما، أما علماء السوء وعلماء البدع، فليسوا محل السؤال، وليسوا أهلا للسؤال، إنما السؤال يكون لأهل العلم الذين يحكمون كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويعملون بهما يتأسون بالسلف الصالح باتباع السنة والحذر من البدعة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 18 - حكم توزيع الأطعمة في الموالد س: تسأل الأخت وتقول: في يوم مولد النبي الشريف، يتم في بعض مناطق قطرنا توزيع الطعام والحلوى على الناس؛ إحياء لهذا اليوم العزيز، ويقولون: إن توزيع الطعام والحلوى وبالأخص الحلوى لها أجر كبير عند الله عز وجل، هل هذا صحيح؟ (1) ج: الاحتفال بالمولد هذا مما اتخذه الناس وليس مشروعا، ولم يكن معروفا عند السلف الصالح، لا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد التابعين، ولا في عهد أتباع التابعين، ولا في القرون المفضلة، ولم يكن معروفا في هذه العصور العظيمة، وهي القرون الثلاثة المفضلة، وإنما أحدثه الناس بعد ذلك، وذكر المؤرخون أن أول من أحدثه، هم   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 108. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 الفاطميون الشيعة حكام مصر والمغرب، وهم أول من أحدث هذه الاحتفالات، الاحتفال بالمولد النبوي، وبمولد الحسين ومولد فاطمة، وحكامهم جعلوا هناك احتفالات بعدة موالد، منها مولد النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشهور أنهم أول من أحدثه في المائة الرابعة من الهجرة، ثم حدث بعد ذلك من الناس الآخرين تأسيا بغيرهم، والسنة في ذلك عدم فعل هذا المولد، لأنه من البدع المحدثة في الدين، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» والاحتفال قربة وطاعة، فلا يجوز إحداث قربة وطاعة إلا بدليل، وما يفعله الناس اليوم ليس بحجة، ما يفعله الناس في كثير من الأمصار في اليوم الثاني عشر، من ربيع الأول، من الاحتفال بالموالد، مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وتوزيع الطعام أو الحلوى، أو قراءة السيرة في ذلك اليوم وإقامة الموائد، كل هذا ليس له أصل فيما علمنا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، ولا عن السلف الصالح في القرون المفضلة، وهذا هو الذي علمناه من كلام أهل العلم، وقد نبه على ذلك أبو العباس ابن تيمية رحمه الله شيخ الإسلام، ونبه على ذلك الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام بالسنة)، ونبه على ذلك آخرون من   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 أهل العلم، وبينوا أن هذا الاحتفال أمر لا أساس له، وليس من الأمور الشرعية، بل هو مما ابتدعه الناس، فالذي ننصح به إخواننا المسلمين، هو ترك هذه البدعة وعدم التشاغل بها، وإنما حب النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباعه وطاعة أوامره، وترك نواهيه، كما قال الله سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، فليس العلامة على حبه أن نحدث البدع، التي ما أنزل الله بها من سلطان، من الاحتفال بالمولد أو الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو الدعاء والاستغاثة به، أو الطواف بقبره أو ما أشبه ذلك، كل هذا مما لا يجوز وليس من حبه صلى الله عليه وسلم، بل هو من مخالفة أمره عليه الصلاة والسلام، فحبه يقتضي اتباعه وطاعة أوامره، وترك نواهيه والوقوف عند الحدود، التي حدها عليه الصلاة والسلام، هكذا يكون المؤمن، كما قال الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (2)، وقال عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (3)، وقال جل وعلا: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (4) ولو كان الاحتفال بالمولد أمرا مشروعا، لم يكتمه النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ما كتم شيئا، فقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام،   (1) سورة آل عمران الآية 31 (2) سورة آل عمران الآية 31 (3) سورة الحشر الآية 7 (4) سورة النور الآية 54 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 فلم يحتفل بمولده ولم يأمر أصحابه بذلك، ولم يفعله الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، ولا بقية الصحابة رضي الله عنهم، ولا التابعون وأتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، فكيف يخفى عليهم ويعلمه من بعدهم هذا مستحيل، فعلم بذلك أن إحداثه من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومن قال: إنه بدعة حسنة فهذا غلط لا يجوز، لأنه ليس في الإسلام بدع حسنة. الرسول عليه السلام قال: «كل بدعة ضلالة (1)» وكان يخطب بالناس يوم الجمعة، ويقول: «إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (2)»، فلا يجوز للمسلم أن يقول في بدعة: إنها حسنة، يعني يناقض النبي صلى الله عليه وسلم ويعاكسه، هذا لا يجوز للمسلم بل يجب عليه أن يتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحذر مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم ومخالفة شريعته في هذا وغيره، فلما قال صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة (3)». فهذه الجملة جملة عامة وصيغة عامة، تعم الموالد وغير الموالد من البدع، وهكذا ما أحدثه بعض الناس من الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، ليلة سبع وعشرين من رجب، أو ليلة النصف من شعبان، هذه أيضا من البدع، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعلها ولا فعلها أصحابه، فتكون بدعة وهكذا جميع ما أحدثه الناس من البدع في الدين، كلها داخلة في هذا المعنى، فليس لأحد من المسلمين أن يحدث شيئا من العبادات، بغير   (1) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (3) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 ما شرعه الله بل يجب على أهل الإسلام الاتباع، والتقيد بالشرع أينما كانوا والحذر من البدعة، ولو أحدثها من أحدثها من العظماء والكبار، فالرسول صلى الله عليه وسلم فوقهم، فوق جميع العظماء هو سيد ولد آدم، وهو الذي أوجب الله علينا طاعته، واتباع شريعته، فليس لأحد أن يقدم على هديه هدي أحد من الناس، ولا طاعة أحد من الناس، ثم الله فوق الجميع سبحانه وتعالى، هو واجب الطاعة وهو إله الحق سبحانه وتعالى، هو الذي بعث الرسول يعلم الناس ويرشد الناس، والرسول هو المبلغ عن الله عز وجل، فلو كان الاحتفال بهذه الأمور مما أمره الله به لم يكتمه بل يبلغه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين، وهكذا أصحابه، لو كان بلغهم وأعلمهم لبلغوا أيضا، فلما لم يأتنا هذا عنه، علمنا يقينا أنه من البدع التي أحدثها الناس، وأن الواجب على أهل الإسلام ألا يوافقوا على البدع، بل عليهم أن يسيروا على النهج الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار عليه أصحابه الكرام رضي الله عنهم، ثم أتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 س: يقول السائل: س. ف. ك. من ليبيا: عندنا عادة في بلادنا وهي في اليوم الثاني عشر، من ربيع الأول نعمل وجبة إفطار منذ الصباح الباكر ونقوم بتوزيعها على الجيران، ونحن نهنئ الجيران والأقرباء بعضهم بعضا، بحجة الفرح بالمولد النبوي، فهل لنا أن نستمر في عمل هذه الأطعمة، والأكل منها ونعمل تلك الاحتفالات؟ (1) ج: هذا العمل ليس مشروعا بل هو بدعة، ولو فعله كثير من الناس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يفعلوا ذلك، فلم يحتفل صلى الله عليه وسلم بمولده في حياته، ولم يأمر بذلك وهو أنصح الناس، عليه الصلاة والسلام وأعلم الناس، وأحرص الناس على الخير عليه الصلاة والسلام، فلو كان هذا العمل مشروعا وحسنا، لفعله صلى الله عليه وسلم، أو أرشد إليه، وهكذا الخلفاء الراشدون، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء، لم يفعلوه ولم يأمروا به، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوه ولم يأمروا به، وهكذا سلف الأمة في القرون المفضلة، لم يفعلوه وهم خير الناس بعد الأنبياء، كما قال عليه الصلاة والسلام: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم (2)»   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 273. (2) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور، برقم 2652، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة رضي الله عنهم، برقم 2533. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 فالواجب عليكم ترك هذه البدعة، والحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، في أقواله وأعماله، هذا هو الواجب على المسلمين، أن يتبعوه وأن ينقادوا لشرعه، ويعظموا أمره ونهيه، ويسيروا على سنته ونهجه، عليه الصلاة والسلام، أما البدع فلا خير فيها، فهي شر، يقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» أي فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» متفق على صحته. وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم، يقول في الخطبة خطبة الجمعة: " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)»، هذا العمل الذي فعلته من إهداء الطعام، والاحتفال وغير ذلك، في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، بالطعام أو بالصلوات، أو بالتزاور كله بدعة لا أصل له، يقول الرب عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (4)، فاتباع النبي هو دليل الحب الصادق، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من رغب عن سنتي فليس مني (5)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (4) سورة آل عمران الآية 31 (5) البخاري النكاح (4776)، مسلم النكاح (1401)، النسائي النكاح (3217)، أحمد (3/ 285). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 فنوصيكم وغيركم من إخواننا المسلمين، بترك هذه البدعة، وهي الاحتفالات بالمولد النبوي، أو بغير المولد النبوي، بالموالد الأخرى كلها غير مشروعة، ولكن نوصيكم باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم دائما، والتفقه في الدين وتعليم الناس السنة، والحرص على طاعة الله ورسوله، في كل شيء هذا هو الواجب، على جميع المكلفين أن يخلصوا لله العبادة، وأن يعظموه وأن ينقادوا لشرعه، وأن يسيروا على نهج نبيه، صلى الله عليه وسلم في القول والعمل، في جميع الأحوال، قال تعالى في كتابه العظيم: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1)، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله. (2)» فالواجب طاعته واتباع هديه، عليه الصلاة والسلام، والحذر مما خالف هديه، عليه الصلاة والسلام في كل شيء.   (1) سورة الحشر الآية 7 (2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به، برقم 2957، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء، برقم 1835. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 19 - حكم إلقاء القصائد التي فيها غلو وإطراء في حفلات الموالد س: المولد في المساجد ليلة كل جمعة ما حكمه؟ ويوجد كتاب اسمه المولد الربيعي، جاء فيه قصائد عدة، تمدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكثر فيه الصلاة على النبي والمدح، وسيرته من قبل مولده إلى وفاته، نرجو توضيح ذلك مع الدليل؟ (1) ج: أما الاحتفال بالموالد فهذا لا أصل له، وليس عليه دليل ولم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته ولا فعله خلفاؤه الراشدون رضي الله عنهم، وهم أعلم الناس به وأحب الناس له عليه الصلاة والسلام، وهكذا بقية الصحابة لم يفعلوه، ولا التابعون في جميع القرون المفضلة، فدل ذلك على أنه بدعة، ولكن دراسة السيرة النبوية، كون العالم يدرس السيرة بين الناس في أي وقت في الليل أو النهار، في الأسبوع مرة أو مرتين أو أكثر أو أقل، هذا كله طيب درس السيرة وبيان سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه في أسفاره وإقامته، وبيان أخلاقه وأعماله عليه الصلاة والسلام، هذا حق حتى يتأسى به الناس، أما العناية بالقصائد التي فيها غلو وإطراء، وجعل وقت معين لهذا المولد، في ربيع الأول في الثاني عشر أو في غيره، بقصد دراسة هذا المولد من حين ولد عليه الصلاة والسلام، ويؤتى في ذلك بالقصائد الشركية،   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 11. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 كالبردة وغيرها، فهذا منكر لا أصل له، وإنما المشروع أن يؤتى بالدروس الشرعية، التي يقرؤها الناس في البيوت، أو في المساجد، كسائر الدروس، لبيان سيرته صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه، كيف ولد وكيف عاش ثم بعد بعثته وهو المهم، أعماله بعد البعثة كيف أعماله، كيف سيرته حتى يتأسى به المؤمنون وحتى يستفيدوا، أما ما اعتاده الناس من إيجاد المولد، يحتفل به في ربيع الأول، وتذبح فيه الذبائح وتقام فيه الولائم، ويؤتى فيه بالقصائد التي فيها الإطراء والغلو، ويقوم الناس في وقت معين، يقولون: إنه حضر عليه الصلاة والسلام، ويقومون له، هذا كله لا أصل له، كله من البدع المنكرة ومن وسائل الشرك، لأنهم يقع عندهم في بعض الأحيان غلو كثير، وإطراء ويستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويسألونه المدد والنصر، إلى غير ذلك، وربما وقع في ذلك أحاديث موضوعة مكذوبة، لا أساس لها، وفي بعض البلدان يقع اختلاط بين الرجال والنساء، ويقع أشياء منكرة في الاجتماع والاحتفال، في بعض البلدان، فيجب الحذر من ذلك، ولا يجوز إقامة هذه الموالد، وهذه الاحتفالات لأنها خلاف ما شرعه الله عز وجل، ولأنها لو كانت خيرا، لسبقنا إليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والتابعون لهم بإحسان، وإنما أحدثها الفاطميون، في القرن الرابع، ثم انتشرت بعدهم، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بالفاطميين، المعروفين بالرفض والتشيع، وأن يكونوا هم أئمته في هذا الشيء، نسأل الله للجميع الهداية، والسلامة من مضلات الفتن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 20 - حكم إلقاء التواشيح والابتهالات الصوفية في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم س: يسأل م. ح. مصري ويقول: هناك ما يسمى بالتواشيح، والابتهالات الشرعية، وهي عبارة عن عبادات مدح للرسول صلى الله عليه وسلم، وشيء من الأدعية يؤديها بعض الأشخاص الذين يملكون صوتا حسنا، هذه التواشيح إذا صحبها شيء من المعازف، ما رأي سماحتكم فيها؟ وما حكم الاستماع إليها؟ (1) ج: هذه التواشيح لا نعرف تفصيلها فإذا كانت قد توقع في الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، ووصفه بما لا يجوز وصفه به حرمت، أو كانت بألفاظ مبتدعة حرمت، وإنما السنة عند الدعاء، أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويكفي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: لما سمع رجلا يدعو ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحمد الله، قال: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه، والثناء عليه ثم ليصل على النبي، ثم يدعو (2)»، هذه خير من التواشيح، التواشيح لا حاجة إليها، قد يكون فيها شر، قد يكون فيها بدعة، النبي علمنا كيف الصلاة، قال: «قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 401. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، مسند فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه، برقم 23419. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1)» فالمؤمن إذا أراد الدعاء يدعو بحمد الله، اللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد على كل حال، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة المشروعة ثم يدعو، ولا حاجة إلى تواشيح ما أنزل الله بها من سلطان كأشعار أو كلمات قد يكون فيها غلو، لا، بل يحمد الله، ويثني عليه ثم يصلي على النبي الصلاة الشرعية، ثم يدعو بما أحب من خيري الدنيا والآخرة. س: نعلم أن في بعض الدول تقام حفلة بمناسبة مولد من الموالد، كمولد النبي أو كمولد علي كرم الله وجهه، ويقوم موظفو وزارة العدل بإحياء هذه الذكرى، هل إحياؤها يعتبر من البدع، وإذا كانت بدعا فكيف لهؤلاء أن يصدوا عنها وفقكم الله؟ (2) ج: الاحتفال بالموالد ليس بمشروع، بل هو من البدع ولم يثبت   (1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: " إن الله وملائكته يصلون على النبي. . . " برقم 4797، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 406. (2) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 33. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه أنهم احتفلوا بالمولد، وهكذا القرون المفضلة، الأول والثاني والثالث، لم يوجد في هذه القرون المفضلة من يحتفل بالمولد النبوي، فهو من البدع التي أحدثها الناس، وقال بعض أهل العلم: إن أول من أحدثها حكام المغرب ومصر، وهم بنو القداح المسمون الفاطميين وهم من الشيعة، قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية: إن ظاهرهم الرفض وإن باطنهم الكفر المحض. قال بعض الناس: إنهم أحدثوا الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد علي رضي الله عنه والحسين وفاطمة. وهؤلاء ليسوا قدوة، فلا يقتدى بهم، ثم أحدث بعد ذلك عند ملك أربل، وهذا كله لا يجعل هذا الشيء سنة، بل هو حدث وبدعة، ولو فعله هؤلاء وليس هؤلاء بقدوة، إنما القدوة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وصحابته رضي الله عنهم وأرضاهم فهذا لم يقع منهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يجب أن تعظم سنته وأن يتأسى به المسلم دائما في جميع الأيام والليالي، لا في ربيع أول فقط، الواجب أن يعتنى بسنته وتدرس في كل زمان، وأن يتعلمها المسلمون وأن يدرسوا أوامره ونواهيه، وما كان عليه، حتى يعملوا بذلك، أما أن يحتفل بالمولد في ربيع الأول، في الثاني عشر منه أو قبل ذلك أو بعد ذلك، بالطريقة المعروفة، بجمع الناس وإقامة الولائم، وقراءة المولد، هذا بدعة لا أصل له، ولذا يجب تركه، أما تدريس سنته ومولده، بالدرس المعروف في المساجد والمدارس، هذا طيب وسنة، مطلوب حتى يعرف الناس مولده، وما جاء فيه، وسنته وسيرته عليه الصلاة والسلام، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 هذا هو الذي قرره المحققون من أهل العلم، ونبه عليه أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم، ونبه عليه أيضا الإمام الشاطبي رحمه الله، في كتابه الاعتصام ونبه عليه آخرون، ثم هذا المولد، وهذا الاحتفال يقع فيه بعض الأحيان من بعض الناس أمور شركية وأمور منكرة علاوة على أنه بدعة يقع فيه منكرات وغلو بعض الأحيان وربما وقع فيه شركيات ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، واستغاثة به كما في البردة التي ينشدها كثير من الناس في المولد، قصيدة فيها أنواع من الشرك، هذا كله من آفات هذا المولد ومن آفات هذه البدعة، فينبغي للمسلمين تركها والواجب عليهم عدم حضور هذا الاحتفال، وهكذا بقية الموالد: مولد علي رضي الله عنه والحسين وفاطمة أو غيرهم أو مولد البدوي أو عبد القادر الجيلاني أو غيرهم، كل هذه الموالد لا يجوز إحداثها ولا الاحتفال بها وهكذا غيرها من الموالد، كالذي يحتفل بمولد أمه أو أبيه تأسيا بالنصارى وغيرهم، كلها بدعة لا وجه لها، لا يجوز، وفيه تشبه أيضا بالنصارى وغيرهم والله المستعان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 21 - الصحابة أكثر الناس حبا واتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحتفلوا بمولده س: أسأل عن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نحن عندنا عندما يموت شخص، وبعد ثلاثة أيام يقوم أهل الميت، يعملون مولدا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو بعد شهر يعملون أو بعد سنة، يذبحون بقرة أو يشترون لحما ويعملون أكلا ويوزعونه على القرية، وبعد ذلك يعملون مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هل هذا جائز أو سنة، أو الصحابة فعلوا ذلك أو أحد من السلف نرجو توضيح ذلك جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين، ولا فرق بين مولد النبي عليه الصلاة والسلام وغيره، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، وهو المعلم والناصح، لم يحتفل بالمولد عليه الصلاة والسلام، وهكذا خلفاؤه الراشدون، لم يحتفلوا بالمولد، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم، وهم أعلم الناس، وأكثر حبا منا للنبي صلى الله عليه وسلم، وأعلم بالسنة ومع هذا لم يحتفلوا بالمولد، فدل ذلك على أنه بدعة، والبدع كلها ضلالة كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة (2)» وقد مضت القرون المفضلة الثلاثة ولم يحتفل بالمولد ولا فعله من السلف الصالح فيما نعلم بذلك   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 31. (2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 فهو بدعة وأن هذا مما أحدثه الناس من بعد القرون المفضلة، يقال: إن أول من أحدثه حكام مصر، من العبيديين وهم من الشيعة مما ذكره جماعة من المؤرخين، أحدثوه في المائة الرابعة، ويقال إنهم أول من أحدثه وعلى كل حال فهو محدث بدعة لا أصل له، وقد زعم بعض الناس في بعض القرون الماضية وفي عصرنا هذا زعموا أنه سنة. وأنه لا بأس به وأنه من البدع الحسنة، وهذا قول فاسد لا وجه له، بل هو فاسد وفي الحقيقة فيه اعتراض على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وهم أعلم الناس، وأفضل الناس، ولم يفعلوا هذه البدعة، فالواجب ترك ذلك، وفي الإمكان أن تدرس السيرة في الحلقات العلمية، وفي الدروس اليومية والأسبوعية، فيتعلم الناس السنة، سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه من أعمال وأقوال، كما يتعلمون أحكام الشريعة التي جاء بها عليه الصلاة والسلام هذا هو المطلوب في الدروس المدرسية، في الحلقات العلمية في المساجد، في الوعظ والتذكير يتعلم فيها السنة والسيرة وإنكار المولد وما يحدث في المولد، كل هذا ممكن وهو شاف كاف، أما إيجاد موالد يحتفل بها ويقام بها موائد الطعام فهذا لا أصل له، وهو من البدع المحدثة، وكل بدعة ضلالة، ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بفعل الناس فإن فعل الناس ليس بحجة وأكثر الناس ليس على بصيرة في أمور الدين قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (1)، فالعمدة: الحجة والدليل، وقد قال عليه الصلاة   (1) سورة يوسف الآية 103 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» والدراسة لحال النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته، ومولده وفي هجرته كل هذا يفعله العلماء في المدارس وفي الحلقات العلمية وفي التذكير والمواعظ، من غير حاجة إلى إقامة الموالد التي ابتدعها المبتدعون، ويقع فيها بعض الأحيان شيء من الشرك والغلو ما لا يعلمه إلا الله يقع فيها أنواع من الشرك، ويقع فيها أنواع من الشرور، بعض الأحيان فيجب قفل هذا الباب، وسد هذا الباب، ويكتفى بالدروس الإسلامية في المساجد، وفي حلقات العلم، في التذكير والوعظ في جميع شئون الدين، وفي كل ما يتعلق بالسنة وأحكامها، هذا هو الحق، وما فعله بعض الناس اليوم، وقبل اليوم من احتفالات بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بمولد البدوي أو الشيخ عبد القادر أو فلان أو فلان كله بدعة كله لا أصل له، والواجب تركه عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)»، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «كل بدعة ضلالة (4)».   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (4) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 س: ما حكم المولد النبوي؟ وما حكم الذي يحضره؟ وهل يعذب فاعله إذا مات وهو على هذه الصورة؟ (1) ج: المولد لم يرد في الشرع ما يدل على الاحتفال به، لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، فالذي نعلم من الشرع المطهر وقرره المحققون من أهل العلم، أن الاحتفال بالموالد بدعة، لا شك في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أنصح الناس، وأعلمهم لشرع الله، وهو المبلغ عن الله لم يحتفل بالمولد مولده صلى الله عليه وسلم، ولا مولد غيره، ولا احتفل أصحابه بذلك لا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم، فلو كان حقا وخيرا وسنة لما تركوه، ولما تركه النبي صلى الله عليه وسلم، ولعلمه أمته وفعله بنفسه، ولفعله أصحابه وخلفاؤه رضي الله عنهم، فلما تركوا ذلك، علمنا يقينا أنه ليس من الشرع، وهكذا في القرون المفضلة، لم يفعل ذلك، فاتضح بذلك أنه بدعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)»، وفي أحاديث أخرى تدل على ذلك. وبهذا يعلم أن هذه الاحتفالات بالمولد النبوي، في شهر ربيع الأول أو في غيره، وهكذا الاحتفالات بالموالد الأخرى: كالبدوي، والحسين وغير ذلك، كلها من البدع المنكرة، التي يجب على أهل   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 8. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 الإسلام تركها، وقد عوضهم الله، بعيدين عظيمين: عيد الفطر وعيد الأضحى، ففيهما الكفاية عن إحداث أعياد، واحتفالات منكرة مبتدعة، وليس حب النبي صلى الله عليه وسلم يكون بالموالد، وإقامتها، وإنما حبه صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباعه، والامتثال بشريعته، والذب عنها والدعوة إليها، والاستقامة عليها، هذا هو الحب يقول سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، فحب الله ورسوله، ليس بالموالد ولا بالبدع، ولكن حب الله ورسوله يكون بطاعة الله، ورسوله والاستقامة على شريعة الله، والجهاد في سبيل الله بالدعوة إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيمها والذب عنها والإنكار على من خالفها، هكذا يكون حب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكون بالتأسي به في أقواله وأعماله، والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، والدعوة إلى ذلك، هذا هو الحب الصادق الذي يدل عليه العمل الشرعي، والعمل الموافق لشرعه سبحانه، وأما كونه يعذب أو لا يعذب، هذا شيء آخر، هذا إلى الله جل وعلا، فالبدع والمعاصي من أسباب العذاب، لكن قد يعذب الإنسان بفعل معصيته، وقد يعفو الله عنه، إما لجهله، وإما لأنه قلد من فعل ذلك، ظنا منه أنه مصيب، أو لأعمال صالحة قدمها، صارت من أسباب العفو من الله، أو لشفاعة الشفعاء، من الأنبياء والمؤمنين أو الأفراط، فالحاصل أن المعاصي والبدع من أسباب العذاب، وصاحبها تحت مشيئة الله جل وعلا، إذا لم تكن بدعته مكفرة، أما إذا كانت   (1) سورة آل عمران الآية 31 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 البدعة مكفرة، مثل الشرك الأكبر، فصاحبها مخلد في النار، نعوذ بالله، لكن إذا كانت البدعة ليس فيها شرك أكبر، وإنما هي فروع فيها خلاف الشريعة، من صلوات مبتدعة، أو احتفالات مبتدعة، ليس فيها شرك، فهذا تحت مشيئة الله كالمعاصي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 22 - بيان أن حفلات أعياد المواليد من البدع س: ما حكم حفلات أعياد الميلاد وما توجيهكم فيها؟ (1) ج: حفلات أعياد الميلاد من البدع التي بينها أهل العلم، وهي داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)»، متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)»، خرجه الإمام مسلم في صحيحه، «وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة: " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (4)»، خرجه مسلم في صحيحه، زاد النسائي بإسناد صحيح: «وكل ضلالة في النار (5)»، فالواجب على المسلمين ذكورا كانوا أو إناثا، الحذر من البدع كلها، والإسلام   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 149. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (4) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (5) النسائي صلاة العيدين (1578). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 بحمد الله فيه الكفاية، وهو كامل، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (1)، فقد أكمل الله لنا الدين بما شرع من الأوامر والعبادات، وما نهى عنه من النواهي، فليس الناس في حاجة إلى بدعة يبتدعها أحد، لا احتفال بالميلاد، ولا غيره، فالاحتفالات بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، أو بميلاد الصديق أو عمر أو عثمان، أو علي، أو الحسن، أو الحسين، أو فاطمة، أو البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو فلان أو فلان كل ذلك لا أصل له، كله منكر كله منهي عنه، وكله داخل في قوله عليه الصلاة والسلام: «وكل بدعة ضلالة (2)»؛ فلا يجوز للمسلمين تعاطي هذه البدع، ولو فعلها من فعلها من الناس، فليس فعل الناس تشريعا للمسلمين، وليس فعل الناس قدوة، إلا إذا وافق الشرع، فأفعال الناس وعوائدهم، كلها تعرض على الميزان الشرعي: كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما وافقهما قبل وما خالفهما ترك، كما قال سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (3) وفق الله الجميع، وهدى الجميع صراطه المستقيم.   (1) سورة المائدة الآية 3 (2) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (3) سورة النساء الآية 59 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 23 - الواجب عند النزاع وإحداث البدع الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله س: هل من ذنب عليك إذا استمعت للمولد ملزما، أو مجبرا احتراما لأبيك، وإذا كان لا فماذا أعمل؟ أفيدوني أفادكم الله؟ (1) ج: الاحتفال بالموالد من البدع، التي أحدثها الناس في القرن الرابع الهجري، فلا ينبغي لأحد أن يتأسى بمن أحدث البدع، وهكذا ما ذكر عن ملك إربل أنه أحدث ذلك، كل هذا لا يليق بأهل العلم أن يتأسوا بمن أحدث البدع، ولو كان معروفا ولو كان كبيرا كبعض الملوك والأمراء، أو بعض من يغلط من أهل العلم، فإن القاعدة التي يجب الالتزام بها ويجب السير عليها، أن ما تنازع فيه الناس، وما أحدثه الناس، يعرض على كتاب الله وعلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما وافقهما قبل وما خالفهما رد، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (2)، قال العلماء رحمهم الله: الرد إلى الله هو الرد إلى القرآن العظيم، والرد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، هو   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 3. (2) سورة النساء الآية 59 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، وفي آية أخرى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (1). فالواجب على أهل الإيمان عند النزاع وعند الاختلاف، وعند إحداث البدع أن يرد ما تنازع فيه الناس، وما اختلفوا فيه إلى كتاب ربهم، وسنة نبيهم فما شهدا له بالقبول قبل، وما لا فإنه يرد، وقد نظرنا وسبرنا ما وقع فيه الناس من هذه الموالد، ودرسنا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه، فلم نجده صلى الله عليه وسلم احتفل بمولده، لا في المدينة ولا في مكة، لا قبل الهجرة ولا بعد الهجرة، لا قبل الفتح ولا بعد الفتح، ولا شك أن الموالد التي أحدثها الناس يقع فيها منكرات متنوعة، منها ما تقدم من الاستغاثة بصاحب المولد، وطلبه المدد سواء كان النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره، ومنها ما قد يقع من التوسل به أو بجاهه وحقه وهذا بدعة، ومنها ما يقع من بعضهم أنهم يقومون له، يقولون: حضر النبي صلى الله عليه وسلم، يقومون وهذا منكر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحضرهم ولا يخرج من قبره إلى يوم القيامة، عليه الصلاة والسلام، كما قال الله عز وجل: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (2) {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (3)، ويقول عليه الصلاة والسلام: «أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة (4)».   (1) سورة الشورى الآية 10 (2) سورة المؤمنون الآية 15 (3) سورة المؤمنون الآية 16 (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم 16، والبخاري في كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهود، برقم 2412. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 ، فهو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، أول من يخرج من القبور يوم القيامة، فقولهم إنه يحضر ويقومون له، هذا من المنكر ومن الباطل ومن التلبيس على العامة، والواجب على أهل الإيمان اتباع سنته وتعظيم أمره ونهيه، لا إحداث الموالد. فما الفائدة من الموالد؟ التي فيها البدع والشر. الله يقول سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، ويقول سبحانه وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (2)، ويقول سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (3)، ويقول جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (4). ويقول سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (5) الآية. فالذي يحب الرسول صلى الله عليه وسلم صادقا يتبعه، ويستقيم على طريقته في أداء الأوامر، وترك النواهي والوقوف عند الحدود، والدعوة إلى سبيله وإلى سنته، والذب عنها والتحذير من خلافها، هكذا يكون المؤمن هكذا يكون طالب النجاة، هكذا يكون المعظم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يعظم سنته ويدعو إليها ويستقيم عليها، قولا وعملا وعقيدة، وينهى الناس عن خلافها وعن الخروج عليها، هكذا المؤمن الصادق وهكذا العالم الموفق، يعظم السنة ويدعو   (1) سورة آل عمران الآية 31 (2) سورة الحشر الآية 7 (3) سورة النساء الآية 80 (4) سورة النور الآية 56 (5) سورة الأحزاب الآية 21 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 إليها، ويستقيم عليها ويحافظ عليها، ويمثلها بأخلاقه وأعماله، هكذا الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا الحب لله: توحيده وطاعته وخوفه ورجاؤه، والشوق إليه والمسارعة إلى مراضيه، والحذر من مناهيه والوقوف عند حدوده، هكذا يكون المؤمن الصادق في حبه لله ورسوله، أما إحداث البدع فليست من دلائل الإيمان، ولا من دلائل الصدق، ولكنها من تزيين الشيطان ومن تلبيسه على الناس، حتى يحدثوا ما لم يأذن به الله، ولهذا قال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (1)، والمحب له صلى الله عليه وسلم، يجتهد في اتباع شريعته واتباع طريقه، فيعلم الناس سنته وأخلاقه وأعماله، في المدارس، وفي المساجد، وفي البيوت، وفي السفر، وفي الحضر، وفي الطائرة، وفي السيارة، وفي القطار، وفي كل مكان، هكذا المؤمن الصادق، العالم يعتني بالسنة ويعلمها الناس، ويعمل بها وفي غنية عن إحداث البدع، المسلمون في غنية كاملة عن البدع: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (2). ويقول سبحانه يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} (3) هكذا أمر الله نبيه، ليستقيم على الشريعة التي بينت له وأمر بها، وهكذا أمته عليهم أن يستقيموا على الشريعة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، وعليهم أن يلزموها ولا يزيدوا ولا ينقصوا.   (1) سورة الشورى الآية 21 (2) سورة الشورى الآية 21 (3) سورة الجاثية الآية 19 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 س: من أسئلة هذا المستمع يقول: هل الشيء الحسن بدعة مثل الموالد التي فيها ذكر الله، ومثل إقامة مولد كل سنة لمن مات أبوه، أو قريبه وكذلك الجلوس في المقبرة ثلاثة أيام يذكرون الله فيها إلى روح الميت؟ (1) ج: العبادات تكون بالشرع، وليس بالرأي والاستحسان ما قاله الله ورسوله، وما شرعه الله ورسوله، أما ما أحدثه الناس فهو بدعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)»، والله يقول سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (3)، فالاجتماع للموالد بدعة، لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وهكذا كونه يحدث بدعة لأبيه مولد لأبيه أو لأمه، هذا بدعة لا يجوز، وهكذا الجلوس عند القبور والدعاء والقراءة بدعة لا يجوز، لأنها من وسائل الشرك، فالقاعدة أن العبادة هي ما شرعها الله، توقيفية، أو شرعها رسوله صلى الله عليه وسلم، أما ما أحدث الناس فيقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا - يعني في ديننا - هذا ما ليس منه فهو رد (4)»، ويقول عليه الصلاة والسلام: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (5)»   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم 411. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) سورة الشورى الآية 21 (4) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (5) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 24 - حكم رفع الرايات للأولياء أثناء احتفالات الموالد س: يقوم بعض الناس أثناء الأعياد برفع أعلام ملونة، ويكتبون عليها آيات قرآنية، وأسماء كثيرة منها: القطب والغوث الأعظم، الجبار العالم أحمد الرفاعي، أحمد البدوي، عبد القادر الجيلاني، ويرفع هؤلاء الناس هذه الأعلام، بأعمدة وهم يضربون الدفوف ويمشون في الشوارع، ويضربون أنفسهم بالسيوف، ولكن الأمر الغريب منهم، أن هذه الأعلام تتحرك كما تريد، أي أنها تطير في الهواء، ما حكم الإسلام في ذلك، وما هو مدى الضرر لتشويه الدين الإسلامي؟ (1) ج: كل هذا منكر يجب على ولاة الأمور منعهم من ذلك، وهذا من تلبيس الشيطان، تعينهم الشياطين على هذه الأفعال القبيحة، المنكرة هذه التي يفعلونها، من ضرب الدفوف وتسمية هؤلاء، الذين يزعمون أنهم الأقطاب، وأنهم كبار، وكذلك ما يفعلونه من طعن أنفسهم، بالرماح أو بالسكاكين أو الخناجر أو غير ذلك، كله منكر ولا يجوز لأحد أن يتعاطى هذه الأمور، بل يجب على ولاة الأمور أن يمنعوهم من هذه الأشياء، ويبصروهم بدين الله، ويلزموهم بالحق، والشيخ عبد القادر الجيلاني، وأحمد البدوي، وأحمد الرفاعي وغيرهم   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 146. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 لا يجوز أن يعبدوا من دون الله، ولا يغلى فيهم ولا يدعون من دون الله، ولا يستغاث بهم فهم من جنس غيرهم، عباد مخلوقون مربوبون لله عز وجل، لا يجوز أن يعبدوا من دون الله، ولا يستغاث بهم ولا يذبح لهم، ولا ينذر لهم، ولا يجعل لهم بيارق تكتب فيها أسماؤهم لتعظيمهم، وعبادتهم من دون الله، ودعوة الناس إلى الغلو فيهم، كل هذا من أعمال ضعفاء البصيرة، ضعفاء العقول من الصوفية، التي صارت أعمالها تنادي عليها، بأنهم أشباه المجانين، نسأل الله السلامة. س: السائل محمد حسين يقول في هذا السؤال: فضيلة الشيخ هل الموالد التي تقام للأولياء مثل السيد البدوي أو السيدة زينب أو الإمام الحسين رضي الله عنه أو الأضرحة التي بالقرى، أو الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك تدار الزفة بالمدن والريف والنجوع وتدق الطبول والدفوف والمزامير وعلى جميع الأشكال المخلة بالدين وما تجلبه هذه التجمعات من صبية ورجال واختلاط فما حكم الشرع في نظركم في هذا مأجورين؟ (1) ج: هذه الأشياء بدعة ما أنزل بها من سلطان ولا يجوز الاحتفال بالموالد سواء مولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد البدوي والحسين وغيرها كلها بدع   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 357. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 لا يجوز الاحتفال بها، لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا صحابته رضي الله عنهم فهي من البدع وما يقع فيها من آلات الملاهي والطبول واختلاط الرجال بالنساء ومنكرات أخرى كلها يجب منعها والواجب أن يسعى الناس في عملهم مسعى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فيدعى للميت ويزار من غير احتفال بمولده، تزار القبور يدعى لأهلها بالمغفرة والرحمة، أما أن يوجد احتفال بالسنة أو بغير السنة أو بالشهر أو بالسنتين بمولد هذا كله منكر لا أصل له بل هو من البدع التي أحدثها الناس، ومن أسباب الشرك ومن أسباب الغلو في المحتفل به حتى يدعى من دون الله وحتى يستغاث به وربما تمسح الناس بقبره وطافوا به وهذا شر، ويجر إلى شرور كثيرة نسأل الله العافية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 25 - حكم الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية الشريفة س: ما حكم الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية الشريفة، وجميع المناسبات الإسلامية العظيمة، كالإسراء والمعراج وليلة القدر، وليلة النصف من شعبان، أثابكم الله وحفظكم للإسلام والمسلمين؟ (1) ج: القاعدة الشرعية أن العبادات توقيفية، ليس لأحد أن يحدث   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 109. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 عبادة لم يأذن بها الشرع، والله جل وعلا يقول سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (1)، ويقول سبحانه وتعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} (2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا (يعني الإسلام) ما ليس منه فهو رد (3)» يعني فهو مردود، متفق على صحته. ويقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (4)» يعني مردود، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وعلقه البخاري رحمه الله في الصحيح جازما به، فالاحتفالات يتعبد بها، فلا يجوز منها إلا ما دل عليه الدليل، فالاحتفال بليلة القدر، في الليالي العشر من رمضان، أمر مشروع، شرع الله لنا أن نعظم هذه الليالي، وأن نقيم ليلها بالعبادة والذكر، والطاعة والقراءة ونصوم نهارها، لأنه من رمضان فهذه الليالي العشر، فيها ليلة القدر ومشروع للمسلمين أن يعظموها بالصلاة، والعبادة في المساجد وفي البيوت للنساء أيضا، كل هذا أمر مشروع أما الاحتفال بالمولد النبوي، أو بأي مولد كان كمولد البدوي، ومولد الحسين ومولد علي رضي الله عنهما، إلى غير هذا، فهذه الاحتفالات من البدع التي أحدثها الناس، وليست مشروعة وإن فعلها كثير من الناس في كثير من الأمصار، فإنها لا تكون سنة بفعل الناس، وليس في   (1) سورة الشورى الآية 21 (2) سورة الجاثية الآية 18 (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718. (4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 الإسلام بدعة حسنة، بل كل البدع منكرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة (1)» وكان يخطب يوم الجمعة عليه الصلاة والسلام، ويقول: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (2)»، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، زاد النسائي رحمه الله بإسناد صحيح، «وكل ضلالة في النار (3)» فالبدع كلها ضلالة، وإن سمى بعض الناس بعض البدع بدعة حسنة، فهو قول اجتهادي لا دليل عليه، ولا يجوز أن يعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم، بقول أحد من الناس فالرسول صلى الله عليه وسلم، حكم على البدع بأنها ضلالة، فليس لنا أن نستثني شيئا من هذا الأمر إلا بدليل شرعي، لأن هذه جملة عامة محكمة: «كل بدعة ضلالة (4)» وهكذا الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، وبليلة النصف من شعبان، والاحتفال بالهجرة النبوية، أو بفتح مكة أو بيوم بدر، كل ذلك من البدع، لأن هذه الأمور موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحتفل بها، ولو كانت قربة إلى الله لاحتفل بها عليه الصلاة والسلام، أو أمر بها الصحابة أو فعلها الصحابة بعده، فلما لم يكن شيء من هذا علمنا أنها بدعة وأنها غير مشروعة، وهذه الاحتفالات، لا يبرر فعلها أن فلانا وفلانا فعلها، أو فعلها البلد الفلاني كل ذلك لا يبرر، إنما الحجة ما قاله الله ورسوله، أو أجمع عليه سلف الأمة أو فعلها الخلفاء الراشدون، رضي الله عنهم، وقد   (1) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (3) النسائي صلاة العيدين (1578). (4) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 ثبت أن هذا الاحتفال، إنما حدث في المائة الرابعة في القرن الرابع، أعني الاحتفال بالمولد النبوي، فعله الفاطميون حين ملكوا المغرب ومصر، وبعض البلاد الإسلامية وهم شيعة، ثم تبعهم بعض الناس بعد ذلك، فلا يليق بأهل الإسلام أن يتأسوا بأهل البدع في بدعهم بل يجب على أهل الإسلام وأصحاب السنة أن يحاربوا البدع وأن ينكروها، وألا يوافقوا على فعلها اقتداء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام وبخلفائه الراشدين وبصحابته المرضيين رضي الله عنهم، ثم بالسلف بعدهم في القرون المفضلة، هذا هو الذي نعتقده وندين به شرعا، وننصح إخواننا المسلمين به ونوصيهم به أينما كانوا، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه، والسلامة من أسباب غضبه، والثبات على السنة والحذر من البدعة إنه سميع عليم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 26 - بيان الإسراء والمعراج س: أخيرا يسأل سماحتكم ويقول أرجو إعطاءنا فكرة عن الإسراء والمعراج بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ (1) ج: الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ما مضى عليه عشر سنين في مكة، يدعو الناس إلى توحيد الله وترك الشرك أسري به إلى بيت المقدس ثم عرج   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 315. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 به إلى السماء وجاوز السبع الطباق وارتفع فوق السماء السابعة عليه الصلاة والسلام، مع جبرائيل فأوحى الله إليه ما أوحى، وفرض عليه الصلوات الخمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فرضها الله خمسين فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه التخفيف حتى جعلها خمسا سبحانه فضلا منه سبحانه وتعالى، فنادى مناد إني قد أمضيت فرضيتي وخففت عن عبادي، فنزل بها عليه الصلاة والسلام، في ليلة الإسراء وأنزل الله في هذا قوله سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} (1)، هذه الآية العظيمة بين فيها سبحانه الإسراء، أسرى به من مكة على البراق، وهو دابة فوق الحمار، ودون البغل، خطوه عند منتهى طرفه، كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام، فركبه وجبرائيل حتى وصلا بيت المقدس، وصلى هناك بالأنبياء ثم عرج به إلى السماء واستأذن له جبرائيل عند كل سماء فيؤذن له، فوجد في السماء الدنيا آدم أباه، عليه الصلاة والسلام، فرحب به، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، ثم لما أتى السماء الثانية وجد فيها عيسى ويحيى ابني الخالة فرحبا به، وقالا: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فوجد فيها يوسف عليه الصلاة والسلام فرحب به، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء الرابعة   (1) سورة الإسراء الآية 1 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 فوجد فيها إدريس عليه الصلاة والسلام فرحب به، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فوجد فيها هارون عليه الصلاة والسلام فرحب به، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج إلى السادسة فوجد فيها موسى عليه الصلاة والسلام فرحب به، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء السابعة فوجد فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أباه عليه الصلاة والسلام، وهو من ذرية إبراهيم فرحب به إبراهيم، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، مثل ما قال آدم ثم عرج به إلى مستوى رفيع، فوق السماء السابعة سمع فيها النبي صلى الله عليه وسلم صريف الأقلام التي يكتب بها القضاء والقدر، فكلمه الله عز وجل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 27 - حكم تخصيص شهر رجب ببعض العبادات س: يسأل المستمع ويقول: في شهر رجب تكثر البدع، هل من كلمة من سماحتكم للذين يحدثون بدعا، وعبادات في هذا الشهر؟ (1) ج: شهر رجب ليس له سنن، لكن لا بأس بالعمرة فيه، فقد كان السلف يعتمرون في رجب، وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 428. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 «إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب (1)»، فالعمرة في رجب لا بأس فيها، أما تخصيصه بعبادة أخرى فلا أصل لذلك، ولكن كسائر الشهور، إذا صلى فيه، أو صام منه ثلاثة أيام من كل شهر، أو صام الاثنين والخميس، مثل بقية الشهور، لا يخص منه شيء إلا إذا اعتمر فيه فلا بأس.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 1776، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم 1255. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 28 - حكم الاحتفال بليلة السابع والعشرين من رجب وليلة النصف من شعبان س: بالنسبة لليلة السابع والعشرين من رجب، من كل عام وليلة النصف من شعبان، تعود المسلمون الاحتفال بهما، وعمل الأكلات الدسمة، وما أشبه ذلك فما رأيكم في هذا؟ (1) ج: هاتان بدعتان: الاحتفال بالنصف من شعبان، والاحتفال بليلة السابع والعشرين من رجب، كلتاهما بدعة ليس عليهما دليل، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم، أن ليلة السابع والعشرين من رجب، هي ليلة الإسراء والمعراج، وما جاء فيها من بعض الأحاديث غير صحيح، عند أهل العلم ولو ثبت أنها ليلة المعراج، لم يجز الاحتفال بها، حتى لو ثبتت لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يحتفل بها ولا أصحابه، وهم قدوة، والله سبحانه   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 103. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (1). يعني في الفعل والترك، فما ترك نترك، وإذا فعل فعلنا، عليه الصلاة والسلام، فالاحتفال بليلة النصف من شعبان، أو بليلة سبع وعشرين من رجب، لأنها ليلة الإسراء والمعراج، أو بالمولد النبوي في اثني عشر ربيع الأول، أو بالموالد الأخرى، للبدوي أو للحسين أو لعبد القادر الجيلاني، أو لفلان أو فلان، كله لا يجوز، وكله تشبه باليهود والنصارى، في أعيادهم ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، وقال: «من تشبه بقوم فهو منهم (2)» فلا يليق بالمسلمين أن يتشبهوا بأعداء الله، في هذه الأمور ولا في غيرها، ولو كان الاحتفال بليلة النصف من شعبان أمرا مشروعا، لبادر إليه سيد ولد آدم، وأفضل خلق الله، وخاتم رسل الله عليه الصلاة والسلام، ولشرعه لأمته وعلمهم إياه، لأنه أنصح الناس، وهو الناصح الأمين عليه الصلاة والسلام، ما ترك من خير إلا دل عليه، وما ترك من شر إلا نبه عليه، وحذر منه كما ثبت في الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه، أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم (3)»، ونبينا أكملهم وأفضلهم وخاتمهم،   (1) سورة الممتحنة الآية 6 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 5093. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء، برقم 1844. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 ليس بعده نبي، فهو أولى بهذا الوصف، فما ترك من خير إلا دلنا عليه، وما ترك من شر إلا حذرنا منه، فلو كان الاحتفال بليلة النصف من شعبان أو بالمولد النبوي أو بليلة سبع وعشرين من رجب أمرا مشروعا لبادر إليه عليه الصلاة والسلام، قولا وفعلا ولعلمه أمته عليه الصلاة والسلام، ولو فعل لنقله الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم الأمناء وهم خير الناس بعد الأنبياء وهم الذين نقلوا لنا القرآن، ونقلوا لنا السنة الصحيحة عنه عليه الصلاة والسلام، فهم الأئمة والقدوة بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز أن نخالفهم ونحدث شيئا لم يفعلوه من القربات والطاعات، ثم التابعون لهم بإحسان لم يفعلوا ذلك فلو كان الصحابة فعلوا لفعله التابعون، ثم أتباع التابعين فلما لم يفعلوا ذلك ومرت القرون الثلاثة المفضلة، لم يقع فيها احتفال بمولد، ولا ليلة النصف من شعبان، ولا في ليلة السابع والعشرين من رجب، علم أن ذلك من البدع التي أحدثها الناس، ثم لو أحدث بعض الناس شيئا من البدع في القرن الثاني أو الثالث، لم يكن حجة لأن الحجة فيما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكن هذه البدعة - بدعة المولد - لم تفعل لا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ولا في عهد القرن الأول، ولا في عهد القرن الثاني ولا الثالث، إنما جاءت في القرن الرابع، وهكذا القول في جميع البدع، الواجب تركها والحذر منها، ومن جملتها ما تقدم، بدعة المعراج بدعة السابع والعشرين من رجب، بدعة الاحتفال بها، كذلك بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، كذلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 بدعة يقال لها صلاة الرغائب، يسمونها صلاة الرغائب يفعلها بعض الناس، في أول جمعة من رجب، وهي بدعة أيضا، والبدع كثيرة عند الناس، نسأل الله أن يعافي المسلمين منها، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفقهم للتمسك بالسنة، والاكتفاء بها والحذر من البدعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 29 - حكم إقامة الرجل عيد ميلاد لنفسه س: ما حكم الاحتفال بعيد الميلاد، أي اليوم الذي يولد المرء فيه، وتكراره بالاحتفال كلما مر على هذا اليوم عام؟ (1) ج: الاحتفالات بالموالد بدعة، لا أصل لها، وتشبه باليهود والنصارى، فلا يجوز ذلك لا بميلاد الأنبياء، كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا بغير ذلك، ولا يجوز للإنسان أن يحتفل بمولده ولا بمولد أبيه ولا أمه، كل هذا من البدع المنكرة إذا تعبد بها فهي بدعة، وإذا فعلها استحسانا قد شابه المشركين من اليهود والنصارى في ذلك فهي ممنوعة للتعبد، وممنوعة للتشبه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» أي مردود وليس هذا من عمله عليه الصلاة   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 223. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 والسلام وليس في دينه، هو أنصح الناس عليه الصلاة والسلام، وأكملهم بلاغا فلم يقل للناس احتفلوا بمولدي، ولم يفعله هو صلى الله عليه وسلم، ولا فعله الخلفاء الراشدون، ولا بقية الصحابة، ولا السلف في القرن الأول والثاني والثالث، فهو بدعة منكرة، وهو من أسباب الشرك، لأن بعض من يحتفل بالمولد يدعو النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو المحتفل به، يستغيث به ويطلبه المدد، وهذا شرك أكبر، وربما ظن بعضهم أن النبي يحضر، فيقومون له، ويقولون: حضر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أيضا من الجهل العظيم والباطل الواضح، فلاحتفال بالموالد إن كان على سبيل التعبد فهو بدعة منكرة، وإن كان على سبيل التشبه بأعداء الله اليهود والنصارى فهو أيضا منكر، فهو بين أمرين بين بدعة وتشبه بأعداء الله فلا يجوز مطلقا، لا بمولدك ولا بمولد أبيك ولا بمولد أخيك، ولا بمولد الأنبياء ولا بمولد الصالحين، بل هذا كله من البدع التي أحدثها الناس نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. س: بالنسبة للأشخاص، هناك أيضا من يجعل له عيدا لميلاد هذا الشخص ما حكم ذلك؟ (1) ج: كل هذا منكر عيدا له أو لأمه، أو لبنته أو لولده كل هذا الذي أحدثوه الآن تشبها بالنصارى واليهود، لا أصل له ولا أساس له، عيد   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 8. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 الأم، أو عيد الأب أو عيد العم، أو عيد الإنسان نفسه، أو عيد بنته أو ولده كل هذه منكرات، كلها بدع كلها تشبيه بأعداء الله، لا يجوز شيء منها أبدا بل يجب سد الباب والحذر من هذه المحدثات، ولكن بعض الناس كثرت عليه النعم واجتمعت عنده الأموال، فلا يدري كيف يتصرف فيها، لم يوفق لصرفها في طاعة الله، بتعمير المساجد أو مواساة الفقراء، وصار يلعب في هذه الأعياد وأشباهها، وإذا كان المراد إحياء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فليس بالموالد، يحييها بدروس إسلامية، في المدارس والمساجد والمحاضرات، هذا ليس بدعة، بل مشروع ومأمور به، يدرس السيرة النبوية، ويبين ما جاء في الموالد من أخبار، في الدروس الإسلامية في المدارس، في المعاهد في المساجد في المحاضرات، أما أن يجعل لها وقتا مخصوصا، تقام فيه الاحتفالات في ربيع الأول أو في غيره، والمآكل والمشارب وغير ذلك، هذا لا أصل له، بل هو من البدع المحدثة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 30 - حكم تعليق الصور الفوتوغرافية على الجدران س: ما حكم تعليق الصور الفوتوغرافية على الجدران؟ وهل يجوز تعليق صورة الأخ أو الأب أو ما شاكلهما؟ (1) ج: تعليق الصور ذوات الأرواح على الجدران أمر لا يجوز، سواء كان ذلك في بيت، أو في مجلس أو في مكتب، أو شارع أو غير ذلك، كله منكر وكله من عمل الجاهلية، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون (2)»، وقال: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم أحيوا ما خلقتم (3)»، وبعث عليا رضي الله عنه، قائلا له: «لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته (4)» ونهى عن الصورة في البيت، وأن يضع ذلك، فالواجب طمسها ولا يجوز تعليقها، ولما رأى في بيت عائشة صورة معلقة في ستر غضب وتغير وجهه، وهتكها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 8. (2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب عذاب المصورين، برقم 5950، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم صورة الحيوان، برقم 2109. (3) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون)، برقم 7557، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير الحيوان، برقم 2107. (4) مسلم الجنائز (969)، الترمذي الجنائز (1049)، النسائي الجنائز (2031)، أبو داود الجنائز (3218)، أحمد (1/ 139). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 أنه لا يجوز تعليق الصور، سواء كانت صور الملوك، أو الزعماء، أو العباد، أو العلماء، أو الطيور، أو الحيوانات الأخرى، كله لا يجوز وكل ذي روح تصويره محرم، وتعليق صورته في الجدران، أو في المكاتب كله محرم، ولا يجوز التأسي بمن فعل ذلك، والواجب على أمراء المسلمين، وعلى علماء المسلمين، وعلى كل مسلم أن يدع ذلك وأن يحذر ذلك، وأن يحذر منه، طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وعملا بشرع الله في ذلك، والله المستعان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 31 - حكم إقامة عيد المعلم س: في كل عام تأتيني هدايا، بمناسبة عيد المعلم من بعض الطالبات، والحقيقة أني لا أدري عن حكمها، فأرجو إفادتي بارك الله فيكم؟ (1) ج: عيد المعلم ليس له أصل، ما للناس إلا أعياد معروفة، عيد الفطر، وعيد الأضحى، وأيام منى أيام عيد، ويوم عرفة يوم عيد اجتماع للمسلمين، أما عيد المعلم، أو عيد المولد على رأس كل سنة، كل هذا لا أصل له، لا موالد ولا غير موالد إلا الأعياد الشرعية المعروفة، والعيد ما يعود ويتكرر، بالشهر أو بالأسبوع أو بالسنة، فمن   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 214. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 جعل عيدا غير ذلك لمولد ابنه، أو عيدا للمعلم أو للمعلمة، هذا لا أصل له بل تعتبر بدعة، والهدايا لا تقبليها وقولي لهم: لا يصلح هذا، ولا ينبغي أن يجعل عيد للمعلم. س: لي أهل وجيران وأعمام وأخوال، ولديهم بدعة يسمونها الدستور، ويسأل عن هذا لو تكرمتم ولا سيما وقد عرف قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن كل بدعة ضلالة وإن كل ضلالة في النار (1)» ج: لم يشر لنا إلى هذه البدعة فكونها تسمى الدستور ما نعرف هذه البدعة لكن القاعدة الشرعية أن كل عبادة أحدثها الناس لم تكن فيما شرعه الله على لسان نبيه، عليه الصلاة والسلام، فإنها بدعة سواء سميت دستورا، أو سميت باسم آخر، فلا عبرة بالأسماء الله أكمل الدين وأتمه سبحانه وتعالى، فمن أحدث في الدين ما لم يأذن به الله، فبدعته مردودة عليه، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (2)، وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (3)، وقال عليه الصلاة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم. (2) سورة الشورى الآية 21 (3) سورة المائدة الآية 3 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 والسلام في الحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا هذا - يعني في ديننا هذا - ما ليس منه فهو رد (1)»، يعني فهو مردود، متفق على صحته، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» يعني مردود، وكان يقول في الجمعة عليه الصلاة والسلام: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه زاد النسائي بإسناد صحيح، «وكل ضلالة في النار (4)» هذه الأحاديث وما جاء في معناها، كلها تدل على أن جميع البدع يجب اطراحها، والحذر منها ولا عبرة بأسمائها، بل متى صارت بدعة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه فإنها تطرح وينهى عنها، سواء كانت تتعلق بالصلاة، أو بالحج أو بالصيام أو بغير ذلك، مثل بدعة البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها، هذا منكر يجب إزالته، يجب على ولاة الأمور إزالة ذلك، ومثل بدعة الاحتفال بالموالد، مولد الأم أو مولد الولد، أو مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو مولد الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو مولد الحسين أو مولد البدوي، أو غير ذلك هذه الاحتفالات بهذه الموالد لا أصل لها، بل هي مما ابتدعه الناس، وأول من ابتدع ذلك الطائفة المعروفة المسماة الفاطميين حكام المغرب، ومصر في المائة الرابعة والخامسة، هؤلاء من الرافضة أحدثوا هذه البدع، والموالد   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (4) النسائي صلاة العيدين (1578). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 فلا يجوز الاقتداء بهم، ولا التأسي بهم في ذلك لأنهم هم أهل بدع، فلا يجوز التأسي بهم، ومن تأسى بهم بعدهم فقد غلط، والواجب على المؤمن أن تكون أسوته رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (1) ثم صحابته رضي الله عنهم وأرضاهم، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون، فشيء لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا خلفاؤه الراشدون، لماذا نفعله يجب علينا أن نطرحه.   (1) سورة الممتحنة الآية 6 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 32 - حكم الذبح وتقريب القرابين لبيت الحضرة لطلب نزول المطر س: الأخ ع. ح. م، من غلمسكو في أثيوبيا، يسأل ويقول: إذا انقطع المطر عن البلد، يأخذ الفلاحون أصول الخشب اليابس على ظهورهم، ويأتون به إلى بيت الحضرة التي يزورونها، وهم يرتجزون به، فغالبا ما يمطرون إثر مجيئهم بهذه الصفة، أو يذبحون الشياه: الأحمر أو الأسود. ويضعون قوائمها أو فرسنها على شجرة يجتمعون تحتها. فيأتي طائر كبير من جهة القبلة فيأخذها، ويأكلها فيمطرون. فربما لا يأكلها ولا يمطرون، فيذبحون أخرى، بزعم أنها لم تقبل منهم الأولى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 ما رأيكم في هذا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا من البدع التي لا أصل لها في الشرع، وإنما المشروع أن يستغيث المسلمون إذا أجدبوا وأن يدعو الله عز وجل ليسقيهم، تارة في المساجد وتارة في البيوت، وتارة بعد خطبة الجمعة، في أثناء خطبة الجمعة، يدعو الإمام، خطباء المساجد، يستغيثون الله عز وجل، تارة يخرج أمير البلد وأهل البلد إلى المصلى، من خارج البلد ويصلي ركعتين، ويستغيث بالمسلمين إمامهم، سواء كان القاضي أو غيره، ويسأل الله الغوث، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان ربما استغاث في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام، وربما خرج إلى المصلى وصلى ركعتين وخطب بالناس واستغاث لهم. هذا هو المشروع. وربما استغاث في غير صلاة، كما وقع في بعض الأحيان في المدينة، استغاث لهم في مجلسه عليه الصلاة والسلام. ولا مانع أن يستغيث الإنسان في بيته ويدعو الله للمسلمين، أو وهو في الطريق يسأل الله أن يغيث المسلمين، كل ذلك لا بأس به، أما أن يأخذ خشبا أو أشياء خاصة، يحملها ويذهب إلى حضرة إنسان معين، كأمير البلد، أو قاضي البلد ويرتجزون، هذا لا أصل له، هذا من البدع والخرافات التي أحدثها الناس. أو يذبحون ذبائح، يجعلون بعضها عند بعض الشجر، أو عند بعض الجبال، أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا أصل له، لكن تشرع الصدقة،   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 183. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 كونهم يتصدقون على الفقراء قبل الاستغاثة أو بعدها، يعني يتصدق أهل الغنى منهم، للفقراء والمساكين بالنقود، بالطعام، بالملابس. هذا طيب، ومن أسباب الرحمة. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحم (1)»، والصدقة تطفئ الخطيئة، والصدقة من أسباب الفرج ومن أسباب الإحسان، كما قال عز وجل: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (2)، قال سبحانه: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (3)، فإذا تصدق الموسرون على الفقراء، وواسوهم قبل الاستغاثة أو بعدها، فكل هذا طيب، ومن أسباب الغيث، وهكذا الدعاء والاستغفار، والتوبة إلى الله والصدق في ذلك، والبكاء من خشيته جل وعلا، والإكثار من العبادات والطاعات، والحذر من المعاصي كل هذا من أسباب الغوث. أما أن يحدثوا شيئا ما شرعه الله، من حملهم الأخشاب المعينة أو أشجارا معينة أو ذبائح تذبح على وجهه معين، تجعل رؤوسها أو أشياء منها في مكان معين، كعند بعض الشجر، حتى يجيء طائر يأخذها، أو عند بعض الجبال، أو بالذهاب إلى بعض المشايخ أو غير ذلك، كل هذا لا أصل له، بل هو من البدع والخرافات.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله، برقم 5997، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان، برقم 2318. (2) سورة البقرة الآية 195 (3) سورة الأعراف الآية 56 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 س: رسالة من أحد المستمعين يقول: إنني سائق سيارة أجرة، ويأتيني بعض الركاب يطلبون توصيلهم إلى أماكن لم تؤثر زيارتها من الرسول صلى الله عليه وسلم، قاصدين زيارتها فما الحكم إذا حملتهم إلى تلك الأماكن، وأنا بقصدي المعيشة، وإذا لم أحملهم فسوف يتأثر مستوى معيشتي، وجهوني جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: ليس لك أن تعين على البدع، إذا كان هناك محلات غير مشروع زيارتها، فلا تحملهم إليها لا تبرعا ولا بأجرة، ولا تعن على الباطل والبدع، يقول الله سبحانه: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (2)، فنقلك الناس إلى محلات لم يشرع الله زيارتها، هذا لا يجوز ولا يحل لك فعله ولا أخذ الأجرة عليه جميعا، ولكن تنصحهم وتوجههم تقول: ليس فيه حاجة للزيارة.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 345. (2) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 س: حدث في قرية في مصر، أن امرأة صعدت النخلة، وتعيش فوقها ليل نهار، وهذا في فصل الشتاء والبرد قارس، علما بأن النخلة يزيد ارتفاعها، عن خمسة وثلاثين مترا تقريبا وابن هذه المرأة يتولاها من طعام وشراب، وكل الناس قالوا: إن هذه المرأة من أولياء الله الصالحين، ويقولون لها: ادعي لنا بكذا وكذا ويذهبون إليها للتبرك فما رأي الشرع في هذه الاعتقادات، وهل المرأة فعلا من أولياء الله الصالحين أم لا؟ (1) ج: هذا العمل إن صح فهو من أعمال الشياطين، والشياطين هم الذين رفعوها إلى هذا المكان، وجعلوا يثبتونها فيه، ليضلوا الناس ويوهموا الناس، أنها ولية لله، حتى تدعى من دون الله، وحتى يستغاث بها وحتى يتبرك بها، فهذا من الباطل الواضح، ومن المنكر الفاضح، فالواجب على أوليائها أن ينزلوها، من هذه الشجرة وأن يضعوها في البيت، وأن يحافظوا عليها ويحسنوا إليها، ويرشدوها إلى الحق والصواب، وأن يحضروا من أهل العلم الشرعي المعروفين، من أنصار السنة حتى يعظوها ويذكروها، ويعلموها ولا يجوز لأحد أن يغلو فيها، أو يعتقد أن هذه كرامة أو أنها ولية لله، بل هي من أولياء الشيطان، بهذا العمل، فالواجب على ذوي العقول وعلى ذوي   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 126. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 البصيرة، أن يحذروا من هذه الخرافات، ومن هذه الترهات وهذه الوسائل الشيطانية، التي تضل الناس عن الحق، والشياطين لهم جهود في إضلال الناس، ولهم أعمال كثيرة في إضلال الناس عن الحق، وكل عاقل يعلم أن هذا العمل ليس عمل امرأة، عاقلة مؤمنة، ولكنه عمل امرأة مجنونة قد سلب عقلها، أو لعبت بها الشياطين، نسأل الله السلامة، وقد يكون الخبر مكذوبا، لكن إذا كانت تشاهد، فقد يكون الجن صوروا لهم امرأة، قد تكون معروفة عندهم، حملها الشياطين، والشياطين قد يحملونها إلى الجبال، وإلى الغيران وإلى بلدان كثيرة، وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية، على هذا وغيره: أن الشياطين قد تحمل بعض الناس إلى أماكن كثيرة. س: إنه إذا ولد المولود عندنا قطع سره، ويوضع بداخل الكتب من أجل إذا كبر يحب العلم، وأيضا يوجد لدينا عادة على وجه آخر، وهو أن يرمى سره بعد قطعه في البحر، من أجل أن يحب البحر ويعمل فيه، ما هو توجيهكم حول هذه العادات؟ (1) ج: هذه العادة المذكورة كلها باطلة، ولا أساس لها بل هي من الخرافات، فقطع سره ووضعه في البحر، أو في بلاد أبيه، أو نحو   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 163. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 هذا، كل هذا باطل ولا أساس له، ولا يجوز فعله وهو من الخرافات التي يجب تركها. س: من العادات لدينا أن المولود بعد تمام الأسبوع الأول، من الولادة يخرج به شخص معروف بالشجاعة والحذاقة، وكتمان السر، ووالدته تبقى أربعين يوما في الحجبة، لا تطلع من بيتها بل تبقى داخل غرفة مغلقة، وحدها حتى تنتهي هذه المدة ما هو الحكم الشرعي في هذه العادة؟ (1) ج: هذا كالذي قبله كله باطل، كله لا أساس له، لا حمل الولد من جهة إنسان معروف بالشجاعة، ولا شيء معين يحمله إلى كذا أو إلى كذا، يذهب به إلى كذا، كل هذا لا أساس له، بل المولود يبقى عند والدته لإرضاعه، والعناية به من أول ولادته، أو يدفع إلى من تحضنه وتربيه وترضعه، إذا كانت أمه لا تستطيع ذلك وليس فيها لبن، وأمه كذلك ليس لها أن تحبس نفسها في غرفة ولا في غيرها، بل كسائر النساء يخرجن من محل الولادة، تذهب إلى حاجاتها ولا تغلق عليها غرفة ولا غيرها، بل هذا كله باطل وكله تشديد لا وجه له، بل هو من الشيطان نسأل الله السلامة.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 163. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 س: أحد الإخوة من جيزان بعث برسالة يقول فيها: إنه يوجد في القنفذة ناس لديهم عادة يتوارثونها من القدم، وهي عندما يولد المولود يقطع سره، ويؤخذ ويدفن في بلاد والده، من أجل إذا كبر يحب البلاد، فما حكم ذلك؟ (1) ج: هذا باطل، هذه خرافة من الخرافات، لا يجوز، هذه الخرافة لا تجوز، يقطع سره في محله ولا ينقل إلى بلد آخر، وهذا الاعتقاد باطل، لا أصل لهذا، بل هذا يعتبر من الخرافات الفاسدة. س: يقول بعض الناس إذا الشخص تحرك حاجبه، أو تحرك أسفل عينه اليمنى، بدون إرادته فهذا من دواعي الشر، لهذا الشخص، وإذا شخص تحرك حاجبه، أو أسفل عينه اليسرى بدون إرادته، فهذا من دواعي الخير لهذا الشخص، فهل هذا الشيء صحيح جزاكم الله خيرا؟ (2) ج: هذا شيء لا أصل له، بل هو من الخرافات، خرافة لا أساس لها ولا يلتفت إليها.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 162. (2) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 143. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 س: بعض الناس يقولون بأن الخطوط التي في كفي الإنسان إنها على شكل رقمين، ثمانية عشر في اليد اليمنى، وواحد وثمانون في اليد اليسرى، والمجموع تسعة وتسعون، ويقول إنها بعدد أسماء الله الحسنى، فهل لهذا أثر صحيح؟ (1) ج: هذا الذي قاله بعض الناس لا أصل له، ولم يبلغنا أن أحدا من أهل العلم قاله، بل هو شيء مؤتفك لا أصل له ولا ينبغي التعويل عليه.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 82. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 33 - حكم تخصيص الذبيحة على الميت بوقت معين س: كانت عندنا عادة في بلادنا كنا نذبح ليلة الحج، أي ليلة التاسع من ذي الحجة، من كل عام اعتقادا بأن هذه الذبيحة حج للأموات، وفي صباح اليوم نفسه أي اليوم التاسع، تذبح ذبيحة أخرى، وهذه تسمى حجا للأحياء، ولكن بعد أن عرفنا أن الذبح لغير الله لا يجوز، لا زال البعض من الإخوان، يذبح هذه الذبائح، فإذا أنكرنا عليه قال: إنما هي لله وثوابها للميت، والله يعلم نيته. فهل يجوز أكل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 لحوم مثل هذه الذبائح، علما بأنهم يخصون بها هذا اليوم، دون غيره في الأيام؟ جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا العمل بدعة، لأن الذبيحة ليست حجة، لا لحي ولا لميت، الذبيحة سنة صدقة وتخصيصها بعرفة وعلى أنها حجة، هذا باطل بدعة ولا ينبغي أن يؤكل منها، حجرا لهم وتأديبا لهم، وإلا فلا تحرم، لأنهم ذبحوها لله، فلا تحرم لكن من باب التأديب، ويعلمون إذا أرادوا الصدقة، أن يتصدقوا بها في أي وقت، من باب الصدقة، يذبحها في يوم العيد وإذا ذبح عن الميت وعن الحي، في أيام العيد ضحايا، كان هذا أفضل، يذبح ذبيحة عن أخيه، أو عن أبيه الميت، أو عنه وعنهم جميعا، كل هذا مستحب أما اعتقاد أنها عن حجة، في الليل عن الميت وفي النهار عن الحي، فهذا لا أصل له، أو كونها في هذا الوقت خاصة تكون عن حجة كل هذا لا أصل له، فينبغي للمؤمن أن يتأدب بالآداب الشرعية، يذبح الذبيحة للصدقة، ليتصدق بها، أو ليجود بها على أهل بيته، ويحسن إليهم ويطعمهم، أو ليطعم معهم جيرانه وأقاربه لا بأس على أنها صدقة فقط لا حجة.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 261. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 باب ما جاء في الفرق والطوائف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 باب ما جاء في الفرق والطوائف 34 - بيان الفرقة الناجية س: حدثونا عن الفرقة الناجية، وما هي أوصافها، وهل هي طائفة معينة أو اسم معين كي نتبعها أم ماذا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة، هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، يقال لهم: الفرقة الناجية، وهي الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة (2)»، هذه الواحدة هي الفرقة الناجية وهي الطائفة المنصورة، وهم أهل العلم والإيمان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان، يتبعهم في ذلك العامة الذين هم على طريق أهل السنة من أمهاتهم وأخواتهم وأولادهم وعلى   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 352. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه، برقم 16490. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 رأسهم العلماء علماء الحديث علماء السنة وعلى رأس الجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هؤلاء هم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، وهم الذين عملوا بالكتاب والسنة، دينهم الكتاب والسنة، لا آراء الرجال وهم أهل التوحيد، والإيمان الذين عرفوا الله وخصوه بالعبادة، وآمنوا بأسمائه وصفاته، وأنه لا شبيه له ولا كفؤ له، ولم يأولوها بل أمروها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، آمنوا بالله ربا وخالقا ومعبودا بالحق، وله الأسماء الحسنى وله الصفات العلا، لا شبيه له ولا كفؤ له ولا ند له، ولا يقاس بخلقه عز وجل، وقد وضح الأئمة صفاتهم، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية، وفي التدمرية وفي الحموية نقل كلام العلماء في ذلك، مثل الطحاوي رحمه الله وشرح الطحاوية لابن أبي العز، ومثل كتاب السنة، لعبد الله بن أحمد، ومثل كتاب عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على بشر المريسي، إلى غير ذلك ومثل كتاب التوحيد لابن خزيمة، كلهم بينوا عقيدة أهل السنة والجماعة، والخلاصة أن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، الذين وحدوا الله وآمنوا به، واتبعوا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، وآمنوا بأسمائه وصفاته على الوجه اللائق بجلال الله، أمروها كما جاءت، وآمنوا بها، ولم يتأولوها ولم يحرفوها، بل أمروها كما جاءت، من غير تحريف ولا تعطيل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 ولا تكييف ولا تمثيل بل آمنوا بأنها صفات الله، وأنها لائقة بالله لا يشابهه فيها خلقه سبحانه، ولا يجوز تأويلها ولا تكييفها، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 35 - بيان أهل السنة والجماعة السائل: ص. ع من اليمن: من هم أصحاب السنة والجماعة، وما هي صفاتهم ومتى نكون منهم، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: أصحاب السنة والجماعة هم الذين يعملون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويتمسكون بهما، ويدعون إليهما، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان هؤلاء هم أهل السنة، الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ومن سار في ركابهم واتبع طريقهم قولا وعملا وعظم الكتاب والسنة، واحتج بهما واعتمد عليهما، هذا هو صاحب السنة وهم أهل السنة الذين يأخذون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويعتمدون عليهما ويتبعون من سلك هذا السبيل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، الصحابة ومن سلك سبيلهم، كمالك والشافعي وأحمد والثوري والأوزاعي ومن تبعهم بإحسان، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، الذين وحدوا الله   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 387. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 سبحانه، واعتقدوا أنه المستحق للعبادة، وآمنوا بأسمائه وصفاته، ووصفوه بها جل وعلا، ومن غير تحريف ولا تمثيل ولا تكييف، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، وحدوا الله واستقاموا على دينه، وآمنوا به وبصفاته وخصوه بالعبادة، وآمنوا بأنه رب العالمين وخالقهم، وبأنه سبحانه ذو الأسماء والصفات العلي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1)، وخالفوا الجهمية والمعتزلة والرافضة وغيرهم، من أهل البدع هؤلاء هم أهل السنة الذين اتبعوا الصحابة واستقاموا على طريق الصحابة قولا وعملا وعقيدة، وعقيدة الصحابة هي توحيد الله، وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى، واتباع أوامر الله وترك نواهيه والوقوف عند حدوده، والإيمان بأسمائه وصفاته، ووصف الله بها على الوجه اللائق به سبحانه، وليس بذلك تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بذلك، ويمرونها كما جاءت بقوله سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (3) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (4) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (5)، وبقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (6) سبحانه وتعالى.   (1) سورة الشورى الآية 11 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الإخلاص الآية 2 (4) سورة الإخلاص الآية 3 (5) سورة الإخلاص الآية 4 (6) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 36 - موقف المسلم من تعدد فرقة أهل السنة والجماعة س: إذا تعددت الفرق المدعية بأنها هي من أهل السنة والجماعة؟ (1) ج: ينظر في عقيدتها، إن وافقت السنة فهم أهل السنة والجماعة، ولو سموا أنفسهم بصفات كثيرة، وإن خالفوا العقيدة فهم أهل بدع، العبرة في الحقيقة الواقعة، لا بالدعوى، لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء رجال وأموالهم، لكن البينة على المدعي، من ادعى أنه من أهل السنة يسأل عن عقيدته، ما هي عقيدته؟ فإذا كان يوحد الله يعبده وحده، وليس من عباد القبور ولا عباد الأصنام، ويؤمن بأسماء الله وصفاته، ويمرها كما جاءت، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فهو من أهل السنة والجماعة. س: هل بين هذا للناس في وقتنا الحاضر سماحة الشيخ؟ (2) ج: نعم، كثيرا ما تكون محاضرات في هذا الباب، في المساجد وأنا أنصح الطلبة والشباب بحفظ القرآن الكريم، لأنه فيه بيان هذه العقيدة العظيمة، أنصح كل مسلم يستطيع وكل مسلمة أن يحفظ   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 352. (2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 352. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 القرآن، فالقرآن فيه البيان الشافي، بيان العقيدة الكاملة، عقيدة أهل السنة والجماعة، وذلك بالإلمام بتوحيد الله وأسمائه وصفاته وأخبار الجنة والنار، وأخبار يوم القيامة، إلى غير ذلك، وكذلك العقائد المؤلفة في هذا الباب من أهل السنة، ومن أخصرها وأطيبها العقيدة الواسطية، مختصرة طيبة فأوصي الرجال والنساء بحفظها فهي كافية شافية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 37 - بيان خصائص الفرقة الناجية س: السائل: إبراهيم من الرياض يقول: من هي الفرقة الناجية، وما خصائصها؟ (1) ج: الفرقة الناجية هي المتمسكة بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، هم أهل السنة والجماعة، الفرقة الناجية: هم الذين آمنوا بالله ورسوله، واستقاموا على دين الله، وآمنوا بكل ما أخبر الله به ورسوله، وساروا على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأداء فرائض الله، وترك محارم الله، والإيمان بأن الله سبحانه فوق العرش، قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، وأنه سبحانه مسمى بالأسماء الحسنى موصوف بالصفات العلى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (2) هم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية، الأمة افترقت على ثلاث وسبعين فرقة   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 417. (2) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 كلها في النار إلا واحدة، وهذه الواحدة هي الفرقة الناجية، هي التي آمنت بالله ورسوله، وآمنت بأسماء الله وصفاته، وآمنت بأنه سبحانه هو المستحق العبادة، وأنه الإله الحق، وأنه فوق العرش قد استوى عليه استواء يليق بجلاله، وأنه مسمى بالأسماء الحسنى، موصوف بالصفات العلا الواردة في الكتاب العزيز وفي السنة الصحيحة، المطهرة هم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة، إلى قيام الساعة، وإن قلوا، في أي مكان، أما الثنتان والسبعون فرقة فمتوعدون بالنار، فيهم الكافر، وفيهم المبتدع الذي ليس بكافر، هم الذين حادوا عن طريق السلف، لكن تارة يكون الذي حاد عنها كافرا، وتارة يكون دون ذلك، اثنتان وسبعون فرقة كلها متوعدة بالنار، فيهم الكافر والمبتدع، وفيهم من بدعته تلحقه بالكفرة، ومنهم من بدعته ما دون ذلك. س: الأخ: ع. م. ع. من اليمن يقول: من هم الفرقة الناجية؟ (1) ج: الفرقة الناجية هم الذين ساروا على منهج النبي صلى الله عليه وسلم واستقاموا على دينه يقول صلى الله عليه وسلم: «ما أنا عليه وأصحابي (2)»، فالفرقة الناجية هم   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 430. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، برقم 2641. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 الذين استقاموا على دين الله، وساروا على نهج النبي صلى الله عليه وسلم ونهج أصحابه في توحيد الله والإخلاص له، وطاعة أوامره وترك نواهيه، والإيمان بأسمائه وصفاته، على وجه لائق بالله، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة وهم الفرقة الناجية. س: السائل: أ. أ. أ. من المنطقة الشرقية يقول: ما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمة حيث يقول في حديث: " كلهم في النار إلا واحدة " وما هي الواحدة؟ وهل الاثنتان والسبعون فرقة كلهم خالدون في النار؟ أفيدونا مأجورين (1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم قال: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة (2)» (يعني كلها هالكة إلا واحدة)، «وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة (3)»، فالواحدة هم أهل السنة والجماعة، هم الصحابة وأتباعهم بإحسان، أهل التوحيد والإيمان، والثنتان والسبعون، متوعدون بالنار، فيهم الكافر وفيهم العاصي، وفيهم المبتدع. فمن مات منهم على الكفر، فله النار مخلدا فيها، ومن مات على بدعة دون كفر، أو على معصية   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 404. (2) ابن ماجه الفتن (3992). (3) أحمد (4/ 102). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 دون كفر، فهذا تحت مشيئة الله، هم متوعدون بالنار، وبهذا يعلم أنهم ليسوا كلهم كفارا، بل فيهم الكافر وفيهم غيره من العصاة والمبتدعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 38 - صفات الفرقة الناجية س: ما الفرق بين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية وما صفات كل منهما؟ (1) ج: الفرقة الناجية هي الطائفة المنصورة، وصفاتها اتباع السلف، والسير على منهج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وأتباعهم بإحسان، وهم مذكورون في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (2) فالفرقة الناجية هي التي اتبعت الرسول صلى الله عليه وسلم وسارت على نهجه ونهج أصحابه حتى الموت، وهم الطائفة المنصورة، وهم السلف الصالح، وهم أهل السنة والجماعة، كل هذه العبارات عن فرقة واحدة الفرقة الناجية، ويقال: الطائفة المنصورة، ويقال السلف الصالح، وهم أصحاب النبي وأتباعهم ويقال أهل السنة والجماعة، ولكن رأسهم   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 329. (2) سورة التوبة الآية 100 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 العلماء، رأسهم هم أئمة الحديث وأئمة العلم هم رأسهم وهم أئمتهم، ولهذا قال بعض السلف لما سئل عن الطائفة المنصورة قال: هم أهل الحديث، وقال: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم، مقصوده أن أهل الحديث هم الأئمة، في هذه الطائفة، وهم الأساس والعامة والأميون تبع لهم، من سار على نهجهم فهو منهم، وإن كان عاميا ما دام سار على منهج السلف، واستقام على دين الله، فهو من الطائفة المنصورة، وإن كان عاميا ليس بعالم، فهو تابع لهم وداخل في خلتهم، وله ما وعدوا به. س: سائلة تقول: أحب أن أعرف الفرقة المنصورة إلى يوم الدين، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهل هي موجودة في بلد واحد، أو موزعة مع بلاد المسلمين، ماذا أفعل لكي أكون منهم؟ (1) ج: الفرقة المنصورة هي القائمة بأمر الله، والمستقيمة على دين الله يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة " قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: " من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي "، وفي رواية: " وهي   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 376. (2) أخرجه أبو داود كتاب السنة، باب شرح السنة، حديث رقم 4597، وابن ماجه كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، حديث رقم 3992. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 الجماعة (1)»، أي المجتمعة على الحق، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ممن سار على نهجهم، هؤلاء هم الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة، الذين وحدوا الله، واستقاموا على دينه وأدوا فرائضه، وتركوا مناهيه وتواصوا بالحق والصبر عليه، الذين اتبعوا الرسل، واستقاموا على دينه، وأفضلهم وإمامهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فالفرقة الناجية من أمته: هي التي استقامت على دينه قولا وعملا وعقيدة، هؤلاء هم الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم.   (1) سبق تخريجه. (2) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 39 - حكم التسمي بالأثري س: حصل عند بعض الشباب إنكار للتسمي بالأثري والانتساب إلى الأثر، ويقولون: إن هذه النسبة تفرق المسلمين، فهل هذا صحيح؟ أم إنها مجرد نسبة إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم وإلى الحق، وخاصة أن بعض العلماء الأعلام كالحافظ العراقي تسمى بذلك، هل صحيح أنكم تراجعتم عن التسمي بذلك؟ جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: لا أعلم حرجا في ذلك، إذا قيل فلان إنه أثري، إذا كان   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 323. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 صحيحا، إذا كان يعتمد الأحاديث النبوية، والسنة المطهرة، ويسير على منهج السلف الصالح، فيقال أثري، أو يقال من أهل السنة والجماعة، كل هذا لا حرج فيه، ومما درج عليه أهل السنة، إذا كان صادقا في ذلك. س: معنى هذا أن سماحتكم لم يتراجع عن التلفظ بهذا اللفظ؟ ج: أنا لم أتسم به، ولكن سماني بعض الناس، أي ما قلت لنفسي إنني أثري، وإنما بعض الناس قال عني ذلك، أما أنا فنعم، أنا إن شاء الله من أهل السنة والجماعة، وأنا إن شاء الله أثري أقوله الآن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 40 - نبذة عن الدعوة السلفية س: من الجمهورية العربية السورية - دمشق ع. ع. أخونا يسأل ثلاثة أسئلة في أحدها يقول: أريد نبذة عن الدعوة السلفية وعن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب؟ (1) ج: الحمد لله فإن الدعوة السلفية الدعوة إلى ما بعث به الله نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام، هي الدعوة إلى التمسك بالقرآن العظيم والسنة المطهرة، هذه الدعوة السلفية الدعوة إلى السير على المنهج   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 315. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 الذي درج عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة ثم المدينة لإبلاغ الدعوة إلى المسلمين وغيرهم، وتوجيه الناس إلى الخير وتعليمهم ما بعث الله به نبيه من توحيد الله والإخلاص له والإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وترك الإشراك بالله عز وجل والقيام بما أمر الله به ورسوله وترك ما نهى الله عنه ورسوله، هذه الدعوة السلفية وعليها درج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام بعد وفاته ساروا على نهجه في الدعوة إلى توحيد الله وإنكار الشرك، وتوجيه الناس إلى توحيد الله في أقوالهم وأعمالهم، كما أمرهم الله بذلك بقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (1)، وفي قوله سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (2)، وفي قوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (3). فالرسول دعا إلى هذا وكان المشركون يتعلقون بالقبور والأموات والأصنام والأحجار والأشجار، يدعونها ويتمسحون بها، ويتبركون بها، ويستشفعون بها، ويذبحون لها، وينذرون لها، فنهاهم الرسول عليه الصلاة والسلام عن ذلك، وأخبرهم أنها لا تنفع ولا تضر، وأن الواجب إخلاص العبادة لله وحده، وقال: «يا قومي قولوا   (1) سورة البقرة الآية 21 (2) سورة النساء الآية 36 (3) سورة البينة الآية 5 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 لا إله إلا الله تفلحوا (1)»، فلما فتح الله عليه مكة بعد الهجرة، كسر الأصنام وهدم العزى، وكانت شجرة تعبد، وهدم مناة وكانت صخرة تعبد، وهدم اللات وكانت تعبد في الطائف، وهكذا جميع الأصنام كسرها، وبعث إلى القبائل والرؤساء يدعوهم إلى توحيد الله، ويأمرهم بترك عبادة الأصنام والأوثان، والأولياء والأنبياء والملائكة، فالعبادة حق الله وحده؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (2)، ويقول سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (3). ومعنى اعبدوا الله: أي وحدوا الله، يعني خصوه بالعبادة، هو الذي يدعى ويرجى، ويسأل ويسجد له، ويركع له ويذبح له، وينذر له، أما القبور فلا يتعلق بها، ولا يبنى عليها لا مساجد ولا غيرها، ولا يدعى أهلها من دون الله، ولا يستغاث بهم، ولا يطلب منهم الشفاعة، الشفاعة لله وحده، {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (4). وقد أنكر الله على المشركين بقوله سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (5)، وقد   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. (2) سورة الذاريات الآية 56 (3) سورة النحل الآية 36 (4) سورة الزمر الآية 44 (5) سورة يونس الآية 18 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 أنكر الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (1)، وقال سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (2) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (3)، ثم قال سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (4)، أي: ما عبدنا اللات والعزى، والأنبياء والملائكة ودعوناهم واستغثنا بهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فأنكر الله عليهم ذلك، وأكذبهم، وقال الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (5)، بين سبحانه أنهم كذبة في قولهم، إنها تقربهم إلى الله زلفى، فهم كفرة بعبادتهم الأصنام، والملائكة والأنبياء، فلا يجوز أن يؤتى صاحب القبر، ويقول: يا سيدي فلان انصرني، أو أغثني أو اقض حاجتي أو اشفع لي أو أنا في جوارك، كل هذا منكر، كل هذا من الشرك الأكبر، في حياته لا بأس أن تقول: يا فلان اشفع لي، مثلما كان الصحابة في حياة النبي عليه الصلاة والسلام يقولون: اشفع لنا يا رسول الله، ادع الله لنا، كان يستغيث لهم إذا أجدبوا في خطبة الجمعة وفي غيرها وكان يدعو لهم، لا بأس في حياته، وهكذا يوم القيامة، إذا بعثه الله يشفع للناس يوم القيامة، أما بعد موته في البرزخ فلا يدعى لا هو ولا غيره من الأنبياء،   (1) سورة يونس الآية 18 (2) سورة الزمر الآية 2 (3) سورة الزمر الآية 3 (4) سورة الزمر الآية 3 (5) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 ولا الملائكة ولا الصالحين، لا يدعون ولا يستغاث بهم، لكن تقول يا رب اغفر لي، يا رب ارحمني، يا رب أصلح قلبي، يا رب ارزقني، يا رب فرج كربتي، يا رب أصلح أولادي، يا رب انصرني على عدوي، يا رب شفع في نبيك، يا رب اجعلني من أهل شفاعة نبيك عليه الصلاة والسلام، يا رب وفقني لطاعتك، واتباع شريعتك، هكذا تقول تسأل ربك، هذا هو الطريق الصحيح، هذه الطريقة السلفية التي درج عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ودرج عليها أصحابه رضي الله عنهم، ثم التابعون بعدهم بإحسان، درجوا على هذا، وكان الصحابة ومن بعدهم يدعون إلى هذا الطريق، والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلى إخلاص العبادة لله وحده، لا يدعى معه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا صاحب قبر، ولا جني، ولا شجر، ولا صنم، ولا غير ذلك. العبادة حق الله وحده: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (1)، وقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (2)، وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3)، مع الإيمان بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء، لا نبي بعده، أرسله الله إلى الناس كافة؛ لا بد من هذا الإيمان، أن تؤمن أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي، ثم المدني، هو رسول الله حقا عليه الصلاة السلام،   (1) سورة البقرة الآية 21 (2) سورة الذاريات الآية 56 (3) سورة البينة الآية 5 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 وهو أفضل الخلق، وهو سيد ولد آدم، تؤمن بهذا، وتؤمن أن الله أرسله إلى الناس عامة والجن والإنس، من أجاب دعوته واتبع ما جاء به فله الجنة، ومن حاد عن سبيله فله النار، هو خاتم الأنبياء، ليس بعده نبي، من ادعى النبوة بعده، كالقاديانية، يكون كافرا؛ لأن الله سبحانه يقول: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (1)، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه خاتم الأنبياء، يقول: «إني خاتم الأنبياء لا نبي بعدي (2)»، عليه الصلاة والسلام. ثم من تمام الدعوة السلفية طاعة الله، فكل أوامره تؤتى، وتترك النواهي، فالصلاة تصلي كما شرع الله، وتزكي كما شرع الله، وتصوم كما شرع الله، وتحج كما شرع الله، وتبر والديك، وتصل أرحامك، تدعو إلى الله بالعلم والهدى، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالأسلوب الحسن، بالرفق والحكمة، وتدع المعاصي كالزنى والعقوق والربا، وقطيعة الرحم، وشرب المسكر، إلى غير هذا من المعاصي تدعها وتحذرها طاعة لله وتعظيما لله، اتباعا لشريعته، ترجو ثوابه وتخاف عقابه، كل هذا داخل في الدعوة السلفية. أما الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فهو إمام عالم، دعا   (1) سورة الأحزاب الآية 40 (2) أخرجه الترمذي في كتاب الفتن، باب ما جاء لا تقوم الساعة حتى يخرج كذابون، برقم 2219. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 إلى الله عز وجل، دعا إلى هذه الكلمة كان رحمة الله عليه في نجد ثم انتقل إلى العيينة وهي بلدة معروفة قرب الدرعية، فتعلم العلم وتفقه في الدين، ثم سافر إلى الحرمين وتعلم في مكة والمدينة، ثم شرح الله صدره للدعوة السلفية، كان أهل نجد يتعلق بعضهم بالأوثان، وبالقبور والأشجار والأحجار، كما هو واقع في بلدان كثيرة، فشرح الله صدره لحقيقة التوحيد، وللدعوة السلفية التي درج عليها الرسول وأصحابه، فلما انشرح صدره لهذا الأمر، وعرف أدلته إلى هذا، دعا قومه ودعا الناس في نجد إلى توحيد الله، وكان في نجد قبر لزيد بن الخطاب رضي الله عنه في الجبيلة يدعى ويعبد من دون الله، كانت هناك أحجار وأشجار تعبد من دون الله، فنهاهم عنها، ونهى عن التعلق بالأموات، والقبور والأشجار والأحجار، وأخبرهم أن هذا شرك بالله، وأن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم يدعو إلى توحيد الله وينكر هذا الشرك، وأن الصحابة كذلك، فدعا إلى الله في نجد أولا في حريملاء ثم في العيينة، وانتقل إلى الدرعية وساعده محمد بن سعود أمير الدرعية، واستمر في الدعوة إلى توحيد الله، والإخلاص له واتباع النبي صلى الله عليه وسلم وهدم القباب التي على القبور، وقطع الأشجار التي تعبد من دون الله، وهدم القبة التي على قبر زيد بن الخطاب إلى غير هذا من آثار الشرك، فأعانه الله على ذلك، وأعانه الأمير محمد بن سعود ثم نسله من بعده، جزاهم الله خيرا ولم يزالوا عونا للتوحيد إلى يومنا هذا، يدعون إلى الله ويساعدون أهل العلم في الدعوة إلى توحيد الله وإنكار الشرك وإقامة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 الدين، هذه دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - إمام عالم سلفي العقيدة يدعو إلى توحيد الله وإلى اتباع شريعته، وينهى عن الشرك والبدع والخرافات، وعن المعاصي مثلما كان الصحابة يدعون إلى الله، مثلما كان الشافعي وأحمد بن حنبل ومالك، وغيرهم من أئمة الإسلام يدعون إلى توحيد الله والإخلاص له، مثلما كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في زمانه في القرن السابع والثامن، وابن القيم رحمه الله في القرن الثامن، وابن كثير، وأشباههم يدعون إلى الله، هو على طريقهم رحمه الله، فهو سلفي إمام يدعو إلى توحيد الله، وطاعة الله، واتباع شريعته، وأما أعداؤه من القبوريين الذين يرمونه بأنه مبتدع، أو أنه يبغض الأولياء، هذا باطل، يكذبون عليه، مثلما كذبوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى غيره، فهو يدعو إلى توحيد الله، وإلى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو إلى الحق والهدى، وإلى الإخلاص لله، ونبذ البدع والخرافات التي بلي بها كثير من الناس، فهو إمام مهتد موفق يدعو إلى توحيد الله وطاعته، ويدعو إلى العقيدة السلفية، وهكذا أنصاره من آل سعود ومن العلماء والأخيار وكلهم دعاة إلى الحق، وأما تسمية أتباعه بالوهابية فهذا لقبه به أعداؤهم للتنفير، فهم محمدية، هو محمد ليس عبد الوهاب، هو محمد بن عبد الوهاب، أبوه اسمه عبد الوهاب الصواب أن يقال: محمدية؛ لأنه محمد، والنبي محمد عليه الصلاة والسلام، فهو من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام، لكن أعداؤه من الجهال أو الذين قلدوا الجهال أو قلدوا الأعداء، سموهم الوهابية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 جهلا أو عنادا، وتنفيرا من الحق، فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بهذا اللقب الذي يرميهم به الأعداء، وبأنهم أعداء للدين أو أنهم أعداء للحق، أو أنهم أهل بدعة، كل هذا باطل، والشيخ وأتباعه دعاة للحق، دعاة للسلفية، دعاة لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الصحابة ومن بعدهم من أئمة الإسلام، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب وذريته وأتباعه إلى يومنا هذا يدعون إلى توحيد الله، وإلى اتباع شريعته سبحانه، وينهون عن الشرك بالله، وعن البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومن البدع: البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها؛ لأنها وسيلة للشرك، وإقامة الموالد واحتفالات الموالد؛ لأنها وسيلة للشرك لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه فالخير كله في اتباعهم؛ لأن الله يقول جل وعلا: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (1)، فأتباعهم بإحسان هم الذين ساروا على نهجهم، لم يزيدوا على ذلك، ولم ينقصوا بل ساروا على نهجهم في توحيد الله والإخلاص له واتباع الشريعة وتعظيمها وترك ما نهى الله عنه من البدع وترك المعاصي، والدعوة إلى توحيد الله وإلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وعملا، هذه هي طريقة السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وهذه طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وطريقة أتباعه من آل سعود وغيرهم من العلماء الذين   (1) سورة التوبة الآية 100 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 ساروا على نهجه، وهكذا أتباعه من العلماء الذين ساروا على نهجهم من الهند والشام وفي العراق وفي مصر، وفي كل مكان، له أتباع كثيرون، في أقطار كثيرة في أماكن كثيرة من العالم عرفوا الحقيقة عرفوا دعوته الطيبة من كتبه ومن كتب أتباعه، وأنها دعوة سلفية، دعوة إلى توحيد الله واتباع شريعته، واتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فنصيحتي لكل مسلم أن يتقي الله، وأن يعرف الحق بدليله، لا بالتقليد وقول الجهال، وأتباع الجهال، ولكن بالدليل ينظر كتب القوم، ينظر ماذا قرروه في الدرر السنية، من كتبهم: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، تيسير العزيز الحميد، إلى غير هذا من كتبهم، وردودهم حتى يعرف الحقيقة، يعلم أنهم على الحق والهدى، وأنهم دعاة إلى توحيد الله، وإلى اتباع شريعته، وإلى ترك ما نهى الله عنه ورسوله، هذه دعوة الشيخ محمد، هذا طريق الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وهذه طريقة أتباعه وأنصاره، من علماء نجد وغيره من آل سعود وغيرهم. نسأل الله أن يثبت الجميع على الهدى وأن يصلح قلوب الجميع وأعمال الجميع وأن يهدي الضال حتى يستقيم على الحق، نسأل الله أن يهدي الضالين، وأن يعلم الجاهلين حتى يعرفوا الحق بدليله، وأن يهدي المتعصبين وأصحاب الهوى، حتى يدعوا التعصب والهوى وحتى ينقادوا للحق، ويتبعوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن ينقادوا له بالدليل، لا بتقليد الجهلة، وتقليد أصحاب الهوى، فالتقليد لأصحاب الهوى والجهلة يضر ولا ينفع، فالواجب على طالب العلم أن يأخذ الحق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 بالدليل، وأن ينظر في كتب القوم الذين يسمع عنهم أشياء تخالف الشرع، حتى يعرف الحقيقة بأدلتها، وحتى يتكلم عن علم وعن بصيرة، لا عن تقليد زيد وعمرو، ونحو ذلك، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية، وأن يصلح أحوال المسلمين وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يهدينا وإياهم صراطه المستقيم، وأن يمن على جميع المسلمين الفقه في دين الله، والتمسك بكتاب الله، وسنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، والوقوف عند حدودهما، إنه سبحانه وتعالى جواد كريم. س: سمعت بالوهابية فمن هم؟ (1) ج: الوهابية يطلقها أعداء السلفية على أتباع الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي، المتوفي سنة (1206هـ) ست ومائتين وألف من الهجرة في الدرعية، وقد قام بالدعوة إلى الله في النصف الثاني من القرن الثاني عشر في نجد الدرعية وما حولها، دعا إلى توحيد الله وأنكر على الناس التعلق بالقبور والأموات والأصنام، وتصديق الكهان والمنجمين وعبادة الأشجار والأحجار، على طريقة السلف الصالح، على الطريقة التي بعث الله بها نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام، وعلى الطريقة التي درج عليها أصحابه رضوان الله عليهم، فدعا إلى الله، ودعا معه العلماء   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 218. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 الذين وفقهم الله لمعرفة الحق من أقاربه وأولاده وغيرهم، وأظهر الله به الدين، وأزال الله به الشر من نجد وما حولها ثم انتشرت دعوته في اليمن والشام، والعراق ومصر والهند وغير ذلك، وعرف المحققون صحة دعوته واستقامتها، وأنه على الهدى والطريق القويم، وأنه في الحقيقة مجدد لما اندرس من معالم الإسلام، وليس مبتدعا وليس له دين جديد، ولا مذهب جديد، إنما دعا إلى توحيد الله، واتباع شريعته والسير على منهج السلف الصالح من الصحابة ومن سلك سبيلهم، هذا هو مذهب الشيخ محمد وأتباعه، ساروا على منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه من الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان، ولكن لهم خصوم، فكذب عليهم الكذابون حتى يستبيحوا دماءهم، وكذبوا عليهم وقالوا: إنهم مذهب خامس، وأنهم يسبون الرسول، ويسبون الصحابة وكلها كذب وباطل، بل هم من أحب الناس للرسول صلى الله عليه وسلم، وهم على طريق الصحابة، والرسول أحب إليهم من أنفسهم وأولادهم، وأموالهم وهم يدعون إلى ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، يدعون إلى توحيد الله واتباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه والسير على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتبهم طافحة بذلك، وكتب الشيخ محمد وأتباعه واضحة في ذلك، من قرأها عرف ذلك، كتاب التوحيد، فتح المجيد، كشف الشبهات، ثلاثة الأصول، تيسير العزيز الحميد لحفيده سليمان بن عبد الله، والدرر السنية في فتاوى أهل نجد واضحة في ذلك، وهكذا كتبهم الأخرى ورسائلهم الأخرى، كلها تبين ما هم عليه من الهدى والحق، وكلها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 تبين كذب أعدائهم وخصومهم، من الصوفية وغير الصوفية ومن عباد القبور، الذين كذبوا عليهم، لأنهم أنكروا عليهم عبادة القبور، فكذبوا عليهم، وخصومهم هم عباد القبور، أو جهلة ما عرفوا الحقيقة، وصدقوا عباد القبور، أما أهل العلم والإيمان، في مصر والشام والعراق وغير ذلك، فقد عرفوا صحة ما هم عليه وشهدوا لهم بالحق، كالشيخ محمد رشيد رضا، وغيرهم ممن عرف دعوتهم - رحمة الله عليهم - وشهد لهم بالحق من علماء مصر والشام والعراق، وغير ذلك وكتبهم انتشرت وعمت الأوطان والحمد لله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 41 - بيان دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب س: يسأل المستمع: ع. ف. غ. ويقول: هل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب مذهب خاص؟ وهل ما يقال عن دعوته من ترك عبادة القبور، ودعوة الأموات يعد جفاء للصالحين؟ (1) ج: الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، من علماء السنة ومن علماء أهل الحق، ودعوته ليست مذهبا خامسا، وإنما هي دعوة إلى العقيدة السلفية، وإلى ما كان عليه سلف الأمة من الصحابة وأتباعهم، فهو يدعو إلى توحيد الله واتباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه، وليس   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 267. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 يدعو إلى مذهب جديد كما يزعمه الجهلة، أو خصومه المعادون، عباد الأوثان، إنما دعا إلى عبادة الله وحده، وقد كانت دعوته في القرن الثاني عشر في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، وتوفي رحمه الله في سنة 1206هـ، في أول القرن الثالث عشر وكتبه موجودة تبين عقيدته، مثل كتاب التوحيد، ومثل كشف الشبهات ومثل الثلاثة الأصول كلها تبين دعوته وأنه دعا إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة لله وألا يدعى مع الله أحد، لا ملك ولا رسول ولا صنم ولا جن ولا إنس، بل العبادة حق الله وحده، وكان في الأحكام الفقهية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، إلا أن يترجح عنده بالدليل قول آخر ذهب إليه، أما ما رماه به خصومه، أو الجهلة بأنه مذهب خامس، أو أنه يحتقر الصالحين والأنبياء فهذا كله باطل، وليس في ترك الإشراك بهم احتقار لهم ولا تنقص لهم، فالأنبياء كلهم جاؤوا بالدعوة إلى توحيد الله، والنهي عن دعوة الأنبياء والصالحين وإنما المتنقص لهم الذي دعاهم من دون الله، وظن أنهم يرضون بهذا وهم لا يرضون، بأن يعبدوا مع الله، بل نهوا الناس عن ذلك، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (1)، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (2) فالرسل كلهم عليهم الصلاة والسلام، دعوا إلى   (1) سورة النحل الآية 36 (2) سورة الأنبياء الآية 25 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 توحيد الله وإخلاص العبادة له جل وعلا، وإلى اتباع الرسول فيما جاء به، وهكذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، دعا إلى توحيد الله، وتعظيم أمره ونهيه، وهكذا العلماء من أهل السنة والجماعة، دعوا إلى ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من توحيد الله والإخلاص له، كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة والثوري، والأوزاعي وغيرهم من أئمة الإسلام، كلهم دعوا إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له جل وعلا، وطاعة الأوامر التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وترك النواهي، هذا هو الحق وهذا هو دين الله، والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله دعا إلى ما دعوا إليه، دعا إلى توحيد الله، وإلى طاعة الله فيما أمر، وترك ما نهى عنه، واتباع القرآن والسنة، وترك ما خالف ذلك، فليس له مذهب خامس وليس له دعوة خامسة، بل هو يدعو إلى ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا إليه الصحابة، ودعا إليه أئمة الإسلام، بالأقوال والأعمال والعقيدة، هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، ومن قرأ كتبه عرف ذلك، والله المستعان. س: يوجد طائفة من الناس إذا دعوناهم إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى ترك الشرك بالله، اتهمونا بالوهابية، كيف نواجههم لو تكرمتم؟ (1) ج: لا يوجد مذهب وهابي، إنما هو طاعة الله ورسوله، الوهابية   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 124. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 تدعو إلى ما قاله الله ورسوله، الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي تنسب إليه الوهابية هو رجل قام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، يدعو الناس إلى ما قاله الله ورسوله، يدعو الناس إلى عقيدة السلف الصالح، من أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والسير على منهج أصحابه في الأقوال والأعمال، وهو حنبلي المذهب ولكنه وفقه الله لدعوة الناس إلى إصلاح العقيدة، وترك الشرك بالله عز وجل، وترك البدع والخرافات التي قام بها وتخلق بها المتصوفة، أو أصحاب الكلام، فهو يدعو إلى عقيدة السلف الصالح، في العمل وفي العقيدة، وينهى عما عليه أهل الكلام من بدع، وما عليه بعض الصوفية الذين خرجوا عن طريق الصواب إلى البدع، فليس له مذهب يخالف مذهب أهل السنة والجماعة، بل هو يدعو إلى مذهب أهل السنة والجماعة فقط، فإذا دعوت أحدا إلى التوحيد ونهيته عن الشرك فقالوا الوهابية، قل نعم أنا وهابي وأنا محمدي أدعوكم إلى طاعة الله وشرعه، أدعوكم إلى توحيد الله، فإذا كان من دعا إلى توحيد الله وهابيا فأنا وهابي، وإذا كان من دعا إلى توحيد الله ناصبيا فأنا ناصبي، المهم الدعوة إلى ما كان عليه رسول الله وأصحابه، والتقليد الذي ينفر به الناس عن الدعوة لا قيمة له. الواجب على المؤمن أن يتقي الله وأن يستقيم على أمر الله ولو قال له الناس ما قالوا ولو قالوا منافق، ولو قالوا وهابي ولو قالوا كذا، إذا عرف أنه يدعو إلى توحيد الله، وإلى طاعة الله ورسوله كما قال الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 ورسوله، فلا يضره المشاغبون والمنفرون بالألقاب التي يخترعونها له، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له الكفار: صابئ، وقالوا له: مجنون، وقالوا له: شاعر، وقالوا: كاهن، وقالوا: ساحر، ما ضره ذلك، واستمر في دعوته إلى الله وعلم الناس توحيد الله، ولم يبال بقولهم له إنك ساحر، أو كاهن أو ما أشبه ذلك، فهكذا أتباع الحق لا يضرهم إذا قيل لهم: وهابي، أو قيل لهم كذا أو قيل لهم كذا، أو قيل: متشدد أو قيل: منفر، أو قيل: متطرف أو كذا أو كذا يلقبونه حتى ينفروا منه الناس، ما يضره هذا، عليه أن يصبر وأن يوضح للناس الحق وأنه ليس عنده شيء يخالف شرع الله المطهر الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، فالوهابية هم هذا، الوهابية دعاة إلى توحيد الله، وإلى طاعة الله ورسوله وليس لهم مذهب جديد، إنما هم دعاة إلى توحيد الله وإلى اتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو في الفقه في الغالب على مذهب الحنابلة، إلا إذا وجدوا شيئا في المذهب الحنبلي يخالف الأرجح من أقوال العلماء لوجود الدليل الذي يؤيد ما قاله الآخرون أخذوا بالدليل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 42 - بيان ما يلزم المسلم إذا كثرت الفرق س: يقول السائل: في هذا الزمان كثرت الفرق، وكل يقول: إنه على الحق، ونريد منكم أن تتفضلوا وتعطونا ميزانا من كتاب الله، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأخذ به كل إنسان ناصحا لنفسه، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الميزان هو أن يسير على ما دل عليه القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وما درج عليه سلف الأمة والصحابة، ومن سلك سبيلهم، ينظر في كلام أهل العلم إذا كان عنده علم، ويسلك مسلك الصحابة وأتباعهم بإحسان ويحكم شرع الله باتباع كتاب الله والسنة، هذا هو الطريق هذا هو طريق النجاة، وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة: السير على ما سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وسار عليه أصحابه رضي الله عنهم، والعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والاستقامة على ذلك قولا وعملا وعقيدة، وإذا كان عنده جهل يسأل أهل العلم، ويتحرى أهل العلم والبصيرة، وأهل السنة والجماعة المعروفين بالخير، يسألهم عما أشكل عليه هذا هو طريق النجاة، أن يستقيم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قولا وعملا، قال جل وعلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} (2)، وقال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (3)، وقال تعالى:   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 346. (2) سورة الأنعام الآية 153 (3) سورة الفاتحة الآية 6 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1)، وقال جل وعلا: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (2)، هذا هو الطريق الواضح، الصراط المستقيم هو توحيد الله والإخلاص له، والسير على النهج الذي سار عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، واستقاموا عليه مع نبيهم صلى الله عليه وسلم وبعد نبيهم، وتابعهم عليه أهل السنة والجماعة قولا وعملا وعقيدة.   (1) سورة النساء الآية 59 (2) سورة الشورى الآية 10 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 43 - بيان طائفة الأشاعرة س: هل الأشاعرة من أهل السنة أرجو التوضيح؟ (1) ج: الأشاعرة عندهم أشياء خالفوا فيها أهل السنة من تأويل بعض الصفات، فهم في بعض التأويل ليسوا من أهل السنة؛ لأن أهل السنة لا يؤولون، وهذا غلط من الأشاعرة ومنكر، وعندهم مخالفات غير ذلك، والواجب على المؤمن هو طريق أهل السنة والجماعة، وهو الإيمان بأسماء الله كلها، وصفاته الواردة في القرآن الكريم، وهكذا الثابتة في السنة، يجب الإيمان بها، وإمرارها كما جاءت، بلا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تمثيل ولا تأويل، بل يجب أن تمر كما جاءت، مع الإيمان بها على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، ليس   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 20. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 فيها تشبيه لأحد، يقول سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4). ويقول سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (5)، فيجب أن تمر أسماؤه وصفاته كما جاءت، من غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل، ولا تكييف فهو سبحانه: الرحيم، والعزيز، والقدير، وهكذا سائر الأسماء والصفات، وهكذا قوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (6)، وقوله سبحانه: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (7)، وقوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا} (8) {وَأَكِيدُ كَيْدًا} (9)، كل هذه الصفات تليق بالله، على وجه يليق بالله سبحانه وتعالى، ولا تشابه كيد المخلوقين ولا مكرهم، ولا خداعهم بل على وجه يليق بالله سبحانه وتعالى، لا يشابه الخلق في ذلك، وهكذا قوله في الحديث الصحيح: «من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة (10)»، كل هذه الصفات تليق بالله، يجب الإيمان بها وإثباتها لله، على الوجه اللائق بالله تقربا يليق   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 2 (3) سورة الإخلاص الآية 3 (4) سورة الإخلاص الآية 4 (5) سورة الشورى الآية 11 (6) سورة آل عمران الآية 54 (7) سورة النساء الآية 142 (8) سورة الطارق الآية 15 (9) سورة الطارق الآية 16 (10) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته، برقم 7526، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى، برقم 2675. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 بالله، وهرولة تليق بالله، ليس فيها مشابهة لخلقه، تقربه وهرولته، وإنما هو شيء يليق به سبحانه، لا يشابه صفة المخلوقين سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1)، وهكذا قوله في الحث على الأعمال الصالحة: «فإن الله جل وعلا لا يمل حتى تملوا (2)»، ملل يليق بالله لا يشابه صفات المخلوقين في مللهم، فالمخلوقون لديهم نقص وضعف، وأما صفات الله فهي كاملة تليق به سبحانه لا يشابه خلقه، وليس فيها نقص ولا عيب، بل هي صفات تليق بالله سبحانه وتعالى، لا يشابه فيها خلقه جل وعلا. س: سائل من ليبيا وصلته الرسالة المزعومة؛ من الشيخ أحمد؛ ما تعليقكم سماحة الشيخ على هذا؟ (3) ج: نعم هذه وصية تذاع من مدة طويلة، من عشرات السنين، قد كتبنا فيها من مدة طويلة، حين كنت في الجامعة وبعد ذلك، وقلت: إنها منكرة وإنها باطلة لا أساس لها، فهي مكذوبة على الشيخ أحمد،   (1) سورة الشورى الآية 11 (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب أحب الدين إلى الله عز وجل وأدومه. . .، برقم 43، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، برقم 782. (3) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 219. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 وهي: مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، لا أساس لها بل هي باطلة، ويقول فيها من يكتبها ويوزعها، ومن لم يوزعها، ومن لم يكتبها، يجري عليه كذا ويحصل له كذا، كل هذا باطل كل هذا لا أساس له، فالواجب على من وجدها أن يحرقها ويتلفها، وقد كتبنا فيها رسالة توزع من قديم في بيان إنكارها وبطلانها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 44 - بيان مذهب أهل السنة والجماعة في نصوص الوعيد والرد على فرقة الخوارج س: سماحة الشيخ: لعلها مناسبة أن تتكرموا بالحديث عن كل ما ورد بشأن الوعيد سواء في القرآن الكريم أو في الأحاديث النبوية؟ (1) ج: ما ورد في الوعيد عند أهل السنة والجماعة يكون فيه حث للمؤمن والمؤمنة على الحذر، مما جاء فيه الوعيد من ترك واجب أو فعل محرم، كالوعيد في ترك الصلاة، ترك الصيام، ترك الزكاة، ترك الحج مع القدرة، ترك بر الوالدين، ترك صلة الرحم، ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأشباه ذلك من باب الوعيد للحث على فعل الواجب، وهكذا ما جاء في وعيد الزنى وشرب الخمر واللواط،   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 252. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 والعقوق وقطيعة الرحم والربا، كل هذه أنواع من الوعيد، والمقصود منها التنفير والتحذير من معاصي الله جل وعلا، فإذا فعل المسلم واحدا منها صار نقصا في إيمانه وضعفا في إيمانه وهو على خطر من دخول النار، لكن لا يكفر إذا كان ما أتى به ليس كفرا، لا يكفر بهذا بل يكون تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه يوم القيامة إذا كان ما تاب؛ لأن الله سبحانه يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1)، فما كان دون الشرك فالله يغفره سبحانه وتعالى لمن يشاء، وأما إذا مات على الكفر بالله والشرك بالله فإذن هذا لا يغفر، بل صاحبه مخلد في النار، نعوذ بالله، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2)، قال سبحانه: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3). فالحاصل أن المعاصي التي يفعلها الإنسان من ترك واجب، أو فعل محرم إذا كانت ليست من قسم الكفر بالله، والشرك الأكبر، فإنها تكون نقصا في الإيمان، وضعفا في الإيمان ولا يكفر بها الإنسان كما تقول الخوارج، الخوارج تقول: يكفر من أتى المعصية، من زنى كفر عندهم، من شرب الخمر كفر، من عق والديه كفر، هذا غلط قول الخوارج باطل، أهل السنة والجماعة يقولون: المعصية تنقص الإيمان   (1) سورة النساء الآية 48 (2) سورة الأنعام الآية 88 (3) سورة المائدة الآية 5 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 وتضعف الإيمان، ولا يكفرون بالذنب، ولكن يقولون: إنه تحت المشيئة إذا مات على المعصية، مات وهو على الزنى، مات وهو عاق، مات وهو يشرب الخمر، هذا تحت مشيئة الله، لا يكون كافرا، إذا كان يعتقد أنها حرام، ما استحلها، يعتقد أنها حرام وأنها معصية، لكن غلبه الشيطان، غلبه الهوى، فهذا يكون تحت مشيئة الله، ويكون ناقص الإيمان، وضعيف الإيمان، لكنه لا يكفر بذلك، ولا يخلد في النار، بل متى دخل النار، فإنه يعذب فيها ما شاء الله ثم يخرجه الله من النار لتوحيده وإسلامه الذي مات عليه، هكذا أجمع أهل السنة والجماعة رحمة الله عليهم، فالمعاصي تنقص الإيمان وتضعف الإيمان، والطاعة تزيد الإيمان، والإيمان عند أهل السنة والجماعة يزيد وينقص، يزيد بالطاعة والذكر، وينقص بالغفلة والمعصية، وإذا مات الإنسان على معصية فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة، وإن شاء عذبه على قدر معصيته من الزنى أو السرقة أو شرب الخمر، أو العقوق أو غير هذا إذا مات ولم يتب فإنه تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له وعفا عنه بتوحيده وإيمانه وبالحسنات التي عنده، وإن شاء ربنا عز وجل عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، ثم بعد أن يطهر ويمحص في النار المدة التي يكتبها الله عليه بعد هذا يخرج من النار إلى الجنة بسبب التوحيد الذي مات عليه، والإسلام الذي مات عليه هذا قول أهل الحق، قول أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سار على نهجهم فإنهم قد خالفوا الحق، والصواب قول أهل السنة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 والجماعة أن المعصية لا تخرج من الإسلام، ولا توجب الخلود في النار إذا كان صاحبها مسلما موحدا، ولكن أتى بعض المعاصي كالزنى أو شرب الخمر، أو العقوق أو الربا، ولم يستحل ذلك، يرى أنه عاص، ما استحله يرى أنه عاص وظالم لنفسه لكنه غلبه الهوى والشيطان، فهذا تحت مشيئة الله، قد يعفي عنه إذا مات على توحيد الله، قد يكون له حسنات عظيمة صدقات، أشياء من الخير، فيغفر الله له بذلك، وقد يعذب على قدر معاصيه التي مات عليها وهو مسلم ثم يخرجه الله بعد التعذيب والتمحيص إلى الجنة وقد ثبتت الأحاديث المتواترة عن رسول الله في ذلك، الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر في الأحاديث المتواترة «أنه يشفع للعصاة من أمته، ويعطيه الله منهم جمعا غفيرا، يشفع عدة شفاعات في العصاة من أمة محمد عليه الصلاة والسلام والله يحد له حدا فيخرجهم من النار ويلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل (1)»، فإذا تم خلقهم أدخلوا الجنة، فله صلى الله عليه وسلم عدة شفاعات، كلما شفع أعطاه الله جملة من الناس وحد له حدا، وهكذا يشفع المؤمنون، تشفع الملائكة، يشفع الأفراط، تشفع الأنبياء المقصود أن هذا هو الحق. فينبغي أن يعلم هذا، وأما ما قالته الخوارج من كفر العاصي،   (1) متفق عليه، أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة، برقم 6560، ومسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، برقم 183. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 الزاني ونحوه أنه يخلد في النار وهكذا تبعتهم المعتزلة على خلوده في النار والإباضية قالوا مثل قولهم في خلوده في النار، هذا منكر، هذا باطل يجب على من قال هذا القول أن يتوب إلى الله وأن يأخذ بقول أهل السنة والجماعة، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 45 - بيان معنى الصوفية س: من هم الصوفيون وما موقف الإسلام منهم، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الصوفيون: جماعات اشتهروا بإحداث طرق في العبادة والتنسك ما شرعها الله في صلواتهم وفي أذكارهم وفي خلواتهم يقال لهم: الصوفية، قال بعضهم: معناه من التصوف يعني يلبسون الصوف، وقال بعضهم: إنها من الصفاء وإن النسبة غير لغوية، يعني غير مستقيمة على الطريق السوي في النسبة، وأنها من الصفاء، وأنهم يعتنون بصفاء القلوب من كدر الذنوب وكدر كسب الحرام ونحو ذلك، فالتصوف هو التعبد على طريقة خاصة، لم تأت بها الشريعة، ولهذا غلب على المتصوفة البدع، ويسمى الزاهد الذي يحرص على التفرغ للعبادة والزهد في الدنيا وطلبها يسمى أيضا صوفيا، لكن إذا ما أحدث بدعة، وإنما صفته الزهد، والرغبة في الآخرة والتقلل من الدنيا، والحرص   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 226. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 على أعمال الآخرة، هذا لا يسمى صوفيا، في الحقيقة يسمى زاهدا فإذا كان زهده لا يوقعه فيما حرم الله ولا يزيد في أعماله عما أوجب الله، ولا يبتدع بل يتحرى الشريعة، في أعماله وأقواله، فهذا مشكور ويثنى عليه كالجنيد بن محمد، وكسليمان الداراني، وبشر الحافي وجماعة، زادوا في العبادة والزهد في الدنيا، فهؤلاء يثنى عليهم كثير، من أجل زهدهم ورغبتهم في الآخرة وعدم ابتداعهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 46 - الطرق الصوفية وبيان ما فيها من البدع س: هنالك طرق كثيرة جدا، مثل الطريقة البرهانية، والطريقة الشاذلية والطريقة الدسوقية، والطريقة التيجانية إلى آخر هذه الطرق. ومن بينها جماعة أنصار السنة المحمدية، وهي جماعة التوحيد التي تقتدي بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بنصيحة مطولة إلى مشايخ وعوام هذه الطرق، لكي يسيروا في درب المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة (1)»؟ ج: الطرق الصوفية كثيرة لا تحصى، وهي تزيد على طول الزمان، وأكثرها فيه من الشر والفساد والبدع ما لا يحصيه إلا الله عز وجل،   (1) أخرجه أبو داود كتاب السنة، باب شرح السنة، حديث رقم 4597، وابن ماجه كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، حديث رقم 3992. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 وكل طريقة فيها قسط من الباطل، وقسط من البدع، لكنها متفاوتة، بعضها شر من بعض، وبعضها أخبث من بعض، والواجب على جميع المتصوفة أن يرجعوا إلى الله، وأن يتبعوا طريق محمد عليه الصلاة والسلام، وأن يأخذوا بما جاء في الكتاب والسنة، ويسيروا على نهج سلف الأمة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، بطاعة الأوامر وترك النواهي والوقوف عند حدود الله، وعدم إحداث أشياء ما شرعها الله، ليس لهم أن يوجدوا طرقا يتعبدون بها لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، بل يجب أن يحاسبوا أنفسهم، وأن يدعوا كل ما خالف الشرع المطهر، من طقوسهم وأذكارهم الاجتماعية وغير هذا مما أحدثوه في الدين سواء كانوا من القدامى في القرن الثالث والرابع أو من المحدثين، الواجب على جميع المسلمين أن يلتزموا الطريق الذي بعث الله به نبيه عليه الصلاة والسلام، وهو توحيد الله والإخلاص له، وطاعة الأوامر وترك النواهي ظاهرا وباطنا، وأن يلتزموا بذلك، وأن يحذروا البدع والخرافات التي أحدثها الناس، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)»، وقال في خطبة الجمعة: «إن خير الحديث كتاب الله، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 بدعة ضلالة (1)»، سواء كانت الطرق التي أحدثها الناس قديمة أو جديدة الواجب تركها، واعتماد الطريق الذي سلكه المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم، إلى يومنا هذا، وهو اتباع كتاب الله والسنة والاستقامة على دين الله، كما جاء عن الله وعن رسوله، من غير زيادة ولا نقصان. وأما إحداث طقوس أو طوائف جديدة، لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه فهذا لا يجوز وهذا هو الذي يسمى البدعة، وأنصار السنة المحمدية من خيرة الناس في مصر وفي السودان، أنصار السنة هم الذين يدعون إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وليسوا من الفرق الضالة، بل هم من فرقة أتباع الكتاب والسنة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الفرق: «وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل من هي يا رسول الله؟ قال: الجماعة (2)» الذين اجتمعوا على الحق وساروا على نهج النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الصحابة ومن سلك سبيلهم، وفي رواية أخرى: «هم من كان على ما أنا عليه وأصحابي (3)»، يعني الذين تمسكوا بطريق النبي صلى الله عليه وسلم وطريق أصحابه، وساروا عليه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، برقم 3992. (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، برقم 2641. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 فالواجب على المسلمين أن يلزموا هذا الطريق، وهو طريق النبي صلى الله عليه وسلم، باتباع الأوامر وترك النواهي، وعدم إحداث أي شيء من الحوادث، لا في الأذكار ولا في الصلوات، ولا في الصوم ولا في غير ذلك، بل يجب السير على ما سار عليه الصحابة رضي الله عنهم، وأتباعهم بإحسان، هذا هو الحق، ولما تفرق الناس كثرت بينهم البدع والأهواء، وكل اخترع لنفسه طريقة من كيسه، لم يشرعها الله له، ولهذا تعددت الطرق حتى وصلت إلى ثنتين وسبعين فرقة غير الفرقة الناجية، ومنهم الجهمية والمعتزلة والروافض، وجماعات أخرى كثيرة كلها داخلة في هذه الفرق الضالة. فيجب على المؤمن أن يحذر كل بدعة أحدثها الناس، وأن يلزم طريق النبي صلى الله عليه وسلم، وطريق أصحابه وما سار عليه صحابته رضي الله عنهم وأرضاهم وأتباعهم بإحسان، في طاعة الأوامر وترك النواهي والوقوف عند حدود الله، وعدم إحداث شيء ليس له أصل في الشرع، والله المستعان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 س: عندنا بالسودان كثير من الطرق الدينية مثل الطرق الصوفية والإخوان المسلمين وأنصار السنة والإخوان الجمهوريين والزعيم محمد محمود طه، والذي يدعي بأن الصلاة رفعت عنه، وأن اللحمة محرمة، فما رأيكم في ذلك، وما هو موقفنا نحن هل نقف مع أحد هذه الفرق، أم نقف منحازين ومنفردين وفقكم الله؟ (1) ج: الطريق السوي هو طريق محمد صلى الله عليه وسلم، ليس هناك طريق سديد ولا صالح إلا طريق محمد صلى الله عليه وسلم، هو الطريق السوي هو الصراط المستقيم، أما الطرق التي أحدثتها الصوفية، أو أحدثها غيرهم مما يخالف شريعة الله، فهذه لا يعول عليها، ولا يلتفت إليها، بل الطرق كلها مسدودة، إلا الطريق الذي بعث الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، هو الطريق الصحيح، وهو الطريق الموصل إلى الله وإلى جنته وكرامته، أما الألقاب ما يلقب بأنصار السنة أو الإخوان المسلمين أو جماعة المسلمين، أو جمعية كذا لا بأس بهذه الألقاب، الألقاب لا تضر، المهم العمل، إذا كانت الأعمال تخالف شريعة الله تمنع، وهكذا طرق الصوفية، كل الطرق التي أحدثها الصوفية، مما يخالف شرع الله، كله منكر لا يجوز، وليس للصوفية ولا غيرهم أن يحدثوا طريقا يسلكونه غير طريق محمد صلى الله عليه وسلم، لا في الأذكار ولا في العبادات الأخرى، بل   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 32. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 لا بد أن يسلكوا طريق محمد صلى الله عليه وسلم، طريق نبينا عليه الصلاة والسلام ليس للناس طريق آخر، بل الواجب على جميع أهل الأرض أن يسلكوا طريق نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، في أقوالهم وأعمالهم وهو الطريق الذي قال الله فيه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1)، وهو الذي قال فيه جل وعلا: وإنك يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (2) {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} (3)، هكذا قال جل وعلا في سورة الشورى، هذا طريق الله، وهو صراط الله الذي بعث الله به نبيه، وخليله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم. فالواجب على جميع أهل الأرض أن يأخذوا بهذا الطريق، ويستقيموا عليه، وليس للصوفية ولا لغير الصوفية أبدا أن يحدثوا طريقا آخر لا في أذكارهم الصباحية ولا المسائية ولا في غير ذلك ولا في استحضارهم شيوخهم عند صلاتهم لا، كل هذا منكر ولكن إذا أقيمت الصلاة أو في الأذكار يستحضر ربه يكون في قلبه ربه جل وعلا، يستحضر عظمته وكبرياءه وأنه واقف بين يديه فيعظمه جل وعلا ويخشاه ويراقبه ويكمل صلاته ويكمل عبادته على خير وجه، حسب ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، هذا هو الواجب، أما كون بعض الجماعات تلقب نفسها بشيء علامة لها، مثل أنصار السنة   (1) سورة الفاتحة الآية 6 (2) سورة الشورى الآية 52 (3) سورة الشورى الآية 53 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 في السودان، أو في مصر، فلا حرج في ذلك إذا استقام الطريق، إذا سلكوا طريق نبينا صلى الله عليه وسلم، واستقاموا عليه أو مثل الإخوان المسلمين، لقبوا أنفسهم بهذا اصطلاحا بينهم لا يضر لكن بشرط أن يستقيموا على طريق محمد صلى الله عليه وسلم وأن يسلكوه وأن يعظموه وأن يعتقدوا أن جميع المسلمين إخوانهم من أنصار السنة من جماعة المسلمين من أي مكان لا يتحزبون بأصحابهم، فيعادوا غيرهم من المسلمين، لا، بل يجب أن تكون هذه الألقاب غير مؤثرة في الأخوة الإسلامية أما إذا أثرت فصار هذا يغضب لحزبه ويرضى لحزبه، ويقرب حزبه ويبعد غير حزبه، ولو كانوا أفضل من حزبه، ولو كانوا أهل الإيمان والتقوى، هذا منكر هذا لا يجوز، هذا تفرق في الدين، والله يقول سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (1)، فإذا كان التلقيب بأنصار السنة وبالإخوان المسلمين أو بكذا أو بكذا يؤثر في الأخوة الإيمانية يؤثر في التعاون على البر والتقوى، هذا لا يجوز، هم إخوة في الله يتعاونون على البر والتقوى ويتناصحون مهما تنوعت ألقابهم، أما إذا أوجدوا لقبا يوالون عليه ويعادون عليه، ويعتبرون من دخل فيه هو وليهم، ومن لا فلا، هذا لا يجوز.   (1) سورة آل عمران الآية 103 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 47 - حكم بيعة أفضال الناس ورؤساء الجمعيات س: يوجد جماعة، يدعون أنهم ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقوم بعض الناس بمبايعتهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع، والسؤال هل للنبي عليه أفضل الصلاة والتسليم ذرية، وهل تجوز مبايعتهم على هذا الأساس، علما بأنهم متخذون لوالدهم ضريحا، ويسكنون بجواره، نرجو التوضيح وتبيان حكم الدين في هذا الادعاء، ولكم الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى؟ (1) ج: نعم له صلى الله عليه وسلم ذرية من جهة بناته، أما أولاده الذكور فماتوا صغارا، ليس لهم ذرية، إنما ذريته من جهة البنات، من جهة الحسن والحسين أولاد فاطمة رضي الله تعالى عن الجميع، لهم ذرية للحسن والحسين ذرية، وهم إذا حفظ نسبهم وضبط بالبينة، يعتبرون من بني هاشم، ولا تحل لهم الصدقة - الزكاة - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس (2)». فالصدقة لا تحل لآل محمد، إذا كانوا من ذرية الحسن أو الحسين، أو غيرهما ممن ينتسب لآل هاشم، كأولاد علي مطلقا، وكأولاد محمد بن علي وغيره.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 194. (2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة، برقم 1072. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 فالحاصل أن من كان من ذرية بني هاشم، فهم من آل بيته صلى الله عليه وسلم، ومن كان من ذرية الحسن والحسين، فإنهم يعتبرون من ذريته صلى الله عليه وسلم من جهة البنات كما قال في الحسن: «إن ابني هذا سيد (1)». فسماه ابنه وهو ولد بنته، فهؤلاء البنات ذرية، وقد سمى الله عيسى من ذرية آدم، وهو من ذرية مريم، وليس له أب عليه الصلاة والسلام، وأدخله الله في الذرية ذرية آدم، وذرية إبراهيم. فالحاصل أن أولاد البنات من ذرية جدهم الذي هو والد أمهم، كما أن من عرف بالبينة الشرعية أنه من بني هاشم سواء كان من أولاد الحسن أو الحسين أو غيرهما فإنه يعتبر من آل البيت، ولا يجوز لهم الأخذ من الزكاة بنص النبي عليه الصلاة والسلام. وأما البيعة فلا أصل لها، لا يبايعون إلا من استولى على مسلمين، ورضيه المسلمون وبايعوه، هذا لا بأس مثلما بويع علي رضي الله عنه لما تولى أمر المسلمين بعد عثمان رضي الله عنه، البيعة لا تكون إلا لولي الأمر، إما بالقهر والغلبة إذا تولى على المسلمين وقهرهم بسيفه بايعوه، كما بايع المسلمون عبد الملك بن مروان، وبايعوا آخرين، أو باتفاق أهل الحل والعقد على بيعة إنسان، يتولى عليهم لكونه أهلا لذلك، أما بيعة أفضال الناس هذا شيء لا أصل له، أو بيعة رؤساء   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه (ابني هذا سيد)، برقم 2701. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 الجمعيات، البيعة لا تكون إلا من جهة أهل الحل والعقد في البلاد التي فيها دولة ليس فيها سلطان، ليس فيها أمير، فيجتمع أهل الحل والعقد على بيعة إنسان أهلا لذلك بأن يكون سلطانهم قد مات، فيتفقون على بيعة إنسان بدلا من الميت، أو يبايع إنسان استولى عليهم بالقوة والغلبة، فصار أميرا عليهم بالقوة والغلبة، فإنه يبايع حينئذ. س: هذا السائل من القاهرة يقول في سؤال طويل بعض الشيء: سماحة الشيخ، هل يجب على الإنسان أن يكون بينه وبين الله عز وجل واسطة، فمثلا أنا لا أصل لمرضاة الله إلا عن طريق الشيخ، ويستشهدون بذلك الحديث كما يقولون: " من لا شيخ له فشيخه الشيطان "، كما أنهم يقولون: هذا الشيخ يمشي على طريقة الشيخ الرفاعي، وهذا الشيخ يمشي على طريقة الشيخ الشاذلي هل هؤلاء الأولياء لهم كرامات عند الله، بعد أن ماتوا ولهم طرق يجب علينا اتباعها ليرضوا عنا في قبورهم، فنبقى على طرقهم كما يقولون، ويستمر في السؤال عن هذه القضية جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذه الطرق كلها مبتدعة، الشاذلية والرفاعية والنقشبندية   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 311. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 والخلوتية والقادرية وغير ذلك، كلها طرق صوفية مبتدعة يجب تركها، والطريق الذي يجب سلوكه هو طريق النبي صلى الله عليه وسلم، طريق أهل السنة والجماعة، طريق الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، الذي تلقوه عن نبيهم عليه الصلاة والسلام، فأنت تتبع ما في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتسأل علماء السنة عما أشكل عليك، هذا هو الواجب عليك، أما قولهم: " من لا شيخ له فشيخه الشيطان " فهو باطل، ليس له أصل، وليس بحديث، وليس لك أن تتبع طريقة الشيخ إذا كانت مخالفة للشرع، بل عليك أن تتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، ومن تبعهم بإحسان، في صلاتك وفي دعائك وفي سائر أحوالك، يقول الله جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (1)، ويقول سبحانه وتعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (2) الآية. فأنت عليك أن تتبعه بإحسان، باتباع الشرع الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والتأسي به في ذلك وعدم البدعة التي أحدثها الصوفية، وغير الصوفية.   (1) سورة الأحزاب الآية 21 (2) سورة التوبة الآية 100 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 48 - حكم المبايعة على الطرق الصوفية س: أنا شاب من الهند جئت إلى المملكة العربية السعودية الرياض، لمنحة دراسية للدراسة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بكلية أصول الدين قسم العقيدة، والحمد لله تخرجت منها العام الماضي، وبفهمي لما درسته عرفت ما عليه بلادنا في الهند، من المسلمين من الشرك والطرق الصوفية، والبدع المنتشرة، فذهبت بعزم على الدعوة إلى الله، وتصحيح العقيدة وتخليصها من كل ما يشوبها من شرك أو طرق صوفية، لكن عندنا في الهند مشهور، المبايعة على الطرق وكأنهم يعتقدون أنه من لم يبايع فليس بمسلم، لذلك وجدت صعوبة في الدعوة، وجاءت في نفسي فكرة ولكن لم أفعلها، وأنا أستشيركم فيها، وهي أن أبايع من يأتي على صورة قول الصحابي، بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة. الحديث، لكن في هذه البيعة نبين لهم فيها أن المطلوب، هو إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وأبين فيها البدع وتحريم الطرق الصوفية بأسلوب حسن، وأحثهم على التمسك بالسنة والمحافظة على الصلوات الخمس، وقراءة القرآن وذكر الله، الذكر المشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم، في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما، وهذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 الفعل يكون عندهم مبايعة ويغنيهم عن الذهاب للصوفية، وهو في الحقيقة أمر بما جاء عن الله عز وجل، وعن النبي صلى الله عليه وسلم، ما هو رأي سماحتكم في هذا الفعل أفتونا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: لا نعلم أصلا لهذه البيعة، إلا ما يحصل لولاة الأمور فإن الله شرع سبحانه أن يبايع ولي الأمر، على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر وفي الأثرة على المبايع، كما بايع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم نبينا عليه الصلاة والسلام، فالبيعة تكون لولاة الأمور، على مقتضى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن يقولوا بالحق أينما كانوا، وألا ينازعوا الأمر أهله، إلا أن يروا كفرا بواحا، عندهم من الله فيه برهان، أما بيعة الصوفية بعضهم لبعض، فلا أعلم لها أصلا، وهذا قد يسبب مشكلات، فإن البيعة قد يظن المبايع، أنه يلزم المبايع طاعته في كل شيء، حتى ولو قال بالخروج على ولاة الأمور، وهذا شيء منكر لا يجوز. فالواجب على الداعي إلى الله عز وجل، والمبلغ عن الله أن يبين للناس الحق ويحثهم على التزامه، ويحذرهم من مخالفة أمر الله ورسوله، من غير حاجة أن يبايعوه على ذلك، فإن البيعة على هذا الأمر قد يظن بها، ويعتقد فيها أنها لازمة لهذا الشخص، بالنسبة للشخص   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 120. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 المبايع، وأنه لا يخالفه فيما يقول له، وأنه يسمع له ويطيع، كما يكون لولاة الأمور، وهذا يسبب الفرقة والاختلاف بين المسلمين، والنزاع والفساد، ولكن يأمره بطاعة الله ويوصيه بطاعة الله، ويحثه على الالتزام بأمر الله، ويحذره من محارم الله هكذا الداعية إلى الله عز وجل، وهذا هو الذي أعلم من الشرع المطهر، ولا أعلم من الشرع المطهر بيعة لغير ولاة الأمور، على السمع والطاعة وعلى اتباع الكتاب والسنة، وفي إمكان الداعية إلى الله جل وعلا، أينما كان أنه يبصر الناس ويرشدهم، إلى توحيد الله وطاعته ويحذرهم من البدع، ويتلو عليهم النصوص من الآيات الكريمات، والأحاديث النبوية التي فيها بيان الحق، والدعوة إليه وفيها التنبيه على أنواع الباطل، والتحذير منه وهذا هو الذي أراه لازما ومتعينا في حق الدعاة، إلى الله عز وجل حتى لا يتأسوا بالصوفية، فيما يفعلون وحتى لا يفتحوا على الناس باب شر لكل من أراد أن يبايع أحدا، قال: بايعني كما بايع فلان وكما بايع فلان، والله المستعان. والذي أوصي به إخواني جميعا، ترك هذه الطريقة وهي المبايعة، وأن يكتفي الداعية إلى الله جل وعلا، بالدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى الخير، والنصيحة والحث على اتباع الحق ولزومه، وترك ما خالفه أينما كان، وليس المقصود بيعة فلان أو فلان، المقصود اتباع الرسول بما جاء به، والالتزام بذلك، الله ألزم الناس بطاعة الله ورسوله، وترك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 ما نهى الله عنه ورسوله، ولم يكن هناك بيعة، فإن المؤمن يلزمه طاعة الله ورسوله، في كل شيء وترك ما نهى الله عنه ورسوله في كل شيء، سواء كان من الصحابة أو من غير الصحابة، لكن البيعة من باب التأكيد على التزام الحق الذي بعث الله به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، وهكذا ولاة الأمر بعده، الصديق وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، يلزم الرعية أن يطيعوهم في المعروف وإن لم يكن بيعة، لكن البيعة من باب التأكيد ومن باب الإلزام بالحق لهذا الذي ولاه الله أمر المسلمين، حتى يكون ذلك حافزا للمبايع على السمع والطاعة بالمعروف، وعلى التزام الحق، أما غير خليفة المسلمين، وغير ولي أمر المسلمين، فليس هناك حاجة لهذه البيعة، المقصود إنما هو تنبيهه إلى الخير، ودعوته إليه وتحذيره من الشر فقط، وليس المقصود أن يبايع على هذا الشيء، ويلتزم برأي فلان أو قول فلان، إنما اللازم أن يلتزم الحق، ويستقيم على الحق الذي دعاه إليه فلان، أو بلغه من كتاب الله سبحانه وتعالى، أو من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا هو الواجب، والمعول على الكتاب والسنة لا على رأي فلان وفلان، إنما العلماء يبينون ويرشدون، وينقلون للناس الآيات والأحاديث، ويبصرونهم بمعناها، وليس المقصود تحكيم رأي فلان أو فلان. والذي أعلمه من الشرع، أنه لا بيعة إلا لولاة الأمور، أو نوابهم لأخذ البيعة لهم، كأميرهم في الأقطار، نائب عنهم في أخذ البيعة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 سواء كان عالما أو أميرا أو قاضيا، المقصود إذا استنابه ولي الأمر، أن يأخذ البيعة من البلد الفلاني أو القرية الفلانية، أخذ البيعة لولي الأمر بالنيابة. س: يسأل ويقول: كثيرا ما أسمع أن أحد الأشخاص أخذ طريقة من أحد السادة، أو المشايخ وبعد ذلك يستطيع أن يضرب نفسه بالسيف ويأكل الزجاج، أريد من سماحتكم السر في هذه الطريقة؟ وماذا يقال له؟ وبماذا توجهونني وأنا شاب في مقتبل العمر، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذه الطريقة من الطرق الصوفية الباطلة، وهذه كلها تخييل وكلها كذب، لا يطعن نفسه ولا يذبح نفسه، كلها كذب، كلها باطلة كلها تخييل على الناس من أعمال الشياطين وعمل أعداء الله الذين زينوا لهم هذا الباطل. فالشياطين تحسن لهم أن يفعلوا هذه الأشياء وتعمل ما يجعل الحاضرين يظنون أن هذا واقع، وليس بواقع يقتل نفسه ويطعن نفسه بالجنبية، بالسكين، بالرمح، يقطع رأسه ويزيله كل هذه خرافات، كلها باطلة. والذين يعملونها هم مبطلون، ضالون ومضلون، يجب أن يعاقبوا على ذلك، يجب على ولاة الأمور إذا كانوا مسلمين أن يعاقبوهم، وأن يمنعوهم من هذه الطريقة الخبيثة. وبعضهم يسميها   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 231. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 الطريقة الرفاعية. المقصود أن هذه الطريقة باطلة وما يزعمون من طعنهم أنفسهم بالسكاكين، أو بالرماح، أو بالخناجر كلها باطلة، وكأكلهم الزجاج، كله باطل، يكذبون. فلو طعن نفسه لهلك، ولو أكل الزجاج لهلك. لكن هذه من خدع الشيطان ومن مكايد الشيطان التي يلعب بها على الناس، نسأل الله العافية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 49 - بيان الطرق الصوفية س: هل كل الطرق الصوفية على خطأ، أرجو ردا قاطعا أفادكم الله؟ (1) ج: الطرق الصوفية محدثة، وهي من البدع وهي متفاوتة، بعضها شر من بعض، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3)» فالطرق لا نحصيها، وإحصاؤها يحتاج إلى تعب كثير، ومراجعة كتب كثيرة، لكنها في الجملة محدثة: التيجانية والبرهانية والخلوتية، والقادرية والنقشبندية، وطرق أخرى،   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 144. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (3) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 لكنها متفاوتة بعضها شر من بعض، فينبغي لك يا أخي اجتنابها كلها، وأن تلزم طريقة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام، التي درج عليها أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم والتابعون لهم بإحسان من الأئمة الأربعة وغيرهم، الزم طريق محمد عليه الصلاة والسلام، وهي فعل ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، هذه هي الطريقة المحمدية التي جاء بها نبينا عليه الصلاة والسلام، وعليك بسؤال أهل العلم المعروفين بالاستقامة على دين الله والبعد عن طرق الصوفية، عليك بسؤالهم عما أشكل عليك، والجامع لهذا هو أن تلزم ما أمر الله به ورسوله، وأن تنتهي عما نهى الله عنه ورسوله، مما بينه أهل العلم، كما في الصحيحين صحيح البخاري ومسلم، والسنن الأربع وفي كتاب المنتقى لابن تيمية، وبلوغ المرام للحافظ ابن حجر، وعمدة الحديث للشيخ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، وغيرها من كتب الحديث وهكذا مثل زاد المعاد في هدي خير العباد، للعلامة ابن القيم رحمه الله، كل هؤلاء أوضحوا طريقه عليه الصلاة والسلام، وبينوا سبيله عليه الصلاة والسلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 50 - بيان ضلال ابن عربي الصوفي س: رسالة من المستمع ع. ب. د. من الجمهورية العربية السورية يسأل سماحتكم فيقول: أسألكم عن الصوفية وعن حقيقتهم وخرافاتهم إذ أننا نسمع كثيرا عنهم، ولا سيما فيما يكتب في كتب محيي الدين ابن عربي الصوفي، وجهونا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الصوفية أقسام، وهم في الأغلب مبتدعة، عندهم أوراد وعبادات يأتون بها ليس عليها دليل شرعي، ومنهم ابن عربي، فإنه صوفي مبتدع ملحد، وهو المعروف بمحيي الدين ابن عربي، وهو صاحب وحدة الوجود، وله كتب فيها شر كثير، فنحذركم من أصحابه وأتباعه؛ لأنهم منحرفون عن الهدى، وليسوا على الطريق المستقيم، وهكذا جميع الصوفية الذين يتظاهرون بعبادات ما شرعها الله، أو أذكار ما شرعها الله، مثل الله الله الله، هو هو هو، هذه أذكار ما شرعها الله، المشروع لا إله إلا الله، سبحان الله، الحمد لله، أما هو هو هو، الله الله الله، فهذا ما هو بمشروع، وهكذا ما يفعلون من الأغاني التي يرقصون عندها، التي يفعلها بعضهم، أغان مع الرقص، وضرب على آلات اللهو، أو ضرب تنكة، أو صحن أو جاعد أو غير ذلك، كل هذه لا أصل لها، كلها من البدع.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 311. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 والضابط أن كل إنسان يتعبد بغير ما شرعه الله، يسمى مبتدعا فاحذروا، وعليكم باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن كان من أهل السنة والجماعة الذين يسيرون على نهج النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى ما كان عليه في أعماله عليه الصلاة والسلام، يصلون كما يصلي، ويصومون كما يصوم، ويحجون كما يحج، من دون إحداث بدع، فأنتم تحروا أهل السنة، واسألوا عنهم، وتعلموا منهم، وعلامتهم أنهم يتحرون ما قاله الله ورسوله، ويتحرون سيرة الصحابة وما درجوا عليه، ويحذرون من البدع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 51 - حكم الانتساب للجماعة الصوفية س: الأخ: ح. ن. أ. الصومالي، من بقيق، يسأل عن الصوفية وعن بعض مشايخهم مثل: السيد البدوي، والشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ يوسف الكونين، يرجو توجيهه، ويذيل رسالته في نهايتها فيقول: هل تصدقون أنني طفت حول خشبة مصنوعة بشكل تابوت، ولم أكن وحدي وكان احتفالا نظمته إحدى الجهات، وجهونا تجاه هذه الجماعات، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الجماعات المعروفة بالصوفية، جماعات محدثة وجماعات مبتدعة، وهم متفاوتون في البدع، فيهم من بدعته تصل إلى الشرك   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 144. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 الأكبر، وفيهم من بدعته دون ذلك، فوصيتي لك أيها السائل، ألا تنتسب إليهم، وألا تغتر بهم، وألا تكون معهم، بل عليك باتباع السنة، والالتزام بما شرع الله، وما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وسؤال أهل العلم المعروفين بالعقيدة الطيبة، والاستقامة على طريق أهل السنة والجماعة، مثل أنصار السنة في مصر، أنصار السنة في السودان، ومن عرف بالعلم والفضل من سائر العلماء، تسألهم وتستفيد منهم، هذا هو الذي ينبغي لك، أما الصوفية فلا؛ لأن الغالب عليهم البدع والخرافات، وأشياء أحدثوها لأنفسهم، وجعلوها نظاما لهم ليس له أساس في الشرع المطهر، وبعض بدعهم تصل إلى الشرك، كعبادة الأموات والاستغاثة بالأموات من أصحاب القبور وغيرهم، وكدعاء البدوي والسيدة زينب، والاستغاثة بالبدوي أو بالحسين أو ما أشبه هذا، كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بالقبور، أو بخشبة تصنع يطاف حولها، كل هذا من المنكرات العظيمة، والطواف عبادة لله حول الكعبة، من طاف على قبر أو خشبة أو غير ذلك: يطوف تعبدا لغير الله، بل لصاحب القبر أو لمن وضع الخشبة، أو للخشبة نفسها يدعوها أو يعتقد فيها، صار عمله كفرا أكبر، نسأل الله العافية، فالواجب عليك أن تتبصر في دينك، وأن تجتهد في تدبر القرآن الكريم والإكثار من تلاوته، مع السنة المطهرة والعناية بها، كحفظ بلوغ المرام، وعمدة الحديث؛ حتى تستفيد، مع سؤال أهل العلم المعروفين بالعقيدة الطيبة، والسيرة الحميدة وأذكر لك من جملتهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 أنصار السنة في مصر، وأنصار السنة في السودان، وهكذا من يعرف بالعلم في بلادك، علم السنة والبعد عن الصوفية والغلو في القبور، هذه علامات أهل السنة، فعلامات أهل السنة البعد عن الصوفية، والبعد عن الغلو في القبور، هذه من الدلائل على أن العالم من أهل السنة، إذا دعا إلى القرآن العظيم، والسنة المطهرة وحذر من عبادة القبور والاستغاثة بأهلها ونحو ذلك، وابتعد عن بدع الصوفية فهذه علامات العالم الملتزم صاحب السنة، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 52 - حكم سرد قصص أصحاب الفرق الصوفية س: الأخ: ح. م. ح، سوداني يعمل بمنطقة المدينة المنورة، يسأل ويقول: قرأت كتابا عنوانه كتاب الطبقات للشيخ محمد بن ضيف الله، ويشتمل هذا الكتاب على قصص أصحاب الطرق الصوفية ومشايخها، وقرأت بهذا الكتاب قصة غريبة وهي أن أحد المشايخ قد توفي عند وقت العصر، وحينما أراد الحاضرون أن يذهبوا به إلى المقبرة، وكان بينهم وبينها البحر وعندما وصلوا إلى شاطئ البحر كادت الشمس أن تغرب وفكروا في أن يرجعوا بالجنازة ويصبروها حتى الصبح، وحين تشاورهم في ذلك الأمر فإذا بالشمس ترجع إلى المشرق حتى ذهبوا بالجنازة، وقطعوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 بها البحر ودفنوها. أسأل عن مثل هذا القصص هل يقع لأولياء الله؟ أفتونا عظم الله مثوبتكم (1). ج: هذه القصة من موضوعات الصوفية وكذبهم الكثير، فلا ينبغي أن يغتر بهم، ولا نعلم هذا وقع لأحد من الأولياء، وإنما وقع ليوشع بن نون فتى موسى، وهو نبي من الأنبياء، لما حاصر الجبارين، فالمقصود أن هذا لم يقع لأحد من الأولياء فيما نعلم، والصوفية يكذبون كثيرا ولا ينبغي أن يغتر بما يقولون، ولا يعتمد على ما ينقلون من الوقائع، والله على كل شيء قدير، لكن لا نعلم لهذا أصلا، وهو سبحانه وتعالى القادر على كل شيء، ولم يقع هذا لأحد فيما نعلم، فيما صحت به السنة سوى ما علم من قصة يوشع بن نون فتى موسى.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 172. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 53 - الطاعة الواجبة هي طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم س: يقول السائل: في بلدنا طوائف متفرقة كل طائفة تتبع شيخا يرشدها ويعلمها أشياء، ويعتقدون أنهم يشفعون لهم عند الله يوم القيامة، ومن لم يتبع أحد هؤلاء المشايخ يعتبر ضائعا في الدنيا والآخرة، فهل علينا اتباع هؤلاء أم مخالفتهم، أفيدونا بارك الله فيكم؟ (1) ج: يذكر السائل أن لديهم ثلاثة مشايخ يتبعونهم وأن من ليس له شيخ فهو ضائع في الدنيا والآخرة إذا لم يطع هذا الشيخ، والجواب عن هذا أن هذا غلط ومنكر لا يجوز اتخاذ هذا الشيء ولا اعتقاده، وهذا واقع في كثير من الصوفية، يرون أن مشايخهم هم القادة، وأن الواجب اتباعهم مطلقا، وهذا غلط عظيم وجهل كبير، وليس في الدنيا أحد يجب اتباعه إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام، هو المتبع عليه الصلاة والسلام، أما العلماء وكل واحد يخطئ ويصيب، فلا يجوز اتباع قول أحد من الناس كائنا من كان إلا إذا وافق شريعة الله، وإن كان عالما كبيرا، فقوله لا يجب اتباعه، إلا إذا كان موافقا لشرع الله، الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، لا الصوفية ولا غير الصوفية، واعتقاد الصوفية في هؤلاء المشايخ أمر باطل غلط، والواجب عليهم التوبة إلى الله من   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 49. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 ذلك، وأن يتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الهدى، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، المعنى: قل يا أيها الرسول للناس إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، والمراد هو محمد صلى الله عليه وسلم، قل يا أيها الناس أي قل يا محمد لهؤلاء الناس المدعين المحبة: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، يعني خاطبهم بهذا بصرهم وبين لهم، قال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (2)، وقال سبحانه: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (3)، وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (4). فالطاعة الواجبة هي الطاعة لله ورسوله، ولا يجوز طاعة أحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا إذا وافق قوله شريعة الله، وكل واحد يخطئ ويصيب ما عدا الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الله عصمه وحفظه فيما يبلغه للناس من شرع الله عز وجل، قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (5) فعلينا جميعا أن نتبع ما جاء به عليه الصلاة والسلام، وأن نعتصم بدين الله، ونحافظ عليه، وألا نغتر برأي الرجال، ولا نأخذ بأخطائهم، بل يجب أن نعرض أقوال الناس وآراء الناس على كتاب الله، وعلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام،   (1) سورة آل عمران الآية 31 (2) سورة الحشر الآية 7 (3) سورة النساء الآية 59 (4) سورة النور الآية 56 (5) سورة النجم الآية 4 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 فما وافق الكتاب والسنة أو أحدهما قبل، وما لا فلا، قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1)، وقال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (2)، وقال عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (3). فتقليد المشايخ واتباع آرائهم حقا كانت أم باطلا هذا أمر لا يجوز عند جميع العلماء، بل ذلك منكر بإجماع أهل السنة والجماعة، وبإجماع أهل العلم، لكن ما وافق الحق من أقوال العلماء أخذ به لأنه وافق الحق، لا لأنه قول فلان، وما خالف الحق من أقوال العلماء أو مشايخ الصوفية أو غيرهم وجب رده والأخذ بالحق الذي جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام.   (1) سورة النساء الآية 59 (2) سورة الشورى الآية 10 (3) سورة الأنعام الآية 153 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 54 - حكم اعتقاد أن يسلك كل مسلم طريقة صوفية معينة س: الرسالة التالية من الجمهورية العراقية، وباعثها يقول: سؤالي عن بعض الطرق الصوفية، التي تنتشر في بلادنا، ويقول العلماء: يجب على كل مسلم أن يسلك طريقة صوفية معينة، وإلا فهو على ضلالة من أمره، ويقولون من ذاق عرف ومن لم يذق انحرف، أي من ذاق الإيمان عن طريق الصوفية، وكما يوجد رجل يقال له: خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلان النقشبندي، وطريقته تسمى النقشبندية، ومنتشرة بشكل واسع في بلادنا، ويقول العلماء من لم يسلك هذه الطريقة فهو خاسر، وكما ينكرون أكثر أقوال علماء السلف الصالح، وخاصة في العقيدة، أفيدونا مأجورين، جزاكم الله خير الجزاء؟ (1) ج: الواجب على كل مسلم أن يسلك طريق نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، الذي درج عليه أصحابه رضي الله عنهم، ثم سلف الأمة من التابعين، وأتباعهم من الأئمة الأربعة وغيرهم، هذا هو الواجب. أما الطرق التي أحدثها الناس ويسمونها الطرق الصوفية، هذه لا يجوز سلوكها، ولا يلزم أحد سلوكها: لا نقشبندية ولا قادرية ولا تيجانية، ولا خلواتية ولا شاذلية ولا غير ذلك، جميع الطرق   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 101 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 لا يجوز سلوك شيء منها، لأنها محدثة، قد سار الصحابة قبلها على ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن تحدث هذه الطرق، وهكذا من بعدهم من أئمة السلف، أفكانوا خاسرين؟ لأنهم قد تركوها، بل كانوا ناجحين وكانوا سعداء، وكانوا هم على الحق والطريق القويم، وعلى صراط الله المستقيم، فأنت يا عبد الله قدم نفسك معهم وكأنك موجود قبل هذه الطريقة، فهل يضرك عدم وجود هذه الطريقة، هذه مما أحدثها الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» يعني مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» فلا يلزمك أن تسلك الطريقة النقشبندية أو التيجانية، أو القادرية، أو الشاذلية، أو البرهانية، أو غير ذلك، بل عليك أن تسلك طريق محمد عليه الصلاة والسلام، طريقة سلف الأمة، بأن تعبد الله وحده، وتستقيم على دينه وتحافظ على الصلوات الخمس، وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان، وتحج البيت الحرام مع الاستطاعة، وتبر والديك وتصل أرحامك، وتحفظ لسانك عما حرم الله، وتحفظ جوارحك عما حرم الله، وتجتهد في ذكر الله، وطاعته والتقرب إليه بأنواع الطاعات، من صلاة النافلة وصوم النافلة، والصدقات والإكثار من ذكر الله، والاستغفار ولا تلتفت إلى هذه الطرق التي أحدثها الناس، وتنصح إخوانك أن يتجنبوها، وما كان فيها   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 من خير وافق شرع الله يؤخذ، وما كان فيها من شيء جديد وشر يترك، يقول مالك بن أنس رحمه الله إمام دار الهجرة في زمانه، يقول: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وهكذا قال العلماء جميعهم: مثل قوله: لا صلاح لهذه الأمة إلا بما صلح به الصحابة ومن بعدهم، إلا بالسير على طريق محمد عليه الصلاة والسلام، والتمسك بصراط الله المستقيم، الذي قال فيه جل وعلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (1)، وقال عز وجل في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (2) {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (3) هذا هو الصراط المستقيم، هو دين الله هو الإسلام، وما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الأعمال والأقوال، هو الصراط المستقيم، وهو صراط من أنعم عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وهم أهل العلم والعمل، الذين عرفوا دين الله وعملوا به، هذا هو الصراط المستقيم، أن تعرف دين الله وأن تتفقه في دين الله، من القرآن والسنة وأن تعمل بذلك، على النهج والطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلكه أصحابه رضي الله عنهم، وأتباعهم بإحسان، وإياك أن تترك ذلك من أجل قول الشيخ فلان، أو الشيخ فلان، أو الشيخ فلان، ويقول من لا شيخ له فالشيطان   (1) سورة الأنعام الآية 153 (2) سورة الفاتحة الآية 6 (3) سورة الفاتحة الآية 7 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 إمامه أو شيخه كل هذا باطل، لكن أهل العلم يستعان بكلامهم ويستفاد من كلامهم في تفسير القرآن، وتفسير السنة وبيان الأحكام لكن لا تقدم آراؤهم المخالفة لشرع الله، على ما قاله الله ورسوله، كتب العلماء المعروفين بالسنة والاستقامة، هؤلاء يستفاد من كلامهم وينظر في كتبهم، سواء كانت من كتب الشافعية أو الحنفية، أو المالكية، أو الحنبلية، أو الظاهرية، أو كتب أهل الحديث المتقدمين، كل هؤلاء يستفاد من كتبهم وينظر فيها، ويستعان بها على فهم كلام الله، وفهم كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ويدعى لهم ويترحم عليهم، لفضلهم وعلمهم، لكن لا يجوز لأحد أن يقول الطريقة التي أحدثها فلان، أو فلان هي الطريقة المنجية، وما عداها فهو خطأ، لا، الواجب عليك أن تتبع طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة (1)» وهي الجماعة التي سارت على نهج النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الترمذي: «قيل: يا رسول الله من؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي (2)» فالذين ينجون عند الافتراق، وعند التغير هم الذين سلكوا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم، وساروا على نهجه واتبعوا صحابته، فيما كانوا عليه، هؤلاء هم الناجون، فعليك بلزوم هذا الطريق، لزوم طريق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم من أئمة الإسلام، كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة الإسلام، وكن   (1) أخرجه أبو داود كتاب السنة، باب شرح السنة، حديث رقم 4597، وابن ماجه كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، حديث رقم 3992. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، برقم 2641. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 على طريقهم الطيب، وما اختلف فيه الناس، أو تنازع فيه الناس من بعض المسائل فإنه يرد إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، فما وافق كتاب ربنا أو سنة نبينا، وجب الأخذ به والسير عليه، وفي كلام أهل العلم ما يعينك على ذلك، إذا نظرت فيه وتأملته رحمة الله عليهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 55 - حكم قول: من لا شيخ له فالشيطان شيخه س: شائع لدينا في السودان أن الذي ليس له شيخ، شيخه شيطان فهل هذا صحيح؟ (1) ج: هذا غلط وهو كلام عامي وجهل فإن الإنسان إذا تعلم وتبصر في دينه، بسماع الحلقات العلمية أو بالتدبر للقرآن والاستفادة من ذلك، أو بقراءة السنة والاستفادة من ذلك، لا يقال: شيخه شيطان، يقال قد اجتهد وقد فعل ما ينبغي، لكن ينبغي له أن يجتهد في قصد العلماء، وفي سؤال العلماء المعروفين بالعقيدة الطيبة؛ لأنه إذا كان لا يسأل أهل العلم، فقد يغلط كثيرا، لاعتماده على فهمه، وإذا حضر حلقات العلم، وحضر المواعظ فله شيوخ كثيرون، فإن صاحب الحلقة العلمية وخطبة الجمعة شيخ للسامعين، فهذا لا يقال بأنه ليس بشيخ   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 58. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 لهم، والذي يحضر حلقات العلم، ويسمع خطب الجمع وخطب الأعياد، والمحاضرات التي تعرض في المساجد وفي غيرها، هؤلاء كلهم شيوخ له، يستفيد منهم وإذا اتصل بأحد من علماء السنة ليسأله عما أشكل عليه كان هذا من الكمال والتمام، ولا يقال: إنه ليس له بشيخ، وشيخه الشيطان، كل هذا ما له أصل، فإن طالب العلم لا بد أن يكون له شيوخ يسألهم ويستفيد منهم، والإنسان لا يتعلم بنفسه فقط، لا بد أنه يحتاج إلى سماع العلماء في حلقاتهم وفي خطبهم وفي غير ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 56 - حكم اعتقاد أن لبعض عباد الله تصرفا في الكون س: يقول لنا أحد الناس: إن من عباد الله الصالحين من يفني قسما من هذه الدنيا بكلمة واحدة، هل هذا القول يجوز أم لا؟ (1) ج: هذا باطل، التصرف يكون لله وحده، والعبد لا يملك ولو كان أصلح الصالحين، ولو كان من الرسل لا يملك التصرف بالكون، ولا إغناء الناس، ولا إفقارهم، بل هذا بيد الله سبحانه وتعالى، هو الذي يغني ويفقر، جل وعلا وهو المتصرف في الأمور سبحانه، وهو   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 37. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 مدبر الأمر جل وعلا، وهو خالق كل شيء سبحانه وتعالى، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، سبحانه وتعالى، أما العباد وإن كانوا أصلح الناس فليس لهم التصرف في الكون، ولا يملكون تدبير الكون، نعم قد يدعو المؤمن دعوة مباركة فيستجاب له، يدعو لأخيه أن الله يشفيه فيشفى، قد يدعو له بالمغفرة فيغفر له، هذا من باب استجابة الدعاء، بفضل الله سبحانه وتعالى، قد يجيب دعوة المؤمن والمؤمنة لأخيهما فلا بأس هذا وقع، لكن ليس لأحد من الصالحين أو غيرهم التصرف في الكون، أو تدبير الكون، هذا لله وحده سبحانه وتعالى، وما قد يقع لبعض الصوفية أو غيرهم من اعتقاد هذا في بعض مشايخهم، وأن يقول الشيخ كن فيكون، وأنه يدبر الأمور، هذا كله غلو، كله إطراء زائد، وكله كفر وضلال، لا يجوز هذا، بل هذا من الكفر بالله سبحانه وتعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 57 - حكم التعبد بضرب الطبول والأغاني س: في بلادنا بأفريقيا صوفية يزعمون أنهم من أولياء الله فيدعون ذلك لكنهم حسب الظاهر يفعلون المنكرات والفحشاء، ويتطاولون على الخالق بكونهم شركاء له، فهل يا ترى يجب هجرانهم ماداموا على تلك الحال، وهجران من يؤمن بهم، علما بأن عندنا واحدا منهم يزورونه ويعظمونه، ويتوسلون به عساه يحقق لهم مآربهم، وقضاء حوائجهم، هذا المخلوق يسكنه جن، بحيث يكشف لهم عن أسرار الغيوب، والولي المزيف بدوره يكشفها لمريديه وأحبابه إلا أنه ذو شذوذ واضح حيث يعمل كما أسلفت المنكرات، أرجو أن تتفضلوا بمعالجة هذا الموضوع؟ (1) ج: التصوف من البدع التي أحدثها الناس، فهو إحداث طرق غير الطريق الشرعي من العبادات التي أحدثها كثير من الناس، وأطلق عليه الصوفية، فهم الذين أحدثوا طرقا في العبادة، وأذكارا خاصة، وأعمالا خاصة، لم يشرعها الله عز وجل فهم من أهل البدع، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قوله: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» فالتعبد بضرب الطبول والأغاني وفعل آلات الملاهي   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 309. (2) أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيفية الخطبة، برقم 1578 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 الأخرى كل ذلك مما أحدثه المتصوفة، ومما أحدثوه أنهم يزعمون أنهم يعلمون الغيب، وأنهم لهم مكاشفات يستطيعون بها إنقاذ الناس مما قد يقع لهم من المعارك والأضرار، وأنهم يدعون من دون الله، ويستغاث بهم أحياء وأمواتا، كل هذا من منكراتهم الشركية، فمن زعم أنه يعلم الغيب، أو أنه يتصرف في الكون مع الله، أو أنه شريك لله في العبادة، أو أنه يجوز له أن يدعى من دون الله، حيا وميتا ويستغاث به، فهذا كله من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من هؤلاء وهجرهم، والإنكار عليهم، وتحذير الناس منهم، وعلى ولاة الأمور إذا كانوا مسلمين أن يأخذوا على أيديهم، وأن يستتيبوهم، فإن تابوا وإلا قتلوا لردتهم وكفرهم، فليس هناك من يستحق العبادة سوى الله عز وجل، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (1)، وقال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (2). فمن زعم أنه يجوز أن يدعى أحد من دون الله، من الملائكة أو الجن أو الأنبياء، أو سائر الخلق وأن يستغاث به وينذر له حيا أو ميتا، وأن يطلب منه تفريج الكروب وتيسير الأمور، هذا كله من الشرك الأكبر وكله من عمل عباد الأوثان، عباد الأصنام، عباد اللات والعزى، وأشباههم وهكذا ما يفعله الكثير من الجهلة عند القبور من دعاء الميت، والاستغاثة بالميت، والنذر له والذبح له، هذا من الشرك   (1) سورة الحج الآية 62 (2) سورة البقرة الآية 163 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 الأكبر، ومن جنس عمل المشركين عند اللات في الطائف في الجاهلية، وإنما يجوز شيء واحد هو الاستعانة بالمخلوق الحي الحاضر القادر، بما يقدر عليه خاصة، هذا هو الجائز، كما قال الله جل وعلا في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1)، فإذا كان حيا حاضرا واستعنت به في شيء يقدر عليه، كإصلاح سيارتك أو التعاون معه في المزرعة، في حش الحشيش في حطب الحطب، في أشباه ذلك من الأشياء المقدورة، فلا بأس، يسمع كلامك تكلمه يقدر، أو تكتب له كتابة، أو من طريق الهاتف بالتلفون، تقول له أقرضني كذا أو ساعدني في كذا، لا بأس هذه أمور عادية طبيعية، ليس فيها شيء، من جنس ما ذكر الله عن موسى في قوله سبحانه: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (2)، مثلما يستغيث الإنسان في الحرب بإخوانه في قتال الأعداء يتعاونون في قتال الأعداء لمحاصرتهم، هذه أمور طبيعية عادية حسية، ليس فيها شيء، وليس فيها بأس، أما دعاء الميت والاستغاثة بالأموات، أو بالأحجار أو بالأصنام، أو بالكواكب أو بالغائب كالجن والملائكة أو إنسان غائب يعتقد فيه، وهو لا يسمع كلامه تعتقد فيه السر بأنه يسمع من غير الطريق الحسي، هذا كله من الشرك الأكبر كاعتقاد الصوفية، في بعض رجالها، فالواجب الحذر من هذه الأمور الشركية، والتحذير منها،   (1) سورة القصص الآية 15 (2) سورة القصص الآية 15 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 والتعاون الكامل في فضيحة أهلها، والتحذير منهم، فالعبادة حق الله وحده، ليس لأحد أن يشاركه في ذلك، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)، وقال عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (4)، وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (5)، وقال عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (6). هو سبحانه الإله الحق، فليس هناك إله آخر يعبد معه بالحق، بل هو إله بالباطل، كل الآلهة بالباطل غير الله، بينما الإله الحق هو الله وحده سبحانه وتعالى. ولما سمعت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم قوله لها: «قولوا لا إله إلا الله (7)» استكبروا، وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (8)، وقال سبحانه: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (9)، زعموا أن لهم آلهة، وأنهم لن يتركوها؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا من جهلهم وضلالهم، وفساد عقيدتهم، فالإله الحق هو   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة الفاتحة الآية 5 (3) سورة الزمر الآية 2 (4) سورة الزمر الآية 3 (5) سورة البينة الآية 5 (6) سورة الحج الآية 62 (7) الترمذي تفسير القرآن (3232)، أحمد (1/ 228). (8) سورة ص الآية 5 (9) سورة الصافات الآية 35 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 الله وحده، القادر على نفعك وضرك وإغاثتك، هو الذي يقدر على كل شيء سبحانه، قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1)، أما الآلهة المدعوة من دون الله كلها باطلة، كلها عاجزة لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا، ولا لعابديها، ولكنه الشيطان زين لأهل الشرك وأملى لهم، حتى عبدوا غير الله ودعوا غير الله، واستغاثوا بغير الله فوقعوا في أعظم الذنوب، وفي أعظم أنواع الكفر، قال الله سبحانه: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (2). هذه مسألة عظيمة هذه أعظم مسألة، أكبر مسألة، مسألة التوحيد والشرك فيجب على كل إنسان أن يتفقه فيها من رجل وامرأة، أن يتفقهوا في هذه المسألة وفي جميع أمور الدين حتى يكونوا على بينة وعلى بصيرة، فيما يأتي المسلم ويذر، فيعمل بالحق الذي شرعه الله، ويخلص له العبادة، ويحذر ما حرمه الله عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (3)» فمن علامات الخير أن تفقه في الدين وأن تكون على بصيرة، ومن علامات الهلاك أن تكون جاهلا بدينك، معرضا عن دينك، نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق، ونسأل الله أن يصلح أحوال   (1) سورة البقرة الآية 20 (2) سورة الزمر الآية 66 (3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 المسلمين جميعا، ونسأل الله أن يوفق جميع الناس للتفقه في الدين، والدخول في دين الله والحذر من الشرك بالله عز وجل، فدين الله هو الحق وما سواه باطل، قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (1)، فالإسلام هو توحيد الله والإخلاص له، وترك عبادة ما سواه، وطاعة أوامره وترك نواهيه، هذا هو الإسلام، وهذا هو دين الله الذي جاءت به الرسل جميعا، وجاء به خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام، وما سواه فهو باطل، سواء كانت يهودية أو نصرانية أو وثنية أو مجوسية أو شيوعية أو غير ذلك، كلها باطلة، أما دين الحق فهو الإسلام، الذي بعث الله به الرسل، وهو إخلاص العبادة لله وحده، وطاعة أوامره وترك نواهيه التي جاء بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.   (1) سورة آل عمران الآية 19 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 58 - حكم التعبد باستعمال الناي ودق الطبول في المساجد س: يوجد عندنا الكثير من علماء الدين يقومون بدق الطبول داخل المساجد مع استعمال الناي، وهو نوع من الموسيقى وينشدون معه الأناشيد المعبرة عن أشخاص مقبورين، يسألونهم ويطلبون منهم العون، فبماذا ترشدون هؤلاء حفظكم الله؟ (1) ج: هؤلاء يسمون الصوفية، والتصوف الذي أحدثه هؤلاء بدعة في الدين، وكان أصل ذلك أنه وجد في المسلمين زهاد وأهل ورع وزهد يتعبدون ويحرصون على العبادات والقراءة والذكر في المساجد والبيوت حرصا منهم على الخير، ثم تطورت الأحوال حتى حدث هؤلاء الذين أحدثوا بدعا ومنكرات في الدين، منهم هؤلاء الذين ذكرهم السائل، الذين يتعبدون بالطبول، والدفوف والأناشيد والأغاني، وآلات اللهو، هذا منكر من القول بدعة، وقد أنكر ذلك العلماء، وأطال في ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله وغيره من أهل العلم في كتابه (إغاثة اللهفان)، وأطال غيره من أهل العلم، وبينوا بطلان ذلك وأن هذا منكر عظيم يجب تركه، ولا يجب أن يسمى هؤلاء علماء، ليسوا بعلماء بل هؤلاء جهال في الحقيقة، وليسوا بعلماء بل   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 74. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 أضلوا الناس ولبسوا على الناس، فلا يجوز اتباعهم في هذا الأمر، ولا تقليدهم في هذا الأمر، بل يجب أن ينصحوا وأن يوجهوا إلى الخير، وأن يحذروا من هذه البدعة المنكرة، وأشنع من هذا وأكبر دعاؤهم الأموات والاستغاثة بالأموات، هذا شرك أكبر، هذا شرك الجاهلية، شرك أبي جهل وأشباهه، دعاء الأموات كالعيدروس أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو البدوي أو الحسين أو غيرهم من الناس هذا شرك أكبر هذا مثل فعل المشركين الأولين مع اللات، ومع العزى، ومثل فعل النصارى مع عيسى وغيرهم، هذا شرك أكبر فإذا قال: يا سيدي فلان اشف مريضي أو رد علي غائبي، أو اقض حاجتي أو أنا في حسبك، أو المدد المدد يا سيدي، سواء كان هذا مع النبي عليه الصلاة والسلام أو مع الحسين بن علي رضي الله عنهما، أو مع الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو مع العيدروس، أو مع البدوي، أو مع السيدة نفيسة، أو مع السيدة زينب، أو غيرهم ممن اشتهروا في مصر وغيرها، وفي الجنوب العيدروس وأناس آخرون، وفي العراق الجيلاني وأناس آخرون، كل هذا من الشر العظيم، وكل هذا مما أحدثه الجهال، وأشباه الجهال، فدعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذور لهم والذبح لهم، هذا من الشرك الأكبر بإجماع أهل العلم، يقول الله سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (1) قل يا محمد للناس: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (2) يعني ذبحي {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3) {لَا شَرِيكَ} (4)، فجعل   (1) سورة الأنعام الآية 162 (2) سورة الأنعام الآية 162 (3) سورة الأنعام الآية 162 (4) سورة الأنعام الآية 163 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 الصلاة لله، والذبح لله لا شريك له، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (1) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (2)، فالصلاة لله والذبح لله، فمن صلى لغير الله كفر، وهكذا من ذبح لغير الله، وقال جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3)، فنهى أن يدعى مع الله أحد، والأحد يعم الأنبياء والأولياء وغيرهم، نكرة في سياق النهي تعم الناس كلهم، تعم الخلائق، وقال عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (4) يعني المشركين، وكل مخلوق لا ينفع ولا يضر، هذا وصف عام لجميع المخلوقات لا تنفع ولا تضر إلا بالله، هو الذي جعل فيها النفع والضر، سبحانه وتعالى فلا يجوز دعاء أي مخلوق دون الله، لا صنم ولا شجر ولا حجر، ولا النبي ولا ولي ولا صاحب قبر ولا غير ذلك، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (5)، فسمى هذا كفرا وسماهم كافرين - نعوذ بالله - بدعائهم الأموات وبدعائهم الأصنام والأحجار والأشجار، وقال سبحانه في كتابه العظيم: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (6) جميع الأصنام والأولياء   (1) سورة الكوثر الآية 1 (2) سورة الكوثر الآية 2 (3) سورة الجن الآية 18 (4) سورة يونس الآية 106 (5) سورة المؤمنون الآية 117 (6) سورة فاطر الآية 13 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 والأنبياء وغيرهم {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (1)، والقطمير: اللفافة التي على النواة، كلها ملك لله سبحانه وتعالى، {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} (2) ما يقدرون، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (3) فسمى عملهم شركا، سمى دعاءهم إياهم شركا، قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (4)، ثم قال سبحانه: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (5) وهو الله سبحانه، هو الذي أخبر عن هذا، هو العالم بأحوالهم سبحانه وتعالى، فسماهم بهذا شركاء، وفي آية المؤمنين سماه كفرا، فقال: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (6)، وقال عز وجل: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (7)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة (8)» فجعل الدعاء هو العبادة نفسها، وهذا يدل على عظيم شأن الدعاء، فإذا قالوا: يا سيدي اشف مريضي، اقض حاجتي، رد غائبي اشف لي، المدد المدد، أو ذبح له فقد وقع منه أنواع من الشرك.   (1) سورة فاطر الآية 13 (2) سورة فاطر الآية 14 (3) سورة فاطر الآية 14 (4) سورة فاطر الآية 14 (5) سورة فاطر الآية 14 (6) سورة المؤمنون الآية 117 (7) سورة الأحقاف الآية 6 (8) أخرجه الإمام أحمد في أول مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم 17924 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 وفي هذا المعنى يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (1)» رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات، «لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض (2)» أربع مسائل لعن أصحابها، لعنهم الله جل وعلا، وأعظمها الذبح لغير الله، يتقربون بالبقر أو بالإبل، أو بالغنم أو بالعجول، أو بالدجاج إلى غير الله، من الأموات والغائبين هذا شرك أكبر، وروى الإمام أحمد رحمه الله بإسناد جيد عن طارق بن شهاب رضي الله عنه، قال: «مر رجلان على قوم لهم صنم، لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب، قال ليس عندي شيء أقرب، قالوا: قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا فخلوا سبيله، فدخل النار، وقالوا للآخر قرب: فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة (3)». هذا يدل على أن التقرب لغير الله بالعبادات، من ذبح أو دعاء أو استغاثة أو نذر أو نحو ذلك شرك أكبر بالله سبحانه وتعالى، حتى ولو كان قرب حقيرا، كعصفور أو حمامة أو ذباب أو ما أشبه ذلك، كيف بالذي يقرب الإبل والبقر والغنم والعجول، يكون شركه أكبر نعوذ بالله وأشد.   (1) مسلم الأضاحي (1978)، النسائي الضحايا (4422)، أحمد (1/ 108). (2) مسلم الأضاحي (1978)، النسائي الضحايا (4422)، أحمد (1/ 108). (3) أخرجه الإمام أحمد في كتاب الزهد ص15 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 فالحاصل أن هذا العمل من هؤلاء من دعائهم للأموات والاستغاثة بالأموات وهو شرك أكبر، وضربهم بالدفوف وقيامهم بالأغاني والناي وأنواع الملاهي، هذا من المنكرات وتعبدهم بهذا من البدع التي أحدثها الصوفية، والصوفية شرهم عظيم نسأل الله أن يهديهم، قد أحدثوا بدعا كثيرة، نسأل الله أن يهديهم ويردهم للصواب، والواجب عليهم وعلى غيرهم الرجوع إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يسيروا على ما كان عليه النبي وأصحابه، هذا هو الهدى هذا هو الصراط المستقيم، لا يجوز لهم هذا التصرف ولا لغيرهم، بأن يتركوا طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأن يحدثوا طريقا آخر، فباب العبادة توقيفي، ليس لأحد أن يحدث شيئا في دين الله عز وجل، ولهذا يقول الله سبحانه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (1). روى الإمام أحمد وغيره، ومحمد بن نصر المروزي في (كتاب السنة)، وجماعة آخرون بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: «خط الرسول صلى الله عليه وسلم خطا مستقيما، فقال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، فقال: هذه السبل وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه (2)». هكذا البدعة التي أحدثها الصوفية   (1) سورة الأنعام الآية 153 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم 4131 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 وأشباههم كلها من الشياطين كلها طرق دعا إليها الشيطان، فالواجب الحذر، والشياطين قسمان: شياطين الإنس وشياطين الجن، وكل من خرج عن طريق الله وتمرد على شرع الله فهو من الشياطين، فشياطين الإنس من جنس دعاة الشرك من الصوفية وغيرهم هم شياطين الإنس، وشياطين الجن كثيرون، فالواجب الحذر من شياطين الإنس والجن، وكل من دعا إلى غير الله، أو دعا إلى البدع، فهو من شياطين الإنس، وإن كان من الجن فهو من شياطين الجن، فالواجب على هؤلاء الذين ذكرهم السائل في الجنوب أو في غير الجنوب، في أي مكان الواجب عليهم التوبة إلى الله، والرجوع إلى الله والاستغفار مما فعلوا، والندم على ذلك، وأن يجددوا دينهم، وأن يسلكوا ما سلكه الرسول وأصحابه، والذي سار عليه التابعون لهم بإحسان، والاستقامة على دين الله، وعبادته كما شرع الله سبحانه وتعالى، وترك البدع، رزق الله الجميع الهداية والتوفيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 59 - حكم الانتساب لطريقة الختمية س: يقول السائل: وقف لدينا بعض الخطباء في مسجدنا في بور سودان، ونصحنا بعد الاستماع إلى تفسير القرآن، وشرح الأحاديث النبوية، وطلب إليهم الاقتصار على كتب الفقه، وبالأخص كتاب الأخضري والعشماوي والعزية لما في تلك الكتب من أحكام الطهارة والعبادات؛ ولأنها هي الأصل حسب زعمه وما سواها فروع، وحضهم على بعض البدع، مثل: اللهم صل أفضل صلاة وبالمصطفى وبالمرتضى وابنيهما وفاطمة دبر الصلاة المكتوبة، فهل هذا المرشد الديني محق فيما قال، وفي هذا المسجد تمارس كثير من البدع والتوسلات بالرسول صلى الله عليه وسلم، وبعض الصالحين ولا يقدم القائم على هذا المسجد إلا من يعتقد الطريقة الختمية علما بأن أتباع هذه الطريقة وغيرها من الطرق الصوفية لا يتعلمون القرآن ولا يحسنون حتى سورة الفاتحة، ويستمر على هذا المنوال ويطلب النصح والإرشاد يا سماحة الشيخ؟ (1) ج: لا ريب أن هذا العمل عمل منكر، لا ينبغي اتباع الطريقة الختمية؛ لأنه بلغنا عنها أنها تقر دعوة غير الله، والشرك بالله سبحانه   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 71 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 وتعالى، فالواجب اجتنابها والحذر منها، ونصيحة المعتنقين لها بأن يتقوا الله ويسألوه وحده ويعبدوه وحده سبحانه وتعالى، ولا يسألوا سواه، فالله سبحانه هو الذي يدعى ويرجى سبحانه وتعالى، وهو القائل سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، وهو القائل عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (2)، والذي ينبغي للواعظ أن يذكر الناس بالقرآن والسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويعلمهم إياها وأن ينصحهم بأن يتعلموا القرآن وتفسيره، وأن يتعلموا السنة وشروحها المعتمدة، حتى يستفيد الناس من كلام ربهم، وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام، أما كتب الفقه الخالية من السنة والأدلة فهذا غلط لأنها لا تفيدهم علما، الكتب التي ليس فيها الأدلة عن الله وعن رسوله لا تفيد الناس علما، بل هي كتب تقليد، فالعالم يعلم الناس الكتب التي تنفعهم، وأعظم ذلك أن يعلمهم القرآن، ويدعوهم إلى العناية بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة وتدبرا وتعقلا وعملا، فهو أعظم كتاب وأشرف كتاب، فعلى المسلمين أن يتعلقوا به، ويتعلموه ويدرسوه ويتلوه حق التلاوة، ويتدبروه ويعقلوه كما قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (3)، ويقول سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (4)، ويقول سبحانه:   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة يونس الآية 106 (3) سورة الإسراء الآية 9 (4) سورة ص الآية 29 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (1)، ويقول سبحانه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (2). فكتاب الله فيه الهدى والنور، جعله الله هدى للناس، كما قال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (3)، وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تفسر القرآن وتبين معانيه، فعلى أهل العلم أن يذكروا الناس بذلك، وأن يحثوهم على التمسك بالقرآن والسنة وبيان معانيهما والعناية بتفسير القرآن وشروح الحديث المعتمدة التي تفيد الناس وتنفعهم كفتح الباري، وشرح النووي، وأشباهها من الكتب، وسبل السلام، ونيل الأوطار، والكتب المفيدة النافعة للناس، وما في بعض الشروح من أخطاء فطالب العلم ينبه عليه، وكذا ما في بعض التفاسير من الأخطاء يجب على أهل العلم من أهل السنة، وأهل العقائد الطيبة أن ينبهوا عليه عند تلاوة التفسير، وعند تلاوة شروح الحديث، الواجب التنبيه على ما قد يقع من أخطاء في التفسير، أو في الأحاديث وشرحها، أو فيما يتعلق بالعقيدة والصفات، العالم ينبه عند تفسير الآية، وعند ذكر الحديث الشريف وشرحه، ويبين ما قد يقع فيه الناس من الخطأ، أما حث الناس على الكتب الفقهية التي ليس فيها الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا ليس من النصح، بل هذا في الحقيقة   (1) سورة محمد الآية 24 (2) سورة الأنعام الآية 155 (3) سورة فصلت الآية 44 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 من الغش ليس من النصح، وعلى طالب العلم أن ينصح الناس بما ينفعهم على الطريقة التي سلكها أهل السنة والجماعة في بيان معاني كلام الله ومعاني كلام رسوله صلى الله عليه وسلم والنصيحة في ذلك ويعلمون العامة ما يحتاجون إليه في أمور دينهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 60 - بيان الطريقة التيجانية س: يقول السائل: مرسل هذه الرسالة منفعل أشد الانفعال، ويتلفظ بعبارات أسأل الله تعالى أن يغفر لنا وله، ملخص ما في الرسالة الدفاع عما يسمى بالطريقة التيجانية، أرجو أن تتفضلوا بتبصير أخينا جزاكم الله خيرا، وحبذا لو بعثتم إليه ما توصل إليه البحث العلمي حول هذه الطريقة جزاكم الله خيرا ونفع بكم؟ (1) ج: الطريقة التيجانية بدعة لا أساس لها ومنكر لا أساس له، نسأل الله أن يعافي إخواننا في أفريقيا وفي السنغال وفي غيرها، نسأل الله أن يعافيهم من شرها وأن يخلصهم منها، وأن يوفقهم لاتباع نبيهم ورسولهم محمد عليه الصلاة والسلام، فطريقته بحمد الله كافية، وقد بعثه الله رحمة للعالمين، وأتم له الإسلام، فالواجب على جميع   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 96 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 الأمة التمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ففيهم الأسوة والقدوة كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (1)، وقال سبحانه وتعالى في سورة التوبة: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (2) التابعون لهم بإحسان هم السائرون على منهجهم من دون زيادة ولا اختراع بدع، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (3)، فأمر الله نبيه بأن يقول للناس هذا الكلام، قل يعني: قل يا أيها الرسول للناس: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني - يعني محمدا عليه الصلاة والسلام يحببكم الله، فاتباع النبي هو طريق محبة الله، وهو طريق السعادة، من يطع الرسول فقد أطاع الله، قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (4). فطريق الجنة والسعادة في اتباع محمد عليه الصلاة والسلام، ليس في اتباع أحمد التيجاني، أحمد التيجاني متأخر إنما ولد في عام 1150 للهجرة، يعني بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهو ولد كما في كتب التيجانيين   (1) سورة الأحزاب الآية 21 (2) سورة التوبة الآية 100 (3) سورة آل عمران الآية 31 (4) سورة النساء الآية 13 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 ذكروا أنه ولد في عام 1150 هـ، يعني في القرن الثاني عشر من الهجرة، ويزعم أنه طاف في بلدان كثيرة، وتعلم الطرق الصوفية، ثم رأى النبي صلى الله عليه وسلم عام 1196 هـ، فعلمه الورد الذي يعلمه الناس، وأنه يعلم الأمة هذا الورد من الدعاء والاستغفار، قال: أنت ابني علم الأمة، ورأى عام 1200 هـ بعد أربع سنين من لقاء النبي صلى الله عليه وسلم من علمه أن يشفع للدعاء والاستغفار، قل هو الله أحد، وأن يعلم الأمة ذلك، وزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة ويقظة لا نوما، وكل هذا باطل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرى يقظة بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، فإنما يرى في المنام، فإن الله جل وعلا لا يبعثه إلا يوم القيامة، قال الله تعالى في سورة المؤمنون: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (1) {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (2)، فالبعث يوم القيامة، وقال عليه الصلاة والسلام: «أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة (3)»، فبعثه يكون يوم القيامة، فمن قال: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، وعلمه كذا وكذا فقد كذب، أو كذب عليه أو رأى شيطانا، زعم أنه رسول الله عليه الصلاة والسلام، والشيطان قد يتمثل بصور كثيرة، ويزعم للجاهلين أنه النبي صلى الله عليه وسلم، أما أن يتمثل بصورته فلا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي (4)»، فدل على أنه قد يتمثل في   (1) سورة المؤمنون الآية 15 (2) سورة المؤمنون الآية 16 (3) أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم، برقم 2278 (4) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 110، ومسلم في كتاب الرؤيا، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " من رآني. . . "، برقم 2268 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 غير صورته عليه الصلاة والسلام، كما أخبر به العلماء، ولكن التيجاني لم يرض بهذا، بل قال إنه رآه يقظة، وأنه علمه يقظة، هذا كله باطل سواء كان كذبه هو، أو كذب عليه وغره شيطان قال له ذلك، ثم أيضا قد بين النبي صلى الله عليه وسلم طريق الجنة وطريق السعادة للأمة، ودرج عليه الصحابة، فهل هناك دين جديد يأتي به أحمد بعد اثني عشر قرنا يخالف ما عليه الصحابة أصحاب النبي الذين هم أفضل الناس، وخير الناس، ثم من يليهم، فالدين الذي درج عليه الصحابة هو الدين الصحيح وهو دين الله وهو الصراط المستقيم فمن جاء بشيء بعده جديد فهو مردود عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)». متفق على صحته، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)»، رواه مسلم في الصحيح، زاد النسائي: «وكل ضلالة في النار (4)».   (1) أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيفية الخطبة، برقم 1578 (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (4) النسائي صلاة العيدين (1578). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 فلا ينبغي لعاقل أن يغضب عندما ينبه على الباطل، وعندما ينبه على البدع، بل ينبغي له أن يقول: الحمد لله الذي هداني، الحمد لله الذي عرفني أن هذا بدعة، الحمد لله الذي أرشدني إلى الخير، وعليه أن يتعلم ويتبصر، ولا يقلد الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (1)» رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (2)». والعالم مهما كان فضله ليس معصوما، قد يغلط كثيرا، ويلبس عليه، فإذا كان التيجاني عالما فالعالم ليس معصوما، يقول مالك رحمه الله الإمام المشهور: " ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر ". ويقول الشافعي رحمه الله: " أجمع الناس على أنه من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس، بل يلزمه اتباعها ". ويقول أبو حنيفة رحمه الله: " إذا جاء الحديث عن رسول الله فعلى العين والرأس، وإن جاء عن الصحابة فعلى العين والرأس، وإذا جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال "؛ لأن أبا حنيفة كان في عصر التابعين، وروي أنه رأى أحدا من الصحابة فيكون من التابعين، إذا ثبت ذلك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037 (2) مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699)، الترمذي القراءات (2945)، ابن ماجه المقدمة (225)، أحمد (2/ 252). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 ويقول الإمام أحمد رحمه الله أيضا: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم، يذهبون إلى رأي الرجال، يعني الثوري، والله يقول سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1) يعني عن النبي عليه الصلاة والسلام، فعجب من قوم يذهبون إلى قول سفيان الثوري، وأشباهه من العلماء ويدعون الحديث، وهذا لا شك أنه مستنكر، وهكذا ينبغي لكل مسلم في السنغال أو في غير السنغال، ولكل مكلف، أن يتبصر في دينه، وأن يسأل عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم، وعن دين الرسول وعما جرى عليه الصحابة، ودرجوا عليه، لا عما قاله التيجاني أو الشيخ عبد القادر أو الشاذلي أو فلان أو فلان، لا. نحن مأمورون باتباع نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، نحن مأمورون باتباع القرآن، وباتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، لسنا مأمورين باتباع الشيخ عبد القادر، أو الشيخ أحمد التيجاني أو الشاذلي أو فلان أو فلان، أو مالك أو الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة، أو غيرهم، هؤلاء علماء رضي الله عنهم ورحمهم، الأئمة الأربعة علماء معروفون، لكن كل واحد يصيب ويخطئ، وهكذا غيره من العلماء، فإذا كان أحمد التيجاني من العلماء، وكان له فضل العلم، إذا قدرنا ذلك وقلنا: إنه من العلماء، فالعالم يخطئ ويصيب، وقد أخطأ في   (1) سورة النور الآية 63 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 هذا بزعمه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شبه عليه بأنه قد رآه يقظة، وبزعمه أنه يعلم الأمة جميعا، وأنه يرشدهم إلى طريقته التي جاء بها، يعني الأمة كانت ضالة، حتى جاء أحمد التيجاني يعلمهم، كانت الأمة على طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم أهل السنة والجماعة، من كان على هذا الطريق فهو على طريق الرسول وأصحابه، قبل التيجاني وبعده، فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تلقوا طريقهم عن رسول الله، ثم التابعون لهم بإحسان، هكذا إلى وقت الأئمة الأربعة، ثم بعدهم إلى وقتنا هذا من التزم القرآن، واتبع السنة وسار على نهج الصحابة، فهو المتبع حقا وهو المهدي حقا، ومن انفرد عن ذلك إلى طريقة جديدة أحدثها التيجاني أو غير التيجاني، أو الشاذلي أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو المريسي أو فلان أو فلان، كل ذلك لا وجه له ولا يجوز اتباعه، بل يجب عرض كل شيء يدعيه أحد من الناس أنه من الشرع يجب عرضه على القرآن، وعلى ما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما شهد له القرآن بالصحة، أو السنة الصحيحة بالصحة، وجب أخذه وقبوله وإن خالف رأي شيخك، أو إمامك المعين كالتيجاني وغيره؛ لقول الله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1)، ولقوله سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي} (2).   (1) سورة النساء الآية 59 (2) سورة الشورى الآية 10 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 والتيجاني جاء في القرن الثاني عشر كما تقدم، ولد سنة 1150 هـ فما حال الناس قبل ذلك هكذا ذكر صاحب جواهر المعاني، وهكذا قال صاحب الرماح، فقد ذكر ذلك أنه ولد في عام 1150 هـ، وذكر ما قال: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة وعلمه الورد وهو الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه الأمة ويرشدهم، ثم علمه زيادة أن يقول لهم وأن يعلمهم: قل هو الله أحد ويرشدهم إلى ذلك الورد، وكل هذا معلوم عند المسلمين يعرفون أن الدعاء مشروع، والاستغفار مشروع وقراءة: هل هو الله أحد والمعوذتين مشروعة أيضا، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، كما جاء به الحديث، وقد شرع الله قراءتها بعد كل صلاة وبعد المغرب والفجر ثلاث مرات مع المعوذتين وأخبر النبي أنها تعدل ثلث القرآن، هذا شيء معلوم قبل أن يأتي التيجاني، فينبغي للعاقل أن ينتبه وألا يغتر بتقليد الناس، أو الدعايات التي لا وجه لها بل يتأمل قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1). وأنت تسأل ربك أن يهديك الصراط المستقيم في كل صلاة في الفاتحة، والصراط المستقيم هو دين الله، وليس دين التيجاني، دين الله هو ما بعث به الله نبيه عليه الصلاة والسلام، وما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله، وهو الصراط المستقيم، فالواجب على جميع الناس ولا سيما المسلمون في كل مكان أن يلتزموا ما جاء بالكتاب والسنة، وأن يستقيموا عليه،   (1) سورة الفاتحة الآية 6 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 وألا يحيدوا عنه لقول التيجاني أو الشاذلي أو فلان أو فلان أو آبائهم أو أسلافهم، بل عليهم اتباع الحق، رزق الله الجميع التوفيق والهداية ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 61 - حكم اتباع الطريقة التيجانية س: عندنا أناس كثيرون متمسكون بالطريقة التيجانية، وأنا سمعت في برنامجكم أن الطريقة التيجانية مبتدعة، لا يجوز اتباعها، لكن أهلي عندهم ورد الشيخ أحمد التيجاني، وهي صلاة الفاتح، ويقولون: إن صلاة الفاتح هي الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأسأل الآن هل صلاة الفاتح هي الصلاة على النبي أم لا، أرجو توضيح ذلك حيث يقولون: إن من كان يقرأ صلاة الفاتح وتركها يعتبر كافرا، ويقولون: إذا ما كنت تتحمل هذا وتركتها ما عليك شيء، وإذا تحملتها وتركتها تعتبر كافرا، وقد قلت لوالدي: إن هذا لا يجوز فقالوا: أنت وهابي وشتموني، ويستمر على هذا المنوال سماحة الشيخ ويرجو منكم التوجيه والإرشاد؟ (1) ج: الطريقة التيجانية لا شك أنها طريقة مبتدعة، ولا ينبغي لأهل   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 71 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 الإيمان أن يتبعوا الطرق المبتدعة لا التيجانية ولا غيرها، بل الواجب اتباع ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله يقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، يعني: قل يا محمد للناس إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، ويقول سبحانه: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} (2)، ويقول سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (3)، ويقول عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (4). والسبل هي الطرق المحدثة من البدع والأهواء والشبهات، فالله أوجب علينا أن نتبع صراطه المستقيم، وهو ما دل عليه كتابه العظيم وهو القرآن، وما دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الصحيحة الثابتة، هذا هو الطريق الذي يجب اتباعه، أما طريق التيجاني أو الشاذلي، أو فلان أو فلان، فهذا لا يجب اتباعه ولا يجوز اتباعه إلا ما وافق شرع الله منه، ما وافق شرع الله من هذه الطرق قبل؛ لأنه موافق شرع الله، لا لأنه طريق التيجاني أو الشيخ عبد القادر أو الشاذلي أو فلان أو فلان، لا، ما في الطريقة من خير إلا ما وافق الشرع المطهر، وما في هذه الطرق من أشياء تخالف شرع الله يجب تركها، وصلاة   (1) سورة آل عمران الآية 31 (2) سورة الأعراف الآية 3 (3) سورة الحشر الآية 7 (4) سورة الأنعام الآية 153 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 الفاتح هي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما ذكر لكنها صيغة لم ترد عن الشارع حيث قالوا فيها: اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، هذا لفظ اخترعوه من أنفسهم ليس له أصل، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سألوه كيف يصلون عليه قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1)»، وفي صيغة أخرى قال لهم صلى الله عليه وسلم: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (2)»، وفي لفظ ثالث: قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد (3)».   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم 3370، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 406 (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم 3369، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 497 (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 405 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 فهذه الألفاظ التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما جاء في معناها هي الصلاة التي ينبغي الأخذ بها وفعلها، أما صلاة الفاتح فيها العدول عما بينه النبي صلى الله عليه وسلم، وأرشد إليه الأمة، وفيها نوع من الإعراض عما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، فكأن التيجاني أعلم بما شرع الله وأولى بما ذكر هو مما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأعلمه الأمة وأرشدهم إليه، ولا ينبغي لعاقل أن يقول هذا الكلام، ولا ينبغي لمسلم أن يقول هذا الكلام، فالرسول صلى الله عليه وسلم أعلم بما ينفع أمته، وأعلم بما هو أقرب إلى رضا الله، وأعلم بالشرائع؛ لأنه معلم مبلغ والذي يأتيه الوحي من السماء، عليه الصلاة والسلام، فهو أعلم بما شرع الله، وهو أعلم بما يرضي الله، وهو أعلم بالألفاظ المناسبة من غيرها، عليه الصلاة والسلام، ثم في قول الفاتح " لما أغلق " فيه شيء من الإجمال، قد يقال: إنهم أرادوا بذلك من النبوة، لما انقطعت برفع عيسى عليه السلام، انفتحت ببعثه صلى الله عليه وسلم، فيكون حقا، وقد يكون أرادوا شيئا ما بينوه ولا أوضحوه، فإن الفاتح لما أغلق فيه إبهام، فإن كانوا أرادوا بأن الله فتح به النبوة بعدما أغلقت برفع عيسى عليه السلام، وأنه ليس بعد عيسى نبي إلا محمد صلى الله عليه وسلم فهذا معنى صحيح، هو النبي بعد عيسى، مثلما قال صلى الله عليه وسلم: «ليس بيني وبينه نبي (1)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى الناس بابن مريم والأنبياء أولاد علات ليس بيني وبينه نبي عليه الصلاة والسلام»، فهذا   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم)، برقم 3442، ومسلم في كتاب الفضائل، باب عيسى عليه السلام، برقم 2365. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 معنى صحيح، وإن كانوا أرادوا بقولهم: " الفاتح لما أغلق " معنى آخر فلم يبين حتى ينظر فيه، أما الخاتم لما سبق فهذا صحيح، هو الخاتم للنبوة، خاتم الأنبياء كما قال جل وعلا في كتابه العظيم: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (1)، وهو أيضا نصر الحق بالحق، عليه الصلاة والسلام، وهدى إلى الصراط المستقيم، كل هذا حق إنما الإجمال في قولهم: " الفاتح لما أغلق " هذه فيها بعض الإجمال، وبكل حال لو كانت في غاية من السلامة، وليس فيها شيء من الإجمال، فاستعمال اللفظ الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه ودل عليه الأمة أولى وأولى، فلا ينبغي للأمة أن يعدلوا في شيء قاله النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه وهو المعصوم فيما يبلغه عن الله عز وجل وهو أنصح الأمة وأنصح الناس وأعلم الناس بشرع الله، فما ينبغي للعاقل من المسلمين أن يعدل عما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى شيء قاله غيره، سواء كان القائل أحمد التيجاني، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو فلانا أو فلانا، أو حتى من الصحابة ولو كان أبو بكر الصديق، وهو أفضل الخلق بعد المرسلين رضي الله عنه، فلو قال الصديق كلمة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم كلمة وأرشد إليها لكان قول النبي عليه   (1) سورة الأحزاب الآية 40 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 الصلاة والسلام مقدما على أبي بكر وعلى عمر وعلى عثمان، فكيف لا يقدم على من كان في القرن الثاني عشر وهو أحمد التيجاني، رزق الله الجميع التوفيق والهداية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 62 - حكم الذكر بالطبول والرقص س: يوجد لدينا في كل ليلة من يوم الخميس ويوم الاثنين يذكر الله أهل الطرق الصوفية بالطبول إلى ساعات متأخرة من الليل، هل الذكر بالطبل جائز، وهل الطرق الصوفية هذه جائزة أم لا، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذه الطرق الصوفية بدعة منكرة، فإن كان الذكر على الطبول أو الدفوف، أو العود أو الموسيقى، أو التصفيق بالأيدي، أو الضرب بالأرجل، أو الرقص والتقرب بهذا الأمر، هذا من البدع سواء في ليلة الخميس أو ليلة الاثنين أو غيرهما في أي وقت، والواجب على أهل الإسلام التقرب بالقرب التي شرعها الله كالتسبيح والتهليل، والتحميد والذكر والاستغفار وغيرها بغير الطبول، وبغير ضرب الأرجل، وبغير الصياح والصفير، وبغير الموسيقى والعود، وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله هذا البحث في كتابه (إغاثة اللهفان) بسطا جيدا حيث بسط   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 306 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 فيه الكلام على طرق الصوفية والتحذير منها، وهذا منها، والسنة للمؤمن أن يفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الصلاة أن يذكر الله كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويستغفر الله ثلاثا، ثم يقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (1)»، ثم ينصرف للناس إن كان إماما، ويقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد (2)»، كل هذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام، كما روى هذا ابن الزبير في صحيح مسلم وروى بعضه ثوبان كما جاء في الصحيحين بعد كل صلاة يستغفر ثلاثا مع قول: «اللهم أنت السلام (3)»، وروى بعضه مسلم عن عائشة فيه: «اللهم أنت السلام، ثم انصرف إلى الناس هذه سنة، ثم بعد ذلك يقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين، ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (4)»، فهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من فعل هذا غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (5)»، هذا فضل عظيم، فيستحب للمؤمن بعد الصلوات الخمس أن يأتي بهذا بعد الأذكار السابقة: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين، ثم يأتي بتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير،   (1) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (591)، الترمذي الصلاة (300)، أبو داود الصلاة (1512)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (928)، أحمد (5/ 280)، الدارمي الصلاة (1348). (2) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (594)، النسائي السهو (1340)، أبو داود الصلاة (1506)، أحمد (4/ 4). (3) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (591)، الترمذي الصلاة (300)، أبو داود الصلاة (1512)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (928)، أحمد (5/ 280)، الدارمي الصلاة (1348). (4) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (591)، الترمذي الصلاة (300)، أبو داود الصلاة (1512)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (928)، أحمد (5/ 280)، الدارمي الصلاة (1348). (5) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (597)، أبو داود الصلاة (1504)، أحمد (2/ 371)، مالك النداء للصلاة (488). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 وإن شاء زاد، وقال: يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كله جاء، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) إلى آخرها، إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (2). هذه الآية أعظم آية يستحب أن تقرأ بعد كل صلاة فريضة ثم يقرأ: قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل فريضة بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر أفضل لكن يكررها ثلاثا عليه الصلاة والسلام يقرأها ثلاث مرات بعد المغرب وبعد الفجر وعند النوم جاءت السنة بهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 63 - حكم التعبد بالطريقة المرغنية والضيفية س: سائل يقول: ما حكم القصائد في المدح النبوي خاصة الطريقة المرغنية والضيفية، وخاصة هذه الطرق لها أنصار ومتفقهون في هذه الناحية، يكادون يتركون القرآن الكريم والسنة المحمدية، نرجو نصيحتهم جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الطرق الصوفية على العموم طرق مبتدعة، مرغنية أو شاذلية أو برهانية أو قادرية، أو تيجانية أو غير ذلك، كل هذه الطرق مبتدعة   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 116 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 وبعضها أشد من بعض، كلما كانت الطريقة أكثر مخالفة للشرع صار إثمها أكثر وشرها أعظم، والواجب تركها والاكتفاء بما قاله الله ورسوله، هذا هو الواجب أن يسير المؤمن على طريقة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان بأقواله وأفعاله وحركاته وسكناته، ولا يحدث طريقة جديدة في عباداته أو في أذكاره أو غير ذلك، بل يكفيه ما كفى الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، ولا يجوز لأحد أن يحدث طريقة جديدة يتعبد عليها دون الطريقة التي سار عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، هذه من المصائب العظيمة التي بلي بها الناس. فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة أن يكتفي بالطريقة التي درج عليها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودرج عليها أتباعهم بإحسان، وألا يحدث في دين الله ما لم يأذن به الله، قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» متفق عليه، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» يعني مردود. فكل الطرق هذا طريقها، إلا طريق النبي صلى الله عليه وسلم الذي درج عليه أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم وأتباعهم بإحسان من بعده.   (1) سورة الشورى الآية 21 (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 س: يقول السائل: هناك بعض المشايخ - كما سماهم السائل - يضربون أجسامهم بالسكاكين، والخناجر والسيوف، وبعضهم يحاد الآخر أحيانا، متوسلا كل واحد منهم بشيخه، فما حكم الشرع في هذا العمل، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا عمل الصوفية، يدعون أنهم لا يضرون أنفسهم، وأن هذا من كراماتهم، وهو باطل إنما هو تلبيس ولا حقيقة لذلك، إنما هو تلبيس وتغطية على العيون، كونه ضربه بالسيف أو كسر رأسه أو كسر رجله، كله تلبيس لا حقيقة له، وهم بهذا كفار لأنهم يسحرون أعين الناس، كما قال الله عن سحرة فرعون: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (2)، وقال سبحانه: {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (3)، هؤلاء الذين يلبسون على الناس هم كفرة بذلك، سحرة مجرمون.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 339 (2) سورة طه الآية 66 (3) سورة الأعراف الآية 116 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 64 - بيان كذب جماعة رجال الخطوة س: يقال: إن هناك رجالا من رجال الخطوة وهم يحجون بدون أي وسيلة مواصلات، ويقال: إنهم يحضرون الجنازة في مكة وهم أصلا موجودون في منطقة بعيدة جدا، فهل سخرت لهم الريح مثلا في تنقلاتهم، نرجو التوجيه؟ (1) ج: هذه من خرافات الناس وضلالاتهم، وقد يدعيها بعض الصوفية الذين يزعمون أن لهم كرامات يستطيعون بها أن يصلوا إلى مكة من دون سيارات ولا طائرات ولا غير ذلك، هذه من خرافاتهم وضلالاتهم وقد يكون لبعضهم اتصال بالجن وعبادة للجن فتحمله الجن إلى مكة وإلى غيرها، كما ذكر ذلك أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام وغيره، هذا قد يقع لبعض عباد الجن، وخدمة الجن، وهؤلاء لا عبرة بهم، ولا يعول عليهم؛ لأن من عبد الجن فهو من المشركين، وحجه باطل فالحاصل أن هذه الأخبار إما أن تكون من قبيل الخرافات التي يقولها الصوفية وأشباههم ممن يزعم أن ولي وأنه له كرامات وهو يكذب، وإما أن يكون من أولياء الشيطان ممن تحمله الشياطين وتنقله من مكان إلى مكان؛ لأنه عبدها وأطاعها فلما عبدها وخدمها خدمته بنقله من مكان إلى مكان نسأل الله العافية.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 82 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 65 - بيان حال الطريقة البرهانية س: هناك طريقة استحدثت تسمى بالبرهانية، تابعة لرجل يدعى محمد عثمان البرهاني، وهذه الطريقة تؤول القرآن العظيم، وهي سريعة الانتشار، فما حكم الشرع في هذه الطريقة، وهل هي كافرة أم كما تدعي هي أنها هي الفرقة الناجية، وما الأدلة الشرعية في تكفيرها، إذا كانت كافرة، وجهونا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: جميع الطرق الصوفية البرهانية والشاذلية وغير ذلك من الطرق الصوفية كالتيجانية كلها خطيرة، يجب الحذر منها والبعد منها، وعدم الثقة بها وهم أقسام منهم الكافر ومنهم غير الكافر، فينبغي للمؤمن أن يبتعد عن كتب الصوفية وقراءتها؛ لأنها تضره وفيها من الباطل والشر الشيء الكثير، فينبغي لك يا عبد الله أن تبتعد عنها، وأن تقرأ كتب أهل السنة والجماعة التي فيها الخير فيها بيان ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وفيها الكفاية، وفي الإقبال على القرآن والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه الخير العظيم والسعادة، وفي كتب السنة الصحيحة الثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام الخير والبركة فإن السنة تشرح القرآن وتفسر معناه، وتبين ما أشكل على طالب العلم في ذلك، فالله أنزل كتابه هدى للناس كما قال عز وجل:   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 201 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (1)، وقال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (2)، وقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (3)، وقال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (4)، وقال عز وجل: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (5). والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا ما قد يشكل علينا، وأوضح للأمة ما يحتاجون إليه، فعليك يا عبد الله أن تكتفي بما جاء في الكتاب والسنة، وأن تبتعد عن الكتب التي فيها الخرافات والضلالات والبدع وهي كتب الصوفية وغيرها مما جمعه الكفرة أو المتكلمون أو أصحاب الطرق المنحرفة، فإن فيها من الشر والبلاء والمخالفة لشرع الله ما يضر العبد إذا تمسك به، أو أخذ به أو قرأه وهو على غير بصيرة، نسأل الله السلامة.   (1) سورة الإسراء الآية 9 (2) سورة فصلت الآية 44 (3) سورة النحل الآية 89 (4) سورة ص الآية 29 (5) سورة الأنعام الآية 155 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 66 - بيان حال الطريقة القادرية والنقشبندية س: بعض الناس عندنا يدعون الشيخية الطرقية كطريقة النقشبندية والقادرية وغيرها، يجتمعون بالناس في المساجد ويدعونهم إلى التوبة والتوجد، ويقول أحدهم: أنا مأذون لذلك فيوهمون بعضا منهم ويتكلمون بألفاظ مهملة، مثل ها هي هو، ويتكلمون بالغيب، فهل لهذا حقيقة وكرامة، أم أن هذه من باب البدع والضلالة، نرجو التوجيه في الإجابة وفقكم الله؟ (1) ج: هذه الطرق وأشباهها كلها من الطرق البدعية، ولا يجوز الموافقة عليها، ولا المشاركة فيها؛ لأنها بدع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)»، وليس هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، الاجتماع على: هو، هو، هو، أو على كلام ليس بظاهر وليس بمعلوم، وإذا كان فيه دعوى علم الغيب صار هذا أعظم نكارة وأخبث عملا، بل هذا هو الشرك لأن دعوى علم الغيب منكر وكفر، الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، والحاصل أن الطرق الصوفية كالنقشبندية والقادرية، وهذه وأشباهها كلها طرق مبتدعة   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 39 (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 لا يجوز إقرارها في الشرع المطهر، فالواجب تجنبها وعدم الاشتراك فيها وألا تفعل إلا الشيء المعروف الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كذكر الله وحدك أو مع الإخوان إذا كان بينه وبين نفسه، أما ذكر الله الجماعي على طريقة الصوفية، أو هو، هو، هو، أو الله، الله، الله، أو ما أشبه ذلك، أو الإتيان بدعوات منكرة ليس لها أصل، بل فيها ما يدل على دعوى علم الغيب، أو فيها ما يدعو إلى منكر، أو فيها ما يدل على تعظيم المخلوق تعظيما لا يليق به، بل لا يليق إلا بالله، كل هذا لا يجوز، فهذه الطرق يجب الحذر منها، ويجب تمييزها، وألا يقر منها إلا ما وافق الشرع المطهر، وما خالف ذلك ينهى عنه، وينكر، والله المستعان. س: عندنا في السودان مشائخ الطرق الصوفية، وبعض من الناس يزورهم ويشكون لهم حاجاتهم، مثلا لو كان هناك مريض أو أنه قد حصل عليه حاجة، في وقت ضيق يشكو لهم، ويأخذ من عند الشيخ البخورات والمحايا والبركة، كما هي: تراب من حجرة الشيخ أو تراب من الغار، فإذا تجادلت مع بعض هؤلاء الناس الذين يزورون هذا الشيخ ويشكون حاجتهم للشيخ، فيقولون لنا: هذا الشيخ من أولياء الله، كما يقولون لنا في مجادلتهم قوله تعالى: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (1)، فهذا هو الأمر الذي وضحته لكم، هل ما يقولونه صحيح أم لا، من هم أولياء الله الصالحون، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، أرجو أن توضحوا جزاكم الله خيرا؟ (2) ج: مشايخ الصوفية فيهم تفصيل، منهم من هو كافر لأنه يتعاطى الشرك بالله عز وجل، ودعوة غير الله من أصحاب القبور، أو الجن أو يرى وحدة الوجود، كأصحاب ابن عربي هؤلاء كفار، ولا يجوز دعاؤهم ولا زيارتهم، ولا أخذ توجيهاتهم لأنهم منحرفون عن الطريق، ولا يجوز موالاتهم ولا تصديقهم فيما يقولون، ولا أخذ توجيهاتهم في أي شيء، ومنهم أناس عندهم بدع وأشياء، لا أساس لها في الشرع المطهر، ولكنهم ليسوا كفارا ولكن عندهم بدع ما أنزل الله بها من سلطان. فالواجب نصيحتهم وتوجيههم إلى الخير، وإنكار البدع التي كانت عندهم أما أن يطلب منهم البركة، أو من تراب حجرتهم، هذا منكر لا يجوز ولم يفعل هذا الصحابة فيما بينهم رضي الله عنهم، وإنما كان يفعل مع النبي صلى الله عليه وسلم التبرك بما انفصل من جسده، يأخذون شعره وعرقه، لما جعل الله فيه من البركة، عليه الصلاة والسلام، أم الناس فلا،   (1) سورة يونس الآية 62 (2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 142 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 فلم يفعلوه مع الصديق ولا مع عمر، ولا مع عثمان ولا مع علي، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء، فلا يجوز لأحد أن يأتي الصوفي الفلاني، أو الشيخ الفلاني يطلب بركة ثيابه، أو بركة شعره أو بركة أظفاره، كل هذا منكر لا يجوز فإذا اعتقد أنه ينفعه ويضره، أو أنه يحصل له فيه بركة في هذا الشيء، هذا خطر عظيم قد يصل به إلى الشرك، إذا طلب البركة منه واعتقد أنه ينفع أو يضر من دعاه، أو من طلب منه، أو أنه استغاث به دون الله، أو أنه يطلب منه الشفاء للمرض وأشباه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر، فالحاصل أن من طلب البركة من هؤلاء، أو دعاهم أو استغاث بهم، أو اعتقد أنهم يشفون المرض، أو ينفعون غيرهم، أو يضرون في سرهم، كل هذا من المنكرات العظيمة، بل من المنكرات الشركية، أما أولياء الله فهم المؤمنون المتقون، المطيعون لله ولرسوله، هؤلاء هم أولياء الله، ليسوا أهل البدع، أولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى، الذين وحدوا الله واتبعوا سبيله وساروا على نهج نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، هؤلاء هم أولياء الله، وليس هم الصوفية، ولكنهم المتقون، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (1)، هؤلاء هم أولياء الله، أهل الإيمان والتقوى، الذين آمنوا بالله ورسوله، ووحدوا الله وعبدوه وحده، ولم يعبدوا أهل القبور ولم يستغيثوا بهم ولم ينذروا لهم، بل عبدوا الله وحده وساروا على   (1) سورة يونس الآية 63 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 نهج نبيه صلى الله عليه وسلم، فأدوا فرائض الله وتركوا محارم الله، ووقفوا عند حدود الله هؤلاء هم أولياء الله، وإن كانوا فقراء، وإن كانوا عمالا يعملون عند الناس في طلب الرزق وإن كانوا يبيعون ويشترون في الأسواق، ما عندهم تصوف، هؤلاء هم أولياء الله، وقال تعالى في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (1)، فأولياء الله هم أهل التقوى, هم أهل الإيمان هم الذين أطاعوا الله ورسوله، وتركوا ما نهى الله عنه ورسوله، ووحدوا الله وعبدوه جل وعلا، أما الصوفية فهم أقسام: وهم يشتركون في البدعة، ولكنهم أقسام في الأحكام، منهم الكافر ومنهم المبتدع، الضال الذي يجب الحذر منه، ونصيحته وتنبيهه على بدعته، وكلهم مشتركون في البدع، لأنهم أحدثوا بدعا ما أنزل الله بها من سلطان، فالواجب الحذر منهم وعدم الاغترار بهم، وعدم زيارتهم لأخذ دعائهم، أو التبرك بهم أو أخذ توجيهاتهم أو نحو ذلك، ومن أمكنه أن ينصحهم وأن يوجههم إلى الخير، وأن ينكر عليهم بدعهم فليفعل ذلك والله المستعان.   (1) سورة الأنفال الآية 34 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 س: يوجد في بلدتنا رجل متوفى صالح، وبني له مقام على قبره، وله عادة عندنا في كل عام، نذهب مع الناس إليه رجالا ونساء، ويقيمون عنده ثلاثة أيام، بالمدح والتهاليل والأذكار، ما هي صحة أعمالنا هذه؟ (1). ج: هذا العمل لا يجوز، وهو من البدع التي أحدثها الناس، فلا يجوز الإقامة على قبره ولا البناء، سواء سمي مقاما، أو سمي قبة أو سمي غير ذلك، كانت القبور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصحابة مكشوفة ليس عليها بناء، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر، وأن يجصص وقال: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» متفق على صحته. وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه (3)»، فالبناء على القبور منكر، وهكذا تجصيصها، ووضع الزينات عليها أو الستور، كله منكر ووسيلة إلى الشرك، فلا يجوز وضع القباب أو الستور أو المساجد عليها، وهكذا زيارتها على الوجه الذي ذكره السائل، للجلوس عندها والتهاليل وأكل الطعام، والتمسح بالقبر أو الدعاء عند القبر، أو الصلاة عند القبر، كل هذا منكر، كله بدعة   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 89 (2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 1290، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . .، برقم 520 (3) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052)، النسائي الجنائز (2027)، أبو داود الجنائز (3225)، أحمد (3/ 339). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 لا يجوز، إنما المشروع زيارة القبور، كونه يزورها ويدعو لهم ثم ينصرف، يمر على القبور ويقول: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (1)»، وما أشبهه من الدعوات فقط، هذا هو المشروع الذي علمه النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام، لحديث عائشة: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين» ولحديث ابن عباس: «السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر (2)» هذا المشروع وأما الإقامة عند القبر للأكل والشرب، أو للتهاليل أو للصلاة، أو لقراءة القرآن، كل هذا منكر وإنما يسلم ويذهب ويدعو للميت، ويترحم عليه أما اتخاذه محل دعاء، أو محل قراءة، أو محل طواف أو محل تهاليل للجلوس عنده، أو أكل يوما أو يومين، أو ثلاثة هذا ليس له أصل، هذا بدعة من وسائل الشرك، فيجب الحذر من ذلك، ويجب ترك ذلك.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974 (2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم 1053 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 67 - حكم الاجتماع باسم أحد الأولياء س: يسأل أيضا ويقول: ما تقولون في قوم يجتمعون في بيت حضرتهم أو تحت الشجرة، باسم من مات قبل قرون، ولم يروه هم ولا آباؤهم، وإنما سموه هم وآباؤهم: عبد القادر الجيلاني وشيخ حسين البالي، وفلان وفلان. وإن أنكر عليهم منكر لا يقبلون عنه، بحجة أن العالم الفلاني لم ينكر عليهم، وأن الكافرين الذين هم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كفروا بعد إيمانهم بالرسول، ونحن نؤمن به وبما جاء به عليه السلام. فما تقولون في هذا أيضا؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: هذا الاجتماع باسم الشيخ عبد القادر , أو باسم الشيخ حسن ابن فلان، أو باسم البدوي، أو باسم حسين بن علي، أو باسم علي بن أبي طالب، أو باسم عمر، أو باسم الصديق، أو بأسماء أخرى. أو باسم حضرتهم، كلمة حضرتهم هذه كلمة مجملة لا نعرف معناها، فإذا كان المقصود رئيس الجماعة أو عالم الجماعة أو ما أشبه ذلك، فكل هذا من البدع. لا أصل لهذا. وكونهم يجتمعون باسم الشيخ عبد القادر يدعون له، أو يصلون عليه، أو يتوسلون به، هذا لا أصل له. ما كان الرسول يفعل هذا وأصحابه، وإنما الدعاء للمسلمين الأموات لا بأس به، يدعو لعلماء المسلمين وإن كانوا ماتوا قديما، كما تدعو للصحابة   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 183 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 وغيرهم، تقول: اللهم ارض عنهم، اللهم اغفر لأموات المسلمين، اللهم اغفر للشيخ عبد القادر، اللهم اغفر لحسين بن علي، اللهم ارض عنه وعن إخوانه، لا بأس، كل هذا طيب لكن تجتمع عند شجرة أو عند جبل، أو عند الشيخ فلان من أجل الاجتماع للدعاء لفلان، أو الترضي عن فلان، هذا لا أصل له. وأن يخص اجتماع على هذا الوجه، هذا من البدع. تدعو له وأنت في الطريق وأنت في المجلس العادي، وأنت في بيتك، لا بأس، تدعو لعلماء المسلمين، للشيخ عبد القادر الجيلاني، الشيخ عبد القادر عالم من علماء المسلمين، تدعو لأبي حنيفة، تدعو لمالك، للشافعي، لأحمد بن حنبل، لسفيان الثوري، لأصحاب النبي، للتابعين، لغيرهم من المهمين لا بأس. لكن تخص واحدا منهم باجتماع خاص، عند شجرة خاصة، أو عند جبل خاص، أو عند شخص خاص تخصه بهذا الاجتماع في يوم معين أو في شهر معين أو في أسبوع معين، كل هذا لا أصل له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 68 - بيان معنى الحضرة س: هناك شيء منتشر لدينا، ويسمى الحضرة ربما لا تفهمون ما هي الحضرة، ولكن سأشرح ما يحدث في هذه الحضرة، وسوف تعرفونها بعد ذلك. الحضرة هي: شيخ يأتي ومعه أتباعه، ومعهم بناديق دف، ويجتمع عليهم الناس، من حدب وصوب، ويكون في يوم الخميس في الليل، ثم يشعل نارا كبيرة ثم يبدأ ذلك الشيخ، بالقرع على الدف هو وأتباعه، ويقولون كلاما غريبا، ويستنجد بالله وبالأولياء الصالحين، الذين لدينا في ليبيا، مثل سيدي عبد السلام الأسمر، وسيدي مرعي وغيرهم، ثم يبدأ بعض الحاضرين بالمدح، مع الشيخ ويغمى على كثير من الحاضرين من النساء، والرجال ويبدأ الشيخ بالضرب المبرح، على من يغمى عليهم، ويقول له اخرج من المسلم يا كافر، ويقصد بذلك أنه يكلم الجني الذي سكن الإنسي، المغمى عليه، ويمسك المرأة من شعر رأسها، ويبدأ بالضرب على وجهها، وهكذا تبدأ هذه المسرحية وتنتهي، السؤال: هل هذه الأفعال محرمة على من يفعلها؟ الرجاء منكم الإفادة، علما بأن الحاضرين كما يقال بالآلاف، ويبنون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 خياما، وكل عائلة تذبح شاة، أو ماعزا فالرجاء منكم توجيهنا، وتوجيه المسلمين الذين توجد عندهم مثل هذه الأحوال، جزاكم الله خيرا (1). ج: هذا العمل منكر عظيم، وهذا من أعمال بعض الصوفية، ولا يجوز حضور هذا العمل، والاستنجاد بالأولياء والاستغاثة بالأولياء من الشرك الأكبر، ومن عبادة غير الله سبحانه وتعالى، وضرب الطبول أو الدفوف هذه من طرق الصوفية المنكرة المحدثة، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب ترك هذا العمل وعدم حضوره، وإنكاره على من حضر، لما فيه من الشرور الكثيرة وهو بدعة، وفيه أيضا منكر وهو ضرب الدفوف، وفيه منكر أعظم وهو الشرك بالله، والاستنجاد بالأولياء، هذا كله شر عظيم. فالواجب على المسلمين ترك هذا العمل، والحذر منه وعدم حضوره، وإنكاره على من فعله لأنه بدعة منكرة، مشتملة على نوع من الشرك الأكبر، وهو الاستنجاد بالأولياء ودعاؤهم، والاستغاثة بهم وهذا من الشرك الأكبر، فإذا قال: يا سيدي فلان، يا عبد السلام، يا سيدي الحسين، أو يا سيدي رسول الله، أو يا سيدي الشيخ عبد القادر، أغثني أو انصرني، أو اشف مريضي أو رد غائبي، أو أنا في جوارك أو حسبك، أو ما أشبه ذلك هذا كله من الشرك الأكبر،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 213 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 والله يقول جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، ويقول سبحانه وتعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (2)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) هؤلاء قد اتخذوا مع الله آلهة أخرى، ينادونهم ويستغيثون بهم، فوقع الشرك الأكبر مع ما هم فيه من البدع، والخرافات الضالة التي لا أساس لها، فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر، والواجب عدم حضور مثل هذا المنكر، وإنكاره على من فعله، مع ما فيه من الشرك الأكبر، نعوذ بالله من ذلك.   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة يونس الآية 106 (3) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 69 - حكم إقامة المديح النبوي مع دق الدفوف س: المديح النبوي مع دق الدفوف، والضرب على البطون بالسيوف والعصي، على الطريقة الرفاعية هل هي حرام أم حلال؟ (1). ج: هذا منكر وحرام، وبدعة في الدين من خرافات الصوفية، المديح يكون بالكلام الطيب من دون دفوف، ومن دون ضرب للبطون   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 217 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 والرؤوس، بل بالكلام الطيب، يقال له خاتم النبيين، وأفضل الأنبياء وأعبد الناس، وأصدق الناس كلام طيب، أما الزيادة بأن يدعى من دون الله، أو ليستغاث به من دون الله، هذا شرك أكبر، أو يقال إنه يعلم الغيب فهذا كفر، لكن يمدح بالحق، يمدح بما ثبت عنه أنه أهل له عليه الصلاة والسلام، من كونه أصدق الناس، من كونه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، من كونه أفضل الرسل عليهم الصلاة والسلام، إلى أمثال هذه الأشياء الصادقة، أما أن يمدح بأنه يعلم الغيب، أو أنه يدعى من دون الله، أو أنه خلق من النور، أو من عرش الرحمن، هذا باطل كذب، خلق من ماء مهين مثل غيره من الناس، ولم يخلق من النور، وليس يعلم الغيب عليه الصلاة والسلام، وليس يعبد من دون الله، ولا يدعى من دون الله، ولا يستغاث به ولا يحلف به، عليه الصلاة والسلام كل هذا منكر، وفق الله الجميع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 70 - حكم أخذ الطرق الصوفية س: الأخ: أحمد من الله بابكر، من السودان. يسأل ويقول: هناك أشخاص أحياء يرزقون، يذهب إليهم أهلنا البسطاء لأخذ ما يسمى بالطرق، وأخذ الفاتحة منهم، لأن دعوتهم مستجابة، على حد تعبير أهلنا البسطاء. علما بأن أهلي يركبون العربات لزيارتهم، لأن مكانهم بعيد عن القرية. ويكلفهم هذا مبالغ هم في أشد الحاجة لها. أفيدونا وجزاكم الله خيرا، ووفقكم (1). ج: الطرق الصوفية مما أحدثها الناس. والمتصوفون غالبهم أهل بدع وأهل جهل، وكونهم يشرعون للناس طرقا خاصة في الأذكار، هذا لا أصل له، بل هو من البدع، فالواجب ألا يتصل بهم لهذا الأمر، وألا يسألوا عن هذا الأمر، وألا يقتدى بهم، والواجب على أهل العلم أن ينبهوهم ويشرحوا لهم الحق ويدلوهم عليه، لأن غالبهم جهال مقلدة لغيرهم. فالواجب تعليمهم وإرشادهم وأن البدع أنكرها الله عز وجل، بقوله سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (2)، والنبي الكريم عليه الصلاة والسلام قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» يعني مردود. فالواجب على أهل العلم   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 196 (2) سورة الشورى الآية 21 (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 والعباد أن يتقيدوا بالشريعة، وألا يشرعوا للناس شيئا ما شرعه الله سبحانه وتعالى لا في الأقوال ولا في الأعمال، ومن كان معروفا بالتصوف لا يقتدى به، ولا يعمل بقوله وتوجيهه، لأنه ليس عنده علم، بل إنما هي طرق تلقاها بعضهم عن بعض، وأحدثوها وساروا عليها، فلا ينبغي أخذها عنهم، بل يجب إرشادهم وتوجيههم إلى الخير، وتعليمهم ما ينفعهم وشرح السنة لهم، حتى يستقيموا عليها، وحتى يدعوا البدع. ومن ذلك ختمهم الدعوات بالفاتحة، أو تعليمهم الفاتحة للتثويب، حتى يثوبها لفلان أو فلان، هذا ليس له أصل. الإنسان يقرأ القرآن ويقرأ الفاتحة ليستفيد ويتعلم ويطلب الثواب من الله عز وجل، نعم قال بعض العلماء إنه لا بأس بالقراءة للموتى، وتثويبها للموتى أو للأحياء، كونه يقرأ ويهدي ثوابها لفلان، ولكن ليس عليه دليل، ولم يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وما كان النبي يقرأ للناس، يقرأ حتى يثوب لهم، وما كان الصحابة يفعلون هذا رضي الله عنهم، فالأولى للمؤمن أن يدع هذا الشيء، وأن يكتفي بما درج عليه الصحابة رضي الله عنهم وتلقوه عن نبيهم عليه الصلاة والسلام، ولكن يدعو لموتاه بالمغفرة والرحمة. يتصدق عنهم بالمال، يحج عمن لم يحج من موتاه ويعتمر، لا بأس إذا كان قد حج عن نفسه واعتمر لنفسه. أما أن يقرأ لهم قرآنا يثوبه لهم، فليس عليه دليل، والذي ينبغي ترك ذلك، لأن البدع لا خير فيها وشرها عظيم. فكونه يقرأ قراءة يقصد ثوابها لفلان أو فلان، هذا ليس عليه دليل، فيخشى عليه أن يكون أتى بدعة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 منكرة، فالأولى له ترك ذلك، وإن قال بعض أهل العلم بجواز ذلك، لأن العبرة بالدليل، لا بأقوال الناس، والله يقول سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1)، ويقول جل وعلا: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (2) فإذا قال بعض أهل العلم: إنه يقرأ للموتى وقال آخرون لا، ترد المسألة إلى كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام، وإذا رجعنا إلى كلام الله وإلى كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، لم نجد في ذلك ما يدل على أن القرآن يثوب للموتى أو لغير الموتى، بل الإنسان يقرأ القرآن ليستفيد ويتدبر ويتعقل، وليحصل له الثواب من الله عز وجل، وإذا دعا لإخوانه المسلمين، أو لموتاه المسلمين، أو لوالديه المسلمين بالمغفرة والرحمة حال قراءته، أو في أوقات أخرى، كل هذا لا بأس به، لكنه يقرأ لطلب الثواب من الله لنفسه وليستفيد من القرآن، ويتعلم أحكام الله ويتدبر ويتعقل، هذا هو المشروع. وفق الله المسلمين لكل خير.   (1) سورة النساء الآية 59 (2) سورة الشورى الآية 10 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 71 - حكم اتباع الطريقة الصوفية الخلوتية س: إنني سالك طريقا من شيخ خلوتي، وإنني على علم يقين أنه رجل طيب، وتقي جدا جدا ودائما كل إنسان سلك معه الطريق صار صالحا وتاب، كما كان فيه من يحمل المنكر، وهذا السؤال بناء على أنكم ذكرتم أن جميع الطرق الصوفية من البدع، أفيدوني أفادكم الله عن الوضع الذي أنا فيه، هل أستمر أم أتخلى عنه جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: نعم جميع الطرق الصوفية من البدع، ولكن يقع فيها أشياء توافق الحق، فما وافق الحق وجب أخذه، لأنه وافق الحق، لا لأنه من طريق خلوتي، أو القادري، أو الشاذلي أو فلان أو فلان لا، ما وقع في طرقهم من الخير يقبل، لأنه وافق الشرع، وما خالفه يترك وإذا أردت أن نبين لك ما هو الخير والشر، فاذكر لنا الطريقة التي أنت عليها، اشرحها لنا في سؤال آخر، ونوضح لك ما هو الخير وما هو الشر إن شاء الله.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 219 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 72 - حكم التشبه بأهل الفرق في لباسهم س: إذا كان هناك فرقة من المتصوفة يلبسون لباسا معينا فما الحكم في لبسه؟ ج: إذا كان القصد التشبه بهم فإنه لا يجوز التشبه بأهل البدع ولا بالكفار، إذا كان المقصود من الأسود التشبه بطائفة من الصوفية أو طائفة من الكفرة فلا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم (1)».   (1) أبو داود اللباس (4031). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 73 - حكم استعمال الطبل والمزمار لعلاج المريض من المس س: عندنا في مصر في بعض القرى الريفية، أناس يقومون بأعمال الطبل والمزمار، يقولون: إننا نخرج الجن من الناس ومن النساء، فما حكم ما يفعلون؟ (1) ج: هذا من عمل بعض الصوفية، وهو منكر وغلط لا يجوز فعله، ولا يجوز تقليدهم بل يجب الإنكار عليهم، لأنهم يتعبدون بالطبل والمزامير والغناء، هذا منكر وهذا من فعل بعض طوائف الصوفية، فأنت يا أخي تنكر عليهم ذلك، وإخوانك ينكرون عليهم، وتعلمونهم   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 215 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 وترشدونهم أن هذا لا يجوز، وأن الواجب الاشتغال بما شرع الله من العبادة، من صلاة وقراءة وذكر، لا بالطبل والمزامير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 74 - بيان حال طائفة الدراويش من الصوفية س: ما رأيكم في هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالدراويش، ويطعنون أنفسهم بالخناجر والسكاكين، وغيرها وهم في ذلك قبل أن يقول أحدهم: يا الله، يقول: يا رفاعي، فما رأي الشرع في ذلك، هل يوجد دليل على عملهم؟ (1) ج: هؤلاء كذابون محتالون، ليس لعملهم أصل بل هم كذبة يستعملون أشياء تلبس على الناس، حتى يظن الناس أنهم يطعنون أنفسهم، وليس الأمر كذلك، وإنما هو تلبيس وتزوير على العيون، وسحر للناس كما قال الله عن سحرة فرعون، إنهم استرهبوا الناس وسحروا أعينهم، فالمقصود أن هذا الصنف من الناس الفجرة المحتالين، الذين لا أصل لما يفعلون ولا يجوز أن يصدقوا، بل هم كاذبون محتالون ملبسون على الناس، وإذا كانوا يدعون الرفاعي وغير الرفاعي، صار هذا شركا أكبر، يا رفاعي أو يا رسول الله انصرنا، أو اشفع لنا أو يا علي أو يا سيدي علي، أو يا حسين، أو يا فلان أو   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 154 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 يا سيدي البدوي، كل هذا من الشرك الأكبر، كل هذا من العبادة لغير الله، وكل هذا من جنس عمل عباد القبور، عباد اللات والعزى، وأشباههم، فهو شرك أكبر نعوذ بالله من ذلك، وأنهم يطعنون أنفسهم بالخناجر والسكاكين، كله تلبيس وخداع ليس له أصل، بل هم بهذا كذبة فجرة، يجب على ولاة الأمور إذا كان هناك ولي أمر مسلم، في بلدهم أن يأخذ على أيديهم وأن يعزرهم ويؤدبهم، حتى يتوبوا من أعمالهم الخبيثة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 75 - حكم شد الرحال إلى قبور الأولياء س: نرجو إفادتنا عن شيخ عندنا في البلاد، له أتباع كثيرون، يتفانون في خدمته وطاعته، والسفر إليه معتقدين أنه من أولياء الله، فيأخذون منه الطريقة السمانية الصوفية، وتوجد قبة كبيرة لوالده، يتبرك بها هؤلاء الأتباع، ويضعون فيها ما تجود بها أنفسهم من النذور، ويقيمون الذكر بضرب الدفوف، والطبول والأشعار، وفي هذا العام أمرهم شيخهم بزيارة شيخ آخر، فسافروا رجالا ونساء بمائة سيارة. كيف توجهونهم سماحة الشيخ؟ (1) ج: هذا منكر عظيم، وشر كبير، فإن السفر لزيارة القبور منكر،   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 73 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (1)» فالرحال لا تشد لزيارة القبور، وإنما تشد للمساجد الثلاثة، لقصد القربة والطاعة ثم التقرب لأصحاب القبور بالنذور أو بالذبائح، أو بالصلوات أو بالدعاء والاستغاثة، كله شرك بالله عز وجل، فلا يجوز للمسلم أن يدعو صاحب القبر، ولو كان عظيما كالرسل عليهم الصلاة والسلام، ولا يجوز أن يستغيث بهم كما لا يجوز أن يستغيث بالأصنام ولا بالأشجار، ولا بالكواكب فهكذا أصحاب القبور، ليس لأحد أن يستغيث بهم أو ينذر لهم، أو يتقرب إليهم بالذبائح أو النذور، كل هذا من المحرمات الشركية، كذلك لعبهم بالدفوف، وتقربهم بالدفوف، التي يفعلها كثير من الصوفية، كل هذا بدعة، ومنكر، وليس في العبادة لله، التقرب بالدفوف لا في القبور ولا في المساجد، ولا في غير ذلك، إنما يشرع الدف للنساء في العرس، إظهارا للنكاح أنه نكاح وليس بسفاح، كذلك البناء على القبور منكر، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تجصيص القبور، والبناء عليها، والقعود عليها، كما رواه مسلم في الصحيح، عن جابر رضي الله عنه، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب مسجد بيت المقدس، برقم 1197، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم 1397 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 وأن يبنى عليه (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» فلا يجوز البناء على القبور، لا المساجد ولا غيرها، بل يجب أن تكون ضاحية مكشوفة، ليس عليها بناء ولا يجوز التبرك، بالقبور وأهلها والتمسح بهم، كما لا يجوز دعاؤهم والاستغاثة بهم والنذر لهم، والذبح لهم كل هذا من عمل الجاهلية. فالواجب على أهل الإسلام الحذر من ذلك، والواجب على أهل العلم، أن ينصحوا هذا الشيخ وأن يعلموه، أنه في عمل باطل وأنه منكر، وأن حثه للناس وترغيبه للناس، في دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، أن هذا هو الشرك الأكبر، نعوذ بالله ويجب على المسلمين ألا يقلدوه، وألا يتبعوه، ولا يتغبروا به، فالعبادة حق الله وحده، هو الذي يدعى ويرجى، كما قال سبحانه {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3)، سماهم كفرة بدعوتهم   (1) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052)، النسائي الجنائز (2027)، أبو داود الجنائز (3225)، أحمد (3/ 339). (2) سورة الجن الآية 18 (3) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 غير الله، من الجن والملائكة والأنبياء، وأصحاب القبور، والكواكب أو الأصنام، كل هذه دعوتها مع الله شرك أكبر، وهكذا يقول سبحانه وتعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (1) يعني المشركين، وعلى جميع من يستطيع إنكار هذا المنكر، أن يساهم في ذلك وعلى الدولة إذا كانت مسلمة، أن تمنع ذلك، وأن تعلم الناس ما شرع الله لهم وما أوجب عليهم من أمر الدين، حتى يزول هذا المنكر وحتى يزول هذا الشرك، نسأل الله الهداية للجميع.   (1) سورة يونس الآية 106 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 76 - بيان كذب وصية خادم الحجرة النبوية س: بين وقت وآخر تعود إلينا هذه الوصية المزعومة، والتي تصدر دائما تحت اسم وصية حامل مفاتيح حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الوصية تنتشر كما قلت، وكلما غابت عادت، يقول في بدايتها هذه المرة: إنه كان في ليلة يقرأ القرآن، في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تلك الليلة غلبه النوم، ورأى في نومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آت، وقال له: إنه قد مات في هذا الأسبوع أربعون ألفا من الناس، ومن غير الجان إنهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 ماتوا موتة الجاهلين، ويستمر على هذا الأسلوب، الملاحظ أنه بأسلوب قريب من العامية، نرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بتنبيه الناس عن هذه الوصية خاصة، وعلى ما ماثلها، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: فهذه الوصية: قد علمناها من دهر طويل، وهي كما ذكرتم في السؤال كلما ذهبت عادت، ولكما نسيت بعثت، ولها مروجون من الناس، في سائر أقطار الدنيا، باسم خادم الحجرة النبوية، وتارة باسم حامل مفاتيح الحجرة النبوية، أو المسجد النبوي وله فيها عبارات وألفاظ، متنوعة ويقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: كذا وكذا وأنه مات أربعون ألفا ميتة جاهلية، ويقول: إنه يطلع نجم حول الشمس، وأنه إذا طلع هذا النجم ترونه، ولا تقبل الصلوات والعبادة بعد ذلك، ويقول: إنه من جاءته هذه الوصية فأهملها، وأضاعها يأثم إثما كبيرا، ومن بلغته ولم ينشرها، يخرج من رحمة الله، ويقول من وزع منها خمسا وعشرين نسخة، حصل له كذا وكذا، إلى غير هذا من الخرافات، وهذه الوصية باطلة لا أساس لها، وليس هناك من اسمه أحمد خادم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذا كذب ليس هناك شخص يقال له: أحمد، وليس هناك وصية وإنما هذه من كذب الكذابين، أناس يفترون الكذب، ويكتبون مثل هذه الوصايا الباطلة، وينسبونها إلى من   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 87 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 شاءوا من الناس، وكل ذلك لا أصل له، وقد سبق أن كتبنا في إبطال هذه الوصية كتابة من أكثر من عشر سنوات، ووزعناها في الداخل والخارج بعدة لغات، وأنها لا أساس لها، وأن الواجب على من وقعت في يده أن يمزقها ويتلفها، وينبه الناس على بطلانها، المصحف الذي هو كلام الله عز وجل، لو أن إنسانا لم يكتبه ليس عليه شيء ولا بأس عليه، وهذا يقول من بلغته ولم ينشرها يخرج من رحمة الله، هذا من أبطل الباطل، ويقول من كتب منها خمسا وعشرين نسخة، يحصل له كذا وكذا فوائد كذا وكذا، ومن أعرض عنها يفقد فوائد، ويموت ولده أو يموت كذا أو يصيبه كارثة، كل هذا باطل، القرآن نفسه لو وزع منه مائة نسخة أو كذا أو كذا، فهو مأجور لكن لا يحصل له هذا الذي قال هذا الكذاب، ولا يكون عليه خطر لو لم يوزع، أو عاش الدهر كله ولم يوزع المصحف، لا بأس عليه هذا للمصحف من يوزعه ومن يبيعه ومن ينشره بين الناس، ولو أنه اشتراه من السوق، وقرأ فيه ولم يوزعه فلا حرج عليه، ولو كتبه وقرأه ولم يوزعه فلا حرج عليه، فكيف بهذه الوصية المكذوبة الباطلة، من لم يوزعها يكون عليه كذا وكذا فالمقصود: أن هذه الوصية باطلة ومكذوبة، ولا أساس لها ولا يجوز اعتقاد هذا الكلام، ولا يجوز توزيعها ولا نشرها بين الناس، بل يجب إتلافها والتنبيه على بطلانها، رزق الله الجميع العافية والهدى، ونحن نحاربها من عشرات السنين، ولم نر إلا خيرا، كل هذا شيء باطل لا ينبغي التعلق به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 77 - حكم الشرع في مرتكب الكبيرة س: ما هو حكم الشرع في مرتكب الكبيرة، هل يخرج من الملة؟ (1) ج: حكم الشرع فيه أنه عاص فاسق، لكن لا يخرج من الملة خلافا للخوارج، عند أهل السنة والجماعة الزاني فاسق وشارب الخمر فاسق، إذا لم يستحل ذلك، العاق لوالديه فاسق، المرابي فاسق، هذه كلها كبائر لكن لا يكفر فاعلها وعند الخوارج يكفر بذلك نسأل الله العافية والصواب أن قولهم باطل وأنه ليس بكافر ولكنه عاص، عليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله والإنابة ومن تاب تاب الله عليه وإذا مات على ذلك مات عاصيا على خطر من دخول النار إلا أن يعفو الله عنه لكن لو دخلها لا يخلد فيها خلافا للخوارج والمعتزلة، الخوارج يقولون: يكفر ويخلد في النار إذا مات عاقا لوالديه أو على الزنى لم يتب أو على شرب الخمر يقولون: هو كافر ومخلد في النار والمعتزلة مثلهم في أمر الآخرة مخلد في النار لكن يقولون في الدنيا لا كافر ولا مسلم في منزلة بين المنزلتين وقولهم: باطل أيضا. أما أهل السنة والجماعة فيقولون: هو مسلم عاص، عليه التوبة إلى الله، فإن تاب تاب الله عليه، وإن مات على معصيته فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بسبب توحيده وإسلامه وإن شاء عذبه على قدر   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 356 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 المعاصي التي مات عليها، ثم يخرج من النار بعد التطهير، يخرجه الله من النار إلى الجنة؛ لقول الله سبحانه في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1) أي ما دون الشرك لمن يشاء أي بعضهم لا يغفر له ويدخل النار ويعذب على قدر المعاصي وبعد التطهير والتمحيص يخرجهم الله من النار إلى نهر يقال له: نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل فإذا تم تطهيرهم أدخلهم الله الجنة.   (1) سورة النساء الآية 48 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 باب ما جاء في السحر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 باب ما جاء في السحر 78 - بيان أن السحر كفر وضلال س: تسأل: ف. أ. من ليبيا فتقول: ماذا نقول عن السحر؟ وكيف نقي أنفسنا منه؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: السحر محرم على المسلمين، وهو من عمل الشياطين وأتباع الشياطين، وهو كفر وضلال؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن، من دون الله عز وجل قال الله سبحانه: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (2) فأخبر أنهم كفروا بهذا التعليم، وقال بعدها: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} (3)، يعني: هاروت وماروت، يقول الله سبحانه: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (4)   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 344 (2) سورة البقرة الآية 102 (3) سورة البقرة الآية 102 (4) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 فدل على أن تعليمه كفر، لأنهما يقولان للمتعلم فلا تكفر فدل على أن تعلمه له كفر، فالواجب الحذر من ذلك، وقال بعده: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (1)، يعني: من حظ ومن نصيب، ثم قال بعده: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (2)، فدل على أن السحر ضد الإيمان، وضد التقوى، المقصود أن تعلم السحر يكون بعبادة الشياطين والاستغاثة بهم والذبح لهم والنذر لهم ونحو ذلك، فهو من الكفر الأكبر فلا يجوز تعليمه ولا تعلمه ولا العمل به، ولا المجيء إلى أهله وسؤالهم ولا تصديقهم، بل يجب الحذر من ذلك ويكفي في هذا قول الله جل وعلا: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (3)، وقول الملكين له للمتعلم: لا تكفر دل على أن تعلمه كفر، وقوله في حق الشياطين: يعلمون الناس السحر، المقصود أنه محرم وشره عظيم، وفيه فساد كبير مع كونه فيه عبادة لغير الله، وكفر بالله عز وجل. فالواجب توقيه والحذر منه ومن أسباب التوقي أن يتعوذ المسلم بكلمات الله التامات من شر ما خلق، صباحا ومساء ثلاث مرات   (1) سورة البقرة الآية 102 (2) سورة البقرة الآية 103 (3) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، صباحا ومساء، وفي كل وقت، هذا من أسباب الوقاية يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (1)»، وقال له رجل: «يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني هذه الليلة؟ فقال: " أما وإنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك (2)»، وهكذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يصبح وحين يمسي: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم. ثلاث مرات، لم يضره شيء (3)». فيستحب للمسلم أن يقول هذا صباحا ومساء، ثلاث مرات «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم (4)» هذا من أسباب الوقاية، ومن أسباب الوقاية أيضا قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وعند النوم، فهي من أسباب السلامة من الشياطين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الذي يقرؤها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح». قالها الشيطان لأبي   (1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708 (2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء، برقم 2709 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 448 (4) الترمذي الدعوات (3388)، ابن ماجه الدعاء (3869). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 هريرة وقد صدقه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «لقد صدقك وهو كذوب (1)»، وكذلك قراءة: قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات، بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب، من أسباب السلامة من كل سوء وقراءة هذه السور الثلاث، بعد الظهر وبعد العصر وبعد العشاء، مرة واحدة كذلك من أسباب السلامة، ونوصي السائلة وغيرها ممن يستمع إلى هذا البرنامج، أن يستفيد من هذه الأشياء التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، وأن يتوقى الشر بتعاطي هذه الأذكار الشرعية وهذه التعليمات الشرعية، التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام. ونوصي جميع إخواننا في ليبيا وأخواتنا في ليبيا، وفي غيرها في أفريقيا وفي أوروبا وفي كل مكان، نوصي الجميع بالعناية بهذا البرنامج: " نور على الدرب " لأنه برنامج مفيد ويقوم عليه علماء معروفون بالخير والعلم والفضل، ونوصي جميع إخواننا في كل مكان وجميع أخواتنا في كل مكان، في ليبيا وفي غيرها نوصي الجميع بالاستماع لهذا البرنامج، والاستماع إلى إذاعة القرآن من الإذاعة السعودية، فإن برنامج نور على الدرب، وكذلك ما يذاع في إذاعة القرآن من المحاضرات والخطب، كله مفيد وهكذا ما يذاع من القرآن الكريم، الذي هو أصل كل خير، القرآن نوصي الجميع بالاستماع إليه   (1) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة، برقم 5010 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 من هذه الإذاعة إذاعة القرآن وغيرها، والاستماع إلى هذا البرنامج نور على الدرب، والاستماع إلى محاضرات علماء السنة، علماء الحق علماء العقيدة الطيبة، في كل مكان؛ لأن هذا من باب تعلم العلم، من باب التفقه في الدين، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (1)» متفق على صحته، هذا حديث عظيم وسماع هذا البرنامج نور على الدرب من التفقه في الدين، وسماع إذاعة القرآن من المملكة العربية السعودية وغيرها، من التفقه في الدين، والتعلم على علماء السنة، والأخذ عنهم في كل مكان من التفقه في الدين، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (2)» رواه مسلم في الصحيح. فنوصي جميع إخواننا وأخواتنا في كل مكان، بالتعلم والتفقه في الدين والعناية بالقرآن الكريم، والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه عن ظهر قلب، أو من المصحف، واستماعه من الأشرطة والإذاعة لمن لا يستطيع قراءته أو حال دونه مانع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037 (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 2699 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 وسؤال أهل العلم من علماء السنة، المعروفين بالعلم والفضل والعقيدة الطيبة، وسؤالهم عن كل ما أشكل، مع سماع هذا البرنامج والمحافظة على سماعه: نور على الدرب في أوقاته، وسماع إذاعة القرآن في كل مكان فإن في ذلك خيرا كثيرا، وعلما جما. نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 79 - العلامات التي يعرف بها الساحر س: السائل: م. و. يقول: ما العلامات التي يعرف بها الساحر، والكاهن والمشعوذ؟ (1) ج: يعرفون بما يقولون من الكلام الباطل، والأعمال الباطلة، يعرفون بدعواهم الباطلة المخالفة للشرع، فهذا دليل ظاهر، فيعرف المشعوذ والكاهن والرمال والمنجم والساحر، بأعمالهم التي يعملونها كل واحد يعرف بعمله. فالذي يدعي علم الغيب أو يدعي أشياء لا أساس لها، هذه من الدلائل على أنه يستخدم الجن، ويستعين بالجن، أو كذاب، يكذب على الناس لأكل أموالهم، وهكذا الذي يستعمل أشياء تضر الناس، ينبغي أن يرفع أمره إلى الجهة المختصة كالهيئة أو المحكمة؛ لأنه قد يتعاطى السحر، وقد يتعاطى أشياء تضر الناس بغير علم، لجهله وعدم بصيرته.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 428 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 80 - بيان أن السحر كفر أكبر س: هل السحر والغيبة والنميمة، تلحق بالكبائر أم لا؟ (1) ج: السحر كفر أكبر، لأنه لا يتوصل إليه إلا بالشرك، بعبادة الجن ودعوتهم من دون الله، ولهذا قال سبحانه في السحر عن الملكين: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (2). وقال في هذه الآيات سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} (3)، يعني: السحر {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (4)، يعني: من حظ ولا نصيب، وقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (5)، فدل على أن السحر ضد الإيمان، وضد التقوى نسأل الله العافية، فالسحر يتوصل إليه بعبادة الجن من دون الله، والتقرب إليهم بالذبائح والنذور ونحو ذلك، فلهذا روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سحر فقد أشرك (6)» وقال عليه الصلاة والسلام: «اجتنبوا السبع الموبقات "، قلنا وما هن يا رسول الله؟ قال: " الشرك بالله والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا وأكل مال   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 79 (2) سورة البقرة الآية 102 (3) سورة البقرة الآية 102 (4) سورة البقرة الآية 102 (5) سورة البقرة الآية 103 (6) أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم في السحرة، برقم 4079 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات (1)» رواه البخاري ومسلم في الصحيحين، فجعل السحر قرين الشرك، وقدمه على القتل لأنه ظلم، من الشرك، ولأنه عبادة للجن من دون الله، وتقرب إليهم بما يريدون منه من دعاء أو استغاثة، أو ذبح أو نذر، حتى يعلموه بعض الشيء، وهو ممن يطيع الشياطين، كما قال سبحانه: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (2)، فجعل تعليمهم السحر كفرا وضلالا نسأل الله العافية، وكذلك الغيبة والنميمة، من الكبائر، لما جاء فيهما من الوعيد، والغيبة: ذكر الإنسان أخاه بما يكره، كأن يقول: بخيل، جبان، شرس، أخلاقه كذا، وكذا، والنميمة نقل الكلام الذي يسبب الفتنة، من شخص إلى شخص، أو من جماعة إلى جماعة، أو من قبيلة إلى قبيلة، كأن يقول: سمعت فلانا يقول فيكم كذا، إنكم بخلاء، إنكم جبناء، أو يقول لزيد: سمعت فلانا يقول فيك، إنك زناء، إنك خبيث، إنك جبان، إنك تتبع مواقع التهم، إنك إنك. يعني يأتي بأشياء تسبب الفتنة، بينه وبين المنقول عنه، هذه هي النميمة، والله يقول سبحانه: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} (3) {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} (4)،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى)، برقم 2767، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم 89. (2) سورة البقرة الآية 102 (3) سورة القلم الآية 10 (4) سورة القلم الآية 11 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 ويقول الله جل وعلا: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (1)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم يصف الغيبة، قال: «ذكرك أخاك بما يكره " قيل يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول؟ قال: " إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته (2)»، فصار المغتاب على شر إن صدق فهو مغتاب، وإن كذب فهو باهت، وقال صلى الله عليه وسلم: «رأيت ليلة أسري بي رجالا، لهم أظفار من نحاس، يخدشون بها وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء، فقيل لي: إن هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم (3)»، هذا يدل على شدة الوعيد في هذا، وأنها من الكبائر، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل الجنة نمام (4)» متفق على صحته، فدل ذلك على أن النميمة والغيبة، من الكبائر، نسأل الله العافية.   (1) سورة الحجرات الآية 12 (2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الغيبة، برقم 2589. (3) أخرجه أحمد في مسند أنس بن مالك رضي الله عنه (4) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ما يكره من النميمة، برقم 6056، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم النميمة، برقم 105 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 81 - بيان أن شياطين الجن هم الذين يعلمون السحر للسحرة س: الأخ: ص. ش. من الجمهورية العربية السورية، يسأل ويقول: هل يستطيع الساحر الاتصال بالشياطين كما يزعم فعلا؟ وبالتالي يستطيع أن يغير ما يريده الشخص المسلم الواعي، والذي يحفظ قدرا كبيرا من القرآن وذلك بواسطة هؤلاء الشياطين؟ وإن كان ذلك ممكنا، فماذا يترتب على الشخص أن يفعل إذا ابتلي بالسحر؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: السحر بين الله جل وعلا في كتابه العظيم، وهكذا رسوله صلى الله عليه وسلم أنه موجود، وأن السحرة موجودون، وأن الشياطين هم الأساتذة، هم الذين يعلمونهم السحر، شياطين الجن هم الذين يعلمون شياطين الإنس السحر، والسحر يكون بالرقى الشيطانية والتعوذات الشيطانية والعقد والنفث، كما قال تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (2) يعني السواحر اللاتي ينفثن في العقد، بكلمات ضالة، خاطئة، يردن بها إيذاء المسحور، ويقع بالتخييل، كما قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (3) فيخيلون للإنسان أن الحبل حية،   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 267 (2) سورة الفلق الآية 4 (3) سورة طه الآية 66 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 والعصا حية، والكلب نوع آخر، والقط نوع آخر إلى غير ذلك، يسميه العامة التقمير، يعني يقمر على العيون، كما قال جل وعلا: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (1) وسحروا أعين الناس، يعني لبسوا عليهم، حتى صار الإنسان ينظر الشيء على غير وجهه، ويظنه غير المعروف، بسبب ما وقع من التلبيس، الذي شوش على العين، حتى ظن الناس أن الحبال والعصي، بسبب سحرة فرعون، ظنوا أنها حيات، واعتقدوا أنها حيات، والساحر يتلقى من الشياطين، قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (2) هكذا بين سبحانه وتعالى، ثم قال: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} (3) يعني ويعلمونهم ما أنزل على الملكين، {بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} (4) يعني الملكين هاروت وماروت {حَتَّى يَقُولَا} (5) للمتعلم {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (6) يعني أن الملكين فتن بهما الناس، فلا تكفر بتعاطي السحر، فدل ذلك على أن تعاطي السحر كفر بعد الإيمان، وردة بعد الإسلام إذا كان مسلما؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الشياطين، والتقرب إليهم بالذبح والنذر، والاستغاثة والسجود لهم، ونحو ذلك، فيكون الساحر بهذا كافرا مرتدا، لكونه يتعاطى مع الشياطين ما هو من حق الله، من العبادة؛ ولهذا قال   (1) سورة الأعراف الآية 116 (2) سورة البقرة الآية 102 (3) سورة البقرة الآية 102 (4) سورة البقرة الآية 102 (5) سورة البقرة الآية 102 (6) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 جل وعلا: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا} (1) يعني ينصحانه، حتى يقولا له {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا} (2) يعني من هاروت وماروت {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (3) يعني يتعلمون من الملكين أشياء من السحر تلبس على الزوج والزوجة، حتى يعتقد الزوج أن المرأة هي التي ساءت حالها وتغيرت طباعها، حتى يبغضها ويطلقها، وهكذا المرأة يلبسون عليها ويقمرون عليها ويسحرون عينها، بالنسبة إلى زوجها حتى تتخيل أنه غير زوجها وأن صورته تغيرت وحاله تغيرت، فتنكره وتطلب الفراق. قال تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (4) يعني لا يقع السحر إلا بإذن الله، يعني بإذن الله الكوني القدري لا الشرعي. لأن الله سبحانه ما أذن فيه شرعا، بل حرمه وحذر منه. ولكنه يقع بإذنه الكوني القدري، كل شيء بقدره، الطهور والإيمان والسحر والقتل والأكل والشرب والموت والحياة، كلها بقدره، كلها بإذن الله وقدره، فلهذا قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (5)، ثم قال سبحانه وتعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} (6)، دل على أن السحر يضر ولا ينفع، والمضرة على الساحر وعلى المسحور جميعا، وشره عظيم، وقدره الله لحكمة بالغة، وابتلاء وامتحان، ثم قال سبحانه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} (7) يعني: السحر {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (8)   (1) سورة البقرة الآية 102 (2) سورة البقرة الآية 102 (3) سورة البقرة الآية 102 (4) سورة البقرة الآية 102 (5) سورة البقرة الآية 102 (6) سورة البقرة الآية 102 (7) سورة البقرة الآية 102 (8) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 يعني من الجزاء {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} (1) معنى شرى يعني باع، يعني باعوا أنفسهم على الشيطان {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (2)، ثم قال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (3) فدل على أن السحر ضد الإيمان والتقوى، وضد الآخرة. فالواجب على كل إنسان أن يحذره، على كل مسلم أن يحذر السحر ويتباعد عنه، وعن أسبابه وعن أهله، وفي إمكان المؤمن أن يتعوذ بالله من السحرة ويبتعد عنهم بالاعتصام بحبل الله والاستقامة على دين الله، وعدم الركون لهم، وعدم التعلم منهم، ويتحرز من ذلك بالأشياء المشروعة، مثل: آية الكرسي عند النوم وبعد كل صلاة، ومثل: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، بعد كل صلاة وبعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم ثلاث مرات، كل هذا من أسباب السلامة من السحر، وهكذا كونه يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، هذا أيضا من أسباب العافية. فالمؤمن يتحرز من كل شر بما شرعه الله، ومن ذلك السحر، لأنه شر عظيم، خطره كبير، فالواجب على المؤمن أن يحذر كل شر، وأن يتعاطى الأسباب التي جعلها الله أسبابا للسلامة، ويعلم أنها بيد الله سبحانه وتعالى، فلا يضرك ساحر ولا غيره إلا بإذن الله، فالجأ   (1) سورة البقرة الآية 102 (2) سورة البقرة الآية 103 (3) سورة البقرة الآية 103 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 إلى الله واستقم على دينه، والتزم التعوذات الشرعية والأسباب الشرعية، وبذلك تسلم بإذن الله، ولا يضرك السحرة ولا الشياطين، ومن أسباب السلامة: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات، صباحا ومساء، وبسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، صباحا ومساء. هذه من أسباب السلامة من كل سوء، «جاء رجل للرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: لدغتني عقرب البارحة، فقال: " أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات، من شر ما خلق، لم تضرك (1)» وقال صلى الله عليه وسلم «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (2)»، وقال صلى الله عليه وسلم «من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات صباحا لم يضره شيء حتى يمسي، وإن قالها مساء لم يضره شيء حتى يصبح (3)»، هذه نعمة من الله عز وجل، فعليك يا عبد الله أن تجتهد في التعوذات الشرعية، والأسباب الشرعية،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار والتعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2709 (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار والتعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 476 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 وبذلك تسلم من شر أعدائك ومكائد أعدائك، من الشياطين ومن السحرة ومن غيرهم، والله يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} (1)، فأنت مأمور بأخذ الحذر من كل سوء، مما يضرك في الدنيا ومما يضرك في الآخرة، بالتحرزات الشرعية، والأسباب الشرعية في جميع الأحوال.   (1) سورة النساء الآية 71 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 82 - بيان الحكم الشرعي في الساحر س: هل الساحر الذي يعلم بأنه ساحر، يكفر كفر المعين أم كفر العمل؟ (1) ج: إذا عرف أنه ساحر فهو كافر عند أهل العلم، يجب قتله ولا يستتاب، ويجب على ولي الأمر ولي أمر المسلمين، أن يقتله لقول الله عز وجل، في الملكين اللذين يعلمان السحر: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (2) يعلمانه: بأن ما يقال لك فتنة، وأنه كفر، فالواجب على العبد أن يحذر السحر، وتعاطيه والعمل به كله شر، وكله ضرر وكله كفر، وقال في السحرة سبحانه:   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 28 (2) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (1) فدل على أن عملهم ضد الإيمان، وضد التقوى. فالواجب على ولاة الأمور، إذا عرفوا أن فلانا ساحر، أو فلانة الواجب قتلهم، لما فيهم من الشر ولما في بقائهم من الشر والفساد، وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه، أنه كتب إلى عماله في الشام أن يقتلوا السحرة، وثبت عن حفصة أم المؤمنين أنها قتلت ساحرة، كانت عندها تخدمها قتلتها، فالمقصود أن السحرة شرهم عظيم، وفسادهم كبير. فالواجب على ولاة أمر المسلمين أنهم إذا عرفوا ذلك، وثبت عندهم ذلك، أن يحكموا عليهم بالإعدام، لما في ذلك من الخير العظيم، للمسلمين ولما في بقائهم من الشر على المسلمين. س: الأخ: آدم من السودان، يسأل عن رجل، يقول إنه سحره ثلاث مرات. واكتشف ذلك السحر. هل له قتله؟ (2) ج: ليس له قتله، ولكن يحاكمه إلى المحكمة التي عندهم أو إلى أمير بلده، إن كان بلده فيه أمير حتى ينظر في الأمر، وحتى تجرى   (1) سورة البقرة الآية 103 (2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 138 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 عليهم الأحكام التي تجرى على أمثالهم، إن كانت محكمة شرعية ففيها الكفاية والحمد لله، وإن كانت محاكم قانونية ليست محاكم شرعية طلب من ولاة الأمور أن ينظروا في الأمر، الذي ينصفه من هذا الرجل، هذا الساحر ويزيل عنه السحر، بالطريقة التي ليس فيها ظلم ولا عدوان على أحد، بل بالطريقة التي يرجع فيها لأهل العلم وأهل الشرع، حتى ينظروا في أمرهم وحتى يحكموا بينهم وإن كان في غير محكمة، يعني تحال إلى العالم الشرعي، حتى ينظر في الأمر، أو يصلح بينهم وبينه بصلح يحصل به المقصود، من استسماحه أو إعطائه مالا يرضيه، أو فك السحر بغير السحر عنه، إن كان السحر لا يزال، أو ما أشبه ذلك. المقصود يرجع إلى أعيان الناس وكبار الناس والمسؤولين في البلد، حتى يصلحوا بينه وبينه ويحلوا مشكلته، إن كان ما فيه محكمة شرعية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 83 - حكم الصلاة خلف من يتعاطى بعض أعمال السحر س: في قريتنا رجل يحفظ القرآن الكريم كاملا، ويؤم الناس في الصلاة، ولكنه يعمل بعض أعمال السحر، ويقول إنها أعمال حب فقط، أي جمع بين اثنين، فهل تحل الصلاة وراءه، وإن لم يكن فهل ننصرف عنه إلى مسجد آخر؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا عرف أنه يتعاطى السحر يجب أن يرفع أمره إلى المحكمة حتى يستتاب وحتى تحكم المحكمة بما يقتضيه الشرع المطهر، والصواب أيضا أنه لا يستتاب بل يقتل ولا يصلى خلفه، الساحر كافر إذا ثبت السحر عند المحكمة، والمحكمة أعلم بهذا، فارفعوا أمره إلى المحكمة ولا تصلوا خلفه، واطلبوا من المسؤولين في الأوقاف، أن يعينوا بدلا منه، من أهل الخير، ولا يجوز لكم الصلاة خلفه، ولا تركه، بل يجب الرفع عنه، للمحكمة حتى تعمل معه ما يلزم، من جهة إثبات سحره والحكم عليه بما يقتضي الحكم الشرعي فنسأل الله السلامة والعافية.   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم 320 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 84 - السحر يؤثر في المسحور بإذن الله تعالى س: الأخت: هدى، تقول: كيف يؤثر السحر على الناس؟ مع أنه لا يحصل شيء إلا بإذن الله تعالى. وهل يجوز أن أذهب إلى شيخ لأرى، هل من أحد ضرني إذا كنت أشك في ذلك؟ أرجو الإفادة والتوضيح جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: قد دل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، على أن السحر قد يقع بالنسبة إلى بعض الناس، وقد يؤثر في المسحور بإذن الله عز وجل، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (2) فبين سبحانه أنهم قد يضرون به، لكن بإذن الله، بقضاء الله وقدره، ثم قال بعده: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (3) يعني باعوا أنفسهم لو كانوا يعلمون، {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (4)   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 129 (2) سورة البقرة الآية 102 (3) سورة البقرة الآية 102 (4) سورة البقرة الآية 103 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 هذا يدل على خطر السحر، وأن صاحبه لا خلاق له عند الله، يعني لا حظ له ولا نصيب وأنه ضد الإيمان، وضد التقوى وأنه كفر كما قال عن الملكين إنهما يقولان، لمن يتعلم: إنه كفر فلا تكفر، {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (1) يعني لمتعلمه، {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (2) فدل ذلك على أن تعلم السحر وتعليمه، والعمل به كفر نسأل الله العافية، وما ذلك إلا لأنه عبادة للشياطين، وتقرب إليهم بالذبائح والنذور والدعاء والاستغاثة ونحو ذلك، فلا يكون الساحر ساحرا إلا بتقربه للشياطين والجن وعبادتهم من دون الله عز وجل. فقد يقع تأثر في المسحور ببغضه لزوجته، أو بغضها لزوجها إذا كانت هي المسحورة، ولهذا قال سبحانه: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (3) بين المرء يعني الرجل وزوجه يعني زوجته، {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (4) يعني لا يضر السحرة أحدا إلا بإذن الله بمشيئته سبحانه وتعالى. فدل ذلك على أن ما يقع من الضرر بمشيئة الله، ليس من قدرة الساحر بل الساحر سبب، والله جل وعلا هو مقدر الأمور سبحانه وتعالى، وهو الذي قضاها بحكمته وقدره السابق سبحانه وتعالى. وكل ما في الوجود هو بمشيئة الله. ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن من كفر وسحر ومعاص وطاعات، كله بقدر الله سبحانه   (1) سورة البقرة الآية 102 (2) سورة البقرة الآية 102 (3) سورة البقرة الآية 102 (4) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 وتعالى وله الحكمة البالغة جل وعلا، كما قال سبحانه وتعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (1)، وقال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (2)، فالأمور كلها بيده سبحانه وتعالى. ولا يقع منها شيء في هذه الدنيا إلا بمشيئته سبحانه وتعالى وقدره السابق، فالطاعات بقدره السابق، والمعاصي بقدره السابق، والعبد له اختيار وله مشيئة، يفعل ويختار، ويعرف ما يضره وما ينفعه، فهو مؤاخذ باختياره إن اختار ما يضره، كما أنه مثاب إذا اختار ما ينفعه من طاعات الله عز وجل، ولكنه مع هذا تابع لمشيئة الله، كما قال سبحانه: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (3) قال سبحانه: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (4) سبحانه وتعالى، وقد يكون السحر تخييلا وتدبيرا ليس له أثر في بدن الإنسان، كما قال جل وعلا في قصة موسى وفرعون: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (5) فهم أوجدوا حبالا وعصيا أمام الناس فظنها الناس حيات في الأرض، وإنما هي حبال وعصي، لكن خيل للناس أنها حيات لما فعلوا من التزوير، والتضليل على عيونهم بأشياء عرفوها وأقدرهم   (1) سورة الحديد الآية 22 (2) سورة القمر الآية 49 (3) سورة التكوير الآية 28 (4) سورة عبس الآية 12 (5) سورة طه الآية 66 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 الله عليها، حتى ظنها المشاهدون حيات، وخافوا منها، والحقيقة أنها ليست حيات ولكنها حبال وعصي، ولهذا يقول سبحانه: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (1)، بخلاف يد موسى فإنها حقيقة وبخلاف عصاه، فإنها حقيقة، جعل الله العصا حية تسعى، ثم أعادها سبحانه لصفتها الأولى جل وعلا وهكذا يده جعلها بيضاء ليس فيها مرض ولكنه آية، فعرفت بهذا أيها السائل وأيها المستمع أن السحر له حالان: إحداهما: حقيقية تؤثر في المسحور، بمرض أو قتل أو بغضاء بينه وبين صاحبه، أو بينه وبين زوجته، والحال الثاني: تخييل وتزوير وليس لها آثار في نفس الإنسان، ولكنه يخيل إليه أن زوجته غير زوجته، وأن أخاه غير أخيه، وأن صاحبه غير صاحبه، وهكذا يخيل له أشياء تنفره من صاحبه وتنفره من زوجته، أو تنفرها من زوجها بسبب ما وضعوا من الأشياء، التي شوهت منظر الزوج أو الزوجة، أو الصاحب حتى صار غير حاله الأولى، فوقعت البغضاء والتغير والتكدر لما حصل من التزوير والتخييل من الساحر، بين هذا وهذا. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. له علاج والحمد لله، الله جعل له علاجا من القرآن الكريم، فإن الله جعل في القرآن شفاء من كل داء، فالقراءة على المسحور من آيات الله، التي نزلت في السحر وآية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، قل هو الله أحد، وسورتي   (1) سورة طه الآية 66 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 المعوذتين، هذه إذا قرئت على المسحور ودعي له بالعافية ينفعه الله بذلك، أو تقرأ في ماء ينفث في الماء آيات السحر، التي في الأعراف والتي في يونس والتي في طه ثم يقرأ معها آية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، ثم يشرب منها المسحور أو المسحورة، أو المحبوس عن زوجته ثلاث حسوات، ثم يغتسل بالباقي هذا بإذن الله مجرب لزوال السحر، وزوال الحبس للذي حبس عن زوجته، هذا مجرب وواقع والحمد لله، ومن الدواء النافع المجدي الناجع والحمد لله، وقد يعرف المسحور من سحره، ويكون السحر في مسامير ينظم بعضها في بعض، أو في شعر عقد بعضه في بعض، أو خرق أو أشباه ذلك، وقد يعرفها المسحور فإذا عرفها وأزالها، بطل السحر، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والآيات التي تقرأ من سورة الأعراف قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} (1) {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} (3)، ومن سورة يونس: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} (4) {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} (5) {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (6) {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (7)، وفي سورة طه يقول سبحانه:   (1) سورة الأعراف الآية 117 (2) سورة الأعراف الآية 118 (3) سورة الأعراف الآية 119 (4) سورة يونس الآية 79 (5) سورة يونس الآية 80 (6) سورة يونس الآية 81 (7) سورة يونس الآية 82 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} (1) {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (2) {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} (3) {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} (4) {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (5)، فهذه الآيات وآية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، كلها تقرأ في الماء أو على المسحور أو المحبوس عن زوجته، ويدعى له بالشفاء والعافية، بالدعاء المشهور، الذي علمه النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام: «اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما (6)»، وإذا كررها ثلاثا كان أحسن، لأنه عليه الصلاة والسلام، كان إذا دعا دعا ثلاثا. وهكذا الدعاء المشهور الذي رقى به جبرائيل النبي عليه الصلاة والسلام: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك» هذا أيضا ينبغي أن يكرر ثلاثا، كما فعل جبرائيل مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه رقاه بهذه الرقية العظيمة. وإذا دعا له معه بدعوات أخرى فلا بأس، من الدعوات الطيبة، قال: اللهم اشفه وعافه، اللهم أبعد عنه السوء، اللهم أبرئه من مرضه ونحو هذا لا بأس، كله طيب.   (1) سورة طه الآية 65 (2) سورة طه الآية 66 (3) سورة طه الآية 67 (4) سورة طه الآية 68 (5) سورة طه الآية 69 (6) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى، برقم 2186 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 والسحر لا يقع إلا بمشيئة الله، مثل ما قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (1)، فالشيء كله بإذن الله وقضائه، إذا أراده سبحانه وقع، وإذا ما أراده لم يقع، ولو فعل الساحر ما فعل وهناك أشياء، ينبغي التحرز منها ومن غير هؤلاء التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق: صباحا ومساء ثلاث مرات، وقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحا ومساء، كل هذا من أسباب السلامة من السحر والعين وغير ذلك، كذلك قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وقراءتها عند النوم، كذلك قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين، بعد كل صلاة مرة وبعد الفجر والمغرب ثلاث مرات، كل هذا من أسباب العافية من كل سوء بإذن الله عز وجل.   (1) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 85 - حكم إنكار وقوع السحر س: شيخ عبد العزيز، سمعت من بعض طلبة العلم إنكاره للسحر، حتى إنه قال: ائتوا بالسحرة ليسحروني إن كانوا صادقين، توجيهكم لو سمحتم ولا سيما إذا كانت هذه العبارة من شخص مشهور وله شعبية لا بأس بها؟ (1) ج: هذا جهل وغلط، هذه العبارات تصدر عن جهل، فقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق، وقد صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سحر، وعافاه الله من ذلك وشفاه الله سبحانه وتعالى، هذا شيء معروف وأجمع المسلمون على أنه يقع بإذن الله سبحانه وتعالى، لكن بعضه يؤثر على المريض وبعضه بالتخييل كما تقدم.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 129 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 86 - الأوراد والتعوذات الشرعية سبب للعافية والسلامة من السحر س: فيما يتعلق بالجن أو السحر، وما يحدث بسببهما سماحة الشيخ ماذا ترون من وقاية؟ (1) ج: السحر قد يقع من الناس لا شك فيه، وهو في الغالب يكون   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 344 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 في عمل من شياطين الإنس الذين ينقلونه عن الجن، فيعقدون عقدا وينفثون فيها بريقهم الخبيث وكلماتهم الشيطانية، فقد يقع بإذن الله ما يريدون، كما قال جل وعلا: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (1) {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} (2) {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} (3) {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (4) {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (5) هن السواحر اللاتي ينفثن في العقد من الريق الخبيث، والكلمات الخبيثة، والدعوات الخبيثة، فقد يقع ما أرادوا بإذن الله، وقد لا يقع، ولهذا قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} (6). فالسحر حق، قد يقع وهو منكر عظيم، والرسول قرنه بالشرك، قال صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات "، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: " الشرك بالله، والسحر (7)»، وفي لفظ قبل الشرك هكذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة، والله جل وعلا قال: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (8) هو من تعليم الشياطين ومن تعديهم على بني   (1) سورة الفلق الآية 1 (2) سورة الفلق الآية 2 (3) سورة الفلق الآية 3 (4) سورة الفلق الآية 4 (5) سورة الفلق الآية 5 (6) سورة البقرة الآية 102 (7) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى)، برقم 2767، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم 89 (8) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 آدم وإيذائهم لهم وإيقاعهم في أنواع الباطل، فينبغي للمؤمن أن يتحرز عن ذلك بما تقدم من التعوذات الشرعية من آية الكرسي، ومن قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) والمعوذتين بعد الصلوات وقراءتها عند النوم، وقراءة " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " يقول صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (2)»، وجاءه رجل فقال: لقد لقيت كذا وكذا هذه الليلة من لدغة عقرب، أو كما قال الرجل فقال صلى الله عليه وسلم: «أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك (3)»، وجاء في حديث آخر أنه قال: «من قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات لم تضره حمة (4)» يعني: سم السموم. المقصود أن هذه التعوذات جعلها الله جل وعلا سببا للعافية والسلامة من هذه الشرور، فينبغي للمؤمن أن يكون عنده قوة إيمان وثقة بالله وحسن الظن بالله، مع الإتيان بهذه الأوراد الشرعية   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708 (3) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2709 (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 7838 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 والتعوذات الشرعية، والله جل وعلا هو الكافي المعافي سبحانه وتعالى بيده كل شيء {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (1)، كذلك الجن التعوذ بالله منهم، من أسباب السلامة، فإن الجن مخلوقون مربوبون، فالذي خلقهم هو الذي يعيذ منهم سبحانه وتعالى، فإذا لجأ الإنسان إلى الله وتعوذ بكلماته التامة من شر ما خلق أعاذه منهم ومن غيرهم، وهكذا آية الكرسي عند النوم من أسباب السلامة منهم ومن غيرهم، وهكذا قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين من أسباب السلامة من كل شر ومن الشياطين أيضا، والله سبحانه هو الخلاق وبيده تصريف الأمور جل وعلا، وبيده الضر والنفع والعطاء والمنع، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، سبحانه وتعالى، قد ذكر عن السحرة أنهم يتعلمون من السحر الذي تفعله الشياطين وتلقيه الشياطين، يفعلون بذلك ما يفرقون بين المرء وزوجه، يعني: يفعلون أشياء تسبب كراهية الزوج لزوجته، أو كراهيتها له حتى يفارقها، ثم قال بعده: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (3) يعني: من حظ ولا نصيب، {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (4) {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (5).   (1) سورة الزمر الآية 36 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة البقرة الآية 102 (4) سورة البقرة الآية 102 (5) سورة البقرة الآية 103 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 فدل على أنه خلاف التقوى وخلاف الإيمان، وبين أيضا أنه كفر، قال سبحانه: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (1)، وهذا يدل على أن تعلم السحر وتعليم السحر واستعماله كفر بعد الإيمان نعوذ بالله؛ لأنه إنما يكون بطاعة الشياطين وعبادتهم من دون الله، فإذا أطاع الشياطين من الجن وعبدهم من دون الله، علموه بعض الأشياء التي تضر الناس، يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سحر فقد أشرك (2)». فالمقصود أن السحر من أسباب الشرك؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن والاستغاثة بهم، والاستعانة بهم، والتقرب إليهم بذبح أو نذر أو سجود أو غير ذلك، فلهذا حكم العلماء على السحرة بأنهم كفار هذا هو المعروف عند جمهور أهل العلم، أن كل ساحر كافر، وقال بعض أهل العلم: يسأل عن صفة سحره، فإن وصف شيئا يدل على الكفر صار كافرا، وإلا صار من جملة المعاصي، ومن جملة الظلم للناس، وبكل حال هذا المعنى لا يخالف ما قاله الجمهور، فإن مراد الجمهور هو السحر الذي لا يعرف له أسباب تبعده عن الكفر، فالساحر في الغالب إنما يكون ساحرا بخدمته للجن، وعبادته لهم، أما من ادعى سحرا في شيء لا يكون من جنس السحر لكنه قد يضر   (1) سورة البقرة الآية 102 (2) أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم في السحرة، برقم 4079 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 الناس في عمل آخر غير عبادة الجن وخدمة الجن وطاعتهم، والاستغاثة ونحو ذلك كأشياء يستعملها من مواد تؤكل أو تشرب أو يدخن بها أو يدهن بها، فتضر بعض الناس هذا من باب الظلم من باب الإيذاء ليست من باب عبادة الجن. س: ما هي الآيات التي تدفع السحر؟ (1) ج: ذكر بعض أهل العلم أن من أسباب العافية مما قد يمس الإنسان من السحر ومس الجن وما قد يمسه أيضا من حبسه عن زوجته أن من أسباب الشفاء من ذلك: قراءة آية الكرسي، ينفث بها في الماء، وسورة الفاتحة، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، فإذا قرأ هذه السور، والآية الكريمة آية الكرسي، وقرأ مع ذلك أيضا آيات السحر الموجودة في سورة الأعراف، وسورتي يونس وطه كان ذلك من أسباب الشفاء، إذا شرب من الماء واغتسل به فإنه من أسباب سلامته من السحر، ومن أسباب إطلاقه عن حبسه عن أهله، وآيات الأعراف هي قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} (2) {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (3) {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} (4)، هذه الآيات في الأعراف من   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 76 (2) سورة الأعراف الآية 117 (3) سورة الأعراف الآية 118 (4) سورة الأعراف الآية 119 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 أسباب الشفاء قراءتها في الماء، أو ينفث بها على المريض مع الفاتحة ومع آية الكرسي ومع {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1)، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين، إما أن ينفث بها على المصاب، وإما أن يقرأها في ماء ثم يشرب منه ويغتسل بالباقي، وفي سورة يونس يقول جل وعلا: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} (3) {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} (4) {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (5) {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (6)، يعني إما أن يقرأها عليهم وإما بقراءتها في الماء ونحوه، أما آيات طه فهي قوله سبحانه: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} (7) {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (8) {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} (9) {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} (10) {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (11).   (1) سورة الكافرون الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة يونس الآية 79 (4) سورة يونس الآية 80 (5) سورة يونس الآية 81 (6) سورة يونس الآية 82 (7) سورة طه الآية 65 (8) سورة طه الآية 66 (9) سورة طه الآية 67 (10) سورة طه الآية 68 (11) سورة طه الآية 69 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 س: السائل: أ. ر. يقول: كثر في هذه الأيام التحدث عن السحر أعاذنا الله وإياكم منه، فما هي الوقاية الصحيحة من القرآن والسنة حول هذا الأمر جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: السحر يقع وهو معروف، ولا شك أنه قد يقع من بعض الناس، والساحر مشرك يجب قتله إذا عرف نسأل الله العافية، قد أمر عمر رضي الله عنه أمراءه أن يقتلوا السحرة، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حد الساحر ضربة بالسيف (2)»؛ لأنه كافر يدعو إلى الكفر، وأما التوقي: فالتوقي بالتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، كونه يتعوذ صباحا ومساء بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات صباحا ومساء كما جاءت الأحاديث بذلك، من أتى بهذا كفاه الله شر كل شيء، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات صباحا ومساء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم: ثلاث مرات، كذلك قراءة قل هو الله أحد، والمعوذتين صباحا ومساء ثلاث مرات من أسباب السلامة من السحر وغيره. وهكذا عند   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 405 (2) أخرجه الترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء في حد الساحر، برقم 1460 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 النوم يقرؤها ثلاث مرات، آية الكرسي عند النوم من أسباب السلامة من السحر والشيطان قراءتها بعد كل صلاة كل هذا من أسباب العافية والسلامة، نسأل الله السلامة والعافية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 87 - بيان ما يتحصن به الإنسان من السحر قبل وقوعه س: هذا سائل: سماحة الشيخ يقول كيف يتقي الإنسان السحر قبل وقوعه، وما العلاج في ذلك مأجورين؟ (1) ج: إن المشروع لكل مسلم أن يتقي الشر بالتعوذات الشرعية التي شرعها الله لعباده السحر وغيره فهو مأمور بالتعوذ بالله، ومن ذلك أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحا ومساء، ومن ذلك قوله: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحا ومساء كل هذا من أسباب العافية من كل سوء كما جاءت به الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن ذلك قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة وعند النوم هي من أسباب العافية أيضا والسلامة ومن ذلك قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين صباحا ومساء ثلاث مرات من أسباب العافية من كل شر، وقراءة هذه السور الثلاث عند النوم مع النفث في الكفين عند   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 422 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 النوم والمسح على الرأس والوجه والصدر هذا من أسباب العافية من كل سوء من السحر وغيره، وهكذا بقية الدعاء: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اسألوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية (1)»، أو كما قال عليه الصلاة والسلام: «اللهم إني أعوذ بك من الشر كله، اللهم إني أعوذ بك من كل داء، أعوذ بك من كل ما يسخطك (2)»، أو اللهم إني أعوذ بك من كل ما يضرني المقصود يتعوذ بالله من كل شر لكن استعمال التعوذات الشرعية والأدعية الشرعية يكون أفضل وأيضا من العلاج يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تصبح بسبع تمرات من عجوة المدينة لم يضره سم ولا سحر (3)»، وفي لفظ: «مما بين لابتيها (4)»، يعني من تمر المدينة كله لم يضره سم ولا سحر، ويرجى في بقية التمر كذلك إذا تصبح بسبع تمرات أن الله ينفعه بذلك أيضا.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3558 (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الدعاء، باب الجوامع من الدعاء، رقم 3846، بجزء منه (3) أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة، باب العجوة، برقم 5445، ومسلم في كتاب الأشربة، باب فضل تمر المدينة، برقم 2047 (4) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب فضل تمر المدينة، برقم 2047 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 88 - أسباب وقوع المس وضيق الصدر والسحر س: هذه السائلة تقول: يعاني البعض من الناس من المس أو الضيق في الصدور، أو السحر، ما هي الأسباب يا سماحة الشيخ؟ وما هو العلاج؟ جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الأسباب في الغالب الغفلة عن الله وعدم العناية بالطاعات والأوراد الشرعية أما من كان يستعمل الأوراد الشرعية والتعوذات الشرعية ويستقيم على طاعة الله فالغالب أنه يسلم من هذه الأمور ولا يكون للشياطين عليه سلطان لكن مع المعاصي والغفلة عن الله يبلى بشيء من الشياطين والوسوسة. والعلاج: التعوذ من الشيطان، والاجتهاد في طاعة الله، وسؤال العافية والاستكثار من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم حتى في الصلاة إذا حصل وسوسة ينفث من يساره ثلاث مرات يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات، ويزول البأس. فالمقصود: أن العلاج من الوسوسة التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والاجتهاد في طاعة الله ورسوله والاستكثار من قراءة القرآن، كل هذا من أسباب العافية، وهناك أوراد شرعية منها أن يحافظ على قراءة آية الكرسي عند النوم، وبعد الصلاة بعد الأذكار الشرعية، ومن   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 370 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 ذلك أن يقرأ: قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل صلاة ويكررها ثلاث مرات صباحا ومساء وعند النوم: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، تكفيه من كل شيء، ومن ذلك قراءة الآيتين من سورة البقرة أول الليل {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} (1) إلى آخر السورة قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «من قرأهما في ليلة كفتاه (2)»، يعني من كل سوء، ومن ذلك أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من قالها في الصباح لم يضره شيء حتى يمسي، ومن قالها مساء لم يضره شيء حتى يصبح. الإنسان يتعاطى هذه الأمور، يتعاطى هذه الأدعية الشرعية، والأذكار الشرعية، ويبشر بالخير. س: يقول السائل سمعت أنه لا يجوز علاج السحر ما هو توجيهكم جزاكم الله خيرا؟ (3) ج: السحر يعالج، السحر نوعان: نوع خيالي كما قال جل وعلا:   (1) سورة البقرة الآية 285 (2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدرا، برقم 4008، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة. . .، رقم 807 (3) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 351 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (1) تقمير على العيون، تقمير لا حقيقة له. ونوع ثان: حقيقة قد يمرض الإنسان قد يذهب عقله قد يفرق بينه وبين زوجته، فيعالج بالقراءة وبالأدوية الشرعية المباحة.   (1) سورة طه الآية 66 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 89 - بيان الآيات القرآنية التي تبطل السحر س: سمعت من برنامجكم: بأن تقرأ بعض آيات القرآن الكريم لإبطال عمل السحر، فما هي هذه الآيات؟ وهل يجوز قراءتها من قبل الشخص نفسه أم من قبل شخص آخر؟ (1) ج: نعم قراءة الآية ينفع الله بها من الشخص نفسه، ومن غيره من أهل الإيمان والتقوى، فإذا ظن الإنسان أن به سحرا أو علم بأنه به سحر، وقرأ على نفسه آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (2) مع فاتحة الكتاب ومع {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (3) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (5)   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 172 (2) سورة البقرة الآية 255 (3) سورة الكافرون الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 (5) سورة الفلق الآية 1 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (1) ينفث على صدره، ويقرأ هذه السور والآيات، كل ذلك يفيده إن شاء الله، ومن أسباب عافيته وسلامته من السحر، ويحسن أن يكرر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين ثلاث مرات، مع النفث على صدره، ويحسن أيضا أن يقرأ آيات السحر، المعروفة في سورة الأعراف وفي سورة يونس وفي سورة طه، يقرؤها أيضا مع ذلك في الماء ويشرب منه، ويغتسل بالباقي كل هذا من أسباب العافية، فإن نفث على نفسه بذلك على صدره بذلك فهذا من أسباب العافية، وإن قرأ ذلك في ماء ثم شرب منه واغتسل به فذلك أيضا من أسباب الشفاء، وإن جعل في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر، دقها وجعلها في الماء فذلك أيضا مفيد في علاج السحر. وهكذا في علاج الرجل الذي حبس عن زوجته ينفعه هذا بإذن الله، وإن قرأها غير المصاب، قرأها بعض إخوانه في الله، في ماء وشرب منه واغتسل به، فذلك نافع إن شاء الله، وينبغي أن يختار لذلك من أهل الخير المعروفين بالخير والعلم والفضل، حتى يقرأ هذه الآيات في الماء.   (1) سورة الناس الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 90 - بيان الأذكار الشرعية والعلاجات المباحة لإزالة أثر السحر س: المرسلة ح. ع. س. ط. من حوطة سدير، تقول: لقد اكتشفنا أن إحدى أخواتي أصيبت بالسحر، بعد أن تعطلت خطبتها، واضطرت للبحث عن علاج لهذا الموضوع، فأجابتها إحدى النساء بأنك مسحورة، وأن مكان السحر تحت عتبة الباب، وتسأل كيف يتقى شر هؤلاء جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: لقد دل القرآن الكريم وهو كلام الله عز وجل، على أن السحر موجود، وبعضه تخييل، وبعضه له حقيقة وأثر، ومن هذا قوله سبحانه في قصة موسى مع السحرة: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (2)، ومنها قوله جل وعلا في سورة البقرة: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (3)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 319 (2) سورة طه الآية 66 (3) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 فالسحر حقيقة لكن بعضه تخييل وتلبيس، ولا حقيقة له واقعية، كما جرى من السحرة لما فعلوا من التخييل بالحبال والعصي، ويقع بعضه مؤثرا كما ذكر الله في سورة البقرة، أن السحرة يتعلمون منهما من الملكين ما يفرقون به بين المرء وزوجه، لكن بإذن الله، ولهذا قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (1)، يعني بعلم الله الكوني القدري، فهذا يدل على أن السحر قد يقع منه ضرر قد يحصل منه شيء من التفريق بين الرجل وزوجته، ولكن كثيرا من الناس قد يتوهم هذا الشيء ويظن أنه سحر وليس بسحر، ولكنها أوهام ووساوس، والصواب في مثل هذا توقي السحر بالتعوذات الشرعية والأذكار الشرعية التي جعلها الله واقية منه، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة توقي ذلك بالأسباب الشرعية، ومنها قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وعند النوم، ومنها قراءة قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، بعد كل صلاة وبعد الفجر والمغرب ثلاث مرات، وعند النوم ثلاث مرات، كل هذه من أسباب الوقاية من السحر ومن شر الشيطان، ومن ذلك أيضا التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحا ومساء، ثلاث مرات، يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ومن ذلك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح. وهو أن يقول صباحا   (1) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 ومساء: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم. ثلاث مرات، إذا قالها لن يضره شيء (1)». ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، من حديث عمر رضي الله عنه، أن من قالها ثلاث مرات صباحا، لا يضره شيء حتى يمسي، ومن قالها مساء لم يضره شيء حتى يصبح، ومن ذلك أخذ ورقات سدر أخضر سبع ورقات تدق وتجعل في ماء ويقرأ فيها آية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وإذا قرأ الفاتحة، فحسن لأن الفاتحة أم القرآن، ولها شأن عظيم وهي أفضل السور، ويقرأ فيه أيضا آيات السحر في سورة الأعراف، ومن سورة طه، وسورة يونس. الأعراف قوله جل وعلا: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} (2) {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (3) {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} (4)، وفي سورة يونس يقول سبحانه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} (5) {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} (6) {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (7) {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (8). ومن   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 476 (2) سورة الأعراف الآية 117 (3) سورة الأعراف الآية 118 (4) سورة الأعراف الآية 119 (5) سورة يونس الآية 79 (6) سورة يونس الآية 80 (7) سورة يونس الآية 81 (8) سورة يونس الآية 82 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 سورة طه يقول سبحانه: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} (1) {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (2) {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} (3) {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} (4) {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (5). وينفث أيضا في الماء: اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما، أي لا يترك سقما، ثلاث مرات، ويقول أيضا: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك ثلاث مرات بسم الله أرقي فلانا أو صاحب هذا الماء، بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك بسم الله أرقيك، يقوله ثلاث مرات، كل هذا حسن، وإذا قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات حسن، ثم يشرب من هذا الماء حسوات، ويغتسل بالباقي، يصب عليه ماء يكفي للاغتسال ويغتسل بالباقي، والغالب بإذن الله أنه يزول الأثر، إن كان هناك سحر حقيقي، يزول بإذن الله وهكذا المحبوس عن زوجته، ينفعه هذا العلاج أيضا، يغتسل به، ويشرب منه ثلاث حسوات، ويغتسل بالباقي، فإن زال الأثر وحصلت العافية، فالحمد لله وإلا يشرع له أن يعيد الغسل مرتين أو ثلاثا أو أكثر، حتى يزول الأثر من سحر أو حبس   (1) سورة طه الآية 65 (2) سورة طه الآية 66 (3) سورة طه الآية 67 (4) سورة طه الآية 68 (5) سورة طه الآية 69 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 عن الزوجة، والغالب أنه يزول في المرة الأولى، وقد يحتاج له مرة ثانية أو ثالثة والحمد لله العلاج بحمد الله ميسر فأنا أنصح بهذا العلاج، من ظن أنه مسحور أو أنه مصاب بعين، أو محبوس عن زوجته والله جل وعلا جعل هذا من أسباب الشفاء سبحانه وتعالى، وإذا قرأ على نفسه آية الكرسي، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، ومسح على رأسه وصدره ووجهه عند النوم، فهذا ينفع أيضا، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى قرأ في كفيه: قل هو الله أحد والمعوذتين، ينفث في كفيه ثلاث مرات، يمسح بكل مرة على وجهه وصدره ورأسه هذا ينفع بإذن الله، وإذا قرأ معها آية الكرسي كان أيضا من أسباب الشفاء، كل هذه أدوية شرعية، من أصيب بشيء مما يكره، من مرض أو حبس عن الزوجة، أو ظن أنه مسحور أو وجد بغضاء بينه وبين زوجته، فيستعمل هذا والغالب بإذن الله أن الله ينفعه بذلك، وليكن صابرا ويرضى بما عند الله، ويعلم أن الله على كل شيء قدير، وأنه سبحانه هو الشافي المعافي من كل سوء وأنه يصرف العباد كيف يشاء، فليحسن ظنه بربه، ويسأله سبحانه أن ينفع بالأسباب، ويضرع إليه جل وعلا، وهو القائل سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (1) فليضرع إلى الله صادقا، وليسأله أن يشفيه ويعافيه، وأن ينفع بهذه الأسباب، وهو سبحانه الجواد الكريم، القائل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (2)   (1) سورة البقرة الآية 102 (2) سورة البقرة الآية 186 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 وهو القائل سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1) نسأل الله أن يوفق المسلمين جميعا لما فيه رضاه، وأن يشفي مريضهم من كل سوء، وأن يفقههم لكل ما ينفعهم في الدين والدنيا. س: لقد ذكر السحر في كتاب الله، وهذا يؤكد كل التوكيد أن السحر شيء لا بد أن نؤمن بوجوده، وهذه هي مشكلتي أنا أبلغ من العمر ثماني وعشرين سنة، ولم أتزوج بعد وعندي شك بأنني مسحورة، ما هو الطريق الذي أسلكه حتى يبتعد عني ما أخافه، جزاكم الله خيرا؟ (2) ج: هذه يا بنتي أوهام، لا ينبغي لك أن تعتقديها، هذه أوهام وليست سحرا، ولكنها الأوهام التي تصيب الناس إذا تعطل شيء من شؤونهم، توهموا أشياء فلا ينبغي لك أن تعتقدي هذا، نعم، السحر موجود وله أسباب، لكن ليس تعطل الزواج أو تعطل بيع السلعة، أو طول المرض يدل على السحر، فقد يقع بأسباب أخرى، وإذا كنت شعرت من أحد، أنه فعل شيئا أوجب لك ما يضرك تعالجي، والحمد لله، العلاج موجود في كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فأحسن علاج   (1) سورة غافر الآية 60 (2) السؤال الثامن من الشريط رقم 126 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 وأولى علاج القرآن الكريم، وتلاوة الآيات والنفث بها، على المسحور فإن هذا من أسباب شفاء الله، فقد جعل كتابه شفاء من كل داء، وشفاء من كل سوء، كما قال عز وجل: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (1) وقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (2)، وقال سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (3) فالقرآن كله شفاء، ولا سيما إذا قرأه القارئ المؤمن، المعروف بالاستقامة إذا قرأه على المريض، ونفث عليه ودعا له، فلا شك أن هذا من أسباب الإجابة، قد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرقي بعض أصحابه، بل رقاه جبرائيل فالرقى معروفة، والحديث: «لا رقية إلا من عين أو حمة (4)» يعني لا رقية أولى وأشفى إلا من عين أو حمة، والعين عين العائن والحمة سم ذوات السموم، فالسحر مثل ذلك إذا ظنت المرأة أنها مسحورة، أو الرجل ذكر عائنا رجلا أو امرأة، فليستعن بما شرع الله من الدعاء، وسؤال الله العافية، ولا مانع أن يستعين ببعض أهل العلم، المعروفين بالخير في القراءة عليه، والنفث عليه وذلك من   (1) سورة فصلت الآية 44 (2) سورة يونس الآية 57 (3) سورة الإسراء الآية 82 (4) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو. . .، برقم 5705، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة، برقم 220 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 أسباب الشفاء، ومن أسباب الشفاء أيضا قراءة آيات السحر التي في سورة الأعراف، ويونس، وطه في إناء به ماء ثم يقرأ معها آية الكرسي، وقل هو الله أحد والمعوذتين، ثم يشرب من هذا الماء ثلاث حسوات، ثم يغتسل بالباقي هذا مجرب في زوال السحر، إذا كان موجودا عنده سحر، ومجرب في شأن الرجل إذا حبس عن زوجته، وإن جعل في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر جعلها في الماء كان ذلك من أسباب الشفاء، نبه على هذا كثير من أهل العلم، ونبه عليه الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتاب فتح المجيد، في شرح باب ما جاء في النشرة، المقصود أن هذا بحمد الله مثل سائر الأمراض له علاج، فالعلاج من أعظم الأسباب التي يشفي الله بها العبد، إذا صدق وأخلص لله، وحسنت نيته وضرع إلى الله، وسأله العافية هو سبحانه قريب مجيب، وهو القائل {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1)، والله المستعان. س: يسأل هذا المستمع ويقول: هل توجد آيات من القرآن الكريم، معينة تقرأ على المسحور والذي به مس، ومن أصيب العين، هل هم سواء؟ (2) ج: القرآن كله شفاء، ولكن من أنفع ذلك الفاتحة، كونه يقرأ   (1) سورة غافر الآية 60 (2) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 435 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 الحمد سبع مرات يكررها وآية الكرسي وآيات السحر التي في الأعراف ويونس وطه والشعراء، آيات، كل هذا من أنفع العلاج مع قراءة: (قل هو الله أحد)، والمعوذتين ثلاث مرات، كل هذا من العلاج العظيم، وكل القرآن شفاء كل ما قرأ فهو من أسباب الشفاء والعافية لكن هذه بوجه أخص من أعظم أسباب الشفاء، الفاتحة تقرأها سبع مرات، آية الكرسي كذلك، آيات السحر التي في طه وغيرها، في سورة يونس وغيرها، وفي سورة الشعراء كل هذه من أسباب الشفاء مع قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 91 - حكم الذهاب إلى السحرة والمنجمين والمشعوذين من أجل العلاج س: الأخ: م. ع. من جدة يتكلم عن امرأة، يقول: أرسل إلى سماحتكم هذه الرسالة، والتي أرجو أن أسمع الرد عليها في أسرع وقت ممكن لأنني مريضة، وقد أشير علي أن أعمل بعض الأعمال التي أشك في عدم جوازها، لذلك سارعت بالإرسال إليكم. امرأة لا تحب أن تعمل في بيتها أي شيء، مهملة لنفسها ولزوجها، ولبيتها، بسبب لا يد لها فيه، مرض ليس كالأمراض التي تعالج في المستشفيات وقيل لها: إنه معمول لها سحر، فلا بد من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 إخراجه إذا دفعت مبلغا من المال، فماذا تعمل؟ هل تذهب إلى ساحر، أو كاهن، أو عراف وتزيل هذا المرض؟ أم تبقى مريضة طيلة حياتها؟ وهل يجوز الذهاب لمن يفك ويحل السحر، إذا كان على البرهان، كما يقال؟ وهل الشيوخ الذين يقرءون القرآن، على الماء والزيت والذين يخنقون مرضاهم ويقولون: هذا، أو هذه معهما جني لا بد أن يخرج بالضرب، أو بالخنق، ولا يأخذون مالا على هذا العمل؟ هل يجوز الذهاب لهم؟ وإذا وجد شخص مسحور، معمول له في بيته، ماذا يعمل به؟ يحرقه في النار أم يدسه في التراب، أم يرميه في البحر؟ وما حكم من يقول ممكن أن أكون أنا مسحورا، هل يكفر أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: أولا: ليس لمن يظن السحر في نفسه أن يذهب إلى السحرة والكهنة ليسألهم، لا يجوز له أن يتعاطى هذا عند السحرة أو الكهنة أو المنجمين، الرسول صلى الله عليه وسلم منع من إتيانهم، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (2)»، وقال: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 257 (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام (1)»، وليس للرجل ولا للمرأة إتيان السحرة، يقول عليه السلام: «ليس منا من سحر أو سحر له أو تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له (2)»، ولكن على من ظن السحر في نفسه أو اتهم بالسحر أن يعالج بالقرآن والدعوات الطيبة، والأدوية النافعة المباحة، هذا هو الواجب، والحمد لله. إذا فعل ذلك يزول السحر بحمد الله، وقد جربنا هذا كثيرا وعلمه وجربه أهل العلم والبصيرة، فهو يزول بالقراءة وبالأدوية النافعة، بل كتبنا رسالة في هذا توزع، واستعملها كثير من الناس ونفع الله بها، فمن أرادها وجدها في دار الإفتاء في المكتب عندنا، يأخذها ويستعمل ما فيها من الدعوات والقراءة، أو يستعمل ذلك له أخوه أو أبوه، أو زوجها إن كانت امرأة، أو أخوها، وهكذا أنت أيتها السائلة في إمكانك أن ترسلي من يأخذ هذه النشرة، التي فيها البيان بالآيات والدعوات، التي تفعل وتفعلينها أنت، أو يفعلها زوجك أو أخوك أو أبوك، ويزول هذا السحر إن شاء الله. والعلاج بما شرع الله هو الواجب، ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، سبحانه وتعالى، علمه من علمه وجهله من جهله. والله جعل كتابه العظيم شفاء لكل داء، قال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (3) فإذا قرأ به المصاب أو قرأ عليه غيره من أهل الإيمان والتقوى نفع الله بذلك، آية الكرسي، قل يا أيها الكافرون، قل هو الله   (1) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252 (2) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844 (3) سورة فصلت الآية 44 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 أحد، قل أعوذ برب الفلق، قل أعوذ برب الناس، آية السحر في سورة الأعراف، سورة طه، في سورة يونس إذا قرئت على من أصيب بالسحر، مع النفث، نفعه الله بذلك، أو في ماء ثم شرب منه وتروش به، نفعه الله بذلك. وهذا بيناه في النشرة التي ذكرنا لك آنفا، وإذا وجد شيء يدل على أنه أداة السحر، يمزق، يتلف إذا وجد شعر معقد، أو خيوط معقدة أو أشياء أخرى يظن أنها من عمل الساحر، فإنها تتلف، يجب إتلافها بإحراقها وإتلافها ويبطل السحر، بإذن الله. وإذا ذهب المسحور إلى من عرف بالخير والقراءة ليقرأ عليه، أو امرأة معروفة بالخير وذهبت إليها المرأة، وقرأت عليها، كل هذا طيب. أما الذهاب إلى السحرة والمنجمين والمشعوذين والمتهمين فلا يجوز أبدا بل هو منكر. نسأل الله لنا ولك العافية والسلامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 92 - مسألة في حكم الذهاب للعلاج عند السحرة س: يسأل هذا المستمع ويقول: رجل أصيب بمرض، وقد عالج بالدواء وقراءة القرآن، ولم يشف، ولقد أشار عليه البعض بالذهاب إلى أحد السحرة، وعلل بأنه إذا لم يشف فالذهاب للسحرة لا بأس به، فما الجواب؟ (1) ج: هذا منكر لا يجوز، الرسول نهى عن ذلك وقال: «من أتى   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 431 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (1)» عليه الصلاة والسلام، والحديث الآخر: «ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له (2)»، وكذلك في الحديث الآخر: «ثلاث لا يدخلون الجنة، مدمن الخمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر (3)». فالواجب على المسلم الحذر من ذلك، وأن يقرأ القرآن ويذهب إلى العلماء الأخيار، قراء القرآن الطيبين، ويسأل ربه الشفاء والعافية، يلجأ إلى الله في سجوده وفي الليل، وفي آخر الليل، وفي آخر الصلاة، يسأل ربه العافية والشفاء، أما الذهاب إلى العرافين، أو الكهنة أو المنجمين أو السحرة فكله منكر والعياذ بالله.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252 (2) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث أبي موسى الأشعري، برقم 19075 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 93 - حكم الذهاب إلى السحرة لسؤالهم والعلاج عندهم س: السائل: أبو هاجر من الخرج يقول: هل يجوز للإنسان أن يذهب للعلاج عند السحرة، وذلك في الضرورة القصوى؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال؟ (1) ج: لا يجوز للمسلم أن يذهب إلى السحرة والكهنة، لا لسؤالهم، ولا للعلاج، يجب الحذر منهم وعدم تصديقهم وعدم إتيانهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم حذر من المجيء إلى السحرة والكهنة والعرافين، وقال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا أو كاهنا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (3)» صلى الله عليه وسلم. فالواجب الحذر من السحرة وغيرهم: من الكهنة والعرافين وغيرهم ممن يتكلم في الأمور بالطرق الغيبية ويتخرص، نسأل الله العافية.   (1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم 392 (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (3) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 94 - بيان الوعيد الشديد في المجيء إلى السحرة وتصديقهم س: إن أبي وعمي يذهبون إلى السحرة، ويصدقونهم وقد نهيتهم عن ذلك، ولكن لم يستجيبوا لنهيي فكيف بي وأنا ساكن معهم جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الواجب عليك الاستمرار في النصيحة لهم وتحذرهم من ذلك، فإن امتنعوا فينبغي لك بل واجب عليك الخروج منهم والانتقال إلى محل آخر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ليس منا من سحر أو سحر له (2)»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (3)»، رواه مسلم في الصحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (4)» صلى الله عليه وسلم، هذا وعيد عظيم، الساحر من العرافين، وأشد من الكهنة وأخبث، فيجب الحذر من المجيء إليهم وسؤالهم.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 298 (2) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844 (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (4) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 95 - حكم التداوي عند السحرة ونحوهم. س: هل يجوز التداوي من عند الساحر، أو من عند الكاهن، وهل هذا يعد من الشرك المحبط للعمل أم لا؟ (1) ج: لا يجوز التداوي من عند السحرة والكهنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيان السحرة والكهنة، قال لا تأتوهم، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (2)» رواه مسلم في الصحيح، الكاهن والمنجم والساحر والرمال، وأشباههم وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهنا وصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (3)»، عليه الصلاة والسلام، وقال: «ليس منا من سحر أو سحر له، وليس منا من تكهن أو تكهن له (4)»، فلا ينبغي للمؤمن أن يأتي العرافين، ولا الكهنة ولا المنجمين بل يحذرهم، غاية الحذر، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم، سؤالهم منكر وليس من الشرك، لكنه منكر وتصديقهم في علم الغيب، وأنهم يعلمون الغيب، هذا كفر أكبر، لأن علم الغيب إلى الله تعالى، إذا زعم أن أحدا يعلم الغيب،   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 38 (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252 (4) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره، فهو كافر لأن علم الغيب إلى الله تعالى، قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (1)، فالغيب عنده سبحانه وتعالى ليس إلى غيره.   (1) سورة النمل الآية 65 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 96 - حكم علاج السحر بسحر مثله س: هل يصح أن يعالج السحر بسحر؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا (1) ج: السحر لا يعالج بالسحر، لأن السحر إنما يتوصل إليه بعبادة الشياطين، ودعائهم من دون الله والتقرب إليهم بالعبادات، والسحر: من أعظم المحرمات، بل من المحرمات الشركية، فلا يجوز حل السحر بسحر، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة، قال هي من عمل الشيطان، وهي النشرة التي كان يعتادها أهل الجاهلية، وهي حل السحر بالسحر، فلا يجوز حل السحر بالسحر، بل يجب أن يحل بشيء آخر من الرقية الشرعية، والأدوية الشرعية، هكذا نص أهل العلم، ولا يجوز أبدا أن يحل بالسحر الذي هو تقرب للشياطين وعبادة لهم، وعمل يسخط الله عز وجل.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 214 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 س: الأخ: م. غ. ص. بعث برسالة يقول فيها: جاءني رجل، وقال لي: إن في بيتي ثعبانا، وإنه يستطيع أن يخرجه، وبالفعل ذهب إلى أحد الغرف، وطرق بعصاه على جدارها فخرج له ثعبان عظيم. كما أنه أخرج من بيت جاري عدة ثعابين، ولا أدري هل هذا نوع من السحر، أم أنها مزية يخص الله بها بعضا من عباده؟ نرجو توجيهنا جزاكم الله خيرا (1) ج: لا أعلم في هذا شيئا، إذا كان قد جرب في إخراجه الثعابين، لأنه يتكلم بدعاء يدعو به الله عز وجل، ويسأل الله عز وجل أن يخرجها أو عمل واضح ظاهر، ليس فيه شبهة، يفعله مع الثعابين حتى يخرجها من البيت أو من المزرعة أو من كذا، هذا لا حرج في ذلك أما إذا كان يتهم بالشعوذة، أو بالسحر أو بطاعة الجن، أو استخدام الجن فهذا يمنع ولا يستعان في هذه الأشياء، أما إن كان عمله بارزا ظاهرا، يدعو الله، يقول: اللهم أخرجه، اللهم اكفنا شره اللهم سلطني عليه، يعني كلمات يعقل منها أنه لا حرج في كلامه، ولا محذور في كلامه ولا يرى الناس منه شيئا يخالف ذلك فلا بأس بذلك، لأن الله قد يعين بعض الناس على مثل هذه الأمور، بصدق إيمانه وصدق دعائه لله عزل وجل، فلا مانع من ذلك إلا أن يرى منه شيء يدل على الريبة فيمنع.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 167 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 97 - بيان أن ضرب الجسم بالسيوف والسكاكين أعمال سحرية وشعوذة س: الأخ: ع. ص. م. من العراق، يقول: حيرني، وحير جميع أهلي، قضية رأيناها، وهي: تقام في قريتنا بعض الاحتفالات والموالد، وأرى بعض الأشخاص يقومون بأعمال غريبة جدا، وهي أن يقوم بعض الأشخاص بضرب أنفسهم بسيف أو الخنجر، وتقطيع أيديهم وأصابعهم، هل هذه الأفعال معقولة؟ وهل هي من عمل الشيطان؟ ونوع من السحر والشعوذة؟ وإذا كانت من عمل الشيطان، كيف نرى أن الشخص الذي يقول لهم: إن هذا العمل غير صحيح، وأنه سحر وشعوذة يصاب في اليوم التالي بمرض خطير لا يشفى منه، إلا إذا اعتذر منهم، وجهونا شيخ عبد العزيز لأنها فتن ابتلينا بها جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذه الأشياء التي ذكرها السائل، من كون بعض الناس يقيمون أعيادا واحتفالات، ويعملون أعمالا منكرة من تقطيع أيديهم وأصابعهم ونحو ذلك، وأن من أنكر عليهم ذلك قد يصيبه بعض الأمراض، كل ذلك من عمل الشيطان، وكل ذلك من تزيينه للناس حتى يطيعوه، وحتى يعملوا ما يدعوهم إليه من طاعة الشيطان، وعصيان الرحمن،   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 167 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 وهذه الأعمال التي يفعلها هؤلاء المخرفون، هؤلاء يقمرون على الناس ويسحرون أعينهم، فيظن الناس أنهم قطعوا أيديهم أو قطعوا أرجلهم، أو أصابعهم وليس شيء من ذلك، كله كذب وكله سحر، كله مخرج من الملة كما قال الله في قصة السحرة مع موسى: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (1) فالساحر قد يسحر الناس، حتى يرى الحبل حية ويرى العصا حية، كما قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (2). المقصود أن هذه الأعمال أعمال سحرية وشعوذة وباطل، والواجب إنكارها على أهلها، وعلى الحاكم الإسلامي والحاكم العاقل، الذي يريد صلاح جماعته وصلاح رعيته، أن يمنع هؤلاء وأن يقضي عليهم بالقوة، حتى لا يعودوا لمثل هذه الأعمال الخبيثة، كما أن عمل الأعياد والاحتفال بالأعياد، مولد فلان أو فلان كل ذلك لا أصل له، كله من البدع التي أحدثها الناس، وليس في الإسلام أعياد لمولد فلان أو مولد فلان، وإنما فيها الأعياد الشرعية: عيد الفطر، وعيد الأضحى، والاجتماع في موسم الحج في عرفة، وأيام النحر هذه أعياد المسلمين، أما عيد مولد فلان أو عيد مولد فلان أو مولد النبي عليه الصلاة والسلام، أو مولد الحسين أو مولد فلان، كل ذلك لا أصل له، كل ذلك مما أحدثه الناس وابتدعه الناس بعد القرون المفضلة،   (1) سورة الأعراف الآية 116 (2) سورة طه الآية 66 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 فالواجب على المسلمين ترك ذلك والتوبة من ذلك، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والرجوع إلى ما شرعه الله، وجاء به رسوله عليه الصلاة والسلام، فالخير كله في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، والشر كله في مخالفة هديه، وما كان عليه أصحابه رضي الله عنهم، فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» يعني فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)»، وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ويقول: " أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (3)»، زاد النسائي بإسناد حسن: «وكل ضلالة في النار (4)»، وفي حديث العرباض بن سارية   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، فالصلح مردود، برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم 1718 (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718 (3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم، برقم 7277، ومسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867 (4) أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيفية الخطبة، برقم 1578 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 رضي الله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (1)». ووصيتي لإخواني في كل مكان في العراق وفي كل مكان، ترك هذه الأعياد المنكرة، والاكتفاء بالأعياد الإسلامية، وأن تكون اجتماعاتهم في درس القرآن والأحاديث النبوية، والعلم النافع في الأوقات المناسبة، من الليل والنهار للتعلم والتفقه في الدين، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (3)»، أما اجتماع باحتفال مولد فلان أو فلان، فهذا بدعة يجب الحذر منها، وتركها والتعاون في ذلك بالأسلوب الحسن: بالنصيحة الطيبة حتى يفهم المؤمن والمؤمنة الحقيقة، ويكون الاجتماع لطاعة الله ورسوله، للعلم والتفقه في الدين، للتعاون على البر والتقوى، أما الاحتفال بمولد فلان أو فلان أو فلان، فهذا كله من البدع التي لا تجوز، وأعظم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أشرف الخلق وأفضلهم، ولا يجوز الاحتفال بمولد لم يشرعه عليه الصلاة والسلام، ولو كان الاحتفال بمولده مشروعا لفعله صلى الله عليه وسلم، ولعلمه الناس وعلمه أصحابه، ولفعله أصحابه بعده وعلموه الناس، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه بدعة ولم يكن هذا مفعولا في   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. (2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037 (3) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 2699 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 القرون المفضلة، القرن الأول والثاني والثالث، بل حدث بعد ذلك في القرن الرابع، وما بعده من بعض الناس، ووصيتي لجميع إخواني المسلمين، في كل مكان ترك هذه البدعة، وهي بدعة الموالد، والحرص على التفقه في الدين، وحضور حلقات العلم، في أي وقت، يتعلم ويتفقه، يقرأ القرآن، يتعلم التفسير يقرأ السنة ويسأل أهل العلم في الحلقات المعتادة، من الليل والنهار لطلب العلم والتفقه في الدين، أما إقامة احتفالات الموالد، فهذا كله لا أصل له، وأما هؤلاء الصوفية المخرفون الذين يطعنون أنفسهم بالسلاح، بالسيوف، أو بالخناجر أو يقطعون أيديهم أو أصابعهم، فيما يراه الناس فكل هذا منكر وكله تزييف وكله سحر وكله تضليل، فيجب الإنكار عليهم ومحاربة أعمالهم، وهجرهم والتحذير منهم والاستعداء عليهم، من جهة ولاة الأمور حتى يمنعوهم من هذا العمل الباطل، الخبيث المنكر. نسأل الله للجميع الهداية. س: ينوه صاحب الرسالة في نهايتها، إلى أن من أنكر عليهم أنه يصاب بمرض شديد، وهذه فتنة كما وصفها؟ (1) ج: هذا يقع ببعض الناس، وهذا من عمل الشيطان، لأن الشياطين تدعو إلى هذه المسائل، تدعو إلى هذه المنكرات وهذه   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 167 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 الاجتماعات الباطلة، وربما أصابوا من أنكرها بشيء من الأذى، حتى لا ينكر المنكر ولكن متى اعتصم بحبل الله، ومتى اعتصم بدين الله، واستعاذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وتوكل على الله لا يضره الجن ولا يضره الشياطين، ولا يضره أحد، فعلى المنكر أن يخلص لله، وأن يستعين بالله وأن يعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإذا استعان بالله واعتمد عليه وسأله العافية كفاه شر الشياطين، ولا ينبغي له أن يتأثر بذلك، فالشياطين من الجن مثل شياطين الإنس، يتعاونون على الإثم والعدوان، ويؤذون من أنكر عليهم بالباطل، حتى يستمروا في باطلهم، فلا ينبغي للمؤمن أن يتأثر بذلك، بل ينكر المنكر وإن أصابه شيء ففي سبيل الله، بعض الأنبياء قد قتل فكيف بك أنت يا أيها المؤمن التابع للأنبياء، عليك أن تتحمل وأن تصبر وأن تستعين بالله، وأن تعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وأن تفعل الأسباب التي تستطيعها، وأبشر بالخير، أبشر بأنهم لن يضروك شيئا، وسوف يبطل الله كيدهم ويرد كيدهم في نحورهم، إذا اعتصمت بالله واستعنت به، وتوكلت عليه وأخذت بالأسباب النافعة. وهذا: له صلة وثيقة بالاعتقاد وصلة وثيقة بتعاون الشياطين شياطين الإنس وشياطين الجن، على من أنكر المنكر حتى يردوه عن ذلك، وحتى يضعفوه، ولكن متى استقام على طاعة الله، واستعان بالله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 وصدق مع الله، كفاه الله شرهم، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (1)، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (2).   (1) سورة الطلاق الآية 2 (2) سورة الطلاق الآية 4 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 98 - بيان أن التولة من أنواع السحر س: ما حكم من يزور الأولياء أو السادة، ويطلب منهم حاجته، أو يكون عنده مريض مصروع، علما أن الأولياء يذبحون للجن، وما حكم من اضطر إلى ذلك بسبب الصرع أي الجنون، وما حكم من يعمل المحبة والكراهية بين الزوجين؟ (1). ج: هذه أمور خطيرة فإن زيارة الأولياء والصالحين أو الأنبياء، ليطلبهم ويستغيث بهم وينذر لهم، هذا هو الشرك الأكبر، وهكذا من يسمون السادة، كونه يزورهم ليستغيث بهم أو ليسألهم المدد والعون عند قبورهم، أو بعيدا من قبورهم، كل هذا منكر كل هذا من الشرك الأكبر، فالذي يستغاث به والذي يطلب الشفاء منه، هو الله وحده سبحانه وتعالى، أما الذهاب إلى السادة أحياء أو أمواتا، يطلب منهم أن يشفوا مريضه فيعتقد فيهم أنهم يشفون المرضى، وأن لهم سرا أو   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 124 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 يطلب منهم عند قبورهم أو يسألهم المدد، والعون أو شفاء المريض أو إغناء الفقير أو ردع الظالم أو ما أشبه ذلك، من الأمور هذا معناه يعتقد فيهم أنهم يتصرفون، فيكون عمله كفرا أكبر، وهذا عمل المشركين مع اللات والعزى نعوذ بالله من ذلك، فالواجب الحذر من هذا، والبعد عنه لأنه شرك أكبر، وهكذا الذبح للجن والتقرب إليهم بالذبائح شرك أكبر، أو الذبح لأصحاب القبور كالبدوي والحسين أو ابن علوان، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم ممن قبلهم وبعدهم، ويذبح لهم يتقرب إليهم، ليشفوا مريضه أو ليقضوا حاجته أو ليدفعوا عنه الظلم أو يردوا ضالته أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر وهكذا قول: المدد المدد، المدد المدد هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله السلامة، وهكذا سؤال من يدعي الكهانة عن حاجات، هذا لا يجوز أيضا، فإن صدقه في دعوى علم الغيب كان الشرك أكبر، فإنه يوجد من يدعي علم الغيب بواسطة النجوم، والنظر في سيرها واجتماعها وافتراقها، وهذا يسمى المنجم هذا إذا صدق في دعوى علم الغيب كان كفرا أكبر، وهكذا الكاهن الذي له رئي من الجن، أصحاب من الجن يستحضرهم ويسألهم، فإذا صدقهم الإنسان فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام، لأن الرسول قال: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (1)» صلى الله عليه وسلم، يعني صدقه في علم الغيب، لأن هؤلاء يدعون علم   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 الغيب، بما يحصل لهم من الأخبار من أصحابهم من الجن، فيظن الظان أنهم عندهم شيء من علم الغيب، فيصدقونهم فيما يدعون، وهذا خطر عظيم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحابه، أنهم كفار بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام، وهكذا من يتعاطى أسباب العطف والمحبة، يعني يتعاطى أشياء يسمونها الصرف والعطف، يعني يحبب الرجل إلى امرأته والمرأة إلى زوجها، وهو نوع من السحر ويسمى التولة كما ذكر في الحديث: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (1)». فالتولة معناها أن تعمل المرأة أو الرجل ما يسبب بغض الزوج لامرأته، أو بغضها لزوجها وذلك بواسطة الجن، ودعائهم والاستغاثة بهم ونحو ذلك، حتى يتسلطوا على هذا الرجل، أو على المرأة بأشياء تجعلها تبغض زوجها، أو تجعله يبغض زوجته وينفر منها، هذا من أقبح المنكرات، وظلم للعباد ومع ذلك هو في نفسه شرك لأنه إنما يتوسل إليه بواسطة الجن، ودعائهم والاستغاثة بهم. نسأل الله العافية، فقد جمع بين الشرك والظلم للعباد. نعوذ بالله.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم 2604 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 س: هناك من يدعي أنه يتعامل مع الملائكة وليس مع الجن، فهل يجوز ذلك؟ (1) ج: هذا شيء لا أصل له، ومن أين له أن يعلم ذلك، هذا لا أصل له، فإنه قد يشتبه عليه الأمر، وقد يدعي الجني أنه ملك، والجني لا يؤمن: فيهم الفساق وفيهم الكفار، لا يؤمنون في أن يقولوا كذا وكذا.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 204 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 99 - بيان حكم الطرق والعيافة س: تقول السائلة: أم عبد الرحمن جدتي امرأة كبيرة في السن وليس عندها ما تشتغل به وقت الفراغ وتتسلى بما يسمى الخط علما بأننا نصحناها كثيرا بالابتعاد عن هذا الخط، لكنها تقول: بأنها أخذت ذلك من باب التسلية ولا أصدق ما يأتي فيه، وتقول: بأن السيدة فاطمة رضي الله عنها، كانت تتسلى به فهل هذا صحيح؟ وما يجب عليها ونلاحظ أن هناك أمورا تقولها فتحدث في الواقع، فما تفسير ذلك مأجورين؟ (1) ج: هذا فيه تفصيل: إن كان الخط عن اعتقاد أنه يقع شيء، هذا   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 374 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 هو الذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم وسماه من السحر قال: «إن العيافة والطرق من الجبت (1)». فالمقصود أن الطرق في الأرض والخطوط في الأرض إذا كان لمقصد أن تستعلم بها بأمور الغيب وتريد أن هذا يفيدها في شيء من الغيب، هذا باطل وهذا من أعمال الجاهلية قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن العيافة والطيرة والطرق من الجبت (2)»، من الواجب على المؤمن ترك ذلك، أما إذا كانت الخطوط من باب العبث من باب التسلي، خطوط تخطط في الأرض للتسلي والعبث وليس عن عقيدة فهذا لا يضر، كونها تتسلى بخطوط أو بأحجار تصنعها وتلعب بها أو ما أشبه ذلك، هذا كله لا بأس، هذا كله من باب التسلي والعبث ليس عن اعتقاد شيء، أما أن تخط أو تعمل بحصى أو بودع أو غيره، تعتقد أن هذا يكون فيه، يترتب عليه شيء هذا لا يجوز، لأن هذا من عمل السحرة ومن عمل العرافين ومن عمل الجاهلية ولا يجوز، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم طرقا: «إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت (3)» قال عمر: الجبت: السحر والطاغوت: الشيطان، قال بعضهم الجبت معناه الشيء الذي لا خير فيه، والشر لا خير فيه، فإذا فعلت ما يفعله جهال العرب، وهي العيافة إذا مر بهم طائر أو رأوا حيوانا، مقطوع الذنب،   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين حديث قبيصة بن مخارق رضي الله عنه، برقم 15485 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين حديث قبيصة بن مخارق رضي الله عنه، برقم 15485 (3) أبو داود الطب (3907)، أحمد (5/ 60). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 تشاءموا ورجعوا عن أهوائهم، هذه الطيرة هذه العيافة التي أنكرها الرسول صلى الله عليه وسلم، يقال: عاف يعيف إذا زجر الطير أو " خير يا طير " أو رجع عن قصده أو توقف عن قصده هذا كله من العيافة من التشاؤم منكر، وهكذا الطرق الخط في الأرض إذا كان يتعلم علوم الغيب أو يظن أن هذا يعطي شيئا من علم الغيب، فهذا من الجبت من الشيء الذي لا خير فيه ومن أعمال السحر المنكرة فلا يجوز كما تقدم وأما ما تقوله عن فاطمة فلا أعلم له أصلا، ما أذكره عن فاطمة رضي الله عنها، هذا لا أعلم له أصلا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 100 - حكم استعمال وقراءة كتب السحر والتنجيم س: أرجو من فضيلتكم أن تبينوا استعمال وقراءة كتب السحر والتنجيم حيث إنها موجودة بكثرة، وبعض زملائي يريدون شراءها ويقولن: إذا لم تستعمل فيما يضر فليس في ذلك حرام. أرجو الإفادة وفقكم الله؟ (1) ج: هذا الذي قاله السائل حق، يجب على المسلمين أن يحذروا كتب السحر والتنجيم، ويجب إتلافها لأنها تضر المسلم وتوقعه في الشرك، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «من اقتبس شعبة من   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 16 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد (1)»، والله يقول في كتابه العظيم عن الملكين: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (2)، فدل على أن تعلم السحر والعمل به كفر فيجب على أهل الإسلام أن يحاربوا الكتب التي تعلم السحر والتنجيم وأن يتلفوها أين ما كانت هذا هو الواجب ولا يجوز لطالب العلم ولا غيره أن يقرأها أو يتعلم ما فيها أو غير طالب العلم كذلك ليس له أن يقرأها ولا يتعلم ما فيها ولا يقرها لأنها تفضي إلى الكفر بالله فالواجب إتلافها أين ما كانت كل الكتب التي تعلم السحر والتنجيم، مثل شمس المعارف وأشباهها يجب إتلافها.   (1) أخرجه الإمام أحمد، مسند عبد الله بن العباس، برقم 2836 (2) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 101 - حديث: "تعلموا السحر ولا تعملوا به" لا أصل له س: ما رأي الدين الإسلامي في الأساليب والطرق السحرية، التي تنتشر في بعض الكتب في المكتبات، والتي تغري كل شاب لقراءتها والعمل بما فيها؟ وخصوصا أن هناك حديثا شريفا يقول: "تعلموا السحر ولا تعملوا به". فكيف يمكن تعلم السحر وعدم العمل به؟ أرجو الإجابة عن هذا الاستفسار جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الكتب التي تعلم السحر يجب إتلافها والقضاء عليها، ولا يجوز تعلمها ولا العمل بما فيها، وهذا الحديث الذي ذكره السائل لا أصل له، بل هو حديث غير صحيح: "تعلموا السحر ولا تعملوا به"، هذا باطل ليس له أصل، هذا الحديث الذي ذكره السائل ليس له أصل، والذي عليه أهل العلم أنه لا يجوز تعلم السحر، ولا العمل به. بل يجب الحذر من ذلك، لأن تعلمه وتعليمه كفر؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الشياطين من دون الله، والاستغاثة بالجن ونحو ذلك، والله ذكر عن الملكين في سورة البقرة، قال سبحانه: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (2) فبين أن تعلمه كفر فدل ذلك على أن تعلم السحر من أمور الكفر. فالواجب على كل مسلم أن يحذر   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 190 (2) سورة البقرة الآية 102 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 ذلك، وألا يتعلم السحر، وألا يذهب إلى السحرة والكهنة والمنجمين، ولا يجوز له سؤالهم، ولا تصديقهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (1)» رواه مسلم في الصحيح، وإن لم يصدقه. قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء ولم يقل: فصدقه، فدل ذلك على أن سؤاله لا يجوز , وتصديقه أكبر في الإثم , فلا يسأله ولا يصدقه، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام (2)» فلا يجوز إتيان الكهان، وهم الذين يدعون علم الغيب، ولا العرافين الذين يدعون علم الغيب بالمقدمات يدعونها، وأشياء يدعونها. كل هذا باطل. فلا يجوز سؤالهم، ولا يجوز تصديقهم. ولا يجوز شراء الكتب، التي فيها علومهم. بل يجب إتلافها وإحراقها.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي، برقم 9252 (2) الترمذي الطهارة (135)، أبو داود الطب (3904)، ابن ماجه الطهارة وسننها (639)، أحمد (2/ 429)، الدارمي الطهارة (1136). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 باب ما جاء في الكهان ونحوهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 باب ما جاء في الكهان ونحوهم 102 - حكم الذهاب إلى الكهان والمنجمين والعرافين س: الأخ: ع. م. د. يسأل عن الكهان والمشعوذين، حيث انتشر أمرهم حتى بين الطلبة في الامتحانات، وبين أولئك الذين يبحثون عن عمل ولا يجدون، فهؤلاء يكتبون لهم أوراقا ويأمرونهم بأشياء وأشياء يعتقدون من ورائها أنها ستكون مجلبة للعمل، ويرجون من سماحة الشيخ التوجيه جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: قد أوضح النبي عليه الصلاة والسلام حكم الكهان والمنجمين والعرافين ومن في حكمهم ممن يدعي علم الحوادث وعلم المستقبل بالتنجيم أو بضرب الحصى أو بغير هذا من الطرق الخفية التي يزعم أنها تطلعه على علم الغيب، وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن حكم هؤلاء أنهم لا يجوز أن يؤتوا، ولا أن يسألوا ولا أن يصدقوا، فقد ثبت في   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 165 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (1)» هذا الحديث الصحيح يدل على تحريم مجرد السؤال من دون تصديق، فكيف إذا كان مع التصديق، فلا يجوز سؤال الكهان ولا إتيانهم ولا تصديقهم، وفي الحديث الثاني يقول عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (2)» أخرجه أهل السنن بإسناد صحيح. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له (3)». فالذين يدعون علم المغيبات، أو الحظ أو الكف، أو متى ينجح فلان، أو متى يقبل في وظيفة أو غير هذا، من هؤلاء وأشباههم كل ذلك مما حرم الله سؤالهم إياه واللجوء إليهم أو تصديقهم، وإنما المؤمن يسأل ربه التوفيق والتسهيل والتيسير، يسأل ربه أن يقضي له حاجته من نجاح في اختبار، من حصول وظيفة تنفعه إلى غير ذلك، أما إتيان الكهان الذين يدعون علم الغيب بأي طريقة فلا يجوز   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (3) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 إتيانهم، ولا سؤالهم ولا تصديقهم؛ لما ثبت في حقهم من الأحاديث الصحيحة التي سبق بعضها، والله المستعان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 103 - بيان عقوبة الكهنة والعرافين س: يوجد أشخاص يقال لهم عرافون، ويدعون أنهم يعرفون علم الغيب، ما حكم الدين في ذلك، وهل يمكن تصديقهم؟ (1) ج: العرافون الكهنة والسحرة لا يجوز تصديقهم، ولا سؤالهم ولا إتيانهم، بل يجب الحذر منهم والإنكار عليهم، ويجب على ولاة الأمر من المسلمين تتبعهم وعقابهم بما يردعهم وأمثالهم، وإذا ادعوا علم الغيب يستتابون فإن تابوا وإلا قتلهم ولي الأمر؛ لأن دعوى علم الغيب كفر أكبر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (2)»، هذا مجرد سؤال من دون تصديق، فكيف إذا صدقه، فإذا صدقه صار الإثم أعظم، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (3)»، فإذا صدقه في العلم للغيب كفر مثله، فالذي يدعي   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 192 (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (3) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 علم الغيب، أو يصدق من يدعي علم الغيب يكفر كفرا أكبر نعوذ بالله، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، يعني يستتيبه ولي الأمر، السلطان أو نائبه من القضاة، فإن تاب وإلا قتل كافرا، نسأل الله العافية، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من تطير أو تطير له، أو سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له (1)». فهؤلاء لا يسألون ولا يؤتون ولا يصدقون، بل يجب الإنكار عليهم، والتحذير منهم كما تقدم، وفق الله الجميع.   (1) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 104 - حكم سؤال الكاهن والعراف س: ما حكم من لجأ إلى المشعوذين الذين يدعون أن لهم القدرة على رفع بعض الأمراض العقلية، عن بعض الناس وقد لجأ إليهم بعض الناس وشفي من مرضه، ويقال إنهم يستعينون بالجن في ذلك، فما جزاؤهم عند الله وما حكم من لجأ إليهم؟ (1) ج: من لجأ إلى المشعوذين وسؤالهم عما ابتلي به بعض الناس من الأمراض لا يجوز، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 29 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل منه صلاة أربعين يوما (1)» خرجه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهنا - وفي لفظ - عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (2)»، في أحاديث أخرى والعراف والكاهن ونحوهما هو الذي يدعي علم الغيب بواسطة الجن، هذا يقال له: عراف، ويقال له: كاهن، فلا يجوز فعل هؤلاء ولا يجوز إتيانهم بل يجب ترك سؤالهم، ومن سألهم وأتاهم يستحق أن يؤدب ويعزر حتى يدع ذلك، وكذلك هم والكهان والعرافون يجب أن يزجروا ويؤدبوا ويمنعوا من أعمالهم هذه ويستتابوا مما فعلوا ومن دعواتهم أنهم يعرفون ما يصيب الناس بواسطة من يتوسطون به من الجن، هذا كله باطل وكله منكر، أما كون بعض الناس قد يشفى فهذا قد يكون عن أمراض سببها له الجن وشياطين الجن ثم إذا قرب إليه وتقرب إليهم هذا الذي يدعي أنه طبيب يتقرب إليهم بما يريدون قد يزيلون ما فعلوه بأنفسهم من أسباب مرض هذا الشخص. فالحاصل أنهم قد يتعاطون أشياء تؤذي الإنسان فإذا اتصل بهم من يعبدهم ويخدمهم أزالوا ذلك الشيء الذي يفعلونه، فيسكن المرض، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال لامرأته لما كانت تذهب إلى يهودي فيرقيها ويرقي عينها، قال لها: إنه الشيطان ينخسها بيده، فإذا قرأ عليك ذاك اليهودي كف عنها النخس والألم.   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 فالمقصود أن الذين يدعون أنهم يتصلون بالجن ويسألونهم عن بعض الحاجات هؤلاء لا يسألون ولا يصدقون بل يجب أن يبتعد عنهم المسلم ويحذرهم، وعلى ولاة الأمور إذا عرفوهم أن يزجروهم ويؤدبوهم حتى يمتنعوا من هذه الأعمال، وإذا كانوا يدعون الغيب يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كفارا؛ لأن دعوى علم الغيب كفر، والغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 105 - حكم تصديق الكهان والعرافين. س: ما حكم الذهاب إلى الكهان والعرافين، وتصديق ما يقولون؟ فلدي أخ يذهب إليهم، ويستشيرهم في ذلك، أفتونا مأجورين؟ (1) ج: هذا منكر عظيم، لا يجوز الذهاب إلى الكهان والعرافين والمنجمين لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم زجر عن هذا وقال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (2)»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (3)»،   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 376 (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (3) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 وقال: «ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له (1)» فالواجب الحذر من هذا العمل، وعدم السماح بذهابه إليهم، ونصيحته وتوجيهه؛ لأن هذا قد يجره إلى شر عظيم، قد يصدقهم، وقد يسألهم. فالواجب الحذر، لا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم، نسأل الله العافية. س: السائل: ح. م. س. من سوريا يقول: هل يجوز للمؤمن أن يذهب إلى عراف من أجل مشكلة ما اشتكى منها؟ علما بأن هذا العراف يفتتح بالقرآن الكريم، فأريد منكم التوجيه مأجورين؟ (2) ج: العرافون: هم الذين يدعون علم المغيبات، وعلم الحوادث بطرق غير شرعية، هؤلاء لا يؤتون يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (3)» رواه مسلم في الصحيح، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (4)» عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز إتيان العرافين ولا الكهنة، ولا المنجمين ولا السحرة، ولا يجوز سؤالهم   (1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج18، برقم 355 (2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 410 (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (4) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 ولا تصديقهم، بل يجب الحذر منهم، والإنكار عليهم ورفع أمرهم إلى الجهات المسؤولة حتى يعاقبوا بما يستحقون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 106 - حكم من مات وهو يصدق بعض أخبار الكهنة جهلا منه س: والدتي كانت تصدق السحرة والكهان والمشعوذين ولكنها كانت لا تعلم أن هذا حرام، وفيه إثم عظيم، وتوفيت وهي على جهلها بذلك، فهل يلحقها إثم، وهل يجوز لي أن أحج عنها، عسى الله أن يغفر لها، مع العلم أنها كانت تصوم وتصلي، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: إذا كانت والدتك موحدة تعبد الله وحده، ولا تتعلق بأصحاب القبور، ولا تدعوهم من دون الله، ولا تستغيث بالأولياء والأنبياء، ولكنها قد تصدق بعض السحرة بما يخبرون به، أو بعض الكهنة عن جهل منها، فنرجو أن إسلامها باق، إذا كنت لا تعلم منها ما يوجب كفرها من دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، أو أن السحرة يعلمون الغيب، أما إن كانت تصدق أن السحرة يعلمون الغيب، أو تدعو الأموات أو تستغيث بالأموات، كابن علوان وغيره فهذا كفر أكبر، لا   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 201 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 يدعى لها ولا يحج عنها، أما إذا كنت تعلم منها أنها لا تفعل ذلك، بل هي موحدة لا تعبد إلا الله، ولا تدعو إلا الله، ولا تعتقد أن أحدا يعلم الغيب، ولكنها قد تصدق بعض أخبار المشعوذين الذين يسمون بالسحرة أو الكهنة جهلا منها فلا حرج في الحج عنها والدعاء لها إن شاء الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 107 - حكم من يدعي معرفة أحوال الموتى وما يعرض لهم من عذاب أو نعيم س: الأخ: أ. أ. ع. ع. يقول: يوجد في بلادنا بعض الرجال والنساء يدعون أنهم في أثناء الليل ينزلون إلى القبور، أو بمعنى أصح أنهم يعلمون من أقوال الموتى، وماذا يعانون في قبورهم من العذاب، إذا كانوا مذنبين أو من نعيم، إذا كانوا صالحين، ويقولون أيضا لأهل الميت: إن ميتك فلانا كذا وكذا، وهو يعذب في القبر بسبب سيئة أصابها وعليك أن تقضي عنه دينه، وحاول أن تكفر عنه. أفيدونا عن هؤلاء هل يتكلمون بالصدق، أو أنهم من المشعوذين الذين يريدون ابتزاز أموال الناس، جزاكم الله عنا خيرا، وإذا كان هؤلاء يتكلمون افتراء وكذبا فما يجب علينا نحوهم؟ (1)   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 144 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 ج: هؤلاء يعتبرون من الكذابين والمشعوذين والذين يريدون أن يبتزوا أموال الناس بالباطل، أو أن يعظمهم الناس ويقولون عنهم إنهم يعلمون الغيب، هذا لا يعلمه إلا الله، والله أخفى عن الناس عذاب المقبورين ونعيمهم، فالذي يدعي أنه يعرف المعذب من المنعم كذاب أشر، يجب أن يهجر ويزجر ويعاقب، إن كان في دولة مسلمة حتى يتوب من عمله السيئ، ولا يصدق ولا يلتفت إليه بالكلية؛ لأنه مجرم كاذب، نسأل الله السلامة والعافية. س: تسأل المستمعة من اليمن وتقول: البعض من الناس، يزعمون بأنهم يشاهدون الموتى، وما آلوا إليه، وما آل إليه مصيرهم، ويقومون بإخبار أهل الميت، أين مصير أبنائهم، أو ميتهم ويخبرونهم بأن الميت يقول لهم أن يفعلوا أشياء يذكرونهم بها، فهل هذا العمل صحيح؟ وما نصيحتكم سماحة الشيخ؟ (1) ج: هذا باطل، وهؤلاء كذابون، ودجالون، ومن ادعى هذا فهو كافر، يدعي أنه يعلم الغيب، هذا لا يجوز، هذا باطل، ولا يصدقون، والعياذ بالله، فلا يعلم حال الموتى ومنازلهم عند الله، إلا الله سبحانه وتعالى، لكن المؤمن يرجى له الخير، والكافر إلى النار   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 396 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 نسأل الله العافية، والمؤمن مشهود له بالخير ومصيره إلى الجنة، لكن أخبارهم وأنه جرى عليهم كذا، وأن منازلهم في الجنة كذا، هذا لا يقوله عاقل، هذا كذاب، ولكن المؤمنون موعودون الجنة، ومنازلهم الجنة، وأرواحهم في الجنة في شكل طير، أرواحهم تكون طيورا في الجنة، كما جاء في الحديث، والشهداء تكون في أجواف طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش فمن يقول: إنه يعلم أحوال الموتى وما هي شؤونهم ومنازلهم بأنه يشاهد ذلك فهذا كذاب دجال يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 108 - حكم سؤال المنجمين والرمالين وأصحاب الشعوذة س: ينوه الأخوان من خوفهما على عقيدتهما عند اللجوء إلى أولئك الذين يجسمون الأمور، وقد يتكهنون بأشياء، فما توجيه سماحتكم ولا سيما فيما يتعلق بخوف الناس من السحر ومن الجن؟ (1) ج: أما ما يتعلق بسؤال الكهنة والمنجمين والعرافين والرمالين وأشباههم من أصحاب الشعوذة ودعوى علم الغيب، ودعوى أنهم يدركون أشياء بواسطة الجن ما أدركها غيرهم، هذا كله لا يجوز,   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 76 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيانهم ونهى عن سؤالهم، «سئل عن الكهان عليه الصلاة والسلام فقال: " إنهم ليسوا بشيء (1)»، «وقال: لا تأتوهم (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (3)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وفي لفظ: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (4)» صلى الله عليه وسلم. هذا يدل على أن هؤلاء لا يؤتون ولا يسألون ولا يصدقون؛ لأن عمدتهم الخرص والتكهنات التي لا أساس لها، أو الاعتماد على ما يقوله الجن، وخرافات الجن وشياطينهم، فلا ينبغي أن يعتمد عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم لما قيل له إن الكهان قد يصدقون، قال: «إنهم يصدقون في كلمة، ويكذبون في مائة (5)»، وفي لفظ آخر: «في أكثر من مائة (6)»،   (1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قراءة الفاجر والمنافق وأصواتهم وتلاوتهم، برقم 7561 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، برقم 23250 (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (5) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228 (6) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 وبين عليه الصلاة والسلام أن هذه الكلمة التي يصدقون فيها هي التي يسمعونها من السماء، يسمعها مسترقو السمع من السماء من الملائكة فيكذبون معها الكذب الكثير، في إحدى الروايات: «فيكذبون معها مائة كذبة (1)»، وفي اللفظ الآخر: «"فيكذبون ويزيدون"، وفي بعضها: "فيكذبون أكثر من مائة كذبة"، فيقال: قد صدقوا في كذا وكذا، فيصدقون بسبب تلك الكلمة التي سمعت من السماء (2)». والناس من عادتهم الميل إلى الشعوذة، وإلى كل ما يظنون أنه ينفع، فيتشبثون بكل شيء، والمريض يتشبث بكل شيء أيضا، فبهذه يصدقون الكهنة والمنجمين في كذبهم الكثير لأسباب أنهم قد صدقوا في واحدة، أو نفعوا في واحدة أو ثنتين مثلا، وهذا كله من طبيعة البشر الميل إلى من ظنوا أن عنده شيئا، ولا سيما إذا كان قد عرف أنه نفع، ولو في واحدة، فيتعلقوا به ويصدقوه في كل شيء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، برقم 3210 (2) البخاري تفسير القرآن (4424)، ابن ماجه المقدمة (194). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 109 - حكم من أرغمه والده للذهاب إلى الكهنة س: يقول السائل: إن له أختا كانت مع رجل وطلقها بسبب والدته، ثم إنها بعد الطلاق أصيبت بحالة مرضية، أرغمه والده ووالدته إلى الذهاب بها إلى أحد الأشخاص يعتقد أنه مشعوذ، ومنذ ذلك الوقت وهو يفكر في أمره، ويرجو من سماحتكم توجيهه كيف يتصرف؟ وهل يكون قد وقع في الإثم؟ (1) ج: نعم لا يجوز له ذلك، ليس له طاعة والديه فيما حرم الله، والذهاب بأخته لمشعوذ لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيان الكهان، وعن سؤالهم، والمشعوذين من العرافين والمنجمين والكهنة، فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم، وإذا أمره بذلك والده لم يجز له طاعته؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الطاعة في المعروف (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (3)». فيعتذر ويقول: يا والدي هذا لا يجوز، لكن نذهب بها لمن يقرأ عليها من   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 249 (2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم 7145، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم 1840 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم 1098 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 الطيبين، أو امرأة صالحة تقرأ عليها، رجل صالح يقرأ عليها، بدون خلوة أو إلى الطبيب، أما إلى المشعوذين من كهنة ومنجمين وسحرة ونحو ذلك فهذا لا يجوز، فإنه لا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم ولا العلاج عندهم بالكلية، بل يجب على ولي الأمر أن يمنعهم من ذلك، وأن يؤدبهم حتى يرتدعوا عن تعاطي العلاج، لذا عليك التوبة والندم، والعزم ألا تعود في هذا الشيء، وإذا صدقت التوبة بالندم على الماضي والإقلاع من الذنب، والعزم الصادق ألا تعود فيه، فإن الله يغفر لك سبحانه وتعالى، والإنسان إذا قلق من أجل خوف الله والرغبة فيما عنده فهو على خير عظيم. س: كما توقعنا في حلقة ماضية شيخ عبد العزيز أن هناك عددا من السادة المستمعين سيسألون عن هؤلاء الكهان والدجالين، هذا هو المستمع إ. م. ف. يسأل أيضا عن هذا الموضوع، ويبدو أن القضية موجودة حتى في السودان، فهم يتعلقون بهم ولا سيما أولئك الذين ابتلي بعض أقاربهم بالمرض أو بضياع شيء من الأموال وما أشبه ذلك، ويرجو التوجيه جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: سبق التنبيه على هذا وأنه لا يجوز لأي مسلم أن يسأل الكهنة   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 165 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 والمنجمين والعرافين والمشعوذين الذين يدعون علم الغيب أو يعرفون بأشياء تدل على ذلك، فمن كان يتهم بذلك أو يعرف بذلك لا يسأل ولا يصدق، بل يلتمس أهل الخير والعلم والإيمان، حتى يقرأ على المريض ينفث على المريض أو الطبيب المعروف بالحذق والفهم، يسأل عن المرض الطبيب المعروف، أما الكهان والمنجمون والرمالون والمشعوذون والعرافون وكل من يدعي شيئا من أمور الغيب ويزعم أنه يعرف هذا بكذا وكذا منهم، فهذا كله منكر يجب الحذر منهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (1)»، وقال صلى الله عليه وسلم «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام (2)». فالأمر عظيم، «وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الكهان، قال: " لا تأتوهم وليسوا بشيء (3)» فالكاهن والعراف والرمال ونحوهم يدعون علم الغيب بأمور وأشياء يشبهون بها على الناس ويخدعون بها الناس، من ضرب بالحصى أو سؤال عن اسم أمه، واسم فلانة وفلانة، أو غير ذلك من   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 الأسئلة التي يزعمون بها أنهم يعلمون الغائب، أو يعلمون كذا وكذا من أسباب مرضه، غير الطريقة المعروفة من سؤاله عن صفة المرض، وأسباب المرض الذي أصابه، حتى يهتدوا إلى علاج، الذين يدعون أشياء خارجة عن ذلك من جهة النجوم أو من جهة اسم أمه أو من جهة الأشياء التي لا تعلق لها بالمرض، هذا كله من أمارات أنهم مشعوذون، وأنهم كهنة يجب الحذر منهم، وإنما يؤتى المعروف بالخير والاستقامة والدين، ومن يتعاطى طبا واضحا ليس فيه شبهة، وليس فيه ما يوهم دعوى علم الغيب، أو كلمة الجن أو دعاء الجن أو هبة الجن، نسأل الله العافية. س: نسمع كثيرا عن الكهنة والمنجمين، فما صحة ديانة من يذهب إليهم، والإيمان بأقوالهم، ذلك بأنهم يأتون بما يثبت الصحيح، فمن ذلك أنهم يخبرون المرء باسم قريب له من أقاربه، ويصفون له منزله، وربما وصفوا له ما عنده من المال والأولاد، أرجو من سماحتكم التوجيه وفقكم الله؟ (1) ج: هذا موجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقبله وبعده، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان الكهان وعن سؤالهم، قال عليه الصلاة والسلام:   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 76 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (1)» رواه مسلم في صحيحه، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (2)» صلى الله عليه وسلم، وسأله بعض الناس عن إتيان الكهان، قال: «لا تأتوهم، وقال: ليسوا بشيء» قالوا: يا رسول الله إنهم يصدقون في بعض الأحيان، قال: «تلك الكلمة يسمعها الجني المسترق للسمع من السماء فيقرها في أذن وليه من الإنس، وهو الكاهن والساحر فيصدق تلك الكلمة، ولكنهم يقذفون ويزيدون عليها مائة كذبة» وفي رواية «أكثر من مائة كذبة»، فيقول الناس إنه صدق يوم كذا وكذا، فيصدقونه بتلك الكلمة التي سمعت من السماء وتكون وسيلة إلى تصديقه في كذبه الكثير. فالكهان لهم أصحاب من الشياطين من الجن، فالكاهن هو الذي له رئي، يعني صاحبا من الجن، يخبره عن بعض المغيبات وعن بعض ما يقع في البلدان، وهذا معروف في الجاهلية وفي الإسلام، هو الكاهن الذي له صاحب من الجن يشعره ويخبره عما يلقاه من شياطينه وإخوانه فيقول: جرى كذا وقع كذا في البلدة الفلانية؛ لأن الجن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب قول الرجل للشيء ليس بشيء. . .، برقم 6213 وأخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 يتناقلون الأخبار فيما بينهم، والشياطين تتناقل الأخبار فيما بينها، فيخبر بعضهم بعضا بسرعة هائلة، من الشام إلى اليمن ومن اليمن إلى الشام، إلى مصر إلى نجد إلى أمريكا، إلى أي مكان بينهم تناقل للأخبار، فلهذا قد يغتر بهم من يسمع صدقهم في بعض المسائل، وكذلك قد يعرف الشيطان قريب هذا المبتلى، أخاه، عمه، من الشياطين التي بينهم، كل إنسان منا معه شيطان، معه قرين من الإنس وقرين من الجن، كل واحد من بني آدم، فالشياطين يخبر بعضها بعضا ويدل بعضها على عورات بعض، وتخبر عما عندهم من المال، ما عندهم من الأولاد، ما عندهم من الأثاث، كل هذا يقع بين الناس، وقد يسترقون السمع، فيسمعون بعض ما يقع في السماء بين الملائكة مما يتكلم الله به جل وعلا من أمور أهل الأرض وما يحدث في الأرض فيتسامعون تلك الكلمة فإذا سمعوها قروها في أذن أصحابهم من الكهنة والسحرة والمنجمين فيقول المنجم والساحر والكاهن سوف يقع كذا، سوف يقع كذا عن تلك الكلمة التي سمعت من السماء، ولا يكتفي بهذا بل يكذب معها الكذب الكثير، حتى يروج بضاعته، وحتى يأخذ أموال الناس بالباطل، بسبب هذا الكلام الذي ينقله إليهم، سوف يجري كذا، سوف يقع كذا، فإذا صدقه في موضوع نقل الناس هذا الصدق الذي وافق فيه الخبر الذي وقع في السماء أو وافق فيه الحوادث التي وقعت في بعض البلدان، فعند هذا الناس يغلب عليهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 تصديقهم بسبب هذه الحوادث فيقولون صدق في يوم كذا، صدق في كذا، صدق في كذا، والمرضى يتعلقون بخيط العنكبوت، ويتشبثون بكل شيء، فلهذا يأتون الكهنة ويأتون المنجمين ويأتون السحرة بسبب ما قد يسمعون عنهم أنهم صدقوا في كذا وصدقوا في كذا، فالواجب عدم إتيانهم وعدم سؤالهم، وعدم تصديقهم، ولو قدر أنهم صدقوا في بعض الشيء، الواجب تركهم بالكلية؛ لأن الرسول نهى عن إتيانهم، ونهى عن سؤالهم، ونهى عن تصديقهم، فالواجب على المسلمين ألا يصدقوهم، وألا يسألوهم، وألا يأتوهم بالكلية، هذا هو الواجب على الجميع، وأن يسلكوا في علاج المرضى ما شرعه الله من القراءة والدواء المباح ونحو ذلك مما يعرفه الأطباء، فبين الأطباء وبين القراء الذين يرقون المرضى ويعرفون بإسلامهم ودينهم، هذه هي الأسباب الشرعية والوسائل الشرعية، أما إتيان الكهان والمنجمين والرمالين والعرافين وسؤالهم هذا منكر لا يجوز، نسأل الله العافية والسلامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 س: من خلال ما يعرض على سماحتكم من الرسائل من الإخوة المسلمين هنا وهناك، يلاحظ أن الأمة في حاجة إلى توعية أكثر وأكثر، ولا سيما فيما يتعلق بهؤلاء الدجالين والنصابين، الذين يبتزون أموال الناس بكلام لا أساس له، ولا توثيق لديه، نرجو من سماحتكم التوجيه كيف نرتفع بمستوى الأمة، حتى تدرك أن هؤلاء لا صحة لما يدعونه؟ (1) ج: لهذا نص النبي صلى الله عليه وسلم على التحذير منهم، من هؤلاء النصابين والكذابين، فقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (2)» فهذا تحذير شديد من العرافين الذين يدعون علم المغيبات، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (3)» صلى الله عليه وسلم، وقال: «ليس منا من سحر أو سحر له، وليس منا من تكهن أو تكهن له، وليس منا من تطير أو تطير له (4)» فالواجب على الأمة أن تحذر هؤلاء الكذابين والنصابين والدجالين، وألا تصدقهم وألا تسألهم، وإنما تسأل عما شرع الله لها، وما حرم الله عليها، تسأل أهل العلم، هكذا الأمة تسأل أهل العلم؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (5)   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 317 (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج18، برقم 355 (5) سورة النحل الآية 43 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 أهل الذكر هم أهل القرآن، وهم أهل الحديث الشريف، فعلى الإنسان المحتاج للسؤال من رجل أو امرأة عليهما سؤال أهل العلم، أهل الذكر الذين عرفوا بالعلم النافع، معرفة القرآن والسنة وأحكام الشرع، الرجل يسألهم والمرأة تسألهم، عن طريق الهاتف، عن طريق نور على الدرب، من طريق المكاتبة، ومن طريق حلقات العلم، أما النصابون الدجالون والسحرة والكهنة فهؤلاء لا يجوز سؤالهم أبدا، ولا يجوز تصديقهم أبدا؛ لأنهم كذبة فجرة، وبعضهم قد يكون كافرا إذا ادعى علم الغيب يكون كافرا، نسأل الله العافية، وكذا الساحر الذي يعبد الشياطين ويتقرب إليهم هو من الكفرة أيضا. فالحاصل أن الواجب على المسلمين أن يحذروا هؤلاء الدجالين العرافين من الكهنة، فلا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم أبدا، وإذا أراد الإنسان أن يسأل فليسأل أهل العلم، علماء الشرع، علماء القرآن والسنة، يسألهم عما أشكل عليه من أحكام الله، عن الحلال والحرام، يسألهم عن رؤياه إذا كان له رؤيا، يجب أن يسأل عنها أهل العلم {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1) فسؤال أهل العلم هو المطلوب، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2)»،   (1) سورة النحل الآية 43 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، برقم 1893 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 المسلم يدل على الخير، يوصي بالخير، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (1)»، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (2)»، ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه أنكر على قوم أفتوا بغير علم، وقال: «ألا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال (3)» أي سؤال أهل العلم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037 (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 2699 (3) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم، برقم 336 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 110 - حكم صاحب الودع وقارئة الفنجان س: ما رأيكم فيما يقوله صاحب الودع وقارئة الفنجان، وقراءة الكف، ما حكم هذه الأشياء؟ (1) ج: كل هذه بدعة، كل هذه أمور لا صحة لها، صاحب الفنجان وقراءة الكف، والرمي بالودع، أي الضرب بالودع، أو بالحصى كله من تعاطي علم الغيب، كله باطل منكر ولا صحة له، بل هو دجل وكذب   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 39 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 وافتراء، ويدعون علم الغيب، بأشياء أخرى غير هذا كذبا، وإنما يعتمدون على ما يقول لهم أصحابهم من الجن، فإن بعضهم يستخدم الجن، ويقول ما تقول له الجن فيصدقون ويكذبون، يصدقون في بعض الأشياء التي اطلعوا عليها في بعض البلدان، أو سرقوها من السمع، ويكذبون في الغالب، والأكثر يكذبون ويتحيلون على الناس حتى يأخذوا أموالهم بالباطل وهكذا من جنس الذين يخدمونهم، قد يكذبون أيضا ويفترون فيقولون هذا كذا وهذا كذا وهم كذبة، إنما يأكلون أموال الناس بالباطل، وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 111 - حكم استعمال نثر الودع س: توجد امرأة تقوم بنثر الودع أمامها، وتخبر أنه سوف يحدث كذا وكذا من الأمور الغيبية ولكنها لا تقول إنها تعلم الغيب، لكن تقول: إن ما تفعله مجرد تسلية، وأن ما تقول قد يحدث وقد لا يحدث، ما حكم ذلك؟ (1) ج: لا يجوز لها هذا العمل، هذا من عمل أهل السحر والشعوذة، لا يجوز هذا، بل يجب الإنكار عليها ومنعها من هذا العمل، وإخبارها أن هذا لا يجوز وأن هذا يفضي إلى دعواها علم الغيب   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 362 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 والتلبيس على الناس هذا لا يجوز فالواجب على هذه المرأة أن تخاف الله وتراقب الله وتحذر هذا العمل السيئ الذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه، يقول صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1)». فالواجب الحذر من هذا العمل السيئ وهو وسيلة إلى دعوى علم الغيب وهو وسيلة للتلبيس على الناس، نسأل الله للجميع العافية والهداية. س: هذا الشخص يشتكي من كثرة هؤلاء المشعوذين في بلده السودان، ويقول: إذا تحقق ما يقولون، هل في هذا علم بالغيب أم لا؟ ج: كله باطل، وقد يتكرر لأنه شيء يوجد في بلادهم، قد يخبرون عن إنسان فعل كذا، وفعل كذا وهم قد شاهدوه في بلاد أخرى، من السودان أو أشياء أخبرهم بها الجن، أن هذا وقع في بلد كذا، وعمله كذا، وصار كذا، هم يأخذون عن الجن أخبارا ألقتها الجن في بعض البلدان، فيخبرون بها أولياءهم، هذا كله لا صحة له ولا يحكى فيه بأنهم يعلمون الغيب أبدا، علم الغيب إلى الله سبحانه   (1) أخرجه الإمام أحمد، مسند الشاميين حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 16951 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 وتعالى، ولكن هناك أمور تقع في بعض البلدان، فينقلها الجن بعضهم إلى بعض، أو فيه استراق من السماء، كونهم يسمعونها من الملائكة، إذا استرقوا السمع من السماء، فينقلونها إلى أوليائهم من الإنس، فقد تكون حقا سمعوه، ما لبس عليهم فيه، فيقع ويظن الناس أن كل ما فعلوه وقالوه صحيح، ويكذبون مع ذلك الكذب الكثير، كما في الحديث: «إنهم يكذبون معه مائة كذبة "، وفي بعض الروايات: " أكثر من مائة كذبة (1)»، فلا يلتفت إليهم؛ لأن عمدتهم الكذب أو الاستعانة بالجن في كذب الجن وفيما يتعاطونه من الباطل الذي يشوشون به على الناس، نسأل الله العافية، والجن كالإنس فيهم الكافر وفيهم المبتدع وفيهم الفاسق وفيهم الطيب، فالفساق للفساق، والكفار للكفار، والطيبون للطيبين، فالجن الذين يخدمون بعض شياطين الإنس بإخبارهم ببعض المغيبات التي سمعوها من السماء أو سمعوها من بعض البلدان، هؤلاء لأنهم خدموهم بعبادتهم من دون الله، والذبح لهم ونحو ذلك، فالجن يخدمون بهذه الأخبار وهذه الأسرار التي يكذبون فيها، وقد يصدقون فيها شيئا قليلا فيظنهم الناس صادقين في البقية.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب قول الرجل للشيء ليس بشيء برقم 6213، ومسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 112 - حكم قراءة الكف س: ما حكم قراءة الكف، سواء كان ذلك جدا أو هزلا؟ (1) ج: هذه باطلة ومن الكهانة ولا يجوز، الكف والفنجان وأشباه ذلك وضرب الحصى والودع، كل هذا ضلال ومن دعوى علم الغيب، فإذا زعم أنه يعلم الغيب بهذه الأمور صار كافرا كفرا أكبر، نعوذ بالله؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا الله، ولا يعلم بضرب الحصى ولا بقراءة الكف ولا الفنجان، ولا بغير ذلك مما يتعاطاه المشعوذون، علم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى، فمن زعم أنه بقراءة الكف أو ضرب الحصى أو الحساب بالأصابع أو بأي شيء من الأشياء أنه يعلم الغيب كل هذا من الكفر بالله عز وجل، والله يقول سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (2)، ويقول جل وعلا في كتابه العظيم لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} (3). فمن ادعى علم الغيب بعمل الكف أو الحصى أو الودع، أو غير هذا من الحسابات فكله باطل وكله كفر وضلال، نسأل الله العافية.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 218 (2) سورة النمل الآية 65 (3) سورة الأنعام الآية 50 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 113 - حكم من يزعم أنه يتعرف على السارق ومكان المسروقات س: السائل ط. ع. من السودان يقول: يزعم أحد الدجالين بأنه يستطيع أن يتعرف على السارق، بعد أن يسرق وذلك بأمور، لا يعلمها كثير من الناس، منها بأنه يأمر بإحضار، صحن ماء وطفل دون سن البلوغ، ويكون قد رضع من ثديي أمه حولين كاملين، ولم يخفه كلب، ثم يقوم بقراءة شيء من القرآن، وبعض الكلمات التي لا تفهم، ثم يسأل الطفل هل رأيت شيئا في الماء، الذي في الصحن فيصف الطفل السارق بالتفاصيل وأين أخفى المسروقات، فما حكم الشرع في مثل هذا، وهل تجوز الصلاة خلفه؟ وهل يجوز لنا أن نقوم بوصله في السراء، والضراء، علما بأننا نصحناه، ولكنه لا يقبل النصيحة، ويقول بأنه على حق؟ (1) ج: هذا من باب التلبيس والخداع والكذب، وإنما هو يستخدم الجن، ويسأل الجن وقد يخبرونه، وقد يطلعون على السارق، ويخبرونه ومثل هذا لا يصلى خلفه، يجب أن يرفع أمره إلى المحكمة، أو إلى الهيئة، أو للإمارة حتى يردع عن هذا العمل؛ لأن هذا من باب دعوى علم الغيب، وذكر الطفل والصبي، كل هذا من   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 386 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 باب التلبيس والخداع، وإنما الحقيقة أنه يسأل الجن، ويستعين بالجن، ويخبر عنهم وقد يغلطون وقد يصدقون. س: إننا في زمن كثرت فيه الخرافات والشعوذة وإن هناك رجلا يدعي أنه يعلم المخفيات مثل السرقة وغير ذلك، والأمر أنه في حالة عجز المواطنين في معرفة أي شيء حصل في البلد فإن العمدة يرسل بعض الأشخاص إلى هذا الرجل؛ ليعرفوا منه ما حدث، وقد يكذب أو يصدق، ولكن المؤسف أنهم يحكمون على الناس بما قال هذا الدجال، ولا يحق لأحد أن يتكلم أو يدافع عن نفسه بعد هذا، نرجو من سماحة الشيخ التوجيه جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا غلط عظيم لا يجوز الاعتماد على الكهنة والمشعوذين والعرافين، بل يجب أن يقضى عليهم عن طريق الدولة، إذا كانت مسلمة تخاف الله، يجب عليها أن تقضي عليهم وأن تلتمسهم، وأن تؤدبهم وتعاقبهم حتى يتركوا هذا العمل، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام «أنه سئل عن الكهان فقال: لا تأتوهم، فقيل له: إنهم قد يصدقون في بعض الشيء، فقال: تلك الكلمة يسمعها الجني من الملائكة إذا استرق السمع، فيقرها في أذن أولئك الكهنة فيصدق   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 164 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 الكاهن والساحر بسبب تلك الكلمة التي سمعت من السماء في كذبهم الكثير، ويقولون: قد قال كذا وكذا، وصدق فيصدقون فيما يكذب فيه من مئات الكذبات (1)» التي لا أساس لها، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام، «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (3)» كما في المسند الصحيح رواه مسلم في صحيحه رحمه الله. وقال عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له (4)». فهؤلاء لا يصدقون ولا يعتمد عليهم، وإذا صمموا وأقروا أنهم يعلمون الغيب، أو يدعون علم الغيب صاروا كفارا بذلك، ومن ادعى أنه يعلم المغيبات يكون كافرا، كما قال الله عز وجل: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (5)، فمن زعم أنه يعلم الغيب فإنه مكذب لله، ومشارك لله فيما اختص فيه سبحانه وتعالى، وهذا كفر أكبر وضلال بعيد، علم الغيب لا يعلمه إلا الله حتى الأنبياء لا يعلمونه، حتى محمد عليه الصلاة والسلام وهو أفضل الخلق لا يعلم الغيب، إلا ما علمه الله إياه، كما قال عز وجل: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (6)،   (1) البخاري الطب (5429)، مسلم السلام (2228)، أحمد (6/ 87). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج18، برقم 355 (5) سورة النمل الآية 65 (6) سورة الأعراف الآية 188 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 وقال جل وعلا: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى} (1) فمن زعم أنه يعلم الغيب من الكهنة وغيرهم فهو كافر ضال ومن صدقه بذلك فهو مثله يكون كافرا مثله، نسأل الله العافية. المقصود أن هؤلاء المشعوذين والكهنة يجب أن يحاربوا وأن يقضى عليهم من جهة الدولة، وأن يؤدبوا وأن يعاقبوا حتى يتركوا هذا الأمر، فإذا أصروا على هذا الباطل وجب قتلهم؛ لأنهم من المفسدين في الأرض، ويجب أن يقاطعوا ويجب على من عرفهم أن يعرف عنهم ولاة الأمور: من الهيئة والمحكمة والإمارة، لا سيما في هذه المملكة التي هي بحمد الله تحكم بالشرع، والواجب على من عرف أحدا من هؤلاء الكهنة والمنجمين والرمالين والمشعوذين أن يرفع أمره إلى الإمارة في بلده أو المحكمة أو الهيئة أو إلى الجميع؛ حتى تبرأ ذمته وحتى يحصل التعاون ولا يجوز التستر عليه، ولا إخفاء أمره بل يجب إعلان أمره وفضيحته؛ حتى لا يضر الناس، وهكذا في اليمن يجب على من عرف ذلك أن يرفعه إلى ولاة الأمر حتى يمنعوه من التعدي على الناس، والكذب عليهم بل يجب على ولاة الأمور في اليمن وفي غيرها أن يقضوا على هؤلاء المشعوذين والرمالين والكهنة،   (1) سورة الأنعام الآية 50 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 وأن يمنعوهم من تعاطي هذه الأعمال القبيحة المنكرة التي فيها تضليل الناس وخداعهم وأخذ أموالهم بالباطل، والكذب عليهم. المقصود أن هذا الواجب على المسلمين أن يتعاونوا فيه في الدول الإسلامية، وفي غير الدول الإسلامية مع المسلمين، في القليات الإسلامية إذا وجد بينهم من يفعل هذا، يتعاونون في نصيحته وفي بيان باطله حتى يرجع إلى الحق والصواب، أما في الدول الإسلامية فالواجب عليهم القضاء عليه، كما يجب على الدول الإسلامية القضاء على كل ما حرم الله من المنكرات الظاهرة وأعظمها الشرك بالله عز وجل، من دعوة أصحاب القبور والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم والذبح لهم كل ذلك يجب القضاء عليه؛ لأنه منكر عظيم وشرك وخيم، وهكذا البدع المنكرة المخالفة لشرع الله يجب القضاء عليها وهكذا وجود الكهنة والمنجمين والمشعوذين يجب القضاء عليهم وإعلان أن الدولة ضدهم، حتى يفضحهم الناس وحتى يرفعوا بأمرهم إلى ولاة الأمور للقضاء عليهم وحماية المجتمع الإسلامي من شرهم ومكائدهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 114 - حكم من يزعم أنه يضع الجمر على لسانه فلا يحرقه س: بعض العامة يقولون: إن سيدي فلانا قد ظهر من قبره نور، وإن سيدي فلانا يضع الجمر على لسانه فلا يحرقه، وإن سيدي فلانا نادى ولده في بلد آخر فسمعه ابنه ولبى النداء، وأن الكاهن فلانا سئل عن بهيمة مسروقة فدل على مكانها، وعندما نقول لهم: بأن هذه من أفعال الشيطان، بعضهم يكذب وينكر ذلك، والبعض يقول أقولا قبيحة. فهل نجتنبهم لأنهم يسخرون من أهل التوحيد ودعاته، أم نجابههم، رغم ما سنتعرض له من أذى وسخرية، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: كل هذا خرافات يجب الإنكار على من فعله، ولا يجوز التساهل في ذلك وعليكم الصبر، وأن يكون الكلام بالحكمة والأسلوب الحسن، لعل الله أن يهديهم بأسبابكم، فإن هذه من شعوذة الشيطان وتزيينه الباطل، خرج من قبر فلان نور، أو أنه كلم أباه في المحل الفلاني وأجاب، أو البهيمة موجودة في محل كذا، هذه من أعمال الشياطين، والشياطين يتناقلون الأخبار ويوصي بعضهم بعضا بالباطل، فلا يجوز الاحتجاج بهم ولا الاغترار بهم، والكهنة هم عباد   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 182 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 الشياطين، لهم أصحاب من الجن يخبرونهم ويخبرون الناس، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (1)»، فلا يجوز تصديق مثل هذه الخرافات، ولا يجوز الأخذ بها، بل يجب إنكارها والتحذير منها، والله المستعان.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 115 - حكم من يدعي الوساطة بين الجن والإنس لعلاج الأمراض المستعصية س: سمعت خبرا بأن هناك امرأة تتعامل مع الجن، وأخبرها الجن بأنها ستكون وسيطة خير بين الجن والإنس لتعالج الأمراض المستعصية في الإنس والتي عجز عنها طب الإنس، والمرأة هي الوسيط والجن يعطون الأدوية، ويعملون العمليات لبني الإنسان، ولكن الإنسان لا يراهم. ما رأي سماحتكم في مثل هذا؟ (1) ج: ليس لهذا أصل ولا يعتمد عليه، فإن أخبار الجن وأخبار العجائز، وأخبار من يخدم الجن لا يوثق بها، ولا يعتمد عليها، ولا يجوز أن يعتمد على قول عجوز أو شيخ أو شاب أو غير ذلك،   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 173 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 ينقل عن الجن أشياء بل يجب أن يحذر منهم، وألا يستخدمهم في شيء؛ لأنهم إذا استخدموه قد يجرونه إلى الشرك بالله عز وجل، إذا كانوا غير مؤمنين وليس المؤمن منهم معروفا معرفة يقينية فقد يكون منافقا، وقد يكون يدس السم في الدسم؛ لأنك لا تعرفهم ولا تخالطهم مخالطة جهرية، وتعرف أحوالهم وأحوال قرنائهم من الأخيار، حتى تعرف الثقة من غير الثقة، فالحاصل أن بيننا وبينهم جهلا كبيرا، وأخلاقا متباينة، وصفات متباينة لا نستطيع معها أن نتحقق ما هم عليه ومن عرفنا منهم بما يظهره من الإيمان ندعو له بالتوفيق وندعو له بالصلاح، ولكن لا نثق به ولا نطمئن إليه في أن نأخذ منه طبا أو غير ذلك، أو نستشيره في شيء أو ما أشبه ذلك فإن هذا قد يفضي إلى دعوى علم الغيب، وقد يبتلى الإنسان بذلك ويظن أن عنده شيئا من علم الغيب بواسطة الجن وقد يدعو إلى ذلك، فيكون ممن قال الله فيهم جل وعلا: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (1). فهو مع الجن على خطر فقد يستخدمونه في الشرك، وقد يستخدمونه في البدع، وقد يستخدمونه في المعاصي فيضر نفسه وهو لا يدري، ويضر غيره وهو لا يدري، فلا تجوز المعاملة معهم في الطب ولا في غيره، بل من عرف منهم أحدا أو اتصل به أحد يدعوهم إلى الله، يعلمه الخير، يدعوه على توحيد الله، وإلى طاعة الله   (1) سورة الجن الآية 6 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 وينصحه أن يعلم من عنده الخير وطاعة الله عز وجل، ولا يطمئن إليه في شيء ولا يطلب منه شيئا للناس؛ لأنه قد ينقل منه شيئا يضر الناس، وقد يعطيه شيئا طيبا ثم يغشه بعد ذلك، فالحاصل أنه على خطر لأنك لا تعلم أحوالهم على اليقين وهم يرونك ولا تراهم ويخفون عنك أشياء كثيرة وقد يدعون الإيمان وهم منافقون وقد يتصلون بك لأغراض أخرى حتى يأخذوها منك ثم يفعلوا بك ما يريدون، فأنت على خطر فالواجب الحذر منهم إلا بالدعوة إلى الله عز وجل، وتبصيرهم بالحق ودعوتهم إليه وإرشادهم. س: توجد امرأة في قرية، وملقبة مصاصة، يذهب إليها الرجال والنساء، وكل واحد يشتكي مرضا في بطنه أو ظهره أو صدره وكل واحد يعطيها مبلغ مائة ريال، وإذا كان المريض يشتكي من بطنه، ترقده على ظهره وتمص بطنه بفمها، يعني تجعل فمها على بطنه وصدره أو ظهره، وتمص مثل المحجم، دون أن تستعمل شيئا بفمها، وبعد ذلك تخرج من فمها حصاة أو عرقا أو غير ذلك، هل هذا الأمر صحيح أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذه المرأة المسؤول عنها يظهر أنها دجالة وأنها تعمل أعمالا   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 12 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 تغر بها الناس؛ ليظنوا أن عندها علما، وأن عندها شيئا خارقا، أو شيئا لا يعرفه الأطباء، فتعمل ما ذكر من مص بطن الرجل ثم إخراج أشياء من فمها كحصى أو نحوه، هذه إما أن تكون تستخدم الجن، وتلعب على أبصار الحاضرين، فتريهم أنها تخرج من بطنه شيئا، وليس هناك شيء، وإنما هو تقمير على عيون الناس، وسحر لأعينهم، كما فعل السحرة في وقت موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون وإما أن تكون تجعل في فمها شيئا عند مجيئها للمريض، من حصى أو غيره وتخرجه عندما تمص بطنه لتري الناس أن هذا شيء خرج من بطنه، والذي نرى في هذه وأمثالها أنه لا يجوز أن يذهب إليها ولا أن تستطب؛ لأن هذه وأشباهها من المشعوذين، وممن يتلاعب على الناس بالكذب، أو باستخدام الجن وتعاطي ما حرم الله عز وجل من الشرك وغيره من المنكرات التي تفعل مع الجن بسؤالهم عن مرض الشخص الذي يراد تطبيبها له، فالحاصل أن هذه المرأة يظهر من عملها هذا أنها دجالة، وأنها متلاعبة، وأنها كذابة أو مستخدمة للجن، فلا يجوز إتيانها، ولا أشباهها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (1)» أخرجه مسلم في الصحيح، وفي لفظ آخر: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (2)» صلى الله عليه وسلم، فهذه وأشباهها من   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 العرافين الذين يكذبون ويتعاطون أمورا لا صحة لها، بل هي أشياء مكذوبة أو مأخوذة عن الجن لتغرير الناس وإدخال السوء عليهم من دون أن يعلموا الحقيقة، والله المستعان. س: حدثت قصة سأرويها لكم، وأريد تفسيرا أو نصحا عن موضوعها، لنا جار له ابنة تبلغ من العمر الثامنة عشرة، مرضت بمرض نفسي وذهب بها إلى الأطباء ولم تستفد شيئا، ثم ذهب بها إلى الكهنة والمشعوذين، وقالوا: إن بها جنا ونحن سوف نخرجه، ولبثت البنت عندهم فترة وجيزة من يوم واحد، وعادت إلى البيت طبيعية ليس فيها شيء، وهي الآن تعيش حالة طبيعية مستقرة في بيت أبيها وجهونا لو تكرمتم جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا قد يقع من الجن وشياطينهم، فقد يتعدون على امرأة أو على رجل بأسباب المرض، فيمرض، ثم إذا فزع إليهم وهرع إليهم ولي المرأة أو ولي الرجل وطلب منهم النجدة ساعدوا في ذلك وأزالوا ما فعلوا من الشر؛ حتى يغروا الناس ويخدعوهم، وحتى يدعوهم بهذا إلى الشرك، وإلى تعظيم الجن والشياطين، واللجوء إليهم ودعائهم والاستغاثة بهم ونحو ذلك، هذا من مكائد الشياطين ومن خبثهم   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 131 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 وأعمالهم الخبيثة، فالواجب على المؤمن ألا يغتر بهذا، وألا يذهب إليهم، وألا يلتجئ إليهم وألا يسألهم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (1)»، «وقال عليه الصلاة والسلام، لما سئل عن الكهان، قال: لا تأتوهم، قال: ليسوا بشيء (2)»، وقال: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (3)»، وقال: «ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له (4)»، ووجود هذا منهم وكيدهم للناس، وهذا العمل منهم ولعبهم لهم، هذا لا يسوغ الذهاب إليهم والمجيء إليهم بل يجب أن يحذروا، وأن يبتعد عنهم، وأن يعالج من أصيب بهذه الأمراض بالعلاج الشرعي بالقراءة التي شرعها الله، فإن القراءة دواء تداوي به المرضى من الجن وغيرهم، يقرأ عليه المؤمن طالب العلم بما تيسر من القرآن ويدعو له، ويزول الضرر بإذن الله، وهذا أمر مجرب، قد فعله الأئمة والعلماء من قديم الزمان وحديثه، ونفع الله بذلك، ولو قدر أنه مات بسبب ذلك، فإنه ما مات إلا بأجله، حيث قدر الله أن يموت بهذا المرض، وبهذا الشيء الذي يتوهمون أنه من عمل السحرة أو الجن، فلا ينبغي لعاقل أن يؤثر حظه العاجل بتوهم الصحة على أيديهم، أو العلاج على أيديهم بما يضره في دينه ويغضب الله عليه   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (2) البخاري الطب (5429)، مسلم السلام (2228)، أحمد (6/ 87). (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج18، برقم 355 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 سبحانه وتعالى، فكونه يلتزم بالأمر الشرعي، والعلاج الشرعي، ولو فرض أنه مات، ما مات إلا بأجله، هذا هو الواجب عليه، وليس له أن يلجأ إلى السحرة أو الكهنة، بزعمه خوفا من الموت كل هذا من أبطل الباطل، ومن أعظم الفساد في الأرض، وأيضا من أعظم المحادة لدين الله، والتعدي لما شرعه الله سبحانه، والله المستعان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 116 - حكم الخط بالحصى س: هل الرسول عليه الصلاة والسلام قال في أحد أحاديثه: إنه كان أحد الأنبياء يخط بالحصى، وهل يجوز الآن فعل هذا الأمر؟ (1) ج: نعم، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان هناك نبي يخط، أما نحن فليس لنا أن نخط؛ لأننا لا نعلم الشيء الذي فعله النبي، فالخطوط الآن التي يفعلها الناس ضرب من الغيب، ولا يجوز تعاطيها ولا فعلها، يعني يجب ترك ذلك.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 328 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 117 - حكم العلاج عند من يستعمل كتب استخدام الجن س: تقول السائلة: أنا امرأة مصابة بالعين منذ ست سنوات، ولم يفد معي أي علاج، والآن أخبرتني امرأة عن رجل لديه بعض العلاج، وأنا أتعالج عنده دون علم زوجي، فما رأي سمحاتكم فيمن يستعمل القراءة وفيها استعمال بفتش الكتاب، ويحتوي هذا الكتاب على جمع الجن وتفريقهم، إذا من أين هذا المرض، هل هو منهم أو من غيرهم، وغير ذلك من علاجات ضدهم، أي طردهم إن كان منهم المرض أو غيرهم، جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا العلاج عند مثل هذا الرجل لا يجوز، وهذا يسمى عرافا ويسمى كاهنا، فلا يجوز المجيء إليه ولا سؤاله ولا العلاج عنده، ولا يجوز لك أن تفعلي هذا حتى لو أذن لك الزوج، فكيف وهو لم يعلم، لا يجوز لك أبدا، حتى لو قال لك الزوج، لم يجز لك طاعته فيما حرم الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (2)» رواه مسلم في الصحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (3)»، «ولما سئل عن العرافين والكهنة؟ قال: لا تأتوهم (4)».   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 194 (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، برقم 23250 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 فالواجب عليك التوبة إلى الله، وعدم المجيء إليه لأنه بهذا العمل كاهن، يستعين بالجن ويعبدهم من دون الله، فإنهم لا ينفعونه ولا يطيعونه إلا إذا تقرب إليهم بالذبح لهم، أو النذر لهم أو دعائهم، أو الاستغاثة بهم أو نحو ذلك وهذا من الشرك الأكبر، فليس لك أن تعالجي عند هذا وأمثاله، وعليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وسؤاله جل وعلا أن يشفيك مما أصابك، ولا مانع من العلاج عند الأطباء المعروفين، وعند الأخيار من الناس الذين يقرءون عليك، وينفثون عليك بالآيات القرآنية والدعوات النبوية، وإذا تيسرت امرأة صالحة، ذات علم تقرأ عليك نفعت إن شاء الله، فإن لم تتيسر فرجل صالح يقرأ عليك، وينفث عليك ولكن لا يخلو بك، بل يقرأ عليك وعندك زوجك، أو أمك أو أختك أو نحو ذلك؛ لأن الخلوة لا تجوز، فلا يجوز للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية التي ليست محرما له، أو يقرأ لك في ماء وتشربينه أو تغتسلين به، كل هذا لا بأس به والحمد لله، وإذا عرفتم من يتهم بالعين تتصلون به، وتطلبون منه أن يغسل لكم، يغسل وجهه ويديه ويتمضمض في الماء، ثم تغتسلين به، وينفع بإذن الله، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «العين حق وإذا استغسلتم فاغسلوا (1)»، يعني إذا قيل لمن يتهم بالعين: اغسل لنا وجهك ويديك فلا يمتنع، يغسل لهم أطرافه فذلك ينفع بإذن الله، إذا صب   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى، برقم 2188 " الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 على المعين كما أمر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، وأما إتيان الكهان والمنجمين ومن يستخدم الجن فلا يجوز أبدا لا من جهة العين ولا من جهة غيرها من الأمراض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 118 - حكم الاعتقاد أن الشرب في آنية معينة فيها شفاء س: يوجد عند بعض الناس في وادي قديد إناء مصنوع من النحاس، ويسمونه طاسة السم، وعندما يمرض إنسان فإنه يذهب إلى من توجد عنده هذه الطاسة ويملؤها بالماء ويشرب ذلك الماء معتقدا أنه يوجد شفاء في هذه الماء ولا سيما إذا كان هذا المرض في المعدة، فقد لاحظت وجود صور محفورة على الإناء وهي للعقرب والحصان والقط والغزال والحمير - أجلكم الله - والحية والثعلب والفيل، والأسد وللرجال وبعض صور أخرى لا أعرفها، وهي جميعها منقوشة نقشا على هذا الإناء، كما توجد أسماء وكتابات مثل الشهيد وهكذا، ما توجيهكم جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذه الطاسة التي أشار لها السائل طاسة منكرة وفيها من   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 89 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 دلائل المنكرات، هذه الصور التي ذكرها السائل، ولا نعلم أن أي طاسة من حديد أو نحاس أو ذهب أو فضة يحصل بها شفاء أمراض المعدة، وإنما هي دعوى يدعيها صاحب الطاسة، وإنما الظاهر والله أعلم أنه يستخدم الجن، ويعمل شعوذة يزعم بها أنه يعالج حتى يأخذ أموال الناس بالباطل، حتى يغرهم بأنه يعالجهم بهذه الطاسة، فالواجب أن تصادر هذه الطاسة، وأن يعالج الأمر بتأديب صاحبها ومعرفة الحقيقة التي يتعاطاها حتى يقام عليه ما يستحق من التعزير، وهذا واجب على المسؤولين قي قديد، الأمير والقاضي والهيئة يجب أن يرفع الأمر إلى المحكمة والهيئة والإمارة؛ حتى يقوموا بما يجب في هذا الموضوع، ولا يجوز السكوت عن صاحب هذه الطاسة؛ لأن عمله منكر لا وجه له من الشرع، وعليك أيها السائل أن تقوم بهذا الأمر، أنت وإخوانك العارفون بهذا الأمر، حتى تخلصوا بلدكم من هذا المنكر، وحتى يقضى على هذه المفسدة وهذا الشر بأسبابكم إن شاء الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 باب ما جاء في التطير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 باب ما جاء في التطير 119 - حكم التشاؤم بالمسكن س: هناك أناس لهم منزل، كانوا في خير، ثم تعاقبت عليهم الحوادث في هذا المنزل حتى تشاءموا منه وقاموا ببيعه. ومن ضمن تلك الحوادث فتن حصلت لهم وانتحار بعض أفراد الأسرة، هل هذا من التشاؤم؟ وجهوا الناس جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس هذا من التشاؤم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «الشؤم في ثلاث: في البيت والدابة والمرأة (2)»، قد يكون الشؤم في هذه الثلاث، وفي لفظ آخر: «إن كان الشؤم في شيء، ففي ثلاث ثم ذكرها (3)» هذا يدل على أنه يقع، قد تكون بعض النساء   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 176 (2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الطيرة، برقم 5753، ومسلم في كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، برقم 2225 (3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة، برقم 5094، ومسلم في كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، برقم 2225 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 مشؤومة على زوجها، فإذا ظهر منها ما يدل على شؤمها في سوء أخلاقها معه، وسوء سيرتها معه أو ترادف الحوادث عليه لما تزوجها، من خسارة وكساد في تجارته، أو فساد في مزرعته، وتلف في مزرعته تتابع عليه أو ما أشبه ذلك، فلا مانع من طلاقها، وهكذا الدار إذا توالت عليه الحوادث فيها، وسوء الأحوال فيها والأمراض عليه وعلى أولاده، فلا بأس بالانتقال عنها والاستئجار لغيرها أو بيعها؛ لهذا الحديث الصحيح. وهكذا الدابة من ناقة أو فرس ونحو ذلك، إذا لم ير فيها فائدة، ورأى منها شرا كمن توالت عليه حوادث بأسبابها، فلا بأس أن يبيعها ويستبدلها حسب نص الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 120 - حكم التشاؤم بيوم الجمعة إذا وافق يوم عيد س: سائل من السودان يقول: هنالك عدة تناقضات وتشاؤم في يوم الجمعة، عندما تقع يوم عيد، ما هو السبب في هذه التشاؤمات والتردد، مع أن كل الأيام هي أيام الله أرجو إفادتي؟ (1)   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 94 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 ج: هذه الأشياء التي أشرت إليها إنما تكون عن جهل، وقلة بصيرة ولا أعلم فيما بلغني عن البلدان، التي بلغنا عنها سيرة أهلها، أنهم يتشاءمون بالجمعة، الجمعة يوم فاضل، يوم محبوب عند المسلمين، فيه اجتماعهم، وإذا صادف مع يوم العيد صار عيدا مع عيد، فكيف يكون التشاؤم، هذا شيء غريب، فإذا كان وقع عند السائل في بلاده، فهذا يدل على جهل من الذين وقع منهم، وقلة بصيرة، فيوم الجمعة يوم عيد، فإذا صادف يوم عيد الفطر، أو يوم عيد الأضحى، فقد اجتمع عيدان فالمطلوب: الفرح بهما، والسرور بهما، وعمل ما شرع الله فيهما، أما التشاؤم في ذلك، فهذا شيء منكر ولا وجه له ولا سبب له، فهما يومان عظيمان فاضلان، اجتمع فيهما خير عظيم، وفيهما اجتماع على طاعة الله وعبادته، وسماع الخطبة فأي وجه لهذا التشاؤم؟ لا وجه لذلك بل هو أمر باطل وأمر منكر لا وجه له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 121 - حكم التشاؤم بشهر صفر س: أحسن الله إليكم في الحديث: «لا عدوى ولا طيرة (1)» يتشاءم الناس من بعض الشهور، كشهر صفر، هل له أصل؟ (2) ج: قال صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر (3)» فصفر مثل بقية الشهور، لا يجوز التشاؤم به، قد أبطل التشاؤم به النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر (4)» الهامة: طائر يتشاءم به أيضا في الجاهلية، يزعمون أنه إذا صاح على البيت، هلك أهله وهو باطل، وصفر الشهر المعروف، كان بعضهم في الجاهلية يتشاءمون به، فأبطل النبي هذا، وبين أنه مثل بقية الشهور، ليس فيه شؤم، والطيرة معروفة، التطير بالمرئيات، والمسموعات، كان أهل الجاهلية يتطيرون بالغراب أو بغيره، فأبطل النبي هذا وقال: «لا طيرة (5)».   (1) البخاري الطب (5425)، أبو داود الطب (3911)، أحمد (2/ 434). (2) السؤال الرابع من الشريط رقم 411 (3) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا صفر وهو داء يأخذ البطن، برقم 5717، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، برقم 2220 (4) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5717، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء. . .، برقم 2220 (5) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5717، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء. . .، برقم 2220 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 122 - بيان معنى حديث: "لا عدوى ولا طيرة" س: ورد في الحديث الصحيح قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل (1)» ماذا يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: " لا عدوى " أهي عدوى المرض نرجو التوضيح؟ (2). ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ويعجبني الفأل "، قيل يا رسول الله: وما الفأل؟ قال: " الكلمة الطيبة (3)» فقد كانت العرب تعتقد العدوى، ويقولون: إنه إذا خالط المريض الأصحاء، أصيبوا بمثل مرضه، وقالوا للنبي: «يا رسول الله، الإبل تكون كذا وكذا فيخالطها البعير الأجرب فتجرب، فقال عليه الصلاة والسلام: " فمن أعدى الأول: لا عدوى ولا طيرة (4)»، والمعنى نفي العدوى التي يعتقدها الجهال من المشركين، وأن المرض كالجرب ونحوه يعدي بطبعه، هذا باطل، أما كون الخلطة تؤثر، فهذا ما نفاه النبي صلى الله عليه وسلم، الخلطة قد تؤثر، قد ينتقل المرض من المريض إلى الصحيح، بسبب الخلطة بإذن الله جل وعلا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:   (1) البخاري الطب (5425)، أبو داود الطب (3911)، أحمد (2/ 434). (2) السؤال الثالث من الشريط رقم 411 (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، برقم 2224 (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رقم 9329 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 «لا يورد ممرض على مصح (1)» يعني لا يورد صاحب الإبل المراض على صاحب إبل صحاح، من باب تجنب أسباب الشر، وقال: «فر من المجذوم فرارك من الأسد (2)»، هذا من أسباب اجتناب الشر، فالعدوى التي يعتقدها الكفار باطلة، وهو كون المرض ينتقل بنفسه، ويعدي بطبعه من دون قدر الله، ولا مشيئته هذا باطل، أما كون المرض ينتقل من المريض إلى الصحيح بإذن الله، فهذا قد يقع، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فر من المجذوم فرارك من الأسد» يعني لا تجالسه، قد ينتقل مرضه إليك، وقال: «لا يورد ممرض على مصح»، يعني إذا ورد الجميع الماء. فالممرض صاحب الإبل المراض، لا يوردها مع صاحب الإبل الصحاح، بل يكون هذا له وقت، وهذا له وقت، بعدا عن العدوى، وبعدا عن انتقال المرض من المريضة إلى الصحيحة. والخلاصة: أن الشريعة جاءت باجتناب أسباب الشر، مع الإيمان بأن الأمور بيد الله، وأنه لا يقع شيء إلا بقضائه وقدره سبحانه، فاعتقاد المشركين أن العدوى تنتقل حتما بنشرها وطبعها هذا باطل، أما كونه ينتقل بإذن الله، إذا شاء فهذا واقع، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأسباب   (1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5771 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9429 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 الوقاية، وقال: «لا يورد ممرض على مصح (1)»، «وفر من المجذوم فرارك من الأسد (2)» مع أنه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد المجذوم، وأكل معه وقال: «كل بسم الله، ثقة بالله (3)»؛ ليبين أن الأمور بيد الله سبحانه وتعالى وأن الله هو الذي يقدر الأمور، فإذا اجتنب مخالطة المجذومين، هذا هو المشروع بعدا عن الشر، ولو فعل ذلك وأكل معهم، لبيان أن الأمور بيد الله، وليتضح للناس أن المرض لا يعدي بطبعه، وإنما ينتقل بقدر الله، إذا فعل هذا بعض الأحيان، لإبطال العدوى التي يعتقدها الجاهليون، هذا حسن كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن الواجب الأخذ بالأسباب فالإنسان يبتعد عن أسباب الشر، ويحذر أسباب المرض، ولا يعرض نفسه للخطر، ومع هذا يعتمد على الله ويتوكل عليه، ويعلم أن الأمور بيده سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (4)، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (5) ولكن مع اجتناب أسباب الشر، فلا يخالط المرضى الذين قد جرت العادة بإذن الله، أن مرضهم ينتقل ولا يخالط أهل الشر؛ لأنه قد   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الأكل مع المجذوم، برقم 1817. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9429 (3) الترمذي الأطعمة (1817)، أبو داود الطب (3925)، ابن ماجه الطب (3542). (4) سورة المائدة الآية 23 (5) سورة الطلاق الآية 3 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 يصيبه ما أصابهم من الشر فيفعل أفعالهم، ويحرص على صحبة الأخيار؛ لأن ذلك من أسباب أن يتخلق بأخلاقهم، ولا يأكل الأشياء التي يعلم أنها قد تضر، وما أشبه ذلك. س: الأخ: ر. س. س. يسأل ويقول: قرأت في كتاب التوحيد، هذا الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر (1)» السؤال: ماذا يقصد صلى الله عليه وسلم بقوله: لا عدوى؟ والعلم الحديث قد أثبت أن كثيرا من الأمراض تنتقل بالعدوى. وضحوا لي هذا الأمر، جزاكم الله خيرا؟ (2) ج: الحديث المذكور صحيح، أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، زاد مسلم: «ولانوء ولا غول (3)» في الحديث أيضا: «ويعجبني الفأل " قيل يا رسول الله ما الفأل؟. قال: " الكلمة الطيبة (4)» فالعدوى: التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم، هي ما يعتقده أهل الجاهلية من الكفرة، أن الأمور تعدي بطبعها من دون قضاء الله وقدره سبحانه، وأن   (1) البخاري الطب (5425)، أبو داود الطب (3911)، أحمد (2/ 434). (2) السؤال الثالث من الشريط رقم 280 (3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الطب، باب لا عدوى، برقم 5776، ومسلم في كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم، برقم 2224 (4) البخاري الطب (5440)، مسلم السلام (2224)، الترمذي السير (1615)، أحمد (3/ 178). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 انتقال الجرب أو الجذام من شخص إلى شخص، أو من دابة إلى دابة، أن هذا طبعي، لا دخل لقدر الله في ذلك، ولا لفعله إياه سبحانه وتعالى، هذا باطل. فلا انتقال من عين إلى عين في الجرب وغيره إلا بإذن الله وقدره السابق، وحكمته سبحانه وتعالى، ولهذا لما قال بعض أهل البادية، لما سمع: «لا عدوى " قال: يا رسول الله الإبل كثيرة، يكون فيها البعير الأجرب، فتجرب كلها. قال صلى الله عليه وسلم: " فمن أعدى الأول (1)» يعني من الذي أنزل الجرب بالأول، الله هو الذي أنزله، بحكمة بالغة. فالذي أنزله بالأول، هو الذي أنزله بالبقية، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لا يورد ممرض على مصح (2)» يعني لا يورد صاحب إبل مراض إبله على صاحب الإبل الصحاح، لأن هذا وسيلة لانتقال المرض، وقال عليه الصلاة والسلام: «فر من المجذوم فرارك من الأسد (3)»؛ لأن الجذام ينتقل، وهذا معناه إقرار الانتقال للمرض بالعدوى لكن ليس العدوى التي تقولها الجاهلية، بل ينتقل بإذن الله عند المخالطة، قد ينتقل عند المخالطة. إذا خالط الأجرب الصحيح،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا صفر وهو داء يأخذ البطن، برقم 5717 (2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5771، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، برقم 1222. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9429 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 والمجذوم الصحيح، قد ينتقل. وهكذا الأمراض الأخرى عند الاختلاط قد ينتقل، وقد لا ينتقل، هو ليس بلازم. لكن إذا أبعد الصحيح عن المريض، يكون هذا هو الأفضل، هذا نهي من النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يورد ممرض على مصح (1)» وقال آمرا: «فر من المجذوم فرارك من الأسد (2)» فالمعنى أبعدوا المريض عن الصحيح، إذا كان يخشى منه العدوى، لا يخلط هذا مع هذا، فهذا معناه تجنب الأسباب التي تسبب انتقال المرض، ولكن ينبغي اعتقاد أنه لا عدوى، بطبعها وأن انتقاله إذا انتقل، ليس لأنه يعدي بطبعه، وأنه ليس بإذن الله ولا بمشيئة الله، بل ينتقل، لكن بمشيئة الله، وبإذنه، وقدره سبحانه وتعالى، لا أحد يستطيع أن ينقل شيئا إلى شيء إلا بإذن الله وقدره، لا حيوان ولا إنسان ولا مثل ذلك، كل شيء بقضاء وقدر. يقول النبي صلى الله عليه وسلم «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (3)»، ويقول الله في كتابه العظيم: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} (4)، ويقول جل وعلا: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (5)، المقصود أن الله سبحانه قدر الأشياء كلها، الصحة، والمرض، والسفر، والإقامة، والولد، ذكرا كان أو أنثى،   (1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب كل شيء بقدر، برقم 2655 (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9429 (3) مسلم القدر (2655)، أحمد (2/ 110)، مالك الجامع (1663). (4) سورة الحديد الآية 22 (5) سورة القمر الآية 49 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 والحياة، والموت، وغير ذلك. كلها بأقدار ماضية من الله عز وجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله قدر مقادير الخلائق، قبل أن يخلق السماوات والأرض، بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء (1)»، فالأمور كلها مقدرة. فكون هذا البعير يمرض، أو هذا الفرس، أو هذا الإنسان، كله بقدر، وكون هذا الصحيح يخالط المريض، فيصاب بمرضه، هذا بقدر، وليس بلازم قد يقع، وقد تكون الصحيحة مع الجرب ولا تجرب، وقد يكون إنسان مع المجذوم ولا يصاب بالجذام، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخذ بيد مجذوم وهو يأكل، فقال: «كل بسم الله، ثقة بالله (2)» ولم يجذم عليه الصلاة والسلام، فالإنسان إذا خالطهم، في بيان أن الله جل وعلا هو المقدر، وليعلم الناس أن هذا ليس بمشيئة العدوى، ولكن بمشيئة الله، فيفعل ذلك حتى يعلم الناس أن هذه الأمور بقضاء الله، فهو سبحانه الجواد الكريم، الذي يصونه ويحفظه حتى يعلم الناس الحقيقة، التي بينها رسوله صلى الله عليه وسلم، والخلاصة أنه لا عدوى على طريقة الجاهلية، يعني لا عدوى بالطبع، ولكن قد تقع العدوى وهي الانتقال، قد تقع بمشيئة الله وإذنه، بسبب الاختلاط بين المرضى والأصحاء، في بعض الأحيان.   (1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653 (2) الترمذي الأطعمة (1817)، أبو داود الطب (3925)، ابن ماجه الطب (3542). الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 123 - حكم الاعتقاد في البروج والنجوم س: أرى في بعض المجلات، أنه من ولد في برج كذا فسيكون له ما هو كذا وكذا، أو سيكون عليه ما هو كذا وكذا، ما هو توجيهكم للمسلمين حيال ذلك جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: هذا كله باطل لا أصل له، بل هو من الطيرة المنكرة، والمذمومة والتشاؤم المنهي عنه، فالحاصل أنه لا خصوصية لبرج كذا أو نجم كذا، لأن من ولد في نجم كذا، وبرج كذا صار له كذا وكذا، كل هذا باطل.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 270 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 باب ما جاء في التنجيم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 باب ما جاء في التنجيم 1 - بيان حكم التنجيم س: أنا شاب متزوج، وقد أصابني مرض شبيه بالجنون، فأنا دائم القلق والتشنج وكثير الوساوس وأعيش بين أسرة تؤمن بالتنجيم والتطير ولذلك فقد أشاروا علي أن أطلق زوجتي فهي السبب في كل ما أصابني؛ لأن نجمها نحس كما يقولون، ولا يزول مرضه إلا بفراقها، وطمعا في الشفاء فقد نطق بطلاقها بالثلاث، وليس عنده أحد، ولا حتى زوجته، ولم يخبر أحدا بذلك؛ خوفا من خروجها من بيته، وعدم عودتها إليه، وبقيت مدة عنده إلى أن وضعت مولودا، فقد سألت عن هذا فقيل لي: عليها عدة بعد أن تخبرها ثم تسترجعها، ومضى إلى الآن أربع سنين، وقد سألت أيضا آخر فقال: ليس عليك طلاق، وليس عليها عدة، ولكن تب إلى الله. فأرجو إفادتي عما يترتب على هذا الطلاق والزوجة لا زالت عندي في البيت، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 وحالتي الصحية كما هي، لم أستفد شيئا من فعلي ذلك، وما هي نصيحتكم لمن يعتقد الصحة والنفع في مثل تلك الأعمال؟ (1) ج: إن التنجيم أمر منكر، وهو من شعب السحر، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد (2)» والتنجيم محرم عند أهل العلم إجماعا، وهو اعتقاد أن النجوم لها أثر في الحوادث، من صحة ومرض، وفقر وغنى أو غير ذلك، بل هذا من أوهام المنجمين، فإن هذه النجوم خلقها الله زينة للسماء، ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها في البر والبحر، وليس لها أثر فيما يتعلق بالحوادث، لا في الصحة ولا المرض، ولا في الغنى، ولا في الفقر، ولا في نزول المطر ولا في غير ذلك، وإنما هي أوهام باطلة من أصحابها لا أساس لها من الصحة، ولا يجوز للمسلم أن يأتي المنجمين، ولا أن يسألهم لا المنجمين، ولا الرمالين، ولا جميع الكهنة والعرافين، الذين يدعون بعض علوم الغيب بهذه الأشياء، فيجب هجرهم وتأديبهم، والقضاء عليهم من جهة ولاة الأمور، حتى لا يضروا الناس، ولا يضلوهم،   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 51. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس رضي الله عنهما، برقم 2836. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 ، ولا يجوز سؤالهم، ولا تصديقهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يوما (1)» والعراف هو المنجم والرمال والكاهن ونحوهم، ممن يدعي علم بعض المغيبات، بالطرق التي سلكها، بالطرق الشيطانية: من تنجيم أو ضرب بالحصى، أو أشباه ذلك، من طرقهم الفاسدة، وقال عليه الصلاة والسلام أيضا: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (2)» عليه الصلاة والسلام. فأخبارهم باطلة، ولا يجوز سؤالهم، ولا تصديقهم وعلى من فعل هذا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والإنابة إليه، والندم على ما مضى، وعدم العود إلى ذلك، أما هذا الرجل المطلق فإن كان عقله معه، فإنه يقع الطلاق، لكن يكون واحدة؛ لأن الصحيح من أقوال العلماء أن الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة، كتابة أو لفظا لا يقع به إلا واحدة؛ لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس، أن الطلاق كان على عهد رسول الله طلاق الثلاث واحدة، وهكذا على عهد الصديق، وعهد عمر في أول خلافته، ثم إن عمر رضي الله عنه أمضى ذلك، أمضى الثلاث، فقال: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلأمضينه عليهم. فأمضاه عليهم. أما في عهده صلى الله عليه وسلم،   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 فإن الثلاث بلفظ واحد تعتبر واحدة، لكن إن كان عقله غير مستقيم بسبب ما أصابه، وعرف الثقات العارفون به أن مثله يعتبر معتوها، فإنه لا يقع منه طلاق، أما إن كان عقله مضبوطا، والمرض لم يؤثر على عقله، فإنه يقع على زوجته طلقة بهذا الطلاق، ويكون بقاؤها عنده من غير رجعة غلطا منه، ويعتبر جماعه لها مراجعة لها، إذا كان أراد بمجامعتها مراجعتها وردها إليه، فإن الجماع على الصحيح يكون مراجعة لها مع النية، أما من غير نية فهذا فيه خلاف قوي بين أهل العلم، ولعل الصواب أنه يتم بذلك الرجعة لجهله بذلك، فيكون راجعها بالجماع حال حملها، وتكون زوجة له، ويكون مضى عليها طلقة، تعتبر هذه طلقة واحدة، أما إن كان لم يراجعها، ولا اتصل بها حتى الآن فإنها بوضعها الحمل قد خرجت من عدته، ومضى عليها طلقة وله أن يعود إليها بنكاح جديد ومهر جديد، كخاطب من الخطاب، كأنه أجنبي يخطبها لنفسه، فإذا وافقت فإنه يتزوجها بزواج جديد؛ لكونها خرجت من العدة بوضع الحمل، هذا إذا كان ما جامعها بعد الطلاق، أما إن كان جامعها بعد الطلاق فإنه يعتبر رجعة لها، وتبقى عنده على طلقتين، ومضى عليها طلقة، إذا كان ما طلقها قبل ذلك، سوى هذه الطلقة. نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 2 - حكم التحدث عن وقت وقوع الكسوف والخسوف س: أحيانا يقول العلماء: سيحدث كسوف أو خسوف يوم كذا أو كذا، شهر كذا في منطقة كذا، الساعة كذا. ويتحقق ما يقولون، هل هذا من العلم بالغيب، أم لا؟ وفقكم الله. (1) ج: ليس التحدث عن وقت الكسوف والخسوف من علم الغيب، إنما هذا من علم الحساب، كثير من أصحاب الفلك يعرفون هذا الشيء، بمراقبة سير الشمس والقمر في منازلهما، فإذا صار في الشمس ميزة معينة، أو القمر قد عرفوا بالحساب أنها تكسف بإذن الله في ذلك الوقت، هذا من علم الحساب، وليس من علم الغيب، بل هذا حساب دقيق، يعرفه أصحاب الفلك بالنظر في سير الشمس والقمر، وقد يكون ذلك، وقد يغلطون، فقد يغلطون في بعض الأحيان، وقد يصيبون، قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: إن أخبارهم من جنس أخبار بني إسرائيل، لا تصدق، ولا تكذب، فقد يقولون: تكسف الشمس في كذا، ثم لا يقع، وقد يقع ذلك ويكون قد ضبطوا الحساب. فالحاصل أن أخبارهم قد يعتريها الخطأ والغلط، فلا يصدقون، ولا يكذبون، ولكن ينظر فيما أخبروا عنه، فإن وقع الكسوف شرع للناس ذكر الله عند الكسوف، واستغفاره والصلاة والصدقة وإعتاق الرقاب، وذكر الله   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 39. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 وتكبيره سبحانه وتعالى، لأن الرسول أمر بذلك، قال: «إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله، ودعائه واستغفاره (1)» وقال: «إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا (2)»، وأمر بالتكبير، وأمر بإعتاق الرقاب، هذا كله سنة ومشروع، وثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، أما أخبار الحسابين فإنها ليست من علم الغيب، لكنها تخطئ وتصيب، قد يغلطون، وقد يصيبون.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الذكر من الكسوف، برقم 1059، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف الصلاة جامعة، برقم 912. (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة في كسوف الشمس، برقم 1040، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف، الصلاة جامعة، برقم 911. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 باب ما جاء في التوكل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 باب ما جاء في التوكل 3 - بيان حقيقة التوكل س: السائل: أ. أ. مصري مقيم بالمنطقة الشرقية، يقول: أود أن أتعرف على حقيقة التوكل على الله، ما حقيقة التوكل على الله؟ (1) ج: حقيقة التوكل على الله هو الاعتماد عليه، سبحانه وتعالى في كل شيء، تعلم أنه مقدر الأمور ومسبب الأسباب، وأن كل شيء بقضائه وقدره، وتعمل الأسباب، تصلي وتصوم، وتعمل الأسباب متوكلا على الله جل وعلا في حصول المطلوب، من دخول الجنة والنجاة من النار، من ثمرة الزرع، ونتاج الحيوان، وربح التجارة، تعمل تأخذ بالأسباب الشرعية التي شرعها الله، وتعمل معتمدا على الله جل وعلا، ومتوكلا عليه في حصول النتيجة المطلوبة، من قبول العمل ومن نجاح الزراعة، ومن نجاح التجارة، إلى غير ذلك، تعمل وأنت تعلم أن كل شيء بيده سبحانه، وأنه مسبب الأسباب، ولكنك   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 404. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 تأخذ بالأسباب الشرعية، والمباحة، معتمدا على الله، راجيا منه أن يسدد خطاك، وأن ينفع بأسبابه. ... س: يقول السائل: ما هي حقيقة التوكل؟ وهل التوكل على الله يكون بالإلحاح بالدعاء، مع كثرة الاجتهاد في فعل الصالحات؟ (1) ج: التوكل على الله هو الاعتماد عليه، والتفويض إليه في أمورك كلها، مع العمل، تفوض أمورك إلى الله، وتعلم أنه سبحانه العالم بحالك، وأن كل شيء بيده، وأنه إن لم يعنك لم تنفع أعمالك، ولم تستطع أن تعمل فتعتمد عليه جل وعلا، كما قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (2)، تعتمد عليه في إعانتك وفي قبول عملك، وتسأله العون والتوفيق والقبول، وهكذا مع فعل الأسباب، تعتمد على الله، وتسأله العون والتوفيق مع البدار بالسبب، مع الجد في العمل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز (3)».   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 432. (2) سورة المائدة الآية 23 (3) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة، برقم 266. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 4 - بيان أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل س: تقول السائلة: أقرأ في القرآن الكثير من الآيات التي تحث على التوكل على الله، أسأل كيف يكون هذا التوكل في حياتنا، مع رجاء ضرب أمثلة لذلك؟ (1) ج: التوكل من أهم الواجبات على المؤمن، والله يقول سبحانه: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (2) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (3) ويقول جل وعلا: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (4) التوكل من أهم العبادات، ومن أوجب العبادات، وهو التفويض إلى الله، والاعتماد عليه، والثقة به سبحانه، مع تعاطي الأسباب، تعلم أنه مسبب الأسباب، وأنه مصرف الأمور، وأن كل شيء بيده، جل وعلا، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، هو النافع الضار، هو المعطي المانع، ولكنك مع هذا تأخذ بالأسباب التي تفيدك، فتأكل عند الجوع، وتشرب عند الظمأ، وتتزوج، وتكسب الكسب الحلال، بالبيع والشراء أو بغير ذلك، لا تعطل الأسباب، وأنت مع هذا متوكل على الله، تعلم أنه لن يصيبك إلا ما قدر الله لك، وأنك لن تنجح إلا بتوفيقه وتيسيره سبحانه وتعالى، فتأخذ بالأسباب، وتعمل بالأسباب مع الثقة بالله والاعتماد   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 255. (2) سورة المائدة الآية 23 (3) سورة الطلاق الآية 3 (4) سورة إبراهيم الآية 12 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 عليه، فتعالج المريض، وأنت متوكل على الله، تعلم أنه هو الذي يشفي المريض، تعالجه تذهب به إلى الطبيب، تفعل ما قال الطبيب من إعطائه دواء، أو كيه أو حمية، أو ما أشبه ذلك، تبيع وتشتري وأنت متوكل على الله في ذلك، تعلم أنه لن يحصل لك إلا ما كتب الله لك، تؤجر ما عندك من العمارات، على من يرغبها منك لتنتفع بالأجرة، تسقي حرثك، تسقي دوابك، تعلفها حتى تستفيد منها، وأنت متوكل على الله في كل شيء، يعني تأخذ بالأسباب في كل شيء، مع الثقة بالله والاعتماد عليه، وأنه هو مسبب الأمور ومصرفها، وهو النافع الضار، المعطي المانع، وأنت إنما تفعل الأسباب المأمور بها، كما أنك تسافر إلى الحج، وإلى العمرة وللتجارة، أخذا بالأسباب وأنت تعلم أن الله سبحانه هو المسبب، وهو الذي بيده إيصالك إلى الحج، وبيده إعانتك على مناسك الحج، وبيده إعانتك على مقاصد التجارة، والرجوع من السفر، إلى غير ذلك. ... س: السائلة: ف. أ. ي. من الأردن تقول: هل من أساس التوكل على الله عدم الاستعانة بالآخرين لقضاء أمور الدنيا؟ (1) ج: التوكل على الله معناه الاعتماد عليه، والأخذ بالأسباب الشرعية لهذا وهذا، فالتوكل على الله التفويض إليه، والاعتماد عليه، والإيمان به، وأنه مدبر الأمور وقاضي الحاجات سبحانه وتعالى،   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 412. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 ولكن مع هذا يأخذ بالأسباب، فالتوكل يجمع الأمرين: الاعتماد على الله، ثم الأخذ بالأسباب، فيعتمد على الله ويأكل ويشرب ويتزوج، يجامع أهله لطلب الولد، ويسافر لحاجات التجارة، ولا بأس: يتوكل على الله، ويستعين بإخوانه في إصلاح سيارته، في إصلاح مزرعته، في بناء بيته، لا بأس بهذا. فالتوكل يجمع الأمرين، كما قال صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز (1)»، فأمر بالحرص على ما ينفع، وأمر بالاستعانة بالله، فالتوكل أن تستعين بالله وتعتمد عليه، تعلم أنه سبحانه مصرف الأمور، ومدبر الأمور، وأن ما دبره وقضاه وشاءه كان، ومع هذا تأتي بالأسباب تحرص على ما ينفعك، تبيع تشتري، تحرث الأرض، تسافر للتجارة، تستعين بأخيك في إصلاح السيارة في المزرعة، كل هذا لا بأس به. ... س: أرجو أن تتكرموا بشرح بعض المعاني بالتفصيل، ليطبقها الإنسان في حياته تطبيقا عمليا، مثل التوكل على الله (2). ج: التوكل على الله معناه: التفويض إليه والاعتماد عليه سبحانه، فهو يخرج من بيته متوكلا على الله، يصوم متوكلا على الله، يصلي   (1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة، برقم 266. (2) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 409. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 متوكلا على الله، يعتمد عليه في أدائه هذه الأمور لا على نفسه، ولا على زيد ولا عمرو، بل هو يصلي ويتوكل على الله أن الله يعينه على أدائها، يصوم ويتوكل على الله أن الله يعينه على أداء الصيام، يخرج يبيع ويشتري يتوكل على الله أن الله ينفع بأسبابه، يستدين ويتوكل على الله أن الله يعينه على أداء الدين، يخرج إلى الحج وهو يتوكل على الله أن الله يعينه على أداء الحج، وهكذا يستعين الله في كل أموره، ويتوكل عليه، بل مع فعل الأسباب مع تعاطي الأسباب التي شرعها الله وأمره بها. ... س: ن. ع. ح: من القصيم، تقول: إنها امرأة متزوجة، وعندها ثلاثة من الأطفال، ومدرسة وتحمد الله على ذلك، المشكلة عند دخولها إلى المدرسة ينتابها شيء من الخوف، وهذا الخوف يتحول إلى وسوسة حيث تقول: لا أستطيع أن أتكلم مع زميلاتي وعندما أتكلم مع إحداهن أشعر بالخجل والخوف الشديد، ولا أستطيع أن أرد كلمة واحدة، وأنا أشكو إلى الله قبل كل شيء ثم لكم أن توجهوني إلى الأمر الذي يفرج عني بالدعاء الخالص وأن يزيد إيمانا إلى إيماني جزاكم الله خيرا، وما سبب ذلك مأجورين؟ (1) ج: هذا الكرب الذي يصيبك كله من الشيطان، فالواجب التعوذ   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 409. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 بالله من الشيطان الرجيم، والثقة بالله والاعتماد على الله وسؤاله التوفيق والإعانة، هكذا يجب عليك وعلى أمثالك، أن يكون عندك القوة والنشاط، والهمة العالية، والتوكل على الله، وأن تسأله سبحانه أن يعينك وأن يثبت قلبك على الهدى، وأن يعينك على أداء الواجب وعلى تعاطي ما شرعه وعلى ترك ما نهى الله عنه، وإذا صدقت يسر الله أمرك هم نساء مثلك، يجب ألا تهتمي بهذا الأمر، وأن يكون عندك القوة والنشاط في الدروس، وفي السلام، وفي التحدث مع زميلاتك ونحو ذلك واضرعي إلى الله أن يعينك على هذا، وأن يثبت قلبك ولسانك على الحق، وأن يعينك على كل خير، وأن يمنعك من نزغات الشيطان، وعليك أن تحذري هذه الوساوس، وإذا أحسست بشيء من هذا، قولي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان، ويزول هذا الأمر إن شاء الله، كل هذا من الشيطان، فأنت عليك الصدق في اللجوء إلى الله وسؤاله التوفيق والإعانة والعافية من كل سوء، وعليك مع هذا التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والجد في هذا والتكرار، نسأل الله لك التوفيق والهداية، ونسأل الله لك العافية من كل سوء. ... س: سماحة الشيخ: تشكو الكثير من الأخوات من الوسوسة في الصلاة والطهارة، البعض منهن تجلس ما يقارب من نصف ساعة في الحمام، تعيد وتكرر الوضوء، ما العلاج الناجح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 في ذلك، سماحة الشيخ؟ (1) ج: هذا من الشيطان، الواجب الحذر من وساوسه والصدق في ذلك، وسؤال الله العافية بصدق، وبذلك يزول هذا الوسواس، لا في الصلاة، ولا في الطهارة، الواجب على المصلي أن يعرض عن هذه الوساوس رجل أو امرأة، وأن يتعوذ بالله من الشيطان ولو في الصلاة، ولما «اشتكى عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا"، فقال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني (2)». فوصيتي للجميع من الرجال والنساء التعوذ بالله من الشيطان من هذا الوسواس، عند الصلاة، أو في الطهارة أو في الطواف، أو في غير ذلك، يكون عند الرجال وعند المرأة القوة والنشاط والهمة العالية، والتعوذ بالله من الشيطان وسؤال الله الإعانة والتوفيق والثبات على الحق والعافية من نزغات الشيطان، ويتفل عن يساره ثلاث مرات، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، إذا أحس بهذا الشيء، وإذا صدق مع الله في التعوذ، وسأل الله العافية، أعاذه الله وكفاه شر عدوه، وأورده الصباح   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 409. (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة برقم 2203. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 والمساء لها الأثر في ذلك، يكثر من الأوراد التي فيها الدعاء وسؤال الله العافية من كل سوء، وسؤال الله العافية من الشيطان، سؤال الله الهداية والسداد، فالأوراد لها أثرها العظيم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 5 - الأخذ بالعلاج أفضل من تركه س: حقيقة التوكل على الله، منها: الأخذ بالأسباب، ولكن سمعت بعض المشايخ يقول: لو أن الإنسان أصيب بمرض، ولم يستعمل الدواء لكان أجره أعظم من الذي استعمل الدواء، ولا يصبر على الألم. ما رأي سماحتكم في ذلك؟ (1) ج: الصواب أن العلاج أفضل، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وقد عالج النبي صلى الله عليه وسلم، وعالج الصحابة، وهم أفضل الناس، فالمريض إذا ترك الدواء فلا حرج عليه، ولكن لو عالج فهو أفضل، وأخذ الدواء النافع المباح هو أفضل، ومن الدواء القراءة على المريض، هذا من الدواء، ومنه الكي لمن يناسبه الكي، والحجامة لمن تناسبه الحجامة، وشرب العسل لمن يناسبه شرب العسل، والفصد لمن يناسبه الفصد إلى غير ذلك، فتعاطي الأسباب أمر مشروع، للحديث: «عباد الله تدووا (2)»، «ولما قالوا: يا رسول الله، إن لنا رقى نسترقي   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 154. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطب، باب ما جاء في الدواء والحث عليه، برقم 2038. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 بها، ودواء نتداوى به، هل يرد من قدر الله شيئا؟ قال: هو من قدر الله (1)». تعاطي الأسباب من قدر الله، ولما رجع عمر من الشام لما وقع بها الطاعون، وأشار إليه بعض المسلمين بالرجوع، وعزم على ذلك، فقيل له في ذلك: أتفر من قدر الله؟ قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله، يعني: نفر من قدر الله الذي فيه الخطر، إلى قدر الله الذي فيه السلامة، ثم جاءه عبد الرحمن بن عوف، فحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم الطاعون في بلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنت بها فلا تخرجوا فرارا منه (2)»، فحمد الله أن الله وفقه لموافقة الحديث، وانصرف إلى المدينة. فالحاصل أن التداوي وتعاطي الأسباب أمر مشروع ومطلوب، وهو أفضل من ترك ذلك، وقد يكون بعض الأسباب واجبا، يأكل لئلا يموت ويشرب، هذا واجب، وتوقي ما يضره كأن لا يلقي نفسه في بئر كل هذا لازم له، فتعاطي الأسباب التي يحتاج إليها أمر مطلوب ومشروع، وتوقي أسباب الهلاك أمر واجب متحتم، والله فطر العباد على هذا الشيء، وجاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو لا ينافي التوكل. التوكل: الثقة بالله   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، حديث ابن أبي خزامة رضي الله عنه، برقم 15047 (2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، برقم 5728، ومسلم في كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، برقم 2218. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 والاعتماد عليه، والتفويض إليه، والإيمان بأنه مسبب الأسباب، وأن كل شيء بقضائه وقدره، ومن ذلك فعل الأسباب، المتوكل يعتمد على الله ويثق به، ويعلم أن كل شيء بقضائه وقدره، ومع ذلك يأخذ بالأسباب، يأكل لئلا يجوع، يشرب لئلا يهلك، يستدفئ في الشتاء عن البرد، إلى غير هذا من الأسباب التي شرعها الله لعباده. *** الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 6 - حكم تعطيل الأسباب بزعم قوة اليقين س: أمن الممكن ألا يأخذ المؤمن بالأسباب إذا وصل إلى درجة معينة من الإيمان، لقوة يقينه؟ (1) ج: ليس كذلك، لا بد من الأخذ بالأسباب، مهما كان المؤمن، حتى الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهم أفضل الخلق وأرفع الناس درجة في الإيمان، كانوا يأخذون بالأسباب، وهم أكمل الناس إيمانا، وأرجحهم ميزانا، وأكملهم عقولا، ومع هذا يأخذون بالأسباب، والنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أخذ بالأسباب، حمل السلاح، وجعل على رأسه البيضة تقيه السلاح، وظاهر بين درعين عليه الصلاة والسلام، وهو سيد ولد آدم وأفضل الخلق، وأكملهم إيمانا، وأكملهم توكلا عليه الصلاة والسلام، وكان يأكل ويشرب ويجامع النساء، يأخذ بالأسباب،   (1) السؤال السابع من الشريط 166. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 فلا يجوز تعطيل الأسباب لأي أحد من الناس، مع القدرة، فعلى كل أحد، وإن بلغ في الإيمان القمة، فإنه يأخذ بالأسباب، كما أن الرسل وهم أفضل الناس، وأكمل الناس إيمانا، وهم القمة في كل شيء يأخذون بالأسباب، عليهم الصلاة والسلام. *** الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 7 - حكم قول إني متوكل على الله ثم عليك س: بعض الناس يردد عبارة: إني متوكل على الله ثم عليك أن تنجز لي هذه المعاملة، ما رأيكم بهذه العبارة سماحة الشيخ؟ (1) ج: لا بأس بـ: ثم. أما: وعليك. فلا يصلح، لكن لو قال: وكلتك أحسن من توكل، لأن أهل العلم يمنع التوكل على المخلوق مطلقا، فيقول: وكلتك على كذا، أو أنت وكيلي، أو اعتمدت على الله ثم عليك، أو بالله ثم بك، إذا جاءت ثم زال المحذور، لكن ترك لفظة: متوكل أحسن، وإلا فالمعنى صحيح، متوكل يعني أنت معتمدي في هذا الأمر، يعني أعتمد على الله ثم عليك بعد الله جل وعلا.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 367. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 8 - بيان الفرق بين التوكل والوكالة س: هل يجوز إعطاء وكالة من شخص لآخر، ليدير أعماله في فترة غيابه، والذي عرفنا أنه لا يجوز التوكل إلا على الله وحده؟ (1). ج: الوكالة غير التوكل أيها السائل: الوكالة معناها أن يقوم شخص مقامه في إدارة عمله، في بناء بيته، في إصلاح سيارته، في غير ذلك، هذا لا بأس به، هذه وكالة، تفويض منه، إذن له، يأذن له: افعل كذا وكذا. أما التوكل فهو الاعتماد على الغير بأنه يتصرف في الأمور بقدرته. فالله هو الذي يعتمد عليه سبحانه وتعالى، والتوكل يكون على الله، ومعنى التوكل أن يعتمد عليه، لأنه قادر على كل شيء ومسبب الأسباب، والاعتماد على الله والتوكل عليه سبحانه وتعالى، ثم الإنسان يفعل الأسباب، يعتمد على الله بأنه مصرف الأمور، ومسبب الأسباب، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا يعتمد على المخلوق، ولا على نفسه، بل يعتمد على الله وحده، ويتوكل عليه، ومع هذا يأخذ بالأسباب، ويتعاطى الأسباب، فيزرع الأرض، ويغرس الغرس، ويبني ما يحتاج إليه، ويوكل من يحتاج إليه حتى ينوب عنه في الغرس، في الزراعة، في البناء، ليس في هذا بأس، الوكالة شيء، والتوكل شيء آخر. أما كونه يتوكل على إنسان بأن يعتقد فيه أنه يتصرف في الكون،   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 29. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 وأنه يدبر الأمور، وأنه له القدرة على التصرفات بدون مشيئة الله وما أشبه ذلك. هذا لا يجوز مع المخلوق أبدا، يتوكل على الله وحده سبحانه وتعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 باب ما جاء في الخوف والرجاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 باب ما جاء في الخوف والرجاء 9 - شرح معنى الخوف من الله تعالى س: سائل يرجو شرح معنى الخوف من الله (1). ج: المؤمن يخاف الله في كل شيء، لا يكون آمنا من مكر الله، يقول سبحانه: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (2)، ويقول سبحانه: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (3)، ويقول سبحانه: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} (4)، ويقول عن عباده الصالحين: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (5)، ويقول سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (6)، ويقول سبحانه: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (7).   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 362. (2) سورة الأعراف الآية 99 (3) سورة آل عمران الآية 175 (4) سورة المائدة الآية 44 (5) سورة الأنبياء الآية 90 (6) سورة الإسراء الآية 57 (7) سورة آل عمران الآية 175 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 فالواجب خوف الله مع فعل ما أوجب، وترك ما حرم الله، يكون خوف يحمل على فعل الأسباب، يخاف الله خوفا حقيقيا، يحمله على أداء الواجب، وعلى ترك المحرم، كما يرجوه أنه يدخله الجنة، وينجيه من النار، إذا أدى حقه، فهو يخاف الله، فيعمل ما أوجب الله، ويدع ما حرم الله، وهو يرجو ويخاف، لكن مع العمل، مع أداء الواجبات، وترك المحارم، هذا هو الصادق الذي يخاف الله، ويرجوه، هو الذي يخاف ويرجو مع العمل مع أداء الفرائض، وترك المحارم، والوقوف عند حدود الله، يرجو ثوابه، ويخشى عقابه، سبحانه وتعالى، هكذا جاءت الرسل، وهكذا جاء القرآن الكريم. *** الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 10 - بيان مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف س: المستمع: أ. ل. ع. يسأل ويقول: ما مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف؟ (1) ج: أهل السنة والجماعة يقولون: يجب الرجاء والخوف، والعبد يسير إلى الله بين الرجاء والخوف، كجناحي الطائر، يخاف الله ويرجوه، يصلي، ويصوم، ويتصدق، ويحج، ويجاهد، وهو مع ذلك يخاف الله ويرجوه، كما قال تعالى عن الرسل وأتباعهم، يقول سبحانه:   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 51. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} (1) رغبا يعني رجاء، ورهبا يعني خوفا: {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (2) وقال سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (3). فالمؤمن يرجو رحمة ربه، ويخاف عذابه، ويتقيه دائما، فلا يقنط، ولا يأمن، قال تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (4) وقال: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (5)، وقال عز وجل: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (6). فالواجب الخوف والرجاء، لا أمن، ولا قنوط، يرجو ربه، ولا ييأس، ولا يقنط، ولا يخاف، ولا يأمن أيضا، يخاف عقوبته، يخاف الذنوب وشرها، هكذا المؤمن، وهذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، يجب على المؤمن أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء حتى يلقى ربه. قال بعض أهل العلم: ينبغي أن يغلب الرجاء في حال المرض، والخوف في حال الصحة، حتى ينشط في العمل الصالح، وحتى يحذر محارم الله، ولكن المعتمد في هذا أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء دائما.   (1) سورة الأنبياء الآية 90 (2) سورة الأنبياء الآية 90 (3) سورة الإسراء الآية 57 (4) سورة يوسف الآية 87 (5) سورة الزمر الآية 53 (6) سورة الأعراف الآية 99 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 س: قرأت في أحد الكتب وهو كتاب: (حكم وإرشادات)، يقول صاحب الكتاب هذه الوصية: كن راجيا عفو الله تعالى ورحمته، وحسن الظن بالله عز وجل، أرجو من سماحتكم أن تتفضلوا بشرح هذه العبارة، جزاكم الله خيرا (1). ج: يجب على المؤمن دائما وهكذا المؤمنة، أن يسير إلى الله في أعماله وأقواله بين الخوف والرجاء، وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، لأن الله جل وعلا أمر عباده بأن يحسنوا به الظن، وبأن يخافوه ويرجوه، فقال جل وعلا: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (2)، وقال سبحانه: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} (3)، وقال: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (4)، فالمؤمن مأمور برجاء ربه وخوفه سبحانه، فيخافه ويرجوه، قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (5) {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} (6)، وقال سبحانه: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} (7).   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 396. (2) سورة آل عمران الآية 175 (3) سورة الكهف الآية 110 (4) سورة البقرة الآية 40 (5) سورة الحجر الآية 49 (6) سورة الحجر الآية 50 (7) سورة غافر الآية 3 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 والمعنى حث الناس على الخوف والرجاء، فلا يقنط ولا يأمن، ولكن يرجو الله ويخافه، ويجتهد في العمل الصالح، وترك ما حرم الله عليه، ويحسن ظنه بربه، وأنه سبحانه يوفي بما وعد، وهو الكامل وهو الكريم الجواد، فمن أدى ما عليه فالله جل وعلا سيوفي له بما وعده من الخير، أما إن قصر ولم يقم بالواجب فلا يلومن إلا نفسه، وصح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني (1)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يبيتن أحد منكم إلا وهو يحسن ظنه بالله»، ولا يستقيم له هذا إلا إذا أحسن الفعل، إذا أحسن العمل إذا اتقى ربه وجاهد نفسه، وحاذر محارمه، فإن هذا هو الذي يستطيع أن يحسن ظنه بربه. أما من ساءت أعماله وساءت أقواله فكيف يستطيع أن يحسن ظنه بربه، وقد بارزه بالمحاربة، وتعدى حدوده، وترك أوامره، وارتكب نواهيه، فتحسين الظن بربه في هذه الحالة غرور، وفيه أداء من الشيطان، فمن ساء فعله ساء ظنه، فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يراقب الله سبحانه، وأن يجتهد في طاعته وترك معصيته، وأن يحسن الظن به سبحانه، لكونهما قاما بما يجب وتركا ما نهى الله عنه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى، برقم 2675. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 11 - التفصيل في مسألة تغليب الخوف على الرجاء س: سائلة تقول: يا سماحة الشيخ: عندي الخوف أكثر من الرجاء، هل لا بد أن يتساويا في ذلك؟ (1) ج: لا حرج في ذلك، بعض أهل العلم يقول: ينبغي أن يكون الخوف أغلب في حال الصحة، لأن الله قال جل وعلا: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (2)، وقال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (3)، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} (4)، وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} (5) {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (6)، كون الخوف يغلب في الصحة، هذا أفضل عند أهل العلم، وإن تعادلا فلا بأس، الرجاء والخوف، أما عند المرض وعند الموت فينبغي أن يكون الرجاء أغلب، وحسن الظن بالله يكون بالرجاء أغلب في حال المرض وقرب الأجل، ينبغي للإنسان أن يحسن ظنه بربه دائما، ولا سيما عند المرض، يكون الرجاء أغلب وحسن الظن أغلب، نسأل الله لنا وللمسلمين العافية والسلامة.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 411. (2) سورة الرحمن الآية 46 (3) سورة إبراهيم الآية 14 (4) سورة الملك الآية 12 (5) سورة البينة الآية 7 (6) سورة البينة الآية 8 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 12 - بيان معنى القنوط س: ما معنى القنوط من رحمة الله وذلك من الكتاب والسنة؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: القنوط من رحمة الله هو اليأس، كونه لا يرجو الله يقنط أن الله يرحمه، هذا من الكبائر من كبائر الذنوب، ربنا جل وعلا نهانا عن هذا، قال جل وعلا: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (2)، وقال تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (3) هذا لا يجوز لأحد أن يقنط من رحمة الله، يعني ييأس لكفره، أو لمعاصيه، بل عليه التوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه، وله البشرى بأن الله يقبل توبته، ويعظم أجره، ويجازى على ما فعل من الخير، أما اليأس والقنوط لأجل سوء العمل فهذا من تزيين الشيطان، ولا يجوز، بل يجب على العبد الحذر من ذلك، وألا يقنط وألا ييأس، بل يرجو رحمة ربه، وأن الله يتوب عليه، يرجو أن الله يقبل عمله ولا ييأس.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 379. (2) سورة الزمر الآية 53 (3) سورة يوسف الآية 87 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 13 - مسألة في الوعد والوعيد س: هل تتفضلون بالحديث ولو موجزا عن الوعد والوعيد في شريعة الله؟ وقد تطرقتم إلى هذا في إجابة هذا المستمع. (1) ج: نعم الوعد والوعيد وردا في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، فالوعد يوجب حسن الظن بالله، والوعد للموحدين وعدهم الله بالمغفرة والرحمة، إذا ماتوا على التوحيد وعدهم الله بالمغفرة والرحمة والجنة، وتوعد العاصين بالنار. فالواجب على المسلم ألا يقنط ولا يأمن، ويكون بين الرجاء والخوف، لأن الله ذم الآمنين، وذم القانطين، فقال سبحانه: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (2)، وقال سبحانه: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (3). فالواجب على المكلف ذكرا كان أو أنثى ألا ييأس، ولا يقنط ويدع العمل، بل يكون بين الرجاء والخوف يخاف الله، ويحذر المعاصي، ويسارع في التوبة، ويسأل الله العفو، ولا يأمن من مكر الله، ويقيم على المعاصي ويتساهل، ولكن يحذر معاصي الله، ويخافه ولا يأمن، بل يكون بين الخوف والرجاء، يحسن الظن بربه، ولكن   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 323. (2) سورة الأعراف الآية 99 (3) سورة الزمر الآية 53 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 لا يأمن ولا يقنط وييأس، بل يخاف ويحذر ولا يقنط ولا ييأس، فلا قنوط ولا يأس ولا أمن من مكر الله، ولكن بين ذلك، يعبد الله بين الخوف والرجاء، ويحسن ظنه بربه، ويرجو رحمته مع خوفه من عقابه وغضبه ومعاقبته، بسبب معاصيه وسيئاته، وهكذا الواجب على المؤمن أن يكون في سيره إلى الله بين الرجاء والخوف، لكن في حال الصحة، رأى بعض السلف أن يغلب جانب الخوف حتى يحذر وحتى يتباعد عن المعاصي، وبكل حال الواجب أن يسير إلى الله بين الرجاء والخوف، لا أمن ولا قنوط، وفق الله الجميع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 14 - بيان أن تعظيم حرمات الله والحذر من الوقوع فيها من علامات الخوف منه تعالى س: أمامي رسالة تصور بعض الحالات النفسية التي تنتاب بعض الشباب، هذا شاب يقول: إنني فتى في السابعة عشرة، أؤدي ولله الحمد ما افترضه الله جل وعلا على عباده من أركان الإسلام وواجباته، وأجاهد نفسي على جعلها في أتم صورة، إلا أن في نفسي شعورا أحس من خلاله أنني أرتكب معصية موبقة، وأيضا توقعني في عذاب الله وسخطه، وقد ارتكبته من حيث لا أشعر، وأحس أنني مثل عبد كان عند النبي صلى الله عليه وسلم الذي أصابه سهم من الكفار، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 في حرب خيبر، فاقل المسلمون: هنيئا له الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذها من المغانم يوم خيبر، لم تصبها القسمة لتشتعل عليه نارا (1)» خلاصة الأمر أنني في معصية لا أعرفها، أرجو إجابتي نحو هذا الشعور، هل هو دليل خير وتقوى، أم دليل على غير ذلك؟ وأرجو التعليق على هذا جزاكم الله خيرا (2). ج: هذا من الدلائل على شدة خوفك من الله عز وجل، وتعظيمك لحرماته، فأنت على خير إن شاء الله، وعليك أن تبتعد عن هذا الخوف الذي لا وجه له، لأنه من الشيطان ليتعبك ويقلقك، ويضيق عليك حياتك، فاعرف أنه من عدو الله، لما رأى منك المحبة للخير، ورأى منك الغيرة لله، ورأى منك المبادرة للخيرات، أراد أن يتعبك، فاعصه وابتعد عما أراده منك، واطمئن إلى ربك واعلم أن التوبة كافية، وإن كان الذنب أعظم من كل عظيم فتوبة الله فوق ذلك، وليس هناك ذنب أعظم من الشرك، والمشرك متى تاب تاب الله عليه، وغفر له، فأنت   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم، برقم 6707، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة، برقم 115. (2) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 88. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 عليك بالتوبة مما قد علمت أنك فعلته، وبعد التوبة ينتهي كل شيء، ولا ينبغي لك أن توسوس أو تطيع عدو الله في هذا الخجل، أو في هذا الخوف الذي قد يضرك، ولكن تعلم أنك بحمد الله قد فزت فوزا عظيما بالتوبة الصادقة النصوح، كما قال المولى سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1) وهناك آيات أعظم في المعنى وهي: أن العبد متى تاب وأتبع التوبة بالإيمان والعمل الصالح أبدل الله تلك السيئة حسنة، جعل مكان كل سيئة حسنة، كما قال سبحانه في سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (2) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (3) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (4) فأخبر سبحانه أنه يبدل سيئات هؤلاء حسنات، بسبب توبتهم الصادقة وإيمانهم وعملهم الصالح، فأنت بذكرك ذنبك الذي أشرت إليه، وتوبتك فيه من متابعتك ما جرى منك، من الأعمال الصالحة وبالإيمان والتصديق، والرغبة فيما عند الله، فالله سبحانه يبدلك بدل تلك السيئة حسنة، وهكذا جميع السيئات التي يتوب منها العبد، ويبدلها بالإيمان والعمل الصالح، الله يبدلها له حسنات سبحانه وتعالى فضلا منه وإحسانا.   (1) سورة طه الآية 82 (2) سورة الفرقان الآية 68 (3) سورة الفرقان الآية 69 (4) سورة الفرقان الآية 70 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 باب ما جاء في الرياء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 باب ما جاء في الرياء 15 - بيان معنى الرياء وكيفية تجنبه س: أرجو أن تعرفوا لنا الرياء شرعا، وكيف نتجنبه؟ (1) ج: الرياء مصدر راءى يرائي رياء فهو مراء، والمعنى أن يفعل العمل ليراه الناس، يصلي ليراه الناس، يتصدق ليراه الناس، قصده أن يمدحوه ويثنوا عليه، ويعرفوا أنه يتصدق أو أنه يصلي، أو يحج أو يعتمر لذلك، أو ما أشبه ذلك، وهكذا إذا قرأ ليمدحوه، ويسمى السمعة، إذا كان بالأقوال يسمى السمعة، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر ليمدح، ويثني عليه، لا لله وحده سبحانه وتعالى، فهذا من الرياء في الأفعال، ويقال لما يسمع سمعة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. فسئل عنه، فقال: الرياء (3)».   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 164. (2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، برقم 2986. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 27742. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 يقول الله يوم القيامة للمرائين: «اذهبوا إلى ما كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء؟ (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «يقول الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه (2)». فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن تكون أعماله لله وحده، يصلي لله، يصوم لله، يتصدق لله، يرجو ثوابه، يرجو مغفرته سبحانه، وهكذا يأمر بالمعروف، ينهى عن المنكر، يحج، يعتمر، يعود المريض، يطلب ما عند الله من الأجر، لا رياء الناس، ولا سمعتهم، هذا هو الواجب على المؤمن، كما قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (3) نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بين لبيد رضي الله عنه، برقم 2319. (2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، برقم 2985. (3) سورة الكهف الآية 110 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 16 - بيان المقصود بالشرك الخفي س: ما هو الشرك الخفي أو الشرك الأصغر؟ (1) ج: ما يكون في القلوب من الرياء يسمى خفيا، لكونه يصلي يرائي، أو يقرأ يرائي الناس، أو يسبح ويهلل حتى يمدحوه، أو يتصدق حتى يمدحوه، وهو في نيته لمراءاتهم، هذا يقال له: شرك خفي. ويسمى الشرك الأصغر شركا خفيا، مثل: لولا الله وفلان، هذا من الله وفلان. يسمى شركا خفيا ويسمى شركا أصغر، وهكذا الحلف بغير الله، والنبي أو بالنبي، أو بأبيك أو بشرفك، هذا شرك أصغر، ويسمى شركا خفيا، لأنه يخفى على بعض الناس، ويقول كذلك بالأمانة، هذا شرك خفي، لأنه حلف بالأمانة أو بحياة فلان، أو بالأنبياء، كله شرك أصغر، وكله محرم، وكله لا يجوز.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 218. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 17 - الرياء يحبط العمل إذا قارنه س: أخاف كثيرا من الرياء، والسؤال: هل المرائي يخلد في النار؟ وإذا تصدقت أو صليت أخاف كثيرا من الرياء، فبماذا توجهونني حول هذا الإشكال، جزاكم الله خيرا؟. (1)   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 334. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 ج: عليك أن تحذر الرياء، تجاهد نفسك وأن تتقي الله، وتعمل لله وحده، ولا ترائي الناس، لا بصدقات ولا بصلواتك، ولا بغيرها، لا بد من الجهاد، قال الله جل وعلا: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (1). فالشرك يحبط العمل، والرياء يحبط العمل إذا قارنه، فمن صلى يرائي فلا صلاة له، ومن قرأ يرائي فلا قراءة له، ومن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، يرائي فلا أجر له، وهكذا، بل عليه إثم وليس من الشرك الأكبر، فهو شرك أصغر، قد يدخل به النار، ويعذب على قدره، ويخرج من النار، وقد تكون له حسنات عظيمة، يرجح بها ميزانه ويسلم، فالمقصود أن الرياء، إذا كان الإنسان راءى، وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليس بمنافق هو مؤمن، لكن يعرض له الرياء في بعض الصلوات، أو القراءة، هذا شرك أصغر، ولا يخرج من دائرة الإسلام، بل هو مسلم، عليه أن يجاهد نفسه في ترك هذا الرياء، حتى يخلص لله في أعماله.   (1) سورة الكهف الآية 110 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 س: أعاني كثيرا من الرياء، مع أنني أصلي وأصوم وأزكي وأعمل الأعمال الصالحة، فهل آثم في ذلك؟ وهل أدخل في الشرك الأصغر؟ (1). ج: عليك أن تحذر الرياء، والرياء: مراءاة الناس بأعمالك، قراءة أو صلاة، أو صدقات أو غير ذلك، يجب أن تحذره، وأن تعتمد الإخلاص لله في أعمالك، وألا تبالي بالمخلوق، يكون عملك لله وحده، لا تقصد به أحدا من الناس، لا في قراءة، ولا في أمر بالمعروف، ولا في نهي عن منكر، ولا في صلاة ولا في غير ذلك، تقصد وجه الله، تقصد بأعمالك وجه الله، والقربة لديه سبحانه وتعالى، ولو كان عندك أمك، أو أبوك أو أقرباؤك الآخرون، تجعل القصد وجه الله جل وعلا، واعمل ابتغاء مرضاته، سواء كان العمل مع أمك أو مع أبيك، أو مع غيرهم، فالواجب أن تكون أعمالك كلها لله وحده، ويقصد بها وجهه الكريم.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 381. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 18 - حكم الامتناع عن العمل الصالح بحجة الخوف من الرياء س: يقول السائل: إنه كان يصلي بالناس، وله صوت حسن وجميل، وكان يتعمد أيضا تحسين صوته، وخوفا من الرياء امتنع عن الإمامة، وجعل أناسا آخرين يصلون بالناس، رغم أنهم لا يقرءون ولا يكتبون، كيف توجهونه؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: نوجهه بأن يصلي بالناس ويحسن صوته والحمد لله، ويجاهد نفسه بعدم الرياء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن (2)» أي يحسن صوته به، ومر ذات ليلة على أبي موسى الأشعري وهو يقرأ، فاستمع له النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح أتاه أبو موسى، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أني سمعت صوتك، وقال: «لقد أوتي أبو موسى مزمارا من مزامير آل داود (3)» يعني صوتا من أصواتهم، فقال أبو موسى رضي الله عنه: لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا، أي حسنته   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 293. (2) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به) برقم 7527. (3) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن، برقم 5048، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، برقم 793. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 لك تحسينا، فتحسين الصوت الذي فيه منفعة للمسلمين ليستمعوا وينصتوا ويتدبروا، هذا أمر مطلوب، وليس هذا من الرياء، هذا من الإحسان، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «زينوا القرآن بأصواتكم (1)» فتزيين الصوت ينفع الأمة، وينفع المستمعين، وأنت تفعله لنفعهم لا ليمدحوك، دع عنك الرياء، ولكن تفعله حتى يستفيدوا وينتفعوا. س: تسأل المستمعة وتقول: كيف يكون الرياء داخل الإنسان؟ وكيف يتجنب الإنسان ذلك الشعور؟ جزاكم الله خيرا (2). ج: الرياء كونه يصلي حتى يمدحه الناس، أو يقرأ ليمدحه الناس، أو يتصدق ليمدحه الناس بالجود، هذا الرياء، يعني يفعل العمل الصالح حتى يثني عليه من الناس، يرائيهم، ما هو لأجل الله، بل يتصدق حتى يقال: إنه جواد، يصلي ليقال إنه يصلي، يقرأ كذلك، قصده ثناء الناس   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه، برقم 18024، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب تزيين القرآن بالصوت، برقم 1015، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة، برقم 1468، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب حسن الصوت بالقرآن، برقم 1342. (2) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 431. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 عليه، وليمدحوه هذا الرياء وهو شرك، يقول صلى الله عليه وسلم: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. فسئل عنه، قال: الرياء (1)». فالواجب الحذر، وأن تكون العبادات لله وحده، من صلاة أو قراءة، أو صدقة، أو تسبيح، أو تهليل، أو غير هذا، يجب أن يكون لله وحده لا رياء ولا سمعة.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 27742. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 19 - حكم صاحب الرياء إذا مات ولم يتب س: هل الشرك الأصغر وهو الرياء مخلد صاحبه في النار أم لا؟ (1). ج: الشرك الأصغر لا يخلد صاحبه، فهو مثل الكبائر لا يخلد صاحبه في النار، مثل قوله: لولا الله وأنت، ما شاء الله وشئت، ومثل يسير الرياء، ومثل الحلف بغير الله، كل هذه من باب الشرك الأصغر، لا توجب الخلود في النار، ولا تبطل الأعمال، ولكنها محرمة، من جنس كبائر الذنوب، بل أشد من كبائر الذنوب، ولكنها لا توجب خلوده في النار، ولا توجب اليأس من المغفرة.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 20. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 20 - وجوب الحذر من الوقوع في الرياء س: ما حكم من يداخله الرياء في بعض الأعمال القليلة؟ وللعلم هو يتألم أشد الألم بسبب هذا، وهو في قلق مستمر، ما نصيحته سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: نوصي كل مسلم بالحذر من الرياء، دقيقه وجليله، كثيره وقليله، نوصي بالحذر، والرياء هو كونه يعمل عملا لأجل الناس، لأجل يسمعونه أو يرونه، حتى يمدحوه، ونحو ذلك، يصلي حتى يروه أو يتكلم بوعظ حتى يثني عليه، أو يقرأ حتى يثني عليه أو ما أشبه ذلك، يعني يعمل من أجل رياء الناس وحمدهم وثنائهم ونحو ذلك، يجب الحذر، وهذا الرياء يبطل العمل، فلا يكون له ثواب، يكون صاحبه آثما، وهذا من الشرك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم آمرا للصحابة: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. فسئل عنه فقال: الرياء (2)» خافه عليهم وهم أفضل الناس بعد الأنبياء، وسماه شركا أصغر. فالواجب الحذر منه، فالذي يقرأ يرائي الناس قد أشرك شركا أصغر، أو يصوم لأجل أن يقول الناس: هذا صائم يرائي الناس أو يتصدق يرائي الناس، أو يحج يرائي الناس، أو ما أشبه ذلك الواجب الإخلاص لله وأن يعمل لله احتسابا، لا يرائي أحدا من الناس.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 340. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 27742. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 21 - بيان أن الرياء شرك ومن أعمال المنافقين س: أنا شاب في الخامسة والعشرين من عمري، وأنا مستقيم ومؤد لواجباتي الدينية ولله الحمد، إلا أنني أشعر بأنني أميل للرياء والسمعة في أعمالي كالصلاة وغيرها من الأعمال، وهذا والله رغما عني وأنا ألح على الله بالدعاء، بأن يخلصني من هذا البلاء، ولكن دون جدوى، سؤالي: هل أعتبر مشركا بالله؟ وهل اعتبر كمن يرائي بأعماله عامدا متعمدا، أم أن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذني، حيث إن ذلك بغير إرادتي؟ أرجو الإجابة على سؤالي هذا، وأن تدلوني على ما يخلصني من هذه البلوى. (1) ج: لا شك أن الرياء منكر، وشرك، ومن أعمال المنافقين، فالواجب عليك الحذر منه وجهاد نفسك حتى تتخلص منه، مع سؤال الله سبحانه وتعالى، والضراعة إليه أن يعافيك من ذلك ولا تيأس، بل استمر في الدعاء والضراعة إلى الله في أن يوفقك، وأن يهديك حتى تدعه، وجاهد نفسك واصبر وصابر في ذلك، حتى يعافيك الله من ذلك، وهو من خلق أهل النفاق، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (2).   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 152. (2) سورة النساء الآية 142 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه (1)»، ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر فلان إليه (2)» فأنت جاهد نفسك، وأبشر بالخير، ومن جاهد أعانه الله، يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (3) فإذا جاهدت نفسك في هذا السبيل فأبشر بالخير، والله سوف يعينك ويهديك السبيل القويم، ولا تيأس ولا تقنط واصبر وصابر، واسأل ربك العون، وأبشر بالخير الذي وعد الله به الصادقين والصابرين، وهذا شرك أصغر، وليس بشرك أكبر، بل هو من الشرك الأصغر، كما قال عليه الصلاة والسلام، يخاطب الصحابة: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر (4)» فهو قد أصاب غيرك كما أصابك، فعليك بالصبر وسؤال الله العافية، وهو ليس من الشرك الأكبر الذي يحبط الأعمال، ولكنه شرك أصغر، يحبط العمل الذي قام به، فإذا قمت تصلي صلاة من أجل الرياء بطلت هذه الصلاة التي فعلتها للرياء، وإذا تصدقت للرياء بطل ثوابها، وإذا سبحت أو ذكرت الله للرياء، أو قرأت القرآن للرياء،   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب الرياء والسمعة، برقم 4202. (2) ابن ماجه الزهد (4204). (3) سورة العنكبوت الآية 69 (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 27742. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 ما لك ثواب، بل عليك إثم، وإذا جاهدت نفسك في تركه والحذر منه أعانك الله ويسر أمرك: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (1) {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (2) فأبشر بالخير واصبر وصابر والله يعينك.   (1) سورة الطلاق الآية 2 (2) سورة الطلاق الآية 4 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 22 - وجوب مجاهدة النفس للتخلص من العجب والرياء س: أولا يا سماحة الشيخ، أعرفك أنني أحبك في الله تعالى، وأرجو الله ثم منك أن تدعو الله لي بظهر الغيب، أن يرزقني الإخلاص في كل أعمالي الدينية والدنيوية، حيث إنني دائما أشعر أن عملي يخالطه شيء من الرياء، وإذا ما قرأت القرآن وسمعت الناس ينصتون إلي ينتابني حالة من العجب، وجهوني سماحة الشيخ حتى أكون مخلصا لله تعالى، وهل يؤثر ذلكم الإحساس على عملي؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: نقول: أحبك الله الذي أحببتنا له، ونسأل الله أن يمنحك الإخلاص والتوفيق والهداية، نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية، وأن تكون مخلصا في أعمالك كلها، ونوصيك بالحذر من العجب والرياء، وأن تجاهد نفسك، فإذا جاهدت نفسك فأبشر بالخير إن شاء الله، إذا قرأت القرآن أو صليت أو فعلت شيئا من الخير فاحرص على أن يكون ذلك   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 309. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 لله وحده، ليس فيه رياء ولا سمعة، وإذا خطر لك شيء فاطرده بالاستعاذة بالله من الشيطان، وبالحذر، فإن المجاهد يعان، ربنا يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (1)، فكلما عرض لك شيء من الرياء فعليك بالمجاهدة والطرد له بالتعوذ بالله من الشيطان، والحرص على الإخلاص لله سبحانه في قراءتك وفي صلاتك وفي جميع العبادات.   (1) سورة العنكبوت الآية 69 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 23 - وجوب إحسان الظن بالله ومحاربة الوساوس الشيطانية س: إنسان دوما مشغل نفسه باليوم الآخر، وبالموت وبالحساب يوم القيامة، ويخاف أن يكون من أهل النار، وأن عمله لا يقبل منه، وأنه قد يكون فيه شرك، ويخاف أن يدخل عليه الشرك من حيث لا يدري، ودوما يردد قوله: «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم، وأعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا لا أعلم»، ماذا عليه؟ وهل عليه إثم؟، جزاكم الله خيرا. (1) ج: عليه أن يجتهد في محاربة الشكوك، وهو إن شاء الله على خير، لأن هذا حمله عليه الخوف من الله، والحذر من الشرك، فعليه أن يحاسب نفسه، وأن يسأل ربه العون والتوفيق، وأن يحذر مكائد   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 335. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 الشيطان، فإن الشيطان يؤذي الناس بالوساوس، فعليه أن يحذر مكائد الشيطان، ويحسن ظنه بربه، ويجتهد في العمل الصالح، ولا يشغل نفسه بهذه الوساوس، فإذا أحس به يتعوذ بالله من الشيطان، ويجتهد في أن تكون أعماله لله وحده، ليس فيها رياء ولا سمعة، والشيطان عدو مبين، يجب أن يتحرز منه بالتعوذ بالله من الشيطان، كلما أشغله بهذه الوساوس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 24 - بيان كفارة الرياء س: ما كفارة الرياء؟ وما هو الرد على من أثنى علي بالمدح كمن يقول: فلان يصلي ويذكر الله، حتى لا يدخل في عملي رياء؟ وقانا الله وإياكم شر هذا المرض. (1) ج: كفارة الرياء التوبة إلى الله، وهكذا كل معصية وكل شرك، توبته ودواؤه التوبة إلى الله التوبة النصوح، من ندم على الماضي والإقلاع عن الرياء ونحوه، والعزم الصادق ألا يعود فيه، وإذا مدحك أحد تقول: يا أخي اتق الله، لا ينبغي المدح، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب (2)»، لأن المدح قد   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 331. (2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، وخيف منه فتنة على الممدوح، رقم (3002). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 يفضي إلى العجب والكبر، فينبغي للأخ إذا دعت الحاجة ألا يستطيل في المدح، بكلمات قليلة إذا دعت إليها الحاجة. س: رسائل من مجموعة من أخوات في الله يقلن: سماحة الشيخ نحن مجموعة فتيات على طريق خير إن شاء الله، ونحاول جاهدات عمل كل خير يرضي وجه الله، ولكن مع ذلك يصيبنا من الشرود وعدم التدبر والتركيز أثناء العبادة، وخاصة قراءة القرآن الكريم، والصلاة مما يجعلنا في حالة عدم استقرار نفسي، وإحساس بعدم قبول أعمالنا، ونحن نخشى الرياء في بعض الأعمال التي نقوم بها والله المستعان. نرجو من سماحتكم توجيهنا والدعاء لنا والنصح، جزاكم الله خيرا. (1) ج: نسأل الله أن يمنحكن التوفيق وسداد الرأي والهداية لأقوم طريق، وأوصيكن بتقوى الله والاستمرار في عمل الخير والحذر من وساوس الشيطان وتزيينه، فإن الشيطان عدو مبين يريد أن يثبطكن عن الخير، فاحرصن على الحذر من وساوسه واستقمن على الخير، واجتهدن في إحضار القلوب في الصلاة، والإقبال على الصلاة، والتواصي بالحق، والصبر عليه، والحذر من وساوس الشيطان مع   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 355. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 الاستمرار في الخير الذي تردن أن يصل إلى غيركن من صدقات أو غيرها، من تعليم أو غير ذلك من وجوه الخير، فالواجب الحذر من الشيطان ونزغاته في جميع الأمور، أسأل الله لكن التوفيق والإعانة على كل خير وصلاح القلوب والأعمال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 25 - بيان معنى الإخلاص س: السائلة س. ع. تقول: ما هو الإخلاص؟ وكيف يحصل العبد على الإخلاص لله؟ وأنا يا فضيلة الشيخ أرى نفسي تخاف من الرياء، وكأن شيئا يحجبني ويحبب لي الرياء، وأني تركت بعض الطاعات، وتراني أفكر في هذه الأشياء، فماذا أفعل وجهونا جزاكم الله خيرا. (1) ج: أيتها السائلة وفقني الله وإياك لكل خير وأعاذنا جميعا من نزغات الشيطان ووساوسه، الإخلاص هو: قصد الرب جل وعلا بالعمل، هذا هو الإخلاص، أن يقصد المسلم بعمله وجه الله والدار الآخرة، هذا المخلص، قال الله جل وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2) قال سبحانه: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (3) فالمخلص هو: الذي يقصد بعمله وجه الله، بصلاته   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 372. (2) سورة البينة الآية 5 (3) سورة غافر الآية 14 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 بصومه بصدقاته بحجه، بغير ذلك من العبادات، يقصد وجه الله، يقصد التقرب إلى الله، لا لغيره لا رياء ولا سمعة، ولا لقصد الدنيا، دائما يفعل ما يفعل، يرجو ثواب الله ويرجو إحسانه سبحانه وتعالى، هذا هو الإخلاص. أما الرياء فهو أن يفعل لأجل أن يرائي الناس، من أجل أن يمدحه الناس، هذا منكر ومن الشرك، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1) فالرياء منكر ومن الشرك، يجب الحذر منه، كون الإنسان يصلي حتى يمدح، أو يتصدق حتى يمدح، أو يقرأ حتى يمدح، هذا الرياء لا يجوز، هذا يجب الحذر من ذلك، والواجب عليك الحذر من الوساوس دائما، يجب عليك إخلاص العمل لله، وأن يكون قصدك وجه الله بصلاتك، وقراءتك وصومك، وغير ذلك، وتجاهدي نفسك في ذلك وتتعوذي بالله من الشيطان، كل ما خطر شيء من الوساوس، أو الرياء قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم صدقا، وإذا فعلت ذلك صدقا كفاك الله شر الشيطان وأعانك عليه.   (1) سورة النساء الآية 142 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 باب ما جاء في الحلف بغير الله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 باب ما جاء في الحلف بغير الله 26 - جواز الحلف بصفات الله س: ما رأيكم - حفظكم الله - في الحلف على المصحف؟ هل يعتبر يمينا؟ وهل إذا حلف صادقا يكون آثما، وإذا حلف كاذبا كذلك؟ وجهونا، جزاكم الله خيرا (1). ج: إذا حلف بالمصحف قصده القرآن كلام الله فلا بأس؛ لأن القرآن كلام الله، فإذا قال: وعزة الله، أو كلام الله، أو بالمصحف، وقصده القرآن؛ لأنه كله كلام الله عز وجل - فهذه يمين لا بأس بها، ولا حرج في ذلك والحمد لله. مثل لو قال: وعزة الله، وعلم الله، وكلام الله - لا بأس أن يحلف بصفة من صفات الله سبحانه، كما لو قال: والرحمن والرحيم والعليم والعزيز والحكيم، وهكذا لو قال: وعزة الله، ورحمة الله، وعلم الله، وكلام الله، - فلا بأس.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 302. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 27 - حكم الحلف بالقرآن س: ما حكم الحلف بالقرآن؟ (1) ج: القرآن كلام الله، الحلف به لا بأس به، وكلام الله والقرآن، ما فعلت كذا. القرآن كلام الله، كما يقال: والله، أو بالله، أو وعلم الله، أو رحمة الله، يقصد وصفه بالرحمة سبحانه، أو وكلام الله. كل ذلك لا بأس به، الحلف بالله وبصفاته. س: السائل س، من جمهورية مصر العربية يقول: سمعت من بعض الناس بأنه لا يجوز الحلف بصفات الله، وخاصة بصفة الحياة، فقلت لهم بأن الحلف بحياة الله جائز، بناء على ما قرأت، فهل كلامي صحيح؟ (2) ج: نعم، الحلف بالله وبصفاته وبأسمائه كله حق، كله جائز، مثل ما جاء في الحديث: «أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر (3)»   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 427. (2) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 410. (3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء، برقم 2202. وابن ماجه في كتاب الطب، باب ما عوذ به النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3522 واللفظ له. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 «اللهم أعوذ برضاك من سخطك (1)»، «أعوذ بكلمات الله التامات (2)» فالتعوذ بصفات الله، والتعوذ بكلمات الله، والحلف بها، كل ذلك جائز. يحلف بالله، يحلف بصفاته، وعزة الله، وقدرة الله، وعلم الله، وحياة الله، كله جائز. كما يقول: والله، أو بالله، أو تالله، أو والرحمن، أو والرحيم، أو والعزيز، أو والحكيم، كل هذا جائز. وهكذا إذا قال: وعزة الله، أو بعزة الله، أو بعلم الله، أو ما أشبه ذلك. س: في يوم جمعة يقول السائل قبل صعود الخطيب للمنبر: صليت ركعتين، وقمت بمسك المصحف الشريف، وقلت: بحق هذا القرآن لا أشرب السجائر والدخان أبدا طول عمري. فإذا شربت مثل الشيشة، هل أكون قد وقعت في اليمين؟ وهل علي كفارة؟ (3) ج: لا يجوز لك أن تحلف بحق القرآن، حق القرآن تعظيمه، وتعظيمه من أعمالك، لكن أن تقول: بالله، أو بكلام الله، تحلف   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم 486. (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء، برقم 2708. (3) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 395. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 بالله أو بكلامه وصفاته، لا بأس. أما بحق القرآن، حق القرآن فيجب أن تعظمه، وأن تعمل به، وهذا من عملك، وعملك مخلوق. فلا تقسم بالمخلوقات، لكن تقسم بنفس القرآن، بالله، بكلام الله، بعلم الله، بعزة الله. تقسم بالله أو بصفاته، لا بأس. وعليك أن تجتنب الدخان وسائر المحرمات، عليك أن تحذر الدخان والشيشة والخمر، وجميع المخدرات والمسكرات، وإن لم تحلف، وإن لم تقسم. يجب عليك أن تجتنبها وتحذرها؛ لأنها منكرة ومحرمة. فالواجب عليك الحذر منها وتركها مطلقا، ولو لم تحلف. س: يسأل المستمع، ويقول: هل يجوز الحلف بكتاب الله؟ (1) ج: نعم؛ لأن القرآن كلام الله، فإذا قال: وكتاب الله، يقصد القرآن، أو كلام الله، أو وعزة الله - فلا بأس؛ لأن الله جل وعلا يحلف به وبصفاته، كما قال عليه الصلاة والسلام: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (2)»، فمن حلف بالله أو بصفة من صفاته فقد حلف بالله، بعزة الله، بعلم الله، بكلام الله، بكتاب الله، كل هذا حق.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 392. (2) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب كيف يستحلف، برقم 2679، ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم 1646. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 28 - حكم الحلف بغير الله تعالى س: لقد قرأت في كتاب جليل للعلامة الفاضل الشيخ عبد العزيز المحمد السلمان أن الحلف بغير الله شرك أصغر، ولكن بعض الأئمة قالوا: إنه شرك أكبر، ومن فعل ذلك فقد خرج عن الملة. أفيدونا بارك الله فيكم! (1) ج: إن الشرك نوعان: أكبر وأصغر بإجماع المسلمين، قال الله عز وجل في الشرك الأكبر: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2). وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3). وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (4). فهذه الآيات وأشباهها في الشرك الأكبر. ومنه دعاء الأموات والأصنام والأشجار، والأحجار، والنجوم، والجن، والملائكة، ونحوهم. والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والذبح لهم ونحو ذلك. هذا من الشرك الأكبر، وهكذا اعتقاد أن هؤلاء يصلحون للعبادة، وإن لم يدعهم. إذا اعتقد أن هؤلاء يدعون من دون الله، ويستغاث بهم، وأنه لا بأس بذلك - فإن هذا شرك أكبر وإن لم يفعل. وهكذا اعتقاد السر   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (109). (2) سورة الأنعام الآية 88 (3) سورة الزمر الآية 65 (4) سورة النساء الآية 48 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 في حي من الأحياء أنه ينفع ويضر دون الله، وأنه يصلح لأن يعبد من دون الله، ولو كان حيا، كما يفعله بعض ضلال الصوفية لمشايخهم. هذه وأشباهها من الشرك الأكبر، وهكذا ما يفعله بعض الناس مع الجن، يدعوهم أو ينذر لهم، ويذبح لهم خوفا من شرهم، هذا أيضا من الشرك الأكبر. وهكذا ما يفعله بعض الناس مع الرسل والأنبياء والملائكة، يدعونهم ويستغيثون بهم وينذرون لهم - هو من الشرك الأكبر، قال الله عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (1)، يعني المشركين. وقال سبحانه وتعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2)، وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (4) فسماه شركا، دعوة غير الله سماها شركا. وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (5)، فسمى دعاة غير الله كفارا. أما الشرك الأصغر فقد بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - في عدة أحاديث، منها حديث محمود بن لبيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر! فسئل عنه، فقال: الرياء، يقول الله يوم القيامة   (1) سورة يونس الآية 106 (2) سورة الجن الآية 18 (3) سورة فاطر الآية 13 (4) سورة فاطر الآية 14 (5) سورة المؤمنون الآية 117 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 للمرائين: اذهبوا إلى ما كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء (1)» وهذا حديث صحيح، رواه جماعة من أهل العلم بأسانيد صحيحة، فهو يدل على أن الشرك فيه أصغر وأكبر. فالرياء من جنس الشرك الأصغر، هو الذي يقرأ يرائي، أو يصلي بعض الصلوات يرائي الناس، أو يسبح ويهلل يرائي، أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يرائي. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به (2)» وقال جماعة من علماء التفسير: إن قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (3) - نزلت في المرائين. فهذا الرياء إذا وقع من المسلم في بعض الأعمال فهو شرك أصغر، وهكذا إذا عاد المريض، أو فعل أي عبادة من العبادات التي يتقرب بها إلى الله، فعلها من أجل الرياء، أو من أجل السمعة - كان شركا أصغر. أما إذا كان فاسد العقيدة كالمنافقين الذين يعتقدون تكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإنكار ما جاء به من الهدى، أو الشك في ذلك، ثم يصلون مع الناس، ويصومون، ويراءونهم بهذا - فهذا شرك أكبر، وهذا رياء أكبر؛ لأنهم فاسدو العقيدة، وإنما أظهروا ما أظهروا تقية ورياء، فهو كفار كفرا   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 23119. (2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، برقم 2986. (3) سورة الكهف الآية 110 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 أكبر لفساد العقيدة، كما قال عز وجل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (2). عندهم شك وريب وتردد، فصاروا كفارا كفرا أكبر. وقال في حقهم في الآخرة: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (3). بسبب كفرهم الأكبر واعتقادهم الفاسد. ومن الشرك الأصغر الحلف بغير الله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (4)» رواه الإمام أحمد من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - بإسناد صحيح. وأخرجه أبو داود والترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من حلف بغير الله فقد أشرك أو كفر (5)» هكذا شك الراوي، أو المعنى: وكفر، بأن تكون أو بمعنى الواو، يعني وقع في الشرك والكفر جميعا. هذا عند أهل العلم شرك أصغر؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقرهم على الحلف بغير الله في أول الإسلام، ولم ينههم عن ذلك، ثم نهاهم بعد ذلك. فلو كان شركا أكبر لم يقرهم عليه؛ لأن الله بعثه بإنكاره من حين   (1) سورة النساء الآية 142 (2) سورة النساء الآية 143 (3) سورة النساء الآية 145 (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم 4886. (5) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 بعث في مكة. فعندما أقرهم عليه دهرا من الزمان، ثم نهاهم في المدينة بعد ذلك دل على أنه شرك أصغر. لو كان أكفر لما أذن فيه أبدا، بل نهى عنه من أول وهلة. وهكذا قول: ما شاء الله وشاء فلان، وهو من الله وفلان. هذا أيضا من الشرك الأصغر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان (1)» ولما جاء في حديث قتيلة عند النسائي: «أن اليهود كانوا يقولون للمسلمين: إنكم تشركون (وفي لفظ: إنكم تنددون)، تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد، وفي لفظ: أن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت، وفي لفظ: قال لهم: قولوا: ما شاء الله وحده (2)». هذا كله يدل أن هذه الأمور من الشرك الأصغر، وأن الكمال أن يقول: ما شاء الله وحده، فإن قال: ما شاء الله ثم شاء فلان، لولا الله ثم فلان - فلا بأس بذلك. وفي حديث الأبرص والأقرع والأعمى في الصحيحين، أن الملك الذي جاءهم بعدما عافاهم الله من البرص   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 22754. (2) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب الحلف بالكعبة، برقم 3773. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 والقرع والعمى، جاءهم يسألهم يقول: «لا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك (1)» فدل على جواز مثل هذه العبارة. لكن لو اعتقد من حلف بغير الله أن هذا المحلوف به تصرف في الكون، أو ينفع ويضر دون الله، أو أن له مثل عظمة الله - صار شركا أكبر. ومن قال من العلماء: إنه شرك أكبر - فمرادهم إذا عظمه كتعظيم الله، أو اعتقد فيه أنه يصلح لما يعبد الله به، أو أنه ينفع ويضر دون الله، أو ما أشبهه من العقائد الباطلة. فمن حلف به على هذا الاعتقاد صار شركا أكبر، أما إذا جرى على لسانه الحلف بغير الله كعادة جرت عليها جماعته وأهله وبلاده، أو جرى عليها سابقا هو واعتادها سابقا، ولم يقصد أنه معظم كعظمة الله، أو أنه يتصرف في الكون، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله. لم يعتقد هذا الاعتقاد، ولكن جرى على لسانه الحلف بغير الله كعادة كثير من الناس - فهذا من الشرك الأصغر. ويوجد كثير من الناس اعتادوا هذا البلاء، وقد نسبوا إلى أهل العلم، لكن لأن العادة غلبت عليهم يتكلمون بهذا، فتجدهم يقولون: والنبي والأمانة، مع أنهم من طلبة العلم ومن أهل العلم، لكن غلبت على لسانه، واعتادها، فينسى عند الكلام، فيتكلم بها. فهذا كله من المنكر، وكله غلط، وكله من الشرك الأصغر. والواجب التنبيه على ذلك والتحذير منه، وألا يتساهل في ذلك. فمن قال: إنه شرك أكبر - فله وجه كما تقدم، ومن قال: إنه شرك   (1) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، برقم 2964. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 أصغر - فهذا هو الأصل، أنه شرك أصغر، كما قال الشيخ عبد العزيز السلمان. ومن قال: إنه شرك أكبر، كما حكاه السائل عن بعض العلماء - فمراده، والله أعلم، ما ذكرنا، يعني أنه حلف بغير الله معظما له كتعظيم الله، أو معتقدا فيه أنه يصلح للعبادة، أو ينفع ويضر، أو ما أشبه ذلك من العقائد الباطلة، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 29 - حكم الحلف بالنجاح س: نلاحظ - فضيلة الشيخ - أن بعض الناس وبالذات طلاب المدارس يحلف بالنجاح، فيقول: بنجاحي، ويقول: بتوفيقي. فهل هي شرك بالله؟ أرشدونا، جزاكم الله خيرا! (1) ج: الحلف بغير الله من المنكرات ومن المحرمات الشركية، وقد أوضح النبي ذلك عليه الصلاة والسلام، وكان الناس أولا يحلفون بآبائهم، فكانت العرب تحلف بآبائها وأمهاتها، فأنكر النبي بعد ذلك. وأدرك بعض الصحابة وهم يحلفون بآبائهم، فنهاهم، وقال: «إن الله نهاكم أن تحلفوا بآبائكم (2)» وقال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (14). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، برقم 6108. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 ليصمت (1)»، وقال: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (3)»، وقال: «من حلف بالأمانة فليس منا (4)»، ولما قال سعد: «يا رسول الله، إن حلفت وقلت في يميني: واللات والعزى، فقال له: قل: لا إله إلا الله ثلاث مرات، وفي رواية أخرى: تعوذ بالله من الشيطان (5)». المقصود أن الحلف بغير الله منكر من المحرمات الشركية، فلا يجوز أن يحلف بنجاحه ولا بأبيه ولا بأمه ولا بحياة فلان، ولا برأس فلان، ولا بالنبي ولا بالكعبة، ولا بشرف فلان. كل هذه المنكرات محرمات شركية، ليس لأحد أن يتعاطاها أبدا. ومن فعل شيئا من هذا فعليه البدار بالتوبة من المحرمات الشركية؛ لأن هذا من   (1) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248. (2) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22741، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253 واللفظ له .. (5) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب الحلف باللات والعزى، برقم 3777. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 الشرك الأصغر، وقد يكون شركا أكبر إذا كان في قلبه تعظيم محلوفه، وأنه يعظمه كما يعظم الله، أو أنه يعتقد فيه شيئا من العبادة والسر. كل هذا يكون شركا أكبر، نسأل الله العافية! أما إذا جرى على اللسان من غير قصد، ولكنه عادة - هذا من الشرك الأصغر، فينبغي الحذر من هذا، وألا يحلف بأبيه ولا بأمه ولا بنجاحه ولا بتوفيقه ولا بغير ذلك. أما إذا قال: بتوفيقي، يعني بتوفيق الله لي، قصده بتوفيق الله - هذا شيء آخر، سأنجح بتوفيق الله أو كذا. أما بتوفيقي، يقصد بالتوفيق الحلف بذلك، هذا لا يجوز، ومن المحرمات الشركية. فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يحذر غلطات اللسان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 30 - حكم الحلف بالأمانة والذمة س: ما حكم الحلف بالأمانة والذمة، كقول الناس: أمانة عليك أخبرني بهذا الشيء، أو في ذمتك؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: الحلف بالأمانة أو بالذمة لا يجوز، ولا بغيرهما من المخلوقات. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (208). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 فقد أشرك (1)» رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح من حديث عمر رضي الله عنه. وفي الصحيحين عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (2)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون (3)» قال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بالأمانة فليس منا (4)». فلا يجوز للمسلم ولا للمسلمة الحلف بغير الله، فلا يقول: بالأمانة ما فعلت كذا، ولا بذمتي ما فعلت كذا، ولا بحياتك ما فعلت كذا. أو وحياتك ما فعلت كذا، أو وشرفك، أو بالنبي، أو بالكعبة. كل هذا لا يجوز، كله من الشرك. لكن إذا قال: في ذمتي هذا - ما يسمى يمينا، أو قال: أن أعطيك هذا الشيء، وأنا مؤتمن عليه. ما يحلف بالأمانة، يقول: لك في هذا ذمتي، لك في هذا أمانتي، لا أخونك، هذا ما يسمى يمينا. أما إذا قال: بأمانتي، أو برأس فلان، أو بذمتي، أو والأمانة - فهذا كله لا يجوز؛ لأن الحلف يكون بالباء أو بالواو أو بالتاء: تالله، والله، بالله. فهكذا إذا قال: بالأمانة، والأمانة، والكعبة، بالكعبة، وحياة فلان، وشرف فلان، وحياة أبيك، ونحو هذا - كل هذا يسمى حلفا بغير الله، لا يجوز.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (3) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248. (4) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 31 - حكم الحلف بالشرف أو بالذمة س: الأخ: ب. س. يسأل ويقول: لدينا عادة مستجدة، وهي الحلف بالذمة أو بالشباب بدل الحلف بالله، فهل هذا جائز؟ (1) ج: الحلف بغير الله لا يجوز؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (2)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت (3)»، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (4)» خرجه الإمام أحمد رحمه الله في المسند بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه، وخرجه أبو داود والترمذي رحمهما الله بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (5)» وهذا يحتمل أنه شك من الراوي، هل قال النبي: "كفر" أو قال: "أشرك"، أو المعنى أنه حصل له هذا وهذا، وتكون "أو" بمعنى الواو، يعني كفر وأشرك.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (114). (2) أخرجه مسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم 1646. (3) البخاري الأدب (5757)، مسلم الأيمان (1646)، الترمذي النذور والأيمان (1534)، النسائي الأيمان والنذور (3766)، أبو داود الأيمان والنذور (3249)، ابن ماجه الكفارات (2101)، أحمد (2/ 76)، مالك النذور والأيمان (1037)، الدارمي النذور والأيمان (2341). (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (5) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 وبهذا يعلم أن الحلف بغير الله أمر لا يجوز مطلقا، لا بالأنبياء ولا بالملائكة، ولا بالكعبة، ولا بالأمانة، ولا بذمة فلان ولا برأس فلان، ولا بشرف فلان، ولا حياة فلان ولا غير ذلك. فإذا قال: بذمتي، أو برأسي، أو بشرفي، أو بحياتي، أو حياة فلان، أو ما أشبه ذلك - كل هذا لا يجوز. أو قال: بالأمانة، أو بالنبي، أو بالكعبة - كل ذلك لا يجوز. وفي الحديث الصحيح يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف بالأمانة فليس منا (1)» وبهذا يعلم أن الواجب على المسلم الحذر من هذه الأيمان الباطلة، وأن يعود نفسه بالحلف بالله وحده سبحانه وتعالى، وأن يحذر من الحلف بغيره عز وجل، كائنا من كان. وهكذا لا يقول: ما شاء الله وشاء فلان، ولا يقول: لولا الله وفلان، ولا يقول: هذا من الله ومن فلان. بل يأتي بـ: ثم. يقول: ما شاء الله ثم شاء فلان، إذا كان له تسبب على الشخص. مثلا: دفع عنك شرا وحماك من شر، تقول: ما شاء الله ثم شاء فلان، جرى كذا وكذا، لولا الله ثم فلان؛ لأنه فعل معه معروفا. هذا من الله ثم من فلان، لا بأس. أما أن تقول: لولا الله وفلان، أو هذا من الله وفلان، أو ما شاء الله وشاء فلان - هذا لا يجوز، بل هو من المحرمات الشركية، فالواجب الحذر من هذه   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 الكلمات، ومن الحلف بغير الله سبحانه وتعالى تعظيما لله، وطاعة لأمره وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، ووقوفا عند حدود الله عز وجل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 32 - حكم قول المرء لأخيه: بذمتك إن فعلت كذا ونحوه س: يسأل أخونا من الزلفى بالمملكة العربية السعودية، فيقول: هل يجوز التذميم بقوله لأخيه: بذمتك، أو بصلاتك. أو بقوله: بحرج إن فعلت كذا؟ فمثل هذه العادات منتشرة عند النساء والأطفال، نرجو التوجيه جزاكم الله خيرا! (1). ج: لا يجوز الحلف لا بالصلاة ولا بالذمة ولا بالحرج، ولا بغير ذلك من المخلوقات، الحلف يكون بالله وحده، فلا يقول: بذمتي ما فعلت كذا ولا بذمة فلان، ولا بحياتي ولا بصلاتي. ولا يطالب، يقول: قل: بذمتي، ويقول: بصلاتي، ويقول: بزكاتي - كل هذا لا أصل له، ولا يجوز؛ لأن الصلاة فعل العباد والزكاة فعل العباد، وأفعال العباد لا يحلف بها، وإنما الحلف بالله وحده سبحانه وتعالى. يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (3)»   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (158). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه. وأخرجه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من حلف بالأمانة فليس منا (2)». فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يحذروا ذلك، وألا يحلف إلا بالله وحده سبحانه وتعالى، يقول: بالله ما فعلت هذا، والله ما فعلت هذا، إذا دعت الحاجة. والمشروع أن يحفظ يمينه، ولا يحلف إلا عند الحاجة، قال تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (3). فإذا دعت الحاجة ليحلف، يقول: والله ما فعلت كذا، إذا كان صادقا. والله ما ذهبت إلى فلان، بالله ما فعلت كذا، تالله ما فعلت كذا. إذا كان صادقا يحلف بالله سبحانه وتعالى، أما الحلف بغير ذلك: بالأمانة، أو بذمتي، أو بالكعبة، أو بحياة فلان، أو بشرف فلان، أو صلاتي، أو ذمتي - فلا يجوز. أما إذا قال: في ذمتي - هذا ليس بيمين. في ذمتي، يعني: هذا الشيء في ذمتي أمانة، أو ما أخون فيه، أو ما أشبه ذلك. هذا ليس يمينا. وأما إذا قال: بذمتي، أو بصلاتي، أو بزكاتي، أو حياتي، أو حياة والدي. هذا ما يجوز، هذا من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253. (3) سورة المائدة الآية 89 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 33 - حكم استعمال كلمة (بالعون) و (بالحيل) س: يقول السائل: نستعمل كلمة بالعون للتأكيد على الشيء، ويقال: إن بالعون هذا اسم صنم كان يعبده المشركون، ويقال: إنه في منطقة بيشة، فهل نقع في الشرك إذا كررنا ذلكم اللفظ؟ (1) ج: هذه كلمة جارية على ألسنة كثير من الأعراب وغيرهم، وما أعرف أصلها، هل أصلها أن هناك صنما يسمى بهذا الاسم؟ أم لا؟ ولكن بكل حال ينبغي تركها. الحلف يكون بالله وحده، يقول: بالله، وبالرحمن، أو بربي، أو بربنا جميعا، أو ما أشبه ذلك. يترك كلمة بالعون، لا حاجة إليها؛ لأن العون كلمة لا يعرف معناها بالنسبة لمن يحلف بها. وهي اسم مصدر من أعان يعين عونا، اسم مصدر من أعان. فالأفضل بل يجب ترك ذلك؛ لأن الحلف بهذا العون لا يجوز، داخل في الحديث: «من حلف بغير الله فقد أشرك (2)» وداخل في الحديث الآخر: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله، أو ليصمت (3)». مثل قول بعضهم: بالحيل، قول بعض الناس: بالحيل. ينبغي تركه، ولا يجوز فعله؛ لأن هذا نوع من الحلف؛ لأنهم يقصدون به التأكيد بالكلام، بالحيل، بالعون، ينبغي ترك هذه الكلمات.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (103). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (3) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، برقم 6108. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 34 - حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم س: يقول السائل: عندنا كثير من الناس حينما يحلف يقول: والنبي. هل الحلف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يعتبر شركا بالله؟ وهل إذا لم يكن شركا عليه إثم؟ أم هو خير؟ أرجو التوضيح. أو الحلف بغير ذلك، كمن يقول: وحياتي، بشرفي، وغير ذلك. ومن الناس من يقول لمن يريد أن يأخذ منه شيئا: بفضل الله ثم بفضلي كذا وكذا، فتقضي حاجتي. وجهوني لهذه الأمور! ج: لا ريب أنه من الشرك الحلف بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو بالأولياء أو بالملائكة أو بالجن أو بالنجوم، أو بشرف فلان أو بحياته، كله لا يجوز. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (1)»، ويقول أيضا: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (3)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (4)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بالأمانة فليس منا (5)» ويقول: «من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله (6)»   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، برقم 6108. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (5) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253. (6) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب " أفرأيتم اللات والعزى"، برقم 4860، ومسلم في كتاب الأيمان، باب من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، برقم 1647. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 والمقصود أن الحلف بغير الله لا يجوز، وهو من المحرمات الشركية، لكنه شرك أصغر ليس بشرك أكبر. فالواجب على المسلم الحذر من ذلك، ويكون الحلف بالله وحده أو بصفة من صفاته، ولا يحلف بغير الله كائنا من كان، لا بالأنبياء ولا بغيرهم. ومن فعل هذا فعليه التوبة إلى الله والإنابة إليه، والندم على ما مضى، والعزم الصادق ألا يعود في ذلك. والله سبحانه بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام لبيان الحق وإيضاح الحق، فختمهم بمحمد عليه الصلاة والسلام. وقد أوضح في ذلك، وكان الناس في أول الإسلام وأول الهجرة يحلفون بآبائهم، ثم نهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون (1)» فإن قصد الحالف بغير الله أن هذا المحلوف به يتصرف في الكون، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله صار شركا أكبر، نسأل الله العافية! أما إذا جرى على لسانه بغير قصد لمحبة محبوبه أو لتعظيمه له فقط، من دون أن يعتقد فيه أنه يصلح أن يعبد من دون الله، أو أنه يتصرف في الكون هذا شرك أصغر، يجب تركه والتوبة إلى الله منه.   (1) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 35 - حكم الحلف بحياة النبي صلى الله عليه وسلم س: هل يجوز الحلف بهذه العبارات التالية: ورب الكعبة، وحياة النبي؟ (1) ج: وحياة النبي، ما يصلح. رب الكعبة، ورب البيت ما يخالف. أما حياة النبي، إنسان، مخلوق - ما يجوز، الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (2)» وقال صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (3)» يكون الحلف بالله أو بأسمائه وصفاته، أما الحلف بحياة النبي، أو بالنبي أو بالأمانة، أو بشرف فلان - كل هذا لا يجوز.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 416. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 36 - حكم قول: وحرام بالله أن تعمل كذا س: بعض الناس عندهم عبارة يرددونها، يقول: الله يحرمني من أهلي إن كنت كاذبا، ويقول: حرام بالله أن تعمل كذا. فما رأي سماحتكم؟ (1) ج: هذا دعاء، ما هو بظهار، يعني الله يحول بيني وبينهم بموت أو بغيره، هذا دعاء على نفسه وعلى أهله، نسأل الله العافية.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 416. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 أما قوله: وحرام بالله أن تعمل كذا - فهذا معناه: علي حرام، هذا يكون فيه كفارة يمين، إذا لم ينفذ الذي قاله، عليه كفارة يمين. إذا قال: حرام بالله أن تقوم، ولا قام - عليه كفارة يمين. حرام بالله أن تأكل طعاما، ولا أكل - عليك كفارة يمين؛ لقول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} (1) {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (2). قال جماعة من المفسرين: إنها جاءت في العسل، ثم قال بعضهم: في تحريم جارية، فأمره الله أن يكفر عن يمينه. جعل التحريم يمينا، تحريم الجارية أو الطعام، أو ركوب الدابة، أو ما أشبه ذلك - يكون حكمه حكم اليمين. علي الحرام ما أركبها، علي الحرام ما آكل معك هذا الطعام، علي الحرام ما أجلس - يكون حكمه حكم اليمين.   (1) سورة التحريم الآية 1 (2) سورة التحريم الآية 2 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 37 - حكم قول: عليك بالنبي صلى الله عليه وسلم س: بماذا تنصحون من يقول: أشهد أن محمدا يا رسول الله؟ وهل عبارة: يا رسول الله، صحيحة؟ أم لا؟ وهل توقع الإنسان في الشرك؟ والبعض أيضا يقولون: عليك بالنبي، هل تعتبر حلفا؟ (1) ج: هذا المقام فيه تفصيل: إذا قال المسلم: السلام عليك يا   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (107). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 رسول الله، أو عليك السلام يا رسول الله، أو صلى الله عليك يا رسول الله وسلم، أو جزاك الله يا نبينا خيرا عما قمت به من البلاغ والبيان والنصح للأمة - فهذا ليس بدعاء للرسول، إنما هو إخبار بالصلاة والسلام عليه، ودعاء له عليه الصلاة والسلام، مثلما نقرأ في التحيات: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. تدعو له بالسلامة والرحمة والبركة، تخصه بهذا وتستحضره بقلبك، تقول: السلام عليك، يعني أدعو لك يا رسول الله بالسلامة والرحمة والبركة. وهكذا كما يقول المسلم عند القبور عند قبره - صلى الله عليه وسلم - أو غيره: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليكم يا أهل القبور. معناه استحضارهم، وأنه يدعو لهم بالسلامة والرحمة والبركة. وهذا ليس من الشرك، بل هذا جائز ولا شيء فيه. أما إذا قال: يا رسول الله، انصرنا على أعدائنا. يا رسول الله، أنا في جوارك، الغوث الغوث، المدد المدد. أو قال: عليك بالنبي، يعني ادعه من دون الله، واستغث به - هذا أمر من الشرك. أما إذا قال: بالنبي ما أفعل كذا، أو بالرسول ما أزورك، أو بالنبي ما أكلمك - هذا يعتبر حلفا بغير الله، هو شرك أصغر، كما قول قال: بالأمانة لا أفعل كذا، أو بجاه النبي، أو بحرمة النبي، أو بحرمة أبيك لا أفعل كذا، أو ما أشبه ذلك. هذا كله يسمى حلفا بغير الله، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من كان   (1) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (2)» وفي لفظ: «فقد أشرك أو كفر (3)» كلها أحاديث صحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام. فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يحفظ لسانه عما حرم الله عليه من الحلف بغير الله كائنا من كان، فالحلف يكون بالله وحده سبحانه وتعالى. كما يجب أن يصون لسانه عن دعاء غير الله من الأموات أو الأصنام أو الكواكب أو الأشجار أو الجن، فلا يقول: يا سيدي يا رسول الله أغثني، أو المدد المدد. أو يا ملائكة الله، أو يا معشر الجن أغيثونا، انصرونا. أو يا سيدي البدوي أو يا سيدي علي أو الحسين، أو فلان أو فلان. أو يا سيدي عبد القادر أغثنا أو انصرنا. كل هذا من الشرك بالله بإجماع أهل العلم والإيمان؛ لأن هذه أمور شركية، كما قال الله عز وجل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (4)، وقال سبحانه وتعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} (5)، وقال سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (6). وقال عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (7)، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (8)   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (4) سورة الجن الآية 18 (5) سورة الأعراف الآية 55 (6) سورة غافر الآية 60 (7) سورة البقرة الآية 186 (8) سورة يونس الآية 106 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 وقال عز وجل: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (1)، فسمى دعاة غير الله كافرين. وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (3)، يعني نفسه سبحانه وتعالى. فأخبر سبحانه أن المدعوين من دون الله من الأموات وغيرهم لا يسمعون دعاء داعيهم: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} (4) ما بين ميت وجماد، ومشغول بما أمره الله به كالملائكة والجن، أو مشغول بحاجاتهم كبعض الجن، أو غائبين لا يسمعون، ليسوا عند الداعي ولا يسمعون دعاءه. ثم بين سبحانه أنهم لو سمعوا، لو كانوا حاضرين - لم يستجيبوا، لم يقدروا على طلبات الطالبين. كلهم مأمورون مخلوقون، أمرهم بيد الله سبحانه وتعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} (5)، ثم قال سبحانه: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (6) فهؤلاء المدعوون من دون الله من الأموات والجمادات والأصنام والأشجار والأحجار والملائكة والجن، كلهم يوم القيامة يكفرون بشرك المشرك، ويتبرؤون منه.   (1) سورة المؤمنون الآية 117 (2) سورة فاطر الآية 13 (3) سورة فاطر الآية 14 (4) سورة فاطر الآية 14 (5) سورة فاطر الآية 14 (6) سورة فاطر الآية 14 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 فالواجب على جميع المسلمين، بل على جميع المكلفين في جميع الأرض، الواجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يدعوه وحده سبحانه وتعالى، وأن يتبعوا رسوله محمدا عليه الصلاة والسلام بما جاء به؛ لأنهم خلقوا لهذا، يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)، وأمرهم بهذا فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} (2). وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3)، فليس لأحد أن يدعو غير الله، من الجن أو الملائكة أو الأموات، أو الأصنام أو الكواكب أو غير ذلك. بل يجب أن تكون الدعوة لله وحده، والعبادة لله وحده، كما قال سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (4)، وقال عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (5). لكن يجوز دعاء الحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه، سواء كان هذا مشافهة، أو من طريق المكاتبة، أو من طريق الإبراق، أو من طريق الهاتف، أو نحو ذلك من الاتصالات الجديدة التي تمكن الإنسان من الاتصال بمن يريد مشافهة في طلب الحاجة التي يريد، كأن يقول: يا أخي فلان أقرضني كذا وكذا، أو أعني على تعمير بيتي، أو على إصلاح سيارتي، يخاطبه. هذا لا بأس به، كما قال عز وجل:   (1) سورة الذاريات الآية 56 (2) سورة البقرة الآية 21 (3) سورة البينة الآية 5 (4) سورة الزمر الآية 2 (5) سورة النساء الآية 36 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1)، في قصة موسى، كان موسى حاضرا قادرا على أن يغيث هذا الإسرائيلي. وكما قال سبحانه: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} (2)، يعني خرج موسى من مصر خائفا يترقب، خائفا من شر فرعون. وكذا خوف الإنسان من اللصوص حتى يغلق بابه ويتحرز من شرهم، أو من قطاع الطريق حتى يحمل السلاح. هذا جائز، لا بأس به؛ لأنه خوف في محله من المؤذيات طبعا، أو المؤذيات بما يستطيعون، كإيذاء الظالم وإيذاء السارق، وإيذاء المعتدي عليك. فتتحرز من شر الناس حتى لا يتعدوا عليك، أو من شر السباع أو من شر الحيات ونحوها، أو اللصوص. كل هذا مما شرع الله التحرز منه، وهو جائز شرعا وعقلا. كذلك اقتراضك ممن يسمع كلامك، تقول: أقرضني كذا وكذا فلوسا أو طعاما لحاجتك، ثم ترد عليه ما أقرضك إياه - هذا جائز بين المسلمين، ليس فيه شيء، مثل ما سمعت في قوله تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (3). وهذا جائز بين المسلمين، سواء كان ذلك مشافهة للشخص الحاضر، أو بواسطة الاتصالات المعروفة من هاتف وكتابة وغير ذلك. وإنما الشرك أن تدعو ميتا أو غائبا بغير الاتصالات المعروفة، وتعتقد فيه السر وأنه   (1) سورة القصص الآية 15 (2) سورة القصص الآية 21 (3) سورة القصص الآية 15 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 يسمع كلامك وينفعك وإن غاب عنك، وإن كان ليس بينك وبينه اتصال حسي معروف، لا من طريق الكتابة ولا من طريق الهاتف، ولا من طريق التلكس مثلا. بل تعتقد أنه سر كما يعتقد عباد القبور، وعباد الأوثان والأصنام. هذا هو الشرك الأكبر، وهذا الذي منعه الله ورسوله. أما الأشياء العادية بين الناس في تعاونهم بينهم، والله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1). ويقول صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (3)» فالرسول - صلى الله عليه وسلم - وضح لنا أن التعاون مطلوب، كما وضحه الله في قوله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (4). والنبي - صلى الله عليه وسلم - وضح ذلك أيضا فيما تقدم من الحديث: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (5)». فالتعاون بين المسلمين جائز بشرط أن يكون ذلك مع حاضرين يسمعون، أو بالوسائل المعروفة التي توصلهم كلامك ومرادك كتابة أو   (1) سورة المائدة الآية 2 (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 2699. (3) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم 2442. (4) سورة المائدة الآية 2 (5) مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699)، الترمذي القراءات (2945)، أبو داود الأدب (4946)، ابن ماجه المقدمة (225)، أحمد (2/ 252). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 إبراقا أو عن طريق الهاتف أو نحو ذلك. أما دعاء الأموات، ودعاء الأصنام ودعاء الغائبين؛ لاعتقاد السر فيهم، كدعاء الملائكة أو دعاء الجن - فهذا هو الذي نص عليه أهل العلم، وبينوا أنه شرك وضلال، كما دل عليه كتاب الله، ودلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والله ولي التوفيق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 38 - حكم حلف المرء بأبيه أو أمه س: أرى البعض من الناس يحلفون بغير الله، وهذا طبعا شرك والعياذ بالله. فمنهم من يحلف بالطلاق وبالحرام وبأولاده وبالنعمة، وهم يصلون ويصومون ويزكون ويداومون على الفرائض، فكيف يجتمع ذلك؟ (1) ج: الحلف بغير الله من الشرك الأصغر، كالحلف بأبيه أو بأمه أو برأس فلان، أو بحياة فلان، هذا من الشرك الأصغر، فالواجب التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من ذلك، والحمد لله.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (365). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 39 - حكم قول: والنبي أعطني كذا ونحوه س: تقول السائلة: هناك عادة لدينا، وهي إذا ترجى أحد من أحد شيئا فإنه يقول له مثلا: والنبي أعطني هذا الشيء، أو والنبي ارفع هذا الشيء، أي يستعطفه بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهل مثل هذا القول جائز؟ أم لا؟ (1). ج: لا يجوز، هذا من الحلف بغير الله، الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف بغير الله فقد أشرك (2)» وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت (3)» فليس لأحد أن يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بالأمانة، ولا بالملائكة، ولا بأبيه، ولا بحياة أبيه، ولا بشرف أبيه، ولا بالملوك. الحلف يكون بالله وحده سبحانه وتعالى، فعليه التوبة إلى الله من ذلك والحذر من العود إلى مثل هذه الأيمان. فلا يقول: والنبي أن تعطيني كذا، ولا والنبي أن تفعل كذا، ولا والأمانة، ولا بالأمانة. كل هذه الأمور لا تجوز، الحلف يكون بالله وحده سبحانه وتعالى. يقول صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (4)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «من حلف بالأمانة فليس منا (5)»   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (243). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (3) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، برقم 6108. (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (5) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الحلف بغير الله كائنا من كان. س: هل يجوز الحلف أو القسم بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ (1) ج: لا يجوز الحلف بغير الله، لا بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا بغيره من الخلق. هذا من خصائص الله، هو الذي يقسم بما يشاء سبحانه وتعالى، كما أقسم بالطور والسماء ذات البروج، والليل إذا يغشى، وغير ذلك. أما المخلوق فليس له أن يحلف إلا بالله وحده سبحانه وتعالى؛ لأن هذا تعظيم لا يليق إلا بالله عز وجل، وهو الذي يعلم سر العبد وصدقه وكذبه، وهو الذي يجازي على الصدق والكذب سبحانه وتعالى. ولهذا صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (2)» متفق على صحته. وفي لفظ يقول صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت (3)»، وفي مسند أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (4)» وإسناده صحيح. هذا عام، يعم الأنبياء وغير الأنبياء. وفي السنن، سنن أبي داود والترمذي، بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (274). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (3) البخاري الأدب (5757)، مسلم الأيمان (1646)، الترمذي النذور والأيمان (1534)، النسائي الأيمان والنذور (3766)، أبو داود الأيمان والنذور (3249)، ابن ماجه الكفارات (2101)، أحمد (2/ 76)، مالك النذور والأيمان (1037)، الدارمي النذور والأيمان (2341). (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (1)» شك من الراوي أقال: كفر أو قال: أشرك، وهذا يدل على تحريم الحلف بغير الله تحريما شديدا، وأنه من المحرمات الكفرية، وهو عند أهل العلم كفر أصغر، وشرك أصغر إلا أن يقوم بقلبه تعظيم المخلوق مثل تعظيم الله، أو يعتقد فيه أنه يصلح أن يعبد من دون الله، يكون شركا أكبر، نسأل الله العافية.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 باب ما جاء في نواقض الإسلام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 باب ما جاء في نواقض الإسلام 40 - بيان أمور من نواقض الإسلام س: سماحة الشيخ: هل تذكرون السادة المستمعين بالأشياء التي تخرج الإنسان من الملة، تخرجه من كونه مسلما إلى كونه كافرا؟ (1) ج: الإسلام له نواقض، فيجب على المسلم أن يحذرها، وقد ذكرها العلماء في باب حكم المرتد، قالوا: وهو المسلم يكفر بعد إسلامه، وذكروا أشياء كثيرة تنقض الإسلام، مثل دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، مثل سب الدين، سب الرسول صلى الله عليه وسلم، وسب القرآن، الاستهزاء بالقرآن، الاستهزاء بالدين، ترك الصلاة، وجحد وجوبها، وجحد وجوب الزكاة، جحد وجوب صوم رمضان، جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، إذا جحد وجوب ذلك كفر، كذلك إذا استحل الزنا كفر، إذا استحل اللواط كفر، إذا قال: الخمر حلال كفر، إذا قال: الربا حلال كفر، وهكذا أشياء ذكروها كثيرة، سموها نواقض   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 182. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 الإسلام، يعني موجبة للردة، نسأل الله العافية. وهذا العصر عصر خطير، ولا سيما في كثير من الدول التي لا تحكم الشريعة، فإن دعاة الباطل فيها كثيرون، ونواقض الإسلام فيها منتشرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. س: من مصر إ. ص: ما هي مبطلات الإسلام؟ وإذا وقع أحد في هذه المبطلات فكيف يرجع إلى الإسلام مرة أخرى؟ (1) ج: هذا سؤال عظيم، يجب على كل مؤمن أن يفهمه وأن يعتني به، لأن نواقض الإسلام اليوم كثيرة، وخطرها عظيم، وهذا السؤال فيه فائدة كبيرة لكل مسلم، وقد ألف العلماء في نواقض الإسلام مؤلفات، وذكروا في كتب الفقه بابا مستقلا في هذه المسألة، سموه باب حكم المرتد، وهو الذي يكفر بعد إسلامه، ثم ذكروا النواقض التي يحصل بها الردة، يقال لها: نواقض الإسلام، مبطلات الإسلام، أسباب الردة، وهي كثيرة، ذكرها العلماء في هذا الباب في مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية وغيرهم، وذكرها جماعة في مؤلفات خاصة مستقلة، فيجب على المؤمن والمؤمنة الحذر من ذلك، والتفقه في ذلك، حتى لا يقع فيه، ومنها الشرك بالله عز وجل، وهو أعظمها كدعاء   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 356. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 أصحاب القبور كالبدوي والحسين أو غيرهم والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والذبح لهم وسؤال الأصنام، والاستغاثة بالجن والملائكة أو بالنجوم، كل هذا من الشرك بالله ناقض من نواقض الإسلام، ومن أسباب بطلان الإسلام. كذلك سب الله أو سب الرسول عليه الصلاة والسلام، أو الاستهزاء بدين الله، أو الاستهزاء بالقرآن، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (1)، من ذلك ترك الصلاة، لأن الصلاة عمود الإسلام وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين، وإذا جحد وجوبها كفر إجماعا، إذا قال: ليست واجبة كفر إجماعا، وإن تركها تساهلا وتكاسلا كفر على الصحيح من قولي العلماء، وهكذا لو جحد وجوب الزكاة، قال: الزكاة ليست واجبة على الناس، أو قال: صيام رمضان ليس بواجب على الناس كفر عند الجميع، أو قال: إن الحج مع الاستطاعة لا يجب على المكلفين كفر إجماعا، لأن الله أوجب الحج مع الاستطاعة، أو قال: إن الزنا حلال استحلالا لما حرم الله، كفر عند الجميع ردة من نواقض الإسلام، أو قال: إن الخمر والمسكرات حلال كفر عند الجميع، أو قال: إن الربا حلال ما فيه ربا، كل الربا حلال، هذا كفر عند الجميع، أو قال: اللواط حلال، إتيان الذكور هذا ردة عند الجميع والعياذ بالله، أو قال: إن الحكم بغير الشريعة جائز، ولا بأس بتحكيم القوانين   (1) سورة التوبة الآية 65 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 الوضعية وترك الكتاب والسنة، إذا أجاز هذا وأباحه كفر إجماعا، وهي نواقض كثيرة حتى عدها بعضهم أربعمائة ناقض، إذا تدبرها الإنسان وتقصاها فهي كثيرة. فالواجب على المؤمن الحذر وأن يتفقه في دين الله ويتبصر، وكذلك يراجع هذا الباب: باب حكم المرتد، طالب العلم يراجع هذا الباب ويتأمل حتى يستفيد ويفيد، نسأل الله للجميع العافية والسلامة، لا حول ولا قوة إلا بالله. إذا وقع في ناقض من نواقض الإسلام فعليه أن يرجع بالتوبة، يندم على الماضي ويعزم ألا يعود ويترك هذا الناقض، فإذا كان كفره بدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والأصنام ترك ذلك، وتاب إلى الله جل وعلا، وبهذا يرجع إلى الإسلام، وإذا كان كفره بأن جحد وجوب الصلاة يقر بقول: لا، أنا غلطان، الصلاة فرض على المكلفين وأتوب إلى الله من ذلك، ويندم ويعزم ألا يعود فيتوب الله عليه، وإذا كان يترك الصلاة لا يصلي، التوبة أن يفعل الصلاة ويندم على الماضي ويستغفر مما مضى، ويعزم ألا يعود فيه، فهذه التوبة، كذلك إذا كان كفره بقول: الزنا حلال إذا تاب قال: لا، الزنا حرام، وأنا أتوب إلى الله وأستغفر الله، وقد أخطأت، والله يعلم من قلبه أنه صادق يتوب الله عليه وهكذا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 س: ما هي مبطلات الإسلام؟ وإذا وقع أحد في أحد هذه المبطلات فكيف يعود إلى الإسلام مرة أخرى؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: مبطلات الإسلام هي نواقض الإسلام، النواقض أسباب الردة قد بينها العلماء في باب مستقل في كتب الفقه، سموه باب حكم المرتد، ذكروه في أواخر كتب الفقه عندما ذكروا الديات والقود والحدود، ذكروا هذا الباب، ففي إمكانك أن تراجع هذا الباب في كتب الحنابلة والشافعية والمالكية والحنفية وكتب أهل الحديث، حتى تستفيد من هذه الكتب العظيمة، المقصود: أن هذا الباب باب عظيم ذكروا فيه نواقض الإسلام، وأعظمها الشرك بالله عز وجل، أن يدعو الأوثان، يدعو أصحاب القبور، أو يدعو النجوم أو يدعو الأصنام، أو يدعو الأشجار والأحجار، يستغيث بها أو ينذر لها أو يذبح لها، هذا من الشرك الأكبر بالله تعالى. ومن نواقض الإسلام سب الدين، كونه يسب الدين يسب الإسلام أو يعيبه أو يتنقص الإسلام، هذا من نواقض الإسلام، ومن نواقض الإسلام الاستهزاء بالدين، الاستهزاء بما قاله الله ورسوله، أو الاستهزاء بالرسول أو بالقرآن، هذا من نواقض الإسلام، كذلك إذا استحل ما حرم الله، إذا قال: الزنا حلال أو الخمر حلال أو الربا   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 361. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 حلال. يكون ردة عن الإسلام بإجماع المسلمين، كذلك إذا أسقط ما أوجب الله مثل الذي يقول: الصلاة ما هي واجبة، أو صوم رمضان ما هو بواجب على المكلفين، الزكاة غير واجبة، أو الحج ما هو بواجب على المستطيع. هذا كله ردة عن الإسلام، وذكروا أنواعا كثيرة. س: يسأل سماحتكم عن الأفعال والأعمال التي تقرب العبد من الجنة وتبعده عن النار؟ (1) ج: الأفعال والأعمال التي تقرب من الجنة طاعة الله ورسوله، كل ما أمر الله به ورسوله وشرعه الله يقرب من الجنة، الصلاة النافلة والفريضة، وصوم النافلة والفريضة، حج النافلة والفريضة، الصدقة النافلة والفريضة، الإكثار من ذكر الله والتسبيح والتهليل، الدعوة إلى الله، تعليم الناس الخير، عيادة المريض الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، قراءة القرآن كل هذه من أسباب دخول الجنة وتقرب من الجنة، المعاصي كلها تباعد من الجنة وتقرب من النار، نسأل الله العافية كالغيبة والنميمة والتكاسل عن الصلاة في الجماعة، يصلي في البيت، وقص اللحية، تطويل الشوارب، إسبال الثياب كل هذه معاص تقرب من النار، نسأل الله العافية.   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 361. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 41 - بيان أن نواقض الإسلام ليست محددة بعدد معين س: هل نواقض الإسلام محددة بعدد معين؟ وما هي؟ (1) ج: نواقض الإسلام كثيرة وليس لها حصر، لأن عددها قد يحصره زيد، ولا يحصره عمرو حسب آراء العلماء واجتهادهم واستنباطهم الأحكام من الأدلة الشرعية، فقد يعدها زيد مثلا أربعمائة ناقض، ويعدها الآخر خمسمائة ناقض، لأنه استنبطها من أدلة أخرى، فهذا يخضع للأدلة الشرعية، نواقض الإسلام تخضع للأدلة الشرعية، وقد ذكرها العلماء في باب حكم المرتد، من أرادها وجدها في باب حكم المرتد، يراجع هذا الباب العظيم ويعتني به حتى يعرف نواقض الإسلام، كالشرك بالله وعبادة الأصنام والقبور من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم، كل هذا من الردة عن الإسلام، كل هذا من نواقض الإسلام، كذلك سب الدين من نواقض الإسلام، سب الله من نواقض الإسلام، سب الرسول من نواقض الإسلام، التنقص من الإسلام من نواقض الإسلام، القول بأن الزنا ليس حراما من نواقض الإسلام، إذا قال: الربا ليس بحرام من نواقض الإسلام، إذا قال: الظلم للناس ليس بحرام هذا من نواقض الإسلام، إذا قال: الصلاة ليست واجبة هذا من نواقض الإسلام، إذا قال: الزكاة ليست واجبة هذا من نواقض الإسلام، إذا قال: صوم رمضان ليس واجبا هذا من نواقض الإسلام، إذا قال:   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 366. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 الحج ليس بواجب مع الاستطاعة هذا من نواقض الإسلام، إذا قال: الغيبة حلال والنميمة حلال هذا من نواقض الإسلام، وهكذا نواقض الإسلام كثيرة، لكن من أراد أن يعرفها على الحقيقة فعليه أن يراجع باب حكم المرتد، وأن يدرس هذا الباب في جميع المذاهب الأربعة: الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي وغيرهم، أن يدرس هذا الباب ويتأمل وينظر في الأدلة الشرعية حتى يعرف النواقض. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 42 - حكم الركوع والسجود لغير الله تعالى س: من المدينة النبوية أ. ش. يقول في سؤال طويل: نعلم أن الركوع والسجود لغير الله شرك أكبر، مخرج من الملة عياذا بالله، لكونهما عبادة تعبدنا الله بها، فمن صرفها لغير الله فقد أشرك به سبحانه، وهناك من قاس القيام لغير الله على الركوع والسجود، من حيث كونه شركا أكبر، واستدل على ذلك بأن القيام عبادة لله، والدليل قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (1)، وقوله سبحانه: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) لكن ما نعلم من كلام أهل العلم أنهم يقولون: إن القيام لغير الله محرم فقط، فنود من سماحتكم التوضيح (3).   (1) سورة البقرة الآية 238 (2) سورة المطففين الآية 6 (3) السؤال الثالث من الشريط رقم 331. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 ج: القيام لغير الله فيه تفصيل، إذا قام الإنسان للصنم أو لميت يتعبد بذلك هذا شرك بالله عز وجل، أما إذا قام لأخيه يسلم عليه ويصافحه إذا أقبل عليه، أو قام عند دخول من جرت العادة بالقيام له فليس بشرك، لكن يكره القيام للناس إذا دخلوا، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقوم له الصحابة إذا دخل، لما يعلمون من كراهته لذلك، لكن إذا قام لمقابلة أخيه الوافد الذي زاره، فقابله وصافحه فلا بأس بذلك، وليس من العبادة في هذا، إنما قام للتحية والإكرام، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم لابنته فاطمة، إذا دخلت عليه قام لها، وأخذ بيدها وقبلها وأقعدها في مكانه، وكانت رضي الله عنها إذا دخل عليها أبوها قامت إليه، وأخذت بيده وقبلته وأجلسته في مكانها، ولما تاب الله على كعب بن مالك وصاحبيه، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، ورآه طلحة بن عبيد الله قام إليه يهرول، حتى صافحه وهنأه بالتوبة، ولم ينكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام، ولما جاء سعد بن معاذ للحكم في بني قريظة قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: «قوموا إلى سيدكم (1)»، يعني إلى سعد لمقابلته وإكرامه، وإنزاله من على الحمار، فبهذا يعلم أن القيام لغير الله أقسام، منها: قيام للتعظيم على رأسه، وهو جالس تعظيما هذا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب إذا نزل العدو على حكم رجل، برقم 3043، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهل للحكم، برقم 1768. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 لا يجوز، وليس بكفر لكنه لا يجوز. ومنها قيام للصنم أو الميت أو الشجر أو الحجر على سبيل العبادة، كالركوع والسجود هذا عبادة لا يجوز وهو من الشرك الأكبر، النوع الثالث: قيام للإكرام، إذا دخل وهم في أمكنتهم هذا مكروه كبعض الطلبة إذا دخل المدرس، أو دخل بعض الأمراء هذا مكروه، القيام الرابع: إذا قام إلى أخيه الوافد عليه كالزائر ليصافحه ويأخذ بيده، هذا لا بأس به بل هو مشروع كما سبق، أما كونه يقف فقط هذا مكروه، أما إذا قام إليه وقابله، وأخذ بيده هذا مستحب، والكراهة محتملة، لكن الأقرب فيها المنع، يقول أنس رضي الله عنه: لم يكن أحد أحب إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا لا يقومون إذا دخل عليهم لما يعلمون من كراهته لذلك، فهي محتملة تطلق على التحريم، وتطلق على التنزيه، والغالب عليها عند السلف التحريم، فالمقصود أن الواجب ترك ذلك، وهو أن يقف فقط للمدرس، أو للأمير تركه أولى وأقل أحواله الكراهة الشديدة غير التحريم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 43 - بيان أن سجود الملائكة لآدم وسجود أبوي يوسف وإخوته له تحية وإكرام س: قرأت في كتاب يسمى بدائع الزهور، في وقائع الدهور: لما دخل نبي الله يعقوب إلى مصر مشى العسكر بين يديه، حتى وصل إلى قصر ابنه يوسف، حيث كان وزير عزيز مصر في ذلك الوقت، وعندما دخل القصر رفع يوسف أباه وخالته على سريره، وأمر العسكر أن يسجدوا لهما، وكان ذلك عادة أهل مصر في التحية، فهل سجود التحية مباح في مثل هذه المواقف؟ أرجو من سيادتكم تفسيرا عن ذلك، حفظكم الله وزادكم من علمه، ونفعنا بكم والمسلمين آمين (1). ج: ينبغي أن يعلم أن هذا الكتاب، وهو بدائع الزهور ليس من الكتب المعتمدة، بل هو حاطب ليل يذكر الغث والسمين، والصحيح والباطل فلا يعتمد عليه، وأخبار بني إسرائيل أخبار قديمة، لا يعتمد عليها إلا ما ثبت عن الله سبحانه، أو عن رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، ونص القرآن أن يوسف عليه الصلاة والسلام رفع أبويه على العرش وهما: أبوه وأمه لا خالته، بل أبوه وأمه، لأن الله سبحانه قال: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} (2)، وكانت السجدة ذلك الوقت   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 123. (2) سورة يوسف الآية 100 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 مباحة للإكرام والتحية وليست للعبادة، وكما سجد الملائكة لآدم إكراما، وتعظيما لا عبادة، فهذه السجدة ليست من باب العبادة، بل هي من باب التحية والإكرام، وهي جائزة في شرع من قبلنا، ولكن في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ممنوع ذلك، ولهذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، لعظم حقه عليها (1)». وبين أن السجود لله سبحانه وتعالى، فلا يسجد إلا لله سبحانه وتعالى، وقال عز وجل في آخر سورة النجم: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (2)، وقال في سورة اقرأ: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (3). فالسجود لله وحده، وشريعة محمد عليه الصلاة والسلام هي أكمل الشرائع وأتمها، فلا يجوز فيها السجود لغير الله لا تحية ولا عبادة، أما العبادة فلا تصح إلا لله وحده في جميع الشرائع، لأن الله جل وعلا قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (4)، وقال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (5)   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم 12203، والترمذي في كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق الزوج على المرأة، برقم 1159. (2) سورة النجم الآية 62 (3) سورة العلق الآية 19 (4) سورة الإسراء الآية 23 (5) سورة الذاريات الآية 56 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 فالعبادة حق الله وحده في كل زمان ومكان، ولكن كان السجود فيما مضى يستعمل تحية وإكراما، كما فعل أبوا يوسف وإخوته، وكما فعلت الملائكة لآدم، هذا من باب التحية والإكرام، وليس من باب العبادة، أما في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، فإن الله عز وجل منع من ذلك، وجعل السجود لله وحده سبحانه وتعالى، ولا يجوز أن يسجد لأحد لا للأنبياء ولا غيرهم، حتى محمد عليه الصلاة والسلام، منع أن يسجد له أحد، وأخبر أن السجود لله وحده سبحانه وتعالى، فعلم بهذا أن جميع أنواع العبادة كلها لله وحده سبحانه وتعالى، ومن أعظمها السجود فإنه ذل وانكسار لله سبحانه وتعالى، فهو من أفضل العبادات، فلا يصرف لغيره من الناس، لا للأنبياء ولا للجن ولا للإنس ولا غيرهم، والله المستعان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 44 - حكم من يؤدي بعض أركان الإسلام ويترك البعض الآخر س: ما رأيكم في المسلم الذي يؤدي بعض أركان الإسلام، ويترك البعض الآخر، كأن يزكي ولا يصوم، أو يصوم ولا يصلي وهكذا؟ (1) ج: أما ترك الصلاة فكفر أكبر في أصح قولي العلماء، والعياذ بالله ردة عن الإسلام، أما الزكاة والصوم والحج فليس بردة، بل كبيرة من كبائر الذنوب، فلا يكفر بذلك إلا إذا جحد الوجوب، يعني جحد   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 316. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 وجوب الصلاة، أو الصوم أو الزكاة أو الحج مع الاستطاعة، فهذا كفر بإجماع المسلمين، أما إذا كان لا يجحد الوجوب فهذا يختص بالصلاة، يكفر إذا تركها ولو لم يجحد وجوبها بأصح قولي العلماء. أما الزكاة فلا يكفر إذا كان يؤمن بوجوبها، إذا كان يتساهل ويبخل بها فهذا متوعد بالنار، فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعذب يوم القيامة بالمال الذي بخل بزكاته، يعذب به يوم القيامة من نقود تحمى عليه، وهكذا الإبل والبقر والغنم يبطح لها في قاع قرقر، تمر عليه تطؤه الإبل بأخفافها وتعضه بأفواهها، وتطؤه البقر والغنم بأظلافها، وتنطحه بقرونها، كلما مرت عليه أخراها عادت عليه أولاها، نسأل الله العافية في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة أو إلى النار، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ثم يرى سبيله إما إلى الجنة أو إلى النار (1)» يدل على عدم الكفر، ويدل على أنه قد يدخل الجنة، قد يعفى عنه ويدخل الجنة، فدل على أنه ليس بكافر، إذا كان تركها بخلا، ولم يجحد وجوبها، وهكذا صوم رمضان إذا ترك الصوم تساهلا ولم يجحد وجوبه، وهكذا الحج، أما من جحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب الصيام، يعني صيام رمضان، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، هذا يكفر، لأنه مكذب لله ورسوله نسأل الله العافية، هذا يكفر عند الجميع، لأنه بجحده الوجوب قد كذب الله ورسوله، نسأل الله العافية.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم 987. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 45 - حكم تكفير تارك الصلاة والمستهزئ بالقرآن س: يقول السائل: هل يجوز للمسلم أن يكفر رجلا مسلما لا يصلي الصلوات المكتوبة، أو استهزأ بالقرآن؟ فهل يجوز أن نقول لمثل هؤلاء: كفار، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله؟ (1) ج: نعم أيها السائل، إذا وجدت من يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، يعمل عملا يقتضي كفره وجب أن يكفر، لأن المسلم يكفر بشيء من نواقض الإسلام، فليس من قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. معصوما من أن يقع منه مكفر، لا بل متى وجد المكفر كفر به، فالذي يستهزئ بالقرآن أو يستهزئ بالرسول صلى الله عليه وسلم أو يستهزئ بالصلاة، أو بالصيام أو بشيء مما شرعه الله يكون كافرا عند جميع العلماء، وقد ذكر العلماء ذلك في باب حكم المرتد. فينبغي لك إذا كنت طالب علم أن تراجع كلام أهل العلم، وإلا فلتعلم أن هذا كفر وضلال، وردة عن الإسلام، كما قال الله جل وعلا: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (2) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (3) وهكذا الذي يترك الصلاة عمدا ولا يصلي،   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 25. (2) سورة التوبة الآية 65 (3) سورة التوبة الآية 66 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 هذا كافر أيضا في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، متى تركها تهاونا وتكاسلا فإنه يكفر بذلك في أصح قولي العلماء، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (1)» فمن ترك عمود الإسلام فقد كفر، ولقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)»، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)»، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يكفر كفرا أكبر، بل كفره كفر أصغر ما لم يجحد وجوبها، فإن جحد وجوبها كفر بالإجماع. أما ما دام يعلم أنها فريضة ولكن يغلب عليه الكسل والتساهل، ولا يصلي فلا يكفر بذلك عند جمع من أهل العلم، ولكن يكون عاصيا معصية عظيمة أعظم من معصية الزنا، وشرب الخمر ونحو ذلك، ويكون كافرا كفرا دون كفر، هذا قول جمع من أهل العلم، والصواب القول الأول أنه كافر كفرا أكبر، للأحاديث السابقة ولأدلة أخرى دلت على ذلك.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم 2616. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم 82. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22428. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 فالواجب على أهل الإسلام الحذر من ذلك، والمحافظة على الصلوات والعناية بها والعناية بأدائها بالجماعة، هذا هو الواجب على كل مسلم، وليس قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. عاصما من تكفيره إذا وجد منه ناقض من نواقض الإسلام، كما هو معروف - أيها السائل - فإن الاستهزاء بالدين كفر بالإجماع، ولو قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهكذا لو أنكر البعث بعد الموت، أو أنكر الجنة أو أنكر النار، كفر بإجماع المسلمين، ولو قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، لأن إنكاره لهذه الأمور تكذيب للرسول صلى الله عليه وسلم، وتكذيب لله فيما أخبر به في كتابه، وهكذا لو سب الدين، أو سب الله سبحانه، أو سب الرسول، كفر بالإجماع، ولو أقر بالشهادتين، وهكذا لو قال: إن صوم رمضان غير واجب، أو الزكاة مع توافر شروطها غير واجبة، أو الحج مع الاستطاعة غير واجب، كفر بالإجماع. فينبغي لك - أيها السائل - وينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور، والحذر من كل ما يسبب الكفر والخروج عن دائرة الإسلام، وينبغي للمؤمن أيضا أن يتفقه في دينه ويتبصر، وأن يحذر من الوقوع فيما حرم الله عليه وهو لا يشعر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 46 - شرح قاعدة: "من لم يكفر الكافر أو يشك في كفره فهو كافر " س: الأخ: م. أ. أ. من ليبيا، يقول: سمعت مؤخرا أن من لم يكفر الكافر أو يشك في كفره فهو كافر، كما أن من يشك في كفر تارك الصلاة أو المستهزئ بحد من حدود الله فهو كافر، فهل هذا صحيح؟ ج: لقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على وجوب البراءة من المشركين واعتقاد كفرهم، متى علم المؤمن ذلك واتضح له كفرهم وضلالهم، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} (1) {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} (2) {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (3) لعلهم يرجعون إليها في تكفير المشركين والبراءة منهم، والإيمان بأن الله هو المعبود بالحق سبحانه وتعالى، وقال عز وجل: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (4) فهذا هو دين إبراهيم وملة إبراهيم والأنبياء جميعا، البراءة من عابدي غير الله واعتقاد كفرهم وضلالهم، حتى يؤمنوا بالله وحده سبحانه وتعالى.   (1) سورة الزخرف الآية 26 (2) سورة الزخرف الآية 27 (3) سورة الزخرف الآية 28 (4) سورة الممتحنة الآية 4 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 فالواجب على المسلم أن يتبرأ من عابدي غير الله، وأن يعتقد كفرهم وضلالهم حتى يؤمنوا بالله وحده سبحانه وتعالى، كما حكى الله عن إبراهيم والأنبياء جميعا، وهكذا قوله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1)، والكفر بالطاغوت معناه البراءة من عبادة غير الله، واعتقاد بطلانها، وهذا الواجب على كل مكلف أن يعبد الله وحده، وأن يؤمن به ويعتقد أنه سبحانه هو المستحق للعبادة، وأن ما عبده الناس من دون الله، من أصنام أو أشجار أو أحجار، أو أموات أو جن أو ملائكة أو كواكب أو غير ذلك، أنه معبود بالباطل، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (2) الآية من سورة الحج. فالمؤمن إذا علم أن فلانا يعبد غير الله وجب عليه البراءة منه، واعتقاد بطلان ما هو عليه وتكفيره بذلك، إذا كان ممن بلغته الحجة، ممن كان بين المسلمين أو علم أنه بلغته الحجة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (3)، وقال تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} (4) فالله أوحى القرآن إلى نبيه صلى الله عليه وسلم وجعله بلاغا للناس، فمن بلغه القرآن أو السنة، ولم يرجع عن كفره وضلاله وجب اعتقاد بطلان ما هو عليه وكفره، ومنه هذا الحديث الصحيح، يقول   (1) سورة البقرة الآية 256 (2) سورة الحج الآية 62 (3) سورة الأنعام الآية 19 (4) سورة إبراهيم الآية 52 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار (1)». فبين عليه الصلاة والسلام أنه متى بلغه ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، ثم مات ولم يؤمن بذلك صار من أهل النار، يعني صار كافرا من أهل النار، لكونه لم يستجب لما بلغه عن الله وعن رسوله، وهذا هو معنى قوله سبحانه: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (2)، وقوله سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} (3) وفي الصحيح، صحيح مسلم، عن طارق بن أشيم رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه (4)» وفي لفظ آخر: «من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه (5)» فجعل تحريم الدم والمال مربوطا بقوله: لا إله إلا الله، وبتوحيده الله وكفره بالطاغوت، فلا يحرم ماله ودمه حتى يوحد الله   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، برقم 153. (2) سورة الأنعام الآية 19 (3) سورة إبراهيم الآية 52 (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، برقم 23. (5) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم 15448. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 وحتى يكفر بالطاغوت، يعني حتى يكفر بعبادة غير الله، الطاغوت كل ما عبد من دون الله، يعني حتى يكفر بعبادة غير الله، ويتبرأ منها ويعتقد بطلانها، وهو معنى الآية الكريمة السابقة: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) والذي يعلم الكافر وما هو عليه من الباطل، ثم لا يكفره أو يشك في كفره، معناه أنه مكذب لله ولرسوله غير مؤمن بما حكم الله عليه به من الكفر، فاليهود والنصارى كفار بنص القرآن ونص السنة. فالواجب على المكلفين من المسلمين اعتقاد كفرهم وضلالهم، ومن لم يكفرهم أو شك في كفرهم يكون مثلهم، لأنه مكذب لله ولرسوله، شاك فيما أخبر الله به ورسوله، وهكذا من شك في الآخرة، بأن شك هل هناك جنة ولا ما هناك جنة؟ هل هناك نار ولا ما هناك نار؟ هل هناك بعث ولا ما هناك بعث؟ يعني عنده شك، هل هناك بعث ونشور؟ هل يبعث الله الموتى؟ هل هناك جنة؟ هل هناك نار؟ ما عنده إيمان ويقين، بل عنده شك، هذا يكون كافرا، حتى يؤمن بالبعث والنشور وبالجنة والنار، وأن الله أعد الجنة للمتقين المؤمنين، وأعد النار للكافرين، لا بد من إيمانه بهذا بإجماع المسلمين. وهكذا من شك في أن الله يستحق العبادة يكون كافرا بالله عز وجل، لأن الله سبحانه، يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (2)   (1) سورة البقرة الآية 256 (2) سورة الحج الآية 62 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 ويقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)، وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3)، والآيات في هذا كثيرة، وهكذا من شك في الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: لا أعلم أن محمدا رسول الله، أو ما هو برسول الله، عندي شك. يكون حكمه حكم من أنكر رسالته أو كذب به، يكون كافرا حتى يؤمن يقينا أن محمدا رسول الله، وهكذا المرسلون الذين بينهم الله، كنوح وهود وصالح وموسى وعيسى وإبراهيم ونحوهم، من شك في رسالتهم أو كذبهم يكون كافرا، نسأل الله العافية، وهكذا من استهزأ بالدين، ومن سب الدين أو استهزأ بالحدود يكون كافرا، كما قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (4)، والذي يسب الدين ويسب الرسول مثل المستهزئ، أو أقبح وأكفر. أما من ترك الصلاة ولم يجحد وجوبها فهذا فيه خلاف بين العلماء، منهم من يرى تكفيره وهو الصواب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (5)»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (6)»، وقال آخرون من أهل   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة الفاتحة الآية 5 (3) سورة البينة الآية 5 (4) سورة التوبة الآية 65 (5) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22428. (6) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم 82. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 العلم: إنه لا يكفر بذلك إذا كان لا يجحد وجوبها، بل يكون عاصيا، ويكون كافرا كفرا دون كفر وشركا دون شرك، لكن لا يكون كافرا كفرا أكبر. هذا قاله جمع من أهل العلم، ومن شك في كفر هذا لا يكون كافرا لأجل الخلاف الذي فيه، من شك في كفر تارك الصلاة ولم يجحد وجوبها لا يكون كافرا، بل هذا محل اجتهاد بين أهل العلم، فمن عرف بالأدلة الشرعية أنه كافر وجب عليه تكفيره، ومن شك في ذلك ولم تظهر له الأدلة، ورأى أنه لا يكفر كفرا أكبر بل كفرا أصغر، هذا معذور في اجتهاده ولا يكون كافرا بذلك، أما من جحد وجوبها، وقال: الصلاة غير واجبة! هذا كافر عند الجميع، ومن شك في كفره فهو كافر نعوذ بالله، وهكذا من قال: إن الزكاة لا تجب، وجحد وجوبها، أو صيام رمضان جحد وجوبه، أو قال: إن الحج مع الاستطاعة لا يجب، هذا يكفر بذلك، لأنه مكذب لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، ومكذب لإجماع المسلمين فيكون كافرا، ومن شك في كفره فهو كافر بعد ما يبين له الدليل، ويوضح له الأمر يكون كافرا بذلك، لكونه كذب الله ورسوله، وكذب إجماع المسلمين، وهذه أمور عظيمة يجب على طالب العلم التثبت فيها وعدم العجلة فيها، حتى يكون على بينة وعلى بصيرة، وهكذا العامة يجب عليهم أن يتثبتوا وأن لا يقدموا على شيء حتى يسألوا أهل العلم، وحتى يتبصروا؛ لأن هذه المسائل عظيمة، مسائل تكفير ليست مسائل خفيفة، بل مسائل عظيمة. فالواجب على أهل العلم وعلى طلبة العلم أن يوضحوها للناس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 بالأدلة الشرعية، والواجب على من أشكل عليه شيء ألا يعجل، وأن ينظر في الأدلة، وأن يسأل أهل العلم حتى يكون على بصيرة، وعلى بينة في ذلك، رزق الله الجميع التوفيق والهداية والعلم النافع والعمل الصالح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 47 - التفصيل في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله تعالى س: تقول السائلة: لقد تعرفت خلال دراستي الجامعية، بجامعة الخرطوم على فتاة تقول: إن المجتمعات الآن كلها مجتمعات جاهلية، أي كافرة وتستدل بالآتي: إن هذه المجتمعات تحكم بغير ما أنزل الله، وقد قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (1) وتقول: إن قول ابن عباس في هذه الآية كان مربوطا بحادثة معينة، ولا يجب أن يؤخذ به الآن في الحكم على حكام هذا الزمان، إنهم يتحاكمون إلى غير شريعة الله، أي يتحاكمون إلى الطاغوت، وقد قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} (2) وأيضا تستدل بقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (3)   (1) سورة المائدة الآية 44 (2) سورة النساء الآية 60 (3) سورة النساء الآية 65 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 فهل هذا الكلام صحيح، وأنه كل من تحاكم إلى قوانين المحاكم التي توجد ببلده الوضعية يصبح كافرا، خارجا من ملة الإسلام تحت جميع الظروف، وأنه لا عذر له أمام الله؟ أتمنى يا سماحة الشيخ أن تجيب على هذا الموضوع الذي يقلقني بتفصيل شديد جدا، وأن تعطيني الأدلة الكافية بإقناع أي إنسان يحمل مثل هذا الفكر، وأنا أشعر أن تكفير المجتمع كله غير صحيح، وأحب أن أهدي صديقتي هذه إلى الطريق القويم، ويا حبذا لو تمكنتم، ودللتموني على بعض الكتب التي تفيدني في مثل هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (1). ج: لا شك أن هذا الإطلاق من هذه الفتاة ليس بصحيح، فليست المجتمعات كلها جاهلية، بل فيها بحمد الله من أهل الخير والعلم والصلاح والاستقامة ما فيها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله (2)». فالطائفة   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 113. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة"، برقم 1037. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 موجودة والحمد لله، وموجودة بكثرة في محلات كثيرة، فلا يجوز أن يقال: إن جميع المجتمعات في الشرق والغرب كلهم جاهلية وليس فيها إسلام، هذا غلط ومنكر، نعم الأغلب جاهلي، الأكثر والأغلب جاهلية على خلاف الشرع، لكن يوجد بحمد لله طائفة منصورة، يوجد من هو على الحق وإن كانوا لا يحصرون في مكان معين، لكنهم بحمد الله موجودون، وإن خلا منهم بعض الأماكن، وبعض البلاد، لكنهم بحمد الله موجودون في دول كثيرة، وفي بلدان كثيرة، ولا سيما بحمد الله في هذا العصر، في أول هذا القرن وآخر القرن الماضي، قد اتسعت الدعوة إلى الله، وكثر الدعاة إلى الله ونشط الشباب الإسلامي في كل مكان - إلا ما شاء الله - في الدعوة إلى الله، والترغيب في الخير، والدلالة على الخير، والعناية بالقرآن والسنة. فالإطلاق الذي قالته الفتاة غير صحيح، وعليها التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إليه، وأن تخاف الله وتراقبه سبحانه وتعالى، أما وجود التحكيم بغير الشريعة فهذا إثمه على من فعل ذلك ورضي به، أما من كرهه ولم يرض به فليس عليه إثم منه، الله سبحانه يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (1)، ومن حكم غير الشريعة من الدول وأعوانهم، ورضوا بذلك فهم الآثمون. أما من لم يرض بهذا من الرعية من رجال ونساء، في أي بلد فليس مأخوذا بعمل غيره، ولا آثما بعمل غيره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) سورة فاطر الآية 18 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 «لا يجني جان إلى على نفسه (1)» وهذا ما قاله سبحانه: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (2) فالواجب التثبت في الأمور وعدم إطلاق الأحكام جزافا بغير بصيرة، ولا ريب أن الحكم بغير ما أنزل الله منكر عظيم ومن أنواع الكفر، كما بينه الله سبحانه وتعالى، وهو من حكم الجاهلية، كما قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (3) وليس لأحد أن يحكم بغير ما أنزل الله، بل هذا منكر عظيم، وجريمة شنيعة، أما كونه كفرا مخرجا من الملة فهذا هو محل التفصيل عند أهل العلم، فمن فعل الحكم بغير ما أنزل الله يستجيزه، ويرى أنه لا بأس به، أو يرى أنه مثل حكم الله، أو يرى أشنع من ذلك: أن الشريعة لا تناسب اليوم، وأن القوانين أنسب منها وأصلح، هذا كله كفر أكبر على جميع الأحوال الثلاثة، ومن زعم أن حكم غير الله أحسن من حكمه، أو مثل حكمه في أي وقت كان، أو أنه يجوز الحكم بغير ما أنزل الله، ولو قال: إن الشريعة أفضل وأحسن، ففي هذه الأحوال الثلاث يكون قائل ذلك كافرا، وهكذا معتقد ذلك، من اعتقد أن حكم غير الله جائز، أو مماثل لحكم الله، أو أفضل من حكم الله فهو مرتد عند جميع أهل الإسلام، أما من فعل ذلك لغرض من الأغراض، وهو يعلم أنه مخطئ   (1) أخرجه الإمام أحمد، في مسند المكيين، حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه، برقم 15634. (2) سورة فاطر الآية 18 (3) سورة المائدة الآية 50 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 وأنه مجرم، ولكن فعل ذلك لغرض الرشوة، أو مجاملة قوم أو لأسباب أخرى، الله يعلم من قلبه أنه ينكر هذا، وأنه يرى أنه باطل، وأنه معصية هذا لا يكفر بذلك، يكون عاصيا ويكون كافرا كفرا دون كفر، وظالما ظلما دون ظلم، وفاسقا فسقا دون فسق، كما قال ابن عباس رضي الله عنه، ومجاهد بن جبر وجماعة آخرون، وهو معروف عند أهل العلم، وإن أطلق من أطلق كفره فمراده كفر دون كفر. أما من اعتقد جواز حكم بغير ما أنزل الله ولو قال: إن الشريعة أفضل، أو قال: إنه مماثل لحكم الله، أو قال: إنه أفضل من حكم الله، ففي هذه الأحوال الثلاث يكون كافرا، نسأل الله العافية، كما تقدم وأرشدك في هذا إلى مراجعة تفسير ابن كثير رحمه الله وابن جرير والبغوي وغيرهم، على آيات المائدة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (1) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (2) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (3)، وإلى مراجعة كتب ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين، وفي الطرق الحكمية، ومراجعة شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه وفي فتاواه وغيرها، وهكذا مراجعة كتب أهل العلم في مذهب الشافعي والمالكي والحنفي وغيرهم من أهل العلم، حتى تعلمي الحكم الشرعي، ومن أنسب   (1) سورة المائدة الآية 44 (2) سورة المائدة الآية 45 (3) سورة المائدة الآية 47 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 ما يكون في هذا باب حكم المرتد، فإنهم بينوا فيه كل شيء في جميع المذاهب الأربعة، وفي غيرها من كلام أهل العلم، وأوضحوا تفصيل الحكم بغير ما أنزل الله، ولعلك بهذا والفتاة التي نقلت عنها، لعله يحصل لها بذلك الطمأنينة، والرجوع إلى الحق وترك التعميم الذي يخالف الشرع المطهر، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. س: نأمل التوضيح حول الحكم بغير ما أنزل الله (1). ج: هذا الموضوع من أهم الموضوعات، ومن أخطرها؛ لأن غالب الدول المنتسبة إلى الإسلام لا تحكم شرع الله في كل شيء، وإنما في بعض الشيء كالأحوال الشخصية أو العبادات، وهذا لا شك خطأ عظيم وجريمة كبيرة. فالواجب على جميع حكام المسلمين التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إلى الصواب والحق، وأن يحكموا شرع الله في عباد الله، في كل شيء في العبادات والمعاملات، والجنايات والأحوال الشخصية وفي كل شأن من شئونهم، لقول الله جل وعلا: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (2)، ولقوله سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (3)،   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 98. (2) سورة النساء الآية 65 (3) سورة المائدة الآية 50 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 بعد قوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} (1) ثم قال بعدها: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (2) ليس هناك حكم أحسن من حكم الله عز وجل، وسبق قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (3)، وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (4)، وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (5) هل يرضى مسلم أن يكون موصوفا بهذا الوصف، وأي شيء يرجى من قوانين البشر وآرائهم وعوائدهم التي درجوا عليها، ففي شرع الله الكفاية والغنية والمقنع في كل شيء. فالواجب على كل حاكم سواء كان ملكا أو رئيس جمهورية، أو بأي اسم سمي أو أميرا، الواجب عليه أن يحكم شرع الله، وأن يلزم من لديه بذلك، يلزم الشعب بالتحاكم إلى شرع الله، وأن ينصب القضاة، وأن يهيئ ما يعينهم على ذلك، وأن يوجد من الأسباب ما يحصل به وجود القضاة، العارفين بشرع الله عز وجل، فلا بد من إيجاد الدراسة الكافية في العلوم الشرعية في الجامعات وغير الجامعات   (1) سورة المائدة الآية 49 (2) سورة المائدة الآية 50 (3) سورة المائدة الآية 44 (4) سورة المائدة الآية 45 (5) سورة المائدة الآية 47 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 وفي المساجد، فليس من شرط التعلم أن يكون هناك جامعة، بل في أي مكان في مسجد أو مدرسة، أو جامعة لا بد من إيجاد من يتعلم علوم الشريعة، حتى يصلح لأن يكون قاضيا يحكم بين الناس، ولا يجوز أبدا أن يحكم بين الناس بالقوانين الوضعية التي وضعها الرجال بآرائهم، بل يجب أن يسند الحكم إلى شرع الله، وأن يؤخذ الحكم من شرع الله بين عباد الله، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 48 - حكم التحاكم إلى من يسمى بالمرضي س: عندما يحدث نزاع بين قبيلتين على أمر ما من مصالح الدنيا، فإن المتنازعين لا يتحاكمون إلى الشرع حتى ولو على حكم الشرع، بل يتحاكمون - وهذا سائد بين كل أفراد القبيلتين - لما يسمى المرضي، وهو شخص من قبيلة غير قبيلتي المتنازعين، فيحكم هذا الشخص بما وجد عليه الآباء والأجداد، وقد يحكم بيمين تؤدى في ضريح، فمثلا: إذا اتهم شخص بسرقة وأنكر فإنه يقسم بالشيخ فلان أنه ما سرق، ويحلف معه خمسة أو عشرة من أهله أو قبيلته، تختارهم القبيلة التي لها اليمين، وبالفعل يحلفون بأن صاحبهم صادق حتى ولو لم يروا شيئا، فما رأي سماحتكم؟ وما هو موقفنا كدعاة إلى الله؟ وإذا كان والدي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 من هؤلاء الذين يحكمون الناس بما سبق وأن وصفته، فما هو وجه النصح له؟ رغم أني نصحته أكثر من مرة، فبرر عمله بأنه طالما أنه يحلف الناس من بعضهم فلا شيء في ذلك، هل أقاطعه؟ وإذا ما قاطعته هل أكون عاقا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1). ج: لا يجوز التحاكم إلى غير شريعة الله، بل يجب الحكم بشريعة الله والتحاكم إليها، كما قال الله سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} (2) يعني النبي صلى الله عليه وسلم {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (3) ويقول سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (4) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (5) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (6)، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (7). فالواجب التحكيم إلى شرع الله، ولا يجوز لأي أحد أن يحكم بين القبيلة بحكم الطاغوت والأجداد والأسلاف، ولا يجوز الحلف بغير الله بالسيد فلان، ولا بأبي فلان، ولا بالنبي فلان، الحلف   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 182. (2) سورة النساء الآية 65 (3) سورة النساء الآية 65 (4) سورة المائدة الآية 50 (5) سورة المائدة الآية 44 (6) سورة المائدة الآية 45 (7) سورة المائدة الآية 47 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 لا يجوز إلا بالله وحده سبحانه وتعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (1)»، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء من دون الله فقد أشرك (2)»، فالحلف بغير الله لا يجوز لا بالأنبياء ولا بالأولياء ولا بغيرهم، ولا يجوز تحكيم شيوخ القبائل، ولا أشخاص معينين من أي قبيلة، كل هذا منكر، وكل هذا لا يجوز وباطل، والذي يراه جائزا، ويراه أمرا معتبرا يكون كافرا، نسأل الله العافية، كل من أجاز حكم غير الله فإنه يكون كافرا، ولو قال: إن حكم الشريعة أحسن. إذا قال: إنه يجوز تحكيم القوانين، أو آراء الأجداد، وأنها جائزة. فهذا كله شرك أكبر، ولو قال: إن الشريعة أحسن وأفضل، فالأحوال الثلاثة، تارة يحكم بغير ما أنزل الله، ويقول: إنه أحسن وأفضل، فالأحوال ثلاثة، تارة يحكم بغير ما أنزل الله، ويقول: إنه أحسن من حكم الله، وتارة يقول: إنه مثل حكم الله، وتارة يقول: حكم الله أحسن، ولكن هذا جائز. ففي الأحوال الثلاثة كلها يكون كافرا، نسأل الله العافية، لأنه استجاز أمرا محرما بالإجماع، مخالفا للشريعة المطهرة، ولنص الكتاب والسنة، ومن استحل ما حرمه الله وأجمع عليه المسلمون فهو كافر، نعم يجوز الإصلاح بين الناس بما   (1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب كيف يستحلف، برقم 2679، ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم 1646. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 لا يخالف الشرع، فإذا تنازع اثنان في سرقة أو مضاربة، وأصلح بينهما شخص وتراضوا على أن هذا السارق يعطي فلانا كذا وكذا، ولا يترافعون للمحكمة، يعطيه سرقته أو يزيده كذا وكذا، ولا يترافعون فلا بأس، أو يطلب منه المسامحة وسمح، ولا بأس، أما أن يلزمه بحكم أحد فلا، لا يجوز الإلزام بحكم أحد من الناس أبدا إلا بحكم الشرع. أما الإصلاح بين الناس بأن يطلب منه السماح فيسمح، أو يرضيه بماله الذي أخذه منه، أو نهب منه، أو عن ضربة ضربه إياها، يرضيه بمال، أو بوجاهة فلا بأس، على سبيل الرضا فقط من دون الإلزام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 49 - حكم الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين س: ما حكم من استهزأ بشيء من دين الإسلام، أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو المؤمنين؟ (1) ج: هذا ترجم له الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ترجمة في كتاب التوحيد، وبين فيها كفره، فالهزل بذكر الله أو بالقرآن، أو الاستهزاء بذلك هذا كفر أعظم، إذا استهزأ بالرسول أو بالله سبحانه أو بالقرآن أو بالجنة أو بالنار، أو ما أشبه ذلك، أو استهزأ بالصلاة أو بالصوم، أو بالجهاد، أو ما أشبه ذلك صار كافرا بذلك، إلا أن يكون   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 38. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 جاهلا لا يفهم، فيعلم ويوجه، فإذا أصر ولم يتب كفر، لقول الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2)، فكفرهم الله باستهزائهم، فدل ذلك على أن الاستهزاء بشيء من ذكر الله، أو القرآن أو السنة أو نحو ذلك، يعتبر كفرا بعد الإيمان، نسأل الله العافية.   (1) سورة التوبة الآية 65 (2) سورة التوبة الآية 66 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 50 - حكم الرجل المسلم يسب دين الإسلام س: ما حكم الإسلام في الرجل المسلم الذي يسب الدين؟ (1) ج: سب الدين من أعظم الكبائر، ومن نواقض الإسلام نسأل الله العافية والسلامة، فمن سب الإسلام أو سب نبي الإسلام أو سب رسولا من الرسل فقد ارتد عن الإسلام نعوذ بالله، فإذا لعن الرسول، أو لعن الإسلام، أو سب الإسلام بأنواع السب بأن قال: الإسلام دين جامد أو دين ناقص أو أفيون الشعوب أو ما أشبه ذلك من التنقصات، فإن هذا يسمى سبا، ويكون صاحبه مرتدا عن الإسلام، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وذهب بعض أهل العلم بأنه لا يستتاب، بل يقتل مطلقا، كمن سب الله سبحانه وسب رسوله عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن السب لله أو لرسوله أو لدينه ردة عن الإسلام، وقد قال   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 68. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 النبي عليه الصلاة والسلام: «من بدل دينه فاقتلوه (1)». فالواجب على من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه، والندم على ما صدر منه، والاستكثار من العمل الصالح؛ لعل الله يتوب عليه، أما ولاة الأمور فالواجب عليهم استتابته على ما فعل وتوبيخه وتأديبه بما يردعه وأمثاله عن ذلك. أما قبول التوبة فهي محل نظر وخلاف بين أهل العلم، فمن رأى قبول توبته فله وجه، ومن رأى قتله وعدم قبول توبته فله وجه، ردعا للناس عن التساهل بهذا الأمر، وحماية لدين الله وحماية لجنابه سبحانه، وحماية لجناب رسوله عليه الصلاة والسلام، وبكل حال فالسب ردة عن الإسلام. أما قوله: تقبل توبته في الحكم الظاهر، أم لا تقبل فهذا محل خلاف بين أهل العلم، وأما فيما بينه وبين الله فإنها تقبل توبته، إذا صدق بتوبته ورجع إلى الله وأناب إليه وندم على ما مضى منه، فإن الله يقبلها منه، لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة، فهو سبحانه الذي يقبل التوبة عن عباده، وهو القائل سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2)، فالتوبة لها شأن عظيم، فإذا فعلها العبد صادقا نادما مقلعا تاركا لما فعل من الذنب   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017. (2) سورة النور الآية 31 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 كبيرا أو صغيرا، واستقام فالله يقبل منه سبحانه وتعالى، لكن هل يقبلها ولي الأمر في الدنيا ولا يقتله؟ هذا محل خلاف؛ فمن رأى عدم قبول توبة الساب قال: لأن السب عظيم، ولأن قبولها قد يجرئ الناس على التساهل بها، فلهذا رأى جمع من أهل العلم أن يقتل ولا تقبل توبته من جهة الحكم، حسما لمادة هذا الشر، وحماية لدين الله وحماية لرسوله، وحماية لجنابه سبحانه عن سب السابين وشتم الشاتمين وسخرية الساخرين، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وسب الدين يقع من كثير من السفهاء، فالواجب على جميع المسلمين أن يحذروا ذلك، وأن يصونوا ألسنتهم عما يتعلق بسب الدين أو سب الله أو سب رسوله، أو سب الجنة أو غير هذا مما شرعه سبحانه وتعالى، وهكذا الاستهزاء، لا يجوز الاستهزاء لا بشرع الله ولا بالجنة ولا بالنار، ولا بالله ولا برسوله، ولا بشيء مما شرع الله ولا باللحية، بل يجب أن يصون الإنسان لسانه، وأن تصون المرأة لسانها عن كل ما حرم الله عز وجل، من سب أو شتم، أو استهزاء، قال الله عز وجل: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2)، ولما بلغه صلى الله عليه وسلم أن شخصا قتل جاريته، وكانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم فقتلها، لما استتابها فأبت قتلها،   (1) سورة التوبة الآية 65 (2) سورة التوبة الآية 66 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 قال عليه الصلاة والسلام: «ألا اشهدوا أن دمها هدر (1)»؛ لأنها سبت الرسول عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء أن يحذروا هذا الأمر وهذه الجريمة العظيمة، وأن يحذروها الناس وأن يصرفوا ألسنتهم عن سب الله ورسوله، أو الاستهزاء بالله ورسوله أو الاستهزاء بشرعه، أو بما أخبر به عن الآخرة، يجب على أهل الإسلام أن يصونوا ألسنتهم، وأن يحفظوها عن كل ما يتعلق بالسب والشتم والاستهزاء، رزق الله الجميع العافية والسلامة.   (1) أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 4070. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 51 - حكم العذر بالجهل فيمن يسب الدين س: يقول: سمعت أن الذي يسب الدين كافر، فهل يتساوى في ذلك الذي يعرف أن سب الدين يخرج من الملة، مع الذي لا يعرف أنه يخرج من الملة، وفي أمور الدين يعذر الإنسان بجهله؟ وأي الأمور التي لا يعذر فيها الإنسان بجهله؟ أرجو من الله ثم منكم أن تشرحوا هذه القضية شرحا وافيا؛ لأن أناسا يشيعون ويقولون: إن العذر بالجهل وارد، فيدعون الجهل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 ج: من كان بين المسلمين لا يعذر بالجهل في مثل هذا، سب الدين ردة عن الإسلام، وترك الصلاة ردة عن الإسلام، وجحد وجوبها ردة عن الإسلام، هكذا سب الله، سب الرسول، الاستهزاء بالله، أو الاستهزاء بالرسول كل هذه ردة، لا يعذر فيها بالجهل، وهو بين المسلمين؛ لأن هذه معروف بين المسلمين، ومضطر ضرورة، معرفة هذا بين المسلمين، لا يخفى على أحد، ولو قال: إن الزنى حلال أو الخمر حلال. كذلك ردة عن الإسلام، يعني هذا شيء لا يخفى، أما إنسان في جاهلية لا يعرف الإسلام، وليس عند المسلمين، هذا حكمه حكم أهل الفترة، إذا مات على ذلك فأمره إلى الله، يمتحن يوم القيامة، لكن من كان بين المسلمين وسب الدين أو استهزأ بالله أو بالرسول، أو ترك الصلاة أو جحد وجوب الصلاة، أو جحد وجوب الزكاة، أو جحد وجوب صوم رمضان، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو قال: إن الزنى حلال، أو الخمر حلال، أو العقوق للوالدين حلال. كل هذا ردة، ما يعذر فيه بالجهل؛ لأن هذه أمور ظاهرة من الدين، معلوم من الدين بالضرورة، يعرفها الخاص والعام بين المسلمين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 س: ما الحكم الشرعي للشخص الذي يرتكب جريمة سب الدين وهو متزوج؟ إذا كنت حوله أو قريبا منه فما الواجب الذي أقوم به نحو هذا الشخص؟ وشكرا (1). ج: سب الدين من أعظم الجرائم في الإسلام، وهو من الجرائم الكفرية، ومن نواقض الإسلام، ومن أنواع الردة عن الإسلام، فالذي يسب الدين أو يسب الله أو يسب الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا قد أتى كفرا عظيما، وردة عن الإسلام، والواجب على من سمعه أو كان يعلم ذلك منه أن ينكر عليه، وأن يعلمه أن هذا ناقض من نواقض الإسلام، وكفر بواح، فعليه المبادرة بالتوبة، لعل الله يتوب عليه، وأما حكمه في الدنيا بالنسبة لولاة الأمور، فالواجب عليهم استتابته، فإن تاب فالحمد لله، وإلا وجب عليه أن يقتل، وقال جمع من أهل العلم: لا يستتاب، بل يقتل حدا كافرا، فإن تاب بينه وبين الله تاب الله عليه، ولكن يجب أن يقتل ردعا له ولأمثاله عن سب الله ورسوله، وعلى سب دين الله، والقولان معروفان لأهل العلم، ومن نظر إلى حالة الناس اليوم بسبب الجهل واختلاطهم بالمشركين والكفار وضعفاء البصيرة يتضح له أن هذا الشيء قد يكثر في هذا الزمان لكثرة المخالطة للكفرة، ولكثرة الجهل وغلبته للناس، ولضعف الإيمان في قلوب الكثير من الناس، ولهذا قد يقع منهم هذا الشيء كثيرا. فالواجب أن يردع عن هذا   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 15. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 الشيء بغاية التأديب الذي يردع الناس عن هذا، ثم يستتاب لعله يندم على ما فعل، ولكن لا بد من التعزير، لا بد من الأدب عما أقدم عليه، ثم استتابته بعد ذلك فيستتاب، فإن تاب الحمد لله مع التأديب والتعزير حتى لا يعود لمثل هذا، وإن لم يتب قتل كفرا ردة عن الإسلام. القول الثاني: لا يستتاب، بل يقتل فورا، ولا يستتاب؛ لأن هذه جريمة عظيمة، فلا يستتاب أهلها، كما لا يستتاب الساحر على الصحيح، فهكذا من سب الله ورسوله، وسب دينه من باب أولى، لظهور كفره، ولأنه هتك أمرا عظيما، وأتى جريمة عظمى بسب الدين وسب الله ورسوله، وبكل حال الواجب أن يستتاب، فإن تاب وندم وأقلع، وأظهر الخير وأظهر العمل الصالح فالحمد لله وإلا قتل، ولكن التعزير لا بد منه، لا بد أن يعزر ويؤدب، حتى لا يعود إلى مثل هذا، ولو تاب، وإن قتل فورا ولم يستتب فهو قول جيد، وقول قوي ولا غبار عليه، ولكن الاستتابة لها وجهها، والله جل وعلا أمر باستتابة الكفار، ودعوتهم إلى ذلك، فإذا استتيب لأن الجهل يغلب على الناس، ويغلب عليهم أيضا التساهل في هذه الأمور، بسبب الجلساء الضالين وبسبب غلبة الجهل، وبسبب المخالطة الخبيثة للكفرة والمجرمين، فإذا استتيب وتاب توبة صادقة وأظهر خيرا فالحمد لله، وإلا أمكن قتله إذا عاد لمثل هذا، ولم يتأثر بالاستتابة، ولا بالتعزير الذي فعل معه من ولاة الأمور، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 س: الأخت ص. م. ر. من ليبيا، تسأل عن حكم الذي يسب الدين والعياذ بالله؟ وترجو توجيه النصيحة. جزاكم الله خيرا (1). ج: حكم الذي يسب الدين عند أهل العلم أنه كافر، فالذي يسب الإسلام أو يسب الله أو يسب الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، أو يتنقصه ويعيبه ويطعن فيه أو يسب الجنة، أو يقول: إنها غير حقيقية أو ينكر النار ويقول: إنها غير حقيقية، كل هؤلاء كفار عند أهل العلم بإجماع المسلمين، فالذي يسب الرسول ويشتم الرسول، أو يقول: إنه ما بلغ الرسالة، أو يقول: إنه يجهل بعض الأمور، ما يعرف كل شيء جاهل أو عنده جهل، أو مقصر في حق الله أو مقصر في البلاغ، أو ما أشبه ذلك من الاستهزاء، كله كفر أكبر وردة عن الإسلام، أو يسب الله ويتنقص الله أو يقول: إنه يجهل أو يقول: إنه ظالم، أو يقول: إن شرعه ناقص، أو يقول: إن الإسلام غير صحيح أو إنه دين خرافة، أو لا يجوز التزامه أو لا الدخول فيه، أو لا يلزم طاعته، كل ذلك كفر أكبر، نسأل الله العافية. والخلاصة: أن سب الإسلام أو سب الله أو سب الرسل، أو تنقصهم أو الطعن فيهم أو الاستهزاء بهم كله كفر أكبر عند جميع أهل العلم، نسأل الله العافية، يوجب القتل، يوجب على ولي أمر المسلمين أن يأخذ هذا الساب، وهذا المتنقص ويقتله على ردته عن الإسلام، أما   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 176. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 إذا تاب فتوبته فيها تفصيل بين أنواع الكفر، والساب لله ولرسوله لا يستتاب عند جمع من أهل العلم، لعظم جريمته نعوذ بالله، بل يقتل حدا، أما أنواع الكفر الأخرى كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر للأموات وترك الصلاة، هؤلاء يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا، نسأل الله العافية. س: لو سب إنسان الدين والعياذ بالله، نتيجة غضب انتابه فهل عليه كفارة؟ وما هي؟ (1) ج: عليه التوبة إلى الله، عليه التوبة والندم والإكثار من الأعمال الصالحة، والله يتوب على التائبين سبحانه وتعالى. س: ما الحكم الشرعي في رجل سب الدين، وعندما قلنا له بأنك خرجت من الإسلام قال بأن ذلك في ساعة غضب لا تلومني؟ هل له من توبة؟ (2) ج: ليس له توبة في قول جمع من أهل العلم من سب الدين، بل يستحق أن يقتل، ولكن الصواب إن شاء الله أنه إذا تاب توبة صادقة أنه يقبل، وكثير من أهل العلم يقولون: إن من سب الدين أو سب الله، أو   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 175. (2) السؤال الخامس من الشريط رقم 376. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 سب الرسول لا تقبل توبته، لعظم الجريمة، الجريمة عظيمة، ولكن الأرجح إن شاء الله أنه تقبل توبته، ولكن إذا رأى ولي الأمر أن يعزر، رأت المحكمة أو الأمير أن يعزر عن تساهله بجلدات أو سجن فهذا حسن، لئلا يجسر الناس على هذا الأمر، ويدعوا أنهم مخطئون، وأنهم تابوا؛ لأن الجريمة عظيمة، فإذا أجبر عليها، وقبلت توبته فلعله إن شاء الله الأحسن، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يقتل ولا يستتاب، لعظم الجريمة، نسأل الله العافية والسلامة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 52 - وجوب مقاطعة وهجران من سب الدين أو الرب س: ما رأيكم في المسلم الذي يسب الدين والرب والعياذ بالله؟ هل تجوز مقاطعته أو محاربته؟ وهل تبلغ عنه جهات الاختصاص؟ (1) ج: قد نص أهل العلم في باب حكم المرتد، من كتب الفقهاء جميعا أن من سب الله، أو سب الرسول أو سب الدين، فقد أتى ناقضا من نواقض الإسلام، فيكون كافرا مرتدا عن الإسلام، فالذي يسب الدين ويسخر به، ويستهزئ أو يسب الرسول أو يسخر به، أو يتنقصه كافر بإجماع المسلمين، يجب أن يقاطع ويهجر، ويجب على الدولة إذا بلغها   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 195. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 ذلك أن تستتيبه، فإن تاب وإلا قتل، وقال جمع من أهل العلم: إنه لا يستتاب بل يقتل مطلقا، ولو أظهر التوبة، قالوا: إن ساب الله، وساب الرسول لا يستتاب لعظم الجريمة والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أما ما دام لم يرفع أمره إلى السلطان فإنه ينصح ويوجه إلى الخير، ويعلم ويدعى للتوبة، فإذا تاب إلى الله وأناب إليه فلا يرفع أمره لعل الله يمن عليه بالاستقامة فيسلم من شر هذا البلاء الذي وقع منه، فإن استمر في السب والاستهزاء فيجب الرفع عنه إلى ولاة الأمور حتى يقام عليه حد الله، ولا يجوز التساهل في حقه، بل يرفع أمره إلى المحكمة، أو إلى أمير البلد، حتى ينفذ فيه حكم الله عز وجل؛ لأن سبه للدين يسبب شرا كثيرا، وفسادا عظيما، فلا ينبغي أن يتساهل معه، لكن إن بادر بالتوبة والإصلاح والرجوع إلى الله، والندم قبل أن يرفع أمره، فلا حرج في ذلك، والله يتوب على التائبين سبحانه وتعالى. س: سائلة تقول: ما حكم من سب الدين، أو سب الرب في إحدى الساعات، ولما حان وقت الصلاة توضأ وصلى الفريضة؟ فهل أداء الفريضة في ذلك الوقت يعتبر بمثابة إعلان التوبة؟ (1) ج: سب الدين وسب الرب ردة عظمى عن الإسلام، نعوذ بالله،   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 206. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 فالواجب على من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة والندم والإقلاع، ولا تكفي الصلاة، فعل الصلاة لا يكفي، بل لا بد من توبة صادقة، وندم على ما وقع منه وعزم صادق على ألا يعود في ذلك؛ لأن الجريمة عظيمة، فلا يجوز له أن يتساهل في هذا الأمر، بل يجب أن يبادر بالتوبة، وحقيقتها الندم على الماضي منه، الندم الحقيقي، والحزن على ما وقع منه، والعزم الصادق ألا يعود في ذلك، وقبل أن يفعل هذا صلاته غير صحيحة، لأنها صلاة كافر، فلا بد من توبة قبل الصلاة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 53 - حكم من سب الدين وقد اشتد به الغضب س: إذا غضب شخص واشتد به الغضب، وحصل منه سب للدين، ما حكمه؟ وإن كان متزوجا فهل يلحق زوجته شيء، كأن تفارقه مثلا، إذا كان الحكم بخروجه عن الإسلام؟ (1) ج: هذه المسألة عظيمة، ولها شأن خطير، سب الدين من أعظم الكبائر، والنواقض للإسلام، فإن سب الدين ردة عند جميع أهل العلم، وهو شر من الاستهزاء، قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (2) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (3)، وكانت جارية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تسب الدين، فقتلها سيدها لما لم تتب، فقال صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 51. (2) سورة التوبة الآية 65 (3) سورة التوبة الآية 66 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 «ألا اشهدوا أن دمها هدر (1)». فسب الدين يوجب الردة عن الإسلام، وسب الرسول كذلك يوجب الردة عن الإسلام، ويكون صاحبه مهدر الدم وماله لبيت المال، لكونه مرتدا أتى بناقض من نواقض الإسلام، لكن إذا كان عن شدة غضب واختلال عقل فلها حكم آخر، فالغضب عند أهل العلم له ثلاث مراتب: المرتبة الأولى: أن يشتد غضبه حتى يفقد عقله، وحتى لا يبقى معه تمييز من شدة الغضب، فهذا حكمه حكم المجانين والمعاتيه، لا يترتب على كلامه حكم: لا طلاقه ولا سبه ولا غير ذلك، يكون كالمجنون لا يترتب عليه حكم. القسم الثاني: دون ذلك، اشتد معه الغضب، وغلب عليه الغضب جدا حتى غير فكره وحتى لم يضبط نفسه، واستولى عليه استيلاء كاملا حتى صار كالمكره والمدفوع الذي لا يستطيع التخلص مما في نفسه، لكنه دون الأول لم يفقد شعوره بالكلية، ولم يفقد عقله بالكلية، لكن مع شدة غضب بأسباب المسابة والمخاصمة والنزاع الذي بينه وبين بعض الناس، أو بينه وبين أهله، أو زوجته أو أبيه أو أميره أو غير ذلك، فهذا اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال: حكمه حكم الصاحي العاقل تنفذ فيه الأحكام، ويقع طلاقه ويرتد بسبه الدين، ويحكم بقتله وردته، ويفرق بينه وبين زوجته، ومنهم من قال: يلحق بالأول، الذي   (1) أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 4070. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 فقد عقله؛ لأنه أقرب إليه، ولأن مثله مدفوع مكره إلى النطق، لا يستطيع التخلص من ذلك لشدة الغضب، وهذا القول أظهر وأقرب، وأن حكمه حكم من فقد عقله في هذا المعنى، في عدم وقوع طلاقه وفي عدم ردته، لأنه يشبه بفاقد الشعور، بسبب شدة غضبه، واستيلاء سلطان الغضب عليه، حتى لم يتمكن من التخلص من ذلك، واحتجوا على هذا بقصة موسى عليه الصلاة والسلام، فإنه لما وجد قومه على عبادة العجل اشتد غضبه عليهم، وجاء وألقى الألواح، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، من شدة الغضب، فلم يؤاخذه الله لا بإلقاء الألواح، ولا بجر أخيه وهو نبي مثله، من أجل شدة الغضب، ولو ألقاها تهاونا بها، وهو يعقل لكان هذا عظيما، ولو جر النبي بلحيته أو برأسه فآذاه صار كفرا، هذا إذا جره إنسان، لكن لما كان موسى في شدة الغضب العظيم، غضبا لله عز وجل مما جرى من قومه سامحه الله، ولم يؤاخذه بإلقائه الألواح، ولا بجر أخيه، هذه الحجة للذين قالوا: إن طلاق الذي اشتد به الغضب لا يقع، وهكذا سبه لا تقع به ردة، وهو قول قوي ظاهر، وله حجج أخرى كثيرة، بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والعلامة ابن القيم، واختارا هذا القول، وهذا القول أرجح عندي وهو الذي أفتي به؛ لأن من اشتد غضبه ينغلق عليه قصده، ويشبه المجنون في تصرفاته وكلامه القبيح، فهو أقرب إلى المجنون والمعتوه منه إلى العاقل السليم، هذا القول أظهر وأقوى، لكن لا مانع من كونه يؤدب إذا فعل شيئا من وجوه الردة من باب الحيطة، ومن باب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 الحذر من التساهل بهذا الأمر، ووقوعه مرة أخرى، إذا أدب من باب الضرب أو السجن أو نحو ذلك، هذا قد يكون فيه مصلحة كبيرة، لكن لا يحكم عليه بحكم المرتدين، من أجل ما أصابه من شدة الغضب التي تشبه حال الجنون، والله المستعان. أما المرتبة الثالثة، القسم الثالث: فهو الغضب العادي الذي لا يزول معه العقل، ولا يكون معه شدة تضيق عليه الخناق، وتفقده ضبط نفسه، بل هو دون ذلك غضب عادي يتكدر ويغضب، لكنه سليم العقل سليم التصرف، فهذا عند جميع أهل العلم تقع تصرفاته، بيعه وشراؤه وطلاقه وغير ذلك؛ لأن غضبه لا يغير عليه قصده ولا قلبه، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 54 - من سب الدين وجب قتله غيرة لله وحماية لدينه س: الأخ: م. ك. أ. من جمهورية مصر العربية، يسأل ويقول: ما كفارة سب الدين؟ أعاذنا الله وإياكم من ذلك (1). ج: سب الدين الواجب فيه القتل، لأنه ردة عظيمة، فمن سب الدين وثبت عليه ذلك وجب أن يقتل، نصرة لدين الله وحماية له من سب السابين وإلحاد الملحدين، إذا ثبت لدى الحاكم الشرعي وجب   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 172. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 عليه الحكم بقتله، غيرة لله وحماية لدينه، ولا تقبل توبته في الحكم الشرعي، أما فيما بينه وبين الله، فإن كان صادقا في توبته تقبل عند الله عز وجل، إذا تاب توبة صادقة، وأما في الحكم الشرعي فلا تقبل، بل يجب قتله إذا ثبت لدى القاضي بالبينة الشرعية أنه سب الدين سبا واضحا، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يقتل ردة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (1)» هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سيما بالسب لله ولرسوله، أما لو تاب فيما بينه وبين الله، وندم فيما بينه وبين الله فهذا إلى الله سبحانه وتعالى، لكن لو تاب قبل القدرة عليه، لو تاب ورجع إلى الله قبل أن نقدر عليه، لا يجوز قتله حينئذ، لو جاءنا تائبا نادما مستغفرا، يقول: لقد جرى مني كذا وكذا. فإنه لا يقتل، أما توبته بعد إمساكه، وبعد إقامة الحجة عليه، والبينة عليه، قال: تبت. فإنها لا تقبل، بل يجب قتله إذا ثبت لدى الحاكم الشرعي أنه سب الدين، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه يقتل ويحكم بردته، ولا تقبل منه التوبة بعد القدرة عليه، كما قال الله عز وجل في حق المحاربين: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2)، أول الآية يقول سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (3)   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017. (2) سورة المائدة الآية 34 (3) سورة المائدة الآية 33 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1) والذي يسب الدين أو يسب الرسول صلى الله عليه وسلم من أعظم الناس محاربة لله ورسوله، ومن أعظم الناس فسادا في الأرض، فلا تقبل توبته بعد القدرة عليه، بل يجب تنفيذ حكم الله فيه، وهو القتل حتى لا يتجرأ الناس على سب الدين، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد صنف أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتابا جليلا في هذا المعنى سماه: الصارم المسلول على شاتم الرسول عليه الصلاة والسلام. وذكر الأدلة في ذلك وكلام أهل العلم، وذكر حكم ساب الله ورسوله، فينبغي أن يراجع فإنه مفيد جدا. ونخلص إلى أن من سب الله ورسوله، ثم قدر عليه وقامت الحجة عليه، فإن الحاكم الشرعي يحكم بردته وقتله، أما لو تاب قبل ذلك، قبل أن نعلم، وجاء إلينا تائبا نادما، يخبر عن توبته فإن الصحيح أنه تقبل توبته والحمد لله.   (1) سورة المائدة الآية 34 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 55 - حكم ادعاء علم الغيب س: أختنا تسأل وتقول: إن في قريتنا رجلا يدعي علم الغيب، وأنه يضر وينفع ويشفي المريض، والناس يذهبون إليه ويسألونه حوائجهم، وهو يقول لهم: إنكم إذا نذرتم للصالحين، مثلا للحسين أو علي أو العباس، فيجب عليكم الوفاء بهذا النذر، فإن لم تفعلوا سينزل بكم عقاب شديد، وهم يفعلون ما يقول، بدون تردد ويخشونه كثيرا، ويدعي النذر لغير وجه الله، ويقول: أنا متكئ على العباس، وهو الذي يصيح في رأسي، ويخبرني بالحقيقة، لأني رجل صالح. وهم عندما يسمعون هذا الكلام يرتعدون، خوفا منه ويتضرعون منه خوفا من أن يصيبهم غضبه، أفتونا ووجهونا جزاكم الله خيرا (1). ج: هذا الذي يدعي علم الغيب، ويزعم أن العباس يصيح في رأسه، ويعلمه بكل شيء، ويرى النذر للحسين أو لعلي أو لغيرهم من الموتى، يتقرب إليهم، هذا ضال مضل وكافر، ولا ينبغي الالتفات إليه ولا التعلق به ولا الخوف منه، بل هو مدجل مشوش مشعوذ لا خير فيه، يأتي بهذه الألفاظ للترويج وتخويف العامة، وليأكل من أموالهم ويلعب عليهم في هذه الأشياء، فهذا الرجل يجب أن يرفع أمره إلى   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 117. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 الجهة المسئولة إذا كان في البلد جهة مسئولة عن مثل هذا، حتى يردع عن عمله السيئ، وحتى يحاسب على عمله القبيح، وحتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 56 - حكم من ادعى أن الشيخ عبد القادر يتصرف في الكون ويجيب السائلين س: لدينا مسجد نصلي فيه الفريضة والسنة، والإمام يقول عندنا: إن الشيخ عبد القادر يقول: إن شاء الله إن فلانا يموت فيموت في ساعته، كيف ترون هذا سماحة الشيخ؟ وبماذا توجهون المسلمين في ذلك المكان؟ (1) ج: الشيخ عبد القادر من جنس سائر أهل العلم، لا يعلم الغيب لا في حياته ولا بعد وفاته، ومن ادعى أن الشيخ عبد القادر يعلم الغيب أو يتصرف في الكون، أو يغيث السائلين فهو كافر، نعوذ بالله من ذلك؛ لأن الأموات قد انقطعت أعمالهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له (2)» ولأنهم مرتهنون بأعمالهم، وليس لهم تصرف   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 59. (2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم 1631. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 في أمور الناس، بل الله هو المتصرف فيها جل وعلا، فمن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أو الشيخ عبد القادر أو البدوي أو الحسين، أو علي بن أبي طالب أو غيرهم يتصرفون في الكون، ويعطون من يشاءون ويمنعون من يشاءون، أو أنهم يعلمون الغيب من يموت ومن لا يموت هذا كافر بالله عز وجل نعوذ بالله؛ لأن الله سبحانه يقول: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (1)، ويقول سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (2) فبين سبحانه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه العظيم أنه بشير ونذير، وليس يعلم الغيب إن أنا إلا بشير ونذير، يعني ما أنا إلا بشير ونذير. فمن زعم أن عبد القادر يعلم أن فلانا يموت اليوم أو غدا فهذا كله باطل وكله منكر، وكله من وحي الشيطانين لهذا الشخص، ويكذب على عبد القادر، وإنما الشياطين تقول له: أما عبد القادر فلا يتكلم، ولا يقول لهم شيئا وهو مرتهن بعمله، فالحاصل أن هذا الشيء من وحي الشياطين إلى هؤلاء الضلال، توحي إليهم ما يسترقون من السمع، قد يكون يسمعون أن فلانا يموت مما استرقوه من السماء، فيوحونه إلى بعض أوليائهم، فيخبرون بذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كالسلسلة على صفوان، قال   (1) سورة النمل الآية 65 (2) سورة الأعراف الآية 188 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 علي وقال غيره: صفوان ينفذهم ذلك، فإذا للذي قال: فيسمعها مسترقو السمع ومسترقو السمع هكذا واحد فوق آخر ووصف سفيان بيده وفرج بين أصابع يده اليمنى نصبها بعضها فوق بعض فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه إلى الذي هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الأرض وربما قال سفيان: حتى تنتهي إلى الأرض فتلقى على فم الساحر فيكذب معها مائة كذبة، فيصدق فيقولون ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا فوجدناه حقا للكلمة التي سمعت من السماء (3)». فالحاصل أن هذا ليس من عبد القادر وليس من الأموات ولكنه مما توحيه الشياطين إلى أوليائها من الإنس الأحياء فيكذبون ويقولون: هذا من عبد القادر وهذا من الرسول وهذا من فلان وكله كذب وافتراء ولا صحة له وقد يكون الشيطان كذب عليهم وقال: إن عبد القادر قال لهم كذا أو قال: أنا عبد القادر، أو قال: أنا الرسول صلى الله عليه وسلم يكذب عليهم كل هذا قد يقع فيأتي الشيطان فيتصور في غير صورة النبي صلى الله عليه وسلم، الشيطان لا يستطيع أن يتصور في صورته عليه الصلاة والسلام، ولا يتمثل في صورته لكن قد يأتي إلى بعض الناس في غير صورة النبي   (1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: {إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين} برقم 4701. (2) سورة سبأ الآية 23 (1) {فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا} (3) سورة سبأ الآية 23 (2) {الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 عليه الصلاة والسلام، ويزعم أنه النبي، أو أنه الخضر، أو أنه عبد القادر، أو أنه علي، أو أنه عمر، أو أنه فلان، أو أنه البدوي، إلى غير هذا من كذب الشياطين، فلا يجوز تصديقهم في هذه الأمور أبدا، ولو وافق قولهم قد يكون هذا الذي وافق فيه مما سمع من السماء، مما استرقته الشياطين وأوحته إلى أوليائها، نسأل الله العافية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 57 - حكم دعاء الأموات والاستغاثة بهم س: يوجد لدينا بعض الإخوان يقعون في بعض الشرك ويقول بأن الولي أو الرجل الصالح هذا الذي يميل إليه أنه يعلم الغيب، أو أن لديه بعض الغيبيات، هل يجوز أن نجلس مع أمثال هؤلاء؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: أصحاب هذا العمل وأشباهه لا يجوز الجلوس إليهم إلا على سبيل الدعوة والتعليم، ومن جانب النصيحة، أما دعاء الأولياء والاستغاثة بالأولياء أصحاب القبور أو الغائبون من الشرك الأكبر الذي جاءت الرسل عليهم الصلاة والسلام بالنهي عنه، ودل القرآن الكريم على النهي عنه وأنه من الشرك الأكبر، فدعاؤهم والاستغاثة بهم كل هذا من الشرك الأكبر، والطواف بقبورهم كل هذا من الشرك الأكبر، واعتقاد أنهم يعلمون الغيب هذا من الشرك الأكبر، فلا يعلم الغيب   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 306. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 إلا الله وحده سبحانه، الرسل وغيرهم لا يعلمون الغيب إنما يعلمه الله، ولا يعلمون إلا ما علمهم الله إياه، كما عملهم أشياء من أمر الآخرة، وأمر آخر الزمان، وما مضى من الزمان، فليس لهم من علم الغيب إلا ما علمهم الله إياه، كما قال الله عز وجل في كتابه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (1)، ويقول عز وجل: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (2) وأمر الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (3)، هكذا الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما هو بشير ونذير ليس عنده علم بالغيب، فيقول الله جل وعلا لنبيه ليعلم الناس: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} (4) فإن هذا من الله سبحانه، ومن قال إن هذه للولي فلان ابن العربي أو للحسين رضي الله عنه أو علي رضي الله عنه إن قال: إنهم وغيرهم يعلمون الغيب فقد كفر وأشرك وكذب الله عز وجل، وهكذا من زار قبور هؤلاء يدعوهم، أو يستغيث بهم أو دعاهم بعيدا عن قبورهم، في أي مكان دعاهم واستغاث بهم، ونذر لهم أو اعتقد أنهم ينفعون أو يضرون، أو أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يستجيبون لمن دعاهم، لكشف الضر أو جلب النفع أو ما أشبه ذلك،   (1) سورة النمل الآية 65 (2) سورة الأنعام الآية 59 (3) سورة الأعراف الآية 188 (4) سورة الأنعام الآية 50 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 هذا هو الشرك الأكبر هذا دين الجاهلية دين قريش في حال جهلها وكفرها، دين أبي جهل وأشباهه، فدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والذبح للأموات، وطلبهم للشفاء وطلب الغائبين من الجن والملائكة، وغيرهم كله من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من ذلك أشد الحذر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 58 - حكم الاستغاثة بالجن ودعائهم س: يدور حولنا أن عندنا في شمال اليمن، بعض الناس وهم ليسوا بقلة يدعون بالجن حينما يكون هناك أمطار أو رعد أو برق أو في وقت غير مناسب، مثل أن يكون أحدهم متخاصما مع شخص آخر، فلذلك يبدأ بدعاء الجن وما إلى ذلك، ويعتقد البعض أن هذا الدعاء يضر به نفسه، لذا نرجو من فضيلتكم إفادتنا حسب ما جاء في القرآن، وما جاءت به الشريعة الإسلامية، وما هي صحة هذه الأقوال وهل هي صحيحة، أم مجرد عادات جرى عليها بعض الناس عن جهل أو قلة معرفة من الدين؟ وفقكم الله (1). ج: الدعاء والاستعانة والتعوذ يكون بالله وحده لا بالناس ولا بالجن ولا بالملائكة ولا بالأنبياء. التعوذ بالله والاستعانة بالله   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 29. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 والدعاء كله لله وحده سبحانه كما قال سبحانه وتعالى: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، وقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (2) {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (3) وتستعين بالله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (4) فلا يجوز لأحد أن يستعين بالجن ولا أن يدعوهم ولا أن يستغيث بهم كأن يقول: يا كذا يا كذا أغثني أو انصرني من الجن أو من العباد أو من الأنبياء أو من الملائكة كل هذا لا يجوز، والله ذم من فعل ذلك وقال: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (5) أي زادوهم طغيانا وضلالا أو زادوهم شرا إلى شرهم بسبب دعائهم إياهم فالمقصود أن الدعاء والاستعاذة والاستغاثة والاستعانة كلها لله وحده، فلا يجوز أن يستعان بالجن، ولا يستعاذ بهم ولا يدعو مع الله كأن يقول: يا جن خذوه أو يا شيطان فلان يسميه افعل كذا وافعل كذا، وانصرني على كذا أو أعذني من كذا، أو عاوني على كذا، كل هذا لا يجوز بل هذا من الشرك الأكبر كذلك ما يفعله بعض الجهال عند الأموات، يقول: يا سيدي البدوي، افعل كذا يا سيدي الحسين أنا في جوارك، أنا في حسبك انصرني، أو ارحمني، أو اشف مريضي كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا لو قال لغير هؤلاء كأن يقول: يا رسول   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة الفلق الآية 1 (3) سورة الناس الآية 1 (4) سورة الفاتحة الآية 5 (5) سورة الجن الآية 6 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 الله انصرني، أو يا رسول الله اشف مريضي، أو يا رسول الله أغثني، كل هذا من الشرك الأكبر؛ لأن الميت إذا مات انقطع عمله فليس له تصرف لا الأنبياء ولا غيرهم ولا يجوز دعاء الأنبياء ولا الاستغاثة بهم ولا النذر لهم ولا الذبح لهم، بل هذا من أعمال الجاهلية ومن الشرك بالله تعالى. فالواجب على جميع المسلمين وعلى من يرغب في الإسلام أن يحذر هذه الأمور وأن يتباعد عنها وأن يخلص لله العبادة وهذا هو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها لا معبود حق إلا الله، فالله الذي يدعى ويرجى ويستعان به ويستغاث به ويتقرب له بالنذور والذبائح لا غيره، فالذين يتقربون بالذبائح والنذور للأموات أو للجن أو للملائكة أو يستعينون بهم أو يسألونهم قضاء الحاجات أو تفريج الكروب أو النصر على الأعداء أو شفاء المرض، كله شرك بالله سواء مع الجن، أو مع الأموات كالبدوي وغيره أو مع الملائكة أو مع الرسل وأقربهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كل هذا لا يجوز بل يدعو ربه وحده، يا رب افعل بي كذا، يا رب انصرني، يا رب اشف مريضي، يا رب أغثني، يا رب عافني، يسأل ربه جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2) {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (3).   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة غافر الآية 60 (3) سورة البقرة الآية 186 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 فلا يدعى إلا الله، ولا يستغاث إلا به سبحانه وتعالى، هذه أمور نشأ عليها بعض الناس واعتادوها تبعا لأسلافهم وقد غلطوا في ذلك، والله سبحانه بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم يبين للناس أن العبادة حق الله، وأنه لا يدعى مع الله أحد سبحانه وتعالى. فالواجب على العاقل أن ينتبه لهذا الأمر، وأن ينصح من ابتلي بهذا الشيء، وأن يذكرهم بأن هذا منكر وشرك ومن أعمال الجاهلية، والله المستعان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 59 - بيان معنى قول أهل السنة: لا يكفر المسلم بذنب س: الأخ: م. ع. إ. من السودان، من كسلا، يسأل ويقول: بعض العلماء يرى أنه لا يجوز تكفير أهل القبلة، وكل من قال: لا إله إلا الله، لكن السؤال، هل كل من قال: لا إله إلا الله، مع الاعتقادات الخاطئة من الشرك بالله، بدعاء غيره وتقديم الشعائر لغيره، هل يعتبر هذا ضمن ما قالوا، ولا يجوز تكفيرهم؟ نرجو الإيضاح جزاكم الله خيرا (1). ج: نعم أهل السنة رحمهم الله يقولون: لا يكفر المسلم بذنب،   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 114. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 ومرادهم الذنوب التي دون الشرك، ودون الكفر كالزنى والسرقة والعقوق للوالدين أو أحدهما، وشرب المسكر ونحو ذلك، إذا فعل المسلم شيئا من هذا، ما يكون كافرا كفرا أكبر، ولكن يكون عاصيا، ويكون فاسقا، ولا يكفر بذلك ما دام موحدا مؤمنا، وإنما فعل هذا طاعة للهوى، وليس مستحلا لما حرم الله من السكر والربا ونحو ذلك، فهذا يكون عاصيا، ويكون فاسقا، ويكون ضعيف الإيمان عند أهل السنة، ولا يكون كافرا، لكن اختلف العلماء في ترك الصلاة كسلا، هل يعتبر من هذا الصنف، أو يعتبر من أنواع الردة، على قولين لأهل العلم، والصواب: أنه يعتبر من نواقض الإسلام ومن أعمال الردة، وإن لم يجحد وجوبها، لأنها عمود الإسلام، وأعظم أركانه بعد الشهادتين، ولما ورد فيها من الأدلة على تعظيمها، وأن تركها كفرا أكبر، وهكذا كل عمل أو قول يتضمن تنقص الإسلام، أو الطعن في الإسلام، أو الاستهزاء بالإسلام، أو جحد ما جاء به الإسلام، من واجب من المحرم، يكون ردة عن الإسلام، كما لو استهزأ بالصلاة، أو استهزأ بالصيام أو بالحج، أو بأخبار يوم القيامة أو بغير ذلك من أمور الدين، يكون كفره أكبر، كما قال سبحانه: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (1)، وهكذا سب الدين كفر أكبر، الذي يسب الإسلام أو يسب الصلاة أو   (1) سورة التوبة الآية 65 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 يسب الرسول عليه الصلاة والسلام، يكون فعله كفرا أكبر، نعوذ بالله من ذلك، وهكذا من استغاث بالأموات أو بالأصنام، أو دعاهم لكشف ضر أو جلب النفع، أو طلبهم المدد، المدد المدد يا سيدي فلان، أو من الأصنام أو من الأحجار أو من الجن، كل هذا يكون كفرا أكبر، لأن هذا مما يناقض لا إله إلا الله، فلا بد في حق من قال: لا إله إلا الله، ألا ينقضها بأعماله، ولا بأقواله، ولا بد أن يعتقد ما دلت عليه، من توحيد الله وأنه مستحق للعبادة سبحانه وتعالى، فإذا قالها ولم يعتقد معناها أو لم يعمل بمقتضاه صار كافرا، كالمنافقين يقولون: لا إله إلا الله، وهم في الدرك الأسفل من النار، لأنهم قالوها باللسان فقط، وهكذا كثير من المرتدين ممن ينتسب للإسلام، يقول: لا إله إلا الله، ولكنه يتعاطى ضدها من القول والعمل، فلا ينفعه دعوى الإسلام، ولا ينفعه قول: لا إله إلا الله، مع كونه أتى بما يناقضها من الذبح لغير الله كالجن، أو دعاء غير الله كالأموات، أو الأصنام أو ما أشبه ذلك، أو الاستغاثة بغير الله عند الشدائد، أو ما أشبه هذا من أنواع العبادة التي يصرفها لغير الله، فإنه يكون بذلك مشركا شركا أكبر وعليه أن يبادر بالتوبة قبل أن يموت على ذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 60 - حكم تكفير المعين س: أريد تفسيرا لقاعدة كفر المعين؟ (1) ج: يمكن أن يقال في هذا: إن المعين يكفر إذا تعاطى أسباب الكفر، فإنه يكفر كفرا معينا، فإذا علم أنه يسب الدين، أو يسب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو يترك الصلاة عمدا، أو جحدا لوجوبها فيقال: فلان كافر لما أظهره من الكفر، لكن عند قتله لا بد أن يستتاب، لعله يندم لعله يرجع، فإن تاب وإلا قتل على الصحيح، الذي عليه جمهور أهل العلم، فإنه يقتل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (2)» قال بعض أهل العلم: يسجن ويعذب حتى يموت أو يتوب، والصواب الذي يراه أهل العلم، أنه لا يسجن إلا ريثما يستتاب فقط، فإذا تاب فالحمد لله، وإن لم يتب وجب قتله بعد الاستتابة، وذهب كثير من أهل العلم، إلى أنه يستتاب ثلاثة أيام، يضيق عليه ثلاثة أيام لعله ينتبه لعله يرجع، فإن لم يمهل ثلاثة أيام، بل استتيب ثم قتل في الحال، إذا لم يتب فلا بأس بذلك، لكن الاستتابة ثلاثة أيام يكون أولى، كما جاء ذلك عن عمر رضي الله عنه، كونه يستتاب ثلاثة أيام يكون له فيها فسحة لعله يتراجع لعله يندم لعله يتذكر ما فيه سعادته، فالحاصل أن من أتى بأعمال الكفر بعينه قيل: هذا كافر، إلا إذا كان مثله يجهل ذلك كالذين عاشوا في   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 114. (2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 بلاد بعيدة عن الإسلام، ومجاهل أفريقيا وأمريكا ونحو ذلك، فهؤلاء لا بد أن يعلموا ويوجهوا ويبصروا حتى إذا عرفوا ذلك، ثم استمروا على الكفر كفروا وإلا فالذي بين أهل الإسلام، ويسمع الآيات ويسمع الأحاديث، أو في أمور ظاهرة لا تخفى على أهل الإسلام كالزنى ونحوه، فهذا يكفر كفرا معينا إذا قال الزنى حلال، أو الخمر حلال أو الربا حلال، هذا قد كذب الله وكذب رسوله فيكون كافرا، أو قال: الصلاة ما هي بواجبة، أو الزكاة ما هي بواجبة، أو صوم رمضان ما هو بواجب على المكلفين، هذا مكذب لله ولرسوله، شيء معلوم من الدين بالضرورة يكون كافرا، نسأل الله العافية، لكن إذا استتيب قبل أن يقتل، هذا هو المشروع، يستتاب قبل أن يقتل وأن تكون المدة ثلاثة أيام، لعله يتراجع لعله يتوب. س: إذا كفر أحد الأشخاص بالله والرسول، فهل يحرم على الشخص أن يقول له استغفر الله؟ (1) ج: من كفر فإن الواجب على من حوله من المسلمين أن ينصحه، وأن يوبخه على ما فعل، ويبين له سوء عمله، ويأمره بأن يستدرك أمره، ويتوب مما فعل، هذا هو المشروع، هذا هو الواجب، لقول   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 38. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده (1)» الحديث، ولأن هذا من الدعوة إلى الله ومن النصيحة لعباد الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2)» وأعظم الخير الدلالة على الإسلام، والدعوة إلى التوبة من الردة، هذا أعظم الخير، وقال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه: «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا لك من حمر النعم (3)» ينصحه ويوجهه، ويقول استغفر الله، تب إلى الله، هذه جريمة عظيمة، هذا منكر عظيم، هذا كفر وضلال، لعله يرجع فيتوب، هذا خير عظيم، وعمل صالح.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من لإيمان، برقم 49. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب غيره، برقم 1893. (3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب فضل من أسلم على يديه رجل، برقم 3009. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 61 - حكم من تكلم بما يوجب ردته س: من يتلفظ بكلمة الكفر من المسلمين والعياذ بالله هل تكفيه التوبة والاستغفار، أم يجب عليه الغسل بعد ذلك؟ (1)   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 321. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 ج: من يتكلم بما يوجب ردته عليه التوبة ويستحب له الغسل، وقال بعض أهل العلم يجب الغسل، وقول الوجوب فيه خلاف بين العلماء، والأحوط والأقرب أنه مسنون مشروع، وإنما الواجب التوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه والندم على ما مضى منه، والإقلاع من معصيته وكفره، والتوبة إلى الله والعزم الصادق على ألا يعود لذلك. وبذلك يتوب الله عليه، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2)». فإذا تكلم بكفر، بأن سب الدين أو تنقص الدين، أو سب الصحابة أو ما أشبه ذلك، يجب أن يرجع إلى التوبة، وإذا علم ولي الأمر وثبت لولي الأمر ذلك، فإنه يعزر ويؤدب ولو تاب، وإذا أصر ولم يتب وجب قتله مرتدا، نسأل الله العافية. المقصود إذا أتى بناقض من نواقض الإسلام، ثم تاب إلى الله توبة صادقة تاب الله عليه. الله يتوب عليه لكن بعضها فيه خلاف، ومن جهة الحكم الشرعي: هل يقتل؟ أو لا يقتل؟ أما فيما بينه وبين الله فكل من تاب إلى الله تاب الله عليه، إذا استوفى الشروط وأخلص في التوبة وصدق فيها، فالله يتوب عليه من كل ذنب، حتى الشرك، لكن هناك أمورا قد توجب قتله وإن تاب، كسب الله أو سب الرسول عليه الصلاة   (1) سورة النور الآية 31 (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم 4250. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 والسلام، والسحر فإن جمعا من أهل العلم قالوا: لا يستتاب الساحر بل يقتل لأن شره عظيم، لكن توبته فيما بينه وبين الله صحيحة إذا كان صادقا فيما بينه وبين الله، والحمد لله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 62 - حكم الإكراه على ناقض من نواقض الإسلام س: كيف يحاسب الإنسان على أمور لا يملكها مثل الكره والحب والحسد وما إلى ذلك؟ (1) ج: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2) {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) فالشيء الذي فعله مكرها يعني يكره بالقوة مع اطمئنان قلبه بالإيمان، أكره على شرب الخمر، أكره على الكفر بالضرب والوعيد، أكرهه قادر على فعله الذي يغلب على ظنه أنه يفعله، لا يضره ذلك إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان ثابتا على الحق، لقول الله سبحانه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (4) فلو أكره على أن يسب الدين أو يسب الرسول بالضرب أو بالوعيد بالقتل يظن أن المكره يفعله، فإنه عذر أن يتكلم ولكن مع ثبات قلبه على الإيمان مع   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 338. (2) سورة البقرة الآية 286 (3) سورة التغابن الآية 16 (4) سورة النحل الآية 106 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 إيمانه بقلبه أنه على الحق، وأن هذا الإكراه هو الذي حمله على ما فعل، لو قال باللسان دون القلب، وهكذا لو أكره على شرب الخمر صب في فمه أو قيل له: إن لم تشرب قتلناك أو ضربناك يكون الإثم عليهم ولا عليه شيء إذا كان قلبه مطمئنا بتحريمه وأنه ما فعله إلا لدفع الشر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 63 - الفرق بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر س: يسأل أيضا عن الكفر الأكبر - سماحة الشيخ - وعن الكفر الأصغر، وعن الفسوق الأكبر والفسوق الأصغر، والشرك الأكبر، والشرك الأصغر؟ (1) ج: ما أوجب الردة هذا كفر أكبر، وما لم يوجب الردة من أنواع الشرك كالرياء في الصلاة أو في القراءة، هذا يسمى شركا أصغر، وهكذا ما ساعد الناس على الكفر، مثل النياحة على الميت والطعن في الأنساب سماه النبي كفرا، قال: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت (2)» سماها كفرا يعني كفرا أصغر، فالمقصود أن الكفر كفران: أكبر وأصغر، والشرك شركان، والنفاق نفاقان، فإذا تأملت النصوص والأدلة عرفت ذلك فالنفاق الأصغر مثل   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 361. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة، برقم 67. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 الكذب، خيانة الأمانة، الفجور في الخصومة، إخلاف الوعد، هذه خصال النفاق الأصغر، أما النفاق الأكبر هو كونه يضمر الكفر ويظهر الإسلام يعني في الباطن لا يرى وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يوحد الله في الباطن ولا يرى أن الدين حق ولا يرى تحريم الزنى ولا تحريم ما حرم الله، في الباطن مع المنافقين مع الكفرة، هذا هو النفاق الأكبر، نسأل الله العافية، كونه يعتقد خلاف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يعتقد أن الدين ما هو بصحيح أو أن الصلاة ما هي بواجبة أو أن صيام رمضان ما هو بواجب، لكن لا يبين ذلك سرا بينه وبين أصحابه، هذا ردة عن الإسلام ونفاق أكبر. س: شخص استهزأ بلسانه بشيء من الدين ثم ندم وبعد ذلك تاب هل تقبل توبته، إذا كانت له أعمال صالحة قبل التوبة، فهل يحتسبها الله عز وجل أم لا؟ وهل يأثم إذا استهزأ من غير قصد في نفسه، واستعاذ من الشيطان، ماذا يلزمه في هذه الصورة؟ (1) ج: نعم، إذا أسلم وتاب تاب الله عليه وأبقى له عمله السابق، وإنما تبطل أعماله إذا مات على الردة، أما لو استهزأ بالدين أو بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بالقرآن ثم تاب إلى الله وندم، فإن الله يتوب عليه ويحفظ عليه أعماله السابقة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: «أسلمت   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 359. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 على ما أسلفت (1)»، والله يقول جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ} (2)، فشرط في بطلان أعمالهم أن يموتوا وهم كفار، فلا بد من هذا الشرط، المقصود أنه إذا مات على الكفر بطلت أعماله ولهذا قال في الآية: {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (3). أما إذا مات وهو مسلم وقد تاب الله عليه وهداه فإن أعماله الطيبة من حج وصلاة وغير ذلك كلها تبقى له والحمد لله.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده، برقم 123. (2) سورة البقرة الآية 161 (3) سورة البقرة الآية 217 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 64 - حكم مظاهرة المشركين على المسلمين س: من نواقض الإسلام مظاهرة المشركين ومعونتهم على المسلمين، نرجو أن توضحوا ذلك، وهل كل الطوائف غير المسلمة تدخل في ذلك؟ (1) ج: مظاهرة المشركين على المسلمين ردة عن الإسلام، لقوله جل وعلا: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (2) كونه يظاهر الكفار من اليهود والنصارى والشيوعيين أو غيرهم، كونه يظاهرهم ضد المسلمين   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 372. (2) سورة المائدة الآية 51 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 وينصرهم ضد المسلمين، هذا تول للكفار وردة عن الإسلام نعوذ بالله، كما نص عليه أهل العلم في باب أحكام المرتد، نسأل الله العافية. س: ما حكم من يستهزئ بالمؤمنين المتمسكين بالسنة؟ وخاصة موضوع اللحية، ويقول أيضا: أولئك الذين يرفعون الثوب إلى الكعبين؟ (1) ج: الاستهزاء من أقبح الكبائر، ومن أقبح الشرور، لا يجوز الاستهزاء بالمسلم، فيما فعله من الشرع، وإذا استهزأ بالدين قصده أن هذا الشرع ليس بشيء أو أنه هزئ بنوع من العبادات صار كافرا، نعوذ بالله، يقول الله جل وعلا: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2) فالاستهزاء بالصلاة أو باللحى أو غير المسبلين، أو بالصيام أو بالحج، يكون كفرا، ردة عن الإسلام، إذا كان قصده الاستهزاء بالشرع. أما إذا كان قصده الإنسان نفسه، وليس قصده اللحية، بل استهزأ بمشيته أو سوء تصرفه هذا لا يجوز، لكن لا يكون كفرا. أما إذا كان قصده استنكار اللحية، واستقباح عمله، أو استقباح منع الإسبال فهذا كفر، يعني استهزاء بالشرع.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 258. (2) سورة التوبة الآية 65 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 فالواجب الحذر من هذا الأمر العظيم، يعني خطير، يجب الحذر منه، فلا يجوز الاستهزاء بشيء من الشرع، لا باللحى ولا بمنع الإسبال ولا بالصلاة ولا بالصوم ولا بغير ذلك، يجب على المؤمن أن يخضع لشرع الله، وأن يؤمن به، وأن يعظمه، وألا يستهزئ به، نسأل الله العافية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 65 - حكم معاملة من يسب الدين س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم سب الدين؟ وهل يجوز معاملة من يسب الدين؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: سب الدين، سب الإسلام، كفر أكبر وردة عن الإسلام عند جميع العلماء، ما فيه خلاف، ذكروا هذا في باب حكم المرتد، من سب الله أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو سب بعض الرسل غير محمد صلى الله عليه وسلم كأن يسب نوحا أو هودا أو آدم، أو غيرهم من الرسل والأنبياء كفر بإجماع المسلمين، وهكذا إذا سب دين الإسلام، أو استهزأ به، يكون كافرا عند جميع أهل العلم، لقول الله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2) ولأن سب الدين مضمونه الكراهة له، وإنكاره، والله يقول سبحانه وبحمده:   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 280. (2) سورة التوبة الآية 65 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (1). فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر وأن يحفظ لسانه، ويصون لسانه عما يجره إلى الردة عن الإسلام، سب الدين والاستهزاء بالدين، أو الاستهزاء بالقرآن، أو سب القرآن، أو سب الرسول، أو سب الله، أو سب بعض الأنبياء الآخرين، كله ردة وكفر بعد الإسلام نعوذ بالله، واختلف العلماء، هل يستتاب أو لا يستتاب، فقال بعضهم: يستتاب فإن تاب وإلا قتل، يعزر أيضا، ولو تاب يعزر عن فعله القبيح بالجلد والسجن ونحو ذلك، وقال آخرون: لا يستتاب، بل يقتل حدا، يقتل كافرا، ولا يستتاب، ولا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، لأن جريمته عظيمة، وكفره عظيم، والأقرب عندي والله أعلم القول باستتابته، لأنه قد يقع عن جهل، وقد يقع عن غضب شديد، وقد يقع عن استهزاء ببعض الناس، فكونه يستتاب ويبين له خطؤه وظلمه لنفسه، وأنه أتى جريمة عظيمة، وكفرا عظيما، فإذا تاب رفع عنه القتل، لكن لا مانع من أن يؤدب، يؤدبه ولي الأمر، الأمير أو القاضي، يؤدبه عن هذا بجلدات، أو بسجن، أو نحو ذلك، مع التوبيخ، حتى لا يعود لمثل ذلك.   (1) سورة محمد الآية 9 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 باب ما جاء في الإيمان بالغيب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 باب ما جاء في الإيمان بالغيب 66 - معرفة علم الغيب من خصائص الله عز وجل س: الأخ: م. ح. ب، من ليبيا، يقول: أتقدم إليكم بالسؤال التالي والذي يقول: علم الغيب يقتصر على المولى عز وجل دون سواه، وهناك آيات قرآنية تؤكد انفراد المولى عز وجل دون غيره بذلك، ولكن نجد في الكثير من الكتب عند اطلاعنا عليها، أنه يكتب في نهاية الحديث أو العبارة أو الصفحة " الله ورسوله أعلم " فما معنى ذلك؟ هل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب في حياته ومماته، أيضا؟ نرجو من سماحتكم إجابتنا وإفادتنا، والاستدلال إذا أمكن بالقرآن الكريم، جزاكم الله خيرا (1). ج: نعم مثل ما ذكر السائل، علم الغيب إلى الله عز وجل، وليس عند الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره علم الغيب، بل هو مختص بالله عز وجل،   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 147. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 كما قال الله سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (1) الآية من سورة النمل. قال سبحانه وتعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (2) هكذا في سورة الأعراف. ويقول سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (3) فالغيب إلى الله عز وجل، مختص به سبحانه وتعالى، يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، ويعلم ما يكون في الآخرة، وما في الجنة والنار، ويعلم الناجين من الهالكين، ويعلم أهل الجنة ويعلم أهل النار، ويعلم كل شيء سبحانه وتعالى، والرسل إنما يعلمون ما جاءهم به الوحي، ما أوحى الله به إليهم، يعلمونه كما قال سبحانه وتعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (4) فالله يوحي إلى الرسل ما شاء، كما أوحى إلى نبينا صلى الله عليه وسلم أشياء كثيرة، من أمر الآخرة وأمر القيامة وأمر الجنة والنار، وما يكون في آخر الزمان، من الدجال ونزول المسيح وهدم الكعبة، ويأجوج ومأجوج وغير ذلك مما يكون في آخر الزمان، كل هذا من علم الغيب، أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فعلمنا إياه، وصار معلوما للناس، وهكذا ما يعلمه الناس من أمور الغيب، عند وقوعه، في   (1) سورة النمل الآية 65 (2) سورة الأعراف الآية 188 (3) سورة الأنعام الآية 59 (4) سورة الجن الآية 26 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 بلادهم، أو في غير بلادهم فيكون معلوما لهم بعد وقوعه، وكانوا لا يعلمونه قبل ذلك، أما ما يقع في كتب أهل العلم: الله ورسوله أعلم، فهذا فيما يتعلق بأمور الشرع، وأحكام الشرع، ومرادهم يعني في حياته، يعلم هذه الأشياء عليه الصلاة والسلام، أما بعد وفاته فلا يعلم ما يكون في العالم، ولا يدري عما يحدث في العالم، لأنه بالموت انقطع علمه بأحوال الناس، عليه الصلاة والسلام، إلا ما يعرض عليه من الصلاة والسلام عليه، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «صلوا علي فإن الصلاة تبلغني حيث كنتم (1)» في الحديث الصحيح: «إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام (2)». عليه الصلاة والسلام، أما أمور الناس وحوادث الناس وما يقع منهم من أغلاط وظلم أو حسنات، كل هذا لا يعلمه الرسول ولا غيره، ممن مضى، ممن مات، ولا يعلمه من يأتي، وقد يعلمه من حولهم من الناس، بمطالعتهم إياه ومشاهدتهم أعمالهم، من جلسائهم وأهل بلادهم. المقصود أن علم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وما أوحاه الله إلى الرسل فهو من علم الغيب، الذي أطلعهم عليه سبحانه وتعالى، وهم أطلعوا الناس عليه وعلموه   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 8804، وأبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم 2042. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم 3657. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 الناس. وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «يذاد أناس عن حوضي يوم القيامة، فأقول: يا ربي، أمتي أمتي، وفي لفظ فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم (1)». فبين صلى الله عليه وسلم أنه لا يعلم، يقال له: «لا تدري ما أحدثوا بعدك (2)» وفي اللفظ الآخر: «يذاد أناس عن حوضي، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: (4)» فهو صلى الله عليه وسلم إنما يعلم ما أوحاه الله إليه، وما كان عند الله من الغيب لا يعلمه سواه سبحانه وتعالى، وبعد موته لا يعلم حوادث الناس.   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: " واتخذ الله إبراهيم خليلا " برقم 3349. (2) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا "، برقم 4740، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، برقم 2860. (3) البخاري أحاديث الأنبياء (3171)، الترمذي تفسير القرآن (3167)، النسائي الجنائز (2087)، أحمد (1/ 235). (4) سورة المائدة الآية 117 (3) {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 67 - حكم من يخبر بالمغيبات س: ما حكم من يخبر بالمغيبات، ويعمل البخور والشعوذة؟ (1) ج: يجب على المسلم أن يحذر هؤلاء المخرفين، الذين ينسبون إلى التصوف والشعوذة، إما بدعوى علم الغيب، أو بدعوى أخرى يدعونها، أنهم بينهم وبين شيوخهم صلة، تمكنهم أن يفعلوا كذا وكذا فيشوشوا على الناس، ويوهموهم أنهم لهم قدرة على إشفاء المرضى، أو قضاء الحاجات بالطرق غير الشرعية، فهؤلاء يجب الحذر منهم، لأنهم مخرفون ودعاة باطل، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين يوما (2)»، وقال: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (3)» صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء الذين يدعون أمور الغيب، أو يدعون أن مشايخهم يرشدونهم إلى أشياء تتعلق بالغيب، وأن ما يقول مشايخهم صحيح، وأنهم معصومون وأن أخبارهم لا بد أن تقع، وما أشبه هذا مما يقع لبعض الصوفية، أو يعتقد أنه يأتيه الوحي من السماء، يقول:   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 185. (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230. (3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 حدثني قلبي عن ربي، بكذا وكذا. فكل هذه خرافات، والذي يدعيها كافر، الذي يدعي أنه يعلم الغيب، أو يأتيه الوحي من السماء ما عدا محمدا صلى الله عليه وسلم فيما أطلعه الله عليه، كل هذا كفر وضلال، وهكذا من يصدقه بدعوى علم الغيب، من صدقه فهو مثله، وإذا جعل بخورا من الأشياء التي يشوش بها أو يلبس بها فلا يلتفت إليه، العمدة على ما يقول، إذا كان يدعي علم الغيب أو يدعي أنه يخدم الجن، وأن الجن هم الذين يخبرونه بالمغيبات، أو ما أشبه ذلك، هذا من الخرافيين، ومن المشعوذين، فيجب الحذر منهم وعدم سؤالهم، وعدم تصديقهم، ومتى ظهر منه أنه يدعي علم الغيب أو أنه يعبد الجن ويخدمهم بالطاعات والذبح لهم، صار مشركا، إما بدعوى علم الغيب، وإما لكونه يعبد الجن، ويستغيث بهم وينذر لهم ونحو ذلك، وإذا زعم أنه يعرف الأشياء بالطرق الأخرى، فهو كذاب لقصده التلبيس، لأنه لا يعلم الغيبيات إلا الله سبحانه وتعالى، أما إذا كان يداوي المريض بالأدوية المعروفة الحسية، كما يفعل الأطباء المعروفون، يداوي بالكي، يداوي بأشياء يستعملها مأكولات أو مشروبات أو مروخات، جربت ونفعت، ولا يدعي علم الغيب، ولا يخدم الجن، هذا لا حرج عليه، هذا طب شعبي، قد اعتاده الناس فيما بينهم، من أنواع من المأكولات أو المشروبات، أو الدهونات أو المروخات أو الكي، هذا لا بأس به، إذا كان سليما ليس معه دعوى علم الغيب، وليس معه عبادة للجن، قد كانت العرب، وغالب الناس على هذا فيما مضى يعرفون عادات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 يفعلونها، ويعالجون بها، ويتطببون بها، وقد تنفع وقد لا تنفع، وليست من علم الغيب، ولا من خدمة الجن، بل هي أمور اعتادوها، من أشربة أو مأكولات، أو بخور يتبخرون به، وينفع الله به، أو ما أشبه ذلك، من الأمور الواضحة الظاهرة، التي ليس فيها تلبيس ولا عبادة للجن، ولا دعوى علم الغيب وهكذا الكي. س: يقوم رجل صالح حينما تحضر لهم في إحدى المشكلات، يقول: نستخير لك الله، أو نفتح لك الكتاب، أو نشوف لك الخيرة، ويحدثونك عن المستقبل، ويعالجونك عما بك من مصائب، هل هذا صحيح أم لا؟ (1) ج: هذا غلط فإنهم لا يعلمون الغيب، فإذا أرادوا أن يفكروا في الدواء والعلاج فلا بأس، أما أن ينظروا في أمر معناه أنهم يعلمون الغيب، بطريق يقرءونها أو يكتبونها، أو تكتب لهم فهذا لا صحة له أبدا، يقول الله سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (2) فهو سبحانه يعلم الغيب، ولقول النبي عليه الصلاة والسلام: «مفاتح الغيب خمسة لا يعلمهن إلا الله، ثم قرأ قوله تعالى: (4)»   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 39. (2) سورة النمل الآية 65 (3) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا "، برقم 7379، سورة لقمان، الآية 34. (4) سورة لقمان الآية 34 (3) {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 سبحانه وتعالى، ويقول الله له: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (1) فهو عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب، وإنما هو نذير وبشير لعباد الله، فالذي يدعي أنه يستخير للمريض، أو يستفتح للمريض، أو يفكر للمريض، حتى يعلم ما وراء علم الأسباب، بل علم آخر وهو علم الغيب، هذا لا يجوز وهذا باطل، ومن ادعى علم الغيب فهو كافر نعوذ بالله، أما إن أراد أن يفكر في الدواء المناسب، والعلاج المناسب، فهذا لا بأس به، والطبيب قد يخفى عليه المرض، فيفكر كذلك، بقوله: أستخير، هذا إن كان قصده يستخير الله في الصلاة ركعتين، ويستخير الله في كيفية علاجه، هذا لا بأس، أما يستخير بمعنى أن ينظر في علم الغيب فهذا باطل.   (1) سورة الأعراف الآية 188 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 68 - حكم تصديق من يدعي معرفة أحوال الموتى س: مستمعة يمنية مقيمة في المملكة ل. م. أ، تقول: يوجد عندنا امرأة تسمى متسفلة، وتعني هذه الكلمة أنها تزور القبور في الليل، وتعرف أحوال الموتى من أقربائها ومن غيرهم، وقد لوحظ أن هناك بعض الناس يذهبون إلى هذه المرأة، وإعطاؤها نقودا لتقوم بزيارة أبنائهم أو إخوانهم، ولمعرفة أحوالهم، وعندما تذهب هذه المرأة كما تدعي، بأنه يقوم هؤلاء الأموات، بطلب أشياء من أقربائهم، وعليهم تنفيذها في الدنيا، وليس الذهب إليهم في القبور، ثم تستمر في سرد هذه القضية، لتصل إلى هذه النتيجة، فتقول: إن هذه المرأة، عندما تزور القبور تنام، وتذهب الروح فقط، وتبقى الجثة في المنزل، وسؤالنا هل عمل هذه المرأة صحيح؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فعمل هذه المرأة عمل منكر وباطل، وكله تمويه وتضليل وكذب، أولا: زيارتها للقبور لا تجوز، لأن النساء لا يزرن القبور، والرسول لعن زائرات القبور عليه الصلاة والسلام، فليس للنساء زيارة القبور، وإنما هي للرجال، أما النساء فقد نسخت زيارتهن للقبور، واستقر الأمر على أنهن لا يزرن القبور، لقوله صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 317. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (1)» هكذا للرجال، وجاء في الحديث الصحيح: «لعن رسول الله زائرات القبور (2)» أما قولها إنها تعرف أحوال المقبورين، وترفع طلباتهم لأقربائهم، فهذا كله باطل، لا يعلم الغيب إلا الله، ولا يعلم أحوال القبور إلا الله سبحانه، هو الذي يعلم أحوالهم وبما هم فيه، وليس هناك دليل على ما تقول، بل هو كذب وأخذ لأموال الناس بالباطل، وترويج للباطل، ولا يجوز أن تصدق، بل يجب أن يرفع أمرها إلى ولي الأمر الشرعي، حتى تعاقب بما تستحق ولا يجوز تصديقها، ولا أن تعطى شيئا مما تقول، نعم قد يرى الإنسان بعض أقاربه في النوم في خير، أو يراهم في شر، هذا قد يحدث في الرؤيا، أما المرأة إذا زارت القبور، أو الرجل إذا زار القبور، يعلم أحوال المقبورين من خير وشر، وأنهم يوصونه بأشياء، ويأمرونه بأشياء، هذا باطل لا صحة له، وقد يطلع الله بعض الناس على بعض أحوال المقبورين، إذا كشف القبر لحاجة في القبر، إما نسيان لأداة حفر، أو شيء آخر ينسونه في القبر، فقد ذكر ابن رجب رحمه الله أن بعض الناس حفر عنه القبر، فوجد يعذب في قبره، هذا   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس، برقم 2598. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 قد يقع ليري الله عباده العبر، وقد يوجد ما يدل على أنه في خير ونور، ولكن ليس هناك ما يدل على أن أحدا يطلع على أحوال المقبورين، بدون أسباب حسية، أو أن أهل القبور يبلغون كذا وكذا يعلمون كذا وكذا كل هذا باطل، إنما قد تقع الرؤيا إما رؤيا صالحة، أو رؤيا غير صالحة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى الإنسان ما يسره، يخبر بها من أحب، والرؤيا المكروهة من الشيطان، فإذا رآها إنسان، يتفل عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأى ثلاث مرات، ثم ينقلب على جنبه الآخر، فإنها لا تضره، ولا يخبر بها أحدا، هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، والمقصود أنها يعني: هذه المتسفلة هي على اسمها متسفلة خبيثة، لا يجوز تصديقها والالتفات إليها، بل يجب ردعها وتأديبها عن هذا العمل السيئ، نسأل الله العافية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 69 - معرفة مستقبل الناس من علم الغيب س: ما هو مستقبل العالم الإسلامي، من حيث القوة والضعف، حسبما نظرت السنة الشريفة، وكذلك مستقبل أعداء الإسلام، في هذه الحياة الدنيا؟ (1) ج: هذا يا أخي من علم الغيب، هذا أمره إلى الله عز وجل، وهو   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 140. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 من علم الغيب، ولا يعلم مستقبل الناس إلا الله سبحانه وتعالى، لكن مقتضى الأدلة الشرعية أن الغربة تزداد، ولا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ (1)». لكن قد تقع فجوات في الدهر، ينتصر فيها الإسلام على غيره، ويظهر فيها الإسلام في بعض الأوقات، وفي بعض الجوانب من الدنيا، كما جرى في عهد عمر بن عبد العزيز، كان عهده أحسن من عهد الأمير الذي قبله، بسبب ما قام به من الدعوة إلى الله، وإلزام الناس بالحق، وكما جرى في نجد في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، من ظهور الإسلام والقضاء على أسباب الكفر، واجتماع المسلمين على الجهاد في سبيل الله، وعلى إخلاص العبادة لله وحده، وهدم مباني القبور المعبودة من دون الله، والقضاء على الأوثان، وكانت الحال في النصف الثاني من القرن الثاني عشر وما بعده، أحسن من الحالة في قرون كثيرة مضت ظهر فيها الشرك، وظهر فيها الفجور والمعاصي، الحاصل أن الأصل أن الإسلام تشتد غربته عاما بعد عام، وقرنا بعد قرن في الجملة، كما قال جماعة من أهل العلم، وقد يأتي الله بزمان ينفس فيها الله عن المسلمين، فيحصل فيه خير كثير، وتكون الحالة أحسن من الزمن الذي قبله، رحمة من الله   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، برقم 146. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 جل وعلا، وقد يكون ذلك في جانب دون جانب، وفي إقليم دون إقليم، كما جرى في وقت الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفي بلدان أخرى خرج فيها المصلحون، وصارت الحالة في بلادهم أحسن من الحالة التي قبلها، وقتا ما. والله جل وعلا أخبرنا أن هذا الإسلام، ينتهي في آخر الزمان، وأن هناك ريحا تخرج يرسلها الله عز وجل، يقبض بها أرواح المؤمنين والمؤمنات، ثم يبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة، وفي آخر الزمان يرفع القرآن، ويقبض المؤمنين والمؤمنات، ويبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة، لكن في أول هذا القرن وفي آخر القرن السابق، حصل بحمد الله يقظة للمسلمين، وحركة مباركة للمسلمين، صار فيها المسلمون أحسن حالا من قبلها، في أوقات بسبب الحركة الإسلامية من الشباب وغيرهم، وبسبب كثرة الدعاة إلى الله، والجمعيات الإسلامية والمراكز الإسلامية في شتى بقاع الأرض، وانتشر الدعاة من هنا وهنا، من الجامعة الإسلامية ومن هذه الرئاسة، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والدعوة والإرشاد، ومن الرابطة ومن جهات أخرى، فالحاصل أن هذا الوقت الآن يبشر بخير، من حركة إسلامية قوية، وتكاتف ودعوة إلى الله، ونشاط، فنرجو أن يكون المستقبل القريب أحسن مما مضى بكثير، أما ما بعد ذلك فالله أعلم، جل وعلا، والأدلة معروفة في هذا الباب، وأما مستقبل الكفرة فكذلك، كلما نشط الإسلام ضعف جانب الكفر، وأما تفصيل الأشياء وعلم نهاياتها، هذا إلى الله سبحانه وتعالى، لكن الواجب على المسلمين أن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 يجتهدوا في نصر دين الله، والدعوة إلى الله، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يحرصوا على جهاد الأعداء، ونشر تعاليم الإسلام حتى يظهر دين الله، وحتى يبقى دينه، وحتى يستعيدوا ما سلبه الأعداء منهم، هذا واجب المسلمين، وهذا واجب على الدول الإسلامية أن تتقي الله، وأن تحكم شريعته سبحانه، وأن تجتهد في إصلاح أوضاع بلادها، وإقامة حكم الله في بلادها، وفي شعبها، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، وقد سرنا ما سمعنا من حكومة بنجلاديش، من إعلانهم تحكيم الشريعة، واجتماعهم على هذا الأمر، وهذا يبشر بخير كثير، ونرجو أن يوفقهم الله لهذا الأمر، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة، وأن يوفق الباقين لهذا الأمر، وأن يقتدوا بغيرهم ممن سعى، وبادر بتحكيم الشريعة، وهكذا حكومة الباكستان عندها عزم كبير على تحكيم الشريعة، ونسأل الله أن يعينها على ذلك، وهكذا نرجو لبقية الدول الإسلامية: كحكومة مصر والأردن وغيرها، نسأل الله لهم العون والتوفيق، حتى يحكموا شريعة الله، وحتى يدعوا النظم المخالفة لشرع الله، هذا هو الواجب عليهم وبذلك ينصرهم الله ويعينهم، ويحسن لهم العاقبة، ويجمع شملهم على الخير. والله المسئول سبحانه أن يوفق المسلمين جميعا، حكاما ومحكومين، وقادة وشعوبا لكل ما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة والتمسك بها، وترك ما يخالفها، إنه سبحانه وتعالى سميع قريب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 70 - بيان أن التقاويم لها حسابات معروفة وليست من علم الغيب س: التقويم السنوي الذي يكتب به التاريخ، ومواعيد الصلاة مقدما، هل من يكتبه يعلم بالمواعيد مقدما، ولا يعلم الغيب إلا الله، وهل استعمال التقويم حرام، وما حكم من يعمل التقويم؟ (1) ج: التقاويم معروفة لها طرق معروفة وحساب معروف، ليس هو من علم الغيب، لها حساب معروف في ضبط دخول الشهر وخروج الشهر، وضبط الأيام والليالي والدقائق والساعات، لها طرق حسابية معروفة ليس من علم الغيب، ولا ينبغي أن تظن أنه من علم الغيب أيها السائل، هذه أمور معروفة لها طرق ولها حسابات معروفة يسير عليها الحاسبون ويدركون معناها، فليس فيها من علم الغيب شيء.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 29. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 71 - بيان معنى القضاء والقدر س: تقول السائلة: م. غ. ما الفرق بين القضاء والقدر؟ (1) ج: القضاء هو القدر، والقدر هو القضاء، ومعناهما واحد وهو الشيء الذي قضاه الله سابقا وقدره سابقا، يقال لهذا قضاء، ولهذا قدر   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 360. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 يعني ما سبق في علم الله أنه قدره من موت وحياة وعز وذل وأمن وخوف، كله وغيره يسمى قضاء ويسمى قدرا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 72 - بيان أن شكوى الهموم لأجل التعاون ليس من الاعتراض على القدر س: ما حكم الشرع في نظركم - سماحة الشيخ - فيمن يشكو بعضا من همومه لصديقه، هل يعتبر ذلك من الاعتراض على قضاء الله وقدره؟ (1). ج: إذا كان الشكوى عن الهموم لأجل التعاون يظهر ما لديه لعل الله ينفعه برأيه واجتهاده من باب المشورة، من باب الاستعانة بالرأي، فلا بأس بذلك يشكو همومه وحاجاته ليستعين برأيه، وإذا كان مضطرا وسأل المساعدة، فلا بأس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة - مسألة المال يعني - لا تحل إلا لأحد ثلاثة، رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة، اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال: سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة يعني كان غنيا وكان بخير ثم أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، يعني حتى يشهدوا له، قال: وما سواهن يا قبيصة سحت يأكله   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 358. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 صاحبه سحتا (1)» فالإنسان إذا سأل من أجل جائحة أصابته أو فقر طرأ عليه لذهاب أمواله فلا حرج عليه في ذلك.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب من تحل له المسألة، برقم 1044. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 73 - حكم قول: حصل هذا صدفة س: يقول السائل: ما حكم قول الإنسان حصل هذا الشيء صدفة؟ (1) ج: ليس فيه شيء، لأن المراد حصل من دون ميعاد له مثلما لو وافق فلانا في الطريق وسلم عليه وهو ما واعده وافقه عند إنسان زاره ففرح به ليس عن موعد، الصدفة عن غير ميعاد يعني أنه حصل الشيء عن غير ميعاد بينه وبين زيد أو عمر أو فلان أو فلان هذا معنى الصدفة عني من غير ميعاد.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 236. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 باب ما جاء في حقيقة الإيمان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 باب ما جاء في حقيقة الإيمان 74 - الكلام على الإيمان والإسلام س: ما الفرق بين الإيمان والإسلام؟ (1) ج: الإيمان هو الإسلام، والإسلام هو الإيمان عند الإطلاق، لأن الإيمان تصديق القلوب، وكل ما يتعلق بالإسلام من قول وعمل، والإسلام كذلك هو: الانقياد لله والخضوع له بتوحيده والإخلاص له وطاعة أوامره وترك نواهيه، فإذا أطلق أحدهما شمل الآخر، كما قال عز وجل: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (2) يعني والإيمان داخل في ذلك، أما إذا جمعا فإن الإسلام هو الأعمال الظاهرة، والإيمان هو الأعمال الباطنة، إذا جمع بينهما كما في حديث جبريل، لما سأل النبي عن الإسلام والإيمان، فسر له النبي الإسلام بأمور ظاهرة، كالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج، وفسر له الإيمان بأمور باطنة، فقال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 114. (2) سورة آل عمران الآية 19 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 وشره (1)»، هذا هو الفرق بينهما عند الاجتماع، يكون الإسلام بالأعمال الظاهرة، والإيمان الأعمال الباطنة، وإن الكفر بأحدهما يدخل فيه الآخر، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، وأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان (2)»، فالإيمان بضع وسبعون شعبة، يدخل فيه الإسلام، ولهذا ذكر أفضل خصاله، لا إله إلا الله، وهي أصل الإسلام، فدل ذلك على أن الإيمان إذا أطلق، دخل فيه الإسلام، وهكذا إذا أطلق الإسلام، دخل فيه الإيمان عند أهل السنة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 8. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، برقم 35. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 75 - علامات الإيمان س: يسأل المستمع، من ليبيا، ويقول: ما هي علامات الإيمان؟ وما هي الأشياء التي تقسي القلب، وما هي الأشياء التي ترقق القلوب؟ (1) ج: من علاماته ذكر الله جل وعلا، وتسبيحه، وتهليله، والتفكير   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 410. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 فيما أوجب الله عليك، ومصيرك يوم القيامة، كل هذا مما يرقق القلب، ومجالسة الأخيار والصالحين، كل هذا مما يرقق القلب. فعلامات الإيمان وعلامات الخير، المحافظة على الصلوات والإكثار من ذكر الله، وصحبة الأخيار كل هذا من علامات الخير، ومن علامات الشر صحبة الأشرار، والكذب والخيانة، وأشباه ذلك وخلاف الوعد، كما أخبر النبي عن المنافقين: «إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان (1)»، ومن علامات الإيمان الاستقامة على الخير، والإكثار من ذكر الله، وصحبة الأخيار، والإكثار من قراءة القرآن، والمحافظة على الصلاة في الجماعة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، إلى غير هذا. ومن علامات الشر صحبة الأشرار، الغفلة عن ذكر الله، الإعراض عما أوجب الله، ارتكاب المعاصي والتساهل بها، كل هذه من علامات الشر نسأل الله العافية. س: السائل: أبو أحمد، يقول: كيف يعرف المسلم مقدار إيمانه؟ (2) ج: على قدر خوفه من الله، وتعظيمه لله، ومسارعته لما أوجب   (1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب من أمر بإنجاز الوعد، برقم 2682. (2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 428. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 الله، وتركه لما حرم الله، يدل هذا على قوة الإيمان، وإذا تساهل بالمعاصي، فهذا يدل على ضعف الإيمان، فالإيمان القوي هو الذي يتضمن خوف الله، ومراقبته، والمسارعة إلى ما أوجب والحذر مما حرم، هذا دليل على قوة الإيمان وأن صاحبه على خير، أما إذا كان يتساهل بالمعاصي، وترك الصلاة في الجماعة، وعقوق الوالدين، والغيبة والنميمة، وتعاطي الربا، فهذا يدل على ضعف الإيمان، وقلة الإيمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 76 - شرح معنى محبة الله س: سائل يرجو شرح معنى محبة الله (1). ج: يجب أن يحب الله بكل قلبه محبة لا يعادلها شيء يكون الله أحب إليه من كل ما سواه، محبة صادقة تقتضي طاعته وترك معصيته، وحب أوليائه ورسله، وكراهة أعدائه وبغضهم في الله عز وجل فهو يحب، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (2)، وقال في المؤمنين: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (3)، فالواجب أن يحب الله بكل قلبه محبة صادقة وأن يكون الله أحب إليه مما سواه قال   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 362. (2) سورة آل عمران الآية 31 (3) سورة المائدة الآية 54 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما (1)»، فهو يحب الله فوق كل شيء وأحب من كل شيء ثم يحب الرسول صلى الله عليه وسلم محبة صادقة بعد محبة الله يحبه في الله لأنه رسول الله ويحب المؤمنين لأنهم أولياء الله وأحباء الله ويكره الكافرين ويبغضهم لأنهم أعداء الله هكذا المؤمن.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان، برقم 16. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 77 - شرح معنى اليقين س: سائل يرجو من سماحتكم شرح معنى اليقين بالله (1). ج: اليقين معناه أن يكون مؤمنا بالله عن جزم وعن يقين، يؤمن بأن الله ربه المعبود بحق، وأنه لا يستحق العبادة سواه، وأنه خالق كل شيء وأنه الكامل، في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وأن الله سبحانه يجب أن يعبد وحده ويخص بالعبادة، ويجب على المؤمن أن يحذر شر لسانه، في تنقص ربه أو نفي صفاته أو التهاون بما أوجب عليه، يكون المؤمن متيقنا أنه سبحانه هو المستحق للعبادة، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه المستحق للعبادة، وأنه لا رب سواه ولا خالق سواه، ولا يستحق العبادة غيره سبحانه وتعالى، فيتيقن أنه سوف يجمع الناس يوم القيامة سوف يجازيهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 362. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 ويتيقن أن الله سبحانه سوف يفي بوعده سيدخل المؤمنين الجنة كما وعدهم ويدخل الكفار النار كما وعدهم سبحانه وتعالى، وهكذا كل ما أخبر الله به ورسوله في القرآن أو بالأحاديث الصحيحة يكون المؤمن مؤمنا بذلك يصدق بذلك ولا يشك في ذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 78 - بيان أن الإيمان بالقلب لا يكفي عن العمل بالبدن س: هل الإيمان بالقلب كفاية أن يكون الإنسان مسلما بعيدا عن الصلاة والصوم والزكاة؟ (1) ج: لا يكفي الإيمان بالقلب، ولا يكفي عن الصلاة وغيرها، يجب أن يؤمن بقلبه، أن الله واحد لا شريك له، وأنه ربه وخالقه، يجب أن يخصه بالعبادة، سبحانه وتعالى، ويؤمن بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله حقا إلى جميع الناس، كل هذا لا بد منه، هذا أصل الدين وأساسه، لكن لا بد من ذلك من الصلاة، وبقية أمور الدين، إذا صلى فقد أدى ما عليه، وإن لم يصل كفر، لأن ترك الصلاة كفر، أما الزكاة والصيام والحج وبقية الأمور، إذا اعتقدها وأنها واجبة، ولكن تساهل فيها فلا يكفر بذلك، يكون عاصيا، يكون إيمانه ضعيفا ناقصا، لأن الإيمان يزيد وينقص، يزيد الإيمان بالطاعات، والأعمال   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 17. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 الصالحات، وينقص بالمعاصي، أما الصلاة وحدها خاصة، فإن تركها كفر عند جمع من أهل العلم، وهو أصح قولي العلماء، بخلاف بقية أمور العبادات، من الزكاة والصوم والحج، ونحو ذلك، فإن تركها ليس بكفر أكبر على الصحيح، ولكن تكون نقصا في الإيمان وضعفا في الإيمان، وكبيرة عظيمة، ترك الزكاة كبيرة عظيمة، وترك الصيام كبيرة عظيمة، وترك الحج بعد الاستطاعة كبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كفرا أكبر، إذا كان مؤمنا بأن الزكاة حق، وأن الصيام حق، وأن الحج بعد الاستطاعة حق، ما كذب بذلك ولا أنكر ذلك، ولكنه تساهل في الفعل فلا يكون كافرا بذلك، على الصحيح، أما الصلاة فإنه إذا تركها يكفر، في أصح قولي العلماء، كفرا أكبر نعوذ بالله، إذا تركها بالكلية. وأما الشهادتان الشهادة بأن الله رب الجميع، وإله الجميع وأنه لا إله سواه، يعني لا معبود بحق سواه، والشهادة بأن محمدا رسول الله، هاتان الشهادتان هما أصل الدين، وهما أساس الملة، فذهب جمع من أهل العلم، وهو قول الأكثر من الفقهاء، أنه يكون مسلما بذلك، ولو لم يصل، إذا كان يعتقد وجوب الصلاة، والصوم، والحج وإلى غير ذلك، لكن لا يفعل تساهلا، فإن الأكثر من الفقهاء يرون أنه لا يكون كافرا كفرا أكبر، إذا ترك ذلك يبقى مسلما عاصيا، عليه خطر من دخول النار، ولا يكفر بذلك، وذهب جمع من أهل العلم إلى أن ترك الصلاة كفر أكبر، وهو الأرجح كما تقدم، وهو الأصح، لقول الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)»، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك، ترك الصلاة (2)»، كما تقدم في جواب سؤال سابق، فينبغي الانتباه لهذا، أما بقية أمور الدين الواجبة، من الزكاة والصوم والحج ونحو ذلك، إذا كان المؤمن بالله ورسوله يعتقد وجوبها، وأنه لا ينكر وجوبها، لكنه قد تساهل في فعلها فهذا لا يكون كفرا أكبر، لكن يكون نقصا في الإيمان، ويكون ضعفا في الإيمان، ويكون عاصيا مستحقا لدخول النار، وغضب الله إلا أن يعفو الله عنه سبحانه وتعالى، لقوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (3)؛ فجعل ما دون الشرك، تحت مشيئة الله، على قول أن المعاصي تحت مشيئة الله، ولا يكون بها كافرا كفرا أكبر، بل يكون عاصيا ويكون ضعيف الإيمان.   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22428. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على ترك الصلاة، برقم 82. (3) سورة النساء الآية 48 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 79 - بيان ما يتم به الدخول في الإسلام س: بعض الناس يقولون مثلا الصلاة يشترط لها الإسلام، والحج أيضا يشترط له الإسلام، فإن الإنسان قد يكون مسلما ولو لم يأت ببقية أركان الإسلام، وأنتم أجبتم على هذا، لكن نريد أيضا تجلية هذا الموضوع؟ (1) ج: واضح أنه يكون مسلما بالشهادتين، متى أقر بالشهادتين ووحد الله عز وجل، وصدق رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، دخل في الإسلام، ثم ينظر فإن صلى تم إسلامه وإن لم يصل صار مرتدا، وهكذا لو أنكر الصلاة بعد ذلك صار مرتدا، أو أنكر الصيام قال: ما هو بواجب صيام رمضان، صار مرتدا، أو قال عن الزكاة: زكاة الإسلام ما هي بواجبة، صار مرتدا، أو قال: الحج مع الاستطاعة غير واجب، صار مرتدا، أو استهزأ بالدين، أو سب الرسول صار مرتدا، ينبغي أن يكون واضحا، فهو إذا دخل في الإسلام بالشهادتين، حكم له بالإسلام ثم ينظر بعد ذلك في بقية الأمور، فإن استقام على الحق، تم إسلامه، وإن وجد لديه ما ينقض الإسلام، من سب الدين، من تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، من جحد لما أوجب الله، من صلاة أو صوم، من جحد ما حرم الله، كما لو قال: الزنى حلال، فإنه يرتد عن الإسلام بهذا، ولو صلى وصام ولو قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، لو قال إن الزنى   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 17. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 حلال وهو يعلم بالأدلة، وقد قامت عليه الحجة، يكون كافرا بالله كفرا أكبر نعوذ بالله، أو قال: الخمر حلال وقد بين له، وقد وضحت له الأدلة ثم أصر على القول بأن الخمر حلال يكون كافرا كفرا أكبر، ومرتدا عن الإسلام، نعوذ بالله أو قال مثلا أن العقوق ليس محرما، وهو يعق والديه يقول إنها حلال، يكون مرتدا عن الإسلام نعوذ بالله، أو قال إن شهادة الزور حلال، يكون هذا ردة عن الإسلام، بعد أن يبين له الأدلة الشرعية، كذلك إذا قال: الصلاة ما هي بواجبة، الزكاة ما هي بواجبة، صيام رمضان ما هو بواجب، أو الحج مع الاستطاعة ما هو بواجب، كل هذه نواقض من نواقض الإسلام، يكون بها كافرا، إنما الخلاف إذا قال: الصلاة واجبة، ولكن لا يصلي، هذا محل الخلاف، يكفر أو ما يكفر؟ هو يقول: الصلاة واجبة ولكن أنا أتساهل ما أصلي، فجمهور الفقهاء يقولون: لا يكفر، ويكون عاصيا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل حدا، وذهب آخرون من أهل العلم، وهو المقول عن الصحابة رضي الله عنهم، أنه يكفر بها كفرا أكبر، فيستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافرا، لقول الله جل وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1)، فدل ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة، لا يخلي سبيله بل يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (2)، فدل على أن الذي لا يقيم الصلاة ولا يصلي ليس بأخ في الدين.   (1) سورة التوبة الآية 5 (2) سورة التوبة الآية 11 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 س: السائلة: أم محمد من الرياض، تقول: سماحة الشيخ يتردد على ألسنة بعض الناس بأن الدين في القلب، هل يصح هذا القول؟ (1) ج: الإيمان أصله في القلب، مثلما قال صلى الله عليه وسلم: «التقوى هاهنا، وأشار إلى صدره (2)» يعني في القلب، وإذا صلح القلب صلح الجسد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح سائر الجسد، وإذا فسدت فسد الجسد كله (3)» هذا صحيح متى صلح القلب وعمره الله بالتقوى، والخشية لله استقام البدن، استقامت الجوارح، في طاعة الله، ومتى خبث القلب بالنفاق والكفر والضلال خبثت الجوارح، وانقادت له. فالأساس هو القلب، متى أصلحه الله وعمره بالتقوى انقادت الجوارح لطاعة الله، ورسوله والكف عن محارم الله، ومتى خبث القلب بالكفر والنفاق والفجور واتباع الهوى، انقادت الجوارح لأعماله السيئة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 403. (2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره. (3) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم 52، ومسلم في كتاب المساقات، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم 1599. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 80 - حكم قول: أنا مؤمن إن شاء الله س: سمعت من بعض الناس أنه يقول: إذا فعلت عملا كالصلاة أو كالصوم، أو أي عمل ثان في الدين أو الدنيا، وسئلت هل صليت؟ أو هل صمت؟ أو عملت كذا وكذا؟ لا تقل: إن شاء الله، بل قل: نعم، لأنك عملته فعلا فما رأيكم في مثل هذا؟ (1) ج: هذا فيه تفصيل، أما في العبادات فلا مانع أن يقول: إن شاء الله صليت، إن شاء الله صمت، إن شاء الله تصدقت، لأنه لا يدري هل كملها وقبلت منه أم لا، وكان المؤمنون يستثنون في إيمانهم وفي صومهم، ونحو ذلك نظرا لأنه لا يدري هل كمل أم لم يكمل، فيقول: إن شاء الله يعني إن شاء الله إني صمت صوما طيبا سليما. ويقول: أنا مؤمن إن شاء الله يعني إيمانا صحيحا أو إيمانا أموت عليه، أما الشيء الذي لا يختلف مثل ما يقال: بعت إن شاء الله لا يحتاج إن شاء الله، بعت هذا إن شاء الله، أو تغديت أو تعشيت إن شاء الله، لا يحتاج إن شاء الله في هذا، لأن هذه أمور لا تحتاج إلى المشيئة في الخبر، وإنما هي أمور عادية قد فعلها وانتهى فيها، بخلاف أمور العبادات التي لا يدري هل وفى حقها أم بخسها حقها، فإذا قال: إن شاء الله فهو للتبرك باسمه سبحانه، وللتحرر من دعواه شيئا قد يكون ما أكمله ولا أداه حقه.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 85. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 81 - بيان ما يقوى به الإيمان س: كيف يكون المؤمن قوي الإيمان؟ (1) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير (2)» رواه مسلم في الصحيح. المؤمن القوي هو قوي الإيمان، بما عنده من العلم والبصيرة، والخوف من الله مما يجعله قوي الإيمان حتى يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وينصح الناس ويأمر بالخير، ويكف الأذى، وكلما قوي إيمانه كثرت أعماله الصالحة، وكلما ضعف الإيمان قلت الأعمال الطيبة، فالمؤمن القوي هو الذي رزق بسطة في الدين، وغيرة لله، وتعظيما لله، فهو يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وينصح لعباد الله، ويحذر السيئات، هكذا يكون المؤمن القوي، والمؤمن الضعيف، هو ضعيف الإيمان، ضعيف البصيرة. ضعيف الخوف من الله، فهذا تقع منه المعاصي في الغالب، لضعف إيمانه وقلة خوفه من الله، نسأل الله السلامة.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 332. (2) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله، برقم 2664. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 82 - بيان أن الإيمان يزيد وينقص س: ما كيفية زيادة الإيمان؟ (1) ج: الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، فإذا صلى الصلوات الخمس وحافظ عليها مع السنن الرواتب زاد إيمانه، وإذا أخل بالرواتب نقص إيمانه، وإذا أخل بالزكاة نقص إيمانه أو بالصوم نقص إيمانه أو بصلة الرحم نقص إيمانه، وهكذا بالمعصية ينقص الإيمان والطاعات يزيد الإيمان يزيد في صحائف أعماله وفي ميزانه وعند ربه عز وجل كلما أدى طاعة زاد الإيمان، وكلما أدى معصية نقص الإيمان، وكلما ترك كثيرا من الواجبات نقص إيمانه وهكذا. س: سؤالها الثاني تقول كيف أجد حلاوة الإيمان؟ (2) ج: بالإقبال على الله والعناية بالعبادة وإحضار القلب فيها وتكفر في عظمة الله وإحسانه وتذكر الجنة والنار والموت كل هذا من أسباب وجود حلاوة الإيمان ... والتلذذ بالمناجاة لربه بالقراءة والدعاء عند استحضار عظمة الله وعند استحضار ذهاب هذه الدنيا وأن العبد صائر إلى ما قدم من خير وشر عند استحضار الإنسان هذه الأمور وعند   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 372. (2) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 357. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 استحضاره عظمة الله، وأن الله يطلع عليه ويراقبه يحصل له ما يحصل له من خشوع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 83 - بيان ما يزيد به الإيمان ويقوى س: تسأل أختنا وتقول: ما هي نصيحتكم لمن يريد أن يزيد إيمانه بالله ويقويه؟ (1) ج: نصيحتي لكل مسلم ولكل مسلمة الإقبال على القرآن العظيم والإكثار من تلاوته، فهو يزيد الإيمان ويزيد التقوى ويحصل به الهدى والثبات كما قال الله عز وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (2)، قال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (3)، وقال عز وجل: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (4)، فنصيحتي لكل مسلم ومسلمة الإقبال على كتاب الله والاستكثار من تلاوته بالتدبر والتعقل ليلا ونهارا، ولا سيما في الأوقات المناسبة، كأول النهار وفي أثناء الليل وفي آخر الليل وفي الصلوات مع تدبر ومع سؤال الله التوفيق وأن يعينه على الفهم الصحيح والعمل بكتابه عز وجل، ثم الدعوات   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 138. (2) سورة الإسراء الآية 9 (3) سورة فصلت الآية 44 (4) سورة ص الآية 29 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 الطيبة، الإنسان يدعو ربه كثيرا ويسأله في أوقات الإجابة بين الأذان والإقامة وكآخر الليل وجوف الليل، وكذلك في السجود وفي آخر الصلاة قبل السلام، كل الأوقات ترجى فيها الإجابة فينبغي للمسلم والمسلمة الإلحاح في هذه الأوقات بالدعوات الطيبة وسؤال الله أن يقوي إيمان العبد وأن يعينه على الخير ويثبته على الهدى. ثم أمر آخر وهو مجالسة الأخيار وصحبة الأخيار والاستفادة من نصائحهم ومواعظهم، هذا أيضا مما يقوي الإيمان ومما يعين على الثبات على الحق والعمل به. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. س: أنا ولله الحمد أحاول أن أكون ملتزمة، بكل ما أمرني به الله، وبكل ما نهاني عنه فأدعو أن يزيدني الله من فضله، لكن كل ما يؤرقني ويؤلمني أنني لا أبكي من خشية الله، أرجوكم أن ترشدوني إلى العمل الذي يجعلني أبكي من خشية الله (1). ج: من أسباب ذلك التفكر في عظمة الله وما أعده إلى أوليائه من النعيم وما أعده لأعدائه من العذاب في دار الهوان في النار، التفكير في هذا كون المسلم والمسلمة يجعل هذا على باله وأنه على خطر في هذه الحياة إلا إذا قبضه الله على الإسلام، والاستقامة يفكر في هذا كثيرا،   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 361. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 ويسأل ربه أن الله يمنحه رقة القلب وخشوع القلب والبكاء من خشيته سبحانه، يسأل ربه ويضرع إليه فهذا من أسباب حصول البكاء من خشية الله، ومن أسباب ذلك العناية بطيب المطعم كونه يتحرى الكسب الحلال الطيب يبتعد عن الكسب الحرام، كذلك مجالسة الأخيار والحرص على صحبتهم، هذا من أسباب خشوع القلب ودمع العين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 84 - من أسباب ذوق حلاوة الإيمان س: يقول هذا السائل عن نفسه سماحة الشيخ أنا مؤمن والحمد لله وقد أديت مناسك الحج والعمرة ومع ذلك لا أشعر بحلاوة الإيمان، فبماذا تنصحونني؟ (1) ج: ننصحك باستعمال ما شرع الله جل وعلا من الحرص على الطاعات، وقراءة القرآن الكريم، والإكثار من ذكر الله عز وجل، فإن هذا من أسباب ذوق المحبة، ذوق حلاوة الإيمان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار (2)»، فالصدق في محبة الله ورسوله، والإيمان بالله ورسوله، ومحبة إخوانك   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 308. (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان، برقم 16. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 في الله، وكراهة الكفر بالله، من أسباب ذوق طعم الإيمان، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا (1)» ويقول من حديث ابن عباس رضي الله عنه: «من أحب في الله، وأبغض في الله، وأعطى لله، ومنع لله، وجد حلاوة الإيمان (2)»، أو قال: «ذاق طعم الإيمان». المقصود أن الإكثار من ذكر الله، ومن قراءة القرآن، والاستقامة على طاعة الله ورسوله، ومحبة الله ورسوله، وأن تحب إخوانك في الله، وأن تكره الكفر وسائر المعاصي، كل هذا من أسباب ذوق طعم الإيمان، ووجود حلاوة الإيمان في قلبك، وأنسك بطاعة الله ورسوله، وتلذذك بذلك، بسبب صدقك في طاعة الله، ومحبة الله سبحانه وتعالى.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، فهو مؤمن، وإن ارتكب المعاصي الكبائر، برقم 34. (2) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، ج9، برقم 9083. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 س: منذ سنتين ونصف ابتليت بالوساوس والهواجس والخواطر، التي بعضها لا أستطيع دفعه وأصابني معها شيء من الخوف والقلق، والاضطراب حتى استولت علي هذه الخواطر والوساوس، وأنا خائف منها خوفا شديدا، حيث أخاف أن تضرني في ديني، لأن بعضها في عقيدتي، وإذا سألت بعض أهل العلم، يقول لي: الوسوسة من الإيمان، وإلى الآن لم تزل عني هذه الوساوس والخواطر، وأحيانا يصيبني بعض القنوط، بسبب كثرة الوساوس، فأرجو من سماحتكم توجيهي إلى النجاة من تلك البلية، وبيان الوسوسة التي ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنها من الإيمان، جزاكم الله خيرا (1). ج: أصل الوساوس من الشيطان، هو الذي يملي على الإنسان ما يضره، ويشوش عليه دينه وقلبه، كما قال الله جل وعلا: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (2) {مَلِكِ النَّاسِ} (3) {إِلَهِ النَّاسِ} (4) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (5)، وهو وسواس عند الغفلة، وخناس عند الذكر، يصغر ويخنس عند ذكر الله عز وجل، فعليك يا أخي أن تكثر من ذكر الله وقراءة القرآن والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فالنبي صلى الله عليه وسلم، لما قال له   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 198. (2) سورة الناس الآية 1 (3) سورة الناس الآية 2 (4) سورة الناس الآية 3 (5) سورة الناس الآية 4 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 الصحابة: يا رسول الله، إن أحدنا ليجد ما لأن يخر من السماء، أحب إليه من أن ينطق به، يجد من الوسوسة أشياء يفضل أن يخر من السماء، ولا ينطق بها لشدتها، فقال: «ذلك صريح الإيمان (1)» المعنى أن الشيطان لما يئس منهم، أتاهم بوساوس شديدة خطيرة في دينهم وعقيدتهم لأن يخروا من السماء، أهون عليهم من أن ينطقوا بها، فهذا من كيده الخبيث، فهو صريح الإيمان من جهة ما في قلب المؤمن من كراهتها، وإنكارها والحذر منها، هذا صريح الإيمان ليست الوسوسة من صريح الإيمان، بل كراهتها والخوف منها، كون المؤمن لأن يخر من السماء أسهل عليه من أن ينطق بها، هذا صريح الإيمان في قلوبهم، يعني أن قلوبهم أنكرت تلك الوساوس، ورأت أن السقوط من السماء أهون من النطق بها، كأن يقول له: إن الله غير موجود، أو إن الله لا بأس أن يشرك معه في الدعاء والعبادة، أو يقول كما جاء في الحديث: الله خلق الأشياء فمن خلق الله، وأشباه هذه الوساوس المتعلقة بوجود الله واستحقاقه العبادة، وأنه الخلاق العليم أو متعلقة بالجنة والنار، بأن يوسوس أنه ليس هناك جنة ولا نار، ولا بعث ولا نشور كل هذا من وساوس عدو الله، وإنكار هذه الوساوس من صريح الإيمان، إنكارها واعتقاد بطلانها، هذا هو صريح الإيمان،   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 8911. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 فالمؤمن أرشده النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأى مثل هذا أن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هكذا أمر الصحابة رضي الله عنهم، قال لهم: «إذا وجدتم ذلك فليقل أحدكم: آمنت بالله ورسله وليتعوذ بالله ولينته (1)»، هذا هو الدواء لهذا الوساوس الخبيثة، إذا رآها المؤمن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويمضي في حاجته، يستمر في حاجته ولا يركن إليها، ولا يلتفت إليها، أما الوساوس الأخرى في صلاته ووضوئه، فهي أيضا من الشيطان يجب ألا يلتفت إليها يجب أن يحذرها، ويتوضأ لا يعيد الوضوء، وإذا صلى لا يعيد الصلاة، بسبب الوساوس، بل يعتقد بأن صلاته صحيحة، ووضوءه صحيح، ولا يلتفت إلى وساوس عدو الله، فإنه حريص على إفساد أعمال بني آدم، وتشويش قلوبهم وإحراجهم، فالواجب الحذر منه بالتعوذ بالله من شره، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كنت في الصلاة وكثرت عليك الوساوس، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتنفث عن يسارك ثلاث مرات، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه، وقال: يا رسول الله إن الشيطان قد لبس علي صلاتي، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم أن يتفل عن   (1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم 3276، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، برقم 134. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 يساره ثلاث مرات، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، ففعل عثمان ذلك وزال عنه ذلك الوسواس، فأنت يا أخي إذا كثر الوسواس عليك في صلاتك، أو في وضوئك تتفل عن يسارك تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات والله يعيذك منه سبحانه وتعالى، وهكذا في جميع الأمور تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتكثر من ذكر الله وتقول: آمنت بالله ورسله، إذا كان في العقيدة، آمنت بالله ورسله، وبهذا تسلم من عدو الله، ويبطل كيده كما فعله الصحابة، بإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبطل الله كيده عنهم وعافاهم من هذه الوساوس. س: السائل ص. ص. ع. سوداني مقيم في ساجر: في بعض الأحيان وبالذات عندما أكثر من العبادة، وقراءة القرآن يحصل لي وساوس، ولكن دون أن يلفظ لساني، وساوس تريد مني أن أسب الدين مثلا، أو أسب كل شيء من الدين، هل يحاسب الإنسان على وساوس القلب إذا لم يتلفظ بشيء؟ ج: هذا من الشيطان، وليس عليه بأس، لكن يحارب ذلك ويتعوذ بالله من الشيطان، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا فقال له بعض الصحابة: (1)   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 268. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 «يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه ما لأن يخر من السماء أهون عليه من أن ينطق به، فقال: تلك الوسوسة فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل: آمنت بالله ورسله وليستعذ بالله ولينته (1)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم (2)»؛ فالمؤمن لا يضره ذلك لكن يحارب هذه الأشياء، يحارب هذه الخطوات، ويقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينتهي.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون، برقم 5269. (2) البخاري الطلاق (4968)، مسلم الإيمان (127)، الترمذي الطلاق (1183)، النسائي الطلاق (3433)، أبو داود الطلاق (2209)، ابن ماجه الطلاق (2040). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 85 - الذنوب تؤثر على توحيد الله والإيمان به س: ارتكاب بعض المعاصي ولا سيما الكبائر هل تؤثر على الركن الأول من أركان الإسلام؟ (1) ج: نعم ارتكاب الكبائر كالزنى وشرب الخمر وقتل النفس بغير حق، وأكل الربا والغيبة والنميمة وما أشبه هذا من المعاصي والكبائر، تؤثر على توحيد الله وفي الإيمان بالله، وتضعفه، وأن الإيمان يكون ضعيفا، لكن لا يكفر كما تقول الخوارج، الخوارج تكفره تجعله كافرا   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (74). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 إذا زنا أو سرق أو عق والديه، أو أكل الربا تجعله كافرا، وإن لم يستحل ذلك، هذا غلط من الخوارج، أما أهل السنة والجماعة يقولون: هو عاص، هو ضعيف الإيمان، وناقص الإيمان، وناقص التوحيد، وهذا يضعف شهادته، ويضعف إيمانه، لكن لا يكفر كفرا أكبر، فيكون فيه نقص وفيه ضعف، ولهذا شرع الله في الزاني حدا، إذا كان بكرا يجلد مائة، ويغرب عاما، فلو كان الزنى ردة كان قتل، فدل على أنه ليس بردة، والسارق ما يقتل، تقطع يده، فدل ذلك على أن هذه المعاصي ليست ردة، ولكنها تضعف الإيمان، ونقص في الإيمان، فلهذا شرع الله تأديبهم وتعزيرهم بهذه الحدود، ليتوبوا ويرجعوا إلى ربهم، ويرتدعوا عما حرم عليهم ربهم سبحانه وتعالى، وقالت المعتزلة: إنه في منزلة بين منزلتين، ولكن يخلد في النار إذا مات عليها خالفوا أهل السنة، في تخليد العاصي في النار، ووافقوا الخوارج في ذلك، والخوارج قالوا: يكفر ويخلد في النار جميعا، وطائفة يقال لها المعتزلة هؤلاء قالوا: يخلد في النار، ولكن لا نسميه كافرا، يعني كفرا أكبر، وكلتا الطائفتين قد ضلتا عن السبيل، والصواب قول أهل السنة والجماعة إنه لا يكون كافرا، يعني كفرا أكبر، ولكن يكون عاصيا، ويكون ضعيف الإيمان، ناقص الإيمان، على خطر عظيم من الكفر، ولكن ليس بكافر إذا كان ما استحل ذلك، إذا لم يستحل هذه المعصية بل فعلها وهو يعلم أنها معصية، ولكن حمله عليها الشيطان والهوى، والنفس الأمارة بالسوء، هذا هو قول الحق، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 فيكون إيمانه ضعيفا، ويكون توحيده ضعيفا، ولكن لا يكون كافرا، الكفر الأكبر الذي هو ردة عن الإسلام، نعوذ بالله من ذلك، ولا يخلد في النار أيضا، لو مات عليها، إذا مات الزاني على الزنى ما تاب أو على السرقة ما تاب، أو على الرياء ما تاب وهو يعلم أنه محرم، هذا يكون تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه على قدر معاصيه، سبحانه وتعالى، العذاب الذي تقتضيه حكمته سبحانه وتعالى، ثم بعد مضي ما حكم الله به يخرجه الله من النار إلى الجنة، هذا هو قول أهل الحق، وهذا الذي تواترت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلافا للخوارج والمعتزلة، والله يقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1)، فعلق ما دون الشرك بمشيئته سبحانه وتعالى، أما من مات على الشرك فإنه لا يغفر له أبدا، والجنة عليه حرام، نعوذ بالله من ذلك، وهو مخلد في النار أبد الآباد، أما العاصي فإن دخل النار فإنه لا يخلد أبد الآباد، بل يبقى فيها ما شاء الله، قد تطول مدته، ويكون هذا خلودا لكنه خلود مؤقت، ليس مثل خلود الكفار، كما قال تعالى في آية الفرقان لما ذكر المشرك والقاتل والزاني، قال سبحانه: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (2)، هو خلود مؤقت له نهاية، يعني طويلا، نسأل الله العافية، أما المشرك فخلوده دائم نعوذ   (1) سورة النساء الآية 48 (2) سورة الفرقان الآية 69 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 بالله، أبد الآباد، ولهذا قال سبحانه في المشركين: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (1)، هكذا في سورة البقرة، وقال في سورة المائدة في حق الكفرة: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (2) نسأل الله العافية.   (1) سورة البقرة الآية 167 (2) سورة المائدة الآية 37 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 86 - وجوب الإيمان بالرسل والملائكة س: السائل إ. ح، يقول: هل يجب الإيمان بجميع الملائكة والمرسلين؟ (1) ج: يجب على كل مؤمن أن يؤمن بالله وملائكته، وكتبه ورسله، هذا من أصول الإيمان لا بد أن يؤمن بالملائكة، وإن لم يعرف أسماءهم، يؤمن أن لله ملائكة أخبر عنهم، سبحانه وتعالى في طاعته، وتنفيذ أوامره من جبرائيل وميكائيل، حملة العرش وغيرهم ويؤمن بالرسل جميعا، وإن لم يعرف أسماءهم، يؤمن بأن الله أرسل الرسل، وأنهم بلغوا الرسالات. ومن سماه الله يؤمن به، كنوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وداود، وسليمان، من سماه الله آمن به، ومن لم يسم يؤمن بأن لله رسلا، وإن لم يعرف أسماءهم كما يؤمن بخاتمهم   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 427. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله إلى الجميع، إلى جميع الثقلين، وأنه خاتم الأنبياء لا بد من الإيمان بهذا، من لم يؤمن بهذا فهو كافر، نسأل الله العافية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 87 - بيان أن مع كل إنسان حفظة من الملائكة س: يقول السائل: هل صحيح أنه يوجد كرام كاتبون، يدافعون وينافحون عن المؤمن، إذا خاصمه أحد وهو ساكت ولم يرد؟ ج: ورد في هذا بعض الأحاديث، لكن لا أذكرها على أسانيدها، أما الكتاب فموجودون لأن الله يقول: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} (1) {كِرَامًا كَاتِبِينَ} (2) {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} (3)، مع الإنسان حفظة يكتبون أعماله وأقواله، أما الدفاع عنه، والروايات التي فيها الدفاع عنه، هذه محل نظر، يحتاج إلى مراجعة أسانيدها.   (1) سورة الانفطار الآية 10 (2) سورة الانفطار الآية 11 (3) سورة الانفطار الآية 12 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 88 - وجوب الإيمان بالكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله س: السائل: إ. ح. يقول: ما حكم الإيمان بالكتب السماوية وكم عددها؟ (1) ج: الواجب الإيمان بها إجمالا وتفصيلا، إجمالا فيما لم يسم، يؤمن بأن الله أنزل الكتب، على الرسل والأنبياء كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} (2). يؤمن المؤمن بأن الله أنزل كتبا، على الرسل عليهم الصلاة والسلام، فيها العدل وفيها الشرائع، ويؤمن بما يسمى الله، من التوراة والإنجيل، والزبور، يؤمن بما سمى الله، سمى لنا التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والزبور على داود، يؤمن بما سمى الله وما بين سبحانه، والقرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، فما سمى الله سميناه، وآمنا به نصا، وما أجمله الله أجملناه، وتقول: الله جل وعلا أنزل كتبا على أنبيائه، ورسله نؤمن بها، ونصدق بها، ونعلم أنها حق من عند الله، عز وجل، لكن لا نعلم تفصيلها، إنما نعلم أنه أنزل كتبا، إقامة للحجة، وقطعا للمعذرة، ومنها التوراة، والإنجيل، والزبور، والقرآن، التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والزبور على داود، والقرآن على خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 389. (2) سورة الحديد الآية 25 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 89 - بيان أن الإسراء ثابت بالقرآن والسنة س: سؤال يوجد بعض الناس الذين يقولون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، أسري به ولم يعرج به إلى السماء وذلك لأن الإسراء ذكر في القرآن الكريم والمعراج لم يذكر، ما هو توجيه سماحتكم جزاكم الله خيرا (1). ج: الإسراء ثابت بالقرآن والسنة والمعراج، ثبت بالسنة المتواترة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه عرج به إلى السماء وجاوز السبع الطباق وجاوز السماء السابعة حتى وصل إلى موضوع يسمع فيه صرير الأقلام، وسمع من ربه جل وعلا فرضية الصلوات الخمس، فمن أنكر ذلك يعرف ويبين له بالأدلة الشرعية فإذا أصر وأنكرها كفر، نسأل الله العافية.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 355. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 90 - بيان أن الإسراء كان بجسده وروحه عليه الصلاة والسلام س: هل كان الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم بالجسد والروح أم بالروح فقط؟ (1) ج: كان الإسراء بالجسد والروح جميعا عليه الصلاة والسلام   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 369. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 أسري بجسده وروحه، من مكة إلى الشام ومنها إلى السماء عرج به إلى السماء، حتى جاوز السبع الطباق، حتى جاوز السماء السابعة وانتهى إلى موضع يسمع فيه صرير الأقلام، وكلمه ربه وفرض عليه الصلوات الخمس، سبحانه وتعالى المقصود أنه أسري بروحه وجسده، من مكة إلى الشام ثم عرج به من الشام إلى السماء بروحه وجسده عليه الصلاة والسلام، هذا هو الصواب الذي عليه عامة أهل العلم، والقول بأنه بالروح قول شاذ مخالف للآية الكريمة والأحاديث الصحيحة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 باب ما جاء في القضاء والقدر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 باب ما جاء في القضاء والقدر 91 - وجوب الإيمان بالقضاء والقدر س: يا شيخ عبد العزيز، الناس يخوضون في موضوع القضاء والقدر، لعل لكم توجيها في ذلك (1). ج: هذا باب خاضه الأولون أيضا وغلط فيه الغالط، والواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة التسليم لله والإيمان بقدره سبحانه والحرص على الأخذ بالأسباب النافعة الطيبة والبعد عن الأسباب الضارة، كما علم الله عباده وكما جعل لهم هدى على ذلك بما أعطاهم من العقول والأدوات التي يستعينون بها على طاعته، وترك معصيته سبحانه وتعالى، ولا ننصح بالخوض في القضاء والقدر، بل ينبغي عدم الخوض في هذا الباب، والإيمان بأن الله قدر الأشياء، وعلمها وأحصاها وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه الخلاق العظيم القادر على كل شيء، وأن جميع الموجودات كلها بخلقه وتكوينه سبحانه وتعالى، وأن الله سبحانه أعطى العبد عقلا   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 150. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 وتصرفا وأسبابا وقدرة على الخير والشر، كما يأكل ويشرب، ويلبس وينكح، ويسافر ويقيم وينام ويقوم إلى غير ذلك. كذلك يطيع ويعصي، والذي نخشى على الخائضين في القضاء والقدر أن ينكروه؛ لأن قوما خاضوا فيه فأنكروه كالقدرية النفاة، وقالوا: لا قدر، زعموا أنهم يخلقون أفعالهم، وأن الله ما تفضل عليهم بالطاعة ولا قدر عليهم المعصية، وقوم قالوا: بل تفضل الله بالطاعة، ولكن ما قدر المعصية فوقعوا في الباطل أيضا، وقوم خاضوا في القدر فقالوا: إنا مجبورون، وقالوا: إنهم ليس عليهم شيء، عصوا أو أطاعوا لا شيء عليهم؛ لأنهم مجبورون ولا قدرة لهم، فضلوا وأضلوا، نسأل الله العافية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 92 - بيان أن القدرية مجوس هذه الأمة س: من هم مجوس هذه الأمة شيخ عبد العزيز؟ (1) ج: هم القدرية النفاة، الذين نفوا القدر وقالوا: الأمر أنف، فإن المجوس يقولون: إن للعباد إلهين، النور والظلمة، ويقولون: النور خلق الخير، والظلمة خلقت الشر، فشابههم نفاة القدر، حيث جعلوا لله شريكا في أفعالهم، وأنهم يخلقون أفعالهم، نسأل الله العافية. ونصيحتي لكل المسلمين ألا يخوضوا فيه، بل يؤمنون بالقدر   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 150. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 ولا يخوضوا في ذلك خوض المبتدعة بل يؤمنون بذلك ويسلمون لذلك، ويعلمون أن الله قدر الأشياء، وعلمها وأحصاها وأن العبد له مشيئة، وله إرادة وله اختيار لكنه لا يخرج بذلك عما قدره الله سبحانه وتعالى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 93 - بيان أن الإنسان مسير ومخير جميعا س: مستمع يسأل، ويقول: أرجو أن تتفضلوا بإجابتي عن السؤال التالي: هل الإنسان في هذه الحياة مسير أو مخير؟ مع اصطحاب جميع الأدلة؟ وجزاكم الله خيرا (1). ج: الإنسان مسير ومخير جميعا، له الوصفان فهو مخير؛ لأن الله أعطاه عقلا وأعطاه مشيئة، وأعطاه إرادة يتصرف بها، فيختار النافع ويدعو الله، يختار الخير ويدع الشر، يختار ما ينفعه، ويدع ما يضره، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (2) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (3)، وقال عز وجل: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} (4). فالناس لهم إرادة ولهم مشيئة، ولهم أعمال، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (5)، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (6) فلهم أعمال   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 270. (2) سورة التكوير الآية 28 (3) سورة التكوير الآية 29 (4) سورة الأنفال الآية 67 (5) سورة الحشر الآية 18 (6) سورة النور الآية 30 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 ولهم إرادات، ولهم مشيئة هم مخيرون فإذا فعلوا الخير، استحقوا الجزاء من الله فضلا منه سبحانه وتعالى، وإذا فعلوا الشر استحقوا العقاب، فهم إذا فعلوا الطاعات فعلوها باختيارهم، ولهم أجر عليها وإذا فعلوا المعاصي، فعلوها باختيارهم وعليهم وزرها وإثمها، والقدر ماض فيهم، هم أيضا مسيرون بقدر سابق، قال جل وعلا: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (2)»، وقال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} (3)، وقال جل وعلا: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (4)، ولما سأل جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره (5)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء (6)».   (1) سورة يونس الآية 22 (2) أخرجه مسلم في كتاب: القدر، باب: كل شيء بقدر، برقم 2655. (3) سورة الحديد الآية 22 (4) سورة التغابن الآية 11 (5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 8. (6) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 فالله قدر الأشياء سابقا، وعلم أهل الجنة وأهل النار، وقدر الخير والشر والطاعات، والمعاصي كل إنسان يسير فيما قدر الله له، وكل مسير لما خلق له، جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه ذات يوم: «ما منكم من أحد إلا ويرى مقعده من الجنة ومقعده من النار. قالوا: يا رسول الله، ففيم العمل؟ يعني ما دامت مقاعدنا معروفة من الجنة والنار، ففيم العمل، قال عليه الصلاة والسلام: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسروا لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسروا لعمل الشقاوة، ثم تلا قوله سبحانه: (7)»، فأنت يا عبد الله عليك أن تعمل، ولن تخرج عن قدر الله سبحانه وتعالى، عليك أن تعمل وتجتهد بطاعة الله، وتسأل ربك التوفيق، وعليك أن تحذر ما يضرك، وأسأل ربك الإعانة على ذلك، وأنت ميسر لما خلقت له، كل ميسر لما خلق له، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.   (1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى)، برقم 4949، أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي، في بطن أمه، وكتابه رزقه وأجله وعمله، وشقاوته وسعادته، برقم 2647، سورة الليل، الآيات 5 - 10. (2) سورة الليل الآية 5 (1) {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (3) سورة الليل الآية 6 (2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (4) سورة الليل الآية 7 (3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (5) سورة الليل الآية 8 (4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (6) سورة الليل الآية 9 (5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (7) سورة الليل الآية 10 (6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 س: يسأل السائل ويقول: حدث نقاش بيني وبين صديق لي حول مسألة، هل الإنسان مخير أو مسير؟ أفيدونا عن هذا القول، جزاكم الله خيرا (1). ج: الإنسان مخير؛ لأن الله أعطاه مشيئة، وأعطاه إرادة فهو يعلم ويعمل، وله اختيار، وله مشيئة، وله إرادة يأتي الخير عن بصيرة وعن علم وعن إرادة، وهكذا الشر، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (2) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (3)، قال سبحانه: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} (4) فجعل لهم إرادة، جعل لهم مشيئة، قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (5)، {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} (6)، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (7)، فجعل لهم عملا، وجعل لهم صنعا، وجعل لهم فعلا، هم يفعلون الشر والخير، ولهم اختيار، يختار المعصية ويفعلها ويختار الطاعة فيفعلها، له إرادة، وله اختيار، كذلك يختار هذا الطعام ليأكل منه، وهذا الطعام لا يريده يريد هذه السلعة أن يشتريها والأخرى لا يريدها، يستأجر هذه الدار، والأخرى لا يستأجرها، ولا يريدها يزور فلانا والآخر لا يزوره، بمشيئته   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 241. (2) سورة التكوير الآية 28 (3) سورة التكوير الآية 29 (4) سورة الأنفال الآية 67 (5) سورة النور الآية 30 (6) سورة النمل الآية 88 (7) سورة الحشر الآية 18 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 واختياره، ولكن هذه المشيئة وهذا الاختيار وهذه الإرادة وهذه الأعمال كلها بقدر، فمسير من هذه الحيثية، وأنه بمشيئته واختياره، وأعماله لا يخرج عن قدر الله، بل هو تحت قدر الله كل شيء بقدر حتى العجز والكيس، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول الله عز وجل: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (1). فالإنسان في تصرفاته مخير له مشيئة وله اختيار وله إرادة، ولهذا يستحق العقاب على المعصية، ويستحق الثواب على الطاعة؛ لأنه فعل ذلك عن مشيئة وعن إرادة وعن قدرة، ويستحق الثناء على الطاعة والعقاب على المعصية، ولكنه بهذا لا يخرج عن قدر الله، هو ميسر من هذه الحيثية، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (2)، وقال جل وعلا: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} (3)، وقال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (4)، وقال: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (5) فكل شيء لا يقع من العبد إلا بقدر الله. الماضي الذي سبق به علمه، وثبت في الصحيح عن   (1) سورة القمر الآية 49 (2) سورة يونس الآية 22 (3) سورة الحديد الآية 22 (4) سورة القمر الآية 49 (5) سورة التكوير الآية 29 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء (1)»، وقال صلى الله عليه وسلم: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (2)» رواه مسلم في الصحيح، كله بقدر، فأنت مخير ومسير جميعا، مخير لأنه لك إرادة ومشيئة وعمل باختيارك، تفعل هذا وهذا، تفعل الطاعة باختيار، تصلي باختيار، وتصوم باختيار، تقع المعصية منك باختيار من الغيبة، أو النميمة، أو الزنى، أو شرب المسكر، كله باختيار منك وفعل وإرادة، تبر والديك باختيار، وتعقهما كذلك، فأنت مأجور على البر ومستحق للعقاب على العقوق، وهكذا تثاب على الطاعات، وتستحق العقاب على المعاصي، وهكذا تأكل وتشرب، وتذهب وتجيء، وتسافر وتقيم، كله باختيار، فهذا معنى كونك مخيرا، ومسير يعني: أنك لا تخرج عن قدر الله، هو الذي يسيرك سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة فكل شيء لا يخرج عن قدر الله، والله ولي التوفيق.   (1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653. (2) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب كل شيء بقدر، برقم 2655. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 س: لا أدري هل يجوز أن أسأل مثل هذا السؤال أم لا؟ هل الإنسان مخير أو مسير في هذه الحياة؟ وجزاكم الله خيرا (1). ج: الإنسان مخير ومسير جميعا؛ مخير له الأعمال وله عقل وتصرف وله سمع وبصر يختار الخير ويبتعد عن الشر يأكل ويشرب باختياره، يجتنب ما يضره باختياره يأتي ما ينفعه باختياره، وإنه مسير بأنه لا يتعدى قدر الله يقول سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (2)، قال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (3)، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (4)، فله مشيئة وله اختياره: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (5)، {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (6)، له فعل وله اختيار، وله إرادة، يقول سبحانه: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} (7)، ويقول جل وعلا: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (8) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (9)، فمشيئة الله نافذة وقدره نافذ، فهو من هذه الحيثية مسير لا يخرج عن قدر الله، وهو مع ذلك مخير له فعل وله مشيئة وله إرادة، يأتي الخير بإرادته ويدع الشر بإرادته، يأكل بإرادته، ويمسك بإرادته، يسافر بإرادته،   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 371. (2) سورة يونس الآية 22 (3) سورة الكهف الآية 29 (4) سورة الإنسان الآية 30 (5) سورة الحشر الآية 18 (6) سورة الصف الآية 3 (7) سورة الأنفال الآية 67 (8) سورة التكوير الآية 28 (9) سورة التكوير الآية 29 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 ويقيم بإرادته، يخرج إلى السيارة وغيرها بإرادته، يجلس بإرادته، ولهذا يستحق العقاب على المعاصي، ويستحق الثواب على الطاعات، له اختيار وله فعل مثاب على صلاته وعلى صومه وصدقاته وطاعاته لله وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ومثاب على هذا إذا فعله لله يستحق العقاب على معاصيه؛ من الزنى، من التهاون بالصلاة، ومن أكل الربا والغيبة والنميمة إلى غير هذا، وله فعل وله اختيار، ولكن بفعله واختياره لا يسبق مشيئة الله ولا يخرج عن قدر الله. س: هل الإنسان مسير أم مخير؟ (1) ج: هو مخير ومسير، هو مخير كما قال الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (2)، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (3)، فهو مسير من جهة أن قدر الله نافذ فيه، وأن الله قد سبق فيه علمه، كل ما يفعله العباد قد قدر الأمور وقضاها وكتبها عنده، ولكن أعطى العبد عقلا وسمعا وبصرا واختيارا وفعلا، فهو يعمل ويكدح بمشيئته وإرادته، ولكنه بذلك لا يخرج عن مشيئة الله، ولا عن قدر الله السابق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 216. (2) سورة التكوير الآية 29 (3) سورة يونس الآية 22 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 وأرضاهم: «ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار، قالوا: يا رسول الله أفنتكل على كتابنا، وندع العمل؟ قال عليه الصلاة والسلام: اعملوا فكل ميسر لما خلق له؛ أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم تلا قوله سبحانه: (7)». فعلى العبد أن يعمل ويكدح ويجتهد في طاعة الله، ويحذر معاصيه سبحانه وتعالى، وليس له أن يحتج بالقدر، قدر الله نافذ في عباده، ولكنه جعل للناس أسماعا وأبصارا وعقولا، وأعطاهم قوى وأمرهم بالأسباب.   (1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى)، برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله عمله وشقاوته وسعادته، برقم 2647. (2) سورة الليل الآية 5 (1) {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (3) سورة الليل الآية 6 (2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (4) سورة الليل الآية 7 (3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (5) سورة الليل الآية 8 (4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (6) سورة الليل الآية 9 (5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (7) سورة الليل الآية 10 (6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 س: يقول هذا السائل: قرأت في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، بأن الإنسان خلق ملزما بأعماله سواء كانت خيرا أم شرا، وليس له الاختيار واستدل بقوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (1)، واستدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «بأنه يكتب على كل إنسان وهو في بطن أمه عمله شقي أم سعيد (2)» وقرأت في بعض الكتب بأن الإنسان مخير في أعماله بدليل قول الله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (3) فأنا الآن في حيرة فما هو القول الصحيح؟ ج: أهل السنة والجماعة على أن العبد مخير ومسير، لا يخرج عن قدر الله، والله أعطاه سبحانه العقل يتصرف يأكل ويشرب، ويعمل ويأمر وينهى، يسافر ويقيم له أعمال، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (4) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (5) فجعل لهم مشيئة،   (1) سورة التكوير الآية 29 (2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، برقم 3208، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2643. (3) سورة فصلت الآية 40 (4) سورة التكوير الآية 28 (5) سورة التكوير الآية 29 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 فقال: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (1)، وقال: {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (2)، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (3) فالعباد لهم أفعال، يأمرون وينهون، ويسافرون ويقيمون، ويصلون وينامون، ويعادون ويحبون، لهم أعمال لكنهم لا يخرجون عن قدر الله، الله قدر الأشياء في سابق علمه سبحانه وتعالى، لا يخرجون عن قدر الله، لكن ليسوا مجبورين، بل هم مختارون، لهم اختيار ولهم عمل، ولهذا خاطبهم الله وأمرهم ونهاهم، وأخبر عن أعمالهم: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (4) {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (5)، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (6)، «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم (7)»، لأهل بدر إلى غير ذلك. فالواجب على المؤمن أن يعرف هذا، فأهل السنة والجماعة يقولون: العبد مختار، له فعل وله اختيار، وله إرادة وله عمل، لكنه لا يخرج عن قدر الله، ثبت في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) سورة المدثر الآية 55 (2) سورة البقرة الآية 110 (3) سورة النور الآية 30 (4) سورة الحجر الآية 92 (5) سورة الأعراف الآية 139 (6) سورة النور الآية 30 (7) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب الجاسوس، برقم 3007، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أهل بدر رضي الله عنهم، برقم 2494. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 «إن الله قدر مقادير الخلائق، قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء (1)»، وكذا قدر أعمال العبد في بطن أمه بعد مضي الشهر الرابع، يكتب رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيد، ما يخرج عن قدر الله، لكن له أعمال وله تصرفات، لا يخرج بها عن قدر الله، فهو يسافر، يصلي، يصوم، يزني، يسرق، يعق، يقطع الرحم، يطيع، يسافر، يصل فلانا، يقطع فلانا، يرحم فلانا ويؤذي فلانا، يحسن إلى فلان ويسيء إلى فلان، له أعمال طيبة وخبيثة فهو مأجور على الطيبة، ومأزور على الخبيثة، والله يجازيه على أعماله الطيبة والخبيثة، على الطبية بالجزاء الحسن، وعلى أعماله الرديئة، بما يستحق وقد يعفو إذا كان موحدا، فهو سبحانه العفو العظيم جل وعلا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (2)»، لما سئل فقيل: «يا رسول الله، إذا كانت منازلنا في الجنة معلومة، لما قال لهم: ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة، ومقعده من النار، قالوا: يا رسول الله إذا كان هذا قد سبق في علم الله، ففيم العمل؟ كيف نعمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل   (1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653. (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار، برقم 24856. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 الشقاوة، ثم قرأ قوله تعالى: (7)»، ويقول جل وعلا: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (8)، فالعبد مسير بقدر الله، لكن له اختيار وله مشيئة، وله عمل، يجازى على عمله الطيب، ويستحق العقاب على عمله الرديء، إلا أن يعفو الله، كما أخبر سبحانه بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (9) قد يغفر عن بعض المعاصي لمن يشاء سبحانه وتعالى، إذا مات على التوحيد، وهكذا في الدنيا قد يعفو ويصفح عن بعض عباده فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى، وقد يعاقب على السيئات في الدنيا قبل الآخرة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى) برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2647. (2) سورة الليل الآية 5 (1) {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (3) سورة الليل الآية 6 (2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (4) سورة الليل الآية 7 (3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (5) سورة الليل الآية 8 (4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (6) سورة الليل الآية 9 (5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (7) سورة الليل الآية 10 (6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (8) سورة يونس الآية 22 (9) سورة النساء الآية 48 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 س: هل الإنسان مسير أم مخير، في أعماله الصالحة وغير الصالحة، وجهونا في ضوء هذا السؤال؟ (1) ج: الإنسان مسير ومخير، مسير لا يخرج عن قدر الله، مهما فعل فهو تحت قدر الله، ومخير لأن له عقلا وفعلا واختيارا، أعطاه الله عقلا وأعطاه الله فعلا واختيارا، فهو يفعل باختياره ويدع باختياره، ولهذا تعلقت به التكاليف، واستحق الجزاء على أعماله الطيبة بالجزاء الحسن والرديء بالجزاء السوء: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (2)، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (3)، {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} (4)، ويقول جل وعلا: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (5) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (7) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (8) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (9)، ويقول جل وعلا: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (10)، والنبي سئل لما قال لصحابته: «ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة، ومقعده من النار (11)»، وفي اللفظ الآخر: «قد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار، قالوا: يا رسول الله، ففيم العمل؟ ما دامت مقاعدنا معلومة، ما دمنا مكتوبين ففيم العمل؟ قال:   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 381. (2) سورة الرحمن الآية 60 (3) سورة الشورى الآية 40 (4) سورة النجم الآية 31 (5) سورة الليل الآية 5 (6) سورة الليل الآية 6 (7) سورة الليل الآية 7 (8) سورة الليل الآية 8 (9) سورة الليل الآية 9 (10) سورة يونس الآية 22 (11) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى) برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2647. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة، فييسرون لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة، فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ قوله سبحانه: (7)»، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (8) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (9)، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (10)، وقال تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} (11)، فدل على أن الأسباب يترتب عليها مسبباتها، فمن يتقي الله يسر الله أموره، ويفرج كرباته، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن عصى الله وخالف أوامره، فقد تعرض لغضب الله وسخطه، وتعسير أموره، نسأل الله العافية. س: هناك قسم من الناس، يقولون: إن كل الأعمال التي يعملها الإنسان، هي من إرادة الله، رجاء أن توضحوا هذه المسألة، هل الإنسان مخير أو مسير؟ (12) ج: هذه المسألة قد يلتبس أمرها على بعض الناس، والإنسان   (1) البخاري تفسير القرآن (4664)، مسلم القدر (2647)، الترمذي تفسير القرآن (3344)، أبو داود السنة (4694)، ابن ماجه المقدمة (78)، أحمد (1/ 133). (2) سورة الليل الآية 5 (1) {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (3) سورة الليل الآية 6 (2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (4) سورة الليل الآية 7 (3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (5) سورة الليل الآية 8 (4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (6) سورة الليل الآية 9 (5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (7) سورة الليل الآية 10 (6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (8) سورة الطلاق الآية 2 (9) سورة الطلاق الآية 3 (10) سورة الطلاق الآية 4 (11) سورة الأنفال الآية 29 (12) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 56. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 مخير ومسير، مخير لأن الله أعطاه إرادة اختيارية، وأعطاه مشيئة يتصرف بها في أمور دينه ودنياه، فليس مجبرا ومقهورا، فله اختيار وله مشيئة، وله إرادة كما قال عز وجل: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (1) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (2)، وقال سبحانه: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (3) {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (4)، وقال سبحانه: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (5)، وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} (6). فالعبد له اختيار، وله إرادة وله مشيئة لكن هذه الإرادة وهذه المشيئة لا تقع إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى، فهو جل وعلا المصرف لعباده والمدبر لشئونهم، فلا يستطيعون أن يشاءوا شيئا، أو يريدوا شيئا إلا بعد مشيئة الله لهم وإرادته الكونية القدرية سبحانه وتعالى، فما يقع في العباد وما يقع منهم، كله بمشيئة من الله سابقة وقدر سابق، فالأعمال والأرزاق والآجال والحروب، وانتزاع الملك وقيام الملك، وسقوط دولة وقيام دولة، كله بمشيئة الله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (7) فالمقصود أنه جل وعلا له إرادة في   (1) سورة التكوير الآية 28 (2) سورة التكوير الآية 29 (3) سورة المدثر الآية 55 (4) سورة المدثر الآية 56 (5) سورة الأنفال الآية 67 (6) سورة الإسراء الآية 18 (7) سورة آل عمران الآية 26 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 عباده، وله مشيئة لا يتخطاها العباد، ويقال لها الإرادة الكونية، والمشيئة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ومن هذا قوله سبحانه: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} (1)، وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (2)، فالعبد له اختيار، وله إرادة ولكن اختياره وإرادته تابعتان لمشيئة الله، وإرادته سبحانه وتعالى، فالطاعات بقدر الله، والعبد مشكور عليها مأجور، والمعاصي بقدر الله والعبد ملوم عليها، ومأزور والحجة قائمة، والحجة لله وحده سبحانه وتعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (3)، سبحانه وتعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (4)، فهو سبحانه لو شاء لهداهم جميعا، ولكن له الحكمة البالغة حيث جعلهم قسمين: كافرا ومسلما، وكل شيء بإرادته سبحانه وتعالى ومشيئته. فينبغي للمؤمن أن يعلم هذا جيدا، وأن يكون على بينة في دينه، فهو مختار له إرادة وله مشيئة يستطيع أن يأكل ويشرب، ويضارب ويتكلم ويطيع ويعصي ويسافر ويقيم ويعطي فلانا ويحرم فلانا إلى غير هذا هو له مشيئة في هذا، وله قدرة وليس مقهورا ولا ممنوعا، ولكن هذه الأشياء التي تقع منه لا تقع إلا بعد سبقها من الله بعد أن تسبق   (1) سورة الأنعام الآية 125 (2) سورة يس الآية 82 (3) سورة الأنعام الآية 149 (4) سورة الأنعام الآية 35 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 إرادة الله ومشيئته لهذا العمل: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (1) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (2) وهو سبحانه المسير لعباده كما قال عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (3) هو المسير لعباده وبيده نجاتهم وسعادتهم، وضلالهم وهلاكهم، هو المصرف لعباده، يهدي من يشاء ويضل من يشاء سبحانه وتعالى، يعطي من يشاء، ويحرم من يشاء، ويسعد من يشاء، ويشقي من يشاء، لا أحد يعترض عليه سبحانه وتعالى، فينبغي لك يا عبد الله أن تكون على بصيرة في هذا الأمر، وأن تتدبر كتاب ربك وسنة نبيك عليه الصلاة والسلام، حتى تعلم هذا واضحا في الآيات والأحاديث، فالعبد مختار وله مشيئة، وله إرادة، وفي نفس الأمر ليس له شيء من نفسه، بل هو مملوك لله عز وجل، مقدور لله سبحانه وتعالى، يدبره كيف يشاء سبحانه وتعالى، مشيئة الله نافذة، وقدره السابق ماض فيه ولا حجة له في القدر السابق، فالله يعلم أحوالهم، ولا تخفى عليه خافية سبحانه وتعالى، وهو المدبر لعباده والمصرف لشؤونهم جل وعلا، وقد أعطاهم مشيئة وإرادة واختيارا يتصرفون بذلك.   (1) سورة التكوير الآية 28 (2) سورة التكوير الآية 29 (3) سورة يونس الآية 22 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 94 - حكم سب الإنسان الحظ والبخت س: ما رأي سماحتكم في سب الإنسان حظه أو بخته؛ لأن هذا كثيرا ما يتردد على ألسنة البعض هل في ذلك إثم؟ (1) ج: نعم، لا يجوز سب الحظ، وكذا البخت لا يجوز سبه، فهذا قدر الله وما شاء فعل، يسأل ربه التوفيق والإعانة، وأن يسهل أموره، ويقضي حاجاته، ولا يسب حظه ولا بخته. السب ممنوع، لا يسب الإنسان زمانه، ولا حظه وبخته ولا مكانه، ولكن يستغفر الله، ويسأل ربه التوفيق، ويتوب إلى الله من معاصيه وما أصابه فقد يكون بذنب، يجب عليه التوبة إلى الله منه مثل ما قال الله جل وعلا: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (2)، وقال سبحانه: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (3) المقصود أن المؤمن والمؤمنة، عليهما أن يتوبا إلى الله دائما وأن يحاسبا أنفسهما، وأن يحذرا المعصية من سب أو غيره.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 325. (2) سورة الشورى الآية 30 (3) سورة النساء الآية 79 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 95 - بيان أن الله خلق للجنة أهلا وخلق للنار أهلا فكل ميسر لما خلق له س: سؤال الأخ فيه شيء من الغرابة، وهو: يقول بعض الناس: كيف أن الله لا يهديك إلى الإسلام ويدخلك النار؟ (1) ج: الله حكيم عليم سبحانه وتعالى، خلق خلقا إلى الجنة بأسمائهم وأسماء آبائهم، وقدر أعمالهم وخلق خلقا آخرين إلى النار، وقدر أعمالهم وهو الحكيم العليم، سبحانه وتعالى فالذين قدر لهم أنهم من الجنة يوفقون لأعمال أهل الجنة، والذين كتب الله أنهم من أهل النار يسيرون لأعمال أهل النار فيعملون بذلك، كما قال عز وجل: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (7) " فالجنة أهلها معلومون، والنار أهلها معلومون، وكل ميسر لما خلق له، وقد مضى في علم الله وقدره السابق كتابة هؤلاء وكتابة هؤلاء، وكل ميسر لما كتب الله له، كل له مشيئة وله اختيار، وله إرادة وله عمل، هذا يعمل بعمل أهل الجنة فيكون لها، وهذا يعمل بعمل أهل النار فيكون من أهل النار، وقدر الله سابق للجميع، وحجته غالبة قائمة سبحانه وتعالى، وهو لا يعذب أحدا إلا بعمله لا بمجرد القدر، القدر سابق لا يقع في علم الله إلا بأمره   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 100. (2) سورة الليل الآية 5 (3) سورة الليل الآية 6 (4) سورة الليل الآية 7 (5) سورة الليل الآية 8 (6) سورة الليل الآية 9 (7) سورة الليل الآية 10 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 سبحانه وتعالى، ولا يقع في ملكه إلا ما يريد، قد قضى علمه وقدره، لكن هؤلاء الناس منهم من يعمل بأعمال أهل الجنة فيدخلها، ومنهم من يعمل بأعمال أهل النار فيدخلها بمشيئته وإرادته واختياره، كما أنه يأكل باختياره ويشرب باختياره، ويزور من يشاء باختياره، يخرج ويدخل باختياره، وهكذا يفعل المعصية باختياره، يشرك باختياره، يزني باختياره، يعق والديه، يزني، يشرب الخمر بأعمال يختارها هو كما أنه يصلي ويصوم ويتصدق باختياره، فكما يثاب على هذه الطاعات، يعاقب على هذه المعاصي، إلا أن يعفو الله عنه، إذا كان مسلما فقد يعفى عن بعض سيئاته لحسنات فعلها ولأعمال صالحة قدمها، وقد يعفو الله عنه فضلا منه وإحسانا، وقد يعاقب على بعض السيئات التي يموت عليها، لم يتب لكن كل شيء بقدره، القدر ماض ولا حجة في القدر؛ لأن العبد له مشيئة وله اختيار، وله إرادة وله عمل يستحق الثواب عليه والعقاب عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 96 - حكم قول: من حسن الحظ س: تسأل أختنا وتقول: قول صدفة وقول من حسن الحظ هل هو جائز أو لا؟ (1) ج: لا أعلم فيه شيئا إذا صادف شيئا، بأن وافق أخا له في الله من غير موعد في الطريق أو عند بعض الإخوان، فقال: وافقت فلانا صدفة، يعني من غير موعد، لا بأس بهذا، أو قال: من حسن الحظ، أو من توفيق الله أن صادفت فلانا، أو سلمت على فلان، أو طفت بالبيت العتيق، أو صليت الضحى أو أمرت بالمعروف أو نهيت عن المنكر ونحو هذا الكلام، لا بأس بذلك هذا من حظه الطيب، كما قال تعالى في الصابرين المتقين: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (2) فمن رزقه الله الاستقامة أو يسر الله له ما يحبه، فهو من حسن الحظ الذي يسره الله له، وإذا لقي أخا له من غير موعد، وقال: لقيته صدفة، أو لقيت الجماعة الفلانية صدفة، فلا بأس بذلك؛ لأنه من غير موعد.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 148. (2) سورة فصلت الآية 35 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 97 - حكم قول: شاء الحظ التعيس س: يقول السائل: عبارات كثيرة تتردد على ألسنة بعض الناس من هذه الأقوال: شاء الحظ التعيس (1). ج: لا يجوز أن يقول: شاء الحظ، ولا شاءت قدرة الله، ولا شاءت إرادة الله، يقول: شاء الله سبحانه، شاء الله كذا، شاء ربي كذا، شاء الرحمن كذا، ولا يقول: شاء الحظ، أو شاءت إرادة الله، أو شاءت الظروف، كل هذا لا يجوز.   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 409. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 98 - بيان أن الدعاء من القدر س: هل الدعاء يغير المكتوب عند الله تعالى؟ (1) ج: الدعاء من القدر، والمكتوب لا يتغير، فالقدر قدران قدر محتوم لا حيلة فيه، وقدر معلق، فيكون بعض القدر معلقا بالدعاء فإن دعا زال المعلق، قد يكون معلقا: أن الله جل وعلا يتوب عليه إذا صلى، إذا صام، إذا فعل كذا، هذا قدر معلق الله جل وعلا يرفعه عنه بما فعل من الطاعات، والأعمال الصالحات والتوبة، فالأقدار تعالج بالأقدار، مثل ما قال عمر لما أشار عليه الصحابة في غزوته للشام   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 380. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 ووقوع الطاعون أشاروا عليه بالرجوع وأشار بعضهم بعدم الرجوع، ثم استقر أمره على الرجوع إلى المدينة وعدم القدوم على الطاعون فقالوا: تفر من قدر الله، فقال رضي الله عنه: نفر من قدر الله إلى قدر الله، الله أمرنا بألا نقدم على هذا المرض فإذا تركنا القدوم عليه فقد فررنا من قدر الله إلى قدر الله، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فأخبر عمر: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بألا يقدم عليه، ففرح عمر بذلك (1) بأن الله وفقه لما جاء به النص بعد ما استشار الصحابة، وهكذا الإنسان تصيبه الحمى فيتعاطى الأسباب يفر من قدر الله إلى قدر الله، يجوع يأكل حتى يزول الجوع يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه الحر فيشرب الماء البارد، أو يستحم يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه مرض في عينيه فيعالجها، بأنواع العلاج يفر من قدر الله إلى قدر الله، وهكذا أنواع كله يفر من قدر الله إلى قدر الله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، برقم 5729، ومسلم في كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، برقم 2219. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 99 - بيان أن الدعاء من أسباب رد القدر المعلق س: في الحديث يا سماحة الشيخ يقول: هل الدعاء يرد القدر؟ وكيف ذلك؟ (1) ج: نعم، الدعاء من أسباب رد القدر المعلق، والقدر يكون معلقا ويكون مبتوتا، فإذا كان قدرا معلقا، قد قدر الله جل وعلا، أن يهبه ولدا، إذا دعا ربه، فدعا ربه واستجاب دعوته، هذا معلق بالدعاء، أو قدر الله له مالا، إذا دعا ربه في طلب ذلك المال، فإذا دعا ربه يسر الله له المال المعلق، على هذا الدعاء، أو طلب زوجة، طلب أن يزوجه فلانة، والله قد قدر له ذلك بهذا الطلب، قد علق القدر بهذا الطلب، أن فلانا قدر الله في سابق علمه، أنه يسأل ربه أن الله يزوجه فلانة بنت فلان، فإذا ألهمه الله الدعاء ووفقه للدعاء، حصل المقدور المعلق، أما الأقدار المبتوتة التي ليست معلقة، هذه ما تتعلق بالدعاء، الموت المحدود في يوم معلوم، دون دعاء، إذا جاء يوم موته، المحدود مات، دعا أو لم يدع.   (1) السؤال الواحد والخمسون من الشريط رقم 43. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 س: م. س. من العراق رسالة ضمنها سؤالين: سؤاله الأول يقول: سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال حديثا معناه: إن الجنين في بطن أمه يكتب له الشقاء والسعادة، فهل الشقاء على وتيرة واحدة، أو السعادة على وتيرة واحدة أم أنها درجات؟ وهل في الدنيا أم في الآخرة، أم في الآخرة والدنيا؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: هذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن الجنين إذا مضى عليه ثلاثة أطوار: كل طور أربعون يوما، يعني أربعة أشهر، يدخل عليه ملك، ويأمر الله بكتب رزقه وأجله، وعمله ويكتب شقي أو سعيد، إما من أهل النار أو من أهل الجنة، فالشقي من أهل النار، والسعيد من أهل الجنة، والله جل وعلا يكتب أعماله كلها، ولا يمنع في هذا الأمر والنهي، فالقدر ماض في أمر الله، ولكن على العبد أن يعمل، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قال الصحابة لرسول الله: «إذا كانت الأعمال تكتب شقاء وسعادة، فلماذا العمل؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فميسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فميسرون لعمل أهل الشقاوة (2)»، فالعبد   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 279. (2) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى) برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2647. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 على ما كتب له، إن كتب له الشقاوة في الدنيا والآخرة فهو شقي، وإن كتب له السعادة فهو سعيد في الدنيا والآخرة، يكتب له شقاوة في الدنيا دون الآخرة، أو شقاوة في الآخرة دون الدنيا وقد يعمل بعمل أهل الجنة في الدنيا، ثم يموت على أعمال أهل النار، فيدخل النار، نسأل الله السلامة، وقد يكون شقيا في الدنيا بأعمال أهل النار، ثم يكتب الله له التوبة، فيتوب عند موته، قبل أن يموت، فيكون من أهل السعادة، فكل شيء يكتب عليه، شقاوته وسعادته في الدنيا والآخرة، لكن مع هذا كله الواجب عليه العمل الواجب عليه أن يتقي الله، وألا يقول هذا كتب علي وأنا أجلس، لا، مثل ما أمر النبي الصحابة قال: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له (1)»، والله يقول سبحانه: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (2). فالإنسان مأمور بالعمل، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن (3)» فكل إنسان مأمور بأن يطيع الله ورسوله، مأمور بأن يكسب الحلال، مأمور بأن يبتعد عن أسباب الشر، مأمور بأن يحذر الخطر، منهي أن يقتل نفسه، مأمور   (1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى) برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2647. (2) سورة التوبة الآية 105 (3) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، برقم 2664. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 بالكف عن المعاصي إلى غير ذلك، فعليه أن يمتثل للأوامر، ويحذر النواهي ويجتهد في ذلك، ولا يتأخر عن شيء أمر الله به، ولا يقدم على شيء نهى الله عنه، وهو مع هذا ميسر لما خلق له. س: الأخت: أ. ح. تسأل وتقول: أيهما يتحكم في الآخر، الأجل أم الصحة؟ (1) ج: الأمر إلى الله في هذا سبحانه وتعالى، ليس لهذا ولا لهذا تحكم، بل الأمر راجع إلى قدر الله وحكمته سبحانه وتعالى، فمن قدر الله له تمام الصحة واستمرارها حصل ذلك، ومن قدر الله عليه الأمراض حصل ذلك، كل شيء بقضائه وقدره سبحانه وتعالى، «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (2)» يقول جل وعلا: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (3)، ويقول سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (4)، فإذا نزل المرض فهو بمشيئة الله، وقد شرع الله علاجه، واتخاذ الأسباب التي تزيله، كما شرع الأسباب التي تقي منه قبل وقوعه من توقي أسباب الشر والبعد عن أسباب   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 280. (2) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب كل شيء بقدر، برقم 2655. (3) سورة التغابن الآية 11 (4) سورة الحديد الآية 22 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 الشر، ليتوقى ما يضره ويبتعد عما يضره بالأسباب التي شرعها الله، كما يتعاطى أسباب الصحة والعافية بالأسباب التي شرعها الله، فيأكل ويشرب، ويتقي ما يضره، لأن الله أمر بذلك، ويعالج الأمراض، لقوله صلى الله عليه وسلم: «تداووا ولا تداووا بحرام (1)»، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله (2)»، فإذا أراد الله غلبة المرض: استمر المرض، وصار لا يرجى برؤه، وإذا أراد الله استمرار الصحة، استمرت الصحة وقل المرض، وقد يبتلى الإنسان بهذا وهذا تارة وهذا تارة، ولا سيما المسلم، يبتلى بالأمراض ليكفر الله بها من خطاياه، ويحط بها من سيئاته، كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يصب منه (3)»، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أصاب مسلما من هم ولا غم ولا نصب، ولا وصب، ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه حتى الشوكة (4)».   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في الأدوية المكروهة، برقم 3874. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه، برقم 17988. (3) أخرجه البخاري في كتاب المرض، باب ما جاء في كفارة المرض، برقم 5645. (4) أخرجه البخاري في كتاب المرض، باب ما جاء في كفارة المرض، برقم 5642. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 100 - حكم قول: شاءت الأقدار س: السائل ي. ع. ع. من الدمام يقول في هذا السؤال: كثيرا ما نسمع هذه الأيام عبارة شاءت الأقدار، لو شاءت الظروف، فهل في هذه العبارات شرك بالله عز وجل؟ (1). ج: لا يجوز هذا الكلام شاءت الظروف أو شاءت الأقدار، كل هذا لا يصح، بل يقال: شاء الله سبحانه، شاء ربنا، شاء الرحمن، شاء الملك العظيم، قال جل وعلا: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (2) ولو قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله، المقصود أن المشيئة تنسب إليه سبحانه لا إلى الظروف ولا إلى الأوقات، ولا إلى الأقدار ولا إلى غير هذا من الشؤون لكن تنسب إلى الله وحده سبحانه وتعالى.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 357. (2) سورة التكوير الآية 29 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 101 - حكم التضجر والتأفف من أجل آلام المرض س: تقول بأنها امرأة ضعيفة ومريضة، وكثيرا ما تشعر بالآلام الشديدة، وأحيانا تقول: تمنعني الآلام من النوم أو الراحة في الصلاة أو الراحة في الحياة العامة، لكن أحيانا تزيد الآلام فأتضجر، وأتأفف من هذه الحياة، بل أبكي، فهل هذا العمل يدل على تضجري بالقضاء والقدر؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: لا حرج في ذلك إذا أصابها ما يؤلمها ويشق عليها فلا حرج من الضجر أو نحو ذلك أو وارأساه أو واجنباه أو واظهراه لا بأس لكن الممنوع الصياح أو ضرب الوجوه وشق الجيوب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية (2)»، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (3)» الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 360. (2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ليس منا من شق الجيوب، برقم 1294، ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب، برقم 103. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب، برقم 104. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 المصيبة، والشاقة التي تشق ثيابها عند المصيبة، هذا هو الممنوع، أما كونها تتضجر، النبي صلى الله عليه وسلم لما أحس برأسه قال: وارأساه، لا حرج، وقالت عائشة: وارأساه، كل هذا لا بأس به، كون الإنسان يقول: أنا أشكو شدة حرارة الحمى أو أشكو مرض كذا أو مرض كذا، كونه تدمع عينه يبكي بدون صياح ولا نياحة كل هذا لا حرج فيه، والحمد لله فيه متنفس للمريض. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 باب ما جاء في أشراط الساعة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 باب ما جاء في أشراط الساعة 102 - بيان بعض أشراط الساعة س: ما هي أشراط الساعة وماذا تحقق منها حتى الآن؟ (1). ج: أشراط الساعة كثير منها ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لجبرائيل أن تلد الأمة ربتها، الأمة: يعني المملوكة ربتها، وفي رواية أخرى ربها، يعني سيدها منها، لكثرة الإماء بسبب السبي، وقد وقع هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده كثر السبايا وتملك الناس الإماء واستولدوهن هذا واقع من قديم، وكذلك قوله ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة، يتطاولون في البنيان، هذا وقع أيضا من أزمان طويلة، ولها أشراط تأتي في آخر الزمان حتى الآن لم تقع وسوف تقع كما أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أشراط متصلة عشرة أولها عند أهل العلم، خروج المهدي، وهو من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى توحيد الله واسمه محمد بن عبد الله يدعو إلى توحيد الله وإلى اتباع الشريعة يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت جورا وهذا قبل نزول المسيح بقليل، الثانية: خروج الدجال   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 315. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 الذي يأتي من بلاد الشرق من خراسان يدعي أنه نبي، يدعي أنه رب العالمين، وله خوارق بينها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث، والثالث: عيسى ابن مريم ينزل من السماء موجود في السماء مرفوع لم يقتل ولم يصلب، ولكن رفع إلى السماء ينزل في آخر الزمان، فيقتل الدجال، ويدعو إلى توحيد الله عز وجل واتباع شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، يحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، والرابعة: يأجوج ومأجوج يخرجون في عهد عيسى عليه السلام، ثم يقتلهم الله في زمن عيسى عليه السلام، ويريح الله العباد منهم، ثم بعد ذلك ستة أشراط الدخان، وهدم الكعبة، ورفع القرآن وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، والعاشرة: نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى محشرهم إلى الشام، تبيت معهم حيث يبيتون، تقيل حيث يقيلون، وبعد ذلك قيام الساعة في الوقت الذي يشاؤه الله سبحانه وتعالى لكن بعد خروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها، وقبل النار يرسل الله ريحا طيبة قبل خروج النار يقبض الله بها روح كل مؤمن ومؤمنة، فلا يبقى إلا الأشرار فعليهم تقوم الساعة، ما يبقى إلا الأشرار، فيبقون أهل الأرض على الشرك بالله وعبادة الأوثان والأصنام، في مدة يعلمها الله، ثم تقوم الساعة على شرار الخلق، تقوم الساعة على قوم لا يعبدون الله، ولا يعرفونه، على قوم مشركين كفار، نسأل الله العافية والسلامة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 103 - بيان علامات الساعة س: السائل الذي رمز لاسمه: م. ج. يقول في هذا السؤال: ما هي علامات الساعة الصغرى التي تبقت؟ (1) ج: يقال علاماتها الكبرى ليس هي بالصغرى، علاماتها الكبرى بقي عشر آيات: خروج المهدي، وخروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، وخروج اليأجوج والمأجوج، وهدم الكعبة، ورفع القرآن، وآية الدخان، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وآخر الآيات نار تحشر الناس إلى محشرهم، هذه الآيات التي بقيت نسأل الله السلامة، وآخرها طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة بعدها لا يقبل عمل من إنسان، إذا جدد عملا، لا يقبل، يقول سبحانه: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} (2)، إذا طلعت الشمس من مغربها، الإيمان الجديد لا يقبل، وبعدها الآية الأخيرة وهي حشر الناس، خروج النار من المشرق تحشرهم إلى محشرهم، تبيت معهم حيث باتوا وتقيل حيث قالوا حتى يصلوا إلى محشرهم، الذي تقوم فيه الساعة.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 395. (2) سورة الأنعام الآية 158 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 س: يقول السائل: تحدثوا يا سماحة الشيخ عن علامات الساعة الصغرى والكبرى (1). ج: علامات الساعة كثيرة ومنوعة، منها العلامات الصغرى التي وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، فالنبي صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة، هو نبي الساعة عليه الصلاة والسلام، وهكذا أخبر عن تطاول الناس في البنيان، هذا من أشراط الساعة، وهو كون الحفاة العراة العالة من العرب، يكونون رؤوس الناس، هذا من علامات الساعة، كثرة السراري بين الناس، كون الإماء يكثرن بين الناس، ويتسراها الرجل، ويولدها بسبب السبي الكثير، هذا من علامات الساعة، كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث جبرائيل لما سأل عن أمارات الساعة، قال: «أن ترى الحفاة العراة العالة، رعاء الشاة يتطاولون في البنيان، وقال: إذا ولدت الأمة ربتها (2)» وفي لفظ: «ربها (3)» يعني سيدها، يعني إذا حملت من سيدها فولدت منه بنتا أو ابنا، كل هذا من أشراط الساعة، وقد وقع في عهده صلى الله عليه وسلم، وبعد ذلك، ومن أشراط الساعة كثرة الشح بين الناس، والبخل   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 245. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 8. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 9. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 وكذلك قلة العلم، وكثرة الجهل، وفشو المعاصي، وظهور المعاصي في البلدان، كل هذا من علامات الساعة المنتشرة التي هي غير الكبرى، كذلك كثرة القتال والفتن، من أشراط الساعة، كل هذا بينه عليه الصلاة والسلام، وكثرة النساء وقلة الرجال من علامات الساعة. أما علاماتها الكبرى التي تكون بقربها فهي عشر بينها العلماء: المهدي: وهو رجل من بيت النبوة، يخرج في آخر الزمان، يملأ الأرض عدلا وقسطا، بعدما ملئت جورا، المستقيم على دين الله يحكم بشريعة الله، ويقيم أمر الله في أرض الله، هذا يكون في آخر الزمان، عند نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام. الدجال: وهذا يقع بعد المهدي، خروج الدجال من المشرق من جهة الشرق، من جهة الصين وخراسان ويسيح في الأرض ويطوف بها، ويدعو إلى اتباعه، يتظاهر بأنه نبي أولا ثم يقول: إنه رب العالمين، ومعه خوارق شيطانية، تلبس على الناس أمره، لكن أهل الإيمان وأهل البصيرة يعرفونه مكتوب بين عينيه كافر، يعرفه كل من يقرأ كل مؤمن ممن عصمه الله يرى ذلك بين عينيه، معه خوارق يعرفها أهل الإيمان، أنها باطلة، وأنها تدل على أنه الدجال، وينتهي أمره إلى فلسطين، ثم ينزل عيسى ابن مريم في الشام فيحاصره، في فلسطين، ويقتله، يعني عيسى ابن مريم ينزل من السماء، ويقتل الله به الدجال، ويتولى بنفسه عليه الصلاة والسلام قتله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 والعلامة الثالثة من أشراط الساعة الكبرى هو نزول عيسى عليه السلام، وقتله الدجال ويهلك الله في زمانه الأديان كلها ولا يبقى إلا الإسلام، ويضع الجزية ويتركها ولا يقبل إلا الإسلام، يكسر الصليب ويقتل الخنزير، لأن الصليب باطل، عيسى ما صلب، ولم يقتل عليه الصلاة والسلام، وهو كذب ولهذا إذا نزل كسر الصليب، وبين أمر الله في عباده، ودعاهم إلى الإسلام وحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، ولا يقبل من الناس إلا الإسلام، ولا يبقى في زمانه يهودية، ولا نصرانية، ولا وثنية، بل يدخل الناس في دين الله أفواجا، ويستقر الإسلام في الناس، ثم بقية علامات الساعة من الدخان، وهدم الكعبة، ونزع القرآن من الصدور، والمصاحف، ثم طلوع الشمس من مغربها ثم خروج الدابة، ثم الدخان، ثم آخر العلامات خروج النار، نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى محشرهم، نسأل الله السلامة والعافية. س: مستمع يسأل عن علامات الساعة، ويقول: إن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، حدد لنا بعضا منها، وقال في ذلك: أن تلد الأمة ربتها فما معنى هذه العبارة؟ (1) ج: أشراط الساعة كثيرة، ولكنها قسمان: قسم مطلق، وجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وقسم خاص يقع عند قربها وعند دنوها، أما   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 259. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 المطلق العام فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو نبي الساعة، ووجوده من أشراطها عليه الصلاة والسلام، وهكذا ما قال صلى الله عليه وسلم: أن تلد الأمة ربتها (1) ربتها يعني سيدتها، وفي اللفظ الآخر: ربها يعني سيدها، ومعنى ذلك أنها تكثر الإماء والسراري، فإذا حملت من سيدها، وهو مالكها، فإذا حملت من سيدها، وهو مالكها، فإن المولودة البنت تكون سيدة، ربة والمولود الذكر يكون ربا لها، سيدا لها، هذا معنى الحديث يعني تكثر السراري ويكثر الإماء، والناس يكثر تسريهم بسبب كثرة الجهاد وكثرة الغنائم، فتكثر السراري بين الناس والسيد يطأ أمته، لأنها ملكه، مباح له، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (2) {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (3) الملك الذي هو ملكه للأمة، يقال له ملك اليمين فإذا ملكها بغنيمة، أو بالشراء أو بالورث، فله أن يطأها، وهي ملك اليمين، وإذا ولدت يقال للمولود إن كان ذكرا ربها وسيدها، والمولودة ربتها وسيدتها، هذا معنى الحديث، أن تلد الأمة ربها أو ربتها، يعني سيدتها، لأن بنت السيد سيدة، وولد السيد سيد لأمه في المعنى، والمعنى أنه تكثر السراري في الناس، وهذا من علامات الساعة، كثرة السراري وكثرة الإماء والولادة، ومثل حديث: «أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في النبيان (4)» هذا أيضا من   (1) سبق تخريجهما. (2) سورة المؤمنون الآية 5 (3) سورة المؤمنون الآية 6 (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 8. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 أشراطها العامة، تطاول العرب في البناء بعدما كانوا أهل خيام، بنوا البنايات وطولوها، هذا من أشراط الساعة، وقد وقع هذا، العرب تحضروا وجاهدوا، وبنو البنايات، وعمروا العمائر، أما أشراطها الخاصة القريبة منها، فقد بينتها الأحاديث، وهي عشر علامات، أولها: المهدي، رجل من أهل البيت في آخر الزمان، يملك الدنيا، يملك الأرض، ويملأها عدلا، بعدما ملئت جورا، وهو من أهل البيت، من بني هاشم، من ذرية فاطمة رضي الله عنها، جاءت فيه أحاديث كثيرة، الثاني: الدجال يخرج دجال في آخر الزمان، يدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه رب العالمين، وصحت فيه الأحاديث، وتواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والثالث: نزول المسيح ابن مريم من السماء عليه الصلاة والسلام، ويقتل الدجال، ويحصل به الخير العظيم للأمة، ويملأ الله به البركات في الأرض عليه الصلاة والسلام، ويهلك الله في زمانه الأديان، فلا يبقى إلا الإسلام، تذهب اليهودية والنصرانية، والشيوعية وغيرها، ولا يبقى إلا الإسلام في عهده عليه الصلاة والسلام، والرابع: خروج يأجوج ومأجوج من الشرق: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} (1) في عهد عيسى عليه الصلاة والسلام، ثم يميتهم الله بعد ذلك ثم بعد ذلك: آية الدخان، وهدم الكعبة، رفع القرآن من الأرض ومن الصدور، ومن الصحف، ثم خروج الدابة، دابة الأرض، وطلوع   (1) سورة الأنبياء الآية 96 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 الشمس من مغربها، وإذا طلعت لا تقبل التوبة بعد ذلك من أحد، وآخرها: نار تحشر الناس إلى محشرهم، هذه يقال لها الآيات الخاصة القريبة من الساعة جاءت بها الأحاديث وبينها أهل العلم. س: يسأل سماحتكم عن علامة القيامة الكبرى (1). ج: العلامة الكبرى: طلوع الشمس من مغربها هذه العلامة الكبرى، حينئذ لا يقبل من نفس إسلامها ولا إيمانها وليس لها إلا ما قدمت كما قال جل وعلا: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} (2). المقصود أن هذه الآية هي أكبر الآيات طلوع الشمس من مغربها فإذا طلعت لم يقبل من الإنسان دخول في الإسلام ولا الزيادة في العمل ليس له إلا ما قدم، المقصود الواجب الحذر وأن يستعد للقاء الله وألا يتساهل.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 355. (2) سورة الأنعام الآية 158 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 س: سائل يستوضح عن علامات الساعة، وهل هذا الجيل آخر جيل كما يقول بعض الناس؟ (1) ج: الساعة لا يعلم قيامها إلا الله، ولا يعلم الجيل الذي تقوم فيه إلا الله سبحانه وتعالى، وهي لا تقوم إلا على الأشرار حين لا يبقى في الأرض مسلم، وما تقوم إلا على الكفار، ولا تقوم وفي الأرض مسلم واحد، بل جميع المسلمين يموتون قبل قيامها، يبعث الله عليهم ريحا طيبة في آخر الزمان تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، فلا يبقى إلا الكفار، فعليهم تقوم الساعة، ولها شروط لم تأت، من شروطها خروج الدجال من جهة المشرق، وهو آدمي يدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه رب العالمين، ثم ينزل الله عيسى ابن مريم من السماء، فيقتله في فلسطين، وهو رئيس اليهود، الدجال رئيس اليهود، يذهب إليهم في فلسطين، وينزل الله عيسى فيقتله عند باب اللد، الباب المعروف هناك في فلسطين، ومن أشراطها خروج يأجوج ومأجوج، وهم أيضا من الشرق، أخبر الله عنهم في كتابه العظيم، ومن شروطها، عدم الكعبة في آخر الزمان، ونزع القرآن من الصدور، ومن الصحف حتى لا يبقى في أيدي الناس قرآن، ومن شروطها الأخيرة دخان يغشى الناس، ويعمهم ومن شروطها طلوع الشمس من مغربها، بعد المشرق تطلع من المغرب، فإذا طلعت من مغربها آمن الناس، لكن لا يقبل الله إيمانهم   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 243. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 بعد طلوع الشمس من مغربها، يبقى المسلم على إسلامه، والكافر على كفره، وآخر الآيات نار تحشر الناس إلى محشرهم، تخرج من المشرق، وفي بعض الأحاديث من قعر عدن من الجنوب، ثم تسوقهم إلى محشرهم، هي آخر الآيات، وفي آخر الزمان، كما تقدم قبل أن تقوم الساعة يرسل الله ريحا طيبة، لينة، فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ولا يبقى في الأرض إلا الكفار، في خفة الطير وأحلام السباع، يتناكحون في الأسواق، ويعبدون الأوثان، والأصنام، ولا يعرفون الله طرفة عين، بل هم في كفر وضلال وجهل، وأخلاق خبيثة، فعليهم تقوم الساعة، نسأل الله العافية والسلامة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 104 - الكلام على نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان س: كثيرا ما نتحاور أنا ورفاقي عن نزول عيسى عليه السلام، فأرجو أن تزودونا بمعلومات، إذا كان يوجد أي دلالة أو إشارة في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة إلى هذا المعنى، ويقال بأن هناك حديثا شريفا بهذا الخصوص، فهل هذا صحيح؟ وفقكم الله وبارك فيكم (1). ج: قد تواترت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام للإخبار عن نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، ينزل في آخر   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 41. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 الزمان في دمشق، وأنه يتوجه إلى فلسطين بعد نزول الدجال، وأنه يقتله هناك في باب اللد والمسلمون معه، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه يأتي المسلمين وهم قائمون للصلاة، ويريد أميرهم أن يتأخر حتى يؤم الناس نبي الله عيسى عليه السلام، فيأتي عيسى عليه السلام ويقول: إنها أقيمت، فصل بهم (1)». وجاء في بعض الروايات الجيدة أن أميرهم ذاك الوقت المهدي، وهو محمد بن عبد الله من بيت النبي عليه الصلاة والسلام، ومن ذرية فاطمة، فيقول له المهدي: تقدم يا روح الله، فيأتي ويقول: صل أنت، لأنها أقيمت لك. ثم يتولى القيادة بعد ذلك عيسى عليه السلام. ونزوله أمر مجمع عليه عند أهل العلم، وثابت بالنصوص الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد تواترت به الأحاديث، وليس به شك بحمد الله، هو ينزل في آخر الزمان بعد خروج الدجال الكذاب، فيبين للناس كذبه وضلاله، ويتولى عليه الصلاة والسلام قتله، وقد أشار القرآن إلى هذا بقوله جل وعلا، لما ذكر عيسى قال: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا} (2) أي نزوله ومجيئه، وقرأ بعض القراء: علم، بفتح العين واللام، أي دليل على قربها، وقال جل وعلا في سورة النساء: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (3)، ثم قال   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه، برقم 14954. (2) سورة الزخرف الآية 61 (3) سورة النساء الآية 158 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 بعده: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} (1) يعني ما من أحد من أهل الكتاب، وقت نزوله إلا يؤمن به قبل موت عيسى عليه السلام، فيكون الضمير في موته يعود على عيسى، وقيل: يعود على اليهودي أو النصراني، أنه قبل موته يؤمن بنزول عيسى عليه السلام، وبكل حال فالآية تشير إلى ذلك سواء قيل: إنه الضمير يعود إلى الواحد من أهل الكتاب، أنه يؤمن قبل خروج روحه، أو معنى أن عيسى عليه السلام إذا نزل آمن به أهل الكتاب ذلك الوقت، قبل أن يموت عيسى عليه السلام، فإنه يموت بعد ذلك، يمكث في الأرض ما شاء الله، ثم يموت ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه، وجاء في بعض الروايات ما يدل على أنه يدفن في الحجرة النبوية، ولكن في صحة ذلك نظر، وبكل حال فهو ينزل بلا شك، ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم في الأرض، ويتبعه المسلمون ويفيض المال في وقته، وتأمن البلاد ويسلم الناس كلهم، فإنه لا يقبل من الناس إلا الإسلام أو السيف، يكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، يترك الجزية لا يأخذها من أحد، وتكون العبادة لله وحده في زمانه، بسبب ما حصل به من الأمارة العظيمة، والدلالة القاطعة على قرب الساعة، فالناس يؤمنون في زمانه، وهو يجاهدهم بالسيف حتى يدخل الناس في دين الله، فمنهم من يدخل بسب ظهور أدلة الحق، وصدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيما أخبر   (1) سورة النساء الآية 159 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 به، ومنهم من يكون إسلامه على أثر الجهاد الذي يقوم به عيسى عليه السلام والمسلمون. والخلاصة أن نزوله حق وثابت بإجماع المسلمين، وأصله الأحاديث المتواترة القطعية بنزوله عليه السلام، وأشار القرآن الكريم إلى ذلك كما تقدم. فالواجب على جميع المسلمين الإيمان به، واعتقاد نزوله في آخر الزمان وأنه ينزل حقيقة، وأنه يدعو إلى توحيد الله والإيمان به، وأنه يعمل بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، ويحكم بها في الأرض، لأنه لا نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام، ينزل تابعا لمحمد عليه الصلاة والسلام حاكما بشريعته لا بشريعة التوراة السابقة، ولكن يحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، يحكم بالقرآن، هذا هو الذي أجمع عليه أهل الإسلام، ودلت عليه الأحاديث الصحيحة المتواترة، وأشار إليه القرآن الكريم. فالواجب على جميع المسلمين اعتقاد هذا، وعدم الالتفات إلى ما قد قاله بعض المتأخرين من إنكار نزوله، وتأويل ذلك بأنه يظهر خير في آخر الزمان، وأنه عبر بهذا عن ظهور الخير، وأنه عبر بالدجال عن ظهور الشر، كل هذه أقوال فاسدة وباطلة، ويخشى على قائلها بالكفر بالله عز وجل، لأنهم كذبوا بأمر واضح، جاءت به السنة الصحيحة المتواترة، فلا يجوز الالتفات إلى ذلك، بل يجب الإيمان والقطع، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 لأن خروج الدجال حق في آخر الزمان، وهو كذاب من بني آدم يخرج في آخر الزمان، يدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه رب العالمين، وهكذا ينزل عيسى في إثر ذلك، فيقتل هذا الدجال، لأنه إذا رأى عيسى تحير وتوقف، ويكون إمام المسلمين في زمانه، ويأخذ بشريعة الله، هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، وأجمع عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون بعده. ومعنى تركه الجزية هو أنه لا يقبلها من اليهود والنصارى، وهذا يدل على أن الجزية مؤقتة في شريعة محمد، يعني مؤقتا إلى نزول عيسى عليه السلام، فإذا نزل عيسى فلا تقبل، هذا شرع من شرع الله عز وجل، بينه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، بأن عيسى لا يقبلها، لأنه انتهى أمرها، وليس هناك حاجة إليها، بل يجب على من بلغ أن يسلم، ويترك التمرد عن الإسلام، والتشبث باليهودية والنصرانية، وعلى عيسى عليه السلام أن يقاتل من أبى ذلك حتى يدخل في دين الله. ويظهر من هذا أن الخنزير من الحيوانات التي ينبغي إتلافها، لأنه من المحرمات في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولأن بقاءه وسيلة، لأن يأكله اليهود والنصارى أو غيرهم، وهو محرم بنص الكتاب العزيز، وقد يستفاد من هذا الحديث أنه يقتل بإتلافه وإزالته من الوجود، وإنما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قصة عيسى، ليشير على هذا المعنى ويفيده، ويحتمل أن يقال: إنه لا يقتل، إلا بعد نزول عيسى عليه الصلاة والسلام، لأنه ذكر في قصة عيسى ونزوله، فيكون قتله مؤجلا، كما أن وضع الجزية مؤجل إلى نزوله عليه الصلاة والسلام، هذا محل احتمال، ويحتاج إلى مزيد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 بحث وعناية من جهة الأدلة الشرعية، فإنه ليس كل ما حرم يقتل، الكلب محرم ولا يقتل، إلا إذا آذى بالعقر أو غيره، والهر محرم الأكل ومع هذا لا يقتل، إلا إذا آذى والحمر محرمة الأكل، ولا تقتل وهكذا الخنزير محرم الأكل، ولا يلزم من تحريمه أن يقتل، إلا إذا اعتمد على هذا الحديث، ولم يكن له معارض، وهو قتل عيسى للخنزير، هذا محل نظر ومحل احتمال ويحتاج إلى مزيد بحث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 105 - البرهان على أن عيسى عليه السلام بشر من خلق الله س: ما هو البرهان على أن عيسى عليه السلام، بشر من خلق الله؟ (1) ج: القرآن الكريم، والسنة المطهرة، كلها تدل على أن عيسى بشر، خلقه الله من مريم، بين الله جل وعلا خلقه من مريم، من أنثى بلا ذكر، فهو بشر من بني البشر، أمه مريم بنت عمران، وليس له أب، بل قال الله له: كن فكان، كما قال جل وعلا، في كتابه الكريم: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (2) {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (3) {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (4) {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (5)   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 217. (2) سورة آل عمران الآية 33 (3) سورة آل عمران الآية 34 (4) سورة آل عمران الآية 35 (5) سورة آل عمران الآية 36 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (1) فهي وذريتها من بني آدم، خلقها الله وخلق ابنها عيسى، ودعت ربها أمها: أن الله يعيذها وذريتها من الشيطان الرجيم، وأرسل الله الملك جبريل، فنفخ في جيب درع مريم وحملت بعيسى عليه الصلاة والسلام، كما قال جل وعلا: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (2) في آيات كثيرات في سورة مريم وغيرها بين فيها سبحانه أن الله جل وعلا يسر لها هذا الولد من دون زوج، ومن دون زنى، بل هي البتول العفيفة حملت به من أمر الله، وبالنفخة التي نفخها جبرائيل بأمر الله سبحانه وتعالى في فرجها، فصار ولدا سويا، ونبيا كريما بأمر الله عز وجل، فليس في هذا إشكال، وهذا قد أجمع عليه المسلمون أخذا من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فهو بشر لأن أمه بشر، وهي من بنات آدم، وخلق منها من دون أب، قال الله له: كن فكان.   (1) سورة آل عمران الآية 37 (2) سورة التحريم الآية 12 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 106 - بيان أن المسلمين يقاتلون اليهود في آخر الزمان وينصرون عليهم س: قال صلى الله عليه وسلم: «يقاتلكم اليهود وتنصرون عليهم (1)»، فالسائل: يتوقع إذا كان هذا الحديث صحيحا، فعهدنا الآن هو العهد الذي يتحدث عنه صلى الله عليه وسلم، فما رأيكم؟ أرجو أن توضحوا لي هذا الحديث، لأنه دائما بيننا مشادة بالكلام عنه، وفقكم الله (2). ج: الحديث صحيح رواه البخاري ومسلم في الصحيحين وغيرهما ولفظه: «يقاتل المسلمون اليهود، فينتصرون عليهم حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي تعال فاقتله (3)» أو قريب من هذا اللفظ، المقصود أنه ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن المسلمين يقاتلون اليهود، وأنهم ينصرون عليهم، حتى إن الحجر والشجر، يقول للمسلم: يا عبد الله هذا يهودي تعال فاقتله، أما كون ذلك في وقتنا هذا فهو محل نظر فإن الذي يقاتلهم المسلمون، والمقاتلون الآن ليسوا   (1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم 3593، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، برقم 2921. (2) السؤال الثاني من الشريط رقم 41. (3) أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، برقم 2922. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 على المستوى الكامل، من جهة الإسلام فيهم المسلم وفيهم غير المسلم، وليس هناك تطبيق فيما بلغنا من المسلمين هناك للشريعة المطهرة كما ينبغي بل هناك العاصي، وهناك الكافر وهناك المسلم المستقيم، فالقتال الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم يكون من المسلمين الملتزمين المستقيمين، فلهذا ينصرهم الله على اليهود، بسبب استقامتهم على دين الإسلام ونصرهم لدين الله، فيحتمل أن يكون هذا بعد وقت يتحسن فيه أحوال المسلمين، ويجتمعون على الحق والهدى، فينصرون عليهم، ويحتمل أن يكون هذا في وقت عيسى، كما هو معلوم فإنه وقت عيسى يقتل اليهود، وينصر الله عيسى والمسلمين عليهم، ويقتل الدجال هذا لا شك فيه، في وقت عيسى، لكن يحتمل أن يقع قبل عيسى، وأن المسلمين تتحسن أحوالهم، وتستقيم أمورهم على شريعة الله، ويقودهم أمير صالح، أو إمام صالح، يقودهم إلى الحق والهدى، ويستقيمون على شريعة الله، ثم يتوجهون لقتال اليهود، فينصرون عليهم، هذا كله محل احتمال، أما في وقت عيسى فلا شك فيه أنه يقتلهم وينصره الله عليهم، عليه السلام مع المسلمين عند قتله للدجال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 باب ما جاء في المهدي المنتظر والمسيح الدجال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 باب ما جاء في المهدي المنتظر والمسيح الدجال 107 - الكلام على المهدي المنتظر س: هل صحيح أن المهدي المنتظر سوف يظهر، أم أنها بدعة مع العلم أنه لا يوجد بعد وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم معجزات، أرشدونا جزاكم الله خيرا مع التحيات؟ (1) ج: المهدي المنتظر صحيح، وسوف يقع في آخر الزمان، قرب خروج الدجال ونزول عيسى عند اختلاف بين الناس، عند موت خليفة فيخرج المهدي، ويبايع ويقيم العدل في الناس سبع سنوات أو تسع سنوات، وينزل في وقته عيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام، هذا جاءت به أحاديث كثيرة، أما المهدي الذي يدعي الرافضة هذا لا أصل له، مهدي الشيعة صاحب السرداب هذا لا أصل له عند أهل العلم، بل هو خرافة لا أساس لها ولا صحة لها. أما المهدي المنتظر الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة، ومن   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 30. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 بيت النبي صلى الله عليه وسلم، من أولاد فاطمة رضي الله عنها، وهو سمي النبي محمد وأبوه عبد الله فهذا حق وجاءت به الأحاديث الصحيحة، وسيقع في آخر الزمان، ويحصل بسبب خروجه وبيعته مصالح للمسلمين في إقامة العدل ونشر الشريعة، وإزالة الظلم عن الناس، وجاء في الأحاديث أن الأرض تملأ عدلا، بعدما ملئت جورا في زمانه وأنه يخرج عند وجود فتنة بين الناس واختلاف على أثر موت الخليفة القائم فيبايعه أهل الإيمان والعدل بما يظنه فيه من الخير والاستقامة وأنه من بيت النبوة. س: ما رأي الشرع في ظهور المهدي المنتظر في نهاية الزمان؟ (1) ج: المهدي جاءت به أحاديث كثيرة، وصنف فيه بعض العلماء مصنفات، وذكر أنها متواترة عن النبي عليه الصلاة والسلام وهي فيها الصحيح وفيها الحسن، وفيها الضعيف وفيها الموضوع، لكن الحجة في الأحاديث الصحيحة والحسنة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ما يدل على أنه يكون شخص يقال له: المهدي في آخر الزمان، يواطئ اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم، يعني محمد بن عبد الله، وهو من أهل بيته عليه الصلاة والسلام، فالصواب أنه سوف يكون وسوف يقع، قرب نزول المسيح ابن مريم، وجاء في بعض الروايات أنه يكون أميرا على الجيش الذي يدعو إلى الله ويملأ الأرض عدلا، عند نزول   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 154. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 المسيح عليه الصلاة والسلام، فهو رجل صالح من أهل البيت، يدعو إلى الله وينشر العدل، ويمنع الجور ويقيم شعائر الله في أرض الله، حتى ينزل عيسى عليه الصلاة والسلام. أما المهدي الذي تزعمه الرافضة فهو باطل ولا حقيقة له، بل هو سراب لا حقيقة له، وهو صاحب السرداب الذي يزعمون، هذا شيء باطل لا أساس له ولا حقيقة له، وإنما المهدي المنتظر شخص آخر غير مهدي الرافضة، وهو محمد بن عبد الله من آل البيت، وهو من ذرية فاطمة، كما صرح به في بعض الروايات، وهو يملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا، كما جاءت به الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 108 - الكلام على خروج الدجال في آخر الزمان س: حدثونا بحديث صحيح عن الدجال، ومن أين يأتي؟ وكم حكمه؟ (1) ج: الدجال جاءت به أحاديث متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان، وأنه يكون من جهة المشرق، من ناحية بين العراق والشام، وأنه يعيث في الأرض فسادا، ويطأ الأرض كلها، إلا مكة والمدينة، فإن   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 266. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 الله يحميهما منه، ثم ينتهي إلى الشام، إلى فلسطين إلى اليهود هناك، وينزل الله عيسى ابن مريم فيحصره هناك، ثم يقتله هناك غرب الأردن، كما جاءت به الأحاديث الصحيحة، ويقتله المسلمون معه، فإن عيسى عليه الصلاة والسلام يغزوه، ومعه المسلمون فيقتله بباب اللد، باب هناك في فلسطين، قرب القدس، يقتله بحربته كما جاء في الحديث الصحيح، والمسلمون معه يقتلون اليهود قتلة عظيمة، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلمين يقاتلون اليهود، فيقتلونهم، ويسلطون عليهم، ينادي الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي تعال فاقتله، فيقتل عيسى الدجال وينتهي أمره، ويبقى المسلمون مع عيسى في أرغد عيش وأطيب نعمة، ويهلك الله الأديان كلها في زمان عيسى، ولا يبقى إلا الإسلام والحمد لله، ثم يميت الله عيسى، كما توفي من قبله من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو حين ينزل من السماء يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم لا بشريعة الإنجيل، بل هو كأحد أمته، لكنه أفضلها، نبي من الأنبياء ويحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، لا بشريعة التوراة والإنجيل، ولهذا جاء في الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام: «ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا (1)»، يعني: يؤمكم بكتاب الله وبسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم حاكما بشريعة نبينا، برقم 155. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 109 - الكلام على فتنة المسيح الدجال س: الأخ: ق. ش. ح. من الجمهورية العربية السورية، يقول: إن بعض العلماء عندنا في سوريا يدعون أحيانا، ويقولون: اللهم أجرنا من فتنة المسيح الدجال، والذي نفهمه أن المسيح هو عيسى ابن مريم، فوجهونا حول الصحيح، جزاكم الله خيرا (1). ج: كلاهما يقال له مسيح، فالدجال مسيح، وعيسى ابن مريم مسيح، المسيح الدجال مسيح ضلالة، ومن دعاة الفتنة والشر والفساد في آخر الزمان، يخرج على الناس من جهة الشرق، ويدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه رب العالمين، ومعه بعض الخوارق، فالنبي صلى الله عليه وسلم حذر من فتنته، وشرع لنا أن نستعيذ من فتنته في آخر كل صلاة، وفي دعائنا، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أعظم من الدجال (2)» وفي لفظ: «أمر أعظم من أمر الدجال (3)»، فالدجال له فتنة عظيمة، وهو أعور العين اليمنى مكتوب بين عينيه كافر، فالمشروع للمؤمن سؤال الله العافية من فتنته في صلاته، كما شرع الله لنا ذلك، يجب على المؤمنين والمؤمنات أن يعرفوا الفرق بين هذا وهذا، فالدجال مسيح ضلالة،   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 200. (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المدنيين، حديث هشام بن عامر الأنصاري رضي الله تعالى عنه، برقم 27770. (3) أحمد (4/ 20). الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 ومن دعاة الباطل والشر والكفر والضلال، يدعو الناس إلى أنه رب العالمين. فالواجب على من أدركه أن ينكره وأن يكذبه، وأن يبتعد عن فتنته، ويسأل ربه العافية، وأما المسيح ابن مريم فهو عبد الله ورسوله، أرسله الله إلى بني إسرائيل، وأنزل عليه كتابا عظيما وهو الإنجيل، يدعوهم إلى توحيد الله، وإلى اتباع التوراة وما فيها، والمسيح عيسى خلقه الله من أنثى بلا ذكر، من مريم الصديقة رضي الله عنها، قال الله له: (كن فكان) فليس له أب، بل خلقه الله بقدرته العظيمة، أرسل جبرائيل إلى مريم فنفخ فيها، فحملت بإذن الله، وهو عبد الله ورسوله، وهو آخر أنبياء بني إسرائيل، ليس بعده إلا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فنبينا هو خاتم الأنبياء، وعيسى عليه السلام هو خاتم أنبياء بني إسرائيل، هو آخرهم، ثم بعث الله بعده نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم من العرب، هو خاتم الأنبياء جميعا ليس بعده نبي، وينزل عيسى في آخر الزمان يحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، ويقتل الدجال، يلتقي به في فلسطين ويقتله، ومعه المسلمون، مع عيسى المسلمون، ثم يموت عيسى عليه الصلاة والسلام، كما قال عز وجل في قصة عيسى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} (1) يعني في آخر الزمان عند نزوله، قال قبل ذلك: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} (2).   (1) سورة النساء الآية 159 (2) سورة النساء الآية 157 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 فالمؤمن يؤمن بأن عيسى ابن مريم هو رسول الله وعبد الله ورسوله، ويصدق برسالته عليه الصلاة والسلام، وأنه سوف ينزل في آخر الزمان، وسوف يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وسوف يقتل الله على يديه الدجال، ويعيش الناس في زمانه عيشة عظيمة في غاية من الاستقامة على الهدى، ويعم التوحيد والإسلام الأرض، ثم يموت كما مات غيره من الأنبياء والأخيار، وهو يحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام لا بشريعة الإنجيل ولا التوراة، والله المستعان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 110 - بيان أن المسيح الدجال من بني آدم س: الأخت: ع. ع. د. أ. من الرياض، تسأل عن المسيح الدجال، عندما يظهر في آخر الزمان، هل هو يتكلم؟ وإذا كان يتكلم فبأي لغة؟ أفيدونا أفادكم الله (1). ج: نعم، يكون في آخر الزمان، هو من بني آدم، ويتكلم اللغة العربية على ظاهر الأحاديث الواردة في حقه، أنه يتكلم بالعربية، ومعه خوارق تفتن الناس، معه نهر، يزعم أنه النار، ومعه نهر آخر يزعم أنه الجنة، ويجري على يديه خوارق كثيرة، ابتلاء وامتحان، ولهذا شرع الله لنا أن نتعوذ من فتنته في آخر كل صلاة، شرع لنا أن نقول: أعوذ   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 197. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، وهو أعور، أعور العين اليمنى، مكتوب بين عينيه كلمة كافر، يقرؤها كل مؤمن، يكرهه كل مؤمن، يكره المقالة، يقرؤها سواء كان عاميا أو قارئا، وهذا من رحمة الله أن جعل علامة يعرفها المؤمن، حتى لا يخدع به، «يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال (1)» فتنة عظيمة، فالواجب على من أدركه أن يحذره، وألا يغتر به، وأن يكذبه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في بقية من أحاديث الدجال، برقم 2946. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 باب ما جاء في الإيمان باليوم الآخر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 باب ما جاء في الإيمان باليوم الآخر 111 - سبل تقوية الإيمان باليوم الآخر س: ما هو السبيل إلى تقوية الإيمان بالله واليوم الآخر؟ (1) ج: هذا سؤال مهم وجدير بالعناية، وهو ما هو السبيل إلى تقوية الإيمان بالله واليوم الآخر، السبيل إلى ذلك من جهات كثيرة، أولا: من جهة تدبر القرآن الكريم والعناية بقراءته والإكثار من ذلك، لما فيه من القصص العظيمة حول الآخرة والجنة والنار، وعن أسماء الله وصفاته، وعن أحوال الرسل عليهم الصلاة والسلام وأممهم، فمن تدبر القرآن قوي إيمانه واستقام له دينه إذا وفقه الله، فالنصيحة لكل مؤمن ولكل مؤمنة العناية بالقرآن من الإكثار من تلاوته ومن تدبر معانيه والإقبال على ذلك بنية صالحة وقصد صالح، بقصد العلم بالله وقوة الإيمان بالله، ولقصد الإيمان بالآخرة وقوة ذلك، ولقصد العمل بما يرضي الله ويقرب لديه وينفع في الآخرة، هو من أسباب النجاة والسعادة في الآخرة، ومن أسباب ذلك العناية بالأحاديث، وأخلاق   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 304. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 النبي صلى الله عليه وسلم، وأخلاق الصحابة والأخيار، وسماع الأحاديث. . تسمع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأعماله، وأعمال الصحابة، ونشاطهم في الخير، وحبهم لله عز وجل حتى يتأسى الإنسان بهم، يتأسى بالأخيار، يعمل بأعمالهم ويجتهد في ذلك، ومن أسباب تقوية الإيمان أيضا، أن يحاسب نفسه ويتذكر الموت الذي يأتي بغتة، ماذا عمل؟ ماذا قدم لآخرته؟ حتى يعد العدة قبل أن يهجم عليه الأجل، فإن محاسبة النفس والنظر فيما أعده العبد للآخرة مما يقوي الإيمان، ومما يعينه على طاعة الله ورسوله، ومما يعينه على المبادرة بالتوبة إلى الله، من سيئات أعماله وتقصيره، كل هذا من أسباب تقوية الإيمان، ومن أسباب ذكر الآخرة والاستعداد لها، وهنالك أمر رابع أيضا، وهو صحبة الأخيار، أن يصحبهم ويجالسهم ويستفيد من أخلاقهم وعلمهم، الذين يذكرونه بالآخرة ويعينونه على ذلك، وهكذا أيضا أمر خامس، حضور حلقات العلم يلتمسها ويحضرها ويستفيد منها، وكذلك يقبل عند سماع الخطب - خطب الجمعة - وغيرها من الخطب النافعة، من إذاعة القرآن، يستمع إلى القرآن الكريم، ويستمع إلى الندوات والمواعظ المفيدة حتى يستفيد من ذلك، وحتى يرق قلبه ويقوى إيمانه، وفق الله الجميع للعمل الصالح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 س: في الحياة الدنيا يختلف الناس في مراتب الإيمان بالله، فمنهم من إيمانه قوي، ومنهم من إيمانه متوسط، ومنهم من إيمانه ضعيف، هل يتساوى هؤلاء الناس في نعيم الجنة في الآخرة؟ (1) ج: لا يتساوون، كما أنهم لم يتساووا في الدنيا في إيمانهم وأعمالهم، فهكذا في الجنة، وهكذا أهل النار لا يتساوون، أهل النار على حسب أعمالهم، وأهل الجنة على حسب أعمالهم. س: هل هذا الحديث صحيح: من قرأ آية الكرسي عقب كل صلاة، ليس بينه وبين الجنة إلا أن يموت؟ وما معنى هذا الحديث؟ (2) ج: جاء في هذا عدة أحاديث، مجموعها حسن، يستحب بعد الصلاة، بعد التسبيح والتهليل قراءة آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (3) ويرجى له بذلك دخول الجنة إذا استقام، إذا استقام على دينه، وحافظ على دينه، يرجى له دخول الجنة؛ «لقول النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 182. (2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 403. (3) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن، ما لم تؤت الكبائر (1)»، وفي اللفظ الآخر: «إذا اجتنب الكبائر (2)» فإذا حافظ على ما أوجب الله عليه، وترك ما حرم الله عليه، وقرأ آية الكرسي، كل هذا من أسباب دخول الجنة، إذا قرأها بعد كل صلاة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم 233. (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم 233. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 112 - وجوب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه س: إنني مؤمن بالله وأصدق بما جاء في الكتاب العزيز، ولكن الذي يثير الشك عندي هو إحياء الميت في القبر، سؤال هل هي نفس حياته الأولى، وكم حاسة ترجع إليه، وإلى متى تبقى حياته في القبر، وإذا كان الميت تسأل جثته، فما مصير الذين يحرقون مثل الهنود والبوذيين وغيرهم، وأين يتم سؤالهم؟ إن الطبيب يا سماحة الشيخ، عندما يجري العملية يبعد حواس الإنسان عنه بمخدر، أما هذا الموت فإنني لا زلت أتساءل، وأبدي لكم أني غير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 ساخر، لكنني في حيرة، وأرجو الإيضاح عبر هذا البرنامج المفيد، جزاكم الله خيرا (1). ج: أولا ينبغي أن يعلم أن الواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة التصديق بما أخبر الله به في كتابه، أو على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، في جميع الأمور، فيما يتعلق بالآخرة والحساب والجزاء، والجنة والنار، وفيما يتعلق بالموت، والقبر وعذابه ونعيمه، وعلى المؤمن أن يصدق بما أخبر الله به ورسوله، وما جاء بالقرآن العظيم، وما صحت به السنة، فعلينا الإيمان والتسليم والتصديق، لأننا نعلم أن ربنا هو الصادق في قوله، قال سبحانه: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} (2) {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} (3) ونعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أصدق الناس وأنه كما قال الله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (4) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (5) فما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة وجب التصديق به، وإن لم نعرف كنهه، وإن لم نعرف حقيقته، نصدق بما أخبر به من أمر الآخرة، أمر الجنة، أمر النار، عذاب أهل النار، نعيم أهل الجنة، كون العبد في قبره يعذب أو ينعم، ترد إليه روحه ويسأل كل هذا حق، جاءت به النصوص والأحاديث   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 78. (2) سورة النساء الآية 122 (3) سورة النساء الآية 87 (4) سورة النجم الآية 3 (5) سورة النجم الآية 4 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 الصحيحة، فعلى العبد أن يسلم ويصدق، بكل ما علمه من القرآن العظيم، أو بما صحت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمع عليه علماء الإسلام، ثم إذا من الله على المؤمن والمؤمنة بالعلم، والحكم، والأسرار، فهذا خير إلى خير، ونور إلى نور، وعلم إلى علم، فليحمد الله وليشكره على ما أعطاه من البصيرة في الحكم والأسرار التي من الله عليه بها، حتى زاد علمه وحتى زادت طمأنينته، أما ما يتعلق عن حال القبر، وعن حال الميت فإن السؤال حق، فإن الميت ترد إليه روحه إذا مات، فقد صحت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ترد إليه روحه فيسأل في قبره، على كيفية الله أعلم بها، حياة غير حياته الدنيوية، حياة خاصة برزخية ليست من جنس حياته في الدنيا، التي يحتاج فيها إلى الطعام والشراب، ونحو ذلك، لا، بل حياة خاصة يعقل معها السؤال والجواب، ثم ترجع روحه بعد ذلك إلى عليين، إن كان من أهل الإيمان إلى الجنة، وإن كان من أهل النار إلى النار، لكنها تعاد إليه وقت السؤال والجواب، فيسأله الملكان: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فالمؤمن يقول: ربي الله، والإسلام ديني، ومحمد نبيي، هكذا المؤمن والمؤمنة، ويقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ يعني محمدا، يقول: هو رسول الله جاء بالهدى فآمنا به، وصدقناه، واتبعناه، فيقال له: نم صالحا قد علمنا إن كنت لمؤمنا، ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها، ويقال له: هذا مكانك من الجنة، حتى يبعثك الله إليه، ويفتح له باب إلى النار، فيرى مقعده من النار، والله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 على كل شيء قدير، هذه أمور عظيمة غيبية، فيرى مقعده فيقال له: هذا مكانك لو كفرت بالله، أما الآن فقد عافاك الله منه، وصرت إلى الجنة، وهكذا يقال للكافر، إذا سئل قال الكافر: هاه هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فيضرب بمرزبة - يعني: مطرقة - من حديد، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء، إلا الثقلين الإنس والجن، تسمعها البهائم، ويقال له: قد علمنا أنك غير مؤمن، وعلى هذا عشت، وعليه مت، فيفتح له باب إلى النار، ويضيق عليه قبره، حتى تختلف عليه أضلاعه، ويكون قبره عليه حفرة من حفر النار، نعوذ بالله، ويفتح باب إلى النار فيأتيه من سمومها وعذابها، ويقال: هكذا مكانك حتى يبعثك الله إليه، ويفتح له باب إلى الجنة، فيرى مقعده من الجنة، لو هداه الله، ولكن الله صرفه عنه لما كفر بالله، وربك أحكم وأعلم سبحانه وتعالى، فالقبر إما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار، والعذاب والنعيم للروح والجسد جميعا في القبر للروح والجسد، وهكذا في الآخرة في الجنة بالروح والجسد، في النار بالروح والجسد، أما من مات بالغرق ومن مات بالحرق ومن مات بأكل السباع، فإن الروح يأتيها نصيبها من العذاب والنعيم، والتي جسدها في البحر أو بالحرق، أو في بطون السباع يأتيه نصيبه من ذلك، على الوجه الذي يعلمه الله سبحانه وتعالى، لكن المعظم والمهم على الروح، التي تبقى، فهي إما منعمة وإما معذبة، فإذا أكلته السباع ذهبت روحه إلى مكانها من خير وشر، وهكذا من أحرقته النار، أو سقط في البحار، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 وأكلته حيتان البحر، أو غير ذلك، الأرواح تذهب إلى مكانها، المؤمن تذهب روحه إلى الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن روح المؤمن طائر معلق في شجر الجنة، يأكل من ثمارها (1)» والكافر تذهب روحه إلى النار، وإلى ما شاء الله من عذاب الله، وإن ذهب جسده بالحرق أو بالسباع، أو بغير ذلك، فينبغي لك أيها السائل، أيها المؤمن، أيتها المؤمنة، أن تطمئن قلوبكم إلى ما قال الله ورسوله، وأن كون الإنسان يحرق، أو تأكله السباع، أو يذهب في البحار، أو غير ذلك، كل هذا لا يمنع من العذاب والنعيم، فالنعيم والعذاب يصل إليه، كما يشاء الله سبحانه وتعالى، ومعظمه في القبر على الروح نعيما أو شرا، وينال الجسد نصيبه من ذلك، وعند بعثه ونشوره يجمع الله له ما وعده به، من خير وشر لروحه وجسده، فالروح والجسد يوم القيامة، منعمان أو معذبان جميعا، إما في النار وهم الكفار، وإما في الجنة وهم أهل الإيمان، أما العصاة فلهم نصيبهم بين هؤلاء وهؤلاء، إن عفا الله عنهم لحقوا بأهل الإيمان، وصاروا إلى الجنة والكرامة، وسلموا من عذاب القبر، وعذاب النار، وإن لم يعف عنهم بسبب معاصيهم، من الزنى، أو شرب الخمر، أو عقوق الوالدين، أو قطيعة الرحم، أو أكل الربا، أو غير هذا، إذا لم يعف عنهم نالهم نصيبهم من عذاب القبر، على قدرهم لكنهم   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب أرواح الشهداء في الجنة بلفظ: " أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش "، برقم 1887. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 دون الكفار، أقل من الكفار، ويوم القيامة يدخلهم الله النار، ويعذبون على قدر معاصيهم، إذا لم يعف عنهم، فإذا طهروا في النار وخلصوا من خبث معاصيهم، أخرجهم الله من النار إلى الجنة، بفضل رحمته سبحانه وتعالى، وقد يخرجون بشفاعة الشفعاء، كشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وشفاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين والأفراط، ويبقى في النار من العصاة من شاء الله، فيدخلهم الله برحمته بغير شفاعة أحد، بل لمجرد فضله ورحمته جل وعلا؛ لأنهم ماتوا على التوحيد، فيخرجهم الله من النار بعدما يجازون، إذا لم يعف عنهم قبل ذلك، ولا يبقى في النار إلا الكفرة مخلدين فيها أبد الآباد، يبقى الكفار مخلدين في النار أبد الآباد، أما العصاة الذين ماتوا على المعاصي لم يتوبوا فهم تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى، إن شاء عفا عنهم بأعمالهم الطيبة وتوحيدهم، وإن شاء عاقبهم وعذبهم في القبر وفي النار على قدر معاصيهم، ولكنهم لا يخلدون خلودا دائما أبدا، لا، بل يقيمون في النار إذا دخلوها مددا متفاوتة، على حسب أعمالهم السيئة، فإذا انتهت عقوبتهم أخرجهم الله من النار إلى الجنة، هذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، خلافا للخوارج والمعتزلة، فإن الخوارج والمعتزلة يقولون: العصاة إذا دخلوا النار لا يخرجون أبدا، كالكفار، وهذا قول باطل، والذي عليه أهل السنة والجماعة، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان، أن العصاة إذا لم يعف عنهم ودخلوا النار لا يخلدون، بل يعذبون عذابا متفاوتا على قدر معاصيهم، مددا يشاؤها الله سبحانه وتعالى ويعلمها، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 فإذا انتهت المدة التي قدرها الله لهم أخرجوا من النار وصاروا إلى نهر يقال له: نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في مجرى السيل، فإذا تم خلقهم أذن لهم بدخول الجنة، فضلا منه سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية والعلم النافع. وكل ما عرض للإنسان من شكوك وأوهام، يعرضها على الكتاب والسنة، حتى تزيل ذلك، فما في الكتاب والسنة من المعين الصافي، هو الذي يزيل الشكوك والأوهام، ويجعل المؤمن في راحة وطمأنينة، مرتاحا لما قاله الله ورسوله، وإن كان لا يفهم ذلك، أو لم يعرف الحكمة في ذلك، فالله أحكم وأعلم: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (1) لا يعذب إلا لحكمة، ولا ينعم إلا لحكمة، ولا يعطي إلا لحكمة، ولا يمنع إلا لحكمة، هو الحكيم العليم في كل شيء سبحانه وتعالى. وكل هذه الأشياء التي حدثت في الوقت الحاضر، فيها عبرة، فبعض الناس كانوا يتساءلون، ويقولون: كيف ينادي أصحاب الجنة أصحاب النار، وأصحاب الجنة في أعلى عليين، وأصحاب النار في أسفل سافلين، بينهم التباعد العظيم، فأراهم الله هذه العجائب، هذا المذياع الذي من أقصى الدنيا، إلى أقصى الدنيا، يسمعون منه الأخبار ويريهم الله منه العبرة، وهذا الهاتف التليفون يتخاطبون به، من بعد إلى بعد، هذه آية وعبرة تدلهم على صحة ما أخبر به الرسل، من كون أهل   (1) سورة الأنعام الآية 83 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 الجنة ينادون أهل النار، ويسمعون عواءهم وشرهم، إذا أرادوا ذلك، كل هذا من آيات الله، وكذلك رؤيته في التلفاز وغيره، فأهل الجنة يرون أهل النار: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} (1) مع البعد العظيم، الله أقدره أن يرى أهل النار، هذه من آيات الله، كما أنه يرى الإنسان، يتكلم من محل بعيد، تنقله الأقمار الصناعية في مكان آخر، هذه آيات من آيات الله: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (2) وهو على كل شيء قدير سبحانه وتعالى، وبكل شيء عليم سبحانه وتعالى، يري عباده العبر ويوضح لهم الآيات، لعلهم يعقلون، ولعلهم يفهمون، لإقامة الحجة، وهذه الأشياء تقرب وتعين على فهم الكتاب والسنة فيما أشكل من هذه الأمور.   (1) سورة الصافات الآية 55 (2) سورة فصلت الآية 53 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 113 - بيان أن العالم الأخروي عالم مادي إلا أنه لا ندرك كنهه في الدنيا س: من المعروف أن معنى المادة، هو كل شيء يشغل حيزا من الفراغ، وله كتلة، وتوجد بثلاث حالات: وهي الحالة الصلبة، والحالة السائلة، والحالة الغازية، ومن المعروف أيضا وعلى ما أعتقد، أن هناك صورتين للوجود فقط، وهي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 الصورة المادية والصورة الروحانية، أي الروح، وهذا العالم، عالم الدنيا الذي نعيش فيه، هو عالم مادي ملموس؛ لأن كل شيء فيه يرى ويلمس، أو تتحسس به كالهواء مثلا، والسؤال هو: هل عالم الآخرة عالم مادي أم عالم روحاني أم غير ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: العالم الأخروي عالم مادي، لكننا لم نصل إليه الآن، وإنما نصل إليه بعد البعث والنشور، ولكنا علمناه بالأدلة القاطعة، التي لا ريب فيها ولا شك فيها، بطريق الرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن طريق الفطرة التي فطر الله عليها الناس، ومن طريق ما جاءت به الرسل من الكتب، وأعظمها وأرفعها شأنا القرآن الكريم، فقد تواترت الأدلة النقلية والعقلية، التي فطر الله عليها العباد: على الإيمان بالآخرة والجنة والنار، وأنها حق وأنها كائنة، وأن أهل الجنة ينعمون بنعم محسوسة، يأكلون ويشربون ويتمتعون بالزوجات، من الحور العين وغيرهن، ويتمتعون بما هناك من أنواع النعيم، كما أن أهل النار يتألمون بما أعد الله لهم من العذاب، ويذوقون مسه وشره وبلاءه، كل هذا أمر معلوم مقطوع به، بالأدلة القطعية التي لا ريب فيها ولا شك، ومن كذبها فهو كافر، حلال الدم والمال مأواه النار وبئس المصير، نعوذ بالله من ذلك.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 132. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 114 - بيان أن كل مخلوق له أجل محدود لا يعلمه إلا الله س: هل الأجل مكتوب عند مرحلة معينة للإنسان؟ (1) ج: الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الآجال، وقتها جل وعلا، وليس له حد محدود بالنسبة للمخلوق، ولكنه له حد عند الله، كل واحد له أجل محدود، متى وصل إليه انتهى، لكن المخلوق لا يعرف هذا، هو ليس له حد محدود بالنسبة للإنسان، قد يبلغ المائة، وقد يكون أقل، وقد يكون أكثر، فهذا الشيء إلى الله جل وعلا، البشر لهم آجال ضربها سبحانه وتعالى إلى أجل مسمى، ثم إذا جاء الأجل انتهى، {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} (2) {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (3) المقصود أن الآجال لها حدود، عند الله عز وجل، والمخلوق لا يعرفه.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 277. (2) سورة المنافقون الآية 11 (3) سورة الأعراف الآية 34 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 س: عندما يقترب الأجل هل يشعر الإنسان أم يفاجأ به عندما يحضره الموت؟ (1) ج: الإنسان لا يعلم الغيب، ولا يشعر بالأجل، لكن قد يعرف الأمارات إذا رأى المرض الشديد، أو الجرح الشديد، قد يحس بأن هذا في الغالب سوف يقضي عليه، يحصل بعده الموت، وإلا فالعلم عند الله عز وجل، لكن الإنسان على حسب حال المرض، قد يظن الموت من أمراض ظاهرة خطيرة، وقد يظن الموت من شيء ولا يحصل الموت، يبلغه الله العافية، سبحانه وتعالى، فالأمر بيده جل وعلا، هو الذي عنده علم الغيب سبحانه وتعالى، لكن الأمراض تختلف، والجروح تختلف، فقد يكون المرض خطيرا والجرح خطيرا، ويظن أن يموت به الإنسان، وقد يبطل الظن ولا يموت الإنسان بذلك.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 277. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 115 - بيان أن روح المؤمن ترفع إلى الجنة س: الأخ: ع. م. من مدينة الطائف، يسأل ويقول: عند موت المسلم تنتزع الروح، فأين تذهب؟ (1) ج: روح المؤمن ترفع إلى الجنة، ثم ترفع إلى الله سبحانه   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 254. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 وتعالى، ثم ترد إلى جسدها للسؤال، ثم بعد ذلك جاء الحديث أنها تكون في الجنة طائرا يعلو فوق شجر الجنة، روح المؤمن، ويردها الله إلى جسدها إذا شاء سبحانه وتعالى، أما روح الكافر فتغلق عنها أبواب السماء، وتطرح طرحا إلى الأرض، وترجع إلى جسدها للسؤال، وتعذب في قبرها مع الجسد، نسأل الله العافية. أما روح المؤمن فإنها تنعم في الجنة، وترجع إلى جسدها إذا شاء الله، وترجع إليه في أول ما يوضع في القبر، حتى يسأل، كما جاءت في ذلك الأحاديث الصحيحة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمؤمن إذا خرجت روحه يخرج منها كأطيب ريح، يحسها الملائكة، ويقولون: ما هذه الروح الطيبة؟ ثم تفتح لها أبواب السماء، حتى تصل إلى الله، فيقول الله لها: ردوها إلى عبدي: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (1) فتعاد روحه إلى جسده ليسأل، ثم جاءت الأحاديث بأن هذه الروح تكون في الجنة بشبه طائر، في صورة طائر، تعلو في أسفل الجنة، وأرواح الشهداء في أجواف الطيور الخضر، أما أرواح المؤمنين فهي نفسها تكون طائرا، كما روى ذلك أحمد وغيره بإسناد صحيح عن كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) سورة طه الآية 55 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 116 - بيان المقصود بالبرزخ س: يقول السائل: قرأت وسمعت عن البرزخ، عرفوه لنا جزاكم الله خيرا (1). ج: البرزخ هو ما بين وضع الإنسان في قبره إلى قيام الساعة هذا هو البرزخ، فالذين وضعوا في قبورهم في عهد آدم وبعده هم في البرزخ إلى الآن إلى يوم القيامة، وهكذا من بعدهم، وهكذا في يومنا من مات الآن صار إلى البرزخ، ويستمر في ذلك إلى أن تقوم الساعة، فالبرزخ ما بين موتك وما بين قيام الساعة، وهكذا ما بين موت الناس، إذا قامت القيامة ومات الناس، هم في برزخ حتى يبعثوا، فإذا بعثوا انتهوا من البرزخ، وتوجهوا للحساب. س: يقول السائل: هل هناك تعارف بين الذين في البرزخ من أهل النعيم وأهل الجحيم؟ (2) ج: لا أعلم أن هناك تعارفا بينهم في البرزخ، ولا يحضرني شيء في هذا المعنى.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 236. (2) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 245. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 س: يقول هذا السائل: القبر أول منازل الآخرة، وفيه يكون السؤال لابن آدم عن ربه ودينه، والرجل الذي بعث إليهم، وبعد السؤال يقال للعبد إن كان من أهل الجنة: انظر إلى مقعدك في النار، أبدلك الله به مقعدا في الجنة، وإن كان من أهل النار يقال له عكس ذلك، وعليه يكون العبد قد علم هل هو من أهل الجنة أم من أهل النار، لكن سماحة الشيخ: الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، التي تتناول يوم القيامة، بما فيها من بعث، واستلام للصحائف، والحساب، والميزان، والصراط كلها تبين بأن ابن آدم لا يعلم هذا المكان، من الجنة أو من النار، إلا بعد المرور على الصراط، نرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا ذلك مأجورين (1). ج: لا منافاة في هذا كله، المؤمن يرى مقعده من الجنة، حتى يستبشر بذلك، ويجيئه من طيبها وريحها، ويرى مقعده من النار التي عافاه الله منها، حتى يسر بذلك، وهذا للمؤمن في قبره، وفي الآخرة يرى حسابه، ويعطى كتابه بيمينه، إن صار إلى منزله في الجنة، والحمد لله، لا منافاة يبشر به في القبر، ويوم القيامة يرشده الله إلى منزله في الجنة، بعد انتهاء الحساب، وبعد تجاوز الصراط، الله يرشده حتى   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 401. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 يصل إلى منزله في الجنة، هو أدل عليه من منزله في الدنيا، وهذا من رحمة الله وتيسيره جل وعلا، ولا منافاة هو يعلم بمنزله في الجنة بإخبار الملائكة له، وهكذا ما وقاه الله من النار، ولكن بعد الصراط، وبعد الحساب والجزاء، يرشده الله إلى منزله في الجنة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 117 - بيان أن عذاب القبر حق س: يقول: يوجد أناس لا يصدقون بعذاب القبر، وذلك لأنه لم يذكر في القرآن الكريم، فوجهونا جزاكم الله خيرا (1). ج: عذاب القبر حق، فقد تواترت به النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه المسلمون، ودل عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} (2) هذا معناه في البرزخ {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (3)، وقوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} (4) هذا في البرزخ، نسأل الله العافية. فالمقصود أن من أنكر عذاب القبر يستتاب، وإن تاب وإلا قتل كافرا، نسأل الله العافية.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 355. (2) سورة غافر الآية 46 (3) سورة غافر الآية 46 (4) سورة غافر الآية 46 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 س: نلاحظ في رسالة أخينا السائل أنه يكثر من قوله: إنه لم يرد في القرآن شيء عما يسأل عنه. . هل من تعليق عن هذا؟ جزاكم الله خيرا. ج: نعم، هذا قول طائفة من الناس ترى أنه لا يحتج بالسنة، وإنما يحتج بالقرآن فقط، وأن السنة فيها الضعيف وفيها الصحيح، وأنها عندهم ملتبسة فلا يحتج بها، وهذا معناه عصيان قوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (1) ومعناه أطيعوا الله فقط، ولا تطيعوا الرسول، السنة هي أمر الرسول ونهيه عليه الصلاة والسلام، والله يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (2) ويقول جل وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (3) «ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إني أوتيت القرآن ومثله معه (4)» فهذه الطائفة التي ترى أن السنة لا يحتج بها جميعها طائفة كافرة وضالة. فالواجب على من يعرفهم أن يهجرهم، وأن يعرفهم أنهم على باطل، وأنهم كفار بهذا العمل بإنكارهم السنة، يكفرون ويخرجون من دائرة الإسلام، بل يجب على كل مسلم أن يقبل السنة، وأن يعمل بما   (1) سورة المائدة الآية 92 (2) سورة النور الآية 63 (3) سورة الحشر الآية 7 (4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث المقدام بن معدي كرب، برقم 16722. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 صح منها، وأن يحذر إنكارها، فإنكارها بالكلية، وألا يحتج إلا بالقرآن، فهذا من أبطل الباطل، وأعظم الكفر نسأل الله العافية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 118 - بيان أن الإنسان يمتحن في قبره س: عندما يموت الإنسان وعند دفنه هل يعذب مدى موته حتى يوم القيامة، وذلك إذا كان مسيئا فعلا وقولا وعملا، أم لفترة حسب الأعمال، أو حسب أعماله؟ نرجو منكم التوجيه، جزاكم الله خيرا (1). ج: الحمد لله، أما بعد: فقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن العبد إذا وضع في قبره أتاه الملكان يسألانه، عن ربه ودينه ونبيه، فإن ثبته الله وأجاب الجواب الصحيح فتح له باب إلى الجنة، يأتيه من نعيمها وطيبها، ويفتح له باب إلى النار، يقال: هذا مقعدك لو كفرت بالله، قد أبدلك الله به هذا المقعد من الجنة، يراهما جميعا، والكافر بعكس ذلك، يفتح له باب إلى النار يأتيه من عذابها وشرها وسمومها، وباب إلى الجنة يقال له: هذا مقعدك لو هداك الله، ولكنك كفرت بالله فحرمت هذا المقعد، فظاهر السنة والكتاب أن المهتدي ينعم والكافر يعذب، لكن كيف يعذب؟ كيف يستمر العذاب؟   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 358. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 هذا إلى الله سبحانه وتعالى، وهكذا كيفية النعيم إلى الله، ليس عند المؤمن إلا ما جاءت به الأحاديث، يؤمن بما جاءت به الأحاديث، أما كيفية النعيم واستمراره وكيفية العذاب واستمراره هذا إلى الله سبحانه، يقول الله في حال فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (1) دلت الآية على أنهم يعرضون غدوا وعشيا ليس دائما، فالمقصود أن التعذيب والنعيم هذا يرجع إلى الله في التفصيل والكيفية إليه سبحانه وتعالى، لكن نعلم أن المؤمن منعم في قبره، والكافر معذب في قبره، وكيف النعيم وكيف العذاب هذا إلى الله سبحانه وتعالى، ليس عندنا إلا ما جاء به النص أنه يفتح باب إلى الجنة للمؤمن يأتيه من نعيمها وطيبها، والكافر يفتح له باب إلى النار، نسأل الله العافية. وفي الصحيحين من حديث ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على قبرين قال: إنهما ليعذبان، ثم قال:، وما يعذبان في كبير، ثم قال:، بلى، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول - يعني لا يتنزه من البول - وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة (2)» وأخبر أنهما يعذبان في هذين الأمرين، أما كيفية العذاب فلم يبين لنا، أما العاصي فهو ذو الشائبتين ليس في السنة وكتاب الله ما يوضح فيما   (1) سورة غافر الآية 46 (2) أخرجه البخاري كتاب الوضوء، باب من الكبائر ألا يستتر من بوله، برقم 216، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، برقم 703. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 نعلم كيفية نعيمه ولا كيفية عذابه، هو على خطر، الذي يموت على معاص لم يتب منها؛ كالزنى أو الخمر أو العقوق هو على خطر من العذاب، لكن لا يعلم كيفية ذلك إلا الله سبحانه وتعالى، لكن ليس من جنس الكافر، وليس من جنس المؤمن السليم، بل هو بينهما، وفي الآخرة كذلك، قد يعذب وقد يعفو الله عنه ويدخل الجنة، قد يدخل النار لكن لا يخلد فيها، يعذب بقدر معاصيه، ثم يخرجه الله من النار إلى الجنة، فحاله بين حالين هو الظالم لنفسه، لكن مصيره إلى الجنة، منتهاه إلى الجنة والسلامة. س: هل الذي ينعم في قبره يستمر نعيمه إلى دخول الجنة، أم أنه من الممكن أن يعذب يوم القيامة؟ (1) ج: قد ثبتت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الدالة على أن الميت يمتحن في قبره، فيسأل عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، فإن نجح وأجاب جوابا صحيحا فتح فتح له باب إلى الجنة، يأتيه من نعيمها وريحها وطيبها، وصار قبره روضة عليه من رياض الجنة، ويستمر هذا النعيم إلى أن يبعث يوم القيامة، ثم من قبره إلى الجنة، أما إذا لم ينجح في الاختبار، كالذي يقول: هاه، هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلت، فهذا يعذب في قبره والعياذ بالله، ثم بعد ذلك فهو تحت   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 414. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 مشيئة الله، إن كان من أهل المعاصي فتحت مشيئة الله، وإن كان من أهل الكفر بالله نقل إلى النار، نسأل الله العافية، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1).   (1) سورة النساء الآية 48 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 119 - بيان أن النعيم والعذاب على الروح والجسد جميعا س: السائل: م. ن، يقول في سؤاله: ما الفرق بين الروح والنفس؟ وأيهما تتعذب الروح أم النفس؟ أفيدونا مأجورين (1). ج: الروح هي النفس، والنفس هي الروح، والعذاب على النفس والجسد جميعا، لكن نصيب الروح أكثر من النعيم والعذاب، وإلا فالجسد يناله نصيبه من العذاب في القبر، وهكذا بعدما تعاد الروح إلى الجسد، يكون لهما الجميع العذاب ويكون لهما النعيم.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 403. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 س: يقول هذا السائل من اليمن: البعض من الناس قد يموتون بسبب تهدم عمارة عليهم، وبالتالي يصعب نقلهم ودفنهم في قبور المسلمين، فهل يعذب هؤلاء بعذاب القبر وهم في أماكنهم أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: كل ميت يمتحن في أي مكان في البر أو البحر، أو في هدم أو في غيره، يأتيه الملك فيمتحنه، فإن كان سعيدا حصل له النعيم ونقلت روحه إلى الجنة، وإن كان شقيا حصل له العذاب، وصارت روحه إلى النار، نسأل الله العافية، فالمؤمن على خير مهما كان في هدم، أو في بحر، أو في أي مكان، على خير عظيم، ويصل إليه النعيم في محله، وروحه تنقل إلى دار الكرامة في الجنة، كما جاء في الحديث الصحيح أن أرواح المؤمنين طائر يسيح في الجنة، وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش، والمؤمن يرى مقعده من الجنة ومقعده من النار، فيقال: هذا مقعدك من الجنة، ويأتيه من ريحها ونعيمها، وهذا مقعدك من النار، كفاك الله إياه، ومنعك منه، بسبب طاعتك وتوحيدك، والكافر ضد ذلك، فالمقصود أن الميت في أي مكان، في هدم أو في غيره، يناله ما وعده الله من خير وشر.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 379. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 س: بعد موت كل الخلائق ومنهم الملائكة، وبقاء المولى عز وجل، كيف حال بني آدم في هذه اللحظة؟ وهم هم ينعمون أم يعذبون؟ (1) ج: الله أعلم، هذا إلى الله جل وعلا، إذا قامت القيامة خرج الناس من قبورهم، ثم يصيرون إلى ما يستحقون، هذا يصير إلى النار، وهذا يصير إلى الجنة، كل منهم على حسب أعمالهم، أما حال خروجهم فهم في خوف شديد، ويوم عظيم، شديد الأهوال، لكن الله يسهله على المؤمن، وعسير على الكافرين، أما تفصيله فإلى الله سبحانه وتعالى، لكنه يوم عظيم يوم عسير، يوم شديد الأهوال، لكن الله يسهله على المؤمن، قال جل وعلا: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} (2) {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} (3) {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} (4) لكن المؤمن يسهل الله عليه كل شيء، بسبب إيمانه وتقواه.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 401. (2) سورة المدثر الآية 8 (3) سورة المدثر الآية 9 (4) سورة المدثر الآية 10 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 س: يسأل المستمع ويقول: تنقسم حياة الإنسان إلى ثلاثة: حياة الدنيا، وهي التي نعيشها، حياة الآخرة، وهي معروفة، وبين الحياة الدنيا وبين الآخرة حياة البرزخ، فما هي حياة البرزخ؟ وهل الإنسان يكون بجسده وروحه فيها؟ (1) ج: حياة البرزخ على حسب حياته في الدنيا، المؤمن ينعم في البرزخ، وروحه في الجنة، وجسده يناله بعض النعيم، والكافر روحه تعرض على النار، ويناله نصيبه من العذاب، وينال جسده نصيبه من العذاب، هذه حياة البرزخ. المؤمن في سعادة ونعيم، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أرواح المؤمنين في الجنة، تسرح في الجنة حيث شاءت، وأما الكفار فمثل ما أخبر الله عن آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (2) الكفار أرواحهم معذبة، وأجسادهم ينالها نصيبها من العذاب، حيث يبعث الله الجميع، ثم تصير أرواح المؤمنين إلى الجنة، وأرواح الكفار إلى النار، نسأل الله العافية، هؤلاء مخلدون في الجنة، وهؤلاء مخلدون في النار.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 404. (2) سورة غافر الآية 46 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 120 - بيان أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار س: هل هو الحساب فوري يدخل على الجنة أم على النار؟ أم يتأجل الحساب إلى يوم القيامة؟ أفيدونا هداكم الله (1). ج: جاء في النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على أن القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، وأن العبد إذا قبض يبشر عند قبضه بالجنة إن كان مؤمنا، ويبشر بالنار إن كان كافرا، فإذا دخل الكافر قبره، وسئل عما يجب، عذب في قبره، وهذا العذاب من عذاب الآخرة، كما أن المؤمن إذا دخل قبره ينعم فيه ويفتح له باب من الجنة يأتيه من نعيمها وطيبها ويرى مقعده منها، ويرى مقعده من النار وأن الله كفاه من ذلك، عافاه من ذلك، والكافر كذلك يرى مقعده من الجنة، ويحال بينه وبينها بسبب كفره ويرى مقعده من النار، ويأتيه من سمومها وعذابها ونكالها، وقبره حفرة من حفر النار، يعذب فيه على قدر أعماله السيئة، وكفره بالله عز وجل، فالقبر مبدأ من مبادئ النعيم في حق المؤمن ومبدأ من مبادئ العذاب في حق الكافر، والعاصي على خطر، فالعاصي إذا مات على المعاصي فقد يعذب في قبره، وإن كان غير كافر، قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه اطلع على قبرين يعذبان وما يعذبان في كبير، فأما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 7. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 فكان لا يستتر من بوله (1)»، يعني أنه: لا يستنجي من البول، فأخبر أنهما عذبا بسبب هذه المعصية، وفي الحديث الآخر: «أكثر عذاب القبر من البول (2)»، وقوله: «استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه (3)» فدل ذلك على أن المعاصي قد يعذب أهلها في القبر بسببها، وبهذا تعلم أن القبر إما محل عذاب، وإما محل نعيم، ولكنه عذاب مقدم، ونموذج لعذاب النار، ونعيم القبر نموذج من نعيم الجنة فينبغي للمؤمن الحذر، والاستعداد للآخرة وأن يتأهب للقاء الله، وأن يحذر أسباب العذاب، وذلك بالاجتهاد في طاعة الله، والاستقامة على أمر الله، والبعد عن معاصي الله، والتواصي بالحق والصبر عليه، حتى تلقى ربك، وأنت على هذا الحال، تلقى ربك وأنت مجتهد في طاعة الله، مبتعد عن محارم الله، واقف عند حدود الله، تعين إخوانك على الخير، وتوجههم إلى الحق والصبر عليه، هكذا يكون المؤمن حتى   (1) أخرجه البخاري كتاب الوضوء، باب من الكبائر ألا يستتر من بوله، برقم 216، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، برقم 703. (2) أخرجه الدارقطني في كتاب الطهارة، باب نجاسة البول والأمر بالتنزه منه، برقم 464. (3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب ما جاء في غسل البول، برقم 218، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول، ووجوب الاستبراء منه، برقم 292. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 يلقى ربه عز وجل، صابرا مصابرا، يتباعد عن كل ما حرم الله، ويسارع إلى مراضي الله، حتى يلقى ربه عز وجل، وبهذا يكون في قبره في نعيم، وخير عظيم، وفي روضة مستمرة من رياض الجنة، حتى يلقى ربه عز وجل، فيحصل له ما هو أكبر وأعظم من نعيم الجنة، والعكس بالعكس، الكافر بخلاف ذلك، إذا مات صار في عذاب ونكال وما بعده شر منه نسأل الله العافية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 121 - لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله س: هل القيامة قامت من قبل أم لا؟ وإذا لم تكن قد قامت فمن هم الناس الذين رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون؟ (1) ج: القيامة حتى الآن لم تقم، سوف تقوم إذا أراد الله قيامها، وهذا إلى علم الغيب، هذا من علم الله سبحانه وتعالى، هو الذي يعلم متى تقوم، لكنها سوف تقوم وسوف يبعث الناس من قبورهم، وسوف يجازون بأعمالهم، وسوف يصيرون إلى الجنة أو إلى النار، أهل الإيمان إلى الجنة وأهل الكفر إلى النار، ولها شرائط تقع قبلها، منها طلوع الشمس من مغربها، ومنها خروج الدجال، وهو شخص يدعو إلى أنه نبي، ثم يدعو إلى أنه رب العالمين، كافر خبيث، وكذلك هناك   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 101. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 أمور أخرى كنزول المسيح ابن مريم، من السماء وطلوع الشمس من مغربها كما تقدم، وهدم الكعبة، ونزع القرآن من الصدور، ومن المصاحف، كل هذه تقع قبل يوم القيامة، أما الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا ليلة أسري به، عرض عليه بعض الشيء، عرضت عليه الجنة والنار، رأى بعض من يعذب في النار، ورأى الجنة وما فيها من النعيم، عرض عليه أشياء من أمور الغيب، اطلع عليها بإذن الله عز وجل، سبحانه وتعالى وأشياء أطلعه عليها جبرائيل، جاءه الوحي وأطلعه عليها عليه الصلاة والسلام، هذه أمور اطلع عليها من جهة الله عز وجل، بعضها ليلة المعراج، حين عرج به إلى السماء، وبعضها في أوقات أخرى بواسطة الوحي، وما يأتي به جبرائيل إليه عليه الصلاة والسلام. س: من هم الناس الذين رآهم الرسول صلى الله عليه وسلم يعذبون في النار؟ (1) ج: هذا شيء كثير منوع لا يحصر، فقد رأى من يعذب في النار. . . رأى امرأة عذبت في النار في هرة، حبستها لم تطعمها ولم تسقها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت جوعا، رآها تعذب في النار لما عرضت عليه النار، ورأى شخصا يعذب في النار كان يسرق الناس بمحجنه، المحجن مثل: المشعاب، يمر عند الحجاج السائرين، فإذا غفلوا استغفلهم وأخذ شيئا من متاعهم بهذا   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 101. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 المشعاب، وإذا انتبهوا له قال: تعلق بمحجني ما أردته ولا قصدته، فرآه يعذب بمحجنه في النار، ورأى ناسا يعذبون من الزناة والزواني، ورأى ناسا يعذبون لهم أظفار من نحاس، يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فسأل عنهم فقيل له: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم، يعني أهل الغيبة، ورأى أشياء غير ذلك، أشياء كثيرة عليه الصلاة والسلام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 122 - معنى النفخ في الصور س: النفخ في الصور، ما هو الصور؟ وهل هو قرن، أم ماذا؟ (1) ج: نعم، قرن عظيم، ينفخ فيه إسرافيل النفخة الأولى للموت والفزع، والنفخة الثانية للبعث والنشور. هذه النفختان جاء بهما القرآن الكريم. إحداهما يقال لها: نفخة الصعق، ويقال لها: نفخة الفزع، وبها يموت الناس، والثانية نفخة البعث. وقال جماعة من العلماء: إنها ثلاث: نفخة الفزع، وقد يفزع الناس فقط، ثم تأتي بعدها نفخة الموت، ثم نفخة البعث والنشور. وقد جاءت هذه الثلاث في حديث الصور، ولكن حديث الصور ضعيف والمحفوظ نفختان فقط، كما دل عليهما كتاب الله العظيم، سورة النمل، وفي سورة الزمر نفختان، نفخة   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 240. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 الموت، ويقال لها: نفخة الفزع أو الصعق، والثانية: نفخة البعث والنشور. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 123 - بيان عدد النفخات في الصور س: هل النفخات في الصور ثلاث أم اثنتان؟ (1) ج: الصواب أنها اثنتان، هذا هو المحفوظ كما جاء في القرآن الكريم وفي الأحاديث الصحيحة، نفخة الفزع وهي نفخة الصعق والموت، والثانية: نفخة البعث. فالأولى يقال لها: نفخة الفزع، ويقال لها: نفخة الصعق، ويقال لها: نفخة الموت، تسمى بأسماء، وهي المذكورة في قوله جل وعلا: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} (2) وهي المذكورة في قوله جل وعلا: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} (3) وقال آخرون: إنها ثلاث: نفخة الفزع يفزع الناس ولا يموتون، ثم نفخة الصعق والموت، ثم نفخة البعث. وجاء هذا في حديث الصور من حديث إسماعيل بن رافع الأنصاري ولكنه ضعيف، والصواب أنها نفختان: نفخة الفزع يمدها إسرافيل، يمدها طويلا. فأول ما يسمعها   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 183. (2) سورة المؤمنون الآية 101 (3) سورة النمل الآية 87 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 الناس، كل منهم يصغي ليتا ويرفع ليتا، يعني يصغي عنقه هكذا وهكذا يستمع، ثم لا يزال إسرافيل يمدها حتى ترتفع، وحتى يصعق الناس فيموتون. س: السائل: أ. إ، من الرياض، يقول: كيف يقوم الناس من قبورهم يوم القيامة؟ (1) ج: أخبر الله عنهم بما بين سبحانه وتعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} (2) فهم يخرجون من الأجداث إذا سمعوا الصيحة، وهي نفخة البعث، النفخة الثانية يخرجهم الله من قبورهم ومن كل مكان، ويجمعهم جل وعلا يوم القيامة، والله أعلم بكيفية ذلك سبحانه وتعالى. المقصود أنهم يخرجون حفاة، عراة، غرلا، كما جاءت به الأحاديث، حفاة لا نعال عليهم، عراة لا لباس عليهم، غرلا غير مختونين، حتى يقضى بينهم، وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم، كما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 404. (2) سورة المعارج الآية 43 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 124 - أقسام الناس يوم القيامة س: يوم القيامة هناك فئة من الناس يعذبون في النار، ولكنهم لا يخلدون، ما مصير هؤلاء الناس في القبور؟ (1) ج: الناس بالنسبة إلى القيامة ثلاثة أقسام: قسم مؤمنون أتقياء، فإلى الجنة، وقبورهم روضة من رياض الجنة، يفتح لهم باب إلى الجنة يأتيهم من نعيمها وروحها وطيبها، كما جاءت به الأخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والقسم الثاني: كفار قد استحقوا عذاب الله وغضبه، والسجن في دار الهوان وهي النار، فهؤلاء قبورهم عليهم عذاب، وهي حفر من حفر النار نسأل الله العافية، عذاب معجل، والقسم الثالث: أهل المعاصي ليسوا كفارا وليسوا بمسلمين كمل أتقياء، بل لهم ذنوب ولهم معاص، فهؤلاء أمرهم بين الأمرين، فقد يعذبون في قبورهم، وقد ينجون، وهكذا يوم القيامة، قد يعفو الله عنهم، فيدخلهم الجنة لإسلامهم، وتوحيدهم وما معهم من الإيمان بفضله سبحانه، أو بواسطة الشفعاء من ملائكة وأنبياء وأفراط ونحو ذلك، وقد يعذبون في النار على قدر جرائمهم، ثم بعدما يطهرون من خبثهم في النار، ينتقلون إلى الجنة، هذه حال أهل المعاصي عند أهل السنة والجماعة، أما الخوارج والمعتزلة فلهم رأي آخر، الخوارج يرون العصاة كفارا، ويرونهم مخلدين في النار، نعوذ بالله وهكذا   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 97. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 المعتزلة ومن سار في طريقهم، يرون من مات على الكبائر، يرونه مخلدا في النار ولا يخرج منها، ويحتجون بما ورد في الآيات والأحاديث، من الوعيد بقوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (1) مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن على الله عهدا لمن مات وهو يشرب الخمر، أن يسقيه من طينة الخبال"، قيل: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: "عصارة أهل النار"، أو قال: "عرق أهل النار (2)»، وأحاديث لعن الخمر وشاربها، كذلك حديث: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن (3)» الحديث. فيحتجون بهذه وأمثالها على كفر العاصي، على رأي الخوارج، وعلى خلودهم في النار، على رأي الخوارج وأتباعهم كالمعتزلة، أما أهل السنة والجماعة فيرون: أن العاصي ليس بكافر خلافا للخوارج، وليس بمخلد في النار، خلافا لهم وللمعتزلة، ولكنه   (1) سورة النساء الآية 93 (2) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام، برقم 2002. (3) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب لا يشرب الخمر، برقم 6772، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله، برقم 57. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 معرض للخطر، وعلى خطر من وعيد الله، قد يعذب في النار، ويعذب في قبره، وقد ينجو بسبب أعماله الصالحة، أما إذا تاب قبل أن يموت، فإنه يلحق بالقسم الأول، بالمتقين ويكون من أهل الجنة، من أول وهلة إذا تاب توبة صادقة قبل أن يموت، لكن لو مات ولم يتب، فهذا هو محل الخطر، فهو تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى، إن شاء ربنا جل وعلا عفا عنه لإسلامه وتوحيده، وإيمانه وإن شاء ربنا عاقبه في النار، على قدر الجرائم التي مات عليها، ثم بعدما يطهر ويمحص في النار، يخرج منها إلى نهر الحياة، كما في الأحاديث الصحيحة، أنه يخرجون من النار، وقد امتحشوا قد احترقوا، فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم وكمل خلقهم، نقلوا إلى الجنة، هذه حال القسم الثالث، وهم العصاة من أهل المعاصي، وهم في الدنيا كذلك في قبورهم، كذلك قد يعذبون وقد لا يعذبون، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى شخصين يعذبان في قبريهما فقال: «وما يعذبان في كبير" – ثم قال-: "بلى أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول" وفي لفظ آخر: "لا يستتر من البول"، يعني: لا يتنزه منه ولا يتحفظ، "وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة (1)». هذا يدل على أن بعض العصاة قد يعذبون بمعاصيهم، كالنميمة وعدم التنزه من   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، برقم 292. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 البول، ومثل عقوق الوالدين، مثل أكل الربا وما أشبه ذلك، وقد يعفو الله عنهم، بأعمال صالحة أتوا بها، ولتوحيدهم وإسلامهم، فهو سبحانه وتعالى الجواد الكريم جل وعلا، وفي هذا المعنى يقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1) فأخبر سبحانه أن الشرك لا يغفر لمن مات عليه، وأما من مات على ما دون الشرك من المعاصي، فهو تحت مشيئة الله، إن شاء سبحانه غفر له، بما معه من التوحيد والإسلام، والأعمال الصالحات، ومن شاء عذبه على ما معه من المعاصي من زنا، أو سرقة أو عقوق لوالديه أو أحدهما، أو قطيعة رحم أو أكل الربا، أو شهادة الزور أو قذف للمحصنة أو المحصن بغير حق، أو ما أشبه ذلك من المعاصي، هو فيها تحت مشيئة الله، إن شاء مولانا سبحانه غفر له، بأعمال صالحة قدمها، أو بشفاعة الشفعاء أو بدعاء المؤمنين له، أو بغير هذا وإن شاء مولانا سبحانه، عذبه في النار على قدر المعاصي التي مات عليها، وبعدما يطهر في النار، ويمحص يخرج من النار، ولا يخلد فيها خلود الكفار، لا يخلد العاصي، قد يطول مكثه في النار عند كثرة أعماله السيئة، ويسمى خلودا، كما قال الله في حق القاتل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (2) كونه خالدا فيها، يعني خلودا   (1) سورة النساء الآية 48 (2) سورة النساء الآية 93 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 غير خلود الكفار، خلود له نهاية، وهكذا قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (1) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (2) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (3) قوله: {وَيَخْلُدْ} (4) هذا خلود يليق بحال الشخص، فإن كان مشركا فهو خلود دائم، نعوذ بالله، لا يخرج منها أبدا، كما قال سبحانه: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (5) وقال في الكفرة: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (6) هذه حالهم نعوذ بالله، أما إن كان عاصيا كالزاني والقاتل، فهذا خلوده دون الإقامة، وله نهاية ينتهي إليها، إذا كان لم يستحل المعصية، بل فعلها وهو يعلم أنه عاص يعلم أنه مخطئ، ولكن فعلها لشيء من الهوى، والغرض العاجل فهو يعلم أنه مخطئ، وأنه عاص ولكن أقدم على المعصية، فهذا لا يخلد خلود الكفار، ولكنه يخلد خلودا يليق بجريمته، وله نهاية ثم يخرجه الله من النار، برحمته سبحانه وتعالى.   (1) سورة الفرقان الآية 68 (2) سورة الفرقان الآية 69 (3) سورة الفرقان الآية 70 (4) سورة الفرقان الآية 69 (5) سورة البقرة الآية 167 (6) سورة المائدة الآية 37 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334 125 - بيان أن أهل الجنة مخلدون وأهل النار مخلدون س: يقول المستمع في سؤاله: هل يوجد كتاب لابن تيمية رحمه الله، يقول فيه بأن الجنة والنار لا خلود فيهما؟ (1) ج: ابن تيمية وغيره من السلف، كلهم يقولون: إن أهل الكفر مخلدون في النار، وأهل الجنة مخلدون في الجنة، هذا بإجماع أهل السنة والجماعة، أن أهل الجنة مخلدون أبد الآباد، ولا موت فيها ولا فناء، بل هي دائمة وأهلها دائمون، وذهب بعض السلف إلى أن النار لها نهاية، وأنها بعد مضي الأحقاب، {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} (2) لها نهاية تفنى، ولكنه قول ضعيف ساقط، مردود، والذي عليه جمهور أهل السنة والجماعة أن النار باقية ومستمرة ولا تفنى أبدا، وأهلها كذلك أهلها من الكفرة، معذبون فيها دائما، نسأل الله العافية، كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم، في سورة البقرة: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (3) وقال عز وجل: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (4) وقال تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} (5) إلى أن قال: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} (6)   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 395. (2) سورة النبأ الآية 23 (3) سورة البقرة الآية 167 (4) سورة المائدة الآية 37 (5) سورة النبأ الآية 23 (6) سورة النبأ الآية 30 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 يعني أحقابا كل ما مضى أحقاب، جاء بعده أحقاب، قال تعالى: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} (1) فهي مستمرة نسأل الله العافية، وأهلها كذلك يقيمون فيها أبدا وهم الكفار، أما العصاة فلهم أمد، عصاة الموحدين لهم أمد، إذا دخلوها يخرجون منها بعدما يطهرون، العصاة منهم من يعفى عنه ولا يدخلها، ومنهم من يدخلها وإذا طهر أخرجه الله منها، وصار إلى الجنة، ولا يبقى في النار ويخلد فيها، أبد الآباد إلا الكفار الذين ماتوا على الكفر بالله نسأل الله العافية.   (1) سورة الإسراء الآية 97 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 126 - بيان أن الحسنات توزن والسيئات كذلك س: هل يحاسب الإنسان على سيئاته إذا كانت حسناته أكثر؟ (1) ج: أخبر الله جل وعلا في كتابه العظيم، بقوله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} (2) {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} (3) {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} (4) {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} (5) فهو توزن حسناته وسيئاته، كل إنسان يوازن بين حسناته وسيئاته، ومتى رجحت الحسنات أفلح ونجا، وقد يعفو الله سبحانه وتعالى عن العبد، ويدخله الجنة من دون أن يحاسبه على سيئاته، إما لتوبة فعلها، وإما لحسنات عظيمة، أتى بها قبل موته، وإما لأسباب أخرى، اقتضت رحمة الله عز وجل وفضله،   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 185. (2) سورة القارعة الآية 6 (3) سورة القارعة الآية 7 (4) سورة القارعة الآية 8 (5) سورة القارعة الآية 9 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 سبحانه وتعالى بإدخاله الجنة وعدم محاسبته على السيئات، لكن الأصل الموازنة، كما أخبر الله به في كتابه العظيم فالحسنات توزن، والسيئات توزن، فمن رجحت حسناته نجا ومن رجحت سيئاته هلك، إلا من رحم الله لكن قد يعفو سبحانه وتعالى عن العبد ويتجاوز عن سيئاته، فضلا منه وإحسانا، إما للتوبة لأنه وعد التائبين بالمغفرة، قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1) وإما بحسنات عظيمة، صارت سببا لمغفرة ذنوبه، وإما بأسباب أخرى، اقتضت حكمة الله أن تكون سببا للمغفرة. س: هل يحاسب الشهيد الذي لم يستشهد في ساعة المعركة، والشهداء أقسام كما نعلم؟ وهل يشفع في سبعين فردا؟ وهل يعفى عنه في كل شيء إلا عن الدين؟ (2) ج: جاء في الحديث الصحيح: «أن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين (3)»، فالشهيد الذي يقتل في سبيل الله صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر يغفر له كل شيء، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام   (1) سورة طه الآية 82 (2) السؤال التاسع من الشريط رقم 185. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين، برقم 1885. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 «إلا الدين، قال: " إن جبرائيل أخبرني بذلك (1)»، وأن صاحب الدين لا يضيع حقه، بل يرضيه الله عن حقه، ويعطيه حقه يوم القيامة، ولا يضيع عليه شيء، والشهيد يغفر له كل شيء، لكن الدين الذي عليه يقضيه الله عنه، سبحانه وتعالى لا يضيع على صاحبه، وما دام مات بسبب الجراحات التي أصيب بها في سبيل الله، صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر، سواء مات في المعركة أو تأخر موته، أياما وليالي لكنه مات، بسبب الجراحات التي أصابته فهو شهيد. والشهداء أقسام لكن أفضلهم شهيد المعركة في سبيل الله عز وجل، ومنهم المطعون، الموت بالطاعون، والمبطون الذي يموت بالإسهال في البطن، وصاحب الهدم الذي يموت بالهدم، يسقط عليه جدار أو سقف، وفي حكمه من يموت بدهس السيارات، وانقلاب السيارات، وصدام السيارات، هذا من جنس الهدم. وكذلك الغرق كل هذه أنواع من الشهادة، لكن أفضلهم شهيد المعركة وهو الذي لا يغسل، ولا يصلى عليه، أما البقية فيغسلون ويصلى عليهم، وإن كانوا شهداء. أما الشفاعة فقد جاء الحديث الصحيح في شهيد المعركة إذا كان صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر، هذا جاء في شهيد المعركة، أما غيره فالله أعلم، له فضل ولهم خير، ولكن كونهم يشفعون في كذا،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين، برقم 1885. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 وكونهم يغفر لهم كل شيء، هذا محل نظر، يحتاج إلى دليل خاص، لكن لهم فضل الشهادة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 127 - مقدار وقوف الخلق في المحشر س: كم يدوم وقوف الخلق في المحشر، قبل أن يقضي بينهم؟ (1) ج: على كل حال الموقف عظيم، ومدته كما أخبر الله جل وعلا، أن مقدار ذلك اليوم خمسون ألف سنة، فهو يوم طويل عظيم، أما المقدار للوقوف قبل انصرافهم فالله أعلم به، لكنه طويل، موقف طويل عظيم، أما مقداره وضبطه فالله أعلم به سبحانه وتعالى.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 9. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 128 - تجمع الأرواح بين الركن والمقام لا أصل له س: هل من دليل شرعي على تجمع أرواح المؤمنين، في منتصف كل ليلة جمعة عند الركن والمقام، وتجمع أرواح أهل النار في نفس الوقت في بئر بأرض العراق كما قرأت في إحدى الصحف؟ (1) ج: لا أعلم أصلا لما ذكره السائل، من تجمع الأرواح بين الركن   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 159. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 والمقام، في أي ليلة وفي أي يوم، كل ذلك لا أصل له، كله من الخرافات الباطلة، وهكذا تجمع أرواح الكفار في بئر في العراق، أو في غير العراق أو عدن أو في غير ذلك، كل ذلك لا أصل له، فلا ينبغي أن يعول عليها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 129 - بعض الحكم في ابتلاء الأطفال س: كثيرا ما يتحدث الناس عن الأطفال، وعن أمراضهم وعن عاهاتهم، وأيضا عن مصيرهم في الآخرة ماذا يقول سماحتكم؟ حتى يصحح عقيدة بعض الذين يخطئون ويقولون: إن الأطفال لا ذنب لهم، فكيف يمرضون؟ وكيف يصابون بالعاهات؟ وما هو مصيرهم في الآخرة؟ (1) ج: إن الله عز وجل أخبر عن نفسه أنه حكيم عليم، وأنه جل وعلا يبتلي عباده بالسراء والضراء، والشر والخير، يختبر صبرهم ويختبر شكرهم، والأطفال وإن كانوا لا ذنب عليهم، فالله يبتليهم بما يشاء، لحكمة بالغة منها اختبار صبر آبائهم، وأمهاتهم وأقاربهم، واختبار شكرهم، وليعلم الناس أنه جل وعلا حكيم عليم، يتصرف في عباده كيف يشاء، وأنه لا أحد يمنعه من تنفيذ ما يشاء، سبحانه وتعالى   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 58. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 في الصغير والكبير، والحيوان والإنسان، فما يصيبهم من أمراض وعاهات لله فيه حكمة بالغة، والتي منها يعلم الناس قدرته على كل شيء، وأنه يبتلي بالسراء والضراء، حتى يعرف من رزق أولادا سالمين فضل نعمة الله عليه، وحتى يصبر من ابتلي بأولاد أصيبوا بأمراض، فيصبر ويحتسب فيكون له الأجر العظيم، والفضل الكبير على صبره واحتسابه وإيمانه بقضاء الله وقدره، وحكمته، وأما مصيره في الآخرة فهم تبع أهليهم، فأولاد المسلمين في الجنة مع أهليهم أجمع على هذا أهل السنة والجماعة، حكى الإمام أحمد وغيره إجماع أهل السنة والجماعة على أن أولاد المسلمين في الجنة، أما أولاد الكفار فقد سئل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: «يا رسول الله ما ترى في أولاد المشركين قال: الله أعلم بما كانوا عاملين (1)»، قال أهل العلم: معناه أنهم يمتحنون يوم القيامة، حتى يظهر علم الله فيهم يوم القيامة، وهم من جنس أهل الفترات، الذين لم تأتهم الرسل، ولم تبلغهم الرسل وأشباههم، ممن لم يصل إليهم رسول، فإنهم يمتحنون ويختبرون يوم القيامة بأوامر توجه إليهم، فإن أجابوا صاروا إلى الجنة، وإن عصوا صاروا إلى النار، وقد ثبت هذا في أحاديث صحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فعند هذا يظهر علم الله فيهم، فيكونون على حسب ما ظهر من علم الله فيهم، إن أطاعوا صاروا إلى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، برقم 1384. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 الجنة، وإن عصوا صاروا إلى النار، هذا هو المعتقد فيهم، وهذا هو القول الصواب فيهم، وقال جماعة من أهل العلم: إنهم يكونون في الجنة، لأنهم لا ذنب عليهم فيكونون في الجنة كأولاد المسلمين، ولكنه قول مرجوح، والصواب أنهم يمتحنون ويختبرون يوم القيامة، لأن الله قال سبحانه: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (1) وهو لا يعذب إلا بمعصية من المعذب، أو كفر من المعذب، والأطفال ليس منهم معصية ولا كفر، فلهذا يمتحنون يوم القيامة، كما يمتحن الذين لم تبلغهم دعوة الرسل، فيمتحنون يوم القيامة، بما يظهر أمر الله فيهم، من طاعة أو معصية والله ولي التوفيق. س: في إحدى خطب الجمعة، قال الخطيب: إن بعض الناس عند الحساب يوم القيامة يؤتى بصحيفته وفيها جميع الأعمال الصالحة، من الصلاة والزكاة والصدقة، والنوافل والأذكار وغيرها، وفي أخرى يقال له: إن جميع أعمالك ردت عليك، ولم يقبل الله شيئا منها، ما هي أسباب عدم قبول الأعمال؟ وما هي أسباب عدم الإجابة في الدعاء، أو موانع الإجابة؟ جزاكم الله خيرا (2). ج: هذا التعبير من هذا الخطيب فيه نظر، لأن الله سبحانه بين أن   (1) سورة الإسراء الآية 15 (2) السؤال الثامن من الشريط رقم 270. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 المؤمن يعطى كتابه بيمينه، فيه حسناته وفيه بيان نجاته وسعادته، ورجحان ميزانه، وأما الكافر فيعطى كتابه بشماله، وفيه بيان سيئاته وأسباب هلاكه، وخفة ميزانه فمن أعطي كتابه بيمينه، فهو سعيد، وأما من أعطي كتابه بشماله فهو شقي، لا يعطى كتابه بيمينه إلا موحد ومستقيم، ولا يعطى كتابه بشماله إلا من هو مشرك حابط الأعمال، والذي يحبط الأعمال هو الشرك، والردة عن الإسلام، قد يكون له أعمال صالحة من صلاة وصوم، وغير ذلك ثم أشرك وارتد عن الإسلام، فتبطل أعماله كلها، كما قال الله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) لكن من حبط عمله لا يعطى كتابه بيمينه، بل يعطى كتابه بشماله، وفيه بيان بطلان أعماله، التي أفسدها بالشرك والكفر، بالله عز وجل، فالحاصل أن الإنسان قد تكون له أعمال صالحات، ثم أفسدها بالشرك والردة فحبطت، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3) {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (4) وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} (5) {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} (6) {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} (7) {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} (8) {فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا} (9) {وَيَصْلَى سَعِيرًا} (10) فالمقصود أن العبد المؤمن يعطى كتابه   (1) سورة الأنعام الآية 88 (2) سورة الأنعام الآية 88 (3) سورة الزمر الآية 65 (4) سورة الزمر الآية 66 (5) سورة الانشقاق الآية 7 (6) سورة الانشقاق الآية 8 (7) سورة الانشقاق الآية 9 (8) سورة الانشقاق الآية 10 (9) سورة الانشقاق الآية 11 (10) سورة الانشقاق الآية 12 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 بيمينه، والمشرك والكافر يعطى كتابه بشماله، أو من وراء ظهره، فالسعيد يعطى كتابه باليمين، والشقي يعطى كتابه بالشمال، أو من وراء الظهر، والذي تحبط أعماله بشركه وكفره لا يعطى كتابه بيمينه، وإنما يعطى كتابه بشماله، ويبين له أن أعماله حبطت بسبب شركه وكفره، نسأل الله العافية، ولهذا أعطي كتابه بشماله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 130 - بيان أن الإنسان يعاد بعد موته كما كان في الدنيا س: هل يخلق الله الإنسان بعد موته، مثلما كان في الدنيا أم يخلق الروح فقط؟ (1) ج: يعاد خلقه كما كان في الدنيا لحما، يعاد جسما تاما وروحا، يعني يعاد: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} (2) تعاد الروح والجسد جميعا: فالجسد الذي أطاع الله ينعم مع الروح، والجسد الذي عصى الله يعذب مع الروح: كلاهما يعاد الجسد والروح للنعيم والعذاب جميعا. لكن في البرزخ الروح عليها الثقل، ثقل العذاب ولها النعيم العظيم أكثر، لأن الجسد يذهب ولا يبقى منه إلا عجم الذنب، كما في الحديث الصحيح يفنى ويأكله الدود، وإن   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 271. (2) سورة الأنبياء الآية 104 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 كان أجسام الأنبياء تبقى عليهم الصلاة والسلام، لكن ينال الجسد نصيبه من العذاب والنعيم كما يشاء الله سبحانه وتعالى في البرزخ قبل البعث والنشور، لكن معظم النعيم للروح في الجنة روح المؤمن، والعذاب كذلك في البرزخ معظمه للروح، لأن الجسد يفنى ولا يبقى منه إلا الشيء اليسير وهو عجم الذنب، لكن يناله نصيبه من العذاب عند أهل السنة والجماعة، لكن في الآخرة يجتمع العذاب على الجسد والروح والنعيم للجسد والروح جميعا، يوم القيامة النعيم للمؤمن في الجنة لجسده وروحه، والكافر له العذاب في النار لجسده وروحه جميعا. أما في البرزخ فينعم الجسد ويعذب، ولكن معظم النعيم والعذاب للروح، لأن الجسد يعتريه ما يعتريه من الفناء والذهاب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 131 - صفة الجنة ونعيمها س: السائل يقول: حدثونا عن نعيم الجنة، وعن الطرق الموصلة إليها، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم (1). ج: إن الله جل وعلا بين في كتابه الكريم، صفة الجنة وصفة نعيمها، وصفة أهلها، كما بين سبحانه صفة النار وأغلالها، وأنواع شرها وصفات أهلها، فالواجب على كل مكلف أن يحذر صفات أهل النار، وأن يجتهد بالتخلق والاتصاف بصفات أهل الجنة كما يقول جل وعلا: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (2) {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} (3) {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (4) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (5) {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (6) ويقول سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (7) {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} (8) {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (9) {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} (10) ويقول سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} (11) {فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (12)، وقال جل وعلا: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} (13) في آيات كثيرة، فالواجب على المؤمن أن يهتم بهذا الأمر، وأن يعنى بصفات أهل   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 389. (2) سورة الذاريات الآية 15 (3) سورة الذاريات الآية 16 (4) سورة الذاريات الآية 17 (5) سورة الذاريات الآية 18 (6) سورة الذاريات الآية 19 (7) سورة الحجر الآية 45 (8) سورة الحجر الآية 46 (9) سورة الحجر الآية 47 (10) سورة الحجر الآية 48 (11) سورة الطور الآية 17 (12) سورة الطور الآية 18 (13) سورة القلم الآية 34 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 الجنة، وأهم شيء أداء الواجبات، وترك المحارم فيعتني بأداء فرائض الله، وترك محارم الله، والوقوف عند حدود الله، هذا هو الطريق الذي جعله الله موصلا للجنة، بفضله ورحمته سبحانه وتعالى ولنحذر كل الحذر من صفات أهل النار، الذين بين الله حالهم، في كتابه العظيم، فقال: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} (1) {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} (2) {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} (3) {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} (4) {لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} (5) هذه حالهم نسأل الله العافية، بينت لهم الحقيقة، ودعوا إلى أسباب السعادة، وبلغتهم الرسل، وأنزل الله عليهم الكتب، ولكنهم تابعوا الهوى والشيطان فندموا غاية الندامة، قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} (6) {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (7) {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} (8)، هذه حال هؤلاء، وحال هؤلاء، فجدير بالمؤمن وجدير بالمؤمنة العناية بأخلاق المؤمنين، والاتصاف بصفاتهم العظيمة، من توحيد الله والإخلاص له،   (1) سورة الزخرف الآية 74 (2) سورة الزخرف الآية 75 (3) سورة الزخرف الآية 76 (4) سورة الزخرف الآية 77 (5) سورة الزخرف الآية 78 (6) سورة الزمر الآية 71 (7) سورة الزمر الآية 72 (8) سورة الزمر الآية 73 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 والمحافظة على الصلاة، وأداء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، الاجتهاد في كل خير، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والإكثار من ذكر الله، الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، إلى غير هذا من وجوه الخير، ثم الحذر من جميع ما نهى الله عنه، وأعظمه الشرك، أعظم ما نهى الله عنه الشرك الأكبر، قال جل وعلا: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (1) وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (2) وقال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3) {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (4) وقال في صفات أوليائه المؤمنين، صفات عباد الرحمن: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (5) هذه صفات عباد الرحمن، هذه من صفاتهم العظيمة، فينبغي للمؤمن أن يتصف بصفات أولياء الله، وليحذر من صفات أعداء الله أينما كان، وعباد الرحمن، هم المتقون هم أولياء الله، هم المحسنون هم الذين أطاعوا الله ورسوله، واستقاموا على دينه: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (6) ويقول سبحانه في صفات عباده المتقين:   (1) سورة المائدة الآية 72 (2) سورة النساء الآية 48 (3) سورة الزمر الآية 65 (4) سورة الزمر الآية 66 (5) سورة الفرقان الآية 63 (6) سورة الفرقان الآية 63 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} (1) {فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (2) {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (3) {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (4) {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (5) {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} (6) {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} (7) {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} (8) {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} (9) {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} (10) {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} (11) {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} (12) فأنت يا عبد الله الآن في دار المهلة في دار العمل، وهكذا أنت يا أمة الله في دار المهلة في دار العمل، فالواجب على كل منكما تقوى الله سبحانه وتعالى، وذلك بتوحيده والإخلاص له في جميع الأعمال: الصلاة، الصوم، الصدقة، الاستغفار، الذكر، الإنسان هكذا يتوجه بقلبه إلى الله، ويخلص عمله لله، إن تصدق، لله، إن صلى، لله، إن صام، فلله، إلى غير ذلك، كله لله؛ كما قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (13) ويقول سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (14) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (15) ويقول جل وعلا في كتابه الكريم: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (16) ومن أهم المهمات أيضا الحذر من جميع المعاصي، من الزنا، السرقة، الغش للمسلمين،   (1) سورة الطور الآية 17 (2) سورة الطور الآية 18 (3) سورة الطور الآية 19 (4) سورة الطور الآية 20 (5) سورة الطور الآية 21 (6) سورة الطور الآية 22 (7) سورة الطور الآية 23 (8) سورة الطور الآية 24 (9) سورة الطور الآية 25 (10) سورة الطور الآية 26 (11) سورة الطور الآية 27 (12) سورة الطور الآية 28 (13) سورة البينة الآية 5 (14) سورة الزمر الآية 2 (15) سورة الزمر الآية 3 (16) سورة غافر الآية 14 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 الكذب، الربا، عقوق الوالدين، أو أحدهما، قطيعة الرحم، الغيبة، النميمة، إلى غير هذا مما حرم الله، فالإنسان يحاسب نفسه في أداء فرائض الله، والإكثار من طاعة الله، ويحاسب نفسه في الحذر من محارم الله، ومعاصيه، يرجو ثوابه ويخشى عقابه، سبحانه وتعالى، نسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لكل ما يرضيه، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من أسباب غضبه وأسباب نقمته، إنه جل وعلا جواد كريم. س: ما هو نعيم أهل الجنة الذي يجدونه يوم القيامة سماحة الشيخ؟ (1) ج: نعيم أهل الجنة لهم ما يشتهون ويطلبون من كل أنواع النعيم، من اللحوم والفواكه وغير ذلك، وأنواع الثمار لهم ما يشتهون وما يطلبون، الله يجعلنا وإياكم من أهلها.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 403. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 132 - الكلام عن الحور العين س: الحور العين في الجنة من أي جنس هن؟ (1) ج: الحور العين نساء لا يعلم مقدار حسنهن وجمالهن إلا الذي   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 218. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 خلقهن، ولكنهن جميلات طيبات حسنات الأخلاق والسيرة، وإذا رآها المؤمن عرف حالها، إذا دخل الجنة رآهن وعرفهن، وعرف أخلاقهن وجمالهن، لكن الآن يعرفن بإخبار النبي عليه الصلاة والسلام، وما ذكر الله عنهن في القرآن وأنهن حور عين، والحوراء البيضاء الجميلة الحسنة العين، هذا من جمالها، وأما كمال الجمال يعرفه الإنسان إذا دخل الجنة، جعلنا الله وإياكم من أهلها، المقصود أنهن نساء خلقهن الله جل وعلا، لإكرام أهل الجنة ولنعيم أهل الجنة من الرجال، ولا يعلم المادة التي خلقن منها إلا الله الذي خلقهن سبحانه وتعالى، بخلاف نساء الدنيا خلقن من ماء مهين معروفات، ويكن في الجنة في غاية من الجمال، وتزوج النساء في الجنة على حسب ما تقتضيه أعمالهن الصالحة، فالله جل وعلا هو الكريم الجواد، وهو الذي يزوجهن في الجنة، سواء كان بأزواجهن في الدنيا أو بغير أزواجهن في الدنيا، أما أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فهن له في الآخرة، عليه الصلاة والسلام، وأما الناس فالله أعلم، جاء في هذا أحاديث فيها نظر، وأن المرأة إذا كان لها أزواج تخير وتختار أحسنهم خلقا، ولكن لا يعلم الحقيقة إلا الله سبحانه وتعالى، فقد تكون لزوجها وقد تكون لغير زوجها، ويعطى كل زوج من الحور العين ما شاء الله منهن، على حسب أعماله الصالحة وتقواه لله جل وعلا، ولكل واحد زوجتان من الحور العين، غير ما يعطى منهن زيادة على ذلك، كل واحد له زوجتان من الحور العين، هذا أمر معلوم، لكن الزيادة الله الذي يعلم مقدارها، يختلفون الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 بسم الله الرحمن الرحيم تنويه الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. فبحمد الله وتوفيقه قد صدر هذا الجزء الخامس من فتاوى نور على الدرب لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – وهو في كتاب الطهارة ، وقد يلاحظ القارئ أن هناك تشابها في بعض الفتاوى وهو تشابه في المعنى وفي مضمون الفتوى وليس تكرارا لفظيا، وقد تميز سماحة الشيخ – رحمه الله – في أجوبته بالتوسع تارة بذكر عدد من الأدلة من الكتاب والسنة أو بالاقتضاب والاختصار على المعنى المقصود أحيانا، ولو كان هناك تشابه في السؤالين، ولكن ربما أضاف سماحته بعض الفوائد التي يخلو منها السؤال الآخر، وكان رحمه الله يحرص على إجابة كل سائل بما يناسبه وبما يقتضيه المقام. لذا فمن باب الأمانة العلمية واستجابة لرغبته رحمه الله فقد أثبتت جميع الفتاوى كما وردت في الأشرطة والله تعالى أسأله أن يغفر لشيخنا مغفرة واسعة ويسكنه فسيح جناته، أمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 3 صفحة فارغة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 4 كتاب الطهارة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 5 باب المياه 1 - حكم استعمال الماء المتغير بالمخالط الطاهر س: ما هو حكم استعمال الماء المتغير لونا وطعما، بسبب إضافة مادة طبية لقتل الحشرات المسببة للأمراض؟ هل ذلك حينئذ يؤثر على الماء، أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد. فهذا الماء الذي تغير بالمخالط الطاهر لمصلحة الشارب لا حرج في ذلك، ولا يضر ما دام الماء باقيا باسمه ماء، فإنه يستعمل للشرب وغيره، ولا يضره هذا المخالط الذي غيره، كما لا يضره لو تغير بالعشب والأوراق التي تسقط فيه والتراب وما أشبه ذلك، أما إذا غيره تغييرا يخرجه عن اسمه حتى يسمى باسم آخر كالشاهي واللبن والحليب فهذا لا يسمى ماء، ولا يتوضأ به، ولا يزيل النجاسة، أما ما دام اسمه باقيا فإنه يعتبر ماء طيبا ولو خالطه شيء من الأدوية.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (352). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 س: عندنا في اليمن، في قريتنا بركة يتوضأ منها الناس، والماء الذي فيها قد تغير لونه وطعمه، هل الوضوء صحيح أم لا؟ نرجو منكم التوجيه (1) ج: إذا كانت البركة مصونة عن النجاسات، وإنما تغيرها لطول المكث فلا يضر ذلك، أما إن كان يقع فيها نجاسات، أو يستنجي الناس فيها عن الغائط والبول، ويكون ذلك يسقط فيها حتى تغير طعمها، أو ريحها، أو لونها بذلك فإنها تنجس، وقد أجمع العلماء على أن الماء إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة نجس، أما مجرد من يتوضأ منها من خارج لا فيها، أو يتمسح مسوحا فقط، يعني: يغسل وجهه ويديه من دون استنجاء هذا لا يضرها ولو تغير من طول المكث، كالمياه التي في البراري والصحاري، فإن الأحواض التي في البراري والصحارى قد تتغير بالتراب وبأوراق الشجر، وغير هذا مما تلقيه الريح، فلا يضر ذلك، بل يكون الماء طهورا سليما ولو تغير بهذه الأوراق أو بالتراب أو غير ذلك.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (12). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 8 2 - حكم الوضوء بماء تغيرت إحدى أوصافه الثلاثة بطاهر س: هل يجوز أن أتوضأ بماء قد تغيرت إحدى أوصافه الثلاثة بطاهر؟ مثلا: تغير بليمون أو بحليب أو بصابون أو ما شابه ذلك. جزاكم الله خيرا (1) ج: إن كان الشيء يسيرا ما غير الماء، فإن التغير اليسير بالشيء الطاهر كالصابون أو غيره لا يضر، أما إذا كان قد صار حليبا أو صار صابونا، أو صار نوعا آخر فإنه ما صار ماء، بل صار شيئا آخر كالمرق والشاهي، فلا يجوز استعماله للوضوء، لكن إذا كان خالطه شيء يسير لم يسلبه اسمه، فيه شيء يسير من صابون أو غيره فلا بأس، أما إذا تغير فصار بما خالطه صابونا، أو صار سدرا، أو صار شاهيا، أو حليبا، أو لبنا فلا يجوز استعماله في إزالة الحدث، ولا يحصل به رفع الحدث الأصغر والأكبر؛ لأن اسم الماء ذهب عنه.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (335). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 صفحة فارغة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 باب الآنية 3 - حكم استعمال جلد الميتة بعد الدباغ س: وجدنا في بعض كتب الفقه: أن جلد الميتة لا يجوز استعماله إلا إذا دبغ؟ أرجو الإجابة الصحيحة جزاكم الله خيرا (1) ج: قد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يدل على أن جلد الميتة يطهر بالدباغة، متى دبغ طهر، ثبت في صحيح مسلم رحمه الله، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا دبغ الإهاب فقد طهر (2)» قال أهل اللغة: الإهاب: جلد الميتة؛ جلد مأكول اللحم. فإذا أخذ الإنسان الجلد من الميتة، من البقرة، أو الشاة، أو البعير ودبغه طهر، ويستعمل في اليابسات والمائعات جميعا، هذا هو الصواب؛ لأنها وصفت   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (232). (2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ، برقم (366). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 بالطهارة، وفي لفظ آخر يقول عليه الصلاة والسلام: «أيما إهاب دبغ فقد طهر (1)» وفي الصحيح أيضا «أن ميمونة كان عندها شاة فماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلا أخذتم إهابها، فدبغتموه فانتفعتم به (2)» فالحاصل أنه يجوز الانتفاع بجلود الميتة، مما يؤكل لحمه بعد الدباغة في كل شيء: في الرطب واليابس، في اللبن والماء، وفي غير ذلك، هذا هو الصواب.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب اللباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت برقم (1728)، والنسائي في المجتبى كتاب الفرع والعتيرة باب جلود الميتة برقم (4241). (2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ، برقم (363). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 4 - حكم اقتناء جلود السباع للزينة س: هل جلد الثعلب حرام؟ وهل يجوز اقتناؤه للزينة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا، وشكرا. ويقول المقدم: وفي الحقيقة أننا همتنا كثيرا بهذا السؤال؛ لأن جلود السباع تباع الآن في الأسواق بكثرة (1) ج: فيها خلاف كثير بين أهل العلم، في جلود السباع وجلود   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (13). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 الثعلب والذئب والنمر فيها خلاف بين أهل العلم كثيرا. والذي ينبغي أن لا يقتنى، وأن لا يستعمل؛ لأنه جاءت أحاديث تدل على النهي عن جلود السباع، وعن افتراشها، وعن ركوبها، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الدباغ طهارة وزكاة، فدل ذلك على أن الدباغ إنما يكون لما يطهر بالزكاة، كمأكول اللحم من الإبل والبقر والغنم ونحو ذلك، فهذه جلودها طيبة، ولو كانت جلود ميتة إذا دبغت. أما السباع فهي النجسة ولو ذبحت، فلا يؤثر فيها الدباغ، فينبغي للمؤمن أن لا يستعمل جلود السباع، لا الثعلب ولا غيره، وهذا هو أرجح الأقوال لأهل العلم، وهو أحوطها للمؤمن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 5 - حكم استخدام الأواني المطلية بالذهب والفضة س: السائلة: أم نعيم، من دمشق، تقول: هل يجوز استخدام آنية النحاس المطلية بالذهب والفضة، وقد طليت بطبقة رقيقة بقصد حمايتها من التلف، أو الفساد الذي يطرأ على النحاس مثلا؟ وهل يجوز استخدام آنية الفضة للزينة فقط، كوضعها على الطاولات أو الحائط؟ (1) ج: ليس لأحد أن يستعمل أواني الذهب والفضة مطلقا؛ لا للاستعمال ولا للزينة، والمطلية كذلك، سواء بذهب أو فضة؛   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (386). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة (1)» يعني الكفار. وقال صلى الله عليه وسلم: «الذي يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم (2)» ووجودها على الطاولات أو في أي مكان وسيلة إلى استعمالها، فالواجب الحذر من ذلك، سواء كانت من ذهب محض، أو فضة محضة، أو كانت مطلية بذلك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب آنية الفضة برقم (5633)، ومسلم كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة برقم (2067). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب آنية الفضة برقم (5634)، ومسلم كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة برقم (2065). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 14 باب دخول الخلاء 6 - حكم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة س: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا (1)» الحديث، والسؤال هنا: أن بعض المراحيض والحمامات في البيوت والمنازل تجاه القبلة، فما الحكم؟ (2) ج: الأحاديث الصحيحة في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها حول قضاء الحاجة كثيرة، تدل على تحريم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة؛ البول أو الغائط، وهذا في الصحراء، وهو أمر واضح، وهو الحق؛ لأن الأحاديث صريحة في ذلك، فلا ينبغي ولا يجوز أبدا استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء بالبول أو الغائط، أما   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق برقم (394)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الاستطابة برقم (264). (2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (8). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 في البنيان فاختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: يجوز في البناء؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه في بيت حفصة قضى حاجته مستقبل الشام، مستدبر الكعبة (1)»، كما رواه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. قالوا: هذا يدل على أنه لا بأس في استقبالها واستدبارها في البناء، لأن الإنسان مستور بالأبنية، والأصل أنه يفعل ذلك للتشريع، ويتأسى به عليه الصلاة والسلام في أفعاله، فلما فعل ذلك دل على جوازه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام «قضى حاجته على لبنتين مستقبل الشام مستدبر الكعبة»، هذا يدل على جوازه في البناء، وقال آخرون: هذا خاص به صلى الله عليه وسلم؛ لأنه إنما فعله في البيت، ولم يشتهر، ولم يفعله في الصحراء، فيدل هذا على أنه خاص به، وأنه يجب على المسلمين عدم استقبالها وعدم استدبارها حتى في البناء؛ عملا بالأحاديث العامة في هذا التعميم، وعدم التخصيص، وهذا القول أظهر أنه ينبغي عدم الاستقبال، وعدم الاستدبار مطلقا في البناء والصحراء، لكن كونه محرما في البناء محل نظر؛ لأن الأصل عدم التخصيص بالنبي صلى الله عليه وسلم، لكنه يحتمل أن يكون هذا قبل النهي، ويحتمل أنه خاص به عليه الصلاة والسلام، فلهذا لا يكون التحريم فيه مثل التحريم في الصحراء، فالأولى بالمؤمن أن لا يستقبل في الصحراء، ولا في البناء، وأن لا يستدبر، لكن البناء أسهل وأيسر، ولا سيما عند عدم تيسر ذلك؛ لوجود المراحيض الكثيرة إلى القبلة، فحينئذ يكون الإنسان معذورا لأمرين؛ الأمر الأول: وجود المراحيض التي في القبلة   (1) صحيح مسلم الطهارة (266)، سنن الترمذي الطهارة (11)، مسند أحمد (2/ 12، 2/ 13). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 ويشق عليه الانحراف عنها، والأمر الثاني: ما عرفت من حديث ابن عمر في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم الشام، واستدبارها الكعبة في قضاء حاجته في بيت حفصة، هذا يدل على الجواز، والأصل عدم التخصيص له صلى الله عليه وسلم بذلك، فيكون فعلا جائزا، مع أن الأولى ترك ذلك في البناء، ويكون في الصحراء محرما؛ لعدم ما يخص ذلك، هذا هو الأقرب في هذه المسألة، والله جل وعلا أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 7 - حكم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة في البنيان س: هذا السائل الذي رمز لاسمه بـ: ع. ع. ج، من الرياض، يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ، هل وجود دورات مياه في المنزل على جهة القبلة مع وجود ساتر هل في ذلك شيء؟ (1) ج: الصواب أنه لا حرج في ذلك إذا كان في البيوت؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه قضى حاجته في بيت حفصة مستقبل الشام مستدبر الكعبة (2)»، لكن ترك جعلها على غير القبلة يكون أحسن؛ جعل المراحيض في غير القبلة يكون أحسن، أما في الصحراء فلا يجوز في الصحراء،   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (391). (2) صحيح البخاري الوضوء (145)، صحيح مسلم الطهارة (266)، سنن الترمذي الطهارة (11)، سنن النسائي الطهارة (23)، سنن أبي داود الطهارة (12)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (322)، موطأ مالك النداء للصلاة (455)، سنن الدارمي الطهارة (667). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 لا يجوز للمسافر أن يستقبل القبلة بغائط ولا بول، لكن يجعلها عن يمينه أو شماله، أما في البيوت والستر فلا بأس، لكن إذا تيسر أن تكون حتى في البيوت إلى غير القبلة يكون أفضل وأحسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 س: يقول هذا السائل في حديث جابر رضي الله عنه: بأنهم عند فتح بلاد الشام كانوا يجدون حمامات متجهة إلى القبلة، قال: فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله (1) فهل يجوز استقبال القبلة عند التخلي؟ (2) ج: هذا الحديث عن أبي أيوب الأنصاري، بعض أهل العلم يرى الانحراف عن القبلة ولو كانت في البناء، والصواب أنه لا بأس إذا كانت في البناء، النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه «أنه قضى حاجته في بيت حفصة مستقبل الشام، ومستدبر الكعبة (3)»، لكن يحرم في الصحراء أن يستقبل القبلة بغائط أو بول، أو يستدبرها، أما إذا كان في البيوت والبناء فلا حرج إن شاء الله، وإذا تيسر في البيوت أن تكون لغير القبلة فهذا أحسن، مثل ما قال أبو أيوب رضي الله عنه.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب استقبال القبلة، برقم (9) عن أبي أيوب. (2) السؤال الأربعون من الشريط رقم (430). (3) صحيح البخاري الوضوء (145)، صحيح مسلم الطهارة (266)، سنن الترمذي الطهارة (11)، سنن النسائي الطهارة (23)، سنن أبي داود الطهارة (12)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (322)، موطأ مالك النداء للصلاة (455)، سنن الدارمي الطهارة (667). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 باب الاستنجاء 8 - بيان معنى حديث: «استنزهوا من البول» س: يسأل السائل ويقول بأنه سمع بأن أغلب عذاب أمه محمد صلى الله عليه وسلم في قبرها من البول، فهل هذا الكلام صحيح سماحة الشيخ؟ (1) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «استنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه (2)» ويقول: صلى الله عليه وسلم: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما كان لا يستتر من البول (3)» يعني لا يتنزه من البول، فالواجب على المسلم والمسلمة الحذر من البول والتنزه منه، فإذا استنجى من البول يعتني، فإذا أصاب فخذه شيء أو ثوبه غسله، هذا هو الواجب على   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (413). (2) أخرجه الدارقطني في السنن (464/ 1 / 232). (3) أخرجه البخاري، في كتاب الوضوء، باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، برقم (216)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول، برقم (292). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 الرجل والمرأة عند البول؛ أن يتنزه من البول، ويحرص أن لا يصيب ثيابه ولا بدنه شيء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 9 - حكم الاستجمار مع وجود الماء س: هل يجزئ الاستجمار عن الاستنجاء وإن كان الإنسان قريبا من الماء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم، يجزئ الاستجمار، إذا استعمل اللبن، أو الخرق، أو المناديل، أو الحجر ثلاث مرات، أو أكثر حتى يزال الأذى، كفى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عنه (2)» فالمقصود أنه إذا استجمر بثلاثة، أو بأكثر حتى أزال الأذى وتنظف المحل فإنه يجزئ عنه، ويطهر المحل، فإن استعمل الماء مع ذلك كان أفضل وأكمل.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (324). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة برقم (40)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها، برقم (44). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 10 - حكم الاستنجاء عند كل وضوء س: نحن نجهل ما يجب أن نعرفه، فكيف عملية الاستنجاء؟ وفقكم الله. هل الإنسان لازم عليه أن يغسل ذكره كل مرة؟ نريد إحاطتنا وإحاطة المستمعين بذلك، جزاكم الله خير الجزاء (1) ج: الاستنجاء يجب إذا خرج منه البول أو الغائط وجاءت الصلاة، فإن المسلم يغسل ذكره إذا بال، يغسل ذكره من البول ويستنجي من الغائط، وهذا يكفيه في أي وقت كان، فإذا جاء وقت الصلاة يتوضأ وضوء الصلاة؛ يبدأ بالمضمضة والاستنشاق ويكفي، ولا حاجة للاستنجاء إذا كان قد غسل ذكره من البول وغسل دبره من الغائط، أو استجمر بالحجارة ثلاث مرات أو أكثر حتى أنقى المحل، كفى، فلا يلزمه أن يعيد ذلك إذا جاء وقت الظهر قد استنجى الضحى بالماء وغسل ذكره وغسل دبره، أو استجمر بحجارة الضحى وأنقى المحل ثلاث مرات فأكثر لا يعيده الظهر إذا كان لم يحصل منه غائط ولا بول إلا الأول الذي طهر منه، لا يعيده، بل يتمسح، يسميه بعض العامة التمسح، وهو الوضوء الشرعي، يعني يبدأ بغسل الكفين ثلاثا، ثم يتمضمض ويستنشق إلى آخره، ولا يعيد الاستنجاء ولو أنه ما نوى شيئا تلك الساعة، غسله الضحى مثلا لا يعيده، هكذا لو أتى الغائط   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (29). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 العصر بال وغسل ذكره من البول، واستنجى من الغائط وغسل دبره حتى أنقى المحل، ثم جاءت صلاة المغرب ولم يأته بول ولا غائط بعد ذلك فإنه يتوضأ وضوءه الشرعي، يعني يتمسح؛ يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، ولا يعيد الاستنجاء، وهكذا لو نام وحصل منه ريح، أو أكل لحم الإبل لا يستنجي، بل يكفيه أن يتمسح؛ يبدأ بالمضمضة والاستنشاق؛ لأن النوم وأكل لحم الإبل ومس الذكر ليس فيه استنجاء، الاستنجاء عن بول وغائط خاصة، أما هذه الأشياء خاصة التي تنقض الوضوء؛ مثل الريح، ومثل مس الفرج وأكل لحم الإبل هذا لا يوجب الاستنجاء، بل يتوضأ وضوءا شرعيا؛ يبدأ بالمضمضة والاستنشاق ولا يغسل دبره ولا ذكره إلا من بول أو غائط. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 11 - حكم الجمع بين الاستنجاء والاستجمار س: هل يغني الماء عن الحجر مع الغسيل الكامل، أم لا بد من الحجر؟ وإذا كان هناك ما نجهله في هذا الخصوص. نرجو الإفادة، ولكم منا الشكر الجزيل (1) ج: الماء عند جميع أهل العلم يكفي عن الحجر، النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه كان يستنجي بالماء، فدل ذلك على أنه يكفي، والحجر وحده   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (16). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 يكفي، إذا استجمر بالحجر، أو باللبن، أو بالمناديل الطيبة الطاهرة الخشنة حتى يزيل الأذى، ويتمسح بهذا ثلاث مرات أو أكثر فإنه يجزئ، كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا تمسح عن الأذى، عن الغائط والبول بالحجر، أو باللبن، أو بخرق نظيفة طاهرة ثلاث مرات، أو أكثر حتى أنقى المحل نقاء تاما يجزئه عن الماء، وإن جمع بينهما فاستنجى بالحجر أو باللبن، ثم استنجى بالماء مع ذلك كان أكمل وأطهر، وإذا كان الماء مجهولا فالأصل فيه الطهارة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الماء لطهور لا ينجسه شيء (1)» فالأصل الطهارة حتى تعلم أنه نجس.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء، برقم (66)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة، برقم (67)، والنسائي في المجتبى كتاب المياه، برقم (325). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 س: هل المناديل الورقية التي تستخدم للحمامات في دورة المياه تكفي للاستجمار أم لا؟ (1) ج: تكفي إذا تمسح بها ثلاثا أو أكثر حتى أنقى المحل يكفي.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (16). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 12 - حكم الجمع بين الاستنجاء والتيمم س: يقول السائل: بعض الناس إذا كان الماء قليلا يستنجي به، ثم يتيمم فهل يجوز له ذلك؟ (1) ج: نعم، يستنجي بالماء ثم يتيمم؛ لأن الاستنجاء ليس فيه تيمم، لا بد من إزالته، لكن لو تيسر أن يستجمر إذا تيسر له تراب أو لبن يستجمر، ويترك الماء للوضوء، يكون هذا أولى إذا كان يعرف الاستجمار، يستجمر ثلاث مرات فأكثر حتى ينقي المحل؛ من لبن، أو بالمناديل، أو بالتراب حتى ينقي محل الدبر والذكر بالتراب، أو بالمناديل الخشنة، أو باللبن ثلاث مرات فأكثر، ثم يترك الماء للوضوء؛ لغسل وجهه ويديه ومسح رأسه وغسل رجليه، يكون هذا أولى إذا تيسر ذلك.   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (432). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 13 - حكم التيمم للعاجز عن الوضوء بالماء س: هذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، والدتي مريضة، ولا تستطيع الذهاب إلى دورات المياه، وتقوم بالتيمم في كل الأوقات، ولكن عندما تجد نفسها نشيطة تتوضأ بالماء؛ لأنها معاقة، فما توجيهكم لها؟ (1) ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، عليها أن تتقي الله ما استطاعت، إن استطاعت أن تذهب إلى دورة المياه فلا بأس، وإلا تستجمر بالمناديل ثلاث مرات، أو أكثر حتى تنقي محل البول، والغائط وتتيمم، وإن استطاعت إن كان عندها أحد يوضئها توضأت بالماء، أو التيمم إن عجزت؛ بضرب التراب ضربة واحدة، ثم تمسح وجهها وكفيها.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (430). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 14 - حكم اشتراط الاستنجاء لكل وضوء س: هل يشترط الاستنجاء لكل وضوء؟ (1) ج: لا يشترط، إنما الاستنجاء لما قد يقع من بول أو غائط.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (72). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 15 - حكم الوضوء بعد كل حدث س: السائلة: ك. ع. س. تقول: هل يجب الوضوء بعد كل استنجاء من الحدث الأصغر؟ (1) ج: يجب الوضوء للصلاة، أو لمس المصحف، أو للطواف إذا كان في مكة، أما إذا أحدث حدثا أصغر، وليس في نيته صلاة فليس عليه وضوء، لو أحدث في الضحى ببول، أو ريح، أو غائط ما عليه وضوء، لكن إذا حضره الظهر يتوضأ، أو أحدث بعد الظهر ليس عليه وضوء، فإذا جاء وقت العصر توضأ للعصر، وهكذا الوضوء لموجباته: للصلاة، أو لمس المصحف، أو للطواف، أو إذا أراد النوم حتى ينام على طهارة، هذا هو المسنون، أما كونه يحدث الضحى ما يلزمه الوضوء، يستنجى من البول والغائط ويكفي، فإذا حضرت الصلاة توضأ.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (406). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 16 - الريح لا توجب الاستنجاء س: إذا خرج من الإنسان ريح هل يجب عليه أن يستنجي أم يتوضأ مباشرة؟ (1) ج: الريح لا توجب الاستنجاء، الريح فيها الوضوء، ويسمونه   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (413). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 التمسح، غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والأذنين، وغسل الرجلين، هذا التمسح وهو الوضوء المطلق، إذا كان ريح، أو مس الفرج باليد، أو نوم ليس فيه استنجاء، الاستنجاء يكون من البول أو الغائط، إذا كان خرج البول من الذكر أو الغائط من الدبر فهذا محل الاستنجاء، أما إذا انتقض وضوؤه بالريح، أو بالنوم المستغرق كل هذا ليس فيه استنجاء، وإنما يتمسح؛ يعني: يتوضأ الوضوء الشرعي بالتمضمض والاستنشاق وغسل الوجه وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح الرأس مع الأذنين، وغسل الرجلين مع الكعبين، هذا هو الوضوء، إذا أطلق الوضوء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 17 - حكم الدخول بالعملات المكتوب عليها لفظ الجلالة إلى الحمام س: يسأل عن العملة التي يوجد عليها بعض العبارات أو بعض الآيات القرآنية، فمثلا يقول: إن هناك عملة مكتوب عليها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد رسول الله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله. هل على من يدخل بها إلى دورات المياه إثم بذلك؟ وهل تتكرمون بكتابة رسالة حول هذا الموضوع – سماحة الشيخ – إذا كنتم ترون أن فيه شيئا محرما؟ (1) ج: ليس على من دخل محل قضاء الحاجة بهذه العملة، أو بالرسائل التي فيها شيء من ذكر الله ليس عليه حرج؛ لأن هذا يشق، وفيه تعب كثير، والتحرز من ذلك فيه صعوبة، فلا حرج في ذلك، لكن إذا تيسر أن يجعله في مكان خارج محل الحاجة، ولا يخشى من شيء، ولا يخشى نسيانه، ولا يخشى أن يسرق فهو أحسن، أما إن كان يخشى نسيانه، أو أنه يسرق فلا حرج عليه في ذلك، وقد جاء في حديث أنس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه (2)» وكان في خاتمه   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (67). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الختم يكون فيه ذكر الله، برقم (19)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ذكر الله عز وجل على الخلاء والخاتم في الخلاء، برقم (303). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 نقش: محمد رسول الله. وقد تنازع العلماء في صحة هذا الحديث، فمنهم من أعله وقال: إنه معلول. وقال: إنه لا حرج في دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله ولا سيما عند الحاجة. ومنهم من صححه وقال: يستحب للمؤمن أن يتحرز من ذلك، ويكره دخوله الخلاء بشيء فيه ذكر الله، لكن عند وجود الحاجة تزول الكراهة. إذا كان هناك حاجة بأنه يخشى أن ينساه، أو يخشى أن تذهب به الرياح، أو يلعب به الأطفال، أو يأخذه أحد فلا حرج في الدخول؛ لأن المشقة تجلب التيسير. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 س: عندما أدخل الكنيف يوجد لدي دنانير عراقية، علما بأن هذه الدنانير مكتوب عليها سورة الإخلاص، فهل هذا جائز أم لا؟ وإن كان غير جائز فماذا أفعل وخاصة عندما أكون خارج المنزل في مكان لا أمن فيه؟ (1) ج: هذا فيه تفصيل: إذا كنت في محل آمن فاجعل نقودك خارج المرحاض؛ الكنيف عند أهلك، أو في مكان آخر حتى تخلص؛ تعظيما لكتاب الله وكلامه سبحانه وتعالى، وهكذا إذا كان فيها ذكر الله فالأفضل إخراجها، كالخاتم الذي فيه ذكر الله، أو رسائل فيها ذكر الله   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (61). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 فاجعله خارجها إذا تيسر ذلك، أما إذا كنت في محل غير آمن فلا حرج عليك؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)؛ ولأن عليك خطرا في كونها في الخارج، قد تؤخذ، فالحاصل إنه إذا كنت محتاجا إلى ذلك، ولم يتيسر جعلها خارج الكنيف فلا حرج عليك، والحمد لله.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 18 - حكم الدخول بالخاتم المكتوب عليه لفظ الجلالة إلى الحمام س: هل حرام إذا دخلت الحمام وعلى إصبعي خاتم مكتوب عليه: الله؟ (1) ج: قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه (2)» وكان مكتوبا عليه: محمد رسول الله. فالأفضل للرجل والمرأة عند دخول الحمام إذا كان عليهما خاتم فيه ذكر الله أن يوضع خارج الحمام، وأن لا يدخل به الحمام إذا تيسر ذلك، فإن خاف عليه الضياع فلا بأس بدخوله الحمام؛ لأن الحديث فيه علة، وبعض أهل العلم لا يثبته، لكن إذا تيسر العمل به فهو أولى، فإن خاف الإنسان على خاتمه أن يسرق، أو ينساه دخل به ولا حرج إن شاء الله.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (11). (2) سنن أبي داود الطهارة (19)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (303). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 19 - هل الملائكة تلازم الإنسان عند دخول الخلاء س: هل الملائكة تدخل مع الإنسان عند دخوله الحمام أم لا؟ (1) ج: أما الحفظة فالظاهر من الدليل أنهم معه دائما، الحفظة الذين يحفظون حسناته وسيئاته، ظاهر الدليل أنهم معه دائما، وأما غير الحفظة، فالله أعلم، جاء في بعض الأحاديث على أنهم يفارقونه عند قضاء حاجته، ولكن لا أعلم حال أسانيدها، هذه المسألة تحتاج إلى إعادة نظر إن شاء الله، حتى يحقق ما يتعلق بها إن شاء الله.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (23). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 س: هل يلزم الإنسان أن يستنجي كلما أراد أن يتوضأ؟ (1) ج: لا، لا يلزمه ذلك، إنما يتوضأ في الوجه واليدين وشعر الرأس والأذنين وغسل الرجلين، إذا كان لم يخرج منه بول أو غائط، إنما هو ريح مثلا، أو مس فرج، أو أكل لحم الإبل، أو النوم هذا ما فيه استنجاء، إنما يتوضأ، يسميه بعض الناس التمسح، يعني: يغسل يديه وكفيه ثلاث مرات، ثم يتمضمض ويستنشق، ثم يغسل وجهه ثلاثا، ثم يغسل يديه ثلاثا مع المرفقين، ثم يمسح رأسه مع أذنيه مسحة واحدة، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاثا، هذا يقال له الوضوء الشرعي، وإن   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (250). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 غسل أقل من ذلك غسل وجهه مرة ويديه مرة أو مرتين، وغسل رجليه مرة أو مرتين لا بأس، لكن السنة: ثلاثا. الأفضل: ثلاثا ثلاثا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 20 - حكم الكلام والتحدث داخل بيت الخلاء س: السائلة: أ. م. س. تقول: ما هو حكم الكلام؛ كلام الشخص داخل الحمام في بيت الخلاء؟ (1) ج: إذا دعت الحاجة إليه فلا بأس، وإن لم تدع الحاجة فتركه أولى، فإذا دعت الحاجة أن ينبه أحدا، أو يقول: افعلوا كذا لحاجة فلا بأس.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (405). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 باب السواك وسنن الفطرة 21 - فضل السواك وبيان الأوقات المستحب فيها استعماله س: الأخ: ع. ب. م، من المدينة المنورة، يقول: نحن نعلم جميعا فضل السواك، ونعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة (1)» لكني ألاحظ يا سماحة الشيخ أن كثيرا من الناس لا يحرصون على نظافة السواك، ولا يحرصون على الأوقات المستحب فيها استعمال السواك، فهم يستعملونه مثلا بعد أن يكبر الإمام، ويستعملونه أثناء الخطبة، أرجو أن يتفضل سماحتكم بتوجيه الناس حول الأوقات المناسبة لاستعمال السواك، جزاكم الله خيرا (2) ج: قد صحت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في   (1) صحيح البخاري التمني (7240)، صحيح مسلم الطهارة (252)، سنن النسائي الطهارة (7)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (287)، موطأ مالك الطهارة (147)، سنن الدارمي الصلاة (1484). (2) السؤال الأول من الشريط رقم (200). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 فضل السواك والترغيب فيه، ومن ذلك ما رواه الشيخان؛ البخاري ومسلم في الصحيحين، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة (1)» وهذا يدل على تأكد السواك وشرعيته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رغب فيه وحرض عليه، وإنما أراد أمر الوجوب، يعني: لأمرتهم أمر إيجاب، وإلا فأمر الاستحباب، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ما يدل على استحبابه وشرعيته، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (2)» أخرجه النسائي وغيره بإسناد صحيح، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء (3)» ومن ذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان عليه الصلاة والسلام يبدأ بالسواك إذا دخل منزله (4)» وكان يستعمل السواك كثيرا – عليه الصلاة والسلام – «وكان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك (5)» رواه الشيخان من حديث أبي حذيفة رضي الله عنه، والأحاديث في هذا كثيرة، تدل   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (252). (2) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5). (3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، برقم (9928)، ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك، برقم (148). (4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (235). (5) متفق عليه رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب السواك، برقم (246)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (255). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 على شرعية السواك واستحبابه. ويتأكد عند الصلاة قبل أن يكبر الإمام، يستاك قبل أن يكبر، السنة أنه يستاك عند الصلاة قبل أن يكبر، فإذا كبر الإمام بادر وكبر بعده، كذلك عند المضمضة، عند الوضوء في أول الوضوء، وهكذا عند دخول المنزل، وهكذا إذا تغير الفم والأسنان، يستحب أن يستاك حتى يزيل الرائحة السيئة من الفم، وحتى يحصل بذلك تنظيف الأسنان، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (1)» وهذا يعم الصائم وغير الصائم، في آخر النهار وفي أوله، وفي الليل والنهار، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكره في آخر النهار للصائم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك (2)» قالوا: السواك قد يزيل هذا الخلوف أو يخففه. والصواب أنه لا يكره للصائم في آخر النهار، بل يستحب دائما؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء وعند كل صلاة (3)» وهذا يعم الصائم وغيره، ويعم صلاة الظهر والعصر في حق الصائم وغيره؛ ولأن الخلوف لا يزول بل يبقى؛ لأن الخلوف شيء يتصاعد من الجوف في   (1) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم، برقم (1904)، ومسلم في كتاب الصيام، باب حفظ اللسان للصائم، برقم (1151). (3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (252). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 حق الصائم، فالسواك لا يزيله، بل بعد رفع السواك يحصل تصاعد هذا الخلوف الذي هو مفضل عند الله سبحانه وتعالى، ثم خبر الخلوف خاص بمعنى يقتضي ترغيب الصائم في الصيام وبيان فضل الصيام، وأنه له عند الله منزلة عظيمة، ولا ينافي مسألة السواك، فالمشروع لكل مؤمن أن يعتني بالسواك كما شرعه الله جل وعلا على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن يحرص عليه إحياء للسنة، وتعظيما لها، وترغيبا فيها حتى يتأسى به غيره، وهكذا بقية السنن، مثل الوتر فإنه متأكد ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، يستحب للمؤمن أن يوتر في السفر والحضر، وأقله ركعة، وليس له حد، لكن أقله ركعة، وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بأكثر كان أجره أعظم، والأفضل أن يوتر بوتر النبي صلى الله عليه وسلم؛ إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، وإن أوتر بأقل أو بأكثر فلا حرج في ذلك، وهكذا صلاة الضحى سنة مؤكدة، وأقلها ركعتان، وإن صلى أكثر فلا بأس، وهكذا سنة الظهر سنة المغرب، سنة العشاء، سنة الفجر، وهكذا بقية السنن، سنة الظهر أربع قبلها واثنتان بعدها، يعني: تسليمتان قبلها وركعتان بعدها، سنة المغرب ركعتان، سنة العشاء ركعتان بعدها، سنة الفجر ركعتان قبلها، ويستحب قبل العصر أربع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله من صلى أربعا قبل العصر (1)» يصليها   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب التطوع، وركعات السنة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 بتسليمتين، ويستحب أن يصلي أمام كل صلاة ركعتين؛ قبل المغرب، قبل العشاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، ثم قال في الثالثة: لمن شاء (1)» هكذا عيادة المريض، وتشميت العاطس إذا حمد الله، البدء بالسلام وإفشاء السلام، نصيحة المسلمين، واتباع الجنائز، والصلاة على الجنائز، كل هذه سنن عظيمة ينبغي للمؤمن العناية بها، وهكذا صدقة التطوع ولو بشق تمرة، الدعوة إلى الخير والتشجيع عليه، حفظ اللسان عن فضول الكلام التي لا فائدة فيها، إلى غير هذا مما ينبغي للمؤمن أن يعتني به. وقد تقدم التنبيه على أن السنة أن يستاك قبل أن يكبر الإمام، حتى إذا كبر الإمام بادر بالتكبير؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا كبروا فكبروا (2)» فيستحب للمؤمن أن يستاك قبل تكبير الإمام، إذا قام للصلاة يستاك وإذا كبر إمامة كبر، وهكذا يوم الجمعة؛ لا يستاك وقت الخطبة، بل ينصت ويقبل على الخطبة ولا يستاك، ولا يعبث، حتى السواك لا يستعمله ولا يرد السلام، ولا يشمت العاطس والإمام يخطب، بل يقبل على   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (2) أخرجه البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب صلاة القاعد، برقم (1114)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 الخطبة ويستمع لها وينصت لها، ويحفظ السواك حتى تأتي الحاجة إليه عند إقامة الصلاة عندما ينتهي من الخطبة. وهكذا لا يعبث بثيابه أو بلحيته أو بغير ذلك، بل يقبل على خطبة الإمام، ويستمع لها وينصت، ويكون قلبه حاضرا حتى يستفيد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 22 - حكم استعمال السواك أثناء خطبة الجمعة س: نرى بعض الناس يستعملون المسواك داخل المسجد، وأثناء الخطبة وقبلها مع أن بعض الناس يشمئزون من ذلك، فما هو قولكم لمثل هؤلاء؟ وهل هو جائز استعمال السواك أثناء الخطبة؟ (1) ج: إن استعمال السواك من السنن التي فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام، ورغب فيها، فصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة (2)» وفي اللفظ الآخر: «لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء (3)» وصح عنه عليه   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (85). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (252). (3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، برقم (9928)، ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك، برقم (148). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 الصلاة والسلام أنه قال: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (1)» فلا حرج في استعماله في المسجد وغير المسجد، ويسن استعماله عند الدخول في الصلاة قبل أن يكبر، وعند أول الوضوء، وعند دخول المنزل. قالت عائشة رضي الله عنها لما سئلت: «بأي شيء يبدأ إذا دخل البيت عليه الصلاة والسلام؟ قالت: كان يبدأ بالسواك (2)». يعني: إذا دخل بيته عليه الصلاة والسلام، فالسواك من السنن المشروعة، وفيه من تطيبب النكهة، وتنظيف الأسنان، والتشجيع على الخير ما هو معلوم، لكن وقت الخطبة لا يستعمل، وقت الخطبة يكون المؤمن منصتا تاركا للحركة لا يعبث بشيء ولا يستاك، ولكن ينصت للخطيب، ويستفيد من الخطبة، ويتدبر ويتعقل، أما قبل الخطبة فلا بأس، قبل الصلاة لا بأس حال كونه جالسا في المسجد، والسواك عند الصلاة مشروع، وعند الوضوء مشروع أيضا.   (1) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5). (2) صحيح مسلم الطهارة (253)، سنن النسائي الطهارة (8)، سنن أبو داود الطهارة (51)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (290)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 237). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 23 - فضيلة السواك قبل الوضوء وبعده س: يقول السائل: أسألكم عن فضيلة السواك، هل هي قبل الوضوء أم بعد الوضوء؟ (1) ج: السواك يشرع استعماله عند الوضوء، في أول الوضوء، وفي أول الصلاة هذا السنة، وعند المضمضة، وعند الإحرام.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (255). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 24 - حكم استعمال السواك للنساء س: تقول السائلة: سمعت بأن السواك حرام بالنسبة للنساء، هل هذا صحيح؟ (1) ج: ليس بصحيح، السواك مشروع للجميع؛ الرجال والنساء عند الصلاة، وعند الوضوء، وعند الدخول في الصلاة، وعند دخول المنزل، وعند تغير الفم عند القيام من النوم مشروع، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (113). (2) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 صلاة (1)» وفي اللفظ الآخر: «مع كل وضوء (2)» ولم يخص الرجال، بل عم الأمة، فهو مشروع للرجال والنساء جميعا، ولكن كثيرا من الناس يقول على الله بغير علم، ويكذب ولا يبالي، نسأل الله العافية، والواجب على المؤمن والمؤمنة الحذر مما حرم الله من الكذب، فلا يقول الإنسان: هذا حرام وهذا حلال، إلا عن دليل وبينة، ولا يجوز للمرأة أو الرجل أن يقول على الله بغير علم لا في السواك، ولا في غير السواك. يقول سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (3)، فجعل القول عليه بغير علم فوق الشرك، فوق المرتبة التي هي أعظم خطرا وهي الشرك بالله عز وجل، فالمقصود أن القول على الله بغير علم له خطر عظيم حتى ذكره الله في هذه الآية فوق مرتبة الشرك؛ لأن الشرك قول على الله بغير علم، وفي سورة البقرة أن الشيطان يأمر بذلك، فقال سبحانه في الشيطان: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (4)، هكذا أخبر سبحانه وتعالى، وقبلها قوله تعالى:   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (252). (2) أخرجه أحمد في كتاب مسند المكثرين، برقم (9928)، ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك برقم (148). (3) سورة الأعراف الآية 33 (4) سورة البقرة الآية 169 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (1) {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (2)، هذا هو أمر عدو الله، يأمر الناس بأن يقولوا على الله بغير علم، لما يترتب على ذلك من الضلال والإضلال والفساد الكبير، نسأل الله العافية.   (1) سورة البقرة الآية 168 (2) سورة البقرة الآية 169 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 باب سنن الوضوء 25 - حكم تكرار غسل أعضاء الوضوء إلى ثلاث مرات س: هل التكرار في الوضوء – مثلا: تكرار غسل الوجه ثلاث مرات – واجب أم مستحب؟ (1) ج: التكرار سنة مستحبة، والواجب مرة مرة، يتمضمض مرة، يستنشق مرة، ويغسل وجهه مرة، وذراعيه مرة مرة، يمسح رأسه وأذنيه مرة، ويغسل رجله اليمنى مرة مع الكعبين، واليسرى مرة مع الكعبين، هذا الواجب، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وتوضأ مرة مرة، كما في البخاري في الصحيح، وإن توضأ مرتين مرتين فهذا أفضل من المرة، وإن توضأ ثلاثا فهي النهاية وهو الكمال، لكن الرأس لا يمسح إلا مرة واحدة، ويأخذ ماء بيديه يمسح أذنيه مرة واحدة؛ لأن هذا هو المحفوظ من فعله صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (127). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 س: تسأل السائلة وتقول: حدث مرة أن رأيت أختي أثناء الوضوء تغسل الوجه مرة واحدة وليس ثلاث مرات، وكذلك الأذرع مرة واحدة وليس ثلاث مرات، فسألتها: لماذا مرة واحدة؟ فقالت لي: إن ذلك سنة وليس بفرض. فهل ذلك صحيح؟ وهل هو جائز؟ (1) ج: نعم، الواجب مرة واحدة، النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، وتوضأ مرتين مرتين، وتوضأ ثلاثا ثلاثا. فالمرة واجبة وفرض لا بد منها؛ أن يغسل وجهه مرة في الوضوء، ويتمضمض ويستنشق مرة، ويغسل وجهه مرة يعمه بالماء، وهكذا الذراعان يعمهما بالماء مرة مرة، يمسح رأسه مرة مع الأذنين، ويغسل رجله اليمنى ويعمها بالماء مرة، واليسرى مرة هذا كاف إذا عم العضو الماء كله، والمرتان أفضل إذا غسل العضو مرتين، والثلاث أكمل وأفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يغسل ثلاثا ثلاثا، إلا الرأس يمسحه مرة واحدة مع الأذنين. وأما الوجه واليدان والرجلان فكان في الغالب صلى الله عليه وسلم يغسلها ثلاثا، كل عضو ثلاث مرات، وهذا هو الأكمل والأفضل، فإن غسلهما مرتين، أو بعض الأعضاء مرتين وبعض الأعضاء ثلاث مرات، أو بعضها واحدة وبعضها مرتين وبعضها ثلاث كل هذا لا بأس به، والحمد لله لكن الغسلة الواحدة هي الواجبة؛ مرة واحدة؛ يتمضمض ويستنشق مرة واحدة، يعم وجهه   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (240). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 بالماء مرة واحدة، يمسح ويغسل ذراعية كل ذراع بغسلة واحدة، يعمه بالماء من أطراف الأصابع إلى المرفق، يعمهم بالماء حتى يشرع في العضد، وهكذا اليد اليسرى، هذا مجزئ، وهكذا الرجل يعمها بالماء من الكعبين إلى أطراف الأصابع، ويغسل الكعبين يجزئه، ولكن إذا أعاده مرة ثانية أفضل، وإذا أعاد الثالثة يكون أفضل وأفضل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 26 - حكم غسل أعضاء الوضوء أكثر من ثلاث مرات س: هل يجوز للمسلم أن يزيد في مرات الاستنشاق عن الثلاث إذا كان مصابا بالرشح؛ الزكام، أم يعد هذا مخالفا للسنة؟ (1) ج: هذا في الحقيقة غير مشروع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا؛ تمضمض واستنشق ثلاثا، غسل وجهه ثلاثا، غسل يديه ثلاثا، مسح شعر رأسه وأذنيه مرة واحدة، غسل رجليه ثلاثا ثلاثا، هذا هو السنة أن يكتفي بالثلاث، وإن توضأ مرة مرة، أو مرة مرتين فلا حرج، قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو توضأ مرة في بعض الأعضاء ومرتين في بعض الأعضاء، أو مرتين في بعض الأعضاء وثلاثا في بعض الأعضاء كل ذلك لا حرج فيه، أما الزيادة فلا، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه لما توضأ لما   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (85). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 سأله سائل عن الوضوء علمه إياه؟، ثم قال: «فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم (1)» أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما وإسناده صحيح، وهو يدل على أنه لا تجوز الزيادة، قال: «فقد أساء وتعدى وظلم (2)»، والإساءة والتعدي والظلم أمر غير جائز فالحاصل أن الحديث يدل على أنه لا تجوز الزيادة على الكمال الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الثلاث، يعني إسباغ الوضوء ثلاثا ليس المراد غرفة، المراد غسلة، فلو أنه غرف المرتين لكل غسلة صارت ست غرفات لا يكون مسيئا، إنما المسيء الذي قد كمل العضو بالغسل ثم أعاده أكثر من ثلاث، لكن لو غسل رجله مثلا بغرفة، لكن ما كملت الغسلة احتاج إلى غرفة ثانية حتى يكمل رجله، ثم غسلها ثانية، ثم غسلها ثالثة، وزادت الغرفات لا يضر، المهم أن تكون غسلة تامة، ثم ثانية، ثم ثالثة، فلا يزيد على الثلاث، وهكذا في الوجه، وهكذا في اليدين، أما الرأس فالسنة أن تكون واحدة فقط، هذا المحفوظ في الأحاديث الصحيحة، يمسح مرة واحدة فقط مع الأذنين.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (135)، والترمذي في باب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857). (2) سنن النسائي الطهارة (140)، سنن أبي داود الطهارة (135)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (422)، مسند أحمد (2/ 180). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 س: عند الوضوء نغسل أعضاءنا ثلاثا، هل إذا زادت عن الثلاث تنقض الوضوء أم لا؟ (1) ج: السنة في الوضوء مرة مرة، مرتين مرتين، ثلاثا ثلاثا، هذا هو الثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، توضأ مرة مرة، توضأ مرتين مرتين، توضأ ثلاثا ثلاثا، توضأ في المرة مرتين، وفي بعضها ثلاثا، أما الزيادة عن الثلاث فلا ينبغي، لا في الوجه، ولا في اليدين، ولا في الرجلين، أما الرأس فإنه يمسح مسحة واحدة، الرأس يمسح ولا يغسل، يمسح مسحة واحدة من المقدمة إلى قفاه، ثم يرد اليدين من المحل الذي بدأ منه الرجل والمرأة سواء، لكن المحافظة على الثلاث أفضل، كونه يغسل يديه ثلاثا ووجهه ثلاثا ورجليه ثلاثا هذا هو الكمال، فإن اقتصر على غسلة واحدة أو غسلتين فلا بأس بذلك لا سيما للتعليم، وبيان أن هذا جائز، كل هذا لا بأس به، أو ليعود نفسه الأخذ بالرخصة، كل هذا لا بأس به، أو غسل بعض الأعضاء مرتين، وبعضها واحدة، أو بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا كل هذا لا حرج فيه، والحمد لله، لكن لا تنبغي الزيادة؛ لأنه جاء عنه عليه الصلاة والسلام ذكر الوضوء والغسل ثلاثا، فقال: «فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم (2)» وهذا يدل على أنه لا ينبغي الزيادة عن الثلاث أبدا.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (7). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (135)، والترمذي في باب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 47 س: هل الزيادة في الوضوء لأكثر من ثلاث مرات للعضو يعتبر بدعة، أم لا؟ سماحة الشيخ (1) ج: لا يجوز، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا، السنة ثلاث فأقل، واحدة مجزية، واثنتان أفضل، والثلاث أفضل، في الحديث في بعض الروايات: «من زاد فقد تعدى وأساء وظلم (2)» فلا ينبغي الزيادة، لا تنبغي الزيادة، أما إذا زاد في الوضوء أكثر من ثلاث كأربع أو خمس فينبغي أن ينبهه من حوله، يقول: هذا لا يجوز، أو مكروه كراهة شديدة ينبهه.   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (399). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (135)، والترمذي في باب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 27 - حكم استنشاق الماء أثناء الوضوء أكثر من ثلاث مرات س: إذا استدعت الحاجة أن استنشق أثناء الوضوء أكثر من ثلاث مرات، أو أتمضمض أكثر من ثلاث مرات فهل يصح الوضوء؟ (1) ج: يصح الوضوء لكنك أخطأت، ويجب عليك التوبة من ذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال – لما ذكر الثلاث – قال: «فمن زاد على ذلك فقد تعدى وأساء وظلم (2)» فالسنة الثلاث الغسلات، لا زيادة، والاستنشاق كذلك ثلاث، تستنشق وتستنثر ثلاثا ولا تزيد.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (218). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (135)، والترمذي في كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 28 - حكم استنشاق الماء للوضوء لمن به مرض في أنفه س: عندما أبالغ في الاستنشاق أثناء الوضوء ينتابني ألم شديد في أعصاب الأنف والرأس يستمر عدة ثوان، فهل لهذا حكم في الشريعة الإسلامية؟ (1) ج: لا تبالغ مبالغة تضرك، الرسول قال: «بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما (2)» فإذا كان يشق عليك استنشق واطرح الألم من أنفك، ولا تبالغ مبالغة تضرك.   (1) السؤال الخامس والستون من الشريط رقم (217). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الاستنثار، برقم (142)، والترمذي باب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، برقم (788)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، المبالغة في الاستنشاق، برقم (87). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 29 – حكم المضمضة والاستنشاق في آن واحد س: المضمضة والاستنشاق هل تكون في آن واحد، أم كل على حدة؟ (1) ج: السنة جميعا، يتمضمض ويستنشق في غرفة واحدة، هذا هو   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (404). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 السنة، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق في غرفة واحدة ثلاث مرات (1)»، وإن أخذ لكل مرة غرفة؛ للمضمضة غرفة، وللاستنشاق غرفة فلا حرج.   (1) صحيح البخاري الوضوء (140)، سنن النسائي الطهارة (101)، سنن أبو داود الطهارة (137)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (403)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 268). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 س: يسأل المستمع ويقول: أفيدونا عن المضمضة والاستنشاق في الوضوء، هل يتمضمض الإنسان ويستنشق في غرفة واحدة، أم يغرف للمضمضة ويغرف للاستنشاق؟ وهل يلزم للمضمضة أن يدخل الأصبع في الفم؟ أو يكتفي بتحريك الماء في الفم؟ (1) ج: المشروع غرفة واحدة لهما جميعا، يكرر ثلاثا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وإن أفرد الفم بغرفة، والأنف بغرفة فلا حرج، لكن الأفضل أن يأخذ غرفة يتمضمض منها ويستنشق منها، ولا يلزم إدخال أصبعه في فمه، إذا أدخل الماء في الفم ثم تمضمض كفى.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (435). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 30 - حكم المضمضة للمتوضئ إذا أكل أو شرب شيئا س: هل تجب المضمضة على المتوضئ المحتفظ بوضوئه إذا أكل أو شرب شيئا ما؟ (1) ج: لا تجب، لكن تستحب، إذا كان فيه دسم، أو فيه شيء له رائحة يتمضمض حتى تذهب الرائحة الكريهة، أو الدسم الذي قد يؤذيه ويشغله، والنبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان «لما شرب لبنا تمضمض، وقال: إن له دسما (2)» فالمضمضة مستحبة إذا دعت الحاجة إليها.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (128). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب هل يمضمض من اللبن، برقم (211)، ومسلم في كتاب الحيض، باب نسخ الوضوء مما مست النار، برقم (358). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 31 - حكم أداء الصلاة أكثر من فرض بوضوء واحد س: هل كان غالب أحواله صلى الله عليه وسلم البقاء على وضوئه يا سماحة الشيخ؟ (1) ج: كان الغالب على أحواله عليه الصلاة والسلام الوضوء، وكان يتوضأ لكل صلاة، ثم شرع له السواك، فكان يصلي الصلاتين بوضوء   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (140). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 واحد، «وفي يوم الفتح صلى عدة صلوات بوضوء واحد، فسأله عمر عن ذلك، فقال: عمدا فعلت (1)» ليعلم الناس أنه لا حرج أن يجمع الصلوات بوضوء واحد، وكان يجمع بين الصلاتين بوضوء واحد في أسفاره – عليه الصلاة والسلام – وفي غيرها. فالحاصل أنه كان لا يتكلف بالوضوء ولا الغسل، ولا يتنطع، وكان ربما صلى الصلوات بوضوء واحد، عليه الصلاة والسلام، والغالب عليه أن يتوضأ لكل صلاة، عليه الصلاة والسلام، وربما قضى حاجته ولم يتوضأ كما ثبت في صحيح مسلم: «أنه خرج من محل قضاء الحاجة وقدم له طعام، فقيل: أفلا تتوضأ؟ فقال: إني ما أريد الصلاة (2)» ثم أكل. فدل ذلك على أنه لا حرج أن يأكل الإنسان وهو على غير طهارة، ولكن يستحب إذا كان جنبا أن يتوضأ قبل الأكل، وقبل النوم.   (1) أخرجه أحمد في المسند، مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029). (2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب جواز أكل المحدث الطعام، برقم (374). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 32 - حكم الوضوء للصلاة قبل دخول الوقت س: السائل: أبو عبد الرحمن، من الرياض، يقول: ما حكم الوضوء للصلاة قبل دخول الوقت؟ (1) ج: لا بأس أن يتوضأ قبل الوقت، كأن يتوضأ العصر ويصلي بها المغرب، أو يتوضأ الظهر ويصلي بها العصر إذا بقيت معه الطهارة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعض الأحيان عدة أوقات بوضوء واحد، اللهم صل وسلم عليه.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (433). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 33 - حكم الاحتفاظ بالوضوء ليوم كامل س: هل الاحتفاظ بالوضوء ليوم كامل يجوز؟ (1) ج: لا حرج في ذلك إذا استطعت، أما إذا كان ذلك فيه مشقة فلا، فإنك تحدث وتتوضأ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (2)» يعني البول والغائط، فإذا بقيت على الطهارة من دون مشقة صليت بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء فلا بأس،   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (217). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 لكن إذا كان عندك مشقة، مثل: الريح، أو البول، أو غيرهما فاقض حاجتك، ولا تشق على نفسك، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة؛ حتى تصلي وأنت مطمئن خاشع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 س: السائل يقول: إنني أتوضأ دائما لصلاة العصر، وأصلي بهذا الوضوء ثلاثة فروض: العصر والمغرب والعشاء، حيث إن عندي عملا، فهل هذا يجوز دائما؟ (1) ج: لا حرج في ذلك، إذا توضأ الإنسان للعصر، ثم صلى بوضوئه العصر والمغرب والعشاء فالحمد لله، النبي صلى الله عليه وسلم صلى عدة صلوات عام الفتح بوضوء واحد، وقال: عمدا فعلت (2)؛ حتى يعلم الناس أن هذا جائز، لكن إذا جدد للمغرب والعشاء كان أفضل إذا تيسر له ذلك، وإلا فالأمر واسع، والحمد لله.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (210). (2) أخرجه أحمد في المسند، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 34 - حكم الوضوء بماء تغير برائحة غير نجسة س: ما حكم الوضوء بماء فيه رائحة الغاز، أو أي رائحة أخرى؟ (1) ج: إذا كان شيئا طاهرا فلا يضر ولو فيه رائحة الغاز، أما إذا تنجس بشيء يغير رائحته نجاسة فلا يتوضأ به، أما رائحة الغاز أو غيرها من الرائحات التي ليست بنجاسة فلا يضر.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (432). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 35 - حكم الوضوء والصلاة في ملابس النوم س: يقول: نحن نعلم أن المسلم يجب أن يصلي في ملابس طاهرة، ولكننا لا نعلم هل يجوز للمسلم أن يتوضأ في ملابس غير طاهرة، ولكنها في الحقيقة غير نجسة نجاسة عينية، كملابس النوم مثلا؟ (1) ج: ليس له أن يصلي في ملابس نجسة، أما الملابس التي يشك فيها فلا بأس، وملابس النوم ما هي بنجسة إلا إذا علم أنه أصابها نجاسة يغسل النجاسة، وأما كونه ينام فيها فإن النوم لا ينجسها إلا إذا أصابها بول، أو مذي، أو شيء من النجاسات الأخرى، يغسل ما   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (399). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 أصابها، فإذا علم أن فيها نجاسة لا يصلي فيها، أما إذا لم يعلم فالأصل الطهارة، والحمد لله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 36 - حكم رد السلام أثناء الوضوء س: يقول السائل: هل الرد على المسلم، والرد على الأسئلة أثناء الوضوء جائز؟ (1) ج: لا حرج إذا كان في غير محل قضاء الحاجة، إذا كان في محل غير محل قضاء الحاجة يسلم ويسلم عليه، ويجيب على الأسئلة وهو في محل الوضوء، لا في محل قضاء الحاجة.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (242). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 37 - بيان حدود اللحية س: يقول: ص. ع، من اليمن: البعض من الناس يقولون: إن المقصود باللحية هو الشعر النابت على الذقن، أما ما يوجد على الخدين فليس من اللحية، فهل هذا صحيح؟ (1) ج: اللحية: ما نبت على الخدين والذقن. هذا هو الصحيح، اللحية هي الشعر الذي ينبت على الخدين والذقن، هكذا قال أئمة   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (387). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 اللغة: كصاحب القاموس، وصاحب اللسان وغيرهما، قالوا: اللحية: ما نبت على الخدين والذقن، وهما أعلم بلغة العرب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 38 - تحديد وقت إزالة شعر الإبط وحلق العانة وتقليم الأظافر س: بالنسبة لشعر الإبط، كم هي المدة التي يجب على المرء أن يقضيها، ثم يعاود تنظيف الإبط من الشعر؟ (1) ج: يقول أنس رضي الله عنه فيما رواه مسلم في الصحيح: «وقت لنا في قص الشارب، وحلق العانة، ونتف الإبط، وقلم الأظفار، أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة (2)» ورواه أحمد وجماعة بلفظ: «وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أربعين ليلة (3)» فالحد النهائي أربعون ليلة فقط، فإذا قارب الوقت يأخذ شاربه، يأخذ أظفاره، ينتف إبطه أو يزيله بغير النتف من الأدوية، يقص شاربه، هذه السنة، وإذا تعاهد   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (274). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). (3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258)، وأحمد في مسنده، مسند أنس بن مالك برقم (13677)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب التوقيت في ذلك، برقم (14). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 الشارب قبل الأربعين؛ لأنه يطول، وبعض الناس يطول شاربه بسرعة إذا تعاهده ولو قبل الأربعين، تعاهده وهو في العشرين يوما، أو خمسة وعشرين يوما يكون أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «قصوا الشوارب (1)» يقول صلى الله عليه وسلم: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا (2)» فإذا تعاهده قبل الأربعين: الشارب والإبط والعانة والأظفار فهو طيب، لكن لا يؤخر أكثر من الأربعين.   (1) أحمد في مسنده، مسند أبي هريرة برقم (7132). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في قص الشارب، برقم (2761). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 س: ألاحظ بعض المصلين وقد طالت أظافرهم وأحبست بالأوساخ النجسة، فهل هذا يتفق مع الدين؟ وهل يصح وضوءهم؟ (1) ج: الأظفار ينبغي قلمها وتعاهدها قبل الأربعين، فالرسول صلى الله عليه وسلم وقت للناس في قلم الظفر، وحلق العانة، ونتف الإبط، وقص الشارب، أن لا يترك ذلك أكثر من أربعين ليلة، هكذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنس رضي الله عنه – وهو خادم الرسول صلى الله عليه وسلم – قال: «وقت لنا في قص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الإبط، وحلق   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (69). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 العانة أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة (1)» خرجه مسلم في صحيحه، وخرجه الإمام أحمد والنسائي والجماعة، وفي لفظ: «وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نترك الأظفار والشارب، وحلق العانة، ونتف الإبط أكثر من أربعين ليلة (2)» فالواجب على الرجال والنساء أن يلاحظوا هذا الأمر، فلا يترك الظفر، ولا الشارب، ولا العانة، ولا الإبط أكثر من أربعين ليلة، الرجل يتعاهد والمرأة تتعاهد، الرجل يتعاهد ظفره وشاربه وعانته وإبطه، حتى لا تجتمع الأوساخ هناك، وهي ليست نجسة، ولكن مستقذرة، ينبغي ملاحظة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك المرأة تلاحظ ذلك في ظفرها وعانتها وإبطها، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، من باب النظافة والنزاهة، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء بكل خير، ودل على كل خير، ونهى عن كل شر.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258)، وأحمد في مسنده، مسند أنس بن مالك برقم (13677)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب التوقيت في ذلك، برقم (14). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 39 - حكم دفن الأظفار بعد قصها وقراءة بعض السور عليها س: الأخت: م. م. من سلطنة عمان تسأل وتقول: سمعت بعض الناس يقولون: إنه عند الانتهاء من قص الأظافر لا بد من أخذها ودفنها في مكان، وقراءة بعض السور عليها، مثل الإخلاص والمعوذتين، وعدم رميها. فما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا شيء لا أصل له، إذا قص الإنسان أظفاره يرميها ولا بأس، ولا حاجة إلى دفنها، ولا قراءة القرآن عليها، كل هذا خرافة لا أصل لها، ولا أساس لها، متى قص الإنسان أظفاره رجلا أو امرأة فلا حرج في إلقائها في أي مكان.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (278). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 س: تقول: عندنا عادة موجودة في بلدتي، وهي عند تقليم الأظافر نقوم بدفن الأظافر في الأرض، ونقول: يا تراب، أشهد يوم الحساب، فما هو رأيكم؟ (1) ج: هذا لا أصل له، لو رمت الأظافر في القصاصة لا بأس، لو   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (240). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 رمتها في الأرض، أو مع القمامة لا حرج، أما دفنها في الأرض وقول: يا تراب، اشهد يوم الحساب. هذا لا أصل له، بل هذا من البدع التي لا أصل لها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 س: السائلة: ف. م. من فيفاء: لقد سمعت أن رمي بقايا شعر الرأس والأظافر غير جائز، وأنه يجب دفنها. وضحوا لي هذا الأمر. جزاكم الله خيرا (1) ج: لا يجب الدفن، ما يقلم من الأظافر، أو يقطع من الشعر لا يجب دفنه، إذا ألقي في القمامة لا بأس ولا حرج، إن دفنه فلا حرج، وإن ألقاه في القمامة فلا حرج، الأمر واسع، والحمد لله.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (275). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 س: هل يجب دفن الشعر المتساقط، والأظافر المقصوصة في التراب (1) ج: ليس بلازم، يلقيها في القمامة، والحمد لله، ما فيه دليل على دفنها، إذا ألقاها في القمامة كفى، والحمد لله.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (378). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 40 - حكم تطويل أظافر المرأة س: ما حكم تطويل أظافر المرأة؟ علما بأنها تصلي وتؤدي جميع فرائضها (1) ج: تطويل الأظافر ممنوع في حق الرجل والمرأة جميعا، ليس للمرأة أن تطول أظافرها، وليس للرجل أن يطول أظافره، والحد في ذلك أربعون ليلة، فما زاد على هذا يجب عليها قلم الظفر، وعلى الرجل كذلك، وهكذا نتف الإبط، وحلق العانة، وقص الشارب، يقول أنس رضي الله عنه: «وقت لنا في قص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الإبط، وحلق العانة أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين يوما (2)» رواه مسلم في الصحيح: والذي وقته النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا جاء في رواية أحمد والنسائي والجماعة وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) بالتصريح أنه وقته صلى الله عليه وسلم، فالواجب على الرجال والنساء أن لا يطيلوا الأظافر أكثر من هذه المدة، أما في هذه المدة فأقل فالأمر واسع، لكن لا يزدن على أربعين، لا في الظفر، ولا في الإبط، ولا في العانة، وهكذا الرجل في الشارب.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (222). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). (3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258)، وأحمد في مسنده، مسند أنس بن مالك برقم (13677)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب التوقيت في ذلك، برقم (14). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 صفحة فارغة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 باب في فرائض الوضوء 41 - متى شرع الوضوء والتيمم س: الأخ: ع. ب. س. من قرى المدينة المنورة، يقول: عرفنا أن فريضة الصلاة قد فرضت قبل الهجرة، أي في ليلة الإسراء والمعراج، هل فريضة الوضوء ومشروعية التيمم أيضا قبل الهجرة، أم بعدها؟ وإذ كانت بعد الهجرة ففي أي السنين جاءت فريضة الوضوء ومشروعية التيمم؟ وجهونا حول هذا الموضوع، وجزاكم الله خيرا (1) ج: أما الوضوء فالأصل في ذلك أنه شرع مع الصلاة؛ لأن النبي عليه السلام قال: «لا تقبل صلاة بغير طهور (2)» فالأصل في هذا أن الله شرع الوضوء مع الصلاة، أما التيمم فلم يشرع إلا في المدينة بعد مدة طويلة، شرع التيمم بعد ذلك في المدينة، وأما الوضوء فهو مشروع مع الصلاة.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (169). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 42 - بيان أحكام الوضوء س: يقول السائل: ما هي أحكام الوضوء؟ وهل هناك أدعية واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء الوضوء؟ (1) ج: الوضوء له فرائض وله شرائط، ويستحب في أوله التسمية، وفي آخره الشهادة، بعدما يفرغ يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين. وفي أوله يقول: بسم الله. عندما يغسل يديه ليتوضأ يغسل كفيه ثلاثا قبل أن يتوضأ يسمي عند ذلك، وله شرائط عشرة: الإسلام. العقل. التمييز. نية رفع الحدث. واستصحاب حكم النية. وانقطاع الموجب الذي يوجب الوضوء ونحوه. الاستنجاء أو الاستجمار قبله؛ استنجاء بالماء، أو استجمار بالحجارة أو بالمناديل وباللبن ونحو ذلك.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (249). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 وطهورية الماء؛ يكون الماء طهورا. ويكون مباحا. وإزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة؛ يعني إزالة الذي يمنع وصول الماء إلى البشرة من عجين، أو صمغ، أو غير هذا مما يمنع وصول الماء إلى الجلدة. وهناك شرط حادي عشر في حق من حدثه دائم: أن لا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت، وهذا أمر به النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة، وحكم صاحب السلس مثلها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال للمستحاضة: «وتوضئي لوقت كل صلاة (1)» فألحقوا بها جميع من حدثه دائم؛ كصاحب السلس الدائم، مثل البول، أو الريح الدائمة، هذا مثل صاحب الدم، فالمستحاضة تتوضأ إذا دخل الوقت. وبعض أهل العلم نازع في إباحة الماء، هل يجوز الطهور بماء غير مباح؟ لأن المقصود يحصل به من إزالة أثر النجاسة، ومقتضى الحدث، والتحريم ليس خاصا بالوضوء، خاصا بجنس الماء، لا بد أن يكون مباحا، لا يجوز له شربه، ولا الوضوء به ولا استعماله إلا إذا كان ملكا له، والقاعدة ما كان تحريمه عاما، لا يخص الصلاة فإنه لا يبطل الصلاة، وهكذا الصلاة في الثوب   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في المستحاضة برقم (624)، والإمام أحمد في المسند مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها، برقم (25681). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 المغصوب، والأرض المغصوبة؛ لأنه عام لا يخص الصلاة، ليس له أن يستعمل الثوب المغصوب، وليس له أن يجلس في الأرض المغصوبة ولو كان في غير الصلاة، فإذا كان النهي عاما فإنه لا يضر الصلاة، وإن كان لا يجوز له الفعل، فعلى هذا لو صلى في الأرض المغصوبة، أو توضأ بالماء المغصوب، أو صلى في الثوب المغصوب صحت صلاته مع الإثم، يأثم وتصح صلاته، هذا القول الأرجح. وهكذا النجاسة لو أزالها بماء طهور، لكنه مغصوب زالت ولكن يأثم، لو كان في ثوبه نجاسة وغسله بماء طهور، لكنه مغصوب زالت النجاسة، وطهر الثوب مع كونه آثما؛ لأن المقصود حصل. ولا يشرع في الوضوء أدعية، ما عدا التسمية في أوله، والشهادة في آخره، أما أثناء الوضوء فلم يرد شيء صحيح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 43 - بيان الفرق بين وضوء الفرض والسنة س: حددوا لنا الوضوء الفرض والسنة؟ (1) ج: إن الله جل وعلا شرع لعباده الوضوء عند إرادة الصلاة، قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (2)   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (34). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 فهذا يدل على وجوب استعمال الوضوء الشرعي على ضوء ما ذكرته الآية الكريمة، وفسر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بفعله عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه لا بد لمن قام إلى الصلاة من الوضوء الشرعي إذا كان على غير طهارة، وهو كما بينه الله: غسل الوجه، ثم غسل اليدين مع المرفقين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين. وهذا فرض ومفترض مرة مرة، والسنة أن يغسل اليدين ثلاث مرات قبل إدخالهما في الإناء، كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام، فقد كان يغسل يديه ثلاث مرات – يعني كفيه – ثم يشرع في الوضوء، وينبغي أن يقدم التسمية على غسل اليدين، فيقول: بسم الله. قبل أن يغسل يديه، والجمهور على أنها سنة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التسمية مع الذكر، وسقوطها مع الجهل والنسيان، ومما جاء عنه عليه السلام أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (1)» وهو حديث له طرق وفيها ضعف لكن مجموعها يدل على أن له أصل وأنه حسن، فينبغي لمن أراد الوضوء أن يسمي الله عند بدئه لغسل يديه، ثم يتمضمض ويستنشق، ثم يغسل وجهه من منابت الشعر من أعلى إلى الذقن من أسفل، والعرض   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 إلى فروع الأذنين، هذا هو الوجه فيغسله جميعا، ثم يغسل يديه إلى المرفقين، ومعنى: إلى يعني: مع المرفقين. ويدل على ذلك فعله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يغسل يديه حتى يشرع في العضد، يعني: يغسل مرافقه مع الذراع، ثم يمسح رأسه مع أذنيه – كما جاءت به السنة، وهذا فرض أيضا – ثم يغسل رجليه إلى الكعبين، يعني مع الكعبين، ويدل على هذا فعله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يغسل رجليه حتى يشرع في الساقين، كما رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة، هذا هو الوضوء المفترض: غسل الوجه مع المضمضة والاستنشاق مرة مرة، غسل اليدين مع المرفقين مرة، مسح الرأس مع الأذنين مرة، غسل الرجلين مع الكعبين مرة. هذا مفترض، فإن كرره مرتين فهو أفضل؛ يعني سنة، وإن كرره ثلاثا فهو أكمل، كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام في عمله وفعله، والفرض أن يستنشق مرة واحدة، هذا فرض، وإن كرر المضمضة والاستنشاق ثلاث مرات فهو أكمل وأفضل، ثم بعد ذلك يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين (1)»، هكذا جاء في الحديث الصحيح، وهذا سنة بعد الفراغ، رواه مسلم في الصحيح عن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من عبد يتوضأ ويسبغ الوضوء – أو قال: يبلغ الوضوء – ثم يقول:   (1) سنن الترمذي الطهارة (55)، سنن النسائي الطهارة (148)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (470). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء (1)» هذا فضل عظيم في هذه الشهادة بعد الوضوء، ويستحب أن يزيد: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين (2)»؛ لما رواه الترمذي رحمه الله بإسناد صحيح عن المغيرة بهذه الزيادة، وبهذا يعلم المفترض من الوضوء والسنة منه، فالتسمية في أول الوضوء سنة، تكرار المضمضة والاستنشاق مرتين أو ثلاثا سنة، غسل الوجه أكثر من مرة سنة، غسل اليدين مع المرفقين مرة هذا فرض، تكرار ذلك مرتين أو ثلاثا سنة، ومسح الرأس مع الأذنين فرض، ولا يشرع التكرار، وغسل الرجلين مع الكعبين مرة فرض، وتكرار ذلك مرتين أو ثلاثا سنة، والشهادة بعد الوضوء والدعاء سنة، الذي تقدم ذكره.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 71 44 - صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم س: ما هي الكيفية الصحيحة للوضوء؟ (1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم وضح للأمة الوضوء بفعله عليه الصلاة والسلام مفسرا لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (2)، فسره النبي صلى الله عليه وسلم بفعله للصحابة، فكان عليه الصلاة والسلام إذا قام للوضوء غسل كفيه ثلاث مرات أولا – وهذا مستحب – ثم يبدأ يتمضمض ويستنشق، ويغسل وجهه عموما من منابت شعر الرأس إلى الذقن طولا وعرضا إلى فروع الأذنين، ثم يغسل ذراعيه مع المرفقين، ثم يمسح رأسه مع الأذنين، ثم يغسل الرجل مع الكعبين. هكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام، هذه صفة وضوئه، يغسل كفيه ثلاثا أولا ولا سيما إذا قام من النوم يتأكد ذلك، فيجب أن يغسل كفيه ثلاث مرات قبل إدخال يده في الإناء، ثم يبدأ فيتمضمض ويستنشق ويستنثر ويغسل وجهه، والواجب مرة، ورد أنه توضأ مرة مرة، ثم يغسل ذراعيه مرة مرة مع المرفقين، ثم يمسح رأسه كله مرة واحدة مع الأذنين؛ يدخل إصبعيه في صماخ أذنيه، ويمسح ظاهر أذنيه بالإبهامين، ثم يغسل الرجلين مع الكعبين، مرة واحدة الواجب. وتوضأ   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (328). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 72 لهم مرتين مرتين، وتوضأ لهم ثلاثا ثلاثا حتى يعلموا السنة، فالمرة الواحدة فريضة، والمرتان سنة، والثلاث هي التمام، أفضل أن تكون ثلاثا ثلاثا، وهو الغالب من فعله عليه الصلاة والسلام، إلا الرأس مسحة واحدة لا يكرر ثلاثا، الرأس يمسحه مرة، بدأ بالمقدمة إلى قفاه، ثم يرده إلى المكان الذي يبدأ منه، فهكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام، والواجب أن تكون المرفقان داخلين في غسل اليدين، وهكذا الكعبان تدخلان في غسل الرجلين. قال أبو هريرة رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غسل يديه أشرع في العضد، وإذا غسل رجليه أشرع في الساق (1)» حتى يدخلا في ذلك؛ أعني المرفقين والكعبين؛ لقوله جل وعلا: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (2) إلى يعني: مع المرافق. وقوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (3)، معناه: مع الكعبين. فالكعب مغسول والمرفق مغسول، هذا صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام، مرة مرة، أو مرتين مرتين، أو ثلاثا ثلاثا، وربما غسل بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا، فالأمر واسع، الواجب مرة مرة، وليتمضمض مرة وليستنشق مرة، ويغسل وجهة مرة، يعمه بغسل، ثم اليدين مرة مرة،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، برقم (246). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 ويمسح رأسه مع الأذنين مرة، ثم يغسل رجليه مع الكعبين مرة، هذا هو الواجب، والأفضل أن يزيد فيكرر غسل الوجه واليدين والرجل مرتين أو ثلاثا، والثلاث أكمل وأفضل، أما الرأس فإنه يكفيه مرة واحدة لا يكرر، يمسحه مرة واحدة بيديه مع أذنيه، والأفضل أن يبدأ بمقدم رأسه ثم يمر بيديه إلى قفاه، ثم يعيدهما إلى المكان الذي بدأ منه مع إدخال إصبعيه في أذنيه ومسح ظاهرهما بإصبعيه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 45 - تعريف الوضوء الشرعي س: أيضا يسأل أخونا: م. ح. د. من المنطقة الشرقية بقيق، فيقول: هل مطلوب من المسلم إذا أراد أداء الصلاة أن يغسل وجهه ويديه، وأن يمسح على رأسه، ويغسل الرجلين إلى الكعبين فقط دون أن يقوم بالاستنجاء، أم أن ذلك كاف؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الوضوء الشرعي إذا أطلق في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمراد به أن يغسل وجهه ويديه، ويمسح رأسه وأذنيه، فيغسل رجليه، هذا هو الوضوء الشرعي، وهو المذكور في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (2)،   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (162). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 الآية من سورة المائدة، وهكذا في سورة النساء هذا المعنى. المقصود أن الواجب على المؤمن إذا كان على غير طهارة من ريح، أو بول، أو نحو ذلك أن يتوضأ الوضوء الشرعي، وهو المذكور في قوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (1)، لكن إن كان الحدث بولا، أو غائطا فإنه يستنجي، يعني يغسل الدبر عن الغائط، ويغسل الذكر عن آثار البول، ثم يتوضأ الوضوء الشرعي، يعني: يغسل كفيه ثلاث مرات، يتمضمض ويستنشق، يغسل وجهه، يغسل يديه مع المرفقين، يمسح رأسه مع الأذنين، ويغسل رجليه مع الكعبين. هذا هو الوضوء الشرعي، والواجب مرة واحدة، فإن كرر ثلاثا فهو أفضل، يتمضمض ثلاثا، يستنشق ثلاثا، يغسل وجهه ثلاثا، ويديه مع المرفقين ثلاثا، يمسح رأسه وأذنه مرة واحدة، المسح يكون مرة، يغسل رجليه مع الكعبين ثلاثا، والمرة كافية، والمرتان كذلك، لكن الأفضل والكمال ثلاثا ثلاثا، إلا الرأس فإنه يمسح مسحة واحدة مع الأذنين، وهذا كله بعد الاستنجاء إن كان هناك بول أو غائط، أما إن كان الحدث ريحا فلا يحتاج استنجاء، يبدأ بالغسل؛ المضمضة والاستنشاق، لا يحتاج استنجاء، وهكذا لو كان الحدث نوما، أو مس   (1) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 الفرج، أو أكل لحم الإبل، هذا ما يحتاج استنجاء، إنما يبدأ بالمضمضة والاستنشاق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 46 - حكم النية عند الوضوء س: الأخ: ع. م. من القصيم، يسأل ويقول: من شروط الوضوء النية، والنية محلها القلب، لكن إذا ذهب شخص لدورة المياه؛ الحمام – أعزكم الله والسامعين – لقضاء الحاجة ولم ينو الوضوء، وحين ما فرغ أراد الوضوء؛ بأن غسل وجهه ويديه إلى آخر الأعضاء، أي أكمل الوضوء، فهل وضوؤه صحيح؟ (1) ج: نعم، نية الوضوء عند البدء بالمضمضة والاستنشاق؛ لأن ذلك يسمى قضاء حاجة، يسمى استنجاء، فإذا استنجى من البول أو الغائط وليس عنده نية وضوء، ثم بعد ذلك أراد أن يتوضأ فالنية تكفي بعد ذلك، فإذا بدأ فإنه يتمضمض ويستنشق بنية وضوء كفى، والأفضل أن ينوي عند غسل الكفين، عند غسل الكفين يسمي الله وينوي الوضوء، ثم يشرع في المضمضة والاستنشاق، وغسل الوجه ثم يديه، ثم مسح رأسه إلى آخره، فالنية عند بدئه؛ غسل اليدين قبل المضمضمة   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (136). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 والاستنشاق، أما ذاك الذي يسمى الاستنجاء فليس محل النية، هذا كإزالة أذى؛ إزالة خبث، يزيل الأذى بالماء أو بالاستجمار، ولا يحتاج إلى نية، إنما النية عند بدئه غسل أطرافه الأربعة: الوجه واليدين والرأس والرجلين، هذا محل النية، ويسمى الوضوء، ويسمى التطهر والطهور. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 47 - حكم التلفظ بالنية عند الوضوء س: يسأل عن النية، ويقول: هل النية أن أقول في قلبي – عند الوضوء، أو عندما أريد صيام رمضان مثلا في كل يوم: نويت أن أفعل كذا. أم أن ذلك في القلب والعزم يكفي؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: النية: قصدك أنك تفعل كذا حين تسحرت، وتسحرت لتصوم اليوم، هذه النية، حين تقوم للصلاة هذه النية، النية كون القلب يقصد أنه قام في هذا الشيء، أو شرع في هذا الشيء، أو سيشرع في هذا الشيء يريد وجه الله سبحانه وتعالى، ولا يحتاج إلى تلفظ، فلا يقول: نويت بلسانه، بل بقلبه، أما التلفظ بالنية كأن يقول: نويت أن أصلي، نويت أن أطوف. فهذا بدعة لا أصل له.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (342). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 س: يقول السائل: إنني أنوي للوضوء، بحيث أقول بدون تلفظ: اللهم نويت الوضوء في هذا الماء الطاهر للطهارة للصلاة , وعند الصلاة أنوي بدون تلفظ أيضا: نويت أن أصلي صلاة الظهر – مثلا – حاضرا لله تعالى. وسؤالي هنا: هل النية صحيحة في هذا؟ وهل التلفظ جائز أو لا؟ (1) ج: النية لا بد منها للعبادات كلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (2)» فالنية بالقلب في الصلاة، في الحج، في الصيام، في جميع العبادات، في الصدقة، إلى غير ذلك، لكن التلفظ غير مشروع؛ أن يقول: نويت بلسانه، فلا يتكلم ويقول: نويت أن أصلي الظهر كذا، نويت أن أصلي العصر كذا , هذا غير مشروع، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولا السلف الصالح، وإنما النية بالقلب، فما يفعله بعض الناس: نويت الصلاة كذا، نويت أن أصلي الظهر أربع ركعات إماما أو مأموما – إلى آخره – كل هذا لا أصل له، فهو من البدع، وإنما النية تكون بالقلب، لا باللسان.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (242). (2) أخرجه البخاري في باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 س: إذا تلفظت في داخل المسجد، وقلت: اللهم إني نويت الوضوء لصلاة العصر – مثلا – أو: نويت للصلاة. بهذه الطريقة هل هذا يعتبر بدعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم، ليس له التلفظ بالنية، لا في الصلاة، ولا في الوضوء، لأن النية محلها القلب، فإنه يأتي إلى الصلاة بنية الصلاة ويكفي، يقوم للوضوء بنية الوضوء ويكفي، وليس هناك حاجة إلى أن يقول: نويت أن أتوضأ. أو: نويت أن أصلي. أو: نويت أن أصوم. أو: نويت أن أحج. أو ما أشبه ذلك، إنما النية محلها القلب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (2)» ولم يكن عليه الصلاة والسلام ولا أصحابه يتلفظون بالنية في الصلاة، ولا في الوضوء، وعلينا أن نتأسى بهم في ذلك، ولا نحدث في ديننا ما لم يأذن به الله، يقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» يعني: فهو مردود، وبهذا يعلم أن التلفظ بدعة، التلفظ بالنية بدعة.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (67). (2) أخرجه البخاري في باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1). (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 79 س: الأخ: خ. س. س. من حقل، يسأل ويقول: ما حكم من كان في نيته أن يتوضأ لصلاة العشاء، ولكنه نسي وتذكر ذلك بعد أن أدى الصلاة؟ هل يجب عليه قضاء هذه الصلاة؟ (1) ج: إذا كان يعلم أنه أحدث فعليه القضاء، أما إذا كان نوى أن يتوضأ للتجديد والنشاط، وإلا هو يعلم أنه على طهارة، ولكن عزم أنه يتوضأ لمجرد الفضل والنشاط فهذا لا إعادة عليه؛ لأنه صلى وهو على طهارة، أما إذا كان يعلم أنه محدث، وإنما أراد الوضوء لأجل أنه محدث، فهذا صلى على غير طهارة، فعليه أن يعيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول (2)» رواه مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (3)» فلا بد من الطهارة إذا كان على غير طهارة، فإذا صلى وهو على غير طهارة فهو آثم، وقد أتى معصية وصلاته باطلة. نسأل الله السلامة.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (210). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224). (3) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954)، أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 48 - حكم أداء صلاة الفرض بوضوء صلاة النافلة س: إذا توضأت لصلاة النافلة فهل يجوز أن أصلي بذلك الوضوء الفريضة؛ لأن النية كانت للنافلة؟ (1) ج: لا حرج في ذلك، إذا توضأ الإنسان الضحى – مثلا – لصلاة الضحى، وجاء الظهر وهو على طهارة يصلي الظهر، والحمد لله، المقصود أن يصلي بالطهارة سواء كانت الطهارة لنافلة، أو لقراءة في المصحف، أو لغير ذلك، يصلي بها الصلوات؛ الفريضة والنوافل الأخرى، ولو ما نواها؛ لأن الطهارة حاصلة، والحمد لله.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (399). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 49 - حكم ذكر البسملة داخل دورة المياه عند الوضوء س: سمعت حديثا من برنامجكم، وهو: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (1)» فما الحكم لو أن أحدا توضأ في دورة المياه؟ ونحن نعلم أنه لا يجوز ذكر اسم الله فيها (2) ج: نعم، قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدة طرق، عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (3)» ولكن أسانيدها فيها بعض الضعف، ومجموعها يرتقي إلى درجة الحسن، فينبغي للمؤمن عند الوضوء أن يسمي الله في ابتداء الوضوء، فيقول: بسم الله عندما يغسل كفيه بقصد الوضوء، أو عند ابتداء المضمضة والاستنشاق، يسمي الله جل وعلا عملا بهذه الأحاديث ولو كان في دورة المياه، فإن تيسر أن يكون وضوؤه خارجها فعل، وإلا فلا مانع أن يقول: بسم الله عند وضوئه، وإن كان في الدورة وذكر الله في الدورة ليس بحرام، لكنه يكره كراهة فقط عند   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397). (2) السؤال الثامن من الشريط رقم (205). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 بعض أهل العلم، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك زالت الكراهة؛ كالتسمية عند بدء الوضوء، أما إن نسي ذلك، أو جهل ذلك فلا حرج عليه ووضوؤه صحيح، لكن لا ينبغي أن يتعمد ذلك، بل ينبغي له أن يسمي الله في أول الوضوء حتى ولو كان في الدورة؛ لأجل شدة الحاجة إلى ذلك، وقول بعض أهل العلم بوجوب ذلك يمنع من الكراهية حينئذ، وتزول الكراهة بذلك، ويسمي الله عند بدء وضوئه، أما إذا لم يكن هناك حاجة فإنه يكره ذكر الله في حال وجوده في الدورة التي هي محل قضاء الحاجة؛ تعظيما لذكر الله جل وعلا، وتقديسا له، ولو ترك المتوضئ التسمية عند الوضوء جهلا منه، أو نسيانا منه فوضوؤه صحيح، أما إن تركها عمدا مع العلم والمعرفة بالحكم الشرعي فالأحوط له أن يعيد الوضوء؛ لأن بعض أهل العلم ذهب إلى وجوب ذلك لهذه الأحاديث وإن كان فيها ضعف، لكن يشد بعضها بعضا. نسأل الله للجميع التوفيق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 50 - حكم التسمية عند الوضوء س: هل التسمية عند الوضوء سنة أم فريضة؟ وإن كانت فريضة ونسي إنسان أن يسمي فما الحكم؟ (1) ج: الجمهور من أهل العلم على أنها سنة، هذا قول أكثر أهل العلم، أن التسمية سنة، وقال بعض أهل العلم: إنها واجبة. لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (2)» لكن هذا الحديث أعله العلماء، وقالوا: إنه لا يثبت كما قاله أحمد رحمه الله وجماعة، ولهذا قالوا: يستحب فقط؛ لأن مجموع الأحاديث قد يشد بعضها بعضا، فيؤخذ منها السنية. وقال بعضهم: يؤخذ منها الوجوب لأنها متعددة، فيشد بعضها بعضا. كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله، فالقول بالوجوب فيه نظر، أما السنية فلا شك فيها، يستحب عند البدء في الوضوء أن يسمي، يقول: بسم الله عند بدء الوضوء، فإن نسي فلا شيء عليه، وهكذا عند الغسل يسمي، فإن نسي فلا شيء عليه، {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (3)   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (136). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397). (3) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 51 - حكم ترك التسمية عند الوضوء عمدا س: يقول هذا السائل من الرياض: هل عدم التسمية عند الوضوء يبطل الوضوء؟ (1) ج: جمع من أهل العلم يرونها واجبة؛ التسمية مع الذكر، فإذا تركها ناسيا أو جاهلا لا يضره، أما التعمد فلا ينبغي تعمد تركها.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (430). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 س: كيف يسمي من أراد الوضوء في داخل دورة المياه؟ وهل له أن يذكر اسم الله وهو داخل الدورة؟ (1) ج: نعم، يسمي عند بدء الوضوء، عند غسل كفيه، عند بدء الوضوء، يقول: بسم الله ثم يشرع؛ لأنها حاجة واجبة، وجمع من أهل العلم يراها واجبة؛ هذه التسمية، فعند وجوبها وتأكدها تزول الكراهة ولو أنه في دورة المياه.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (227). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 52 - حكم نسيان التسمية عند الوضوء س: إذا بدأت الوضوء، ولكنني نسيت التسمية فما حكم وضوئي ذلك؟ وكيف تنصحون من كان مثلي؟ (1) ج: إذا توضأ الإنسان ونسي التسمية، أو كان جاهلا فلا شيء عليه، وضوؤه صحيح، إنما الخلاف بين العلماء إذا كان تعمد مع العلم، فالجمهور على أن وضوؤه صحيح ولو تعمد؛ لأن الأحاديث عندهم ضعيفة في ذلك، وذهب بعض أهل العلم إلى أن وضوؤه غير صحيح إذا تعمد مع العلم؛ لأن الأحاديث وإن كان في أسانيدها مقال لكن يشد بعضها بعضا، كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (2)، الآية من سورة المائدة، قال: إن الأسانيد يشد بعضها بعضا، وهي الحديث المعروف المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (3)» جاءت من عدة أحاديث عن عدد من الصحابة، عن أبي سعيد وأبي هريرة وآخرين، لكن في أسانيدها مقال. قال الحافظ: إنه يشد بعضها بعضا، وقد تكون من قبيل الحسن لغيره.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (191). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب هذه التسمية في أول الوضوء مع الذكر، أما مع النسيان ومع الجهل فلا شيء عليه، وضوؤه صحيح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 53 - حكم من تذكر التسمية بعد الوضوء س: المستمع: ح. ن. ش. يسأل ويقول: ماذا أفعل إذا نسيت التسمية وأنا في الوضوء؟ هل أسمي بعد إكمال الوضوء؟ (1) ج: لا حرج، إذا نسيتها سقطت والحمد لله، ولا شيء عليك، إذا نسيت التسمية في الوضوء في هذه الحالة مع النسيان تسقط، والحمد لله، وإذا ذكرتها في الأثناء سم عند ذكرها عند غسل اليدين، وعند مسح الرأس سم بالله، كله طيب.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (311). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 س: من إحدى الأخوات المستمعات رسالة تقول فيها: ما حكم من نسي التسمية عند الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: من نسيها عند الوضوء فلا شيء عليه، ولو تعمدها فوضوؤه صحيح عند أكثر أهل العلم، وقال بعض أهل العلم: إذا تعمدها وهو   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (318). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 يعلم الحكم الشرعي فإنه يعيد الوضوء. والصواب أنه لا يعيد إذا كان عنده جهل أو شك في وجوبها عليه، أو يعتقد أنها مستحبة فقط، ليس عليه إعادة الوضوء، ولكن يشرع له أن يسمي عند الوضوء، فإن نسي ذلك، أو جهل ذلك، أو شك في وجوب ذلك فوضوؤه صحيح، والحمد لله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 س: عند الوضوء دائما أنسى البسملة في بدايته مع علمي بصحة الحديث في ذلك، فما حكم الوضوء، وبالتالي الصلاة فيما مضى؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الوضوء صحيح، والصلاة صحيحة والحمد لله؛ لقول الله عز وجل: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (2) , فليس عليك حرج حتى ولو تركت عمدا، عند أكثر العلماء على أنها سنة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة مع الذكر، أما مع النسيان تسقط، أو مع الجهل الحمد لله , والصلاة صحيحة والحمد لله، والوضوء صحيح كذلك.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (286). (2) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 54 - حكم من نوى التسمية بالقلب داخل الدورة عند الوضوء س: يقول السائل: أكثر الأحيان أتوضأ في الحمام وبدون أن أسمي، ولكني أنوي التسمية بقلبي، فهل يصح الوضوء؟ (1) ج: الوضوء صحيح على الصحيح، لكن السنة أن تسمي ولو في الحمام، تقول: بسم الله عند بدء الوضوء؛ لأن التسمية يراها واجبة جمع من أهل العلم، التسمية تجب عند جمع من أهل العلم، فلا تتركها، تسمي عند أول الوضوء ولو كنت في الحمام؛ لأن هذا عذر شرعي، ولا تدع التسمية، والذي مضى نسأل الله أن يعفو عنا وعنك، ولا حرج إن شاء الله.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (249). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 س: عن ذكر الله والإنسان يتوضأ داخل الحمام، كيف يكون؟ (1) ج: السنة: الإنصات وعدم الذكر، يكره الذكر في الحمام؛ لأنه محل قضاء الحاجة، لكن إذا أراد الوضوء والمغسلة التي يتوضأ منها في الحمام فإنه يسمى عند أول الوضوء؛ لأن التسمية واجبة عند جمع   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (156). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 من أهل العلم، فلا يتركها من أجل الكراهة، الواجب مقدم وتزول الكراهة، ويسمي عند بدء الوضوء، عند غسل اليدين، قبل أن يتمضمض ويستنشق، أو عند المضمضة والاستنشاق، المقصود أن يسمي في أول الوضوء ولو أنه في أول الحمام إذا دعت الحاجة إلى الوضوء في الحمام؛ لأن التسمية واجبة عند جمع من أهل العلم، سنة – عند الأكثر – مؤكدة، فلا ينبغي له تركها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 55 - حكم الوضوء داخل دورة المياه س: هل يصح الوضوء في الحمام؟ (1) ج: نعم، لا حرج أن يتوضأ في الحمام، ويسمي في أول الوضوء عندما يبدأ الوضوء بالتمضمض والاستنشاق، أو عند غسل الكفين ثلاثا، يقول: بسم الله ويبدأ؛ لأن الكراهة التي ذكرها العلماء في كراهة ذكر الله في الحمام تزول عند الحاجة، وهو محتاج إلى أن يسمي الله في أول الوضوء، وقد أوجب ذلك بعض أهل العلم، فحينئذ تزول الكراهة ويسمي الله عند بدء وضوئه، فإن تيسر أن يكون ذلك خارج الحمام فهذا أفضل وأكفى.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (158). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 56 - حكم التلفظ بالشهادتين داخل الخلاء بعد الفراغ من الوضوء س: إذا فرغ المسلم من الوضوء هل يجوز أن ينطق بالشهادتين في الخلاء؟ وما الحكم إذا تأخر النطق بالشهادتين حتى الخروج؛ للانشغال بغسل ثوب أو نحوه؟ (1) ج: الأفضل للمؤمن أن لا ينطق بهما في الخلاء، يعني في الحمام، بل ينتظر حتى يخرج؛ لأن ذكر الله في الحمام مكروه؛ تعظيما له وتنزيها له سبحانه وتعالى، ومتى خرج ولو تأخر لغسل ثوب أو حاجة أخرى نطق بالشهادتين، فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. هذا هو المشروع بعد الفراغ من الوضوء عند خروجه من الحمام، والله ولي التوفيق.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (86). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 57 - حكم الترديد وراء الأذان أثناء الوضوء س: هذه رسالة وصلت من المستمع للبرنامج يقول: سماحة الشيخ، أنا أعلم بأن الكلام أثناء الوضوء مكروه، ولكن هل يكون أيضا مكروها إذا رددنا وراء الأذان أثناء الوضوء؟ (1) ج: لا حرج أن يتكلم بالأمر الشرعي وهو يتوضأ إذا كان في محل خارج الحمام، لا بأس، يردد مع المؤذن الأذان ويتوضأ.   (1) السؤال السادس والستون من الشريط رقم (425). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 58 - حكم الوضوء داخل دورة المياه س: ما حكم من يتوضأ داخل الحمام؟ وهل يجوز وضوؤه؟ (1) ج: إذ توضأ داخل الحمام فلا بأس، ويسمي عند أول الوضوء، يقول: بسم الله ,ويتوضأ؛ لأن التسمية واجبة عند بعض أهل العلم، ومتأكدة عند الأكثر، فيأتي بها وتزول الكراهة؛ لأن الكراهة تزول بوجود الحاجة، والإنسان مأمور بالتسمية عند أول الوضوء، فيسمي ويكمل وضوءه، وأما التشهد فيكون بعد الخروج من محل الوضوء؛ محل الحمام الذي فيه قضاء الحاجة، إذا فرغ يخرج ويتشهد في   (1) السابع عشر من الشريط رقم (154). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 الخارج، أما إذا كان الحمام لمجرد الوضوء ليس للغائط والبول هذا لا بأس أن يتوضأ فيه؛ لأنه ليس محلا لقضاء الحاجة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 س: هل يجوز أن يتوضأ الشخص في دورة المياه أكرمكم الله؟ (1) ج: لا بأس في ذلك، ولا حرج فيه، ولا بأس أن يسمي الله عند بدء الوضوء، وإذا خرج يتشهد؛ لأن بدء الوضوء بالتسمية واجب عند جمع من أهل العلم ومتأكد، فلا يمنعه كونه في الدورة، وإذا توضأ خارج الدورة كان أفضل إذا تيسر ذلك.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (325). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 س: يسأل السائل س. من اليمن، ويقول: هل يصح الوضوء في الحمام إذا لم توجد مغسلة أخرى خارج الحمام؟ (1) ج: يتوضأ في الحمام ولا بأس، والحمد لله، ويسمي عند بدء الوضوء؛ لأنه مضطر لهذا، تزول الكراهة عند الحاجة، زالت الكراهة، يسمي الله ويتوضأ والحمد لله، والتسمية تكون جهرا أو سرا، كله واحد، يتلفظ بها.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (304). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 س: السائلة من قطر تقول: أسألكم عن الوضوء داخل دورات المياه، هل هو جائز؟ وكيف توجهونا بالنسبة للأذكار؟ ثم إني أذكر سماحتكم بنظافة هذه المحلات، فهي تختلف عن سابقتها فيما عرف قديما (1) ج: إذا كان في الحمام – هذا مقعد لقضاء الحاجة – فالأولى والأحوط الخروج وقت الوضوء؛ الوضوء الشرعي إلى الخارج إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر توضأ في الداخل، لكن يسمي عند بدء الوضوء، عند غسل يديه، أو عند المضمضة والاستنشاق، فلا كراهة في ذلك؛ لأن التسمية مهمة، قد أوجبها جماعة من العلماء في أول الوضوء؛ لما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (2)» فالإنسان يسمي ولو كان داخل الحمام؛ لأن التسمية مهمة متأكدة، أو واجبة عند بعض أهل العلم، فلا يدعها لقول بعض أهل العلم بكراهة الذكر داخل الحمامات، وهو يكره، لكن إذا دعت الحاجة إليه كالوضوء تزول الكراهة؛ لأن التسمية متعينة متأكدة؛ إما وجوبا، وإما سنة متأكدة.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (306). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 59 - بيان أن الترتيب بين أعضاء الوضوء واجب س: تقول السائلة: توضأت وقدمت عضوا على عضو، أي: قدمت غسل اليدين ثم الوجه، وذلك دون علم بصحة ذلك وعدم صحته، فما حكم وضوئي؟. جزاكم الله خيرا (1) ج: الوضوء لا يصح إلا بالترتيب بغسل الوجه، ثم اليدين، ثم الرأس، ثم الرجلين، هذا الوضوء الشرعي، فالصلاة التي صليتها بهذا الوضوء المنكس عليك أن تعيديها إذا كنت تعرفينها، وإلا فبالظن والاجتهاد، أعيدي الصلاة التي تظنين أنك صليتها بهذا مع التوبة والاستغفار؛ لأنك لم تسألي ولم تتعلمي، والواجب عليك التعلم والسؤال ولو من طريق الهاتف، تحصلي على العلم من طريق الهاتف، من طريق المكاتبة، تسألي أهل العلم عندك إن كان عندك من يعرف، لا تسكتي، الواجب السؤال، فالله يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (2)، يروى عنه عليه السلام أنه قال: «ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال (3)» فالواجب على الرجل والمرأة أن يسألا، كل مسلم أن يسأل عما أشكل عليه، عما يهمه في دينه.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (340). (2) سورة النحل الآية 43 (3) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم، برقم (336)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في المجروح تصيبه الجنابة، برقم (572). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 60 - تحديد مدة وقت الوضوء والاغتسال س: هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث يحدد الوقت الذي كان يتوضأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل ورد حديث يحدد وقت الاغتسال؟ (1) ج: لا أعلم شيئا في هذا، لا أعلم أنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم حديث يحدد زمان غسله وزمان وضوئه بالدقائق، لكنه ما كان يتكلف، عليه الصلاة والسلام، السنة دالة على أنه غير متكلف، وغير موسوس، عليه الصلاة والسلام، بل كان يتوضأ في مدة يسيرة، ويغتسل في مدة يسيرة، وليس من جنس أعمال الموسوسين، الذين يتنطعون ويتكلفون ويعذبون أنفسهم، بل الرسول صلى الله عليه وسلم في غاية من الكمال في أخلاقه وأعماله، فما كان يتكلف ولا يتنطع، لا في غسله، ولا في وضوئه، عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الواجب على المؤمن؛ أن يكون بعيدا عن التنطع والتكلف في الوضوء والغسل، بل يتوضأ في حالة حسنة ليس فيها تنطع، وليس فيها جفاء، بل يتوضأ كما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم: مرة مرة، أو مرتين مرتين، أو ثلاثا ثلاثا، ولا يزيد على ذلك، وهكذا في الغسل؛ يستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة في حال الجنابة، ثم يغتسل؛ يفرغ   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (140). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 الماء على رأسه ثلاث مرات، ثم على بدنه، يبدأ بالأيمن ثم الأيسر، هذا هو المعروف من فعله عليه الصلاة والسلام، ولم يكن عنده تكلف، ولم يعرف عنه أنه كان يطيل في البقاء في الحمام لهذا الأمر، بل كان عليه الصلاة والسلام وسطا في كل أقواله وأعماله، عليه الصلاة والسلام. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 61 - الموالاة في غسل الأعضاء فرض من فروض الوضوء س: هل يجوز قطع الوضوء لفترة تكون بسيطة، ثم بعد ذلك يعود لإكمال الوضوء؟ (1) ج: إذ كانت يسيرة عرفا والأعضاء على حالها لم تجف، بل قطعه يكلم شخصا أو كذا فلا يضر، أما إذا طال الفصل لا بد من التوالي عرفا، والأحوط أن لا يتساهل في هذا؛ لأنه قد يعتقد أنها ليست بطويلة وهي طويلة، والأحوط أن يتابع الوضوء، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا، إذا دخل فيه يتابعه حتى ينهيه.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (355). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 62 - حكم الفصل بين غسل أعضاء الوضوء لعذر س: يقول السائل: أ. ع. ب. من الرياض: شخص بدأ في الوضوء لبعض أعضاء جسمه، فانقطع عليه الماء، فذهب إلى مكان آخر وأكمل ما تبقى من أعضاء جسمه، فهل هذا الوضوء صحيح؟ (1) ج: إذا كانت المدة غير طويلة؛ بأن لا يغسل الآخر حتى يجف ما قبله فلا بأس، إذا كانت المدة الفاصلة خفيفة فلا بأس، وإلا فليعده من أوله.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (399). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 63 - حكم التيمم مع وجود الماء لإدراك صلاة الجماعة س: عندما هممت بإكمال الوضوء بإحدى الصلوات قامت الصلاة، فتيممت وقمت للصلاة مع الجماعة؛ وذلك لازدحام المتوضئين، وخشيت أن صلاة الجماعة تفوتني، فهل علي إثم فيما فعلت؟ (1) ج: نعم، عليك إثم، وعليك الإعادة؛ لأن عليك الوضوء ولو   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (336). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 فاتتك الصلاة، عليك أن تتوضأ ولو فاتتك الجماعة، ولو صليت وحدك، فعليك أن تبادر وتتوضأ قبل خوف فوات الجماعة، أو قبل الأذان؛ حتى تكون مستعدا للصلاة، أما أن تتأخر وتتكاسل فإذا قامت الصلاة تيممت هذا غلط كبير، الواجب عليك أن تتوضأ ولو فاتتك الصلاة، وتصلي بوضوء، فإذا صليت مع الناس بتيمم وأنت قادر على الماء فهذا منكر، وعليك الإعادة والتوبة أيضا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 64 - حكم صلاة من نسي غسل أحد أعضاء الوضوء س: يقول: ذهبت إلى الجامع للصلاة، وعند الانتهاء من الصلاة تذكرت بأن أحد أعضاء الوضوء لم أقم بغسله، فهل تجوز صلاتي؟ (1) ج: عليك أن تعيد الوضوء، وتعيد الصلاة إن كانت فريضة؛ لأنك لم تأت بوضوء صحيح؛ لأن الوضوء غير صحيح؛ لأنك صليت بلا وضوء.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (357). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 65 - حكم الإخلال بالترتيب بين أعضاء الوضوء نسيانا س: الأخت: ز. ع. تقول: إذا توضأ الفرد المسلم، فانتقل إلى غسل عضو، ونسي أن يغسل العضو الذي قبله، مثلا: أن يغسل يديه إلى المرفق، وينسى غسل الوجه فما الحكم؟ هل يعيد الوضوء؟ أم أنه يعود للعضو الذي لم يغسله؟ (1) ج: يعود للعضو الذي لم يغسله، ويغسله ثم يغسل ما بعده، يعيد الوضوء كله من أول، إذا ترك الوجه يعود للوجه، ثم يعود يغسل اليدين، ثم يمسح رأسه، ثم يغسل رجليه؛ لأنه لا بد من الترتيب، فإذا نسي وغسل يديه قبل وجهه يعود يغسل وجهه، ثم يغسل يديه.   (1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (428). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 س: ما حكم من نسي شيئا في الوضوء، سواء كان ذلك الشيء فرضا أو كان سنة؟ هل يعيد العضو نفسه، أو يعيد الوضوء كله؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانت المدة قريبة يعيد العضو وما بعده، أما إذا كان طال الفصل فإنه يعيد الوضوء كله، فلو نسي – مثلا – يده اليسرى عند الوضوء، ثم تنبه بعدما مسح رأسه، أو عند غسل رجليه يعود ويغسل   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (334). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 يده اليسرى، ثم يمسح رأسه، ثم يغسل رجليه، أما إن طال الفصل فإنه يعيد الوضوء كله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 66 - حكم خلع طقم الأسنان المركبة أثناء الوضوء تقول السائلة: لدي طقم أسنان، هل يجزئ وضوء واحد، أم عند كل وضوء لا بد من خلعها، ثم الوضوء؟ (1) ج: لا حاجة إلى خلعها، تمضمضي عند الوضوء الأول، وما دامت على الطهارة فإنها تصلي بالطهارة، وإذا أرادت الوضوء مرة أخرى تمضمضت والأسنان في فمها، لا حاجة إلى خلعها.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (236). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 67 - حكم تخليل اللحية أثناء الوضوء س: الأخ: م. ع. ع. من شرورة يسأل ويقول: هل وصول الماء إلى بشرة اللحية واجب ضروري، أم يكفي مرور الماء فوق الشعر؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانت اللحية كثيفة كفى مرور الماء عليها، وإن خللها فهو أفضل، بأن خللها وعركها فهو أفضل، وإلا كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر الماء   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (230). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 عليها، وربما خللها بعض الأحيان، عليه الصلاة والسلام، أما إن كانت صغيرة، لا تستر البشرة فإنه يعركها حتى يصل الماء إلى البشرة، إذا كانت صغيرة لا تستر البشرة فإنه يغسل البشرة مع الشعر؛ لأنها حينئذ وجودها كعدمها؛ قليلة، أما الكثيفة التي تستر البشرة لكثافتها فإنه يكفي مرور الماء عليها جميعها، إذا أجرى عليها الماء كفى، وإن خللها فهو أفضل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 س: يقول السائل: بالنسبة للمتوضئ ذي اللحية الكثيفة، هل يشترط أن يصل الماء إلى منابت الشعر؟ (1) ج: يكفيه أن يمر الماء عليها، إذا أمر الماء عليها كفى، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على أن إجراء الماء على اللحية يكفي، وأنه إذا غسل وجهه حتى أجرى الماء على اللحية كفى، ذلك وإن خللها فهذا أفضل، إذا تيسر تخليلها فهو أفضل، فقد فعل النبي هذا وهذا، عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (75). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 68 - بيان حدود الوجه في الوضوء س: ما تحديد الوجه في الوضوء لمن لا لحية له، ولمن له لحية؟ وذلك بالتفصيل وبيان معنى ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الوجه هو الذي تحصل به المواجهة، فيغسل ما بين الأذنين، ومن منابت الشعر فوق إلى اللحية أسفل، هذا هو الوجه، يغسل وجهه ومعه اللحية، يجري عليها الماء والخدين ما أقبل من الأذنين، الأذنان من الرأس ليستا من الوجه، لكن ما بينهما كله من الوجه، ومن منابت الشعر فوق وأسفل، كله من الوجه إلى اللحية، واللحية إن خللها بالماء فهو أفضل، وإن أجرى عليها الماء كلها كفى، والحمد لله، ومن لم يكن له لحية فإنه يغسل محل اللحية.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (352). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 69 - حكم غسل اليدين من المرفق إلى أعلى الكتف س: هل يجب عند غسل اليد عند الوضوء من المرفق إلى الكف من الأعلى إلى الأسفل، أم أنه يجب التقيد باتجاه معين؟ (1) ج: الواجب: غسل اليد من أطراف الأصابع إلى المرفق في الوضوء، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يغسل ذراعيه مع المرفقين حتى يشرع في العضد، يعني: يدخل المرفقين في الغسل سواء بدأ من أعلى، أو من أسفل، المهم أن يجري الماء على اليد من أطراف الأصابع إلى المرفق إلى أول العضد، وهكذا في الرجل، يجري الماء على الرجلين حتى يستدخل الكعبين، يشرع في الساق، فتكون المرفقان والكعبان كلها داخلة في المغسول.   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (373). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 70 - حكم المسح على المرفق إذا كانت الثياب ضيقة س: سائلة تقول: إنها طالبة في المدرسة، وعندما تريد أن تتوضأ لا يرتفع ثوبها إلى ما فوق المرفق؛ نظرا لضيق الكم، فهل لها أن تمسح؟ (1) ج: ليس لها ذلك، وليس لها لبس الضيق، وهذا لا يجوز، بل   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (158). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 عليها أن تلبس لباسا يمكن حسره عن مرفقها حتى تغسل المرفق، المرفق من الذراع لا بد منه، لا بد أن تغسل ذراعها مع المرفق، والواجب عليها ترك هذا الضيق، وأن تلبس لباسا تستطيع معه غسل مرافقها. نسأل الله الهداية للجميع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 71 - حكم الاكتفاء بمسح مقدم الرأس في الوضوء س: هذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، هناك موضوع أود أن استفسر من سماحتكم عنه، وهو أننا كنا نتعلم في المدرسة بأن المسح على الرأس بالنسبة للمرأة في الوضوء سنة، وأنه يكون من الأمام فقط، وأن تاركه لا يأثم، وعلى ذلك فقد كنت نادرا ما أمسح رأسي في الوضوء، وإذا مسحت أمسح من الأمام فقط، وطبعا هذا نتيجة للجهل، ولكن منذ مدة بدأت أقرأ القرآن والكتب الشرعية، وعلمت ما كنت عليه من خطأ، فماذا علي أن أفعل؟ وهل يجب علي الإعادة في صلواتي الفائتة؟ مأجورين (1) ج: الواجب عليك التوبة إلى الله من ذلك، والاستقامة على المسح على جميع الرأس من مقدمه إلى أسفله إلى آخره مما يلي   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (400). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 الرقبة، هذا الواجب عليك، وعلى الرجل مسح جميع الرأس، من منابته من أعلى إلى منابته من أسفل هذا هو الواجب عليك، وعلى غيرك، وعلى الرجال أيضا، والماضي ليس عليك إعادة، عليك التوبة إلى الله من ذلك، وليس عليك إعادة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الذي أساء في صلاته أن يعيد الوقت الحاضر، ولم يأمره بأن يعيد ما مضى لجهله، فأنت جهلت الأمر الشرعي، فعليك التوبة إلى الله من ذلك، وعليك الاستقامة في المستقبل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 س: السائل: أبو أحمد يقول: هل يكفي مسح بعض الرأس عند الوضوء للصلاة؟ (1) ج: الواجب مسحه كله، كان النبي يمسحه كله، عليه الصلاة والسلام، فعلينا أن نتأسى به، عليه الصلاة والسلام، فالواجب مسح الرأس كله مع الأذنين؛ مسح داخلهما وظاهرهما، أما المرأة فلا يلزمها تخليل شعرها، وإنما عليها أن تعمه بالماء، ولا يلزمها النقع، تعمه بالماء والحمد لله.   (1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (428). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 س: السائل: ف. أ، مقيم بالرياض، يقول: كثيرا ما نقرأ أو نسمع القول بأنه لا اجتهاد مع النص، وكثيرا ما نرى الأئمة الفقهاء يختلفون في المسألة الواحدة؛ كاختلافهم بالقدر المسموح من الوضوء – مثلا – عملا بقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} (1)، فهل هذا الخلاف يا سماحة الشيخ اجتهاد مع النص، أم يمكن أن نسميه اجتهادا في فهم النص؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال (2) ج: هذا الاختلاف نشأ عن الاجتهاد في معنى النص؛ هل معناه أنه يكفي مسح بعض الرأس، أو معناه أنه يعم الرأس كله؟ قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} (3)، اختلف العلماء في هذا، قال بعضهم: يكفي مسح البعض. وقال آخرون: لا بد من جميعه. والصواب أنه يرجع في تفسير ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو المفسر للقرآن بأعماله وأقواله، فلما رجعنا لسنته صلى الله عليه وسلم رأيناه يمسح الرأس كله مع الأذنين، فدل على أن المراد مسح الرأس كله؛ لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يفسر المعنى، فالواجب على من يتوضأ أن يمسح الرأس كله مع الأذنين تأسيا بعمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وعملا بنص الآية: برؤوسكم، يعني المسح بها   (1) سورة المائدة الآية 6 (2) السؤال الأول من الشريط رقم (387). (3) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 كلها مع الأذنين، وفعل النبي يفسر المراد، ولهذا قال جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (1)، فكما أن الوجه يعم، واليد تعم، والرجل تعم فهكذا الرأس يعم، وكان إذا مسح رأسه بدأ بالمقدمة ومر بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ومسح بأذنيه، هذا يدل على أن هذا المراد بقوله: {وَامْسَحُوا} (2)،   (1) سورة المائدة الآية 6 (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 72 - حكم مسح شعر الرأس وعليه زيوت س: ما حكم استعمال زيت الشعر؟ وهل يمنع وصول الماء أثناء الوضوء؟ وأنا أترك خصلة شعر جانب كل أذن دون وضع الزيت عليها حتى أمسح بالماء، فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يمسح عليه ولا حرج، كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يمسحن على ما يكون في رءوسهن من المشوطات، فلا حرج في ذلك والحمد لله، يمسح عليهما مع الأذنين ويكفي، والحمد لله.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (286). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 73 - حكم ترك مسح الرأس بسبب المرض س: تقول هذه السائلة بأنها تشتكي من ألم رأسها عند مسحه للوضوء، وأحيانا تقول: أمسح على شيء فوق رأسي بحيث لا يلامس رأسي الماء، هل علي شيء في ذلك والحال ما ذكر؟ (1) ج: هذا يختلف: إن كان عليها ضرر بين فلا تمسحه وتتيمم، فإن كان الضرر خفيفا فإنه يلزمها المسح على نفس الشعر، لا تجعل شيئا فوقه وتمسح عليه وإنما تمسح على نفس الشعر، لكن لها أن تتخذ خمارا، يعني تلفه، تتحنك به، وتضبطه، تمسح ليوم وليلة إذا لبسته على طهارة، ثم إذا أتمت اليوم والليلة تخلعه وتتطهر، ثم تلبسه، وهكذا، حتى يدفع عنها بعض الأضرار، الخمار المضبوط تطويه على رأسها وتحت حنكها حتى يثبت، وتلبسه على طهارة، تمسح عليه يوما وليلة مثل الخفين، فإذا أتمت اليوم والليلة نقضته، ثم تطهرت، ثم لبسته لبسا محكما لأجل مضرة الرأس، فإذا تيسر الخمار هذا، ولبسته على طهارة فإنها تمسح على الخمار ليوم وليلة، ثم تنقضه وتتطهر، ثم تعيد لبسه، وهكذا كالخفين لا بأس، وإذا شق عليها هذا، ولم تستطع لبس الخمار فإنها تتيمم إذا كان يضرها الماء، إذا توضأت وغسلت رجليها وتنشفت تضرب التراب بيديها بالنية عن الرأس.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (424). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 74 - صفة مسح الرأس س: ما هي صفة مسح الرأس؟ (1) ج: يمسح رأسه بيديه، يمسح بيديه، يديرهما ويقبل، يبدأ بالمقدمة إلى قفاه ثم يردهما، هذا هو الأفضل، وإن مسح على غير هذه الصفة؛ بأن مسح بيده اليمنى أو بيده اليسرى وعمم، أو بيديه من وسط الرأس وعمم كله لا يضر، يكفي، والحمد لله.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (147). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 75 - صفة مسح المرأة لرأسها س: تسأل المستمعة: ف. من مصر، وتقول: هل مسح الرأس في الصلاة يكون مرة واحدة؟ وماذا تفعل المرأة؟ هل تمسح جميع الرأس؟ وماذا تفعل إذا كان الشعر طويلا؟ (1) ج: مسح الرأس فرض من فروض الوضوء على الرجل والمرأة، تمسح رأسها كما يمسح الرجل رأسه، والمقصود منابت الشعر من مقدمه إلى مؤخره، أما الذوائب لا حاجة إلى مسحها، لكن تمسح من مقدمه إلى مؤخره على منابت الشعر، وأما الذوائب النازلة عن ذلك فلا يجب مسحها، وإذا كان عليها ضمادات؛ من حناء أو غيره   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (388). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 فلا يضر، قالت عائشة: «كنا نمسح على الضمادات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (1)» فإذا مسحت على ما في رأسها من ضماد؛ من حناء أو غيره فلا بأس.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب: الطهارة، باب: في المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل، برقم (254). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 76 - حكم مسح الأذنين حال الوضوء س: سائلة تقول: ما حكم المسح على الأذنين حال الوضوء؟ هل هو سنة؟ (1) ج: لا بد منه، فهو فرض مع مسح الرأس، لأنه جزء من مسح الرأس، الرسول كان يمسح رأسه وأذنيه، فمسحهما مع الرأس أمر مفترض.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (365). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 س: ما حكم مسح الأذنين حال الوضوء؟ (1) ج: يجب مسح الأذنين؛ لأنهما من الرأس، جزء من الرأس، والرأس يجب تعميمه، الرأس كله من أوله إلى آخره مع الأذنين، يدخل إصبعيه في الصماخين، ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، وهذا هو الواجب عليه في كل وضوء.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (362). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 77 - حكم غسل الأذن حال الوضوء س: يسأل عن غسل الأذن بالذات والفم والأنف، هل هو واجب؟ ولا سيما أن الأذن قد تتضرر بالغسل، جزاكم الله خيرا (1) ج: الأذن لا تغسل، وإنما تمسح بالأصبع بالوضوء، لا تغسل لا بالوضوء، ولا بالغسل، إنما يمسح ظاهرها، وصماخها بالإصبع، والحمد لله، يمسحها ويكفي، ولا يخاطر.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (352). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 س: تقول السائلة: عند القيام بفرض الوضوء هل واجب على المرأة مسح جميع الرأس، أم يكفي الناصية؟ (1) ج: المرأة مثل الرجل، تمسح جميع الرأس من مقدم الرأس إلى مؤخره، مؤخر الرأس المنبت، أما ما نزل من الضفائر فلا يمسح، ما يجب مسحه، لكن تمسح المرأة – كالرجل – منبت الشعر من مقدم الرأس إلى آخر الرأس، والرقبة وما بعدها، الضفائر لا تمسح، إنما هو منبت الشعر من مقدم الرأس إلى مؤخر الرأس، تمسح عليه، ويمسح الرجل كذلك.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (242). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 78 - حكم مسح الرأس وعليه لصوقات س: سائلة تقول: إذا وضعت الحنا على الرأس هل يمنع وصول ماء الوضوء إلى فروة الرأس؟ وهل اكتفي بالمسح عليها أثناء الوضوء فقط؟ (1) ج: الصواب أنه يكفي إذا كان على الرأس لصوقات من حنا وغيرها، يمسح عليها، يكفي والحمد لله، كما قالت عائشة رضي الله عنها، أخبرت أنهم يضعون اللصوقات على رءوسهم، ويمسحون عليها، والحمد لله.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (372). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 س: هل الزيوت التي تضعها المرأة على رأسها تمنع وصول الماء إلى الرأس، بحيث يكون الوضوء والغسل باطلا؟ (1) ج: لا، لا يمنع الزيت الذي يكون في الرأس وأشباهه، لا يمنع كالحناء أو نحوه.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (226). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 79 - حكم تخليل المرأة شعرها أثناء الوضوء س: هل يجب على المرأة أن تخلل شعرها أثناء الوضوء؟ (1) ج: ليس عليها أن تخلل الشعر، بل تمر الماء على شعرها ويكفي، «سألت أم سلمة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أشد شعر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة والحيض؟ فقال عليه الصلاة والسلام: إنما يكفيك أن تحثي ثلاث حثيات، ثم تغتسلي فتطهري (2)» أي: في غسل الجنابة والحيض تحثي المرأة على شعرها ثلاث مرات، وفي الوضوء تمر يديها عليه بالمسح، ويكفي ولا حاجة إلى النقض؛ لا في الغسل، ولا في الوضوء، لكن في الغسل تحثي عليه ثلاث حثيات؛   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (321). (2) أخرجه أبو داود في كتاب: الطهارة، باب: في المرأة تستحاض، برقم (280)، والنسائي في كتاب: الطهارة، ذكر الأقراء، برقم (211). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ويكفي، وفي الوضوء تمسح؛ تمر يديها عليه على ظاهر الرأس ويكفي، وتمسح أذنيها أيضا؛ بأن تجعل إصبعيها السبابتين في أذنيها الصماخين، وتمسح بإبهاميها عليهما؛ ظاهر الأذنين ويكفي، والحمد لله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 س: إذا كان على شكل ضفائر هل يلزمها أن تفك تلك الضفائر؟ (1) ج: لا، ليس عليها إلا حدود أسفل الرأس ومنابت الرأس، أما أطوال الضفائر؛ فلا تمسح عليها، إلا في الغسل، تمرر الماء عليه كله، أما في الوضوء فتمسح منابت الشعر إلى أسفل الرأس في المنابت وإذا طال الشعر فوق ذلك فلا يضر، لكن في الغسل لا يجب عليها فك الضفائر، لا تفكها، ولكن تعمه، أي تسيل عليه الماء كله.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (321). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 80 - حكم المسح على الشعر الطويل وعليه مشابك ؟ س: تقول إحدى الأخوات: شعرها طويل، تقوم بلفه حول رأسها بحيث يكون كالطاقية، ثم تشبكه بالمشابك الخاصة بالشعر، فهل يصح المسح عليه وهو على هذه الحالة عند الوضوء؟ (1) ج: عليها أن تنقضه حتى تمسح الرأس الذي هو المنابت من أوله إلى منتهاه، أما أطراف الشعر الطويل فلا يلزمها مسحها، لكن تزيل هذا الذي على الجمة، حتى تمسح الجمة من منابت الشعر من مقدم الرأس إلى نهاية منابت الشعر مما يلي مؤخر الرأس، أما الجدايل التي تنزل عند ذلك لا يلزمها في الوضوء مسحها، لكن يجب إجراء الماء عليها في الغسل من الجنابة والحيض، أما في الوضوء يكفي المسح من منابت الشعر وإزالة هذا المجموع على الرأس.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (337). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 س: هل ينبغي إخراج ما يكون في الرأس من دبابيس الشعر عند المسح عليه حال الوضوء؟ (1) ج: لا حرج أن تمسحي عليه وفيه الدبابيس، مثل ما يمسح على   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (339). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 الملصقات على الرأس؛ من حناء وغيره، هذه أمور قد يشق نزعها، وإن نزعتها فلا بأس، لكن قد يشق نزعها، دبابيس أو حناء أو أشياء عادية تمسح عليها، والحمد لله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 81 - حكم المسح على الرقبة س: تسأل الأخت أ. أ. هل مسح الرقبة في الوضوء غير مستحب؛ لأنه تشبه باليهود كما سمعت؟ (1) ج: نعم، لا يستحب ولا يشرع، المسح يكون للرأس فقط من منابت الشعر إلى منتهى الشعر، تمسح المرأة والرجل، أما الرقبة فليست محل المسح.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (80). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 س: يقول السائل: هل الرقبة من أعضاء الوضوء؟ (1) ج: الرقبة ليست من أعضاء الوضوء، وإنما المسح ينتهي بآخر الرأس، يبدأ بمقدمته إلى قفاه؛ آخر منابت الشعر، هكذا كان النبي يفعل، عليه الصلاة والسلام، كان صلى الله عليه وسلم إذا مسح رأسه بدأ بمقدمته إلى قفاه بيديه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، هذا هو أفضل المسح، وحيثما مسح أجزأ، لو بدأ بمؤخره أو بوسطه، وعمم المسح أجزأه   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (242). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 ذلك، لكن كونه يبدأ بالمقدم، ثم يمر يديه إلى قفاه إلى آخر منابت الشعر، ثم يعيدهما للمكان الذي بدأ منه هذا هو السنة التي فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام، أما الرقبة فليست محلا للمسح، وليست من أعضاء الوضوء، وجانبا الرأس يمسحان مع أعلى الرأس والمقدمة، يمسح الجميع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 س: ما حكم مسح الرقبة في الوضوء؟ (1) ج: غير مشروع، المشروع الرأس فقط، يمسح رأسه مع الأذنين، أما الرقبة فلا تمسح.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (378). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 82 - بيان ما يكفي من غسل الرجلين في الوضوء س: يقول السائل: سمعت بأن الشخص المسلم إذا لم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاث مرات فإن ذلك محرم، فما مدى صحة ذلك؟ وحيث إني أقوم بغسل رجلي تحت بزبوز الماء دون عدد الغسل فهل أكون آثما؟ (1) ج: هذا قول على الله بغير علم، وهو غلط، الواجب غسل الرجل مرة واحدة، والثلاث أفضل، النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، توضأ مرتين   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (234). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 مرتين، وتوضأ ثلاثا ثلاثا، عليه الصلاة والسلام، فإن توضأ مرة غسل وجهه مرة، وتمضمض مرة، واستنشق مرة، وغسل يديه مرة، ومسح رأسه مرة، وغسل رجليه مرة، كفى إذا عمم الغسل، إذا عمم العضو، إذا أجرى عليه الماء مرة واحدة كفى، يتمضمض ويستنشق مرة واحدة، يصب الماء على وجهه مرة واحدة، يعمه بالماء يكفي، وهكذا يداه اليمنى واليسرى يعمهما بالماء مرة واحدة، يكفي وهكذا رأسه، يمسح رأسه وأذنيه مرة واحدة يكفي، ويغسل قدمه اليمنى مرة واحدة، واليسرى كذلك يكفي، لكن إذا كرر ثلاثا فهو أفضل وأكمل، والثنتان أكمل من الواحدة، ومعنى غسله يعني: يعمه بالماء ولو بغرفة، ولو بثلاث غرفات، ولو تحت الكباس (البزبوز)، يعمه بالماء، هذه مرة، فإذا أعاد تعميمه بالماء هذه ثانية، فإذا أعاد رجله تحت البزبوز هذه ثالثة، ولكن ليس بشرط الثلاث، يكفي مرة واحدة إذا عمه بالماء تحت البزبوز، مرة واحدة كفى، أو بالماء الذي يأخذه من الإناء يغرف من الإناء، ويصب على أعضائه، يكفي مرة واحدة، وقول من قال: لا بد من ثلاث. خطأ، الصواب: يكفي مرة واحدة إذا عم العضو بالماء، سواء عمه بغسلة أو بغسلتين أو بأكثر، لا بد يعمه بالماء، الوجه واليدين والرجلين، أما الرأس السنة واحدة مطلقا، السنة ألا يمسح إلا مرة واحدة مطلقا مع الأذنين، أما الأعضاء الثلاث: الوجه واليدين والرجلين فالسنة تعميمها بالماء ثلاث مرات، فإن اقتصر على مرتين أو واحدة كفى، والحمد لله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 83 - معنى إسباغ الوضوء س: ما معنى إسباغ الضوء وإطالة الغرة؟ (1) ج: معنى إسباغ الوضوء: إتمامه وإكماله على كل عضو بإبلاغ الماء بسيل الماء عليه، فإسباغ الوضوء في الوجه: أن يعمه بالماء ولو مرة واحدة، بل إن عمه ثلاثا فهو أفضل، وإسباغ الماء في اليدين أن يعم اليدين بالماء؛ من أطراف الأصابع إلى المرافق، مع غسل طرف العضد، حتى يدخل المرفق، والواجب مرة فقط، فإن كرر ذلك مرتين فهو أفضل، وإن كرر ذلك ثلاثا فهو أفضل وأكمل، وإن دلك فلا بأس، الدلك أفضل، ولكن لا يلزم الدلك، يكفي إمرار الماء، والواجب الغسل، والرأس يمسحه مرة واحدة، يمسح رأسه مرة واحدة مع الأذن، يبدأ بالمقدمة إلى قفاه، ثم يعيد يديه إلى المقدمة، ويدخل أصابعه السبابتين في أذنيه، ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، هذا هو السنة، ولا حاجة إلى التكرار، أما القدمان فيغسلهما ثلاثا، هذا هو الأفضل، ثلاثا ثلاثا، كل قدم ثلاثا، يعم الماء القدم كله من الكعبين إلى أطراف الأصابع، فإذا عمه بالماء فهذا إسباغ، وإن كرره مرتين فهو أفضل، وإن كرره ثلاثا فهو أكمل وأفضل، ولا يزيد على ثلاث، وإن دلك فهو أفضل وأكمل، وليس بواجب. أما إطالة الغرة فمعناها: الاستكمال للوجه، أما أن يزيد على ذلك   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (257). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 فلا، وهو من إدراج أبي هريرة، المعروف أنه موقوف على أبي هريرة، وهكذا التحجيل، السنة أن لا يطيل، بل يقتصر على المرافق والكعبين، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ، فلما غسل يديه أشرع في العضد – يعني أدخل المرافق – ولما غسل رجليه أشرع في الساق، يعني أدخل الكعبين، هذا هو السنة. وكان أبو هريرة يطيل في التحجيل إلى الآباط في اليدين، وإلى حول الركبتين في الرجلين، وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه، والسنة خلاف ذلك، السنة هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فقوله في الحديث: «من استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل (1)» الصواب أنه مدرج من كلام أبي هريرة، وليس من نفس المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الغرة ما يمكن إطالتها؛ الغرة محدودة من منابت الشعر من فوق وفي الذقن من الأسفل، والأذنان من الرأس، هذا غسل الوجه، فكونه يغسل شيئا من الرأس فغير مشروع، بل يمسح، وهكذا الرجلان واليدان، السنة أن يغسل المرافق والكعبين، أما أن يغسل العضد كله أو الساق فلا، غير مشروع هذا، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله هو القدوة، عليه الصلاة والسلام، وإنما ما فعله أبو هريرة اجتهاد منه رضي الله عنه، والصواب أن هذا موقوف عليه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب فضل الوضوء، برقم (136)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، برقم (246). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 84 - حكم النطق بالشهادتين في الحمام بعد الوضوء س: ما حكم نطق الشهادة أثناء الوضوء في داخل دورة المياه؟ (1) ج: السنة إذا فرغ من الوضوء أن يتشهد خارج الحمام؛ لأنه ليس هناك ضرورة إلى أن يتشهد داخل الحمام، بل إذا فرغ يخرج ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، ويكره أن يقول هذا في الداخل، أما عند بدء الوضوء فيسمي ولو في الداخل: بسم الله. ثم يتوضأ؛ لأنه محتاج إلى التسمية، وقد أوجبها جمع من أهل العلم، فلا يدعها، والكراهة تزول عند الحاجة. أما الشهادة فليس هناك حاجة إلى أن يأتي بها في الحمام، يخرج ثم يأتي بالشهادة بعد ذلك، والحمد لله.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (162). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 85 - حكم الدعاء أثناء الوضوء س: خ. س. من سوريا. هل الدعاء أثناء الوضوء صحيح ومفروض، مثل: اللهم اسقنا من ماء الكوثر، اللهم أنشقنا رائحة الجنة، إلى آخره؟ وماذا يقول أثناء الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الوضوء ليس له دعاء مشروع، وإنما المشروع أن يسمي الله في أوله، ثم يتشهد في آخره، في أوله يقول: بسم الله. عند غسل كفيه، عند أول الوضوء، وإذا فرغ يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، استغفرك اللهم وأتوب إليك. أما في أثناء غسل الوجه واليدين فليس منه دعاء مشروع، ولكن لو دعا وهو يتوضأ: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني فقال: اللهم أجرني من النار، لكن ليس فيه شيء مشروع في أثناء الوضوء.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (325). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 86 - حكم التلفظ بالشهادة عند غسل الوجه في الوضوء س: هل يشترط ذكر: لا إله إلا الله عند غسل الوجوه وعند الوضوء، أم أنه لا يلزم ذلك؟ (1) ج: ليس هذا مشروعا، لا أصل له، لكن يسمي عند البداءة بالوضوء، يقول: بسم الله. عندما يتوضأ، وبعد الفراغ يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين (2)» هذا سنة، وفي الحديث الآخر يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، استغفرك اللهم وأتوب إليك (3)» بعد الوضوء أيضا مثل ذكره إذا قام من المجلس: «سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك اللهم وأتوب إليك (4)». كل هذا مستحب بعد الوضوء، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ الوضوء – أو قال: يسبغ الوضوء – ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (228). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما يقول إذا قام من مجلسه، برقم (3433) في كفارة القيام من المجلس. (4) سنن النسائي السهو (1344). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء (1)» رواه مسلم في صحيحه، زاد الإمام الترمذي رحمه الله في هذا الحديث في آخره: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين (2)» وهذه الزيادة صحيحة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 87 - الأفضل ترك تنشيف أعضاء الوضوء حتى يكمل س: هل يجوز تنشيف عضو قبل غسل العضو الذي قبله في الوضوء؟ (1) ج: الأفضل ترك ذلك حتى يكمل، حتى يحصل التوالي كاملا.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (350). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 س: يقول السائل: هل تجفيف الماء بعد الوضوء جائز؟ (1) ج: لا بأس، ولا حرج في ذلك، تجفيف الأعضاء من الماء لا حرج، ولا بأس.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (242). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 88 - حكم من صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد س: ما حكم من صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا حرج على من صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد؛ لأن المقصود أن يؤديها على طهارة، فإذا كان على طهارة فلا حرج، فلو صلى الفجر بالطهارة وبقي على طهارته الظهر والعصر والمغرب والعشاء صح، صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «صلى الصلوات الخمس يوم الفتح بوضوء واحد، فسأل عمر عن ذلك، فقال: عمدا فعلته (2)» – اللهم صل عليه وسلم – يعني فعل ذلك للتعليم؛ لتعليم الناس.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (358). (2) أخرجه أحمد في المسند، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 89 - هل الغسل يكفي عن الوضوء س: المستمع غ. يقول: إنني أعمل في مزرعة، وإذا ما صادف أن اغتسلت في مصب مكينة، أو في بركة المكينة، أو اغتسلت في الدش هل يجزئ ذلكم عن الوضوء؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا رتبت أعضاءك لما انغمست في الماء؛ أخرجت وجهك ناويا بذلك الوضوء، ثم أخرجت ذراعك الأيمن ثم الأيسر ناويا الوضوء، ثم أخرجت رأسك ناويا الوضوء، ثم أخرجت رجليك ناويا الوضوء فأنت على نيتك بالترتيب، وإلا فإنه لا يجزئك، إلا إذا كان عن غسل الجنابة ونويت الغسل من الحدثين؛ نويت غسل الجنابة ونويت الوضوء، يكون الوضوء داخلا بهذا الغسل على الصحيح دخل الأصغر في الأكبر.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (338). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 90 - الوضوء بالماء المالح س: ما حكم الوضوء بالماء المالح؟ (1) ج: لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحر: «هو الطهور   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (216). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 ماؤه، الحل ميتته (1)» ماء البحر مالح، فلا حرج في الوضوء بالماء المالح، والغسل منه من الجنابة، فلا حرج في ذلك والحمد لله، وكذلك الآبار المالحة، أو ليست حلوة لا حرج في ذلك.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، برقم (69)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، برقم (83)، والنسائي في كتاب المياه، باب الوضوء بماء البحر، برقم (332). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 91 - حكم الوضوء من ماء غير صالح للشرب س: أقيم في إحدى القرى، والماء المستخدم للغسل والوضوء ليس صالحا للشرب، بل إنما الذي يصلح للشرب نشتريه شراء، فهل يجوز الوضوء من ذلك الماء إذا كان غير صالح للشرب؟ (1) ج: كل ماء يجوز منه الوضوء والغسل فهو صالح للشرب، وما المانع إذا كان طهورا صالحا للغسل والوضوء من ماء الأمطار، أو ماء الأنهار، أو ماء العيون، أو ماء الآبار، فكما يصلح للوضوء والغسل لا مانع من الشرب إلا إذا كان ماء مالحا، مثل ماء البحار، أو فيه مرارة على الإنسان، إن استطاع أن يجعل فيه ماء يحليه ويزينه ويشرب منه   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (319). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 فالحمد لله، وإن كان لا يستطيع فلا بأس، المقصود أنه ما صلح للوضوء والغسل جاز للشرب، إن كان به علة من مرارة أو ملوحة يمكن تحليته بشيء من المعدلات من التحلية، والحشرات إذا كانت فيه لا تنجسه فلا تضره، وإذا كانت تضر الإنسان يتركه. الرسول أمر بغمس الذباب والشرب إذا وقع في الماء واللبن، يغمسه لا بأس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 س: بعض المياه الراكدة تكثر فيها الديدان (1) ج: المقصود إذا كان الماء يضره لا يشرب منه، أما إذا كان لا يضره لكن فيه مرارة أو ملوحة فإنهم يزيلون ما فيه، والحمد لله.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (319). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 92 - حكم الوضوء بماء مختلط بصدأ الأنانبيب س: السائلة: ع. ف. تقول: سماحة الشيخ، عندما نريد أن نتوضأ من أحد المساجد، وعندما نقوم بفتح الماء يخرج لنا مياه مختلطة بالصدإ بفعل الأنابيب، أو أنابيب المياه، هل نتوضأ من هذه المياه المصدية، أم نقوم بصرف الماء بكثرة حتى يخرج لنا ماء صاف (1) ج: الغسل بالماء المتغير بالصدإ لا يضر، يغتسل به ويتوضأ منه   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (397). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 ولا يضره الصدأ والحمد لله، وهكذا إذا تغير بالتراب، أو بأوراق الشجر لا يضر ذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 93 - حكم الوضوء من ماء الآبار المتغير بالملوحة أو المرارة س: الأخ: أ. ن. أ. من جمهورية مصر العربية، يعمل في دولة العراق، يقول: إنني أعمل سائقا، وعملي دائما في الصحراء، وحيث إنه يأتي علي وقت الظهر والعصر ولا يوجد ماء إلا ماء الآبار، وحيث إن ماء الآبار يتغير طعمه؛ إما يكون مالحا أو مرا، هل يجوز الوضوء منه، أم أن لي التيمم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يلزمك الوضوء من ماء الآبار إذا قدرت على ذلك، سواء كان حلوا، أو مرا، أو مالحا، حتى ماء البحر يجب عليك الوضوء منه إذا كنت في البحر، وليس لك التيمم وأنت تجد الماء؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (2)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «جعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء (3)» فلو وجد الماء ولو مالحا، ولو ماء البحر وجب عليه الوضوء.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (176). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد، ومواضع الصلاة، برقم (522). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 94 - حكم التيمم للمرأة التي لا تجد مكانا ساترا للوضوء س: امرأة تريد الوضوء، ولكنها لم تجد مكانا مستورا عن الرجال الأجانب، فهل يجوز لها التيمم في هذه الحالة (1) ج: هذا محل نظر، والغالب أنها بإمكانها أن تجد مكانا في بيتها، أو في بيت إخوانها في الله، ولا ينبغي لها التساهل في هذا الأمر، وأنه يجب أن تسعى في وجود محل الوضوء، أو قضاء الحاجة في بيت إخوانها، أو في بيت غيرها من المسلمين، أو في بيت أهلها، ولو تأخرت إلى آخر الوقت ولم تصل في أول الوقت عليها أن تجتهد في وجود المكان الذي يمكنها أن تتوضأ فيه، وأنه غالبا أنها تجد.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (337). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 95 - حكم التيمم لمن لا يستطيع الوضوء بسبب برودة الماء س: أنا طالب في الإعدادية، ساكن في القسم الداخلي، نهضت في الصباح لكي أؤدي صلاة الصبح، وكان الجو باردا جدا، وليس لدي أي وسيلة لتسخين الماء، وتمسحت دون أن أغسل رجلي بالماء، فهل هذه الصلاة مقبولة أم تنصحوني بقضائها؟ (1) ج: هذا فيه تفصيل: إن كنت تستطيع أن تجد ماء دافئا، أو ماء لا خطر فيه، أو تسخينه من جيرانك، أو بالشراء من جيرانك، أو من غير الجيران بالشراء فالواجب عليك أن تعمل ذلك؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، فعليك أن تعمل ما تستطيع من الشراء، أو التسخين، أو غير هذا من طرق التمكن من الوضوء الشرعي بالماء، فإن عجزت وكان البرد شديدا عليك فيه خطر ولا حيلة لك في تسخينه، ولا في شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك فأنت معذور بهذا، إذا كان عليك خطر تعتقده من ذلك في صحتك بالموت، أو المرض فأنت معذور وليس عليك قضاء، وعليك التيمم بالتراب، لا تتوضأ بالماء عليك التيمم بالتراب، تضرب بيدك التراب، وتمسح وجهك وكفيك،   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (58). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 ويكفيك عن الماء عند العجز عن استعماله؛ بسبب برودته وشدة البرد، وعدم وجود ما يدفئك أو يدفئ الماء، وعليك في هذا العناية والحرص وخوف الله ومراقبته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 96 - حكم الوضوء بالماء الساخن س: في الشتاء كنت دائما استعمل الماء الساخن في الوضوء، فقال لي صديق: إن هذا ليس من السنة. فما هو تعليق سماحتكم؟ (1) ج: لا حرج في ذلك، كونه يستعمل الماء الدافئ حتى يتمكن من الكمال والتمام في وضوئه والإسباغ، وهذا الذي قال لك ليس عنده علم، ليس عنده بصيرة، أما حديث: «ألا أخبركم بما يرفع الله به الدرجات، ويحط به الخطايا: إسباغ الوضوء على المكاره (2)» هذا عند الحاجة إليه عند الحاجة إلى البارد وعدم وجود الدافئ، لا بأس الحمد لله، أما إذا تيسر الماء الدافئ فهو أولى؛ لأنه بلغ في الوضوء وأكمل.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (119). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، برقم (251). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 س: هل يجوز الوضوء بالماء الدافئ، وخاصة في أيام البرد القارص؟ (1) ج: نعم، هو الأفضل، أفضل بالماء الدافئ؛ لأنه أبلغ في الإسباغ، لكن إذا احتاج الماء البارد وصبر عليه له فضل عظيم؛ لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات، ويغفر به الخطايا؟، قالوا: بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره (2)» –وفي لفظ قال: «في السبرات – يعني في البرد – وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط (3)» أخرجه مسلم في صحيحه، فإسباغ الوضوء في المكاره في حالة شدة البرد عند الحاجة إليه هذا يدل على قوة الإيمان، ويكون الأجر أعظم، لكن إذا تيسر له الماء الدافئ يكون أفضل؛ لأن هذا الماء الدافئ أعون له على الإسباغ، وإكمال الوضوء كما شرعه الله سبحانه وتعالى، وأبلغ أيضا في إزالة الأوساخ والنظافة.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (354). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، برقم (251). (3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، برقم (251). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 134 97 - كيفية وضوء من لا تستطيع الحركة بالشلل س: تقول السائلة: رأيت امرأة كبيرة في السن، لا تستطيع القيام من فراشها أو الحركة، وهي مصابة بالشلل، سألت نفسي: كيف تتوضأ هذه؟ وكيف تصلي؟ أردت أن أسأل سماحتكم، جزاكم الله خيرا (1) ج: عليها أن تتقي الله ما استطاعت، تتوضأ كما أمر الله، يقرب لها الماء وتتوضأ إذا كانت يداها صالحتين، أو يوضئها غيرها كأبيها أو أخيها، أو أختها أو زوجها؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، أما الاستجمار فينبغي إذا كانت تستطيع بيدها أن تستعمل الحجر، أو اللبن، أو المناديل حتى تنظف القبل والدبر من أثر الغائط والبول ثلاث مرات، أو أكثر حتى يتنقى المحل من الأذى، ويكفي ذلك عن الماء، فإذا استطاعت أن تفعل هذا بيدها، يعني تطهر محل الغائط بالمناديل، حتى تنقي المحل من أثر الغائط ثلاث مرات فأكثر لا يقل عن ثلاث، وهكذا المسح للقبل ثلاث فأكثر، حتى يتنقى المحل من أثر البول، وهكذا الذكر الرجل، ولو أنه صحيح، ولو أنه سليم، ولو أنها سليمة، المرأة إذا فعلت هذا يكفي عن الماء، وأما   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (191). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 135 الوجه واليدان والرأس والرجلان لا بد من وضوء إن استطاعت بنفسها، وإلا وضأها غيرها من زوج، أو خادم، أو أم، أو أخت، أو نحو ذلك، فإن لم يتيسر لها أحد يوضئها تيممت إن استطاعت؛ تضرب التراب بيديها، وتمسح بهما وجهها وكفيها بنية الطهارة، فإن لم تستطع يممها غيرها أيضا، تأذن لغيرها ويقوم مقامها، يضرب التراب بيديه ويمسح بهما وجهها وكفيها بالنية عنها، إذا لم يتيسر من يوضئها فالحاصل أنها تتقي الله ما استطاعت في الوضوء، والتيمم بنفسها أو بمن يقوم مقامها إن عجزت، وأما الاستنجاء فيكفي بالحجارة، باللبن، أو المناديل، وليس من اللازم أن تستعمل الماء، فإذا استجمر الإنسان بالحجارة، أو باللبن، أو بالمناديل ثلاث مرات، أو أكثر حتي ينقي المحل كفى ذلك، ولو كان صحيحا فالمريض من باب أولى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 98 - حكم وضوء من قطع بعض أعضاء الوضوء منه س: رجل رجله مقطوعة من الساق، كيف يكون وضوؤه؟ هل يتيمم أم يتوضأ؟ جزاكم الله خيرا ج: يغسل أعضاءه الباقية: الوجه واليدين والرجل الباقية، مع مسح الرأس قبل غسل الرجل، أما المقطوعة فلا يلزمه شيء عنها، مادمت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 مقطوعة فوق الكعب، المقطوع، ليس عليه إلا أن يغسل وجهه، ويديه مع المرفقين ثم يمسح رأسه وأذنيه، ثم يغسل رجله الباقية والحمد لله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 99 - كيفية وضوء المعاق وصلاته س: يسأل الأخ، من المملكة الأردنية الهاشمية، ويقول: إذا كنت معاقا إعاقة شديدة، ولا أستطيع الحركة كيف لي أن أتوضأ أو أصلي؟ (1) ج: عليك أن تصلي وتتوضأ بالإعانة، تكلف غيرك كزوجتك وولدك، أو شخصا آخر بالأجرة يوضئك، يغسل وجهك ويديك. . . إلخ، ويجمرك بالمناديل عن الأذى، والحمد لله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، هذا تأمره أن يزيل الأذى من الدبر والقبل بالجمار، بالحصى، بالمدر، بالمناديل ثلاث مرات فأكثر، حتى يزيل الأذى، ثم يمضمضك وينشقك، ويغسل وجهك ويديك، ويمسح رأسك وأذنيك، ويغسل رجليك، فإن كان يشق عليك الماء يممك، يمسح وجهك بالتراب، ويدك بالتراب بالنية عنك، أنت تنوي وهو يعمل، والنية منك والعمل منه، هذا هو الواجب عليك، وتصلي على حسب حالك، تكبر   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (183). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 بالنية أنك دخلت في الصلاة، وتركع بالنية إذا كنت تستطيع الركوع، تحني رأسك وأنت واقف، وإن كنت لا تستطيع القيام ولا الحركة لا رأسك ولا غيره، تنوي نية، تكبر وتقرأ، ثم تكبر وتنوي الركوع، وتقول: سبحان ربي العظيم. ثم تقول: سمع الله لمن حمده. إذا كنت وحدك ناويا الرفع، ثم تكبر ناويا السجود، تقول: سبحان ربي الأعلى. ثم ترفع ناويا الجلوس بين السجدتين، وتقول: رب اغفر لي. ثم تكبر ناويا السجود وتقول: سبحان ربي الأعلى. وهكذا، تكبر بالنية والقول؛ لقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، إذا لم يجد من يعينه فإنه يصلي على حسب حاله، يصلي بالتيمم إن قدر، وإن لم يقدر بالتيمم ولا يستطيع الحركة صلى على حسب حاله، ولا يضيع الصلاة، ولا يدعها حتى يخرج الوقت، يصلي في الوقت ولا يعيد: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، ويقول تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3)، وقد صلى الصحابة بغير وضوء ولا تيمم لما بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم يلتمسون عقد عائشة، لم يجدوا ماء، ولم يشرع التيمم، فصلوا بغير ماء ولا تيمم، ولم يأمرهم النبي بالإعادة؛ لأن هذه قدرتهم قبل مشروعية التيمم، وليس عندهم ماء.   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 100 - حكم التيمم بغير عذر مع وجود الماء س: السائل: ل. ع. ل. من السودان، يقول: نرى البعض من الناس يصلون بدون وضوء نهائيا، وأحيانا لا يتمون التيمم مع توفر الماء، وعند مناقشتهم يحتج هؤلاء بأنهم يعيشون في الصحراء، والماء قليل، مع أن مصادر جلب الماء موجودة، والماء متوفر. والسؤال: هل الصلاة بمثل هذه الحالة صحيحة؟ (1) ج: الواجب على كل مسلم أن يتوضأ للصلاة عند وجود الماء، أو القدرة على استعماله، فإن عجز لبعد الماء وعدم وجوده، أو لمرض يمنعه من ذلك وجب عليه التيمم بالتراب، يضرب الأرض بيديه، ويمسح وجهه وكفيه، هذا هو الواجب، فمن صلى بدون وضوء ولا تيمم فصلاته باطلة، لا بد من أحد الأمرين، الوضوء عند القدرة، وعند وجود الماء والقدرة على استعماله، وإذا كان قريبا أمكن نقله يذهب ويتوضأ، أو ينقل الماء في سيارته، أو على دابته يقدر يشرب ويتوضأ، أما من عجز عن الماء لمرض يضره الماء، أو لعدم وجود الماء ليس معه إلا ماء قليل لشأن حاجته، لأكله وشربه فإنه يتيمم والحمد لله؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2)، ويقول صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (396). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 «الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين (1)» يتيمم في الأرض التي هو فيها، يضرب التراب بيديه، ويمسح وجهه وكفيه، هذا هو الواجب على كل مسلم، ومن عجز عن التيمم وعن الماء فهو معذور، لو كان إنسان مربوط في سارية أو عمود ولا يستطيع لا يتيمم ولا يتوضأ، صلى على حسب حاله، أو مريض لا يستطيع التحرك، وليس عنده من يوضئه، ولم يجد من ييممه صلى على حسب حاله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3)   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 101 - حكم من يتهاون في الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر س: هل من يتهاون في طهارته من الحدث الأكبر، أو الحدث الأصغر يكون حكمه كحكم تارك الصلاة، أي كافر؟ وهل يؤثر ذلك في عقد الزواج، مع أنه محافظ على الصلوات في أوقاتها ومع الجماعة؟ (1) ج: الواجب على المؤمن أن يتقي الله في طهارته، وأن يتوضأ كما أمره الله، ويلتزم كما أمره الله، ولا أظن مسلما يتعمد النقص في غسله ووضوئه وهو يعلم، فإذا كان يتعمد ذلك ولا يغسل إلا بعض بدنه عند الجنابة، ولا يغسل إلا بعض الأعضاء في الوضوء فصلاته باطلة، حكمه حكم من لا يصلي إذا تعمد ذلك، أما إذا قدر أنه قد يقع منه خلل لم يفطن له هذا لا يضره، ولا يكون حكمه حكم من ترك الصلاة، ولكن يرشد ويعلم؛ ويوجه حتى يحتاط لغسله ووضوئه، حتى ينتبه لما قد يقع منه، المقصود: أن الواجب على المؤمن والمؤمنة العناية بالغسل، والعناية بالوضوء، وأن يغتسلا كما أمرهما الله، وأن يتوضأ كما أمرهما الله، أما من تعمد التلاعب بالغسل والوضوء فهذا حكمه حكم من ترك الصلاة، نعوذ بالله.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (292). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 102 - حكم الإسراف في ماء الوضوء س: شخص يستعمل الماء بكثرة في الوضوء والغسل حيث يغسل الأعضاء أكثر من اللازم، هل يؤثر ذلك على العبادة؟ (1) ج: نعم، لا ينبغي الإسراف، ذهب بعض أهل العلم إلى تحريم الإسراف في الزيادة على الثلاث. ينبغي للمؤمن أن يقتصر على ثلاث فأقل في وضوئه، ويحذر الإسراف في الماء، هذا هو الواجب، هذا هو المشروع للمؤمن؛ أن يقتصد وأن يحذر الإسراف، بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة، وثنتين ثنتين، وثلاثا وثلاثا، وفي رواية: «من زاد فقد أساء وتعدى وظلم (2)» فالمشروع للمؤمن الاقتصار على المسنون، وهو ثلاث فأقل.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (366). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (135). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 103 - حكم الوسوسة في الطهارة وعلاجها س: إذا كان طاهرا يشك بأنه تنجس بمجرد أن يلمس شخصا نجسا، أو جلس مع جماعة لا يعلم أنهم طاهرون، مما يجعلني أعيد السباحة أو الوضوء (1) ج: هذه وساوس لا وجه لها، فلا وجه للتنجس، إذا كان أصله الطهارة، ثم شك هل أحدث؟ وهل خرج منه ريح أو غيره؟ فالأصل الطهارة، لا يلتفت إلى هذا، أو كان بدنه طاهرا وثيابه طاهرة، ثم شك هل أصابه أحد بنجاسة في ثوبه؟ فالأصل الطهارة، لا يلتفت إلى هذا، هذه من وساوس الشيطان، ومن الأوهام التي لا وجه لها، وكونه يجلس مع قوم يشك في طهارتهم لا يضره ذلك، والأصل الطهارة فيه وفيهم، فلا ينبغي أن يوسوس أو يتوهم هذه الأشياء الباطلة، والأصل الطهارة في ثيابه وبدنه، والطهارة من الحدث، فلا تزول هذه الطهارة إلا بيقين أنه أحدث، فيتوضأ، أو بيقين أنه أصاب ثوبه نجاسة معلومة فيطهر ما أصابه، أما هذه الأوهام فلا وجه لها.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (23). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 104 - حكم وضوء المصاب بالوسوسة القهرية س: إنه أصيب بالوسوسة في كثير من الأمور، وأهمها الوضوء، حيث وصل به الحال إلى أن يترك من يتابعه، ويعد مرات غسله لأعضائه، ويناقش في الإجابة المتوقعة، حتى إنه يقول: ستقول سماحة الشيخ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، فكيف تكون استطاعتي، ويقول: إن مرضه لخصه الأطباء؛ بأنه من الوسوسة القهرية، ويرجو توجيهه؟ جزاكم الله خيرا (2) ج: هذه الوساوس التي يبتلى بها بعض الناس في الوضوء، أو في الصلاة، أو في غير ذلك كلها من الشيطان، والله أرشدنا سبحانه للتعوذ منه، فقال عز وجل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (3) {مَلِكِ النَّاسِ} (4) {إِلَهِ النَّاسِ} (5) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (6)، فعليك أن تتعوذ بالله من شر هذا العدو دائما، عند الوضوء، وعند الصلاة، وفي غير هذا من شؤونك، إذا هجم عليك بالوسوسة فهو عدوك، كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (7)   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (101). (3) سورة الناس الآية 1 (4) سورة الناس الآية 2 (5) سورة الناس الآية 3 (6) سورة الناس الآية 4 (7) سورة فاطر الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 ، ويقول عز وجل: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (1)، فعليك أن تستعيذ بالله عند الوضوء، وعند الصلاة، حاربه محاربة قوية، فإذا توضأت فلا ترجع، وتقول: ما توضأت وأنت ترى يديك مغسولة، ترى وجهك مغسولا، ترى رجليك مغسولة، تكذب عينك وترجع إلى طاعة الشيطان، استقم إذا توضأت، لا ترجع سواء مرة أو مرتين أو ثلاثا، النهاية ثلاث، إذا غسلت العضو ثلاث مرات انتهى، لا تزد على هذا شيئا، النبي صلى الله عليه وسلم ما زاد على الثلاث، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من زاد فقد أساء وتعدى وظلم (2)» فليس لك الزيادة، إذا تمضمضت واستنشقت مرة أو مرتين أو ثلاثا فالحمد لله يكفي، ولا توسوس واحذر وإذا غسلت وجهك ثلاثا فهذا هو النهاية، يمر الماء عليه ثلاث مرات هكذا إذا غسلت يديك كذلك اليمني واليسرى كل واحدة ثلاث ويكفي مرة أن يعمها الماء أو مرتان، يكفي لكن الثلاث هي النهاية، ثم تمسح رأسك مع أذنيك مرة واحدة بالماء ثم تغسل رجليك اليمني ثلاث واليسرى ثلاث   (1) سورة الأعراف الآية 200 (2) أخرجه الترمذي في كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857)، وأبو داود في كتاب الطهارة باب الوضوء ثلاثا ثلاثا برقم (135). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 ويجوز مرتين ويجوز مرة إذا عمها الماء، فلا تطع الشيطان، لا بد من حرب مع عدو الله، لتكن قويا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف (1)» لا تكن ضعيفا للشيطان عدوك، لو جاء واحد من الناس يخاصمك أو يطالبك بشيء ألا تكون قويا في دفع الشر عنك في الخصومة، أو يريد ضربك ألا تكون قويا في دفعه، هذا أعدى، هذا خبيث يريد هلاكك، يريد دخولك النار، فلا بد أن تكون قويا في حربه، في الوضوء وفي الصلاة وفي كل شيء، استحضر عقلك، اعرف أنك معاديه وأنه خصمك، وأنه عدوك وأنه حرب لك، فكيف تطاوعه؟ لا بد من قوة، ولا بد من تعوذ بالله من الشيطان، حتى تسلم من شره ومكايده، واسأل ربك العافية من شره، وكن قويا لا تتساهل مع ذلك العدو، ولا تمل إليه، تقول: أخاف، أخاف، أخاف، ما كملت. لا، اجزم أنك كملت، وأنك أديت الواجب، وانتقل إلى العضو الثاني، وهكذا إذا كملت فلا ترجع، تقول: ما توضأت أو ما صليت. لا، الحمد لله، اجزم بأنك فعلت، حتى لا يغلبك عدوك، حتى لا يستولي عليك، فيجعلك ضمن المجانين. نسأل الله لك التوفيق والهداية.   (1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، برقم (2664). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 س: هل تنصحونه بأوراد معينة سماحة الشيخ، لعل الله سبحانه وتعالى يشفيه من هذا البلاء؟ (1) ج: ننصحه بأن يقول بعد كل صلاة إذا فرغ من الذكر، يقرأ آية الكرسي، ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) مع المعوذتين بعد كل صلاة، هذا من أسباب السلامة، ويكرر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) والمعوذتين بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم يقرأ آية الكرسي أيضا، ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) والمعوذتين ثلاث مرات عند النوم، كل هذا من أسباب السلامة، وإذا أحس بشيء يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وإذا اشتد عليه ينفث عن يساره ثلاث مرات، يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ويذهب عنه إن شاء الله إذا كان قويا، ولا بد من القوة، فالشيطان هو عدو، والعدو يحتاج إلى قوة؛ لأن العدو إذا رأى من خصمه الضعف استولى عليه وهجم عليه وأخذ سلاحه، فلا بد أن يكون قويا، حتى يستطيع أن يرده ويصده عنه بقوة إيمانه وقوة تقواه، وثقته بالله وإيمانه به، وأنه سبحانه مع من اتقى، مع من صلح، والله يقول: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (5)، من اتقى فهو معه، يعينه على عدوه، ويقول: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (6)، يصبر على محاربته، والقوة في جهاده حتى يسلم من مكايده، والمسلم يجب أن يكون قويا   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (101). (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 (5) سورة البقرة الآية 194 (6) سورة الأنفال الآية 46 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 في كل شيء، قويا في صلاته، في صومه، في وضوئه، في ذكره لله، في تركه للمحارم، في حذره من الوساوس، وجهاده لها، وعلمه بأنها باطلة، وأنها من عند عدو الله، حتى يطرحها وحتى يعاديها، وحتى يحذرها غاية الحذر، هكذا يكون المؤمن أبدا قويا في أموره كلها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 س: مستمعة تقول في سؤالها: إنها تشكو من الوساوس في الطهارة والوضوء منذ ما يقرب من اثني عشر عاما، فما هو توجيهكم؟ (1) ج: عليها أن تتقي الله، عليها أن تتقي الله، وأن تتعوذ بالله من الشيطان، وأن تحذر من ميل الشيطان، والخضوع له: لا في الطهارة ولا في الصلاة، ولا في غير ذلك، حاربيه بقوة واتركي الشكوك والأوهام، إذا توضأت فاعتمدي على أن الوضوء قد تم، وإذا صليت اعتمدي أن الصلاة تمت، ولا تعيدي شيئا ولا توسوسي؛ لأن هذا يهين الشيطان وييئسه منك، ولا تكثري الوساوس، أما إذا ضعفت، وتساهلت معه فإنه يزداد في إيذائك، فعليك التعوذ بالله من الشيطان، حتى ولو في الصلاة، إذا وسوس إليك انفثي عن يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ثلاث مرات، ويزول وهكذا إذا أحسست به عند الوضوء، أو غير ذلك، عليك بالمجاهدة والقوة ضد عدو الله الشيطان، وبهذا تسلمين إن شاء الله.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (397). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 باب المسح على الخفين 105 - حكم صلاة المقيم إذا مسح أكثر من يوم وليلة س: ما الحكم إذا مسح المقيم أكثر من يوم وليلة ناسيا، هل يعيد صلاته أم لا؟ (1) ج: عليه أن يعيد هذا هو الصواب؛ لأن مدته محدودة بيوم وليلة، فإذا مرت المدة ونسي وصلى بالمسح فإنه يعيد ما زاد؛ لأنه صلاها في الحقيقة بغير وضوء فيعيد.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (188). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 106 - بيان بداية الوقت المحدد للمسح ونهايته س: كما نعرف بالنسبة للمسح على الخفين فإنه يجوز المسح للمقيم يوما وليلة، أي بمعنى خمسة أوقات، والسؤال هو متى يبدأ وقت المسح؟ هل يبدأ من لبس الخف، أم يبدأ من بداية المسح؟ (1) ج: الصواب أنه يبدأ من المسح بعد الحدث، إذا لبسته على طهارة، ثم أحدثت ببول أو ريح أو غيرهما، ثم توضأت أول وضوء، هذا هو المبدأ، فإذا أحدثت – مثلا – بعد الظهر، ثم توضأت للعصر فوضوء العصر هو أول شيء، فإذا جاء العصر الثاني تخلع، وهكذا لو أحدثت الضحى، ومسحت على الخفين بعد الطهارة للظهر يكون المبدأ الظهر، فإذا جاء الظهر غدا خلعت وتوضأت للظهر، وهكذا، البدء يكون من المسح بعد الحدث، في الطهارة التي بعد الحدث أول ما لبست.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (215). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 س: يسأل س. س: متى يبدأ المسح على الخفين؟ أهو من حين اللبس، أم من حين الحدث، أم من حين أول مسح بعد الحدث؟ فأيهما الراجح يا سماحة الشيخ؟ وما الدليل مأجورين؟ (1) ج: هذا هو الراجح أن يكون من المسح بعد الحدث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن، والمقيم يوما وليلة (2)» فالبدء يكون من مسحه بعد الحدث، إذا أحدث ثم تطهر يكون هذا أول شيء، حتى يكمل ثلاثة أيام بلياليهن إن كان مسافرا، أو يوما وليلة أربعا وعشرين ساعة إن كان مقيما.   (1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (393). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح، برقم (157)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين للمقيم، برقم (128). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ حدثونا حفظكم الله عن المسح على الخفين متى يبدأ ومتى ينتهي؟ (1) ج: المسح على الخفين سنة والجوربان كذلك، إذا لبسهما على طهارة، يبدأ من الحدث بعد اللبس، إذا أحدث يمسح عليهما يوما   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (430). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليها للمسافر، إذا كان الجورب ساترا، والخف ساترا، ويلبسهما على طهارة، ويمسح على الخفين وفوق الجوربين، يوما وليلة إذا كان مقيما بدءا من الحدث، أما المسافر فثلاثة أيام بلياليها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 107 - تعريف الخف وصفة المسح عليه وتوقيته س: تقول أيضا: قرأت عن مشروعية المسح على الخفين، فما هو وصف الخف؟ وما هي صفة المسح وتوقيته؟ وهل ينطبق ذلك على الجورب حتى ولو كان رقيقا؟ (1) ج: الخف ما يتخذ من الجلد للرجلين يستر الرجلين يقال له خف يستر القدم والكعبين هذا يقال له خف. يمسح عليه المسلم ثلاثة أيام بلياليها، إذا كان مسافرا ويوما وليلة إذا كان مقيما، والمرأة كذلك إن كانت مقيمة يوما وليلة، وإن كانت مسافرة ثلاثة أيام بلياليها، والجورب حكمه حكم الخف إذا كان جوربا من قطن أو صوف أو غيرهما ساترا للقدمين فإنه يمسح عليه كالخف يوما وليلة للمقيم وثلاثة أيام للمسافر بشرط أن يكون ساترا، أما إن كان شفافا لا يستر فلا يمسح عليه، لا بد أن يكون الجورب ساترا كالخف للرجل للقدم والكعبين، والمسح يكون يوما وليلة للمقيم، يبدأ من المسح، يبدأ اليوم والليلة من المسح   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (365). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 بعد الحدث، في حق المسافر ثلاثة أيام بلياليها، يبدأ من المسح بعد الحدث، أما لو لبسهما لبس الخفين الظهر، وبقي على طهارته العصر والمغرب والعشاء، ولم يحدث إلا بعد العشاء، فإن المدة تبدأ من المسح بعد العشاء، إذا مسح في التهجد من الليل أو في آخر الليل يبدأ من المسح بعد الحدث، وما مضى قبل ذلك لا يحسب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 108 - بيان عدد المسح على الجوربين عند الوضوء س: بالنسبة للمسح يا سماحة الشيخ، هل يكفي أن يكون المسح مرة واحدة، أو أكثر من مرة على الجوربين؟ (1) ج: إذا مسح مرة كفى، إذا مسح الجورب، أو مسح الرأس مرة كفى.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (405). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 109 - مسألة في بيان مدة المسح على الخفين س: كم مرة يحق للمسلم أن يمسح على خفيه أو جوربيه؟ فإذا كان مقيما وتوضأ ولبس الجورب السميك ومضى عليه يوم فهل يحق له التجديد؟ وكم مرة يحق له ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا لبس الخفين على طهارة يمسح عليهما يوما وليلة بعد   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (359). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 المسح من الحدث إذا كان مقيما، أما إذا كان مسافرا فإنه يمسح ثلاثة أيام بلياليها، هكذا وقت النبي صلى الله عليه وسلم، وما قبل الحدث لا يحسب، لو لبسها – مثلا – الضحى، وبقي على طهارته الظهر والعصر والمغرب والعشاء ما تحسب، لكن يحسب من حيث مسح بعد الحدث فلو أحدث بعد العشاء، تبدأ اليوم والليلة من حيث مسح بعد الحدث، فالمسح بعد الحدث يكون يوما وليلة، المقصود أنه يحسب عليه، تحسب عليه المدة بعد مسحه من حدثه من مسحه بعد الحدث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 110 - حكم التلفظ بالنية عند مسح الخفين س: سائل يقول يا سماحة الشيخ: هل هناك نية يتلفظ المسلم بها عند المسح على الجوارب؟ (1) ج: ليس له نية، تكفيه نية الوضوء والحمد لله.   (1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (359). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 111 - شروط المسح على الخفين س: هل هناك شروط للمسح على الخفين، كأن يكون الخف سميكا، أو أي شروط أخرى؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم لا بد من شروط:   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (269). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 الأول: أن يكون على طهارة، تلبسه على طهارة. الثاني: لا بد أن يكون ساترا غير مخروق إلى الكعبين، إلى أطراف الأصابع ساترا لها. الثالث: أن يكون طاهرا. الرابع: أن يكون مباحا غير مغصوب، لا بد أن يكون شيئا مباحا. فالحاصل إذا كان ساترا طاهرا مباحا في يومه وليلته فلا بأس، تمسح عليه. أما إذا كان على غير طهارة تخلعه، أو كان نجسا تخلعه، أو كان مغصوبا تخلعه وتعطيه أهله، أو كان رقيقا لا يستر، أو مخرقا خروقا كثيرة، هذا لا تمسح عليه، أما إذا كان الخرق يسيرا، خروقا يسيرة صغيرة فالصحيح أنه يغتفر إن شاء الله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 112 - حكم المسح على الجوارب س: يقول السائل: حدثونا بالتفصيل عن المسح على الجوارب؟. ج: الصواب أنه لا حرج في المسح على الجوارب، كالخفين من الجلد، وقد مسح عليها النبي صلى الله عليه وسلم في النعلين، ومسح عليها جماعة من الصحابة، فلا بأس بذلك، والجورب ما يلبس في الرجل من القطن، أو الصوف، أو الشعر، أو غيرهما غير الجلود إذا كان ساترا للقدم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 يمسح عليه يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر بعد الحدث، يعني: يبتدئ المسح من مسح بعد الحدث، فيمسح يوما وليلة بعد الحدث في حق المقيم، ويمسح ثلاثة أيام بلياليها بعد الحدث في حق المسافر على الجورب، وعلى الخف من الجلد كله واحد، هذا هو الصواب، والشقوق اليسيرة يعفى عنها في أصح قولي العلماء، الشقوق اليسيرة عرفا يسمح عنها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «يسروا ولا تعسروا (1)» والله يقول سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (2)؛ ولأن الناس قد لا تسلم خفافهم من الشقوق أو الفتوق، لكن إذا تحرز واعتنى بالخف وبالجورب، حتى لا يكون فيه شيء يكون هذا أسلم لدينه وفيه خروج من خلاف العلماء القائلين بأنه لا يسمح بالخروق ولو يسيرة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب ما كان النبي يتخولهم بالموعظة، برقم (69)، ومسلم في كتاب الجهاد، والسير، باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير، برقم (1734). (2) سورة الحج الآية 78 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 113 - بيان صفة المسح على الخف والجوارب س: تقول السائلة: ما هي كيفية المسح على الجورب؟ مثلا: أتوضأ لصلاة الفجر، ثم ألبس الجورب وأمسح عليه عند صلاة الظهر للمدرسة، حيث إني أعمل معلمة، وعند الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 عودتي للمنزل أخلعه وأتوضأ بعد ذلك الوضوء العادي، فهل هذا جائز؟ (1) ج: لا بأس ولا حرج في ذلك، من لبس الخفين أو الجوربين إن شاء أبقاهما يوما وليلة وهو مقيم غير مسافر، وإن شاء خلعهما متى شاء، ولو لم يصل فيهما إلا مرة واحدة، لكن الأفضل أن تبقي عليه أربعا وعشرين ساعة بعد المسح يوما وليلة، والمسافر له ثلاثة أيام، يعني اثنتين وسبعين ساعة؛ ثلاثة أيام بلياليها بعد الحدث والمسح، فالحاصل أنه لا بأس أن يمسح عليها وقتا أو وقتين ثم يخلع، لا حرج في ذلك، ومن شروط المسح على الخفين: أولا: أن يلبسهما على طهارة، قال صلى الله عليه وسلم لما أراد المغيرة أن ينزع خفيه، قال: «دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين (2)» فإذا أراد أن يمسح فليلبسهما على طهارة، رجلا كان أو امرأة، مسافرا أو مقيما. ثانيا: لا بد أن يكونا ساترين؛ الخفان أو الجوربان لا بد أن يكونا ساترين صفيقين، ويسمح بالخروق الصغيرة على الصحيح.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (160). (2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب جبة الصوف في الغزو، برقم (5799)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، برقم (274). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 ثالثا: أن يكون المسح المدة المعينة؛ يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لا يمسح في أكثر من ذلك، فإذا توافرت هذه الشروط فالمؤمن يمسح على الخفين والجوربين، والمرأة كذلك، ولا بد أن يكون المسح على الجورب، فإذا كان المسح على النعل مع الجورب وخلع النعل؛ بطل الوضوء، فإذا مسح عليهما جميعا يبطل الوضوء بخلع أحدهما، أما إذا خص المسح بالجورب، ثم لبس الكندرة أو النعل فإذا خلعها لا بأس، يكون الحكم للجورب، فإذا خلع الكندرة أو النعل لا يضر، أما إذا مسح عليهما جميعا فالحكم يتعلق بهما جميعا، إذا خلع واحدا خلع الآخر وبطل الوضوء. ومما ينبغي التنبه له: أن المسح على أعلى القدم فقط لا يحتاج إلى العقب ولا أسفل الخف، متى ما مسح على أعلى قدميه كفى، كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر الخفين. فقط على ظاهر القدم، فلا يجب مسح العقب، ولا مسح الأسفل، إنما السنة مسح الظاهر فقط، مثل ما قال علي رضي الله عنه: «لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت النبي عليه الصلاة والسلام يمسح على ظاهر خفيه (1)» فالحاصل أن هذا هو محل المسح، ظاهر الخف وظاهر الجورب، وهنا مسألة قد تخفى، وهي مسألة الجبيرة، إذا كان الإنسان   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب كيف المسح، برقم (162). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 عليه جبيرة في قدمه، أو في ذراعه، أو في وجهه لجرح فإنه يمسح عليها، وليس لها وقت معين، ما دامت موجودة يمسح ولو طالت المدة، حتى يشفى مما تحتها ويزيلها، وليس لهذا حد محدود إلا العافية، ويمسح عليها كلها على الجبيرة كلها ولو كانت وضعت على غير طهارة، لو جرح – مثلا – في يده أو في رجله وهو على غير وضوء، وقد وضع عليه الطبيب الجبيرة فإنه يمسح مطلقا على الراجح ولو كان وضعها حين وضعها على غير طهارة، وهكذا في الغسل من الجنابة، إذا كان في ظهره لزقة؛ في ظهره، أو في جنبه، أو جبيرة فإنه يمر عليها الماء ويكفي عند الغسل، ولا حاجة إلى أن يزيلها، بل متى ما مر عليها الماء كفى، حتى يعافيه الله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 س: السائل مصري الجنسية، ويعمل في المنطقة الشرقية، يقول: أشاهد أثناء الوضوء أن البعض من الناس يمسحون على الشراب (الجورب) أي ما يلبس في الأقدام، فما حكم ذلك وظروف وشروط المسح على الشراب؟ (1) ج: لا مانع من المسح على الشراب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح على جوربين، ومسح الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، والجوربان ما يتخذ للرجلين من صوف، أو قطن، أو غيرهما، إذا كانا ساترين للقدم   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (379). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 والكعب فلا بأس، يمسح عليهما يوما وليلة للمقيم بعد الحدث، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، هكذا جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، المقيم يمسح يوما وليلة ابتداء من مسحه بعد الحدث، أول مسحة بعد الحدث هذا المبدأ، وفي السفر ثلاثة أيام بلياليها، تبدأ من المسح بعد الحدث أول المسح حتى يكمل المدة ثلاثة أيام، والجوربان مثل الخفين الذي يكون من الجلد مثلا، والجورب يكون من الصوف والقطن ونحو ذلك، فكما يمسح على الخف يمسح على الجورب إذا كان كل منهما ساترا للقدم والكعبين، يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر بلياليها إذا لبسها على طهارة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 س: يسأل هذا المستمع سماحتكم، فيقول: ما كيفية المسح على الجوارب؟ (1) ج: كيفية المسح على الجوارب مثل الخفين، الخفان من الجلد والجوارب من القطن ونحوه، فيمسح على ظاهرهما؛ يضع يده اليمنى على قدمه اليمنى ويده اليسرى على قدمه اليسرى، يمسح عليها إذا مسح رأسه وأذنيه، فإنه يمسح الجوربين والخفين؛ يضع كفه اليمنى على ظاهر قدمه ويمسح على قدمه اليمنى، ويضع يده اليسرى على قدمه اليسرى ويمسح، ويكفي.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (299). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 114 - مسألة في بيان مدة المسح على الجوارب س: المسح على الجوارب هل يصح أكثر من ثلاثة أوقات؛ أتوضأ وأمسح؟ فهل يصح – مثلا – ذلك العصر والمغرب والعشاء؟. ج: يوم وليلة لمن لبس الجوارب على طهارة، يمسح يوما وليلة كالخفاف، فإذا لبس الجوربين الساترين بعد الطهارة مسح عليهما يوما وليلة، الرجل والمرأة، فإذا تم اليوم والليلة خلعهما وتوضأ، والجوارب تكون من القطن، أو من الصوف إذا كانت ساترة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 115 - حكم اشتراط النية للمسح على الخف والجوارب س: هل يشترط في المسح على الجورب النية؟ أي: إنني إذا لبسته على طهارة وحان وقت الظهر، ولم أنو أن أمسح عليه فهل تصح الصلاة وإن مسحت عليه، أم لا بد من وجود النية قبل المسح؟ (1) ج: لا حاجة إلى ذلك، لا يشترط النية، إذا لبسته على طهارة تنوي المسح عليه، وإن كنت لم تنو عند اللبس أنك تمسح عليه، المهم أن   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (289). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 تكون قد لبسته على طهارة، فلك المسح عليه حتى تمضي المدة، وهي يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر بعد الحدث، يعني من أول مسح بعد الحدث، ولا يشترط في هذا أن تسبق النية أنك تريد أن تمسح عليه، لا يشترط، ولا دليل على ذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 116 - حكم المسح على ظاهر القدمين س: يسأل المستمع ويقول: هل يصح مسح الأرجل أثناء الوضوء من خلف الجوارب؟ (1) ج: تمسح من فوق، السنة مسحها من فوق، النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح على خفيه على ظاهرهما فقط، أما المسح على العقب وأسفل الخف فهذا ليس بصحيح، خبره ضعيف، الصواب أنه صلى الله عليه وسلم كان يمسح على ظاهر خفيه كما رواه أبو داود بإسناد جيد، عن علي رضي الله عنه قال: «كان النبي يمسح على ظاهر خفيه، عليه الصلاة والسلام (2)»   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (403). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب كيف المسح، برقم (162). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 117 - حكم من خلع الخفين بعد الوضوء س: إذا لبس الشخص جوربا على وضوء، ثم انتفض الوضوء وتوضأ ومسح عليه، ثم خلعه فهل يبقي على وضوئه؟ (1) ج: إذا خلعه بطل الوضوء، إذا خلعه بعد الحدث بطل الوضوء.   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (321). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 س: مسحت على الخفين والشراريب معا، ولكن نزعت الخفين خارج المسجد، وصليت بالشراريب فقط، هل صلاتي صحيحة؟ (1) ج: إذا كنت مسحت عليهما جميعا؛ على الخف، وعلى ما ظهر من الشراب فاخلعهما جميعا، أما إذا كنت مسحت على الشراب فقط، والشراب ساتر ومسحت عليه فإنه يكفي والحمد لله، ولو خلعت الخف، وما دام مسح عليهما جميعا فإنه يخلعهما جميعا، أما إذا مسح على الجوربين، ثم أدخلهما في الكندرة، أو في الخف، فليبن على الجوربين إذا خلع الخف، لا بأس ولا يضر.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (295). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 118 - حكم لبس أكثر من جوربين والمسح عليه س: مستمع يسأل عن الجوارب ولبسها، ولا سيما في الشتاء، ويقول: هل لبس زوجين من الجوارب يقومان مقام الخفين؟ وحتى إذا كان إحدى الجوربين قد تشقق، أو فيه بعض الخروق وتظهر منه البشرة؟ وماذا إذا أصابته نجاسة؟ هل تؤثر على المسح عليه؟ وهل الماء المستعمل في الاستنجاء إذا أصابه أثناء الاستنجاء، هل يغسل الجوربين، أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا مانع من المسح على الجوربين ولو تعددت، ولو لبس عدة جوارب إذا سترت القدمين، فلا بأس أن يمسح عليهما إذا لبسهما على طهارة، والجورب الواحد يكفي إذا كان ساترا للقدمين، إذا كان صفيقا ساترا للقدمين، ولبسه على طهارة فإنه يمسح عليه يوما وليلة بعد الحدث؛ يوما وليلة إذا كان مقيما، أما إذا كان مسافرا فيمسح ثلاثة أيام بلياليها ولو جمع جوربين، أو ثلاثة للدفء؛ بأن جعل بعضها فوق بعض وهي ساترة فيمسح عليها، ولو كان بعضها لا يستر إذا ستر أحدها فالباقي تبع، المهم أن يستر أحدها، فإذا ستر من الكعب إلى أطراف القدم؛ ستر القدم كله مع الكعبين يمسح عليهما مثلما يمسح على الخفاف من الجلد، أما إذا كانت تصف البشرة؛ ما ستر البشرة لا   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (270). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 يمسح عليه، لا بد أن يكون واحد منها ساترا، أو كلها ساترة، وإذا كانت نجسة لا يمسح عليها، بل يجب إزالتها حتى تغسل، وتتطهر من النجاسة، وإذا أصابه شيء من ماء الاستنجاء قبل أن تزول النجاسة يطهرها بغسلها، أما إذا كانت النجاسة قد زالت وأصابه ماء بعد الطهر، ماء يعني استعمله المستنجي بعدما زالت النجاسة ماء نظيفا فلا يضر إذا كانت النجاسة قد زالت، وطهر المحل، أما إن أصابه رشاش من الماء الذي تلطخ بالنجاسة فإنه ينجسه، وعليه غسل الجورب، ولا يمسح عليه حتى يغسله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 119 - بيان كيفية المسح إذا لبس أكثر من جورب س: في فصل الشتاء تبرد قدماي، وتصبح في برودة الثلج، وتتورم ويسبب لي ألما شديدا خاصة في الليل، فأذهب إلى الطبيب، ونصحني بلبس جوارب عليها حتى تصبح دافئة، ولذلك أضطر إلى لبس أكثر من جورب في وقت واحد. وسؤالي عن المسح كيف يكون؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: تلبس جوربا أو جوربين عليها للدفء، وتمسح عليها إذا لبستها على طهارة كل يوم وليلة، فإذا مضى يوم وليلة تخلع، ثم تتوضأ، ثم تلبسها مرة أخرى، وهكذا كل ما مضى يوم وليلة، تخلع، تحسب بعد   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (298). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 الحدث يوما وليلة، يعني خمس صلوات في الغالب، ثم تخلعها، ثم تتطهر وتغسلها، ثم تلبسها؛ تلبس الجوارب، وهكذا، وتمسح على الأعلى منها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 س: هل هناك من إرشاد حول المسح على الجوربين؟ (1) ج: نعم، يمسح عليهما يوما وليلة في حق المقيم، وثلاثة أيام بلياليها في حق المسافر إذا كانا ساترين لمحل الفرض؛ الكعبين وما دونهما من القدم، ساترين يعني صفيقين، فإنهما يمسح عليهما بشرط أن يكونا طاهرين مباحين، لا مغصوبين، ولا نجسين، فالمقصود أنه إذا كان الجوربان، أو الخفان طاهرين مباحين ساترين مسح عليهما، يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر إذا كان هذا على طهارة؛ إذا لبسهما على طهارة.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (88). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 120 - حكم عدم غسل القدمين عند الوضوء بسبب المرض س: تقول السائلة: تصاب أصابع قدمي بفطور؛ وذلك من أثر الماء، وقد منعني الطبيب من استعمال الماء، ومن استعمال الجوارب أيضا، كيف تنصحونني وحالتي والصلاة؟ (1) ج: إذا كان يضرك الماء فلا بأس مثل ما قيل لك، إذا كان يضر قدميك فلا بأس، وإذا كانت الجوارب تضرك فلا بأس بتركها، وإذا كانت لا تضر تلبسينها على طهارة، وتمسحين على الجوارب، أما إن كانت الجوارب تضر – كما قيل لك – وهكذا الماء فيكفيك التيمم؛ تغسلين وجهك ويديك، وتمسحين رأسك، ثم تستعملين التراب بعد التنشيف، تضربين التراب مرة واحدة، وتمسحين وجهك وكفيك بالنية عن القدمين، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب، إذا كان هناك ضرر بين في غسل القدمين، ولبس الجوربين عليهما فإنك تتوضئين وضوءك الشرعي، يعني: تتمضمضين وتستنشقين، وتغسلين وجهك ويديك، وتمسحين رأسك وأذنيك، ثم بعد ذلك إذا حصل التنشف بعد ذلك تضربين التراب ضربة واحدة بيديك، وتمسحين بهما وجهك وكفيك بنية عن القدمين؛ لأن العاجز عن استعمال الماء حكمه حكم فاقد الماء، والله سبحانه وتعالى يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2)   (1) السؤال من الشريط رقم (191). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 فالذي يعجز عن استعمال الماء لمرض، أو جراحات حكمه حكم فاقد الماء، يتيمم والحمد لله، وهكذا الجريح وصاحب الجبيرة؛ الجريح إن تيسر المسح على الجرح مسح على الجرح وكفى، وإن كان يضره المسح تيمم إذا كان ليس على جرحه جبيرة، تيمم بعد غسله الأعضاء السليمة، ثم إذا يبست يداه يضرب التراب مرة واحدة، ويمسح بهما وجهه وكفيه بالنية عن الجريح، أما إذا كان عليه جبيرة فإنه يمسح الجبيرة ويكفي عن التيمم، وإذا مسح على الجبيرة عند غسل العضو الذي فيه الجبيرة كفى، إذ كانت الجبيرة في الذراع مسح عليها مع غسل بقية الذراع، وإذا كانت الجبيرة في القدم غسل القدم السليمة وبعض القدم التي عليها الجبيرة، ومسح على الجبيرة والحمد لله، ويكفي عن التيمم، هذا هو الصواب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 121 - حكم من لبس الخفين على طهارة ثم نزعهما س: إذا لبس إنسان جوربين على طهارة، ثم تطلب الأمر نزعهما، مثل: إجراء كشف طبي يتطلب نزعهما، ثم عاد ولبسهما مرة أخرى بدون وضوء، علما أنه لا زال على طهارة، فما حكم ذلك بالتفصيل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان ما زال على طهارته الأولى، ولكن لبس خفين، أو   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (264). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 جوربين لا بأس، فإن تطهر مثلا لصلاة الظهر، ولبس الجوربين أو الخفين، ثم دعت الحاجة لكشفهما بعد الصلاة لمرض أو غيره، ثم أعادهما على طهارته فلا بأس، يمسح عليهما يوما وليلة إذا كان مقيما، وثلاثة أيام بلياليها إذا كان مسافرا، أما إن كان أحدث بعد ما لبسهما فإنه لا يعيدهما إلا بعد الطهارة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 122 - بيان شرط سماكة الجوارب عند المسح س: هل يشترط سمك معين للمسح على الجوربين؟ (1) ج: ليس لهذا شرط، وليس لهذا حد محدود، ولكن المطلوب الستر، إذا سترت القدم – حتى لا يرى لون القدم؛ هل هو أبيض أو أحمر أو أسود، يعني: إذا كان الجورب ساترا القدم كفى.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (316). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 س: إذا توضأ الإنسان للصلاة، ثم لبس جوربا ثم صلى العصر، ثم خلع الجورب وتوضأ لصلاة المغرب هل فعله هذا صحيح؟ (1) ج: لا حرج عليه إذا كان لا يرغب في بقائها في رجله، لا بأس ولا حرج، إن شاء أبقاها، وإن شاء خلعها والحمد لله.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (317). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 123 - بيان مسح من به سلس البول س: ما حكم المسح على الجوارب بالنسبة لحالة من به سلس بول؟ (1) ج: لا بأس مثل غيره، يمسح الجوارب والخفين، يمسح عليهما يوما وليلة مثل غيره، وهكذا مسألة الإمامة، لا يؤم الناس، بل يترك ذلك لغيره؛ لأن حدثه دائم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يؤم، فينبغي له أن لا يؤم، وإنما يؤمهم غيره، ولو أم صحت صلاته على الصحيح؛ لأن طهارته مجزئه بحقه، لكن كونه يدع الصلاة لغيره أحوط، وبالنسبة لإمامته المصلين؛ لأنه أفضل الموجودين وأقرؤهم فالأفضل أن يؤمهم غيره، ممن هو دونه السالم من هذا الحدث.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (307). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 124 - حكم المسح على الجوارب الرقيقة س: تقول السائلة: اختلف العلماء في حكم المسح على الجوارب الرقيقة، فما هو الصحيح؟ وما الدليل على عدم جواز المسح؟ (1) ج: الصواب أن المسح يكون على ساتر صفيق، الذي يستر   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (203). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 القدمين؛ لأن الله أباح لنا المسح على الخفين رحمة لنا، فإذا كان الخفان غير ساترين لم يحصل المقصود؛ لأن الأقدام بائنة ظاهرة، والظاهر حكمه الغسل، والنبي صلى الله عليه وسلم مسح والصحابة على خفين ساترين، فالواجب التأسي بهم في ذلك؛ لأنهم مسحوا على خفاف وعلى جوارب ساترة، فلا يجوز المسح على جوارب أو خفاف غير ساترة، لكن ذكر جمع من أهل العلم أن الخروق اليسيرة عرفا لا تضر، تغتفر؛ لأنه قل أن يسلم الخف، أو الجورب من شيء يسير يعتريه من فتق، أو خرق، أو نحو ذلك، إذا كان يسيرا عرفا لا يستفحش، وإذا صارت الأخفاف سليمة والجوارب سليمة كان ذلك أحوط، وفيه الخروج من خلاف العلماء، والبعد عن الشبهة، وبكل حال فالشيء اليسير يعفى عنه إن شاء الله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 س: تقول هذه السائلة: ما حكم المسح على الجوارب الرقيقة، وذلك للصلاة عندما أكون في المدرسة؟ ذلك لأن وقت الصلاة محدد بعشر دقائق، ومنها وقت الوضوء، فأمسح على جواربي وإن كانت خفيفة؛ من أجل استغلال الوقت، فبماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الوقت هذا قصير، العشر دقائق قصيرة، فننصح القائمة بالمدرسة بأن تزيد المدة إلى نصف الساعة، أو إلى نصف إلا خمسا؛   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (292). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 لعل الطالبة تستطيع أن تقضي حاجتها، وتتوضأ بسهولة، وتصلي بطمأنينة؛ لأن العشر دقائق قليلة جدا، وليس كل طالبة على وضوء، فقد تحتاج إلى وضوء، وإلى قضاء حاجة، وعليك أن لا تمسحي على الجوارب الرقيقة، لا بد أن تكون ساترة، وإلا فاخلعيها واغسلي الرجل، لا بد أن تكون ساترة تستر الرجل، لا تعرف من ورائها الرجل؛ هل هي حمراء، أو سوداء؟ بل تسترها سترا كاملا، وتستر الكعبين أيضا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 س: ما حكم المسح على الشراب الخفيف الذي يبين لون البشرة؟ (1) ج: إذا كان الشراب لا يستر لا يمسح عليه، لا يمسح إلا على جورب يستر القدم، أما الذي لا يستر فلا يمسح عليه.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (383). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 س: الأخ: م. ب. ص. س. ض. المهموم، من بريدة، يسأل ويقول: إنسان يمسح على شراب خفيف ترى من خلاله البشرة، هل هذا جائز أو لا؟ (1) ج: لا بد في الشراب والخفاف أن تستر القدم من الكعب إلى   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (117). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 أطراف الأصابع، فإذا كان الشراب خفيفا شفافا، يرى منه ما تحته من لحم وحمرته وسواده ونحو ذلك فإنه لا يمسح عليه، بل يجب خلعه وغسل الرجل، وإنما يمسح على الشراب والخف الساتر، لكن لو وقع فيه خروق يسيرة عرفا فإنه يعفى عنها في أصح قولي العلماء، الخرق اليسير الذي كالمخيط وطرف الإصبع ونحو ذلك فهذا يعفى عنه على الصحيح، وينبغي للمؤمن وللمؤمنة تفقد الخفاف والشراب، حتى تكون ساترة، والخروق ينبغي أن ترفى، أو ترقع، أو تبدل بشيء ساتر خروجا من خلاف العلماء واحتياطا للدين، فإن الصلاة عمود الإسلام، فتجب الحيطة لذلك، أما إذ اتسع الخرق فإنه يخلع وتغسل الرجل، وهكذا إذا كان شفافا فإنه يخلع وتغسل الرجل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 125 - حكم المسح على جوارب النايلون س: هل يجوز المسح على جوارب النايلون أو لا يجوز؟ (1) ج: يجوز المسح على الجوارب من أي جنس كانت؛ من صوف، أو وبر، أو أي شيء لكن تكون ساترة للرجلين؛ الكعبين والقدمين، فإذا كانت ساترة يجوز المسح عليها من أي جنس؛ سواء كانت من الصوف، أو من الوبر، أو من القطن، أو من أي مادة أخرى تستر القدمين.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (363). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 126 - حكم المسح على الخف الساتر إلى نصف الساق س: إنني ألبس حذاء – أجلكم الله – طويلا يصل إلى الركبة، وهو مصنوع من البلاستيك، هل يجوز أن أصلي به صلاة الفجر إذا أدخلت رجلي طاهرة؟ (1) ج: إذا لبسته على طهارة لك مدة يوم وليلة إذا كنت مقيما، وإن كنت مسافرا فلك ثلاثة أيام بلياليها إذا كان هذا ساترا للقدم مع الكعبين، فالحمد لله.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (338). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 127 - حكم المسح على الخف وخلعه عند الصلاة س: يقول هذا السائل: عندما أتوضأ في المدرسة لتأدية صلاة الظهر أمسح على الحذاء؛ وذلك لصعوبة خلع الحذاء ولبسه مرة أخرى، ولبعد المسجد عن دورة المياه، فإذا وصلت إلى المسجد خلعت الحذاء وصليت، فما حكم ذلك؟ (1) ج: لا يجوز هذا، يكون الوضوء باطلا، لا بد من لبس خف يستر القدمين، أو جورب يستر القدمين، ويمسح عليه ويبقى حتى يصلي، أما أن يمسح على ظاهر الخف، ثم يخلعها عند المسجد هذا   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (430). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 يبطل الوضوء، ولا تصلح الصلاة، لا بد من بقائه حتى يصلي فيه إذا كان ساترا للقدمين؛ كخف أو جورب من الصوف أو القطن يستر القدم، ويلبس على طهارة ويمسح عليه، ثم يصلي فيه، ولا يخلعه قبل الصلاة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 128 - حكم المسح على الحذاء أو الشراب الوسخ س: يقول السائل: ما حكم المسح على الشراب، أو المسح على الحذاء، أجلكم الله؟ وإذا كان يعلق بها بعض الأوساخ فهل تجوز الصلاة بها؟ (1) ج: المسح على الخفين أو الجوربين رخصة وسنة، فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إذا توضأ أحدكم فلبس خفيه فليمسح عليهما (2)» وقال فيما رواه مسلم عن علي رضي الله عنه: «يمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثا بلياليها (3)» وهكذا رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرهم إذا لبسوا الخفاف على طهارة أن   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (237). (2) أخرجه الدارقطني، والبيهقي في السنن الكبرى، وابن خزيمة في صحيحه. (3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم (276). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 يمسحوا يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر بلياليها (1)» وهو صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، كان يمسح على الخفين، وفي بعض أسفاره - صلى الله عليه وسلم – توضأ ومعه المغيرة يصب عليه، فلما مسح رأسه أراد المغيرة أن ينزع خفيه، فقال: «دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين (2)» فمسح عليهما، عليه الصلاة والسلام. والجورب من جنس الخف، يكون من الصوف ومن القطن، أو من الشعر، أو غير ذلك، فهو من جنس الخف. الخف من الجلد، والجورب من غير الجلد، والصواب أنه يجوز المسح على الجورب كالجلد إذا ستر القدمين مع الكعبين، كالخف يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، وإذا كان الجورب في النعل ومسح عليهما جميعا فلا بأس، لكن إذا خلع النعل يخلع الجورب، أما إذا مسح الجورب وحدها فإنه يخلع النعل متى شاء، فيكون الحكم معلقا بالجورب؛ يمسح عليها يوما وليلة في الإقامة، وثلاثة أيام بلياليها في السفر. أما النعل وحدها فلا يمسح عليها؛ لأنها لا تستر، وإنما يمسح على   (1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب جبة الصوف في الغزو، برقم (5799)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم (276). (2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب جبة الصوف في الغزو، برقم (5799)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم (274). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 176 الجورب بالنعل؛ لأنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام «أنه مسح على الجوربين والنعلين (1)». فإذا مسح عليهما جميعا صار الحكم لهما؛ يخلعهما جميعا ويبقيهما جميعا، أما إذا مسح على الجورب وحده فإنه يكون الحكم للجورب والنعل متى شاء خلعها ومتى شاء لبسها، فإذا مضى على الجورب في رجله يوم وليلة بعد الحدث وبعد المسح خلع، وهكذا الخف، يبدأ من المسح بعد الحدث، فإذ مضى يوم وليلة؛ أربع وعشرون ساعة بعد المسح الأول عليه بعد الحدث تمت المدة، وهكذا المسافر ثلاثة أيام بلياليها، يعني اثنتين وسبعين ساعة في حق المسافر، ولكن لا بد أن يكون لبسهما على طهارة، ولا بد أن يكون من الحدث الأصغر من الجنابة، لا يمسح، والحائض والنفساء لا تمسح؛ لأن المسح للحدث الأصغر، أما الجنب فيخلع والحائض تخلع والنفساء تخلع؛ لأن الحائض والنفساء لا طهارة لهما إلا بعد الغسل. فالحاصل أن الجوارب يمسح عليها للوضوء، أما في الجنابة فلا، بل يخلع.   (1) سنن الترمذي الطهارة (99)، سنن النسائي الطهارة (125)، سنن أبو داود الطهارة (159)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (559)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 252). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 177 129 - حكم المسح على الجوربين بعد خلعهما ولبسهما مرة أخرى بعد الحدث س: هل يجوز فسخ الشراب بعد أداء الفروض الخمسة للماسح عليها يوما وليلة؟، وعند اتساخها هل يصح لي تغييرها قبل إكمال الفروض، ومتابعة المسح عليها؟، والقصد من سؤالي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 177 هو إراحة الأرجل عند النوم؛ وذلك بعد أداء الفروض جميعها، ابتداء من صلاة الفجر حتى العشاء، والفترة ما بين العشاء والفجر راحة، أرجو إفادتي بذلك؟، والله يوفقكم (1) ج: المشروع للمؤمن أن يمسح يوما وليلة إذا كان مقيما، وثلاثة أيام بلياليها إذا كان مسافرا، كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن (2)» وهكذا جاء في أحاديث أخرى عن النبي عليه الصلاة والسلام، والبدء يكون بعد المسح من الحدث، إذا مسح بعد الحدث هذا البدء، فإذا أحدث الضحى – مثلا – ثم توضأ للظهر ولبسها، ثم مسح العصر فإنه يستمر إلى العصر الآتي، فإذا جاء العصر الآتي خلعها، وغسل رجليه قبل العصر ثم لبسهما بعد ذلك، ثم يمسح يوما وليلة بعد ذلك، أما إذا خلعهما للراحة – مثلا – لبسهما بعد الظهر على الطهارة، ثم مسح عليهما بعد العصر، ثم مسح بعد المغرب والعشاء، ثم خلعهما بعد العشاء للنوم؛ فإنه يغسل قدميه إذا قام للفجر، ولا يلبسهما إلا على طهارة؛ يتوضأ وضوء الصلاة، ويغسل   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (70). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم (276). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 178 قدميه ثم يلبسهما على طهارة، فيمسح عليهما بعد ذلك إذا صلى الضحى، أو يمسح عليهما الظهر أو العصر، وهكذا يوما وليلة مرة أخرى، وهكذا إذا خلعهما بعد ما أحدث فإنه يبطل حكم المسح، فليس له أن يعيدهما إلا على طهارة جديدة، ولا يلبسهما على طهارة سبقت قبل الخلع، ومتى خلعهما بطل حكم المسح حتى يتوضأ وضوءا جديدا، ثم يلبسهما بعد الوضوء الجديد، ولهذا لما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم وعليه الخفان، وأراد أن يمسح عليهما أراد المغيرة أن ينزعهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين (1)» وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا توضأ المؤمن، ثم لبسهما يمسح»، وهكذا جاء في حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال: «أمرنا رسول الله إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام، ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم (2)» فالمؤمن يمسح ثلاثة أيام بلياليهن بنفس السفر،   (1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب جبة الصوف في الغزو، برقم (5799)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم (274). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم، برقم (96)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب الوضوء من الغائط والبول، برقم (158)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من النوم، برقم (478). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179 ويمسح للإقامة يوما وليلة، لكن في غير الجنابة، أما الجنابة فلا، لا بد من الخلع حتى يغسل قدميه من الجنابة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 180 130 - مسألة في كيفية المسح على الجورب ين س: ما الحكم فيمن يقوم بالمسح على الشراب، بدلا من غسل الرجلين في الوضوء؛ وذلك بحجة البرد، وأنه لبس الشراب على وضوء؟ ومتى يصح؟ وكيف؟ (1) ج: إذا كان الجورب (الشراب) صفيقا ساترا للقدم، ولبسه على طهارة جاز المسح عليه؛ كالخف من الجلد يوما وليلة للمقيم بعد المسح، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، هكذا جاءت السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، والصواب أنه يجوز المسح على الجورب – وهو الشراب – من الصوف، ومن القطن، أو الوبر مثل الجلد، مثل الخف سواء بسواء على الصحيح، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه مسح على الجوربين والنعلين، كما جاء في السنن من حديث المغيرة، وثبت عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم مسحوا على الجوربين، فلا حرج في ذلك، إذا كان لبسهما على طهارة وكانا صفيقين ساترين فإنه يمسح عليهما يوما وليلة، يبدأ المسح من المسح بعد الحدث، إذا أحدث ومسح بدأ المسح هذا أول المدة؛ يوم وليلة، إذا أحدث ريحا   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (41). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 180 أو بولا أو نحو ذلك، ثم مسح هذا أول المدة؛ يوم وليلة، وهكذا في السفر يبدأ مدة المسح بعد المسح من الحدث ثلاثة أيام بلياليهن في السفر، ويوما وليلة في الإقامة، أما المدة التي قبل ذلك ما تحسب مثل لو لبسها الظهر على الطهارة، ثم صلى الظهر بالطهارة، ثم صلى العصر بالطهارة والمغرب بالطهارة والعشاء بالطهارة، ثم أحدث بعد العشاء لا يحسب له إلا بعد العشاء إلا بعد المدة التي مضت على الطهارة، الأولى ما تحسب؛ لأنه ما أحدث فيها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 س: هل يجوز المسح على الجورب في الوضوء؟ وذلك كالمسح على الخفين؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم يمسح على الجورب، من القطن أو الصوف كما يمسح على الخفين من الجلد، وكان جماعة من الصحابة يمسحون على الجوارب، جاء عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «أنه مسح على الجوربين والنعلين، عليه الصلاة والسلام (2)» فلا حرج في ذلك إذا لبسهما على   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (325). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين، برقم (99)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب المسح على الجوربين، برقم (159)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب المسح على الجوربين والنعلين، برقم (125)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين برقم (560). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 طهارة، وكانا ساترين يمسح عليهما، يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، ويبدأ المسح بعد مسحه من الحدث يوما وليلة، يعني أربعا وعشرين ساعة، المسافر ثلاثة أيام بلياليها، اثنتين وسبعين ساعة بعد الحدث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182 131 - مسألة في كيفية المسح على الجورب س: كيف يكون المسح على الجورب عند الوضوء؟ هل يبدأ برجل ويلبس الجورب، أو بعد الوضوء والتمسح؟ وهل يجوز حسب الظروف فرضا؟ (1) ج: يمسح على الشراب مثل ما يمسح على الخف الجلد، إذا كان عليه جوربان وقد لبسهما على طهارة يمسح عليهما مثل ما يمسح على الخفين، يمسح على اليمنى باليمنى، ثم يمسح على اليسرى باليسرى، ويكفي ذلك والحمد لله، على ظاهر القدم، يمسح ظاهر الخفين أو ظاهر الجوربين ويكفي ذلك، أما عند البدء فلا يمسح عليهما إلا إذا كان لبسهما على طهارة، أي لا بد أن يتوضأ أولا ثم يلبسهما، وإذا لبس الخف أو الجورب في الرجل اليمنى قبل أن ينتهي من الوضوء،   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (328). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182 ثم غسل اليسرى ولبس فالأحوط له أن يخلع اليمنى، ثم يلبسها بعد تمام الوضوء؛ لأنه لبسها قبل تمام الوضوء، فيخلعها بعد أن غسل اليسرى، ثم يعيد لبسهما حتى يكون لبسها على طهارة كاملة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 183 س: نرجو من سماحتكم أن تتفضلوا ببيان أحكام المسح على الشراريب؟ (1) ج: المسح على الخفين والشراب مشروع، إذا كان الخف ساترا والشراب ساترا، ولبسهما على طهارة، والخف يكون من الجلد والشراب والجورب يكون من الصوف أو الوبر أو القطن أو نحو ذلك، فإذا كان الجورب ساترا والخف ساترا، ولبسهما على طهارة، شرع له المسح يوما وليلة بعد الحدث وبعد المسح في حال الإقامة، وثلاثة أيام بلياليها في حال السفر، فالمقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام بلياليها، بدءا من المسح بعد الحدث، إذا كان لبسهما على طهارة، وكانا ساترين، الخفان أو الجوربان، والخروق اليسيرة جدا يعفى عنها إن شاء الله.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (320). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 183 132 - حكم المسح على الحذاء ثم خلعه قبل الصلاة س: إنني امرأة كفيفة وكبيرة ومن الصعب علي خلع الكنادر، ثم المسح على الشراب، ثم لبس الكنادر، فهل يجوز أن أمسح على الكنادر فقط وحينما أصل إلى السجادة أخلع الكنادر وأصلي (1) ج: المسح على ما يستر الرجلين من كنادر أو شراب جائز ورخصة من الله جل وعلا، وفيه تخفيف على الأمة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه وعلى الجوربين، ويصلي يوما وليلة في الحضر في الإقامة، وفي السفر ثلاثة أيام بلياليها، هذا مشروع والحمد لله، لكن يكون المسح على الشيء الساتر، إما جورب ساتر، أو خف من الجلد ساتر، يمسح عليه يوما وليلة في الإقامة بعد الحدث والمسح، يوما وليلة، أما الكندرة فلا يمسح عليها، إذا كانت غير ساترة لا يمسح عليها إلا أن يمسح عليها مع الجورب لا بأس، يمسح عليهما جميعا على الكندرة وعلى ما ظهر من الجورب، يمسح عليهما جميعا لا بأس، وإذا مسح عليهما جميعا لا يخلع، لأنه إذا خلع بطل الوضوء، فيصلي بالكندرة والشراب جميعا، فإذا خلع الجميع أو خلع الكندرة بطل الوضوء، وإذا أرادت هذه المرأة السلامة فعليها أن تمسح على الجورب فقط، وتخلي الخف أو غيره من شبشب أو غيره مما يخف عليها خلعه، أو في كندرة   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (34). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 184 يخف خلعها تمسح على الجورب، وإذا جاءت المصلى خلعت الكندرة وكفاها الجورب، ولا تمسح على الكندرة، تمسح على الجورب الذي يستر القدم والحمد لله، وأما الكندرة لا تمسح عليها حتى تخلعها متى شاءت، أو تجعل الجورب في شبشب يقيها في الأرض، ثم تخلع الشبشب، المقصود أنها إذا مسحت على الكندرة لا يجزئ؛ لأن الكندرة لا تستر إذا كانت قصيرة، أما إذا كانت الكندرة واسعة تستر القدم كله مع الكعبين، فتمسح على الكندرة ومتى مسحت عليها فلا تخلعها إلا بعد الصلاة، تصلي أولا: أما إن خلعتها قبل الصلاة بطل الوضوء، فينبغي التنبه لهذا، ينبغي التنبه للمرأة، والذي يقرأ عليها يسمعها هذا الجواب، ويفهمها بأن المسح على الكندرة لا يجزئ، إذا كانت قاصرة لا تستر الكعبين، وإذا كانت ساترة وخلعتها بطل وضوؤها، فالذي ينبغي لها أن تمسح الجورب، وتكتفي به والكندرة تخلعها متى شاءت. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 185 س: يقول السائل: إني عامل في السعودية، وفقني الله بالصلاة مع عمالي، ولكن الرجل الذي يؤم الناس بصلاة الجماعة وجدته في الوضوء يمسح رجله بالماء من فوق الشراب، فقلت له: لماذا لم تخلع الشراب؛ لتعم الماء على رجلك؟ فقال لي: سألت المطوع، قال: يجوز المسح فوق الشراب، فهل تكون الصلاة صحيحة أم لا؟ وفقكم الله (1) ج: نعم يجوز المسح على الشراب، إذا كان ساترا، يجوز المسح عليه إذا لبس على طهارة، فلا حرج في ذلك، الرسول صلى الله عليه وسلم مسح على جوربين ونعلين، وثبت عن جماعة من الصحابة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام أنهم كانوا يمسحون على الجوارب، والجوارب هي الشراب من القطن أو من الصوف، ونحو ذلك، أما الخف فهو من الجلد، والنبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، ومسح على الجوربين أيضا، فلا حرج في ذلك، ومن قال: إنه لا يمسح إلا على الخف فقط، أو على الجلد فهو قول ضعيف مرجوح، والصواب أنه يمسح على الجلد وعلى الجورب، الذي هو الشراب، من القطن أو الصوف، إذا كان ساترا للقدم، وإذا كان لبسهما على طهارة فإنه يمسح يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر بعد الحدث، هذا هو المشروع، وبذلك تعلم أن مسحه لا حرج فيه، وأن صلاته صحيحة، وأن قول من قال: إن المسح يكون في الخف الذي هو الجلد ليس بجيد.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (25). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 186 باب المسح على الجبيرة 133 - حكم المسح على العضو المصاب لمدة زمنية طويلة س: أصاب إصبع رجلي الإبهام جرح تعفن، وأدخلت المستشفى، وأجريت لي عملية، وبقي هذا الجرح ستة أشهر لم يبرأ، يغير له الأطباء يوما بعد الآخر، ويربطونه بالشاش، وكلما توضأت أمسح على الإصبع، فهل يجزئ هنا المسح عن التيمم؟ مع العلم أن الماء يصل جميع محلات الوضوء، ما عدا الإصبع المربوطة، وإذا ربط الشاش فوق الدواء لم يخرج منها شيء (1) ج: لا شك أن مسح الجبيرة كاف عن التيمم، فإذا مسح على الجبيرة التي على الجرح عند غسل الرجل، التي فيها الجرح كفى ذلك والحمد لله، ولا يحتاج إلى التيمم، وهذا هو الواجب عليه عند وجود   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (9). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 187 الجرح الذي عليه الشاش، أي عليه الجبيرة يمسح على الجبيرة يعمها بالمسح، ويكفي عند غسل الرجل والحمد لله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 س: تعرضت لكسر في ساقي ووضع عليه الجبس، وعند الوضوء أمسح على الجبس، فهل وضوئي صحيح؟ (1) ج: نعم، عليك أن تمسح على الجبس كالجبيرة حتى يزال إذا كان الجبس على القدم، أما إذا كان على الساق فلا تمسح عليه، إذا كان الجبس بضعه على القدمين، أو على أحد القدمين تمسح عليهما عند الوضوء، مثل لو كانت الجبيرة بخرقة أو غيرها على قدمك، تمسح عليها حتى تزال، ولا يشترط أن يوضع الجبيرة والجبس على طهارة على الصحيح.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (328). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 س: أصيب شخص بجرج في إصبعه وقام الطبيب بربط الجرح حتى لا يصل الماء إلى الجرح، فكيف يتوضأ المصاب في هذه الحالة أم أنه يتيمم؟ (1) ج: يتوضأ ويمسح على الجبيرة، وليس له حد محدود.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (337). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 س: كنت ذات يوم ألعب بالكرة، وقد حدث أن جرحت رجلي جرحا مؤلما، ودخل وقت الصلاة فتوضأت الوضوء الكامل، غير أني لم أغسل مكان الجرح، فكنت أصلي والدم ينزف مني، ودمت على ذلك خمسة أيام، فهل صلاتي صحيحة مع العذر أم لا؟ أفيدونا بارك الله فيكم (1) ج: الواجب في هذا أنك تجعل للجرح شيئا يمسك الدم؛ جبيرة يعني خرقة تلفها عليه أو ما أشبهها مما يحبس الدم ويوقف الدم، حتى تمسح على هذه الجبيرة، فإن لم يتيسر تيمم عن ذلك بعد الوضوء، تتيمم عن ذلك ويكفي عن محل الجرح، ولكن ضبطه بلفافة أو جبيرة ثم تمسح عليها هذا هو الواجب؛ لأنه هو الطريق المتبع، فإذا لم تفعل ذلك فإن قضيت هذه الصلوات فهو أحوط، إن قضيت الأيام الخمسة التي فعلتها من دون مسح ولا تيمم فهذا هو الأحوط لك؛ لأنك فرطت في هذا الأمر، وهو أمر واضح، إما بربط الجرح والمسح عليه، وإما بالتيمم بعد ذلك؛ لأنك تستطيع التيمم عن هذا الجرح الذي بقي محله لم يغسل، والله ولي التوفيق.   (1) السؤال الثمانون من الشريط رقم (65). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 189 صفحة فارغة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 190 باب المسح على العمامة 134 - حكم المسح على العمامة والربطة للنساء وشرط ذلك س: هل تشترط الطهارة عند المسح على العمامة أو الربطة بالنسبة للمرأة؟ وكيفية المسح عليها؟، جزاكم الله خيرا (1) ج: العمامة كالخفين لا بد من الطهارة، فإذا لبس العمامة المحنكة على طهارة مسح عليها يوما وليلة، وهكذا المرأة إذا أرادت الخمار على رأسها وشق عليها نزعه تمسح يوما وليلة، إذا كانت لبستها على طهارة كالخفين سواء، أما إذا كان لا يشد كالعمامة العادية، أو الغترة فهذه ليس عليها مسح؛ لأن خلعها لا يكلف، كذلك الخمار العادي. أما إذا كانت العمامة تحنك على الرأس، وتربط على الرأس ففي حلها بعض المشقة، فيمسح عليها يوما وليلة إذا لبسها على طهارة، وهكذا إذا كانت المرأة تدير الخمار على رأسها بشريطة على رأسها فإنها   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (316). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 191 تمسح عليه يوما وليلة، إذا لبستها على طهارة، أي لبست الخمار على طهارة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 135 - حكم مسح المرأة على الخمار س: تقول السائلة: هل يجوز للمرأة أن تمسح رأسها من فوق الملابس التي على رأسها؟ (1) ج: ليس لها ذلك، بل عليها أن تمسح الرأس نفسه، كما أن الرجل يمسح رأسه أيضا، لكن إن كان عليها خمار حنكت به رأسها ويشق عليها نزعه مسحت عليه يوما وليلة إذا كان لبسته على طهارة، مثل الرجل إذا لبس العمامة على طهارة يوما وليلة يمسح عليها يوما وليلة بعد الحدث إذا كانت عمامة محنكة؛ لأن حلها قد يشق بعض المشقة، وهكذا الخمار المحنك على المرأة، إذا حنكته على رأسها ولبسته على طهارة فإن لها أن تمسح يوما وليلة كالخفين، كما تمسح الخفين يوما وليلة كالرجل، أما خمار مطروح هكذا على الرأس عادي فهذا لا يمسح عليه، بل يزال، ويمسح على الرأس، أو لبستها على غير طهارة لا تمسح عليها تزيلها، أو زاد عن الوقت يوما وليلة تزيلها كالرجل سواء.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (281). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 136 - حكم المسح على التحجيبة إذا لبست على طهارة ؟ س: سائلة تقول: توضأت على التحجيبة الموضوعة على الرأس؛ لأنه لا يوجد وقت في العمل برفع التحجيبة من على الرأس للوضوء، ووضعها مرة أخرى، فهل الوضوء صحيح أم لا؟ (1) ج: إذا كان المراد من التحجيبة هنا الخمار (الشيلة) التي على الرأس هذه تنزع وقت مسح الرأس، أما إذا كان المقصود بالتحجيبة آثار المشاط الذي في الرأس، أو الحناء الذي في الرأس هذا يمسح عليه والحمد لله، أما التحجيبة التي أردت إذا كانت غير ذلك فلا بد من بيانها، أما إذا كان الخمار محنكا على الرأس، ويشق نزعه، وقد لبس على الطهارة فإنه يمسح عليه يوما وليلة، كالخفين وهكذا عمامة الرجل، إذا جعلها على رأسه، وحنكها تحت حنكه ولفها على رأسه فإن مثلها يشق نزعه، فإذا مسح عليها يوما وليلة فلا بأس إذا كان لبسها على طهارة، فالعمامة والخمار للمرأة كلاهما إذا لبس على طهارة، وقد حنكها أو حنكتها المرأة، أي ربطتها على رأسها، وربطها على رأسه فإن هذا عذر في المسح عليها، إذا كان لبسها على طهارة يوما   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (282). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 193 وليلة في الحضر، وبثلاثة أيام بلياليها للسفر، كالخفين، أما لبس الخمار عاديا، والغترة عاديا، فلا يمسح عليها عند المسح، يزيل الغترة ويمسح، وتزيل المرأة الخمار العادي، وتمسح، أو كان لبسها على غير طهارة ينزعها ويمسح على الرأس، وشرط ذلك أن يكون لبسها على طهارة، وأن تكون يشق نزعها؛ لأنها محنكة مطوية، ملفوفة على الرأس، مداراة على الرأس. إذا كان يشق على المرأة، ولبست التحجيبة على طهارة، إذا لبست التحجيبة وهي التي تلف على الرأس والذقن فهذا فيه مشقة، فإذا كان على طهارة تمسح عليها – والحمد لله – يوما وليلة في حق المقيم، وثلاثة أيام بلياليها في حق المسافر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 س: تقول السائلة: بعض أخواتنا الطبيبات والممرضات يرتدين ما يسمى لديهن بالتحجيبة، وهذه التحجيبة ينطبق عليها الوصف، وهو أنها تكون من تحت الذقن، وتغطي جميع الرأس، هل لمثل هؤلاء الأخوات أن يمسحن على هذه التحجيبة إذا لبست على الطهارة؟ (1) ج: نعم، إذا لبسنها على طهارة، وكان حلها مما يشق بعض الشيء فإنها تمسح على هذه التحجيبة، التي يسمونها خمارا محنكا،   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (432). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 نعم تمسح إذا كان لبستها على طهارة يوما وليلة فقط بعد الحدث، ثم تنزعها بعد اليوم والليلة، وأما إن كانت ملبوسة على غير طهارة فإنها لا تمسح عليها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 137 - حكم المسح على الضماد الذي على الرأس س: تقول السائلة: إذا أردت وضع الحناء على رأسي لمدة يوم، أو يومين فهل يجوز أن أمسح على الغطاء، أم لا بد من مسح الرأس نفسه؟ (1) ج: تمسح على الضماد الذي على الرأس، تقول عائشة: «كنا نمسح على الضماد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (2)».   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (281). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل، برقم (254). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 138 - حكم من توضأ ولم يستنشق س: تسأل هذه المستمعة، وتقول: إذا توضأت وضوءا كاملا، إلا أنني لم أستنشق فهل يبطل وضوئي وصلاتي؟. ج: نعم الاستنشاق والمضمضة لا بد منهما في غسل الوجه، من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 جملة غسل الوجه، فلا يصلح غسل الوجه إلا بالمضمضة والاستنشاق ولو مرة واحدة، والأفضل ثلاث مرات، فالذي لم يستنشق ولم يتمضمض، وضوؤه غير صحيح، يعيده من أوله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 باب ما جاء في نواقض الوضوء 139 - بيان الخلاف في نقض الدم للوضوء س: هل إذا خرج الدم من جرح في الجسم هل ينقض الوضوء؟ أفيدونا أفادكم الله (1) ج: أما الدم القليل فلا ينقض، والرعاف القليل لا ينقض، أما إذا كثر فالأحوط الوضوء؛ لأنه فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من يرى النقض، ومنهم من لم ير النقض، والآثار في هذا والأحاديث فيها بعض التعارض، وليس في المقام حديث صحيح يدل على النقض، لكن من باب الاحتياط من باب: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (2)». إذا كثر فإنه يتحفظ عن الدم ويتوضأ، هذا هو الأفضل والأحوط له؛ خروجا من خلاف العلماء وعملا بالنصوص كلها، أما إذا كان الشيء قليلا؛ نقطات قليلة من الرعاف، والنقط القليلة من الجرح، وهكذا عصر البثرة في العين، وما يقع ويخرج من الأسنان في بعض الأحيان عند السواك ونحوه كل هذا يعفى عنه، ولا حرج فيه.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (36). (2) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2518)، سنن النسائي الأشربة (5711)، مسند أحمد (3/ 153)، سنن الدارمي البيوع (2532). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197 س: رجل توضأ وذهب إلى المسجد وهو في الطريق أصيب بالرعاف، فخرج من أنفه الدم، هل ينتقض وضوؤه والحال ما ذكر؟ (1) ج: إذا كان كثيرا ينبغي أن يتوضأ خروجا من خلاف العلماء؛ لأن خروج الدم الكثير فيه خلاف بين أهل العلم، فإذا كان كثيرا فالأحوط له أن يتوضأ، أما إن كان قليلا فيعفى عنه.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (302). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 س: هل نزيف الدم من الأنف وبشكل متكرر يبطل الوضوء؟ حيث إنه ينزف أحيانا خلال الوضوء نفسه، فهل أعيده من جديد؟ أفيدونا سماحة الشيخ؟ (1) ج: إذا كان قليلا يعفى عنه، وإن كان كثيرا فالأحوط الإعادة إعادة الوضوء، وأما إن كان قليلا فيعفى عنه، والحمد لله، لأن في نقض الوضوء بالرعاف الكثير خلافا بين العلماء، فإذا كثر الدم فالأحوط أن تعيد الوضوء إذا وقف الدم، وأما إن كان قليلا تمسحه ويعفى عنه.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (378). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 س: قرأت لصاحب فقه السنة، أن الدم لا يفسد الوضوء، واستدل ببعض أعمال الصحابة، حيث صلى بعضهم وجروحهم تثعب دماء، وقد قال: إن الحجامة لا تفسد الصوم، فما قولكم في هذا؟ (1) ج: هذه مسألة خلاف بين أهل العلم، والأرجح أنه إذا كان الشيء قليلا من الدم، لا ينقض الوضوء يعفى عن اليسير، أما الكثير فالأحوط للمؤمن أن يتوضأ خروجا من خلاف العلماء لأن الأدلة في هذا ليست واضحة، فإذا توضأ الإنسان من الدم الكثير من الجراح الكثيرة كان أحوط إلا إذا استمر فإنه يصلي على حسب حاله كالمستحاضة، تتوضأ لوقت كل صلاة، وتصلي، فهكذا من كان معه الجرح الدائم، يتوضأ لكل صلاة ويكفي، وهكذا صاحب السلس الذي معه البول الدائم، يتوضأ لكل صلاة، أما الدماء اليسيرة، التي تعتري الإنسان مثل رعاف يسير، أو جرح يسير، هذا يعفى عنه، ولا يجب معه وضوء، والحجامة تعتبر من الدم الكثير فالوضوء أحوط.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (188). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 199 س: يقول السائل: عند الوضوء وإذا استنشقت وجئت لأستنثر يخرج دم، فكيف أتصرف وهل الوضوء حينئذ صحيح؟ (1) ج: الوضوء صحيح، وتغسل ما خرج من الدم إذا كان الشيء يسيرا، أما إن كان كثيرا فتعتني بإزالته وإيقافه ثم تكمل الوضوء، أما إن كان يسيرا فإنك تزيله بالغسل، وتستمر في إكمال وضوئك.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (247). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 140 - حكم انتقاض الوضوء بسبب قتل الحشرات س: يدعي البعض أن قتل البراغيث أو القمل يبطل الوضوء، هل هذا صحيح؟ (1) ج: ليس بصحيح، ولا حرج في ذلك، قتل البرغوث أو القمل أو العقرب عنده أو حوله وهو يصلي، أو حية ضربها أو قتلها، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب (2)» كذا البرغوث والبعوض لا حرج في ذلك.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (328). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب العمل في الصلاة، برقم (921)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (390). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 141 - حكم خروج الدم من الفم أثناء الوضوء وأثناء الصيام س: السائل: س. ظ، من عفيف، يقول: أعرض عليكم قضية، وهي أنه ينزل من فمي عند الوضوء دم، فهل يؤثر ذلك على الوضوء، وكذلك الحال بالنسبة للصيام؟ هل يؤثر ذلكم الدم على الصيام (1) ج: لا يؤثر على الصيام، لا الدم من فمك، ولا من سائر بدنك، الجراحات لا تؤثر على الصيام، وهكذا الوضوء، ما يخرج من الدم من الشفتين أو من اللثة لا يضر الوضوء، لكن تنظفه حتى يزول، وأما الوضوء فهو صحيح، وهكذا الصيام صحيح، إنما الذي يفطر الصائم الحجامة، لو احتجم على الصحيح يفطر بها على أصح قولي العلماء، أما ما قد يقع من جراحات من البدن، أو ما يخرج من دم من الأسنان، أو من الشفة عند بعض الأسباب فهذا كله لا يضر الصوم، ولا يضر الوضوء.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (263). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 201 142 - حكم خروج الدم من الجسم بعد الطهارة س: إذا كان الإنسان على وضوء، وخرج من جسمه دم هل يبطل وضوؤه؟ (1) ج: إذا كان الدم يسيرا؛ الجراحات اليسيرة فهو لا يبطل، فالوضوء صحيح، أما إن كان الدم كثيرا فاختلف العلماء في ذلك، منهم من رآه يبطل الوضوء، ومنهم من رأى أنه لا يبطل الوضوء؛ لأن الأحاديث في ذلك ليست صريحة، والصريح منها ليس بصحيح، فالأحوط للمؤمن إذا كان الدم كثيرا أن يقضي الصلاة خروجا من الخلاف واحتياطا للدين، أما إن كان الدم يسيرا وخفيفا وقليلا فيعفى.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (295). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 143 - حكم وضوء من نام وهو جالس س: تقول هذه السائلة: نسمع كثيرا أن من نام وهو على طهارة وهو جالس ولو نوما كثيرا بأن الوضوء لا ينتقض. ما مدى صحة هذا الكلام سماحة الشيخ؟ (1) ج: هذا غير صحيح، هذا الكلام ما هو بصحيح، متى نام نوما مستغرقا زال معه شعوره سواء كان جالسا أو مضطجعا بطل وضوؤه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حديث صفوان بن عسال، يقول   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (368). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 رضي الله عنه: «كان النبي يأمرنا أن نمسح على خفافنا، ولا ننزع خفافنا إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم (1)» كان يأمرنا أن يمسحوا، يعني: يتوضؤوا ويمسحوا على الخفاف من الغائط والنوم، ولم يفصل، والنوم المستغرق ينقض الوضوء بلا شك، سواء كان جالسا، أو مضطجعا، أو ساجدا، أو قائما لهذا الحديث، ولكن من غائط ونوم بول، وروي عن النبي أنه قال: «من نام فليتوضأ (2)» لكن أصحها حديث صفوان، قال: «كان يأمرنا أن لا ننزع خفافنا إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم (3)»، وقد أمرنا أن نمسح على الخفاف، ولا ينزعوها لكن إذا أصابتهم جنابة ينزعونها، ولكن يمسحونها عند الوضوء من الغائط والبول.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم، برقم (96)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب الوضوء من الغائط والبول، برقم (158)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من النوم، برقم (478). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الوضوء من النوم، برقم (203)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من النوم، برقم (477). (3) سنن الترمذي الدعوات (3535)، سنن النسائي الطهارة (126)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (478)، مسند أحمد (4/ 240). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 س: الأخ: ع، من جدة، يسأل ويقول: إنني قرأت أن استتار العقل بسكر ينقض الوضوء، لكن هناك من يسكر ولا يستتر عقله، هل ينتقض وضوؤه؟ (1) ج: هذا فيه تفصيل: النوم إذا استثقل الإنسان في نومه، وذهب شعوره ينقض الوضوء بنص السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أصيب الإنسان بما يغطي عقله؛ من سكر أو غشية أو إغماء فإنه ينتقض وضوؤه؛ لأنه مظنة الحدث كالنوم، فالغشية التي تصيب الناس، وهي الإغماء بسبب بعض الحوادث، أو صرع يصرع الإنسان حتى يغمى عليه، أو يشرب مسكرا يذهب بعقله هذا عليه الوضوء، أما إذا كان المسكر لم يذهب بعقله، بأن كان شيئا يسيرا، أو بأن كان قد اعتاد هذا الشيء، فلا يسكر منه ولا يذهب عقله فلا ينتقض وضوؤه، الضابط زوال العقل، فإذا زال عقله بإغماء أو بنوم، أو شرب مسكر أو حبوب أزالت عقله فإنه ينتقض وضوؤه، فأما إذا كان يعقل ما يخرج منه ولم يذهب عقله بهذه الحبوب، أو بهذا الشراب، بل يعقل ما خرج منه، من ريح أو بول فإنه لا ينتقض وضوؤه، فالحكم يدور مع بقاء العقل، وإن بقي العقل فلا ينتقض الوضوء، وإن زال بسبب هذا الإغماء، أو النوم، أو السكر فإنه يكون منتقض الوضوء.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (136). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 س: الذين يعيشون لحظات غيبوبة هل ينتقض وضوؤهم أو لا؟ (1) ج: هذا فيه تفصيل، مثل النوم إن كان شيئا يسيرا ما يذهب الوعي، ولا يمنع الإحساس من خروج الحدث، فلا يضر كالنائم الذي ينعس النعاس الخفيف، ما يستغرق في نومه، يسمع الناس، يسمع الحركة، هذا لا يضره وطهارته صحيحة، حتى يعلم أنه خرج منه شيء، هكذا إذا كان في غيبوبة لا تمنع الإحساس، مثل تعاطي بعض الأدوية، أو بعض الأشياء التي قد يحصل له بها شيء من الغيبوبة، لكنها غير تامة، بل يحس معها بالحدث، يسمع الكلام، هو مثل الناعس، أما إن كانت غيبوبة تمنع شعوره بما يخرج منه كالسكران والمصاب بمرض أفقده شعوره، وصار في غيبوبة هذا ينتقض وضوؤه، كمن أغمي عليه بأي سبب من الأسباب فإنه أعظم من النوم، ينتقض معه الوضوء، وكذلك من ابتلى بالصرع إذا صرع، ثم عافاه الله وزال عنه الصرع فإنه يتوضأ.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (74). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 205 144 - حكم انتقاض الوضوء لمن مس فرجه س: يسأل سماحتكم سؤالا آخر فيقول: هل مس الفرج دون حائل ينقض الوضوء ولو بدون شهوة؟ (1) ج: مس الفرج ينقض الوضوء إذا كان من غير حائل، مس اللحم اللحم ولو بدون شهوة، هذا هو الصواب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أنه ينقض الوضوء، ولم يشترط الشهوة فقال صلى الله عليه وسلم: «من مس ذكره فليتوضأ (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «أيما رجل أفضى بيده إلى فرجه ليس دونهما ستر فقد وجب عليه الوضوء، وأيما امرأة أفضت بيدها إلى فرجها ليس دونها ستر فقد وجب عليها الوضوء (3)» ولم يشترط الشهوة، فدل ذلك على أن مس الفرح ينقض الوضوء مطلقا بشهوة وبغير شهوة، سواء كان الرجل أو المرأة، إذا مس الرجل فرجه أو فرج امرأته، أو فرج الطفل انتقض الوضوء، وهكذا المرأة إذا مست   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (301). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (82)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (181)، والنسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (447). (3) أخرجه النسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (445). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 206 فرجها، أو فرج زوجها، أو فرج أطفالها انتقض الوضوء، فهذا مهم حتى لا تغفل عنه الأمهات عند تطهيرهن أولادهن ذكورا أو إناثا، فيجب إعادة الوضوء إن كانت الأم على وضوء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 س: الأخ: أ. ح. من محافظة الشرقية، جمهورية مصر العربية، يقول: إذا مس الإنسان فرجه، أو فرج أحد أطفاله مثلا، أو الأم لامست أحد أطفالها هل يجب عليها إعادة الوضوء؟ (1) ج: نعم، إذا مس الإنسان فرجه مباشرة، يعني مس اللحم اللحم، مس الفرج الذكر أو الدبر انتقض الوضوء، وهكذا المرأة إذا مست فرجها، أو فرج بعض أولادها انتقض الوضوء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من مس ذكره فليتوضأ (2)» ولقوله عليه الصلاة والسلام: «من أفضى بيده إلى فرجه ليس بينهما ستر فقد وجب عليه الوضوء (3)» فإذا مسه مباشرة فإنه ينتقض وضوؤه، أما إذا كان من وراء الثياب من وراء الإزار، أو من وراء السراويل فلا يضر، وإنما يضر إذا مس اللحم اللحم، مست يده الفرج وليس دونهما حائل.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (147). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (82)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (181)، والنسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (447). (3) أخرجه النسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (445). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 145 - حكم انتقاض وضوء من مس فرجه فوق ساتر س: هل لمس العضو من فوق الثياب ينقض الوضوء وأيضا الثياب سميكة؟ (1) ج: مس الفرج من وراء الثياب لا يضر، النبي عليه السلام قال: «وليس دونهما حائل (2)» فإذا مس فرجه، ومست المرأة فرجها من وراء حائل فإن هذا لا ينقض الوضوء، وإنما ينقض الوضوء إذا كان مس اللحم اللحم، مس فرجه بيده من دون حائل، والمرأة كذلك مست فرجها بيدها من دون حائل، فهذا هو الذي ينقض الوضوء، أما إن كان المس من وراء الحائل كالسراويل، أو الإزار، أو القميص فإن هذا لا ينقض الوضوء، والحمد لله.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (36). (2) أخرجه النسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (445). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 208 س: ما حكم مس القبل أو الدبر؟ وما حكمه في الوضوء؟ (1) ج: من مس فرجه دبرا كان أو قبلا انتقض الوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونهما حائل فقد وجب عليه الوضوء (2)» وفي لفظ آخر: «من مس ذكره فليتوضأ (3)» فإذا مس الرجل فرجه دبرا أو قبلا انتقض وضوءه، وهكذا المرأة.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (36). (2) أخرجه النسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (445). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (82)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (181)، والنسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (447). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 146 - حكم انتقاض الوضوء من مس فرج طفل س: هل تنظيف الطفل والتغيير له ينقض الوضوء؟، إذا أجريت ذلك وكنت على وضوء (1) ج: نعم، إذا نظفت المرأة طفلها، ومست فرجه انتقض الوضوء، كما لو مست فرجها، ولو كان الطفل دون البلوغ؛ لأن النص عام.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (136). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 س: هذه السائلة من الرياض، تقول: إذا قمت بتنظيف طفلي فهل يلزمني تجديد وضوئي بعد ذلك، أم أن طهارتي باقية؟ (1) ج: إذا كان التنظيف فيه مس العورة ينتقض الوضوء فيه، فإذا مست المرأة عورة طفلها انتقضت الطهارة، كما لو مست عورتها هي فعليها تجديد الوضوء.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (406). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 س: هل تؤثر نظافة الطفل الرضيع على وضوء أمه؟ (1) ج: نعم، إذا مست فرجه فإنها تتطهر، ينتقض وضوؤها إذا مست فرجه؛ ذكره؛ أو قبل الأنثى أو الدبر، فإن هذا ينقض الوضوء، إذا كانت على وضوء تعيد الوضوء كالرجل وكالمرأة.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (157). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 س: ملامسة عورات الأطفال هل تنقض وضوء اللامس؟ (1) ج: نعم، عورة الطفل تنقض وضوء من مسها، إذا مستها أمه أو أبوه، انتقض الوضوء للحديث: «من مس الذكر فليتوضأ (2)».   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (104). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (82)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (181)، والنسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (447). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 س: إذا غسلت طفلا وأنا متوضئة فهل ينتقض وضوئي؟ (1) ج: نعم، إذا مسست فرج الطفل انتقض الوضوء، فإن مس الفرج من الطفل ومن الكبير ينقض الوضوء، إذا كان من دون حائل، أما مع الحائل من وراء الحائل، فلا ينقض الوضوء.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (332). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 147 - حكم انتقاض الوضوء من مس المرأة س: هل لمس المرأة ينقض الوضوء؟ (1) ج: لمس المرأة فيه اختلاف بين العلماء، منهم من قال: ينقض الوضوء. ومنهم من قال: لا ينقض الوضوء. ومنهم من فصل، فقال: من مسها بشهوة بتلذذ انتقض وضوؤه، وإلا فلا، والصواب أنه لا ينقض الوضوء مطلقا، مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، هذا هو الصواب، هذا هو الراجح؛ لأن الأصل عدم نقض الوضوء بذلك؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام «كان يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ (2)»، ولم يأمر الناس بالوضوء من مس المرأة، ولو كان مسها ينقض لأمر به الناس، الله بعثه معلما ومرشدا، عليه الصلاة والسلام، ولم يتوفه الله إلا وقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، فلو كان مس المرأة ينقض الوضوء لبينه النبي عليه الصلاة والسلام، أما قول الله عز   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (329). (2) سنن النسائي الطهارة (170)، سنن أبو داود الطهارة (178)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (503)، مسند أحمد (6/ 62). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 وجل فيما يوجب الوضوء: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (1) النساء، فالمراد بذلك الجماع، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، فقوله سبحانه: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (3)، هذا فيه الوضوء الحدث الأصغر وقوله {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (4) النساء هذا فيه الجنابة، ويعني إتيان النساء، والله يكني عن الجماع بالملامسة واللمس، وليس المراد لمس اليد ولا مس القبلة، فالمراد الجماع، هذا هو المعنى الصحيح لتفسير الآية.   (1) سورة المائدة الآية 6 (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سورة المائدة الآية 6 (4) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 س: هل مس يد المرأة ليد الرجل، وليس هناك قصد هل يؤثر ذلك على وضوئهما أو لا؟ (1) ج: مس المرأة فيه تفصيل، وله ثلاث حالات: إحداها: أن يمسها بشهوة. الثانية: ألا يمسها بشهوة، بل مس عادي. الثالثة: أنه سواء بشهوة، أو بغير شهوة، لا يضر. والصواب أن مسها لا ينقض الوضوء، سواء كان عن تلذذ أو من غير تلذذ هذا هو الصواب، وأما قوله سبحانه {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2) النساء   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (362). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 ، فالمراد به الجماع، جامعتم النساء، فمس المرأة إذا مسها لغير شهوة لا ينقض الوضوء، وهكذا لو مسها متلذذا مس يدها، أو قبلها فإنه لا ينتقض وضوؤه لذلك، قد قالت عائشة رضي الله عنها: «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها، ثم يصلي ولا يتوضأ (1)» فالمقصود أن تقبيل المرأة، أو مس يدها، أو قدمها، أو وجهها لا ينقض الوضوء على الصحيح مطلقا، إلا إذا خرج منه شيء كالمذي انتقض وضوءه، أما ما دام مس من دون شيء لا يخرج شيء، فالصواب أن هذا المس لا ينقض الوضوء؛ لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: «كان يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ (2)». اللهم صل وسلم عليه.   (1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170)، بلفظ يقبل بعض أزواجه. (2) سنن الترمذي الطهارة (86)، سنن النسائي الطهارة (170)، سنن أبو داود الطهارة (178)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (502)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 210). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 س: إذا حصل أن لمست يدي يد زوجتي عفوا أو العكس فهل ينقض الوضوء أم لا؟ (1) ج: مس المرأة سواء كان ذلك عمدا، أو من غير عمدا لا ينقض الوضوء على الصحيح، قد اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: إن مسها ينقض الوضوء مطلقا. وقال بعضهم: لا ينقض الوضوء مطلقا.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (8). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 وقال بعض أهل العلم: ينقض مع الشهوة، وهي التلذذ بمسها، ولا ينقض المس بدون ذلك، والصواب: قول من قال: إنه لا ينقض مطلقا؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قبل بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ. ولأن الأصل سلامة الطهارة وعدم انتقاضها إلا بدليل، وليس هناك دليل واضح ثابت يدل على انتقاضها بمس المرأة، فوجب حينئذ أن تبقى الطهارة على حالها، ولا تنتقض بالمس لعدم الدليل على ذلك، بل لوجود الدليل على أن مسها لا ينقض ولو كان بشهوة؛ لأن القبلة في الغالب لا تكون إلا عن شهوة عن تلذذ، فالحاصل أن الصواب والراجح من أقوال العلماء أن مس المرأة بشهوة، أو بغير شهوة لا ينقض الوضوء، سواء إن كانت زوجته أو غير زوجته، هذا هو الصواب، وأما قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (1)، وفي قراءة: (أو لمستم النساء)، فالمراد بذلك على الصحيح الجماع، هذا قول ابن عباس وجماعة من أهل العلم وهو الصواب، أما قول من قال: إن المراد به مس المرأة كما يروي عن ابن مسعود رضي الله عنه، يعني مسها باليد فهذا مرجوح، والله جل وعلا يعبر عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة، كما في قوله جل وعلا: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (2)، وقال هنا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3)، فالمراد   (1) سورة المائدة الآية 6 (2) سورة البقرة الآية 187 (3) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 214 به هنا الجماع، وهكذا قراءة من قرأ: أو لمستم (1) أو {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (2)، في طلاق غير المدخول بها، فالمراد كله الجماع، هذا هو الصواب، وهو الحق إن شاء الله. ومن يقول: إن تقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقاس عليه؛ لأن الرسول يستطيع أن يمسك نفسه، وألا يقع فيما يقع فيه العامة الآن. فهذا القول ليس بشيء، هو المشرع لنا، هو القدوة عليه الصلاة والسلام، ولما قيل في مثل هذا قال: «إني أخشاكم لله وأتقاكم له (3)» عليه الصلاة والسلام، لما سأله سائل قال: إنك يا رسول الله قد غفر الله لك في مسائل عديدة، قال: «إني أخشاكم لله وأتقاكم له (4)» عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنه القدوة والأسوة في كل شيء عليه الصلاة والسلام، إلا ما دل الدليل على أنه خاص به عليه الصلاة والسلام.   (1) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف العاشر. (2) سورة البقرة الآية 237 (3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، برقم (1110). (4) صحيح البخاري النكاح (5063). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 س: هل لمس الرجل ليد الزوجة، أو ليد المرأة الأجنبية عنه بغير قصد ناقض للوضوء؟ (1) ج: مس المرأة لا ينقض الوضوء، زوجته أو محرمه أو غيرهما، لا ينقض الوضوء، إلا إذا خرج مني أو مذي، إذا خرج المذي يغسل ذكره ويتوضأ، أو خرج مني بشهوة عليه غسل الجنابة، أما إذا مسها أو قبل زوجته أو مسها ولم يحصل شيء لا ينتقض الوضوء، أما قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، فالمراد به الجماع، يكني به الرب عن الجماع، هذا هو الصواب، لمس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، هذا هو الصواب سواء عن شهوة أو عن غير شهوة، هذا هو القول الحق، لكن لو لمسها؛ قبل زوجته فخرج منه مذي هذا يوجب الوضوء، يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ، أما إذ أمنى خرج منه المني يعني سبقته الشهوة هذا عليه غسل الجنابة، والنبي صلى الله عليه وسلم «كان يقبل نساءه ويصلي، ولا يتوضأ (3)»، «كان يباشرهن ويقبلهن ويصلي ولا يتوضأ عليه الصلاة والسلام (4)».   (1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم (418). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سنن النسائي الطهارة (170)، سنن أبو داود الطهارة (178)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (503)، مسند أحمد (6/ 62). (4) سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (503). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 216 س: هذا السائل يقول: هل لمس الزوجة يبطل الوضوء؟ (1) ج: الصواب أنه لا يبطل الوضوء، لا الزوجة ولا غيرها، إذا كان ما خرج شيء من الذكر من الفرج، مجرد مس، أو قبلة، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ (2)» أما قوله سبحانه: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3)، فالمراد به الجماع، ما هو باللمس، المراد به لامستم: جامعتم، أما لمسها وتقبيلها، أو مصافحتها أو ما أشبه ذلك فهذا لا ينقض الوضوء مطلقا، ولو عن شهوة، ولو عن تلذذ، الصواب أنه لا ينقض الوضوء، هذا هو الراجح من أقوال العلماء.   (1) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم (428). (2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). (3) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 س: يقول السائل: إذا مس الإنسان، أو صافح زوجته هل ينتقض الوضوء؟ (1) ج: الصواب أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء زوجته، أو أخته أو عمته، أو أمه، أما قوله سبحانه: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، فالمراد في الجماع. وذهب بعض أهل العلم إلى أن مس   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (424). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 المرأة ينقضه مطلقا، وبعضهم قال: مسها إذا كان بشهوة، عن تلذذ ينقض. والصواب أنه لا ينقض مطلقا، إلا إذا خرج منه شيء مذي أو مني، وإلا فإنه لا ينقض، مجرد لمس المرأة زوجته، أو غير زوجته الصواب أنه لا ينقض. وقد «كان النبي يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ (1)» اللهم صل وسلم عليه. أما قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، فهذا المراد به الجماع.   (1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 س: هل لمس الزوج لزوجته، أو العكس يبطل الوضوء؟ (1) ج: هذا فيه تفصيل: إذا كان اللمس ليس عن شهوة؛ أخذ منها شيئا أو ناولها شيئا هذا لا يبطل الوضوء، وهكذا لو كان عن شهوة عن تلذذ فالصواب أنه لا يبطل الوضوء أيضا في أصح قولي العلماء، أما قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، فالمراد بالآية الجماع في أصح قولي العلماء، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما والجماعة: ليس المراد اللمس باليد، وفي قراءة: (أو لمستم)، فالمراد باللمس والملامسة المراد بذلك في أصح قولي العلماء الجماع.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (262). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 148 - بيان أقوال أهل العلم في مسألة انتقاض الوضوء من مس المرأة س: هل ملامسة المرأة تنقض الوضوء أم لا؟ (1) ج: لا شك أن لمس النساء اختلف فيه العلماء، فقال جمع من أهل العلم: إن لمس المرأة من دون ساتر، من دون حجاب ينقض الوضوء مطلقا. وهو مشهور من مذهب الشافعي رحمه الله وجماعة، وقال آخرون: لا ينقضه مطلقا، وإنما المراد باللمس الجماع، كقوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، والمراد هنا الجماع، كما قال ابن عباس وجماعة، وقال آخرون: ينقض الوضوء إن كان بشهوة، ولا ينقض إن كان بغير شهوة. وهو مشهور من مذهب أحمد رحمه الله وجماعة، والأرجح عندي بعد التأمل هو قول من قال: إنه لا ينقض مطلقا، وإنما الذي ينقض مس الفرج، أما مس المرأة فقط؛ كيدها ورجلها فلا ينقض لعدم الدليل، أما قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3) فالمراد بع الجماع، كما تقدم؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من أهل العلم، أما قول ابن مسعود: المراد به المس فقط. فليس بظاهر، بل الصواب ما قاله ابن عباس في هذا، وهو أن المراد به الجماع خاصة، والدليل على هذا أنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه،   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (21). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219 ثم صلى ولم يتوضأ (1)» ثم أمر آخر وهو أن اللمس أمر واقع من الناس في بيوتهم، والحاجة ماسة إلى بيانه من النبي صلى الله عليه وسلم تبيينا شافيا عاما، حتى يعلمه الناس، فلو كان ينقض الوضوء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم تبيانا واضحا كافيا شافيا، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه ينقض الوضوء، فعلمنا بذلك أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء كان عن تلذذ وشهوة، أم لم يكن كذلك، بل الذي ينقض هو الجماع وكذلك مس الفرج، هذا هو الذي ينقض، أما مجرد لمس المرأة فقط من غير خروج شيء فإنه لا ينقض، أما لو خرج منه شيء كالمذي فإنه ينتقض الوضوء، إذا مسها بشهوة وخرج المذي انتفض الوضوء، وعليه حينئذ أن يغسل فرجه وأنثييه ويتوضأ للصلاة ونحوها، أما اللمس بدون خروج شيء، مسها ولم يخرج منه شيء فإنه لا ينقض الوضوء على الصحيح، والدليل ما تقدم؛ «أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ (2)» وهذا ثابت عنه بإسناد جيد، رواه أحمد وغيره، وله شاهد مرسل عند النسائي، ثم الأصل عدم النقض، هذا هو الأصل، فمن قال بالنقض مطلقا فعليه الدليل، وهكذا من قال بالنقض بالشهوة عليه الدليل، ولا دليل، فالصواب أنه لا ينقض الوضوء، وكثير من إخواننا في الطواف يتحرجون إذا مست يده يد امرأة أو رجله رجل امرأة، فإنه يذهب يتوضأ   (1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). (2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 220 أخذا بقول من قال: إنه ينقض مطلقا. وهذا فيه حرج كثير بدون دليل، ولا حجة، والصواب إن شاء الله أنه لا ينقض الوضوء مطلقا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 س: البعض يقول: إن لمس المرأة ينقض الوضوء. والبعض منهم يقول: إن كانت صغيرة لا تنقض، أي إذا كانت دون السابعة. فما هو توجيه سماحة الشيخ؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: اختلف العلماء في مس المرأة، هل ينقض الوضوء؟ على أقوال ثلاثة: أحدها: أنه ينقض مطلقا؛ لعموم قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، وحملوا الملامسة على اللمس باليد. والقول الثاني: أنه ينقض إذا كان معه شهوة تلذذ، وإذا كان بغير شهوة فلا ينقض؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلمس نساءه، ولا يتوضأ، وكان يلمس قدم عائشة حتى تكفه وهو يصلي، فدل ذلك على أنه إذا كان بغير شهوة لا ينقض. والقول الثالث: أنه لا ينقض مطلقا، سواء بشهوة أو بغير شهوة،   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (339). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 وهذا هو الراجح والصواب، أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء في أرجح أقوال العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم «كان يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ (1)» والتقبيل يكون عن تلذذ فالحاصل أن الصواب أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، سواء كان عن تلذذ وشهوة، أو عن أي داع، إلا إذا خرج منه مذي فإنه ينقض الوضوء ويغسل ذكره ويتوضأ، أما إذا مسها بشهوة أو بغير شهوة، ولم يخرج منه شيء فإن وضوءه صحيح،، ولا ينتقض، أما قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، في سورة النساء وسورة المائدة فالمراد بذلك الكناية عن الجماع، (أو لامستم) يعني: جامعتم، ليس المراد: باللمس باليد، المراد الجماع، والله يكني عن الجماع بالملامسة وبالمسيس، هذا هو الصواب.   (1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222 س: هل مصافحة المرأة الأجنبية تنقض الوضوء؟ (1) ج: اختلف العلماء في ذلك: بعضهم ذهب إلى أن مصافحتها ومسها ينقض الوضوء مطلقا بشهوة وبغير شهوة. وقال بعضهم: مسها لا ينقض الوضوء مطلقا بشهوة وبغير شهوة. وقال بعضهم: بالتوسط؛ إن كان بشهوة نقض، وإلا فلا. والأرجح من أقوال أهل العلم: أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا لعدم الدليل، بل الدليل يدل على أن مسها لا ينقض؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ (2)» فلو كان المس ينقض لتوضأ عليه الصلاة والسلام، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان في صلاة الليل إذا أراد أن يسجد غمز عائشة، فكفت رجلها، وإذا رفع مدت رجلها. فدل ذلك على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، أما قوله سبحانه: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3)، في آية النساء وآية المائدة فالصحيح من معناها أن المراد الجماع، والله يكني عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة، فقوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (4) أي: جامعتم النساء، وهكذا قراءة (أو لمستم)، أي جامعتم؛ لأنه ذكر قبل ذلك ما يتعلق بالحدث الأصغر، قال سبحانه: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (5)   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (131). (2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). (3) سورة المائدة الآية 6 (4) سورة المائدة الآية 6 (5) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223 ، هذا يتعلق بالحدث الأصغر {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (1) هذا يتعلق بالحدث الأكبر وهو الجماع، فذكر سبحانه ما يدل على الحدث الأصغر بقول: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ} (2) وما يدل على الحدث الأكبر، وهو قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3)، يعني: جامعتم النساء، فهذا هو الصواب الذي قاله ابن عباس وجماعة من أهل العلم، وهو أولى من قول من قال: إن المراد بالمس باليد. هذا هو الصواب، الصواب أن المراد: الجماع، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ (4)» ولأن هذا أمر تعم به البلوى، الإنسان يكون في بيته الزوجة، ويكون في بيته غير الزوجة، فقد يمسها وهو على وضوء، فلو كان هذا ينقض الوضوء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بيانا شافيا، وأوضحه للأمة، فلما لم يبين في ذلك شيئا علم أنه ليس من النواقض، والله المستعان.   (1) سورة المائدة الآية 6 (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سورة المائدة الآية 6 (4) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 224 149 - حكم انتقاض الوضوء من مس امرأة أجنبية س: هل يستوي الأمر بالنسبة للأجنبية وغير الأجنبية في المس؟ (1) ج: نعم، زوجته والأجنبية في ذلك سواء، فكل مس النساء لا يضر، إلا إذا خرج منه شيء، إذا خرج منه المذي انتقض وضوؤه بالمذي، أما مجرد مسه لأمه أو لأخته أو زوجته أو أجنبية كل هذا لا ينقض الوضوء، مع أنه لا يجوز له مس الأجنبية، لكن لو قدر أنه مسها لا ينقض الوضوء.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (131). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 س: هل ملامسة النساء الأجنبيات تبطل الوضوء؟ (1) ج: الله يقول: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، اختلف العلماء فيها: قال بعضهم: المراد بالملامسة المس باليد عن شهوة، هذا ينقض الوضوء مع المرأة، مع الزوجة، ومع غيرها، والصواب أن الملامسة: الجماع، وأن قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3) يعني جامعتم النساء، أما اللمس بدون جماع فلا يبطل الوضوء، هذا الصحيح سواء عن   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (395). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 شهوة أو غير شهوة، لا يبطل الوضوء لا مع الزوجة ولا مع غيرها، إذا لم يخرج شيء، أما إذا خرج مذي أو مني بطل، لكن ما دام لم يخرج شيء، إنما هو مجرد مس ولو بشهوة، الصحيح أنه لا يبطل الوضوء؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان ربما قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ (1)» والتقبيل يكون عن شهوة وعن تلذذ، فكونه يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ يدل على أن المس لا ينقض الوضوء، وإنما المراد بالملامسة الجماع.   (1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 س: يقول السائل: هل مصافحة الأجنبي تنقض الوضوء؟ مع العلم بأن المرأة التي صافحتها، ليس من عادتها أن تصافح الأجانب؟ (1) ج: ليس للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية، أما أن يصافح أمه أو أخته فلا بأس، أم مصافحة الأجنبية فلا تجوز، وليس للمرأة أن تصافح الأجنبي؛ لأن هذه المصافحة من وسائل الشر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لا أصافح النساء (2)» وتقول عائشة رضي الله عنها:   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (395). (2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب البيعة، بيعة النساء، برقم (4181)، وابن ماجه في كتاب الجهاد، باب بيعة النساء، برقم (2874). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 «والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام (1)» أما مع المحارم فلا بأس أن يصافح زوجته، وأمه، وأخته وبنته، لا بأس.   (1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات، برقم (4891)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب كيفية بيعة النساء، برقم (1866). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 س: هل لمس المرأة يبطل الوضوء؟ (1) ج: الصواب أنه لا يبطل الوضوء مطلقا ولو كان بشهوة، ولو كان بتلذذ، ولو قبلة لزوجته مثلا، أو مسها. هذا غير صحيح، هذا هو الصواب. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ينتقض الوضوء إذا كان بشهوة، والصواب أنه لا ينتقض الوضوء في ذلك، بل الوضوء صحيح؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه ثم صلى، ولم يتوضأ عليه الصلاة والسلام (2)». أما قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3)، فهذا المراد به الجماع في أصح قولي العلماء، كما قال ابن عباس وجماعة: إن المراد بـ (لامستم) يعني: جامعتم. ولهذا قال قبل ذلك سبحانه وتعالى   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (395). (2) سنن النسائي الطهارة (170)، سنن أبو داود الطهارة (178)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (503)، مسند أحمد (6/ 62). (3) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (1)، هذا هو الحدث الأصغر، ثم قال: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2) هذا الحدث الأكبر؛ الجماع، أما مسها بقبلة أو يد فهذا لا ينقض الوضوء مطلقا عن شهوة أو عن غير شهوة لا ينقض الوضوء، بل وضوءه صحيح، هذا هو الصواب.   (1) سورة المائدة الآية 6 (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 150 - لمس العورة من وراء حائل لا ينقض الوضوء س: زوجي بحكم عمله كطبيب نسائي، يكشف على عورات النساء، مما يضطره إلى لمسهن وهو يلبس قفازين نايلون، فهل إذا كان متوضئا ولمس عورة المرأة، وهو يلبس القفاز ينتقض وضوءه أم لا؟ (1) ج: إذا لمس العورة من وراء الحائل لا ينتقض؛ لا هو ولا غيره، إذا لمس الرجل عورته من وراء الإزار، أو من وراء السراويل لا ينتقض، هكذا المرأة إذا لمست عورتها من وراء الإزار أو السراويل لا تبطل الطهارة، وهكذا الرجل الطبيب إذا دعت الحاجة في كشفه على المرأة لعلاج فرجها فإنه إذا مس الفرج من وراء حائل لا ينتقض وضوءه، بخلاف إذا مس اللحم اللحم فإنه ينتقض وضوءه.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (38). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 151 - بيان الدليل في انتقاض الوضوء من أكل الإبل س: ما هو الدليل الذي استند عليه الإمام أحمد رحمه الله بإلزام آكل لحم الجزور بالوضوء، وكذلك الدليل باستثناء الأجزاء التي لا تنقض الوضوء من لحم الجزور (1)؟ ج: هذه المسألة ليست خاصة بأحمد، بل قاله أحمد وجماعة كبيرة من أهل الحديث، وحجتهم ما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث جابر بن سمرة: أنه سئل عليه الصلاة والسلام، قيل: «يا رسول الله، أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، وقيل له: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت (2)» فخيره في لحوم الغنم ولم يخيره من لحوم الإبل، بل أوجب ذلك. وحديث البراء بن عازب أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «توضؤوا من لحوم الإبل، ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم (3)» فأمر بالتوضؤ من لحوم الإبل دون غيرها، هذا هو الحجة لأحمد ولغيره من أئمة الحديث، الذين قالوا بهذا، وقولهم هو الصواب، والذي خالف منهم احتج بحديث لا حجة فيه، وهو حديث جابر، وهو قوله: «أنه كان آخر أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (38). (2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360). (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، برقم (497). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 مست النار (1)» فقوله: كان آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار. لا حجة فيه؛ لأن هذا عام، ويفسر بأنه أكل لحم غنم، وتوضأ ثم صلى، ثم أكل من بقية اللحم، ثم صلى الصلاة الثانية، ولم يتوضأ. وجاء في عدة أحاديث أنه أكل من لحم الغنم، ولم يتوضأ. فدل ذلك على أن ما مست النار نسخ الوضوء منه؛ لأنها جاءت أحاديث كثيرة عنه عليه الصلاة والسلام، أنه أكل مما مست النار، ثم أكل ولم يتوضأ، فدل ذلك أن الأمر بالوضوء مما مست النار قد نسخ، وقال قوم: إنه لم ينسخ، ولكنه بقي للندب فقط. ولكن الأظهر النسخ؛ لأنه قال للبراء: «توضؤوا من لحوم الإبل، ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم (2)» فدل على أنه غير مشروع، ولا مستحب، قال: «لا تتوضؤوا من لحوم الغنم (3)». وفي لفظ آخر: «إن شئت (4)» فدل ذلك على أنه لا يجب، ولا يشرع، وإنما الواجب الوضوء من لحوم الإبل خاصة، وأما الوضوء مما مست النار، مثل ما قال جابر فقد نسخ، وكان آخر أمر للنبي صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار، هذا هو القول الفصل لهذه المسألة.   (1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما غيرت النار، برقم (185). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، برقم (497). (3) سنن الترمذي الطهارة (81)، سنن أبي داود الطهارة (184)، مسند أحمد (4/ 304). (4) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230 س: امرأة تسأل: تقول سمعنا في هذا البرنامج أن لحم الجزور ينقض الوضوء. فهل علينا إعادة الوضوء كاملا؟ وهل مرق الجزور ينقض الوضوء أيضا؟ وهل إذا صلى الشخص بدون وضوء فهل صلاة هذا الشخص صحيحة، أم يعتبر على طريقة غير صحيحة؟ أي: بعد أكل لحم الجزور، جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: لحم الإبل ينقض الوضوء وهو لحم الجزور؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء من لحم الإبل، قال: «توضؤوا من لحم الإبل (2)» ولحومها الهبر، أما الكرش والمصران فهذه ليست داخلة، والشحم كذلك، لكن إن توضأ منه من باب الاحتياط فهو حسن، أما اللبن والمرق فلا وضوء منهما. وإنما الوضوء من اللحم خاصة، إذا أكله يتوضأ وضوء الصلاة، ليس فيه استنجاء، مثل من خرج منه الريح، يعني: يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه وذراعيه ويمسح رأسه وأذنيه، ويغسل رجليه، ليس فيه استنجاء، الاستنجاء يكون من البول والغائط، أما خروج الريح، والنوم، ولحم الإبل، ومس الفرج، هذا ليس فيه إلا الوضوء؛ التمسح، يعني: غسل الأطراف الأربعة؛ غسل الوجه واليدين مع المرفقين، مسح الرأس مع الأذنين، غسل الرجلين مع الكعبين، في   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (316). (2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 231 مس الفرج، وفي أكل لحم الإبل، وفي النوم في خروج الريح، هذه ليس فيها إلا الوضوء فقط، الذي ليس فيه استنجاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 152 - حكم انتقاض الوضوء من شرب حليب ومرقة لحم الإبل س: سمعنا في برنامج نور على الدرب أن لحم الإبل ناقض للوضوء، هل تصح الصلاة على بساط من وبر الإبل؟ ثم يا حبذا لو تفضلتم ببيان هذا الأمر، وذكرتم لنا الدليل، وهل اللبن أيضا يؤثر في الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم، لحم الإبل ينقض الوضوء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أمر بالطهور من لحم الإبل، وسئل عن الغنم فقال: «إن شئت (2)» وقال: «توضؤوا من لحوم الإبل (3)» فدل على وجوب الوضوء من لحوم الإبل، يعني الهبر، أما الكرش والمصران والشحم فلا وضوء عليه، إن توضأ فحسن احتياطا، أما اللبن والمرق فلا وضوء عليه، اللبن لبن الإبل والمرق فليس منه وضوء، إنما الوضوء من اللحم لصحة الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما بقية اللحوم كالبقر والغنم   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (320). (2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360). (3) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 والطيور وغيرها فلا وضوء منها، إنما هذا خاص بالإبل، أما من أكل لحم الإبل فعليه الوضوء، يعني التمسح، يعني: يتمضمض ويستنشق، ويغسل وجهه ويغسل يديه إلى المرفقين، ويمسح رأسه مع أذنيه، ويغسل رجليه، وليس عليه استنجاء؛ الاستنجاء من البول والغائط، أما لحم الإبل، وخروج الريح وهكذا النوم وهكذا مس الفرج فهذا ليس فيه إلا التمسح، الوضوء الذي هو غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين، وأما الصلاة على بساط من وبر الإبل فلا بأس به إذا لم يكن فيه نجاسة ظاهرة؛ لأن وبر الإبل سواء كان فراشا أو لباسا لا يمنع الصلاة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 153 - حكم انتقاض وضوء من أكل من شحم أو كرش أو مصران الإبل س: هل أكل لحم الجزور ينقض الوضوء (1)؟ ج: نعم، أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «توضؤوا من لحوم الإبل، ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم (2)» ولحم الإبل الهبر، أما الشحم أو الكرش أو المصير أو المرق أو   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (363). (2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 اللبن هذا لا ينقض الوضوء، الذي ينقض اللحم، بالنسبة للكبد والطحال والكلى لا تنقض، وإن توضأ احتياطا فهو حسن، أما المرق والحساء واللبن لا ينقض. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 234 154 - بيان الحكمة من انتقاض وضوء من أكل من لحم الإبل س: يقول السائل من السودان، سمعت بأنه إذا كان الشخص متوضئا، وأكل من لحم الإبل قبل الصلاة بأن الوضوء ينتقض، فهل هذا صحيح؟ ولماذا ينتقض الوضوء من لحم الإبل (1)؟ ج: نعم، إذا توضأ وأكل لحم الإبل أمره النبي بالوضوء، قال صلى الله عليه وسلم: «توضؤوا من لحوم الإبل (2)» فالرسول أمر بالوضوء منها، كما أمر بالوضوء من مس الفرج، ومن الريح التي تخرج من الدبر، ومن البول والغائط، فالحكمة لله جل وعلا، هو الحكيم العليم سبحانه وتعالى، والرسول مبلغ يبلغنا عن الله عز وجل، فعلينا أن نمتثل، وإن لم نعرف العلة، علينا أن نطيع الله ورسوله، فإذا أكل الإنسان من لحم   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (406). (2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 234 الإبل فإن عليه أن يتوضأ، كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا أحدث بالريح أو البول أو الغائط كذلك، لكن مع البول والغائط يستنجي زيادة، ثم يتوضأ، أما الريح ومس الفرج فهذا الوضوء فقط، يغسل الوجه واليدين، ويمسح الرأس ويغسل الرجلين، أما البول والغائط فلا بد من الاستنجاء قبل الوضوء، المقصود أن العبد عليه الامتثال والطاعة، وإن لم يعرف الحكمة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 س: السائل: أ. ع. يسأل ويقول: هل أكل لحم الإبل يبطل الوضوء (1)؟ ج: نعم، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بالوضوء من لحم الإبل، فإذا أكل الإنسان لحم الإبل وجب عليه الوضوء.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (388). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 155 - مسألة في بيان الحكمة من انتقاض الوضوء من أكل لحم الإبل س: تقول السائلة: لماذا أكل لحم الإبل ينقض الوضوء (1)؟ ج: الله أعلم، المعروف عند أكثر الفقهاء أنه تعبدي، وأنه غير معلوم الحكمة والعلة، وأن الله سبحانه شرع لنا أن نتوضأ من لحوم الإبل، والله أعلم بالحكمة، والعلة في ذلك كما قال بعض أهل العلم: إنها خلقت من الشياطين، فلها نفور يشبه حال الشياطين إذا استنفرت، وأن هذا من أجل أن لحومها تسبب شيئا من القسوة، وشيئا من الشيطنة فيكون في الوضوء إطفاء لذلك. ولكن ليس هذا بأمر واضح. ولا أعلم دليلا واضحا عليه، فالأقرب ما قاله الأكثرون: إنه تعبدي والله سبحانه هو الأعلم بالحكمة والعلة في ذلك، والمؤمن عليه أن يمتثل أمر الله ورسوله، وإن لم يعرف الحكمة، كما أنا نصلي الظهر أربعا، والعصر أربعا والعشاء أربعا والمغرب ثلاثا والفجر ثنتين، وليس عندنا علم يقيني بالحكمة من جعلها أربعا، أي: الظهر والعصر والعشاء، والمغرب ثلاثا والفجر ثنتين، فبالإمكان أن يفرضها الله سبحانه لو شاء تكون الظهر ثمانيا أو سبعا أو ستا، وهكذا العصر والعشاء، وبالإمكان أن تكون المغرب بدل الثلاث تكون خمسا، وهكذا فلله الحكمة البالغة   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (110). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 236 سبحانه وتعالى فيما فرض وعين جل وعلا، وهكذا فرضه رمضان في شهر واحد، وإن كانت العلة التخفيف على الأمة لكن لا نعلم الحكمة العينية في جعل رمضان فرضا دون غيره من الشهور، وكونه شهرا كاملا، لو شاء ربنا لجعله خمسة عشر يوما، أو عشرين يوما، فلله الحكمة البالغة في تخصيص هذا الشهر، وهكذا أشياء كثيرة من العبادات لا نعلم علتها وحكمتها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 س: ما الحكمة من الوضوء من لحم الجزور عن بقية اللحوم (1)؟ ج: الله أعلم، المشهور عند العلماء أنها تعبدية، أمرنا الله بها تعبدا، فعلينا أن نمتثل أمر الله سبحانه وتعالى، ولو لم نعلم الحكمة، والمشهور عند أهل العلم أن هذا تعبد لا نعلم الحكمة فيه، والله جل وعلا، هو الحكيم العليم، في كل ما يأمر به وينهي عنه، سبحانه وتعالى وإن لم نعرف الحكمة، علينا أن نعمل بما أمرنا جل وعلا، وإن لم نعرف الحكمة.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (378). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 س: يسأل المستمع ويقول: ما الحكمة في أن لحم الإبل من نواقض الوضوء (1)؟ ج: الله أعلم، علينا أن نستجيب للرسول وأن نتمثل، وإن لم نعرف الحكمة، والله لا يأمر إلا لحكمة سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} (2)، وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم: أن نتوضأ من لحوم الإبل، فعلينا الامتثال.   (1) السؤال الرابع والسبعون من الشريط رقم (432). (2) سورة الزخرف الآية 84 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 س: سائل يقول ما الحكمة من أن لحم الجزور ينقض الوضوء (1)؟ ج: الله أعلم، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أمرنا أن نتوضأ من لحوم الإبل وعلينا أن نتوضأ ولو لم نعرف الحكمة ربنا حكيم عليم لا يأمر إلا عن حكمة ولمصلحة سبحانه وتعالى.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (360). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 156 - حكم صلاة من لا يتوضأ من لحم الإبل س: هل الذين لا يتوضؤون من لحم الجزور صلاتهم باطلة أم لا (1)؟ ج: كذلك سبق أنه سئل عن الأجزاء الأخرى التي لا تنقض من لحم الجزور كالكرش والأمعاء، وأشباه ذلك، فالمشهور من مذهب أحمد وجماعة، أنه لا يتوضأ منها، بل يتوضأ من اللحم، لأن الرسول قال: «توضؤوا من لحوم الإبل (2)» والكرش ما تسمى لحما عند العرب، ولا تسمى الأمعاء لحما، والكبد والطحال وأشباه ذلك، وإنما اللحوم معروفة، الهبر المعروف، فلهذا قال أهل العلم يتوضأ من الهبر، من اللحم ولا يتوضأ من الكرش، والأمعاء ونحو ذلك، هذا هو المشروع عند أهل العلم القائلين بنقض الوضوء من لحوم الإبل، وقال جماعة: يلحق بذلك الكرش ونحوه، وأنها كلها تابعة للحم، لأن الله لما حرم الخنزير حرم لحمه وشحمه، وكل شيء فيه، قالوا: وهذا يلحق باللحم، والقول الأول أظهر، من جهة تعليق الحكم باللحم، «وتوضؤوا من لحوم الإبل (3)» أما الخنزير فقد حرمه الله كله، فلا ينظر في أمره، بل كله حرام، أما هذا فهو شيء يتعلق بالعبادات   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (24). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، برقم (497). (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، برقم (497). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239 واللحم وتوابعه ليس بنجس، بل هو لحم أباحه الله من لحم الإبل مباح لنا، لكن الله علق باللحم منه الوضوء، دون البقية، فلا بأس أن يستثنى منه ما لا يسمى لحما، عند العرب، وإذا توضأ الإنسان من بقية الإبل، مثل الكرش والمصير والأمعاء، وأيضا مثل اللسان، إذا توضأ منها فهو حسن من باب الاحتياط، ومن باب الخروج من الخلاف، ومن باب أخذ الحيطة، لأن هذه تابعة لكل اللحوم، وليست اللحوم تابعة لهذه من باب الاحتياط، فهو حسن أما الوضوء الذي يلزم بلا شك، فهو إذا أكل من اللحم، والذين لا يتوضؤون من لحوم الجزور وهم يعتقدون أن لحم الإبل ينقض، ثم تساهلوا تبطل صلاتهم، أما الإنسان الذي يعتقد أنه لا ينقض، ويرى أنه منسوخ، وأنه تابع المنسوخات، يعتقد هذا، أو من قال ذلك باجتهاده، رأى أن هذا هو الأصوب عن تقليد، أو عن اجتهاد، وهذا الذي في نفسه، هو اعتقاده أن هذا هو الأولى، فإن صلاته غير باطلة، صلاة صحيحة، حسب اعتقاده، لأنه طالب علم، اجتهد ورأى أن لحم الإبل لا ينقض، فصلاته ليست باطلة، لأن هذا هو مقتضى علمه، واجتهاده، أو جماعة مقلدين لمذهب الشافعي أو مذهب أبي حنيفة أو مالك ممن لا يرى النقض، للحم الإبل ويرى أن هذا لا حرج عليه فيه، حسب اعتقادهم، تقليدا أو اجتهادا، هؤلاء صلاتهم صحيحة، لكن إنسان يعلم أن لحم الإبل ينقض الوضوء، وليس عنده شبهة في ذلك، ثم يتساهل تكون صلاته باطلة لأنه صلى بغير وضوء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 240 157 - حكم وضوء المرأة مع وجود مادة المناكير على الأظافر س: ما حكم وضع المناكير قبل الوضوء، هل تصح الصلاة، والوضوء لمن وضعته، علما بأنه يكون طبقة مانعة كما تعلمون وهل يجوز لمن وضعته دخول المسجد (1)؟ ج: الواجب أنها لا تفعله إلا على طهارة إذا كان ولا بد مع أن تركه أولى مطلقا لأنها قد تتساهل فيها وقد تمنعها من الوضوء فينبغي تركها بالكلية، لكن إذا كان ولا بد وفعلتها على طهارة فإنها إذا انتقضت الطهارة وأرادت الوضوء تزيلها مرة أخرى حتى يبلغ الماء أصل البشرة وأصل الظفر هذا هو الذي ينبغي وهذا هو الواجب عليها فيما أعتقد أنها تزيل هذه المناكير، عند إرادة الوضوء ولا تصلي بها وقد وضعتها على غير طهارة، أما إذا كان وضعتها على طهارة وجاء الوقت، وهي على طهارة صلت، لكن لو وضعتها على طهارة ثم انتقضت الطهارة تزيلها، ليست هي مثل الخفين: الخفان يمسح عليهما، هذه المناكير تزال، حتى تغسل ما تحتها وقت الوضوء.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (20). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 241 س: الأخت: ش. ش من أبها، تقول: هل صبغ الوجه بالمكياج بالنسبة للمرأة، والكريمات السائلة يمنع من وصول الماء للبشرة، أثناء الوضوء (1)؟ ج: الشيء الذي يمنع الماء لا يجوز، فإذا مسحت وجهها بشيء لا يمنع الماء فلا بأس، أما شيء يبقى له جسم، يمنع الماء لا يجوز، لا في الوجه، ولا في الذراع ولا في الرجل، بل يجب أن يكون الذراع والوجه والقدم خاليا مما يمنع الماء، فإذا استعملت شيئا ينور الوجه، ويطيب الوجه ويحسنه، لكن ليس له جسم يمنع الماء، فلا بأس.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (435). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242 158 - حكم الوضوء بعد طلاء الأظافر بمادة المناكير س: تسأل أختنا وتقول: بالنسبة لطلاء الأظافر، سمعت أن المرأة إذا وضعته على أظافرها وهي طاهر، جاز لها أن تصلي، وإن انتقض الوضوء بعد ذلك، فنريد الجواب الصحيح بارك الله فيكم (1)؟ ج: إذا كان الطلاء الموضوع على الأظافر لا جسم له، فلا يضر مثل الحناء الذي لا جسم له، بل تغمس أصابعها بالحناء من غير أن يكون له جسم، أو ما أشبه ذلك من الدهونات التي لا جسم لها فإنه لا   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (158). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242 يضر، إذا توضأت ثم انتقضت الطهارة وأعادت الوضوء، وذلك عليها لا يضر. أما إذا كان له جسم كالذي يسمونه المناكير أو غير ذلك مما يكون له جسم على الظفر فهذا لا بد من إزالته، إذا أرادت الوضوء تزيله عن أظفارها، لأنه يمنع وصول الماء إلى الظفر فيزال، ولا بد من إزالته، كما لو كان على ذراعها عجين أو طين يزال، وهكذا على رجلها أو وجهها يزال، أما ما كان على الأظافر من الشيء الذي له جسم، من عجين أو مناكير أو قطعة من الحناء لها جسم، أو ما أشبه فهذا يزال أما مجرد الصبغ، إذا صبغ الحناء في الأظفار، وصار له آثار صفرة أو حمرة أو غير ذلك، من الأصباغ لا يضر، هذا لأنه لا جسم له. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 243 س: ما حكم طلاء الأظافر هل يجوز أو لا (1)؟ ج: طلاء الأظافر بالحناء أو غيره مما يحسنها لا بأس به، إذا كان طاهرا ليس بنجس، وكان رقيقا لا يمنع الوضوء، والغسل أما إذا كان له جسم، فلا بد من إزالته عند الوضوء والغسل، لئلا يمنع وصول الماء إلى حقيقة الظفر، فالمقصود أن استعمال ما يغير الظفر من الحناء وغيره، أو ما يسمونه المناكير، لا بأس به إذا أزيل لأن له جسما يمنع وصول الماء عند الوضوء والغسل، أما إذا كان ليس له جسم كالحناء التي تجعل الظفر أحمر أو أسود، ولكن لا يبقى له جسم، هذا لا   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (314). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 243 يضر، أما إذا كان له جسم يمنع وصول الماء إلى البشرة، فلا بد من إزالته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 244 159 - حكم وضع البيض والعسل على الشعر للعلاج س: ما رأيكم في وضع البيض والزيت والعسل على الشعر، ثم غسله في الحمام؟ لأنه مقو للشعر. وما رأيكم في الوضوء وهو على الرأس (1)؟ ج: لا أعلم مانعا منه إذا كان فيه مصلحة، استعمال البيض أو الحليب أو العسل أو غير ذلك للشعر، لا بأس وإذا غسله في الحمام فلا بأس لأنه لا ينتفع به حينئذ، لأنه صار مثل بقية الأشياء التي لا ينتفع بها، وإذا غسل في محل نظيف من باب الاحتياط فهو حسن إن شاء الله، لكن فيما يظهر لنا إذا غسله في الحمام في الغسالات لا بأس لأنه والحال ما ذكر ما يكون له صفة النعمة، صفة العسل السليم صفة الطعام السليم لأنه حينئذ لا ينتفع به ولا يستفاد منه.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (138). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 244 160 - حكم وضوء من ادهن بمادة الفازلين س: هل طبقة الدهون خاصة الفازلين تمنع وصول الماء إلى البشرة؟ وماذا على من توضأ وصلى في هذا عدة صلوات وما زالت موجودة على يده دون علمه بأن الدهن يمنع وصول الماء إلى البشرة؟ وكيف يتخلص الإنسان من ذلك (1)؟ ج: المروخات التي لا جرم لها لا تمنع من الماء، بالزيت أو بالدهن أو بغير هذا من أنواع المروخات التي لا جرم لها، فإنها لا تمنع، أما إذا كان شيء له جرم، له أثر يمنع الماء تزيله، في يدك أو في وجهك، أو في رجلك تزيله، أما إذا مسحت يدك، أو وجهك، أو رجلك بشيء لا جرم له، لا يبقى له إنما يبقى له أثر فقط من الملوسة ونحو ذلك، فهذا لا يمنع الماء ولا حرج في ذلك، الذي يمنع هو الذي يكون له جرم يحول بين الماء وبين الجلد.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (409). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 245 161 - حكم استعمال ما يمنع وصول الماء إلى البشرة عند الوضوء س: الخضاب على اليدين والرجلين، هل يمنع وصول الماء إلى البشرة أم لا (1)؟ ج: إذا لم يكن له جرم، فلا يمنع ولا بأس، الحناء وأشباهه والدسم وأشباهه ذلك لا يمنع، أما إذا كان له جرم يعني غليظا، بحيث يمكن إزالته وحكه، فإنه يزال كالمناكير التي يكون على الأظفار، يكونة لها جرم تزال، أما إذا كان مجرد صبغ فقط فإنه لا يمنع الماء.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (212). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 246 162 - حكم وضوء من على شفتيه حمرة س: هل الحمرة التي توضع على الشفتين تمنع وصول الماء عند الوضوء إلى الشفتين، وهل استعمالها محرم (1)؟ ج: الحمرة والديرم وأشباهه لا تمنع الماء ولا حرج في ذلك أما إذا كان الشيء له جرم يمنع الماء يزال عند الوضوء كالمناكير وأشباهها في الأظفار أما إذا كان حمرة فقط كحمرة الحناء ونحوه والديرم فهذا لا يضر ولا يمنع الماء.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (351). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 246 163 - حكم وضوء من على عينيه كحل س: هل الكحل السائل يمنع من وصول ماء الوضوء (1)؟ ج: الكحل كحلان إن كان له جرم يمنع الماء لا بد من إزالته وقت الوضوء، أما إن كان ليس له جرم بل هو خفيف ليس له جرم يمنع فإنه لا يمنع الوضوء. تغسل وجهها ولا حاجة إلى إزالته، إذا كان مجرد سواده، ووجود سواده ليس له جرم يمنع الماء.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (355). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 247 164 - الكريم لا يمنع وصول الماء إلى البشرة س: أقوم بوضع الكريم على وجهي لحدوث بعض الجفاف به فهل يلزم بأن أكون أغسل وجهي بالصابون، حتى أتأكد من وصول الماء إلى البشرة؟ (1) ج: الكريم لا يمنع الماء مثل الدهن الخفيف معروف لا يمنع ولا يحتاج إلى الغسل بالصابون فالماء يتصل بالبشرة ولا يمنعه الكريم وأشباهه.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (286). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 247 165 - حكم وضوء من على وجهه مكياج س: هل المكياج يمنع وصول الماء أثناء الوضوء؟ بمعنى هل يجب أن نزيل هذا المكياج عند كل وضوء؟ (1) ج: إذا كان المكياج له جسم، يمنع الماء يزال، وإن كان ليس له جسم بل هو مجرد صبغ، لا يكون له جرم، فلا يلزم إزالته، أما إذا كان له جسم يحصل له منع، يعني يمنع الماء، فهذا يجب أن يزال من الوجه، وهكذا من الذراع، إذا كان فيه شيء كالعجين يزال، أما إذا كان الشيء مجرد صبغ ليس له جسم ولا جرم، هذا ما تجب إزالته.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (399). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 248 166 - حكم وضوء من على يديه حبر س: السائل: ش، من الشام، يقول: أنا طالب في المدرسة، عندما أكتب يصب في يدي الحبر، وذلك من القلم، فأتوضأ والحبر على يدي، ثم أتذكر وجود ذلك الحبر، فأزيله وأتوضأ من جديد، لكن ذلك تكرر معي كثيرا، وشق علي أكثر، بعد ذلك أغتسل ثم أذكر وجود الحبر، فأغسل يدي، هل وضوئي وغسلي صحيح يا فضيلة الشيخ (1)؟ ج: إن كان الحبر له جسم يمنع الماء، فلا بد أن تعيد الوضوء إذا   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (399). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 248 كان في ذراعك، أو في رجلك لا بد أن تعيد الوضوء، أما إن كان ما له جسم مجرد صفرة، أو سواد، صبغ، لا يمنع الماء فلا بأس ولا حرج. أما إن كان له جسم يمنع الماء، فهذا لا بد من إزالته قبل الوضوء، وإذا نسيت ولم تزله فإنك تعيد الوضوء، وهكذا في الغسل لا بد أن تزيله، عند غسل الجنابة، إذا كان له جسم. أما إذا كان ليس له جسم، إنما هو مجرد صورة سواد، صورة حمرة، هذا ما يضر، لأنه ما له جسم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 249 س: هناك كحل على شكل قلم، هل يمنع هذا الكحل من وصول الماء إلى الجلد عند الوضوء (1)؟ ج: لا يمنع مجرد كحل، هذا صبغ لا يمنع والحناء في اليد صبغ أما إذا كان له جسم بحيث يمنع الماء يزال الجسم، إذا كان هناك متلبد جسم له متلبد من الحناء أو من الكحل فإنه يزال عند الوضوء أما مجرد وجود سواد كحل أو حمرة حناء أو شبه ذلك هذا لا يمنع الحناء في الرجل أو الكحل في العين هذا لا يمنع الوضوء لأنه صورة لا جسم لها.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (366). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 249 س: سائلة تقول عن نفسها: أستعمل الكحل السائل، الكحل السائل هو عبارة عن خط أسود تستطيع أن تبعده ويصبح على شكل شريط وبعضه يتراكم فهل يصح الوضوء مع استعمال هذا الكحل (1)؟ ج: إذا كان الكحل يبقى له جسم يمنع الماء فيحك ويزال ولا يجوز بقاؤه في الوضوء والغسل أما إذا كان مجرد سواد ومجرد لون لا يمنع شيئا مثل لون الحناء ولا غيره فلا بأس أما إذا كان له جسم يتجمع يمنع الماء، هذا يزال عند الوضوء وعند الغسل وهكذا الحناء إذا كان له جسم يزال أما إذا كان مجرد لون وإلا فلا جسم له فلا يمنع.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (364). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 250 167 - حكم وضوء من عليه عطور تحتوي على كحول س: أخونا يسأل عن استخدام بعض العطور، التي يشك في احتوائها على الكحول، هل ينقض الوضوء (1)؟ ج: أولا الأصل الإباحة والسلامة، فلا يقال للعطور إنها فيها كذا وكذا إلا بدليل، الله جل وعلا: أباح لعباده ما في الأرض، قال:   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (133). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 250 {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (1)، فالأصل الإباحة للعباد، إلا إذا ثبت أن هذا العطر استخرج من شيء يسكر كثيره، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما أسكر كثيره فقليله حرام (2)» هكذا يقول عليه الصلاة والسلام. فإذا علم المؤمن علما لا شك فيه، أن هذا العطر من مادة كثيرها يسكر، فإنه لا يستعمله، أما إذا لم يعلم ذلك، فإنه لا حرج عليه، في استعمال العطر بأنواعه، ولا حرج فيه عليه في بيعه وشرائه، وكونه في ملابسه، كل ذلك لا حرج فيه، لأن الأصل هو الإباحة والحمد لله.   (1) سورة البقرة الآية 29 (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأشربة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام، برقم (1865)، وأبو داود في كتاب الأشربة، باب النهي عن المسكر، برقم (3681)، والنسائي في كتاب الأشربة، باب تحريم كل شراب أسكر كثيره، برقم (5607). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 س: انتشر قول البعض من الناس أن من تطيب بالروائح العادية المنتشرة وكان متوضئا انتقض وضوؤه، هل هذا صحيح (1)؟ ج: هذا لا أصل له هذا كلام باطل، التطيب لا ينقض الوضوء مطلقا لكن الذي يسكر من الكولونيا لا يستعمل لكن أطيب الأطياب   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (418). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 المسك، الورد، العود، الزباد لا بأس به طيب مشروع، الطيب مشروع وهو من سنة الأنبياء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 168 - حكم وضوء من على جسمه دهون س: إذا كان على جسمي شيء من الدهون وليس على أعضاء الوضوء، ثم توضأت ونسيت أو تركت إزالته، هل وضوئي صحيح أم لا (1)؟ ج: وجود الدسم على البدن، على أعضاء الوضوء أو البدن، لا يمنع الماء ولا حرج في ذلك، وإذا كان على غير أعضاء الوضوء، فليس له تعلق بالوضوء، ولكن في الجنابة لا يضر أيضا، إذا كان في البدن دسم، آثار زيت أو سمن أو شبه ذلك من الدسم، هذا لا يمنع وصول الماء إلى البشرة، فلا يضر في ذلك، فإذا توضأت وفي يدها أثر دسم أو في ذراعها أو في قدمها، فإنه لا يضرها وهكذا غسل الجنابة، أو غسل الحيض، إذا كان في البدن آثار الدسم لا يمنع الماء، الدسم المعروف الذي ليس له جسم، دسم ليس له جسم، وإنما هي لزوجة في البدن، هذا لا يمنع صحة الغسل ولا صحة الوضوء والحمد لله.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (11). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 169 - حكم الكلام أثناء الوضوء س: هل صحيح أن الكلام أثناء الوضوء يبطل ذلك (1)؟ ج: هذا غلط الكلام وقت الوضوء لا يبطل الوضوء، الحمد لله إذا توضأ وهو يتكلم مع أحد، فإذا أتم الوضوء الشرعي، تمضمض واستنشق وغسل وجهه، وغسل يديه مع المرفقين ومسح رأسه مع الأذنين وغسل رجليه مع الكعبين، هذا هو الوضوء الصحيح ولو أنه يتكلم لا حرج في الكلام أثناء الوضوء.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (308). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 253 170 - حكم انتقاض الوضوء إذا وقعت النجاسة على البدن س: هل وقوع النجاسة على جسم الإنسان، تلزمه بإعادة الوضوء أم أنه يكفي إزالة النجاسة، والصلاة دون إعادة الوضوء (1)؟ ج: إذا وقع على الإنسان نجاسة، بعد الوضوء بأن وقع عليه شيء من بول صبي أو غير ذلك من أنواع النجاسة، فإنه يغسل محل النجاسة، ويكفي ولا يعيد الوضوء، بل يغسل ما أصاب النجاسة من ثوب أو بدن، وليس عليه أن يعيد الوضوء. أما إن كانت النجاسة من نفسه، بأن خرج منه البول، فهذا يستنجي ويعيد الوضوء، أما لو أصابه   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (186). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 253 نجاسة من طفل عنده أو من غيره أو سقط عليه دم يغسل ما أصابه، ويكفي والوضوء صحيح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 171 - حكم وضوء من داس على نجاسة وقدمه رطبة س: أختنا تسأل وتقول: ما الحكم إذا دعست قدمي على نجاسة بعد انتهائي من الوضوء، هل أغسل القدم وحدها أم أعيد الوضوء (1)؟ ج: إذا كانت النجاسة رطبة، كالبول والعذرة الرطبة، فعليك أن تغسلي القدم فقط، ولا يعاد الوضوء، إنما تغسل القدم التي أصابها النجاسة، أما إذا كانت النجاسة يابسة والقدم يابسة فليس عليك شيء، ولا يضر، أما إذا كانت النجاسة رطبة أو القدم رطبة، فإن عليك أن تغسلي ما أصاب القدم فقط، والوضوء صحيح، والله المستعان.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (151). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 س: إذا توضأ الإنسان، وكانت قدماه مبتلة بالماء ومشى على فراش به نجاسة جافة، فهل يلزمه أن يغسل قدميه؟ وهل تصح الصلاة في مكان به نجاسة جافة (1)؟ ج: إذا مشى على النجاسة الجافة، ورجله رطبة وجب عليه أن   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (382). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 يغسلها إذا تجاوز المحل هذا، وهكذا لو مشى على محل رطب فيه نجاسة ورجله يابسة، ولكن المحل رطب وفيه نجاسة، وطأ عليه يغسل رجله أيضا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 س: تقول: كنت متوضئة، وحملت طفلي ولم أنتبه لطهارته، مما أثر ذلك من جسمه على جسمي هل يلزمني إعادة الوضوء حينئذ أم أغسل المكان فقط، جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: إذا حملت الطفل وفيه نجاسة، وأصابك منها شيء في ثوبك أو في يدك، أو رجلك، فاغسلي محل النجاسة، أما الوضوء فهو صحيح، والحمد لله، الطهارة صحيحة لكن ما أصابك من النجاسة إذا كنت جازمة أن هناك نجاسة في اليد أو أصاب الرجل أو أصاب بعض الثوب يغسل محلها، والحمد لله.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (292). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 س: أختنا تسأل وتقول: إذا بال طفل في مكان ما، أي ليس في الحمام – أعزكم الله والسامعين – فمر شخص وهو لا يعلم أن هذا المكان به بول، وكان ذلك الشخص متوضئا فداس على ذلك البول أو مشى عليه، فهل ينتقض وضوؤه (1)؟ ج: إذا داس الإنسان على البول، أو على غيره من النجاسات لا   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (150). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 ينتقض وضوؤه، ولكن إذا كان البول رطبا أو رجله رطبة، غسلها إذا علم، أما إذا لم يعلم فلا شيء عليه، لكن إذا علم وكان البول أو غيره رطبا غسل رجله، أو كانت رجله رطبة وداس على البول ونحوها غسلها، غسل ما أصابها، أما إن كان محل البول يابسا، أو غيره من النجاسة يابسا ورجله يابسة، فلا شيء عليه، لأنه لا يتأثر بذلك، وهكذا لو لم يعلم أن هذا نجس وصلى فإنه لا يضره ذلك، كما لو صلى في ثوب نجس لم يعلم بذلك، حتى فرغ من الصلاة فإنه لا يعيد على الصحيح. وهكذا لو صلى في بقعة نجسة، ويظنها طاهرة ولكن لم يعلم إلا بعد الصلاة، فصلاته صحيحة على الصحيح. وهكذا لو صلى وقد أصاب رجله أو يده نجاسة ما علم بها إلا بعد الصلاة، صلاته صحيحة على الصحيح. والحجة في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في نعليه وكان فيهما قذر، فأخبره جبرائيل عليه الصلاة والسلام، أن فيهما قذرا فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، فدل ذلك على أن الذي لم يعلم معذور، فهكذا إذا أكمل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 256 172 - حكم انتقاض وضوء من لمس كلبا س: يقول السائل: كلب المزرعة أجلكم الله عندما أقدم له الطعام، قد يلمسني وقد يلمس ملابسي، فهل يجب علي حين ملامسته لملابسي أن أغيرها؟ وهل يجب علي أن أعيد الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس عليك إعادة الوضوء، لكن إذا مس رطوبة منه شيء من ثوبك فإنك تغسل محل الرطوبة أما إذا مس ثوبك جلده وهو يابس فلا يضر لكن إذا كان فيه رطوبة من بوله أو ريقه، لعابه فإنك تغسل ما أصابه سبع مرات، كأن أصاب رجلك أو ثوبك فإنك تغسله سبع مرات، ويكون فيها واحدة بالتراب وفي الأولى أفضل.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (340). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 257 173 - حكم وضوء من به سلس البول س: إنني مصاب بسلس، وأحيانا ينزل مني ما يقدر بقطرة أو قطرتين، وأحيانا أصلي بالناس إماما، فهل يجوز لي ذلك أو لا (1)؟ ج: إذا كان السلس مستمرا معك، وهو خروج الماء كالبول فلا   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (328). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 257 تتوضأ إلا إذا دخل الوقت، إذا دخل الوقت توضأ، وإذا توضأت تصلي بهذا الوضوء ما دمت في الوقت، مثل المستحاضة فقد أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتوضأ لكل صلاة؛ لأن حدثها دائم وهو خروج الدم، وهكذا من كان بوله مستمرا معه فإنه يتوضأ لكل صلاة، يعني إذا دخل الوقت فيتوضأ للعصر، إذا دخل وقتها، ويصلي حتى يخرج الوقت، ويقرأ القرآن من المصحف، وهكذا يتوضأ للمغرب ويصلي حتى يغيب الشفق وهكذا بعد العشاء ويتوضأ حتى يدخل الوقت، المقصود أن لكل وقت وضوءا هذا لصاحب السلس والأحوط لك أن لا تصلي بالناس إماما؛ لأن جمعا من أهل العلم يرون أنه لا يصلي صاحب السلس إماما بالناس، وإن صليت فصلاتك صحيحة إن شاء الله، هذا على الصحيح لكن إن تركت ذلك فهو أولى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 258 س: يسأل الأخ ويقول: تعرضت لحادث سيارة، وأصبحت الآن مقعدا لا أتحرك إلا بواسطة العربية، ولا أتحكم في السبيلين، ولا أستطيع السيطرة عليهما. كيف تنصحونني في الوضوء أو التيمم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: مثلك مثل صاحب السلس والمستحاضة، عليك أن تتوضأ لوقت كل صلاة والحمد لله، إذا دخل وقت الصلاة تستنجي وتتوضأ   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (187). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 258 وضوء الصلاة، وتصلي في الوقت، حتى يجيء الوقت الآخر. ولو خرج شيء منك {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، هكذا كل وقت، تستنجي وتتوضأ وتصلي على حسب حالك وتقرأ من المصحف ولا حرج عليك في ذلك، لأنك معذور.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 259 174 - حكم من يخيل له أنه يخرج منه الريح عند الوضوء س: عندما أريد أن أتوضأ للصلاة يخيل لي أنه سوف يخرج مني رائحة عن طريق السبيلين فما هو الحل لذلك؟ ولكم جزيل الشكر؟ (1) ج: هذا من الشيطان، والحل لهذا أن يعرض عن هذا الشيء، وأن لا يلتفت إليه، بل هو من الوساوس، فيتوضأ الوضوء الشرعي وهو التمسح، يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، ويكفي ولا يلتفت إلى هذا الذي يظنه خرج من دبره من الريح بعد ما شرع في الوضوء، بل يستمر في وضوئه ولا يلتفت إلى هذه الوساوس، حتى يأتي مثل الشمس، أنه خرج منه شيء، فإذا جزم وتيقن أنه خرج منه شيء، يعيد الوضوء، يعني يعيد التمسح، الذي هو غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (11). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 259 وغسل اليدين، هذا يسمى الوضوء الشرعي، أما غسل القبل والدبر، فهذا يسمى الاستنجاء، فينبغي أن نتنبه للفرق، بعض العامة قد يشتبه عليه هذا، فغسل الدبر والقبل يسمى استنجاء، عن الغائط والبول، وإن كان بالحجارة يسمى استجمارا، أما الوضوء الشرعي فالمراد به غسل الوجه، مع المضمضة والاستنشاق، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح الرأس مع الأذنين، وغسل الرجلين هذا يسمى الوضوء الشرعي، ويسميه بعض الناس التمسح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 260 175 - بيان وقت وضوء من به سلس البول س: يسأل السائل ويقول: إنه مصاب بمرض سلس البول، كيف يتوضأ للصلاة؟. يقول: لأنني سمعت من بعض أهل العلم وقرأت بأنه يجب أن أتوضأ لكل وقت صلاة، ولكن أنا والحمد لله، أصلي في المسجد، وإذا أردت أن أتوضأ عند دخول الوقت فإن تكبيرة الإحرام والركعة الأولى والثانية قد تفوتني، خاصة في صلاتي المغرب والعشاء، فهل يجوز لي أن أتوضأ قبل دخول الوقت، ولو لخمس دقائق؟ وما الحال بالنسبة لصلاة الجمعة (1)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة، قال:   (1) السؤال الراب والثلاثون من الشريط رقم (416). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 260 «توضئي لوقت كل صلاة (1)» والمستحاضة هي التي معها الدم الدائم، أو الغالب معها. أمرها أم تتوضأ لوقت كل صلاة. وصاحب السلس، سلس البول، أو الريح الدائمة أو الغالبة، مثل المستحاضة يتوضأ لكل صلاة، ويلف على ذكره شيئا، إذا كان البول يلف عليه بعض الشيء يحفظه. وإذا دخل الوقت توضأ، كما تفعل المستحاضة سواء في الجمعة أو في المغرب، أو في غير ذلك ولو فاته بعض الصلاة: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، لأن الطهارة شرط للصلاة، فإذا أذن المؤذن للمغرب، والأذان الأخير للجمعة، يتوضأ ويأتي المسجد ولو فاته بعض الصلاة، ولو فاته بعض الخطبة، لأن هذا شرط الطهارة شرط للصلاة، والحمد لله، وإذا تيسر العلاج أنه يعالج هذا السلس عند بعض الأطباء المختصين، أو خروج الريح الدائم، كل داء له دواء يعالج والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 261 س: يسأل الأخ ويقول: هل يجوز لمن به عذر كسلس وغيره أن يتوضأ قبل دخول وقت الصلاة لكي يدرك تكبيرة الإحرام في المسجد، خاصة في صلاتي المغرب والعشاء في المسجد وصلاة الجمعة، وأيضا إذا كان المسجد بعيدا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 261 أي هل يجوز الوضوء قبل دخول وقت الصلاة ولو بدقائق معدودة (1)؟ ج: الرسول صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة والعلماء ذكروا أصحاب السلس مثل المستحاضة، لا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت لجميع الأوقات، يتوضأ لدخول الوقت ولو فاته بعض الصلاة.   (1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (421). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 262 176 - نصيحة من يخيل له أنه يخرج منه شيء عند الوضوء س: أخونا يقول: إنه عندما يتوضأ، يشعر وكأن به سلسا ويشعر بقطرات من الماء، كيف توجهونه وتوجهون أمثاله شيخ عبد العزيز لو تكرمت (1)؟ ج: كثير من الناس قد يبتلى بهذا عن وسوسة لا عن حقيقة، فنصيحتي لهذا وأمثاله، أن لا يلتفت إلى هذا الشيء، وأن يعرض عنه ما دام عنده شك ولو قليل، ولو واحد في المائة أنه ما خرج منه شيء فلا يلتفت إلى هذا لأن التفاته إلى هذا يجره إلى الوسواس المستمر،   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (148). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 262 فينبغي الإعراض عن ذلك، أما إذا جزم وتيقن مائة في المائة، أنه خرج منه شيء فإنه يستنجي، يعيد الاستنجاء والوضوء الشرعي، ولا يصلي وقد خرج منه بول، إذا كان يقينا مائة في المائة. ويستحب له أن يرش موضع الفرج، بعد فراغه من الوضوء، يرشه بالماء، حتى يحمل ما قد يقع له من وساوس على هذا الماء، وبهذا ينتهي الوسواس، وينقطع إن شاء الله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 263 177 - حكم وضوء من به سلس البول والصلاة به أكثر من وقت س: يقول: هل سلس البول الذي ينزل بعد الوضوء يؤثر على طهارة البدن والثياب (1)؟ ج: إذا كان في الوقت بعدما توضأ في الوقت وهو معه السلس، لا يؤثر، لكن متى خرج الوقت يطهر ثيابه، ينظف ثيابه وما أصاب بدنه. أما لو توضأ في الوقت ثم خرج منه البول فإنه يصلي ولو خرج، ولو أصاب ثيابه، حتى ينتهي الوقت، كما في المستحاضة يخرج منها الدم وتصلي، ولو خرج الدم منها، فإذا خرج الوقت طهر ثيابه وطهر بدنه وأعاد الوضوء للوقت الآخر.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (423). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 263 178 - نصيحة لمن أصابه الوسواس في الوضوء س: تقول السائلة: إنني أشتكي يا شيخ من كثرة الوساوس، في الوضوء، وعند قراءة الفاتحة، والتشهد فإني منذ أصبت بهذه الوساوس، وأنا لا أعرف الخشوع في صلاتي، بسببها ولا أرتاح، وإنني خائفة ألا تقبل صلاتي، والدتي تغضب علي كثيرا إذا رأتني أطلت الصلاة، أكثر من اللازم، وربما تكون قد اكتشفت هذه الحالة، وجهوني سماحة الشيخ جزاكم الله خيرا (1) ج: نصيحتي لك أيتها الأخت في الله، أن تتقي الله وأن تحذري عدو الله الشيطان، فإن مكائده كثيرة، ونزغاته متعددة، فالواجب عليك الحذر من ذلك، فاتقي الله في صلاتك ووضوئك، وقراءتك، احذري وساوس الشيطان، إذا توضأت فلا تكرري الوضوء، اجزمي بأنك توضأت والحمد لله، وهكذا في الصلاة لا تكرري الصلاة، اجزمي أنك صليت والحمد لله، وهكذا في القراءة ولا تكرريها، اجزمي أنك قرأت والحمد لله، ولا يحملنك ما يمليه الشيطان من الوساوس، على التكرار في القراءة والصلاة أو الوضوء، اعلمي أن هذا من الشيطان، وما حصل في ظنك أنك قرأت، كما ينبغي أو صليت أو توضأت، يكفي، ودعي الوسوسة، أنك لم تقرئي أو لم تصلي أو لم تتوضئي،   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (245). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 264 اتركي هذه الوسوسة، احذريها، ابني أمرك على أنك قرأت، وأنك توضأت وأنك صليت، والحمد لله، واستمري في أشغالك الأخرى، واحذري اللين والتساهل، مع عدو الله لا تليني له، متى لنت طمع فيك وآذاك، وربما جعلك في عداد المجانين، فاتقي الله، واحذري عدو الله، واتركي الوساوس، وبادري بالوضوء من غير تأخير، والصلاة من غير تأخير، مع الطمأنينية في الصلاة والإقبال عليها مع الإسباغ في الوضوء، لكن من دون تكرار، ومن دون إعادة للوضوء، وهكذا في القراءة اطمئني في القراءة، وتدبري من غير حاجة إلى تكرار، تقولين ما قرأت أعيد القراءة، ما صليت أعيد، ما توضأت أعيد، لا، كل هذا من الشيطان، نسأل الله أن يعيذنا وإياك من الشيطان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 265 س: تقول السائلة: إن لها أختا، تشكو من الوسوسة، وخاصة في الوضوء، وترجو من سماحة الشيخ، أن يدلها على العمل الأمثل، الذي يمكن أن يكون عونا بإذن الله على الشفاء من هذا المرض (1)؟ ج: هذا المرض وهو مرض الوسوسة، يشكو منه كثير من الناس، من الرجال والنساء، والعلاج له هو: التعوذ بالله من الشيطان، لأنه من نزغات الشيطان، ومن أعماله وهو عدو الله، قال فيه سبحانه:   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (247). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 265 {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (1)، وقال سبحانه: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (2) فالعلاج لهذا الداء، هو التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، في الوضوء وفي الصلاة وفي غيرهما، كل ما أحس بشيء من الوساوس، يتعوذ بالله من الشيطان، يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويكون عنده قوة وصدق، والرغبة إلى الله سبحانه وتعالى، فإن هذا العدو يحتاج إلى قوة، وإلى صدق ولا ينجيك منه إلا ربك، الذي هو قادر على كل شيء، سبحانه وتعالى، فعلى المؤمن والمؤمنة، اللجوء إلى الله بصدق، والاستغاثة بالله أن يعيذهم منه، عند الوسوسة وهكذا في الأوقات الأخرى، يستجير بالله يا رب أجرني من الشيطان ومن وساوسه، يا رب اكفني شره، يستعين بالله يلجأ إليه سبحانه وتعالى، اللهم أعذني من الشيطان الرجيم، اللهم اكفني شره، اللهم عافني من وساوسه ونزغاته، يسأل ربه ويستعين بالله، والله سبحانه وتعالى يجيره منه متى صدق العبد، فالله سبحانه وتعالى يقول: ادعوني استجب لكم، ولن يخلف الله وعده سبحانه وتعالى، ولكن الإنسان قد يتساهل وقد يغفل وقد يدعو بدعاء ليس فيه صدق،   (1) سورة فاطر الآية 6 (2) سورة فصلت الآية 36 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 266 فالواجب الصدق والرغبة فيما عند الله، واللجوء والانطراح بين يديه، بصدق وإخلاص ورغبة حتى يجيرك من هذا العدو المبين. وإذا توضأ الإنسان لا يعيد الوضوء بالوسوسة، ولا يعيد صلاته بالوسوسة، يبني على أن وضوءه صحيح، وصلاته صحيحة ولا يعيد شيئا من ذلك لأنه متى أطاع الشيطان في تكرار الوضوء، زيادة أو إعادة الصلاة، طمع فيه عدو الله، ولكن أنت متى فعلت الوضوء، وأنت تشاهد نفسك، فعلت الوضوء فاتق الله، ولا تعد ولا تطع الوسوسة، وهكذا في الصلاة، كملها ولا تطع الوسوسة، وهكذا في كل شيء تعاند عدو الله وتخالفه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 179 - حكم من يكرر الوضوء بسبب الشك س: يسأل السائل ويقول: كثيرا ما أكرر الوضوء في صلاتي، فهل يجوز لي هذا لأنني أشك في وضوئي؟ وماذا تنصحونني يا سماحة الشيخ، مأجورين (1)؟ ج: الواجب عليك الحذر من الوساوس، إذا توضأت فلا تعد الوضوء، وإذا صليت فلا تعد الصلاة، دع عنك الوساوس، تعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إذا توضأت فالحمد لله، لا تطاوع الشيطان، وإذا   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (420). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 صليت فالحمد لله، لا تطاوع الشيطان، وإذا غلب عليك أنفث عن يسارك، ولو كنت في الصلاة أنفث عن يسارك ثلاث مرات قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، مل عن يسارك قليلا بالوجه وانفث عنه وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهكذا أكثر من التعوذ بالله من الشيطان، حتى في خارج الصلاة، عن الوساوس؛ لأن العدو إذا رأى منك اللين، طمع فيك، وآذاك بالوساوس، عدوك. فالواجب الحذر منه {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} (1).   (1) سورة فاطر الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 س: كثر في زماننا هذا أولئك الذين يعانون من إعادة الصلاة ومن إعادة الوضوء، ما هو التوجيه السليم لهم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: كلها من طاعتهم للشيطان، كلها من ضعفهم، وإلا لو كانوا أقوياء غلبوا عدو الله، الواجب عليهم أن يكونوا أقوياء، وأن يعادوا عدو الله ويتعوذوا بالله منه ولا يلينوا مع الوساوس، فإذا توضأ ثم قال: أخاف أني ما سويت كذا، لا، لا يعود، أخاف أني ما تمضمضت، أخاف أني ما تنشقت، بعد ما توضأ، انتهى، تم الوضوء والحمد لله. أو صلى، بعدما يصلي يقول أخاف أني خليت شيئا،   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (420). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 أخاف أني كذا، لا، إذ صلى، الحمد لله، انتهت الصلاة، يحملها على أنها تمت، ويدع الوساوس هذه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 269 180 - حكم من يشك في انتقاض وضوئه س: ما حكم من شك في انتقاض الوضوء، هل يتوضأ أم لا؟ أثابكم الله (1) ج: إذا شك الإنسان هل انتقض وضوؤه، ليس عليه الوضوء إذا كان عرف الطهارة قد توضأ عرف أنه متطهر للظهر مثلا ثم شك بعد ذلك هل انتقضت طهارته أم لا ليس عليه وضوء بل يصلي العصر بالطهارة الأولى، وهكذا أشباه ذلك توضأ الضحى ليصلي الضحى ثم شك، هل انتقضت طهارته، لا يلزمه الوضوء للظهر، بل يصلي بطهارته التي أتى بها ضحى وهكذا في الليل مثلا، تهجد فلما جاء الفجر شك هل أحدث أم لا، لا حرج عليه ولا وضوء عليه، بل يصلي بوضوئه السابق الذي أتى به آخر الليل ولا يحتاج وضوءا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة، قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (2)» متفق عليه وفي لفظ آخر لما سئل أن رجلا قال:   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (14). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم (137)، ومسلم في كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة، ثم شك في الحدث، برقم (361). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 269 يا رسول الله، رجل ويشير إلى بطنه، قال: «لا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (1)» فالحاصل ليس عليه أن يجدد وضوءه، حتى يتحقق. ويعلم أنه أحدث، بريح أو بول أو غائط، أو أكل لحم إبل أو ما أشبهه من النواقض، الحاصل أنه لا يلزمه الوضوء، إلا إذا تحقق وجود الناقض. كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم «فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (2)» يعني حتى يتحقق الحدث فإذا لم يتحقق فالأصل الطهارة. وله ثلاث حالات: حالة إذا تحقق أنه أحدث فإن عليه الوضوء، حالة يتحقق أنه لم يحدث فالحمد لله هذا يصلي بوضوئه الأول، الحالة الثالثة شك يعني تردد هل أحدث أم لا؟ قد يغلب على ظنه الحدث وقد يغلب على ظنه عدم الحدث، وقد يستوي الطرفان. فبهذه الأحوال الثلاثة لا يلزمه الوضوء حتى يتيقن أنه أحدث. وإذا توضأ لكل صلاة فهو أفضل لما في الوضوء من الخير والفائدة الوضوء فيه فضل عظيم فإذا توضأ لكل صلاة. هذا فيه فضل عظيم، وإن صلى بوضوء واحد عدة صلوات فلا بأس، قد فعله النبي في بعض الأحيان اللهم صل وسلم عليه، كما يصلي الإنسان مجموعة الظهر والعصر بوضوء واحد في السفر والمغرب والعشاء بوضوء واحد في السفر أو في المرض.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم (137)، ومسلم في كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة، ثم شك في الحدث، برقم (361). (2) صحيح البخاري الوضوء (137)، صحيح مسلم الحيض (361)، سنن النسائي الطهارة (160)، سنن أبو داود الطهارة (176)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (513)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 39). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 270 س: أحيانا لا أدري هل أنا محدث أم لا وأتوضأ قطعا للشك فهل أنوي بهذا الوضوء بأنه لرفع الحدث أم أنوي أنه وضوء شرعي فقط (1)؟ ج: كله طيب إذا نويت عن رفع الحدث أو نويت الوضوء الشرعي كفى، والحمد لله.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (388). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 271 181 - حكم الوضوء بالماء المستعمل في الطهارة س: تقول هذه السائلة: إذا توضأ إنسان بماء ثم توضأ بذلك الماء آخر لضرورة أو لغير ضرورة فهل هذا جائز (1)؟ ج: إذا كان الماء مجموعا وتوضأ به الإنسان ثم بقي منه ماء، يكفي لوضوء الثاني، فالصواب أنه لا حرج، ولا ينجس بذلك، ولا تزول طهوريته، وقال بعض أهل العلم: إنه يكون طاهرا لا طهورا ولا تحصل به الطهارة، وليس عليه دليل، والصواب أنه طهور، فلو أن إنسانا تطهر من حوض صغير، أو من إناء كبير، ثم صب ماءه الذي تطهر فيه في إناء آخر، فتوضأ به آخر فلا بأس إذا كان ليس به نجاسة،   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (429). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 271 إنما غسل وجهه وذراعيه ومسح رأسه وأذنيه، هذا لا ينجسه ولا يسلبه الطهورية، على القول الراجح، لكن تركه أحسن من باب دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 272 182 - الواجب على طالب العلم أن يعتني بالأدلة وأن يأخذ بما يقوم عليه الدليل س: أحسن رجل الوضوء، مقلدا الإمام الشافعي رحمه الله، ثم مس امرأة أجنبية، وقال: قلدت الإمام مالكا، وصلى فهل صلاته صحيحة بهذا الخلط بين المذهبين أم لا (1)؟ ج: ينبغي للمؤمن ألا يكون عمله هكذا بالتقليد بل ينبغي له أن يسأل أهل العلم، أو يتفقه، إذا كان عنده فقه، ينظر في الأدلة الشرعية حتى يأخذ بالدليل لا بالآراء المجردة، فيتابع هواه في مسألة ويتابع هواه في مسألة أخرى، فيقلد هذا تارة وهذا تارة، هذا ليس من شأن أهل العلم، وليس من شأن أهل الورع والاجتهاد في الدين، فالواجب على طالب العلم أن يعتني بالأدلة، وأن يأخذ بما يقوم عليه الدليل، فإن كان قاصرا عن ذلك نظر في كلام أهل العلم، وأخذ بما يراه أقرب إلى الصواب، من أقوالهم وتحرى الحق في ذلك، والصواب في هذه المسألة، أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، هذا هو الصواب لأن   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (15). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 272 النبي صلى الله عليه وسلم كان ربما قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ولأن الأصل صحة الطهارة وسلامتها. ولا يجوز أن يقال بفسادها إلا بالدليل، وليس هناك دليل واضح مع من قال: إن مس المرأة ينقض الوضوء مطلقا سواء بشهوة أو بغير شهوة، هذا هو الصواب وهذا هو الأرجح من حيث الأدلة، والعلماء لهم ثلاثة أقوال في هذا، منهم من قال: إن مسها ينقض مطلقا، ومنهم من قال: لا ينقض مطلقا، ومنهم من قال: ينقض بشهوة، ولا يكون ناقضا بغير شهوة، والقول الأرجح هو قول من قال: لا ينقض مطلقا. لعدم الدليل على النقض، أما قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (1)، وفي قراءة (أو لمستم النساء) فقد فسر ذلك ابن عباس، بأنه الجماع وهو الصواب، المراد به الجماع، ليس المراد به المس باليد، وقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (2)، هذا إشارة إلى الحدث الأصغر، {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3) إشارة إلى الحدث الأكبر، وهو الجنابة فأشار إلى هذا بما يناسبه، وهو الملامسة، وأشار إلى الحدث الأصغر، بقوله {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (4)، الحاصل أن الصواب في هذه المسألة هو مع من قال: إن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم كما تقدم «أنه كان يقبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ (5)» صلى الله عليه وسلم.   (1) سورة المائدة الآية 6 (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سورة المائدة الآية 6 (4) سورة المائدة الآية 6 (5) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 273 صفحة فارغة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 274 باب الغسل 183 - الفرق بين غسل الاحتلام وغسل الجنابة س: هل الغسل من الاحتلام يشابه الغسل من الجنابة (1)؟ ج: نعم سواء إذا رأى الماء المني وجب عليه الغسل، المرأة والرجل في هذا سواء، لما في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها، أن أم سليم سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: «يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نعم إذا هي رأت الماء (2)» - يعني المني - وأجمع العلماء أنه إذا لم تر الماء، أو الرجل إذا لم ير الماء – يعني المني – فلا غسل عليه، إنما الغسل من الماء، الماء من الماء، إلا في الجماع في اليقظة، إذا جامع ولم ير الماء، يغتسل إذا أولج فرجه في فرجها، فإنه يغتسل وهي تغتسل، ولو ما   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (218). (2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحياء في العلم، برقم (130)، ومسلم في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، برقم (313). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 275 حصل إنزال، ولو ما حصل مني، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل (2)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء، برقم (349). (2) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب إذا التقى الختانان، برقم (291) ومسلم في كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء، برقم (348). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 276 184 - حكم صلاة من أصابته الجنابة ولم يجد مكانا يغتسل فيه س: إذا تناوم الإنسان في منى ووجب عليه الماء للغسل، إلا أنه لكثرة الحاج يقل الماء فماذا يفعل بدل الماء؟ وكيف إذا أراد أن يصلي وهو جنب؟ وهل يكفي أن يتطهر بالتراب؟ أرجو توضيح هذه المسألة؛ لأن كثيرا من الناس يقعون في مثل هذا. ولكم منا جزيل الشكر (1). ج: إذا احتلم الإنسان في مزدلفة أو في أي مكان فيه الناس مع الناس فيلتمس الماء. يعني إذا احتلم ورأى الماء، يعني المني قد خرج منه في النوم، هذا الاحتلام يعني أنه جامع المرأة أو استيقظ ورأى المني خرج من ذكره على فخذيه في سراويله، فهذا يلزمه الغسل؛ غسل   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (32). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 276 الجنابة، فعليه أن يلتمس الماء، يطلب الماء ولو بالشراء، في أي مكان يستطيعه في أطراف منى في أي جهة، أو يجد محلا يغتسل فيه من دون شيء يلزمه ذلك، فإذا لم يتيسر له؛ لا بالثمن ولا بالتبرع، ما وجد مكانا للغسل فإنه يتيمم بالتراب ويصلي؛ يضرب بيده التراب ويمسح بهما وجهه وكفيه بنية الجنابة وبنية الحدث الأصغر، يعني ينوي بالتيمم جميع المحدثين؛ الحدث الأصغر الذي يوجب الوضوء، والحدث الأكبر الذي يوجب غسل الجنابة، ينويهما جميعا، وأنه يتيمم حتى يصلي، ويكفيه ذلك ويصلي، وصلاته صحيحة. والحمد لله، فاتقوا الله ما استطعتم، والله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (1)، ولكن عليه أن يجتهد، لا يتساهل، يجتهد ويسأل، إن وجد ماء ولو بالشراء بأخذ الماء بسطل ونحوه، ويبتعد عن الناس بعض الشيء، أو يلتمس خيمة إذا كان هناك خيمة ليس فيها أحد، أو في محل بعيد عن أنظار الناس ويغتسل.   (1) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 277 س: إذا احتلم الرجل وخرج منه شيء فهل يغتسل ويلبس لبسا جديدا أم يعيد هذا اللباس عليه (1)؟ ج: إذا احتلم الرجل أو المرأة فإنهما يغتسلان إذا رأيا الماء؛ وهو المني، أما الاحتلام بدون ماء فليس فيه غسل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته أم سليم قالت: «يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فأجابها عليه الصلاة والسلام بقوله: نعم إذا هي رأت الماء (2)» يعني المني، فإذا رأى الرجل أو المرأة المني بعد الاحتلام أو رأى المني ولم يكن احتلام فإنه يغتسل، والمني معروف: ماء غليظ ينتج عن الشهوة، فإذا رأى الرجل أو المرأة ماء – وهو المني – بعد احتلامهما، أو استيقظا ورأياه وإن لم يكن احتلام فإنهما يغتسلان؛ أمر بهذا النبي عليه الصلاة والسلام، أما الاحتلام الذي ليس معه مني فإنه لا يوجب الغسل، سواء كان في الليل أو في النهار، ولا يؤثر على الصيام ولا على الحاج، الاحتلام ليس باختياره، فإذا احتلم في نهار الصيام، أو احتلم في عرفة أو في منى قبل أن يرمي الجمرة فإنه لا يضره ذلك؛ لأنه ليس باختياره، والله سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها، سبحانه.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (32). (2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحياء في العلم، برقم (130)، ومسلم في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، برقم (313). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 278 185 - فروض الغسل من الحيض والجنابة س: السائلة و. و. و. من الرياض، تقول: ما هي فروض الغسل من الحيض والجنابة (1)؟ ج: الفرض: تعميم الجسم من الجنابة والحيض والنفاس، يعمه بالماء، إذا عم الجسد بالماء بنية الطهارة كفى المرأة والرجل عن الجنابة، والمرأة عن الحيض والنفاس، إذا عمت جسمها بالماء واغتسلت بنية الطهارة كفى، ولكن الأفضل أن يبدأ بالوضوء إذا كان غسل الجنابة، ثم يعم بدنه بالماء.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (398). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279 186 - حكم من اغتسل من الجنابة بدون وضوء ونوى الطهارة من الحدثين س: يقول السائل: ما حكم من اغتسل من الجنابة دون أن يتوضأ في أول الغسل؟ وهل لمن يتوضأ في أول الغسل عليه أن يغسل رجليه أم لا (1)؟ ج: إذا اغتسل من الجنابة ناويا الحدثين الأصغر والأكبر أجزأ عنهما، أما إذا ما نوى إلا الأكبر فقط فالذي ينبغي أن يتوضأ، وقد ذهب   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (243). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279 بعض أهل العلم إلى إجزائه عن الوضوء؛ لأن الأصغر يدخل في الأكبر، ولكن ظاهر الأحاديث خلاف ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (1)» وهذا لم ينو إلا الأكبر، فالواجب عليه أن يتوضأ بعد ذلك الوضوء الشرعي، والسنة أن يبدأ بالوضوء ثم يغتسل، هذا هو السنة، وإذا توضأ قبل ذلك فإن ترك الرجلين ثم كمل الغسل فلا بأس، وإن كمل الرجلين فهو أفضل، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم هذا وهذا، ثبت عنه من حديث عائشة رضي الله عنها أنه توضأ وكمل الوضوء، وحديث ميمونة أنه ترك الرجلين حتى فرغ ثم غسلهما مكانا آخر. فكونه يتوضأ وضوءا كاملا ثم يغتسل ثم بعد هذا يغسل رجليه مرة أخرى يكون هذا أفضل، وإن تركهما حتى كمل الغسل ثم كملهما فلا حرج في ذلك؛ لأن الغسل صار الآن مشتركا بين الوضوء والغسل، فإذا توضأ الوضوء الشرعي إلا الرجلين ثم كمل غسله ثم كمل رجليه فلا حرج. لكن مثل ما تقدم كونه يكمل الوضوء حتى الرجلين ثم يكمل الغسل يكون هذا هو الأفضل، ثم بعد ذلك يغسل قدميه مكانا آخر إذا تيسر ذلك، وإذا كان مكانا واحدا وليس فيه شيء يتعلق بالرجلين إذا كان مبلطا غسلهما في المكان، والحمد لله، وكونه غسلهما في مكان آخر عليه الصلاة والسلام محمول على انتقاله عن محل الذي قد يكون قد علق بهما شيء من الطين والتراب، فيغسلهما في مكان آخر لهذه العلة، وهذا هو الظاهر والله أعلم.   (1) أخرجه البخاري في باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 280 187 - كيفية الغسل س: حدثوني عن الطريقة الصحيحة للغسل، جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: تقدم غير مرة الطريقة الصحيحة للغسل؛ أنه يبدأ في غسل الجنابة، يبدأ بالاستنجاء، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات، ثم على جنبه الأيمن ثم الأيسر، ثم يعمم على بدنه الماء، هذه الطريقة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم؛ يبدأ بالوضوء الشرعي والاستنجاء والوضوء الشرعي، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات ويفركه بأصابعه – وإن كانت امرأة فشدت رأسها كذلك وتفيض الماء على رأسها، ولو كان رأسها مشدودا يكفي – ثم يفيض الماء على شقه الأيمن ثم الأيسر، ثم يعمم بقية بدنه بالماء. هذا كله طيب، وهذا هو الأفضل، ولو غسل على غير ذلك؛ بدأ بأسفله أو لم يتوضأ أجزأه ذلك، لكن كونه يبدأ بالوضوء الشرعي من الاستنجاء والوضوء الشرعي، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات ثم الشق الأيمن ثم الأيسر، ثم يعمم. هذا هو الأفضل، هذا هو السنة. هذا هو الكمال.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (250). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 281 س: من الجزائر، يقول السائل: وضحوا لنا الاغتسال من الجنابة والحيض؟ (1) ج: الاغتسال من الجنابة فرض لا بد منه، وهكذا من الحيض، فيجب على المسلم إذا أتى أهله أن يغتسل من الجنابة، لأن الله جل وعلا يقول: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (2)، وهكذا المرأة، وهكذا من الحيض والنفاس إذا انتهى الدم، وانقطع الدم ولو لأقل من أربعين وجب على النفساء والاغتسال، وإذا انتهت أيام الحيض، ورأت الطهارة تغتسل وجوبا، لقوله جل وعلا. {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (3)، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر الحائض والنفساء بالغسل، فإذا انتهت مدة حيضها وجب عليها الغسل، وإذا رأت الطهارة لأقل من ذلك وجب الغسل أيضا، والنفساء كذلك، إذا كملت الأربعين وجب الغسل، وإذا رأت الطهارة قبل ذلك وجب عليها الغسل.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (435). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سورة البقرة الآية 222 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 282 188 - حكم الشروع في الوضوء قبل الاغتسال س: إنني أتوضأ وضوءا كاملا قبل أن أغتسل، ثم بعد ذلك أفيض الماء على جسمي جميعا، وأخرج من الحمام وأذهب للصلاة، ولا أتوضأ مرة ثانية بعد الغسل، بل أكتفي بالوضوء السابق قبل الغسل، فهل عملي هذا صواب أم خطأ؟ لأنني سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ قبل الغسل ويكتفي بذلك، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: الذي فعلته هو السنة، وقد وفقت للسنة، هذه السنة: الوضوء ثم الغسل، وهكذا كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم: يتوضأ ثم يغتسل عليه الصلاة والسلام، فأنت بهذا وافقت السنة، والحمد لله، إلا إذا حدث منك شيء ينقض الوضوء في حال الغسل؛ يعني إذا استخرجت أو خرج منك ريح هذا يوجب عليك إعادة الوضوء، أما ما دمت لم تمس فرجك ولم يخرج منك شيء ينقض الوضوء فإن عملك طيب، وهو الموافق للسنة.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (250). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 283 189 - حكم إجزاء الغسل عن الوضوء س: هل يجزئ الاغتسال عن الوضوء؟ حيث إنه يقوم بإفراغ الماء على بدنه كله؟ (1) ج: لا يجزئ الغسل، لا بد من الوضوء، يبدأ: يتمضمض، يستنشق، ويغسل وجهه ثم يديه، ثم يمسح راسه وأذنيه، ثم يغسل رجليه، أما كونه يصب الماء على بدنه فلا يكفي، إلا إذا كان عن جنابة ونواهما جميعا، إذا كان غسل جنابة ونوى الحدثين صار الأصغر تبعا للأكبر، مع أن الأولى والأفضل حتى في الجنابة أن يتوضأ ثم يغتسل، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يتوضأ ثم يغتسل عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع ولو في الجنابة، لكن لو نواهما جميعا في الجنابة أجزأ عند جمع من أهل العلم، وصار الأصغر تبعا للأكبر، لكن بكل حال الأولى له والأفضل أن يتوضأ أولا، ثم يعمم بالغسل للجنابة، أما الغسل المستحب للجمعة أو لغسل التبرد فالغسل مستقل والوضوء مستقل.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (349). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 284 س: إذا اغتسل الإنسان هل يلزمه الوضوء لأداء الصلاة؟ أم الاغتسال كاف؟ (1) ج: السنة إن كان عليه جنابة، أو كانت حائضا تغتسل من حيضها أو   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (170). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 284 نفاسها، الوضوء أولا، يبدأ بالوضوء، يستنجي الإنسان، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يغتسل، ويكتفي بذلك عن الوضوء من بعد ذلك، فإن اغتسل بنية الأمرين؛ نية الطهارتين؛ الكبرى والصغرى دخلت الصغرى في الكبرى، أما الاغتسال بنية الجنابة فإنه يتوضأ بعد ذلك الوضوء الشرعي، كذلك إذا اغتسلت بنية الحيض والنفاس، فإنها تتوضأ بعد الوضوء الشرعي للصلاة أو مس المصحف أو نحو ذلك، والأفضل كما تقدم أن يبدأ بالوضوء الشرعي؛ بأن يستنجي من الجنابة، وأن تستنجي المرأة من الحيض والنفاس، ثم تتوضأ الوضوء الشرعي؛ بأن تتمضمض وتستنشق، وتغسل وجهها وذراعيها، وتمسح رأسها، وتغسل رجليها. وهكذا الرجل في الجنابة، ثم يكون الغسل بعد ذلك، كما كان النبي يفعل - صلى الله عليه وسلم – إذا اغتسل من الجنابة، اللهم صل عليه وسلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 285 س: إذا اغتسل الإنسان من أي حدث أثناء دخول وقت الصلاة، هل يجزئ ذلك عن الوضوء للصلاة؟ أم إنكم توجهونه بشيء آخر (1)؟ ج: السنة لمن أصابه حدث الجنابة أن يبدأ بالوضوء؛ يستنجي أولا، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يكمل غسله، يحثي على رأسه ثلاث مرات، ثم على جنبه الأيمن ثم على الأيسر، ثم يكمل غسله،   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (177). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 285 هذا هو السنة، لكن لو أنه غسل بنية الحدثين؛ الجنابة والحدث الأصغر كفاه ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (1)» ويدخل الأصغر في الأكبر، لكن السنة والأفضل أن يبدأ بالوضوء بعد الاستنجاء، ثم يكمل غسله، بشرط نية الأمرين.   (1) أخرجه البخاري في باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 286 س: يقول سائل: في غسل الجنابة إذا استحم الشخص بالماء أولا ثم الصابون في نفس المكان، هل في ذلك شيء؟ وهل لا بد من الوضوء (1)؟ ج: ليس في ذلك شيء إذا اغتسل من الجنابة بالصابون، أو بالسدر أو بالأشنان أو بغيره فلا بأس، لكن كونه يتوضأ وضوء الصلاة أولا، ثم يغتسل غسل الجنابة يكون أكمل، كفعل النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لو غسل هذه الجنابة فقط، ولم يتوضأ ولم ينو الوضوء فلا حرج، يغتسل من الجنابة، وإذا أراد الصلاة يتوضأ وضوء الصلاة، أما إذا جمع بينهما فهذا هو الأكمل، يتوضأ وضوء الصلاة ثم يغتسل في جميع بدنه بالصابون أو بغيره ولكن لا يمس العورة، فإن مسها يعيد الوضوء إذا مس عورته، يعني الفرج: الذكر، أو الدبر، إذا مسه يعيد الوضوء الشرعي، يغسل وجهه ويديه، ويمسح رأسه وأذنيه، ويغسل رجليه،   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (392). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 286 هذا الوضوء الشرعي، أما إذا كان عم الماء على بدنه، ولكن ما مس فرجه حين الغسل فوضوؤه الأول صحيح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 287 س: يقول هذا السائل: يا سماحة الشيخ، عندما أريد الغسل من جنابة، أو لصلاة جمعة، أو لصلاة عيدين أبدا دائما بالغسل من السرة إلى الركبة بالصابون، ثم بعد ذلك أنوي الغسل، وأشرع في الماء فقط، فهل عملي هذا صحيح (1)؟ ج: يكفي، لا بأس به، لكن ما فيه حاجة للصابون، الماء يكفي، وإذا فعلت الصابون فلا بأس، لكن لا بد أن يغسل بالماء الصابون حتى يزول ويبلغ الماء البشرة، وتعم البدن بالماء عن الجنابة، وهكذا في غسل الجمعة، حتى تحصل لك السنة.   (1) السؤال الخامس والخمسون من الشريط رقم (376). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 287 س: إذا اغتسل الإنسان للجنابة فهل يكفيه ذلك عن الوضوء (1)؟ ج: إذا جمعهما جميعا فلا بأس، إذا نوى الوضوء والغسل في غسل الجنابة أجزأه، لكن الأفضل أن يتوضأ، ثم يغتسل هذا الأفضل أن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يغتسل، يعني يفيض الماء على رأسه، ثم على جسده، على رأسه ثلاثا، ثم على شقه الأيمن، ثم على شقه   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (376). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 287 الأيسر، والمرأة كذلك: تستنجي، ثم تتوضأ وضوءها للصلاة، ثم تغتسل، سواء كان من الجنابة أو لغير ذلك، هذا هو الأفضل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 س: الأخ: ع. ط. ج. يقول: ما حكم الوضوء أثناء الاستحمام، وتعميم كافة الجسد بالماء. وهل يختلف الحكم إذا كان في جنابة أو غير ذلك (1)؟ ج: الجنب والحائض السنة أن يبدأ كل منهما بالوضوء؛ الوضوء الشرعي، ثم يفيض الماء على جسده، وهكذا في غسل الجمعة؛ يتوضأ قبل، وإن لم يتوضأ قبل توضأ بعد، أما إذا كان للتبرد يصب الماء على جسده، والحمد لله، لكن إذا كان لجمعة، أو عن الجنابة فيستحب له البدء في الوضوء، ثم يغتسل الغسل الشرعي.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (428). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 190 - حكم المضمضة والاستنشاق في الغسل س: يقول السائل: هل المضمضة والاستنشاق واجبة أثناء الغسل من الجنابة (1)؟ ج: نعم، المضمضة والاستنشاق واجبتان في الغسل من الجنابة،   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (428). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 والغسل من الحيض وفي الوضوء الشرعي، لا بد من المضمضة في الوضوء والغسل من الجنابة والغسل من الحيض والنفاس، لا بد من ذلك، لأنهما في حكم الوجه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 289 191 - حكم نقض المرأة شعرها عند الغسل س: السائلة: أ. أ. ع. جدة، تقول: في الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: «يا رسول الله، أني امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ - وفي رواية: والحيضة؟ - فقال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات (1)» رواه مسلم. هل هذا يعني أن أغسل فروة الرأس ثلاث حثيات دون غسل باقي الشعر من الخلف (2)؟ ج: هذا معناه أنها لا تنقضه، ما يلزمها النقض، تحثي على رأسها ثلاث حثيات، وتسيل الماء على الجدايل، تعمها بالماء، ولا يلزمها النقض إذا عمته بثلاث حثيات، فإن الغالب أن هذا ما يصل إلى جوف الشعر، ثم تفيض الماء على بقية جسدها، فتطهر بإذن الله، الحمد لله، ولكن النقض في الحيض – كما جاء في رواية: أنه أمر بعض الحيض أن ينقضن شعرهن: – نقضة أولى في الحيض وأكمل، وإن لم تنقض فلا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة، برقم (330). (2) السؤال الخامس من الشريط رقم (412). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 289 بأس، كما في حديث أم سلمة، أما في الجنابة فلا حاجة إلى النقض، يفيض الماء على رأسه وعلى بدنه – والحمد لله – الرجل والمرأة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 290 192 - حكم تخليل المرأة شعرها دون الغسل بالماء س: هل يجوز تخليل المرأة شعر رأسها سبع مرات أثناء الغسل من الجنابة، دون أن تصب الماء على شعرها (1)؟ ج: لا يكفي ذلك، لا بد من صب الماء على شعرها ثلاثا، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تحثي عليه ثلاث حثيات، أما إذا كانت واقفة، لكنها عمت الرأس أجزأت بتعميمه، وأما مجرد التخليل من دون صب الماء فلا يكفي، لا بد من جريان الماء على الرأس، ومجرد تخليله بالأصابع التي فيها رطوبة من غير صب الماء لا يكفي، لا بد من صب الماء ولو مرة، لكن السنة ثلاث، لأن في حديث أم سلمة، قالت: يا رسول الله، إنني أشد شعر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ - وفي رواية له: والحيضة؟ عند مسلم رحمه الله – قال: «يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين (2)» فبين لها صلى الله عليه وسلم أنه يكفيها أن تحثي عليه ثلاث حثيات، فلو أنها روته بالماء من دون ثلاث حثيات صبت عليه الماء لكفى، لكن الثلاث أفضل – كما قال النبي عليه الصلاة والسلام – وأكمل في الإبلاغ.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (118). (2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة، برقم (330). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 290 193 - حكم الشروع في الوضوء قبل بداية الغسل س: هل الوضوء في أول غسل الجنابة لازم وضروري، أم لا؟ ونرجو شرح الغسل بالتفصيل، وفقكم الله (1) ج: السنة أن يبدأ بالاستنجاء، ذكره وما حوله، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، هذه السنة كما كان يفعل النبي عليه الصلاة والسلام: كان يتوضأ وضوءه للصلاة بعد أن يستنجي، ثم يغتسل بعد ذلك؛ يدخل الماء في أصول شعر رأسه، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على باقي جسده؛ الشق الأيمن ثم الشق الأيسر، ثم يكمل غسله. هذا هو السنة التي روتها عائشة وميمونة رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولو أنه اغتسل من دون وضوء؛ عم جسده بالماء بنية الجنابة كفى وطهر بذلك، عم بدنه من قدمه إلى رأسه بالماء بنية غسل الجنابة كفى، ولكن الأفضل أن يبدأ بالوضوء الشرعي، هذا هو الأفضل، ليس بواجب، بل أفضل، ولو توضأ بعد ذلك ولم يتوضأ قبل ذلك فلا بأس، لكن تركت الأفضل؛ ترك السنة، السنة: أن يبدأ بالاستنجاء وغسل الفرج وما حوله، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يأخذ الماء ويدخله في أصول الشعر، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات، ثم بعد هذا يغسل بقية جسمه؛ يغسل الشق الأيمن ثم الأيسر، ثم يكمل بقية الغسل. هذا هو الأفضل، وهذا هو الكمال، أما الإجزاء فيجزي،   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (41). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 291 إذا عم بدنه بالماء – سواء بدأ برأسه أو برجليه أو بطنه وظهره، لا فرق متى عم بالماء جسده بالماء – أجزأه ذلك، لكن الأفضل أن يفعل كفعل النبي عليه السلام، وإذا نوى بالغسل الحدثين – نوى الطهارة الصغرى والكبرى – أجزأه ذلك على الصحيح، ولكن الأفضل أن يبدأ بالوضوء، ثم يكمل الغسل، هذا هو السنة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 194 - وجوب الوضوء لمن اغتسل للتبرد س: من المعروف أن الوضوء يشترط على أمور معينة، مثل: غسل الوجه، والمضمضة، والاستنشاق، وغير ذلك. وسؤالي: هل يجوز لي – بعد الخروج من الحمام وبعد الاغتسال مباشرة – الصلاة دون أداء الشروط المذكورة؟ أجيبوني، جزاكم الله خيرا (1) ج: الوضوء طهارة مستقلة، والغسل طهارة مستقلة عن الجنابة، وعن الحيض – في حق المرأة – والنفاس، فإذا اغتسل المؤمن عن الجنابة بنية الطهارتين؛ الكبرى والصغرى أجزأه ذلك، ودخلت الصغرى في الكبرى، وإذا اغتسل بنية الجنابة فقط فالأرجح أنه لا يدخل، فعليه أن يتوضأ، وإذا توضأ قبل غسله يكون أفضل؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتوضأ قبل الغسل، كان إذا أتى أهله   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (178). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 يستنجى ويتوضأ وضوء الصلاة ثم يغتسل، هذا هو السنة: يستنجي، يغسل ذكره وما حوله، ويتوضأ وضوء الصلاة، ثم يغتسل، فإذا اغتسل من غير ترتيب ونوى الطهارتين؛ الصغرى والكبرى أجزأه ذلك على الصحيح. أما إن كان الغسل مستحبا فلا يدخل فيه الوضوء، لا بد من الوضوء، أو كان للتبرد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 293 س: هل يتوضأ من اغتسل أولا إذا أراد الدخول في الصلاة؟ أم يكفي الاغتسال عن الوضوء (1)؟ ج: الوضوء مع الغسل أفضل، إذا توضأ – إذا كان عن غسل جنابة، أو غسل حيض على المرأة – توضأ وضوء الصلاة، تستنجي ويستنجي الرجل، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يفرغ الماء على رأسه ثلاث مرات، ويخلل رأسه بأصابعه، ثم يفيض الماء على جسده؛ على شقه الأيمن ثم الأيسر، هذه السنة من جنابة، وفي غسل الحيض، وفي غسل الجمعة: يبدأ بالوضوء، يعني بعدما يستنجي من بوله أو نحوه، يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يكمل غسله بادئا بالرأس؛ يفيض عليه بماء ثلاث مرات، ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر، ثم يكمل، هذا هو المشروع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في غسل من الجنابة، لكن لو نوى الغسل   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (251). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 293 والوضوء، نواهما جميعا؛ نوى الجنابة والحدث الأصغر جميعا، وأفاض الماء على جسده مرة واحدة، وعمم بالماء أجزأه ذلك، ولكن كونه يفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيتوضأ، ثم يغتسل يكون هذا هو الأكمل والأفضل، ولا بد من الاستنجاء إذا كان أراد أن يغتسل غسلا واحدا بدون وضوء، لا بد من الاستنجاء، يستنجي عما خرج من بول أو غائط أو مني، ويعم بدنه بالماء، ويكفي بنية الجنابة والوضوء جميعا، ينويهما جميعا، أما إذا كان ما نوى إلا الجنابة فإنها ترتفع الجنابة، فيبقى عليه الوضوء، يتوضأ وضوءا خاصا عن الحدث الأصغر، والكمال: أن يتوضأ أولا بعد الاستنجاء ثم يغتسل هذا هو الكمال. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 294 195 - حكم الوضوء داخل الحمام أثناء الغسل س: هل للإنسان أن يتوضأ داخل الحمام أثناء الاستحمام، قبل أن يرتدي ملابسه (1)؟ ج: لا نعلم بأسا في ذلك إذا اغتسل من الجنابة أو يوم الجمعة، لكن السنة والأفضل أن يبتدئ بالوضوء لغسل الجنابة، يتوضأ ثم يغتسل للجنابة، ويكفيه الوضوء الأول، كان النبي يتوضأ أولا عليه الصلاة والسلام، يعني يستنجي، ويغسل ما أصاب فرجه وما حوله، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يغتسل، حتى إذا انتهى من الغسل انتهى من كل   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (160). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 294 شيء، ليس عليه وضوء بعد ذلك، إلا إذا أحدث أو مس فرجه، أو خرج منه ريح فإنه يعيد الوضوء، أما إذا اغتسل ولم يمس فرجه، ولم يحدث فإن وضوءه الأول كاف، أما غسل الجمعة فإنه إن شاء توضأ قبله، وإن شاء توضأ بعده، لا يكفي الغسل وحده، فهو إما أن يتوضأ قبله، وإما أن يتوضأ بعده، وإذا توضأ بعده وقبله وهو عريان فلا حرج في ذلك، لأنه تجرد ليغتسل، فإذا توضأ قبل الغسل أو بعد الغسل، وهو لم يلبس الثياب في غسل الجنابة، أو في غسل الجمعة ونحوه فلا بأس إن شاء الله، ولا حرج. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 295 196 - حكم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء س: أقوم لصلاة الفجر وأغتسل من الجنابة إذا كانت، فهل يجزئ الغسل عن الوضوء والذهاب إلى الصلاة (1)؟ ج: المشروع لك أن تتوضأ وضوء الصلاة ثم تغتسل؛ تستنجي، ثم تتوضأ وضوء الصلاة، ثم تغتسل، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، لكن لو نويت بالغسل هذا وهذا؛ الحدثين الأصغر والأكبر وأنه يقوم مقام الوضوء أجزأ على الراجح، ولكن الأفضل لك أن تتوضأ أولا وضوء الصلاة، ثم تكمل الغسل، هذا هو الذي كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (219). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 295 س: هل الاغتسال من الجنابة كاف لأداء الصلاة؟ أم لا بد من الوضوء بعد الغسل ولبس الثياب (1)؟ ج: السنة أن يتوضأ أولا ثم يغتسل، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم؛ كان يتوضأ من الجنابة، ثم يفيض الماء على جسده؛ يتوضأ وضوءه الصحيح، يستنجي، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثا، ثم على بدنه هذا هو السنة، وإن اغتسل ونوى في غسله الحدثين: حدث الجنابة والحدث الأصغر ولم يتوضأ، بل نوى في غسله الأمرين أجزأه ذلك، وصحت بذلك صلاته، لكن الأفضل له والسنة: أن يتوضأ أولا، أن يستنجي، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يكمل الغسل تبعا للنبي عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (256). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296 س: هل الاستحمام يكفي أو يمنع من الوضوء؟ أرشدونا في ذلك (1) ج: السنة: أن يتوضأ أولا وضوء الصلاة كاملا – أو: إلا رجليه – ثم يغتسل للجنابة، ثم يغسل رجليه بعد ذلك إذا كان لم يغسلها، وإن كان قد غسلها يغسلها أيضا مرة أخرى عملا بالسنة، هذا إذا كان في الجنابة، وإن نوى الحدثين جميعا، واغتسل غسلا كاملا، ولم يخص   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (355). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296 الوضوء بأعماله أجزأ عند جمع من أهل العلم بنية الحدثين، ولكن الأولى والأفضل والسنة أن يتوضأ وضوء الصلاة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد الاستنجاء؛ يستنجي ذكره وما حوله، ويتوضأ وضوء الصلاة، ثم يكمل غسل الجنابة، هذا هو السنة، وهذا هو الأفضل، أما غسل التبرد أو غسل الجمعة فهذا لا يكفي عن الوضوء، بل لا بد من الوضوء ثم الغسل، أو الغسل أولا ثم الوضوء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297 س: هل الاستحمام يجزئ عن الوضوء للصلاة (1)؟ ج: إذا كان الاستحمام عن جنابة وأراد إزالة الحدثين الأكبر والأصغر، أي: المغتسل أراد بغسله الغسل والوضوء جميعا الوجوب أجزأ. أما الاستحمام من غير جنابة لا، لا بد من الوضوء قبلها أو بعدها، لا بد أن يتوضأ، نعم.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (355). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297 197 - حكم من اجتمع عليه غسل الجنابة وغسل الجمعة س: يقول السائل من اليمن: إذا اجتمع على الإنسان مثلا: غسل الجمعة وغسل الجنابة، فهل يغتسل غسلا واحدا أو غسلين؟ وكيف ينوي النية في هذه الحالة (1)؟ ج: يكفي غسل واحد بنية الجنابة؛ لأن المقصود النظافة والنشاط، وقد حصل بغسل الجنابة، فإن نواهما جميعا فهو طيب، إن نواهما: غسل الجنابة وغسل الجمعة كله طيب، وإن نوى غسل الجنابة فقط كفى.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (387). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298 198 - حكم صلاة من اكتفى بغسل الجمعة دون الوضوء س: الأخ: م. م. س، يقول: رجل اغتسل غسل الجمعة وصلى مع الجماعة وهو لم يتوضأ وضوء الصلاة، ولم يذكر ذلك إلا وهو في الصلاة، فصلى معهم، فهل صلاته صحيحة؟ أم ماذا يجب عليه إذا كانت صلاته غير صحيحة بعد مضي وقت طويل (1)؟ ج: عليه أن يعيد الصلاة ظهرا، يصلي ظهرا؛ لأن الغسل لا يكفي   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (206). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298 عن الوضوء، غسل الجمعة لا يكفي، بل لا بد من الوضوء الشرعي، لكن لو كان غسل الجنابة ونوى الحدثين أجزأ، وأما الغسل المستحب؛ غسل الجمعة، فهذا لا يكفي، بل عليه أن يعيد الصلاة ظهرا، لأن الجمعة لا تقضى إلا ظهرا، والغسل المستحب لا يجزئ عن الوضوء حتى ولو نوى إلا إذا رتب: غسل وجهه ثم يديه، ثم مسح رأسه وأذنيه، ثم غسل رجليه في أثناء الغسل فلا بأس، يكفي، يعني توضأ وهو يغتسل بالترتيب والنية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 199 - الفرق بين الغسل المفروض والمسنون س: هل الغسل المسنون كالغسل الواجب في أحكامه (1)؟ ج: نعم، الغسل المسنون كالغسل الواجب، يعني في التعميم، يستحب تعميم البدن بالغسل كالغسل الواجب.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (332). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 س: يسأل المستمع ويقول: هل الاغتسال غير الغسل من الجنابة يجزئ عن الوضوء (1)؟ ج: لا يجزئ عن الوضوء، لا بد من الوضوء المرتب، أما في   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (276). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 الجنابة إذا اغتسل بجنابة ونواهما فإنه يجزئ عند جمع من أهل العلم، والأفضل أن يتوضأ حتى في الجنابة، يتوضأ ثم يكمل غسله، هذا هو الأفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم في غسله من الجنابة: يستنجي، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يفرغ الماء على رأسه ثلاثا، ثم على بدنه، هذا هو السنة، وهذا هو الأفضل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 س: إذا اغتسل المسلم بنية النظافة فهل تكفي عن الوضوء (1)؟ ج: لا بد من الوضوء، الوضوء الشرعي لا بد منه، أما إذا نوى النظافة مع الوضوء فلا بأس إذا نواهما جميعا: وضوء مع النظافة، لا بأس مثل لو اغتسل للجنابة والجمعة حصل المقصود.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (232). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 200 - حكم استقبال القبلة عند الاغتسال س: يقول بعض الناس: إنه يجب عند الاغتسال أن يكون المرء مستقبل القبلة، فهل ما قيل صحيح (1)؟ ج: ليس بصحيح، يغتسل سواء كان مستقبل القبلة أو غير مستقبل القبلة، الأمر في هذا واسع، والحمد لله.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (269). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 201 - حكم حلق الشعر وتقليم الأظافر للجنب قبل الاغتسال س: هل يجوز للمرء أن يحلق شعره، أو يقص أظافره وهو جنب ولم يغتسل بعد (1)؟ ج: لا حرج في ذلك أن يقلم أظافره، أو يقص شيئا من شعره إذا دعت الحاجة إلى قصه؛ كأن يحلق رأسه أو يقصر رأسه، لا بأس بذلك، أو شعرا آخر، لكن ليس له أخذ لحيته، إنما قص شاربه أو شيئا من بدنه أو إبطه أو عانته، ولو أنه كان على غير طهارة، ولو كان جنبا لا حرج في ذلك.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (256). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 س: إذ نام الإنسان وحلم في الليل وأصبح عليه جنابة، وأراد أن يحلق ذقنه، أو يقص أظافره قبل أن يغتسل هل هذا حرام خاصة إذا لم يجد ماء عند قيامه من النوم (1)؟ ج: إذا احتلم الإنسان في الليل أو في النهار ورأى المني خرج منه فإنه يغتسل وجوبا، عليه الاغتسال من الجنابة كما لو جامع أهله، سواء كان نومه ليلا أو نهارا إذا رأى المني، أما إذا احتلم أنه يأتي المرأة   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (36). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 ولكن ما رأى المني فليس عليه غسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ذلك قال: «إذا رأت الماء (1)» سألته أم سليم عن ذلك، وقالت: «يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي: نعم، إذا هي رأت الماء (2)»، يعني المني، فدل ذلك على أن من لم ير الماء من رجل أو امرأة فإنه لا غسل عليه، ولا بأس أن يقلم أظفاره ويقص شاربه ويحلق عانته قبل الغسل، لا حرج في ذلك سواء فعله قبل الغسل أو بعده، لا يضر تقليم أظفاره، حلق عانته – وهي الشعرة – قص شاربه، نتف إبطه، لا يضر ولو قبل الغسل، أما حلق اللحية فلا يجوز مطلقا، لا قبل الغسل ولا بعده، حلق اللحية حرام منكر، الواجب إعفاؤها وإكرامها وتوفيرها، وليس للمسلم أن يحلق لحيته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قصوا الشوارب، وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين (3)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس (4)» والخلاصة أن اللحية يجب توفيرها وإعفاؤها وإرخاؤها، ولا يجوز أبدا حلقها ولا تقصيرها، وما يفعله بعض الناس اليوم منكر، لا ينبغي التأسي بهم في ذلك ولا   (1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحياء في العلم، برقم (130)، ومسلم في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، برقم (313). (2) صحيح البخاري الأدب (6091)، صحيح مسلم الحيض (313)، سنن الترمذي الطهارة (122)، سنن النسائي الطهارة (197)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (600)، مسند أحمد (6/ 306)، موطأ مالك الطهارة (118). (3) أحمد في مسنده، مسند أبي هريرة برقم (7132). (4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (260). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 302 الاغترار بهم، بل هذا منكر لا يجوز فعله، نسأل الله للجميع العافية والهداية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 202 - حكم إرضاع المرأة طفلها وعليها جنابة س: إذا كانت المرأة عليها جنابة هل ترضع طفلها؟ أم لا يجوز إلا بعد الغسل (1)؟ ج: لا حرج، ترضعه وهي على جنابة، لا بأس بذلك.   (1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (429). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 203 - حكم الاستحمام والوضوء بماء البحر س: إذا كان بالقرب مني نهر أو بحر، وكنت أستحم فيه، وبعد ذلك حان وقت الصلاة وليس عندي ماء غيره أتوضأ منه، فهل يكفي استحمامي ذلك عن الوضوء وأصلي به، أم لا (1)؟ ج: عليك أن تتوضأ مما حولك من النهر أو البحر، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من البحر، فقال: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته (2)» والحمد لله، إذا تحممت للتبرد، أو لإزالة الوسخ وما أشبه   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (53). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، برقم (69)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، برقم (83)، والنسائي في كتاب المياه، الوضوء بماء البحر، برقم (332). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 ذلك فلا يكفي، لا بد من الوضوء، أما إذا كان عن جنابة ونويت الحدثين: الأصغر والأكبر بالغسل كفى، لكن الأفضل أنك تتوضأ وضوءك للصلاة، ثم تغتسل غسل الجنابة، وهكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل، كان النبي عليه الصلاة والسلام يستنجي أولا، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يغتسل، هذا هو السنة، ويكفي ذلك، لكن لو نواهما جميعا ولم يبدأ بالوضوء، بل نوى الغسل والوضوء جميعا بنية واحدة أجزأه عند جمع من أهل العلم، ولكن الأفضل أن يفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: يتوضأ أولا، يستنجي، ويتوضأ وضوء الصلاة، ثم يسبغ الماء على بدنه، يكمل غسله، هذا هو السنة عن الجنابة، وهكذا المرأة عن الحيض؛ إذا طهرت من حيضها تستنجي، وتتوضأ وضوء الصلاة، ثم تغتسل؛ تعم البدن بالماء، وهذا هو الأمر الشرعي، فيجزئها هذا عن وضوئها وعن غسلها جميعا، والماء سواء كان ماء البحر، أو ماء النهر، أو من ماء الآبار، الحمد لله، الأمر واسع، الله سبحانه قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} (1)، والماء يعم النهر والبحر والعيون والآبار، كله داخل في الماء.   (1) سورة النساء الآية 43 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 304 204 - حكم التطهر من ماء زمزم س: ماء زمزم هل له تأثير على الرجل عندما يغتسل به أو لا (1)؟ ج: ماء زمزم ماء مبارك، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها مباركة (2)» وقال فيها: «إنها طعام طعم وشفاء سقم (3)» فهو ماء مبارك، ومن أسباب الشفاء لكثير من الأمراض، ولا مانع من أن يغتسل به المؤمن، أو يتوضأ منه، لا حرج وقد توضأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا توضأ منه الإنسان أو اغتسل منه للتبرد أو للجنابة، أو لما جعل الله فيه من البركة فلا حرج في ذلك، وله أن يستنجي منه أيضا، وإن كان مباركا فلا مانع من الاستنجاء به؛ لأنه ماء طهور ماء طيب، فلا مانع من أن يستنجي منه، كالماء الذي ينبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، فإن الماء نبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم مرات كثيرة، وهو من المعجزات الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله حقا، ومع ذلك أعطاه الصحابة وحملوا في أوعيتهم يغتسلون، ويستنجون، ويتوضؤون، وهو ماء عظيم مبارك، فهكذا ماء زمزم، ماء عظيم مبارك، ولا حرج في الوضوء منه والاغتسال منه، وإزالة النجاسة، ومن قال بكراهية ذلك من الفقهاء فقوله ضعيف مرجوح.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (60). (2) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي ذر رضي الله عنه، برقم (2473). (3) أخرجه الطبراني في الصغير عن أبي ذر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 305 205 - حكم الاغتسال بالماء الموجود في البيوت المتروكة س: أقرأ القرآن الكريم، وعندي بيت أجلس فيه أصلي، وبعض الأحيان يصير عندي جنابة، هل يجوز أن أغتسل في هذا البيت؟ علما بأن البيت متروك، وفيه كتب دينية (1) ج: لا حرج في ذلك، لا بأس بأن يغتسل في هذا البيت، إذا كان فيه ماء وتيسر له الغسل فيه، فلا بأس، والحمد لله، لأن جعله للمطالعين والمراجعين نوع من الإذن في استعماله للوضوء والغسل والشرب، لما ترك للمطالعين والمراجعين في هذه الكتب، فالمعنى أنهم يتوضؤون من هذا الماء، ويغتسلون منه، ولا حرج في ذلك.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (9). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 306 206 - حكم الجمع بين الوضوء والتيمم للجنب س: من سوريا، يسأل أ. ش، يقول: إذا توفر الماء، وهذا الماء يكفي للوضوء، ولا يكفي لرفع الجنابة فهل يجوز التيمم بالتراب لرفع الجنابة، والوضوء بالماء لكل صلاة (1)؟ ج: نعم، إذا كان الماء قليلا، لم يستطع أن يكمل به الغسل،   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (401). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 306 يتوضأ وضوء الصلاة ويتيمم للباقي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (1)» وهذا معنى قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، إذا كان الماء قليلا توضأ به وتيمم، ومن هذا قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه، لما اشتد عليه البرد، وخاف من ذلك توضأ ثم تيمم للجنابة، هذا إذا كان الماء قليلا، توضأ منه وتيمم للجنابة، وهكذا لو كان الماء عنده، لا يكفيه إلا لشربه وأكله يتيمم للجنابة وغيرها، فإنه يعمل ما يستطيع، إذا كان الماء قليلا لا يتمكن من الاغتسال به توضأ به، وإن كان الوضوء أيضا قد يشق عليه؛ لأن الماء قليل لا يتوضأ، يتركه لشربه ويتيمم، والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 207 - كيفية غسل من عليه جبيرة س: إذا احتاج الشخص لوضع جبيرة ثم أصابته جنابة فكيف يغتسل؟ هل يمسح على الجبيرة ويتيمم ويغسل باقي الأعضاء وجسمه؟ أم ماذا يفعل (1)؟ ج: إذا وضع الجبيرة لحاجة يمر عليها الماء – والحمد لله – مثل   (1) السؤال الثالث والخمسون من الشريط رقم (414). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 بقية الأعضاء، إذا كان لحاجة يغسل عن الجنابة ويمر على الجبيرة الماء، ويكفي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 308 208 - حكم من عليه جبيرة واغتسل للجنابة ثم نزعها س: الأخ ع. م. يقول: شخص وضع على يده جبيرة، وأصابته جنابة واغتسل منها، ثم بعد ذلك نزع الجبيرة، فهل يجب عليه أن يغسل يده التي كانت عليها الجبيرة، أم يجب عليه إعادة الغسل للجنابة (1)؟ ج: الجبيرة تقوم مقام غسل ما تحتها، طهارته طيبة، لأن المسح عليها ضروري، أما الخف فلا، لا يمسح على الخف وهو عليه جنابة، يخلع، أما الجبيرة يمسح عليها ولو في الجنابة، ولو في الحيض، إذا برئ ما تحتها لم يجب الغسل، بل يتوضأ كالعادة، ويغسل كالعادة في بقية أوقاته زال حكمها.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (428). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 308 209 - حكم من وجد لمعة من جسده لم يصبها الماء س: يقول السائل: رجل وامرأة اغتسل واغتسلت المرأة غسلا واجبا، ولكنهما وجدا بعد ذلك لمعة في جسده لم يصلها الماء، فهل يجب عليهما إعادة الغسل (1)؟ ج: أما إذا تأكد المغتسل عن وجود لمعة فتغسل اللمعة فقط.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (428). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 309 210 - حكم استماع الجنب للقرآن س: هل يجوز للجنب الاستماع للقرآن الكريم، أو إلى الأناشيد الدينية؟ كما سماها (1) ج: نعم، لا حرج على الجنب والحائض والنفساء، كلهم لا حرج عليهم أن يسمعوا القرآن والأذكار الشرعية، إنما المحرم قراءة القرآن للجنب، كونه يقرأ ولو من غير المصحف حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فالصواب أن لهما القراءة؛ لأنهما مدتهما تطول، لكن لهما أن تقرآ عن ظهر قلب، وتراجعا المصحف من طريق القفازين، من طريق الحاجب، يعني يكون هناك وقاية بينهما وبين المصحف إذا دعت الحاجة إلى المراجعة لآية أو آيات، أما الجنب فلا، ليس له أن يقرأ   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (352). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 309 حتى يغتسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ القرآن إذا كان جنبا، قال علي رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجزه عن القرآن شيء إلا الجنابة (1)»، وفي لفظ قال عليه الصلاة والسلام: «أما الجنب فلا، ولا آية (2)» يعني: لا يقرأ ولا آية.   (1) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 124). (2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 310 211 - حكم التبول قبل الوضوء والغسل س: هل يجب على الرجل أن يتبول بعد الجماع وقبل الوضوء والغسل؟ مع الدليل، وفقكم الله، وجزاكم عنا كل خير (1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم أمر الجنب أن يتوضأ قبل النوم إذا فرغ من الجماع في الليل، السنة له أن يتوضأ قبل أن ينام، ومعلوم أنه في وضوئه يستنجي، يعني يبول بعد الجماع ويستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ولا أعلم شيئا فيه النص على البول، وإنما هذا تابع، إذا فرغ من جماعه مشروع له أن يتوضأ، ومعلوم أن الذي يريد الوضوء لا بد أن يغسل فرجه عما أصابه، ويحصل البول حين يتبول ويستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، أما شيء موصوف عن البول خاصة فلا أعلم له أصلا، ولكن المشروع له أن يستنجي، يعني يبول بعدما يفرغ من حاجته، إذا ذهب إلى الوضوء يبول ويستنجي ويغسل ما أصابه من الأذى، ثم   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (21). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 310 يتوضأ وضوء الصلاة، كما أخبرت عائشة رضي الله عنها بقولها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ يغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم ينام ويغتسل في آخر الليل (1)» في الغالب عليه الصلاة والسلام، وربما اغتسل في أول الليل، لكن الغالب أنه يغسل فرجه ويتوضأ وضوء الصلاة ثم ينام، وقد أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، سأله عمر فأمر عليه الصلاة والسلام الجنب أن يتوضأ ثم ينام.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يؤخر الغسل، برقم (226). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 311 212 - حكم نوم الجنب قبل الغسل س: الذي ينام وهو جنب دون أن يغتسل ودون أن يتوضأ فما الحكم في ذلك (1)؟ ج: مكروه، السنة أن يتوضأ، أقل شيء يتوضأ، السنة أن يتوضأ ثم ينام، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى أهله يغسل فرجه ويتوضأ ثم ينام عليه الصلاة والسلام، وربما اغتسل قبل ذلك، فإذا اغتسل فهو أكمل، وإن نام واغتسل آخر الليل فلا بأس، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما أن ينام بدون وضوء ومن دون غسل هذا مكروه، وقد سأل عمر النبي عن ذلك، فقال: «توضأ ثم نم (2)» قال: «أينام أحدنا جنب، قال: إذا توضأ فليرقد (3)»   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (369). (2) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب الجنب يتوضأ ثم ينام، برقم (290)، مسلم في كتاب الحيض، باب جواز نوم الجنب، واستحباب الوضوء له، برقم (306). (3) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب نوم الجنب، برقم (287). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 311 وفي لفظ: «توضأ ثم ارقد (1)» والمقصود أنه يشرع للمؤمن إذا فرغ من حاجته أن يتوضأ، يغسل فرجه ويتوضأ وضوء الصلاة ثم ينام، وإن اغتسل كان ذلك أكمل، فالنبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا وهذا، ربما اغتسل قبل أن ينام، وربما توضأ ونام ثم اغتسل آخر الليل، عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمر برقم (5056). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 312 213 - حكم صلاة الجنب إذا لم يجد ماء يكفي إلا للوضوء س: إذا كان الإنسان عليه جنابة، وبحث فوجد ماء يكفي للوضوء فقط، ولا يكفي للغسل فهل يجوز الوضوء (1)؟ ج: نعم، يلزمه الوضوء ويتيمم للباقي؛ لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3)» فإذا كان في السفر أو في محل مسجون فيه، لا يستطيع   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (262). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 312 الخروج منه للغسل وعنده ماء قدر الوضوء يتوضأ ويتيمم، وهكذا لو كان في برد شديد وليس عنده ما يدفئ الماء، ويخشى من الغسل فإنه يتوضأ إذا استطاع الوضوء، ويتيمم كما فعل عمرو بن العاص رضي الله عنه في بعض أسفاره لما اشتد بهم البرد، توضأ وتيمم خوفا من مضرة الماء، فالمقصود أن الإنسان إذا خاف من مضرة الماء لشدة البرد وليس عنده ما يدفئ به الماء، وليس عنده محل أيضا مناسب للغسل فإنه يتيمم ويتوضأ؛ لأنه يقدر على الوضوء، وهكذا الذي ما عنده إلا ماء قليل يستطيع أن يتوضأ منه، يتوضأ ويتيمم لبقية الغسل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 313 س: إذا كان هناك إنسان في مكان، لا يوجد به ماء كاف للغسل من الجنابة، ووجد شيئا قليلا ما الحكم؟ أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3)» فإذا كان الإنسان في مكان ليس فيه ماء إلا قليل لا يكفي للغسل فإنه يغسل ما   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (121). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 313 أمكن به من جسده، ثم يتيمم عن الباقي؛ لأنه معذور كالذي في البرية، أو في سجن لا يعطى ماء إلا لشربه، وليس عنده ماء يكفيه للغسل، ولا يعطى ماء للغسل، فإنه يغتسل بالذي عنده، فيغسل بعض بدنه؛ رأسه وصدره ونحو ذلك، ويستنجي منه، ويتيمم للباقي؛ يعني يضرب التراب بيديه بنية الطهارة، فيمسح بهما وجهه وكفيه عن بقية بدنه ناويا بذلك الطهارة من الجنابة، وإن نوى الطهارة من الجنابة وجميع الأحداث صح ذلك، وصارت طهارته كاملة عن الحدث الأصغر والأكبر جميعا، عملا بقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، فإذا كان الماء الذي عنده يحتاجه للشرب، ويخشى من العطش فإنه لا يغتسل منه، بل يتيمم عن الجميع، ويبقى الماء عنده لحاجته، عملا بقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، وعملا بقوله عز وجل: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (3).   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة البقرة الآية 195 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 314 214 - حكم ترك الغسل والوضوء لمدة طويلة بسبب المرض س: أصبت بمرض، بسببه أجري لي عملية في المستشفى، وعند طلوعي من المستشفى أفادني الطبيب المختص بأنه يجب علي عدم الغسل بالماء لمدة خمسة شهور بما فيها شهر رمضان المبارك، أرجو إفادتي، هل أبقى على ما قال الطبيب خمسة شهور، أم أغتسل وأصلي وأصوم رمضان؟ وما الحكم في الفروض التي أصليها بدون وضوء (1)؟ ج: الظاهر أن لك عذرا في ذلك بعدم الغسل، تتيمم عن الجنابة، لكن من باب الاحتياط ينبغي سؤال غيره من الأطباء الذين لهم خبرة في هذا الأمر، يبنغي التأكد من سؤال طبيب ثان، ولا سيما الأطباء المسلمون الذين يوثق بهم، إذا أخذت الحيطة بسؤال ثان أو ثالث هذا طيب، أما إذا كان هذا الذي أخبرك هو الطبيب المختص وهو الذي تولى العلاج، وأنت مطمئن إلى خبره، لا يظهر لك منه ما يدل على التساهل بالإسلام أو كراهة للإسلام – الحمد لله، هذا من أمور الطب، ومما يخشى منه الخطر لو خالفته – فلا بأس أن تأخذ بقوله، ولا تغتسل حتى تمضي المدة احتياطا لصحتك ولسلامتك، ولكن من باب الاحتياط ومن باب التوثق ينبغي أن تسأل طبيبا آخر أو طبيبين إذا تيسر ذلك من باب الحيطة.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (32). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 315 215 - كيفية الجمع بين غسل الجنابة والتيمم عن عضو مريض س: إذا كان الإنسان عليه جنابة ويجب أن يغتسل، ولكن الطبيب منعه من الغسل بالماء؛ بأن يصيب رأسه بحسب أنه مريض فماذا يفعل (1)؟ ج: إذا كان مريضا يضر الماء رأسه يغتسل في جميع بدنه، وإذا فرغ من ذلك يتيمم بالنية عن رأسه؛ يضرب التراب بيديه ويمسح وجهه وكفيه بالنية عن رأسه، وهكذا لو كان الطبيب منعه من غسل إحدى يديه أو إحدى رجليه يغسل السليم، ويتيمم بالنية عن الجزء الذي لم يغسل؛ لأن التيمم يقوم مقام الماء عند العجز عن الماء، فالله جعل الأرض طهورا ومسجدا سبحانه وتعالى، فالذي لا يستطيع غسل رأسه أو عضو من أعضائه يغسل الباقي، ثم يتيمم بضرب التراب بيديه ضربة واحدة، ويمسح بهما وجهه وكفيه بالنية عن العضو الذي لم يغسل، سواء رأس أو يد.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (36). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 316 216 - حكم تأخير غسل الجنابة لغير عذر س: السائل: ص. ص. ع. سوداني، مقيم في ساجر: ما حكم من يجلس أو يظل على الجنابة فترة من الزمن بعذر أو بدون عذر (1)؟ ج: لا حرج، ما دام لم يحضر وقت الصلاة، فإذا حضر وقت الصلاة لزمه الغسل وأداء الصلاة، كالظهر أو العصر، أما في الضحى مثلا: تأخر حتى لم يغتسل إلا عند الظهر فقد ثبت في الصحيحين من حديث حذيفة، ومن حديث أبي هريرة: «أنهما لقيا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انخنسا منه، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: ما شأنكما؟، قالا: كنا على جنابة، فكرهنا أن نجالسك ونحن على غير طهارة، فقال صلى الله عليه وسلم: إن المسلم لا ينجس (2)» ولم ينكر عليهما بقاءهما على غير طهارة. والذي ننصح به أن المبادرة بالغسل طيب، إذا بادر فحسن، ولكن لا يلزمه، قد يعيقه عائق: يخرج للسوق لحاجة يشتريها أو كذا فلا حرج عليه، إنما يلزمه المبادرة إذا حضر ما يوجب ذلك.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (268). (2) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس، برقم (283)، ومسلم في كتاب الحيض، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس، برقم (372). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 317 صفحة فارغة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 318 باب التيمم 217 - الأسباب الموجبة للتيمم ومدته س: ما هي أسباب التيمم؟ وهل هناك مسافة محدودة إلى الماء (1)؟ ج: أسباب التيمم هي أسباب الوضوء، فإذا وجب الوضوء على الشخص، ولم يجد الماء وجب عليه التيمم، وهكذا إذا عجز عن الماء لمرضه وجب عليه التيمم للصلاة، لمس المصحف، للطواف، والمقصود أن التيمم يقوم مقام الوضوء، فإذا وجد أسباب الوضوء ولم يوجد الماء فإنه يتيمم بالصعيد؛ يضرب التراب بيديه ضربة واحدة يمسح بهما وجهه وكفيه، وهكذا المريض الذي لا يستطيع؛ يضره الماء يفعل التيمم، والصحيح أنه يقوم مقام الطهارة، يرفع الحدث إلى وجود الماء، فإذا تيمم للظهر صلى به العصر إذا كان على طهارة، وهكذا لو تيمم للمغرب صلى به العشاء إذا كان على طهارة، أو تيمم لصلاة الضحى وبقي على طهارة حتى جاء الظهر وصلى بذلك، كما في   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (185). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 319 الحديث: «الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين (1)» والله جل وعلا سمى التيمم طهارة، وقال جل وعلا: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (2)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (3)» فجعل التيمم طهورا كما أن الماء طهور، هذا هو الصواب في هذه المسالة عند المحققين من أهل العلم: أن التيمم يقوم مقام الماء في رفع الحدث إلى وجود الماء، وأنه لا يبطل بدخول الوقت ولا بخروجه.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الجنب يتيمم، برقم (332)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 320 218 - كيفية التيمم المشروع س: الأخ: م. م. أ، من العراق، يسأل عن الطريقة الصحيحة للتيمم. جزاكم الله خيرا، ونفع بعلمكم (1). ج: الطريقة الصحيحة بينها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمار بن ياسر في الصحيحين، قال له: «إنما يكفيك أن تضرب بيديك هكذا (2)» ثم ضرب بهما الأرض، ضرب بيديه الأرض بكفيه ثم مسح بهما وجهه وكفيه. وهذا مطابق لقوله سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (3)، فإذا كان في السفر وليس عنده ماء، أو مريضا لا يستطيع استعمال الماء ضرب بكفيه الأرض ضربة واحدة ضربة خفيفة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، وإذا علق بهما التراب نفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، هكذا المشروع ويكفي، ضربة واحدة تكفي، هذا هو السنة، ولو ضرب ضربتين إحداهما لوجهه والثانية ليديه لا بأس، لكن الأفضل والسنة واحدة كما في حديث عمار، يضرب بهما الأرض، أو إذا كان عنده إناء فيه تراب أو كيس أو ما أشبه ذلك يضرب بيديه التراب، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، هذا هو التيمم   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (158). (2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368). (3) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 321 الشرعي بالنية؛ بنية الطهارة، ويسمي الله، يقول: بسم الله. كما يسمي في الماء؛ الوضوء، وإذا ضرب بيديه التراب مسح بهما وجهه وكفيه، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من الطاهرين. كما يفعل في الماء؛ لأن هذا يقوم مقام الماء، وفق الله الجميع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 322 س: ما هي الطريقة الصحيحة للتيمم؟ وهل يجوز مسح اليد إلى المرفقين بالتيمم؟ هل هو جائز أم لا (1)؟ ج: التيمم الشرعي المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ضربة واحدة، كما في الصحيحين من حديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما، قال لما علمه التيمم: قال: «أن تقول هكذا (2)» ثم ضرب يديه ضربة واحدة، فمسح بهما وجهه وكفيه، هكذا التيمم الشرعي، يبدأ بوجهه ثم كفيه، فيكفي ذلك، ولا حاجة إلى الذراعين، وجاء في بعض الروايات مسح الذراعين، وهكذا إلى الآباط، ولكن هذا كان من اجتهاد بعض الصحابة قبل أن يعلم الحكم الشرعي، فلما علم بالحكم الشرعي اكتفوا فيه؛ وهو مسح الوجه والكفين، وجاء عن ابن عمر أنه كان يضرب ضربتين ويمسح إلى المرفقين، ولكن الصواب ضربة واحدة كما   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (166). (2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 322 في حديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما، ويكفي هذا، وهو الذي نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمه أمته عليه الصلاة والسلام، وهو الأفضل، ضربة واحدة يمسح بذلك وجهه وكفيه، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته ذلك، من حديث عمار رضي الله تعالى عنهما. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 323 219 - بيان عدد مرات التيمم عند التطهر من الحدث الأصغر والأكبر س: أصابتني جنابة في البرية وليس عندي ماء للغسل، فتيممت وصليت الفجر أنا وجماعة معي، فلما رجعت إلى الخيمة سألتني زوجتي: كم مرة تيممت؟ فقلت: مرة واحدة، فقالت: إنه يلزمك تيممان؛ أحدهما عن الجنابة، والثاني للصلاة. فهل ذلك صحيح (1)؟ ج: لا، ليس بصحيح، الذي عليه جنابة يكفي تيمم واحد، النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمارا أن يتيمم تيمما واحدا للصلاة وهو عليه جنابة، فإذا ضرب التراب بيديه ومسح بهما وجهه وكفيه كفى ذلك عن الجنابة، وعن الحدث الأصغر؛ لأن الله قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} (2)، فالتيمم للحدث الأصغر والأكبر   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (10). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 323 تيمم واحد، وكذا المرأة التي أصابها الحيض والنفاس، ثم طهرت من حيضها أو نفاسها فإنه يكفيها تيمم واحد عن الحيض، وعن الحدث الأصغر، وبعدها تصلي، هذا هو الواجب، ولا يلزم تيممان؛ واحد عن الحدث الأصغر، والثاني عن الأكبر، لا يلزم هذا، النية تكفي عن الجميع، إذا نوى الجميع كفاه تيمم واحد، مثل إذا نوى الغسل للطهارتين كفاه، وإن كان أفضل الغسل أن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يغتسل، أما التيمم فيكفي تيمم واحد؛ يضرب بالتراب بيديه ضربة واحدة، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه بنية الحدثين: الأكبر والأصغر جميعا، ويكفيه ذلك، والحمد لله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 324 220 - شروط الصعيد الطيب للتيمم س: يقول: السائل: أرجو من سماحة الشيخ بيان كيفية التيمم الصحيح، وهل يشترط في الصعيد الطاهر أن يكون ترابا، أم يكفي التيمم على الحجارة (1)؟ ج: الواجب التراب إذا وجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «جعل التراب لي طهورا (2)» وقول الرب جل وعلا:   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (428). (2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (763). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 324 {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (1)، والصعيد: وجه الأرض، قوله منه يدل على أنه يكون له غبار يتصل باليد والوجه، قوله: منه، فإذا لم يتيسر ذلك تيمم من الأرض التي عنده، سواء كانت الأرض صفاء، أو رملا، أو طينية، أو سبخة، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (3)» فالأرض تعم الأرض السبخة والرمل وذات الحصى كله، وإذا ما تيسر التراب {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (4)، لكن إذا وجد التراب فإنه يتيمم من التراب.   (1) سورة المائدة الآية 6 (2) سورة التغابن الآية 16 (3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). (4) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 325 221 - بيان عدد ضربات التيمم س: التيمم للحاجة، هل هو ضربة في الأرض واحدة، أو أكثر؟ ذلك أن بعض الأشخاص قال: لا بد من ضربات ثلاث، وجهونا إلى الصواب، جزاكم الله خيرا (1) ج: الصواب أن يكون التيمم ضربة واحدة، هذا هو الأفضل، ولو ضرب ضربتين فلا بأس، لكن الصواب والأفضل ضربة واحدة؛ لما في الصحيحين من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه: «أنه سأل النبي عن ذلك – عليه الصلاة والسلام – فبين له النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أن تقول هكذا (2)» ثم ضرب النبي بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، فدل ذلك على أن هذا هو السنة؛ ضربة واحدة، ثم تمسح بالكفين وجهك والكفين إلى الرسغ، الذراع ما يمسح، ولكن الكف فقط من أطراف الأصابع إلى الرسغ، هذا هو السنة، ولو ضرب ضربتين: واحدة للوجه وواحدة لليدين فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل ضربة واحدة، هكذا جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (264). (2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 326 222 - حكم من تطهر بالتيمم وصلى به أكثر من فرض س: هل التيمم يصلح للصلوات كلها، أم يتيمم المرء لكل صلاة (1)؟ ج: التيمم فيه خلاف بين أهل العلم، هل يقوم مقام الماء في كل شيء، أم يكون مبيحا فقط في الوقت نفسه، لا رافعا للحدث؟ والصواب أنه يقوم مقام الماء، وأنه طهور، وأنه يرفع الحدث ما دام الماء غير موجود، أو كان المكلف غير قادر عليه من أجل مرض ونحوه. فالحاصل أن التيمم يقوم مقام الماء، وهو طهور، تصلى به الصلوات الكثيرة، حتى يهتدي المرء إلى الماء أو يجد الماء إن كان مفقودا، أو يستطيع استعماله إن كان عاجزا قبل ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (2)» فسمى التراب طهورا، ويقول صلى الله عليه وسلم: «الصعيد وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين (3)»   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (271). (2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 327 فالصواب أنه طهور، وأنه وضوء، وأنه يقوم مقام الماء في الجنابة وفي الحدث الأصغر، وأنه يصلى به الصلوات كلها حتى يجد الماء، أو يستطيع استعماله إن كان عاجزا عن استعماله؛ لمرض أو جراحات، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 328 س: يقول السائل: هل التيمم يصلح للصلوات كلها، أم يتيمم المصلي لكل صلاة (1)؟ ج: الصواب أنه كالماء، يكفي للصلوات كلها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (2)» سماها طهورا وفي اللفظ الآخر: «وجعلت تربتها لنا طهورا (3)» وفي اللفظ الثالث: «وجعل التراب لي طهورا (4)» كلها أحاديث صحيحة، وقال عليه الصلاة والسلام: «الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين (5)» فإذا تيمم عند عدم الماء للمغرب مثلا، وبقي على طهارته حتى جاء العشاء يصلي به العشاء، والحمد لله، هذا هو الصواب، وهكذا لو تيمم للظهر وجاء العصر وهو على   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (281). (2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (522). (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (522). (5) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 328 طهارته، أو جاء العصر والمغرب وهو على طهارته صلى بذلك، والحمد لله، هذا هو الصواب؛ لأنه كالماء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 329 س: هل التيمم يكفي لصلاة واحدة فقط، أم أكثر من ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: التيمم كالوضوء، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم، التيمم كالوضوء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (3)» فسمى ترابها طهورا، فإذا تيمم للظهر وجاء العصر وهو على طهارة صلى بالتيمم العصر إذا كان معذورا لمرض يضره الماء، أو لعدم وجود الماء، المقصود أن التيمم يقوم مقام الماء، فإذا تيمم لصلاة الضحى وجاء الظهر صلى به، أو تيمم للظهر وجاء العصر وهو على طهارة صلى به، وهكذا كالماء، إلا إذا وجد ما يبطل التيمم؛ كوجود الماء، أو كونه مريضا يضره الماء ثم شفي يستعمل الماء.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (316). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). (3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 329 223 - حكم من تيمم للنافلة وصلى به الفريضة س: من تيمم ليصلي نافلة هل له أن يصلي بذلكم التيمم فريضة، أو لا (1)؟ ج: نعم، له أن يصلي الفريضة إذا كان ما وجد ماء، فالمرء عادم الماء له أن يتيمم، مثل التيمم لصلاة الضحى؛ لأن ما هناك ماء، أو لأنه مريض لا يستطيع استعمال الماء ثم جاء الظهر فلا بأس أن يصلي الظهر بالتيمم، إلا إذا برئ من المرض، أو إذا ما وجد ماء.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (326). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 330 224 - حكم التحدث بعد التيمم س: غالبا ما أسمع أن من يتيمم لا يجوز له أن يتحدث مع أحد حتى يدخل في الصلاة، فإن تحدث فسد تيممه، هل هذا صحيح (1)؟ ج: هذا لا أصل له، وهو باطل، فله أن يتحدث ولو بعد التيمم مثل الوضوء، له أن يتحدث مع الناس، وله أن يقرأ القرآن، وله أن يصلي النافلة قبل الفريضة، لا بأس بهذا مثل الوضوء، نعم.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (371). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 330 225 - بيان عدم وجوب اتصال التيمم بالصلاة س: أحيانا أتيمم في مكان وأصلي في مكان آخر قريبا منه، هل تصح هذه الصلاة (1)؟ ج: لا حرج أن تتيمم في مكان وتصلي في مكان آخر، لا بأس في ذلك، والحمد لله.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (330). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 331 226 - بيان كيفية التيمم عن الحدث الأكبر إذا عدم الماء أو كان البرد شديدا س: يسأل عن كيفية التيمم من الجنابة إذا عدم الماء، أو كان موجودا ولكن البرد شديد (1) ج: مثل التيمم عند عدم الماء، ومثل التيمم مع الوضوء، إذا فقد الماء يتيمم عن الجنابة والوضوء بضرب التراب بيديه، فيمسح بهما وجهه وكفيه ضربة واحدة عن الوضوء، وعن الغسل، وعن الحيض أيضا عند عدم الماء؛ يضرب التراب بيديه ضربة واحدة يمسح بهما وجهه وكفيه ناويا الوضوء، أو ناويا الغسل من الجنابة، أو نوت المرأة غسل الحيض أو النفاس عند عدم الماء، وهكذا عند وجود الماء، لكن   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (270). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 331 مع المرض الذي يمنع من استعمال الماء، أو مع البرد الشديد وليس عنده ما يسخن به الماء فهذا معذور، فالتيمم عن الجنابة والحيض والحدث الأصغر كله واحد؛ ضربة واحدة، هذا هو الأفضل، يمسح بهما وجهه وكفيه، يمسح بأطراف أصابعه وجهه، وبيديه كفيه ظاهرهما وباطنهما، هذا هو التيمم الشرعي كما قال الله جل وعلا: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (1)، فالذي يجد الماء يمسح، يضرب التراب بيديه، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه: ظاهرهما وباطنهما بنية الوضوء، أو بنية الجنابة، أو بنية الحيض والنفاس للمرأة، وإن ضرب ضربتين إحداهما لوجهه، والثانية لكفيه فلا بأس، لكن الأفضل ضربة واحدة، كما صح عن النبي في حديث عمار في الصحيحين: أنه علم عمارا، قال: «إنما يكفيك أن تضرب الأرض ضربة واحدة، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك (2)» لما سئل عن التيمم عن الجنابة، الضربة الواحدة هي الكافية وهي السنة، يمسح بأطراف أصابعه وجهه ويعمه، ثم يمسح بكلتا يديه الواحدة للأخرى ظاهرهما وباطنهما.   (1) سورة المائدة الآية 6 (2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 332 227 - حكم إجزاء التيمم عن الغسل لحدث أكبر إذا وجد الماء س: التيمم هل يسقط عن الجنب الاغتسال بتاتا؟ وكم صلاة يمكن أن أصلي به؟ وما هي نواقضه (1)؟ ج: التيمم يقوم مقام الماء، الله جعل الأرض مسجدا وطهورا للمسلمين، فإذا فقد المسلم الماء أو عجز عنه لمرض قام التيمم مقامه، فلا يزال كافيا حتى يجد الماء، فإذا وجد الماء وجب عليه الغسل عن جنابته السابقة، وهكذا المريض إذا برئ وعافاه الله اغتسل عن جنابته السابقة التي طهرها بالتيمم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصعيد طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، ثم قال: فإذا وجدت الماء فمسه ببشرتك (2)» فإذا وجد الجنب الماء أمسه ببشرته، اغتسل بعد ذلك عما مضى، وأما صلواته كلها فصحيحة بالتيمم عند عجزه عن الماء لعدم وجود الماء، أو عند عجزه بوجود المرض الذي يمنعه من الماء، حتى ينتهي المرض ويشفى منه، وحتى يجد الماء ولو طالت المدة.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (48). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 333 228 - حكم من يستعمل الماء للغسل ويتيمم للصلاة س: أخي يصلي ولكنه يتيمم بحجر، ولا يتوضأ بالماء مع أنه يستعمل الماء في الاغتسال، وعندما أقول له: لم تفعل ذلك؟ يقول: إن الطبيب منع علي استعمال الماء، فهل صلاته صحيحة بهذا التيمم (1)؟ ج: إذا كان يستعمل الماء في الغسل ولا يضره الماء في الغسل فمن باب أولى أن لا يضره في الوضوء؛ لأن الوضوء أقل ماء وأقل كلفة، فالواجب عليه أن يصلي بالماء وأن يتوضأ، فإذا كان لا يضره الغسل فإنه لا يضره الوضوء، الواجب عليه أن يتوضأ وأن يعصي هذا الطبيب؛ لأنه جرب الماء ولم يضره، وليس له التيمم، ثم التيمم بالحجر لا ينفع، الواجب التيمم بالتراب في صعيد الأرض، لا بالحجر ما دام يجد التراب، فإنه يضرب وجه الأرض ويتيمم منها إذا عجز عن الماء؛ لمرض يضره معه الماء، أو لأنه في سفر لا يجد الماء، والواجب على المؤمن أن يترك الشبهات والوساوس التي لا وجه لها، وليس كل طبيب يطاع قوله، إنما يطاع قول الطبيب الأمين العارف الذي أرشدك لما ينفعك، وحذرك مما يضرك، فلا بأس، وما دمت أيها المريض استعملت الماء في الغسل، وهو لا يضرك فمن باب أولى أن لا يضرك الوضوء.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (181). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 334 229 - حكم التيمم بضرب يده على فرشة المسجد مع وجود الماء س: عندما دخلت المسجد رأيت رجلا يضرب بيديه على الأرض المفروشة حتى أخرجت الغبار، ثم مسح يديه ووجهه، ودخل في الصلاة. السؤال: هل تجوز وتصح صلاة هذا على هذه الطريقة، مع أن المياه قريبة من المسجد، ولم أر عليه أي أثر يمنعه من الوضوء؟ وهل إذا كانت صلاته غير صحيحة يجب علي أن أخبره كي يعيدها (1)؟ ج: نعم، ليس له التيمم إذا كان يستطيع الوضوء بالماء، فالماء موجود، والصلاة باطلة حتى يتوضأ؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2)، فواجد الماء لا يجوز له التيمم، إلا إذا كان عاجزا مريضا يضره الماء، فهذا الذي رأيته تنصحه وتقول له: لا يجزئك التيمم إذا كنت صحيحا سليما لا يضرك الماء. أما لو كان يضره الماء أجزأه التيمم من الفرش التي فيها غبار، ولكن كونه يتيمم من التراب في رحبة المسجد، أو غيرها من المواضع التي فيها التراب الطاهر يكون أولى من غبار الفراش؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وجعلت تربتها لنا   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (199). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 335 طهورا إذا لم نجد الماء (1)» فكونه يتيمم من التربة نفسها أولى من الغبار الذي في الفراش، والغبار يجزئ كما نص عليه أهل العلم؛ لأنه كونه يتيمم من التراب الموجود الطاهر يكون أكمل وأوفق للسنة، أما إذا كان الرجل عنده مانع من الوضوء؛ لأن به مرضا يمنعه من استعمال الماء، ويضره استعمال الماء فإن التيمم يجزئه، والحمد لله.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (522). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 336 230 - حكم التيمم بتراب مستعمل في التيمم س: حديثه التالي يقول: سمعنا أنه لا يجوز التيمم بتراب قد استعمل، فما الحكم للمرضى الذين يتيممون بالتراب عدة مرات؟ وهل النهي للكراهة أم لا (1)؟ ج: المراد: لا تيمم بالتراب المستعمل، أو بالماء المستعمل لا يتوضأ به. مرادهم: التراب الذي يتساقط من يد الإنسان، أما التراب الذي في الإناء هذا ما يسمى مستعملا؛ لأن المستعمل التراب الذي أخذته اليدان، أما الباقي في الإناء من الماء فليس هو مستعملا، فلا ينبغي أن يشكل هذا، فالتراب الذي في الصحن أو في الكيسة لا يكون مستعملا، المستعمل هو التراب الذي أخذه المتيمم في يده ثم تساقط، هذا هو المستعمل الذي علق في يديه، مثل الماء الذي علق في اليدين   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (19). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 336 وتقاطر في إناء آخر هذا هو المستعمل، والمشهور عند العلماء أنه لا يستعمل، وقال بعضهم: يجوز أن يستعمل أيضا حتى ولو أنه سقط من اليدين إذا كان نظيفا ما أصابته النجاسة فهو طهور، وقال قوم: إنه طاهر، وليس بطهور، فلا يستعمل. وليس هناك حجة واضحة على منع استعماله، ولكن تركه من باب الحيطة حسن، أما التراب الذي يبقى في الإناء هذا ما هو مستعمل، وهكذا الماء الذي في الإناء بعدما توضأ منه الإنسان ما هو مستعمل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 337 س: عندما أصلي بالتيمم هل أعمل الباقيات الصالحات؛ من تسبيح وتهليل وتكبير (1)؟ ج: نعم، تعمل ما تعمله للوضوء، مثل ما تعمل للوضوء تعمل للتيمم: التهليل والتسبيح والتكبير، والصلاة الراتبة إذا كنت مقيما أكثر من أربعة أيام ولا تيمم: تصلي الرواتب، تصلي بالتيمم الضحى، وتسبح وتهلل، تأتي بكل مشروع، والحمد لله.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (56). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 337 س: الأخ: ع. م. ي. م. من السودان، يقول: إذا حضرت تشييع جنازة في منطقة يتعذر فيها وجود الماء فهل يجوز لي التيمم (1)؟ ج: هذا فيه إجمال، إذا كنت في البرية ولا عندك ماء فلا بأس أن تصلي بالتيمم، أما إذا كنت في البلد ولكن المنطقة ليس فيها ماء فليس لك أن تتيمم، بل تذهب إلى المكان الآخر وتتوضأ، فإن أمكن أن تصلي على الجنازة فالحمد لله، وإلا فلا حرج عليك، وليس لك أن تتيمم من أجل عدم قرب الماء منك، بل لا بد من الماء؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (2)، وأنت واجد الماء في القرية وفي البلد، لكنك في محل ليس فيه ماء، مثلا قرب البلد، في محل قريب من البلد، أو في بيت ليس فيه ماء، ولكن لو ذهبت إلى الآبار القريبة وجدت الماء، أو إلى البيوت القريبة وجدت الماء، فليس لك أن تصلي بالتيمم إلا عند عدم الماء، كالذين في البرية، أو في مكان بعيد عن البلد، ويشق عليه الذهاب إلى محل الماء، فيتيمم ويصلي مثل المسافر الذي قدم من سفره، وصلى قرب البلد بالتيمم؛ لأنه ما عنده ماء، وجب أن يصلي الصلاة في وقتها، أو في أول وقتها لا بأس، أما أنت تصلي في البلد بالتيمم لا لمجرد عدم قرب الماء منك في وقت تشييع الجنازة.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (179). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 338 231 - بيان المسافة التي تبيح التيمم س: كم هي المسافة التي تقدرونها لكي يباح للإنسان التيمم (1)؟ ج: ليس فيه مسافة معينة، إنما هو المشقة وعدم تيسر ذلك، في وقت قريب مثل فوات أول الوقت للفريضة، فلا حرج في ذلك، وإن صلاها في آخر الوقت بالماء فلا حرج أيضا، المقصود إذا كان يفوت أول الوقت، مثلا: بينه وبين البلد كيلوان أو ثلاثة، وهو ليس هو في السيارة، بل يمشي، وقد يفوته غالب الوقت أو معظم الوقت، يعني نصف الوقت، فكونه يصلي في أول الوقت بالتيمم أفضل مبادرة إلى الصلاة، أما إذا كان في السيارات فالأمر فيها واسع؛ لأنه لا يشق الأربعة الكيلو والخمسة الكيلو والعشرة الكيلو، في الإمكان إنهاؤها والوصول إلى الماء بسهولة، الحاصل إذا كان التأخير يفوت عليه أول الوقت، وله حكم السفر فلا بأس أن يصلي بالتيمم، أو خرج في نزهة وبعد عن البلد، وأنه لو رجع لفاته مثلا أول الوقت فيصلي بالتيمم كذلك؛ استدراكا واغتناما للوقت الذي هو وقت الفضيلة، وإن أخر – ولو فاته أول الوقت من أجل الماء – فلا بأس.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (179). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 339 232 - حكم التيمم في الأماكن التي يندر فيها الماء س: بعض الأماكن تكون نادرة المياه إلا ما يكفي للشرب، خاصة في المواقع العسكرية النائية، وقد يحتاج الأمر إلى الاغتسال أحيانا، فهل يكفي التيمم في هذه الحالة (1)؟ ج: إذا كان في مكان ليس فيه ماء، كالمسافر والسجين الذي لا يعطى ماء فإنه يكفيه التيمم {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، يضرب التراب بيديه، ويمسح بهما وجهه وكفيه عن الجنابة، وعن الحدث الأصغر، أما إذا كان يستطيع الماء بالطلب، أو بالشراء المعتاد، أو بالذهاب إليه في الوقت فإنه يتوضأ ولا يتيمم، لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (3)، والرسول صلى الله عليه وسلم قال في التيمم: «إذا لم يجد الماء (4)» فالمقصود أنه إذا وجد الماء في السفر، أو في الحضر وجب عليه الغسل والوضوء ولو بالشراء الذي ليس فيه إجحاف، أما إذا عجز عن ذلك فإنه يتيمم؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (5)، ويقول جل وعلا: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (6).   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (168). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة المائدة الآية 6 (4) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). (5) سورة التغابن الآية 16 (6) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 340 س: الأخ: س. س. ش. يسأل ويقول: نحن عرب بادية، وفي بعض الأحيان نفقد الماء، ولا نجد ما نغتسل به، فكيف نصلي؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الله يقول سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2)، فإذا كنتم في البادية أو في الأسفار ولم تحصلوا على الماء صلوا بالتيمم؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (3)، وقال عليه الصلاة والسلام: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (4)» فالمسلم متى جاء وقت الصلاة وليس عنده ماء إلا ماء يسيرا لشرابه أو لطعامه، أو لشرابه وشراب بهائمه فإنه يصلي بالتيمم، والتيمم ضربة واحدة؛ يضرب بيديه الأرض، ثم يمسح بيديه وجهه وكفيه، هذا هو التيمم، ضربة واحدة يضرب بها الأرض، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، هذه الضربة تقوم مقام الماء، حتى يجد الماء.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (231). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سورة المائدة الآية 6 (4) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 341 233 - حكم التيمم مع وجود ماء للشرب فقط س: السائل يقول: أنا راعي غنم، ومعظم وقتي أقضيه في الصحراء، حيث يندر المطر صيفا، ويشتد البرد شتاء، وقد أحتاج إلى الغسل، فهل يصح لي التيمم مع وجود الماء الذي هو للشرب فقط؟ ج: الله سبحانه يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (1)، الآية فإذا كان الماء الذي لديك قليلا، لا يكفي إلا للشرب، وليس بقربك ماء تستطيع الذهاب إليه وتتوضأ منه فلا حرج في التيمم؛ لأن الماء القليل وجوده كالعدم؛ لأنك في حاجة إليه، أما إذا كان في الإمكان الذهاب إلى الماء لقربه منك فإنك تذهب إليه وتتوضأ، ولا تتيمم؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (2)، وإذا كنت تجد الماء حولك أو أنت حول قرية تستطيع الذهاب إليها، أو إلى ماء من ماء المطر، أو غير هذا من المياه التي تستطيع الحصول عليها قريبا منك فعليك أن تتوضأ، وأما إذا لم تستطع {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3)، لا حرج عليك في التيمم، بل يجب عليك التيمم وأن تصلي، لأنك فاقد للماء.   (1) سورة المائدة الآية 6 (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 342 234 - حكم التيمم خوفا من البرد الأخ: م. ع، من السودان، يقول: إذا كان الماء موجودا هل يجوز أن يتيمم الإنسان مع ذلك خوفا من البرد (1)؟ ج: إذا كان الماء موجودا فليس للمسلم أن يتيمم، بل عليه أن يستعمل الماء؛ لقوله الله عز وجل: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (2)، وفي الحديث الصحيح: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا إذا لم نجد الماء (3)» لكن إذا كان البرد شديدا يخشى على نفسه منه، وليس هناك ما يسخنه به فله عذر؛ لأن الله يقول: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (4)، ويقول عز وجل: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (5)، فإذا كان الماء باردا وليس هناك ما يدفئه به فإنه لا يلزمه الغسل بالماء؛ لما فيه من الخطر، وله التيمم حينئذ، وقد وقع هذا لعمرو بن العاص رضي الله عنه في بعض أسفاره، أصابته جنابة والبرد شديد، فلم يستطع أن يغتسل فتيمم، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (423). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). (4) سورة الأنعام الآية 119 (5) سورة البقرة الآية 195 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 343 س: السائل من السودان، يذكر بأنه يعمل في البرية راعيا للأغنام، والبرد في الشتاء – وخاصة في الصحراء – قارص، يقول: هل يجوز لي أن أصلي النافلة، وأقرأ من المصحف بالتيمم رغم وجود الماء معي (1)؟ ج: يلزمك أن تتوضأ بالماء، وإذا دعت الحاجة إلى تسخينه تسخنه بالنار، فإذا لم يوجد نار والماء شديد يضرك استعماله ولا تستطيع تتيمم، تصلي بالتيمم الفرض والنفل، واقرأ من المصحف، أما إذا كنت تستطيع تسخينه أو تستطيع استعماله لأن برودته لا تضرك فلا بد من استعمال الماء؛ إما بالتسخين، وإما بنفسه إذا كانت برودته لا تضرك.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (413). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 344 س: أنا عندما أكون مع الغنم يكون معي ماء يكفي لشربي فقط، وأنا بعيد من مصدر الماء، هل أتركه للشرب أم أتوضأ به (1)؟ ج: تتركه للشرب وتتيمم، والحمد لله، الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2)، والماء للشرب كالمعدوم؛ لأنك محتاج   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (256). (2) سورة النساء الآية 43 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 344 له، فهو كالمعدوم؛ لأنه خاص بحاجتك وإنقاذ نفسك، فلا يلزمك الوضوء، ولكن تتيمم – والحمد لله – حتى تجد الماء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 345 235 - حكم من صلى بالتيمم ثم وجد الماء س: رجل لم يجد الماء فتيمم ثم صلى وأكمل الصلاة، وبعد ذلك وجد الماء، هل عليه إعادة (1)؟ ج: ليس عليه إعادة، قد سئل النبي عن مثل هذا فأجاب بأن لا إعادة عليه.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (350). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 345 236 - حكم التيمم لمن لم يجد الماء وهو في البلد س: سائل يقول: إذا فقد المؤمن الماء، وذهب إلى المسجد فلم يجد به ماء، هل له أن يتيمم أم عليه أن يبحث عن الماء عند جيرانه، ويبحث عنه في حوالي كيلو متر مربع كما يقول بعض الخطباء (1)؟ ج: ما دام في البلد فعليه أن يبحث عن الماء، وليس له التيمم، بل يبحث عن الماء ويشتريه، إن تيسر بغير شراء فالحمد لله، وإلا فليبحث عنه ويشتريه ويتوضأ ويشرب، أما في الصحراء وفي الأسفار فإنه إن   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (147). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 345 كان في مظنة ماء التمس الماء، وإن كان ليس في مظنة ماء، لا حوله غدران ولا حوله آبار فإنه يتيمم، والحمد لله. أما تحديد المسافة فليس لها حد محدود ولكن تحدد عرفا، إذا كانت المسافة عرفا؛ يعني ما يشق عليه الذهاب إلى الماء ذهب إلى الماء في السفر، أما في البلد فيلزمه الشراء، ولا يتحدد بشيء؛ لأن الماء موجود، لكن هذا في السفر إذا كان يعلمه قريبا؛ لو ذهب إليه لا يشق عليه ذهب إليه وتوضأ، وإلا صلى بالتيمم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 346 237 - حكم من تيمم ثم وجد الماء قبل الصلاة س: السائل: م، من السودان، يقول: تيممت للصلاة، ولما أقيمت الصلاة وجدنا الماء قبل تكبيرة الإحرام، فهل يجوز أن نواصل الصلاة أو نرجع للوضوء (1)؟ ج: الواجب: الرجوع للوضوء؛ لأنك وجدت، والله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا} (2)، وأنت وجدت، فالواجب الرجوع للوضوء، ويبطل التيمم.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (394). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 346 238 - حكم من تيمم لإدراك الجماعة س: السائل: أ. ع. ب. من الرياض، يقول: كنت أريد أن أصلي الظهر في مسجد على الطريق من مقر عملي، فلم أجد ماء في دورة مياه المسجد، وكان البيت بعيدا عن المسجد، فخشيت أن تفوتني صلاة الجماعة، فخرجت إلى جوار المسجد، ووجدت ترابا نظيفا، فتيممت وصليت جماعة مع المسلمين، فهل ما فعلته صحيح أم علي أن أعيد الصلاة (1)؟ ج: ليس بصحيح، وعليك أن تعيد الصلاة؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (2)، وأنت واجد الماء، والحمد لله، بدل هذا المسجد تجد في مسجد آخر، اذهب إلى مسجد آخر أو إلى بيتك تتوضأ ثم تذهب إلى المسجد، وإن فاتت الصلاة صليت في بيتك، والحمد لله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3)، أما أن تتيمم لا والماء موجود، هذا لا يجوز، هذا باطل، نسأل الله العافية.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (399). (2) سورة المائدة الآية 6 (3) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 347 239 - حكم تيمم المسافر مع وجود الماء س: سائل يقول: سافر مجموعة من الناس ومعهم ماء كثير محمول فوق السيارات، وهو زائد عن حاجتهم تقريبا إلا أنهم تيمموا، فاختلفوا حينئذ: البعض قال بالجواز، والبعض الآخر يقول: لا يجوز، بل يجب أن نتوضأ من هذا الماء، ما هو رأي سماحتك (1)؟ ج: الصواب أن عليهم الوضوء، إذا كان الماء فيه فضل الصواب أن عليهم وضوءا ولا يصلون بالتيمم، أما إذا كان الماء قليلا حد شرابهم وحاجاتهم فلا بأس أن يصلوا بالتيمم، أما إذا كان الماء – كما قال السائل – كثيرا، وفيه فضل عن حاجتهم فإن الواجب أن يصلوا بالوضوء، لا بالتيمم، ومن صلى بالتيمم يعيد.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (295). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 348 240 - حكم من تيمم وصلى جاهلا بوجود الماء ثم علم بوجود الماء بعد الانتهاء من الصلاة س: ما الحكم إذا تيمم الإنسان جاهلا بوجود الماء، ثم علم بوجود الماء بعد الانتهاء من الصلاة، هل يعيد صلاته أم لا (1)؟ ج: إذا كان التمس الماء وطلبه حوله ولم يجد شيئا ثم صلى بالتيمم، ثم لما سار من مكانه وجد غديرا أو نحو ذلك فإنه لا إعادة عليه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أن رجلين أدركتهما الصلاة، فتيمما وصليا، ثم لما سارا حتى وجدا ماء بعد ذلك فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي لم يعد: أصبت السنة، وقال للآخر: لك الأجر مرتين (2)» فدل ذلك على أن الذي لم يعد هو الذي أصاب السنة؛ لأنه أدى ما عليه، وذاك احتاط فأعاد الصلاة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لك الأجر مرتين (3)» من أجل اجتهاده وحرصه، والذي أصاب السنة هو المقدم، فالحاصل أنه إذا كان اجتهد في طلب الماء، ولكن ما وجد حوله شيئا، ثم لما انتهى من صلاته وسار في طريقه وجد ماء ليس ببعيد فإنه لا شيء عليه.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (188). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المتيمم يجد الماء، برقم (338). (3) سنن أبي داود الطهارة (338)، سنن الدارمي الطهارة (744). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 349 241 - حكم التيمم مع وجود الماء لمسافة قريبة س: إذا كنت في عمل أو سفر ثم حان وقت الصلاة، ولكن بيني وبين الصلاة مسافة عشر دقائق أو ربع ساعة فهل يجوز أن أتيمم في مكان طاهر، أو أنتظر حتى أصل الماء (1)؟ ج: هذه المسافة تعتبر قريبة عرفا، فالواجب: الذهاب إلى الماء، والوضوء من الماء، والغسل إن كان هناك غسل، ولا يجوز التيمم في هذه الحال؛ لأن مسافة عشر دقائق، ربع ساعة تعتبر شيئا قريبا، وهو يعتبر في العرف ليس ببعيد، ولا عذر في ترك الوضوء، بل يلزمك سواء إن كنت في عمل، أو في سفر يلزمك أن تذهب، وأن تتوضأ الوضوء الشرعي، وإن كان عليك جنابة تغتسل وتصلي، وليس هذا يعد عذرا في التيمم؛ لأنه في العرف قريب.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (2). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 350 س: هل يجوز لنا التيمم إذا كان البحر قريبا منا؟ علما بأن الماء الذي معنا مخصص للشرب والأكل (1)؟ ج: ليس لكم التيمم، ما دام البحر قريبا توضؤوا من البحر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته (2)» البحر ماؤه طهور   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (322). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، برقم (69)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، برقم (83)، والنسائي في كتاب المياه، الوضوء بماء البحر، برقم (332). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 350 والحمد لله، ولو كان مالحا يلزمكم الوضوء والغسل للجنابة من ماء البحر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 351 س: رأيت بعض الناس وهم يتيممون بوجود الماء، فهل لهم صلاة؟ ومتى يجوز التيمم الشرعي (1)؟ ج: إذا كان المسلم يجد الماء ليس له التيمم لا في السفر، ولا في الحضر، ولا في البادية، يجب أن يتوضأ بالماء، ويغتسل بالماء من الجنابة، والمرأة كذلك من الحيض والنفاس، وإنما يجوز له التيمم عند فقد الماء، أو عند العجز عنه؛ بسبب المرض والقروح ونحو ذلك، كما قال الله عز وجل: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2)، فالمؤمن إنما يتيمم عند فقد الماء، أو عند العجز عنه؛ بسبب الأمراض والجراحات والقروح التي تمنع من استعمال الماء، وليس له أن يتيمم والماء موجود، فالذين يتيممون والماء موجود، وليس بهم علة صلاتهم غير صحيحة، ويجب تنبيههم أن هذا منكر ولا يجوز، وأن صلاتهم غير صحيحة، أما إن كان بهم علة؛ أمراض، قرر الأطباء أنها تمنع استعمال الماء فهم معذورون، والحمد لله.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (205). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 351 س: تقول السائلة: ما حكم من كان عنده ماء وهو في الخلاء، ولكنه يتيمم؟ هل صلاته باطلة؟ وهل عليه كفارة (1)؟ ج: إن كان ما عنده ماء يستطيع أن يتوضأ منه، ويزيد عن حاجة الشراب والأكل فإنه يلزمه الوضوء، ولا تصح صلاته، يلزمه القضاء ولا كفارة عليه، وعليه التوبة والاستغفار والندم، وعليه عدم العودة إلى مثل هذا، أما إذا كان الماء الذي عنده قليلا، فقط لحاجة الطعام والشراب فإنه لا يلزمه الوضوء، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2).   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (209). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 352 242 - حكم من لا يستطيع مس الماء لشدة البرد وعليه حدث أكبر س: من احتاج للغسل، ولكنه لم يستطع لشدة البرد، وعدم وجود وسيلة لتسخين الماء فهل يتيمم لصلاة الفجر؟ ومن فعل ذلك فما الحكم (1)؟ ج: إذا كان في محل لا يستطيع فيه تدفئة الماء، وليس هناك مكان يستكن به للغسل بالماء الدافئ، وخاف على نفسه فإنه يصلي بالتيمم   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (79). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 352 ولا حرج عليه؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (2)» وقد ثبت «أن عمرو بن العاص رضي الله عنه كان في غزوة السلاسل أصابته جنابة، وكان في ليلة باردة شديدة البرد، فلم يغتسل، بل توضأ وتيمم وصلى بالناس، وسأل النبي بعد، لما قدم من الغزوة، فقال: يا رسول الله، إني خفت على نفسي وتأولت قول الله سبحانه:، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل له شيئا (4)»، ولم يأمره بالإعادة، فدل ذلك على أنه عذر شرعي.   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) أخرجه البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288). (3) سنن أبي داود الطهارة (334)، مسند أحمد (4/ 204). (4) سورة النساء الآية 29 (3) {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} الجزء: 5 ¦ الصفحة: 353 س: هل يجوز التيمم في وقت البرد (1)؟ ج: إذا وقع البرد وأنت في مكان لا حيلة لك في ماء دافئ، كالذي في الصحراء وليس عنده ما يسخن به الماء، ويخشى المضرة عليه من استعمال الماء فإنه يتيمم، والحمد لله، مثل ما تيمم عمرو بن العاص في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لما اشتد البرد خاف على نفسه، تيمم، وأقره   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (218). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 353 النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا تيسر للإنسان ما يسخن به الماء، أو محل فيه ركن يستطيع أن يغتسل فيه فإنه يتوضأ بالماء المسخن، ويغتسل به، أما إذا كان في مكان يخشى على نفسه من الخطر؛ لكونه في مكان بارد ظاهر للبرد، لا حيلة له في الركن ولا في الماء المسخن فالله جل وعلا يقول: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (1)، ويقول سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (2)، ويقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3).   (1) سورة البقرة الآية 195 (2) سورة النساء الآية 29 (3) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 354 س: غالبا ما يكون مني في وقت البرد أنني أتوضأ لصلاة الظهر والعصر، أما بقية الفروض فأتيمم تيمما خوفا من البرد هل علي إثم في ذلك أم لا (1)؟ ج: لا يجوز هذا، الواجب أن تصلي بالوضوء، ولا تتيمم لأجل البرد، وعليك أن تسخن الماء وتصلي بالوضوء، ولا يجوز لك أن تتيمم والماء موجود والقدرة موجودة على تسخينه، نسأل الله السلامة.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (336). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 354 س: يسأل هندي من دير الزور بسوريا، ويقول: أنا مصاب في يدي اليمنى، وعند الوضوء لصلاة الفجر أشعر بألم شديد من الماء البارد، فهل يجوز لي التيمم؟ أو كيف توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: عليك أن تسخن الماء حتى يكون دافئا، تسخنه والحمد لله، أو تأمر من يسخنه لك حتى تستعمل ماء دافئا لا يؤذيك، ولا يجوز لك التيمم، بارك الله فيك، بل عليك أن تدفئ الماء وتستعمل الماء.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (344). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 355 243 - حكم من أمره الطبيب بألا يمس الماء س: أفيد فضيلتكم بأنني قد أصبت بمرض، وأجريت لي عملية بالمستشفى، وعند خروجي من المستشفى أفادني الدكتور المختص بأنه يجب علي عدم الغسل بالماء لمدة خمسة شهور بما فيها شهر رمضان، أرجو إفادتي، هل أبقى على ما قال الدكتور خمسة أشهر، أم أغتسل واصلي وأصوم رمضان؟ وما الحكم بالنسبة للفروض التي فاتت ولم أصلها (1)؟ ج: الواجب هو الأخذ بهذا؛ لأن المرض الذي فيه عملية وجراحات قد يتأثر بالماء، فإذا أوصى الطبيب المختص بعدم استعمال   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (27). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 355 الماء فلا بأس، هذه رخصة لك في ترك الماء واستعمال التيمم ويكفي، هذا التيمم كاف، فإذا جاء وقت الصلاة يتيمم الإنسان؛ تضربين التراب بيدك، ثم تمسحين وجهك وكفيك للصلاة، ويكفي هذا، ولا تغتسلين بالماء حتى تنتهي المدة التي قررها الطبيب، أما الصوم فإن كان نهاك عن الصوم؛ قال: إنه يضرك، فلا تصومي، وتقضين بعد ذلك، وإن كان ما قال لك عن الصوم شيئا فإنك تصومين رمضان مع الناس، فالحاصل أن الطبيب معتمد في هذه المسائل، إذا كان الطبيب ثقة، وهو مختص في المسائل معروف فإنه يعمل بقوله في هذه المسألة في ترك الماء، وفي ترك الصيام؛ لأن المريض قد يضره الصوم، وقد يضره الماء، والطبيب المختص هو الذي يعرف هذه الأشياء، فإذا قرر على المريض أنه لا يستعمل الماء، أو لا يصوم فلا مانع من العمل بذلك، يعمل بذلك حفاظا على صحته، وربنا عز وجل هو أرحم الراحمين، سبحانه وتعالى، وقد رحم عباده، وأذن لهم في ما ينفعهم، وترك ما يضرهم، فجعل المريض والمسافر مفطرين، حيث شرع للمريض والمسافر الفطر حفظا لصحة المريض، وتسهيلا على المسافر؛ لأنه قد يعتريه مشقة، فالله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين، فالذي سامح المريض ورخص له في الإفطار؛ لئلا يضره الصوم كذلك هو من حيث أن يدع الماء؛ لئلا يضره الماء، والحكم في ذلك واحد، وهكذا إذا ضره الصوم بنص القرآن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 356 أما الحكم في الفروض التي فاتت من المدة التي ذكرت فإن الواجب على السائلة أن تصلي دائما؛ لأن منع الماء لا يمنع الصلاة، فإذا كانت ضيعت بعض الفروض فعليها قضاؤها؛ لأن الماء إذا لم يتيسر يصلي المسلم بالتيمم؛ يضرب التراب ويمسح وجهه وكفيه بنية الطهارة من الأحداث الصغرى والكبرى ويصلي، وهو ليس له عذر في ترك الصلاة بسبب عدم الماء، الحمد لله، الماء له بدل، والبدل هو التيمم، كما قال جل وعلا: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (1)، فالمسلم إذا عجز عن الماء يتيمم بالصعيد الطيب ويصلي، هذا هو الواجب على المريض، وفاقد الماء يكفيه التيمم، فيتيمم ويصلي ما أوجب الله عليه، فإذا كنت أيتها السائلة قد فرطت في شيء من الصلوات فعليك أن تصلي ما فرطت فيه جميع الأوقات التي تركت، فعليك أن تصليها جميعا؛ أن تقضيها.   (1) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 357 244 - بيان الواجب على المريض العاجز عن استعمال الماء والتيمم س: كان لي والد مريض، وكان عاجزا عن استعمال الماء وعن التيمم، ولم يصل فترة مرضه، وهي خمسة عشر يوما، ولما شفي من مرضه قضى الصلوات تلك؛ كل فرض مع ما يقابله من الفروض، فما هو رأيكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: أولا: هو غلطان، الواجب عليه أن يفعل المستطاع، إن استطاع الماء توضأ، وإلا تيمم، وإن عجز يممه غيره: أخوه، أو زوجته، أو غير ذلك، يضرب التراب بيديه ويمسح به وجهه وكفيه بالنية عنه، يأمره وهو ينوي، المريض ينوي والوكيل يضرب التراب بيديه، ويمسح بهما وجهه وكفيه إذا كان عاجزا، أما أنه يصلي بدون تيمم، أو بدون وضوء هذا ما يجوز، وكونه يترك الصلاة لا يجوز أيضا، كل ذلك غلط منه، فإذا كان تركه لها لهذه العلة؛ يظن أنه معذور بعجزه عن التيمم هذا عليه القضاء، ويقضي حالا، ليس كل صلاة مع صلاة، يقضيها جميعا في وقت واحد، ولو في ضحوة واحدة يسردها، أما قول العامة: كل صلاة مع صلاة، هذا لا أصل له، الذي عليه الصلوات يسردها سردا، الضحى أو الظهر، الحمد لله، أو في الليل حسب طاقته، وليس لأحد أن يؤخر الصلاة لأجل أنه ما عنده ماء، ولا لمدة   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (232). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 358 التيمم، بل يلزمه الوضوء، فإن لم يتيسر الماء تيمم، يحضر له التراب الطيب، ويضرب به يديه ويمسح وجهه وكفيه، فإن عجز؛ لم يستطع الحركة كالمريض فالخادم الذي عنده الثقة، أو أبوه، أو أمه ييممونه، يأمرهم بأن ييمموه وينوي هو بقلبه التيمم، ويضرب التراب ويمسح وجهه وكفيه بالنية بالنيابة عنه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 359 س: أنا فتاة أصبت بحادث سيارة منذ أربع سنوات، تسبب لي هذا الحادث في شلل كامل، ما عدا الذراعين فهما سليمتان، والحمد لله، بعد إصابتي بهذا الحادث كنت أصلي بدون تيمم ولا وضوء، وسمعت من بعض الأخوات أنه يجب علي أن أتيمم وأستعين في ذلك بخادمة، أو أي أحد يقوم بالضرب على التراب مرة واحدة، ثم أمسح على وجهي وكفي، مع العلم أنه بعد التيمم لا أدري هل ظهر أثر التراب على مناطق التيمم أو لا؟ ثم إنه عندما أشرع في الصلاة في بعض الأوقات لا أضبط نفسي بحكم الشلل، وقد ينتقض وضوئي، أرجو من سماحتكم توجيهي، جزاكم الله خيرا، وكما أرجو من سماحتكم الدعوات الطيبة، لعل الله أن ينفع بها (1) ج: نسأل الله لك الشفاء والعافية، نسأل الله أن يمنحك الشفاء   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (262). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 359 والعافية، ويجمع لك بين الأجر والعافية، متى فعلت التيمم كفى ولو ما ظهرت آثار التراب عليك حين ضربت التراب بيديك، أو من ينوب عنك وضرب التراب بأمرك وبنيتك، ومسح على وجهك وعلى كفيك، كفى ذلك – والحمد لله – وإن لم تعلمي ظهور آثار التراب، المهم أن يضرب التراب النائب عنك أو أنت بنفسك، ثم تمسحين أنت أو النائب وجهك والكفين بنية الطهارة والحمد لله، وأما ما يتعلق بخروج الحدث في الصلاة فهذا فيه تفصيل؛ إن كان الحدث دائما معك في كل وقت فلا يضرك خروجه في الوقت ما بعد الطهارة، أما إن كان ليس بدائم فإنه متى خرج تبطل الصلاة، وعليك أن تعيدي التيمم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 360 245 - حكم استماع القرآن على غير طهارة للمريض العاجز س: تقول: بما أن هذا حالي فإنني لا أستطيع الحركة، وكذلك الخروج من البيت، وأقضي وقتي كاملا في المنزل، فبماذا تنصحونني والحال ما ذكر، هل أسمع القرآن الكريم وإن كنت على غير طهارة (1)؟ ج: نعم، ننصحك بالإكثار من ذكر الله، وقراءة ما تحفظين من القرآن، وسماع القرآن من المذياع وإن كنت على غير طهارة؛ لأن   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (262). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 360 الطهارة ليست شرطا في سماع الذكر والقرآن، وإنما هي شرط في لمس المصحف، والقراءة من المصحف، أما السماع فالإنسان يستمع للقرآن ولو كان جنبا ولو كانت المرأة حائضا، يستمع القرآن ويستفيد، لكن لا يمس المصحف إلا وهو على طهارة من الحدثين جميعا، أما كونه يقرأ على ظهر قلب فلا بأس أن يقرأ وإن كان على غير طهارة من جهة الحدث الأصغر، والحيض كذلك، الحائض والنفساء لهما قراءة عن ظهر قلب، لأن المدة ربما تطول، أما الجنب فلا، ليس له أن يقرأ حتى يغتسل، ولا يمس المصحف ولا يقرأ أيضا حتى يغتسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمنعه شيء عن القرآن إلا الجنابة، وقال في قراءة الجنب: «أما الجنب فلا، ولا آية (1)» يعني حتى يغتسل، ونوصيك بالإكثار من ذكر لله؛ كالتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار، وقراءة ما تيسر معك من القرآن، ولو الفاتحة ترددينها مع ما تيسر معك، ولك بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وهذا خير عظيم. وتركزين على سماع القرآن الكريم، والله يقول – سبحانه – في كتابه العظيم: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (2)، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على أصحابه القرآن وهم ينصتون ويستمعون ويستفيدون، والمستمع شريك القارئ في الأجر إذا أراد ذلك وقصد ذلك، والقارئ   (1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872). (2) سورة الأعراف الآية 204 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 361 له بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، والمستمع نرجو له ذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 362 246 - حكم المريض الذي يتألم من استعمال الماء س: منذ كان عمري اثني عشر عاما وأنا أصوم وأصلي الفروض الواجبة علي، وبعد خمس وعشرين سنة وقعت في المرض، والآن أشعركم بأنني أتألم كثيرا من الماء وأقوم بالتيمم، وحين ما يأتي إلي المرض أنقطع عن الصلاة، وجهوني تجاه هذه القضية، وجزاكم الله خيرا (1) ج: شفاك الله وعافاك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية من كل سوء، وأن يصلح قلبك ودينك، وأن يعيذنا وإياك من كل سوء، وإذا كنت يضرك الماء لا مانع من التيمم، والله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، والذي يضره الماء حكمه حكم من لم يجد الماء؛ يتيمم، والحمد لله، يضرب التراب بيديه ويمسح وجهه وكفيه بذلك، ويكتفي بهذا عن الماء، أما الصلاة فعليك أن تصلي على حسب طاقتك؛ إن استطعت قائمة صليت قائمة، وإن استطعت قاعدة صليت   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (224). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 362 قاعدة بدلا من القيام إذا عجزت عن القيام، فإن لم تستطيعي القيام ولا القعود فعليك أن تصلي على جنب، والأفضل على الجنب الأيمن إذا تيسر ذلك، فإن عجزت فصلي مستلقية ورجلاك للقبلة، ولا يجوز ترك الصلاة أبدا، بل عليك أن تصلي على أحد هذه الصفات حسب الطاقة ما دام العقل موجودا، هكذا أجاب النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله بعض المرضى، قال له: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1)» هكذا رواه البخاري في الصحيح بدون ذكر الاستلقاء، وزاد النسائي بإسناد جيد ذكر الاستلقاء على الظهر، فالحاصل أن هذا هو الواجب على كل مريض؛ أن يصلي على حسب طاقته ما دام العقل موجودا، أما إذا زال العقل سقط التكليف؛ كالمجانين وأشباههم، نسأل الله لك الشفاء والعافية، وأن يمن عليك بالصحة التي تعينك على طاعة الله كما شرع سبحانه وتعالى.   (1) أخرجه البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 363 س: أنا: ع. ح. ر، المقيم بمنطقة حائل، أرجو الرد منك على سؤالي: أنا مصاب بكسر في أسفل الظهر، وعن هذا نتج العجز الكلي؛ لأنه مضى على الإصابة حتى الآن ثلاثون عاما، ومع كل سنة يزيد العجز، ومع هذا فأنا مصاب بأمراض نفسية، فإذا جلست مدة لا تتجاوز ربع ساعة يخدر الجزء الأسفل ككل، ومن ضمنها الأرجل، فلا أستطيع السير إلا بعكازين، وينتج مع هذا توتر في الأعصاب ونزول العرق بغزارة من الأرجل، مما يزيد حالتي النفسية تعبا، ومع هذا فأنا لا أستطيع الصلاة أداء مع الجماعة في المسجد، فأصلي في البيت، مع العلم بأنني ساكن في قرية، لا يوجد في البيت المقام به سخان كهربائي للماء، فهل يجوز لي أن أتيمم والحال كما ذكرت لكم؟ أرجو أن تتفضلوا بتوجيهي وإرشادي، جزاكم الله خيرا (1) ج: نسأل الله للسائل الشفاء والعافية من كل سوء، وأن يكفر عنا وعنه السيئات، والحمد لله على كل حال، الله يقول: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (2) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (3) {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (4)،   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (147). (2) سورة البقرة الآية 155 (3) سورة البقرة الآية 156 (4) سورة البقرة الآية 157 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 364 وأنت يا أخي عليك أن تتقي الله ما استطعت، كما قال الله عز وجل {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، عليك أن تصلي بالماء، وأن تصلي حسب طاقتك؛ قائما أو قاعدا، إن استطعت القيام ولو بعكازة صليت قائما، وإن لم تستطع ذلك صليت جالسا، وليس عليك الذهاب إلى المسجد إذا كنت تعجز عن ذلك، كما ذكرت في سؤالك. أما ما يتعلق بالماء فالواجب الوضوء بالماء، فإذا عجزت عن ذلك لشدة البرد وعدم وجود ما تسخن به فهذا عذر شرعي لاستعمال التيمم، لكن من كان في قرية فهو لا يعجز في الحقيقة عن التسخين، ولو بغير الكهرباء يسخن بالحطب، بالفحم، بغير ذلك، فأنت ما دمت في قرية الواجب عليك أن تسخن الماء إذا شق عليك من جهة البرودة، يسخن بالطرق الأخرى؛ بالنار التي تستعمل في الحطب والفحم، وغير ذلك مما يوقد به النار، وليس لك عذر في التيمم مع وجود ما تسخن به الماء، أما لو كنت في صحراء في السفر ولم تستطع تسخين الماء فهذا عذر من عجز عن الماء لبرودته وشدة الشتاء، فإنه يتيمم، لكن أهل القرى والمدن في استطاعتهم تسخين الماء بأي وجه من الوجوه.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 365 247 - بيان الواجب على المريض والمسن تجاه الطهارة والصلاة س: تقول السائلة: لي جدة كبيرة في السن، لا تستطيع الوضوء بحجة الرطوبة في رجليها، وتترك الصلاة بحجة عدم الوضوء، رغم أننا بينا لها التيمم وكيفيته، أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب على المريض وعلى كبير السن مثل الواجب على غيرهما مع الاستطاعة، فعليهما الاستنجاء أو الاستجمار عما يخرج من السبيلين، وعليهما الوضوء الشرعي، وعليهما الغسل إذا حصل جنابة، كل هذا معروف في الشرع المطهر، ومن عجز عن الوضوء لمرض يمنعه من ذلك، أو عجز يمنعه من ذلك، وتيسر من يوضئه وجب ذلك، وإن تعسر هذا وهذا تيمم؛ بأن يقرب له التراب في إناء، يضرب التراب بيديه، ويمسح بهما وجهه وكفيه بنية الغسل من الجنابة، والحدث الأصغر، أما ما يتعلق بالسبيلين يكفي أن يمسحهما بالمناديل أو نحو ذلك حتى ينقيهما، ولا يلزم الماء، إن استنجى بالماء فالحمد لله، وإن لم يستنج بالماء كفاه أن يستنجي بالحجارة، باللبن، والخرق حتى ينقي المحل بمسحات ثلاث أو أكثر، لا بد من ثلاث مسحات أو أكثر، حتى ينقي المحل من الأذى ومن الغائط والبول، وإذا فعل ذلك يتوضأ للصلاة بعد ذلك، يتمضمض. . . . . . . . إلى آخره.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (145). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 366 248 - بيان طهارة المريض الذي لا يتحكم في الخارج منه س: أنا شاب أبلغ من العمر السادسة والعشرين، حصل لي حادث منذ ثلاث سنوات، ومن بعدها لم أستطع أن أتحكم بالخروج، مع ذلك حصل لي أيضا شلل نسبي، هل يجوز لي أن أقرأ القرآن وأصلي بالتيمم؟ وهل يصلح التيمم على جدار المنزل (1)؟ ج: هذا سؤال مجمل، فإذا كان مراد السائل: أنه لا يستمسك البول فإنه يصلي على حسب حاله، فإذا صار لا يستمسك بوله بل إنه يخرج فإنه يستنجي إذا دخل الوقت، يتوضأ إذا دخل الوقت مثل المستحاضة، إذا دخل الوقت استنجى وتوضأ وضوء الصلاء، ثم صلى ولو خرج شيء، فإن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، لكن يتحفظ؛ بأن يعصب على ذكره شيئا حتى يخفف عنه النجاسة، كالمستحاضة تجعل قطنا على فرجها؛ شيئا يسد الدم في وقت الاستحاضة، وهو الدم الذي يجيء معها دائما غير دم الحيض، فهذا هو حكم المستحاضة وأشباهها، الواجب عليهم أنهم يستعملون ما يخفف الخارج من قطن ونحوه، ويتوضأ الواحد منهم إذا دخل الوقت،   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (100). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 367 يستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يصلي على حسب حاله، وإذا كان معه ما يمنع الوضوء لأن معه مرضا يشق معه الماء فإنه يتيمم؛ يضرب التراب بيديه، أو الجدار الذي فيه تراب يضرب التراب، ويمسح به وجهه وكفيه إذا كان يوجد على الجدار لبن، إذا حكه وفيه غبار ضربه، وإلا ضرب الأرض، هذا إذا عجز عن الماء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 368 باب إزالة النجاسة 249 - حكم النجاسة في الثوب التي لا يعرف مكانها س: إذا سقط في ثوب إنسان نجاسة، وهو لا يدري مكان النجاسة فماذا يفعل (1)؟ ج: إذا يمكن التحري تحرى، فإن كان لا يدري ولا يغلب على ظنه شيء فإنه يغسله كله، يلزمه غسله كله، أما إذا تحرى النجاسة في محل معين منه فإنه يغسل المحل المعين الذي تحراه؛ في طرفه الأسفل، في كمه، في أي محل يتحراه، ويكفي هذا.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (14). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 369 250 - حكم وضع الثياب النجسة مع غيرها في الغسالة س: السائلة: م. ط. ع. من المدينة المنورة، تقول: هل يجوز أن نضع الثياب التي يوجد بها نجاسة مع الثياب الأخرى التي لا يوجد بها نجاسة، وذلك في الغسالة معا (1)؟ ج: إذا كان الغسل يحصل به المطلوب فلا بأس، إذا كان الغسل يحصل به المطلوب؛ وهو تنظيف الجميع فلا بأس؛ لأنه يطهر هذه وهذه، ويطهر النجاسة وينظف السليمة، والغسل يزيل ما فيها من النجاسة مع وجود التنظيف، فلا يضر ذلك، إذا كان غسلا تحصل به إزالة النجاسة، يعني: يعصر الثوب ثم يغسل ثم يعصر، حتى يغلب على الظن أن النجاسة زالت فلا بأس، وإذا غسلت هذه وحدها وهذه وحدها هذا أحسن وأسلم، تغسل النجسة وحدها والطاهرة وحدها أسلم، ولكن إذا غسلت جميعا وعمل ما يلزم من جهة غلبة الظن أن أثر النجاسة زال كفى، والحمد لله.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (392). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 370 س: كيف تنصحون من وقع على بعض ملابسه نجاسة، والبعض الآخر لم يقع عليه شيء؟ هل يغسلهما جميعا؟ أم يغسل كل جزء على حده (1)؟ ج: يغسل موضع النجاسة، فقط، إذا أصاب ثوبه نجاسة غسل موضعها، مثل قطرة بول على طرف ثوبه غسل ما أصابه، أو قطرة دم أصاب المرأة من حيضها أو غيره تغسل محل القطرة، وباقي الثوب طاهر، المقصود أنه يغسل ما أصاب الثوب من بول أو غيره من النجاسة، وباقي الثوب طاهر ليس فيه شيء، ولو غسل النجس مع غير النجس فلا حرج، لكن لا يكون للوسواس، إذا كان من طريق الوسوسة لا، أما إذا كان من باب النظافة، يعني: وسخ، وأراد أن يغسله كله فلا بأس، أما التكلف والوساوس كما يفعل بعض الناس، فيغسل الثوب كله من أجل الوسوسة لا، ما ينبغي هذا، يغسل ما أصاب الثوب فقط.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (133). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 371 251 - حكم الملابس المبلولة إذا لامست شيئا نجسا س: إذا كانت ملابس الشخص مبللة بالماء – أو بدنه – ولامس ما هو نجس – أو يشك في نجاسته – هل يؤثر ذلك على طهارة البدن أو الملابس خاصة (1)؟ ج: إذا لمس بيده وهي رطبة ما يشك في نجاسته ما عليه شيء، الأصل الطهارة، أما إن لمس شيئا رطبا نجسا، أو يده رطبة بها ماء ولمس النجس فإنه يغسل يده فقط، والباقي لا يضر، ولا يلمس باقي جسده بالنجاسة، فإن لمس شيئا من جسده بالنجاسة غسل ما أصابه؛ ما لمسه فقط من بدنه، ولا ينبغي له الوسوسة، ينبغي له أن يتقيد بما حصل له، النجاسة فقط في يده يغسلها، لمس طرف ثوبه يغسل أطراف ثوبه، لمس رجله برطوبة النجاسة يغسل طرف رجله، وهكذا.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (270). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 372 252 - حكم نجاسة الثياب التي أصابها المني س: إذا وضعت الملابس التي احتلمت فيها وفيها المني، ووضعتها في صحن كبير، أو في الغسالة للغسيل، وأثناء عملية الغسل تقع علي وعلى ثيابي بعض القطرات من هذا الماء فهل أتنجس أنا وثيابي؟ وهل غسله واحدة تكفي؟ وما مقدار القلتين (1)؟ ج: اعلم يا أخي أن المني طاهر وليس بنجس، فإذا وضعت الثوب الذي فيه المني في صحن كبير أو في غيره، ونالك من غسله رشاش لا يضرك، وليس بنجس، المني هو أصل الإنسان، وهو طاهر، وكانت عائشة رضي الله عنها ربما حكته من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم من دون غسل، ولو كان نجسا لاحتاج إلى غسل، المقصود أن الصحيح أنه طاهر فقط وليس بنجس، فلا يضر ما يقع من رشاش في غسله، وكذلك الماء الذي لا تعرف نجاسته الأصل فيه الطهارة، هذا هو الأصل لجميع المياه؛ الطهارة، إلا ما عرفت نجاسته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء (2)» والقلتان فسرت القلتان: بأنهما خمس قرب   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (16). (2) أخرجه الترمذي أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء، برقم (66)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة، برقم (67)، والنسائي في المجتبى كتاب المياه، برقم (325). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 373 تقريبا، وقيل: إن القلتين كل واحدة بقدر ما يقله الرجل المعتدل الخلقة، فهما قريب من خمس قرب تقريبا، هذا معنى ما قاله أهل العلم في القلتين، واختلف العلماء هل القلتان وما يقاربهما ينجسان بمجرد الملاقاة، أم لا بد من التغير؟ والصواب: أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، هذا الذي عليه المحققون من أهل العلم، لا ينجس الماء إلا بالتغير، إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة يتنجس، وإلا فلا ينجس بمجرد الملاقاة للنجاسة القليلة التي لا تؤثر فيه شيئا ولو كان أقل من القلتين، اللهم إلا إذا ما كان قليلا عرفا، كالذي يقع في الأواني المعتادة، هذا ينبغي أن يراق إذا وقع فيه نجاسة ولو لم تغيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يراق ما ولغ فيه الكلب من الأواني، فهذا وأمثاله يدل على أن الإناء المعتاد إذا وقع فيه نجاسة قليلة لا تغير لونه ولا ريحه ولا طعمه، إنه يراق كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب؛ لأنه في الغالب يتأثر بما وقع فيه، وإن لم يظهر فيه أثر التغير بالريح أو اللون أو الطعم، لكن في الغالب أن الإناء الصغير يتغير، أما ما كان كبيرا كما يقارب القلتين أو قريب من ذلك هذا لا ينجس إلا بالتغير، لكن إذا ترك ذلك من باب الاحتياط إذا كان عنده مياه نقيه استغنى عن ذلك، وترك استعمال ما وقع فيه نجاسة لم تغيره وهو أقل من القلتين، هذا من باب الاحتياط ومن باب الورع، من باب: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. فالحاصل من هذا أن القلتين وهما خمس قرب تقريبا عند جمع من أهل العلم لا تنجس إلا بالتغير، وما كان أقل من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 374 القلتين ينجس بالملاقاة عند جمع من أهل العلم، والصواب أن الجميع لا ينجس إلا بالتغير؛ بالطعم أو اللون أو الريح، إذا لم يتغير فهو باق على طهوريته، اللهم إلا الشيء القليل الذي يكون في الأواني، فهذا إذا وقع فيه نجاسة وهي لم تغيره فالأولى إراقته؛ عملا بالحديث الصحيح الذي فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب، وقد خرجه مسلم في الصحيح (1)   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 375 253 - حكم من يصيبه رشاش من غسل الملابس النجسة س: عندما أغسل بعض الثياب التي بها نجاسة في وعاء مليء بالماء أثناء الدعك تتناثر المياه على ثيابي، وليست أدري هل ذلك ينجسها أم لا (1)؟ ج: إذا كانت المياه المتناثرة حال وجود النجاسة فإنها تغسل ثيابها منها، أما إذا كان تناثر هذه المياه بعد طهارة الثياب فلا يضره، أما إذا كان هذا التناثر من المياه على ثيابها وقت وجود النجاسة قبل أن تزول فإنها تغسل ما أصابها.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (337). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 375 س: المستمعة: أم محمد تقول: امرأة بعد تغسيل أطفالها من النجاسة يأتيها رذاذ ماء، فهل يعتبر نجسا أم لا؟ ج: إذا كان فيه النجاسة قبل أن تطهر من النجاسة يكون نجسا، أما إذا كان قد زالت النجاسة من أبنائها يكون طاهرا، فعليها التحرز عند غسل الطفل أو ثيابه حتى لا يأتيها شيء من النجاسة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 376 254 - بيان كيفية التطهر من بول الغلام س: إذا بال طفل صغير على ملابس أبيه فهل يلزم الأب أن يغسل الثوب كله؟ أو يغسل الجزء المبتل فقط؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان الطفل يأكل الطعام، يتغذى بالطعام يغسل ما أصاب الثوب منه غسلا، ولا يغسل الثوب كله، ولكن يغسل ما أصابه البول، وهكذا بقية النجاسات يغسل محل النجاسة فقط؛ من البدن، ومن الثوب، ومن البقعة في الأرض، وما سوى ذلك طاهر، وأما إذا كان الصبي لا يأكل الطعام ولا يتغذى على الطعام، أي: يتغذى على الحليب أو اللبن أو يرضع من أمه فإنه لا يجب غسله، بل يرش مكان البول رشا، بل يمر عليه الماء فقط، ويكفي بمر الماء عليه من غير   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (328). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 376 حاجة لفرك ولا غسل، فإذا مر عليه الماء كفى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بال على ثوبه طفل لا يأكل الطعام، فأتبعه الماء ولم يغسله عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «بول الرضيع الذي لا يأكل الطعام ينضح، وبول الجارية يغسل (1)» فبول الغلام الذي لا يأكل الطعام إنما يرش وينضح محله، يتبع بالماء ويكفي.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، برقم (527). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 377 255 - حكم النجاسة إذا جفت قبل غسلها س: السائلة: أم علي تقول: نجاسة الأطفال الصغار إذا نزلت على الأرض، ثم جفت دون غسلها فهل يطهر المكان بمجرد الجفاف؟ وهل تجوز الصلاة في هذا المكان الجاف من النجاسة (1)؟ ج: لا يطهر حتى يراق عليه الماء، إذا عرف مكان النجاسة يراق عليها الماء، مثل ما أراق النبي صلى الله عليه وسلم على بول الأعرابي سجلا من ماء، فإذا عرف محل البول يراق عليه الماء من الصبي أو من غير الصبي، حتى يطهر المحل.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (389). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 377 256 - بيان كيفية طهارة السجاد إذا أصابته النجاسة س: كيف نقوم بتطهير البسط، وما يسمى بالموكيت عندما تصيبه نجاسة؟ هل يجب علينا غسله كله بأكمله، أو يكفي أن نغسل مكان النجاسة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: مثل الأراضي، يصب عليه الماء، ويكاثر بالماء ويكفي، والنبي صلى الله عليه وسلم لما بال الأعرابي في المسجد أمر أن يصب عليه دلو من ماء، وهكذا في الفرش، يصب عليها ماء أكثر من البول تكاثر ويكفي، والحمد لله، ولا داعي لغسل البساط أو الموكيت بأكمله، بل صب الماء يكفي على المحل.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (292). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 378 257 - حكم استخدام المواد الكيماوية والماء الحار في غسل الحمام مع وجود الحشرات س: السائلة: أم علي تقول: هل يجوز استخدام المواد الكيماوية والماء المغلي في الحمامات، وذلك لتنظيفها مع وجود الكائنات التي نتعوذ منها (1)؟ ج: ما أعلم بأسا في غسل الحمامات بالماء الدافئ وفيه المواد   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (389). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 378 التي تمنع الصراصير وغيرها، والأشياء المؤذية، لا مانع من ذلك، إذا كان المقصود من الأشياء المؤذية من عقارب وحيات وصراصير، أو شيء يؤذيهم لا بأس، لكن لا يكون بالنار، يكون بالمواد المزيلة، النار لا يعذب بها إلا الله، الماء الحار الذي يقتل لا، لكن يستعملون المواد التي تبيد الحشرات، لكنها ليست نارا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 379 258 - حكم تأثير القيء على طهارة الملابس س: هل القيء يؤثر على طهارة الملابس أم لا (1)؟ ج: يعفى عن قليله، وأما الكثير فينبغي فيه الغسل؛ لأن كثيرا من أهل العلم ألحقوه بالبول، فينبغي أن ينظف منه الملابس، وما أصاب البدن، أما الشيء القليل فيعفى عنه كما يعفى عن يسير الدم، ويسير الصديد، ونحو ذلك، سواء كان من الكبار أو من الصغار، الحال واحد.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (216). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 379 259 - بيان تطهير ما ولغ فيه الكلب س: يقول السائل: بالنسبة للغسل بالسبع لما ولغ فيه الكلب ما قولكم في هذا (1)؟ ج: هذا مثل ما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «يغسل سبعا إذا   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (244). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 379 كان ولغ في الإناء، يغسل سبع مرات إحداها بالتراب (1)» وهي الأولى الأفضل، يعني أولاهن بالتراب، أما إذا ولغ في مياه كثيرة، أو أوان كبيرة فإنها طاهرة، ولا تتأثر بذلك، ولا يحتاج هذا الغسل، إنما هذا في الأواني المعتادة الصغيرة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 380 260 - حكم من لمس كلبا على رطوبة س: يقول السائلة: إذا لمسنا الكلب، ثم أردنا أن نصلي فما الحكم (1)؟ ج: إن كان الكلب يابسا واليد يابسة فلا شيء، ليس على من لمسه شيء، أما إن كان الكلب رطبا، أو اليد رطبة، فليغسلها سبع مرات، وإذا جعل في ذلك ترابا يكون أحسن، كالولوغ؛ لأن الرسول أمر بالتراب في الولوغ في إحدى الغسلات السبع، فإذا لمس الكلب أو لمس لعابه أو بوله يغسله سبع مرات، ويكون فيها تراب، وإن لم يتيسر فصابون أو أشنان يقوم مقام ذلك، والتراب أولى؛ لأنه جاء به النص، ولا ينبغ أن تربى الكلاب، ولا يبنغي أن تقتنى الكلاب إلا في ثلاث: للصيد، والمزارع، وللماشية (الغنم)؛ لأنه يحميها بإذن الله من الذئاب، وينبه أهلها حتى يلاحظوها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من اقتنى   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (145). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 380 كلبا إلا كلب صيد، أو ماشية، أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان (1)» كيف يرضى المسلم أن ينقص من أجره كل يوم قيراطان لاقتناء كلب لا حاجة إليه؛ لا لماشية، ولا صيد، ولا زرع، فإذا كنت تقتنين الكلاب فأبعديها ولا تقتنيها أبدا، إلا لأحد الثلاث: للصيد، أو للمزرعة، أو للغنم (الماشية).   (1) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية، برقم (5481)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه، برقم (1574). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 381 261 - حكم نجاسة الكلب المشروع تربيته س: سمعت من أناس أن الكلب – أكرمكم الله – الكلب السلاقي ليس بنجس، فهل هذا صحيح (1)؟ ج: ليس بصحيح، كل الكلاب نجسة، كلاب الصيد وغيرها كلها نجسة، ولكن الله أباح صيدها فضلا منه وإحسانا، ولكن إذا ولغت في الإناء يغسل سبع مرات، وإذا أصابك شيء منها من بول، أو لعاب يغسل سبع مرات، وهكذا كلب الماشية وكلب الحرث وجميع الكلاب كلها نجسة، يقول الرسول: «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات (2)» فدل على أنه نجس، ويغسل منه سبع مرات   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (256). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 381 من ولوغه، لكن أباح الله صيده، وأباح الله اقتناءه لأمور ثلاثة: للصيد، وللحرث، وللماشية، للصيد: يصاد به ويعلم ما يصاد به، وللحرث: يحمي المزارع عن السراق وغيرهم بنباحه حتى ينتبه صاحب المزرعة، وهكذا الماشية عند الغنم عن الذئب، يحميها إذا سمع صوته الذئب ابتعد عنها وانتبه أهله؛ أهل الماشية حتى يدافعوا عن ماشيتهم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 382 262 - حكم اقتناء الكلاب والوعيد في ذلك س: وجدت أناسا من إخواننا المسلمين يستخدمون الكلاب العادية غير المعلمة، وذلك في مأكلهم ومشربهم، وأيضا يركب الرجل في السيارة ويضع الكلب أمامه ويداعبه بيديه، فوقفت أمامهم وقلت لهم: إن هذا الكلب لا يجوز استخدامه لما فيه من النجاسة المغلظة. فأجابوا قائلين: إنه يوم ولد هذا الكلب أخذوه وغسلوه بالصابون والماء بعدما كان نجسا، وقد أصبح اليوم طاهرا. وقد استدلوا بأصحاب الكهف وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد، كما وصفهم الله بقوله: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} (1)، فما هو الحكم في هؤلاء؟ وهل يطهر الكلب بعد نجاسته (2)؟ ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من اقتنى   (1) سورة الكهف الآية 18 (2) السؤال السابع من الشريط رقم (65). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 382 كلبا إلا كلب صيد، أو ماشية، أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان (1)» يعني من الأجر، وهذا يدل على أنه لا ينبغي اقتناء الكلب، ولا يشرع اقتناؤه، بل ظاهر الحديث منع ذلك ما دام ينقص الأجر قيراطين، هذا أمر خطير، هو يدل على كراهة ذلك أو تحريمه، ومعلوم أن المؤمن ينبغي له أن يبتعد عن كل ما ينقص أجره، فلا يقتني الكلب إلا لهذه الثلاث: إما لصيد، وإما لماشية، وإما لزرع، يكون مع الماشية يطرد عنها الذئاب، إذا سمعه أهل الماشية قاموا وطردوا الذئاب أيضا، والذئاب تهاب صوته إذا سمعته؛ لأنها تعلم أنه ينبه أهل الماشية، وهكذا الزرع؛ للتنبيه لما يرد عليها من سراق أو بهائم تعثو فيها، أو ما أشبه ذلك، وما زاد على ذلك لا يقتني الكلب فيه، هذا الذي اقتناه وصار يحمله في السيارة هذا قد غلط، وهو على خطر من نجاسته، وعلى خطر من نقص أجره الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ينقص كل يوم من أجره قيراطان، فلا ينبغي أبدا اقتناؤه لغير هذه الثلاث المصالح، التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، وتغسيله لا يطهره، ولو غسله كل يوم، نجس بالذات، مثل لو غسل الخنزير فإنه لا يطهر، فالخنزير لا يطهر، والكلب لا يطهر، فهو نجس ولو غسل بالصابون كل يوم هو نجس، فلو ولغ في الإناء وجب أن يغسل الإناء منه سبع مرات؛ إحداها بالتراب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ولغ الكلب في إناء   (1) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية، برقم (5481)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه، برقم (1574). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 383 أحدكم فليغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب (1)» المقصود أن الكلب نجس، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «طهور إناء أحدكم أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب (2)» فجعلها طهورا، فدل ذلك على أنه نجس، وأن هذا الماء إذا غسل به سبع مرات يطهر الإناء، وكذلك ما يتعلق بكلب أهل الكهف، هذا لا يدل على جواز اقتناء الكلاب، فلعلهم اقتنوه لصيد، أو لماشية عندهم، والأغلب أنهم اقتنوه للصيد، يصيدون به ما يتقوتون به، فلا حرج في ذلك إذا حبسوا عندهم الكلب وربوه وعلموه، حتى يصيدوا به، أو حتى يحمي المزرعة، أو الماشية، لا بأس بهذا كما تقدم، ولا يحمل على أنهم اقتنوه للعب، أو لحاجات أخرى. يحمل على محمل حسن؛ لأنهم أهل خير، وأهل استقامة، وأهل طاعة، ثم هذا شرع لمن قبلنا، ليس شرعا لنا؛ هؤلاء قبلنا؛ قبل بعث محمد عليه الصلاة والسلام، فلو قدر أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الكلاب لكان وجود كلبهم عندهم لا يكون شرعا لنا، لكن ما دام شرعنا أجاز الكلب للماشية والصيد والزراعة فنحمل كلبهم على أنه كان عندهم لواحدة من هذه الأشياء، والله ولي التوفيق.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 384 263 - حكم الغبار المنبعث من مكان نجس س: تقول السائلة: الغبار المنبعث في مكان نجس هل يعتبر من النجاسة (1)؟ ج: الغبار لا يضر، والدخان لا يضر، هذا مما يعفى عنه، ولا ينبغي الوسوسة في هذا.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (247). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 385 264 - حكم سؤر البهائم س: تقول السائلة: أسألكم عن سؤر البهائم، هل لنا أن نتوضأ منه أم لا (1)؟ ج: البهائم مختلفة تتنوع، منها: سؤر الإبل، والغنم، والبقر، وغيرها مما يؤكل لحمه، هذا لا بأس به، سؤر الطاهر منها من الإبل، والبقر، والغنم، والظباء، والجواميس لا بأس بها؛ لأنها طاهرة، أما سؤر الكلب فلا، بل يجب إراقته، ولا يتوضأ منه؛ لأنه نجس، وقد أمرنا بغسل الإناء منه سبع مرات، إحداهن بالتراب وهي الأولى، وأما سؤر الحمار والبغل فالصواب أنه لا حرج فيه؛ لأنه تعم به البلوى، وإن كان محرما، ولكن تعم به البلوى، وهكذا الهرة (القط) سؤرها لا   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (157). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 385 بأس به، وأما سؤر الحيوانات الأخرى كالأسود، والنمور، والذئاب فيما تمر عليه من الحيضان ومجامع الماء في البر فلا يضر ذلك، والحمد لله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 386 265 - حكم طهارة أبوال وروث ما يؤكل لحمه س: يقول السائل: نعرفكم بأننا نعمل في الصحراء رعاة للإبل، ونشك في طهرنا؛ لأننا بعض المرات نتوضأ بلا أحذية – أجلكم الله – وندوس على فضلات الإبل، وأحيانا نصلي عليها، وسمعنا من بعض الناس أن أي شيء تصل إليه الشمس فهو طاهر، فحدثونا عن الحكم الصحيح وفقكم الله (1) ج: دوس أبوال الإبل وأرواث الإبل لا يضر؛ لأن أرواثها طاهرة، وبولها طاهر، وهكذا الغنم والبقر وبقية مأكولي اللحم، فلا يضركم ما يصيب أرجلكم من ذلك، ولا ينبغي لكم الشك بلا دليل، فالأصل الطهارة، فما أصاب الأرجل مما لا تعرفون الأصل فيه الطهارة حتى تعلموا النجاسة، فإذا علمتم النجاسة فاغسلوا الرجل عما أصابها، والحمد لله، وعليكم بالحذر من الوسوسة وسوء الظن، أما الشمس فلا   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (273). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 386 تطهر الأرض، بل لا بد من صب الماء على البول، إن كان فيها بول يصب عليه الماء، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أن أعرابيا دخل المسجد – مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فبال فيه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على بوله سجلا من ماء، ولما هم الصحابة بزجره قال عليه الصلاة والسلام: لا تزرموه، ثم لما فرغ دعاه وعلمه عليه الصلاة والسلام، قال: إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا البول والقذر؛ لأنها بنيت لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن (1)» فعلمه صلى الله عليه وسلم حتى لا يعود لمثل هذا، وأمر الصحابة أن يكفوا عنه؛ لئلا ينجس نفسه، أو ينجس بقاعا كثيرة من المسجد، حتى يكمل بوله، ثم علمه صلى الله عليه وسلم وأرشده، ثم أمر بدلو من الماء أن يصب على بوله، ولم يقل: الشمس تطهره. فالحاصل أن البول وغيره من النجاسات لا تكفي الشمس في التطهير، بل إن كان بولا يصب عليه الماء، وإن كان عذرة – غائط – أو بعرا نجسا، كبعر الحمير أو البغال ينقل بعيدا عن المسجد، وإن كان له رطوبة يصب عليه الماء، محل الرطوبة، وإن كان يابسا ينقل ولا يضر المسجد، أما إن كان رطبا: عذرة رطبة، أو روثا مثل روث الحمير، أو البغال رطبا ينقل ويبعد عن المسجد، ويصب على محله الرطب شيء من الماء يكاثر به يكون طهرة له.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول إذا حصلت في المسجد، برقم (285). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 387 س: نسأل سماحتكم عن وسخ البهائم – أجلكم الله، وأجل السامعين – على الملابس، وعن (الدمن) كما يعبر عنه، وهل يؤثر ذلك على طهارة الملابس أو لا (1)؟ ج: إذا كان البعر من الحيوانات المأكولة كالإبل والبقر والغنم لا يضر، لا حرج فيه ولو أصاب الثياب، أو البدن؛ لأنه طاهر، أما إذا كان من أرواث الحيوانات التي لا تؤكل كالحمار، أو البغل أو الكلب، أو القط هذه نجسة، لا بد أن يزيلها من الثياب، ويطهر الثياب منها والبدن كذلك.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (301). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 388 س: يقول السائل: ما حكم الماء الذي شرب منه الحيوان؟ هل يجوز الوضوء منه (1)؟ ج: هذا يختلف إذا كان الحيوان من مأكول اللحم، كالإبل والبقر والغنم والطيور المباحة لا بأس، يستعمل ويشرب منه ولا حرج في ذلك، أما إذا كان الماء الذي ولغ فيه حيوان نجس كالكلب فإنه يراق إذا كان قليلا، أما إذا كان كثيرا فإنه لا يضر، وهكذا إذا كان الحيوان طاهرا في الحكم الشرعي كالهر والحمار والبغل الصحيح أنهما طاهران في الحياة؛ لأنهم من الطوافين علينا، الحمر والبغال والسنور فالصواب   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (244). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 388 أن سؤره وما يشرب منه له حكم الطهارة، وكانت الحمر والبغال تستعمل في عهده صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يتركون أسآرها، بل يستعملون أسآرها، كان النبي يركبها، يكون الحمار عاريا، ومعلوم أنه يعرق، ولو كان نجسا ما فعل ذلك، فدل على أن عرقه وسؤره وما يصدر من فمه ليس بنجس، وهكذا الهر، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها من الطوافين عليكم والطوافات (1)» أما السباع كالنمور والأسود والذئاب فإن كان قليلا أريق كالكلب، وإن كان كثيرا كالحيضان والأماكن التي فيها مياه كثيرة فإنه لا يضره شربه منه، بل يستعمله ولا يضره ذلك، أما الشيء القليل الذي في الأواني الصغيرة إذا ولغت فيه فإنه يراق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الإناء الذي ولغ فيه الكلب، قال: «أرقه (2)» هذا عند أهل العلم، في الأواني الصغيرة التي تتأثر بولوغ الكلاب ونحوها، أما الأواني الكبيرة التي فيها المياه الكثيرة والحيضان والبرك فهذه لا يضرها الكلاب، ولا يضرها غير الكلاب، تستعمل، والحمد لله.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في سؤر الهرة، برقم (92)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، برقم (75)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، سؤر الهرة، برقم (68). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 389 س: س. ع. من بريدة: هل يجوز الوضوء من ماء شربت منه الدابة مثل: الإبل والغنم والبقر؟ وما هي الدواب التي لا يجوز الوضوء من سؤرها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا حرج في الشرب من الماء الذي تشرب منه الدواب من الإبل، أو البقر، أو الغنم؛ لأنها طيبة ومباحة، وهكذا الحمر والبغال لو شربت فإنها لا تضر الماء، فالماء طهور ولو شرب منه البغل والحمار، كانت تشرب من مياه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة. والصواب أن سؤر البغل والحمار لا حرج فيه، أما إذا كانت الدواب غير المعتادة – كالكلب – لا يستعمل، بل يراق، وهكذا الأسود والنمور وأشباهه من السباع سؤرها يراق، وإذا كان ماء كثيرا من حياض وغدران لا يضرها، ولا يلتفت إليها ولو وردوه، لا يضر ذلك، أما إذا شربت في إناء يراق.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (355). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 390 266 - حكم الوضوء من حوض الإبل والصلاة في معاطنها س: السائل: م. ف. س،: هل يجوز الوضوء من حوض الإبل؟ وهل تجوز الصلاة في معاطنها (1)؟ ج: لا مانع من الوضوء في حوض الإبل، والشرب من حوض   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (275). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 390 الإبل، وحوض الغنم، وحوض البقر، لا بأس بذلك إذا لم يكن فيه نجاسة، أن يتغير بالنجاسة لكونها تشرب منه الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو غيرها حتى السباع، إذا وجد سيلا تشرب منه الإبل أو الغنم أو السباع فله أن يتوضأ منه، ويغتسل منه، ويشرب منه، والحمد لله، لا حرج في ذلك، وكذلك مراح الغنم والبقر له أن يصلي فيه، أما الإبل فلا، معاطنها ما يصلي فيها، معاطنها التي تقيم فيها، تعطن فيها لا يصلي فيها، أما مناخ عارض فصل فيه، لكن إذا كان معطنا لها لا يصلي فيه، الرسول نهى عن الصلاة في معاطن الإبل – عليه الصلاة والسلام – وهي محلاتها التي تقيم فيها، وتعطن فيها عند المياه، أو المحلات التي تقوم فيها عن المراح وغيره؛ لأكلها وعلفها ونحو ذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 391 صفحة فارغة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 392 باب الحيض والنفاس 267 - بيان عدد أيام الحيض للمرأة س: كم هي عدد الأيام شرعا، وفي السنة المطهرة لتلك التي يأتيها؛ العذر الشرعي (1)؟ ج: الصواب: لا حد لأقله ولا لأكثره، لكن الأغلب أن العادة تكون ستا أو سبعا، هذا هو الأغلب، وقد تصل إلى خمسة عشر، والذي عليه جمهور أهل العلم أنها لا تزيد على خمسة عشر، فإذا زادت فهي استحاضة؛ تصلي معها وتصوم وتحل لزوجها، أما خمسة عشر فأقل فإنها تكون عادة تستمر عليها، وإن نقصت تطهرت بعد ذلك، فعلى كل حال العادة تزيد وتنقص، قد تكون ستا أو سبعا، وقد تزيد يوما وتنقص يوما، فالمؤمنة تجلس فيما ترى من الدم ولو زادت العادة أو نقصت على الصحيح تجلس ولا تصلي، ولا تصوم، ولا تحل لزوجها، حتى تطهر وتغتسل، لكن متى استمرت معها إلى خمسة عشر هذه النهاية على الصحيح، وما زاد تعتبره استحاضة وتصلي، وتصوم، وتحل   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (226). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 393 لزوجها، وترجع إلى عادتها المعروفة قبل هذه الزيادة، وتستمر عليها سواء كانت ستا أو سبعا أو ثمانيا أو عشرا؛ لأنها لما زادت على نصف الشهر اتضح أنها استحاضة، وأنها ليست العادة المعروفة، والعادة الشرعية لا تزيد على نصف الشهر، أقصاها ونهايتها نصف الشهر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 394 268 - حكم من توقف عنها الدم قبل سبعة أيام س: فتيات من ينبع يسألن ويقلن: هل صحيح بأن وقت العادة هو سبعة أيام لا تزيد ولا تنقص؟ وإذا طهرت قبل السبعة أيام هل تصلي سماحة الشيخ (1)؟ ج: السبعة ليست حدا، الحيض يزيد وينقص، قد تكون سبعة، قد تكون ثمانية، وقد تكون خمسة، وقد تكون ثلاثة، العادة تختلف، لكن المرأة المبتدئة التي ليس لها عادة سابقة تحيض ستة أيام، أو سبعة أيام إذا استمر معها الدم ستة أو سبعة كعادة نسائها ثم تغتسل، أما المرأة التي لها عادة تمشي على عادتها، ست، خمس، سبع، ثمان، عشر، تبقى مع عادتها، ولا يتحدد بسبع، ولا بخمس، ولا بثمان، وحسب العادة مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم حبيب: «امكثي قدر ما كانت حيضتك، ثم اغتسلي (2)» فإذا كانت عادتها عشرا جلست عشرا، وإذا كانت   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (399). (2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها، برقم (334). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 394 عادتها ثلاثا جلست ثلاثا، وهكذا، وإذا رأت دما في حال الطهر فهذا دم فساد، أو صفرة، أو كدرة، هذا دم فساد، تتوضأ لكل صلاة، وإنما تمشي على عادتها التي استقرت لها، خمس، ست، سبع، ثمان، عشر، أقل، أكثر إلى خمسة عشر، لا تزيد عن خمسة عشر، وهي العادة عند جمهور أهل العلم، فالحاصل أنها تقف مع عادتها، إذا كانت العادة خمسا تحيض خمسة أيام، إن كانت عادتها سبعا تحيض سبعا، وهكذا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 395 269 - حكم المبتدأة وكم تجلس للعادة للشهرية س: تقول الأخت، وتسأل: لقد قرأت في أحد الكتب الفقهية: أن البنت إذا بلغت لأول مرة تترك الصلاة لمدة يوم وليلة، ثم تغتسل وتصلي حتى لو كان الدم باقيا، وتستمر على هذه الحالة لمدة ثلاثة أشهر، حتى تستقر مدة حيضتها، فهل هذا صحيح (1)؟ ج: هذا قول بعض أهل العلم، ولكنه ليس بصحيح، والصواب: أنها لا تصلي لمدة الأيام التي ترى فيها الدم، يومين، أو ثلاثا، أو أربعا، أو خمسا، أو ستا، أو سبعا إلى خمسة عشر لا بأس، وهكذا كلما جاءت الدورة تجلس، لا تصلي، ولا تصوم، ولا يقربها زوجها   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (325). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 395 إن كانت ذات زوج حتى تنتهي المدة، وليس لها حد يوم أو يومين، لكن نهايتها وآخرها عند أكثر أهل العلم خمسة عشر يوما، فإذا زادت صارت استحاضة، تعتبر دما فاسدا، وهذه الحالة ترجع إلى عادة النساء، أما إذا كانت تنقطع لست، أو سبع، أو ثمان، أو عشر فالحمد لله، هي عادتها، ولا تصلي، ولا تصوم، ولا يقربها زوجها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 396 270 - بيان ما تقضيه الحائض والنفساء س: يقول السائل: هل تقضي الحائض والنفساء الصوم والصلاة (1)؟ ج: الحائض والنفساء تقضيان الصوم فقط عند جميع العلماء، أما الصلاة فلا تقضي عند جميع أهل العلم، قالت عائشة رضي الله عنها: «كنا نؤمر بقضاء الصوم – يعني الحيض – ولا نؤمر بقضاء الصلاة (2)»، وهذا من رحمة الله وتيسيره جل وعلا وإحسانه، فإنه أحسن إليهن بوضع الصلاة عنهن؛ لأن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، والحيض قد يبقى معها أسبوعا أو أكثر أو أقل، فيشق عليها القضاء، وهكذا النفساء، قد تبقى في النفاس أربعين يوما، ويشق عليها القضاء، فمن رحمة الله أن أسقط عن الحيض والنفساء الصلاة، فلا تقضي ولا تفعلها في حال الحيض والنفاس، ولا تقضي، أما الصوم فإنها لا تفعله   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (237). (2) صحيح مسلم الحيض (335)، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (382)، سنن أبي داود الطهارة (262)، سنن ابن ماجه الصيام (1670)، مسند أحمد (6/ 32). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 396 في حال الحيض والنفاس، ولكنها تقضي، لا يجزئها الصوم وهي حائض ونفساء، ولكن عليهن القضاء إذا طهرت صامت في رمضان وتقضي ما عليها في رمضان، تقضي ما أفطرت بسبب الحيض والنفاس، تقضي بعد رمضان ما بين رمضان ورمضان القادم تقضي بينهما، لها أن تؤخر إلى رجب وشعبان لا بأس، فإذا بادرت فهو أفضل حذرا من العوائق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 397 271 - حكم من مضت عليها أعوام وهي تجهل أحكام الحيض س: تقول السائلة: إذا كان هناك فتاة لم تعلم بأحكام الحيض، وما يجب على المرأة أن تفعله، إلا بعد سنوات، فكيف تنصحونها فيما مضى من حياتها (1)؟ ج: إذا كانت لا تصلي لا تقضي الصلاة، وإذا كانت لا تصوم ولا تقضي الصوم فهذا الأحوط لها أن تصوم؛ لأنها مكلفة وتساهلت في الأمر، وهذا شيء لا يجهل، يعرفه المسلمون، فتساهلها لا يسقط عنها الصيام، فالذي نرى لها أن تصوم ولو طالت المدة، تقضي وإن لم يكن غير متتابع، تقضي ما أوجب الله عليها من رمضانات مضت، ولو   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (305). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 397 مفرقة لا تتابع، لا حرج في ذلك، هذا هو الأطهر والأبين في الأدلة الشرعية، أما الصلاة فليس عليها صلاة، فالحائض لا صلاة عليها، فلو صلت وهي حائض صلاتها باطلة، ليس عليها في الصلاة قضاء، ولا شيء عليها إلا التوبة إلى الله، فصلاتها باطلة لا تصلي وهي حائض، عليها التوبة إلى الله، أما الصوم فعليها أن تقضي الصوم ولو كانت قد صامت أياما في الحيض، فصومها في أيام الحيض غير صحيح فعليها أن تقضيه. والواجب على الأمهات تنبيه بناتهن، وكذا الأخوات الكبيرات تنبيه أخواتهن، وهكذا العمات والخالات التعاون على البر والتقوى، كل واحدة تنبه الصغيرة على ما يجب عليها من جهة الصوم في رمضان، من جهة عدم الصلاة في أيام الحيض، من جهة الطمأنينة في الصلاة، والخشوع فيها، من جميع الوجوه، كل واحدة تعلم أختها في الله وأختها وابنتها وبنت أخيها وبنت أختها وجيرانها وجليساتها، وتلاميذاتها في المدرسة، عليها أن تعلم وتوضح لهن ما قد يخفى عليهن من أمور الصلاة، وأمور الصيام، وأمور الزكاة، وأمور الحج، وأمور بر الوالدين. . . . إلى غير ذلك، على كل الأخوات والعمات والخالات والأمهات والمعلمات التوجيه للبنات الشابات، وإرشادهن إلى ما قد يخفى عليهن من أمور الدين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 398 272 - بيان الواجب على الحائض س: تقول السائلة: كثير من النساء عند بداية الدورة الشهرية تضطرب أفكارهن ولا يعرفن الأحكام، وترجو التوجيه لمثل هؤلاء، جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليهن إذا بدأت الدورة ترك الصلاة والصيام، وكذلك مسك المصحف للقراءة؛ لأن الحائض ممنوعة من الصلاة والصوم، كما أنها ممنوعة من الجماع، ولا ينبغي في هذا التردد؛ لأن الله يقول – سبحانه وتعالى -: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (2)، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح (3)» في حق الحائض، وهكذا النفساء، فليس له أن يجامعها، لكن له أن ينام معها، وله أن يقبلها، وله أن يباشرها، لا بأس، ولكن ليس له الجماع في حق الحائض والنفساء، وعليهن؛ على الحيض والنفساء تقوى الله سبحانه وتعالى، بأن يجتنبن ما حرم الله عليهن من الصلاة أثناء الحيض والصوم والجماع، كل هذا ممنوع، وإذا طهرن صلين بعد ذلك، وقضين الصيام الذي عليهن من رمضان، الذي يسقط عنهن فعله، لكن ما يسقط وجوبه بل عليهن قضاؤه بعد   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (249). (2) سورة البقرة الآية 222 (3) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (302). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 399 ذلك، قضاء الصوم خاصة، أما الصلاة فتسقط ولا تقضى، وإذا جاءت الدورة فعليها أن تمسك بالحال عن الصلاة والصوم، وإذا كانت صائمة بطل الصوم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 400 273 - حكم من ينقطع عنها الدم ثم يعود س: إذا كانت الدورة الشهرية تأتيني عدة ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع تأتي متقطعة، أي أنها تكون في الظهر قليلا ثم العصر أقل وهكذا، وأحيانا بعد الغسل ينزل دم ولكنه قليل، وليس مثل دم العادة في أول وقتها، هل أغتسل بعد اليوم الرابع أم الثالث (1)؟ ج: ما دام يأتي دم في الضحى أو الظهر، أو في الظهر والعصر المعنى حتى الآن لم تطهر، فينبغي أن لا تعجل حتى ترى الطهر الكامل، لكن لو رأت طهرا واضحا فإنها تغتسل وتصلي، فإذا عاد الدم تجلس حتى ينقطع الدم بذهاب أيام العادة، ولو زادت الأيام فلا يضر؛ لأن العادة تزيد وتنقص فلا تعجل، لكن لو كان الحدث صفرة أو كدرة بعد الطهارة فإنه لا يعول عليها الصفرة والكدرة بعد الطهارة، لا يلتفت إليها، كالبول، تصلي وتصوم وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا تحسب حيضا، أما إن كان الدم لا يزال مثلا: رأت الطهر عند الضحى، ثم أتى الدم الظهر فهي لا تزال في حكم الحيض؛ لأن الدم يسيل تارة   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (138). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 400 ويقف تارة، لا يستمر سائلا سائلا، فإذا عليها أن تنتطر حتى ترى القصة البيضاء، أو ترى طهرا كاملا باستعمال القطن ونحوه مما يتنظف به في الفرج، فإذا رأته نظيفا سليما اغتسلت، فإن عاد إليها دم جلست ولم تصل، ولم تصم حتى ينقطع ما دام في حدود العادة، وما يقاربها إلى خمسة عشر يوما، فإن زاد على خمسة عشر يوما ولو ملفقة صلت وصامت، ولم تلتفت إليه، وصارت بهذا مستحاضة، ترجع إلى عادتها الأولى، وتقضي ما تركت من الصلوات الزيادة التي زادتها، أما إذا انقطع لثمان، لتسع، لعشر، لاثني عشر، يعني زاد على العادة، لكنه انقطع فإن هذا يسمى حيضا على الصحيح؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وقد تتصل وتفترق، مثلا: ترى يوما دما ويوما طهارة، يكون هذا ملفقا، تغتسل في يوم الطهارة، وتجلس في يوم الدم، وتكون عادتها ملفقة، فإذا بلغ الجميع خمسة عشر يوما، أربعة عشر يوما فأيام الدم حيض وأيام الطهارة طهر، فإذا زاد على خمسة عشر يوما تعتبر ذلك استحاضة، كما نص عليه جمهور أهل العلم رحمة الله عليهم، وهذا هو المعتمد، النهاية خمسة عشر يوما، فإذا زاد صار استحاضة، تصلي وتصوم وتتوضأ لوقت كل صلاة، وتقضي أيام الصلوات التي تركتها بعد العادة إلى خمسة عشر يوما، وإن كانت صامت في هذه الأيام فصومها صحيح ما زاد على العادة؛ لأنه بان أنها استحاضة ليست حيضا. أما إذا كان الحيض مضى واغتسلت بعده ثم جاءها صفرة أو كدرة هذا لا يضر، ولا يلتفت إليه، بل يعتبر طهارة كالبول. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 401 274 - حكم من رأت الطهر ثم عاد الدم إليها س: هذه السائلة: ن. س. ب. من الرياض، تقول: سماحة الشيخ، عندما تأتيها الدورة الشهرية يستمر نزول الدم حوالي أربعة أيام، ثم ينقطع، وتأتي بعد ذلك كدرة وتستمر تقريبا ثلاثة أيام، ثم يعادوها الدم مرة أخرى، ولكنه دم مختلف عن الذي يأتيها في بداية الدورة، ويستمر تقريبا، ثم ينقطع، وتأتيها بعد ذلك كدرة ثم صفرة، وتستمر حوالي أربعة أيام، ويكون المجموع اثني عشر يوما، والسؤال هو: هل تدع الصلاة طوال اثني عشر يوما كلها؟ أم ماذا تفعل (1)؟ ج: تدع الصلاة أيام الحيض أيام عادتها، فإذا انتهت ورأت الطهارة تصلي وتصوم، ولا تلتفت إلى هذه الدماء الأخرى: النقط أو الصفرة أو ما أشبه ذلك، كل هذا دم فساد، تحفظ بشيء من القطن وتتوضأ لكل صلاة حتى تأتي الدورة الأخرى، وهذه الأشياء التي تقطعت عليها هذا دم فاسد، لا يلتفت إليه، بل عليها أن تصوم وتصلي وتتوضأ لكل صلاة، قالت أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا، ولما اشتكى بعض النساء إليه صلى الله عليه وسلم قال: «امكثي قدر ما كانت تأتيك حيضتك، ثم اغتسلي، وصلي (2)»، المقصود   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (411). (2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (302). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 402 أنها تمكث أيام العادة، وما بعدها تصلي وتصوم، وإذا كان معها دم أو قطرات أو صفرة أو شيء تحفظ وتتوضأ لكل صلاة، كلما دخل الوقت تتوضأ وتصلي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 403 س: تسأل السائلة من سوريا وتقول: امرأة تأتيها الدورة الشهرية بعد ثمانية أيام فينقطع عنها الدم، وترى الطهر الأبيض ثم تغتسل وتصلي، بعد ذلك تراودها حالة لمدة خمسة أيام أو أكثر، ترى الطهر الأبيض في الصباح وفي نفس اليوم أثرا، وتتكرر مثل هذه الحالة في اليوم عدة مرات، ما حكم ذلك مأجورين (1)؟ ج: إذا مضت العادة وتطهرت لا تلتفت إلى هذه النقاط التي تأتيها بعد ذلك، أو الصفرة أو غير ذلك، حتى تأتي العادة، والحمد لله، تقول أم عطية: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. وأم عطية صحابية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا استكملت العادة ورأت الطهارة تغتسل، وتبقى طاهرة إلى العادة الأخرى، وما يقع بينهما من رطوبات، أو صفرة، أو كدرة، أو قطرات دم هذه ما تعتبر، لكن تستنجي منها، تتحفظ منها بالقطن ونحوه، تتوضأ إذا حدث شيء في أوقات الصلاة، تتوضأ للصلاة، وإذا استمر معها يوما أو يومين تتوضأ لكل صلاة إذا دخل الوقت   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (410). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 403 275 - حكم من زادت أيام عادتها عن الأيام المعروفة س: امرأة استعملت حبوب منع الحمل فتغيرت مدة العادة الشهرية لديها، بدل خمسة أيام صارت عشرة أيام، هل يجوز لها ترك الصلاة في الأيام الخمسة الإضافية (1)؟ ج: نعم، العادة تنتقل وتتغير من خمسة إلى ثمانية وإلى عشرة وإلى سبعة، لا بأس إذا انتقلت العادة إلى هذا المقدار، فلا تصلي ولا تصوم، فإن العادة تنتقل وتنقص أيضا، وقد تكون العادة سبعا فينقطع الدم لخمس، وقد تكون العادة سبعا فتستمر إلى عشر، فعليها أن تترك الصلاة وقت الدم إلى خمسة عشر، فإذا بلغت خمسة عشر فإن الجمهور يقولون: تكون استحاضة بعد ذلك. ترجع إلى عادتها ستة أو سبع المعروفة، والباقي استحاضة تصلي فيه وتصوم، وتتوضأ لكل وقت للصلاة، وتستنجي بالماء، وتتحفظ القطن ونحوه، وتصلي حتى تأتي العادة المعتادة.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (65). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 404 س: إذا جاءت العادة الشهرية وزادت مدتها على كل شهر كالنزيف فهل جائز للمرأة أن تصلي وتصوم أم لا (1)؟ ج: إذا زادت العادة فالصواب أنها تبع العادة، إذا كانت عادتها   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (24). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 404 خمسة أيام فصارت ستة أو سبعة أو ثمانية فإنها تجلس ما دام الدم مستمرا، وتحسبها من العادة، ولا تصلي ولا تصوم ولا يحل لزوجها أن يقربها في هذه الحالة؛ لأن عادة النساء تزيد وتنقص، فإذا زاد الدم جلست ولم تصل، ولا تصوم، وإذا نقص ورأت الطهارة اغتسلت، وحلت لزوجها، وصلت، وصامت، هذا هو الصواب في هذه المسألة، أما إذا طهرت واغتسلت من حيضها، ثم رأت صفرة أو كدرة فإن هذه الصفرة والكدرة لا تسمى حيضا، ولا تعد شيئا، بل تصلي معها، وتصوم كما قالت أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. فإذا اغتسلت بعد حيضها ثم رأت صفرة أو كدرة فإن هذا لا يضر عليها، ولا تمنعها من الصلاة، ولا من الصوم، ولا من زوجها، أما الدم الصافي؛ الدم الواضح فإنها تجلسه حتى لو انفصل إذا اتصل، أو انفصل فإنها تجلسه تبعا للعادة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 405 س: الأخت: ع. ش. ش. من أبها، تقول: إن عذرها زادت أيامه من أربعة أيام إلى ثمانية أيام، مما جعلها تضطرب في أدائها للعمرة، وتسأل سماحة الشيخ: كيف تتصرف لو تكرر ذلكم الحال معها (1) ج: العادة تزيد وتنقص، فإذا كانت العادة أربعة أيام أو خمسة،   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (124). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 405 وزادت ستة، سبعة، ثمانية، تسعة فلا بأس، لا تصلي ولا تصومي، اجلسي ودعي الصلاة والصيام؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وإذا كنت في حج أو عمرة لا تطوفي حتى تطهري؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي حتى تطهري (1)» فالحائض والنفساء تمتنعان من الطواف حتى تطهرا، وهكذا الصلاة؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وأكثر مدة الحيض خمسة عشر يوما عند جمهور أهل العلم، فإذا استمر معك الحيض إلى خمسة عشر يوما فهذا حيض، فإن زاد على ذلك صار استحاضة؛ ترجعين إلى عادتك الأولى، وما زاد عليها تصلين فيه وتصومين وتحلين لزوجك؛ لأنه علم أنه استحاضة، وترجعين إلى العادة الأولى، التي هي أربع أو خمس أو نحو ذلك، إذا جاءت دعي الصلاة والصيام، وإذا ذهبت فاغتسلي، ويكون الدم الذي معك المستمر هذا دم استحاضة، يعني دم فساد، لا يمنع الصلاة، ولا يمنع الصوم، ولا يمنع الزوج، ولكنك تتوضئين لكل صلاة، تستنجين وتتوضئين لكل صلاة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 406 276 - حكم من رأت الطهر واغتسلت ثم نزل معها دم س: في أحد الأيام اغتسلت وتطهرت من الدورة وذهبت للصلاة وصليت الظهر، وبعد الصلاة لاحظت أن هناك أثرا من النجاسة لا زال موجودا، فماذا أفعل في الصلاة التي صليتها (1)؟ ج: إذا كنت رأيت الطهارة واغتسلت فالصلاة صحيحة، وما رأيت من الدم بعد ذلك يكون دما تابعا للحيض، فلا تصلي حتى يزول، ما دام موجودا فأمسكي عن الصلاة، والزوج يمسك عن الجماع – إذا كان لك زوج – حتى تطهري، أما إن كان الذي رأيت صفرة أو كدرة فهذه لا عمل عليها، تعتبر كالبول، تتوضئين لكل صلاة ما دامت الكدرة معك والصفرة، وصلاتك صحيحة، وصيامك صحيح إذا صمت، وتحلين لزوجك، الصفرة لا تمنع، قالت أم عطية رضي الله عنها – الصحابية الجليلة: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. إلا إذا كانت الصفرة تطلع في زمن العادة، أو زمن النفاس، فإنها تعتبر، أما إذا كانت بعد الأربعين هي النفاس، أو بعد الطهر من العادة فلا تعتبر، بل تعتبر شيئا لاغيا كالبول.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (214). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 407 277 - حكم الصفرة والكدرة بعد الطهر س: الأخت من ليبيا تسأل، وتقول: في اليوم السادس وبعد انقضاء مدة العذر الشرعي يخرج منها سائل أبيض مائل إلى الاحمرار فهل يجب الغسل منه أم لا (1)؟ ج: إذا كان هذا بعد الطهر، لا يجب عليك، بل هذا مثل البول، عليها أن تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة؛ لقول أم عطية رضي الله عنها – وهي صحابية جليلة: - كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. فإذا كان بعد الطهر ورأت سائلا فيه صفرة أو كدرة فلا عبرة به، بل هو كالبول، تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (243). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 408 س: سائلة تقول: إذا اغتسلت من الحيض وبعد أن رأيت الطهر ينزل مني دم، وذلك يكون في يوم الغسل، أو بعد الغسل بيوم أو يومين، وأحيانا ثلاثة، وهذا وراثة بيننا، وأنا عند كل صلاة أغتسل لهذا الدم؛ لأنه ينزل مني بين الوقتين، هل إذا رأيت الطهر ثم ينزل مني هذا الدم أغتسل عندما أراه، أم يكفي الوضوء؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان النازل دما واضحا، فهو في تمام الحيض؛ لقول أم   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (282). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 408 عطية رضي الله عنها – وهي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا (1)». هذا يدل على أن غير الكدرة والصفرة تعد من الحيض، وتمنع الصلاة والصيام والجماع من الزوج، أما إذا كان النازل ليس بدم صحيح، بل كدرة وصفرة؛ شيء ملتبس فهذا لا يلتفت إليه، ولا مانع من الصلاة، بل عليك أن تصلي وتصومي وتباشري زوجك، ولا حرج في ذلك مثل ما في الحديث المتقدم.   (1) صحيح البخاري الحيض (326)، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (368)، سنن أبو داود الطهارة (307)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (647)، سنن الدارمي الطهارة (871). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 409 278 - العلامات التي يعرف بها الطهر س: هل الدم الذي يخرج من المرأة بعد غسلها من الحيض ، وبعد أن ترى الطهر، وقد تراه بنفس يوم اغتسالها أو بعده بيوم أو يومين، هل يجزئ الوضوء فقط أم الاغتسال؟ مع العلم أنه في بعض الأحيان يكون في كل الأوقات، وإذا كان يوجب الغسل فما العمل في الصلوات التي في الماضي؟ مع العلم أن الدم قليل جدا، أفيدوني جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان الدم صفرة أو كدرة ليس بالدم الصريح فهذا مثل البول، يكفي فيه الوضوء والحمد لله. أما إذا طهرت وجاءها دم العادة، ليس بالصفرة ولا بالكدرة فهذا تجلس ولا تصلي حتى يزول ثم تغتسل؛   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (269). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 409 لأن هذا تبع الحيض السابق، الحيضة تزيد وتنقص، هذا هو الصواب، إلا إذا طال معها وزاد أو استمر معها، هذا يسمى استحاضة، استمر معها ليس له حد، بل يستمر معها، هذا تجلس العادة ويكفي خمسا، ستا، سبعا عادتها في الحيض، وما زاد على ذلك ليس بشيء، تغتسل وتصلي وتصوم ويأتيها زوجها. أما إذا كان عادتها خمسا ثم اغتسلت، ثم جاءها الدم مثل الدم الأول دم صحيح هذا تدع الصلاة والصيام وتجلس حتى ينتهي، إلا إذا زاد عليها عن خمسة عشر يوما فأكثر، زاد على ذلك فهذا يكون استحاضة، أما إذا كان في حدود خمسة عشر يوما فأقل فإنه حيض؛ لأن الحيضة قد تبلغ خمسة عشر، وأربعة عشر وثلاثة عشر، لكن الغالب ستا سبعا ثمانيا أو نحو ذلك، لكن بعض النساء إذا كانت عادتها طويلة ثم رأت الطهر، ثم عاد الدم فإنه يكون حيضا، إلا إذا كان صفرة أو كدرة، هذا لا تلتفت إليه، فتصلي وتصوم وتتوضأ وضوء الصلاة، أما الدم الصحيح فإنها تجلس ولا تصلي ولا تصوم، إلا إذا كان قد استمر معها أكثر من خمسة عشر يوما، فإن طال عليها هذا يكون استحاضة، ترجع إلى عادتها المعروفة سبعا أو خمسا أو أكثر من ذلك، فلا تصلي فيها، وما زاد عليها يكون استحاضة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 410 279 - العلامات التي يعرف بها الطهر س: كيف تعرف المرأة بأنها طهرت (1)؟ ج: إذا رأت الطهارة، أو إذا رأت القصة البيضاء، هذه علامة الطهارة، تغتسل وتصلي والحمد لله، ما دام معها صفرة أو كدرة لا تعجل حتى تكمل عادتها ثم تغتسل وتصلي، أما ما يحصل لها بعد الطهر من صفرة أو كدرة هذا يعتبر دم فساد، تتوضأ لكل صلاة وتصلي – والحمد لله – حتى تأتي العادة المعروفة.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (412). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 411 س: من المعروف أن علامة طهر المرأة القصة البيضاء، تقول السائلة: ولكنني لا أدري هل هذه العلامة؟ وبعد الاغتسال أرى لونا بنيا فاتحا جدا، هل يمكن اعتبار هذا اللون هو الطهر (1)؟ ج: الطهر: زوال آثار الدم، فإذا تنظفت بقطنة أو شيء آخر، ولم يكن فيه أثر للدم تغتسل، ولو ما رأت القصة البيضاء، أما القصة البيضاء فهو ماء أبيض يعتري بعض النساء عند نهاية الحيض، تجد ماء أبيض علامة أن الحيض انتهى، وبعض النساء لا يجد هذا، فالعبرة   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (420). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 411 بوجود النظافة، فإذا تنظفت بقطن أو غيره ورأت النظافة، ولم يبق صفرة ولا كدرة تغتسل، ولو ما رأت القصة البيضاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 412 280 - حكم الكدرة التي قد تسبق الحيض س: الأخت: ف. ف. من أبها، تقول: إذا أتى موعد الحيض، وسبق ذلك آلام في البطن ثم كدرة، هذه الكدرة تبدأ مثلا من الفجر حتى الليل، ثم بعد ذلك ينزل الدم، هل تصلي فترة الكدرة، أم لا؟ علما بأنها لا تستعمل حبوب منع الحمل (1) ج: هذه الكدرة تبع الحيض ما دام أنها عادة لها، تبدأ الكدرة ثم الحيض فهي من تبع الحيض، قبله أو بعده، لا تصلي ولا تصوم، ما خرج منها من الكدرة هذا حكمه حكم الحيض، وما بعد الحيض كذلك إذا كان متصلا به حكمه حكم الحيض، إذا كان عادته ذلك يكون من العادة، الكدرة في أوله، أو الكدرة في آخره تابعة له.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (435). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 412 س: السائلة: أ. أ. أ. تقول: هل الصفرة والكدرة في بداية الدورة الشهرية من الحيض؟ حيث إن ذلك حصل لها في الجزء: 5 ¦ الصفحة: 412 أيام الدورة المعتادة، وتركت الصلاة والصيام، ماذا عليها (1)؟ ج: نعم تعتبر من العادة، الصفرة والكدرة المتصلة بالحيض قبله أو بعده من جملته تعتبر من الحيض، أما المنفصلة التي تأتي قبل وتنقطع هذه لا تعتبر، أو يأتيها بعد الطهر صفرة أو كدرة ما تعتبر، هذه تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة في الصفرة والكدرة التي قبل العادة أو بعدها غير متصلة، تصوم وتصلي وتتوضأ لكل صلاة، أما العادة تبدأ بصفرة وتنتهي بصفرة هذا من جملة الحيض.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (409). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 413 281 - حكم الكدرة التي تأتي في نهاية الدورة الشهرية س: السائلة تقول: ما حكم الكدرة التي تنزل في نهاية الدورة الشهرية؟ حيث إن بعض الناس يرون أنها طاهرة (1) ج: هذه تختلف إن كانت بعد رؤية الطهر، فهي تصلي وتصوم، ولا عمل عليها، تتوضأ لكل صلاة والكدرة ليست بحيض، إذا رأت كدرة بعد الطهر تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتوضأ لكل صلاة   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (420). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 413 كالبول، أما إن كانت كدرة في آخر الحيض فلا تعجل حتى تزول الكدرة، ثم تغتسل من الكدرة المتصلة بالحيض، فهي من الحيض حتى ترى القصة البيضاء أو الطهر النقي ثم تغتسل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 414 س: قالت أم سلمة: كنا لا نعد الكدرة والصفرة من الحيض. هل هذا قول صحيح (1)؟ ج: هذا قول أم عطية الأنصارية، ما هو بقول أم سلمة، وهي من الصحابة، تقول رضي الله عنها: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. ومعنى ذلك أن المرأة إذا طهرت من عادتها ثم رأت كدرة أو صفرة فإنها لا تعدها، بل تصلي وتصوم، وتعتبر هذه الصفرة مثل البول، تستنجي منها وتتوضأ لوقت كل صلاة.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (277). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 414 282 - حكم الوضوء للمرأة عندما تريد الغسل من الحيض س: عندما تريد المرأة أن تغتسل للطهارة هل يلزمها الوضوء أو لا (1)؟ ج: السنة: الوضوء إذا كان عن حيض أو جنابة، الوضوء أولا،   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (263). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 414 تستنجي إن كان في غسل الحيض والجنابة، تستنجي ثم تتوضأ وضوء الصلاة؛ تتمضمض وتستنشق وتغسل وجهها وذراعيها مع المرفقين، ثم تمسح وجهها وأذنيها، ثم تغسل رجليها، هذا هو الأفضل، كان النبي يفعله في غسل الجنابة عليه الصلاة والسلام، وربما يترك القدمين إلى آخر الغسل، وربما غسل وجهه ويديه وشعر رأسه وأخر الرجلين، هذا جائز وهذا جائز، والمرأة الحائض كذلك، فإن بدأت بالغسل أو بدأ الجنب بالغسل، ثم توضأ بعد ذلك فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون الوضوء هو الأول، يستنجي، وهكذا المرأة الحائض والجنب تستنجي ثم وضوء الصلاة ثم الغسل؛ بأن يحثو على رأسه ثلاثا وهي كذلك، ثم يفيض على جنبيه الأيمن ثم الأيسر، والرجل والمرأة كذلك، هذا هو السنة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 415 283 - بيان الواجب على المرأة إذا طهرت وحكم ملابسها س: هل المرأة إذا طهرت من الدورة الشهرية تغتسل وتغير ملابسها أم أنها لا تغير الملابس؟ أفيدونا بذلك (1) ج: المرأة إذا طهرت من حيضها، أو نفاسها عليها أن تغتسل عند جميع أهل العلم، كما قال الله جل وعلا:   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (399). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 415 {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (1)، فلا بد من التطهر، لا تصلي ولا يقربها زوجها حتى تغتسل، أما الملابس إذا جاءها دم يغسل ما أصابه الدم فقط، والملابس طاهرة، وعرقها طاهر، لكن إذا أصاب ملابسها شيء من الدم يغسل محل الدم، كما أخبرت عائشة رضي الله عنها: أنهن كن يغسلن ما أصابه الدم في ذلك. الحاصل أن ملابس المرأة التي حاضت فيها، أو نفست فيها طاهرة، ولا يضرها كونها تعرق فيها أو تنام فيها، إلا إذا أصابها دم، فما أصابه الدم يغسل منها، أي بقعة أصابها الدم تغسل، وإذا غسلت الثوب كله فلا بأس، لكن لا ينجس إلا الذي أصابه الدم فقط، فإذا غسلت بقع الدم كفى، وإن غسلت الثوب كله فلا بأس.   (1) سورة البقرة الآية 222 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 416 284 - حكم الغسل من الحيض وكيفيته س: تقول الأخت السائلة التي رمزت لأسمها: أ. س. م. طالبة في المدرسة الثانوية، تقول: سماحة الشيخ، ما هو الغسل؟ وما هي أحكامه وكيفيته؟ وهل إهماله أو بطلانه له تأثير بالنسبة لأداء الصلاة، أو الصيام؟ ج: الغسل، إفاضة الماء على البدن كله، هذا يسمى غسلا، وهو الجزء: 5 ¦ الصفحة: 416 واجب من الجنابة، وهكذا من الحيض، إذا انتهت المرأة من الحيض ورأت الطهارة وجب عليها الغسل، وهكذا من النفاس إذا انقطع الدم ورأت الطهارة وجب الغسل من النفاس، هذه الأغسال الواجبة، أما غسل الجمعة مستحب أن الرجل يغتسل عند ذهابه إلى الجمعة، هذا مستحب، والغسل من الحجامة، والغسل من غسل الميت، هذه أغسال مستحبة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 417 285 - بيان ما يشرع للحائض فعله من العبادات س: بعض الفتيات يتوهمن أن المرأة الحائض أصبحت نجسة، فلا يجوز لها الذكر، ولا استماع القرآن، وإنما الاتجاه لسماع الغناء واللهو، نرجو تبيين هذا الحكم، وما الذي يجوز أيضا للحائض (1)؟ ج: هذا توهم لا ينبغي، الحائض مشروع لها ما يشرع لغيرها: من ذكر الله عز وجل، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، والاستغفار، والتوبة، وسماع القرآن ممن يتلوه، وسماع العلم، والمشاركة في حلقات العلم، وسماع ما يذاع من حلقات العلم   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (1). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 417 وحلقات القرآن، والاستفادة من ذلك مثل غيرها. والنبي صلى الله عليه وسلم قال للحائض: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي حتى تطهري (1)» أقر لها أن تفعل ما يفعله الحجاج؛ من التلبية والذكر وسائر الأمور الشرعية، ما عدا الطواف، فدل ذلك على أن الحائض مثل غيرها؛ ترمي الجمار، تلبي، تذكر الله بتسبيح، تحمد الله، تهلل، تستغفر، يعني: تفعل كل شيء ما عدا الطواف إذا كانت محرمة بالحج أو العمرة حتى تطهر، كذلك في بيتها تستعمل ما تستطيع من ذكر الله عز وجل، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، والاستغفار، والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتجلس للعلم ومطالعة الأحاديث وغير ذلك، أما قراءة القرآن ففيه خلاف، بعض أهل العلم يرى أنها تمنع من قراءة القرآن، والقول الثاني أنها لا تمنع من قراءة القرآن عن ظهر قلب، وهذا هو الأقرب والأظهر؛ أنه لا يمنعها أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب من دون مس المصحف، كالمعلمة تعلم البنات القرآن عن ظهر قلب، وكالتلميذة التي تحتاج إلى قراءة القرآن من غير مس المصحف، كذلك الصحيح أنه لا حرج في قراءتها عن ظهر قلب؛ لأن مدة الحيض تطول، وهكذا النفاس بخلاف الجنب، فالجنب لا يقرأ القرآن لا في المصحف، ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل؛ لأن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 418 النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ القرآن وهو جنب، عليه الصلاة والسلام، ولأن الجنب يعني وقته قصير يستطيع في الحال أن يغتسل ويقرأ، ما هناك له موانع، لكن الحائض تحتاج إلى أيام وليال، ليس باختيارها، وهكذا النفساء أطول وأطول، فلهذا الصحيح أنه لا حرج عليها في قراءة القرآن عن ظهر قلب، من المصحف، وبهذا تعلم أن الحائض تشارك في كل شيء من الخير، ولا تمنع ما عدا مس المصحف وما عدا الصلاة؛ لأنها لا تصلي ولا تصوم حتى تنتهي من حيضها ونفاسها، ثم تقضي الصوم دون الصلاة، وليس عليها قضاء الصلاة؛ لأن الله سامحها، سامح الحائض والنفساء، فالصلاة لا تقضيها، ولا تجب عليها مدة الحيض والنفاس، لكن الصوم تقضيه بعد طهرها بعد رمضان، تقضي ما أفطرت من الأيام. سئلت عائشة رضي الله عنها، قالت السائلة: يا أم المؤمنين، ما بالنا نقضي الصوم ولا نقضي الصلاة؟ فقالت عائشة رضي الله عنها: «كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (1)». يعني من النبي صلى الله عليه وسلم، كان يأمرهن بقضاء الصوم، ولا يأمرهن بقضاء الصلاة، وبهذا علم أن الصوم يقضى والصلاة لا تقضى، وهذا محل إجماع عند المسلمين، فقد أجمع العلماء على أن الصلاة لا تقضى في حق الحائض والنفساء، ولكنهما تقضيان الصوم فقط؛ صوم رمضان، فالحاصل أن الحائض والنفساء يشرع لهما ذكر الله، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، وحضور حلقات العلم، وسماع القرآن ممن يتلوه، والإنصات لذلك،   (1) صحيح البخاري الحيض (321)، صحيح مسلم الحيض (335)، سنن الترمذي الطهارة (130)، سنن النسائي الصيام (2318)، سنن أبو داود الطهارة (262)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (631)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 232)، سنن الدارمي الطهارة (986). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 419 والمشاركة في كل خير ما عدا أنها لا تصلي حتى تطهر، ولا تصوم حتى تطهر، ولا تقرأ القرآن من المصحف، أما عن ظهر قلب فالصحيح أنه يجوز لها ذلك في أصح قولي العلماء، ولا سيما عند الحاجة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 420 س: تقول السائلة: ما الذي يجوز للمرأة أن تعمله وهي جنب؟ كإعداد الطعام، وإرضاع الأطفال، وما شابه ذلك، هل هذا يؤثر أو لا تأثير له (1)؟ ج: الحائض والجنب والنفساء تعد كل شيء، مثل غيرها من النساء الطاهرات، تعد كل شيء ما عدا مس المصحف، ما عدا قراءة القرآن في حق الجنب، تمنع من ذلك، وإلا فهي تطبخ وتقرب الطعام وتقرب القهوة والشاي، وتقدم الماء وتقدم اللبن، ما هي بنجسة، طاهرة، إنما هذا حدث، وحدث الجنابة يوجب الغسل فقط، وإلا عرقها طاهر، وبدنها طاهر، ويدها طاهرة، ورأسها طاهرة، وكذا الحائض والنفساء، كلتاهما طاهرة، وإنما النجاسة في الدم، فما أصاب بدنها من الدم، أو أصاب ثيابها غسلته، وأما يدها إذا لم يكن فيها شيء من الدم فهي طاهرة، عرقها طاهر، شعرها طاهر، ريقها طاهر، كل ذلك طاهر، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعرض لأعمال من عائشة وهي حائض، تأكل منه ويأكل منها – عليه الصلاة والسلام – ويأكل معها   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (174). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 420 وتأكل معه وهي حائض، وتغسل رأسه – عليه الصلاة والسلام – وهي حائض، كل ذلك لا حرج فيه، والحمد لله. المقصود أن المرأة الحائض والنفساء والجنب كلهم طاهرون بالنسبة للحكم الشرعي، عرقهم طاهر، وثيابهم طاهرة، وبدنهم طاهر، ولو مس بيده ماء لا ينجسه، ليس بنجس، وليست بنجسه الحائض والنفساء، إنما عليها الغسل؛ غسل الواجب، الجنب يغتسل رجلا كان أو امرأة، والحائض والنفساء كذلك تغتسلان إذا رأتا الطهارة في وقت الطهارة، وما أصاب الحائض من دم في ثيابها ويديها غسلته، وهكذا النفساء، وأما الجنب فعليه الغسل وعرقه طاهر، وبدنه كله طاهر، والحمد لله، وترضع طفلها وهي جنب لا بأس، كما ترضعه وهي حائض، لا حرج في ذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 421 286 - حكم مس الحائض للرياحين والحناء س: تقول السائلة: عندنا بعض النساء الكبيرات في السن يقلن: إذا حاضت المرأة فإنه يحرم عليها مس بعض أنواع الرياحين، ومس شجرة الحناء فهل هذا القول صحيح (1)؟ ج: ليس بصحيح، هي مثل غيرها من النساء، لها مس الرياحين،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (110). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 421 ولها مس شجرة الحناء، ولها غير ذلك مما يباح للنساء ما عدا الصلاة، فإنها لا تصلي حتى تطهر، وما عدا الصوم فإنها لا تصوم حتى تطهر، وما عدا مس المصحف فإنها لا تمس المصحف حتى تطهر، أما قراءة القرآن عن ظهر قلب ففيها خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا حرج عليها أن تقرأ عن ظهر قلب، وليست مثل الجنب، الجنب مدته قصيرة يغتسل متى فرغ من حاجته، أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، فلا حرج عليهن بالقراءة عن ظهر قلب من دون مس المصحف في أصح قولي أهل العلم، وأما كون الحائض تمس الرياحين، أو تمس شجرة الحناء، أو تمس شيئا آخر مما يمسه الناس مما يباح كمس الحبوب، أو الفواكه، أو اللبن، أو غير ذلك فلا حرج في ذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 422 287 - حكم إزالة الأظافر والشعر للحائض س: سائلة تقول: هل يجوز قص أظافر المرأة أو شيء من شعرها وهي معذورة (1)؟ ج: لا بأس أن تقص أظافرها، أو تنتف إبطها، أو تزيله بالأدوية، أو العانة كل ذلك لا بأس به، وإن كانت في الحيض أو النفاس، كالرجل له أن يزيل كل ذلك وإن كان على جنابة، المقصود أن هذه الأشياء لا يشترط لها الطهارة، للمرأة أن تقص أظافرها، وأن تزيل   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (276). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 422 العانة بالحلق أو بغيره، تزيل شعر الإبط بالنتف أو بغيره، سواء كانت طاهرة، أو في حيض، أو في نفاس، أو على جنابة، والرجل كذلك، له أن يزيل هذه الشعور وإن كان على جنابة؛ كنتف الإبط، وحلق العانة، وقص الشارب وقلم الظفر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 423 س: بالنسبة لقص الأظافر وتمشيط الشعر أثناء الدورة الشهرية هل فيه شيء (1)؟ ج: لا بأس من قص الأظافر، والمشط في أثناء الدورة، لا حرج فيه، وكذلك في النفاس، كل هذا لا حرج فيه، الحمد لله.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (414). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 423 288 - حكم طلاء الأظافر والحناء للحائض س: ما حكم طلاء المرأة لأظافرها وهي لا تصلي، أو عندها العذر الشهري؟ وبمجرد انتهاء أيام الدورة تزيل هذا الطلاء، هل تكون آثمة (1)؟ ج: لا حرج في ذلك إذا كان في وقت ما فيه صلاة، تجعل شيئا تحتاجه في مواضع الوضوء ثم يزال عند وقت الوضوء.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (249). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 423 س: تقول السائلة: هل يجوز للمرأة أن تستعمل الحناء وهي حائض، أو في النفاس (1)؟ ج: لا حرج في استعمال الحناء في الحيض والنفاس.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (237). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 424 289 - حكم دخول الحائض للمسجد س: سائلة تقول: إننا ذهبنا إلى مكة المكرمة، وقد أتتني العادة الشهرية، وحيث إنه لا يوجد لدينا في مكة من أبقى عنده فقد دخلت في الحرم، وجلست فيه، فهل علي شيء أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب على من أصابها الحيض أن تبقى في محلها، في مخيمها، في منزلها، في الأبطح، أو في غيره، ولا تأتي إلى المسجد؛ لأن دخول الحائض المسجد لا يجوز إلا على سبيل المرور، أما الجلوس عمدا في المسجد الحرام أو غيره من المساجد فلا يجوز، لكن لو اضطرت أو جاءت وهي سليمة ليس فيها حيض ثم بليت بالحيض وهي في المسجد، ولا تعرف أحدا تذهب إليه فإن الأولى بها أن تخرج، وتجلس عند باب المسجد حتى يفرغ أصحابها، ولا تجلس في المسجد، بل تعدهم محل باب معروف تجلس فيه حتى يأتوا فتذهب   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (27). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 424 معهم مهما استطاعت إلى ذلك سبيلا، ولا تجلس في المسجد وهي حائض؛ لأن الرسول نهى عن ذلك، عليه الصلاة والسلام، يقول: «لا يحل المسجد لا لحائض ولا جنب (1)» فالمسجد لا يجلس فيه لا تجلس فيه الحائض ولا الجنب، لكن عابر السبيل الذي يمر مرورا لا بأس بذلك، فهي تجتهد وتحرص على أن تنتظرهم خارج المسجد عند الأبواب.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 425 290 - حكم زيارة الحائض للأماكن المقدسة س: هل يجوز زيارة الأماكن المقدسة للفتاة الحائض (1)؟ ج: إذا كان قصدها المساجد فلا يجوز؛ لأن الحائض لا تدخل المسجد، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب (2)» فلا تزورها لقراءة القرآن فيها أو الجلوس   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (39). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 425 فيها، لكن لو مرت بالمسجد لحاجة عبورا؛ لتأخذ منه حاجة؛ مصلى أو كتابا، أو لتنبه أحدا في المسجد نائما تدعوه، أو ما أشبه هذا لا بأس؛ لأنه جاء في القرآن: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (1)؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة وهي حائض أن تناوله الخمرة من المسجد، والخمرة: حصير في المسجد، أمرها أن تناوله إياه، قالت له عائشة: «يا رسول الله، إني حائض قال: إن حيضتك ليست بيدك (2)» فأمرها أن تأتي بالخمرة إلى المسجد وهي حائض؛ لأنه ممر، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، أما إن كانت تقصد أماكن أخرى غير المساجد فلا بد من بيانها، ما هي الأماكن المقدسة؟ المقابر لا تزورها المرأة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، ولا يقال فيها مقدسة، ولا أعلم شيئا غير المساجد تمنع منه، إنما الممنوع المساجد، أما أي مكان تزوره المرأة لحاجة فلا بأس ولا يقال: فيه شيء مقدس إلا بدليل. فالمساجد مقدسة منزهة عن النجاسات، فيقال لها: مقدسة من هذا المعنى، أما بيوت الناس أو المقابر فلا يقال لها: مقدسة.   (1) سورة النساء الآية 43 (2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (298). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 426 291 - حكم ذكر اسم الله للحائض س: تسأل الأخت، وتقول: أثناء العادة الشهرية هل يجوز أن أذكر اسم الله تعالى في القلب مثل أن أقول: بسم الله الرحمن الرحيم. أو أستغفر الله، أو أستمع إلى القرآن الكريم، أو أقول بعد كل أذان: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدت. أو أن أدعو الله في قلبي؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: الحائض والنفساء يشرع لهما ما يشرع للناس؛ من التسبيح، والتهليل، والتكبير، والذكر، والدعاء، والاستغفار بالقلب واللسان، لا بالقلب وحده، بل حتى باللسان، مشروع لها أن تذكر الله وتسبحه وتعظمه، وتجيب المؤذن والمقيم تجيبهما، وتقول مثل قولهما، وتقول عند: حي على الفلاح: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وتصلي على النبي بعد الأذان، عليه الصلاة والسلام، وتقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة. . . إلخ، كل هذا مشروع للجميع؛ الحائض والنفساء وغيرهما، وإنما الخلاف في القرآن: هل تقرأ أو ما تقرأ هذا؟ محل الخلاف، أما الأذكار والدعوات والاستغفار فليس فيها خلاف، وتلبي إذا كانت حاجة، تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (108). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 427 شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وتسمي عند الأكل وعند الشرب، تحمد الله وتستغفره وتذكره كثيرا، هذا لا شيء فيه عند جميع أهل العلم، وإنما اختلف العلماء رحمة الله عليهم فيما يتعلق بالقرآن: هل تقرأ أو ما تقرأ؟ فذهب جمع من أهل العلم وحكم بعضهم: القول الأكثر أنها لا تقرأ واحتجوا بحديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى أهل اليمن: «أن لا يمس القرآن إلا طاهر (1)» قالوا: والحائض تدخل في هذا، والجواب أن هذا إنما هو في المس، لا تمسه، وأما القرآن فإنها تقرؤه كما يقرأ المحدث الذي لم يتوضأ، وإنما النهي عن مسه، فهي لا تمسه، كما لا يمسه الجنب والمحدث، ولكن لا مانع من القراءة للمحدث حدثا أصغر غير الجنابة، يقرأ القرآن عن ظهر قلب، فهكذا الحائض تقرؤه عن ظهر قلب، لا بأس، واحتج المانعون أيضا لحديث رواه الترمذي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا تقرأ حائض ولا جنب شيئا من القرآن (2)» والجواب عن هذا أنه حديث ضعيف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش رحمه الله عن الحجازيين، ورواياته عنهم ضعيفة   (1) أخرجه الترمذي في كتاب النداء للصلاة، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، برقم (468). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب الجنب والحائض لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 428 عند أهل العلم، فالصواب أن الحائض والنفساء لهما القراءة عن ظهر قلب من غير مس المصحف، كالمحدث حدثا أصغر يقرأ ولكن لا يمس المصحف، أما الجنب فلا يقرأ لا عن ظهر قلب، ولا عن مس المصحف حتى يغتسل؛ لأن الجنب مدة قصيرة متى فرغ من حاجته اغتسل، فلهذا كان أمره خاصا، والحجة في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أصابته جنابة لا يقرأ القرآن، كما ثبت من حديث علي رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة (1)». وفي رواية أنه لما خرج من قضاء الحاجة قرأ بعض القرآن، وقال: «هذا لمن ليس جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (2)» فدل ذلك على أن الجنب لا يقرأ القرآن حتى يغتسل، والحائض والنفساء لا تقاسان عليه؛ لأن مدتهما تطول، ففي حرمانهما من القرآن مشقة عظيمة، فلهذا الصواب أنهما تقرآن، لكن من دون مس المصحف، ولا يجوز قياسهما على الجنب، فإن دعت الحاجة إلى القراءة من المصحف جازت من وراء حائل، كأن تمسه من وراء قفازين، أو يمسه لها غيرها، تمسكه عليها بنتها، أو أختها الطاهرة، وتقرأ بالنظر إليه من غير أن تمسه، لا بأس بهذا، ولكن مسها له لا يجوز حتى تطهر، كالمحدث وكالجنب أيضا حتى يغتسل، أما هي فإنها تقرؤه عن ظهر قلب كالمحدث حدثا أصغر، هذا   (1) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 124). (2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 429 هو الصواب، وأما التسبيح والتهليل والأذكار والدعاء والاستغفار فهذه مشروعة للجميع؛ للجنب والحائض والنفساء والمحدثين، كلهم لا يمنعون من هذا، وإنما الخلاف في القرآن فقط، هذا محل الخلاف بين أهل العلم، وفق الله الجميع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 430 292 - حكم قراءة القرآن للحائض س: إننا طالبات ندرس في مدرسة بنات، وفي حصة القرآن الكريم يأمرنا الأستاذ بقراءة القرآن ونكون في حالة العذر، ونستحيي أن نخبر الأستاذ، فنقرأ مرغمات، هل يجوز لنا هذا؟ وإذا كان لا يجوز فكيف نعمل في أيام الامتحانات إذا صادفتنا ونحن في أيام الامتحان؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: اختلف العلماء رحمة الله عليهم في قراءة الحائض والنفساء للقرآن الكريم، فذهب بعض أهل العلم إلى تحريم ذلك وألحقوهما بالجنب، وقالوا: ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الجنب لا يقرأ، لأن الجنابة حدث أكبر، والحيض مثل ذلك، والنفاس مثل ذلك، فقالوا: لا تقرأ الحائض ولا النفساء حتى تطهرا. واحتجوا أيضا بحديث رواه الترمذي عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (82). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 430 القرآن (1)» وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يجوز للحائض أن تقرأ، والنفساء كذلك عن ظهر قلب؛ لأن مدتهما تطول، النفساء تأخذ أياما كثيرة، والحائض كذلك تأخذ أياما وإن كانت النفساء أكثر منها، فلا يصح أن يقاس على الجنب، الجنب مدته قصيرة إذا فرغ من حاجته، في إمكانه أن يغتسل ويقرأ، أما الحائض فليس في إمكانها ذلك حتى ينقطع الدم، وهكذا النفساء، فهما في حاجة إلى القراءة، قالوا: والحديث: «لا تقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئا (2)» حديث ضعيف، وعلل أهل العلم لكونه برواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة، وهذا القول هو الصواب: أنه يجوز للحائض القراءة، وهكذا النفساء لما تقدم؛ لأن مدتهما تطول، ولأن القياس على الجنب لا يصح، ولأن الحديث الذي فيه النهي عن القراءة ضعيف، فعلى هذا لا بأس أن تقرأ الطالبة القرآن، وهكذا المدرسة في الامتحان وغير الامتحان عن ظهر قلب، لا من المصحف، بل عن ظهر قلب، أما إذا احتيج إلى المصحف فيكون من وراء حائل، تلبس قفازين تلمسه من وراء القفازين، أو من وراء ثيابها الأخرى الصفيقة، وتفتش عند الحاجة المصحف وتنظر الآية، أو يحفظ عليها بعض زميلاتها   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596). (2) أخرجه الدارقطني في كتاب الطهارة رقم 7، الجزء 1. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 431 حتى تقرأ إذا كانت لا تستطيع القراءة عن ظهر قلب، فالحاصل أنه لا بأس أن تقرأ عن ظهر قلب على الصحيح، وهكذا من المصحف من وراء حائل القفازين في اليدين، أو ثوب يجعل على اليدين تلمس به عند الحاجة، أو تمسك لها أختها الطاهرة حتى تطالع المصحف وهو في يد أختها الطاهرة، كل هذا لا حرج فيه إن شاء الله على الصحيح من أقوال أهل العلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 432 س: هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن الكريم في أيام عذرها؟ وهل لها أن تقرأ القرآن الكريم إذا آوت إلى النوم؟ وتقرأ آية الكرسي بدون أن تلمس المصحف (1)؟ ج: سبق أن تكلمت في هذا الموضوع غير مرة في هذا البرنامج، وبينت أنه لا بأس ولا حرج أن تقرأ المرأة وهي حائض أو نفساء ما تيسر من القرآن عن ظهر قلب؛ لأن الأدلة الشرعية دلت على ذلك، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم في هذا، فمن أهل العلم من قال: إنها لا تقرأ كالجنب , واحتجوا بحديث ضعيف رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (2)» وهذا الحديث ضعيف عند أهل العلم؛   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (95). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 432 لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة، وبعض أهل العلم قاسها على الجنب، قال: كما أن الجنب لا يقرأ فهي كذلك؛ لأن عليها حدثا أكبر يوجب الغسل، فهي مثل الجنب. والجواب عن هذا: أن هذا قياس غير صحيح؛ لأن حالة الحائض والنفساء غير حالة الجنب، الحائض والنفساء مدتهما تطول، وربما شق عليهما ذلك، وربما نسيتا كثيرا من حفظهما من القرآن الكريم، أما الجنب فمدته يسيرة، متى فرغ من حاجته اغتسل وقرأ، فلا يجوز القياس، والحاصل أن الراجح والصواب من قولي العلماء: أنه لا حرج على الحائض والنفساء أن تقرأ ما تحفظان من القرآن، ولا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء آية الكرسي عند النوم، ولا حرج أن تقرأ ما تيسر من القرآن في جميع الأوقات عن ظهر قلب، هذا هو الصواب وهذا هو الأصل، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما حاضت عائشة، قال: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت (1)» ولم يقل لها: غير أن لا تقرئي. قال: غير أن لا تطوفي، فمنعها من الطواف؛ لأن الطواف كالصلاة، فهي لا تصلي، وسكت عن القراءة، فدل ذلك على أنها غير ممنوعة من القراءة، ولو كانت القراءة ممنوعة لبينها   (1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 433 لعائشة، ولغيرها من النساء في حجة الوداع، وفي غير حجة الوداع. ومعلوم أن كل بيت في الغالب لا يخلو من الحائض والنفساء، فلو كانت لا تقرأ القرآن لبينه صلى الله عليه وسلم للناس بيانا عاما واضحا حتى لا يخفى على أحد، أما الجنب فإنه لا يقرأ القرآن بالنص، ومدته يسيرة، متى فرغ تطهر وقرأ، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه (1)»، إلا إذا كان جنبا احتبس عن القرآن، حتى يغتسل عليه الصلاة والسلام، كما قال علي رضي الله عنه: «كان عليه الصلاة والسلام لا يحبسه شيء عن القرآن سوى الجنابة (2)». وجاء عنه عليه الصلاة والسلام: «أنه قرأ بعد محل الحاجة، قرأ وقال: هذا لمن ليس جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (3)» فدل ذلك على أن الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، لذا فلتقرأ الأخوات القرآن والكتب والبحوث التي تحتوي على آيات حتى ولو كانت حائضا أو نفساء.   (1) صحيح مسلم الحيض (373)، سنن الترمذي الدعوات (3384)، سنن أبي داود الطهارة (18)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (302)، مسند أحمد (6/ 70). (2) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 124). (3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 434 293 - حكم قراءة القرآن للحائض التي تحفظ القرآن س: تسأل السائلة وتقول: إنني كما علمت من فتاوى العلماء – جزاهم الله خيرا -: أن قراءة القرآن للحائض والنفساء لا تجوز، إلا للضرورة مثل أن تكون طالبة تدعى للاختبار. لكن ماذا تفعل من تحفظ القرآن وهي كل يوم تحفظ وتراجع ما حفظت؟ ماذا تعمل وهي تجلس في الدورة أربعة عشر يوما؟ وهذا يؤدي إلى النسيان إن لم تقرأ وتذاكر، ثم إنها تتعطل عن الحفظ كثيرا، وإذا كان يجوز لها القراءة فهل يجوز مس المصحف بحائل؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1). ج: هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، من أهل العلم من أجاز لها القراءة؛ لأن مدتها تطول، وهكذا النفساء، قالوا: وليست مثل الجنب، الجنب يمكنه أن يغتسل في سرعة من غير بطء؛ لأنه متى فرغ من حاجته أمكنه أن يغتسل ويقرأ ويصلي، أما الحائض والنفساء فإن مدتهما تطول، فليستا مثل الجنب. وهذا هو الصواب: أن لها القراءة عن ظهر قلب؛ لأنها تحتاج إلى ذلك، وقد تنسى ما حفظت، فلا مانع من القراءة في حق الحائض والنفساء عن ظهر قلب، وإذا دعت الحاجة إلى مراجعة المصحف من وراء حائل فلا بأس، هذا هو الصواب؛ لأن الفرق عظيم بين الجنابة وبين الحيض والنفاس، فلا يجوز القياس على   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (239). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 435 الجنابة، وأما حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (1)» فهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 436 س: تقول هذه الأخت السائلة أ. م. ش، من المدينة المنورة: هل للحائض أو النفساء أن تقرأ شطر آية، مثل أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعوان، و {حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (1) بنية الذكر، أو إذا كانت تطلب العلم فتقرأ على شخص جهرا، أو مرت بآية فتقرأ هذه الآية سردا فهل يجوز لها ذلك؟ وهل يجوز لها أن تقرأ القرآن قراءة قلبية دون التلفظ باللسان؟ ج: إذا قرأ الإنسان بعض الآيات على سبيل الدعاء، مثل: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} (2)، أو عند المصيبة: إنا الله وإنا إليه راجعوان، ولو كان جنبا، أو حائضا، أو نفساء لا حرج في ذلك لقصد المقام يناسب ذلك، لا لقصد القراءة، والحائض على   (1) سورة التوبة الآية 129 (2) سورة البقرة الآية 201 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 436 الصحيح لها أن تقرأ؛ لأن مدتها تطول، لها أن تقرأ من غير مس المصحف، بخلاف الجنب فإنه ليس له أن يقرأ حتى يغتسل؛ لأن مدته قصيرة يمكن أن يغتسل في الحال. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 437 294 - حكم قراءة الأذكار والأدعية للحائض س: ما هي الأعمال التي تقوم بها الحائض والنفساء؛ من الذكر والدعاء وغير ذلك؟ ج: تعمل مثل غيرها؛ من الذكر والدعاء وغير ذلك النفساء والحائض، إلا القرآن فهو محل الخلاف بين العلماء، والصواب أنه لها أن تقرأ عن ظهر قلب؛ لأن مدتها تطول، لكن لا تمس المصحف، فإذا دعت الحاجة إلى مراجعة المصحف يكون من وراء حائل، من وراء القفازين مع الطهارة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 437 295 - حكم قراءة الكتب الدينية للحائض س: هل يباح للحائض أن تقرأ الكتب الدينية أو الصحف الإسلامية (1)؟ ج: نعم، لا بأس عليها أن تقرأ الصحف الدينية والكتب   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (119). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 437 الإسلامية، مثل كتب الحديث وكتب الفقه وكتب التفسير، حتى ولو فيها القرآن، لا بأس بذلك؛ لأن الكتاب كتاب تفسير ليس مصحفا، والصحيح أيضا أن لها أن تقرأ القرآن في حال الحيض والنفاس من دون مس المصحف؛ لأن حدثها يطول بخلاف الجنب، أما الجنب فلا يقرأ حتى يغتسل؛ لأن مدته لا تطول، متى فرغ من حاجته أمكنه الغسل، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام لا يقرأ القرآن حال كونه جنبا، ويقول: «أما الجنب فلا ولا آية (1)» أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، وقد تنسى حفظها، ويشق عليها ترك القرآن في هذه المدة الطويلة، فلهذا كان الصحيح من قولي العلماء في هذا الجواز، وبعض أهل العلم منعها من هذا وقاسها على الجنب، والصواب أنها ليست مثل الجنب والقياس غير صحيح؛ لأن الجنب مدته قصيرة، وأما الحائض فمدتها طويلة، والنفاس أطول، فلا يقاس الطويل على القصير، ولا يقاس ما فيه مضرة كبيرة على ما لا مضرة فيه، أما ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (2)» فهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة عند أهل العلم؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، والرواية عنهم ضعيفة لا يحتج بها عند أهل العلم، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعائشة لما حاضت في حجة الوداع: «دعي العمرة وأحرمي بالحج واغتسلي، وافعلي ما يفعله الحجاج غير أن لا تطوفي   (1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 438 بالبيت حتى تطهري (1)» ولم يمنعها من القرآن، ولم يقل لها: لا تقرئي، وإنما منعها من الطواف والصلاة، فدل ذلك على أن القرآن لا حرج فيه للحائض والنفساء من دون مس المصحف.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 439 296 - حكم جلوس الحائض في المسجد لسماع الذكر س: تقول السائلة: أنا طالبة في مدرسة، ويوجد في المدرسة مسجد، وتقام فيه الصلاة، وتلقى فيه المحاضرات والدروس، فهل يجوز أن أجلس للاستماع وللاستفادة وأنا معذورة أم لا يجوز (1)؟ ج: إذا كان هذا المصلى عاديا فلا بأس أن تجلس فيه الحائض والنفساء والجنب، أما إذا كان مصلى للصلوات الخمس، فهو مسجد بني للصلاة تقام فيه الخمس في الدائرة، تصلون فيه الصلوات الخمس هذا لا تجلس فيه الحائض ولا النفساء ولا الجنب، أما المصلى العادي غرفة تصلون فيها أو صالة يصلون فيها هذه ليس لها حكم المساجد، لا بأس أن تجلس فيها الحائض والنفساء والجنب، وليس لها تحية مسجد فيقال له: مصلى، إلا إذا كان معدا للصلوات الخمس،   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (316). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 439 كالمسجد الذي يصلى فيه الصلوات الخمس؛ مبنى موقوف مسجد تصلى فيه جميع الفروض أو للظهر فقط وخصص ليكون مسجدا فهذا له حكم المساجد، أما إذا كان مصلى عاديا من الغرف أو صالة من الصالات فهذا يسمى مصلى، وليس له حكم المساجد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 440 س: تقول السائلة: ما حكم الذهاب للمسجد لحضور الندوات والمحاضرات إذا كانت المرأة حائضا؛ وذلك للاستفادة من الدروس التي غالبا ما تكون قيمة (1)؟ ج: إذا كان لها مكان قرب المسجد تسمع منه عند المحراب، أو بجانب المسجد، أو في آخر المسجد تسمع فلا بأس، أما في داخل المسجد فلا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب (2)» وقال في حق الجنب: «إلا في عابر سبيل»، وقال لعائشة لما أمرها أن تأتي بالخميرة للمسجد، قالت: إني حائض، قال: «إن حيضتك ليست في يدك (3)» فأمرها أن تعبر وتأخذ الخميرة (يعني الحصير) من المسجد. أما المرور للجنب والحائض فلا بأس، أما الجلوس فلا، لكن إذا وجد مكانا خارج المسجد تسمع منه الدروس هذا لا بأس به.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (236). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645). (3) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (298). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 440 297 - حكم قراءة الحائض وردها اليومي من القرآن س: تقول السائلة: سمعت من يقول في قراءة المرأة للقرآن وهي في عذرها: إنه يجوز للمرأة القراءة ووردها من القرآن وإن كانت معذورة، فما هو الورد (1)؟ ج: نعم، يجوز لها أن تقرأ القرآن على الصحيح، لكن من دون مس المصحف، عن ظهر قلب، تقرأ آية الكرسي عند النوم، تقرأ المعوذتين عند النوم ثلاث مرات، كل هذا مشروع، تأتي بالأذكار الشرعية في الصباح والمساء، كل ذلك مشروع وإن كانت في نفاس أو في الحيض.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (191). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 441 س: هل يجوز للحائض أن تقرأ الورد اليومي من القرآن الكريم (1)؟ ج: الصواب أنه لا يحرج عليها أن تقرأ الآيات عن ظهر قلب، وليست كالجنب، الجنب مدة قصيرة، يغتسل في الحال وينتهي، لا يجوز أن يقرأ القرآن الجنب، أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، وقد اختلف العلماء في أمرهما: هل يلحقان بالجنب فيمنعان من قراءة القرآن عن ظهر قلب أم لا؟ والصواب: أنهما لا يلحقان الجنب؛   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (355). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 441 لأنهما ليسا مثله، المدة تطول، وليس في منعهما حديث صحيح يمنعهما من القراءة، فلهما أن تقرآ من غير مصحف عن ظهر قلب، وتراجعا المصحف إذا دعت الحاجة من وراء حائل؛ كالقفازين ونحوهما عند الحاجة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 442 298 - حكم قراءة القرآن للحائض خشية النسيان س: هل يجوز للمرأة أن تسجد إذا مرت بآية فيها سجدة وهي في عذرها الشهري، أو من غير وضوء (1)؟ ج: نعم، سجود التلاوة لا يجب له الوضوء، سجود التلاوة من جنس الذكر، يجوز أن يسجد الإنسان وهو على غير طهارة، هذا هو الصواب، فإذا قرأت الحائض القرآن سجدت للتلاوة إذا مرت بسجدة التلاوة، وهكذا المحدث إذا قرأ وهو على غير طهارة – ليس بجنب – فإنه إذا مر بالسجود يسجد، أما الجنب لا، لا يقرأ.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (355). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 442 299 - حكم سجود التلاوة للحائض ولغير المتوضئ س: هل يجوز استغلال فترة العذر الشرعي لمراجعة القرآن الكريم لمن تحفظه خوفا من النسيان (1)؟ ج: الصواب أنه لا حرج في ذلك: أن تقرأ عن ظهر قلب في الحيض والنفاس؛ لأنها ليست مثل الجنب، الجنب بإمكانها أن تغتسل بسهولة، إذا فرغ من حاجة اغتسل وقرأ أو صلى، أما الحائض والنفساء فليس بإمكانهما؛ لأن مدته طويلة، فإذا قرأت عن ظهر قلب فلا بأس بذلك على الصحيح، فبعض أهل العلم ذهب إلى منعها من ذلك كالجنب، والصواب أنها لا تمنع من ذلك، لكن لا تمس المصحف، بل تقرؤه عن ظهر قلب، وإذا دعت الحاجة إلى مراجعة المصحف من وراء جلباب فتلبس قفازين أو نحوهما فلا حرج عند الحاجة، وهذا هو الصواب، أما حديث: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (2)» فهو حديث ضعيف، إنما الثابت في الجنب خاصة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج بأصحابه ذات يوم قرأ وهو على غير طهارة، قال: هذا لمن لم يكن جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (3)» المقصود أن الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، والصحيح من قول   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (310). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596). (3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 443 العلماء أنه لا بأس أن تقرأ الحائض والنفساء عن ظهر قلب؛ لأن المدة تطول، وفي ذلك مشقة وحرج وتفويت لمصالح كثيرة في حق الحائض والنفساء بدون دليل، والقياس لا يصلح؛ قياس الحائض على الجنب؛ لأن الجنب مدته لا تطول، وفي إمكانه الغسل متى فرغ من حاجته، والحائض ليس بإمكانها الغسل إلا بعد انتهاء المدة، وهكذا النفساء ليس في إمكانها الغسل حتى ينقطع الدم وتطهر، أو تبلغ الأربعين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 444 س: مما حفظته منكم – يحفظكم الله – أن المسلمة لا تترك قراءة القرآن في فترة الحيض والنفاس، هل تذكرنا بهذا القول (1)؟ ج: هذه مسألة خلاف بين أهل العلم: أن تقرأ الحائض والنفساء أم لا؟ والأرجح أنها تقرأ عن ظهر قلب؛ لأنها قد تنساه وتطول المدة، وقال بعض أهل العلم: ليس لها أن تقرأ إلا إذا خشيت النسيان، إذا خافت فلها أن تقرأ وإلا فلا، والأرجح والأقرب أن لها أن تقرأ عن ظهر قلب، ولها أن تراجع المصحف من وراء القفازين، من وراء ستر، يعني عند الحاجة، هذا هو الأرجح لعدم الدليل على المنع، أما حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب القرآن (2)» فهو   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (364). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 444 حديث ضعيف في حق الحائض، أما الجنب فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه «كان لا يقرأ إذا كان جنبا، كان لا يمنعه من القرآن شيء إلا الجنابة (1)»، عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ عنه فيها شيء من الأحاديث أنه منع الحائض من القراءة أو النفساء، وقياسه مع الجنب لا يصح؛ لأن الجنب مدة يسيرة يغتسل ويقرأ، أما الحائض مدته طويلة؛ أسبوع أو أكثر، والنفساء مدته طويلة أكثر وأكثر، هذا قد يسبب النسيان لما حفظت، وأيضا قد يسبب قسوة القلب، وكونها تقرأ وتتدبر القرآن عن ظهر قلب وتراجع المصحف عند الحاجة هذا خير لها في دينها ودنياها.   (1) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 107). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 445 س: إذا خافت المرأة على نفسها الفتور من الانقطاع من تلاوة القرآن فما هو توجيهكم، حفظكم الله (1)؟ ج: تحدث هذه القراءة، وتجاهد نفسها على القراءة والذكر مهما أمكن، هذا من باب المجاهدة، والله يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (2)، مع المجاهدة يعينها الله إذا مع خوف الفتور، هذا يعني: يبيح لها قراءة القرآن وإن كانت معذورة، أي نعم، لكن مثل ما تقدم التفصيل، الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، وهي تقرأ، لها قراءة، وإذا كانت تخشى النسيان آكد وآكد.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (364). (2) سورة العنكبوت الآية 69 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 445 300 - حكم قراءة كتب التفسير للحائض س: إنني طالبة، وفي درس القرآن إذا كنت لست طاهرة لا أقرأ ولا ألمسه، ولكن في دروس التفسير والفقه والتوحيد وغيرهم من الدروس التي تكثر فيها الآيات القرآنية فأنا أقرأ وأكتب وأحل الأسئلة، فهل يجوز لي ذلك؟ وإذا كان لا يجوز فماذا أفعل إذا توقفت كل شهر عن المذاكرة وخاصة أيام الامتحان (1)؟ ج: الصواب من أقوال العلماء أنه لا حرج في ذلك، أنه لا حرج على الحائض أن تقرأ، والنفساء كذلك، أما الجنب فلا، النبي صلى الله عليه وسلم «كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة (2)»، ولم يثبت عنه النهي عن قراءة الحائض للقرآن، والفرق بينهما: أن الحائض مدتها تطول وهكذا النفساء، أما الجنب فمدته لا تطول، في إمكانه إذا فرغ من حاجته أن يغتسل ويقرأ ويصلي، أما الحائض فلها مدة لا تستطيع فيها الغسل حتى تنتهي الدورة، حتى ينقطع الدم ويظهر الطهر، فهي محتاجة إلى أن تقرأ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في حق الحائض في الحج: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت (3)» فلم ينهها إلا عن الطواف، لا تطوف حتى تطهر، ولم يقل لها: لا تقرئي. فدل ذلك على أنها لا بأس   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (36). (2) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 124). (3) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 446 أن تقرأ القرآن، ولا بأس أن تقرأ كتب التفسير والآيات في كتب التفسير، وهكذا الآيات التي في الكتب الأخرى من كتب الفقه وكتب الحديث، لا حرج في ذلك، لكن لا تمس المصحف حتى تطهر، وإذا احتاجت يكون من وراء حائل، أو يمسه غيرها لها حتى تراجع ما أشكل عليها من الآيات، وأما أن تقرأ عن ظهر قلب فلا حرج في ذلك على الصحيح من أقوال العلماء كما تقدم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 447 301 - حكم حمل المصحف للحائض وأشرطة القرآن الكريم س: هل يجوز حمل المصحف دون وضوء، أو الكتب الدينية أو التفسير؟ وكذلك في حالة الحيض هل يمكن قراءة الكتب الدينية أو التفسير؟ وما الحكم في حمل أشرطة القرآن الكريم (1)؟ ج: حمل المصحف إذا كان في جراب لا بأس ولو كان على غير وضوء، في جراب أو غيره، أو في علاقة في طرف العلاقة مربوط فيه فلا بأس، ينقل من محل إلى محل، أما حمله باليد من دون معلاق، أو دون معلاقة فلا إلا على وضوء.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (269). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 447 أما كتب التفسير وكتب الحديث فلا بأس، يحملها الجنب والحائض، ولا حرج في ذلك، تقرأ في ذلك، ويقرأ الجنب كتب التفسير، وكتب الحديث، وكتب الفقه، لا حرج في ذلك، والحائض أيضا لها أن تقرأ عن ظهر قلب القرآن؛ لأن مدتها تطول، والنفساء كذلك، ليستا مثل الجنب، الجنب لا يقرأ حتى يغتسل لا عن ظهر قلب، ولا من المصحف حتى يغتسل، أما الحائض فلا، ما هي مثل الجنب، لا تقرأ من المصحف، لكن تقرأ عن ظهر قلبها حفظا؛ لأن مدتها تطول، فالصواب أنه لها أن تقرأ، هذا هو الصواب، والنفساء كذلك. والأشرطة ما لها حكم القرآن، له أن يحملها الحائض والنفساء والجنب وغيرهم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 448 302 - حكم دخول الحائض المسجد إذا طهرت ولم تغتسل س: تسأل السائلة، وتقول: هل يجوز للحائض دخول المسجد؟ وإذا كان الدم قد انقطع عنها ولكنها لم تغتسل بعد فما الحكم (1)؟ ج: إذا كان الدخول لحاجة، تأخذ حاجة من المسجد، تأخذ   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (239). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 448 سجادة من المسجد، تأخذ نعلين، تأخذ عصا، تأخذ حاجة من المسجد لا بأس، أما الجلوس فيه لا تجلس، النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: «ناوليني الخمرة – الحصير الذي يصلي عليه؛ السجادة – قالت: يا رسول الله، إني حائض. قال: إن حيضتك ليست في يدك (1)» فأمرها بالدخول وأخذ الخمرة وهي حائض، وقال الله جل وعلا في هذا المعنى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (2)، والجنب كالحائض لا يدخل المسجد إلا عابر سبيل، لا يجلس، فأذن الله في عابر السبيل، الذي يمر مرورا، يأخذ الحاجة ويمر، سواء من الجنب، أو حائض، أو نفساء، أما الجلوس لا، جاء في الحديث: يقول صلى الله عليه وسلم: «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب (3)» يعني الجلوس فيه، ولهذا قال سبحانه: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (4)،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (298). (2) سورة النساء الآية 43 (3) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645). (4) سورة النساء الآية 43 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 449 303 - حكم اغتسال المستحاضة س: الأخت: س. من الرياض، تسأل وتقول: هل تغتسل المرأة من الاستحاضة التي بعد الحيض؟ وإذا كان يجب الغسل فما الحكم إذا كانت جاهلة بهذا (1) ج: الاغتسال من الاستحاضة مستحب وليس بواجب، الغسل واجب من الحيض، إذا انتهت مدته وأرادت الطهارة تغتسل وجوبا كالجنب، أما الاستحاضة؛ الدماء التي تأتيها بعد النزيف المستمر فهذا يستحب منه الغسل، لصلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء غسلة واحدة، والفجر غسلة واحدة، وإن تركت فلا حرج عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهذا فاطمة بنت أبي حبيش، أما الواجب فلا يجب عليها إلا غسل الحيض وغسل الجنابة، أما الاستحاضة فيها الوضوء، على المرأة أن تتوضأ لكل صلاة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش – وكانت مستحاضة -: «توضئي لوقت كل صلاة (2)» لكن إذا اغتسلت فهو أفضل، والأفضل أن تغتسل للظهر والعصر غسلة واحدة، وأن تغتسل للمغرب والعشاء غسلة واحدة، وللفجر غسلة واحدة، هذا أفضل؛ لأن الرسول أوصى به فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (241). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 450 304 - بيان مدة النفاس س: تسأل عن مدة النفاس الشرعية (1). ج: مدة النفاس أربعون يوما، هذا أقصاه عند جمهور أهل العلم، حكاه غير واحد، حكاه الترمذي رحمه الله وصاحب المغني وغيرهما، وأكثر النفاس أربعون يوما، وقال بعض أهل العلم: خمسون. وقال بعضهم: ستون. لكنها أقوال ضعيفة، فهي مخالفة للدليل، فقد ثبت من حديث أم سلمة عن النفساء: أنها كانت تقعد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما. يعني: أقصى ما تقعد، أكثر ما تقعد. وهذا الذي عرفته الصحابة: أنها تقعد أربعين يوما، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، إن رأت الطهر في العشرين، أو في الثلاثين تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، لكن إن استمر معها الدم فإنها تبقى أربعين يوما، فإذا تمت الأربعون تغتسل وتصلي ولو معها الدم، وتحل لزوجها إلا إذا وافقت دم حيض؛ عدة حيض تجلس لها، ولا تصوم ولا تصلي وقت الحيض، أما إذا لم يصادف إلا زيادة بعد الأربعين وقت الحيض فإنها تغتسل وتصلي وتصوم ولو معها الدم؛ لأنه دم فساد ليس بدم نفاس، هذا هو الصواب الذي عليه أكثر أهل العلم، هذا هو الذي عمله الصحابة، وأفتى به الصحابة، رضي الله عنهم وأرضاهم.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (305). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 451 305 - حكم انقطاع دم النفاس قبل الأربعين س: كم هي المدة التي تبقاها المرأة بدون صلاة بعد الولادة؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: المدة أربعون يوما إذا كان معها الدم، أما إذا انقطع الدم لأقل من أربعين فإنها تغتسل وتصلي، وإذا كانت حاملا فإن العدة تنتهي بوضع الحمل، أما النفاس فيكون أربعين يوما ما دام الدم موجودا سواء كانت صغيرة أو كبيرة، أو عربية أو أعجمية، لا فرق في ذلك، العدة أربعون يوما لجميع النساء مادام الدم موجودا، تبدأ هذه المدة من وضع الحمل، فإن انقطع الدم وهي في العشر الأول، في العشرين، أو الشهر تغتسل، وطهرت، ليس للنفاس أقل حد محدود، فإذا رأت الطهارة على رأس الشهر، أو على رأس العشرين يوما، أو أقل أو أكثر فإنها تغتسل وتصلي والحمد لله، وتحل لزوجها أيضا، أما إن استمر الدم معها، ولم ينقطع فإنها تغتسل بعد تمام الأربعين ولو كان معها الدم، بعد تمام الأربعين ينتهي حكم النفاس؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت: «كانت النفساء تقعد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما (2)». يعني هذه النهاية إذا كان معها الدم، أما إذا رأت الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي وتصوم وتطوف إن كانت في الحج وتحل لزوجها، والحمد لله، ولو ما مر عليها إلا عشرة أيام، أو خمسة أيام منذ ولدت وليس   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (220). (2) سنن الترمذي الطهارة (139)، سنن أبو داود الطهارة (312)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (648)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 300)، سنن الدارمي الطهارة (955). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 452 معها دم اغتسلت وصلت وصامت، كما قد يقع لبعض النساء، أما الدم الذي بعد الأربعين فهو دم فساد كدم الاستحاضة، تصلي معه وتصوم، وتتحفظ بثوب ونحوه أو قطن، وتحل لزوجها ولو كان معها الدم بعد الأربعين مثل المستحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي في الوقت، وتقرأ القرآن، وتطوف إن كانت في الحج أو العمرة، لها حكم الطاهرات، وتحل لزوجها حتى ينقطع عنها هذا الدم، فإذا جاء وقت العادة الشهرية جلست لم تصل ولم تصم، ولم تحل لزوجها حتى تنتهي العادة الشهرية، ثم تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولا تلتفت للدم الزائد الذي هو دم الفساد، هذا ليس له حكم الحيض، ولا حكم النفاس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 453 س: سمعت أن دم النفاس إن زاد عن أربعين يوما بعد الولادة فإنه لا يوجب الصلاة حتى تطهر، ويعتبر دم حيض إذا زاد عن مدته فما هو الصحيح في ذلك (1)؟ ج: دم النفاس نهايته أربعون، فإذا زاد عن أربعين فهو دم فساد لا يعتبر، ولا يمنع الصلاة ولا الصوم، ولا يمنع الزوج من إتيان أهله؛ لأنه دم فاسد، والنفاس نهايته أربعون، لكن لو طهرت قبل الأربعين لعشرين أو ثلاثين فإنها تحل لزوجها إذا طهرت قبل الأربعين، ولها أن   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (44). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 453 تصوم في هذه المدة، ولو عاد لها الدم قبل نهاية الأربعين فإن صومها صحيح في أيام الطهارة، أما ما زاد عن الأربعين فإنه دم فساد، تغتسل وتتحفظ بالقطن ونحوه، حتى لا يؤذيها الدم، وتصلي وتصوم، وتحل لزوجها؛ لأن الدم يعتبر دما فاسدا، لكن إن جاء الدم بعد الأربعين ووافق الحيض فإنه يسمى حيضا، ويعتبر حيضا، لا تصلي ولا تصوم من أجل الحيض، أما الدم المتصل بالنفاس بعد الأربعين فليس بحيض، يعتبر دما فاسدا، تصلي وتصوم وتتحفظ بالقطن ونحوه إلى أن ينقطع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 454 306 - حكم صلاة وصيام من انقطع عنها دم النفاس قبل الأربعين س: سمعنا في حلقة ماضية مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز لقاء، وقد قال في هذا اللقاء: إن المرأة إذا طهرت قبل الأربعين فلها أن تصلي وتصوم. لكن لو عاد إليها الدم خلال الأربعين فهل يعتد بصومها الذي صامته؟ وهل يجوز لزوجها مباشرتها في الأربعين (1)؟ ج: نعم، إذا طهرت المرأة في الأربعين – كما تقدم – تصلي وتصوم وتحل لزوجها ولو ما كملت الأربعين؛ لأن الحكم مناط بالطهارة، فإذا   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (14). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 454 رأت الطهارة في يوم عشرين يوما في النفاس، أو ثلاثين يوما في النفاس فطهارتها صحيحة، وعليها أن تغتسل غسل النفاس، وتتوضأ وضوء الصلاة وتصلي وتصوم، وتحل لزوجها ولو أنها ما كملت الأربعين بسبب وجود الطهارة، فلو عاد الدم خلال الأربعين وهي طهرت مثلا في شهر، وبقيت ثلاثة أيام، أربعة أيام طاهرة، ثم عاد عليها الدم في الخامسة والثلاثين، في السادسة والثلاثين فالصحيح أن هذا الدم يعتبر نفاسا، لا تصلي فيه ولا تصوم ولا تحل لزوجها، لكن صومها الذي في أيام الطهارة وصلاتها صحيحة لا تعاد، ليس عليها أن تعيده بعد ذلك أو تقضيه، إلا صوم وقع في محله وصلاة وقعت في محلها، وكون زوجها باشرها في ذلك كذلك لا حرج عليه؛ لأنه باشرها في وقت الحل في الطهارة، أما بعد رجوع الدم في الأربعين فإن هذا الدم الذي رجع قال بعض أهل العلم: إنه مشكوك فيه. فالصواب أنه ليس مشكوكا فيه، بل هو دم نفاس، يعتبر دم نفاس مثل الدم الذي يعود وقت الحيض، فلا تصلي ولا تصوم، فإذا مضت الأربعون ولم ينقطع قد تقدم أن الدم الزائد يعتبر فاسدا، بعد الأربعين تصلي وتصوم فيه وتعتبره دم استحاضة، عليها أن تتحفظ فيه بقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، وتصلي الصلوات في أوقاتها، أو تجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولا بأس، وتحل لزوجها كما تقدم، والجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء أفضل للمستحاضات ومن في حكمهن، هو أفضل لهن، ومع ذلك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 455 يغتسلن للظهر والعصر غسلا واحدا، والمغرب والعشاء غسلا واحدا والفجر غسلا واحدا إذا تيسر ذلك، كما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض المستحاضات. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 456 س: إذا صامت عشرة أيام خلال الأربعين في رمضان، ثم عاد عليها الدم خلال الأربعين هل يعتد بصومها الذي صامته (1)؟ ج: نعم، صومها صحيح، ولا تقضيه؛ لأنه وقع في وقت الطهارة، وصومها صحيح.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (14). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 456 307 - حكم دم النفاس إذا استمر أكثر من أربعين يوما س: إذا تأخرت المرأة؛ لم تطهر أثناء النفاس، وأنهت الأربعين يوما وهي لم تطهر هل تصلي أم تبقى دون صلاة (1)؟ ج: إذا استمر الدم مع النفساء حتى كملت الأربعين فإن هذا الدم الذي زاد معها يعتبر دم فساد، فتغتسل وتصلي وتصوم ولا تلتفت إليه، يكون مثل دم المستحاضة، دم فاسد، تتوضأ لكل صلاة، تتحفظ بقطن ونحوه عن أذى الدم لها في ثيابها وبدنها، وتصلي على حسب حالها،   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (12). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 456 ولا مانع من أن تصلي الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا كالمستحاضات، ولا يعتبر نفاسا، ومن حين تتم الأربعين لا يعتبر الدم الذي معها نفاسا، بل هو دم فساد، هذا هو المعتمد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 457 308 - حكم دم الإجهاض ومدته س: من المستمعة مها، بمكة المكرمة: إذا أجهضت المرأة فما حكم دم الإجهاض؟ هل حكمه كالنفاس أم كالحيض؟ وما هي أكثر مدته وأقلها (1)؟ ج: إن كان الإجهاض بعدما تخلق الطفل، ووجد فيه علامة الإنسان؛ من رجل، أو رأس، أو يد ولو خفيا فإنه نفاس، حكمه حكم النفاس، عليها أن تبقى حتى تطهر ولو إلى أربعين يوما؛ لأن هذه نهاية النفاس أربعون يوما، هذه هي النهاية، فإن طهرت قبل ذلك؛ لعشرين، أو لشهر اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها، فإن استمر معها الدم تركت الصلاة والصوم ولم تحل لزوجها حتى تكمل أربعين، إذا كملت الأربعين اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها ولو كان معها الدم؛ لأنه دم فساد حينئذ، فإن النفاس نهايته وأكثره أربعون يوما، فما زاد عليه يعتبر دم فساد، تصلي وتصوم بعد الغسل، وتحل لزوجها، وتتحفظ بقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، كالمستحاضات   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (54). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 457 وكصاحب السلس، أما لو طهرت لأقل من ذلك؛ لعشرين، أو لخمسة عشر، أو لثلاثين، أو نحو ذلك فإنها تغتسل وتصلي وتصوم ولو كانت في أثناء الأربعين، وتحل لزوجها أيضا. أما إن كان هذا الإجهاض لم يتخلق، بل أجهضته دما أو لحمة ليس فيها خلق إنسان بين فإن هذا يعتبر دم فساد، تصلي وتصوم كصاحب السلس، وتتوضأ لوقت كل صلاة إذا دخل الوقت، وتعتبر نفسها كالمستحاضات، وكصاحب السلس، وكالمريض، إذا شق عليها ذلك تصلي الظهر والعصر جمعا، والمغرب والعشاء جمعا من أجل كثرة الدم، والمقصود أنها في هذه الحالة كالمستحاضة وكصاحب السلس، تصلي وتصوم وتحل لزوجها؛ لأن ليس بنفاس حتى ينقطع عنها ذلك، وتتوضأ لوقت كل صلاة كما تقدم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 458 س: لدي زوجة أسقطت في الشهر الثالث، أي قبل أن يتمثل الجنين، وبقي الدم معها لما يقارب من ثلاثة أشهر، وخلال المدة المذكورة لم تستطع أن تؤدي الفرائض المطلوبة في الصلاة بسبب سيلان الدم؛ وذلك لأن الغسل لكل صلاة صعب جدا عليها، لدى سؤال بعض العلماء عن ذلك أفاد بأن المرأة التي تسقط في الثلاثة الشهور من الحمل، ونزل منها الجنين عبارة عن لحمة فإن عليها أن تؤدي الفرائض؛ من الصلاة، والفرائض الأخرى، حتى الزوج له حق في جماعها، والسؤال: هل هناك نص شرعي بذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا أسقطت المرأة جنينها ففيه تفصيل: إذا كان إسقاطها للجنين قبل أن يتخلق؛ قبل أن يوجد فيه علامة الإنسان؛ من رأس، أو رجل، أو ما أشبه ذلك بل دم، أو دم متجمع لم يظهر فيه ولو خفيا، ما ظهر فيه خلق الإنسان هذا يعتبر دما فاسدا كالمستحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، كما أفتى السائل بعض العلماء بذلك، هذا مثل ما قال له المفتي الذي أفتاه من أهل العلم صحيح، إذا كان سقط دما ما فيه لحم الإنسان المتخلق، أو لحمة ما فيها خلق إنسان لا خفي ولا ظاهر هذا يعتبر دما فاسدا، وتعتبر المرأة في حكم المستحاضة التي عليها أن   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (13). الجزء: 5 ¦ الصفحة: 459 تصلي وتصوم، وتباح لزوجها، وعليها مع ذلك أن تعتني بالطهارة، تغتسل إذا تيسر لها ذلك لكل صلاة، أو الظهر والعصر جمعا في غسل واحد، والمغرب والعشاء غسلا واحدا، هذا يكون أكمل وليس بواجب، وإنما الواجب الوضوء، إذا دخل الوقت تتوضأ وضوء الصلاة؛ تستنجي بالماء في فرجها، تغسل ما أصابها من الدم، تستثفر بشيء من القطن ونحوه، وتتوضأ وضوء الصلاة بغسل وجهها ويديها، ومسح رأسها، وغسل رجليها، وضوء الصلاة المعروف بعد الاستنجاء، بعد غسل ما في الفرج من النجاسة، ثم تصلي كل وقت في وقته، وإن جمعت صلاة الظهر والعصر جميعا، وأخرت الأولى الظهر مثلا وعجلت العصر وصلتهما بغسل واحد هذا أفضل، وكذلك المغرب والعشاء؛ تؤخر المغرب عن وقتها بعض الشيء، وتعجل العشاء في وقتها، تكون صلاتها متقاربة، العشاء والمغرب جمعا يسمى صوريا، وليس بجمع حقيقة، هذا لا بأس به، وأفضل لها حتى يتيسر لها غسل واحد، هذا من باب الفضائل، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم أنه من باب الفضائل، لم يكن بالوجوب، والواجب عليها غسل واحد للحيض فقط، ما دامت هذه المرأة قد أصابها النزيف، وليس عندها نفاس شرعي فإن هذا الدم يعتبر دما فاسدا؛ دم استحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولا حرج عليها في ذلك، إلا أنها تؤمر بأن تستنجي وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا بأس عليها أن تجمع – وهو أفضل – بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وتغتسل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 460 لهما غسلا واحدا لهاتين ولهاتين، والفجر وحده غسلا واحدا إذا تيسر ذلك، وإلآ فليس بلازم، هذا هو حكم هذه المسألة وأشباهها، هذه المسألة التي يبتلى بها كثير من النساء، تسقط في شهرين، أو ثلاثة وما فيه خلق إنسان؛ لا رأس، ولا رجل، ولا شيء من ذلك هذا دم فاسد، تتحفظ فيه وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، أما إن كان فيه خلق إنسان؛ فيه رأس بين، أو رجل، أو يد، أو ما أشبه ذلك مما يبين أنه إنسان هذا نفاس، تمكث لا تصلي ولا تصوم حتى تطهر، ولا تحل لزوجها أيضا، فإذا طهرت بعد إسقاط هذا الجنين، ولو بعد خمسة أيام، عشرة أيام، عشرين يوما متى طهرت تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولو ما مضى عليها إلا عشرة أيام، أو عشرون يوما ما هو لازم أن تكمل أربعين يوما، فإن مضى معها الدم واستمر معها الدم حتى كملت أربعين فهو نفاس، ولكن لا يزيد على أربعين، لو استمر معها تغتسل وتصلي، تصوم ولو كان معها الدم، يعتبر دما فاسدا، ما زاد على الأربعين يعتبر دما فاسدا على الصحيح، تصلي فيه وتصوم وتحل لزوجها، تتوضأ لوقت كل صلاة، وتتنظف عند دخول الوقت بالاستنجاء، وتتحفظ بقطن ونحوه، هذا هو الواجب عليها بعد الأربعين ولو سال معها الدم، كالمستحاضة التي معها الدم من غير إسقاط. بعض النساء قد يصيبها الدم وهي ما فيها حمل وتسمى مستحاضة، فإذا جاء وقت حيضها توقفت عن الصلاة والصوم، وحرمت على زوجها، تبقى هكذا في حكم الحيض، فإذا مضى وقت الحيض الذي تعرفه بعده تغتسل وتصلي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 461 وتصوم وتحل لزوجها مدة الطهارة الحكمية، حتى يأتي وقت الحيض المعتاد، وهكذا التي أنزلت دما وهي تعتبر نفسها حاملا، ثم أراد الله عليها إسقاط هذا الحمل بأسباب، فإن هذا الدم يكون دما فاسدا إلا إذا علمت القابلة الثقة التي قبلتها أنه خرج منها لحم فيه خلق إنسان؛ من رأس أو رجل أو ما أشبه ذلك فهذه تكون نفساء، تعتبر نفسها نفساء إذا كان فيه خلق الإنسان ولو خفيا فلا تصلي ولا تصوم حتى تطهر، والطهارة ليس لها حد محدود، ليس بلازم أن تكمل الأربعين، لا، لو طهرت وهي بنت عشرة أيام أو عشرين يوما أو شهر، الطهارة صحيحة وتصلي وتصوم في هذه الطهارة، فلو عاد الدم عليها في الأربعين تجلس أيضا، تعتبره نفاسا ولا تصلي في الأربعين إذا عاد عليها الدم فيها على الصحيح، فإذا استمر معها الدم إلى كمال الأربعين تعتبر هذا الدم الزائد دما فاسدا بعد الأربعين، تصلي فيه وتصوم، وتحل لزوجها وتتوضأ لوقت كل صلاة تتحفظ في فرجها بشيء من القطن ونحوه إذا استنجت، هذا هو الحكم في ذلك كالمستحاضة سواء، ولا تزال على هذا العمل حتى يخلصها الله من هذا النزيف، وإذا جمعت بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فلا بأس كما تقدم وتغتسل لهما غسلا واحدا أفضل وتغسل الفرج غسلا واحدا إن تيسر ذلك وإلا فالغسل الواجب إنما هو غسل الحيض أو غسل النفاس، هذا الواجب أو الغسل من الجنابة كما هو معروف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 462 309 - حكم الإجهاض الذي لم يتخلق فيه الجنين س: تقول هذه السائلة: امرأة أسقطت أربع مرات وعمر الجنين أقل من شهرين، ولا تصلي حتى تطهر هل عليها قضاء؟ ج: إذا كان فيه علامة إنسان؛ رأس، أو يد، أو رجل فهو نفاس، تترك الصلاة أربعين ليلة إلا أن تطهر قبل الأربعين، أما إذا كان دم فقط، ما فيه رأس ولا رجل فالواجب عليها الصلاة وقضاء الصلاة التي تركت؛ لأنه ما هو بنفاس، نزول الدم ليس بنفاس إلا إذا كان فيه علامة إنسان؛ من يد، أو رجل، أو رأس، شيء يبين أنه طفل. انتهى الجزء الخامس من كتاب الطهارة ويليه بإذن الله الجزء السادس وأوله كتاب الصلاة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 463 بسم الله الرحمن الرحيم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 3 صفحة فارغة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 4 باب شروط الصلاة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 5 صفحة فارغة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 6 باب شروط الصلاة 1 - بيان سن التكليف بالعبادات س: ما هي السن التي لا حساب فيها هل هي ما قبل الخامسة عشرة أو أقل أو أكثر (1) جزاكم الله خيرا؟ ج: سن التكليف خمس عشرة إذا أكمل الرجل أو المرأة خمس عشرة سنة فقد دخل في التكليف للصلوات الخمس وصوم رمضان، وحج البيت مع الاستطاعة وسائر التكاليف أما الزكاة فيلزمه الزكاة في ماله ولو كان صغيرا لأنها حق المال فيخرج الزكاة عنه وليه وإن كان صغيرا وهكذا النفقات اللازمة في المال فيخرجها الولي عن الصغير إذا كانا عاقلين، أما المجنون والمعتوه فليس عليه تكليف ولو بلغ مائة سنه إذا كان عقله زائلا سواء سمي جنونا أو عتها فلا تكليف عليه،   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم: 329. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 7 وهكذا كبير السن إذا زال عقله، إذا كبرت سن الإنسان حتى خرف وزال عقله ارتفع عنه التكليف سواء كان رجلا أو امرأة أصيب باختلال العقل لكبر السن، وفق الله الجميع. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 2 - حكم صلاة وصوم الأولاد الذين لم يبلغوا الحلم س: هل الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات فرض على الأولاد الذين لم يبلغوا أم لا: وهل يعاقبون على ترك الصلاة مثلا (1)؟. ج: من شرط الوجوب التكليف، أن يبلغ الحلم الرجل والمرأة، والحلم يكون بإكمال خمس عشرة سنة للذكر والأنثى أو إنبات الشعر الخشن حول الفرج الشعرة أو إنزال المني بالاحتلام أو بالنظر أو بغير هذا من أسباب إنزال المني، إذا نزل المني بأي سبب عن شهوة صار رجلا مكلفا، وصارت البنت مكلفة هذه أمور ثلاثة يحصل بها البلوغ للرجل والمرأة: الأول: إكمال خمس عشرة سنة هجرية. الثاني: إنبات الشعرة التي حول الفرج - يعني الشعر الذي حول   (1) السؤال السادس من الشريط رقم: 274. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 الفرج ويسمى: الشعرة والعانة - للرجل والمرأة. الثالث: إنزال المني عن شهوة باحتلام أو بغيره. وهناك رابع في حق المرأة وهو الحيض، إذا حاضت ولو بنت تسع أو عشر تكون امرأة مكلفة، تجب عليها الصلاة والصوم صوم رمضان والحج مع الاستطاعة وهكذا الرجل. فالمقصود أن بهذه الأمور الثلاثة في حق الرجل والمرأة يجب عليهما الصلاة - الصلوات الخمس - وصوم رمضان وحج البيت مع الاستطاعة وعلى المرأة إذا حاضت كذلك يجب عليها الصلوات الخمس وصوم رمضان والحج مع الاستطاعة أما من قبل البلوغ فإنه لا يجب عليه لكن يشرع له إذا بلغ سبعا يؤمر بالصلاة ويؤمر بالصوم إذا أطاق ذلك، يأمره وليه بالصلاة والصوم وهكذا ابن عشر وما فوقه حتى يبلغ، حتى يعتاد الخير وحتى يعتاد الصلاة، وحتى يعتاد الصوم، يأمره وليه ويأمرها وليها بهذا وإذا بلغ الرجل عشرا والمرأة عشرا فللولي أن يضربهما إذا تخلفا؛ لأن النبي عليه السلام قال: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (1)» والأولاد يشمل   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 9 الذكر والأنثى، «وفرقوا بينهم في المضاجع (1)» إذا بلغ الذكر عشرا والأنثى عشرا فإنه مأمور بأن يضربهما وأن يؤدبهما إذا تخلفا عن الصلاة، وهكذا الصوم - صوم رمضان - حتى يتمرنا ويعتادا فعل هذا الواجب، فإذا بلغا فإذا هما قد اعتادا وصار من سجيتهما وخلقهما، وهكذا وليهما يزجرهما عن المعاصي، عن الغيبة والنميمة والسب والشتم، وغير ذلك من المعاصي التي نهى الله عنها ورسوله، الولي ينهاهما عنها قبل البلوغ وبعده.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 3 - حكم أمر الأولاد الذين دون العاشرة بالصلاة س: يقول السائل: بالنسبة إلى صلاة الأولاد دون العاشرة، هل على الوالدين إثم إذا لم يلتزموا بهذه الصلاة (1)؟ ج: يأمرونهم بها فقط، ولا إثم عليهم فإذا بلغوا عشرا وجب أمرهم وتأديبهم حتى يصلوا أما دون العشر ما فوق السابعة ودون العشر فالمشروع الأمر فقط، إذا بلغ سبعا يؤمر ولا يضرب حتى إذا بلغ عشرا فأكثر يضرب عليها.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم: 435. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 س: الطالبات في الصف الأول والثاني والثالث وعدم تأديتهن الصلاة كما ينبغي فما الحكم يا سماحة الشيخ؟. ج: لا بد من التعليم، ولا بد من التوجيه للطالبات والطلبة جميعا، فعلى المعلم وعلى المعلمة التوجيه والإرشاد وليس المقصود التعليم فقط مع التعليم أمر آخر وهو التوجيه والإرشاد والتربية الصالحة، فالمعلم يعلم الأولاد الصلاة ويعلمهم الأخلاق الفاضلة ويحذرهم من الأخلاق الذميمة كالكذب والرياء والغيبة والنميمة والسب والشتم ونحو ذلك، وهكذا المعلمة تعلم الطالبات الأخلاق الفاضلة، تحثهن على الصلاة، وتحثهن على الأمانة، وعلى حفظ اللسان عما لا ينبغي هكذا ينبغي للمعلمة وهكذا ينبغي للمعلم أن يكون التعليم معه إرشاد ومعه توجيه قولي وعملي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 4 - حكم ترك الفرائض لمختل الشعور س: يقول السائل: هل الإنسان الذي هو غير مكلف والذي هو مختل الشعور هل يؤاخذ على تركه للفرائض والنوافل أم لا (1)؟   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم: 285. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 ج: إذا كان مختل الشعور لا يؤاخذ بشيء يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ (1)» فالنائم لو تكلم في نومه بالسب والشتم أو طلق لا يؤاخذ ولا يقع الطلاق لعدم العقل، هكذا المجنون والمعتوه الذي غير مضبوط العقل أو تكلم في حال جنونه والصرع، كل هذا لا يلتفت إليه، وهكذا إذا كان معتوها، ولو كان ما فيه جنون، معتوه العقل لكبر سنه، أو لأنه أصابه خلل في عقله لا يحسن التصرف فلا يؤاخذ بشيء؛ لأنه مرفوع عنه القلم وهكذا الصغير إلى أن يبلغ لا يؤاخذ، وإنما يؤاخذ بعد البلوغ، لكنه يعلم ويؤمر وينهى ويؤمر بالصلاة، ويؤمر بالصيام إذا استطاع الصيام، ويمنع عن الفحش والكلام السيئ، ويؤدب على ذلك، لكنه لا يؤاخذ بذلك من جهة الرب عز وجل، وإنما وليه يؤدبه ويعلمه حتى يعتاد الخير وحتى يتجنب الشر؛ لقول النبي صلى   (1) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399)، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432)، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه" والصغير والنائم، برقم (2041) ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 12 الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (1)» حتى يعتادوا الخير ويتمرنوا عليه، وحتى يبتعدوا عن الشر. ولما أخذ الحسن أو الحسين رضي الله عنهما تمرة من الصدقة قال النبي صلى الله عليه وسلم للحسن: «دعها كخ كخ أما علمت أنها لا تحل لنا الصدقة؟ (2)» وهو صغير الحسن ابن سبع سنين وأشهر حينما أتى النبي صلى الله عليه وسلم، والحسين أقل من ذلك فالحاصل أن تعليم الصبيان الخير وتحذيرهم من الشر أمر مطلوب ولكن لا إثم عليهم لو ماتوا على ذلك.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495). (2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب ما يذكر في الصدقة للنبي، برقم (1491)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله وعلى آله، برقم (1069). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 13 س: هل الإنسان الذي غير مكلف ومختل الشعور هل له صلاة إذا صلى وصام وإذا زكى وهل عليه حرج إن لم يفعل ذلك؟ جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم: 284. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 13 ج: الذي ليس له شعور بل قد زال عقله لا يسمى مكلفا، المكلف هو البالغ العاقل، هذا الذي يسمى مكلفا سواء كان رجلا أو امرأة، أما من كان غير بالغ وقد كان قد بلغ الحلم ولكنه زائل العقل بجنون أو غيره من أسباب زوال العقل، فإنه لا يكون مكلفا، وليس عليه صلاة ولا صوم ولا غيرهما من الواجبات إلا الواجب المالي كالزكاة، يجب على وليه أن يخرجه، فإذا حال الحول على مال الصبي أو المجنون وجب على وليه أن يخرج زكاته وهكذا لو أتلف شيئا على الناس وجبت قيمة المتلف في ماله؛ لأن هذا لا تشترط له نية، فيستوي فيه المكلف وغير المكلف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 14 5 - حكم ترك الفرائض لضعيف العقل س: هناك رجل ضعيف العقل ولكنه ليس مجنونا، إلا أنه لا يستطيع التمييز بين أشياء كثيرة، فهو لا يستطيع العد من الواحد إلى العشرة مثلا مهما حاولنا معه، هل يجب على مثل هذا الرجل الصيام والصلاة وضبطها عليه، حيث إنه يكلف ببعض الأعمال، مما يؤدي إلى عطشه كالرعي؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1).   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم: 270. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 14 ج: إذا كان يعقل أن الله أوجب عليه الصوم والصلاة، يفهم أنه خلق ليعبد الله ويميز فيما يتعلق بماله في ضبط ماله والتصرفات في ماله، فهذا من العقلاء يلزمه أن يؤدي ما أوجبه الله عليه من صلاة وغيرها، أما إن كان عقله قد اختل وتبين خلل عقله وأنه من جملة المعتوهين الذين ليس لهم عقل يميزون به بين الحق والباطل أو بين الخير والشر وبين ماله ومال غيره ونحو ذلك، فالعاقل بين إن كان عاقلا فعليه التكاليف، وان كان غير عاقل سقطت عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ (1)» فالذي يشبه المجنون بعدم ضبطه للأمور وعدم حسن التصرف لأن عقله مفقود فلا تكليف عليه.   (1) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399)، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432)، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه" والصغير والنائم، برقم (2041) ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 15 6 - حكم ترك الصلاة والصوم لكبير السن ضعيف البدن س: لي أب كبير في السن لا يستطيع الصلاة أو الصيام، بل لا يتقن الصلاة ولا يقوى على الصيام، هل أصوم عنه أو أطعم عنه كل يوم مسكينا؟ وهل يصح أن يصوم عنه أولاده منفردين أي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 15 متقاسمين الشهر؟ أفيدونا بارك الله فيكم (1) ج: إن كان عقله قد اختل فليس عليه صلاة ولا صوم إن كان قد اختل العقل بسبب الكبر، صار لا يحفظ الأمور ولا يتقنها بل يظهر عليه التخريف ونقص العقل وعدم ضبطه للأمور فلا شيء عليه لا صلاة ولا صوم؛ لأن هذه الأمور مناطة بالعقل، فإذا اختل العقل سقط التكليف بالصوم والصلاة وغير ذلك سوى الحق المالي من الزكاة فيزكى من ماله إذا كان عنده مال، هذا الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم. أما إن كان عقله باقيا ليس فيه خلل بل يعقل فإن الواجب عليه أن يصلي ولو على جنبه ولو مستلقيا يصلي بالكلام والنية، وهكذا يصوم إن كان يستطيع الصوم فإن كان لا يستطيع لكبر السن فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكين، ولا يصام عنه بل يطعم عنه عن كل يوم مسكين نصف الصاع من قوت البلد كيلو ونصف تقريبا من قوت البلد تمر أو أرز أو حنطة أو غير هذا مما يتقوته البلد. وإذا اختل شعوره فلا شيء عليه، أما إذا كان لم يتقن من أجل المرض - يعني يضعف - فإنه يوجه ويرشد حتى يصلي على حسب   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم: 88. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 16 حاله، إذا كان ما يستطيع على جنبه يكون مستلقيا، فيكبر ناويا الصلاة ويقرأ الفاتحة مثلا ويكبر ناويا الركوع ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ناويا الرفع وهو على حاله وهو مستلق أو على جنبه وهكذا يكبر ناويا السجود إلى آخره. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 17 س: يسأل المستمع من سلطنة عمان ويقول: معظم المسنين في مرحلة معينة تقدم بهم العمر لا يستطيعون التمييز بين أوقات الصلاة، فتجد البعض منهم في بعض الأحيان قائما يصلي صلاة العصر في حوالي الساعة الثانية ونصف ولم يدخل الوقت في مثل هذه الحالة، وأحيانا في الثالثة بالرغم من إقناعهم أن وقت الصلاة لم يحن بعد ولكنهم لا يقتنعون بسهولة، فهل يقبل منهم وهم على هذه الحالة، كبر السن والتقدم في العمر، وأحيانا يكونون على غير وضوء بسبب تقدمهم في السن (1)؟. ج: يعلمون ويوجهون، إذا كانوا يعقلون يعلمون، لا تجوز لهم صلاة إلا بعد دخول الوقت إذا سمعوا الأذان يصلون، إذا كانوا ما يستطيعون الذهاب إلى المساجد يقال لهم: لا يجوز، الصلاة باطلة. إلا إذا كان   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم: 417. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 17 مريضا له أن يجمع إذا كان كبير السن عاجزا، يصلي الظهر والعصر لا بأس في وقت إحداهما تصح، أو المغرب والعشاء في وقت إحداهما تصح؛ لأنه عاجز عن صلاة كل صلاة في وقتها فإذا صلى الظهر في وقت العصر أو العصر في وقت الظهر وجمع بينهما فلا بأس أو المغرب والعشاء لكبر سنه وعجزه، أما إذا كان شعوره قد زال ولا يعقل، ذهب عنه العقل فلا شيء عليه ليس عليه صلاة، ولا يشتغل به إذا كان عقله قد تغير واختل. أما إذا كان عقله مضبوطا فإنه يعلم، ويجب عليه أن يصلي الظهر والعصر في وقتها والمغرب والعشاء في وقتها ولا بأس بالجمع إذا كان يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها وإذا كان يستطيع الصلاة مع الناس يلزمه الخروج حتى يصلي مع الناس في المساجد والله المستعان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 18 7 - بيان وجوب تعليم كبير السن لتأدية الصلاة س: الأولاد والبنات إذا قاموا على والدهم الكبير في السن، هل لهم أجر إذا قاموا بتعليمه في تأدية الصلاة (1)؟   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم: 417. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 18 ج: بل يجب عليهم إذا كان يجهل، يجب عليهم أن يعلموه لكن بالرفق بالكلام الطيب والرفق لا بالشدة حتى يقبل منهم، وهكذا مع غيره من كبار السن ومع غيرهم يتحرى المعلم الرفق؛ لأن هذا أقرب إلى القبول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله (1)» فالولد مع والده ومع أخيه الكبير ومع جده ومع أمه يرفق كثيرا على أنه يقبل منه وهكذا مع غيرهم فإن الشدة قد تسبب الحرمان وعدم الفائدة، لكن يرفق.   (1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم (2592). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 19 8 - حكم صلاة كبير السن مختل العقل س: السائل ن. م، الفرعة يقول: امرأة كبيرة في السن تصلي فروضا وتترك أخرى، وإذا صلت يكون عليها نجاسة وتفوت بعض الأشياء، هل يلحقها شيء، في ذلك (1) ج: إذا كان عقلها قد اختل فليس عليها شيء، ما هي بمكلفة أما إذا كان عقلها ناقصا؟ يعني قد تنسى شيئا فإنه يبين لها إذا كانت عاقلة   (1) السؤال الثاني الثلاثون من الشريط رقم: 400. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 19 وتفهمه، أما إذا كان قد اختل عقلها لكبر السن أو لمرض أو ما أشبه ذلك فالله جل وعلا رفع عنها القلم والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق (1)» ومن كان عقله مختلا فهو مثل المجنون سواء.   (1) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399)، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432)، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه" والصغير والنائم، برقم (2041) ". الجزء: 6 ¦ الصفحة: 20 س: هـ. من الدمام تقول: جدتي في الخامسة والثمانين من العمر، تصلي لكن بدون طهارة، وتزيد في الركعات وتنقص، وتصلي وهي جالسة حيث إنها اختلطت عليها الأمور وكانت قبل ذلك تصلي صلاة صحيحة ووضوءا صحيحا، فهل علينا حرج في ذلك. (1). ج: ليس عليكم شيء - والحمد لله - قد اختل شعورها ولا عليها شيء لا عليها صلاة ولا صيام، هذه المرأة بهذا العمل اتضح أنه اختل شعورها وسقط عنها التكليف والحمد لله.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم: 370. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 20 9 - حكم صلاة كبير السن الذي لا يدرك أوقات الفرائض س: والدي كبير في السن وهو الآن مريض جدا، ودائما يريد أن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 20 يجلس عنده أي فرد من الأسرة. ثم تستمر في وصف حاله إلى أن تقول: إنه كان يصلي وكان يقوم الليل، لكنه الآن لا يصلي نتيجة لعدم معرفته للأوقات لكونه لا يسمع ولا يرى فبماذا توجهوننا ولاسيما وخوفنا عليه شديد جدا (1)؟. ج: إذا كان عقله معه، يعني لم يتغير عقله - يعلم بالكتابة أو بالإشارة التي يفهمها إذا دخل الوقت حتى يصلي وهكذا جميع الشؤون التي تحتاج إلى تعليم، يعلم إياها بالإشارة أو بالكتابة أو بأي طريقة يفهمها، إذا كان عقله معه، أما إذا كان قد اختل عقله فليس عليه شيء.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم: 333. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 21 10 – حكم صلاة المرأة ضعيفة العقل س: تقول السائلة: إنني أنجبت بنتين معوقتين وهما أختان من الأب والأم، البنت الأولى عمرها ثلاث عشرة سنة وهي تسمع وترى لكنها لا تعرف أن تتكلم أو تنطق اسمها، ولا تعرف حتى الليل من النهار، ودرست ست سنوات في المعهد الفكري في جدة ولم تستفد شيئا ولا حتى حرفا واحدا من القرآن الكريم، فبماذا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 21 تنصحونني يا فضيلة الشيخ، ولاسيما في أمر الصلاة ذلك أنها لا تعرف شيئا عنها، وإنني احترت معها وأنا أعلمها، هل علي إثم إذا تركتها؟ أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانت تعقل بالإشارة فعلموها بالإشارة كيف تصلي وكيف تتطهر وإن كانت لا عقل لها فالحرج منتف حينئذ، ولا تكليف عليها حينئذ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المعتوه حتى يفيق (2)» فهي الآن بين أمرين: إما أن تكون تعقل فعلموها ولو بالإشارة كيف تصلي، كيف تتوضأ، كيف تستنجي علموها، فإذا تعلمت كفى والحمد لله، وهي تصلي بقلبها ولو لم تنطق: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) وأحسنوا إليها وأبشروا بالخير، وارحموها يرحمكم الله أما إن كانت لا تعقل ولا تفهم الإشارة ولا تستفيد فليس عليكم شيء، والتكليف عنها مرفوع كالمجنون ونحوه.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم: 121. (2) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399)، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432)، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه" والصغير والنائم، برقم (2041) ". (3) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 22 س: عندي أخت من أمي مرضت عند ولادتها حيث إنها أصبحت لا تأكل مثل الناس ولا تتكلم مع أحد، ودائما تفكر في الدنيا مثل الناس وهي لا تصلي، فماذا علينا تجاهها، هل يسقط عنها التكليف (1)؟ ج: تعلم وتنصح وتوجه لعلها تهتدي لعل هذا عارض، توجه إن ثبت أن عقلها معها تؤدب حتى تستقيم، أما إن ثبت أن عقلها قد ذهب رفع عنها القلم، صارت مثل المجانين المرفوع عنهم القلم، لكن يعالج موضوعها، تختبر حتى يتبين إن كانت عاقلة تؤدب وتضرب حتى تصلي، فإن كانت ليست عاقلة اتضح أن عقلها قد ذهب، حكمها حكم المجنون والمعتوه.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم: 371. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 23 11 - حكم صلاة شارب الخمر س: يقول السائل: رجل يشرب الخمر بحجة أنها غذاء للدم كما يزعم، وهي لا تسكره، وهو يصلي فما حكم صلاته؟ وما حكم ما يفعل؟ جزاكم الله خيرا (1).   (1) السؤال السادس من الشريط رقم: 237. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 23 ج: إذا كانت تسكر غيره، فيها مادة السكر فإنه يحرم عليه أن يشربها ولو كانت لا تسكره؛ لأن بعض الناس إذا اعتادها قد لا يسكر فهي محرمة سواء سكر أم لم يسكر إذا كانت في إمكانها الإسكار لغيره لأنها خمر فالواجب عليه تركها والحذر منها وهي ليست غذاء للدم ولا غيره، «فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له رجل: يا رسول الله، إني أشرب الخمر للدواء، قال عليه الصلاة والسلام: إنها ليست بدواء ولكنها داء (1)» خرجه مسلم في الصحيح. ولكن هذه أوهام يتوهمون أنها تنفعهم، وهذا من تزيين الشيطان حتى ولو فرضنا أنه قال ذلك طبيب فقول النبي عليه الصلاة والسلام مقدم عليه، فلا يجوز شربها لا للدواء ولا لغير الدواء، ولو قال ألف طبيب إنها تنفع لا يجوز شربها لا للتداوي ولا لغيره، بل هي داء عضال ومنكر عظيم ومن كبائر الذنوب، وليس لأحد أن يشربها لا للتداوي ولا لغير التداوي أسكرته أم لم تسكره إذا كانت من شأنها أن تسكر غيره، ولكنه بسبب اعتياده لها قد لا تسكره بعض الأحيان، هذا لا يحلها له،   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطب، باب ما جاء في كراهية التداوي بالمسكر، برقم (2046). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 24 هي حرام عليه مطلقا ولو لم تسكره، وصلاته صحيحة إذا كان صلى وهو عاقل قد ذهب عنه السكر يتوضأ ويصلى، أما في حال السكر فصلاته غير صحيحة لأنه غير عاقل. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25 12 - حكم تارك الصلاة س: يسأل السائل ويقول: ما حكم تارك الصلاة (1)؟. ج: حكم تارك الصلاة فيه تفصيل عند أهل العلم: إن تركها جاحدا لوجوبها يقول: ما هي بواجبة، وهو عاقل؟ كفر بإجماع المسلمين لأنه مكذب لله ولرسوله والله سبحانه يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (2) ويقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3) ويقول جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (4) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان،   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم: 235. (2) سورة البقرة الآية 43 (3) سورة البقرة الآية 238 (4) سورة النساء الآية 103 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25 وحج البيت (1)» متفق عليه. ولما سأله جبرائيل عن الإسلام قال عليه الصلاة والسلام: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا (2)» والصلاة عمود الإسلام، فمن جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين، فإن كان بعيدا عن الإسلام في محلات لا تعرف الإسلام بين له وأقيمت عليه الحجة وذكر له الآيات فإن أصر على جحده وجوبها كفر إجماعا، أما الذي بين المسلمين يسمع القرآن والسنة، هذا إذا جحدها كفر، أما من تركها وهو لا يجحد لكن تكاسل، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر أيضا إذا تركها ولو لم يجحد وجوبها لأنها عمود الإسلام، وقد صح فيها أحاديث تدل على كفر من تركها، وقد نقل ذلك عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (16). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (8). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 26 الإسلام، وعموده الصلاة (1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في صحيحه. والكفر والشرك إذا عرف فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» وهذا هو الأرجح، وأصح القولين أنه يكفر كفرا أكبر - نعوذ بالله - ولو ما جحد وجوبها، سواء تركها كلها أو ترك الفجر أو الظهر أو العصر أو تارة يصلي وتارة لا يصلي يكفر بذلك وعليه أن يجدد توبة نصوحا. وذهب الأكثرون من الأئمة الأربعة من المالكية والحنفية والشافعية إلى عدم كفره، وأنه كفر أصغر وشرك أصغر، وهو قول جماعة من الحنابلة أيضا، ولكن الصواب الأول، أنه كفر أكبر؛ لأن الأدلة الشرعية تدل على كفره؛ لأنها عمود الإسلام، فيجب الحذر من ذلك، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ترك الصلاة، وأن يحافظ عليها في جميع الأوقات، المغرب والعشاء والفجر والظهر والعصر، يجب أن   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 27 يحافظ عليها جميعا، وأن يصليها في الجماعة أيضا إذا كان رجلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1)» ولما سأله رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (2)» أعمى ليس له قائد يقوده، ومع هذا يقال له: أجب، صل في الجماعة، فكيف بحال البصير؟ يكون الوجوب عليه أشد وأعظم؟ ولأن عدم الصلاة في الجماعة وسيلة إلى تركها بالكلية والتهاون بها، فالواجب على كل مكلف وكل مسلم الحذر من ذلك وأن يصليها في الجماعة ويحافظ عليها، ويحذر التأسي بأهل الباطل، يحذر صحبة الأشرار الذين يتركونها ويتهاونون بها ليحذرهم غاية الحذر والتهاون بها من صفات المنافقين فلا يجوز للمسلم أن يتأسى بهم، يقول الله سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). (3) سورة النساء الآية 142 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 28 فاحذر أن تشابه أعداء الله المنافقين، يقول الله في حقهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (1) فالواجب الحذر من صفات المنافقين، والواجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلاة في أوقاتها والرجل يؤديها في الجماعة، والمرأة تؤديها في بيتها وتحافظ عليها في وقتها، تحذر الكسل والتهاون فهي عماد الإسلام، وهي الفارقة بين الكفر والإسلام، في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أول ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته - يعني يوم القيامة - فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر (2)» وهذا من الأدلة   (1) سورة النساء الآية 145 (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، برقم (413)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب قول النبي: «كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه»، برقم (846)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب المحاسبة على الصلاة، برقم (465)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أول ما يحاسب به العبد الصلاة، برقم (1425). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 29 على كفر تاركها. فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يحافظ على الصلاة في الجماعة، وهكذا كل مسلمة عليها أن تتقي الله وأن تراقب الله وأن تحافظ على الصلاة في وقتها، كل وقت، ولا يجوز تأخير الفجر حتى طلوع الشمس إلى أن يذهب إلى العمل، يجب أن يصليها في الوقت مع الجماعة في مساجد الله، فإن صلاها في البيت صحت مع الإثم لكن ليس له أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، ولا يؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، ولا يؤخر المغرب إلى أن يغيب الشفق، يجب أن يصلي في الوقت ويجب أن يصلي في الجماعة إذا كان رجل يصليها في المساجد، فإذا أهملها وضيعها كفر - نسأل الله العافية - بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» والحكم عام للرجل والمرأة، ولهذا في الحديث الآخر: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» فالأحكام مشتركة، ما ثبت في حق الرجل ثبت   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 30 في حق المرأة، وما ثبت في حق المرأة ثبت في حق الرجل، إلا ما دل عليه الدليل بالخصوصية، فنصيحتي لكل مسلم ومسلمة تعظيم الصلاة والعناية بها والمحافظة عليها وعلى طهارتها وعلى جميع شؤونها وعلى الطهور فيها، الطهارة شرط لا بد منها والوقت كذلك، واستقبال القبلة كذلك، فالواجب على الجميع العناية بهذه الأمور، وأن يعتني بالطهارة والسترة، ويستر العورة، وأن يعتني باستقبال القبلة وأن يصليها في الوقت، والرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانه، «كان عمر رضي الله عنه يكتب إلى عماله - إلى أمرائه - ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (1)» يعني متى ضيع الصلاة ضيع دينه - نسأل الله العافية - ولا تجد إنسانا يتهاون بالصلاة إلا وهو متهاون بالدين، فهي علامة التهاون وعلامة المحافظة من حافظ عليها حافظ على بقية الدين واستقام أمره،   (1) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة، برقم (6). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 31 ومن ضيعها وتهاون بها، تهاون ببقية الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله وثبت في مسند أحمد رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما لأصحابه: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1)» نسأل الله العافية، وإنما يحشر مع هؤلاء الكفرة لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة لأنه ملك أو لأنه رئيس جمهورية، أو شيخ قبيلة فقد شابه فرعون، فيحشر مع فرعون إلى النار يوم القيامة، وإن ضيع الصلاة من أجل الوزارة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن ضيع الصلاة بأسباب الأموال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به الأرض وبأهله فيكون معه يوم القيامة في النار - نسأل الله العافية - وإن ضيعها بأسباب المعاملات والتجارة شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة، أبي بن خلف كان من تجار أهل مكة، قتل يوم أحد، قتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة عليه الصلاة   (1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 32 والسلام كافرا، فمن ضيع الصلاة من أجل البيع والشراء والمعاملات شابه عدو الله أبي بن خلف فيحشر معه إلى النار يوم القيامة فيجب الحذر أيها الإخوة في الله يجب الحذر أيها المسلمون، أيها المسلمون نوصيكم بالصلاة احرصوا عليها، حافظوا عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة وعدم النقر وعدم العجلة، اتقوا الله في صلاتكم، حافظوا عليها، اركدوا فيها اخشعوا فيها لله لا تعجلوا، أدوها بالطمأنينة والخشوع في القراءة وفي الركوع وفي السجود وفي الرفع بعد الركوع وبين السجدتين، إذا ركع يقرأ: سبحان ربي العظيم - لا يعجل - سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي - لا يعجل يطمئن - وإذا رفع يقرأ: سمع الله لمن حمده. إن كان الإمام أو منفردا وإن كان مأموما يقول: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. يكون مطمئنا، يعتدل واقفا، ثم ينحط ساجدا، ويعتدل السجود على السبعة الأعضاء، على جبهته وعلى أنفه، ويديه وركبتيه، وأطراف قدميه يطمئن، يقول: سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي يدعو ربه في سجوده، ويخشع لله في السجود، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 33 يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب؟ وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1)» يعني: حري أن يستجاب لكم. ويقول عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء (2)» وهكذا بين السجدتين يطمئن ولا يعجل، يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني لا يعجل، ثم يسجد الثانية ويطمئن ويدعو بما تيسر لا يعجل، هكذا المؤمن فالرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله ويسارع إليها إذا سمع الأذان حي على الصلاة، حي على الفلاح بادر سارع إلى هذه العبادة العظيمة، والمؤمنة كذلك في بيتها، تصليها في بيتها في وقتها بخشوع وطمأنينة وإقبال وإحضار قلب، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 34 13 - بيان أقوال العلماء في تارك الصلاة س: الأخ. ع. يسأل ويقول: ما حكم تارك الصلاة؟ فنسمع البعض يقول بأنه كافر، والبعض يقول: غير كافر، ما دام ينطق بالشهادتين، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» يقول البعض من الأئمة في هذا الحديث: الكفار هنا هم الكفار في عهد الرسول الذين كانوا في الجاهلية، أما الآن فمن ينطق بالشهادتين فهو مسلم. فوجهونا في ضوء ذلك سماحة الشيخ (2). ج: هذه المسألة التي سأل عنها السائل اختلف فيها العلماء رحمة الله عليهم على قولين: أحدهما أن من ترك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها فإنه يكون كافرا ولو صلاة واحدة إذا تركها حتى خرج وقتها يكون كافرا فلو تعمد ترك الفجر حتى طلعت الشمس أو تعمد ترك العصر حتى غابت الشمس، أو تعمد ترك المغرب حتى غاب الشفق يكفر   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) السؤال الأول من الشريط رقم: 385. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 35 بذلك؛ للحديث المذكور وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الخصيب رضي الله عنه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (3)» أخرجه البخاري في صحيحه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (4)» فالصلاة هي عمود الإسلام، فمن تركها كمن ترك الشهادتين، وهذا هو القول المختار وهو الأصح. وذهب بعض أهل العلم وهم الأكثرون إلى أنه كفر دون كفر يكون كافرا لكن كفر دون كفر لا يخرج من الملة يكون عاصيا لكن معصيته أكبر من الزاني وأكبر من السارق، وأكبر من شارب الخمر، معصية   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). (4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 36 عظيمة، لكن لا يكون كافرا كفرا أكبر إذا لم يجحد وجوبها، إذا كان يقر بأنها واجبة، ولكن حمله الكسل على تركها فهذا عند الأكثرين لا يكفر كفرا أكبر، ولكن كفر أصغر، والواجب استتابته، فإن تاب وإلا قتل، والصواب هو الأول، الصواب كفره كفر أكبر للأحاديث المذكورة، وليس عليه قضاء إذا هداه الله وتاب، ليس عليه قضاء، فسائر الكفرة إذا تابوا ليس عليهم شيء ليس عليهم قضاء ما تركوا، من صوم. ولا صلاة وإنما تكفي التوبة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37 14 - مسألة في حكم تارك الصلاة س: هل تارك الصلاة يكفر كفرا يخرجه من ملة الإسلام أم لا (1)؟. ج: تارك الصلاة على حالين: إحداهما أن يترك الصلاة مع الجحد للوجوب، يرى أنها غير واجبة عليه، وهو مكلف هذا يكون كافرا - نعوذ بالله - لأن من جحد وجوبها كفر بالإجماع - بإجماع المسلمين - وهكذا من جحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب صوم رمضان - وهم مكلفون - أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنا وقال: إنه   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم: 160. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37 حلال، أو جحد تحريم الخمر وقال: إنه حلال أو جحد تحريم الربا وقال: إنه حلال، كل هؤلاء يكفرون - نعوذ بالله - بإجماع المسلمين. أما من تركها تهاونا وكسلا وهو يعلم أنها واجبة فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من كفره كفرا أكبر وقال: إنه يخرج من الإسلام ويكون مرتدا كمن جحد وجوبها لا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن مع المسلمين ولا يرثه المسلمون من أقاربه، لقوله صلى الله علمه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» رواه مسلم. وهذا صريح منه صلى الله علمه وسلم في تكفيره يقول: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في صحيحه. والكفر والشرك إذا أطلق بالتعريف فهو الكفر الأكبر والشرك الأكبر. وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه مع أحاديث أخرى جاءت في الباب.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 38 وقال آخرون من أهل العلم: إنه لا يكفر بذلك كفرا أكبر بل كفرا أصغر؛ لأنه موحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويؤمن بأنها فريضة عليه، وجعلوها كالزكاة والصيام والحج لا يكفر من تركها، وإنما هو عاص وأتى جريمة عظيمة ولكنه لا يكفر بذلك. والصواب القول الأول؛ لأن الصلاة لها شأن عظيم غير شأن الزكاة والصيام والحج، فهي أعظم من الزكاة، وأعظم من الصيام، وأعظم من الحج، وهي تلي الشهادتين، وهي عمود الإسلام كما قال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (1)» فلها شأن عظيم، ومن ذلك ما ثبت في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في مسند أحمد بإسناد جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصلاة يوما بين أصحابه، فقال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2)» قالوا: يدل على أن حشره مع هؤلاء يكون كفرا بالله؛ لأن   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 39 حشره مع هؤلاء الكفرة، مع رؤوس الكفرة، يدل على أنه كفر كفرا أكبر، نسأل الله السلامة والعافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 40 س: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز؟ نرجو من سماحتكم أن تقولوا لنا رأيكم في مسألة احترنا فيها بسبب تعدد الآراء، وهي: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (2)» فنرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا معنى كلمة الكفر، ومتى يعد المرء كافرا، وهل المقصود من الحديث أن تارك الصلاة يعتبر كافرا إذا تركها تكاسلا وخمولا أم إذا تركها جحودا وإنكارا؟ أم إذا تركها بأي حال من الأحوال: أفتونا في ذلك جزاكم الله خيرا؟ أخوكم في الله: ح. ك، الكويت (3)   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم: 127. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 40 ج: ترك الصلاة من أعظم الجرائم ومن أعظم الكبائر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، ولأنها أعظم الأركان بعد الشهادتين، فإن تركها جاحدا لوجوبها أو مستهزئا بها ساخرا بها، ولو فعلها فهذا يكون كافرا بإجماع المسلمين، ويكون مرتدا عن الإسلام إذا تركها جاحدا لوجوبها أو استهزأ بها وسخر منها فإن هذا يعتبر كافرا كفرا أكبر، ومرتدا عن الإسلام بإجماع المسلمين. أما إذا تركها تكاسلا وتساهلا وهو يعلم أنها واجبة، وليس ساخرا بها ولا مستهزئا بها، ولكنه يحترمها ولكنه ربما تركها في بعض الأوقات تساهلا وتكاسلا كما يفعل بعض الناس في صلاه الفجر لا يصليها وربما ترك صلاة العصر أو صلاة العشاء ونحو ذلك، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، ومن أهل العلم من قال: إنه يكون كافرا كفرا أكبر ويحتج بالحديثين اللذين ذكرتهما أيها السائل، وهما حديثان صحيحان عن النبي عليه الصلاة والسلام، أحدهما قوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» خرجه الإمام أحمد بن حنبل في المسند بإسناد جيد وخرجه أيضا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون بإسناد صحيح   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 41 عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1)» والحديث الثاني قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام، قالوا: والكفر إذا عرف فهو الكفر الأكبر وهكذا الشرك إذا عرف هو الشرك الأكبر فالمعنى: بين الرجل وبين الوقوع في الكفر الأكبر والشرك الأكبر تركه الصلاة، وهذا يعم من تركها جاحدا ومن تركها متكاسلا وهذا القول هو الصواب وهو الأصح من قولي العلماء، أن من تركها تكاسلا يكون كافرا كفرا أكبر، ويدل على هذا أيضا الحديث الثالث وهو قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمراء الذين يخلون بالدين بعده عليه الصلاة والسلام، قال: «إنه سيجيء عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون قالوا: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم:؟ قال: لا   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 42 إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (1)» هكذا جاء الحديث في الصحيحين. وفي رواية قال: «ما أقاموا فيكم الصلاة (2)» فدل على أن ترك الصلاة وعدم إقامتها يعتبر من الكفر البواح الذي يوجب القيام على الوالي إذا ترك ذلك ويعتبر بذلك كافرا كفرا بواحا يجب أن يقاوم من المسلمين حتى يولى غيره على المسلمين، فالمقصود أن ترك الصلاة على الأصح يعتبر كفرا بواحا. وذهب آخرون من أهل العلم إلى تأويل هذين الحديثين وأن المراد كفر دون كفر وشرك دون شرك، وأنه لا يكفر بذلك إلا إذا جحد وجوبها أو استهزأ بها بل يكون عاصيا وقد أتى جريمة عظيمة وكبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كافرا كفرا أكبر. وأيضا هذا هو المعروف في مذهب الإمام مالك والشافعي وأبي حنيفة والجماعة، ولكن القول الأول أصح وأصوب وأقرب للدليل، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وأن يستقيم على أداء الصلاة وأن لا تمنعه وظيفته أو شهواته من إقامة الصلاة في وقتها، بل يجب أن يحذر   (1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 43 ذلك، وكذلك لا يجوز له أن يطاوع جلساء السوء في ذلك، بل يجب أن يحذر ذلك، وأن يكون قويا على جلساء السوء يأمرهم بالصلاة ويعينهم عليها، وإذا تركوا فارقهم وخالفهم وأداها في وقتها، هذه نصيحتي لكل مسلم، فليتق الله كل مسلم وليحذر ترك الصلاة، فإن تركها من أعظم الجرائم بل تركها كفر أكبر في أصح قولي العلماء بل بسببه لا يجوز له أن تبقى معه زوجة مسلمة، بل عليها أن تفارقه وأن تمتنع منه حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من ترك الصلاة، رزق الله الجميع العافية والهداية، لكن من تركها جاحدا هذا كافر بالإجماع، لقد أجمع المسلمون على أنه كافر كفرا أكبر لكن من تركها تكاسلا وهو يعلم أنها واجبة ويعترف أنها واجبة، ولكن يحمله الكسل والتهاون وقلة المبالاة على تركها، فهذا هو الذي فيه الخلاف، والصواب أنه يكون كافرا كفرا أكبر؛ للأحاديث التي سمعت في الجواب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 44 س: يقول السائل: نأمل أن تتكرموا بإفادتنا عن تارك الصلاة يكفر أم لا يكفر؟ نريد منكم تفصيلا كاملا حول هذا، ونريد سرد الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة في ذلك جزاكم الله خيرا؛ لأن هذا الموضوع شغل بال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 44 الكثير من المسلمين، وفقكم الله. (1) ج: هذه المسألة من المسائل العظيمة التي اختلف فيها العلماء، وهي مسألة ترك الصلاة متهاونا وكسلا لا عن جحد لوجوبها، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك، بأدلة كثيرة منها قوله جل وعلا: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (2) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (3) {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} (4) الآية، ومنها قوله جل وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (5) فدل على أن من لم يصل ليس بأخ في الدين وإن لم يجحد الوجوب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (6)» خرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح. وقوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (7)» خرجه مسلم في   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم: 244. (2) سورة المدثر الآية 42 (3) سورة المدثر الآية 43 (4) سورة المدثر الآية 44 (5) سورة التوبة الآية 11 (6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (7) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 45 صحيحه، وهذا كفر معرف بأل وشرك معرف بأل يدل على أنه كفر أكبر وشرك أكبر، وقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (1)» فشيء ترك عموده لا يبقى بل يسقط وقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمراء الذين يحدثون في الدين ويغيرون، قالوا: أفنقاتلهم؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (2)» وفي لفظ آخر قال: «لا حتى تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (3)» فجعل ترك الصلاة من الكفر البواح الذي يوجب كفر من فعله وقد ذكر عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة. فحكي عن الصحابة جميعا أنهم يرون ترك الصلاة كفرا، ولم ينقل عنهم اشتراط جحد الوجوب، فدل ذلك على أن تركها من غير جحد الوجوب كفر، وإطلاق الكفر في هذا المقام يقتضي أنه كفر أكبر؛ لأن هناك أعمالا عند الصحابة تركها كفر وفعلها كفر، لكنه ليس كفرا أكبر مثل الطعن في النسب، والنياحة   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 46 على الميت، سماه النبي عليه الصلاة والسلام كفرا، ولكنه كفر أصغر، وهكذا البراءة من النسب سماه النبي كفرا، براءة الإنسان من أبيه، «وانتسب إلى غير أبيه (1)» وهو كفر أصغر، فدل على أن الكفر الذي حكاه عبد الله بن شقيق عن الصحابة أنه كفر أكبر. وقال عمر رضي الله عنه: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة (2)» هذا القول هو أصح القولين وأرجح القولين من جهة الدليل، أما من جحد الوجوب فهو كافر عند الجميع من جحد وجوب الصلاة فهو كافر عند الجميع وإن صلى مع الناس؛ لأنه مكذب لله ولرسوله إذا جحد الوجوب، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يبادر وأن يسارع إلى الصلاة ويحافظ عليها في أوقاتها، وأن يتقي الله في ذلك، ويحذر أن يكون مع الكافرين ومن ضمن الكافرين وهو لا يدري فالصلاة عمود الإسلام وأعظم أركانه بعد الشهادتين فالواجب على المسلمين جميعا أن يحافظوا عليها وأن يعتنوا بها وأن يؤدوها في   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الحدود، باب من ادعى إلى غير أبيه، برقم (2609). (2) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الطهارة، باب العمل فيمن غلبه الدم، برقم (84). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 47 أوقاتها، وأن يصليها الرجل في جماعة في مساجد الله طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وحذرا مما وصف به من تركها من الكفر، ونسأل الله لجميع المسلمين التوفيق والهداية والعافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 48 س: صدرت عدة فتاوى من هذا البرنامج بتكفير تارك الصلاة سواء تركها جاحدا أم متهاونا فتتبعنا الأقوال والأدلة في ذلك فرجح لدينا هذا الحكم، لكن وقفت أمامنا مجموعة من الشبهات، نرجو من سماحتكم ردها وهي: أولا: مصير تارك الصلاة هل هو إلى الجنة أو إلى النار؟ وذلك لتعارض هذا الحكم مع عدة أحاديث منها حديث أبي ذر، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة. فسأل أبو ذر الرسول: وإن زنى وإن سرق؟ قال الرسول: وإن زنى وإن سرق (1)» فعل ذلك أبو ذر مرتين فأجابه الرسول نفس الإجابة وقال في الثانية: على رغم أنف أبي ذر. (2) الحديث، رواه البخاري.   (1) صحيح البخاري اللباس (5827)، صحيح مسلم الإيمان (94)، مسند أحمد (5/ 166). (2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب اللباس البيض، برقم (5827)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار، برقم (94). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 48 ثانيا: صدرت الفتوى بأن تارك الصلاة إن مات لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وهذا يعارض الحديث الذي رواه الدارقطني والبيهقي، وهو قول الرسول: «صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله، وعلى من قال: لا إله إلا الله (1)» ثالثا: تعارض هذه الفتوى مع حديث آخر لا يحضرني نصه، ولكن معناه أن من أدى الصلاة وحافظ عليها كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له عهد، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، فجعل تارك الصلاة في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. هذه ثلاث شبهات نرجو ردها مع التفصيل، وبيان الأدلة على ذلك، جزاكم الله خير الجزاء (2) ج: إن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة كلها قائمة على كفر تارك الصلاة، سواء كان جاحدا أو متساهلا، أما من كان جاحدا لوجوبها فهذا   (1) أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 401/1761) والبيهقي في السنن الكبرى، جماع أبواب الشهيد باب الصلاة على من قتل نفسه غير مستحل لقتلها، (4/ 19) بنحوه. (2) السؤال الأول من الشريط رقم 101. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 49 كافر بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، ومن كذب الله أو كذب رسوله كفر بإجماع المسلمين، أما من تركها تهاونا لا جحدا فهذا هو محل الخلاف بين أهل العلم، والسائل قد عرف ذلك، والصحيح كما عرفه السائل أن تاركها تهاونا يكفر كفرا أكبر وهذا قول جماعة من أهل العلم وقد حكاه التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم، أنهم ما كانوا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، وقد دل على ذلك أحاديث منها قوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» أخرجه مسلم في صحيحه. وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (3)» ومنها قوله صلى   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 50 الله عليه وسلم في الصلاة: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1)» وهؤلاء من صناديد الكفرة وكبارهم، فحشر تارك الصلاة معهم يدل على كفره، نسأل الله العافية والسلامة. وإن كان لم يتركها بالكلية، بل يترك بعضا ويؤدي بعضا وهناك أدلة أخرى دالة على ذلك، أما الشبهات الثلاث التي ذكرها السائل فجوابها بحمد الله ميسر، أما حديث أبي ذر فهو دليل على أن من مات على التوحيد لا يشرك بالله شيئا فإنه من أهل الجنة وإن زنى وإن سرق، وهكذا لو فعل معاصي أخرى كالعقوق والربا وشهادة الزور ونحو ذلك، فإن العاصي تحت مشيئة الله إن شاء ربنا غفر له، وإن شاء عذبه على قدر معاصيه إذا مات غير تائب، ولو دخل النار وعذب فيها فإنه لا يخلد، بل سوف يخرج منها إلى الجنة بعد التطهير والتمحيص، فمراد النبي صلى الله عليه وسلم أنه وإن زنى وإن سرق فمصيره إلى الجنة إذا مات على التوحيد، وإن جرى عليه قبل ذلك ما يجري على بعض العصاة من العقوبات، وهكذا الأحاديث   (1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 51 الأخرى الدالة على أن أهل التوحيد من أهل الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث عتبان: «إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله (1)» متفق عليه. وفي حديث جابر عند مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار (2)» والأحاديث كثيرة فهذا يدل على أن أهل التوحيد مصيرهم إلى الجنة وإن جرى منهم بعض المعاصي فإنهم تحت مشيئة الله فقد يعفى عنهم ويدخلون الجنة من أول وهلة لأعمال صالحة اكتسبوها رجحت بها موازينهم، وقد يدخلون النار ويعذبون فيها على قدر المعاصي ثم يخرجون منها، كما ثبتت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواترت، وأجمع على ذلك أهل السنة أن العصاة لا يخلدون في النار إذا ماتوا مسلمين على التوحيد والإيمان، فإنهم لا يخلدون في النار خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، برقم (425)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، برقم (33). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار، برقم (93). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 52 مسلكهم، فيكون من دخل النار من أهل التوحيد وهو عاص غير مخلد بخلاف الكفار، فإنهم يخلدون في النار أبد الآباد فحديث أبي ذر وما جاء في معناه إنما هو في حق العصاة الذين لم تصل معصيتهم إلى الكفر أما من وصلت معصيته إلى الكفر كتارك الصلاة، وسب الدين، والمستهزئ بالدين وأشباههم، هؤلاء نقضوا توحدهم ونقضوا إسلامهم، فلم يبق معهم إسلام ولم تنفعهم كلمة التوحيد إذا فعلوا ما ينقض الإسلام، فالذي ترك الصلاة ليس مثل الزاني والسارق، بل شأنه فوق ذلك وأعظم من ذلك فهو من جنس من سب الدين أو سب الله أو سب الرسول أو استهزأ بالدين أو نحو ذلك، هؤلاء كفار بإجماع المسلمين، ولو قالوا: لا إله إلا الله، ولو ماتوا غير مشركين؛ لأن سبهم للدين يدل على احتقارهم له وعدم مبالاتهم به، وهكذا استهزاؤهم به، قال الله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2) وهكذا لو جحد وجوب الصلاة كفر وإن كان موحدا، وإن كان يقول: لا إله إلا الله، وإن كان لا يشرك بالله شيئا عند جميع العلماء، إذا جحد وجوبها أو جحد وجوب الزكاة، أو جحد   (1) سورة التوبة الآية 65 (2) سورة التوبة الآية 66 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 53 وجوب صيام رمضان، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنى أو تحريم الخمر، كفر إجماعا ولو قال: لا إله إلا الله، ولو كان لا يشرك بالله شيئا؛ لأن فعله هذا يجعله كافرا في حكم المشركين، فيكون داخلا فيمن أشرك، وهكذا تركه للصلاة يجعله داخلا في الكفار، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما حكم بالجنة لمن مات لا يشرك بالله شيئا، يعني من قال: لا إله إلا الله موحدا غير مشرك، ومن ترك الصلاة خرج من أهل التوحيد إلى أهل الكفر، وهكذا من سب الدين خرج من أهل التوحيد إلى أهل الكفر، وهكذا من استهزأ بالدين، هكذا من جحد وجوب الصلاة ومن جحد وجوب الزكاة ومن جحد وجوب صوم رمضان، ومن جحد تحريم الزنى ومن جحد تحريم المسكر، ومن جحد تحريم العقوق للوالدين ومن جحد تحريم دم المسلم بغير حق، ومن جحد هذه الأمور كفر إجماعا، ولم ينفعه قوله: لا إله إلا الله، ولم ينفعه كونه لا يشرك بالله شيئا من جهة الأصنام أو القبور أو غير ذلك؛ لأنه أتى بناقض من نواقض الإسلام، ومن أتى بناقض من نواقض الإسلام لن تنفعه بقية الأمور التي عنده، وهكذا لو استهان بالمصحف، كفر إجماعا ولو قال: لا إله إلا الله، ولو كان لا يشرك بالله شيئا فلو جلس عليه إهانة له أو بال عليه كفر إجماعا؛ لأنه استهان بكلام الله، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 54 واحتقر كلام الله فهو يدل على عدم احترامه لله وعدم احترامه لكلامه سبحانه وتعالى، وبهذا تعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: «من مات لا يشرك بالله دخل الجنة (1)» «من قال: لا إله إلا الله صدقا من قلبه دخل الجنة (2)» إنما هذا في حق من قالها ولم يأت بناقض من نواقض الإسلام، أما إذا قالها وأتى بناقض كفر إجماعا ولم تنفعه هذه الكلمة كما أن من توضأ الوضوء الشرعي فقد أتى بالطهارة الشرعية له أن يصلي، لكن لو أتى بناقض، لو خرج منه الريح بعد ما توضأ أو بال بطل هذا الوضوء ولم تنفعه هذه الطهارة؛ لأنه أتى بناقض ينقضها، فهكذا من أتى بناقض من نواقض الإسلام لم ينفعه قوله: لا إله إلا الله أو شهادة أن لا إله إلا الله، أو كونه لا يشرك بالله؛ لأنه أتى بشي، ينقض دينه، وينقض إسلامه. الشبهة الثانية: حديث عبادة في: «إن على الله عهدا لمن أتى يحافظ على الصلوات أن يدخل الجنة، ومن لم يأت يحافظ عليها ليس له عند   (1) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب: المكثرون هم المقلون، برقم (6443)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار، برقم (94). (2) أخرجه أحمد في مسنده مسند الكوفيين، حديت أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، برقم (19689). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 55 الله عهد (1)» هذا حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو من أحاديث الفضائل، ولو صح فهو محمول على من حافظ عليها، ولكن أتى بشيء من النقص لم يتركها إنما حصل فيها خلل من بعض الشؤون التي لا تجعله تاركا لها، ولا جاحدا لها، فهذا شأنه شأن من أتى بالمعاصي تحت مشيئة الله إذا كان يصلي ولكنه أخل بشيء مما يجب فيها من جهة نقره لها بعض الأحيان، أو أشياء أخل بها لا تجعله في حكم التاركين، فهذا الإنسان قد يحصل منه نقص في صلاته، فيكمل له عمله بتطوعاته، كما في الحديث الثاني حديث أبي هريرة أن العبد إذا أتى بالصلاة أمر الله أن ينظر فيها فإن كملت كتبت كاملة وإلا قال سبحانه: «انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به فرضه (2)» فلو   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في المحافظة على وقت الصلاة، برقم (425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها، برقم (1401) بمعناه. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه، برقم (864)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، برقم (413)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب المحاسبة على الصلاة، برقم (465) مع اختلاف في اللفظ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 56 صح حمل على أنه أتى بشيء من النقص فيكمل فرضه، ولا يكون حكمه حكم من ترك بخلاف من تركها دائما أو ترك بعضها كمن يصلي الظهر دون الفجر، أو يصلي العصر دون المغرب، والعشاء أو ما أشبه ذلك، فمن ترك بعضها له حكم من تركها كلها نسأل الله العافية. وأما الشبهة الثالثة: حديث: «صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلوا خلف من قال: لا إله إلا الله (1)» فهذه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو صحت لكان المعنى: صلوا على من قال: لا إله إلا الله، إذا قالها بحق واستقام عليها، وهكذا صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله، يعني إذا قالها والتزم معناها وأدى حقها، فأما من قالها ونقضها بالشرك أو نقضها بأنواع من الكفر لم تنفعه، فالمنافقون يقولون: لا إله إلا الله ويصلون مع الناس ويصومون ويحجون وهم كفار؛ لأنهم نقضوها بكفرهم الباطن، واعتقادهم الباطن، وتكذيبهم لله في الباطن، فهكذا من قالها كما تقدم وسب الدين أو   (1) أخرجه الدارقطني في السنن برقم (1762) والبيهقي في السنن الكبرى بنحوه (4/ 19). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 57 سب الرسول، أو سب الله، أو استهزأ بالدين، أو استهان بالمصحف، أو ما أشبه ذلك فإن قوله: لا إله إلا الله لا ينفعه؛ لأنه أتى بناقض ينقض هذا الكلام، ويدل على كفره، وأن قوله: لا إله إلا الله ليس بصادق، بل عنده من الاستهانة بالله، وبحقوق أحكامه وبشريعته ما يجعله معدوم الإيمان، باطل هذا القول لأنه قال قولا لا حقيقة له ولا يعضده إيمان وتصديق، ونسأل الله العافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 58 15 – مسألة في تارك الصلاة س: سمعت في برنامج نور على الدرب أن تارك الصلاة تهاونا كافر كفرا مخرجا من الملة، ولكن الشافعية يقولون في كتاب النفحات الصمدية: إنه – أي تارك الصلاة – يستتاب ويقتل ويصلى عليه ويغسل ويدفن في مقابر المسلمين، فما رأي سماحتكم؟ وجزاكم الله خير الجزاء (1) ج: قد علم أن ترك الصلاة تهاونا من أكبر الكبائر ومن أعظم الجرائم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام والركن الأعظم بعد الشهادتين،   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 79. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 58 فلهذا صار تركها من أقبح القبائح ومن أكبر الكبائر، واختلف العلماء رحمة الله عليهم في حكم تاركها هل يكون كافرا كفرا أكبر أو يكون حكمه حكم أهل الكبائر على قولين لأهل العلم، منهم من قال: إنه يكون كافرا كفرا أصغر، كما ذكره السائل عن الشافعية، وهكذا عن المالكية والحنفية وبعض الحنابلة، وقالوا: إن ما ورد في تكفيره يحمل على أنه كفر دون كفر، وتعلقوا بالأحاديث الدالة على أن من مات على التوحيد وترك الشرك فله الجنة، وهذا موحد مات على توحيد الله، فلا يكون كافرا كفرا أكبر، أما لو جحد وجوبها قال: إنها غير واجبة هذا قد أجمع العلماء على كفره كفرا أكبر عند الشافعية والحنبلية والمالكية والحنفية وغيرهم من أهل العلم، وإنما الخلاف فيما إذا تركها تهاونا فقط وهو يؤمن بوجوبها. وقال بعض أهل العلم: إنه يكون كافرا كفرا أكبر، وهو المنقول عن الصحابة عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ثبت من حديث عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة ومعلوم أنهم يرون أن الطعن في الأنساب والنياحة على الميت نوع من الكفر، والبراءة من الأنساب نوع من الكفر، لكنه كفر أصغر، وعلم أن مراده بذلك أن ترك الصلاة كفر أكبر ليس من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 59 جنس ما ورد في النصوص تسميته كفرا وهو كفر أصغر، واحتجوا أيضا بما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» واحتجوا أيضا بما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» وبقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأئمة الذين يتركون بعض ما أوجب الله ويتعاطون بعض ما حرم الله سأله السائل عن قتالهم، قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (3)» وفي اللفظ الآخر: «إلا أن تروا كفرا بواحا (4)» فدل ذلك على أن ترك الصلاة كفر بواح، في أدلة أخرى، وهذا هو القول الصواب، وإن كان القائلون به أقل من القائلين بأنه كفر أصغر، لكن العبرة بالأدلة لا بكثرة الناس،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 60 يقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1)، ويقول سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (2)، فالأدلة الشرعية قائمة على أن تركها كفر أكبر ولو كان تهاونا وغير جاحد للوجوب، وأما ما يتعلق بالموت على التوحيد فيقال: إن من ترك الصلاة ما يكون مات على التوحيد يكون مات على الكفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها (3)» فالصلاة من حقها، ويدل على هذا قوله في الحديث الآخر في   (1) سورة النساء الآية 59 (2) سورة الشورى الآية 10 (3) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم (1400)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمنوا بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن من فعل ذلك عصم نفسه وماله إلا بحقها ووكلت سريرته إلى الله تعالى وقتال من منع الزكاة أو غيرها من حقوق الإسلام واهتمام الإمام بشعائر الإسلام، برقم (20). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 61 الصحيحين، يقول صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله (1)» ويقول جل وعلا عن أهل النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (2) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (3) {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} (4) {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} (5)، {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} (6)، فذكر من موجبات دخولهم النار تركهم الصلاة، - نسأل الله العافية - فالواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء الحذر من ترك الصلاة، تهاونا أو جحدا لوجوبها، فمن جحد وجوبها كفر إجماعا، ومن تركها تهاونا وتساهلا بها كفر في أصح قولي العلماء، فالواجب الحذر، نسأل الله للمسلمين العافية والسلامة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، برقم (25)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمنوا بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن من فعل ذلك عصم نفسه وماله إلا بحقها ووكلت سريرته إلى الله تعالى وقتال من منع الزكاة أو غيرها من حقوق الإسلام واهتمام الإمام بشعائر الإسلام، برقم (22). (2) سورة المدثر الآية 42 (3) سورة المدثر الآية 43 (4) سورة المدثر الآية 44 (5) سورة المدثر الآية 45 (6) سورة المدثر الآية 46 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 62 س: بالنسبة للمتأولين بعلم أو بغير علم كقولهم مثلا: الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. بعضهم مثلا نوقش في موضوع الصلاة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما (1)» نرجو من سماحة الشيخ توجيه الناس لفهم النصوص وما يجب عليهم تجاه النصوص التي فيها مثل هذه القواعد؟ (2) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهما إذا اجتنب الكبائر (3)» كذا جاء الحديث: إذا اجتنب الكبائر. وترك الصلاة من أكبر الكبائر، حتى على القول بأنها ليس تركها كفرا أكبر، فتركها من أكبر الكبائر، وفي لفظ آخر قال: «ما لم تغش الكبائر (4)» فمن أتى الكبائر لم   (1) سبق تخريجه. (2) السؤال الثاني من الشريط رقم 79. (3) سبق تخريجه. (4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 63 تكفر عنه الصلاة، ولا الصوم، ولا الزكاة، ولا الجمعة، ولا غير ذلك؛ ولهذا قال جمهور أهل العلم: إن أداء الفرائض وترك الكبائر يكفر السيئات الصغائر، أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال جل وعلا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (1) يعني الصغائر، {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (2) فإذا سمعت النصوص التي فيها ذكر تكفير السيئات ببعض الأعمال الصالحة فاعرف أن هذا بشرط اجتناب الكبائر مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما (3)» ومثل: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (4)» يعني إذا ترك المعاصي وترك   (1) سورة النساء الآية 31 (2) سورة النساء الآية 31 (3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773)، ومسلم في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، برقم (1349). (4) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب قول الله عز وجل "ولا فسوق ولا جدال في الحج "، برقم (1820). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 64 الكبائر، ولهذا قال: «ولم يرفث ولم يفسق (1)» وهكذا قوله: «والحج المبرور ليس له جزاء الله الجنة (2)» المبرور ليس معه إصرار على الكبائر وهكذا بقية الأعمال التي يعلق فيها الرسول صلى الله عليه وسلم تكفير السيئات بالعمل الصالح، يعني عند اجتناب الكبائر، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن صوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والتي بعده (3)» يعني عند اجتناب الكبائر وهكذا قوله في صوم يوم عاشوراء «إنه يكفر السنة التي قبله (4)» يعني عند اجتناب الكبائر لقوله سبحانه وتعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (5)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إلى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب قول الله عز وجل "ولا فسوق ولا جدال في الحج"، برقم (1820). (2) سبق تخريجه. (3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، برقم (1162). (4) سبق تخريجه. (5) سورة النساء الآية 31 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 65 الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر (1)» إذا اجتنب الكبائر، ما اجتنبت الكبائر كلها ألفاظ جاءت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما ذكر وضوءه عليه الصلاة والسلام، وأن من توضأ مثل وضوئه صلى الله عليه وسلم غفر له، قال: «ما لم تصب المقتلة (2)» قال العلماء: المقتلة يعني الكبيرة، يعني: ما اجتنب الكبائر، نسأل الله السلامة والعافية.   (1) سبق تخريجه. (2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه، بلفظ: (ما اجتنبت المقتلة)، برقم (23729). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 66 16 – تعريف الكبيرة من المعاصي س: الكبائر التي لا يكفرها إلا الإقلاع عنها حبذا لو تكرمتم بذكر بعض منها وأخطرها سماحة الشيخ (1) ج: هذه المعاصي العظيمة الكبيرة هي التي جاء فيها الوعيد إما بغضب أو لعنة أو نار، أو جاء فيها حد في الدنيا كالسرقة، والزنا، وشرب المسكر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، وأكل   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 79. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 66 أموال اليتامى، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات وقتل النفس بغير حق، وأشباه ذلك مما جاءت فيه النصوص بالوعيد، إما بغضب من الله على فاعله، أو لعنة أو وعيد بالنار، أو حد في الدنيا كحد السرقة والزنا ونحو ذلك، هذه الكبائر في أرجح أقوال أهل العلم، وقال بعض أهل العلم: يلحق بذلك المعاصي التي ينفى الإيمان عن صاحبها أو يتبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، يعني تلحق بالكبائر، كقوله صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (1)» يعني عند المصيبة، والصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة عند موت أبيها أو أخيها، والحالقة التي تحلق شعرها أو تنتفه، والشاقة التي تشق ثوبها، وفي اللفظ الآخر: «ليس منا من شق الجيوب، أو ضرب الخدود، أو دعا بدعوى الجاهلية (2)» هذا يدل على أن هذه من الكبائر عند جمع من أهل العلم؛ لأجل هذا الوعيد: ليس منا. أنا بريء، مثل نفي الإيمان،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، برقم (104). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ليس منا من ضرب الخدود، برقم (1297)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود، وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، برقم (103). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 67 مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه (2)» يعني ظلمه وعدوانه، وما أشبه ذلك من النصوص، هذا ما يقول به بعض أهل العلم أنها تلحق بالكبائر، إذا نفي الإيمان عن صاحبه، أو تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال فيه: ليس منا. فيلحق بالذنوب التي فيها اللعنة، أو الغضب، أو الوعيد بالنار، أو فيها الحد، كحد السرقة، وحد الزنا والقذف ونحو ذلك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، برقم (13)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، برقم (45). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه، برقم (6016). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 68 17 – حكم تارك الصلاة تهاونا أو جاحدا لوجوبها س: أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يبين فيها أن تارك الصلاة كافر، فهل هذا الكفر يخرج عن الملة؟ جزاكم الله خيرا (1).   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 313. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 68 ج: باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فالصلاة عمود الإسلام، وأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وتركها كفر أكبر عند جميع العلماء إذا جحد وجوبها وإن صلى، إذا جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، الله يقول سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (1) ويقول جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2). ويقول جل وعلا: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (3) وإن تركها ولم يجحد وجوبها أو ترك بعضها كفر أيضا في أصح قولي العلماء سواء الخمس أو ترك الظهر وحدها أو العصر وحدها أو الفجر وحدها أو الجمعة وحدها يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» رواه مسلم في الصحيح.   (1) سورة البقرة الآية 43 (2) سورة البقرة الآية 238 (3) سورة العنكبوت الآية 45 (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 69 والكفر والشرك إذا أطلق المعرف يكون شركا أكبر، هذا هو الأصح من قولي العلماء في هذا، وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمراء الذين لا يقيمون الصلاة في وقتها، الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها قالوا: أفنقاتلهم يا رسول الله؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (2)» وفي لفظ: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (3)» فدل على أن الأمراء والملوك والخلفاء الذين لا يقيمون الصلاة كفرهم كفر بواح لا شبهة فيه، فالواجب على جميع المسلمين من الأمراء والملوك والوزراء وغيرهم رجالا ونساء، الواجب على الجميع العناية بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها، فمن تركها وأعرض عنها فقد كفر كفرا أكبر في أصح قولي العلماء وقال جماعة من أهل العلم: إنه كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، إذا كان يقر بوجوبها   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 70 ولا يجحده، ولكن هذا قول ضعيف، والصواب أنه كفر أكبر، فيجب الحذر من ذلك، ويجب التواصي بالمحافظة عليها وإقامتها بجماعة في أوقاتها، يجب على الرجال أن يقيموها في جماعة في بيوت الله جميع أوقاتها الخمسة: الفجر، الظهر، العصر، والمغرب، والعشاء، كثير من الناس قد يتساهل بالفجر فيصليها في البيت أو بعد طلوع الشمس، فهذا منكر عظيم يجب الحذر من ذلك، والتواصي بترك ذلك؛ لأن هذا من عمل المنافقين، وهكذا النساء يجب عليهن أن يصلينها في وقتها جميع الأوقات الخمسة مع المحافظة على الطمأنينة والخشوع فإن الصلاة عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1)» خرجه الإمام أحمد رحمه الله بإسناد صحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وهذا الحديث يبين أن تارك الصلاة قد أتى جريمة عظيمة، وأنه كافر يحشر   (1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 71 مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، هؤلاء من صناديد الكفرة هم من رؤساء الكفرة، ووجه حشره معهم لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة والملك تركها مثل فرعون؛ لأنه شغله ملكه وكبره عن اتباع الحق، وإن شغله عن الصلاة الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون فيحشر معه يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن شغله عن الصلاة المال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض بسبب كبره واشتغاله بالمال عن طاعة الله ورسوله، وإن شغلته التجارة والبيع والشراء عن الصلاة، شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة من الكفرة الذي قتل يوم أحد، قتله النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه. فالواجب الحذر من التساهل بالصلاة، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم أن التكاسل عنها والتثاقل عنها من صفات أهل النفاق، قال تعالى في سورة النساء: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1) هذه من صفاتهم الخبيثة، وقال جل وعلا في سورة التوبة: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (2)   (1) سورة النساء الآية 142 (2) سورة التوبة الآية 54 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 72 فالواجب الحذر والعناية بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها من الرجال والنساء، ويجب الحذر بوجه خاص من تضييع صلاة الفجر في جماعة بسبب السهر، يجب الحذر من السهر الذي يحملك على ترك الصلاة في الوقت أو في الجماعة، وهذا عام للرجال وللنساء، يجب الحذر من ترك الصلاة كلها، والحذر من إضاعتها في الجماعة بحق الرجل، والحذر بوجه أخص من إضاعة صلاة الفجر للرجال والنساء جميعا؛ لأنه شبهه الله بأهل النفاق، ويجب التواصي بهذا لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَالْعَصْرِ} (1) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (2) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3) ويقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (4) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (5)» ومن النصيحة لأهل بيتك   (1) سورة العصر الآية 1 (2) سورة العصر الآية 2 (3) سورة العصر الآية 3 (4) سورة المائدة الآية 2 (5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55)، مع اختلاف اللفظ، وأخرجه النسائي بلفظه في المجتبى في كتاب البيعة، باب النصيحة للإمام، برقم (4199). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 73 ولإخوانك أن تحذرهم من السهر والعكوف على التلفاز أو الدش أو غير ذلك، أما السهر بطاعة الله والتهجد أو قراءة القرآن أو مطالعة العلم للدراسة فلا بأس إذا كان سهرا قليلا لا يحمل على ترك الصلاة في الجماعة، إذا سهر قليلا في العلم لطاعة الله ورسوله في مطالعة العلم في التهجد، هذا مطلوب وهو مأجور، لكن يحذر أن يكون هذا السهر يشغله عن الفريضة، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء أن يوترا في أول الليل لما كانا يتدارسان العلم، فيشق عليهما القيام في آخر الليل لكن من قوي أن يقوم في آخر الليل فلينم مبكرا حتى يقوم آخر الليل، ويصلي من الليل ما تيسر، ويصلي صلاة الفجر في الجماعة حتى يجمع بين الخير كله، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق والهداية وصلاح النية والعمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 74 18 - بيان حكم حديث: " تارك الصلاة لا يقبل منه عمل " س: أرجو إفادتي هل هذا الحديث صحيح؟ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: تارك الصلاة لا يقبل منه عمل، وإن مات لا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 74 يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين (1) ج: ليس هذا بحديث، هذا من كلام بعض العلماء وليس حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا من كلام من يرى أن تارك الصلاة كافر كفرا أكبر، يقول: لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» هذا الكلام يقوله من قال بأن تارك الصلاة كافر، يقول: لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين، لكن يدفن في محل بعيد عن مقابر المسلمين في أرض يحفر فيها ويدفن كسائر الكفار مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب لما مات أبو طالب وجاء علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله،   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 319. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 75 «إن عمك الشيخ الضال قد مات. قال: اذهب فواره، اذهب فواره (1)» أي فادفنه، ما قال: كفنه وصل عليه لا؛ لأنه مات على الكفر، مات أبو طالب على دين قومه، اجتهد النبي صلى الله عليه وسلم في إسلام أبي طالب، لكن لم يهتد، وأنزل الله في كتابه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (2) وقال سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (3) المقصود أن الكافر من أقارب وغيرهم لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين.   (1) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الغسل من مواراة المشرك، برقم (190). (2) سورة القصص الآية 56 (3) سورة البقرة الآية 272 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 76 19 - بيان الفرق بين من يترك الصلاة عمدا أو تهاونا س: هل هناك فرق بين من يترك الصلاة عمدا أو تهاونا أو تكاسلا (1)؟ ج: الفرق بينهما أن من ترك الصلاة عمدا جاحدا لوجوبها أو مستهزئا بها، فهذا يكون كافرا عند جميع العلماء، مرتدا عن الإسلام يجب قتله لأنه بدل دينه، ولأنه كذب الله ورسوله باعتقاده عدم وجوبها   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 96. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 76 أو باستهزائه بها، والله سبحانه يقول: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2) أما الذي يتركها تهاونا، ويقول: أنا أؤمن بها أنا أعرف أنها واجبة وفريضة، يعترف بهذا ولكنه يتساهل فلا يصلي أو يصلي الجمعة دون غيرها، أو يصلي في رمضان دون غيره فهذا هو محل الخلاف، ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكون كافرا كفرا أصغر، وظلما أصغر وفسقا أصغر ما دام يقر بالوجوب فلا يكون كفره كفرا أكبر مثل ما جاء في الحديث الآخر: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (3)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم (4)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «اثنتان في الناس هما من الكفر: الطعن في النسب، والنياحة   (1) سورة التوبة الآية 65 (2) سورة التوبة الآية 66 (3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الإنصات للعلماء، برقم (121)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، برقم (65). (4) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، برقم (6830). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 77 على الميت (1)» قالوا: هذا كفر دون كفر فيكون قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حق التارك للصلاة: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2)» يعني كفرا أصغر وهكذا يقولون في الحديث الأخر: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)» قالوا: يكون المراد بهذا الكفر والشرك، الكفر الأصغر والشرك الأصغر، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها؛ لأنها عمود الإسلام، ولأنها أعظم الأركان بعد الشهادتين ولأن من ضيعها أضاع دينه، فلهذا قالوا: إنه كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها. قالوا: ولأن إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم: «فقد كفر (4)» يدل على الكفر الأكبر، ولأن قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (5)» يدل على الكفر الأكبر؛ لأنه كفر معرف بأل، وشرك معرف بأل، فهذا ينصرف إلى الكفر الأكبر، قالوا: ولأن أصحاب النبي   (1) سبق تخريجه. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 78 صلى الله عليه وسلم اتفقوا على تكفير تارك الصلاة ولم يتفقوا على تكفير تارك الزكاة والصيام إذا لم يقاتل دون ذلك، ولم يستهزئ بذلك، وذلك لما رواه التابعي الجليل عبد الله العقيلي رضي الله عنه، قال: لم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. فذكر عن الصحابة جميعا أنهم يرون ترك الصلاة كفرا، يعني وإن لم يجحد الوجوب والله المستعان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 79 20 - حكم ترك الصلاة تكاسلا حتى يخرج وقتها س: ما حكم من ترك الصلاة تكاسلا حتى يخرج وقتها، هل عليه إثم في ذلك؟ وهل ينطبق عليه صفات المنافقين (1)؟ ج: تأخير الصلاة جريمة عظيمة ومنكر عظيم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها أنه يكفر بذلك كفرا أكبر وردة عن الإسلام - نعوذ بالله - ويحتجون على هذا بما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في الصحيح، هذا ظاهره أنه يكفر   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 12. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 79 بذلك إذا أخرها حتى خرج وقتها. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» وقال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (2)» فتأخيرها جريمة عظيمة ومنكر عظيم، فالذي مثلا يؤخر الفجر حتى يصليها الضحى، هذا منكر عظيم، يجب أن يصليها قبل طلوع الشمس، ويجب أن يهتم بذلك وهو مع كونه أتى جريمة قد تشبه بالمنافقين، وقد كفره جماعة من أهل العلم بذلك، فالواجب على المسلم أن يعتني بالصلاة، وأن يؤديها في الوقت مع المسلمين في الجماعة في المساجد، وليس له تأخيرها أبدا لا مع المسلمين ولا في البيت، بل يجب أن يبادر حتى يؤديها في الوقت مع المسلمين في مساجد الله والمرأة كذلك عليها أن تبادر بأن تصلي الصلاة في وقتها في بيتها، ولا يجوز لها التأخير، كما يفعل بعض الطالبات تؤخر الصلاة حتى تقوم بعد طلوع الشمس للمدرسة، ثم تصلي، هذا لا يجوز، هذا منكر عظيم، وهكذا بعض المدرسات تؤجل صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس، ثم تقوم   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 80 للتدريس وللصلاة، هذا منكر عظيم، يجب أن تصلي الصلاة في وقتها قبل طلوع الشمس، وإذا كانت يغلبها النوم يجب أن تتخذ ما يعين على اليقظة، مثل ساعة منبهة تركد على الوقت للصلاة، أو تستعين بأهل البيت يوقظونها حتى تصلي الصلاة في وقتها وهكذا العشاء لا تؤخر إلى ما بعد نصف الليل، وقت العشاء ينتهي نصف الليل، هذا وقتها الاختياري وكذلك المغرب لا تؤخر حتى يغيب الشفق، بل تصلى قبل الشفق، والشفق الحمرة التي في المغرب يجب أن تصلى المغرب قبل ذلك قبل أن يغيب الشفق، وهكذا الظهر لا تؤجل حتى يصير ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال، بل تصلى في أول الوقت بعد الزوال، والعصر لا تؤجل حتى تصفر الشمس، بل تؤدى في وقتها، النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤديها في الوقت، ولما سئل عن ذلك صلى الصلاة يوما في أول وقتها، ثم صلاها في آخر وقتها، يعني الصلوات الخمس، ثم قال: «الصلاة بين هذين الوقتين (1)» والله يقول سبحانه:   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، برقم (149). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 81 {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1) يعني مفروضا في الأوقات، الله يخبر أنها مفروضة في الأوقات، فلا يجوز لأهل الإسلام أن يؤخروها عن أوقاتها، بل يجب أن تؤدى في الوقت ويروى عن عمر رضي الله عنه ما يدل على الشدة في ذلك، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال عليه الصلاة والسلام: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2)» نسأل الله العافية، هؤلاء كبار الكفار وصناديدهم - نعوذ بالله - قال بعض أهل العلم: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء؛ لأنه إذا ضيعها من أجل الرئاسة حشر مع فرعون، وإن ضيعها من أجل الوزارة ونحوها حشر مع هامان وزير فرعون، وإن ضيعها في الشهوات والنعم والمال حشر مع قارون الذي أعطاه الله المال فبطر وتكبر وعصى نبي الله موسى، فخسف الله به وبداره الأرض، نسأل الله العافية، هذه عقوبة عاجلة مع النار، ومن ترك   (1) سورة النساء الآية 103 (2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 82 الصلاة وضيعها بسبب أعمال التجارة والبيع والشراء حشر يوم القيامة مع أبي بن خلف تاجر أهل مكة، فالواجب على أهل الإسلام الحذر غاية الحذر من التساهل بالصلاة، والواجب أن تؤدى في أوقاتها، المرأة تؤديها في الوقت والرجل يؤديها في الجماعة في المساجد، ولا يجوز التشبه بالمنافقين في التساهل بالصلاة، وعرفت أن بعض أهل العلم يقول: إن من تركها تهاونا حتى خرج الوقت يكفر بذلك وهذا قول صحيح، ترك الصلاة تهاونا وتساهلا بها كفر أكبر - نسأل الله العافية - فإن السنة تؤيده، السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤيد هذا القول، فإن الباب فيه أحاديث صحيحة كما تقدم، فيجب على المسلم أن يحذر هذا الأمر الخطير، وأن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يستعين على ذلك بكل ما يستطيع من ساعة وغيرها حتى يؤدي الصلاة في وقتها مع إخوانه المسلمين، وحتى تؤدي المرأة صلاتها في وقتها في بيتها قبل خروج الوقت، فهي عمود الإسلام، وهي أهم الفرائض بعد الشهادتين، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 21 - حكم تارك الصلاة متعمدا مع إقراره بالشهادتين س: هل تارك الصلاة متعمدا مع شهادته بأن لا إله إلا الله وأن محمدا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 رسول الله يعد كافرا مخلدا في النار (1)؟ ج: نعم، إذا ترك الصلاة تعمدا يعد كافرا، هذا هو الصحيح إلا أن بعض أهل العلم قال: يكون قد أتى كبيرة إذا لم يجحد وجوبها، ولكن ظاهر النصوص أنه يكفر بذلك إذا تركها ولو شهد أن لا إله إلا الله، ولو زكى ولو صام إذا ترك الصلاة يكفر بذلك تساهلا وكسلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (4)» والله يقول: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (5) فعاملهم معاملة الكافر، أما إذا جحد وجوبها قال: ما هي بواجبة الصلاة هذا يكفر عند الجميع، عند جميع المسلمين وعند   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 377. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). (5) سورة الأنعام الآية 88 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 84 جميع العلماء ولو صلى، إذا قال: ما هي بواجبة كفر عند الجميع لأنه مكذب لله ولرسوله، نسأل الله العافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 85 22 – مسألة في حكم تارك الصلاة تكاسلا س: الأخ: ع. ح، يسأل ويقول: إذا كان الشخص يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، ومات وهو تارك للصلاة كسلا، هل هو مخلد في النار أم لا؟ نرجو الإجابة جزاكم الله خيرا (1) ج: مر في سؤال سابق أن من ترك الصلاة تهاونا فقد اختلف فيه العلماء، هل هو كافر كفرا أكبر أم كفرا أصغر، وسبق أنه كافر كفرا أكبر في الصحيح من قولي العلماء، وإذا كان كفره أكبر فهو إذا مات على ذلك يكون حكمه حكم الكفار مخلدا في النار كسائر الكفرة، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم لما سئل عن أهل النار عن أسباب دخولهم النار؟ أجابوا بأنهم لم يكونوا من المصلين، قال تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (2) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (3)، ما قالوا: كنا من الجاحدين، قالوا: لم نك من   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 114. (2) سورة المدثر الآية 42 (3) سورة المدثر الآية 43 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 85 المصلين، فدل على أن عدم الصلاة من أسباب دخولهم النار، نعوذ بالله من ذلك، فيجب على المؤمن أن يحذر هذا العمل السيئ، وأن يصلي كما أمره الله، وأن يحذر هذا التساهل الذي يحصل لمن اعتقد بزعمه أنه كفر أصغر، حتى ولو كان كفرا أصغر الواجب الحذر من جميع ما حرم الله عز وجل، فكيف وقد سمي كفرا، فإن الواجب هو الحذر منه أكثر من غيره، وإذا كان تركها كفرا أكبر فالأمر أعظم وأعظم، وهذا هو الصواب أنه كفر أكبر لما تقدم في قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» رواه مسلم في الصحيح. وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وهناك أدلة أخرى على ذلك، وفي هذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (3) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (4) {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} (5) {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} (6) {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} (7) {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} (8) فجعل   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) سورة المدثر الآية 42 (4) سورة المدثر الآية 43 (5) سورة المدثر الآية 44 (6) سورة المدثر الآية 45 (7) سورة المدثر الآية 46 (8) سورة المدثر الآية 47 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 86 تارك الصلاة مع هؤلاء، فدل ذلك على أنه كفر أكبر؛ لأن الشك في الدين والخوض فيه على سبيل الشك والريب، وهكذا التكذيب بيوم الدين - بيوم القيامة - كله كفر أكبر، نعوذ بالله، فيجب على المؤمن أن يحذر ترك الصلاة مطلقا، أما إن جحد وجوبها فالأمر أعظم، فإنه كافر بالإجماع، نسأل الله العافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 87 23 – بيان الراجح في اختلاف العلماء في تكفير تارك الصلاة س: اختلف العلماء رحمهم الله في تكفير تارك الصلاة، فقال مالك والشافعي بأنه ليس بكافر، فما حكم من مات وهو لا يصلي تهاونا وكسلا، معتمدا على هذه الفتوى ومعتقدا بصحتها، وما هو مصيره عند الله بيوم القيامة، وهل هذا الاعتقاد في التمسك بهذه الفتوى أو تلك مصدره الحديث القائل: «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن»؟ (1)   (1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، برقم (3600). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 87 ج: المسألة كما قال السائل فيها خلاف بين العلماء إذا كان التارك للصلاة لم يجحد وجوبها، أما إن كان يجحد وجوبها فهو يكفر عند الجميع - والعياذ بالله - كسائر الكفرة، وهو كفر أكبر، أما إذا تركها تكاسلا نائما، أو في بعض الأحيان، فهذا هو محل الخلاف، والصواب أنه يكفر كفرا أكبر، هذا هو الصواب في قول الأكثر، والصواب قول من قال: إنه يكفر كفرا أكبر، وأنه لا يغسل ولا يصلى عليه، حكمه حكم الكفار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2)» ولقول عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل: لم يكن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة. ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأئمة الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها أو يتعاطون بعض المعاصي أن يقاتلهم نهى عن قتالهم، قال: «إلا أن تروا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 88 كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (1)» وفي رواية: «ما أقاموا فيكم الصلاة (2)» فدل على أن ترك الصلاة من الكفر البواح فالواجب على كل مسلم أن يحذر ترك الصلاة، وهكذا كل مسلمة يجب عليها المحافظة على الصلاة في وقتها والحذر من تركها فإن تركها كفر، ومن هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (3)» فحبوط العمل يدل على الكفر الأكبر فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والحذر من تركها لا جحدا ولا تهاونا نسأل الله للمسلمين الهداية والتوفيق.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 89 24 - حكم من مات وهو يجهل أن ترك الصلاة كفر س: إذا كان هناك إنسان مات وهو لا يصلي ولم يكن يعلم أن تارك الصلاة كافر، فهل يغفر الله له بجهله؟ (1) ج: ظاهر الأدلة الشرعية أنه لا يغفر له، فليس بشرط أن يعلم الحكم   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 305. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 89 فهو مأمور بالصلاة فعليه أن يصلي ومأمور بالزكاة فعليه أن يزكي وهكذا الحاصل أنه إذا ترك الصلاة عمدا فهو كافر على الصحيح من أقوال العلماء وإن لم يجحد وجوبها أما إن جحد الوجوب فهو كافر عند جميع العلماء، نسأل الله العافية. لكن إذا تركها تكاسلا وتساهلا فالصحيح أنه يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» أخرجه مسلم في صحيحه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2)» رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ولأدلة أخرى، ولأن تركه لها يدل على قلة الإيمان أو عدم الإيمان - نسأل الله العافية - لأنها عمود الإسلام، نسأل الله العافية.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 90 25 - حكم من قتل في الحرب وهو لا يصلي س: الأخت أم هـ. من العراق تقول: قتل زوجها في الحرب في اليوم العاشر من شهر رمضان المبارك، وكان لا يصلي، ولكنه ينوي أن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 90 يصلي بعد انتهاء الحرب، ولكنه قتل قبل أن يصلي، فهل يجوز أن أصلي بدلا عنه؟ وإنني أنفق كثيرا بغية الثواب له، فهل تصله النفقات التي أنفقها من راتبي وليس من راتب ابنتي الوحيدة التي عمرها سنتان؟ بعض الناس يقولون: لا يجوز أن تنفقي لأن في عصمتك قاصرة، علما بأني غير محتاجة، وجهوني جزاكم الله خيرا. (1) ج: الذي مات وهو لا يصلي لا يصلى له، الصلاة ما يفعلها أحد عن أحد، الصلاة لا تفعل عن أحد والذي مات وهو لا يصلي تقدم في الجواب السابق أنه كافر - نسأل الله العافية - ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح وإن لم يجحد الوجوب كونه يعزم أنه يصلي في المستقبل هذا ليس هو عذرا له، الواجب البدار بالصلاة، فلا تتصدقي عنه ولا تصلي له ولا تدعي له ما دام مات على ترك الصلاة - نعوذ بالله من ذلك - ولا تنفقي من مال اليتيمة لا له ولا لغيره، مال اليتيمة احفظيه لها وثمريه لها أو أعطيه إنسانا من التجار الطيبين يثمرونه لها تصدقي من مالك أنت، أما الزوج الذي توفي على هذه الحالة - وهي ترك الصلاة - لا تتصدقي عنه بشيء ولا تدعي له ولا تستغفري له؛ لأنه مات على كفر - نسأل الله   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 200. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 91 العافية - أما الصدقة من مالك في وجوه البر في الفقراء والمساكين ليس عن زوجك، بل لنفسك مصلحتك أنت تتصدقين على الفقراء والمساكين، في عمارة مسجد، في جهاد في سبيل الله، كل هذا لك أجره، أما هو فلا، ما دام مات وهو لا يصلي لا تتصدقي عنه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 92 26 - حكم قضاء الصلوات عن الميت الذي كان لا يصلي قبل وفاته س: سائلة تقول: كان لي ولد لا يصلي ولا يصوم وقد توفي وأراه في المنام يناقشني في موضوع صلاته، وترجو من سماحتكم التوجيه هل تقضي عنه ما لم يصل (1)؟ ج: لا يقضى عنه ولا يدعى له ولا عليه يترك أمره إلى الله؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر فلا يدعى له ولا يدعى عليه ولا يتصدق عنه؛ لأن الصدقة والدعاء إنما تكون لأهل الإسلام، أما من مات على غير الإسلام فإنه لا يدعى له وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه استأذن ربه أن يستغفر لأمه وقد ماتت في الجاهلية فلم يؤذن له مع أنها ماتت في الجاهلية، فلا يجوز للمسلم أن يستغفر لمن مات على أعمال الكفر   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 109. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 92 كترك الصلاة وعبادة أصحاب القبور، وسب الدين والاستهزاء بالدين ونحو ذلك، كل هؤلاء لا يصلى عليهم ولا يدعى لهم إذا ماتوا على هذه الحال ولم يتوبوا، نسأل الله السلامة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 93 27 – حكم قبول سائر العبادات من تارك الصلاة س: السائل أحمد من سوريا يقول: إذا كان بين الكافر والمؤمن ترك الصلاة، فهل هذا يعني بأن تارك الصلاة كافر لا يقبل منه أي عمل (1)؟ ج: هذا هو الصواب، اختلف العلماء في هذا بعض أهل العلم يقولون: لا يكفر إلا بالجحد، إذا جحد وجوبها كالزكاة والصوم ونحو ذلك، والصواب أنه يكفر بذلك، هذا الراجح، وإن كان هذا قول الأقل إذا تركها حتى خرج وقتها عمدا فإنه يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في الصحيح والكفر المعرف والشرك المعرف يطلق على الكفر الأكبر   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 413. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 93 والشرك الأكبر وفي اللفظ الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1)» أخرجه الإمام أحمد في المسند وأهل السنن الأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يفرقون بين المسلم والكافر بترك الصلاة، إذا ترك الصلاة عرفوا أنه كافر، نسأل الله العافية.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 28 – حكم القول بتخليد تارك الصلاة في النار س: السائل ب. ع، من جمهورية مصر العربية يقول: التارك للصلاة هل يخلد في النار (1)؟ ج: التارك للصلاة إذا كان قد جحد وجوبها كفر عند جميع أهل العلم ويخلد في النار إذا مات على ذلك أما إذا كان لا يعلم أنها واجبة ولكن يتساهل بتركها بعض الأحيان، فهذا قد أتى ذنبا عظيما وكبيرة عظيمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 419. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (3)» ولأن الله يقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (4)، فالتثاقل عنها والكسل من صفات المنافقين، لكن إذا تركها جحدا لوجوبها كفر عند الجميع وصار مخلدا في النار إذا مات على ذلك أما إذا تركها وهو يعلم أنها واجبة، ولكنه يتركها تكاسلا وتهاونا فهذا عند الأكثرين لا يكفر كفرا أكبر يكون كفرا أصغر، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر كفرا أكبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (5)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (6)» فالواجب الحذر من ذلك نسأل الله العافية والسلامة.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (4) سورة النساء الآية 142 (5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 95 29 – حكم ذبح الأضحية عن الميت التارك للصلاة قبل وفاته س: السائل هـ. م. ع، من العراق يقول: أنا وأخي قد آمنا بالله الواحد الأحد، فله الحمد أن هدانا، ونحن نعيش في قرية مملوءة بالكفر والشرك، خصوصا للعائلة التي نعيش فيها أنا وأخي، إني أطرح عليكم مشكلتي وهي: لقد توفي أبونا ونحن أطفال وكانت لنا أم لا تؤمن بالله تعالى وكثيرة الكفر، وعندما سألناها عن أبينا، هل هو مؤمن أم لا فقالت لنا: إنه كان يسرق الناس أشياءهم وليس مؤمنا بالله، بل يقول بلسانه: الله ربنا، محمد نبينا، لكن لا يقيم الصلاة، بصراحة إنه كما يقول الناس وخصوصا أمنا إنه لا يؤمن باليوم الآخر عندما مات ولم يترك لي ولأخي مالا ولا حلالا. سؤالي هو: أولا: هل أقوم بذبح الأضاحي له أم يكون ذلك حرجا علي (1)؟ ج: إذا كانت الوالدة ما هناك ما يكذبها فإن مثل هذا لا يضحى له، ولا يستغفر له؛ لأنه يترك الصلاة، وتارك الصلاة كافر في أصح قولي   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 7. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 96 العلماء أما إن وجد غيرها ممن يعرف فيسأل عنه، إذا وجد من يعرفه يسأل عنه: هل يصلي؟ هل هو مستقيم؟ فلا بأس أن يضحى له ولا بأس أن يدعى له ويستغفر له، ويتصدق عنه أما والدتك ما دامت كافرة فهي ليست ثقة ما دامت لا تؤمن بالله واليوم الآخر فليست ثقة في الخبر، لكن إذا وجد من يصدقها من الأقارب، أو شهادة بعض الناس فإنه لا يضحى له، ولا يتصدق عنه، أما إذا ما هناك إلا شهادة الوالدة ليس هناك من يؤيدها وقد عرف أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن ظاهره الإسلام فينبغي الصدقة عنه والدعاء له. ولو عرف أنه كان يتعاطى شيئا من الأمور التي تكفره وتخرجه عن الإسلام إما ترك الصلاة وإما الاستهزاء بالدين وإما سب الدين أو ما شابه ذلك من نواقض الإسلام هذا لا يدعى له ولا يتصدق عنه ولا يضحى عنه، أما الواحدة لا تكفي لأن شهادة الكافر لا تعتبر، لكن إذا وجد شهادة تؤيدها من قرائن أو شهادة آخرين بأنه لا يصلي فلا يضحى له ولا يتصدق عنه ولا يستغفر له. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 97 30 – عقوبة تارك الصلاة س: الأخ ف. أ، من حائل يسأل ويقول: أرجو أن توضحوا عقوبة تارك الصلاة، وهو مؤمن بوجوبها، وأن توضحوا لنا - عافاكم الله - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 97 فضل صلاة الفجر، وعقوبة من لم يؤدها في وقتها جزاكم الله خيرا (1) ج: من ترك الصلاة فعقوبته القتل يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، قال الله سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2)، فدل على أن من لا يقيم الصلاة لا يخلى سبيله بل يقتل، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقال عليه الصلاة والسلام: «إني نهيت عن قتل المصلين (3)» فالمصلي لا يقتل إذا استقام، أما من ترك الصلاة فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله مرتدا على أصح القولين، وعند جماعة من أهل العلم لا يكون مرتدا ولكن يكون قتله حدا إذا قلنا بأن تركها ليس بكفر أكبر إذا كان يقر بوجوبها ولا يجحده، والصواب أنه يقتل كفرا إذا كان تاركا لها، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كفرا لا حدا ويبعد جدا أن يكون يقر بوجوبها ثم يصر على عدم فعلها حتى يقتل، هذا بعيد جدا المقصود أنه يقتل كفرا مطلقا ما دام أبى أن يصلى واستتيب وأبى فإنه يقتل كفرا - نسأل الله العافية - لا يرثه   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 156. (2) سورة التوبة الآية 5 (3) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في الحكم في المخنثين، برقم (4928). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 98 المسلمون سواء كانت الصلاة فجرا أو ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء، والفجر لها شأن خاص لأنه يتكاسل عنها المنافقون، وجاء فيها أحاديث كثيرة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته فإنه من يطلبه بشيء من ذمته يدركه، ثم يكبه في النار (2)» فالصلاة لها شأن عظيم، سواء كانت صبحا أو ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء، ولكن للصبح خصائص لأنها تكون في آخر الليل عند حلاوة النوم في الصيف، وعند شدة البرد في الشتاء، وربما تثاقل عنها الكسالى، وتشبهوا بأهل النفاق، فجاء فيها تأكيد، يجب على المؤمن أن يعتني بها حتى يتباعد عن مشابهة المنافقين، ولا يجوز له تركها حتى تطلع الشمس كما يفعل بعض الناس يصليها إذا قام للعمل هذا منكر عظيم وشر   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (651). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، برقم (657). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 99 مستطير يجب على صاحبها أن يتقي الله، وأن يصليها في الوقت مع المسلمين في جماعة المسلمين في مساجد الله ومن علم بهذا وجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لأن تركها حتى يخرج وقتها منكر عظيم، بل كفر عند جمع من أهل العلم إذا تعمد ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 100 31 - بيان الأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة س: ما هو ذنب تارك الصلاة (1)؟ ج: ذنب تارك الصلاة عظيم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام وهي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، فمن تركها فقد كفر. ومن جحد وجوبها فقد كفر ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 210. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 100 الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وفي الباب أحاديث كثيرة تدل على كفر تارك الصلاة، وهذا هو القول الصحيح من أقوال أهل العلم أن تاركها يكفر وإن لم يجحد وجوبها، وقد نقله التابعي الجليل عبد الله العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة. نقل هذا عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. وقال نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: «كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (2)» وكان عليه الصلاة والسلام يوما بين أصحابه لما ذكر الصلاة قال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون، وأبي بن خلف (3)»   (1) سبق تخريجه. (2) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة، برقم (6). (3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 101 وهؤلاء من صناديد الكفرة - نعوذ بالله - وذلك يدل على أن تاركها كافر يحشر مع هؤلاء - نعوذ بالله - لأنه إن شغله عنها الرئاسة والملك شابه فرعون فيحشر مع فرعون - نعوذ بالله - إلى النار، وإن شغله عنها الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن ترك الصلاة بأسباب أمواله وشهواته شابه قارون تاجر بني إسرائيل الذي حمله كبره وتعظيمه للمال وللدنيا، حمله ذلك على الامتناع من أتباع موسى والبقاء على كفره بالله - نعوذ بالله من ذلك - فخسف الله به وبداره الأرض - نعوذ بالله - وإن شغله عن الصلاة تجارته شابه أبي بن خلف، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وأبي هذا تاجر أهل مكة من الكفار، قتل يوم أحد، فالواجب الحذر من إضاعتها، والواجب المحافظة عليها والاستقامة عليها، فهي عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 102 32 – بيان عدم صحة حديث "من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة" س: ما حكم ما ينشر في بعض النشرات عن عقوبة تارك الصلاة؟ وفيها: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول: من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 102 تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة: ستة منها في الدنيا، وثلاثة عند الموت، وثلاثة في القبر، وثلاثة عند خروجه من القبر إلى نهاية هذه النشرة (1) ج: هذا الحديث ليس بصحيح، هذا الحديث قد نبه أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر في اللسان والحافظ الذهبي في الميزان وغيرهما على أنه موضوع ولا صحة له، بل هو موضوع من الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد غلط الذهبي رحمه الله في ذكره في الكبائر والصواب أنه لا أصل له بل هو حديث موضوع مكذوب ليس له أصل، ومعلوم أن الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، والله قال فيها سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2)، وقال فيها سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (3) وقال فيها سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} (4) {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (5).   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 20. (2) سورة البقرة الآية 43 (3) سورة البقرة الآية 238 (4) سورة الماعون الآية 4 (5) سورة الماعون الآية 5 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 103 وقال عز وجل في شأنها وتعظيمها: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (1)، يعني خسارة ودمارا، فالصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، ومن ضيعها ضيع دينه، ومن حفظها حفظ دينه فالواجب على أهل الإسلام من الذكور والإناث أن يحافظوا عليها وأن يستقيموا عليها وأن يؤدوها في أوقاتها بالطمأنينة والطهارة والخشوع وغير ذلك من شؤونها، هذا هو الواجب على الذكور والإناث جميعا من المسلمين تعظيم هذه الصلاة والحفاظ عليها وأداؤها في أوقاتها والعناية بطهارتها وسائر ما شرع الله فيها؛ لأنها عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، والرجل يزيد في ذلك أنه يؤديها في جماعة، يلزمه أن يؤديها في جماعة في مساجد الله وليس له أن يؤديها في البيت كالمرأة، لا بل هذا من خصال أهل النفاق ومن التشبه بهم كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (2)». والله قال سبحانه في شأن المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)   (1) سورة مريم الآية 59 (2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (654)، سنن النسائي الإمامة (849)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (777)، مسند أحمد (1/ 415). (3) سورة النساء الآية 142 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 104 فالآيات تغني عما وضعه الوضاعون، وكذبه الكذابون، وهكذا ما جاء في السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام في شأن الصلاة كاف شاف، قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في الصحيح. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد ومسلم بإسناد جيد لما ذكر الصلاة فيما بينه وبين أصحابه قال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور وبرهان ولا نجاة وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (3)» نسأل الله العافية، هؤلاء من كبار الكفرة ومن صناديدهم، فيجب الحذر من إضاعة الصلاة والتشبه بأعداء الله بالتخلف عنها قال بعض أهل العلم: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 105 لأنه من يضيعها من أجل الرئاسة والملك فيكون شبيها بفرعون، فيحشر معه يوم القيامة - نعوذ بالله - وأما من يضيعها بسبب الوزارة فيكون شبيها بهامان وزير فرعون فيحشر معه يوم القيامة، وأما من يضيعها بسبب المال والشهوات فيكون شبيها بقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض لما تكبر وطغى وامتنع عن طاعة موسى عليه الصلاة والسلام في زمانه، وأما من يضيعها بسبب التجارات والمعاملات فيكون شبيها بأبي بن خلف تاجر أهل مكة فيحشر معه يوم القيامة، فالحاصل أن الحفاظ على الصلاة من أهم المهمات ومن أوجب الواجبات، والتخلف عنها وإضاعتها من خصال أهل النفاق ومن أعظم المنكرات، ومن أسباب دخول النار، بل تركها بالكلية من أنواع الكفر بالله من الكفر الأكبر في أصح قولي العلماء فيجب الحذر من ذلك، ويجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلوات وأداؤها كما شرع الله، كما تجب العناية بالطمأنينة فيها وعدم العجلة وعدم النقر، وأن تؤدى في الوقت، وأن يعتني بالطهارة وتكميلها وأن يعتني بالخشوع، كما قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) حتى قال سبحانه بعد ذلك:   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 106 {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (1) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (2) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (3) فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوفقهم بالمحافظة على هذه الصلاة العظيمة، والعناية بها والحذر من التهاون بها وتركها.   (1) سورة المؤمنون الآية 9 (2) سورة المؤمنون الآية 10 (3) سورة المؤمنون الآية 11 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 107 33 – حكم إطلاق كلمة الكفر على تارك الصلاة س: ما الحكم إذا قال شخص عن جهل بأن حكم تارك الصلاة كافر دون أن يقصد شخصا بعينه هل يلزمه أن يتوب من ذلك ويأثم على قوله أم كيف توجهونه (1)؟ ج: الذي يقول هذا الكلام مصيب، فقد قاله النبي عليه الصلاة والسلام سيد الخلق عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في الصحيح. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» خرجه الإمام أحمد، وأهل السنن أبو داود   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 333. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 107 والترمذي والنسائي وابن ماجه بسند صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه فالواجب الحذر، والصلاة عمود الإسلام من تركها فقد كفر - نعوذ بالله من ذلك - فالواجب على الرجال والنساء الحذر من تركها والتهاون بها، والواجب المحافظة عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة كما قال الله سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (1)، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (2) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (3) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (4)، وقال في سورة المعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} (5) {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (6). والواجب على جميع المسلمين العناية بالصلاة والحرص عليها والمحافظة عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة والعناية، وعلى الرجل أن يؤديها في جماعة في مساجد الله مع إخوانه، وليحذر كل الحذر من صفات المنافقين الذين يتكاسلون عنها، قال الله تعالى في حقهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (7)،   (1) سورة البقرة الآية 238 (2) سورة المؤمنون الآية 9 (3) سورة المؤمنون الآية 10 (4) سورة المؤمنون الآية 11 (5) سورة المعارج الآية 33 (6) سورة المعارج الآية 34 (7) سورة النساء الآية 142 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 108 فالواجب عليك يا عبد الله، وعليك يا أمة الله الحذر من صفات المنافقين، والواجب العناية بالصلاة والمحافظة عليها غاية المحافظة بالطمأنينة في ركوعها وسجودها وفي كل أحوالها، وأداؤها في الوقت: الرجل يؤديها مع إخوانه في المساجد في الجماعة ولا يتشبه بأهل النفاق، والمرأة تؤديها في بيتها في الوقت ولا تؤخرها عنه، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 109 34 – حكم صيام من لا يصلي س: يلاحظ بكل أسف سماحة الشيخ من بعض المسلمين أنهم يصومون لكنهم لا يصلون، كيف تقولون (1)؟ ج: هذه مسألة عظيمة قد تنازع أهل العلم فيمن ترك الصلاة كسلا وتثاقلا لا عن جحد الوجوب، فقال جمع: إنه لا يكفر بذلك، وقد أتى منكرا عظيما أعظم من الزنى وأعظم من الربا وأعظم من سائر المعاصي. قالوا: لكن لا يكفر كفرا أكبر بل يكون فيه كفر وفيه شرك، ولكن لا يكون   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 84. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 109 كفرا أكبر وهذا هو المشهور بمذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة والجماعة وقال آخرون من أهل العلم: يكفر بذلك إذا ترك الصلاة عمدا وإن لم يجحد وجوبها وهذا هو المعروف عن الصحابة والمنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة (1)» يعني كفرا أكبر؛ لأن هناك أعمالا فيها كفر لكن أصغر مثل الحلف بغير الله ومثل البراءة من الأنساب وما أشبه ذلك، لكن مراده رضي الله عنه أنهم يرونه كفرا أكبر هذا هو الظاهر من سياق كلام عبد الله بن شقيق العقيلي وأعظم من هذا ما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» هذا صريح، والكفر معرف بالألف واللام، الكفر والشرك، ومتى عرف الكفر والشرك بالألف واللام فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر وثبت في المسند والسنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه   (1) سنن الترمذي الإيمان (2622). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 110 قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» وفي المسند وسنن الترمذي عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (2)» فبيت سقط عموده هل يبقى؟ ما يبقى البيت إذا سقط عموده. وثبت أيضا في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قيل له لما ذكر الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها: «وتعرف منهم وتنكر قال الصحابة: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة (3)» وفي لفظ آخر: «حتى تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (4)» فجعل ترك الصلاة كفرا بواحا فيه البرهان فهذا هو القول الأرجح أنه متى تركها تكاسلا عامدا كفر كفرا أكبر لا يصح صومه ولا غيره من عباداته، فمن صام ولم يصل فلا صوم له - نسأل الله العافية - أما إذا   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 111 جحد وجوب ذلك وقال: ما علي صلاة، أو استهزأ بها، استهزأ بالصلاة واستهزأ بالمصلين فهذا كفره أكبر عند جميع العلماء إذا استهزأ بها ولو صلى أو جحد وجوبها كفر إجماعا عند جميع أهل العلم؛ لأنه مكذب لله ورسوله عليه الصلاة والسلام. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 112 35 – حكم صيام من لا يصلي إلا في شهر رمضان س: شيخ عبد العزيز، ما حكم صيام ذلكم الذي لا يصلي إلا في رمضان، بل ربما صام ولم يصل (1)؟. ج: كل من حكم بكفره بطلت أعماله، عندما نحكم بكفره تبطل أعماله، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2)، وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3)، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يكفر كفرا أكبر إذا كان يقر بالوجوب ولكنه يكون كفرا أصغر ويكون عمله هذا أقبح وأشنع من عمل الزاني والسارق ونحو ذلك، ومع هذا يصح صيامه وحجه عندهم وزكاته ونحو ذلك إذا   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 167. (2) سورة الأنعام الآية 88 (3) سورة المائدة الآية 5 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 112 أداها على الوجه الشرعي، ولكن تكون جريمته عدم المحافظة على الصلاة فهو على خطأ عظيم من وقوعه في الكفر الأكبر عند جمع من أهل العلم وحكاه بعضهم وهو قول الأكثرين أنه لا يكفر بذلك إذا كان لا يجحد الوجوب وإنما يتركها تكاسلا وتهاونا فإنه يكون بذلك قد أتى كفرا أصغر وجريمة عظيمة ومنكرا شنيعا أعظم من الزنى وأعظم من السرقة وأعظم من العقوق وأعظم من شرب الخمر نسأل الله العافية والسلامة، ولكن الصواب والصحيح من قولي العلماء في ذلك أنه يكفر كفرا أكبر - نسأل الله العافية - لما تقدم من الأدلة الشرعية. المقصود أن من صام وهو لم يصل فلا صيام له ولا حج له، نسأل الله السلامة والهداية لنا ولجميع إخواننا المسلمين، ولا شك أن الأمر خطير وعظيم وجدير بالعناية من أهل العلم في كل مكان جدير من أهل العلم أن يوضحوا هذا دائما وأن يحذروا الناس من التكاسل عن الصلاة حتى ولو قلنا إنه كفر أصغر يجب الحذر من هذه الجريمة العظيمة التي تجره إلى الكفر الأكبر ولو أن الإنسان حاسب نفسه لرأى أن إقراره بوجوبها ضعيف؛ لأنه لو أقر بوجوبها على الكمال لما تركها، لكن هذا الإقرار بالوجوب قد اعتراه الضعف والنقص ما جعله يتساهل بتركها - نسأل الله العافية - وربما أفضى به ذلك إلى جحد الوجوب - نسأل الله العافية - فيكفر بإجماع المسلمين، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 113 نسأل الله العافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 114 36 – نصيحة لمن لا يصلي إلا في شهر رمضان س: الأخ س. س، من العراق يقول: إنني ألاحظ أن كثيرا من الناس لا يصلون إلا في رمضان، وقد نصحتهم بنصائح كثيرة إلا أنني لم أجد الاستجابة منهم، نبهوا الناس حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا يا شيخ عبد العزيز (1) ج: الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بذلك والمحافظة عليها في أوقاتها، وعلى الرجال بصفة خاصة أن يؤدوها في الجماعة في بيوت الله عز وجل ولا يجوز لأحد التخلف عنها أو التساهل بها، بل ذلك من دلائل النفاق، وقد قال الله عز وجل في كتابه المبين: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2)، وقال عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (3)، وقال عز وجل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (4)،   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 167. (2) سورة البقرة الآية 238 (3) سورة البقرة الآية 43 (4) سورة مريم الآية 59 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 114 قال جماعة من أهل العلم معناه: يعني سوف يلقون خسارا ودمارا وعذابا، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة العناية بالصلاة والمحافظة عليها والتواصي بذلك وأن تكون في أوقاتها، قال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق. وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وذكر الصلاة يوما عليه الصلاة والسلام بين أصحابه فقال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (3)» وهذا وعيد عظيم يدل على كفره فمن ضيع الصلاة حشر مع هؤلاء الكفرة فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف. قال بعض العلماء: إنما   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 115 يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء لأنه إن ضيعها من أجل الملك والرئاسة شابه فرعون فحشر معه يوم القيامة إلى النار وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون فيحشر معه يوم القيامة إلى النار وإن ضيعها بأسباب المال وما أعطاه الله من الدنيا شابه قارون الذي بغى وطغى وتكبر ولم يستجب للحق حتى خسف الله به الأرض، وإن ضيعها بسبب التجارة والبيع والشراء شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة من قريش - الذي قتل يوم أحد، قتله النبي عليه الصلاة والسلام - فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، نسأل الله العافية. فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة العناية التامة بهذه الفريضة العظيمة، والمحافظة عليها في أوقاتها، والحذر من التخلف عنها أو التكاسل عنها في أي وقت، والذي لا يصليها إلا في الجمعة أو في رمضان يعتبر كافرا في الحقيقة عند جمع من أهل العلم - رحمة الله عليهم - ولو أقر بالوجوب، أما إذا جحد وجوبها كفر إجماعا، لكن إذا كان يعلم وجوبها عليه ويقر بذلك ولكنه يتكاسل فيدع بعض الأوقات أو لا يصلي إلا الجمعة أو لا يصلي إلا في رمضان هذا في أصح قولي العلماء يعتبر كافرا لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 116 بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» خرجه مسلم في صحيحه. ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأمراء الذين يغيرون، وقال له الصحابة: «يا رسول الله أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة (3)» وفي لفظ آخر قال: «لا إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (4)» هذا يدل على أن ترك الصلاة من الكفر البواح نسأل الله العافية. فوصيتي ونصيحتي لكل مسلم ولكل مسلمة في أي مكان أن يتقي الله وأن يحافظ على هذه الصلوات الخمس وأن يهتم بها كثيرا ويعنى بها كثيرا في أوقاتها، وأن يحذر طاعة الشيطان وجلساء السوء، ويبتعد عنهم. هي عمود الإسلام وأهم الفرائض بعد الشهادتين، فليتق الله كل مسلم في ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 117 37 - مسألة في حكم من لا يصلي إلا في شهر رمضان س: ما حكم الإسلام في رجل يصلي في رمضان ويصوم ولكنه في بقية الأيام لا يصلي رغم إعداد النصح له (1)؟ ج: من لا يصلي إلا في رمضان هو كافر، أو ما يصلي إلا الجمعة فقط كافر حتى يصلي الجميع؛ لأن الصلاة عمود الإسلام فرض على كل مسلم ومسلمة، فالذي يتركها إلا في رمضان أو إلا في الجمعة هذا كافر يجب على ولي الأمر أن يستتيبه - يعني الأمير أو المحكمة - فإن تاب وإلا قتل كافرا، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، وقال بعضهم: إنما يكفر إذا جحد الوجوب أما إذا كان لا يجحد فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل حدا، لا كفرا، والصواب أنه يقتل كفرا، أما القتل فإنه يقتل على كل حال، إذا لم يتب يقتل على كل حال من جهة ولي الأمر، لكن الصحيح أنه يكفر أيضا، حتى ولو ما جحد الوجوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في الصحيح. ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 218. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 118 فقد كفر (1)» وهذا يعم من تركها جاحدا أو تركها متساهلا ويعم الرجال والنساء جميعا، فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلاة في وقتها، والحذر من تركها، فلو صلى المغرب والظهر والعصر والعشاء ولكن ترك الفجر كفر حتى يصلي الجميع، أو صلى الجميع وترك الجمعة كفر حتى يصلي الجميع، لا بد أن يصلي الجميع، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وهذا يعم الواحدة والاثنتين والثلاث والأكثر، فالواجب التوبة إلى الله ممن ترك ذلك، وأن يقلع وأن يستقبل توبة صادقة نصوحا ولا يلزمه قضاء ما فات، بالتوبة يكفر الله ما فات، ويعفو الله عما فات إذا تاب توبة صادقة نصوحا؛ لقوله جل وعلا في كتابه العظيم: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (3)، ولقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (4)، وقوله جل وعلا:   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) سورة الأنفال الآية 38 (4) سورة التحريم الآية 8 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 119 {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1)، وهذه مصيبة عظيمة - التهاون بالصلاة - وقع فيها كثير من الناس، من الرجال والنساء، فالواجب الحذر والواجب التوبة إلى الله من ذلك، وأن لا يغتر الإنسان بقول بعض الناس إنه لا يكفر. حتى ولو كان ما كفر فهي معصية عظيمة أعظم من الزنى، وأعظم من اللواط، وأعظم من الخمر حتى ولو كان ما كفر على قول الآخرين من أكبر الكبائر ترك الصلاة ما بعد الكفر بالله والشرك بالله إلا ترك الصلاة، والصحيح أنه من الكفر بالله أيضا، وأنه كفر أكبر - نسأل الله العافية - فهي عمود الإسلام يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حفظها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2)» نسأل الله العافية. وكان عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين يكتب إلى أمرائه ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع نسأل الله السلامة. ويقول رضي الله عنه: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، (3)»   (1) سورة النور الآية 31 (2) سبق تخريجه. (3) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 120 نسأل الله العافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121 38 – حكم من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا س: الأخ ح. ع. ح، من الإقليم الشمالي في السودان يسأل ويقول: ما حكم من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا؟ وجهونا ووجهوا الناس، جزاكم الله خيرا (1). ج: الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وقد نزل فيها من الآيات الكريمات الشيء الكثير كما قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2)، وقوله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (3)، وقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (4)، وقوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (5)،   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 162. (2) سورة البقرة الآية 43 (3) سورة البقرة الآية 238 (4) سورة النور الآية 56 (5) سورة العنكبوت الآية 45 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121 إلى غير ذلك مثل قوله سبحانه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (1)، وفيها آيات كثيرة فمن تركها وتهاون بها فهو دليل على فساد دينه وفساد عقيدته، وأنه ليس من الإسلام في شيء ولو زعم أنه يقر بها وأنها واجبة ما دام لا يحافظ عليها بل يدعها تارة ويصليها أخرى، أو يدعها بالكلية هذا كافر في أصح قولي العلماء حتى يتوب إلى الله ويحافظ عليها والحجة في ذلك ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ولم يقل صلى الله عليه وسلم: إذا جحد وجوبها؛ فهو أفصح الناس عليه الصلاة والسلام وأنصح الناس لو كان جحد الوجوب شرطا لبينه، فهو المبلغ عن الله وهو الدال على الحق عليه الصلاة والسلام، ومع هذا يقول: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)» والمرأة مثل الرجل سواء ولهذا في الحديث   (1) سورة مريم الآية 59 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 122 الثاني يقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وهذا عام يعم الرجال والنساء ويعم من جحد الوجوب أو أقر بالوجوب، وما له أي فائدة في الإقرار بالوجوب إذا كان لا يصلي، لا ينفع به هذا الإقرار إذا كان ضيعها وأهملها واتصف بصفات المعرضين عنها، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم فيما تقدم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية بالصلاة والمحافظة عليها والاستقامة عليها في جميع الأوقات خوفا من الله، وتعظيما له وطلبا لمرضاته، وحذرا من عقابه سبحانه وتعالى وابتعادا عن مشابهة المشركين التاركين لها وعلى الرجل مع ذلك أن يحافظ عليها في المساجد في بيوت الله مع إخوانه المسلمين، لا يصلي في بيته، الصلاة في البيت فيه مشابهة لأهل النفاق يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 123 لأتوهما ولو حبوا (1)» يعني لأتوهما في المساجد. ويقول عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم (2)» وما ذلك إلا لعظم الخطر، وعظم الجريمة لتركهم الصلاة مع الجماعة في مساجد الله، وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (3)» هذا وعيد شديد، وقد جاءه رجل أعمى فقال: «يا رسول الله: ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (4)» رواه مسلم في صحيحه وفي رواية أخرى خارج مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: «لا أجد لك رخصة (5)» فإذا كان رجل أعمى ليس له قائد يلائمه   (1) سبق تخريجه. (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (651). (3) سبق تخريجه. (4) سبق تخريجه. (5) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 124 ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب. ويقول: «لا أجد لك رخصة (1)» فكيف بحال الرجل البصير الصحيح؟ الأمر عظيم فالواجب على الرجال أن يتقوا الله، وأن يحضروا الصلاة مع المسلمين في مساجد الله، فهي شعيرة عظيمة يقيمها مع إخوانه في بيوت الله ويظهر هذا العلم العظيم من أعلام الإسلام، ويجتمع بإخوانه ويشاهدهم ويتعاون معهم على الخير، ويشجع الكسول، فإنه إذا صلى هذا في المسجد وهذا في المسجد وهكذا تشجع الناس وتعاونوا على الخير، وأدوا هذه الفريضة العظيمة في بيوت الله وإذا كسل هذا وكسل هذا تابعه غيره من أولاد وإخوة وخدم وغير ذلك، فيكون عليه مثل آثامهم لاقتدائهم به؛ لأنه قد دعاهم بالفعل إلى ترك هذه الفريضة في المساجد فالواجب على كل إنسان أن يتقي الله وأن يراقب الله وأن يصلي في المسجد مع المسلمين وإن كان كبيرا في نفسه، وإن كان تاجرا وإن كان أميرا فأمر الله فوق الجميع، الواجب على كل إنسان من المؤمنين أن يتقي الله وأن يراقب الله، وأن يؤدي هذه الصلاة في بيوت الله مع إخوانه، وأن يقوم على أولاده وخدمه حتى يصلوا معه في المساجد، هكذا المسلم يتقي الله ويوصي   (1) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 125 بتقوى الله ويلزم من تحت يده بتقوى الله، وهكذا المرأة تعتني بذلك تصلي الصلاة في وقتها وتعتني ببناتها وخادماتها وأخواتها، تقوم عليهن وتلزمهن بما أوجب الله عليهن من الصلاة في وقتها ولعظم شأنها ولكونها عمود الإسلام بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من تركها كفر، حتى ولو أقر بالوجوب هذا هو الصحيح الذي عليه أئمة الحديث المعروفون وقد ذكره التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة قال: «كانوا لا يرون شيئا تركه كفر من الأعمال غير الصلاة (1)» يعني لعظم شأنها. نسأل الله لإخواننا المسلمين ولنا جميعا الهداية والتوفيق.   (1) سنن الترمذي الإيمان (2622). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 126 39 – حكم من يصلي وينقطع مرارا عنها س: شخص يصلي وينقطع مرارا عنها، وهذا حاله، ما هي نصيحتكم له (1)؟. ج: الواجب على كل مسلم ومسلمة تقوى الله في كل شيء، والصلاة عمود الإسلام وهي أعظم الفرائض، وأهم الفرائض بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية بالصلاة والمحافظة   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 164. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 126 عليها كما قال الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (1)، وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2)، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3)، والصلاة أعظم عمل وأهم عمل بعد الشهادتين، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع والذي يفعلها تارة ويضيعها تارة كافر في أصح قولي العلماء - نسأل الله العافية - ولو لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (4)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه. ولقوله عله الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (5)» خرجه مسلم في صحيحه. ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، فالواجب على المسلمين ذكورا وإناثا الحذر من التهاون بالصلاة والتساهل بها والواجب المحافظة عليها في الوقت والعناية بها   (1) سورة البقرة الآية 238 (2) سورة البقرة الآية 43 (3) سورة النور الآية 56 (4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 127 بطمأنينة وخشوع حتى تؤدى كما أمر الله، وعلى الرجل أن يحافظ عليها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانه المسلمين، وليحذر من التشبه بالمنافقين الذين لا يؤدون الصلاة في الجماعة إلا رياء، وإذا غابوا عن الناس تساهلوا بها وتركوها، يقول الله سبحانه وتعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} (2)، يعني: ليسوا مع المسلمين حقا ولا مع الكافرين حقا، بل هكذا وهكذا مترددون بشكهم وكفرهم وضلالهم، ويقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (3) لكفرهم ونفاقهم وشكهم وريبهم وإبطانهم الكفر، فالواجب الحذر من صفاتهم والحذر من أخلاقهم الذميمة.   (1) سورة النساء الآية 142 (2) سورة النساء الآية 143 (3) سورة النساء الآية 145 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 128 40 – حكم قضاء من يترك الصلاة أحيانا س: أنا الآن أبلغ من العمر الثامنة والعشرين، ومنذ كان عمري سبع عشرة سنة وأنا أصلي وأصوم ولكن أحيانا أترك الصلاة مدة، ثم أعود إليها فماذا علي الآن؟ هل علي قضاء أم تكفي التوبة؟ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 128 وكيف أعمل وأنا ربما أجهل عدد الأيام التي تركت الصلاة فيها وكذلك بالنسبة للصيام، فقد أفطرت بعض الأيام بدون عذر، وأفطرت خلال أربع سنوات بسبب مرض ولم يمنعني الأطباء من الصيام، ولكني أنا شعرت بضعف شديد وهبوط في صحتي فأفطرت، فماذا أفعل الآن؟ أرشدوني بارك الله فيكم (1) ج: ترك الصلاة كفر أكبر - نعوذ بالله - يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» فترك الصلاة وإن كان تهاونا كفر أكبر في أصح قولي العلماء أما إن كان عن جحد لوجوبها فهذا كفر أكبر عند جميع العلماء ولكن إذا كان عن تساهل وتهاون فهذا كفر أكبر في   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 49. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 129 أصح قولي العلماء فعليك التوبة إلى الله، وليس عليك القضاء عليك التوبة الصادقة النصوح، تندم على ما مضى منك، والعزم الصادق على ألا تعود لهذا الشيء والاستمرار في الصلاة، وليس عليك القضاء فما فات من الصيام والصلوات السابقة التي تركتها تهاونا فالصوم تابع لذلك؛ لأن ترك الصلاة كفر فليس عليك قضاء الصلاة ولا الصيام، أما ما تركت من الصيام وأنت تصلي بعدما تاب الله عليك وتركت هذا الذنب العظيم فإنك تقضي الصيام، وأما إذا كان ترك الصيام في وقت ترك الصلاة فإنك لا تقضيه، ولا تقضي الصيام لأن المسلم إذا ارتد عن دينه لا يقضي قال الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تجب ما قبلها، (2)» فإذا تاب الرجل من ترك الصلاة بعدما تركها ورجع إلى الله فإنه يستمر في العبادة والعمل الصالح ويسأل ربه المغفرة والعفو، وليس عليه قضاء لا لصلاة ولا لصومه السابق الذي تركه في حال ترك الصلاة، نسأل الله السلامة.   (1) سورة الأنفال الآية 38 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (121). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 130 وعليك الصدق مع الله ودعاؤه جل وعلا أن يثبتك على الحق، وعليك الإكثار من العمل الصالح كما قال الله جلا وعلا: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1)، ولما ذكر الله سبحانه الشرك والقتل والزنى قال تعالى بعد هذا: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (2)، فنوصيك وجميع المسلمين بالتوبة إلى الله الصادقة النصوح من جميع الذنوب، ولا سيما ترك الصلاة فإنه ذنب عظيم وكفر عظيم فعليك بالمبادرة والمسارعة للتوبة الصادقة، والعزم الصادق ألا تعود والاستمرار في الصلاة وهكذا نوصى جميع من ترك الصلاة أن يتوب إلى الله وإن يبادر بالتوبة الصادقة النصوح، وليس عليه قضاء فما ترك إلا الصيام الذي تركه وهو يصلي، فيصوم ما يغلب على ظنه أنه تركه إذا لم يعلم العدد.   (1) سورة طه الآية 82 (2) سورة الفرقان الآية 70 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 131 41 – حكم من يترك بعض الصلوات تكاسلا س: الأخ ع. أ. ي. ن، من اليمن يسأل ويقول: ما قولكم في الشخص الذي يصلي بعض الصلوات ويترك بعضها تكاسلا منه ويقول: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 131 إن الله غفور رحيم، وبم تنصحون حيال هذا الشخص المهمل لدينه؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب على المسلم أن يحافظ على الصلوات الخمس في الجماعة، فهي عمود الإسلام، وليس له أن يتساهل في شيء منها بل متى ترك شيئا منها عمدا كفر عند جمع من أهل العلم إذا كان مقرا بوجوبها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3)» الأمر عظيم، فالواجب نصيحته، وأن يبادر بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى لعل الله يتوب عليه جل وعلا، وهذا من صفات أهل النفاق، نسأل الله العافية، يجب الحذر ويجب تحذيره ونصيحته.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 272. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132 42 – حكم التساهل بصلاة الفجر والعصر س: يتساهل كثير من الناس بهذين الوقتين وهما الفجر والعصر، هل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132 من نصيحة لهؤلاء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم الواجب على كل مؤمن ومؤمنة الحرص على المحافظة على الصلاة في وقتها جميع الصلوات الخمس، وأن يخص الفجر والعصر بمزيد عناية، الفجر في الحقيقة كثير من يتكاسل عنها وينام حتى طلوع الشمس، وربما لا يقوم لها إلا إذا قام لعمله إن صلى، وهذه مصيبة عظيمة ومنكر عظيم الواجب أن يصلي في الوقت قد ذهب جمع من أهل العلم أنه إذا تعمد تركها حتى تطلع الشمس كفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وهذا قد تعمد تركها حتى خرج وقتها وهكذا من تعمد ترك صلاة العصر حتى غابت الشمس يكفر عند جمع من أهل العلم لهذا الحديث الصحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3)» فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة العناية بالصلوات الخمس، والمحافظة عليها في أوقاتها، وأن يخص الفجر بمزيد عناية حتى يقوم لها   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 397. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 133 ويصليها مع المسلمين في وقتها وتصليها المرأة في وقتها وهكذا العصر، بعض الناس إذا جاء من العمل سقط نائما وترك صلاة العصر وهذا منكر عظيم - والعياذ بالله - وكفر أكبر عند بعض أهل العلم إذا تعمد ذلك، فالواجب الحذر وهكذا بعض الناس يسهر على القيل والقال أو اللعب، ثم نام عن صلاة الفجر، هذا منكر عظيم، الواجب عدم السهر، وأن يتحرى بنومه ما يعينه على القيام لصلاة الفجر، وأن يصليها في الجماعة، ولا يجوز له التشبه بالمنافقين، أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر وهكذا صلاة العصر كل الصلوات ثقيلة عليهم، {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1)، فالواجب الحذر من مشابهتهم، والواجب المحافظة عليها في وقتها كلها، الصلوات الخمس جميعا يجب أن يحافظ عليها في أوقاتها مع إخوانه في المساجد، وأن يخص الفجر والعصر والعشاء بمزيد عناية حتى يحذر من صفات المنافقين، نسأل الله للجميع العافية والهداية.   (1) سورة النساء الآية 142 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 134 43 - حكم ترك صلاة الفجر س: أحد الإخوة المستمعين من الرياض رمز لاسمه بالحروف م. م. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 134 ع، يقول: ما حكم ترك صلاة الفجر (1)؟. ج: هذا فيه تفصيل، ترك صلاة الفجر مع الجماعة لا يجوز؛ لأنه مشابهة لأهل النفاق، الواجب أن تصلي في الجماعة في المساجد، هذا هو الواجب كبقية الصلوات، الواجب أن تؤدى في الجماعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2)» قيل لابن عباس ما العذر؟ قال خوف أو مرض، وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى يستأذنه أن يصلي في بيته، فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (3)» هذا أعمى يستأذن أن يصلي في البيت ليس له قائد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (4)»، فإذا كان هذا أعمى ليس له قائد يؤمر بالصلاة في الجماعة في المسجد فالمبصرون من باب أولى، المقصود أن الواجب على المسلم أن يصلي في المسجد جميع الصلوات الخمس مع الجماعة ولو كان كفيفا، يجب عليه أن يصلي   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 342. (2) سبق تخريجه. (3) سبق تخريجه. (4) صحيح مسلم الإيمان (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 135 مع الناس، ولا يجوز له الجلوس في البيت والصلاة في البيت، أما تركها بالكلية - ترك الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء - هذا كفر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» فالواجب الحذر ووصيتي لكل مسلم ولكل مسلمة المحافظة على الصلاة في وقتها وعلى الرجل أن يؤديها مع الجماعة في المساجد وأن يتقي الله وأن يتقي مشابهة المنافقين، وأن يحذر تركها، وأما تعمد تركها فهذا من الكفر، نعوذ بالله. س: بعض الأشخاص لا يصلون صلاة الفجر ويصلون الصلوات الأخرى، فهل صلاتهم هذه مقبولة (3)؟ ج: الصحيح من أقوال العلماء أن من ترك واحدة من الصلوات كفر، ولا تقبل بقية صلواته ولا بقية أعماله؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وقد صح عن رسول الله   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) السؤال الثاني من الشريط رقم 226. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 136 صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وليس لقوله: بين الرجل وبين الكفر مفهوم، فالأحكام تعم الرجال والنساء فكل حكم يرد للرجل فهو للنساء وكل حكم يرد في النساء فهو للرجل إلا ما خصه الدليل، والخلاصة أن من ترك الصلاة من الرجال والنساء كفر بذلك ولو لم يجحد وجوبها. هذا هو الصواب من قولي العلماء وهو المعروف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب على من ترك الصلاة أو ترك فرضا منها أن يتوب إلى الله، وأن يبادر بالرجوع إليه والتوبة إليه توبة نصوحا، والله يتوب على التائبين سواء كانت صلاة الفجر أو المغرب أو العشاء أو الظهر أو العصر أو الجمعة والواجب على أقاربه وإخوانه وزملائه أن ينصحوه وأن يوجهوه إلى الخير، وأن ينكروا عليه فيما يتساهل فيه من الصلاة، وإن لم يبال رفع أمره إلى ولي الأمر حتى يعاقب بما يستحق، ولا يجوز السكوت عنه والتساهل معه؛ لأن الله يقول جل وعلا:   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 137 {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (2)» وترك الصلاة أعظم المنكرات بعد الشرك، وتركها من الكفر، داخل في الشرك والكفر للحديث السابق: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (4)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما سئل عن بعض الأمراء الذين يخالفون بعض الشرع، سأله السائل: هل نقاتلهم؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (5)» وفي رواية: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (6)» فجعل ترك الصلاة برهانا على الكفر الأكبر الذي يبيح الخروج على ولاة الأمور وجعل إقامتها برهانا على الإسلام، وأنه لا يجوز   (1) سورة التوبة الآية 71 (2) سبق تخريجه. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (5) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (6) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 138 الخروج على من أقام الصلاة، فالحاصل أن الواجب على كل مسلم أن يؤدي الصلاة في أوقاتها، وهكذا المسلمات من النساء يجب على كل مسلم ومسلمة مكلف أن يؤدي الصلاة في أوقاتها، ومتى ترك واحدة من هذه الصلوات الخمس كفر بذلك فإن تركها كلها كفر أيضا من باب أولى - نسأل الله السلامة - وقد يفعل بعض الناس منكرا آخر وهو أنه يصلي في رمضان ولا يصلي في غير رمضان أو يصلي الجمعة ولا يصلي غيرها وهذا أشد كفرا ممن ضيع صلاة الفجر، نسأل الله العافية، فالحاصل أن من ترك الصلاة يوما أو شهرا أو سنة أو في الأسبوع مرة أو في الأسبوع مرتين هو كافر بكل حال؛ لأن كل ما كان الترك أكثر صار الكفر أشد، نسأل الله العافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 139 44 – حكم التساهل بأداء الصلاة حتى يخرج وقتها س: يقول: إذا سمعت المؤذن يرفع الأذان عند صلاة الصبح، واستحوذ علي الشيطان ولم أقم للصلاة، وصليتها بعد طلوع الشمس، فما حكمها، هل هي قضاء ويسقط الفرض أم أني أكون آثما؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 347. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 139 ج: أنت بهذا آثم؛ لأنه ما يجوز لك التساهل، بل يجب القيام إذا أذن بالواجب، يجب أن تقوم وتصلي مع المسلمين إلا إذا كنت عاجزا مريضا صليت في البيت في الوقت أما تأجيلها إلى طلوع الشمس فهذا منكر لا يجوز وقال بعض أهل العلم: إنه كفر من فعل ذلك، إذا تعمد ذلك يكفر لأنه أخرها عن وقتها عمدا وتساهلا. فالواجب عليك الحذر، وأن تصليها في وقتها إذا دخل الوقت ولو ما سمعت الأذان ولو أريته بالساعة وجب عليك أن تقوم وأن تصلي مع المسلمين في المساجد والمرأة تصلي في البيت في وقت الصلاة ومن أخرها عمدا فهو آثم إثما عظيما، وكافر كفرا أصغر عند الجميع عند جمهور أهل العلم، وكفرا أكبر عند بعض أهل العلم، وهو الصواب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2)» وهو عام للرجال والنساء، إذا تركت المرأة الصلاة عمدا حتى خرج الوقت كفرت، وهكذا الرجل على الصحيح فالواجب التوبة والبدار بالتوبة من تركها، ومن قضاها وإن كان   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 140 متعمدا فلا حرج عليه خروجا من الخلاف لكن لا يلزم القضاء على الصحيح وإنما يلزمه التوبة والرجوع إلى الله والعمل الصالح والاجتهاد في الخير؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1) فالواجب على من تركها أن يتوب إلى الله وأن يقلع وأن يندم ندما عظيما، وأن يكثر من التطوعات والاستغفار والعمل الصالح لعل الله أن يتوب عليه سواء كان رجلا أو امرأة، نسأل الله العافية والسلامة.   (1) سورة طه الآية 82 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 141 45 – حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها وقضائها عند قيامه للعمل س: الأخ ع. م. ص. ع، من اليمن يقول: ما حكم من سكن مع مجموعة من الشباب، لكنهم لا يصلون صلاة الصبح في وقتها بل يتركونها حتى قيامهم للعمل ثم يصلون؟ آمرهم بهذا ولم يستجيبوا، ويسأل توجيهكم، جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر والإنكار عليهم وتحذيرهم من مغبة ذلك، وأنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، الله كتب   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 257. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 141 على المسلمين الصلاة موقوتة: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1) وأمر أن تؤدى في وقتها، وهكذا رسوله عليه الصلاة والسلام، يقول جل وعلا: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} (2) يعني صلاة الفجر {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (3) الواجب أن تؤدى في الوقت، ولا يجوز للمسلم أن يؤخر صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس حتى يقوم لعمله، بل يجب عليه أن يصليها في الوقت، وإذا تعمد ذلك يكفر عند جمع من أهل العلم، تعمد ذلك، قصد ذلك، كفر عند جمع من العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» ومن أخرها عن وقتها عمدا فقد تركها، ويقول صلى الله عله وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (5)» فيجب الحذر، الواجب على المؤمن أن يحذر هذه المحارم العظيمة ولو قيل بعدم كفره، يجب أن يحذر؛ لأنها معصية   (1) سورة النساء الآية 103 (2) سورة الإسراء الآية 78 (3) سورة الإسراء الآية 78 (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 142 عظيمة وكبيرة عظيمة حتى ولو قلنا بعدم الكفر مع أن القول القوي والقول الراجح كفر من ترك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها لهذا الحديث الصحيح وما جاء في معناه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» رواه مسلم في الصحيح. فالذي ترك الصبح حتى طلعت الشمس قد تعمد تركها، وإذا ترك العصر حتى غابت الشمس فقد تعمد تركها وإذا ترك العشاء حتى طلع الفجر فقد تعمد تركها يقال له: إنه ما صلى، ويقال له: ترك الصلاة، وإذا ترك الخمس جميعا صار أشد في الكفر فالذي يترك واحدة أو ثنتين حكمه حكم من ترك الجميع، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) يعني حافظوا عليها في وقتها يجب أن تحافظوا عليها في وقتها ولا يجوز التشبه بأهل النفاق.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) سورة البقرة الآية 238 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 143 46 - حكم قضاء صلاة الفجر بعد شروق الشمس تهاونا س: يقول هذا السائل من اليمن: ما حكم من كان مقصرا في أداء صلاة الفجر تهاونا بها حيث إنه لا يصليها إلا بعد شروق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 143 الشمس، وهل يعد من المنافقين (1)؟ ج: من تعمد ترك الصلاة حتى يفوت وقتها كفر في أصح قولي العلماء يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» والذين يتعمدون تأخير الفجر حتى طلوع الشمس يكفرون عند جمع من أهل العلم؛ لأن الحديث يعمهم، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب أن تصلى في وقتها مع الجماعة في المساجد وإن صلاها في البيت أجزأته، وسلم من الكفر، لكنه عاص لأنه ترك الجماعة ولم يصل مع المسلمين في مساجدهم، والنبي عليه الصلاة والسلام أمر بالصلاة في المساجد وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (3)» قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض، وجاءه رجل أعمى قال: «يا رسول الله، هل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل تسمع   (1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم 434. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 144 النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (1)» أعمى أمره أن يجيب، يصلي في الجماعة، وقال عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم انطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم (2)» وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني الجماعة في المساجد - إلا منافق معلوم النفاق أو مريض، نسأل الله العافية. فالواجب الحذر والواجب أن تؤدى مع المسلمين في المساجد ولا يجوز التخلف عنها في البيوت، نسأل الله للجميع الهداية.   (1) سبق تخريجه. (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 47 - حكم قضاء صلاة الفجر بعد العاشرة صباحا س: يقول السائل: ما حكم صلاة الفجر بعد الساعة العاشرة صباحا (1)؟. ج: الواجب أن يصلي مع المسلمين في وقتها بعد الأذان يصلي في المساجد وليس له التخلف ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 435. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 48 - حكم تأخير قضاء صلاة الفجر مع الظهر لغير عذر س: يقول السائل: ما حكم من لم يصل صلاة الفجر ويؤدي صلاة الفجر مع الظهر بدون سبب أو عذر، هل تصح صلاته (1)؟. ج: عند جمهور أهل العلم عليه القضاء مع التوبة إلى الله، عليه أن يتوب إلى الله ويندم على ما فعل من الجريمة السيئة ويقضيها، وذهب بعض أهل العلم أنه إذا تعمد هذا يكون كافرا وعليه التوبة، ولا يلزمه القضاء؛ لأن جريمته عظيمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وهذا تعمدها حتى خرج وقتها فيكفر بذلك ولا يلزمه القضاء وعليه التوبة، ولكن إذا قضى احتياطا خروجا من الخلاف مع التوبة إلى الله يكون حسنا إن شاء الله.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 244. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 146 49 – الأسباب المعينة على صلاة الفجر س: تقول الأخت أم ع. من الرس: ما الأسباب المعينة على قيام صلاة الفجر (1)؟.   (1) السؤال التاسع والستون من الشريط رقم 433. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 146 ج: الأسباب المعينة: التبكير بالنوم بعد صلاة العشاء، الإنسان يبكر بالنوم ولا يسهر؟ ويركد الساعة قبل الأذان حتى يستفيد منها؟ وينتفع بها، أو يوصي من حوله من أهل بيته بإيقاظه، لا بد من بذل الأسباب مع سؤال الله الإعانة والتوفيق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 147 50 - حكم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا س: السائل ي. إ، من سوريا يقول: أسأل عن قضاء الصلاة في حال كون الإنسان لم يكن يصلي، وبلغ من العمر بعد سن البلوغ والتكاليف، وهداه الله إلى الصلاة، هل يجب عليه أن يقضي ما فاته من صلاة أم أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله (1)» يشمل (2)؟. ج: نعم إذا كان الإنسان لا يصلي ثم هداه الله فالتوبة تجب ما قبلها، والإسلام يجب ما قبله وهكذا المرأة إذا كانت لا تصلي ثم هداها الله ليس عليها القضاء التوبة تكفي والحمد لله، يقول صلى الله عليه وسلم:   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم (17813). (2) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 420. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 147 «الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها، (1)» فمن كان لا يصلي فالواجب عليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله والإنابة إليه، وليس عليه قضاء ما فات، والحمد لله.   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم (17813). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 51 - مسألة في حكم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا ثم تاب س: يقول السائل: هل يقضي الصلاة من تركها عمدا إذا وفقه الله للتوبة، سواء كان ما تركه وقتا واحد أو أكثر (1)؟. ج: التوبة تجب ما قبلها، ليس عليه قضاء، والحمد لله.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 412. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 س: هل تارك الصلاة، إذا تاب يقضي ما عليه من الصلوات (1)؟. ج: التارك للصلاة عامدا الصواب أنه لا إعادة عليه، وعليه التوبة لأنه يكفر بذلك والكافر يكفيه الإسلام والتوبة فمن كفر فلا يعيد ما مضى من صلاة ولا رمضان ولا غير ذلك وعليه العمل من جديد هذا هو الواجب على من ارتد عن دينه قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2)،   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 382. (2) سورة الأنعام الآية 88 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (1)، فالواجب عليه التوبة إلى الله، والرجوع إليه والإنابة إليه، والعناية بالصلاة والمحافظة عليها مستقبلا، وليس عليه قضاء ما مضى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» أخرجه مسلم في صحيحه. ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (4)» والأدلة في هذا كثيرة، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية التامة بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها هذا هو الواجب على جميع المسلمين رجالا ونساء، الواجب العناية بالصلاة والمحافظة عليها في الوقت؛ لقول الله عز وجل:   (1) سورة المائدة الآية 5 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 149 {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (1)، يعني العصر، {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) ولقوله جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3)، ولقوله سبحانه {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (4)، ولما تقدم من الأحاديث.   (1) سورة البقرة الآية 238 (2) سورة البقرة الآية 238 (3) سورة النور الآية 56 (4) سورة العنكبوت الآية 45 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 150 52 – بيان الحكمة من عدم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا ثم تاب س: السائل: س. ف، يسأل ويقول: لماذا إذا لم يصل الشخص يكون خارجا عن الملة، وإذا تاب لا يقضي صلواته التي لم يصلها؟ ولماذا يقضي صومه إذا تاب علما بأني لم أكن أصلي من قبل؟ أفيدوني عن هذه القضايا، جزاكم الله خيرا (1) ج: ينبغي أن يعلم أن الأحكام الشرعية إنما تؤخذ عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام لا عن آراء الناس الأحكام التي يحكم بها على العباد في كفر أو إيمان أو طاعة أو معصية إنما تؤخذ عن الله وعن رسوله   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 263. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 150 عليه الصلاة والسلام، فمن ترك الصلاة فقد حكم عليه الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه كافر كما أن من أشرك بالله وعبد ما هو غيره فقد حكم عليه الله ورسوله بأنه كافر وهكذا من استهزأ بالله ودينه حكم الله عليه بأنه كافر أما من ترك الصيام فإنه عاص؛ لأن الله ما حكم عليه بالكفر ولا رسوله فهو عاص، يؤمر بالقضاء أما من ترك الصلاة فإنه يكفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» رواه مسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وهناك أحاديث أخرى كلها تدل على كفر تارك الصلاة؛ لأنها عمود الإسلام، وأعظم الأركان بعد الشهادتين، فلهذا كفر تاركها، وإذا أسلم لا يطلب منه القضاء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين ارتدوا ثم أسلموا أن يقضوا بل قبل منهم إسلامهم ولم يأمروهم بالقضاء وهكذا الصحابة رضي الله عنهم، لما قاتلوا أهل الردة لم يأمروهم بالقضاء بعدما أسلموا؛   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 151 لأن الإسلام يجب ما قبله، الإسلام توبة عظيمة تهدم ما قبلها، ولأن مطالبة الإنسان بقضاء ما فاته في حال الردة قد ينفره في الإسلام، وقد يحول بينه وبين الدخول في الإسلام، وكان من حكمة الله ومن إحسانه إلى عباده أن جعل الإسلام يهدم ما كان قبله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله (1)» فمن أسلم غفر الله له، ما مضى من شرك وغيره. أما من ترك الصيام فإنه مسلم لا يكون كافرا إذا كان لم يجحد الوجوب، إذا كان ما جحد وجوب صوم رمضان بل يعلم أنه واجب عليه ولكن تكاسل فأفطر في بعض الأحيان، هذا يكون عاصيا، وعليه القضاء والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى.   (1) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 152 53 - مسألة في قضاء الصلاة والصيام لمن تركهما تعمدا ثم تاب س: أفيدكم - أفادكم الله - عن هذه القضية، عمري يتجاوز الثلاثين كنت لا أعرف صلاة ولا صياما - والعياذ بالله - وكنت من الضائعين، ولكن الله من علي والحمد لله فالتزمت، وشرعت في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 152 كتاب الله حفظا، هل في السنين التي انتهت في عمري علي صلاة وصيام وأنا بدأت الصوم قبل ثلاث سنوات فقط، وأما بقية السنين فبدون صيام ولا صلاة، وجهوني حول حالتي السابقة، جزاكم الله خيرا (1) ج: الحمد لله الذي هداك وردك إلى الصواب، وأوصيك بتقوى الله، والصبر والثبات والاستقامة، وسؤال الله سبحانه دائما أن يثبتك على الحق، وأن يعينك على ذكره وشكره، وحسن عبادته وأن يمنحك التوفيق، وتدعو ربك كثيرا في السجود وفي آخر الصلاة، وفي آخر الليل، وبين الأذان والإقامة تجتهد في الدعاء، تسأله سبحانه أن يمنحك التوفيق، وأن يمنحك الاستقامة وأن يمنحك الفقه في الدين، وأن يعفو عنك عما سلف وليس عليك قضاء لا صلاة ولا صيام؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، ولأن من ترك الصلاة كفر، فلا يقضي ما مضى لقوله سبحانه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (2)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها (3)». وقوله صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 246. (2) سورة الأنفال الآية 38 (3) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 153 كمن لا ذنب له (1)» فإذا كان الإنسان على حالة كفرية، ثم تاب فإنه لا يقضي ما مضى من صلاة ولا صوم، وإذا أسلم وتاب فهو على ما أسلم من خير، ما كان قبل ذلك من الخير يبقى له، وليس عليه قضاء لما فاته من صلاة أو صوم في حال كفره بتركه الصلاة.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 154 54 - مسألة في قضاء الصلوات التي تركت تعمدا س: أثناء فترة الشباب كان يفوتني البعض من الصلوات مثل العصر والفجر على سبيل المثال، والحمد لله الآن أقضي جميع الصلوات الخمس في المسجد، وأصلي مع الجماعة وأحرص على أن لا يفوتني أي فرض وأفكر كيف أقضي ما فاتني في فترة الشباب، هل ممكن أن أقضي مع كل فرض فرضا لما فاتني حتى ولو بين الأذان والإقامة؟ أرجو منكم بيان ذلك (1) ج: ليس عليك قضاء والتوبة تجب ما قبلها - والحمد لله - لأن ترك الصلاة كفر، ولا خلاص من ذلك إلا بالتوبة، وما دمت تبت من ذلك   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 380. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 154 فالحمد لله ولا قضاء عليك، التوبة تجب ما قبلها؛ لأن من ترك الصلاة كفر فإذا تاب ورجع إلى الحق والهدى فليس عليه قضاء ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرتدين أن يقضوا والصحابة لم يأمروا المرتدين أن يقضوا لما أسلموا لم يأمروهم أن يقضوا ما فاتهم من صيام أو صلاة، والحمد لله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 155 س: تقول السائلة: كنت من قبل أضيع بعض الصلوات وأؤخرها عن وقتها، ولكنني الآن تبت إلى الله توبة نصوحا، وأحافظ على الصلوات الخمس، ماذا علي أن أفعل فيما سبق، هل أعيد ما تركت (1)؟ ج: التوبة كافية، الإنسان الذي ما يصلي أو يصلي تارة ويخلي تارة إذا تاب كفاه وليس عليه القضاء قال الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (2)،، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها، (3)» وفي الحديث الآخر: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (4)»   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 408. (2) سورة الأنفال الآية 38 (3) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). (4) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 155 فليس على من ترك الصلاة ثم هداه الله وتاب الله عليه ليس عليه القضاء لما مضى ويكفيه التوبة - والحمد لله - التوبة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، كما قال تعالى في كتابه العظيم: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1).   (1) سورة طه الآية 82 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 156 س: يقول السائل: إذا كان إنسان لا يصلي ولا يصوم في فترة من حياته، ثم تاب وأقام الصلاة وصام رمضان، هل يلزمه قضاء الصلاة والصيام أم لا (1)؟ ج: الصواب أنه لا يلزمه ذلك والتوبة تكفي والحمد لله التوبة الصحيحة النصوح تكفي والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها والإسلام يهدم ما كان قبله وتارك الصلاة يكفر بذلك، (2)» فإذا أسلم وتاب ليس عليه إعادة كسائر الكفار إذا ارتد كسائر من ارتد ثم رجع لا يقضي.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 293. (2) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 156 س: هل على الإنسان الذي كان لا يصلي سابقا هل عليه قضاء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 156 الأوقات التي لم يصلها سابقا؟ وهل يجوز القضاء في الأوقات الخمسة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها (1)؟. ج: ليس عليه قضاء إذا تاب الله عليه ليس عليه قضاء التوبة تكفي تجب ما قبلها، والحمد لله، والذي عليه قضاء للصلاة يقضيها، ما لها وقت نهي يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك (2)» فإذا نسي مثلا صلاة الظهر ولا يذكرها إلا بعد العصر يبادر بقضائها أو نسي صلاة العشاء ولم يذكرها إلا بعد صلاة الفجر يبادر بقضائها.   (1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم 418. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 157 س: كيف يقضي المسلم صلاته التي لم يؤدها منذ بلوغه والتي فاتت عليه، وهل يحاسب على تركها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: عليه أن يتوب فيما مضى من ذلك، وليس عليه قضاء، وإن تاب   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 294. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 157 توبة صادقة محا الله عنه ذلك الكفر وذلك الضلال يقول الله جل وعلا: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1). ومن تاب صادقا أفلح، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تمحو ما قبلها (2)»، «والتائب من الذنب كمن لا ذنب له (3)» والصحيح أن تارك الصلاة تكاسلا كافر كفرا أكبر أما إن كان تركها جحدا لوجوبها فإنه يكون كافرا بإجماع المسلمين والكافر إذا أسلم لا يؤمر بالقضاء فيما ترك من صلاة وصوم. س: من. م. ص، بعث يسأل ويقول: من ترك الصلاة بخدعة الشيطان لمدد قد تصل لأشهر عديدة، هل يقضيها وكيف يكون القضاء، وهل يصلي كل فرض مع فرضه أم كيف يكون الحال (4)؟. ج: من تعمد ترك الصلاة فقد كفر في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد الوجوب، من تعمد تركها كفر بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم   (1) سورة النور الآية 31 (2) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (4) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 327. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 158 في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2)» وهناك أحاديث أخرى تدل على هذا المعنى، فإذا تاب ورجع فالتوبة تجب ما قبلها - والحمد لله - وليس عليه قضاء ما فات، الصحيح أنه لا قضاء عليه، الإسلام يجب ما قبله، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ما قبل إسلامهم، ولم يأمر الذين ارتدوا ثم أسلموا أن يقضوا بل التوبة تكفي والحمد لله تجب ما قبلها ولا قضاء عليه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 159 55 – حكم من بلغت سن الحيض ولم تصل ولم تصم إلا بعد سنوات س: تقول هذه السائلة: سماحة الشيخ، لقد بلغها الحيض وهي في الرابعة عشرة من العمر، ومنذ أن بلغها الحيض إلى التاسعة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 159 عشرة من عمرها لم تصل ولم تصم، والآن تقول بأنها تابت إلى الله توبة نصوحا، وبدأت تصلي وتحافظ على الصلوات، وتصوم وتكثر من النوافل، وتحمد الله وتقول: وجهوني سماحة الشيخ تجاه ما فرطت فيه، هل أقضي الصوم والصلاة عما مضى (1)؟. ج: ليس عليك قضاء، التوبة تكفي وتجب ما قبلها، أسلمت على ما أسلفت من خير الحمد لله، نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق الذين أسلموا لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صوم ولا صلاة.   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم 426. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 160 س: رسالة من مستمع بالزبداني في سوريا يسأل ويقول: رجل بلغ من العمر خمسة وخمسين عاما ولم يكن يصلي ولا يصوم، فسأل شخصا فأجابه قائلا: عليك بقضاء ما فاتك من صلاة وصيام، وإن لم تقض ما فاتك فسوف تصلي على بلاط جهنم، هل ما قيل صحيح؟ وبماذا ترشدون هذا الرجل؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 307. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 160 ج: الواجب عليه أن يتوب إلى الله، وليس ما قيل بصحيح، من تاب تاب الله عليه وليس عليه قضاء عليه أن يتوب إلى الله بما ترك من الصلاة والصيام ويكفيه ذلك، والتوبة تجب ما قبلها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «التوبة تهدم ما كان قبلها (2)»، والله سبحانه يقول: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3)، فالكافر إذا تاب ليس عليه قضاء، بل عليه أن يستقبل أمره بالعمل الصالح والتوجيه بتقوى الله وطاعة الله وأداء حقه وترك محارمه أما إذا كان المسلم تاركا للصيام ليس الصلاة، تاركا الصيام أو تاركا الزكاة يقضي لأنه مسلم، أما إذا ترك الصلاة صار كافرا، ترك الصلاة كفر أكبر، والكافر عليه أن يتوب توبة جديدة ولا يقضي ما فاته، وليس عليه قضاء ما مضى من زكوات حال كفره، أو صلوات في حال كفره أو صيام حال كفره، فلا تقضى؛ لأن كفره أعظم، فإذا تاب إلى الله فإنه يستقبل بالأعمال الصالحة والتوبة تجب ما قبلها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا والصحابة لم يأمروا   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (2) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). (3) سورة النور الآية 31 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 161 المرتدين أن يقضوا، لما ارتد جماعة من الناس في عهد الصديق قاتلهم الصديق وقاتلهم الصحابة، وتاب بعضهم ولم يؤمروا بالقضاء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 162 س: الأخ: خ. ش من المملكة الأردنية الهاشمية يسأل ويقول: أنا شاب عمري خمسة وعشرون عاما انقطعت عن الصلاة تهاونا لمدة تسع سنوات، والآن قد تبت إلى الله، لكنني حائر في أمر الصلوات الماضية، هل أقضيها؟ وإذا كنت سأقضيها هل أصلي مع كل فرض جديد فرضا قديما حتى تنتهي المدة؟ أفيدوني أفادكم الله (1) ج: الحمد لله الذي من عليك بالتوبة، ونوصيك بلزوم التوبة والاستقامة عليها وشكر الله على ذلك سبحانه وتعالى والحذر من صحبة الأشرار الذين قد يجرونك إلى العودة إلى ترك الصلاة وأما القضاء فليس عليك قضاء التوبة كافية؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، والذين ارتدوا في عهد الصحابة رضي الله عنهم لما تابوا لم يأمرهم الصحابة بالقضاء المقصود أن التوبة تكفي والحمد لله، يقول   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 197. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 162 النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها (1)» فليس عليك قضاء للصلوات الماضية السنوات التسع، وعليك أن تلزم التوبة، وهي الندم على ما مضى التوبة حقيقتها الندم على الماضي من الفعل السيئ والإقلاع عن ذلك، والحذر منه مع العزم الصادق أن لا تعود في ذلك، فنوصيك يا أخي بلزوم التوبة والاستقامة عليها وسؤال الله الثبات على الحق والاستقامة عليه، كما نوصيك بالمحافظة على الصلاة وأدائها في الجماعة في المساجد والحذر من صحبة الأشرار الذين قد يجرونك إلى ما حرم الله من ترك الصلاة أو غير ذلك من الشرور نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات على الحق.   (1) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 163 س: الأخ س. ر. من القصيم يقول: إنه شاب يبلغ من العمر الثالثة والعشرين، يقول: كنت فيما مضى من الأيام من عمري متهاونا في أداء الصلوات وحتى الصوم، فقد مرت علي شهور من رمضان أفطر فيها أياما بدون عذر شرعي وإنما تهاونا فإذا شعرت بالجوع أو العطش أفطرت، وبعد أن من الله علي بالتوبة والهداية وأيقنت بخطورة هذا الأمر واظبت على الصلاة، ولكن الذي يؤلمني يا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 163 سماحة الشيخ هذه الأيام التي مضت من عمري عن تلك الصلوات وعن أيام الصيام التي أفطرت فيها، كيف أبرئ ذمتي؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله والحمد لله ما دمت تبت إلى الله وندمت وأقلعت وأصلحت، كفى ذلك والحمد لله ولا يلزمك قضاء الصلوات ولا قضاء الصيام؛ لأن ترك الصلاة كفر والتوبة تجب ما قبلها، ما دمت تبت إلى الله فالتوبة تجب ما قبلها يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها، (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (3)» فالذي تاب عن ترك الصلاة وتاب من ترك الصيام لا قضاء عليه، أما الصيام الذي تركته بعد ما حافظت على الصلاة، إذا كنت تركت شيئا من الصيام بعد أن حافظت على الصلوات فإنك تقضي، أما الصيام الذي تركته مع ترك الصلاة فالتوبة تكفي فيه والحمد لله أما إذا كان هناك أيام تركت صومها بعد ما من الله عليك بالتوبة من ترك الصلاة فإنك تقضيها.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 421. (2) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 164 س: كنت لا أصلي ولكني الآن والحمد لله أنا محافظ على الصلاة وعندما كان أهلي يحثونني على الصلاة كنت أقول لهم: - حسب ما يصف نفسه - إنه كافر، ولكن ندمت عليها بعد أن هداني الله، فهل لي توبة؟ أفيدوني أفادكم الله (1) ج: نعم كل ذنب له توبة حتى الشرك الأكبر لذا فعليك التوبة إلى الله عز وجل، والندم على ما مضى منك، والعزم الصادق أن لا تعود، والله يتوب على من تاب سبحانه، والحمد لله الذي من عليك بالتوبة.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 152. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 165 س: الأخ س. س. س. مصري من المملكة الأردنية الهاشمية يقول: أنا شاب مصري الجنسية، لم أكن أصلي حتى بلغت العشرين عاما؛ لأنني في هذه الفترة لم أجد من يرشدني، ولم أعرف عن الصلاة شيئا، فارتكبت عدة معاص كثيرة، ثم من الله علي بالتوبة، وجهوني - جزاكم الله خيرا - حول ما فات من حياتي كيف يكون التصرف (1)؟   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 204. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 165 ج: يكفيك يا أخي التوبة، والحمد لله لما من الله عليك بالتوبة، تكفيك التوبة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها (1)»، يعني: تمحو ما قبلها، ويقول صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2)» فليس عليك قضاء الصلاة الماضية، ولا الصوم الماضي، والتوبة تجب ذلك، والحمد لله.   (1) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 166 س: يقول هذا السائل: بدأت الصلاة وعمري سبعة عشر عاما فهل علي قضاء ما فاتني من صلوات (1)؟. ج: ليس عليك قضاء وعليك التوبة، التوبة مما سلف من التقصير؛ لأن الواجب عليك بعد إكمال خمس عشرة سنة، بعد البلوغ يجب عليك أن تصلي وهكذا الجارية المرأة، والمرأة تزيد أمرا رابعا وهو الحيض فإذا تركت الصلاة بعد البلوغ فعليك التوبة إلى الله من ذلك، وليس عليك قضاء؛ لأن ترك الصلاة كفر، فالواجب التوبة من ذلك، نسأل الله العافية.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 427. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 166 56 - حكم قضاء الصلوات لمن تركها جاهلا أو متهاونا س: شاب كان تاركا للصلاة فمن الله عليه بالتوبة، أفتى له بعض العلماء أن يقضي الصلاة التي فاتته وإن لم يقضها قضاها في جهنم، أفتونا جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان تاركا للصلاة جاهلا بوجوبها فهذا لا قضاء عليه وعليه التوبة، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ما مضى من الصلوات، والمرتدون في عهد الصحابة لما أسلموا لم يأمرهم الصحابة أن يقضوا ما فاتهم من الصلوات أما إن كان غير جاحد لوجوبها بل تساهل وتكاسل وترك بعض الصلوات هذا في كفره خلاف، من أهل العلم من قال: يكفر كفرا أكبر وهو الأصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3)» قال الجمهور: لعلها كفر دون كفر، إذا كان ما   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 284. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 167 جحد الوجوب يكون كفرا دون كفر وعليه القضاء، وإن قضى من باب الاحتياط حسن، أما قول المفتي هذا أنه يقضيها في جهنم فهذا لا أعلم له أصلا، لكن على كل حال الصحيح أنه لا يلزمه القضاء، فإن قضى من باب الاحتياط وخروجا من الخلاف إذا كان ما جحد الوجوب لكن تكاسل إن قضى فهذا حسن من باب الاحتياط وإلا فلا يلزمه القضاء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 168 57 – حكم من ترك الصلاة س: منذ ولادتي حتى سن الخامسة عشرة لم أؤد فرض الصلاة، ولكني الآن مواظب على الصلاة منذ سبعين سنة، وقد قضيت عن المدة التي فاتتني، غير أن سادتنا العلماء قالوا: إن ذلك لا ينفع، أرشدوني أثابكم الله (1) ج: الحمد لله الذي من عليك بالاستقامة حتى أكملت هذه المدة الطويلة وأنت تحافظ على الصلاة، أما ما تركته من الصلوات قبل إكمال خمس عشرة سنة فهذا فيه تفصيل: فإن كنت قد بلغت الحلم بإكمال الخمس عشرة سنة أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج - وهو الشعرة - أو   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 125. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 168 بإنزال المني عن احتلام أو تفكير أو نظر أو نحو ذلك، فأنت بهذا قد بلغت الحلم والذي تركته من الصلوات بعد ذلك معفو عنه إذا كنت قد تبت إلى الله من ذلك وندمت، فالتوبة تجب ما قبلها فإذا كنت قد تبت إلى الله وندمت على ما قصرت فيه من ترك الصلاة، وعزمت على أن لا تعود في ذلك ثم استمررت على ذلك كما ذكرت فالحمد لله وكل ما تركته من ذلك يمحى عنك بالتوبة، فالتوبة تجب ما قبلها، كما قال النبي عليه السلام: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تجب ما كان قبلها (1)» يعني تمحو ما كان قبلها، والذي قال لك من العلماء إن التوبة لا تنفع، هذا كلام باطل غلط، وليس هذا من العلماء فالتوبة يمحو الله بها الكفر، ويمحو الله بها جميع الذنوب. أما إن كنت لم تبلغ بأن تبت إلى الله واستقمت على الصلاة قبل إكمال خمسة عشر عاما ولم يسبق منك إنزال ولا إنبات قبل خمس عشرة سنة فأنت في حكم الأطفال وليس عليك صلاة واجبة؛ لأن الصلاة إنما تجب بالبلوغ - بلوغ الحلم - فإذا كنت لم   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 169 تبلغ حين تركت الصلوات فليس عليك شيء لأنك غير مكلف بها تكليف الوجوب وإن كنت مأمورا بها وعلى وليك أن يأمرك بها ويضربك إذا تركتها لكنها لا تجب عليك وجوب المكلفين، لا، وإنما يشرع لك فعلها والمحافظة عليها ويجب عليك أن تعتاد ذلك وعلى وليك أن يحاسبك عن ذلك، لكن لو تركت منها شيئا قبل البلوغ فلا شيء عليك لا قضاء ولا توبة لأنك حينئذ لست من أهل التكليف إنما التكليف بعد بلوغ الحلم فاحمد الله على ما من به عليك من التوبة واطمئن، واعلم أنك بحمد الله على خير وأن توبتك عما تركته من الصلوات قبل خمس عشرة سنة سواء كنت بلغت أو لم تبلغ فهو معفو عنك وممحى عنك بالتوبة، والتوبة يمحو الله بها ما قبلها من الذنوب كما قال الله سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2)» ونسأل الله أن يمن علينا وعليك وعلى جميع المسلمين بالتوبة النصوح، وأن يتقبل منا ومنك ومن كل مسلم.   (1) سورة النور الآية 31 (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 170 س: إنني لم أبدأ الصلاة إلا بعد سن العشرين فماذا علي في المدة السابقة: جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس عليك يا أخي إلا التوبة إلى الله عز وجل والندم على ما فعلت من ترك الصلاة، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2)، وترك الصلاة كفر، وإنما علاجه بالتوبة إلى الله، فإذا تاب الرجل من ذلك أو المرأة من ذلك كفى ولا قضاء لقول الله عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (3)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تجب ما كان قبلها (4)» فاحمد الله يا أخي على الهداية، واسأله الثبات، واندم على ما مضى من تقصيرك، وألزم التوبة النصوح، واستكثر من الخير والعمل الصالح، وأبشر بالخير، والعاقبة الحميدة، نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 111. (2) سورة طه الآية 82 (3) سورة الأنفال الآية 38 (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 171 س: الأخ: ف. ع. س، من جمهورية مصر العربية يقول: إنني شاب، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 171 هناك بعض فروض الصلاة لم أقم بتأديتها من قبل، هل أقضيها الآن؟ وكيف يكون القضاء إذا كان واجبا؟ وكيف تكون النية (1)؟ ج: الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض، وأهم الفرائض بعد الشهادتين فمن تركها جاحدا لها كفر بإجماع المسلمين ومن تركها تكاسلا وليس بجاحد فإنه كافر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)» خرجه مسلم في صحيحه في أحاديث أخرى تدل على ذلك، ومن ضيعها أو ضيع بعضها ثم تاب فلا قضاء عليه، وعليك أن تستقيم أيها السائل وتسأل ربك التوفيق والإعانة وتتوب إلى الله مما مضى من الترك، وليس عليك القضاء؛ لأن الكافر إذا أسلم ليس عليه قضاء، وتاركها تهاونا كافر في الأصح فليس عليه قضاء ولكن عليه التوبة الصادقة عليه أن يندم على ما مضى ويحزن على ما مضى   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 277. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 172 ويعزم عزما صادقا على أنه يستقيم في المستقبل، ويحافظ عليها وبذلك يتوب الله عليه سبحانه وتعالى كما قال عز وجل: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2)» فأنت يا أخي ليس عليك قضاء هذا هو الصواب.   (1) سورة النور الآية 31 (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 173 58 – مسألة في حكم من ترك الصلاة جهلا س: تقول السائلة: إن والدتها وهي صغيرة كانت تترك الصلاة، ليس تساهلا ولكن جهلا، ولا تعلم كم كان عدد هذه الصلوات؛ والآن تسأل بعد أن تابت والحمد لله، وأصبحت تحافظ على الصلوات، كيف التصرف فيما مضى (1)؟ ج: يكفيها التوبة والحمد لله، ليس عليها قضاء، عليها التوبة، والتوبة حصلت والحمد لله؛ لأن ترك الصلاة كفر، والتوبة تكفيها في ذلك، والحمد لله.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 201. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 173 59 – حكم صلاة الجاهل بصفة الصلاة س: كنت أصلي وما زلت - والحمد لله - ولكن بداية صلاتي كنت أصلي نصف صلاة؛ أي مثل صلاة الفجر سجدتين، أتصور أني أصلي صلاة كاملة، وكذلك صلاة الظهر أربع ركعات كنت أصليها أربع سجدات، وكذلك الفرض لصلوات أخرى استمررت على هذا المنهج أربع سنوات، والأمر الذي جعلني أستمر على هذا الخطأ هو الحياء، أستحيي أن أسأل أحدا حتى والدي الذي هو معي في البيت، وإني مقتنع إذا سألت أنه سوف يجيبني بالحقيقة لكن لم أسأله، ولكن بعد هذه الفترة الطويلة - أي أربع سنوات أو أقل أو أكثر - فإني سألت أحد الأشخاص وقال لي إن صلاتك نصف الفرض، سؤالي: هل علي قضاء؟ وكيف أصليها قضاء؟ الله يوفقكم لما فيه الخير (1) ج: هذه المسألة غريبة جدا، رجل بين المسلمين تخفى عليه صفة الصلاة، ويصلي في كل ركعة سجدة واحدة لا حول ولا قوة إلا بالله، لا ريب أن هذا من ثمرات التخلف عن صلاة الجماعة، لو كان السائل يصلي   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 40. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 174 في الجماعة لعرف كيف يصلي ورأى الناس يصلون سجدتين في كل ركعة، ولكن بسبب صلاته في البيت وعدم السؤال وقع في هذا الخطأ الكبير، والعلم يطلب ويسأل عنه ولا يستحيا في طلبه، يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (1)، ويقول سبحانه: {وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (2)، والله سبحانه لا يستحي أن يقول الحق، ويأمر بالحق جل وعلا وتقول أم سليم لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله «إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال النبي: نعم إذا هي رأت الماء (3)» فالحق ليس فيه حياء أن يسأل عنه ويتفقه فيه المسلم والمسلمة قال مجاهد بن جبر التابعي الجليل رحمه الله: لا يتعلم العلم مستح ولا مستكبر فالمستحيي لا يتعلم والمتكبر لا يتعلم، فلا يليق بالمؤمن أن يستحي في العلم وهذا ليس بحياء في الحقيقة، ولكنه ضعف وخور وتهاون وتكاسل وإلا   (1) سورة البقرة الآية 26 (2) سورة الأحزاب الآية 53 (3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحياء في العلم، برقم (130)، ومسلم في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، برقم (313). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 175 فالحياء الصحيح والحياء المشروع يدعو للخير، ولا يمنع من الخير مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحياء خير كله (1)» الحياء لا يأتي إلا بخير، الحياء من الإيمان، فالحياء كله خير وهو خلق كريم يدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وينهي عن سفاسف الأخلاق وسيئ الأعمال، والذي يظهر من الشريعة أنك أيها السائل ليس عليك قضاء لأنك في حكم المتعمد، لعدم سؤالك مع تيسير السؤال، وعلى فرض أنك جاهل وأنك تظن أن هذا هو الصواب فإن المدة قد طالت، والجهل بهذا عظيم، فعليك التوبة والإنابة إلى الله والاستغفار وعدم العود إلى مثل هذا العمل، وعليك أن تسأل أهل العلم عن كل شيء، وأن تصلي مستقبلا كما يصلي المسلمون، كل ركعة فيها ركوع وفيها سجدتان، كل ركعة الفريضة والنافلة فيها ركوع في الهواء وفيها سجدتان في الأرض، لا بد من هذا، فعليك أن تستقبل حياتك بهذه الصلاة كل ركعة فيها ركوع وسجدتان، وعليك أن تصلي مع المسلمين في المساجد ولا تصل في البيت، الصلاة مع المسلمين في المساجد أمر لازم، وأمر مفترض كما في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، برقم (37). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 176 من عذر (1)» وسأله عليه الصلاة والسلام رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء في الصلاة، قال: نعم، قال: فاجب (2)» فأمره أن يجيب النداء، ولم يرخص له مع أنه أعمى بعيد الدار، ليس له قائد يلائمه ومع هذا أمر أن يصلي في المسجد ولم يرخص له في أن يصلي في بيته، فكيف بحال البصير الصحيح؟ حاله أقل عذرا من ذاك، بل لا عذر له ما دام صحيحا يسمع النداء بصيرا فهو أعظم من ذاك الذي ليس له قائد، وهو أعمى فالواجب عليه أعظم، فإذا كان الأعمى لا يعذر فالذي هو بصير قوي قادر من باب أولى، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله الأعرابي الذي دخل المسجد فنقر الصلاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ارجع فصلي فإنك لم تصلي، فصلاها ثلاث مرات، ثم قال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا، فعلمني، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر من القرآن، ثم اركع حتى   (1) سبق تخريجه. (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 177 تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (1)» هكذا أمره عليه الصلاة والسلام، يصلي هكذا بالطمأنينة والاعتدال والخشوع وعدم العجلة، ولم يأمره بقضاء الماضي، ما أمره بقضاء الصلاة الماضية التي لم يكملها بل نقرها لجهله وقلة بصيرته، فلهذا أمره أن يستقبل أمره، ويصلي صلاة مستقيمة، يطمئن فيها لربه ويخشع، ولم يأمره بقضاء الماضي، هكذا أنت لأنك تركت الصلاة في الحقيقة عن جهل وقلة بصيرة وتفريط، فعليك التوبة إلى الله والإنابة إليه، ولا يلزمك القضاء عن المدة الماضية فيما يظهر من قواعد الشرع، وفي هذا الحديث الشريف، والله يتوب عليك، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحات والاستغفار، والاستكثار من ذكر الله عز وجل، فإن الحسنات يذهبن السيئات والله المستعان   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (757)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 178 60 – نصيحة لمن يصلي ثم يترك الصلاة لغير عذر س: من دولة الكويت الأخ: ع. س، يقول: قصتي أنني أريد شيئا أمسك به ونصيحة منكم تفيدني في ديني ودنياي وآخرتي، مشكلتي أنني أصلي وأعزم التوبة النصوح، ثم أعود وأترك الصلاة، ثم أصلي وأترك حوالي أسبوع وهكذا وهكذا، أرجو أن توجهوني سماحة الشيخ حتى أستقيم استقامة مستمرة، جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم (1) ج: وصيتي لك أن تتقي الله عز وجل وأن تراقبه سبحانه في جميع الأحوال، وأن تعلم أن الصلاة هي عمود الإسلام، وأنها الركن الثاني من أركانه، وأن تركها كفر بالله عز وجل، فالواجب عليك الحذر، وأن تسأل ربك الثبات والتوفيق للاستقامة، وأن تراقبه، وتستحضر أنك مسؤول، وأنك على خطر أن تموت في تلك الحالة التي تركت فيها الصلاة فتكون إلى النار يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 340. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 179 الصلاة فمن تركها فقد كفر (1)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2)» يعني إلى النار، وما ذاك - والله أعلم - إلا لأن التارك للصلاة إما أن يتركها من أجل الرئاسة فيحشر مع فرعون إلى النار؛ لأن فرعون شغلته الرئاسة عن طاعة الله ورسوله وإما أن يتركها من أجل الوظيفة فيحشر مع هامان وزير فرعون لأنه شغله عمله مع فرعون عن طاعة الله وتصديق رسوله عليه الصلاة والسلام، وإما أن يترك الصلاة من أجل المال والشهوات فيكون شبيها بقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض فيحشر معه إلى النار، وإما أن يدعها من أجل التجارة والبيع والشراء فيكون شبيها بأبي بن خلف تاجر أهل مكة الكافر، فيحشر معه إلى النار، فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يراقب الله في كل أموره، وأن يجتهد في المحافظة على الصلوات في أوقاتها في الجماعة، فإن من حافظ عليها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع،   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 180 فاتق الله، واسأل ربك التوفيق وحافظ عليها في أوقاتها في الجماعة، وتب إلى الله مما سلف توبة صادقة، ومن تاب تاب الله عليه، نسأل الله لك الصلاح والهداية والتوفيق للتوبة النصوح. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 181 س: إحدى الأخوات تقول: أنا من ليبيا. تسأل عن قضية وقد طولت في السؤال عنها، وملخص ما سألت عنه أنه مر فترة من عمرها وكانت تصلي مرة وتترك مرة حتى إنها أحصت عدد الركعات التي فاتتها فما هو توجيهكم لها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: عليها التوبة، ويكفي - والحمد لله - التوبة مما سلف، ومن تاب تاب الله عليه، ومن ترك الصلاة كفر فالتوبة تكفي ولا يلزمها القضاء فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم من ارتد ثم أسلم بالقضاء والصحابة كذلك لما أسلم من أسلم من المرتدين لم يأمروهم بقضاء الصلاة، فالمقصود أنه إذا أسلم بعد تركه الصلاة فإن عليه التوبة الصادقة والحمد لله والعمل الصالح يكفيه، يقول سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2)، فليس على من أسلم قضاء لما ترك من صيام ولا صلاة إذا   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 308. (2) سورة طه الآية 82 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 181 كان قد أتى ناقضا من نواقض الإسلام كترك الصلاة أو جحد بعض ما أوجب الله من صلاة أو زكاة أو نحو ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة وقد أجمع عليه المسلمون كلهم بالحكم بكفره ثم بعد ما أسلم فإنه لا يقضي ما سبق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 182 61 – حكم قضاء من ترك الصلاة لغير عذر ثم تاب والتزم بها س: رسالة ممن رمز إلى اسمه - خ - من المدينة المنورة يقول: أنا شاب كنت أصلي كل الفرائض في وقتها ثم ابتعدت عن ذلك فترة ثم إني تبت إلى الله سبحانه وتعالى ورجعت عما كنت فيه من الشر، ولكني أشعر بعد هذه التوبة أشعر بالألم والأسى لذلكم الماضي الأسود وجهوني يا شيخ عبد العزيز جزاكم الله خيرا هل أقضي ما فاتني أو بم توجهونني؟ شكر الله لكم (1) ج: عليك أن تحمد ربك وتشكره كثيرا على ما من به عليك من التوبة، واعلم يا أخي أن التوبة تجب ما قبلها وتمحو ما قبلها إذا كانت التوبة تامة مستوفية لشروطها، يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم:   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 307. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 182 {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1)، فدل ذلك على أن من تاب التوبة الشرعية أفلح، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها (3)» فاحمد الله جل وعلا واشكره سبحانه وأحسن به الظن فالذنوب الماضية تمحى بالتوبة، وليس عليك قضاء، إنما عليك لزوم التوبة، والتوبة النصوح هي المشتملة على أمور ثلاثة: الندم على الماضي من السيئات، والإقلاع عنها وتركها خوفا من الله وتعظيما له، والعزم الصادق على ألا تعود إليها، إذا اشتملت التوبة على هذه الأمور الثلاثة: الندم، والإقلاع، والعزم الصادق ألا تعود؛ محا الله سبحانه عنك الذنب الماضي، وأفلحت، فاستقم واثبت على الحق، وهناك شرط رابع لصحة التوبة وسلامتها إذا كان الحق للمخلوقين كالدماء والأموال والأعراض فلا بد من استحلالهم، أو إعطائهم حقوقهم، فمن تمام التوبة التخلص من حق الآدمي بأن تعطيه حقه المال أو الدم أو القصاص، وهكذا العرض، فتقول: أرحني يا أخي، سامحني جرى مني كذا، وجرى مني كذا، سامحني. فإذا سامحك بحقه   (1) سورة النور الآية 31 (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (3) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 183 من مال أو دم أو عرض صحت التوبة وبرئت من هذا الحق، وإن لم يسمح سقط ما كان لله، وبقي حق الآدمي بينك وبينه يوم القيامة وإذا استقامت توبتك أرضاه الله عنك يوم القيامة سبحانه وتعالى لكن عليك أن تجتهد في الدنيا في إعطائه حقه، أو تحليله، فإذا عجزت وصدقت في التوبة أوفى الله عنك يوم القيامة، وهكذا العرض إذا كنت تخشى إذا أخبرته أن يكون ما هو أشد وأن يترتب عليه ما لا تحمد عقباه فلا تخبره، ولكن استغفر له واذكره بالخصال الحميدة التي تعرفها عنه بدلا من الخصال الذميمة التي اغتبته بها فهذه بهذا تذكر ما تعلم من أعماله الطيبة في المجالس التي ذكرته فيها بالسوء، وتدعو له وتستغفر له، وهذا يقوم مقام استحلالك، إذا خشيت من الاستحلال أمرا أخطر وأكبر، والله المستعان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184 س: أنا أصلي منذ خمس سنوات ولكني تركت الصلاة لمدة عشرة أشهر بين السنة الثالثة والرابعة، إلا أنني الآن مستمر في الصلاة والحمد لله هل علي القضاء أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: التوبة كافية؛ لأن ترك الصلاة كفر والكفر قضاؤه التوبة، والنبي   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 265. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184 عليه الصلاة والسلام قال: «الإسلام يجب ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها (1)» والله يقول في كتابه العظيم: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2)، ذلك بالجد في طاعة الله والاستقامة والاستكثار من العمل الصالح، والاستغفار والتوبة الصادقة ولا قضاء عليك، هذا هو الواجب أن تستقيم على التوبة، وأن تثبت عليها وأن تحذر ترك الصلاة، وأن تحذر أيضا جلساء السوء لا تجالس من يترك الصلاة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» والصلاة عمود الإسلام أعظم فرائض الإسلام الصلاة بعد الشهادتين، يقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (5)» فالواجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلوات الخمس والعناية بها في أوقاتها وعلى الرجل أن يصليها في الجماعة في المساجد   (1) سبق تخريجه. (2) سورة طه الآية 82 (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 185 مع المسلمين وعلى الجميع الحذر من تركها والتساهل بها؛ لأن تركها كفر أكبر، نسأل الله العافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 186 62 - حكم تارك الصلاة والصوم بعد البلوغ جهلا س: ما قول سماحتكم فيمن بلغت في سن صغيرة، ولم تتعرف على أحكام الدين وأمور الشرع المتعلقة بها بالقدر الذي وصلت إليه من المعرفة بها حاليا فلم تصل ولم تصم، ولم تتحجب عن الأجانب، ثم بعد أن عرفت عن أحكام الدين في هذا الأمر احتجبت، وأصبحت تصلي وتصوم بعد أن كانت تصوم صيام الأطفال، تفطر متى شاءت وتصوم متى شاءت، وطاقت ذلك الآن، هل يلزمها قضاء ما فاتها من الصيام والصلاة؟ وهل يلزمها إلى جانب قضاء الصيام الصدقة؟ وإذا كان هناك صدقة فما مقدارها علما بأن الفترة التي أمضتها وهي جاهلة بأحكام الشرع ولا تلتزم بها سنتان ونصف (1)؟ ج: الصواب أنه لا يلزمها شيء، ويكفي التوبة؛ لأن الرسول عليه   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 310. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 186 الصلاة والسلام لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ما فاتهم من الصلاة والصيام؛ ولأن ترك الصلاة كفر فالتوبة تكفي في هذا فإذا كانت لا تصلي ولا تصوم فالتوبة تكفي وليس عليها قضاء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 187 س: رسالة بعث بها المستمع ع. ب، مصري الجنسية، يقول: أنا بلغت من العمر السادسة والعشرين، وكنت تاركا للصلاة، أقوم أحيانا وأترك أحيانا، ولما سافرت إلى المملكة هنا وسمعت برنامج نور على الدرب، وسمعت فيه أن تارك الصلاة كافر عدت والحمد لله أقوم بالصلاة المفروضة في أوقاتها، لكني أسأل عما فات من عمري كيف يكون حالي - جزاكم الله خيرا - هل يلزمني القضاء أم تكفى التوبة؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: الحمد لله الذي هداك ووفقك للعودة إلى الخير والمحافظة على الصلاة، نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق، أما الماضي فتكفي التوبة والحمد لله؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2)،   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 338. (2) سورة طه الآية 82 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 187 ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2)» نسأل الله أن يمن على الجميع بالتوبة الصادقة النصوح.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 188 63 - حكم قضاء الصلوات التي تركت جهلا وتكاسلا ولا يعرف عددها س: إذا كان الشاب في بداية حياته قد ضيع بعض الصلوات وتركها وكذلك الصيام جهلا وتكاسلا، ثم تاب بعد ذلك وندم، فهل عليه الإعادة لما ترك في الصلوات والصيام، علما بأنه لا يستطيع تحديدها؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس عليه قضاء والتوبة كافية إذا كان لا يصلي ولا يصوم أو عنده أنواع في الكفر الأخرى فإن التوبة تكفي يقول الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (2)، ويقول جل وعلا:   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 246. (2) سورة الأنفال الآية 38 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 188 {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (1)، أجمع العلماء على أن الآية المذكورة في التائبين، فإذا كان لا يصلي ولا يصوم أو كان يسب الدين أو كان يشرك مع الله غيره، يدعو الأموات، يستغيث بأهل القبور أو بالأصنام والأشجار فإنه متى تاب توبة صادقة تاب الله عليه، والتوبة الصادقة تشمل أمورا ثلاثة: الندم على الماضي، الندم الصادق، والإقلاع عن المعصية أو الشرك وترك ذلك، والعزم الصادق ألا يعود رغبة فيما عند الله وإخلاصا له ومحبة له وتعظيما له، فإن هذه التوبة تمحو ما قبلها من جميع أنواع الشرك والمعاصي الأمر الأول: الندم على الماضي خوفا من الله وتعظيما له، والأمر الثاني: الإقلاع عن الذنوب من الكفر والمعاصي، الأمر الثالث: العزم الصادق ألا يعود في ذلك، ومتى فعل ذلك خوفا من الله وتعظيما له ورغبة فيما عنده وإخلاصا له سبحانه تاب الله عليه، ومحا عنه جميع الذنوب، وليس عليه قضاؤها لا الصيام ولا الصلاة ولا غير ذلك، التوبة تجب ما قبلها، وإن كان عنده حق للمخلوقين فلا بد من الرابع وهو رد حقوقهم إليهم، كالسرقات والغصوب، يعطيهم حقوقهم، وهكذا في القصاص إذا قتل لهم   (1) سورة الزمر الآية 53 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 189 أحدا يعطيهم حقهم في القصاص أو الدية، لا بد من أداء الحق للمخلوق أو استحلاله إذا تحلله وسامحه لا بأس، وأما إذا كان فعله ليس بكفر أكبر كترك الصيام فقط، وإلا فهو يصلي فهو مفرط في بعض الصيام فإنه يقضي إذا كان يصلي ولكنه فرط في بعض الصيام أو في الزكاة ما زكى ليس بكافر، ترك الصيام ليس بكفر إذا كان يؤمن بالوجوب، وأن رمضان واجب عليه، ولكن تساهل ففرط في بعض الصيام فإن عليه القضاء والتوبة إلى الله، وعليه أداء الزكاة عما مضى إذا كان لا يزكي مع التوبة الصادقة، والله يتوب على التائبين. أما ترك الصلاة فكفر أكبر - نعوذ بالله من ذلك - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها ضيع دينه - نسأل الله العافية - فالواجب على كل مسلم أن يحذر تركها والتساهل فيها على الجميع   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 190 رجالا ونساء أن يتقوا الله وأن يحافظوا على الصلوات الخمس في أوقاتها، وأن يؤديها الرجل في الجماعة هذا هو الواجب على الجميع، فمن ضيعها وتهاون بها وتركها كفر في أصح قولي العلماء نسأل الله العافية. أما من جحد وجوبها وقال: إنها ليست واجبة، هذا يكفر عند جميع أهل العلم، عند جميع الأمة من قال: إنها غير واجبة أو أن واحدة منها غير واجبة كالظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، كفر إجماعا، وأما إن كان يؤمن بأنها واجبة ولكن يتساهل ويتركها أو بعضها فإنه يكفر بذلك نسأل الله العافية. أما إذا كان يصلي ولكن في البيت فهذا يكون عاصيا، فعليه التوبة إلى الله وأن يصلي في الجماعة وصلاته مجزئة، ولكن لا يعيدها لكن عليه أن يصلي في الجماعة، ويتوب عما سلف إذا كان لا يصلي في جماعة بل يصلي في البيت يجب أن يصلي مع الجماعة وأن يتوب إلى الله مما سلف، وأما النساء فعليهن الصلاة في البيت، السنة لهن صلاة البيوت، ومن صلت مع الجماعة صلاتها صحيحة لكن الأفضل في حق النساء الصلاة في البيت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 191 64 – بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة س: في فترة شبابي تمر علينا بعض الأيام ولا نصلي فيها الفروض، الأيام كثيرة - سامحنا الله وإياكم - ولقد قرأت في إحدى الصحف بأنه لا بد من قضائها رغم فوات المدة عليها وذلك بعد الصلوات المفروضة، أنا والحمد لله الآن أصلي جميع الفروض في أوقاتها، دلوني على الجواب الصحيح، جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب التوبة من ذلك وليس عليه القضاء هذا هو الصحيح من قولي العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفر، والكفر لا يزول إلا بالتوبة، فإذا ترك الإنسان الصلاة ثم تاب فإنه لا قضاء عليه، هذا هو المختار والصواب، وليس عليك شيء إن شاء الله إلا التوبة، فعليك التوبة الصادقة والندم على ما مضى منك وتعزم على ألا تعود في ذلك والاستكثار من الحسنات والأعمال الصالحة كما قال الله سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2)، «والتوبة تجب ما كان قبلها (3)» كما قال النبي   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 145. (2) سورة النور الآية 31 (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 192 عليه الصلاة والسلام، نسأل الله أن يمنحنا وإياك التوبة الصادقة، وأن يعيذنا وإياك والمسلمين من نزغات الشيطان. س: كنت قاطعة للصلاة منذ مدة طويلة، وفي الوقت الحالي رجعت إلى الصلاة، كيف أعوض؟ أرجو الإجابة على هذا السؤال (1) ج: الإنسان إذا قطع الصلاة ثم من الله عليه بالتوبة فإن التوبة تجب ما قبلها، فإذا كان الإنسان لا يصلي من رجل أو امرأة ثم هداه الله ورجع إلى الصواب وصلى فإن التوبة تجب ما قبلها فعليه التوبة والندم والاستغفار والإكثار من العمل الصالح ولا قضاء عليه فيما مضى؛ لأن الكافر لا يقضي إذا أسلم والمرتد لا يقضي إذا أسلم، ولكن التوبة تجب ما قبلها كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها (2)» والله جل وعلا يعفو عما سلف بالتوبة الصادقة النصوح، وهذا من فضله سبحانه وتعالى، يقول سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (3)، ويقول جل وعلا لما ذكر الشرك والقتل   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 36. (2) سبق تخريجه. (3) سورة طه الآية 82 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 193 والزنى قال: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (1)، المقصود أن التوبة يكفر الله بها ما مضى وليس عليه القضاء بعد إسلامه، وتوبته ورجوعه إلى الله سواء كان كافرا أصليا أو كان مرتدا بتركه الصلاة، أو بسبه الله ورسوله، أو باستهزائه بالدين أو بغير هذا من المكفرات فإنه متى تاب إلى الله من الناقض الذي نقض إسلامه، وصدقت توبته فإن الله سبحانه يمحو عنه ما مضى وليس عليه إعادة لصومه ولا صلاته.   (1) سورة الفرقان الآية 70 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 194 س: لقد دار النقاش بين اثنين عما إذا كانت الصلاة تقضى، فهل تقضى مع العلم أنه لا يعرف كم عدد الفروض التي تركت (1)؟ ج: إذا كان الإنسان تاركا الصلاة عمدا فإنه يكفر بذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)»،   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 14. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 194 رواه مسلم في الصحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2)» نسأل الله العافية. هؤلاء من كبار الكفار ومن صناديدهم فمن يضيع الصلاة يحشر مع هؤلاء، والأمر يدل على كفره العظيم؛ لأن من ضيعها شغلا بالرئاسة قد أشبه فرعون وإن ضيعها شغلا بالوزارة والوظيفة قد شابه هامان وزير فرعون، وإن ضيعها شغلا بالمال والشهوات فقد شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض بسبب استكباره عن الحق واشتغاله بالشهوات، وإن تركها تشاغلا بالمعاملات والبيع والشراء فقد شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة، فيكون كافرا محشورا مع هؤلاء الكفرة، نسأل الله العافية. الحاصل أن تركها كفر فلا تقضى إذا أسلم،   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 195 وهداه الله وتاب، ليس عليه قضاء، هذا هو الصواب، ليس عليه قضاؤها ولا قضاء غيرها كالصوم وغيره، إذا تاب بعد ذلك فإن التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله كما قال الله سبحانه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1)، فالتائب من تركه الصلاة ليس عليه قضاء؛ لأنه أسلم من جديد هذا هو الصواب.   (1) سورة الأنفال الآية 38 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 196 س: م. ش، من سوريا: هل يقضي المسلم الصلاة التي فاتته وكانت بإرادته وكان عامدا متعمدا؟ ماذا يلزمه في هذه الحالة، وهل يقضي ما فاته؟ مأجورين (1) ج: الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، قال الله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2)، وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3)، قال جل وعلا: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (4)،   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 371. (2) سورة البقرة الآية 238 (3) سورة النور الآية 56 (4) سورة العنكبوت الآية 45 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 196 والآيات في أمر الصلاة كثيرة جدا، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (1)» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس - أي على خمس دعائم - شهادة أن لا إله الله، وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)» أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (4)» أخرجه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه فمن يتعمد ترك الصلاة يكفر بذلك على الصحيح وإن لم يجحد وجوبها وأما إذا جحد وجوبها يكفر عند الجميع ولو صلى إذا قال: إنها غير واجبة فهو كافر ولو صلى ولكن إذا تكاسل يعرف أنها واجبة، يعلم   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (2) سبق تخريجه. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 197 أنها واجبة ولكن تكاسل، هذا أيضا كافر على الصحيح؛ لهذه الأحاديث السابقة فإن تاب تاب الله عليه، ما عليه قضاء، يبتدئ من جديد يصلي من جديد وليس عليه قضاء إن تركها عمدا عدوانا، أما إذا كان ناسيا أو نائما يقضي، أما إن تركها عمدا متساهلا فعليه التوبة، وليس عليه قضاء، فإن قضى فلا بأس لكن ليس عليه قضاء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 198 65 – بيان شروط التوبة النصوح س: ما حكم تارك الصلاة لمدة سنتين، ثم العودة إلى الصلاة دون انقطاع، وكيف يعوض هاتين السنتين اللتين لم يصلهما (1)؟. ج: إذا ترك المسلم الصلاة سنة أو أكثر أو أقل ثم تاب تاب الله عليه؛ فإن التوبة تجب ما قبلها، وليس عليه أن يعيد ما ترك، بل عليه التوبة إلى الله والصدق في ذلك بالندم على ما مضى من عمله، والعزم أن لا يعوده ثم الاستكثار من العمل الصالح، من ذكر الله واستغفاره والتطوع بالصلوات وغيرها من الصدقات والصيام ونحو ذلك، ويكفي هذا؛ لأن الله قال جل وعلا في كتابه العظيم لما ذكر المشرك والقاتل بغير حق   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 39. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 198 والزاني، قال بعد ذلك: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (1)، وقال سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها (3)» وقال: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (4)» فالذي ترك الصلاة، ثم هداه الله ورجع إلى دينه وإلى إسلامه فإن توبته صحيحة إذا كان صادقا نادما عازما ألا يعود في ذلك، فإن توبته صحيحة، والله سبحانه يمحو بها ذنبه الماضي، وليس عليه أن يقضي تلك الصلوات هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم.   (1) سورة الفرقان الآية 70 (2) سورة طه الآية 82 (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). (4) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 199 66 – حكم من فاتته أيام لم يصل فيها س: إنني إذا سمعت القرآن أحلف يمينا أنني لن أترك الصلاة بعد اليوم لكن فاتتني أيام لم أصل فيها، كيف النصيحة في العمل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 199 الذي فات (1)؟ ج: أولا عليك التوبة إلى الله؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» فعليك أن تتوب إلى الله من هذا العمل وهو ترك الصلاة في أيام، وعليك أن تبادر وتسارع إلى المحافظة عليها وإن قضيتها خروجا من الخلاف فحسن، وإلا الصواب أن من تركها عمدا يكفر وليس عليه قضاء، لكن إذا كانت قليلة وقضيتها من باب الاحتياط فلا بأس، وعليك كفارة يمين؛ لأنك حلفت ألا تترك وقد تركت، فعليك كفارة يمين عما فعلت من الترك، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة هذا هو الواجب عليك، وأهم شيء وأعظمه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى والبدار بالمحافظة على الصلاة مع إخوانك في مساجد الله جل وعلا والحذر كل الحذر من تركها بعد ذلك.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 83. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 200 س: أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري بلغت في الثانية عشرة وقد كنت عندما أسمع درس ديانة بخصوص الصلاة أصلي أياما ثم أقطع ربما سنوات، أما الآن فقد اقتنعت بالصلاة، وإن شاء الله لن أتركها، وسؤالي هو: ماذا أفعل بالفروض التي فاتتني هل أحصيها ثم أصليها قضاء؟ وهل واجب علي أن أصلي السنة التي فاتتني والسنة الآن (1)؟. ج: إذا ترك المسلم الصلاة سواء رجلا أو امرأة فإن الواجب عليه التوبة إلى الله والندم والإقلاع والعزم الصادق ألا يعود في ذلك، ويكفيه ذلك وليس عليه قضاء؛ لأن الصلاة عمود الإسلام من تركها كفر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» والكافر تكفيه التوبة فإذا تاب الرجل أو المرأة من ترك الصلاة فلا قضاء، هذا هو الصواب، فأنت أيتها السائلة ليس عليك قضاء - والحمد لله - والتوبة تجب ما قبلها، توبتك مما سلف تجب ما قبلها وتسقط عنك الصلوات الماضية، وليس عليك إلا الاستقامة في المستقبل   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (31). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 201 والمحافظة وسؤال الله الثبات على الحق والعناية بالدروس الإسلامية، وسماع الدروس الإسلامية من نور على الدرب وغيره؛ لأن هذا يعين المرأة والرجل على الحق، ويثبت الإيمان ويذكر بالله وبالآخرة، فسماع الدروس الإسلامية من أفضل الأعمال ومن أسباب الاستقامة والثبات، وينبغي للقائم على البرنامج إذا ما تيسر له أن يجيب السائلين والسائلات بالكتابة فإن بعضهم قد لا يسمع سؤاله في البرنامج، هذا طيب، إذا تيسر الإجابة بما أجاب به المسؤول في الرسالة على العنوان إذا كان لهم عنوان واضح، فهذا حسن وفيه جمع بين المصلحتين، يذاع للمسلمين وينتفعون به، ويجاب السائل كتابة على عنوانه حتى يستفيد لأنه ربما لم يوفق لسماعه في البرنامج، أو يرسل له الشريط المسجل ليستمع لصوت المسؤول، هذا من باب ضم الخير إلى الخير وضم الحسنة إلى الحسنة إذا أمكن ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 202 س: تقول المرسلة ف، عن نفسها: إنني امرأة متزوجة، لم أصل منذ سبعة وثلاثين عاما، جاء لي الأبناء، وأصبحوا يعلمونني الصلاة - جزاهم الله خيرا - لكنني محتارة في المدة الماضية، هل سيحاسبني الله عليها، أم توصونني بقضائها، أم كيف يكون الجزء: 6 ¦ الصفحة: 202 توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نوصيك بالتوبة النصوح، التوبة والندم على الماضي، والعزم على ألا تعودي فيه، والمحافظة على الصلاة من حين هداك الله، الزميها وحافظي عليها في أوقاتها بالطمأنينة والخشوع، وأبشري بالخير، والتوبة تجب ما قبلها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «التوبة تجب ما قبلها (2)» أي تهدم ما قبلها وتمحوه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (3)» فأبشري بالخير، التوبة بحمد الله تكفي معناها الندم على ما مضى منك من الترك، والحزن على ذلك، والعزم ألا تعودي إليه، وتستمري على المحافظة والاستقامة على الصلاة وأبشري بالخير، وليس عليك قضاء، والذنب ممحو، يمحى بالتوبة، والحمد لله.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 312. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 203 67 – حكم من ترك الصلاة بسبب المرض س: إنني أصلي والحمد لله، وعمري يبلغ ثلاثا وعشرين سنة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 203 وقطعت الصلاة فترة بسبب مرض، ولكن شفاني الله، وبعدها استمررت في قطعها - يعني الصلاة - والآن أصلي والحمد لله، هل علي إثم أو كفارة، وما هي الكفارة حتى أؤديها؟ ولكم الشكر (1) ج: عليك يا أخي التوبة إلى الله - والحمد لله - لزوم التوبة ما دمت تبت والحمد لله، فعليك أن تلزمها وأن تكثر من العمل الصالح، وتسأل ربك الثبات على الحق، وعليك أن تحرص على صحبة الأخيار وأن تبتعد عن صحبة الأشرار، وليس عليك سوى ذلك، التوبة تجب ما قبلها كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2)، وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3)، ولما ذكر سبحانه الشرك والزنى والقتل في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (4)، قال بعدها:   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 192. (2) سورة طه الآية 82 (3) سورة النور الآية 31 (4) سورة الفرقان الآية 68 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 204 {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (1) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (2) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (3)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (4)» فاحمد ربك على التوبة والزمها، واسأل ربك الثبات، واحذر أسباب الفتنة واحذر العودة إلى ترك الصلاة، فإن الصلاة عمود الإسلام وتركها كفر بالله عز وجل فاحذر ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (5)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (6)» خرجه مسلم في صحيحه. ويقول عليه الصلاة والسلام أيضا: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (7)» فاحذر يا أخي من تركها ومن مجالسة من يتركها لعلك تنجو واسأل ربك الثبات على الحق حتى تلقاه سبحانه وتعالى.   (1) سورة الفرقان الآية 68 (2) سورة الفرقان الآية 69 (3) سورة الفرقان الآية 70 (4) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (6) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (7) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 205 68 - بيان كيفية دعوة من لا يصلي س: يوجد معي أخي وهو أكبر مني سنا، ولا يصلي وأحاول معه أكثر من مرة بأن يصلي وهو يقول: كثير من الناس لا يصلون، ماذا أفعل معه لإرغامه حتى يصلي مع العلم أنه يعمل في كل شيء حتى في المسكن، يعمل معي، أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا (1) ج: عليك أن تستمر في نصيحته والاستعانة أيضا بخواص إخوانك الطيبين حتى ينصحوه معك، مع سؤال الله جل وعلا أن يهديه، تسأل ربك أن يهديه في صلاتك وفي آخر الليل وفي غير ذلك من الأوقات، تسأل الله أن يهديه وأن يشرح صدره للحق وأن يعينه على جهاد نفسه وشيطانه، ولا تيأس بل اجتهد في نصيحته لعل الله يمن عليه بالهداية، فإن أصر فابتعد عنه وقاطعه في الله، واهجره في الله لعل الله ينفع بذلك أيضا.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 192. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 206 69 - بيان ما يلزم تارك الصلاة بغير عذر إذا تاب س: الأخت م. م. ع، من الرياض، تسأل وتقول: لي صديقة في سن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 206 المراهقة كانت تصوم ولا تصلي، وقبل مدة تابت إلى الله ورجعت إلى الصواب، ولكن ضميرها يؤنبها ويعذبها على ما بدر منها من ترك للصلاة كسلا وتساهلا وجهلا بالدين، ووالداها لا يعرفان ذلك، أما هي فلا تعرف ماذا تفعل، هل تصلي الصلوات التي تركتها أم تكثر من صلاة السنة بعد وقبل كل فرض لعل الله أن يغفر لها؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير (1) ج: من نعم الله عليها أن من عليها بالتوبة، ورزقها الندم على ما مضى - والحمد لله - على ذلك فعليها أن تستمر في الخير وأن تلزم طاعة الله ورسوله، وأن تحافظ على الصلاة في وقتها وأن تستكثر من الخير من صلاة النافلة من الصدقة من الدعاء من الذكر وهكذا جميع أنواع الخير، ويكفي هذا والحمد لله، وليس عليها قضاء الصلاة؛ لأن التوبة تهدم ما كان قبلها، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما كان قبلها (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (3)»   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 114. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 207 فلتطمئن ولتحمد الله على ما هداها له من التوبة، ولتعلم أنه لا شيء عليها عما مضى بل التوبة تمحو ذلك مع الصدق والنصح في التوبة، والتوبة الصادقة تشمل أمورا ثلاثة: الندم على الماضي من الذنب، والإقلاع منه وتركه، والعزيمة الصادقة ألا يعود المذنب لفعله سواء كان رجلا أو امرأة، هذه الأمور الثلاثة لا بد منها في التوبة: الندم على الماضي والإقلاع من الذنب والعزم الصادق ألا يعود في فعله. وهناك شرط رابع إذا كانت الجريمة والذنب يتعلق بالغير، فمن تمام التوبة أن يعطي الحق لصاحبه، ويرد عليه حقه أو يستحله من ذلك، كما لو كان الذنب خيانة في مال أو سرقة أو نحو ذلك، فإن من شرط التوبة وتمامها أن يرد المال إلى صاحبه، أو يستحله من ذلك، يقول الله سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1) ويقول سبحانه لما ذكر الشرك والقتل والزنى في آية الفرقان في قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (2) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (3)   (1) سورة طه الآية 82 (2) سورة الفرقان الآية 68 (3) سورة الفرقان الآية 69 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 208 ثم قال بعد هذا: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (1) فذكر سبحانه أن من تاب من الشرك أو القتل أو الزنى أبدل الله سيئاته حسنات، هذه من نعم الله العظيمة وفضله الكبير، فعلى التائب أن يحمد ربه وأن يصدق في التوبة وأن يلزمها حتى يلقى ربه والله ولي التوفيق.   (1) سورة الفرقان الآية 70 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 209 س: تقول عن نفسها: في بداية حياتي لم أكن أصلي ولا أصوم بعض أيام رمضان، والآن من الله علي بالهداية، فماذا أفعل فيما مضى (1)؟ ج: التوبة كافية إذا كانت لا تصلي فالذي لا يصلي كافر، فالواجب التوبة إلى الله والندم على ما مضى والعزم الصادق أن لا تعود في ذلك، وليس عليها قضاء.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 355. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 209 س: سائلة تقول: أنا عمري الآن سبع وعشرون سنة، وكنت فيما مضى أصلي وأقطع، لكني الآن والحمد لله أثابر على الصلاة دون انقطاع وإنني أصلي كل فرض في وقت الصلاة المكتوبة، مع السنة القبلية والبعدية والقضاء أيضا؛ لذلك أطيل في صلاتي، وأنا في بعض الأحيان أكون مشغولة ولا أملك متسعا من الوقت لأداء القضاء، فما هو رأي سماحتكم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: التوبة كافية وليس عليك قضاء وإنما عليك أن تستقيمي على طاعة الله، وأن تحافظي على الصلاة في أوقاتها حتى الموت أما على الماضي فعليك التوبة الصادقة والندم وعليك أن تسألي الله المغفرة والعفو، يكفي ذلك والحمد لله؛ لأن الله يقول جل وعلا: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 325. (2) سورة النور الآية 31 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 210 «التوبة تهدم ما كان قبلها (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 211 س: رسالة وصلت إلى البرنامج من الجزائر من أخت تسأل سماحتكم عن فتاة تركت الصلاة فترة من عمرها، ثم عادت وتابت وندمت، هل تنصحونها بقضاء ما فات أم كيف يكون توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الحمد لله الذي هداها ومن عليها بالتوبة وليس عليها قضاء؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر فإذا تابت الآن من ذلك فليس عليها قضاء، هذا هو الصواب هذا هو الحق فعليها التوبة النصوح والاستقامة والصبر والإكثار من العمل الصالح والحمد لله يقول الله عز وجل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2) فليس عليها قضاء ولكن عليها لزوم التوبة، وعليها   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 348. (2) سورة طه الآية 82 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 211 كثرة الاستغفار والإكثار من العمل الصالح والحمد لله على كل حال. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 212 70 – التوبة النصوح تجب ما قبلها من الذنوب والمعاصي س: السائل يقول: سمعت بأن شابا لم يصل إلا عندما بلغ العشرين وأجيب له بأن الإسلام يجب ما قبله فهل معنى ذلك بأنه لا يحاسب على ما فات (1)؟ ج: من تاب توبة نصوحا تاب الله عليه عن المعاصي أو ترك الصلاة أو أنواع الشرك والتوبة تجب ما قبلها، فإذا تاب وهو ابن عشرين سنة أو ابن ثلاثين سنة أو ابن خمسين سنة أو ابن مائة سنة توبة صحيحة من الشرك من المعاصي كلها تاب الله عليه إذا تاب توبة صحيحة وندم على ما مضى، وأقلع منه وعزم عزما صادقا على ألا يعود فيه، فإن الله يتوب عليه، وإن كان عنده مظالم للناس فعليه أن يؤديها لأصحابها، لا بد أن يعطى الناس حقوقهم أو يتحلل منهم، والله جل وعلا يقول:   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 374. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 212 {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1) ويقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (2) وعسى من الله واجبة، ويقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (3) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (4) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (5) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها، (6)» والحمد لله.   (1) سورة النور الآية 31 (2) سورة التحريم الآية 8 (3) سورة الفرقان الآية 68 (4) سورة الفرقان الآية 69 (5) سورة الفرقان الآية 70 (6) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 213 71 – حكم تأخير الصلاة بسبب العمل س: كثيرا ما تفوتني صلاة الظهر والعصر بحكم العمل الذي نقضي فيه ما يقرب من ثماني ساعات، فبماذا تنصحونني، وهل يجوز الجزء: 6 ¦ الصفحة: 213 لي القضاء (1)؟ ج: الواجب عليك المحافظة على جميع الصلوات، وأن تتقي الله عز وجل في ذلك وأن تتوب مما سلف، ومن تركها عامدا تاركا لها قصدا يكفر بذلك، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، ولا يقضي وإن قضى فلا بأس خروجا من الخلاف لمن قال: لا يكفر إذا كان لم يجحد وجوبها أما من جحد وجوب الصلاة كفر بإجماع المسلمين لكن من لم يجحد وجوبها ولكن يتكاسل بعض الأحيان هذا جملة من أهل العلم يقولون: لا يكفر وعليه القضاء. لكن الصواب أنه يكفر بذلك وأن التوبة تكفي فإذا قضى فلا بأس نسأل الله السلامة.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 216. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 214 72 – حكم من ترك الصلاة إذا كان متعبا أو مشغولا س: الأخ ي. ع، من مصر يقول: أنا والحمد لله أصلي منذ أن كان عمري عشر سنين، ولكن تأتي علي أيام أكون فيها إما تعبان أو مشغولا فلا أصلي ولا أقضي، فما الحكم في ذلك؟ أرجو الجزء: 6 ¦ الصفحة: 214 الإفادة جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليك التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالصلاة دائما ولزوم ذلك، وليس لك عذر بالتعب والكسل، بل يجب أن تصلي وإن كنت تعبان أو كسلان، عليك أن تبادر بالصلاة وتصليها في وقتها مع المسلمين، وإذا كنت عاجزا عن الصلاة في المسجد لمرض صليت في البيت ولو على جنبك أو مستلقيا إذا عجزت عن القيام والقعود أما تركها فلا يجوز أبدا ما دمت عاقلا تستطيع أن تصلي ولو على جنبك أو مستلقيا وعليك التوبة إلى الله عما سلف والتوبة تجب ما قبلها.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 176. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 215 73 - بيان كيفية زيادة العمل الصالح س: المرسل ر. ع، من سكاكا الجوف يسأل فيقول: أخبركم بأنني كنت أصلي ولكن لم أحافظ على الصلوات، ولله الحمد أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا بأن من الله علي بالهداية وأنا الآن أحافظ على صلواتي الخمس في أوقاتها، وأقوم الليل لأداء صلاة التهجد وأقرأ كل يوم جزأين أو ثلاثة أجزاء ويوم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 215 الجمعة أقرأ فيه من ستة إلى سبعة أجزاء وأتصدق ببعض المال إذا كان معي، وأصوم الاثنين والخميس والأيام البيض، أحمد الله على ذلك، سؤالي: بماذا تنصحونني لزيادة العمل الصالح؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الحمد لله الذي من عليك بالتوبة والرجوع إليه جل وعلا ونوصيك شكره والثناء عليه، وسؤاله الثبات على الحق وسؤاله التوفيق والاستقامة على الحق وأبشر بالخير نوصيك بالاستمرار في هذه الأعمال الطيبة والاستزادة من الخير مهما استطعت والله جل وعلا لا يضيع للعاملين أعمالهم بل يوفرها لهم ويضاعفها لهم على حسب إخلاصهم وصدقهم فاستعن بالله واجتهد في أعمال الخير وأنت على خير من صدقة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ودعوة إلى الله عز وجل، والعناية ببر الوالدين وصلة الرحم وإكرام الجار وغير هذا من وجوه الخير وأبشر بالخير، رزقنا الله وإياك الاستقامة والقبول.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 320. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 216 74 – شرح حديث "أول ما يحاسب العبد من عمله صلاته" س: الأخ ش، من الرياض يقول: أسأل وأقول: أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة عن الصلاة، فإن صلحت، صلح عمله، ما المقصود بصلاح الصلاة (1)؟ ج: جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أول ما يحاسب العبد من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر (2)» يعني إن صحت صلاته واستقامت وقبلها الله منه، فذلك من أسباب قبول بقية أعماله، وإن أضاع الصلاة ولم تستقم الصلاة فهو من أسباب ضياع أعماله الصلاة كالميزان لبقية الأعمال، فينبغي للمؤمن أن يحرص على إتقانها وإكمالها وحفظها حتى لا يتطرق إليها نقص؛ لأن هذا من أسباب توفيق الله له في جميع أعماله بعد ذلك، ومن حافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولهذا يقول جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3) ويقول صلى   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 438. (2) سبق تخريجه. (3) سورة البقرة الآية 238 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 217 الله عليه وسلم: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1)» نسأل الله العافية، فالمحافظة عليها والعناية بها من أسباب توفيق الله لصلاح أعماله كلها.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 218 75 – الواجب على الأبناء دعوة ونصح آبائهم إذا كانوا لا يصلون س: يقول عن والدته: والدتي تبلغ من العمر خمسين سنة، إلا أنها - هداها الله - ضعيفة في أداء الصلوات الخمس - هكذا يقول - وقد نصحتها عدة مرات وسنين طويلة، ووالدي كذلك، وهو الآن حي والحمد لله، لكني ألاحظ أن الأمر كما هو فبماذا توجهوننا جميعا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليها أن تتقي الله وأن تحافظ على الصلوات في أوقاتها؛ لأن الصلاة عمود الدين، وأعظم الفرائض وأهمها بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلاة في أوقاتها بكل   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 320. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 218 عناية؛ لقول الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (1) وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (2) وقوله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (3) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (4) ثم قال في آخر الآيات: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (5) المقصود أن الواجب على المؤمن والمؤمنة العناية بالصلاة والمحافظة عليها أينما كانت في السفر والإقامة، في الشدة والرخاء، في الصحة والمرض، في الغنى والفقر، حتى ولو كان على فراشه يصلي إن كان يستطيع قاعدا صلى قاعدا فإن عجز صلى على جنبه فإن عجز صلى مستلقيا ليس له عذر في الترك أبدا ما دام عقله معه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (6)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة (7)» يعني الرجل والمرأة، والمعنى   (1) سورة البقرة الآية 238 (2) سورة النور الآية 56 (3) سورة المؤمنون الآية 1 (4) سورة المؤمنون الآية 2 (5) سورة المؤمنون الآية 9 (6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (7) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 219 واحد؛ لأن الخطاب للرجل والمرأة يعم الجميع ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» فالواجب عليك أنت يا ولدها النصيحة وهكذا الزوج يجب عليه أن ينصحها وأن يؤدبها أيضا ولو بالضرب حتى تستقيم على المحافظة وإذا تعمدت تركها تكفر بذلك - نسأل الله العافية - وينبغي له فراقها حينئذ الواجب عليه فراقها، لا يبقى المسلم مع الكافرة غير الكتابية، المقصود أن الواجب عليكما جميعا أنت وأبوك العناية بها أنت تنصح بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، وأبوك كذلك وله سلطان عليها بأن يؤدبها إذا تخلت وتساهلت بالصلاة نسأل الله لها الهداية، وأن يعيذها مولاها من الشيطان الرجيم.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 220 76 – حكم من يترك الصلاة بحجة أنه يفعل المعاصي س: م. م. أ، من العراق، محافظة نينوى يسأل ويقول: إن أكثر الشباب عندما أنصحهم بالصلاة يقولون: لا نستطيع أن نصلي؛ لأننا ننظر إلى النساء وخاصة المتبرجات، فهل النظر يمنع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 220 الصلاة أو يبطلها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا عذر باطل، الواجب عليهم أن يصلوا مع المسلمين ويحافظوا على ما أوجب الله عليهم من الصلاة ومن غض البصر والصلاة في الجماعة في المساجد فريضة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2)» فيجب على المسلم أن يؤديها إذا كان مكلفا وتركها كفر بالله وضلال، وليس رؤية النساء في الطريق أو في المسجد إذا كن يصلين في المسجد ليس هذا عذرا في ترك الصلاة أو ترك الجماعة بل هذا غلط ومنكر واعتذار لمنكر عن منكر وهو ترك الصلاة - نسأل الله العافية - والواجب على المسلم غض البصر وأن يتقي الله ويغض بصره عن النساء في الأسواق وفي كل مكان، وليس عذرا له إذا ذهب إلى الصلاة أن يصادفه في الطريق نساء فإذا صادفه في الطريق نساء يغض بصره ويجاهد نفسه قال الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (3) فالمسلم   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 158. (2) سبق تخريجه. (3) سورة النور الآية 30 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 221 يغض بصره ويتقي الله ويحفظ فرجه ويؤدي ما أوجب الله عليه من الصلاة في مساجد الله مع المسلمين، يخاف الله ويرجوه قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (1) وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وقال في شأن الصلاة وعظمتها: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رحمه الله في أحاديث أخرى دالة على عظم شأنها، ويقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (5)» وقد هم عليه الصلاة والسلام أن يحرق على المتخلفين بيوتهم المتخلفين عن الصلاة في الجماعة، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يتقي الله وأن يحافظ على الصلاة في أوقاتها وأن يحذر التخلف عنها، فإن   (1) سورة النور الآية 36 (2) سبق تخريجه. (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 222 التخلف عنها من صفات أهل النفاق ومن صفات الكفرة، ومن أسباب دخول النار قال الله تعالى في كتابه العظيم عن الكفار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (1) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (2) فأجابوا بأنهم دخلوا النار لأنهم لم يكونوا من المصلين - نسأل الله العافية - فالمؤمن يتقي الله في كل شيء فيغض البصر ويحفظ الفرج، ويحفظ جوارحه عما حرم الله، ويؤدي ما أوجب الله من الصلاة والزكاة وبر الوالدين وصلة الرحم وغير ذلك، يجمع بين هذا وهذا، هذه الدار دار العمل دار التكليف دار الابتلاء والامتحان، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يتقي الله وأن يحافظ على ما أوجب الله، ويتباعد عن محارم الله، وأن يقف عند حدود الله يرجو ثواب الله ويخشى عقاب الله ولهذا خلق يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (3) وهذه العبادة: الصلاة الزكاة، الصيام، الحج، الجهاد، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، الدعوة إلى الله، بر الوالدين، صلة الرحم، إلى غير هذا مما شرع الله، وهكذا ترك المحارم التي حرم الله على عباده تركها طاعة لله وتعظيما له من أفضل القربات.   (1) سورة المدثر الآية 42 (2) سورة المدثر الآية 43 (3) سورة الذاريات الآية 56 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 223 77 – حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي لا يصلي س: المستمعة تقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ، ما حكم الشرع في نظركم في المرأة التي تصلي وزوجها لا يصلي وهي متمسكة بالصلاة، مع العلم بأنها بذلت مجهودا كبيرا في إقناعه ليصلي ولكنه لا يركع ولو ركعة واحدة، لديها أطفال منه وهي تؤمل في صلاحه خيرا، فماذا توجهونها؟ مأجورين (1) ج: الذي لا يصلي يعتبر كافرا - نسأل الله العافية - هذا هو أصح قولي العلماء في الموضوع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» أخرجه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» فالصلاة عمود الإسلام فالذي لا يصلي لا خير فيه ولا يعتبر مسلما وعليها أن تفارقه ولا تمكنه من نفسها عليها أن تفارقه وتمنعه من نفسها، وتذهب إلى أهلها حتى يتوب إلى الله، وحتى يسلم ويدع عمله السيئ   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 400. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 224 هذا هو الصواب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 225 78 – حكم بقاء الزوجة مع زوجها المتهاون في أداء الصلاة س: السائلة: م. م. ط، من الرياض تسأل وتقول: زوجي يحافظ على الصلاة في بعض الأوقات، ويهملها في بعض الأوقات، وإذا خالط تاركي الصلاة تركها معهم، هل يجوز لي العيش معه، وكيف أعمل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان زوجك يفعل هذا العمل فهو كافر - نسأل الله العافية - الذي ما يصلي كافر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)» الصلاة عمود الإسلام من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع. ويقول في الصلاة عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 197. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 225 يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1)» نسأل الله العافية، هؤلاء من كبار الكفار وصناديدهم - نسأل الله العافية - لأنه إذا ضيعها من أجل الرئاسة صار شبيها بفرعون، وإن ضيعها من أجل الوزارة صار شبيها بوزيره هامان، وإن ضيعها بأسباب المال والشهوات وجلساء السوء صار شبيها بقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض، وإن ضيعها بأسباب التجارة والبيع والشراء صار شبيها بأبي بن خلف تاجر أهل مكة الكفار فيحشر معه يوم القيامة، فالواجب عليك مغادرة البيت والذهاب إلى أهلك، ومعك أولادك، وأنت أولى بأولادك؛ لأنه بهذا يكفر لكن إن تاب ورجع وأناب فالحمد لله، والواجب عليه هو أن يتوب إلى الله، وأن يبادر بالتوبة، وأن يحذر جلساء السوء، جلساء السوء شرهم عظيم، فالواجب الحذر من مجالسة أهل السوء، تراك الصلاة أو أصحاب الخمور والمعاصي، الواجب الحذر منهم، وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله، فيحافظ على الصلوات في الجماعة، ويتوب مما سلف منه، وليس عليه قضاء ما سلف، عليه التوبة، والندم والإقلاع، والعزم الصادق ألا يعود ويكفي هذا وأنت زوجته، لكن إذا أبى التوبة ولم يرجع عما هو عليه من   (1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 226 الباطل، فأنت تمتنعين منه حتى يتوب أو تذهبين إلى أهلك هذا هو الصحيح من أقوال العلماء وقد حكاه التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي حكاه عن الصحابة جميعا قال: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة (1)». فالصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام وقال عليه الصلاة والسلام: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (2)» هذا مثال لترك الصلوات صلاة العصر مع أن الناس قد يشغلون عنها بمجيئهم من الأعمال ونحو ذلك، ومع هذا إذا تركها حبط عمله فكيف بغيرها؟ فالمقصود أن تارك الصلاة ولو بعض الأحيان يكفر وعليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله ومن تاب تاب الله عليه سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية.   (1) سنن الترمذي الإيمان (2622). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 227 79 - مسألة في حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي يصر على ترك الصلاة س: أحببت أن أعرض على سماحتكم مشكلتي التي تؤرقني وتحرمني لذة العيش وراحة البال، فأنا امرأة متزوجة منذ تسعة أعوام، وأنا والحمد لله أصلي، وأتعبد لله، وألبس اللباس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 227 الشرعي وأسير على هدى القرآن الكريم والسنة المحمدية في حياتي، تقبل الله مني ومنكم ومن جميع المسلمين، أما زوجي وعمره أربعون سنة فلا يصلي ولا يتعبد، فقط يصوم شهر رمضان، وقد حاولت كثيرا أن أهديه إلى الطريق الصحيح، وأحثه على الصلاة والعبادة، وأقرأ له بعض الآيات والأحاديث النبوية التي تحث وتدعو إلى الصلاة، وترغب فيها وعقاب تارك الصلاة، ولكنه لا يقبل الهداية، وإن أنا ألححت عليه بدأ يسب ويلعن، وقال لي عدة مرات: إنني إن ألححت عليه فسوف يطردني من البيت، وأنا فكرت عدة مرات بطلب الطلاق منه، ولكن أهلي لا يستقبلونني وأولادي الثلاثة، وأنا في حيرة من أمري وخاصة بعد أن سمعت أنه محرم على الزوجة أن تبقى مع زوج لا يصلي ماذا أفعل؟ إنني في حيرة من أمري، وأكاد أفقد عقلي من كثرة التفكير، أفتني يا سماحة الشيخ، جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليك الذهاب لأهلك والتخلص من هذا الزوج الظالم   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 270. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 228 لنفسه؛ لأن ترك الصلاة كفر وضلال، وذهب جمع من أهل العلم رحمة الله عليهم إلى أن من تركها كفر كفرا أكبر وإن لم يجحد وجوبها وزوجك هذا ليس ببعيد أنه يجحد وجوبها بسبب عناده وتركه لها وبكل حال فالصواب أن من ترك الصلاة عمدا كفر ولو لم يجحد وجوبها، أما إذا جحد وجوبها أو استهزأ بها هذا كافر بالإجماع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» خرجه مسلم في صحيحه وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح. وقال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل رضي الله عنه ورحمه: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة (3)». ذكر عن الصحابة أنهم يرون ترك الصلاة كفرا دون بقية الأعمال كالصوم ونحوه، فالواجب عليك البعد عن هذا الرجل، والذهاب إلى أهلك أو إلى مكان تستقلين فيه أنت وأولادك، وأبشري بالخير والعاقبة الحميدة نسأل الله له الهداية وأن يعيذه من شر نفسه وشر   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) سنن الترمذي الإيمان (2622). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 229 الشيطان، وعليك بالاجتهاد في نصيحته بواسطة من يعرفه من العلماء والطيبين لعل الله أن يهديه بأسبابهم، أما أنت فلا تمكثي عنده ولا تمكنيه من نفسك لا في الفراش ولا في غيره هذا هو الصواب، وهذا هو أرجح أقوال العلماء في هذه المسألة ونسأل الله لك تفريج الكربة وتيسير الأمور، ونسأل الله له الهداية والرجوع إلى الصواب ونسأل الله له أن ييسر له من الإخوان الطيبين من يرشده ويعينه على طاعة الله ورسوله، وأن يرزقه الاستقامة والبصيرة، إنه سميع مجيب، متى صدقت يسر الله أمرها أو تستقل في بيت وحدها - والحمد لله - مع أولادها. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 230 س: امرأة تصلي وتصوم وصاحبة طاعة إلا أنها مع رجل لا يصلي (1)؟ ج: الواجب عليها أن تبتعد عنه وأن تمنعه من نفسها حتى يتوب إلى الله عز وجل؛ لأن تارك الصلاة كافر في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد وجوبها. أما إن جحد وجوبها فهو كافر بإجماع العلماء؛ لأنه مكذب لله ولرسوله لكن ما دام يقر أنها واجبة ولكن يتركها فهو كافر أيضا على الصحيح من قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 271. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 230 الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» فعليها أن تذهب إلى أهلها أو تمنعه من البيت إن كان البيت لها أو من نفسها إن كانت تستطيع الذهاب إلى أهلها أو غيرهم، تمنعه من نفسها وتطلب منه الطلاق أو التوبة، وإن كان هناك محكمة شرعية ترفع الأمر إلى المحكمة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 231 80 - حكم ترك الصلاة بسبب سلس البول س: السائلة أ. م، من الرياض تقول: زوجي يعاني من سلس البول، ويعرف حكم الوضوء وحكم الصلاة في الشرع، ولكنه يترك الصلاة بسبب وسوسة الشيطان له بعد طهارته، ولقد جاهدت في ذلك كثيرا، وهو لا يصلي إلا الجمعة، وهو حريص على الصلاة وعلى صلاتي أنا والأولاد، والسؤال: ما حكم بقائي معه سماحة الشيخ (1)؟   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 413. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 231 ج: ما يجوز البقاء معه، من ترك الصلاة كفر - نعوذ بالله - الواجب عليه أن يصلي مع السلس يتوضأ لكل صلاة والحمد لله ويصلي مع الناس ولو خرج منه بول معذور إذا أذن المؤذن يتوضأ ويصلي مع الناس - والحمد لله - ولا يجوز ترك الصلاة من أجل السلس، كالمستحاضة التي معها الدم الدائم تتوضأ لكل صلاة وتصلي كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، أما البقاء مع إنسان لا يصلي إلا الجمعة هذا ضلال وكفر - نسأل الله العافية - ما يجوز يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» نسأل الله العافية   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 232 81 – حكم ترك الصلاة بحجة عدم القراءة والكتابة س: زوج أختي لا يصلي أبدا حتى أيام الجمعة، ولا أظنه إنكارا لوجوب الصلاة، إنما بحجة أنه عامي لا يقرأ ولا يكتب، فهل في بقاء أختي معه شيء؟ وإنني لما أسمع عقوبة تارك الصلاة يشفق عليه قلبي ويحن، كما أنني أعانقه أحيانا كأيام الأعياد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 232 وغيرها، انصحوني جزاكم الله خيرا (1) ج: تركه للصلاة كفر بنص النبي عليه الصلاة والسلام، والصحيح من أقوال أهل العلم أنه كفر أكبر يخرج من الملة، وإن لم يجحد وجوبها، لكن إن جحد وجوبها كفر عند جميع المذاهب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، من تركها فقد كفر (3)» ولا يجوز بقاء أختك معه، بل يجب التفريق بينهما إلا أن يتوب، والواجب عليك هجره وعدم معانقته وعدم صحبته حتى يتوب إلى الله عز وجل، هذا ومثله من أهم المهمات، وأقل الأحوال له سنة مؤكدة والقول بالوجوب قول قوي، القول بالوجوب غير من أظهر المعصية والكفر قول قوي، فعليك يا أخي أن تنصحه لله، وأن تخوفه من الله وأن تجتهد في توبته لعل الله يهديه بأسبابك فإن أصر على الباطل وأبى أن يقبل منك فاهجره هذا هو المشروع وإن رأيت المواصلة   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 265. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 233 للنصيحة بين وقت وآخر فذلك خير، من باب النصح لله ولعباده من دون أن تتخذه صاحبا أو صديقا أو عشيرا لك، ولكن بين وقت وآخر تمر عليه وتنصحه تقول: اتق الله، راقب الله يا عبد الله، الصلاة عمود الإسلام، من تركها فقد كفر. لعل الله يهديه بأسبابك وإذا تيسر أن تقول لإخوانه أو أبيه أو أصدقائه أن ينصحوه أيضا حتى يساعدوك، فهذا أمر مطلوب، والمسلمون إخوة يتناصحون، وهذا إنسان قد تعاطى ما يخرجه من الإسلام فالواجب نصيحته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وإلى الخروج إلى الصواب، لعل الله يأتي بأسبابه، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) وقال سبحانه في كتابه العظيم: {وَالْعَصْرِ} (2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (4) {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5) وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (6)» نسأل الله للجمع الهداية. وكونه لا يقرأ ولا يكتب فهذه   (1) سورة المائدة الآية 2 (2) سورة العصر الآية 1 (3) سورة العصر الآية 2 (4) سورة العصر الآية 3 (5) سورة العصر الآية 3 (6) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 234 ليست حجة؛ لأنه يجب عليه أن يصلي ولو كان عاميا ليس من شرط الصلاة أن يكون يقرأ ويكتب عليه أن يصلي ويتعلم ويتثقف في دينه ولا يدع الصلاة، عليه أن يصلي ويؤدي الزكاة، وأن يصوم رمضان وأن يحج البيت إن استطاع، وإن كان غير عالم وإن كان عاميا، لكن يلزمه التثقف في دينه، والسؤال عما أشكل عليه؛ لأنه مخلوق لعبادة الله، والواجب عليه أن يتعلم هذه العبادة، ويتبصر فيها لقول الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1) ويقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2) هذه العبادة التي خلقنا لها وأمرنا بها يجب أن نفقهها، وأن نعلمها، وأن نسأل أهل العلم عنها حتى نكون في هذا على بصيرة، وحتى نؤديها على علم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (3)» فمن يعرض فلا يتفقه هذا من علامة أن الله ما أراد به خيرا، نسأل الله العافية.   (1) سورة الذاريات الآية 56 (2) سورة البقرة الآية 21 (3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا، برقم (71)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم (1037). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 235 82 – حكم أكل طعام تارك الصلاة س: السائل يقول: زوج أختي لا يصلي، وقد ألححت عليه كثيرا للصلاة فلم يجب، ويقول: إن الإسلام ليس الصلاة. وهم يسكنون في قرية بعيدة عني وأقوم بصلتهم، علما أن والدي متوفى وأنا الذي أحل محله، فإذا أحضروا لي الطعام فهل يصح أن آكل منه؟ وإذا اقترضت منهم مبلغا من المال وعلى طول أقوم بسداده، فهل هذا المال يحرم علي (1)؟ ج: هذا لا يجوز هذا غلط كبير، الإسلام هو التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج، هذا الرجل جاهل يجب أن يعلم ويرشد ويوجه إلى الخير الإسلام مبني على أركان والصلاة أعظم عموده بعد التوحيد فهي عموده العظيم بعد الشهادتين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (2)» فالواجب أن يحذر من ذلك، وعلى الزوجة أن تفارقه حتى يتوب على أختك أن تفارقه حتى يتوب ولا تبقى عنده يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 233. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 236 ترك الصلاة (1)» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» وينبغي أن يرفع أمره إلى ولي الأمر إذا لم يتب حتى يحال إلى المحكمة وحتى تجري المحكمة ما يلزم من استتابته، فإن تاب وإلا قتل، ولا مانع أن تصلهم بالمعروف رجاء أن يهديه الله ويسلم ولا سيما إذا كان فقيرا، لا بأس أن تحسن إليهم لأن معه أختك لعل الله يهديه ويرجع إلى الحق بأسباب حسن خلقك وطيب عملك معهم، والاقتراض منه ينبغي أن تستغني عنه ما دام بهذه الحالة وألا تعاشره وألا تتخذه صاحبا وألا تزوره، بل تهجره لعله يتوب، لكن إذا أحسنت إليه لا بأس، أما الطعام فينظر فيه فإن كان الطعام فاكهة أو نحوه فلا بأس، أما إن كان شيئا يذبح هو الذي ذبحه بنفسه فذبيحته لا تحل، أما إن كان طعاما من غير ذبحه لحم من السوق أو فاكهة أو نحو هذا مما ليس فيه ذبح فلا حرج في قبوله إذا رأيت ذلك، وإن رأيت رده إليه من باب الهجر ومن باب إظهار كراهتك لعمله وغضبك عليه فهذا حسن إن شاء الله، وإن رأيت أن قبول الهدية فيه مصلحة لتأليفه ودعوته إلى التوبة أنت   (1) سبق تخريجه. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 237 بهذا تجتهد وتعمل ما هو الأصلح لكن مع كراهتك لعمله وهجرك إياه وتحذيرك إياه من هذا العمل السيئ لعل الله يتوب عليه بأسبابك؛ لأن عمله عظيم الجرم وشديد الخبث وهو ترك الصلاة - نعوذ بالله - والصلاة عمود الإسلام من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع. والمقصود أن تعالج الأمر بما ترجو فيه الخير، مع هجره وعدم زيارته إلا على وجه تزوره فيه للدعوة فقط، لا للطعام والشراب والأنس معه ولكن تزوره إذا رأيت المصلحة للدعوة والتوجيه إلى الخير وتحذيره غضب الله وإخباره بأن هذا العمل ردة عن الإسلام في أصح قولي العلماء على هذا السبيل تكون مأجورا إن شاء الله أما على سبيل التحاب أو الأنس به فلا تزره على هذا الوجه بل يستحق الهجر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 238 83 – مسألة في حكم الإقامة مع زوج تارك الصلاة س: المستمعة ح. خ. من الخفجي تقول: لي أخت متزوجة وعندها ثمانية أطفال أصغرهم عمره سنة، وهذه الأخت زوجها لا يقيم الصلاة وقد دخل السجن عدة مرات بجرائم السرقة والنصب وغير ذلك ولا يتورع عن القيام بأي عمل حرام، وأنا أعرف أن أختي تعرف حكم الزواج به، وهي أيضا متأذية وأولادها ولكنني الجزء: 6 ¦ الصفحة: 238 أبشركم أنهم يصلون جميعا، لكن لا يقيمون لأبيهم هذا أي وزن، فما الحكم في إقامتها وأولادها معه وحاله ما ذكر؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان لا يصلي فالواجب عليها مفارقته والذهاب إلى أهلها إن قدرت وإن لم تستطع امتنعت من جماعه لها ورفعت أمرها إلى المحكمة حتى يعاقب بما يستحق؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر من ترك الصلاة كفر - نسأل الله العافية - يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» والصواب أنه يكفر بتركها وإن لم يجحد وجوبها، هذا هو الأصح من قولي العلماء فعليها أن تبتعد عنه إلى أهلها فإذا لم يكن لها أهل تمتنع من جماعه لها حتى يتوب وحتى يرجع إلى الله عز وجل، وإن لم تستطع رفعت الأمر للمحكمة للتفريق بينهما ولو عن طريق المحكمة، أما الأكل   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 331. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 239 في بيته فلا حرج فيه، لكن يجب أن يهجر وأن يظهر له البغضاء والعداوة، لكن الأكل من بيته لا يحرم مثل من يأكل من طعام اليهود والنصارى وغيرهم، لكن ذبيحته لا تؤكل، أما الخبز والفاكهة فلا بأس أو ذبيحة ذبحها غيره، لكن يجب هجره وتوبيخه ونصيحته لعله يتوب فيتوب الله عليه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 240 84 - حكم كشف حجاب المرأة أمام المرأة التي لا تصلي س: زوج خالتي تارك للصلاة رغم أنه حج إلى بيت الله، وقد ذكرت له خالتي ما سمعته من البرنامج من حكم تارك الصلاة تهاونا من أنه يكون كافرا كفرا يخرج من الملة، ولكنه ظل تاركا للصلاة، وهي سكتت عن ذلك، فهل معاشرته لها حرام عليها؟ وهل تاركة الصلاة من النساء يجوز كشف الوجه أمامها والنساء هل يكشفن أمامها باعتبار أنها كافرة بتركها للصلاة، وخرجت عن ملة الإسلام؟ أفيدونا عن هذه القضايا وفقكم الله (1) ج: لا شك أن الذي يترك الصلاة كافر وإن لم يجحد وجوبها في أصح   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 103. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 240 قولي العلماء؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» والمرأة كذلك في الحكم الشرعي والقاعدة الشرعية أن الأحكام التي تثبت للرجال تكون للنساء، وهكذا العكس؛ لأن الجميع مكلف، والرسول صلى الله عليه وسلم بعث للجميع، وهكذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» فالذي لا يصلي ليس لزوجته البقاء معه، وهي مسلمة ليس لها أن تبقى معه، بل عليها أن تفارقه، وأن تمنعه من الاتصال بها حتى يتوب فيتوب الله عليه وهكذا المرأة التي تترك الصلاة ليس لزوجها المسلم أن يبقى معها، بل يجتنبها حتى تتوب، فإن تابت وإلا فارقها وسوف يعوضه الله خيرا منها؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (3) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (4) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (5) وهذه من المصائب العظيمة وترك الصلاة من المصائب العظيمة، فالواجب على المسلمين جميعا أن يحذروا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) سورة الطلاق الآية 2 (4) سورة الطلاق الآية 3 (5) سورة الطلاق الآية 4 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 241 ذلك، وأن يتناصحوا في ذلك وأن يهجروا من ترك الصلاة، وألا يقبلوا دعوته، وألا يسلموا عليه، وألا يردوا عليه السلام وألا يدعوه إلى وليمة ولا غيرها، بل يجب أن يهجر كالبعير الأجرب، لا يقرب ولا يزار إلا للدعوة إلى الله، إذا كان للدعوة يدعى وينصح فلا بأس. وأما طرح الخمار عند الكافرة فلا بأس على الصحيح سواء كانت تاركة للصلاة أو يهودية أو نصرانية أو وثنية، لا حرج على المسلمة أن تراها الكافرة ولا تحتجب منها، هذا هو الصواب وهذا هو الصحيح من قولي العلماء أن التحجب إنما يكون عن الرجل الأجنبي، أما عن المرأة فلا أما قوله سبحانه: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} (1) فالمراد نساء بني آدم فالمرأة لا يحجب عنها على الصحيح، وإنما يحتجب عن الرجل الأجنبي الذي ليس بمحرم وأما المرأة فإنها من جنس المرأة وإن كانت كافرة لا حرج على المسلمة ألا تحتجب عنها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر نساءه أن يحتجبن عن اليهوديات اللاتي كن في المدينة ولا غيرهن من الوثنيات ولا نعلم أن امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أو بناته احتجبت عن امرأة كافرة وقد ثبت في الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما   (1) سورة النور الآية 31 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 242 «أن أمها وفدت إليها في المدينة في وقت الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة وهي كافرة، جاءت تطلب من بنتها الرفد والمساعدة، فاستأذنت أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم أن تصلها، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: صليها (1)» ولم يأمرها أن تحتجب عن أمها لأنها كافرة والقضايا في هذا كثيرة كلها دالة على أن ليس على المرأة المسلمة أن تحتجب عن المرأة الكافرة، والله ولي التوفيق.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجزية، باب إثم من عاهد ثم غدر، برقم (3183). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 243 س: كانت والدتي لا تصلي ثم إنا علمناها الصلاة، والحمد لله استجابت وداومت على الصلاة بفضل من الله ثم إنها أيضا تخلصت من المعتقدات الشركية مثل الاعتقاد بنفع الموتى وما أشبه ذلك، إلا أن لنا والدا لا يصلي ولا زالت ترتبط به نفسيا ومعنويا فما هو رأي سماحتكم في هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الحمد لله على هدايتها، ولكن ليس لها أن تمكن زوجها الذي لا يصلي من نفسها؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر فعليها أن تبتعد عنه وتخبره   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 335. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 243 بأنها لا تحل له، وأخبروه أنتم أيضا حتى يتوب، فإذا تاب وصلى فهي زوجته، وإن استمر في ترك الصلاة فهي تحرم عليه، ونسأل الله لنا وله الهداية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 244 85 - حكم التعامل مع الزوجة والبنات اللاتي لا يصلين س: زوجتي لا تصلي وبناتي أيضا، ولا يتحجبن، فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليك نصيحة الزوجة والبنات، وتأديبهن على ترك الصلاة حتى يستقمن، هذا واجب عليك، الصلاة عمود الإسلام وهي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) ويقول جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (3) ويقول سبحانه:   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 220. (2) سورة البقرة الآية 238 (3) سورة البقرة الآية 43 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 244 {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (1) فالواجب على المؤمنين والمؤمنات التناصح والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، وزوجتك وبناتك من أحق الناس بنصيحتك، وأمرك لهن بالمعروف، ونهيك لهن عن المنكر، ولا يجوز التساهل بهذا الأمر أبدا، ولو بضرب الزوجة ضربا غير مبرح، وضرب البنات ضربا غير مبرح حتى يستقمن؛ لأن الصلاة عمود الإسلام من تركها كفر - نسأل الله العافية - يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» نسأل الله العافية، فاتق الله أيها السائل، واحرص على هداية زوجتك وبناتك، واستعن على ذلك أيضا بأقاربك مثل أخوال بناتك إخوان الزوجة، أبيها، أعمامها، يساعدونك، اتفق معهم على أن يساعدوك على زوجتك، وعلى بناتك حتى يقمن الصلاة، حتى يستقمن في دينهن، لا تتساهل في هذا الأمر فإن لم تستقم الزوجة ففارقها طلقها، ولا يجوز بقاؤها معك وهي لا تصلي، فإما أن تتوب وإما أن تفارقها وهكذا البنات لا بد من تأديبهن حتى يتبن إلى الله   (1) سورة التوبة الآية 71 (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 245 وحتى يستقمن على الصلاة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 246 86 - حكم الاستمرار مع زوجة لا تصلي ولا تلتزم بالزي الإسلامي س: أنا متزوج وزوجتي لم تعرف شيئا من القرآن الكريم، ولم تقم الصلاة وقد حاولت فيها منذ عشر سنوات لكنها لم تستجب حتى الآن وهي أيضا لا تلبس الزي الإسلامي ولم تقبل مني أي نصح أو توجيه حول هذا الموضوع، فما رأي سماحتكم في أمرها؟ (1) ج: إذا كانت لا تصلي فالأمر منته، الذي لا يصلي لا دين له بل هو كافر نسأل الله العافية، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» خرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه. ويقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (3)» فمن ترك العمود فماذا بقي   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 95. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 246 له؟ ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» رواه مسلم في الصحيح. والتعبير بالرجل لا يخرج المرأة لأن هذا كعادة النبي صلى الله عليه وسلم، قد يعبر بالرجل وقد يعبر بالمرأة، والحكم عام للجميع، ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء إلا بدليل يخص أحدهما، فالحاصل أن هذه المرأة علاوة على أنها لا تصلي مع ذلك أنها أيضا لا تلبس الزي الإسلامي فهذا يدل على مرض في قلبها يميلها إلى الكفرة وزي الكفرة، فنصيحتي لك أيها السائل فراقها ما دمت معها من عشر سنين وأنت لم تنجح في توجيهها إلى الخير، فماذا ترجو من ورائها؟ النساء كثير والحمد لله {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (2) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (3) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (4) ففارقها وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة، ومع هذا تسأل الله لها الهداية، نسأل الله لنا ولها الهداية، وإن نصحتها آخر شيء وبينت لها إن لم تستجب فإنك سوف تفارقها، فهذا لعله يجدي فيها بعض الشيء، وهو   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) سورة الطلاق الآية 2 (3) سورة الطلاق الآية 3 (4) سورة الطلاق الآية 4 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 247 أحق بأولاده لا حضانة لها ما دامت بهذه الصفة، هو أولى بأولاده بكل حال، وبقاء أولادها عندها يضرهم، وربما جرتهم إلى شر كثير، فالحاصل أن المسلم هو أولى بأولاده مطلقا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 248 س: تزوجت ابنة عمي في عام 1400 هـ وكان عمرها آنذاك ثنتي عشرة سنة، ولم تنجب أولادا حتى الآن، وأنا أعاملها معاملة حسنة، وهي تبادلني هذه المعاملة الحسنة بالمعاملة السيئة، حتى إنها لا تقوم بفرائض الصلاة، وقد نصحتها عدة مرات ولم تستجب بحجة أنها لا تزال صغيرة، وتقول: إنها ستقوم بواجب الصلاة عند بلوغها سن العشرين، أو واحد وعشرين، وهي أيضا لا تقوم بواجبها نحو الزوج، ويستمر في الشكوى من هذه الزوجة، وأهم ما في الموضوع هي أنها كانت متربية على غير تأدية الصلاة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه (1) ج: ما دامت بهذه الصفة فلا خير لك فيها، بل يجب أن تفارقها، وليس لك أن تستمتع بها، وهي لا تصلي وهي بهذا السن، ما دامت بلغت سن النساء المكلفات أكملت خمس عشرة سنة أو أتاها الحيض أو أنزلت عند   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 103. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 248 الجماع أو في الاحتلام أو أنبتت الشعر، المعروف عند الفرج الشعرة، فبهذه الأمور الأربعة تكون بالغة بأي واحد منها فإذا كانت لا تصلي فلا يجوز بقاؤها عندك، يجب إبعادها وعدم الاستمتاع بها حتى يمن الله عليها بالتوبة ولك أن تضربها على هذا وتؤدبها حتى تستقيم؛ لأن ضربها في هذا المقام مهم جدا، ولعل الله يهديها بأسبابك، ومع ذلك لم تنجب فعيوبها كثيرة، هذه المرأة عيوبها كثيرة والسلامة منها خير لك في الدنيا والآخرة، ولا يجوز لك البقاء معها أبدا إلا أن تتوب، نسأل الله أن يهديها ويردها للتوبة، أو يبدلك خيرا منها. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249 87 - حكم عقد النكاح على امرأة تبين أنها لا تصلي س: تقول السائلة: توفيت والدتي منذ خمسة عشر عاما وتزوج أبي من أختها، ومنذ تزوجها أبي وهي لا تصلي، ولم أرها صلت ولو مرة واحدة رغم ما قلت لها من عقوبة تارك الصلاة، وهي لا تصلي كسلا وتهاونا وتقول بتهاون شديد: صلي أنت نيابة عني، فماذا أفعل معها وما هي حدود تعاملي معها (1)؟   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 242. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249 ج: إن الواجب هو الإنكار عليها وتعليمها وتنبيهها، وعلى الزوج أيضا أن يؤدبها في ذلك حتى تصلي وإذا كانت حين العقد لا تصلي وجب تجديد العقد إذا كان هو يصلي وهي لا تصلي، فالعقد غير صحيح على الصحيح، بعض أهل العلم يراه صحيحا إذا كانت لا تنكر وجوبها ولكنها تتساهل وتتكاسل، ولكن الصواب أن العقد غير صحيح، فالواجب امتناعه منها حتى تصلي ويجدد العقد، وإلا فليطلقها لأن شرها كثير، ولها حكم الكفرة بتركها الصلاة - نسأل الله العافية - لكن إذا تابت فإنه يجدد العقد بمهر جديد وعقد جديد بحضرة شاهدين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 250 88 – حكم قضاء الصلاة والصيام لمن لم يصل منذ بلوغه حتى بلغ خمسين عاما س: الأخت ج. ب من الجزائر العاصمة تقول: امرأة تبلغ من العمر خمسين سنة، ولم تصل طيلة حياتها أبدا حتى يومنا هذا، ولم تقض ما أفطرت من رمضان أثناء الحيض أبدا، ماذا يجب عليها أن تفعل إذا أرادت التوبة؟ وهل تصوم جميع تلك السنين التي أفطرتها من رمضان أثناء الحيض، ولم تقض مع العلم بأنها لم تكن تصلي، وما تزال لا تصلي حتى الآن، وهذه المرأة قريبة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 250 لأمي، وجارة لنا في نفس الوقت، كيف ننصحها لكي تتوب إلى الله، لأننا نصحناها عدة مرات بدون جدوى، لقد نصحناها برفق وبالتي هي أحسن، هل نكون بريئين من ذمتها إذا لم تتب؟ وجهوها مأجورين (1) ج: الواجب نصيحتها وإخبارها بأنها إذا تابت تاب الله عليها، عليها التوبة مما مضى ويسقط عنها الصوم والصلاة الماضيان، عليها التوبة الصادقة بالندم على ما مضى والإقلاع من ذلك، والعزم ألا تعود في ذلك مع الضراعة إلى الله وسؤاله أن يقبل منها توبتها، وعليها أن تصلي وتصوم بعد التوبة إلا في وقت الحيض، فالله أسقط عنها الصلاة فإذا جاء الحيض فلا صلاة عليها وإذا جاء الحيض في رمضان أفطرت وقضت، فالواجب أن تعلموها وأن ترشدوها وأن تنصحوها ومن تاب تاب الله عليه، يقول الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (2) ويقول جل وعلا في كتابه العزيز: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3)   (1) السؤال الرابع والخمسون من الشريط رقم 435. (2) سورة التحريم الآية 8 (3) سورة النور الآية 31 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 251 ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (1)» فإذا تابت عفا الله عنها، وليس عليها قضاء، لا للصلاة ولا للصوم عليها التوبة فقط ولا قضاء عليها، وعليها أن تجتهد في المستقبل في المحافظة على الصلوات والصيام.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 252 89 - مسألة في إطلاق كلمة الكفر على تارك الصلاة س: هناك أحاديث كثيرة تكفر تارك الصلاة، ويوجد معي إنسان قدمت له النصح أكثر من مرة، ولكنه مصر على ترك الصلاة، فإذا قلت له: أنت كافر بسبب تركك للصلاة، فهل يشملني حديث الرسول صلى الله علبه وسلم الذي يقول: «من قال لأخيه المسلم: يا كافر، فقد باء بها أحدهما. (1)»؟ وجهوني،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، برقم (6104)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان حال من قال لأخيه المسلم يا كافر، برقم (60). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 252 جزاكم الله خيرا (1) ج: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح فأنت إذا قلت له: كافر، فأنت صادق على الصحيح؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كفره. أما الحديث: «إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما (4)» فالمعنى إذا كان ليس أهلا لذلك إذا قال له: يا كافر وليس أهلا لذلك، أما إذا كان أهلا لذلك فإنه يبوء بها هو، المقول له.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 175. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 253 90 – حكم هجر تارك الصلاة س: المستمع: س. ع. أ، بعث يسأل ويقول: لي صديق تارك للصلاة، وقد قدمت له النصيحة ولم يستجب، بل قابل ذلك بالقطيعة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 253 بيني وبينه، فما هو توجيهكم لي؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: قد أحسنت فيما فعلت، وأديت الواجب في النصيحة، والواجب أن يهجر هو، فإذا قاطعك فأنت تقطعه أيضا لأنه يستحق الهجر، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة لما تأخروا عن غزوة تبوك بغير عذر، فالذي يتأخر عن الصلاة ولا يصلي من باب أولى؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، فالواجب هجره إذا لم يقبل النصيحة، ويرفع أمره إلى ولي الأمر إذا كان في بلاد تحكم بالإسلام، يرفع أمره إلى ولي الأمر حتى يعاقب بما يستحق، وحتى يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله إذا ترك الصلاة؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2) فدل على أن الذي لا يؤدي الصلاة لا يخلى سبيله، بل يرفع أمره إلى ولي الأمر للمحكمة، للهيئة، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تنظر في أمره، وأنت قد أديت ما عليك من نصيحته وتوجيهه إلى الخير.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 299. (2) سورة التوبة الآية 5 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 254 91 - بيان كيفية التعامل مع الأبناء إذا امتنعوا عن الصلاة س: السائلة أم نايف من حائل تقول: لها ولد في الثامنة عشرة من العمر، تقول: آمره بالصلاة ولا يعمل بها ولا يرد علي، وعجزت عن ذلك كثيرا ومرارا ثم تركته، فهل علي إثم في ذلك (1)؟ ج: الواجب عليك أمره بالصلاة وتحريضه ونصيحته، وإذا كان أبوه موجودا فالواجب على أبيه كذلك أن يقوم عليه حتى ولو بالضرب، حتى يستقيم حتى يصلي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (2)» فإذا كان ابن عشر يضرب فالذي قد بلغ أولى وأولى بالضرب، بل يستحق أن يقتل، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، الأمر عظيم، فإذا عجزت ارفعي بأمره إلى الهيئة أو إلى المحكمة أو إلى الإمارة حتى يؤدبوه، المقصود أن هذا الأمر عظيم لا يجوز السكوت عنه، فإن كان أبوه موجودا أو له أخ أكبر منه يساعدك في ذلك وإلا ارفعي أمره، وإلا قولي له: ابعد عني، البيت يتعذرك، لا تجلس   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 405. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 255 عندي بالكلية. ترفعين أمره إلى الهيئة أو الإمارة أو المحكمة حتى يؤدب وحتى يعامل بما يستحق لكونه قد بلغ الحلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 256 92 – حكم إجابة دعوة وليمة من لا يصلي س: يسأل المستمع ويقول: إذا كان هناك شخص من أحد أقاربنا لا يصلي، فهل يجوز لنا أن نأكل من ماله، وهل نستجيب لدعوته إذا دعانا في المناسبات (1)؟ ج: الذي لا يصلي يستحق الهجر، ينبغي أن يهجر، ينصح ويوجه إلى الخير ويؤمر بطاعة الله، فإذا أصر ولم يصل يهجر؛ لأنه يستحق الهجر، ولأنه ترك أمرا عظيما، ترك واجبا عظيما، فإن الصلاة عمود الإسلام، والواجب أن يصلي في المسجد مع الناس فإذا تساهل في ذلك وجب هجره، وإن تركها كفر نسأل الله العافية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» وإن   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 403. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 256 صلى في البيت عصى، كان معصية؛ لأن الواجب أن يصليها مع الناس في المسجد إلا المعذور كالمريض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1)» قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض. وفي الصحيح أن رجلا أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (2)» هذا أعمى ليس له قائد يقوده ومع هذا قال له: أجب، يعني التمس من يقودك وأجب إلى الصلاة في المسجد فحضورها في المسجد واجب وترك ذلك معصية أما تركها بالكلية كونه ما يصلي هذا كفر أكبر - أعوذ بالله - على الصحيح من أقوال العلماء وإن لم يجحد وجوبها أما من جحد وجوبها كفر عند الجميع نسأل الله العافية.   (1) سبق تخريجه. (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 257 س: السائل أ. أ. يقول: عندي اثنان من إخواني لا يصلون، أخلاقهم سيئة مع الجميع حتى مع الوالد والوالدة، وهما منعزلان عنا فلا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 257 يخالطوننا، ما حكم مقاطعتهم أنا وإخوتي لهم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان أخواك لا يصليان فالواجب نصيحتهما والحرص على توجيههما إلى الخير وعلى والدك أن يجتهد في نصيحتهما وأنتم معه أيضا، لعل الله يهديهما بأسبابكم، وإن استطاع أبوك تأديبهما أدبهما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (2)» فإذا كان أبو العشر يضرب فالكبير يضرب، فإن تاب وإلا يقتل، فإذا كان أبوك لا يستطيع وأنتم لا تستطيعون ارفعوا الأمر إلى الهيئة أو إلى المحكمة حتى يقام عليهما أمر الله، فالذي لا يصلي يستتاب فإن تاب وإلا قتل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (4)» ويقول صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 420. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 258 «نهيت عن قتل المصلين (1)» فدل على أن من لا يصلي يقتل، والله يقول جل وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2) دل على أن الذي لا يؤدي الصلاة لا يخلى سبيله بل يقتل، ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (4)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (5)» المقصود أن الواجب عليكم وعلى الوالد العناية بهذا نصيحتهما وتوبيخهما والحرص على هدايتهما فإن استقاما وإلا ارفعوا أمرهما إلى الهيئة حتى يؤدبا لعلهما يصليان، فإن لم يصليا يرفعان للمحكمة حتى يجري عليهما حكم الله بالاستتابة فإن تابا وإلا قتلا.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في الحكم في المخنثين، برقم (4928). (2) سورة التوبة الآية 5 (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 259 93 – حكم ضرب الابن إذا امتنع عن الصلاة وبلغ خمس عشرة سنة س: الأخت ع. ع. د. من جازان تقول: تذكر بأنها لها أخ يبلغ من العمر خمس عشرة سنة، تارك للصلاة، تقول السائلة: وإخواني لا يتعاملون معه إلا بالضرب حتى يصلي مجبرا وعلى ذلك فهو شديد العقوق لوالديه، فما رأي سماحتكم في التعامل معه؟ وما هي الطريقة الصحيحة التي نتعامل معه؟ مأجورين (1) ج: ما دام الرجل قد بلغ خمس عشرة سنة فقد أحسن إخوانه في تأديبه وضربه حتى يستقيم حتى يصلي هذا رجل مكلف الآن فالواجب أن يستتاب، يرفع أمره إلى المحكمة، فإن تاب واستقام وإلا استحق القتل، فالوصية أن تجتهدوا في توجيهه إلى الخير وحثه على التوبة، وعلى إخوانه أن يجتهدوا في توجيهه إلى الخير، ونصيحته وتأديبه حتى يستقيم، وحتى يصلي مع المسلمين في بيوت الله وإلا فمن ترك الصلاة كفر واستحق القتل فإن استقام وإلا يرفع أمره إلى المحكمة حتى تجري فيه حكم الله جل وعلا، نسأل الله لنا وله الهداية.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 428. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 260 94 – حكم من ترك الصلاة ويخشى أنه لو تاب لربما رجع للفسق س: السائل يقول: يا سماحة الشيخ، لي مجموعة من الأصدقاء لا أحد منهم يصلي وهم يقطنون معي في نفس القرية، وأنا ملازم لهم لغياب الإخوان في الله في هذه القرية، ولأن لي فيهم مصالح دنيوية ولأنهم جيراني وأصدقاء الطفولة، حاولت مرارا أن أدعوهم فيكون الرد منهم: نخاف أن نتوب وبعد مدة نفسق، نخاف ألا نحافظ على الصلاة فنتركها، ونحن أحسن من فلان لأنه يصلي ويفعل كذا وكذا، ونحن لا نصلي إطلاقا، فعجزت عن جوابهم، ولا أجد ما أقوله لهم إلا: هدانا الله وإياهم، كيف توجهون لهم النصيحة مأجورين سماحة الشيخ (1)؟ ج: نصيحتي لهؤلاء وأشباههم أن يخافوا الله وأن يراقبوه، وأن يصلوا مع المسلمين جميع الصلوات الخمس؛ لقول الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) ولقوله سبحانه:   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 426. (2) سورة البقرة الآية 238 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 261 {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (1) ولقوله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) والآيات في هذا كثيرة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (3)» قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض. ولقوله صلى الله عله وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» رواه مسلم في الصحيح. وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (5)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (6)» فالواجب على هؤلاء الذين سألت عنهم أن يتقوا الله وأن يراقبوا الله وأن يصلوا وألا يتعذروا بأنهم يخافون أن يتركوا الصلاة، فالواجب عليهم ألا يتركوها، أن يحافظوا   (1) سورة العنكبوت الآية 45 (2) سورة البقرة الآية 43 (3) سبق تخريجه. (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 262 عليها وإن تركوها فالواجب التوبة ومن تاب تاب الله عليه لا ييأسوا فالله يقول جل وعلا: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (1) فالواجب عليهم التوبة إلى الله والإنابة إليه والصلوات الخمس مع المسلمين في مساجدهم، وعليك أن تحذرهم، وألا تجتمع بهم، وألا تصاحبهم، عليك أن تهجرهم حتى يتوبوا إلى الله جل وعلا لئلا يصيبك ما أصابهم، فالواجب عليك التوبة إلى الله من صحبتهم والحذر منهم ما داموا لم يستجيبوا، فالواجب الحذر منهم، أما إذا استجابوا ورجعوا إلى الله وتابوا فالحمد لله، نسأل الله لنا ولهم الهداية.   (1) سورة الزمر الآية 53 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 263 95 - بيان الهجر المشروع لتارك الصلاة س: هل إذا كان لك أخ أو أخت لا يصلي إلا في رمضان، ونصحته عدة مرات في الصلاة، ولكنه لم يقبل النصيحة، إذا قاطعه ولم يعد يكلمه ولا يزوره في بيته، ولا يرد عليه السلام، وكان أكبر منه بعدة سنوات، هل يعتبر ذلك قطيعة للرحم أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 298. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 263 ج: هذا هو المشروع، هذا هو الهجر المشروع، وليس بقطيعة بل هذا من إنكار المنكر، من الجهاد في سبيل الله، هجران أهل المعاصي أمر مشروع، وإذا نصحته واجتهدت ومع هذا لم ينفع فيه فهو كافر بهذا الترك، ترك الصلاة كفر أكبر، وهو يستحق الهجر والابتعاد عنه، والقطيعة له حتى يتوب، نسأل الله السلامة والعافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 264 س: لي خالة تجاوزت العقد الثالث من عمرها لكنها لا تصلي بالرغم من أنها طيبة المعشر حميدة الخصال، ولقد أمرتها ولكن لم تمتثل لأمري فما هو توجيهكم نحوها وما هو توجيهكم لها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليها أن تصلي؛ لأن الصلاة عمود الإسلام وهي فرض على كل مسلم ومسلمة، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، قال الله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) قال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) وقال جل وعلا:   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 286. (2) سورة البقرة الآية 238 (3) سورة النور الآية 56 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 264 {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) إلى أن قال في آخر الآيات: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (3) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (4) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (5) وهذا يعم الرجال والنساء جميعا وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (6)» وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (7)» فالواجب عليها أن تصلي الصلوات الخمس، وأن تحافظ عليها في أوقاتها وعليكم أن تنصحوها دائما وعلى أبيها وأمها وأعمامها وأخوالها وإخوتها عليهم أن ينصحوها، وأن يجتهدوا في ذلك لأن هذا واجب الجميع، وإذا أصرت فالواجب تأديبها من أبيها وإخوتها الكبار ولو بالضرب حتى تستقيم حتى تصلي؛ لأن من ترك الصلاة يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافرا - نسأل الله العافية - من الرجال والنساء فالواجب عليها أن تبادر بالصلاة، وعلى أقاربها أن ينصحوها وعلى أبيها أو جدها أو إخوتها الكبار أن يقوموا عليها بذلك بالقوة ولو بالتأديب بالضرب حتى تستقيم،   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 (3) سورة المؤمنون الآية 9 (4) سورة المؤمنون الآية 10 (5) سورة المؤمنون الآية 11 (6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (7) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 265 وينبغي أيضا هجرها إذا كان الهجر ينفع، تهجر بعدم الكلام معها، وعدم السلام عليها وعدم زيارتها لكن الأب ونحوه ما يكفيهم الهجر، بل يجب أن يقوم بما يجب من التأديب اللازم، المقصود أن على الأقارب العناية بهذا الأمر والنصيحة لأن هجرها قد يسبب بقاءها على هذه الحالة الباطلة، لكن العناية بها والحرص على استقامتها هذا هو الواجب على الجميع نسأل الله لنا ولها الهداية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 266 96 - بيان كيفية تعليم كبير السن أحكام الطهارة والصلاة س: لي جدة لا تصلي، وهي جاهلة لا تقرأ ولا تكتب، كيف أعلمها الصلاة وأعلمها الطهارة فأنا ألاحظ عليها أنها لا تعرف حتى الطهارة الشرعية لجهلها؟ وضحوا لنا ذلك، وهل تبرأ ذمتنا (1)؟ ج: علمها أنت وأحد أولادها أو غيركم، علموها كيف تصلي وكيف تتوضأ، العلم بالتعلم، هذا واجب عليكم، إذا كانت جاهلة علموها، الله أوجب على من عنده علم أن يعلم، وهذا من برها أيضا، فيجب عليكم تعليمها وإرشادها بالكلام الطيب، والرفق والحلم لا بالشدة والعنف، بل   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 383. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 266 عليكم الرفق بها، وتعليمها وتوجيهها للخير، هذا شيء لازم لكم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 267 97 – وجوب تعليم المسلم أهله لأحكام العبادات س: سماحة الشيخ، يتساهل الكثير من الناس حيث يرون أهلهم وذويهم يخطئون في العبادات، كيف توجهون مثل هؤلاء سماحة الشيخ (1)؟ ج: الواجب عليهم أن يعلموا جميع من تحت أيديهم وألا يتساهلوا في هذا الأمر يعلم بنته، يعلم أخته، يعلم جدته وأمه، يعلم خالته، يعلم جميع من تحت يده حتى الخدم الذين عنده يعلمهم ويرشدهم إلى الحق، الله أخذ على أهل العلم أن يعلموا كل من كان عنده علم عليه أخذ العهد والميثاق أن يعلم ويتقي الله ولو كان ليس بعالم لكن يعلم مما علمه الله، هو يعرف الصلاة ويعرف كيفيتها والحمد لله يعلم الناس يعلم بنته وأخته وجدته وأمه يعرف أن الغيبة حرام ويعلمهم أن هذا لا يجوز يعرف أن الزنى حرام، يعلمهم أن الزنى محرم، يعرف أن المسكر حرام، فيعلمهم أنه محرم، وهكذا يعلمهم مما علمه الله؛ لأن الأمور قسمان: قسم يحتاج إلى   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 267 أهل العلم؛ لأنه يخفى دليله، وقسم لا يحتاج إلى أهل العلم بل هو واضح، الصلاة واضحة يعرفها الخاص والعام من أهل الإسلام الذين تعلموا وتبصروا تحريم الخمر، تحريم الزنى تحريم العقوق للوالدين أو أحدهما وهكذا الشيء الواضح يعلمه، والذي ما هو بواضح يسأل أهل العلم، ثم يعلم أهل بيته. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 268 98 - مسألة في هجر ذوي الأرحام إذا امتنعوا عن أداء الصلاة س: أبعث إليكم كتابي هذا وأرجو من الله أن ترشدوني إلى الصواب، أنا رجل مجتهد فيما أمرني ربي وأسرتي - والحمد لله - تشاركني في ذلك حسب الاستطاعة، ولكن يوجد لي أخت لا تصلي من مدة طويلة، وزوجها يشاركها أيضا في ذلك الحال، وقد أخبرني كثير من الناس أن ذلك هو سلوكهما، وأنهم لا يرضيان الله في ذلك الجانب، وعندما عرفت بنفسي أنها على ذلكم الحال أخذتها وأخبرتها بما حرم الله ورسوله، وأخبرتني بنفسها أنها فعلا كانت تعمل ذلكم العمل، وبعد هذا الموقف قامت وعاهدتني على كتاب الله، ووعدتني أن تتوب من الآن، ولكن للأسف لم توف بالعهد فعندئذ قاطعتها حتى تعود الجزء: 6 ¦ الصفحة: 268 كسائر المؤمنات اللاتي يردن وجه الله تبارك وتعالى أفيدوني - جزاكم الله خيرا - عن حكم ما فعلت، ولا سيما عن حكم مقاطعتي لأختي تلكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: قد أحسنت فيما فعلت من نصيحتها ودعوتها إلى الخير وقد أساءت في رجوعها إلى الباطل وعدم صلاتها؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، من ضيعها ضيع دينه ومن تركها كفر نعوذ بالله من ذلك، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2)» وهذا يعم الرجال والنساء. وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (3)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» فقد أحسنت في مقاطعتها وهجرها حتى تتوب إلى الله عز وجل؛ لأن هذا منكر عظيم بل كفر   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 104. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 269 فالواجب هجرها وهجر زوجها حتى يتوبا إلى الله عز وجل، وإن ظهر أمرهما وعرف أنهما لا يصليان فيجب رفع أمرهما إلى ولاة الأمور إذا كانا في بلاد إسلامية يقيمون الصلاة ويعاتبون عليها يرفع بأمرهما حتى يستحقا أن يعاقبا على ذلك بالقتل، فإن من ترك الصلاة يستتاب، فإن تاب وإلا قتل يقتله ولي الأمر ولي أمر المسلمين أو نائبه، المقصود أن عليك العناية بنصيحتهما جميعا، ولو من طريق الهاتف أو المكاتبة، أو توكيل من ينصحهم لعل الله يهديهم بأسبابك، أما قطعك لهم وهجرك لهم فهذا كله طيب وواجب إذا كان يرجى فيه خير أما إذا كنت لا ترجو من وراء الهجر خيرا فلا مانع من الاتصال بهم لا للأكل عندهم والشرب والأنس بهم لا ولكن لمجرد الدعوة والتوجيه والإرشاد، وتلقاهم بوجه غير منبسط بل بوجه مكفهر حتى يرجعا إلى الحق وحتى يتوبا إلى الله عز وجل وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة في أقل من هذا تخلفوا عن غزو بغير عذر في يوم تبوك، فهجرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر المسلمين بهجرهم، فهجروا خمسين ليلة حتى تاب الله عليهم، فإذا كان من تخلف عن الغزو بغير عذر يهجر فالذي يتخلف عن الصلاة التي هي عمود الإسلام أولى بهذا:؛ لكن لو رجوت فيهم خيرا فلا مانع من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 270 الاتصال بهم ودعوتهم إلى الله ونصيحتهم لعل الله يهديهم بأسبابك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 271 س: مستمعة من الجزائر بعثت تسأل وتقول: لي أخ تارك للصلاة، مع أنه كان في صغره يحافظ عليها ولكنه الآن تركها، وقد نصحته وخوفته من تركها، فما هو توجيهكم؟ وبماذا تنصحونه؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نسأل الله لنا وله الهداية، ننصحه بأن يؤدي الصلاة، ويتقي الله ويتوب إلى الله مما سلف؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3)» فالواجب عليه أن يصلي وأن يتوب إلى الله مما سلك، وعليكم نصيحته باستمرار في نصيحته فإن أصر فالواجب هجره، والمشروع لك هجره حتى يتوب إلى الله وإذا أمكن رفع أمره إلى الهيئة أو إلى المحكمة حتى تجري ما يلزم شرعا فعليك أن تفعلي ذلك.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 348. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 271 99 - حكم قطع النفقة عن تارك الصلاة س: أختنا م. ص. ع. من المملكة الأردنية الهاشمية تسأل فتقول: هل يجوز أن أقطع عن أخي المصروف اليومي لأنه لا يصلي (1)؟ ج: إذا رأيت مصلحة في ذلك لعله يتوب لعله يستقيم بهذا القطع فهذا طيب أما إذا كان فقيرا ولا يبالي بهذا القطع فإذا أحسنت إليه فلعل هذا أقرب إلى النجاة، لعل الله أن يهديه بأسباب ذلك، المقصود أن تفعلي ما هو الأصلح، إن رأيت بأن القطع أصلح فاقطعي، وإن رأيت أن الاستمرار في الهدية والإحسان إليه أصلح لعله يتوب ولعله يهتدي فافعليه افعلي ما هو الأصلح باجتهادك واعتقادك.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 326. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 272 100 – حكم العيش والسكن مع أناس لا يصلون س: يقول في سؤال آخر: هل أفرق في معيشتي بين إخوتي الذين لا يصلون علما بأنهم أفقه مني؟ كما يقول (1) ج: نعم، ينبغي أن تكون على حدة ما داموا لا يصلون، لا تصحبهم ولا   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 361. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 272 تجالسهم بل يستحقون الهجر حتى يتوبوا إلى الله ويصلوا، وأنت خلك على حدة الطعام يكون على حدة اللهم إلا أن تقع صدفة في ضيافة أو دعوة أو نحو ذلك الشيء، القليل العارض مع النصيحة ومع التوجيه، لا يضر إن شاء الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 101 – حكم الموالاة وإظهار المودة لتارك الصلاة س: المستمع ع. ك. بعث يسأل ويقول: إذا كان أخي لا يصلي فهل لي أن أبدي له المودة علما بأنني قد نصحته كثيرا (1)؟ ج: عليك أن تنصحه كثيرا وأن تبدي له عدم المودة والبغضاء على عمله ويشرع لك هجره أيضا إذا لم يتب حتى يتوب إلى الله ويرجع عن عمله السيئ، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى وعليك أيضا أن تستعين بإخوانك الآخرين وأقربائك عليه لعل الله يهديه بأسبابكم.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 320. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 س: لي أخ لا يصلي وغير ملتزم بشرع الله، وقد نصحته كثيرا لكنه لا يسمع، وجهوني كيف أتصرف معه (1)؟   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 364. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 ج: عليك أن تنصحه لله، وأن تجتهد في ذلك، تبين له ما يجب على المؤمن، وأن الصلاة فريضة، وأنها عمود الإسلام وأن تركها كفر لعله يستجيب، أنت وإخوانك وأعمامك فإن لم يستفد ولم يقبل ارفعوا أمره إلى الهيئة أو إمارة البلد إذا كان ما فيه هيئة حتى تقيم عليه الأمر حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، لا يجوز بقاؤه بل يجب أن يستتاب وإلا قتل، الذي لا يصلي يقتل كافرا نسأل الله العافية رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نهيت عن قتل المصلين (1)» والله يقول: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2) فدل على أن الذي ما يتوب من ترك الصلاة لا يخلى سبيله بل يقتل، هذه جريمة عظيمة، ترك الصلاة جريمة عظيمة بل كفر وضلال، فإذا لم يقبل النصح فالواجب رفع أمره إلى الهيئة أو إلى المحكمة أو إلى الإمارة حتى يحال إلى المحكمة إن تاب وإلا قتل.   (1) سبق تخريجه. (2) سورة التوبة الآية 5 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 274 102 – حكم تزويج من لا يصلي س: تقول سائلة: إن لديها أخا لا يصلي ولا يصوم، وعمره خمس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 274 وعشرون سنة، وهو من يوم أن بلغ وهو لا يعرف الصلاة ولا الصوم، فهل يجوز أن نأكل معه؟ وهل يجوز أن أخطب له زوجة تصلي عسى أن تعينه على العودة إلى دينه أو نخطب له زوجة مثله لا تصلي، وهل هو خال لبناتي يجوز لهن أن يكشفن عليه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: عليكم أن تنصحوه؛ لأن هذا منكر عظيم فعليكم أن تنصحوه لعل الله يهديه بأسبابكم؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3)» فالواجب أن ينصح وأن يوجه إلى الخير، فإن لم يستجب يرفع أمره إلى المحكمة إلى ولاة الأمور حتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل، أما كشف الوجه له فلا بأس؛ لأنه محرم ولو كان كافرا محرم لأخواته وبنات أخيه وبنات أخته، هو محرم لكن يجب أن يهجر وأن يشدد عليه إذا ما نفع   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 301. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 275 الكلام الطيب، ويجب أن يهجر وأن يبين له الكراهة لعمله والمقت لعمله، وأنه أتى منكرا عظيما لعل الله يهديه بأسباب ذلك. وأما بالنسبة للخطبة له - يعني يريدون أن يزوجوه - فهل يزوجونه مصلية أو تاركة للصلاة؟ فلا يجوز أن يتزوج مصلية؛ لأنه ما يحل له أن يتزوج المصلية، لا يحل لها أن تتزوج إنسانا لا يصلي، بل عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، فينبغي أن يترك لعل الله يمن عليه بالتوبة، ولا يغر به أحد؛ لأن التي لا تصلي قد يزيدها شرا؛ إذا كانت لا تصلي تحل له، التي لا تصلي مثله كافرة مثله تحل له، لكن كونه يساعد في ذلك قد يضرها هي أيضا، وقد يزيدها شرا إلى شرها، والتأني في تزويجه أولى لعل الله يهديه، ولعله يرجع إلى الصواب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 276 103 – حكم السلام على تارك الصلاة س: يقول السائل: هل يجوز السلام على تارك الصلاة، وإذا لم نسلم عليه ماذا يجب علينا (1)؟ ج: تارك الصلاة يجب أن يهجر ويرفع أمره إلى ولي الأمر إن كان في   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 370. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 276 البلد حكومة إسلامية يرفع الأمر إليها حتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل، تارك الصلاة لا يترك، يرفع إلى المحكمة إلى الإمارة الشرعية حتى يعترف بالحق ويستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (1) دل على أنهم إذا لم يتوبوا لم يخل سبيلهم وهكذا الزاني إذا عرف زناه يقام عليه الحد، وهكذا سائر المعاصي إذا أظهرها صاحبها يقام عليه حدها أو تعزيرها، ولا يترك إذا أعلنها وأظهرها.   (1) سورة التوبة الآية 5 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 277 104 – حكم الجلوس والأكل مع تارك الصلاة س: الأخ ت. إ. خ، من السودان يقول: تارك الصلاة هل يجوز الجلوس معه والأكل والشرب مع العلم أنه لا يصلي كسلا ويصلي فقط الجمعة والعيدين (1)؟ ج: تارك الصلاة يجب هجره، وألا يجالس، وألا تجاب دعوته، وألا يدعى إلى وليمة حتى يتوب إلى الله ويرجع؛ لأن ترك الصلاة جريمة   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 167. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 277 عظيمة، ومنكر عظيم وكفر بالله عز وجل وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه في أحاديث أخرى تدل على ذلك. فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وأن يحافظ على الصلاة في وقتها وأن يصلي مع المسلمين في بيوت الله وهكذا المرأة يجب أن تحافظ عليها وأن تحرص عليها في أوقاتها، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، يجب على جميع المؤمنين والمؤمنات المحافظة على الصلوات في أوقاتها، هي عمود الإسلام، وهي الركن الأعظم بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بالصلاة، والمحافظة عليها وأن تصلي بطمأنينة وإقبال عليها وبصبر وخشوع لا بنقر وعجلة، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (3) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (4) ولما رأى النبي صلى الله عليه   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) سورة المؤمنون الآية 1 (4) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 278 وسلم رجلا ينقر صلاته، أمره أن يعيد الصلاة وأمره أن يطمئن في صلاته، فالواجب على المسلمين أن ينكروا على من ترك الصلاة وأن يبينوا له خطأه العظيم ومنكره العظيم حتى يعود إلى رشده وإذا استمر في ذلك فإنه يهجر ولا تجاب دعوته ولا يجالس، ولا يدعى إلى وليمة ولا إلى غيرها حتى يتوب إلى الله، وحتى يرجع عما هو عليه من الباطل، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم هل كفره كفر أكبر أو كفر أصغر على قولين والصواب من القولين أنه كفر أكبر حسب ظاهر السنة؛ لأنه ظاهر السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فيجب الحذر من ذلك غاية الحذر، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 279 105 – حكم تقبيل رأس تارك الصلاة س: ما حكم تقبيل رأس تارك الصلاة إذا كان كالأب والعم، وحاله قد يصلي الجمعة فقط، وقد يصلي بعض الفروض ويترك الفروض الأخرى، هل يجوز بدؤهم بالسلام، وما هو توجيهكم حول هذا الموضوع الخطير؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 227. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 279 ج: ترك الصلاة جريمة عظيمة ومنكر شنيع، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم في كفر صاحبه إذا لم يجحد وجوبها إنما فعله تكاسلا وتهاونا، فقال بعضهم: يكفر كفرا أصغر. قال بعضهم: بل يكفر كفرا أكبر. وهذا هو الصواب ولو صلى الجمعة بعض الأحيان، ولو صلى بعض الأوقات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» فالصواب أن الكفر كفر أكبر، لكن إذا كان التارك أحد الوالدين فإنك ترفق بهما وتنصحهما، كما قال الله عز وجل في الكافرين: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (3)؛ لأن الوالد له حق عظيم ولو كان كافرا عليك أن ترفق به وتصحبه بالمعروف لعل الله يهديه بأسبابك، ولو قبلت رأسه ترجو أن الله يهديه بذلك فلا بأس بذلك عملا بقوله: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (4) والدعاء له أن الله يوفقه ويهديه ويشرح صدره للحق، والإنفاق عليه إذا كان محتاجا، كل ذلك من أسباب هدايته،   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) سورة لقمان الآية 15 (4) سورة لقمان الآية 15 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 280 أما غير الوالدين إذا لم يقبل الحق فإنه يهجر، حقه الهجر، لا تجاب دعوته لا عرس ولا غيره، ولا يدعى إلى وليمة، ولا يصافح ولا يسلم عليه، بل يهجر حتى يتوب، وينبغي أن يرفع أمره إلى ولي الأمر إذا كان من أهل البلاد الإسلامية حتى يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله عند جمهور أهل العلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 281 106 – حكم التعامل مع تارك الصلاة س: أخي الأصغر مني وهو بالغ، تارك للصلاة، فهو لا يصلي إلا صلاة الجمعة، ونصحته ولكن بدون فائدة، ماذا أفعل تجاهه؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليك نصيحته والتكرار في ذلك والجد في ذلك لعل الله يهديه بأسبابك، ولا تمل ولا تيأس؛ لأن المسلم عليه النصيحة لغيره وعليه التوجيه، والله يقول جل وعلا {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2)، ويقول سبحانه:   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 213. (2) سورة النحل الآية 125 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 281 {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1) فأحسن إليه بالنصيحة، واجتهد، وليكن ذلك عن صدق وعن عناية وتبين له أن ترك الصلاة كفر وأنه ضلال، وأن الواجب على كل مكلف أن يتقي الله، وأن يؤدي الصلاة إذا كان ينتسب إلى الإسلام، وإلا فلا صحة لدعواه الإسلام فإن إسلامه بدون صلاة ليس بإسلام، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في صحيحه. ويقول عليه الصلاة والسلام «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» فالواجب على أخيك أن يتقي الله وأن يصلي، وعليك أن تنصحه كثيرا، وتبلغه كثيرا لعل الله يهديه بأسبابك، فإن أصر ولم يبال فعليك أن تهجره إذا رأيت أن الهجر أصلح، وإن رأيت أن عدم الهجر أصلح وأن تستمر معه بالدعوة والتوجيه مع كراهة عمله وإظهار الكراهة والغضب على عمله فلعل الله أن يهديه بأسبابك.   (1) سورة فصلت الآية 33 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 282 107 – حكم إقامة الوليمة لتارك الصلاة س: هناك عادة وهي عند قدوم الطالب أو الموظف المبتعث من البعثة إلى أهله تكون هناك وجبات متتابعة من الأقارب، وقد يكون هذا المبتعث لا يصلي أو يصلي، هل يجوز عمل الوجبات له، وهل نحضر هذه الوجبات إذا دعينا إليها؟ وضحوا لنا بالتفصيل - وفقكم الله – مع العلم أن والد هذا المبتعث لا يصلي، هل نأثم إذا حضرنا أو لا (1)؟ ج: هذه مسألة عظيمة ومهمة، إذا كان الوافد يصلي فلا بأس بدعوته وإقامة وجبات له فرحا بقدومه وفرحا بسلامته ولا بأس، أما إذا كان لا يصلي فلا يجوز أن تجاب دعوته، ولا دعوة من احترمه وعظمه بإقامة الوليمة له؛ لأن الذي لا يصلي كافر فهو يجب أن يهجر، ويجب أن يعادى في الله بعد أن ينصح ويوجه إلى الخير، ويعلم أن هذا أمر خطير، وأن الواجب عليه أن يصلي كما أمره الله، فإذا أصر على ذلك فإن الواجب هجره مع أن هذا الشيء، لا يخفى على الناس، أمر الصلاة معلوم، فالذي لا يصلي يهجر ولا تجاب دعوته، ولا ينبغي أن يحضر مع من حضر من   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 21. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 283 المدعوين لإكرامه؛ لأن الواجب هجره من الجميع حتى يتأدب وحتى يرجع إلى الصواب وإلى الحق، ولا مانع من نصيحته في ذلك، ينصح ويوجه إلى الخير، ويحذر من الباطل، ويخبر أن ترك الصلاة كفر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» فتركها كفر نعوذ بالله كفر أكبر في أصح قولي العلماء، فالواجب على من عرف ذلك أن يهجر من فعل هذا المنكر العظيم، وأن لا يجيب دعوته، ولا يحضر وليمته التي دعي إليها وأقيمت من أجله.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 284 س: يسأل ويقول: هل يجوز التعامل مع رجل لا يصلي لكنه غير منكر للصلاة (1)؟ ج: يجوز التعامل معه للحاجة في شراء سلعة أو بيع شيء عليه كما يباع على الكفار الآخرين الرسول باع على الكفار واشترى منهم واشترى من اليهود واشترى من الوثنيين، لا بأس من غير محبة ولا موالاة، لكن يبيع عليهم أو يشتري منهم لا بأس وتارك الصلاة كافر على الأصح، وإن لم يجحد وجوبها إذا تركها عمدا كفر في أصح قولي العلماء ولا بأس   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 347. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 284 بالشراء منه مع الإنكار عليه ومع دعوته إلى الله لكن إذا دعت الحاجة إلى شراء شيء منه فلا بأس، لكن هجره وعدم الشراء منه هو الذي ينبغي، لعله يتوب، ينبغي هجره وألا يباع عليه، ولا يشترى منه لعل الله جل وعلا أن يرده إلى التوبة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 285 س: هذا السائل م. أ. أ، من الدمام يقول: ما حكم التعامل مع شخص تارك للصلاة، ومتهاون في أداء العبادات؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يكره التعامل مع هذا ومع بقية الكفرة؛ لأن فيه خطرا قد يجرك إلى ما هو عليه من الباطل فلا ينبغي التعاون معه، بل ينبغي هجره حتى يتوب إلى الله، وإن كان كافرا أصليا ينبغي إبعاده وعدم صحبته حتى لا يجرك إلى الباطل وإن كان مرتدا مشركا فالمرتد أقبح وأقبح يجب الحذر منه، لكن مع دعوته إلى الله، مع نصيحته لعله يرجع، لعله يتوب إلى الله، لعله يرجع إلى الإسلام، وإن كان كافرا أصليا لعله يتوب، لعله يقبل بالحق فإذا نصحته لله ورجع فالحمد لله، وإلا فاتركه والتمس الطيب من المسلمين.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 391. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 285 108 – حكم العمل عند تارك الصلاة س: من الأخ م. ز. س يقول: أعمل في مزرعة أحد الأثرياء الذي يزكي وينفق في سبيل الله ويعطي المحتاجين، وأخلاقه حميدة مع الناس ولكنه لا يصلي كسلا منه وتهاونا في الصلاة، وأنا أقيم في مزرعته على أنني حارس، وهو مقيم في مكان يبعد عن المزرعة عشرين كيلو مترا ولا يأتي إلى المزرعة إلا يومين في الأسبوع، فهل علي إثم في العمل في مزرعته علما بأنني محافظ على صلواتي وملتزم والحمد لله، جزاكم الله خيرا (1) ج: الذي لا يصلي كافر - نسأل الله العافية - ولو كان طيب الأخلاق ولو كان يتصدق ولو كان يفعل أشياء كثيرة من الخير؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر - نعوذ بالله - قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (3)   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 340. (2) سورة الأنعام الآية 88 (3) سورة المائدة الآية 5 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 286 وقال صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (1)» فالإنسان إذا ترك الصلاة حبط عمله وكفر فالواجب على هذا الرجل أن يتوب إلى الله ويحذر ترك الصلاة وأن يستقيم على طاعة الله ورسوله، وأن يشكر الله على نعمه أما أنت فالجلوس عنده فيه خطر يخشى عليك من شره، وأن تقتدي به في الباطل فنصيحتي لك أن تنتقل عنه إلى غيره، وأن تلتمس عملا آخر لئلا تعمك مصيبته وشؤمه - نسأل الله العافية - المقصود أن قرب هذا وخدمته أمر لا ينبغي، نسأل الله العافية.   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 287 109 – مسألة في حكم العيش مع تارك الصلاة س: يسأل ويقول: إن هناك أحد الأشخاص يسكن معنا لكنه لا يصلي بينما جميع الإخوة يصلون، كيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرا (1) ح، عليكم أن تنصحوه وتوجهوه إلى الخير، وتعلموه أن الصلاة عمود الإسلام، وأنها ركن من أعظم أركان الدين بعد الشهادتين، بل هي أعظم   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 258. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 287 أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وهي الفارقة بين الكفر والإسلام فعليكم أن تعلموه وتنصحوه وتوجهوه إلى الخير ولا تملوا حتى يهديه الله على أيديكم ولكم مثل أجره إذا هداه الله على أيديكم فإن أبى وأصر يرفع أمره إلى المحكمة أو إلى الإمارة حتى تشوفه المحكمة، أو إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان في البلد هيئة حتى يلزموه ويؤدبوه، فإن تاب وإلا وجب قتله حسب ما تحكم به المحكمة؛ لأن هذا لا يجوز التساهل معه، إذا كنت في بلد إسلامي فيه محكمة شرعية أما إذا كنت في بلد كافرة فوجهوه وانصحوه فقط، عليكم بنصيحته والاجتهاد في نصيحته من توجيه إلى الخير، وأبشروا بالخير ولكم مثل أجره إذا هداه الله على أيديكم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 288 س: ماذا أفعل مع بعض أفراد البيت الذين لا يصلون مثل أخي أو زوجة أخي أو أخي زوجتي؟ ماذا أفعل تجاههم إذا لم تنفع فيهم النصيحة (1)؟ ج: الواجب الاستمرار في النصيحة، وأن تنصحهم لأن الصلاة عمود الإسلام من تركها كفر - نعوذ بالله من ذلك - فالواجب أن تنصح لهم وأن   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 240. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 288 تجتهد في ذلك حسب الطاقة، ولا تضعف ولا تدع النصيحة، ولعل الله يهديهم بأسبابك، والذي لا يقبل وتابعت النصيحة ولم يقبل يستحق أن يهجر حتى لا يسلم عليه، ولا يرد عليه السلام ولا تقبل دعوته للطعام، ولا يدعى للطعام، يستحق أن يهجر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، من تركها كفر - نعوذ بالله من ذلك - فالواجب عليك أن تناصحهم، وإذا كنت تستطيع أن تؤدبه لكونه زوجة أو ولدا أدبته حتى يستقيم، حتى يصلي، حتى تصلي وتقوم بالواجب وأما زوجة أخيك أو زوجة أبيك أو نحوهما ممن لا تستطيع تأديبه فهذا على أخيك وعلى أبيك أن يقوما بالواجب، على أخيك أن يؤدب زوجته حتى تستقيم وحتى تصلي وعلى أبيك كذلك، وهكذا عمك، وهكذا جيرانك تنصحهم وتدعوهم إلى القوة في هذا الأمر والنشاط في هذا الأمر لعل الله يهديهم بأسباب النشاط والقوة، والتوجيه والتأديب من الزوج إلى زوجته تأديبا ينفعها ويعينها على طاعة الله، ولا يسبب خطرا، والله جل وعلا أمر بالتعاون على البر والتقوى، قال سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) وقال جل وعلا:   (1) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 289 {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1) هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (4) {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5) التواصي بالحق والتناصح أمر واجب، أمر لازم، وهكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر لازم مع الزوجة، مع زوجة الأب، مع الأخوات، مع البنات لكن من تستطيع تأديبها تؤدبها كالزوجة والبنت والولد تؤدب الجميع أدبا يردع الزوجة عن التساهل بالصلاة، ويردع الولد ويردع البنت مثل ما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مروا أولادكم للصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر (6)» فالأولاد يضربون إذا تخلفوا عن الصلاة وهم أبناء عشر، يضربون على ذلك سواء كانوا ذكورا أو إناثا؛ لأن هذا مما يعينهم على طاعة الله ومما يسبب لهم المبادرة إلى الحق، فعلى وليهم أن يأمرهم بذلك ويضرب من بلغ عشرا على ذلك ضربا غير مبرح ضربا يعين على طاعة الله ضربا يشجعهم على الخير ولا يكون فيه   (1) سورة التوبة الآية 71 (2) سورة العصر الآية 1 (3) سورة العصر الآية 2 (4) سورة العصر الآية 3 (5) سورة العصر الآية 3 (6) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 290 خطر وهكذا له أن يضرب المرأة، يؤدبها إذا تساهلت، فإذا خاف نشوزها ضربها، فكيف إذا تركت الصلاة؟ ترك الصلاة أعظم فإذا لم يجد فيها النصح والتوجيه والدعوة إلى الخير فله أن يضربها ويؤدبها ضربا غير مبرح حتى تصلي حتى تقوم بهذا الواجب العظيم فإن أصرت ولم تستقم وجب فراقها؛ لأن من ترك الصلاة كفر ترك الصلاة كفر أكبر - نعوذ بالله من ذلك - فالتي لا تصلي تكون كافرة - نعوذ بالله - يجب فراقها بالكلية، وهكذا الزوج الذي لا يصلي وامرأته تصلي لا تبقى معه بل يجب أن تفارقه وأن تطلب الطلاق لأنه لا يجب بقاؤها معه وهو لا يصلي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» وقوله عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (3)» فالحاصل أن الصلاة أمرها عظيم وهي عمود الإسلام، فلا بد من التأديب عليها من الزوج لزوجته ومن الوالد لولده   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 291 والأخ لأخيه الصغير حتى يستقيموا على الصلاة حتى ولو كانوا دون البلوغ كابن عشر وابن ثنتي عشرة من الأولاد، والإخوة يؤدبون ويعلمون ويوجهون إلى الخير والزوجة يجب أن تؤدب على هذا الأمر العظيم حتى تستقيم وحتى تحافظ على الصلاة، فإذا أصرت على ترك الصلاة فحينئذ يجب أن يفارقها كما أنها إذا أصر زوجها على ترك الصلاة يجب أن تتركه وتذهب إلى أهلها حتى يتوب توبة صادقة أو يفرق بينهما الحاكم الشرعي نسأل الله للجميع الهداية ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 292 110 – حكم زيارة القريب تارك الصلاة س: الأخ يسأل ويقول: إن بعض الأقارب لا يصلون، هل زيارتهم ومجاملتهم واجبة علما أننا ننصحهم، ولكنهم يحاولون الهرب من الموضوع ولا يتأثرون؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان قريبك أو جارك لا يصلي فالواجب نصيحته منك ومن إخوانك، تنصحونه بالكلام الطيب، والتخويف من الله، وأن الصلاة عمود الإسلام، وأن تركها كفر بالله عز وجل أكبر على الصحيح من أقوال   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 280. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 292 العلماء وإن لم يجحد بوجوبها، فالصلاة عمود الإسلام، وفيها الخير العظيم والأجر الكبير، فعليك أن تنصح قريبك أو جارك، وتجتهد في ذلك منك ومن إخوانك؛ لأن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) فإذا كان معك بعض إخوانك تكون النصيحة أكثر وأجدى، فإن أبوا ولم يقبلوا استحقوا الهجر، يجب هجرهم عند جمع من أهل العلم، وقال جماعة: يستحب هجرهم. فبكل حال هجرهم مشروع إلا إذا رأيت أن الاتصال بهم بين وقت وآخر للدعوة أنفع فلا بأس للدعوة إلى الله والإرشاد والنصيحة لعلهم يهتدون، وهكذا من تعرفه من جيرانك يشرب الخمر أو يتعامل بالربا أو تعرف منه منكرا آخر قد أظهره وبينه للناس ولم يبال ولم يستح، يجب نصحه وتوجيهه إلى الخير، وتخويفه من الله عز وجل منك ومن إخوانك تعاونوا على البر والتقوى إذا كانت النصيحة من اثنين أو ثلاثة يكون أنفع لعله يتأثر وتكرارها عليه كذلك لعله يستجيب، فإن أصر ولم يبال استحق أن يهجر كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة: كعب بن مالك وصاحباه، هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وخمسين ليلة؛ لأنهم تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر شرعي وقد   (1) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 293 أمرهم بالغزو عليه الصلاة والسلام واستنفرهم، إذا كان الصحابة قد حصل منهم معصية يهجرون فغيرهم من باب أولى في المعصية الظاهرة أما الذي بينه وبين ربه، الله الذي يعلمها سبحانه وتعالى المعصية المستورة، لكن المقصود المعصية الظاهرة كترك الصلاة والتعامل بالربا وشرب الخمر علانية، وما أشبه ذلك يستحق الهجر على ذلك، إلى أن يستجيب ويهتدي، فالحمد لله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 294 س: الأخ إ. ح، يسأل ويقول: ولدي تارك للصلاة، قلت له: إذا لم تصل فحرام علي أن أحادثك لكني لم أصبر وحادثته، فماذا علي (1)؟ ج: يجب عليك أن تنكر عليه وأن تؤدبه على ذلك بالضرب حتى يصلي وعليك أن تهجره أيضا؛ لأنه مستحق لذلك والصلاة عمود الإسلام من تركها كفر - نسأل الله العافية - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» خرجه مسلم في صحيحه. وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة،   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 254. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 294 فمن تركها فقد كفر (1)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح في أحاديث أخرى تدل على كفر تارك الصلاة، فالواجب عليك الإنكار عليه والتشديد عليه في ذلك حتى يصلي وهجره من أهم المهمات إذا لم تنفع فيه النصيحة، وإذا استطعت تأديبه بالضرب فلك أن تؤدبه، بل عليك أن تؤدبه، إذا كان الصغير يضرب عليها إذا بلغ عشرا، فالكبير يضرب أشد إذا تركها، ولك أن ترفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا، لكن مهما أمكن أن تستر عليه وأن تنصحه حتى يستقيم قبل أن يرفع إلى ولي الأمر فلعل الله يهديه بأسبابك ولك أن تعمل ما تستطيع من الأسباب من هجر وضرب وغير ذلك من الأسباب التي تراها مجدية ونافعة في طلب هدايته.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 295 111 – حكم استضافة وإسكان القريب تارك الصلاة س: ع. ع من المدينة تقول: عندي مشكلة بسبب إحدى قريباتي التي جاءت من إحدى القرى لتعيش معنا في منزل واحد في بيتنا من أجل إكمال الدراسة في الكلية، فمنذ حضورها زادت من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 295 همومي؛ ذلك لإهمالها الكثير من أوامر الإسلام وخاصة الصلاة، وقد حاولت معها بشتى الوسائل بيان خطر ذلك، تارة بالنصح وتارة بالكتب وتارة بالأشرطة الإسلامية، فهي قد تصلي فرضا وتترك أياما لمدة، وعندما أذكرها بالصلاة تغضب مني وتقول: أنا التي سوف أدخل النار لست أنت، وإنك بريئة من ذنبي اتركيني لوحدي. مع العلم بأنها تعرف عقاب ذلك في الدنيا والآخرة، هل أستمر معها في ذلك النصح، وقد استمررت معها من سنتين دون فائدة فهي لم تلتزم بذلك، ثم تعود لما كانت عليه، وبعد تلك المحاولات تركتها، فهل علي إثم في تركي لها؟ وجهوني سماحة الشيخ (1) ج: الواجب إبعادها منكم وأن لا تبقى عندكم وهذه تستحق الإبعاد، وتستحق أن يرفع أمرها إلى ولي الأمر للمحكمة، فإن تابت وإلا قتلت، ترك الصلاة يوجب القتل ردة عن الإسلام - نعوذ بالله - فالواجب عدم تركها لديكم وإبعادها ورفع أمرها إلى ولي الأمر حتى يستتيبها فإن تابت وإلا قتلت، لا يجوز التساهل في هذا الأمر فالصلاة عمود الإسلام من   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 370. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 296 ضيعها فقد ضيع الإسلام، ومن حفظها فقد حفظ الإسلام، وهذه امرأة خبيثة يجب أن تجاهد فإن استقامت وصلت فالحمد لله وإلا وجب عليها أن يقام عليها حد الشرع بالقتل حتى يستراح منها ومن أمثالها، وقد أحسنت في نصيحتها ولك الأجر العظيم، ولكن يجب أن تستمري في نصيحتها والسعي في إبعادها عنك وعن بيتك ورفع أمرها إلى ولي الأمر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 297 س: إنني أعاني من مشكلة ربما يعاني منها الكثير من الناس، ألا وهي أن معظم أصدقائي ومن أعاشرهم في المدرسة وأحيانا في البيت لا يؤدون الصلاة، وكثيرا ما أسمع في برنامجكم أن الذي لا يصلي يعتبر كافرا، فلا يسلم عليه وما إلى هنالك، ولقد قمت بنصحهم ولكن بدون جدوى مع أنهم ذوو خلق عال، معاملتهم لي ولغيري كلها جيدة لم أر منهم إلا كل خير غير ما ذكرت، أفيدوني في هذا الأمر الذي طالما يضايقني ما هي نصيحتكم لتارك الصلاة، وماذا أعمل معهم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب نصيحة من عرف بترك الصلاة وتحذيره من مغبة ذلك؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 221. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 297 لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» فهذه الأحاديث العظيمة تدل أن من تركها يكفر وإن لم يجحد وجوبها، أما إن جحد وجوبها فإنه كافر عند جميع العلماء - نسأل الله العافية - والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (4) ويقول سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (5) ويقول عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (6) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (7) إلى أن قال سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (8) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (9) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (10) نعمة عظيمة   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) سورة البقرة الآية 238 (5) سورة البقرة الآية 43 (6) سورة المؤمنون الآية 1 (7) سورة المؤمنون الآية 2 (8) سورة المؤمنون الآية 9 (9) سورة المؤمنون الآية 10 (10) سورة المؤمنون الآية 11 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 298 وفضل كبير لمن حافظ على الصلاة أن يكون من أهل الفردوس من أهل الجنة، الفردوس أعلى الجنة وأوسطها وخيرها، فمن تخلق بهذه الأخلاق التي ذكرها الله في سورة المؤمنون في قوله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (3) {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} (4) {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (5) {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (6) {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (7) {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (8) {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (9) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (10) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (11) هذه صفات عظيمة، من حافظ عليها صار من أهل الفردوس، وأعظمها الصلاة، وقال في سورة المعارج: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} (12) {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} (13) {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} (14) {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} (15) {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} (16) {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (17) {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (18) {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ} (19) {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} (20) {إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ} (21) {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (22) {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (23) {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (24) {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (25) {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} (26) {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (27) {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} (28)   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 (3) سورة المؤمنون الآية 3 (4) سورة المؤمنون الآية 4 (5) سورة المؤمنون الآية 5 (6) سورة المؤمنون الآية 6 (7) سورة المؤمنون الآية 7 (8) سورة المؤمنون الآية 8 (9) سورة المؤمنون الآية 9 (10) سورة المؤمنون الآية 10 (11) سورة المؤمنون الآية 11 (12) سورة المعارج الآية 19 (13) سورة المعارج الآية 20 (14) سورة المعارج الآية 21 (15) سورة المعارج الآية 22 (16) سورة المعارج الآية 23 (17) سورة المعارج الآية 24 (18) سورة المعارج الآية 25 (19) سورة المعارج الآية 26 (20) سورة المعارج الآية 27 (21) سورة المعارج الآية 28 (22) سورة المعارج الآية 29 (23) سورة المعارج الآية 30 (24) سورة المعارج الآية 31 (25) سورة المعارج الآية 32 (26) سورة المعارج الآية 33 (27) سورة المعارج الآية 34 (28) سورة المعارج الآية 35 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 299 هذه صفات الأخيار، هذه صفات أهل السعادة، على رأسهم المحافظون على الصلوات، والمحافظة على الصلاة من أسباب الاستقامة، فإن من حافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع قال نافع مولى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: كان عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين يكتب إلى عماله يقول: «إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (1)». والذي لا يصلي يجب أن يهجر إذا لم تجد فيه النصيحة يجب أن يهجر ولا يسلم عليه، ولا تجاب دعوته، ولا يدعى إلى وليمة ولا إلى غيرها لأنه أتى منكرا عظيما وكفرا بواحا - نسأل الله العافية - ويجب أن يرفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، فإن أمره عظيم وخطير، وهو يجر غيره إلى مثل فعله، يجر غيره من زملائه وجلسائه إلى مثل فعله، فالواجب أن يناصح وأن ينكر عليه من أقاربه وجلسائه وزملائه إنكارا واضحا وشديدا حتى يعلم خطورة ما هو عليه، وحتى يعلم بشاعة ما فعل، وحتى يعلم أنه أتى كفرا بواحا ومنكرا عظيما لعله يستجيب، لعله يهتدي فإن أبى وجب هجره ورفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل   (1) موطأ مالك وقوت الصلاة (6). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 300 كافرا على الصحيح وإن لم يجحد الوجوب، أما إن جحد وجوبها فإنه يكون كافرا مرتدا عن الإسلام عند جميع العلماء - نسأل الله العافية - والغالب أن الذي لا يصلي ولا يبالي ولا يهتم بالصلاة الغالب عليه أنه لا يقر بالوجوب ولا يهتم بوجوبها فهو في عمله يدل عليه أنه مكذب، فالواجب على المسلمين جميعا أن يعنوا بهذا الأمر، وأن ينكروا على من يتخلف عن الصلاة، وأن يبينوا له خطورة ما فعل وشناعته لعله يهتدي لعله يرجع إلى الصواب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 301 112 – بيان كيفية تعامل الموظف مع زميله الموظف تارك الصلاة س: الأخت أ. ش. أ. ح، تقول: لي زميلات في العمل بعضهن يصلي والبعض لا يصلي بعضهن متبرجات وبعضهن يلبسن الحجاب ولكن غير كامل، أي غطاء الرأس فقط مع اللبس المحتشم، ولكن ليس الطويل جدا، حاولت إفهامهن وإرشادهن مع إعطائي لهن الكتب الدينية، وطلبت منهن الاستماع إلى برنامجكم نور على الدرب لكي يطبقن الشريعة الإسلامية السمحاء ولكن دون جدوى فتركتهن ولم أتصل بهن أو أجلب لهن الكتب الدينية، ورغم ذلك فإننا في غرفة واحدة نجلس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 301 ونتحدث ونأكل معا؛ لأني أحتاج لهن بطبيعة عملنا، وأيضا لمصاحبتهن في الطريق لأني لا أستطيع أن أذهب لوحدي إلى العمل، فهل علي ذنب؟ وما رأي سماحتكم في ذلك؟ أرجو التوجيه والإرشاد لهن؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليهن التزام الحجاب وعدم التبرج وعليهن قبول النصيحة وتقوى الله في ذلك، وعليك المتابعة للنصيحة والحرص على ما فيه سعادتهن ونجاحهن وبراءة ذمتك، ولا تيأسي عليك بالمواصلة حتى يجعل الله فرجا ومخرجا وإذا تيسر لك مفارقتهن وعدم صحبتهن في الغرفة لوجود معلمات أو موظفات صالحات فهو الواجب عليك؛ لأنهن بإصرارهن يستحققن الهجر، لكن ما دمت في ضرورة إلى وجودك معهن فاستعملي النصيحة والتوجيه والإرشاد وكراهة ما يفعلن حتى يجعل الله فرجا ومخرجا أما كون بعضهن يصلي والبعض الآخر لا يصلي وبعضهن يحتجب والبعض الآخر لا يحتجب فعليك أن تبدئي بالنصيحة فيما يخص الصلاة، وفيما يخص الحجاب افعلي هذا وهذا فمن لا تحتجب تنصح بأن تحتجب، ومن لا تصلي تنصح بأن تحافظ على   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 175. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 302 الصلاة، فالصلاة أعظم وأكبر فعليها أن تنصح هؤلاء وهؤلاء وتنكر على هؤلاء وهؤلاء والله يأجرها ويثيبها على ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 303 س: اكتشفت أن إحدى صديقاتي لا تصلي إلا في رمضان، هل أستمر معها كصديقة لها أو أقاطعها (1)؟ ج: الواجب نصيحتها وتعليمها ما ينفعها، وإفهامها أن الصلاة فرض دائم في رمضان وفي غيره وأنها عمود الإسلام، وأنها واجبة على المرأة المكلفة أن تصليها وأن تحافظ عليها كالرجل في رمضان وفي غيره، وأن تركها للصلاة في غير رمضان كفر أكبر - نعوذ بالله - كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (3)» فالصلاة عمود الإسلام وأعظم أركانه بعد الشهادتين، فالتي لا تصلي كالرجل الذي لا يصلي سواء بسواء كلاهما كافر حتى يتوبا إلى   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 118. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 303 الله ويرجعا عن عملهما السيئ فإن هداها الله واستجابت لك وتابت إلى الله فلا مانع من اتخاذها صديقة، والبقاء على صحبتها، أما إن أصرت على ترك الصلاة فهي كافرة، ويجب عليك أن تعاديها في الله، وأن تقاطعيها، وأن لا تقربيها بالكلية، لا تجيبي دعوتها ولا تدعيها إلى زيارتك، ولو زارتك لا تقابليها ولا تسلمي عليها حتى ترجع مما هي عليه من الباطل، وحتى تتوب إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن عملها عظيم الشر عملها كفر - نسأل الله العافية - والمسلم واجبه النصيحة لإخوانه في الله وأخواته في الله، فإذا كانت لا تقبل النصيحة ولا تنتفع بالنصيحة وجبت المقاطعة، نسأل الله لنا ولها الهداية، ونسأل الله لك التوفيق في نصيحتها. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 304 113 - بيان ضوابط الولاء والبراء في معاملة تارك الصلاة س: هناك من الأصدقاء من أسير معهم وأعتبرهم كالأخوة، وهم أوفياء ومخلصون ولكنهم لا يصلون والعياذ بالله، وبعضهم يصلي في رمضان فقط، والبعض الآخر يأتي الفواحش ما نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه، وأنا بصفتي مسلما أحاول مع بعض الأصدقاء جذبهم إلى الصلاة والعبادة، فهل أقاطعهم التزاما بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين المسلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 304 والكافر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر» وإن قاطعتهم فهل معنى ذلك أن أقاطع معظم الزملاء من منطقتي ومن في مرحلتي الدراسية الذين لا يصلون وأبقى منعزلا عن هؤلاء الناس؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم، عليك أن تقاطعهم إذا لم يقبلوا النصح ولم يستفيدوا منك، ولم يسترشدوا منك فعليك ألا تصحبهم، وألا يكونوا زملاء لك في الزيارات أو الأكل ونحو ذلك بل تقاطعهم ولا يضرك أن تدرس في المدرسة الذين هم فيها لكن لا تتخذهم أصحابا ولا زملاء في الأكل والشرب، بل قاطعهم حتى يعلموا أنك تهجرهم وأنك تبغضهم في الله؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» الذين لا يصلون، وقد نصحتهم لله، وأعذرت فيهم عليك أن تقاطعهم، لا تجب دعوتهم ولا تدعهم إلى وليمة عندك، ولا تكن معهم في الزيارات بل تقاطعهم حتى يعلموا صدقك في بغضهم في الله، وإنكارك عليهم، وتسأل الله مع هذا أن   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 232. (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 305 الله يهديهم في صلاتك وفي سجودك وفي الأوقات الأخرى تسأل الله أن يهديهم ويمن عليهم بالتوبة فأنت تحب لهم الخير، تسأل الله لهم الهداية لكن تظهر لهم الجفاء والكراهة والهجر لعلهم يهتدون فإن رجوت إسلامهم ورجوت هدايتهم فلا تقطع عنهم الزيارة للدعوة فقط، تزورهم بين وقت وآخر للدعوة لا لأنهم أصحاب بل للدعوة والتوجيه لعلهم يهتدون. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 306 114 - حكم التعامل مع تارك الصلاة رغبة في دعوته ونصحه س: الأخ ح. س. ن يقول: يوجد بعض الناس الذين يقومون بأداء الصلاة، ويكونون تاركين للصلاة في نفس الوقت، وأضطر أن آكل معهم، هل يجوز أن نأكل مع الذين لا يؤدون الصلاة أو يتركون الصلاة (1)؟ ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك مع النصيحة مع نصيحتهم، فإن لم يقبلوا فاهجرهم، ولا تأكل معهم، لكن إذا دعت الضرورة إلى الأكل معهم فكن ناصحا لهم موجها لهم إلى الخير محذرا لهم من ترك الصلاة مبينا   (1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم 432. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 306 لهم أن من تركها كفر، لعل الله أن يهديهم بأسبابك، فإن لم يستجيبوا فاهجرهم، ولا تجالسهم ولا تأكل معهم، نسال الله العافية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 307 س: يقول السائل: إن لي صديقا لا يصلي هل أمشي معه أم أتركه في حال سبيله وأبقى في سبيلي (1)؟ ج: الرفيق الذي لا يصلي لا تجوز مرافقته بل يجب الحذر منه وهجره مع نصيحته وحثه على تقوى الله وإرشاده إلى الخير مع إعلامه أن الصلاة عمود الإسلام وأنها أحد الأركان الخمسة بل هي أعظم الأركان وأكبر الأركان بعد الشهادتين، فعليك أن تنصحه وأن تبلغه أمر الله وأن تجتهد بدعوته إلى الخير لعله يهتدي بأسبابك حتى يكون لك مثل أجره، فإن أبى وأصر فارفض صحبته، ولا تزره ولا يزرك ولا تتخذه صاحبا بل اتخذه عدوا وفارقه واهجره حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 237. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 307 باب الأذان والإقامة 115 - حكم الأذان للصلاة س: هل الأذان واجب في الصلاة؟ وهل تركه ينقص الصلاة؟ وهل الفرد المصلي يجب عليه أن يؤذن للصلاة وهو منفرد (1)؟ ج: الأذان فرض كفاية للصلاة، يجب على الجماعة في الحضر وفي السفر أن يؤذن واحد منهم ويقيم الأذان هذا هو الصواب، إنهما فرض كفاية إذا قام به واحد من الجماعة في قرية أو في سفر كفى عن الباقين ولكن ليس شرطا للصلاة، بل هما فرض كفاية خارج الصلاة، فإن فعلهما البعض فقد أحسن ويؤجر وإن تركهما أثم وصلاته صحيحة، وصحتها لا تتوقف على الأذان والإقامة لكن تعتبر ناقصة بدون أذان وبدون إقامة عمدا تكون ناقصة بدون أذان أنقص من الصلاة بأذان وإقامة فهي أكمل   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 7. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 308 وأفضل، ولا يجوز للمسلم تعمد ترك الأذان والإقامة، بل الواجب أداء الأذان والإقامة من أحد الجماعة الحاضرين من أهل المدارك ظاهر العدالة، ممن يقيم الأذان مؤذن واحد منهم إذا كان بهذه الصفة بألفاظه وظاهر العدالة فإنه يعتمد عليه في الأذان، وينبغي له أن يكون معروفا بعدالة ظاهرة، وأن يكون يقيم الأذان ليؤذن في الحضر أو في السفر، أما إذا كان فردا واحدا في السفر فله أن يؤذن أيضا أما الوجوب عليه ففيه خلاف ونظر والأفضل له الأذان والسنة في حقه أن يؤذن لما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع صوت المؤذن حجر ولا شجر إلا شهد له يوم القيامة (1)» فدل ذلك على الأكيد بحق الواحد أما الوجوب فلا يجب عليه وفيه خلاف ومحل نظر ولكن ينبغي ألا يدع الأذان، وإذا كانوا جماعة يجب عليهم أن يؤذنوا يؤذن واحد منهم، ويقيموا كذلك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم (609). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 309 116 – بيان كيفية الأذان س: ما هي الكيفية الصحيحة للأذان لأنني سمعت أن هناك طرقا متعددة، قرأت عنها أيضا؟ أرجو من سماحتكم التوجيه، جزاكم الله خيرا (1) ج: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الأذان على أنواع، أفضلها ما كان يفعله بلال رضي الله عنه بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام حتى توفاه الله، وهو الأذان المعروف اليوم بين الناس، وهو خمس عشرة جملة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. هذا هو الأذان الذي كان يؤذن به بلال رضي الله عنه بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، وثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: «أمر بلال رضي الله عنه أن يشفع الأذان   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 166. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 310 ويوتر الإقامة (1)» يشفع الأذان يعني ثنتين ثنتين، هذا شفع الأذان، ما عدا التكبير الأول فإنه أربع كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه علمه بذلك بعدما رأى الرؤيا الصالحة المعروفة عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه، لكن في أذان الفجر يزيد جملتين: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. فيكون أذان الفجر سبع عشرة جملة، الأذان عند طلوع الفجر يقول فيه: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. بعد الحيعلة، ثم بعدها يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. والأفضل أن يكون في الأذان الأخير، ويسمى الأذان الأول بالنسبة للإقامة، أما الأذان الأول الذي يكون في آخر الليل هذا ليس فيه: الصلاة خير من النوم - على الراجح - الأفضل أن يكون في الأخير، وهذا الأخير يسمى الأذان الأول بالنسبة للإقامة؛ لأن الإقامة أذان ثان، والأذان بعد طلوع الفجر هو الأذان الأول، وهو الذي يقال فيه: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. كما في حديث بلال رضي الله عنه، وحديث أبي محذورة رضي الله عنه قد ظن بعض الناس أن تسميته الأول أنه يراد به الأذان الذي في آخر الليل، وليس   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان مثنى مثنى، برقم (605)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بشفع الأذان، برقم (378). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 311 كذلك سمي أولا لأنه يكون قبل الإقامة والإقامة هي الأذان الثاني كما في الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1)» الأذانان يعني الأذان والإقامة وجاء في حديث أبي محذورة رضي الله عنه نوع آخر وهو تكرار الشهادة، وفي لفظ الشهادتين مرة أخرى، فيكون بتسع عشرة جملة، يأتي بالشهادتين ثم يعيدها، يقول بصوت منخفض: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول، ثم يعيدها بصوت أرفع حتى تكون الجمل تسع عشرة، وهذا صحيح لا بأس به، علمه النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة رضي الله عنه، وأذن به في مكة، فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل ما عليه العمل اليوم، وهو الذي كان يؤذن به بلال رضي الله عنه بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا الإقامة أفراد كما في حديث أنس المتقدم: «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة (2)» يوتر يعني يفرد الإقامة، إلا التكبير فإنه مثنى فيها   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب كم بين الأذان والإقامة، برقم (624)، ومسلم في كتاب صلاة المسافر وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 312 كما في حديث عبد الله بن زيد وحديث بلال، يقول في أول الإقامة: الله أكبر الله أكبر. وفي آخرها: الله أكبر الله أكبر. والبقية أفراد: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة، حي على الفلاح. أفراد، والإقامة يكررها يقول: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، يثنيها كالتكبير في أولها وفي آخرها يكون مثنى. وجاء في حديث أبي محذورة تكرار الشهادتين مرتين كالأذان ولا حرج في ذلك إنما هو أفضلية فقط، وهذا يقال له: اختلاف التنوع، ولكن الأفضل مثل ما تقدم في حديث بلال. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 313 117 – حكم الزيادة على الأذان المشروع بقول حي على خير العمل س: كيف يكون الأذان الصحيح، وما هو رأيكم في الزيادة التي تقال بعد: لا إله إلا الله (1)؟ ج: الأذان الصحيح هو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، وكان يؤذن به بلال بين يديه حتى توفي عليه الصلاة والسلام، وكان يؤذن به المؤذنون في حياته في مكة والمدينة وغيرها وهو الأذان المعروف   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 157. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 313 الآن، وهو خمس عشرة جملة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. هذا هو الأذان الذي كان يؤذن به بلال بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله، وفي الفجر زيادة: الصلاة خير من النوم. وهو الذي ينادى به بعد طلوع الفجر، وهو أذان الصبح، تقول بعد الحيعلة: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. ثم يقول بعدها: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. هذا خاص بصلاة الفجر الذي ينادى به عند طلوع الفجر: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. أما ما يزيده بعض الناس: حي على خير العمل. أو: أشهد أن عليا ولي الله. وكذلك ما يزيد بعض الناس من الصلاة على النبي مع الأذان عندما يقول: لا إله إلا الله. يزيد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رافعا بها صوته مع الأذان أو في المكبر هذا لا يجوز هذا بدعة، ولكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه لا في الأذان، إذا ختم الأذان مشروع للمسلم أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 314 الميعاد. هذا مشروع لكل مسلم ولكل مسلمة بعد الأذان، والمؤذن كذلك إذا قال: لا إله إلا الله، شرع للجميع بعد ذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي: اللهم صل على محمد، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه. وإن قال: اللهم صل وسلم - كان أكمل - على نبينا وعلى آله وأصحابه، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة. إلى آخره، لكن لا مع الأذان بل بصوت غير صوت الأذان، بصوت منخفض يسمعه من حوله لا بأس لكن ليس مع الأذان، الأذان ينتهي إذا قال: لا إله إلا الله، يقفل الميكرفون، إذا انتهى الأذان وإن كان بغير الميكرفون كذلك انتهى لا يلحقه شيء ثم يصلي على النبي بينه وبين نفسه، ولا مانع أن يسمعه من حوله ليقتدي به، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام، رواه مسلم   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 315 في الصحيح. وهذه سنة للجميع للمؤذن والمستمع من الرجال والنساء في الحاضرة والبادية في كل مكان بعد الفراغ من الأذان، يقول: اللهم صل على محمد، اللهم صل وسلم على نبينا وعلى آله وأصحابه. بصوت غير صوت الأذان، بصوت منخفض ليس مع الأذان، ثم بعد هذا يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. لما روى البخاري في الصحيح - رحمه الله - عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة (1)» هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، زاد البيهقي في آخره: «إنك لا تخلف الميعاد (2)» بإسناد حسن، هذا هو المشروع، أما الزيادة في الأذان: حي على خير العمل. أو: أشهد أن عليا ولي الله. فهذا لا يجوز لأنه بدعة، وهكذا الزيادة مع الأذان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع: لا إله   (1) سبق تخريجه. (2) أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير، برقم (49). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 316 إلا الله، بصوت الأذان هذا لا يجوز بل هو من البدع، ولكن مثل ما تقدم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم المؤذن والمستمع بصوت غير صوت الأذان، صوت منخفض غير صوت الأذان، وفي أذان أبي محذورة الترجيع، والترجيع هو أن يأتي بالشهادتين بصوت منخفض، ثم يأتي بهما بصوت مرتفع، فيكون على هذا تسع عشرة جملة يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله. بصوت منخفض، ثم يرفع صوته بهما ويعيدهما، هذا يقال له: الترجيع وهذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة رضي الله عنه وكان يؤذن به في مكة رضي الله عنه، فمن فعله فلا بأس، فهو نوع من أنواع الأذان الشرعي، ولكن الأفضل هو أذان بلال رضي الله عنه الذي كان يؤذن به بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، كان بلال رضي الله عنه يؤذن بدون ترجيع بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة حتى توفاه الله، وكلا النوعين بحمد الله مشروع إلا أن الأفضل هو ما كان يفعل بين يديه عليه الصلاة والسلام وهو عدم الترجيع، ومن رجع فلا بأس. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 317 118 – حكم الاكتفاء بأذان واحد للفجر س: هل يجوز أن يكون الفجر بأذان واحد وهو الأخير (1)؟ ج: لا بأس بذلك وإن أذن الأول فلا حرج، وإن اكتفى بأذان الفجر فلا حرج وإن جعلوا أذانين الأول لتنبيه الناس، حتى يعلموا أن الصبح قريب كما قال صلى الله عليه وسلم في أذان بلال: «ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم (2)» هذا أفضل حتى ينتبه الناس ويستعدوا للفجر وإن اكتفوا بأذان واحد فلا حرج.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 377. (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 318 119 - بيان مشروعية أذانين للفجر س: السائل من اليمن يقول: البعض في المساجد يقوم القائمون عليها في أذان الصبح بأذانين، ما الدليل على ذلك بصحة هذا العمل؟ مأجورين (1) ج: يشرع للفجر أذانان: أذان قبل الصبح، وأذان بعد الصبح؛ لما ثبت   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 419. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 318 في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن بلالا يؤذن بالليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم (1)» وقال: «إن بلالا يؤذن ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم (2)» كان بلال يؤذن في آخر الليل حتى ينتبه القائم أن الصبح قريب حتى يوتر وحتى يوقظ النائم ليستعد لصلاة الفجر، فلا بأس أن يؤذن أذان أول قبل الفجر بوقت بنصف ساعة ونحوها أو ساعة حتى ينتبه الناس أن الفجر قريب، الذي يقوم مثلا يريد الإيتار والتهجد الذي يستعد لصلاة الفجر ثم الأذان الأخير بعد طلوع الفجر.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب أذان الأعمى، برقم (617)، ومسلم في كتاب الصيام، باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم (1092). (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 319 120 - بيان قول "الصلاة خير من النوم" في الأذان الثاني من الفجر س: قول: الصلاة خير من النوم، في صلاة الصبح هل هذا القول في الأذان الأول أم الأذان الثاني؟ مع توضيح الأدلة، جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 371. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 319 ج: الأفضل أنه في الأذان الأخير عند طلوع الفجر لأنه موعد الصلاة هنا الفريضة، وهي تجب بعد طلوع الفجر، فالأولى أن يكون في الأذان الأخير، ومما يدل على هذا أن عائشة رضي الله عنها كما في البخاري أخبرت «أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع النداء في أذان الفجر كان يقول فيه: الصلاة خير من النوم إذا سمع ذلك صلى ركعتي الفجر ثم خرج يصلي بالناس، (1)» فدل هذا القول أنه يقول في الأذان الأخير الذي بعد طلوع الفجر ولأن هذا هو الأنسب؛ لأن المراد صلاة الفريضة، أما صلاة الليل فقد يكون النوم خيرا منها إذا كان يشق عليه القيام، الإنسان ينام في الليل حتى يستطيع أن يصلي الفريضة، المقصود أن قول الصلاة خير من النوم يكون في الأذان الأخير الذي يؤتى به بعد طلوع الفجر، هذا هو الأولى هذا هو الأرجح.   (1) سنن الترمذي الصلاة (198)، سنن النسائي الأذان (647)، سنن أبي داود الصلاة (504)، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (716)، مسند أحمد (4/ 43)، سنن الدارمي الصلاة (1192). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 320 س: أخبروني عن هذه الجملة في الأذان وهي: الصلاة خير من النوم. هل هي في الأذان الأول أم في الأذان الثاني (1)؟ ج: هذه الجملة في الأذان الثاني عند طلوع الفجر كما بينته عائشة رضي الله عنها، وجاء ذكرها في عدة أحاديث، ويسمى الأذان الأول،   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 324. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 320 والإقامة هي الأذان الثاني. أما الأذان الأول الذي يؤذن به بعض الناس في آخر الليل فهذا لتنبيه القائم وإيقاظ النائم، كما في الحديث الصحيح حديث بلال: «ليوقظ نائمكم (1)» أمره النبي صلى عليه وسلم أن يؤذن بليل، يقول صلى الله عليه وسلم: «فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإن بلالا يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويعلم قائمكم (2)» يعني بقرب الفجر حتى يستعد للفجر.   (1) سبق تخريجه. (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 321 121 – حكم قول "الصلاة خير من النوم" عند الأذان الأول من الفجر س: لدينا في قريتنا جماعة أنصار السنة المحمدية، ولهم مسجد، وفي أذان الفجر يقولون: الصلاة خير من النوم، في الأذان الأول علما بأن المساجد تقولها في الأذان الثاني، وبسؤالنا لهم قالوا لنا: هذا هو الأصل، حيث إنهم قدموا لنا الدليل من كتاب زاد المعاد، قلنا لهم هذا رأي الإجماع كما قال العلماء، فقالوا: إذا كان الإجماع مخالفا للأصل فلا يتبع. أرجو أن تفيدونا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 321 بالصواب، جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس في المسألة إجماع فيما نعلم وإذا فعلوا ذلك في الأول أو في الثاني فلا حرج إن شاء الله، المهم أنه لا يكون في الاثنين يكون في أحدهما حتى لا تلتبس الأمور على الناس، والأفضل أن يكون في الأخير، هذا هو الأفضل؛ لأن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه في الأخير وهو الأذان بعد طلوع الفجر، وسمي في بعض الأحاديث الأول؛ لأنه الأول بالنسبة إلى الإقامة، ولهذا ظن إخواننا من أنصار السنة أن الأول يكون قبل الفجر وليس الأمر كذلك، الأول هو الذي بعد طلوع الفجر، سمي أولا لأنه بعده الأذان الثاني وهو الإقامة، وهكذا جاء في حديث أبي محذورة الأول، وأبو محذورة يؤذن بعد الصبح، فسمي أولا في أذانه، يعني خلاف الأذان الأخير وهو الإقامة، وهكذا أخبرت عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري أن الأذان الأول هو الأذان الذي بعد طلوع الفجر الذي بعده تصلى الراتبة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الراتبة ثم يذهب إلى الصلاة، سمته أولا لأن بعده الأذان الثاني وهو الإقامة، فينبغي أن يفهم هذا جيدا حتى يزول الإشكال، وحتى تجتمع الكلمة بين إخواننا في   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 181. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 322 السودان، فيكون قول: الصلاة خير من النوم في الأذان الأخير عند الجميع حتى لا يختلفوا وهذا هو الأفضل والأولى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 323 122 – حكم قطع المؤذن أذانه لعذر س: إذا أذن مؤذن في البلدة أذان الفجر الأول والثاني، وجاء في اليوم الثاني فعندما أذن الأذان الأول قاموا برشقه بالحجارة أهل البلد، هل يجوز قطع الأذان ليدافع عن نفسه أم ماذا يعمل (1)؟ ج: يستحب أن يكون هناك أذان أول للصبح حتى ينتبه الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في أذان بلال قبل الصبح: «ليوقظ نائمكم، ويرجع قائمكم (2)» للتنبيه إلى أن الصبح قريب، أما الأذان الواجب فهو بعد الصبح، هذا فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، إذا طلع الفجر يؤذن حتى يعلم الناس طلوع الفجر، وحتى يحضروا لصلاة الجماعة في المساجد، والذي يؤذي من يؤذن للأول هذا له حالان: إحداهما أن يكون الأذى يمكن تلافيه بعد فراغ الأذان، فهذا يكمل أذانه   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 176. (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 323 ولا بأس، أن يشتكيهم، أما إذا كانوا يؤذونه في الأذان ربما ناله الحجر، ربما أصابوه فله أن يقطع الأذان ويدافع عن نفسه، ولا حرج في ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 324 123 – حكم تعطيل المسجد من الأذان س: أنا أسكن في إحدى القرى، ومحافظ - والحمد لله - على أداء الصلوات في المسجد، وبعد حضوري لهذه المنطقة في المملكة، وهي منطقة القصيم توجهت إلى المسجد لأداء الصلاة، وبعد أن جلست في المسجد مدة طلب مني أحد المواطنين بأن أؤذن لأن المسجد ليس به مؤذن، فقمت على الفور وأديت الأذان، وظللت مدة أؤذن حين لم يحضر المؤذن، وفي يوم من الأيام أذنت لصلاة العشاء فحضر الإمام وقال: من أذن؟ فقلت له: أنا. فقال: لا نريد أحدا أن يؤذن. فمن ذلك اليوم لم أؤذن حتى ولو طلب مني علما بأنني متعلم والحمد لله، ولا أشك في أداء الأذان، أرجو أن تفيدوني لأن هذا الإمام حرمني أجرا عظيما، علما بأنني لا أتقاضى شيئا مقابل هذا الأذان، وما فضل الأذان؟ وما حكم هذا الإمام بالنسبة لي (1)؟   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 16. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 324 ج: الأذان فرض كفاية، والواجب على أهل المسجد أن يؤذن أحدهم، إذا لم يكن هناك مؤذن من وزارة الأوقاف فالواجب أن يؤذن أحدهم، فإذا أذن أحدهم كفى؛ لأنه فرض كفاية وهو يقيم أيضا فالإقامة والأذان فرض كفاية، إذا قام به واحد منهم كفى، أما تركهم للمسجد بدون أذان فهذا لا يجوز اللهم إلا إذا كان قربه مسجد آخر يكتفى بأذانه؛ لأنه يعم جيران المسجد هذا ويسمعونه، فهذا قد يقال بإجزائه، ولكن لا بد أن يقيم أحدهم الإمام أو غيره يقيم الصلاة وبكل حال، فلا ينبغي ترك الأذان بل ينبغي لأهل المسجد أن يؤذنوا فيه من الجماعة، وإذا كان السائل يتبرع بذلك ويقيم الأذان فلا ينبغي للإمام ولا لغيره أن يمنعه من ذلك إلا إذا وجدوا من يقوم مقامه فلهم النظر في ذلك، الإمام ينظر في ذلك والجماعة، فيعينون من يحصل به المقصود من أداء هذه الفريضة، أما أن يعطلوا الأذان بالكلية فهذا لا يجوز ويأثمون بذلك، فالواجب أن يؤذن واحد منهم ممن يقيم الأذان - يعني يحسن الأذان - فإذا لم يتيسر واحد منهم سمحوا لهذا السائل المتبرع - وجزاه الله خيرا - يجب عليهم أن يسمحوا له بأن يؤذن أو يقوموا بالأذان هم، أما تعطيل المسجد بدون أذان فهذا لا يجوز. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 325 124 - حكم الاكتفاء بالأذان في المسجد الكبير دون غيره من المساجد س: إذا كنا نصلي في مسجد صغير ونسمع أذان مسجد كبير، فهل السنة أن يؤذن في هذا المسجد الصغير أم نكتفي بالأذان الذي سمعناه بالمسجد الكبير (1)؟ ج: ما دام المسجد يصلى فيه فالسنة أن يكون فيه أذان، ويكون فيه إقامة ولو سمعتم أذان المسجد الآخر، فإن المساجد في الغالب ولا سيما مع المكبرات يسمع بعضهم بعضا، فالسنة أن كل مسجد يؤذن فيه ويقام فيه، فقد يتعطل هذا أو يتعطل هذا فالحاصل أن السنة أن يؤذن في كل مسجد وأن تقام فيه الصلاة، ومن سمع الأذان في أي مسجد أجابه.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 38. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 326 125 – حكم الاكتفاء بأذان واحد في المدينة وينقل عبر المذياع س: السائل يقول: سماحة الشيخ، إذا كنت في مدينة لا يؤذن فيها إلا مؤذن واحد ويذاع ذلك الأذان من خلال المذياع ومكبر الصوت في جميع مساجد تلك المدينة فما حكم هذا الأذان وهل أردد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 326 معه، وهل يجزئ أم لا بد أن يؤذن كل شخص لنفسه (1)؟ ج: إذا كان يعم المساجد يردد معه أي يجاب، إذا كان جعل سماعات للمساجد أخرى يسمعونه ويجيبونه ويكتفى به ولكن الأفضل أن يكون كل مسجد له مؤذن، كل مسجد له مؤذن ومقيم لكن لو قلت: إن قرية من القرى جعل مؤذن واحد في أحد مآذنها وجعلت مكبرات أخرى في مساجد يسمعون وجب شرعا الإجابة لهذا المؤذن حيث يقول ما يقول، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم لما قالوا: يا رسول الله، إن المؤذنين يغلبوننا، قال: «فقولوا كما يقولون، ثم سلوا الله لي الوسيلة، ثم صلوا علي فإن من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن كون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (3)» المقصود أنه إذا كان الأذان يسمع من المساجد فإنهم يجيبونه ويصلون على النبي بعد النهاية،   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 368. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (3) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 327 ويدعون له بالوسيلة: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه اللهم المقام المحمود الذي وعدته. وهكذا من كانوا في البيوت والطرقات إذا كانوا يسمعون يجيبون مثل ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول (1)» اللهم صل عليه وسلم.   (1) صحيح البخاري الأذان (611)، صحيح مسلم الصلاة (383)، سنن الترمذي الصلاة (208)، سنن النسائي الأذان (673)، سنن أبي داود الصلاة (522)، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (720)، مسند أحمد (3/ 78)، موطأ مالك النداء للصلاة (150). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 328 س: هذا سائل للبرنامج من الأردن يقول: ما حكم الأذان الموحد ومثال ذلك أن يوضع جهاز راديو يربط على مسجد ويؤذن ذلك المسجد ويبث الأذان إلى أكثر من مائتي مسجد هل يجوز ذلك؟ وحديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «المؤذنون أطول أعناقا يوم القيامة (1)». (2) ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك لا أعلم به بأسا أما إذا وجد المؤذنون فالسنة أن يكون لكل مسجد مؤذن هذا هو السنة لما في رفع الأذان من الخير والمصالح العظيمة والأجر للمؤذنين للحديث المذكور وغيره،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه، برقم (387). (2) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 416. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 328 فالسنة أن يكون لكل مسجد مؤذن معروف بالأمانة وحسن الصوت هذا هو المشروع، وهذا هو المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد من بعده من الخلفاء الراشدين والسلف الصالح إلى يومنا هذا، السنة أن يكون لكل مسجد مؤذن، لكن لو وجد حاجة لهذا بأن لم يوجد مؤذنون ودعت الحاجة إلى بث الأذان لعدة مساجد للحاجة إلى هذا فلا أعلم به بأسا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 329 126 - حكم الاكتفاء بسماع الأذان من شريط المسجل س: إذا سجلت صوت أحد المؤذنين في بيت الله الحرام لأن أصواتهم جميلة جدا، ووضعت المسجل أمام الميكروفون وقت الأذان، ثم خرج من المسجل بواسطة الميكرفون، فهل يجوز ذلك أم لا؟ وفقكم الله (1) ج: لا ينبغي هذا الأذان في المسجد الحرام أما كونه ينقله لبلدان أخرى لا يصح، ولا يجعله على الميكرفون حتى يسمعه الناس، هذا يشوش على الناس ويحصل فيه تلبيس، فكل بلد لها أذانها ولها وقتها   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 35. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 329 ومؤذنوها يكفونها، أما أنه ينقل أذان شخص من مكة إلى الرياض أو إلى كذا وكذا فلا يصح. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 330 س: إن بعض المؤذنين لا يتقيدون بتوقيت واحد في الصلوات الخمس وخاصة صلاة الفجر بالرغم أن هناك توقيتا معمولا لكل مدينة، فماذا تنصحونهم به؟ وفقكم الله (1) ج: ننصح المؤذنين بأن يتقيدوا بالوقت دائما الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر هذا هو الواجب عليهم يجب عليهم أن يتقيدوا بالوقت، وأن يتحروا دخول الوقت، ولا يقلدوا التقويمات لأن فيها أخطاء وأغلاطا ينبغي لهم العناية والحرص على ضبط الوقت الظهر يعرف بزوال الشمس، والغروب بغروب الشمس في المغرب، والعشاء بغروب الشفق، والفجر بطلوع الفجر ينبغي أن يتحروا إذا أمكنهم ذلك فإذا ما أمكنهم ذلك يضبطون التقويم ويتحرون صحة التقويم، وإذا كان التقويم يبكر أخروا عنه زيادة خمس دقائق، عشر دقائق حسبما يتضح لهم بالتجارب، وهكذا حتى يضبطوا الأمر بشيء واضح إن كان التقويم يتأخر ضبطوا التأخر وتقدموا عليه، وإن كان التقويم يبكر قبل الوقت ضبطوا النقص   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 9. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 330 الذي في التقويم وزادوه من بعد التقويم، ثم أذنوا على البصيرة، فالحاصل أن الواجب عليهم التحري للوقت بكل عناية؛ لأن الناس في ذمتهم، وهم أمناء في الصلاة وفي الفطر في رمضان، فالواجب عليهم التحري للوقت والعناية، وهو في الظهر وفي العصر وفي المغرب والعشاء والفجر بين بحمد الله إذا اعتنوا الظهر بزوال الشمس بعد فيء الزوال، إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر، والعصر إذا صار ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال دخل وقت العصر، والمغرب بغروب الشمس، والعشاء إذا غاب الشفق الأحمر الذي من جهة المغرب، والفجر بطلوع الفجر المستطيل في الأفق المعترض الصادق المنتشر، هذا هو الفجر الصادق، فالواجب عليهم التحري في هذه الأشياء بالعين أو بالتقويم المضبوط الذي قد درس واعتني به وعرف مطابقته للوقت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 331 127 - حكم تأخير الأذان لمدة خمس دقائق س: هل يجوز تأخير الأذان خمس دقائق لعذر (1)؟ ج: الأمر واسع، خمس دقائق قليلة لا يضر إذا شغل بشيء، ولكن   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 298. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 331 الأحرى والأولى للمؤمن أن يحافظ حتى يؤذن مع الناس، والتأخير خمس دقائق ثلاث دقائق، لا يضر إن شاء الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 332 128 - بيان المدة بين الأذان الأول والثاني من الفجر س: كم يكون الوقت الفارق بين الأذان الأول والأذان الثاني سماحة الشيخ (1)؟ ج: الأفضل أن يكون قريبا، جاء في بعض الروايات أنه ليس بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا - يعني: قريب - يكون الأذان قبل نصف ساعة أو ما يشبه ذلك حتى ينتبه الناس أن الوقت قريب والذي في الصلاة حتى يبادر بالإيتار ونحو ذلك، أما الأذان في منتصف الليل أو في الواحدة ليلا فلا ينبغي بل يكون قريبا من الفجر حتى تحصل الفائدة من التنبيه.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 176. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 332 129 - حكم إعادة الأذان لمن فاتته صلاة الجماعة س: يقول السائل: إذا أذن المؤذن ولم أسمعه وفاتتني صلاة الجماعة هل يجب علي الأذان (1)؟   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 288. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 332 ج: يكفي أذان المسلمين، تقيم وتصلي فقط، لا حاجة إلى أذان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 333 س: ما رأي سماحتكم إذا حان وقت الصلاة وتوجهت للمسجد ووجدت الجماعة قد أدوا الصلاة، هل يجب علي الأذان والإقامة أم أقيم فقط، وإذا صليت بدون ذلك هل صلاتي تعتبر صحيحة سواء سمعت الأذان أم لم أسمع (1)؟ ج: السنة لك أن تقيم، أما الأذان فلا، قد سبق الأذان والحمد لله، فإن صليت بدون إقامة فلا حرج، صلاتك صحيحة.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 211. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 333 130 – حكم الإقامة عند كل صلاة س: هل الإقامة واجبة عند كل صلاة (1)؟ ج: الإقامة والأذان فرضا كفاية يجب على المصلين أن يكون واحد منهم يؤذن ويقيم، فلو صلوا بلا أذان ولا إقامة صحت الصلاة مع الإثم، الواجب أن يؤذنوا ويقيموا لكن لو صلوا بدون أذان وبدون إقامة، أو بدون إقامة أذنوا ولم يقيموا صحت الصلاة لكن مع الإثم؛ لأن الرسول   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 187. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 333 صلى الله عليه وسلم كان يؤذن، أمر بلالا يؤذن وغيره من المؤذنين، ويقيم وقد استقرت الشريعة على أنه لا بد من أذان وإقامة في الصلوات الخمس خاصة أما العيد فليس له أذان ولا إقامة وهكذا صلاة الاستسقاء ليس لها أذان ولا إقامة، لكن هذا في الصلوات الخمس، إذا دخل الوقت وجب الأذان في البلد وعلى المسافرين كذلك وعند الدخول في الصلاة يقيم الإقامة المعروفة وهذا كله فرض كفاية إذا أقامه واحد منهم من أهل البلد أو من الجماعة في السفر سقط عن الباقين لكن لو تركوه ولم يفعلوا أثموا كلهم والصلاة صحيحة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 334 131 - حكم إطلاق كلمة الأذان على الإقامة س: الإقامة هل تعتبر أذانا (1)؟ ج: نعم تسمى أذانا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة (2)» والأفضل أن يجيبوا المقيم كالمؤذن يكبرون معه، يتشهدون معه، وإذا قال: حي على الصلاة، يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 35. (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 334 قال: قد قامت الصلاة، يقولون: قد قامت الصلاة، مثل المقيم: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ثم يأتي بعد هذا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة. كالأذان سواء هذا هو الأفضل أما قول: أقامها الله وأدامها أو: اللهم أقمها وأدمها. فهذا لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه حديث ضعيف لا يصح، والسنة أن يفعلوا بالإقامة مثل ما يفعلون بالأذان سواء بسواء إلا أن في الإقامة يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. مثل صلاة الفجر يقول: الصلاة خير من النوم. يقول المتابع: الصلاة خير من النوم. مثل المؤذن؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إذا أذن المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1)» وبعضهم في أذان الفجر عند قول المؤذن: الصلاة خير من النوم. يقولون: حقا الصلاة خير من النوم. وبعضهم يقول: صدق الله ورسوله. وبعضهم يقول: صدقت وبررت. والصواب أن يقولوا مثلما يقول المؤذن: الصلاة خير من النوم. لا يزيد شيئا، هذا هو الأفضل عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 335 132 - حكم الصلاة بدون إقامة س: هل تصح الصلاة بدون إقامة أم لا (1)؟ ج: نعم تصح، ولكنه يأثم إذا ترك الإقامة لأنها فرض كفاية، فإذا تركها يأثم ولكن الصلاة صحيحة، وهكذا الأذان فرض كفاية فلو صلوا بدون أذان ولا إقامة صحت صلاتهم، لكن يأثمون؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالأذان والإقامة.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 219. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 336 133 - حكم الأذان والإقامة للمنفرد س: إذا صلى الإنسان منفردا فهل عليه أن يؤذن ويقيم أم ليس عليه بواجب (1)؟ ج: نعم، إذا صار في السفر مثلا أو في بلد ليس فيها أحد شرع له الأذان والإقامة، شرع له أن يؤذن ويقيم، أما الوجوب ففيه نظر لكن يشرع له أن يقيم وأن يؤذن، وهكذا في السفر ولو وحده يؤذن ويقيم.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 187. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 336 س: أصلي الفروض أحيانا كثيرة لوحدي نظرا لعدم وجود مسجد بالقرب مني ولكن هل يلزمني الأذان والإقامة لكل صلاة أم يجوز أن أصلي بدون أذان أو بدون إقامة (1)؟ ج: السنة أن تؤذن وتقيم هذه السنة، أما الوجوب ففيه خلاف بين أهل العلم، ولكن الأولى بك والأحوط لك أن تؤذن وتقيم؛ لأنه مدعوم بالأدلة، ولكن يلزمك أن تصلي مع جماعة مهما أمكن إذا وجدت جماعة أو سمعت النداء في مسجد بقربك فعليك أن تجيب المؤذن، وأن تحضر مع الجماعة فإن لم تسمع النداء ولم يكن بقربك مسجد فالسنة أن تؤذن أنت وأن تقيم.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 48. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 337 س: إذا فاتتني صلاة الفجر ولم أستيقظ إلا في الثامنة صباحا فهل أؤذن وأقيم أم أصلي بدون أذان ولا إقامة، وما حكم الراتبة حينئذ؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: تصلي الراتبة ثم تصلي الفريضة وتقيم للفريضة ولا حاجة للأذان   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 289. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 337 في هذا، تكفي الإقامة، أما إذا كنتم جماعة مؤذنون ويقيمون مثل أناس في السفر ناموا فإنهم إذا استيقظوا يؤذنون ويقيمون كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو كنت في السفر أنت وحدك كذلك ونمت عن الفجر ولم تستيقظ إلا بعد الشمس أو قبل الشمس تؤذن وتقيم وتصلي الراتبة أما في الحضر بين الناس فالأقرب - والله أعلم - يكفيك الإقامة إن شاء الله، ولا حاجة للأذان؛ لأن الحضر قد أذنوا، المساجد قد أذنوا صلوها في وقتها فأنت تقيم فقط، وهذا يكفي إن شاء الله في الحضر تقيم الصلاة بعد ما تصلي الراتبة تقيم وتصلي الفريضة ولعل هذا يكفي إن شاء الله عن الأذان، ولو أذنت أذانا لا يسمع من الخارج أذانا لا يشوش على الناس ولا يستنكر في محلك فلا أعلم فيه بأسا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لما نام عن الصلاة في السفر، أمر بالأذان وبالإقامة وصلى الراتبة، وصلى الفريضة، لكن في الحضر وبين الناس لا، لعله يكفي الإقامة إن شاء الله؛ لأن المساجد قد أذن أهلها وصلوا الصلاة في وقتها والحمد لله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 338 134 – حكم صلاة من نسي الأذان والإقامة س: لو نسي الرجل الأذان أو الإقامة فما الحكم (1)؟   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 21. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 338 ج: لو نسي فلا يضر حتى لو تركها عمدا صلاته صحيحة، لكنه يأثم إذا تركه في الجماعة إذا كانوا اثنين أو ثلاثة ولم يؤذنوا في السفر أو في القرية التي ما فيها إلا هم في مسجدهم، ولم يؤذنوا أثموا وهكذا إذا لم يقيموا لكن الصلاة صحيحة؛ لأن هذا الواجب خارج الصلاة لا يبطلها وليس في داخلها بل هو خارج منها فإذا ترك المسلم الأذان وترك الإقامة فالصلاة صحيحة لكنه قد يأثم إذا كان في جماعة تركوا الأذان يأثمون جميعا، أما إذا كان واحدا ففي تأثيمه نظر إذا كان في السفر واحد لحاله كونه يؤذن ويقيم هذا هو السنة، لكن لو ترك ذلك هل يأثم أو لا يأثم محل نظر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لمالك بن الحويرث وصاحبه: «إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما (1)» وفي لفظ: «فليؤذن أحدكما (2)» الحاصل أن الأذان مطلوب من الجميع، حتى من الاثنين، والواحد كذلك مطلوب منه الأذان؛ لأنه شعيرة معروفة للصلاة ومعروفة في حق الرجال، فلا ينبغي تركه حتى للواحد في السفر أو في القرية إذا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب اثنان فما فوقهما جماعة، برقم (658)، مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (674). (2) أخرجه النسائي في كتاب الأذان، باب إقامة كل واحد لنفسه برقم (669). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 339 كان ما فيها إلا هو، يستحب له أن يؤذن ويقيم، أما إذا كانا اثنين فأكثر وجب الأذان والإقامة، يؤذن واحد منهما ويقيم أحدهما، المؤذن أو غيره. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 340 س: السائل: ح. ص، يقول: ما حكم من نسي إقامة الصلاة ولم يذكر إلا بعد قطع التكبيرة، هل يكمل الصلاة أم ماذا يفعل؟ وما حكم الصلاة التي صلاها بدون إقامة؟ وجهونا سماحة الشيخ (1) ج: لا حرج عليه في ذلك تسقط الإقامة - والحمد لله - لأنها فرض كفاية، فإذا لم يقم الصلاة فلا حرج عليه، وصلاته صحيحة، ولا ينقضها لأجل الإقامة، بل يستمر ويكملها، والحمد لله.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 408. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 340 135 – حكم من نسي قول "الصلاة خير من النوم" في أذان الفجر س: يقول هذا السائل: أنا في بعض المرات أنسى في أذان الفجر قول: الصلاة خير من النوم. وأذكر بعد أن أنتهي من الأذان، ماذا علي في ذلك (1)؟ ج: قول: الصلاة خير من النوم. في أذان الفجر، فإذا ذكرتها قريبا فأت   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 408. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 340 بها ثم أعد: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. وإذا أعدت الأذان كله فهو طيب وحسن؛ لأنها سنة مهمة، يعرف بها أذان الفجر، وطلوع الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تجعل في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 341 136 – الأفضل أن يقيم من أذن س: يوجد عندنا من يقول: الذي يؤذن هو الذي يقيم الصلاة، وتوجد عندنا ظاهرة قراءة آية الكرسي قبل التسبيح الذي بعد الصلاة، ما رأيكم في هذا (1)؟ ج: الأفضل أنه يتولى الإقامة من يتولى الأذان هذا هو الأفضل ولو أقام غيره فلا حرج، ولكن الأفضل أن المؤذن هو الذي يقيم كما كان بلال يؤذن ويقيم رضي الله عنه، لكن لو أقام غيره بأن شغل المؤذن أو سمح بأن يقيم غيره فلا بأس بذلك، وكذلك ظاهرة قراءة آية الكرسي قبل التسبيح لا حرج في ذلك، الرسول صلى الله عليه وسلم ندب إلى قراءة آية الكرسي بعد الصلاة، فإن قرأها قبل الذكر فلا بأس لكن الأفضل أن   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 119. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 341 تكون بعد الذكر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر الله بعد السلام، فالأفضل أن يبدأ بالذكر ثم يأتي بها سرا بعد الأذكار هذا هو الأفضل، ويقرؤها سرا بينه وبين نفسه لا جماعيا يقرؤها الإنسان بعد السلام وبعد الذكر سرا بينه وبين نفسه، ولا يقرؤها جماعيا مع الناس، لا يجوز قراءتها جماعيا، فهو بدعة، لكن تقرأ بينه وبين نفسه بعد الأذكار، وكذلك قراءة: قل هو الله أحد والمعوذتين يقرؤها بينه وبين نفسه بعد كل صلاة وبعد الفجر ثلاثا وبعد المغرب ثلاثا أما بعد الظهر والعصر والعشاء فمرة واحدة بينه وبين نفسه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 342 137 - بيان جواز أن يأتي بلفظ الإقامة كالأذان س: إننا نعيش في مؤسسة وكثير من العاملين فيها من الأتراك المسلمين جزاهم الله عنا خيرا، هؤلاء الأتراك مسلمون بمعنى الكلمة يحضوننا على الصلاة، ويؤذنون ويقيمون ويؤموننا في الصلاة، لكن المؤذن عندهم يقيم الصلاة كالأذان - أي إنه يأتي بالإقامة كالأذان بالضبط - فهل هذا جائز أم لا؟ وفقكم الله (1)   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 41. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 342 ج: لا حرج في ذلك؛ لأن الأذان جاء على نوعين: نوع بالتكبير في أوله أربع والشهادتين، الشهادة مرتين مرتين، والتكبير في آخره مرتين، والحيعلة كل واحدة مرتين، وجاءت الإقامة على نحوه في حديث أبي محذورة وجاء في حديث أنس في أذان بلال الإيتار في الإقامة، فمن أوتر الإقامة فهو أفضل على حديث بلال، وإقامة بلال: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. هذا هو الأفضل كما جاء في أذان بلال وفيما رواه عبد الله بن زيد لما أري الأذان فمن أتى بالإقامة على شبه الأذان فلا بأس؛ لأن هذا جاء في حديث أبي محذورة: علمه الإقامة كما علمه الأذان عليه الصلاة والسلام فالأمر في هذا واسع من باب اختلاف التنوع، والأذان كذلك تنوع لأنه جاء فيه كما تقدم، وجاء فيه إعادة الشهادتين مرة أخرى يأتي بها بصوت خفي ليس بجهوري وليس برفيع جدا ثم يأتي برفع الصوت بذلك مرة أخرى بالشهادتين أرفع من اللفظ الأول، وهذا يسمى ترجيعا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 343 138 – حكم التكلف واللحن في الأذان س: يلاحظ أن كثيرا من المؤذنين يمططون الأذان، آمل التوجيه (1) ج: ينبغي للمؤمن في أذانه أن يكون سمحا غير ممطط ولا متكلف، وهكذا في الإقامة، السنة في ذلك ألا يلحن فيه وأن يحفظه أيضا من اللحن، لا يلحن ولا يلحن، اللحن كونه يخل بالإعراب، كأن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله - بفتح اللام - والمشروع أن يقول: أن محمدا رسول الله؛ لأن رسول الله خبر أن مرفوع، هذا إذا نصب يكون من اللحن، وإن كان لا يخل بالمعنى في الحقيقة؛ لأن مقصود المؤذن الإخبار بأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام ولأن بعض أئمة اللغة ينصبون المعمولين، لكن هذا لحن عند جمهور أئمة اللغة وعند جمهور العرب، العرب ينصبون الاسم ويرفعون الخبر في أن، كذلك من اللحن أن يقول مثل: اهدنا الصراط المستقيم - يكسرها - هذا غلط بكسر المفعول، فالمفعول منصوب: الصراط، لكن لا يخل بالمعنى فلا يضر في الأذان أن يقول مثلا: حي على الصلاة، أو: حي على الفلاح. لا يخل بالمعنى لكن ينبغي أن يكون فاهما عربيا لا يلحن في الأذان وأما التلحين وهو   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 76. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 344 تمطيطه كأنه يغني، هذا مكروه لا ينبغي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 345 139 - حكم استقبال القبلة عند الأذان س: هل يجب على المؤذن أن يكون مستقبلا للقبلة حين الأذان (1)؟ ج: هو السنة، ولكن ليس هو واجبا، ولكن هو السنة.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 374. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 345 140 – حكم الأذان بغير وضوء س: هل يصح الأذان بغير وضوء (1)؟ ج: نعم الصحيح أنه لا بأس الأذان والإقامة جميعا ثم يتوضأ لكن الأفضل أن يؤذن على وضوء ويقيم على وضوء لكن لو أذن على غير وضوء ثم أقام على غير وضوء صح وإقامته صحيحة، والنقص عليه هو عندما يقوم ليتوضأ حيث يفوته كثير من فضل الصلاة والجماعة، ونصيحتي للمؤذنين - وهو السنة - أن يؤذنوا على وضوء وأن يقيموا على وضوء هذا هو السنة، جاء في حديث ضعيف: «لا يؤذن إلا متوضئ (2)»   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 352. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب كراهية الأذان بغير وضوء، برقم (200). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 345 لكنه ضعيف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 346 س: ما حكم من يؤذن للصلاة بدون وضوء (1)؟ ج: الأذان ليس من شرطه الوضوء إذا أذن وهو على غير وضوء أجزأ حتى ولو كان على جنابة، الأذان ليس بقرآن، وإنما هو ذكر والنبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه والمسلم يذكر الله دائما حتى ولو كان على جنابة وحتى الحائض تذكر الله والنفساء تذكر الله والأذان من ذكر الله، فإذا أذن وهو على جنابة أو أذن وهو على غير وضوء فأذانه صحيح لكن الأفضل أن يكون على طهارة، أما حديث: «لا يؤذن إلا وهو متوضئ (2)» فهو حديث ضعيف، فالسنة والأفضل أن يكون حين الأذان على طهارة كاملة للحدثين هذا هو الأفضل ولكن لو أذن وهو على جنابة أو أذن وهو على غير طهارة من الحدث الأصغر فأذانه صحيح ولا حرج في ذلك.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 41. (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 346 141 – حكم الأذان بالنعال س: هل الأذان والرجل لابس الحذاء مكروه أم حرام؟ نرجو الإفادة، ولكم من الله الشكر (1) ج: الأذان والإنسان لابس نعليه ليس فيه بأس، لا مكروه ولا حرام، بل جائز ولا بأس به، يصلي في نعليه فكيف الأذان؟ الرسول عليه الصلاة والسلام صلى في نعليه، والأذان غير الصلاة، فإذا كانت قد جازت الصلاة في النعلين فالأذان من باب أولى، فالحاصل أنه لا حرج في ذلك.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 32. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 347 142 – حكم الإنابة في الأذان بدون أجرة س: يقول السائل: أنا مؤذن، والآن أنبت ابني في الأذان، وأنا الذي أستلم الراتب، فهل يجوز هذا (1)؟ ج: إذا كانت الجهات المسئولة التي أنت ترجع إليها ترضى بهذا فلا مانع من ذلك إن كان ولدك يصلح لذلك عدلا يقيم الأذان، فإذا كان ولدك يقيم الأذان ويصلح لهذا الأمر والجهة المسئولة التي وظفتك ترضى بذلك   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 244. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 347 فلا بأس. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 348 143 - حكم أخذ الأجرة على الأذان س: أنا رجل أشغل وظيفة مؤذن بمسجد، ولي مرتب من الأوقاف، ويقال لي: إنك استلمت راتبا فليس لك أجر. وأنا لا أرغب ذلك وإنما أرغب الأجر من الله أحسن من الراتب علما أني في حاجة إلى هذا الراتب حيث ليس لي أي دخل آخر، ولكن أفضل أجر الآخرة على أجر الدنيا (1)؟ ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعثمان بن العاص رضي الله عنه لما سأله أن يكون إمام قومه، قال: «أنت إمامهم واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا (2)» فدل ذلك على أن المؤذن الذي يتبرع بالأذان يتطوع به يريد ما عند الله أنه أفضل وأولى من غيره، لكن ذكر العلماء أن الذي يعطى من بيت المال ما يعينه على ذلك لا   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 27. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب أخذ الأجر على التأذين، برقم (531)، والنسائي في المجتبى في كتاب الأذان، باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجرا، برقم (672). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 348 حرج عليه في ذلك ولا بأس عليه؛ لأن بيت المال لمصالح المسلمين، وهكذا الأوقاف التي يوقفها المسلمون على المؤذنين والأئمة لا حرج عليهم إذا أخذوا منها ما يعينهم على هذا العمل الصالح فإذا أخذت أيها السائل من بيت المال المخصص للأوقاف ما يعينك فلا حرج عليك، ونرجو أن يكون لك الأجر كاملا لأنك تأخذ شيئا يعينك على هذا الواجب وعلى هذا العمل الصالح، وربما لو تركت ذلك لتركت هذا العمل لالتماس الرزق قد يتعطل العمل، فالحاصل أن المؤذن إذا دفع إليه ما يعينه على أداء الأذان لحاجته إليه فلا حرج عليه في ذلك؛ لأن الأذان يحبسه يحتاج إلى أوقات فإذا أخذ ما يعينه على ذلك فلا حرج عليه في ذلك لكن من وسع الله عليه وأحب أن يعمل من دون شيء من بيت المال فذلك أفضل وأكمل؛ لأنه حينئذ تكون قربته كاملة ليس فيها شيء من النقص بل عمل عمله لله، يعني كاملا ومن دون شائبة، أما من أخذ من بيت المال فلا حرج عليه؛ لأن بيت المال للمسلمين عامة ولا سيما المصالح كالأذان والإمامة وأشباه ذلك، وهكذا الأوقاف التي توقف على المؤذنين والأئمة هذه كلها من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب تسهيل الإمامة والأذان؛ لأنه ليس كل واحد يتفرغ لهذا الشيء فإذا أمنت حاجته كان هذا أدعى إلى أن يلتزم ويقوم بهذا الأمر العظيم الواجب، أما الجزء: 6 ¦ الصفحة: 349 هذا الأجر الذي يساق اليوم للمؤذنين فالذي يظهر أنه غير داخل في الحديث السابق ذكره، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يؤاجر فيقول: لا أؤذن إلا بأجر. يأخذ أجرا على ذلك - يعني مشارطة بينه وبين أهل المسجد أو بينه وبين بعض الناس الآخرين - فهذا هو الأقرب في ظاهر النص، أما المال الذي يعطاه من بيت المال كما يعطى لمدرس ويعطى الإمام ويعطى المجاهدون هو غير داخل في هذا إن شاء الله، لكن لا شك أن الذي يريد ألا يأخذ شيئا بالكلية وأن يتفرغ لهذا الشيء من جهة نفسه لأن الله قد أعطاه مالا ووسع عليه فهذا أكمل في الإخلاص. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 350 144 – حكم الأذان لغير الصلاة س: هل يسن الأذان في غير الصلاة كالأذان في أذن المولود وعند الحريق وعند تزاحم الجيش وعند المصروع وعند الغضبان وغير ذلك؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1) ج: أصل الأذان للصلاة إعلام بالصلوات الخمس، هذا هو الأصل، والجمعة منها، ويشرع الأذان في أذن الصبي عند تسميته يوم السابع أو قبل   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 103. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 350 أو بعد في اليمنى والإقامة في اليسرى وإن سموه بدون ذلك فلا بأس ولكن الأفضل أن يؤذن في الأذن اليمنى ويقام في اليسرى، وهكذا الأذان عند رؤية غول أو شبح من الجن كما في الحديث: «إذا تغيلت الغيلان فبادورا بالأذان (1)» إذا رأى شيئا من الجن فإنه يؤذن فإن الأذان يطردها، وذكر الله يطردها والتكبير عند الحريق، لأنه ما ورد الأذان، وإنما ورد التكبير عند الحريق هذا هو الذي نعلم في هذا الأمر.   (1) أخرجه أحمد في مسنده مسند جابر بن عبد الله، برقم (13865). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 351 145 - حكم الأذان والإقامة للمرأة س: هل يلزم المرأة أذان أو إقامة عند الصلاة (1)؟ ج: الرجل عليه أن يؤذن ويقيم، هذا المشروع له أن يؤذن ويقيم ولو كان واحدا وهو فرض كفاية على الجماعة إذا قام به واحد منهم سقط عن الباقين، إذا أذن واحد وأقام كفى، أما الواحد فاختلف في وجوبه عليه، والذي ينبغي أن يفعل ذلك ولو أنه واحد يؤذن ويقيم أما المرأة فلا يشرع لها أذان ولا إقامة؛ لأن هذا من شأن الرجال للدعوة إلى حضور الجماعة   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 21. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 351 والعلم بالأوقات والمرأة تصلي في بيتها وليست بحاجة إلى هذا الشيء المقصود أن المرأة ليس عليها إقامة ولا أذان، ولا يشرع لها ذلك، تبدأ صلاتها بالتكبير الله أكبر تستفتح وتصلي كما يصلي الرجال لكنها لا يشرع لها أذان ولا إقامة لعدم الدليل على ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 352 س: قرأت كتابا تحت عنوان: السيدة عائشة رضي الله عنها، وفيه أن السيدة عائشة كانت تؤذن وتقيم الصلاة لنفسها أو لمن يصلي معها من النساء فهل على المرأة أن تؤذن وتقيم الصلاة لنفسها (1)؟ ج: المشروع أن الأذان يكون للرجال وهكذا الإقامة؛ لأن الأذان دعوة إلى حضور الصلاة وإعلام بالوقت فهو يكفي للنساء؛ لأنهن علمن بالوقت بالأذان فليس هناك حاجة إلى أن يؤذن والإقامة إنما تشرع للحاضرين حتى يعلموا حضور الصلاة وإقامتها، والنساء صلاتهن في البيوت ولسن في حاجة إلى ذلك فالمشروع هو أن تصلي بدون أذان وإقامة، أما ما يروى عن عائشة فلا نعلم صحته، لا نعلم أنه يصح عن عائشة ولا غيرها في هذا شيء من جهة الأذان والإقامة من ادعى ذلك فعليه الدليل،   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 212. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 352 والأصل عدم ذلك وإنما شرع الله الأذان والإقامة للرجال. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 353 س: السائلة أ. س، من جدة تقول: هل يشرع للنساء أذان وإقامة سواء كن في الحضر أو في السفر أو البرية (1)؟ ج: لا يشرع لهن أذان ولا إقامة، هذا من خصائص الرجال، الأذان والإقامة من خصائص الرجال تصلي بدون أذان وبدون إقامة، والحمد لله.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 412. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 353 س: هل يشرع للمرأة الأذان، وهل تشرع لها الإقامة؟ وضحوا لنا ذلك جزاكم الله خيرا (1) ج: الأذان والإقامة من خصائص الرجال أما المرأة فهي تصلي بدون أذان ولا إقامة، ولم يرد في الشرع أنها تؤذن ولا تقيم، وإنما هذا للرجال فقط.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 250. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 353 س: ما حكم الأذان والإقامة للنساء (1)؟   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 322. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 353 ج: غير مشروعة، لا يشرع للنساء لا الأذان ولا الإقامة بل الأذان والإقامة مما يتعلق بالرجال، فالمرأة تصلي بدون أذان ولا إقامة، هذا هو المشروع. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 354 س: هل على المرأة المسلمة أذان وإقامة عند الصلاة، وما حكم صلاتها لو فعلت ذلك (1)؟ ج: ليس على النساء أذان ولا إقامة، لأن هذا للرجال، فالسنة أن تصلي بلا أذان ولا إقامة، فلو صلت بأذان وإقامة أساءت، وفعلت أمرا غير مشروع، وصلاتها صحيحة.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 15. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 354 س: هل على المرأة أذان وإقامة حين تريد الشروع في الصلاة أم تكفيها الإقامة بنفسها أو الإقامة في المسجد المجاور (1)؟ ج: ليس على المرأة أذان ولا إقامة إنما هذا من خصائص الرجال، أما المرأة فتصلي بدون أذان ولا إقامة والحمد لله.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 301. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 354 س: هذا السائل السوداني ويقيم ويعمل بالمملكة يقول: بالنسبة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 354 لصلاة المرأة هل تقيم الصلاة أم تكبر وتصلي الأوقات المكتوبة عليها؟ ج: المرأة ليس عليها أذان، ولا إقامة، ولا يشرع لها أذان ولا إقامة، تصلي بدون أذان ولا إقامة، والأذان والإقامة من شأن الرجال أما المرأة فتصلي بدون أذان ولا إقامة، تبدأ بالتكبير والنية القلبية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 355 س: عندما تصلي المرأة في بيتها هل تؤذن وتقيم للصلاة سرا أم جهرا؟ وهل يصح للرجل أن يصلي مع زوجته؟ إذا كان ذلك جائزا فأين تقف، خلفه أم عن يمينه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: النساء ليس عليهن أذان ولا إقامة، الأذان والإقامة من اختصاص الرجال، تصلي بلا أذان ولا إقامة، وإذا صلى هو وامرأته في الليل صلاة الليل أو كان مريضا وصلى هو وإياها فلا بأس، وإلا فهو يجب عليه أن يصلي مع الجماعة في المساجد لكن إذا كان في صلاة الليل أو مريضا لا يستطيع الصلاة في المسجد وصلوا جماعة فلا بأس، لكن تكون خلفه، ما تكون عن يمينه ولا عن شماله يكون موقفها خلفه في الفريضة أو النافلة.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 353. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 355 س: يسأل عن المرأة والأذان والإقامة، هل لها أن تؤذن وتقيم في بيتها كالرجل أم تصلي كحال النساء (1)؟ ج: الأذان والإقامة للرجال أما المرأة فتصلي بدون أذان ولا إقامة، وإن صلت مع الناس فلا بأس إذا خرجت متحجبة متسترة وصلت مع الناس فلا بأس، لكن بيتها خير لها وأفضل ولا يشرع لها أذان ولا إقامة.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 327. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 356 س: رسالة من إحدى الأخوات من ليبيا تقول: أختكم في الله أ. ب. أ، إن أمي تقيم للصلاة، فأخبرتها أن ذلك ليس واجبا عليها لكنها تجاهلت، فهل عليها شيء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس عليها شيء لكن تخبر أنه غير مشروع لها الإقامة، الإقامة تشرع في حق الرجال، الأذان والإقامة للرجال أما هي فغير مشروع لها ذلك، ونخشى عليها من الإثم وأن تكون أتت ببدعة، فالمقصود أن الذي ينبغي لها ترك الإقامة.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 320. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 356 146 - حكم ترديد الأذان خلف عدد من المؤذنين س: إذا سمع السامع الأذان أكثر من مرة لفرض واحد فهل يردد ما يقول المؤذنون أم يكتفي بالترديد خلف مؤذن واحد (1)؟ ج: السنة أن يجيب الجميع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2)» فهذا عام يعم جميع المؤذنين، فيقول مثل قوله إلا عند الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا ختم الأذان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. رواه البخاري في الصحيح لكن بغير زيادة: إنك لا تخلف الميعاد. أما هذه الزيادة فرواها البيهقي بإسناد حسن.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 177. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 357 147 – بيان ما يقال عند قول المؤذن: "الصلاة خير من النوم" س: إذا قال المؤذن: الصلاة خير من النوم. فماذا نقول (1)؟   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 302. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 357 ج: السنة أن تقول مثل المؤذن: الصلاة خير من النوم. وهكذا لو قال المؤذن: قد قامت الصلاة - في الإقامة - تقول مثله: قد قامت الصلاة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 358 س: ماذا عن أذان الفجر ولا سيما عند جملة: الصلاة خير من النوم (1)؟ ج: سبق الذي قلنا عند الأذان وهكذا الإقامة، الإقامة تجاب أيضا لأنها أذان، أما في الفجر فيقول عند: الصلاة خير من النوم. مثلها: الصلاة خير من النوم. مثل المؤذن في صلاة الفجر يقول: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. مثل المؤذن.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 354. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 358 س: يسال السائل ويقول: هل ورد عندما يقول المؤذن: الصلاة خير من النوم. صدقت وبررت وبالحق نطقت (1)؟ ج: هذا يقوله بعض الفقهاء والصواب أنه يقول مثله: الصلاة خير من النوم. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2)» هذا يعم كلمة: الصلاة خير من النوم. ولا يقول: صدقت وبررت.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 409. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 358 ولا غير هذا بل يقول: الصلاة خير من النوم. عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1)» هذا هو المشروع، إلا الحيعلة فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك عند الحيعلة، كما رواه مسلم من حديث عمر رضي الله عنه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 359 148 – حكم قول: "أقامها الله وأدامها" عند إقامة الصلاة س: بعض الناس عند إقامة الصلاة يقول: أقامها الله وأدامها، هل ورد ذلك (1)؟ ج: هذا ورد في حديث ضعيف والصواب أن يقول مثله: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. لقوله صلى الله عيه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2)» والإقامة أذان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 409. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 359 «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1)» فسمى الإقامة أذانا فيقول إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة. يقول مثله: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. هذا هو الصواب، أما حديث: «أقامها الله وأدامها (2)» فهو حديث ضعيف عند أهل العلم.   (1) سبق تخريجه. (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 360 149 – حكم البيع عند الأذان س: ما حكم الاستماع للأذان، وما حكم البيع حين الأذان (1)؟ ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2)» السنة أن يستمع للأذان يستمع ويقول مثل قوله إلا في الحيعلة، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا أذن المؤذن ينبغي له أن يبادر بالصلاة يتوضأ ويذهب إلى المسجد، وإذا كان في الجمعة وجب عليه ذلك؛ لقوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (3)،   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم 382. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (3) سورة الجمعة الآية 9 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 360 هذا واجب، وفي غير الجمعة كذلك يشرع له في غير الجمعة إذا سمع الأذان أن يدع البيع ويشتغل بالوضوء إن كان ما هو على وضوء حتى يتوجه للمسجد يصلي مع المسلمين، وإذا كان الذي بين الأذان والإقامة لا يتسع إلا لذهابه وجب عليه ذلك وجوبا أما إذا كان فيه سعة فلا مانع أن يكمل ما في يده، إن كان في يده سلعة وباعها لا حرج، ثم يبادر إلى الصلاة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 361 150 – حكم الاستماع إلى القرآن والمؤذن يؤذن س: السائل أ. م.، يقول: إذا كان المؤذن يؤذن وأنت تسمع للقران، هل يطفأ المسجل والقرآن يتلى (1)؟ ج: نعم إذا سمعت الأذان تمسك عن القراءة وتقفل المسجل، وتجيب المؤذن؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2)»   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 405. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 361 ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الآخر: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد حلت له شفاعتي يوم القيامة (1)» أخرجه البخاري في صحيحه. وفي حديث عمر رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن العبد إذا سمع الأذان وقال مثل قوله كلمة كلمة، وقال عند الحيعلة: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر. مثل المؤذن ثم قال: لا إله إلا الله. مثل المؤذن من قلبه دخل الجنة. هذا فضل عظيم والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2)» هذا أمر، وهو يدل على السنة المؤكدة، فإذا كان يقرأ يمسك، وإذا كان يسمع المسجل يمسك يقفل المسجل حتى يجيب المؤذن هذا هو السنة.   (1) سبق تخريجه. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 362 س: السائلة من السودان تقول: إذا كنت أستمع إلى تلاوة قرآنية وكان المؤذن يؤذن هل أستمع إلى التلاوة أم أردد مع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 362 المؤذن (1)؟ ج: السنة إيقاف القراءة وإجابة المؤذن، ثم بعد ذلك يقرأ القارئ فالذي يقرأ إذا سمع الأذان يقف فإن كانت تسمع القرآن من إذاعة تغلق الإذاعة وتسمع المؤذن، حتى إذا فرغ المؤذن عادت إلى السماع من الإذاعة أو المسجل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2)» فإن كان القارئ موجودا سكت حتى يجيب المؤذن وإن كانت تسمع من الراديو قفلت الراديو حتى تستمع للأذان ثم تكمل استماع القرآن.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 388. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 363 151 – حكم الكلام أثناء الأذان س: الأخت: أ. ع، من الرياض تسأل وتقول: هل يجوز الكلام أثناء الأذان أو بعد الأذان (1)؟ ج: نعم يجوز الكلام في الأذان وبعد الأذان، لا بأس، لكن السنة   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 254. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 363 الإنصات للمؤذن وإجابته، وإذا تكلم مع ذلك في حاجة من الحاجات فلا حرج في ذلك، يجيب المؤذن وإذا رد السلام أو شمت عاطسا أو طلب حاجة فلا حرج في ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 364 س: رجل أذن، وأثناء الأذان قام يخاطبه رجل آخر ففصل بين الأذان، فما حكم ذلك (1)؟ ج: إذا كان شيئا يسيرا يعفى عنه ويتمم الأذان.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 425. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 364 152 - حكم تحية المسجد أثناء الأذان س: إذا دخلت المسجد والمؤذن يؤذن فهل أشرع في تحية المسجد أم أتابع المؤذن حتى ينتهي ثم أصلي؟ وإذا كنت أقرأ القرآن والمؤذن يؤذن هل أقف عن القراءة لأتابع المؤذن أم كيف؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم الأفضل لك أن تتابع المؤذن إن كنت تقرأ تمسك وإن كنت دخلت والمؤذن يؤذن تقف حتى تكمل الإجابة، ثم تصلي تجمع بين   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 213. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 364 المصلحتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1)» متفق على صحته. وهذا يعم القارئ ويعم غير القارئ إذا دخلت والمؤذن يؤذن فإنك تجيب أذانه في يوم الجمعة وفي غير يوم الجمعة، تجيب الأذان ثم تصلي ركعتين ثم تنصت للخطيب إذا كان يوم الجمعة، الحاصل أنك إذا دخلت المسجد والمؤذن يؤذن فالمشروع لك أن تجيب المؤذن ثم تصلي تحية المسجد وهكذا إذا كنت تقرأ القرآن أو تتحدث مع غيرك تنصت حتى تجيب المؤذن، ثم تعود إلى القراءة أو الحديث مع غيرك عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2)» هذا عمل عظيم وفائدة كبيرة. وفي صحيح البخاري رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 365 والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (1)» هذا خير عظيم وفضل كبير فلا ينبغي للمؤمن أن يضيع هذا الخير العظيم.   (1) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 366 س: إذا دخل الإنسان المسجد والمؤذن يؤذن، هل يمكث حتى يؤذن المؤذن ويصلي تحية المسجد أم يصليها والمؤذن يؤذن (1)؟ ج: الأفضل أنه يقف حتى يكمل الأذان يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2)» وهذا أمر وأقل أحواله التأكد والسنية، لأنه صلى الله عليه وسلم إذا سمع الأذان أجاب المؤذن كلمة كلمة إلا في الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وجاء في حديث عمر رضي الله عنه أن العبد إذا أجاب المؤذن في كلماته إلا في الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ثم يكبر ثم يقول مثله: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة. وهذا فضل عظيم ما ينبغي له أن يفوته فإذا فرغ من إجابة المؤذن يصلي تحية المسجد هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 34. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 366 حتى يجمع بين السنتين: سنة الإجابة للمؤذن، وسنة تحية المسجد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 367 س: م. ع. ب.، إذا دخل المسلم إلى المسجد وعند وصوله إلى الصف شرع المؤذن في الأذان، فهل على المسلم أن يبدأ بأداء تحية المسجد أم ينتظر واقفا حتى يفرغ المؤذن حتى يتابعه ويحصل على فضل المتابعة وخاصة الأذان الأول من يوم الجمعة حيث سوف يؤدي تحية المسجد أثناء خطبة الإمام، وقد يفوته بعض الخطبة؟ نرجو إفادتنا لأن كثيرا من الناس يتشككون عند هذه المسألة (1) ج: الأفضل لمن دخل المسجد وشرع المؤذن في الأذان أنه يقف حتى يجيب المؤذن، ثم يصلي تحية المسجد هذا هو الأفضل إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2)» هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، فالسنة لك أيها الداخل أن تقف وأن تجيب المؤذن، ثم تصلي ركعتين إذا تيسر ذلك، وإذا كان يشق عليك لأن المؤذن يطول، أو لأنك لا تتحمل الوقوف تبدأ بالركعتين ولا   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 7. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 367 حرج - والحمد لله - ثم تجيب المؤذن بعد ذلك إذا أمكنك إذا انتهيت منها والمؤذن لا يزال يؤذن تجيب المؤذن - والحمد لله - أما أن تجلس فلا ينبغي لك الجلوس حتى تؤدي الركعتين، إما بعد الفراغ من الأذان حتى تجمع بين المصلحتين والفضيلتين وإما أن تبدأ بالركعتين وتترك الاستجابة للمؤذن ولا حرج عليك، وأن تجمع بين المصلحتين وتتحمل الوقوف حتى تجمع إجابة المؤذن وصلاة الركعتين فهذا هو الأفضل لك، وهو الأحسن إذا تيسر ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 368 س: يسأل السائل ويقول: إذا دخلت المسجد والمؤذن ينادي للصلاة هل أصلي ركعتين تحية للمسجد أم أنتظر حتى ينتهي المؤذن من الأذان (1)؟ ج: الأفضل أن تجيب المؤذن، تنتظر تجيب المؤذن ثم تصلي ركعتين حتى تجمع بين الحسنيين وبين الفضيلتين، وبين الأمر المشروع، تبدأ بالأذان، تجيب المؤذن، ثم تصلي ركعتين.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 431. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 368 153 - حكم متابعة الأذان وهو في الصلاة س: إذا كنت أصلي وسمعت الأذان، هل أكمل صلاتي أم أعيدها أم أقف حتى انتهاء الأذان (1)؟ ج: المصلي يستمر في صلاته ولا يجيب المؤذن لأن المصلي مشغول بالصلاة، إذا أذن المؤذن وأنت في الصلاة تكمل الصلاة ولا تجيب المؤذن وإذا كانت فريضة لا يصليها إلا بعد التحقق من دخول الوقت، إذا كان في البيت مريض مثلا أو كان له مانع من الصلاة مع المسلمين في المساجد من خوف أو مرض فإنه يصلي بعد دخول الوقت ولو بعد ما أذن؛ لأن بعض المؤذنين يؤخر الأذان ويفوت بعض الوقت، فإذا تحقق أن الوقت دخل ساغ له أن يصلي فريضة، وإن كان لم يسمع أذانا كالذي في بيت بعيد عن المؤذنين، أو يكون خائفا أو مسافرا لا يسمع الأذان إذا تحقق من الوقت صلى لكن المسافر يسن له أن يؤذن قبل الصلاة إذا تحقق الوقت يؤذن ثم يقيم ويصلي لكن لو كان في البلد ليس له أن يصلي إلا بعد دخول الوقت، وإذا دخل الوقت وعلمه جاز له أن يصلي ولو لم يسمع الأذان.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 35. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 369 س: إذا سمعت الأذان وأنا في صلاة هل أردد مع المؤذن (1)؟ ج: إذا سمعت الأذان وأنت في صلاة فلا تجيبيه لأنك مشغولة بالصلاة وإنما يجيب المؤذن من كان خارج الصلاة.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 286. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 370 154 – حكم متابعة المؤذن أثناء قضاء الحاجة س: يقول السائل: إذا كنت في دورة المياه وسمعت المؤذن، هل أقول كما يقول مع العلم أن ذلك في السر، وإذا كنت أذكر الله في سري في دورة المياه هل هذا ممنوع (1)؟ ج: لا يشرع لك ذلك في دورة المياه، ولكن في قلبك لا بأس من دون تلفظ والإنسان في قلبه يستحضر هذا الذكر العظيم لا بأس، وإن كان على حاجته يستذكر حاجات دينية؛ معاني القرآن، معاني الأحاديث لا حرج، إنما المكروه التلفظ.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 238. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 370 س: الأخ م. م، يقول: ماذا يجب على الشخص إذا كان في الخلاء وسمع الأذان، هل يردد في قلبه ثم يدعو بعد انتهاء المؤذن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 370 دعاء: اللهم رب هذه الدعوة التامة (1)؟ ج: في قضاء الحاجة لا يردد ولا يجيب المؤذن وإذا خرج من الخلاء من الغائط وأتى بالأذكار الشرعية فلا بأس.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 432. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 371 155 – بيان الدعاء الوارد بعد الأذان س: كثير من الإخوان يسألون هذا السؤال وهو الدعاء الوارد بعد الأذان وهل هناك أدعية بعد أن يتم المؤذن أذانه (1)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم أوصى في ذلك قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2)» هذا السنة، وقال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 428. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 371 المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (1)» فينبغي للمؤمن إذا سمع النداء أن يجيب المؤذن مثله: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. كذلك: حي على الصلاة، لا حول ولا قوة إلا بالله، حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله. الصلاة خير من النوم، يقول مثلها: الصلاة خير من النوم. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. مثله سواء بسواء، وهكذا في: قد قامت الصلاة. يقول مثله: قد قامت الصلاة. في الإقامة، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. زاد البيهقي في إسناد زيادة: إنك لا تخلف الميعاد. وفي لفظ: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، هذا أفضل ما ورد أكمل ما ورد. وإن قال: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى   (1) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 372 أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. هو صحيح ثابت عن النبي أيضا هذا فإذا صلى على النبي بأي نوع من الصفات الواردة فقد فعل السنة، ولو قال: اللهم صل على نبيا محمد - فقط - اللهم رب هذه الدعوة التامة. فلا بأس لكن إذا كملها فهو أفضل. س: يقول: ما هو الدعاء الثابت في السنة بعد الأذان يا سماحة الشيخ؟ ج: يجيب المؤذن، وبعد الأذان يصلي على النبي يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد إلى آخره. ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هذا المشروع ويقول: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، عند الشهادتين مع إجابة المؤذن للشهادتين بقولهما. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 373 156 - مسألة في الأدعية التي تقال بعد الأذان س: ما هي الأدعية التي تقال بعد الأذان وبعد الصلاة (1)؟   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 354. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 373 ج: بعد الأذان أولا يجيب المؤذن مثل قوله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1)» فالمشروع للمؤمن والمؤمنة عند سماع الأذان أن يقول مثل قوله: الله أكبر. يقول: الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله. يقول: أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. يقول مثله: أشهد أن محمدا رسول الله. عند الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. إذا قال: حي على الصلاة. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وعند: حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم يقول: الله أكبر الله أكبر. عند قوله: الله أكبر. ثم يقول: لا إله إلا الله. عند ختام الأذان مثل المؤذن، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وإن اختصر وقال: اللهم صل وسلم على رسول الله. فأرجو أن هذا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 374 يكفي ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. هكذا رواه البخاري في الصحيح زاد البيهقي: إنك لا تخلف الميعاد. هذا الذكر الشرعي بعد الأذان، يقول مثل قول المؤذن إلا في الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وبعد الفراغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة - يعني نبينا - والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. ويقول عند الشهادتين: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا عند قول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. يأتي بالشهادتين ويقول معها: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا. لأنه ورد في الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال «من قال حين يجيب المؤذن عند الشهادة: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا غفر له ذنبه (1)». يعني عند الشهادتين عند قول: أشهد أن لا إله إلا الله.   (1) صحيح مسلم الصلاة (386)، سنن الترمذي الصلاة (210)، سنن النسائي الأذان (679)، سنن أبي داود الصلاة (525)، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (721)، مسند أحمد (1/ 181). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 375 157 – بيان معنى: "آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته" س: بعض الناس يأتون مبكرين إلى المسجد، فإذا أذن المؤذن أخذنا نتابعه، ثم إننا نسمع كثيرا من الجماعة من يقول بعد أن يفرغ المؤذن من أذانه: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته في الجنة. هل ذلك صحيح أم لا (1)؟ ج: المحفوظ عن النبي عليه الصلاة والسلام ما فيه ذكر الجنة، يقول عليه الصلاة والسلام: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (2)» هذا رواه البخاري في الصحيح عن جابر رضي الله عنه زاد البيهقي في آخره: «إنك لا تخلف الميعاد (3)» وهي زيادة لا بأس بها أما زيادة الجنة فلا أصل لها   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 35. (2) سبق تخريجه. (3) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 376 فيما نعلم وهذه الأمور توقيفية ليس لأحد أن يأتي بشيء من عنده مسألة جواب المؤذن وغيره من العبادات أمور توقيفية ليس للناس أن يزيدوا شيئا من عند أنفسهم، بل يكتفوا بما جاء في النص، ولا يزيدون عليه، هذا هو الواجب. والوسيلة منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو. عليه الصلاة والسلام فالداعي والمؤذن بعد الأذان يدعو بالدعاء كما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يزيد شيئا ولا ينقص شيئا، هذا هو السنة، أما مسألة الشفاعة فذلك هو المقام المحمود، الشفاعة العظمى، هذا هو المقام المحمود، الله أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم يشفع للناس حتى يقضى بينهم يوم القيامة بعدما يسجد عند ربه ويحمده ويثني عليه، ثم يؤذن له، فإذا أذن له بالشفاعة شفع عليه الصلاة والسلام حتى يقضى بينهم في الموقف العظيم، وهكذا يشفع لأهل الجنة بدخولهم الجنة؛ هاتان خاصتان للرسول عليه الصلاة والسلام، وأما هنا طلب الوسيلة للرسول عليه الصلاة والسلام، وهي منزلة رفيعة في الجنة لا تنبغي لغيره عليه الصلاة والسلام وقد وعده الله إياها، وعند ذكر إجابة المؤذن مناسب أن نذكر أنه يستحب أيضا عند الشهادتين أن تقول: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا. إذا قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. يقول المستمع مثله ثم يقول عند الجزء: 6 ¦ الصفحة: 377 ذلك: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا. لأنه ورد في الحديث الصحيح عن سعد بن أبي وقاص في صحيح مسلم أن من قال ذلك غفر له ذنبه، فيستحب أن يقال هذا عند الشهادتين: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا. عليه الصلاة والسلام كذلك يستحب أن يقول بعد الإقامة مثل ما يقول بعد الأذان؛ لأنها أذان، لأنه جاء في الحديث: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1)» فالأذانان هما الأذان والإقامة، فالإقامة أذان ثان والأذان أذان أول، يستحب أن يقول بعد الإقامة مثل ما يقول في الأذان، وأما قول بعض الناس: أقامها الله وأدامها. أو اللهم أقمها وأدمها. عند قوله: قد قامت الصلاة. فهذا لم يكن من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جاء في حديث ضعيف: أقامها الله وأدامها. ولكن المستحب أن يقول: قد قامت الصلاة. مثل المؤذن سواء وأما كلمة: أقامها الله وأدامها. فلم تحفظ ولم تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، فالأولى تركها، وأن يقول بدلها: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. مثل ما يقول المؤذن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:   (1) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 378 «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1)» فنحن نقول مثلما يقول المؤذن إلا في الحيعلة فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأن هذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقول ذلك، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه في الحيعلة: حي على الصلاة، حي على الفلاح، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. أما بقية الأذان فإنه يقول مثل ما يقول المؤذن وهكذا الإقامة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 379 158 – حكم ترديد الأذان مع المؤذن س: إنني كنت وعندما أسمع أي أذان أدعو الله وأطلبه وأؤدي الصلوات الخمس تقريبا جماعة، وبعد صلاة الفرض كنت أدعو لمدة عشر دقائق، ثم كمل صلاة السنة، ولكن عندما فتحت المدرسة لم أستطع أن أستمر على ذلك، فقد كنت عند ما أسمع صوت الأذان منهمكا في حفظ أو قراءة ما ولا أقدر أن أترك ما في يدي، وأدعو الله، كما أنني بعد صلاة الفرض لم أكن أدعو بل أصلي صلاة السنة المباشرة، فهل أنا معاقب على الجزء: 6 ¦ الصفحة: 379 ذلك أم لا (1)؟ ج: السنة للمؤمن إذا سمع الأذان أن يجيب المؤذن، وأن يقول كما يقول المؤذن كما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام قال عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2)» فالسنة لك يا أخي ولغيرك ممن يسمع الأذان أن يجيب المؤذن بمثل قوله، فإذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر. فليقل مثل ذلك، وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله. يقول مثله، وإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله. يقول مثله، ويقول عند الشهادتين: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا عليه الصلاة والسلام. وإذا قال المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله عند كل كلمة كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام فإذا قال: الله أكبر الله أكبر. قال مثله، فإذا قال: لا إله إلا الله. قال مثله قال النبي صلى   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 11. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 380 الله عليه وسلم في مثل هذا إنه إذا قال هذه الكلمات من قلبه دخل الجنة. هذا فضل عظيم، فينبغي لك أن لا تفرط في هذا الخير، من سمع النداء يقول مثل المؤذن سواء كان السامع رجلا أو امرأة، السنة للجميع إجابة المؤذن بمثل قوله إلا في الحيعلتين يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم بعد الفراغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. هكذا جاء الحديث. وفي حديث عمر رضي الله عنه عند مسلم أن من قالها دخل الجنة. فهذا فضل عظيم في إجابة المؤذن، ويقول عند الشهادتين إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. يقول عند ذلك: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا عليه الصلاة والسلام. جاء في الحديث في هذا المقام عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مثل هذا: «من قال حين يسمع الشهادة: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا (1)». قال: غفر له ذنبه. وهذا يدل على فضل هذه الكلمات عند إجابة المؤذن الشهادتين، يقول عند ذلك: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وأن هذا من أسباب المغفرة، أما الدعاء فيستحب الدعاء بين الأذان والإقامة. جاء في الحديث أن الدعاء بين الأذان والإقامة لا   (1) صحيح مسلم الصلاة (386)، سنن الترمذي الصلاة (210)، سنن النسائي الأذان (679)، سنن أبي داود الصلاة (525)، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (721)، مسند أحمد (1/ 181). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 381 يرد، فيدعو بما يحب، ولذا يستحب للمؤمن أن يكثر الدعاء بين الأذان والإقامة، وأنت يا أخي أيها السائل إذا سمعت الأذان فينبغي لك أن تهتم بالإجابة وأن تذهب بعد ذلك إلى المسجد وأن تدع شغلك الذي في يدك، تدع الشغل الذي بيدك إلى ما بعد الصلاة، تذهب إلى الصلاة وتصلي ما شرع الله لك بعد الأذان، وتستعد لأداء الفريضة، والصلاة قبل الفريضة سنة، فقد تكون راتبة مثل سنة الظهر أربع قبل الصلاة، وقد تكون نافلة ليست راتبة مثل أربع قبل العصر وثنتين قبل المغرب، وثنتين قبل العشاء هذه مستحبة وليست رواتب، ثم تصلي بعد الفرائض ثنتين بعد الظهر، وإن صليت أربعا فهو أفضل، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه كلها رواتب تفعلها بعد الصلوات، وبعد الذكر؛ لأن بعض الناس إذا سلم قام يؤديها حالا هذا خلاف السنة، بل الأفضل والسنة أنه بعدما يسلم يقول: أستغفر الله - ثلاث مرات - ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يدعو الله يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 382 ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأتي بهذا الذكر بعد الصلوات الخمس هذه الأذكار ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأتي بها أما الاستغفار ثلاثا و: اللهم أنت السلام. إلى آخره، هذا ثابت من حديث ثوبان عند مسلم وأما الأذكار الأخرى التي سمعت فقد ثبتت، بعضها من حديث المغيرة في الصحيحين وبعضها من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه عند مسلم فينبغي للمصلي أن لا يدعها رجلا كان أو امرأة وأنا أعيدها، بعد الفرائض الخمس إذا سلم الإمام والمنفرد والمأموم إذا سلم يقول كل واحد: أستغفر الله - ثلاثا - اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. هذا يقوله الإمام والمأموم والمنفرد بعد السلام ثم ينصرف الإمام للناس بعد ذلك يعطيهم وجهه ثم يقول كل واحد بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ومعنى ذلك: لا ينفع ذا الغناء والحظ منك غناؤه وحظه، بل الكل فقراء إلى الله سبحانه وتعالى كلهم فقراء إلى الله، فلا مانع لما الجزء: 6 ¦ الصفحة: 383 أعطى الله ولا معطي لما منع الله، ولا ينفع ذا الغنى غناؤه بل الكل فقراء إلى الله عز وجل، ثم بعد هذا يسبح الله ثلاثا وثلاثين ويحمد الله ثلاثا وثلاثين ويكبر الله ثلاثا وثلاثين سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كل هذا مستحب قبل أن يأتي بالدعوات التي أشار لها السائل، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) هذا أفضل، إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (2) هذه آية الكرسي، ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) والمعوذتين بعد كل صلاة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا أفضل، وفي المغرب يكررها ثلاثا: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) والمعوذتين يكررها ثلاثا، المغرب والفجر يكرر: قل هو الله أحد، والمعوذتين ثلاث مرات، هذا هو الأفضل، وإن قام ولم يأت بهذا فلا حرج عليه لكن هذا هو الأفضل وإن دعا بعد هذا دعا بينه وبين ربه خاصة من دون رفع يدين بينه وبين ربه من دون رفع   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة البقرة الآية 255 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 384 يدين سرا بينه وبين الله فلا بأس إذا دعا بعد هذا الذكر أما إنه من حين يسلم يدعو أو يرفع يديه فهذا لا أصل له، ولكن من حين يسلم يشتغل بالذكر الشرعي فإذا دعا بعد ذلك بينه وبين نفسه بينه وبين ربه من دون رفع يدين فلا بأس بذلك ولا حرج في ذلك، وإن ترك هذا وقام ولم يجلس للدعاء ولم يأت بالذكر جاز ذلك، لكن ترك الأفضل، السنة أن يأتي بهذه الأذكار بعد كل فريضة تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وهذه مهمة ينبغي للمؤمن أن يلاحظها أنا شاهدت بعض الناس ولا سيما في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم نهض في الحال يصلي الراتبة، وهذا خلاف السنة بل السنة أن يبقى يذكر الله ويأتي بهذه الأذكار ثم بعد هذا يقوم فيأتي بالسنة بعد ذلك، لا يعجل بل ينبغي أن يفهم هذا جيدا وينبغي لكل من سمع هذا الدرس أن يبلغه غيره أرجو من إخواني السامعين لهذا الدرس أن يبلغ كل واحد غيره هذه الفائدة؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب التواصي بالحق والصبر عليه، ومن باب الدعوة إلى الله عز وجل، رزق الله الجميع التوفيق والهداية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 385 159 - حكم الدعاء بين الأذان والإقامة س: هل هناك دعاء بين الإقامة والأذان (1)؟ ج: لا نعلم شيئا في ذلك واردا فإذا دعا بشيء فلا حرج لكن ليس هناك شيء مسنون، فإذا دعا بشيء فلا حرج عليه، ويعتبر من السنن التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 328. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 386 160 - حكم الدعاء المأثور بعد الأذان للمؤذن س: أنا مؤذن، هل يلزمني بعد الأذان الدعاء المأثور أم أنه لا يجب على المؤذن (1)؟ ج: الدعاء ليس بواجب، بل هو سنة للمؤذن وغير المؤذن، الدعاء سنة، فهو مستحب وليس واجبا للمؤذن بعد فراغه من الأذان ولغيره، فالمؤذن بعد الفراغ يقول: اللهم صل وسلم على رسول الله. أو: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 311. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 386 إنك لا تخلف الميعاد. وهكذا كل مسلم سمع الأذان يقول هذا وهكذا كل مسلمة يستحب أن تقول هذا. يعني من سمع الأذان من رجل أو امرأة يجيب المؤذن يقول مثل قول المؤذن إلا عند الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. عند: حي على الصلاة حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. أما البقية فيقولون مثله، إذا قال: الله أكبر. يقول: الله أكبر. وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله. يقول: أشهد أن لا إله إلا الله. وهكذا ثم بعد الفرض يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (1)» رواه البخاري في صحيحه، زاد البيهقي في آخره: «إنك لا تخلف الميعاد (2)» بإسناد حسن. وفي الحديث الآخر قال بعض الناس: يا رسول الله إن المؤذنين يقولونها. قال: «قل   (1) سبق تخريجه. (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 387 مثل قولهم، ثم اسأل تعط (1)». وفي اللفظ الآخر: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، فأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2)» هذا فضل عظيم، فيستحب للمؤمن والمؤمنة إذا سمعا المؤذن أن يجيبا المؤذن بمثل قول المؤذن سواء بسواء إلا عند قول: حي على الصلاة، حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم بعد الفراغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم صل وسلم على رسول الله. أو: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أي نوع من أنواع الصلاة الإبراهيمية تكفي، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. والأفضل أن يزيد: إنك لا تخلف الميعاد. هذا هو الأفضل، وهو سنة وليس بواجب.   (1) الترمذي الدعوات (3443)، أبو داود الجهاد (2600)، ابن ماجه الجهاد (2816)، أحمد (2/ 7). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 388 161 – بيان فضل قراءة القرآن قبل الأذان وبعده س: يا سماحة الشيخ، لو تكرمتم هل القراءة بين الأذان وبين الإقامة أو يستحسن أن تسبق الأذان (1)؟ ج: كله خير كله طيب، إن قرأ بين الأذان والإقامة فلا بأس، وإن تحرى الدعاء وترك القراءة فلا بأس؛ لأن الدعاء بين الأذان والإقامة ترجى إجابته كما في الحديث: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد (2)» فإذا خص هذه الجلسة بالدعاء بين الأذان والإقامة دعوات جامعة هذا طيب، وترجى إجابته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد (3)» وإن اشتغل بالقراءة على وجه لا يؤذي من حوله من المصلين أو يقرأ قراءة هادئة لا يتأذى بها من حوله ولا يشوش على من حوله فكل ذلك حسن - والحمد لله - وإن بكر وقرأ قبل الأذان حصل له فضل السابقة والتبكير للصلاة، ويكون له أجر المسابقة وأجر التبكير ويحصل له مزيد   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 248. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة، برقم (521). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة، برقم (521). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 389 من الفضل في انتظار الصلاة وفي قراءة القرآن كل هذا له خير عظيم وفضل عظيم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 390 162 - حكم قراءة بعض الآيات القرآنية قبل البدء بالأذان س: لدينا مؤذن في المسجد كلما جاء ليؤذن وقتا من الأوقات بدأ بالآية الكريمة: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1) فما حكم ذلك سماحة الشيخ (2)؟ ج: هذا غير مشروع، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وإنما يبدأ الأذان بـ الله أكبر.   (1) سورة فصلت الآية 33 (2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 358. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 390 س: هل يجوز للمؤذن أن يقرأ قبل الأذان بضع آيات من القرآن وعند انتهاء الأذان يأتي بالدعاء الذي بعد الأذان في مكبرات الصوت؟ وأيضا هل يجوز قراءة القرآن جهرا في مكبرات الصوت والقارئ لا يجيد القراءة والمسجد الذي يقرأ فيه هذا القارئ صغير (1)؟   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 176. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 390 ج: لا حاجة إلى هذا إنما المشروع الأذان في آخر الليل فقط، أما أنه يقرأ هذا قد يشق على الناس وقد يوقظ النوام، فلا ينبغي هذا ولكن يؤذن الأذان الشرعي قبل الصبح بقليل للتنبيه إذا دعت الحاجة إلى ذلك وإن ترك الأذان الأول فلا بأس، ما هو بلازم، وإنما المهم الأذان الأخير على طلوع الفجر، هذا هو المهم، هذا هو الفرض فرض كفاية، وأما أنه ينبه الناس بالقراءة في المكبرات بدلا من الأذان أو قبل الأذان هذا غير مشروع إنما يقرأ بينه وبين نفسه في المسجد أو في بيته من دون أن يقرأ في المكبر لأن هذا قد يشق على الناس، ولم يفعله سلف الأمة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 391 163 - حكم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بعد الأذان عبر مكبر الصوت س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان في مكبرات الصوت (1)؟ ج: السنة بعد الأذان قفل المكبر إذا قال: لا إله إلا الله. انتهى الأذان، يقفل المكبر وأن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصوت   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 290. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 391 العادي بعد ذلك من غير أن يكون في المكبر؛ لأن السنة أن المؤذن يجاب، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1)» يعني يقول مثله: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله. إلى آخره، إلا: عند حي على الصلاة. يقول: لا حول ولا قوة إلا الله. وعند: حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم يقول بعد هذا: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مؤذنا بعد قفل المكبر لا يصلي مع الأذان يصلي بعد انتهاء الأذان بقوله: لا إله إلا الله. ويقفل المكبر ثم يصلي على النبي يصلي عليه بالصوت العادي الذي يسمعه من حوله ثم يكمل ويصلي على النبي ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هكذا جاء في الحديث الصحيح أن السنة للمسلم أن يقول هذا بعد الأذان. رواه البخاري في صحيحه لكن بغير زيادة: إنك لا تخلف الميعاد. وهذه الزيادة رواها البيهقي بسند جيد، والمؤمن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم المؤذن والمستمع بعد الأذان بعد فراغ الأذان لكن   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 392 المؤذن لا يقولها مع الأذان بل يقفل المكبر ثم يقولها بالصوت العادي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 393 س: تقول السائلة: إن كثيرا من المؤذنين بعد قولهم: لا إله إلا الله في نهاية الأذان يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، فهل هذا بدعة (1)؟ ج: إذا فرغ المؤذن من الأذان ينتهي إذا قال: لا إله إلا الله. يقفل الميكرفون لا يزيد شيئا، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ عادي يسمعه من حوله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، فأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2)» فالصلاة على النبي ليست من ألفاظ الأذان، الأذان ينتهي عند: لا إله إلا الله. والمجيب يقول: لا إله إلا الله. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لكن من دون رفع صوت زائد على العادة، بالصوت العادي، والمؤذن كذلك إذا فرغ يأتي بصوت عادي ليس بصوت الأذان، بل بعدما يسكت يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 273. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 393 بصوت عادي، وإن كان في غير الميكرفون لا يرفع صوته بعد: لا إله إلا الله. لئلا يظن هذا من الأذان، الأذان انتهى عند: لا إله إلا الله. فالمجيب يقول: لا إله إلا الله. والأفضل فقط، لا يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وإنما يقول فقط مثلما قال المؤذن، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1)» فإذا قال: لا إله إلا الله. يتبعها بقوله: اللهم صل وسلم على رسول الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. هكذا روى البخاري في الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (2)» زاد البيهقي رحمه الله بإسناد جيد: «إنك لا تخلف   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 394 الميعاد (1)» فالمقصود أن هذا هو المشروع بعد الأذان للمؤذن والناس جميعا يقولون بعد الأذان إذا كملوا: لا إله إلا الله. يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقولون بصوت عادي: اللهم رب هذه الدعوة التامة - يعني دعوة الأذان - والصلاة القائمة - يعني التي ستقوم قريبا - آت محمدا - يعني نبينا محمدا - الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هذه الزيادة ثبتت من رواية البيهقي رحمه الله، وبعضهم يزيد: الدرجة الرفيعة. وهذه ليست في الحديث، والدرجة الرفيعة هي الوسيلة، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة. الوسيلة والفضيلة هي الدرجة الرفيعة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله فأرجو أن أكون أنا هو (2)» اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد. هذا يقال: بعد الأذان وبعد الإقامة أيضا.   (1) سبق تخريجه. (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 395 س: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان (1)؟ ج: الصلاة على النبي بعد الأذان سنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قالوا له: يا رسول الله، إن المؤذنين يغبنوننا. قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2)» رواه مسلم في الصحيح. وفي صحيح البخاري رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (3)» هذا فضل عظيم، زاد البيهقي بإسناد صحيح: «فإنك لا تخلف الميعاد (4)» المقصود أن   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 222. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (3) سبق تخريجه. (4) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 396 الصلاة عليه في جميع الأوقات مستحبة فيها خير عظيم، قال الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف امرئ ذكرت عنده ولم يصل علي (2)» صلى الله عليه وسلم، ويصلي عليه في آخر الصلاة بعد التشهد الأول وبعد التشهد الأخير، يقال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. في التشهد الأخير، وقد أوجب ذلك جمع من أهل العلم، وقال بعضهم: إن ذلك ركن، أما التشهد الأول فيستحب على الصحيح استحبابا، ثم يقوم إلى الثاني، المقصود أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة مشروعة بعد الأذان وفي التشهد الأول والتشهد الأخير، وبعد ذكره عليه الصلاة والسلام، وفي جميع الأوقات.   (1) سورة الأحزاب الآية 56 (2) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب قول رسول الله رغم أنف رجل، برقم (3545). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 397 س: هل يجوز قول: وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وذلك بعد الانتهاء من الأذان (1)؟ ج: السنة أن يصلي على النبي بعد الأذان اللهم صل على سيدنا. أو: اللهم صل على محمد. أو: على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه. وان أتى بالصلاة المشروعة كاملة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. هذا أكمل، ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا _ أو آت نبينا محمدا _ الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هذا رواه البخاري في الصحيح دون قوله: إنك لا تخلف الميعاد. لكن هذه الزيادة زادها البيهقي بإسناد صحيح. وإن قال: على سيدنا. فلا حرج، النبي كرهه لما خوطب به: أنت سيدنا. والآن لا يخاطب بهذا، لأنه توفي عليه الصلاة والسلا م فلا عليه لو قال: على سيدنا محمد أو سيدنا محمد، لا حرج في ذلك هو سيد ولد   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 377. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 398 آدم، يقول صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر (1)» اللهم صل عليه وسلم، هو خير البرية عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، برقم (2278). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 399 164 – حكم الزيادة على الأذان بقول: "أشهد أن عليا ولي الله" س: تسال الأخت وتقول: لدينا في بعض جوامع قطرنا عندما يؤذنون للصلاة يقولون: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد أن عليا ولي الله حقا وحجة الله. ثم يكملون الأذان، ونسأل: هل صحيح ما يقولون علما بأننا نسمع أذانا على صورة أخرى مختلفة عما سمعنا (1)؟ ج: الأذان الشرعي المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه هذه الزيادة، وأشهد أن عليا ولي الله أو حجة الله، هذه الزيادة بدعة لا تجوز، والمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله،   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 108. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 399 أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. هذا المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم بلالا وعلمه أبا محذورة في مكة، وهذا هو الثابت في كتب الصحاح كتب الأحاديث الصحيحة، وإن زادوا فيه في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم. الأذان الذي على الصبح الذي بعده الصلا ة يزاد فيه. الصلاة خير من النوم، الصلا ة خير من النوم. بعد قوله: حي على الفلاح. وقبل قوله: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. يعني في آخره بعد الحيعلتين، يقول: الصلا ة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. ثبت هذا أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زيد وفي حديث أنس وغيرهما وأما زيادة: أشهد أن عليا ولي الله فهذه بدعة وليست ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وهكذا ما يزاد في بعض الأذان عند بعض الشيعة: حي على خير العمل. كذلك هذا لا أصل له، كلها بدعة، والواجب على الشيعة وعلى غير الشيعة أن يلتزموا بالأذان النبوي الذي ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلا م، وأن لا يزاد فيه: أشهد أن عليا ولي الله ولا حجة الله. ولا يزاد فيه: حي على خير العمل. كل هذا منكر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 400 وبدعة، فالواجب على جميع المسلمين أن يلتزموا بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأذان وفي غيره، ولهذا قال عليه الصلاة والسلا م: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» يعني فهو مردود وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» وهذا يعم المحدثات في الأذان وفي الصلاة وفي الصيام وفي الحج وفي غير ذلك، نسأل الله لجميع المسلمين التوفيق والهداية.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 401 165 – حكم التواشيح قبل أذان الفجر س: هل تجوز التواشيح قبل أذان الفجر، مثل قول: يا مليح الوجه، يا كريم الأخلاق. يا سيدي يا رسول الله. وجهونا في ضوء هذا السؤال، جزاكم الله خيرا (1) ج: هذه التواشيح التي ذكرها السائل بدعة لا تجوز، بل السنة للمؤذن في الصبح وغيرها أن يبدأ بقوله: الله أكبر. ولا يكون قبله تواشيح ولا قراءة خاصة ولا كلام خاص بل الأذان مستقل أن يبدأه يقول: الله أكبر، وينهيه   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 377. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 401 بـ: لا إله إلا الله. ولا يكون قبله شيء خاص، لا تواشيح ولا غيرها. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 402 166 – حكم الزيادة على الأذان ببعض الآيات أو الأدعية س: ما حكم الإسلام فيمن يضيف إلى النداء للصلاة شيئا من تلاوة القرآن أو بعض الألفاظ الأخرى عبر مكبرات الصوت حيث إن هذه الظاهرة منتشرة في كثير من المناطق، وأكثر ما تكون في شهر رمضان قبل وقت الفجر وفي أي وقت أرادوه من الليل، وفي مثل هذه الحالة تتكاثر الأصوات من جميع نواحي المنطقة مما يؤثر ذلك على السكان، فهل هذه الأفعال صحيحة أو لا؟ أفيدونا أفادكم الله (1) ج: هذا شيء لم يشرع بل هو بدعة، والواجب على المؤذن ألا يضيف شيئا إلى الأذان لا قبله ولا بعده، فلا يقرأ قبل الأذان ولا يقول كلاما قبل الأذان ولا بعد الأذان، يرفع صوته بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو بغير ذلك، لا بل يؤدى الأذان كاملا يبدؤه بقوله: الله أكبر. وينهيه بقول: لا إله إلا الله. فلا يأتي بشيء قبله ولا يأتي بشيء   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 75. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 402 بعده لأن ذلك من البدع، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» يعني مردود على صاحبه خرجه مسلم في الصحيح وعلقه البخاري جازما به عن عائشة رضي الله عنها، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» أي مردود ولم يكن بلال ولا غيره في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بشيء قبل الأذان ولا بعد الأذان فإذا قال: لا إله إلا الله. ينتهي وفي الأول يبدأ الله أكبر يبدأ الأذان بهكذا لا يتكلم بشيء قبل هذا فلا يقول صلوا. أو: سبحان الله. أو ما أشبه ذلك أو يقرأ قبل الأذان لا ولا بعد الأذان إذا قال: لا إله إلا الله. يقول: اللهم صل وسلم على رسول الله. ويجهر بذلك في المكبر لا بل يقفل المكبر ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه وإن سمعه من حوله فلا بأس، لكن يقفل المكبر لأن هذا ليس تابعا للأذان فيقول بعد الأذان بينه وبين نفسه ولا مانع من أن يسمعه من حوله ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا صلى   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 403 الله عليه وسلم الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد. كما جاء في الحديث فقد روى البخاري في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (1)» زاد البيهقي رحمه الله بسند جيد: «إنك لا تخلف الميعاد (2)» وفي مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (3)» هذا هو المشروع للمؤمن لكن بعد انتهاء الأذان يقفل المكبر ثم يأتي بهذا وهكذا قبله لا يتكلم بشيء والخلاصة أن الأذان يبدأ بـ: الله أكبر.   (1) سبق تخريجه. (2) سبق تخريجه. (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 404 وينتهي بـ: لا إله إلا الله. فمن زاد معه شيئا يرفع به صوته أو في المكبر فقد أتى بدعة فينكر عليه ويعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 405 س: هل شرع الرسول صلى الله عليه وسلم بعد إكمال الأذان أن يقول المؤذن بصوت عال كالأذان: الحمد لله رب العالمين. {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1) هل يجوز مثل هذا العمل (2)؟ ج: هذا العمل الذي ذكره السائل منكر وبدعة، وليس للمؤذن أن يقول بعد الأذان: الحمد لله. مع صوت الأذان بالمكبر أو: صلوا على رسول الله. أو يقرأ الآية كل هذا بدعة بل متى قال: لا إله إلا الله. فإنه يقفل المكبر ولا يزيد شيئا وإذا كان بغير مكبر كذلك لا يزيد شيئا، لا يبتدع آخر الأذان، ولا إله إلا الله، هذا آخر الأذان، فمن زاد معها شيئا كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو حمدا لله. فقد ابتدع ولكن يشرع له بعد ذلك من غير رفع صوت مع الأذان ولا برفع صوت مع المكبر وإنما يشرع له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه   (1) سورة الأحزاب الآية 56 (2) السؤال التاسع من الشريط رقم 195. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 405 وبين نفسه، ولو سمعه من حوله ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. يشرع له أن يقول هذا وهكذا الناس الذين سمعوا الأذان يشرع لهم أن يجيبوه، يقولون مثل قول المؤذن إلا في الحيعلة يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله. فإذا قال في آخر الأذان لا إله إلا الله. صلى على النبي صلاة خفية ليست مع الأذان بل يصلي على النبي مثلما يصلي غيره، ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. فالمستمع يقول والمؤذن يقول، وليس لواحد منهم أن يجعلها مع الأذان لا المؤذن ولا غير المؤذن بل الأذان ينتهي عند قول المؤذن: لا إله إلا الله. انتهى. فإذا أراد أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يكون بصوت خفي ليس من جنس صوت الأذان ولا مع الأذان ولا في المكبر مع الأذان بل يكون بينه وبين نفسه، أو يسمعه من حوله لا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 406 هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1)» هذا فضل من الله جل وعلا وقال أيضا عليه الصلاة والسلا م: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (2)» هذا فضل من الله جل وعلا، فيشرع للمؤمن وللمؤمنة إذا سمعا الأذان أن يقولا مثل قول المؤذن كل منهما الرجل والمرأة، إذا قال: الله أكبر. يقول: الله أكبر. وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله. قال: أشهد أن لا إله إلا الله. وإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله. قال: أشهد أن محمدا رسول الله. وإذا قال حي على الصلا ة. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا قال: حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. هذا مستثنى، لا يقول مثل المؤذن، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. كما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر. قال الله أكبر الله أكبر. وإذا قال: لا إله إلا الله. قال: لا إله إلا الله. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، صلاة ليست مع الأذان بل منفصلة عن   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 407 الأذان يخفضها ويطفئ المكبر إذا كان مؤذنا وهكذا غير المؤذن لا يرفعها رفعا زائدا مثل الأذان بل يأتي بها بصوت عادي ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هذا رواه البخاري في الصحيح عن جابر إلا كلمة إنك لا تخلف الميعاد. هذه الزيادة زادها البيهقي بإسناد حسن ولما قيل يا رسول الله، إن المؤذنين يقولونها. قال: «قولوا مثل ما يقولون ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة واحدة صلى الله بها عليه عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1)» هذا خير عظيم وفضل كبير ينبغي لكل مؤمن ولكل مؤمنة عدم التفريط في ذلك بل يحرص عليه.   (1) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 408 167 - حكم قول الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله بعد الانتهاء من الأذان عبر مكبر الصوت س: عندنا في أغلب المساجد يقولون بعد الانتهاء من الأذان وبعد قول لا إله إلا الله. يقولون بصوت مرتفع وفي الميكرفون الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله. إلى آخر ما يقولون، ما الحكم في مثل هذا العمل (1)؟ ج: هذا غير مشروع بعد الأذان لا في المكبر ولا في غيره، الأذان ينتهي عند لا إله إلا الله. ولا يزيد المؤذن شيئا. لكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت آخر غير صوت الأذان وهكذا من سمع الأذان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هذا هو المشروع يقول صلى الله عليه وسلم لما قيل له: «إن المؤذنين يغبنوننا. قال عليه الصلاة والسلام: قولوا مثلما يقولون، ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 266. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 409 الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، حلت له الشفاعة (2)» رواه البخاري في الصحيح زاد البيهقي بإسناد جيد: «إنك لا تخلف الميعاد (3)» وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (4)» هذه سنة، فيجيب المؤذن كما قال بصوت منخفض وإذا فرغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن بصوت منخفض غير صوت الأذان، ثم يأتي بـ: اللهم رب هذه الدعوة التامة، إلى آخره.   (1) سبق تخريجه. (2) سبق تخريجه. (3) سبق تخريجه. (4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 410 س: يسأل ويقول في بلدتنا وجميع القرى المجاورة لنا يقوم المؤذنون بعد الانتهاء من الأذان الشرعي بزيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جهرا في الميكروفون بقولهم الصلاة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 410 والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله. ونحو ذلك كذا مرة يختمون بها الأذان ثم يقولون الصلاة والسلام عليك أيها النبي صلى الله عليك وعلى آلك وأصحابك أجمعين صلى الله عليك والحمد لله رب العالمين. ويقولون ذلك في أذان الظهر والعصر والعشاء وقد قرأت في كتيب صغير اسمه كفاية أهل الإيمان في الصلاة على النبي بعد الأذان وهذا الكتيب يحض على هذه الزيادة في الأذان، ثم قرأت في إحدى المجلات أنه لا يصح ذلك ويجب أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سرية كما ورد في الحديث وأن الذي يجهر بها هكذا يكون عليه إثم كبير فما الحكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان سنة مؤكدة للمؤذن والسامعين لكن ليست مع الأذان مع صوت الأذان، بل يجيب المؤذن ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن تكون على هيئة الأذان، بل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة سرية عادية   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 239. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 411 ليس فيها جهر يسمعها من حوله؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1)» وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد (2)» فالمؤمن يقول هذا كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة. الخ. وإذا قال هذا حلت له شفاعة النبي يوم القيامة ولكن لا يجهر بها مع الأذان بل يأتي بها سرا كلمات عادية يسمعها من حوله، أما الجهر بها مع الأذان سواء كان بالميكرفون أو بغير الميكرفون فهو بدعة ما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ما كان بلال يفعلها ولا ابن أم مكتوم ولا أبو محذورة ولا غيرهم من   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (2) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 412 المؤذنين عند النبي صلى الله عليه وسلم بل هي بدعة كونه يجهر بها مع الأذان في المكبر أو في غير المكبر يجهر بها مع قول: لا إله إلا الله. هذا بدعة محدثة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» فالواجب على المؤمن أن يتقي الله وألا يحدث في عبادته ما لم يأذن به الله، والله ذم قوما فقال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (3) نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (2) سبق تخريجه. (3) سورة الشورى الآية 21 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 413 168 – حكم قول: "على حق يا داعي الله ورسوله" بعد الأذان س: بعض الناس عندما يستمعون إلى الأذان يقولون بأصوات مرتفعة على حق يا داعي الله ورسوله. فهل هذا القول وارد منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أم هو بدعة؟ وما الدعاء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 413 المأثور في هذه المناسبة (1)؟ ج: ليس لهذا أصل، وإنما المأثور أن يجيب المؤذن يقول مثل قول المؤذن إلا عند حي على الصلاة حي على الفلاح. يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم يكمل فيقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. مثلما يقول المؤذن، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. هكذا السنة. زاد البيهقي رحمه الله: إنك لا تخلف الميعاد. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإن من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2)» فهو فضل عظيم ينبغي للمؤمن أن لا يتركه بل يحرص عليه ويحافظ عليه.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 177. (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 414 169 – حكم قول: "حقا لا إله إلا الله" بعد الأذان س: بعد أن ينتهي المؤذن وينهي الأذان، بـ: لا إله إلا الله. في بلادنا يقول بعض الناس حقا لا إله إلا الله. فما حكمها؟ وهل ذلكم القول صحيح في ذاته (1)؟ ج: نعم قول: إنه حق كلام صحيح، لا إله إلا الله أعظم الحق، فإنه سبحانه المستحق للعبادة وليس هناك إله معبود بحق سواه جل وعلا كما قال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (2) ويقول عز وجل: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} (3) ويقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4) فهو إله الحق سبحانه وتعالى ليس هناك إله آخر معبود بحق، بل جميع الآلهة كلها باطلة، كلها معبودة بالباطل كما قال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (5)   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 274. (2) سورة البقرة الآية 163 (3) سورة طه الآية 98 (4) سورة الإسراء الآية 23 (5) سورة الحج الآية 62 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 415 فجميع الآلهة التي يعبدها الناس كلها باطلة إلا الإله الحق سبحانه، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1)» يكفي أن يقول: لا إله إلا الله. ما هو بحاجة أن يقول: حق لا شك أنه حق لكن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قولوا مثلما يقول (2)» والمؤذن يقول: لا إله إلا الله. فأنت تقوك مثله: لا إله إلا الله. ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تقول: «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد (3)» هذا هو المشروع للمستمع للأذان، ولا يزيد كلمة: حق. الأفضل تركها، وهي كلمة حق، لكن الأفضل تركها لقوله صلى الله عليه وسلم: «قولوا مثلما يقول (4)» يقول مثله الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله. يقول أشهد أن محمدا رسول الله. إلا الحيعلة يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. عند حي على   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (2) سبق تخريجه. (3) سبق تخريجه. (4) سبق تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 416 الصلاة، يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. وحي على الفلاح يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول معه: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 417 170 – حكم رفع السبابة عند قول المؤذن لا إله إلا الله س: لاحظت عندما تقام الصلاة ويصل المؤذن إلى آخر كلمات الإقامة وهي: لا إله إلا الله. أرى بعض المصلين يقبض أصابع يده اليمنى ويرفع السبابة كذلك أثناء خطبة الجمعة أو أثناء حلقات العلم إذا ردد الإمام أو الخطيب كلمة: لا إله إلا الله. أرى كثيرا من الناس يرفعون سبابة اليد اليمنى فهل ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم (1)؟ ج: لا أعلم شيئا في هذا ولا أحفظ أنه ورد شيء في هذه عنه عليه الصلاة والسلام وإنما ورد الإشارة بالسبابة في التشهدين التشهد الأول،   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 78. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 417 والتشهد الأخير كان يرفع سبابته عليه الصلاة والسلام إشارة للتوحيد وأما بعد الفراغ من الذكر من الأذان أو الإقامة فلا أحفظ شيئا في هذا إلا أنه صلى الله عليه وسلم شرع للناس أن يجيبوا المؤذن والمقيم، وأن يقولوا بعد الأذان وبعد الإقامة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقولون اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. وقال فيمن فرغ من الوضوء: «من قال حين يفرغ من الوضوء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء (1)» زاد الترمذي رحمه الله: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين (2)» وهذا بإسناد صحيح، ويشرع أن يقول ذلك بعد الوضوء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. جاء في رواية ثم يرفع نظره إلى السماء. لكن لا أحفظ في شيء من الروايات   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55). الجزء: 6 ¦ الصفحة: 418 الإشارة بالسبابة في هذا ولا بعد الإقامة ولا عند الدخول في الصلاة إنما هذا في التشهدين كان يرفع بإصبعه السبابة في التشهد الأول والتشهد الأخير عليه الصلاة والسلام. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 419 171 – حكم رفع اليدين والدعاء بعد الإقامة للصلاة س: لاحظت بعض المصلين إذا انتهى المؤذن من إقامة الصلاة رفع يديه ودعا وذلك قبل تكبيرة الإحرام، فهل ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم (1)؟ ج: ليس لهذا أصل ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بشيء بين الإقامة وبين الدخول في الصلاة ولم يحفظ عنه أنه رفع يديه في هذا الموطن، بل لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك لأنه خلاف السنة.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 78. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 419 172 – حكم مسح العينين وتقبيلهما عند سماع الأذان س: عندما نسمع الأذان نمسح العينين بباطن أنملة السبابتين بعد تقبيلها، ما هو رأيكم في ذلك علما بأننا وجدنا في كتاب فقه السنة وفي كتاب الحاشية حديثا يحث فيه الرسول صلى الله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 419 عليه وسلم أبا بكر الصديق على ذلك (1)؟ ج: هذا لا أصل له ولم نجد ما يدل عليه، لا أصل لمسح العين بأطراف السبابتين، هذا لا أصل له عند الأذان، بل هذا من البدع والحديث الذي قلت فيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث فيه أبا بكر على ذلك لا صحة له.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 316. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 420 انتهى بحمد الله تعالى الجزء السادس ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء السابع القسم الثاني من الصلاة وأوله بقية باب شروط الصلاة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 421 بسم الله الرحمن الرحيم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3 بقية باب شروط الصلاة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 5 بقية باب شروط الصلاة 1 - بيان معرفة دخول وقت الصلاة وخروجه س: إلى أي وقت بعد الأذان يعتبر الإنسان مؤخرا للصلاة؟ أرجو التحديد بالساعة إذا أمكن، جزاكم الله خيرا (1). ج: عليك أن تراعي التقويمات التي تصدر من وزارة الأوقاف؛ حتى تعلمي أول الوقت وآخره، فيه تقويم يصدر إذا كنت في المملكة فانظري التقويم، واعملي به؛ حتى تعرفي أول الوقت وآخره، كل موضح في التقويم بالساعة، فأنت لاحظي ذلك، الحمد لله، أما التوقيت الذي وضحه النبي - صلى الله عليه وسلم - فالظهر يدخل من زوال الشمس، ويستمر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، بعد فيء الزوال، كلها إذن وقت الظهر، والأفضل أن تصلى في أول الوقت إلا في شدة الحر،   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 286 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 7 فالأفضل التأخير في الظهر حتى ينكسر الحر، والعصر يبدأ إذا صار ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال إلى أن تصفر الشمس، والأفضل أن تؤدى الصلاة في أول وقتها، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، هذا أفضله، والمغرب يبدأ بغروب الشمس، ويستمر إلى غروب الشفق، وهو الحمرة التي في جهة المغرب، يقال لها: الشفق الأحمر، فإذا غاب الشفق الأحمر دخل وقت العشاء، ويستمر إلى نصف الليل، كله وقت للعشاء، ولا يجوز التأخير إلى ما بعد نصف الليل، والفجر يبدأ بطلوع الفجر الصادق الذي يرتفع في الجهة الشرقية وينتشر، يقال له: الفجر الصادق، ويستمر إلى طلوع الشمس، إذا طلعت الشمس خرج وقت الفجر، هذا التوقيت الشرعي، وبالساعات ينظر في التقويم. س: بعد انتهاء المصلين من الصلاة، وخروجهم من المسجد، هل يعني هذا أن وقت الصلاة قد انتهى فعلا بخروجهم (1)؟ ج: وقت الصلاة محدود وله حدود، فالمغرب ينتهي وقتها بغروب الشفق الأحمر من جهة المغرب، والعشاء وقتها إلى نصف الليل، والفجر إلى طلوع الشمس، والظهر إلى أن يكون ظل كل شيء مثله بعد   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 308 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 8 الزوال، والعصر إلى أن تصفر الشمس، كل الأوقات لها حدود، لا يخرج الوقت بخروج الناس من المسجد، وإنما يخرج الوقت بانتهائه الذي حدده الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وبينه الله في كتابه العظيم سبحانه وتعالى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 9 2 - حكم الاعتماد على أذان المذياع في معرفة دخول وقت الصلاة س: إذا صلى الإنسان مع المذياع إذا توافق الزمن بين المصلي والمكان الذي تنقل منه الصلاة، علما بأن المصلي في مكان بعيد، لا يوجد فيه أناس، فهل صلاته - والحال ما ذكر - تعتبر صحيحة (1)؟ ج: الواجب على كل مؤمن، وعلى كل مؤمنة أن يتحرى الوقت، وأن يأخذ بالأسباب، فإذا تيقن الوقت، أو غلب على ظنه دخول الوقت بالأسباب التي يعتقدها صلى، سواء كان من طريق المذياع أو غير المذياع، فإذا سمع الأذان من المذياع وهو في محل بعيد، والوقت واحد لا يتغير، والمذياع قد جرب عليه الصدق، وأنه يذيع الحقيقة، هذا يغلب   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 230 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 9 على الظن، ولا بأس أن يصلي، فإن كان يشك في ذلك، وليس عنده ما يغلب ظنه بالنسبة للمذياع فإنه يأخذ بالطرق الأخرى، ينظر في الوقت، يسأل أهل الخبرة وقت الظهر إذا كان قد زالت الشمس، وإن كان العصر، وصار ظل كل شيء مثله، حتى يكون قد دخل الوقت، إن كان المغرب هل غابت الشمس؟ إن كان العشاء هل غاب الشفق الأحمر؟ إن كان الفجر قد طلع الفجر؛ ينظر ويسأل أهل الثقة، حتى يصلي على بصيرة، إما يقين وإما بغلبة ظن مبنية على أسس، وعلى علامات، أما المذياع وحده فلا يكفي، إذا كان ليس في ظنه ما يبرره فإن المذياع قد يكون من أناس لا يوثق بهم، فإذا كان المذياع قد جرب عليه الصدق، وأنه يتحرى الوقت، وأنه يذيع الحقيقة، أو يذيع عن إنسان يتحرى الوقت؛ لتسمع صوته أن هذا أذان الظهر، أو أذان المغرب، أو أذان العشاء وهو موثوق تعرفه فلا بأس بذلك. والحاصل أن المدار على الثقة إما يقينا وإما غلبة ظن من المذياع أو غيره؛ حتى لا تصلي إلا على بصيرة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 10 3 - حكم الاقتداء بالإمام في الصلاة عبر الإذاعة أو التلفاز . س: هل للمصلي أن يقتدي بالمصلين في المذياع أم لا يجوز ذلك (1)؟   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط 230 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 10 ج: لا، لا يقتدي بهم إلا إذا كان في المسجد يسمع صوت الإمام، أما في بيته، أو في محلات أخرى فإنه لا يقتدي بهم؛ بل عليه أن يسعى إلى المسجد، ويصلي مع الناس، وأما إذا كان في بيته، أو في مكان آخر فإنه يصلي وحده، لا يقتدي بالإمام، ولا يعتد بالإمام. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 11 4 - حكم اعتماد التقويم والمذياع في معرفة أوقات الصلاة س: رسالة من الأخ: ج. أ. ح، من جمهورية مصر العربية يقول: ما الحكم في أناس لا يسمعون الأذان إلا من خلال الإذاعة، أو من خلال مواعيد الصلاة المدونة في التقويم، هل تقبل صلاتهم أم لا، علما بأنهم يصلون على حسب ما يسمعون في الإذاعة، وحسب ما يرون في ورقة التقويم، هل يجوز هذا أم لا؟ وماذا يعملون في صلاة التراويح في شهر رمضان؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: إذا كانوا بعيدين عن المساجد فعليهم أن يتحروا الوقت بالساعات، أو بالرؤية إن كانوا ينظرون طلوع الفجر وزوال الشمس، وهكذا يتحرون بالأسباب التي تمكنهم من الإذاعة إذا لم يختلف   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 339 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 11 التوقيت، ومن التقاويم المضبوطة، أو من الرؤية بالبصر، أو من سؤال الثقات عن الوقت؛ حتى تؤدى الصلاة على بصيرة بعد غلبة الظن، فلا يعجلوا حتى يغلب الظن بأنه دخل الوقت، أما إن كان عندهم مساجد يسمعون النداء منها فعليهم أن يصلوا في المساجد مع إخوانهم في مساجد الله، أما إذا كانوا بعيدين في حارات، ليس فيها مساجد، أو في البر فإنهم يتحرون الوقت، ويصلون بعد غلبة الظن أنه دخل الوقت، إما بالتقويم، أو بمشاهدة الوقت، أو بإخبار الثقات. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 12 5 - حكم صلاة الظهر عند الأذان الثاني للجمعة لأهل الأعذار س: مستمع بعث برسالة يقول فيها: بلغني أن بعض المرضى، والنساء يبادرون بإقامة صلاة الظهر يوم الجمعة عند سماع النداء الثاني، وحيث إن أكثر خطباء الجوامع يبدؤون بخطبة الجمعة بعد رفع النداء الثاني، وذلك قبل دخول وقت الظهر بعشرين أو خمس عشرة دقيقة، فآمل من سماحتكم توجيه الناس، جزاكم الله خيرا (1). ج: الواجب على النساء والمرضى الذين يصلون في البيوت، أو في   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 151 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 12 المستشفيات ألا يعجلوا؛ حتى يتحققوا دخول الوقت يوم الجمعة، وكذلك بقية الأيام، وعندهم التقاويم التي أصدرتها الأوقاف، في إمكانهم الاستفادة منها، ولا سيما يوم الجمعة؛ فإن بعض الخطباء قد يدخل المسجد، ويبدأ بالخطبة قبل الوقت، وقد يتساهل مع أنه ينبغي للخطباء ألا يبدؤوا إلا بعد الزوال، وألا يؤذن للجمعة إلا بعد الزوال، كما هو قول جمهور أهل العلم. وأكثر العلماء على أن الخطبة تكون بعد الزوال، ولا تصلح قبل الزوال، فينبغي للخطباء أن يحتاطوا لدينهم، وأن يحتاطوا لإخوانهم المسلمين؛ فيكون الدخول والصلاة بعد الأذان - يعني بعد الزوال – يأتي إلى الجمعة بعد الزوال، والساعات موجودة ومتوفرة والحمد لله، حتى يؤذن المؤذن بعد الزوال، وتكون الخطبة والجمعة بعد الزوال فيحتاطوا للمسلمين، ويبتعدوا عما يسبب وقوعهم فيما يخالف الشرع المطهر، ولا سيما المرضى والنساء. وعلى النساء، وعلى المرضى التثبت في الأمور، وألا يصلوا إلا بعد دخول الوقت، والتأكد من دخول الوقت: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر في الجمعة وغيرها. هذا هو الواجب على الجميع. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 13 6 - حكم صلاة المرأة للظهر يوم الجمعة أثناء الخطبة س: ماذا على المرأة إذا صلت الظهر يوم الجمعة أثناء الخطبة، أو بعد الأذان مباشرة (1)؟ ج: ليس عليها شيء إذا كان بعد الزوال، بعد الأذان الأخير، تصلي الظهر في بيتها، لا بأس.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 422 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 14 7 – حكم تأخير الصلاة عن أول الوقت لعذر س: تقول السائلة إني ملتزمة بدوام رسمي في دائرتين، من الساعة السابعة والنصف صباحا حتى حدود الخامسة عصرا، أو الرابعة عصرا، فإنني أصلي صلاة الظهر حدود الساعة الواحدة والنصف ظهرا، أو الثانية، أو الثانية والنصف، فهل تصح هذه الصلاة؟ مع العلم بأن هذه الصلاة تكون ضمن الدوام الثاني في الدائرة الثانية، وليس لدي وقت، ولا مكان لأصليها في وقتها في الدائرة الأولى، أما صلاة العصر فإنني أصليها عندما أعود إلى المنزل، فهل هذه الصلاة صحيحة (1)؟   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 25 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 14 ج: لا حرج، الصلاة صحيحة، ولكن الواجب عليها أن تحذر التساهل؛ حتى لا يخرج وقت الظهر، فإن الصلاة في الثانية والنصف قرب خروج الوقت، فينبغي أن تقدمي صلاة الظهر قبل هذا؛ تحتاطي لدينك ولصلاتك، فإذا حضرت الصلاة صليتها في الدائرة الأولى، واجتهدت في المكان المناسب حتى تصلي صلاة الظهر في أول وقتها، هذا هو الأفضل. فإن لم يتيسر ذلك فلا حرج أن تصليها في الدائرة الثانية، أو في البيت قبل خروج الوقت، ولو في آخر الوقت، لا يجوز أبدا أن تؤخر إلى خروج الوقت، يجب أن تقدم قبل العصر، والعصر كذلك تراعي صلاتها، وهي قبل أن تصفر الشمس، يجب أن يراعي المؤمن أداء صلاة العصر قبل أن تصفر الشمس في أي مكان كان، ولا يجوز تأخير صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس؛ بل لا بد أن تصلى والشمس حية بيضاء، ليس فيها اصفرار في أي دائرة، كانت في سفر أو في حضر؛ لأن حق الله يجب أن يقدم على حق المخلوقين، والصلاة مستثناة من هذه الأعمال، لا بد من فعلها في أوقاتها، وإن كان الإنسان في هذه الأعمال فإنه يجب أن يتحرى الوقت المناسب حتى يصلي الصلاة في وقتها، مؤديا حق الله، ومحافظا عليه، ومبتعدا عن كل ما يسبب إضاعة حق الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 15 8 – حكم تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لغير عذر س: وجهونا حول امرأة متزوجة من رجل يعيش وسط أسرة كبيرة، وتتأخر عن أداء صلاة الظهر إلى الثانية والنصف ظهرا، وإذا نصحتها قالت: إن أهل زوجها إذا تأخرت في وضع الغداء تلقى منهم توبيخا شديدا، حتى لو اعتذرت لهم بالصلاة، وجهوها سماحة الشيخ، ووجهوا أسرتها، جزاكم الله خيرا (1). ج: تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لا حرج فيه، لكن يفوت الفضل؛ فإن أداءها في أول الوقت أفضل وأعظم أجرا، لكن إذا دعت الحاجة إلى التأخير فلا حرج، بشرط أن تصلي في الوقت، وأن تحرص على أن تصليها في الوقت قبل دخول وقت العصر، وهكذا كل صلاة يجب أن تؤدى في الوقت، لكن كونها تؤدى في أول الوقت هذا هو الأفضل، وفي وسطه أفضل من آخره، ولكن إذا أدتها في الآخر فلا حرج، وإذا كان عليها مشقة من أدائها في أول الوقت؛ لأجل ما تقول لها الأسرة التي هي عندهم فلا حرج عليها، لكن ينبغي للأسرة أن يشجعوها على أداء الصلاة في أول الوقت، وأن يشكروها على عنايتها بالصلاة،   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 301 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 16 والصلاة وقتها قليل، والحمد لله ليس فيه مشقة، فالمشروع للجميع العناية بأدائها في أول الوقت، والتعاون في ذلك، وأن يعينوها على ذلك، لكن لو أخرتها حتى صلتها في آخر الوقت فلا حرج، لكن مع العناية التامة بعدم تأخيرها إلى الوقت الآخر، فتحرص على أن تؤدى في الوقت. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 17 9 – حكم تأخير الصلاة إلى آخر وقتها من أجل الدراسة س: تسأل الأخت فتقول: في بعض المحاضرات لا ننتهي إلا في الثانية عشرة والنصف، أو الثانية عشرة والربع، في حين أن وقت صلاة الظهر في الساعة الحادية عشرة والنصف، هل نأثم بهذا التأخير (1)؟ ج: الصلاة في أول الوقت أفضل، ولكن إذا أخرت لأسباب في أثناء الوقت فلا بأس بذلك، إنما المحرم تأخيرها عن وقتها، أما كونها تأخرت عن أول الوقت فلا حرج في ذلك، والحمد لله. س: الأخت: أم م. هـ، من جدة تسأل فتقول: أنا طالبة في المدرسة، فهل يجوز تأخير صلاة الظهر إلى حين الرجوع إلى المنزل،   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 85 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 17 علما بأن الساعة قد تكون الواحدة والنصف (1)؟ ج: لا حرج في ذلك إذا اشتغلت بالدراسة، ولم يتيسر لها أداء الصلاة في أول الوقت لا حرج؛ لأن وقت الظهر بحمد الله متسع، فإذا كانت تصل إلى بيتها قبل انتهاء الوقت فلا بأس بهذا، وإن صلتها في أول الوقت فهذا أفضل إذا تيسر ذلك. س: نحن طلبة ندرس في مدرسة ثانوية، تبعد عن قريتنا بحوالي ثلاثة عشر كيلو مترا، نتحرك من المدرسة حوالي الساعة الواحدة ظهرا، ولا نصل إلى القرية إلا في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، فهل يجوز لنا أن نصلي الظهر بعد وصولنا مباشرة، أم نقضيها مع صلاة العصر (2)؟ ج: الواجب عليكم صلاة الظهر في محلكم قبل الرحيل وبعد الرحيل، أو في أثناء الطريق، ولا تؤجل إلى العصر، لا بد من فعلها في الوقت، وإذا صليتم قبل ذلك وأنتم في محلكم في المدرسة في أول الوقت كان أفضل وأولى من صلاتها في الطريق، ومن صلاتها في بلدكم؛ لأن   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 158 (2) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 177 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 18 الصلاة في أول وقتها أفضل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 19 10 – حكم ترك صلاة الجماعة، وتأخير الصلاة عن وقتها بغير عذر س: الأخ إ. ف، من ليبيا منطقة وادي العين يسأل، ويقول: نعلم أن تأخير الصلاة عن وقتها جرم وذنب وأي ذنب، ولكن هناك ظروف قد تؤدي بي إلى تأخير الصلاة عن وقتها، كأن أكون راعيا للماشية، وأسمع الأذان، ولكن أخاف أن تتلف الضأن المزروعات، سواء كانت لنا أو لجيراننا؛ فتفوتنا الصلاة حتى ولو كنت منفردا، أو يفوتنا وقت الظهر كما في المحاضرات، أو العمل، فما هي نصيحتكم (1)؟ ج: الجواب: على المؤمن أن يعتني بالصلاة في وقتها، وإذا كان حول المزارع التي يخشى عليها فليبدأ بإبعاد الماشية عن المزارع قبل الوقت؛ حتى يتمكن من الصلاة في وقتها، أو الصلاة في الجماعة إذا كان حوله جماعة أو مسجد، ولا يتساهل في هذا الأمر حتى يضيق الوقت، الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يشرع في أسباب حفظ الصلاة قبل وقتها؛   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 136 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 19 حتى لا يقع في مشابهة أهل النفاق في إضاعة الصلوات: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1) فالواجب على المؤمن أن يعتني بهذا الأمر، وإن كان في محاضرات أو دراسة فإنه يقطع المحاضرة، ويقطع الدراسة، ويقوم للصلاة ويصلي مع المسلمين في مساجدهم، أما إذا كان في محل ليس حوله مساجد؛ بل إنما يؤدون المحاضرة أو الندوة، ثم يصلون جميعا في محلهم، كمحل بعيد عن المساجد ليس بقربه مساجد، أو في الصحراء أو السفر، كل هذا لا بأس به، إذا فرغوا صلوا في الوقت، لا يؤخرونها عن وقتها؛ بل يصلون في الوقت، لكن من كان في قرب المساجد، وفي القرية أو في البلد فليس له أن يؤخر الصلاة بسبب محاضرة، أو بسبب ندوة، أو بسبب غنم أو إبل، أو غير ذلك، والواجب عليه أن يعتني بما يعينه على أداء الصلاة في الجماعة، ولو كان بدأ بإبعاد الغنم أو الإبل عن المزارع قبل دخول الوقت؛ حتى يتمكن من الصلاة في وقتها مع المسلمين، وليس له التساهل في هذا الأمر؛ لأنه يأثم بذلك.   (1) سورة النساء الآية 142 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 20 11 – حكم تأخير صلاة العصر وجمعها مع صلاة المغرب بسبب الدراسة س: الأخ: ن. ظ، من العراق يقول: إني طالب في المرحلة الثانوية، والدوام المدرسي يكون كالآتي: الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع في الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا، أما الأيام الثلاثة الأخرى فيكون في الساعة الثامنة صباحا، لذلك أجد صعوبة في أداء صلاة العصر، فإذا جمعتها مع صلاة الظهر فإنني أتأخر عن الدوام، وإذا تأخرت لا يسمح لي بالدخول، علما أن وصولي للبيت يكون في الساعة الخامسة عصرا، فهل يجوز إقامة صلاة العصر في هذا الوقت، أي في الساعة الخامسة؟ وهل يجوز جمعها مع صلاة المغرب (1)؟ ج: الواجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها ولو في الدوام، وليس لك أن تؤخرها عن وقتها، فتصلي الظهر في وقتها وأنت في العمل مع إخوانك إن كان معك إخوان طيبون تصلي أنت وإياهم، وهكذا العصر تصليها في وقتها، وليس لك أن تؤخرها، فإذا كان من معك يمنعونك من الصلاة فتصليها بعد انتهاء العمل إذا كان الوقت باقيا لم تصفر   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 207 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 21 الشمس فلك أن تؤخر، أما إذا كنت لا تخرج إلا بعد أن تصفر الشمس، فليس لك أن تؤخر، وعليك أن تصلي في الوقت، وليس لك طاعتهم في ذلك، ليس لك أن تطيع رؤساءك في ذلك، ولو بطلت العمل ولو تركت الدراسة، عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، ولو أفضى ذلك إلى ترك الدراسة بالكلية، أما إذا كان في الإمكان أن تصلي الظهر قبل الدوام في وقتها، ثم تصلي العصر في وقتها بعد الدوام؛ لأنك تخرج منه، والوقت واسع فلا بأس بذلك ولا حرج، لكن ليس لك أن تؤخرها – يعني العصر – إلى أن تصفر الشمس، وليس لك أن تقدم الظهر قبل وقتها، وليس لك أن تجمع بينهما؛ بل كل صلاة في وقتها؛ لأن هذا ليس محل جمع، ليس بمرض ولا سفر، وإنما شغل عارض وهو الدراسة، فلا ينبغي أن يكون عذرا في الجمع، ولكن تصلي كل صلاة في وقتها، وإذا لم تقدر على ذلك ومنعوك فلا حاجة إلى هذا العمل، يلزمك ترك هذا العمل حفظا لدينك، وحرصا على سلامة دينك، والله المستعان. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 22 12 - حكم الجمع بين الصلاتين من أجل الدراسة س: أنا طالب جامعي، وفي بعض الأحيان تفوتني صلاة الظهر بما فيها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل يجوز أن أؤدي صلاة الظهر مع صلاة العصر وبدون السنة، أم أصلي صلاة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 22 الظهر بما فيها السنة مع صلاة العصر جمعا (1)؟ ج: لا يجوز لك الجمع؛ بل يجب عليك أن تصلي الظهر في وقتها، وليس لك تأخيرها إلى العصر، وليست الدراسة عذرا في ذلك؛ بل يجب عليك أن تصلي الظهر في وقتها، ويشرع لك فعل السنة، وهي أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، كما كان النبي يفعل عليه السلام، يصلي أربعا قبل الظهر وثنتين بعدها، وهذه نافلة والمهم الفريضة، والواجب عليك أن تصلي الفريضة في وقتها، وهي أربع في حق المقيم وركعتان في حق المسافر كما هو معلوم، وليس لك أن تؤخرها إلى العصر وأنت مقيم، أما المسافر فلا بأس له التأخير، والمريض كذلك، أما الاحتجاج بالدراسة فلا.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 178 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 23 13 - حكم جمع الصلاتين في أقل من مسافة القصر س: يقول السائل: قريتنا تبعد عن مدينتنا مسافة قليلة، وهي خمسة وثلاثون كيلو مترا، ولكن لصعوبة الطريق وسط الجبال، ووعورتها، وقلة المركبات والسيارات للنقل نحتاج إلى وقت الجزء: 7 ¦ الصفحة: 23 طويل إلى القرية، وبذلك تفوتنا صلاة العصر عندما نسافر وقت الظهر؛ فلذلك نضطر أن نجمع صلاة العصر مع الظهر جمع تقديم، فهل صلاتنا هذه صحيحة بالنسبة لهذه المسافة القليلة والحالة ما ذكر (1)؟ ج: لا تجمعوها؛ تصلى كل صلاة في وقتها، صل كل صلاة في وقتها ولو تأخر قليلا، ولو تأخر عن أول الوقت، تصلي الأولى في وقتها ولو في آخره، وصل الثانية كذلك ولو في آخره – والحمد لله – ولا تجمع؛ لأن هذا ما هو بسفر، ليس بسفر تقصر فيه الصلاة.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 432 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 24 14 - حكم جمع الصلاة بسبب عذر العمل س: أنا منتسبة إلى إحدى الدوائر، وهذه الدوائر تعمل من الثامنة صباحا وحتى الثالثة عصرا، وأحيانا أصلي الظهر مع العصر، فكيف تنصحونني (1)؟ ج: الواجب على المؤمن والمؤمنة أداء الصلاة في الوقت، فالعصر   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 68 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 24 تؤدى في وقتها، والظهر تؤدى في وقتها، ولا يجوز الجمع إلا من علة، كالمطر على الصحيح، وكالمرض، وكالسفر، فإذا كان هناك علة شرعية فلا بأس بالجمع، وإلا فالواجب أن تصلى كل صلاة في وقتها: الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والدراسة ليست عذرا في الجمع، فالواجب عليك، وعلى كل مسلم وكل مسلمة أداء الصلوات في أوقاتها؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضحها للأمة وبينها للأمة، وقال بعد ما وقت المواقيت: «الصلاة بين هذين الوقتين (1)» الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، والله بين على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - الأوقات، فعلى الأمة أن تسمع وتطيع لما بينه عليه الصلاة والسلام، وأن تستقيم على ذلك، وألا تترخص في شيء إلا برخصة شرعية ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، برقم (149)، وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في المواقيت، برقم (393)، وأخرجه النسائي في كتاب المواقيت، باب أول وقت العشاء، برقم (526). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 25 15 - حكم صلاة العصر عند اصفرار الشمس س: قمت من النوم، وكانت الشمس مصفرة تقريبا، فصليت العصر، هل صلاتي صحيحة (1)؟ ج: الصلاة صحيحة، وعليك التوبة إلى الله؛ لأنه لا يجوز تأخير العصر إلى أن تصفر الشمس، يجب أن تصلي قبل اصفرار الشمس، وعليك أن تخبر أهلك أن يوقظوك، أو تركد الساعة على وقت تدرك فيه الصلاة مع المسلمين، لا يجوز لك التساهل، يجب أن تصلي مع المسلمين في مساجدهم صلاة العصر وغيرها، ولا يجوز تأخير صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، لا للرجل ولا للمرأة، يجب على الرجل والمرأة أداء صلاة العصر قبل أن تصفر الشمس، وعلى الرجل خاصة أن يصليها في جماعة في مساجد الله.   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم 301 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 26 16 – حكم تأخير طلاب المدارس الصلاة حتى يخرج وقتها س: إنني طالب، ودراستي تبدأ بعد صلاة الظهر، وتنتهي بعد صلاة المغرب، ولذلك فإن صلاة العصر تفوتني، فأضطر أن أصليها الجزء: 7 ¦ الصفحة: 26 قضاء بعد عودتي، علما بأن هذه الظاهرة تتكرر يوميا، فهل ما أفعله صحيح (1)؟ ج: ليس لك ذلك؛ بل يجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، عليك أن تصلي العصر في وقتها في محل الدراسة، وليس لك أن تؤخرها إلى المغرب، أو إلى أن تصفر الشمس؛ بل عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، وتدع العمل سواء كان عمل دراسة أو غير الدراسة.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 294 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 27 17 – تحديد وقت صلاة المغرب بالدقائق س: كم يمتد وقت المغرب بالساعة يا سماحة الشيخ من بعد الأذان (1)؟. ج: الغالب أنها ساعة ونصف تقريبا، ما بين غروب الشمس إلى غروب الشفق ساعة ونصف تقريبا، أو نصف إلا خمس دقائق، والذي يعتمده الناس الآن ساعة ونصف من باب الاحتياط، يكون الشفق قد غاب بالكلية، ودخل وقت العشاء، وهذا يحتاج إلى العناية بالشفق في الصحراء، الذي يرقب الشفق وينظره يستطيع أن يحدد بالدقائق، لكن   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 205 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 27 المعتمد الآن على سبيل الاحتياط ساعة ونصف، من غروب الشمس إلى غروب الشفق ساعة ونصف. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 28 18 – بيان بداية وقت صلاة المغرب ونهايته س: بعض المصلين يتأخرون عن صلاة المغرب إلى حين يعتقد أن الوقت قد خرج، بم تنصحونني، وتنصحون المستمعين حيال صلاة المغرب بالذات؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: صلاة المغرب وقتها معلوم بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين غروب الشمس إلى غروب الشفق، وهو الحمرة التي في جهة الغرب، هذا وقت المغرب، وهو وقت لا بأس به طويل ما بين غروب الشمس إلى غروب الشفق الأحمر من جهة الغرب، والأفضل أن تصلى في أول الوقت، هذا هو الأفضل، كان يصليها النبي في أول الوقت عليه الصلاة والسلام، كان إذا أذن صلى الناس ركعتين، ثم أمر بالإقامة عليه الصلاة والسلام، فليس بين إقامة المغرب وبين الأذان إلا شيء قليل، وهو ما فعله المسلمون: صلاة ركعتين، وفي الحديث: «صلوا قبل   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 250 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 28 المغرب صلوا قبل المغرب (1)» يعني قبل الصلاة، يعني قبل الفريضة، ثم قال في الثانية: لمن شاء. فدل على أنه صلى بينهما بين الأذان والإقامة، ولكن الأفضل عدم التطويل؛ بل يقيم بعد مدة يسيرة، بعد الأذان بمدة يسيرة عشر دقائق، ثمان دقائق، أو ما يشابه ذلك، ولو أخذ نصف ساعة أو أكثر قبل غروب الشفق فلا حرج، الصلاة صحيحة وكله وقت، لكن الأفضل في المساجد، والمسلمون في البيوت: المرضى، والنساء الأفضل أن يصلوها كلهم في أول وقتها؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام. س: رسالة بعث بها المستمع ج. ع، يقول: إني أعمل في مزرعة، وأقوم بجميع الصلوات الخمس في مواعيدها إلا المغرب، فبعض الأيام تفوتني صلاة المغرب مع الجماعة بسبب ظرف عملي؛ لأنه لم ينته إلا قبل العشاء بنصف ساعة، يعني بعدما أنتهي من صلاة المغرب يحين موعد أذان العشاء، فهل علي إثم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (2).   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصلاة قبل المغرب برقم (1183) (2) السؤال العاشر من الشريط رقم 338 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 29 ج: نعم إذا كان بقربك جماعة فإنه يلزمك أن تصلي مع الجماعة، أما إذا كنت وحدك ما عندك أحد فلا إثم عليك، لكن فاتك الأفضل، فالأفضل أن تؤديها في أول الوقت، وإذا أديتها في آخر الوقت قبل غروب الشفق فلا شيء عليك - والحمد لله – أما إذا وجد جماعة مسجد حولك، أو أي جماعة فإنه يجب عليك أن تصلي معهم. س: أعرف أن خروج وقت صلاة المغرب بطلوع الشفق الأحمر، أو بغياب الشفق الأحمر، فمتى ينتهي هذا الشفق؟ وهل من يصلي المغرب قبل العشاء ولو بعشر دقائق يعتبر قد صلى في الوقت (1)؟ ج: نعم، السنة الترتيب في ذلك، في أول وقتها، ولكن ينتهي بغروب الشفق الأحمر إذا ذهب الشفق الأحمر بجهة المغرب دخل وقت العشاء، ولا يجوز التأخير إلى وقت العشاء، فيجب أن تصلي المرأة والرجل في الوقت، فإذا أخرها نصف ساعة أو ثلث ساعة فلا بأس، لكن الأفضل التبكير للجميع، ومن صلى المغرب قبل العشاء بعشر دقائق هذا فيه خطر؛ لأن الساعات قد تختلف، والوقت قد يختلف، فينبغي ألا يؤخر إلى هذا الوقت؛ بل ينبغي أن يتحرى أن تكون الصلاة   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 331 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 30 قبل هذا بنصف ساعة، أو أكثر حتى يجزم أنه صلى في الوقت، وإذا بادر بعد غروب الشمس بعشر دقائق، بربع ساعة يكون هذا هو الأفضل إذا صلى في الوقت وقت المغرب فلا حرج، ولكن لا يؤخر إلى قرب الخروج؛ لأن هذا قد يوقعه في خروج الوقت؛ لأن الساعات يكون فيها تقديم أو تأخير، لذا ينبغي له الاحتياط حتى لا يقع في تأخير الصلاة عن وقتها. س: السائل ع. س. ج: ما حكم صلاة المغرب جماعة قبل أذان العشاء بعشر دقائق (1)؟ ج: الصلاة صحيحة إذا كان صلوها قبل غروب الشفق، لكن تركوا الأفضل؛ لأن الأفضل أن يصلوا في أول الوقت، لكن لو أخروا صلاة المغرب، وصلوها قبل غروب الشفق الأحمر بعشر دقائق أو بربع ساعة لا حرج، لكن لا ينبغي لهم ذلك، السنة أن تقدم، وأن يبادر بها في أول وقتها.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 268 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 31 19 – حكم صلاة المسافر بالتيمم في أول الوقت لعدم الماء س: يتطلب عملنا السفر في كثير من الأحيان، وفي إحدى الأوقات الجزء: 7 ¦ الصفحة: 31 وعندما دخل أول صلاة المغرب لم يكن معنا ماء لنتوضأ منه، وأقرب مدينة لنا تبعد مسافة أربعين كيلو مترا حتى مخرج المدينة، ثم خمس كيلو مترات بعد المخرج، أي أن الزمن الذي تستغرقه المسافة هو ساعة إلا ربعا من بعد دخول الوقت، فهل نتيمم ونصلي أم نذهب إلى المدينة، ونتوضأ بالماء الذي لا شك في وجوده فيها (1)؟ ج: الأفضل أن تصلوا بالتيمم حتى تصلوا في الوقت -والحمد لله – والله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} (2) فالأفضل لكم أن تصلوا بالتيمم؛ لأن المسافة بعيدة، وإن أخرتم وصليتم في المدينة، وتوضأتم والوقت باق، ولا خطر في خروجه فلا بأس في ذلك، فإذا كان الوقت أول المغرب، وبإمكانكم أن تدركوا الماء في المدينة قبل مجيء وقت العشاء قبل غروب الشفق فلا حرج عليكم في التأخير، ولكن الأفضل لكم ألا تخاطروا، وأن تصلوا المغرب بالتيمم، ثم تصلوا العشاء مع الناس في البلد إن شاء الله، وإن   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 205 (2) سورة النساء الآية 43 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 32 جمعتم فلا حرج أيضا، أنتم مسافرون ما دمتم في السفر، وبقي عليكم من المسافة أربعون كيلو، هذه مسافة طويلة، لكم أن تصلوا جمعا بين المغرب والعشاء، ثم إذا دخلتم أنتم بالخيار إن صليتم مع الناس العشاء نافلة فلا بأس، وإلا فقد أديتم الفريضة والحمد لله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 33 20 – حكم تأخير صلاة المغرب لمن لا تجب عليه الجماعة س: من جمهورية مصر العربية هذه السائلة تقول: يا سماحة الشيخ، عندما تحين صلاة المغرب أو أي صلاة أخرى يكون وقت البرامج النافعة، كهذا البرنامج، أو أي برنامج مفيد شرعي، فأنا أقدم سماع البرنامج على الصلاة حتى ينتهي البرنامج، هل عملي صحيح (1)؟. ج: لا بأس، تقديم سماع البرنامج، أو حلقة العلم، أو درس العلماء ما دام الوقت واسعا لا بأس؛ لأن هذا البرنامج يفوت والصلاة وقتها واسع والحمد لله، فإذا أخر الصلاة لأجل سماع هذا البرنامج، أو سماع موعظة، أو ما أشبه ذلك فلا بأس.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 414 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 33 21 – حكم تقديم صلاة العشاء على المغرب نسيانا س: تقول السائلة: لقد أذن المغرب، واعتقدت أنه أذان العشاء الآخرة، فصليت المغرب أربعا على هذه النية، ولما جلست أنا وبقية العائلة وأولادي، وأذن للعشاء استنكرت ذلك، فأخبروني أن العشاء لم يؤذن له إلا الآن، هل أعيد صلاة المغرب أم لا؟ وفقكم الله (1). ج: المغرب ثلاث ليست أربعا، فإذا كانت قد صلت المغرب ثلاثا بنية المغرب، ثم سمعت الأذان فصلت العشاء تحسبه أذان العشاء، وكانت قد أخرت المغرب، فهذا عليها أن تعيد العشاء فقط، أما إذا كانت ما صلت المغرب، وصلت العشاء قبل أن تصلي المغرب تحسب الأذان أذان العشاء، ونسيت المغرب فإنها تصلي المغرب، ثم تعيد العشاء؛ لأنها صلت العشاء في غير وقتها، وصلتها قبل المغرب، فالواجب أن تصليها بعد المغرب لا قبل المغرب، فإذا كانت قد صلت المغرب بعد غروب الشمس أجزأتها المغرب، وأما العشاء فتعيدها؛ لأنها قد صلتها قبل وقتها، إذا كان الأذان الذي سمعته أذان المغرب   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 37 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 34 وصلت تحسبه العشاء فإنها تعيد العشاء؛ لأنها فعلت في غير وقتها، والصلاة في غير وقتها لا تصح، لكن إذا كانت ما صلت المغرب لا بد أن تؤدي المغرب، ثم تصلي العشاء، وصلاتها المغرب بنية العشاء هذا غلط، عليها أن تصلي المغرب ثلاثا لا أربعا، المسلم يعرف المغرب ثلاثا، والعشاء أربعا إذا كان مقيما. فالحاصل هذه إن كانت أدت صلاة المغرب في وقتها فالحمد لله، فعليها أن تعيد العشاء؛ لأنها صلتها في غير وقتها، وإن كانت ما صلت المغرب، وإنما صلت العشاء بنية المغرب أربعا فهذا غلط باطل، فعليها أن تصلي المغرب أولا، تقضي هذا المغرب، ثم تصلي العشاء الذي فعلته في غير وقته. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 35 22 - حكم أداء الصلاة قبل الوقت المحدد في التقويم س: يسأل المستمع ويقول: سمعت من أحد الأشخاص قولا وهو: يجوز للمسلم أن يصلي صلاة العشاء قبل الوقت المحدد لها في التقويم، فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحا فما هو الدليل على ذلك؟ أفيدونا بارك الله فيكم (1).   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 267 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 35 ج: ليس لأحد أن يصلي الصلوات الخمس قبل التقويم، لأنه صلى قبل الوقت؛ بل عليه أن يتقيد بالتقويم الموضوع حتى لا يوقع الصلاة في غير وقتها، إلا إذا علم أن التوقيت مخالف للوقت الشرعي، كالذي في الصحراء مثلا، ورأى الصبح قد طلع - الصبح الصادق - قبل التقويم يصلي، أو رأى الشمس غربت قبل التقويم، وهو في الصحراء يصلي إذا غابت الشمس ولا عليه من التقويم، أما إذا كان ما عنده علم فإنه يتقيد بالتقويم؛ لأن التقويم قد اشتغلت فيه لجنة، واعتنت به لمصلحة المسلمين وإراحتهم، فالواجب التقيد به في جميع الأوقات، إلا في حق من علم أن الوقت قد دخل قبل التقويم كما مثلنا، كالذي مثلا في الصحراء، أو السفر، ومعه التقويم، لكن رأى الصبح قد بان واتضح قبل التقويم، أو رأى التقويم مبكرا فالصبح ما بعد خرج، فلا يعتمد التقويم، فليعتمد الصبح، فإذا كان التقويم قد بكر وهو في الصحراء يشوف الصبح لا يصلي حتى يتضح الصبح، وإذا كان التقويم قد تأخر، ورأى الصبح خالف التقويم، وطلع طلوعا بينا - الصبح الصادق - يعتمد ما رأى، ولا يهمه التقويم، كذلك في الغروب والظهر والعصر إذا رأى أن الشمس قد زالت قبل التقويم اعتمد ذلك، أو رآها قد غربت قبل التقويم يراها بعينه. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 36 23 – حكم تأخير أذان العشاء في رمضان عن أول وقته س: الناس قبل شهر رمضان كانوا يؤذنون لصلاة العشاء في السابعة تقريبا، وعندما دخل هذا الشهر الكريم صاروا يؤذنون لصلاة العشاء في الحادية عشرة في بلدنا، ما حكم هذا العمل (1)؟ ج: النبي - صلى الله عليه وسلم - أوضح المواقيت وبينها عليه الصلاة والسلام، فوقت العشاء يدخل حين يغيب الشفق الأحمر من جهة الغرب، إذا غاب الشفق الأحمر دخل وقت العشاء إلى نصف الليل، فللمسلمين أن يؤذنوا في أول الوقت، وهو أفضل، ولهم التأخير إذا رأوا مصلحة في ذلك فلا بأس، والنبي - صلى الله عليه وسلم - رغب في التأخير في العشاء، وقال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة (2)» لما أخرها إلى ثلث الليل عليه الصلاة والسلام، فإذا رأوا في المصلحة أن يؤخرها أهل البلد، أو في المسجد على أن يؤخروها في آخر الوقت - يعني العشاء في رمضان أو في غيره – فلا بأس، لكن لا   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 265 (2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 37 يؤخروها عن الوقت، لا بد أن يكون في الوقت حتى يصلوا قبل خروج الوقت، هم مخيرون بين أوله وآخره، خصوصا العشاء، أما بقية الأوقات فالأفضل في أول الوقت، يقدمون الصلاة في أول وقتها، فيؤذن في أول الوقت، ثم يتأخر الإمام حتى يتجمع الناس ربع ساعة، ثلث ساعة، ثم يصلون، هذا هو الأفضل، إلا الظهر عند شدة الحر فيها التأخير إلا إذا رأوا الجماعة أهل المسجد، أو في القرية التقديم فلا بأس، وإذا كانوا في رمضان يصلونها مؤخرة في آخر وقتها فلا حرج إذا اتفقوا على هذا، ورأوا المصلحة في ذلك فلا بأس، أو في غير رمضان أيضا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 38 24 – بيان آخر وقت صلاة العشاء س: تقول السائلة: ما هو آخر وقت للعشاء (1)؟. ج: آخر وقتها نصف الليل، إذا انتصف الليل لم يجز التأخير إليه، لكن لو كان الإنسان ساهيا أو نائما يصلي حين يستيقظ ولو في النصف الأخير؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة أو نام   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 78 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 38 عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1)» لكن ليس له أن يؤخرها عمدا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ووقت العشاء إلى نصف الليل (2)» فليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يؤخر صلاة العشاء إلى نصف الليل، إذا كان الليل تسع ساعات مثلا، فالنصف أربع ونصف، وإذا كان الليل عشر ساعات فالنصف الساعة الخامسة من غروب الشمس نهايتها، المقصود أن صلاة العشاء لا تؤخر إلى نصف الليل، ولا مانع من تأخيرها إلى قرب نصف الليل، لا حرج في ذلك للمرأة والمريض، أما الرجل فيصلي مع الناس في المساجد، فليس له أن يصلي في بيته ولا يؤخر؛ بل يلزمه أن يصلي مع الناس في المسجد إذا كان صحيحا، أما إذا كان مريضا فهو معذور يصلي في بيته متى شاء قبل نصف الليل.   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 39 س: متى ينتهي وقت صلاة العشاء (1)؟ ج: بنصف الليل، إذا انتصف الليل هذه النهاية، وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء إلى نصف الليل، كما في حديث عبد الله بن عمرو، قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط (2)» والليل يختلف، فإذا كان الليل عشر ساعات بمضي خمس من الليل انتهى النصف، وإذا كان الليل اثني عشر بمضي ست ساعات انتهى النصف، فلا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة بعد النصف، يصلي قبل النصف، والواجب أن يصلي في الجماعة إلا المعذور، كالمريض أو المرأة فليس لهم أن يؤخروها إلى ما بعد نصف الليل. س: علمت منكم سماحة الشيخ أن هناك وقتا أيضا يمكن أن يصلي فيه المسلم صلاة العشاء وهو بعد منتصف الليل (3). ج: إذا فاتته صلاها بعد النصف؛ لأن ما بعد النصف وقت ضرورة   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 19 (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). (3) السؤال العاشر من الشريط رقم 19 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 40 إلى طلوع الفجر، مثل من فاتته صلاة العصر حتى اصفرت الشمس، يصليها ولو بعد اصفرار الشمس، ويكون آثما إذا كان تعمد هذا، ولكن صلاتها في الوقت، ولكن ليس له أن يؤخر إلى ما بعد نصف الليل، وليس له أن يؤخر العصر إلى ما بعد اصفرار الشمس، لكن لو أنه مثلا عرض عارض، واصفرت الشمس ليس له التأخير، بل يبادر ويصلي قبل غروب الشمس صلاة العصر، ويتوب إلى الله إن كان متعمدا، وهكذا العشاء لو أخرها غفلة منه أو سهوا منه حتى انتصف الليل عليه التوبة مع فعلها بعد نصف الليل. لا يؤخر إلى الفجر، يجب أن يبادر حتى يصليها بعد نصف الليل مع التوبة إلى الله إذا كان عن تعمد، أما إن كان عن نسيان أو عن نوم فلا شيء عليه. س: هل ينتهي وقت صلاة العشاء بحلول منتصف الليل (1)؟ ج: نعم، إذا انتصف الليل انتهى وقت العشاء بنص النبي عليه الصلاة والسلام، يبقى وقت الضرورة كما بعد اصفرار الشمس في وقت العصر لو صلاها بعد نصف الليل تكون في الوقت، لكن مع الإثم إذا أخرها عامدا، أما إذا كان ناسيا فلا شيء عليه. ووقت الضرورة يمتد إلى طلوع   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 186. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 41 الفجر، وكل ما كان بعد نصف الليل كان في وقت الضرورة، ولا يجوز له التأخير؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل (1)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 42 25 – حكم تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها س: ما حكم تأخير صلاة العشاء عن وقتها، وهل ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تأخيرها حديث (1)؟ ج: نعم، صلاها مرة متأخرا، وقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (2)» وكان يستحب أن يؤخر العشاء بعض الشيء، عليه الصلاة والسلام، فوقتها إلى نصف الليل، فإذا اتفق أهل القرية، أو أهل المسجد على التأخير فلا بأس إلى ثلث الليل قبل نصف الليل إذا اتفقوا فلا بأس فهو أفضل، وإلا فالسنة أن يبكر بها حتى لا يشق على الناس، كما كان   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 222 (2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 42 النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، كان عليه الصلاة والسلام إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخرها، وأخرها في بعض الأوقات فقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (1)» وكان أخرها إلى ثلث الليل، وفي بعض الأحاديث إلى قرب شطر الليل. فالحاصل أن الإمام لا يشق على الناس؛ بل يصلي بهم كالعادة يبكر، لكن إذا كانوا يستحبون التأخير، واتفقوا معه على التأخير إلى ثلث الليل قبل نصف الليل فلا بأس مهما تأخروا فهو أفضل إذا تراضوا عليه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 43 26 – حكم تأخير صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل س: سمعت بأنه يجوز أن يؤخر الإنسان صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل، فهل هذا صحيح في بعض الأحيان (1)؟ ج: لا يجوز تأخيرها عن نصف الليل، النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت إلى نصف الليل، أما بعد نصف الليل فلا، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «وقت العشاء إلى نصف الليل (2)» الصلاة تصلى قبل نصف الليل.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 426 (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 43 س: إنني في بعض الأيام أكون متعبة كثيرا، فأنام ولا أقوم لصلاة العشاء إلا بعد منتصف الليل، كيف توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: الواجب عليك، وعلى غيرك أداء الصلاة قبل نصف الليل، وإذا كنت متعبة فبادري بها أول وقتها إذا غاب الشفق، يعني إذا أذن العشاء بكري بالصلاة ونامي – والحمد لله – أما التأخير حتى يفوت الوقت فلا يجوز لا للمريض ولا للصحيح، والواجب أن تصلى في وقتها، ووقتها إلى نصف الليل، فإذا كان الليل عشر ساعات إذا مضى خمس من الليل انتهى الوقت، لا يجوز تأخيرها لأكثر من خمس، وإذا كان الليل اثني عشر ينتهي الوقت من الساعة السادسة بعد غروب الشمس، المقصود أنه لا يجوز للرجل ولا للمرأة تأخير الصلاة - صلاة العشاء – إلى بعد نصف الليل ولو كان مريضا؛ بل يلزمه أن يقدمها قبل نصف الليل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ووقت العشاء إلى نصف الليل (2)»   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 320. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 44 27 – بيان السنة للإمام في تأخير صلاة العشاء في حق الرجال س: ما حكم تأخير صلاة العشاء عن وقتها؟ لأن بعض الناس الجزء: 7 ¦ الصفحة: 44 يقولون: إن تأخيرها عن وقتها للنساء أفضل (1). ج: السنة في العشاء في حق الرجال إذا رآهم الإمام اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر بعض الشيء حتى يجتمعوا، هكذا النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها في صلاة العشاء إذا رآهم اجتمعوا وتواصلوا صلى، وإذا رآهم تأخروا لم يعجل عليه الصلاة والسلام حتى يتلاحقوا. أما المرأة فتصلي في بيتها متى تيسر لها ذلك، إذا غاب وقت المغرب غاب الشفق الأحمر، وأذن العشاء تصلي سواء في أول الوقت أو في آخره، وقت العشاء ينتهي إلى نصف الليل، تصلي قبل نصف الليل - والحمد لله – متى يسر الله لها، من غروب الشفق إلى نصف الليل، والأذان علامة على دخول الوقت إذا دخل وقت العشاء، فإذا صلت بعد الأذان حصل المقصود، أو تأخرت بعض الوقت لا بأس، لكن يكون قبل نصف الليل. س: السائلة: ن. ح. س. من حائل تقول: سمعت من بعض الناس أنهم يقولون بأن صلاة العشاء تؤخر إلى الساعة العاشرة فقط،   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 308. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 45 وينتهي وقت الصلاة، فهل هذا صحيح (1)؟ ج: صلاة العشاء وقتها إلى نصف الليل، والليل يختلف: يطول ويقصر، فالواجب أن تؤدى الصلاة قبل النصف؛ لأن الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت العشاء إلى نصف الليل، فالواجب على الرجال والنساء أن يقدموا الصلاة قبل النصف، فالرجل يصلي في الجماعة في المساجد، والمرأة تلاحظ هذا حتى تصلي قبل النصف.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 368. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 46 28 – بيان المدة التي يجوز تأخير صلاة العشاء إليها س: تقول السائلة: هل من الأفضل تأخير صلاة العشاء؟ وكم يكون مقدار هذا التأخير (1)؟ ج: نعم، الأفضل إذا لم يكن هناك حرج التأخير إلى ثلث الليل، ولا بأس أن يؤخر إلى قبيل نصف الليل، ولا يؤخر عن نصف الليل، فإن نهاية الوقت نصف الليل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ووقت   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 128. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 46 العشاء ما لم ينتصف الليل (1)» فإذا أخر إلى ثلث الليل مثل المرأة في بيتها، والجماعة في قرية أو في محل، يختارون التأخير ولا مشقة عليهم، فلا بأس أن يؤخروا؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخر ذات ليلة حتى قرب النصف، وبعض الروايات إلى ثلث الليل، بين أنه لوقتها، وقال: «لولا أن أشق على أمتي (2)» الحاصل أنه إذا اتفق أهل القرية، أو جماعة مسافرون، أو أهل البيت من المرضى والنساء أن يؤخروها، وأنه لا مشقة عليهم فهو أفضل، تأخيرها عن أول وقتها إلى وسط وقتها، أو إلى ثلث الليل، أو إلى قبيل النصف هو أفضل؛ كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا كانوا جماعة فيجب ملاحظة عدم المشقة عليهم، في المساجد تصلى في أول وقتها، وكان يستحب أن يؤخر العشاء عليه الصلاة والسلام، فلو أخر بعض الشيء حتى يتلاحقوا، ثم يصلي بهم، ولا يشق عليهم في التأخير الطويل، وكان عليه الصلاة والسلام إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر، يراعيهم في العشاء؛ لأن الناس قد تكون لهم حاجات بين العشاءين، أو قد يكون   (1) أخرجه النسائي في كتاب المواقيت، باب آخر وقت المغرب، برقم (522). (2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 47 عندهم ضيوف، أو قد يكون عندهم أشياء، فينبغي للإمام في القرية، وإمام المسجد أن يلاحظ أحوال جماعته، فإذا رآهم اجتمعوا عجل ولم يشق عليهم، وإذا رآهم تأخروا أخر مراعاة لأحوالهم؛ عملا بسنته عليه الصلاة والسلام. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 48 29 – بيان أن تأخير صلاة العشاء أفضل عند عدم الخروج س: يقول البعض: إن تأخير صلاة العشاء أفضل، فهل هذا القول صحيح؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: نعم، تأخير صلاة العشاء أفضل إلى ثلث الليل إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر؛ لخوف، النوم أو مشاغل تحدث لم يؤخرها؛ بل صلاها في أول الوقت، وهكذا الرجال، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رآهم اجتمعوا للعشاء عجلها، وإذا رآهم تأخروا أخرها عليه الصلاة والسلام، وصلاها ذات يوم وقد مضى ثلث الليل، وقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (2)» فالأفضل مراعاة حال المأمومين في حق الرجال إذا   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 322 (2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 48 اجتمعوا، صلى بهم ولو في أول الوقت، وإذا تأخروا أخر، أما المرأة والمريض في البيت فإن الأفضل له التأخير، الأفضل تأخير صلاة العشاء إلا إذا كان يخشى أن ينام، أو يخشى من مشاغل أخرى فإنه يقدمها. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 49 30 – حكم تأخير صلاة العشاء للنساء س: الأخت ع. م. ع. من بريدة حي السالمية، تسأل وتقول: سمعت أنه يستحب تأخير وقت صلاة العشاء للرجال، فهل يجوز ذلك للنساء (1)؟ ج: نعم، يستحب للرجال والنساء تأخير صلاة العشاء؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لما أخرها ذات ليلة إلى نحو ثلث الليل قال عليه الصلاة والسلام: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (2)» فإذا تيسر تأخيرها من دون مشقة فهو أفضل، فلو كان أهل قرية، أو جماعة في السفر أخروها؛ لأنه أرفق بهم إلى ثلث الليل، فلا بأس بذلك؛ بل هو أفضل، لكن لا يجوز تأخيرها بعد نصف الليل، النهاية هي نصف الليل؛   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 156. (2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 49 لأن وقت العشاء يتحدد آخره بنصف الليل، يعني الاختباري نصف الليل، كما في حديث عبد الله بن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل (1)» أما إذا كان تأخيرها قد يشق على بعض الناس فإن المشروع تعجيلها، ولهذا قال جابر رضي الله عنه: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في العشاء إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخرها (2)» وقال أبو برزة رضي الله عنه «كان النبي عليه الصلاة والسلام يستحب أن يؤخر من العشاء (3)» فالخلاصة أن تأخيرها أفضل إذا تيسر ذلك من دون مشقة، ولكن لا يجوز تأخيرها بعد نصف الليل؛ بل النهاية نصف الليل. س: إن والدتي - يحفظها الله – كثيرا ما تؤخر صلاة العشاء إلى ما بعد التاسعة والنصف، فإذا ناقشتها في ذلك قالت: إن وقت العشاء طويل، وهو لا يفوت إن شاء الله. فما هو توجيه   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت المغرب برقم (560). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العصر، برقم (547)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها، برقم (647). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 50 سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: لا حرج في تأخير صلاة العشاء إلى آخر وقتها في حق النساء، وحق المعذورين، والمرضى الذين لا يحضرون الجماعة؛ بل تأخيرها أفضل إلى ثلث الليل، وربما يقارب نصف الليل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه ذات ليلة وقد مضى ثلث الليل، ثم قال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (2)» وكان عليه الصلاة والسلام في صلاة العشاء إذا رأى الناس اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخرها، فالأفضل تأخيرها في حق النساء والمرضى الذين لا يحضرون الجماعة، ومن أشبههم ممن له عذر في عدم حضور الجماعة، أما أهل المساجد فإنهم يصلون متى اجتمعوا، وإذا أخرها الإمام لانتظارهم حتى يجتمعوا فذلك أفضل؛ لفعله عليه الصلاة والسلام، ومتى اجتمعوا فإنه يعجلها ولا يشق عليهم.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 325. (2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 51 31 – حكم النوم بين المغرب والعشاء س: أنا طالبة في الكلية، ودائما لا نخرج منها إلا بعد الساعة الثانية، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 51 وأكون منهكة، وأحاول الصبر إلى أن تحين صلاة العصر، ثم المغرب، وبعد ذلك أنام ولا أستيقظ إلا في الحادية عشرة ليلا، ثم أصلي العشاء، فهل علي إثم في تأخير صلاة العشاء إلى الحادية عشرة (1)؟ ج: النوم بين المغرب والعشاء مكروه، كان النبي يكره النوم قبلها والحديث بعدها، فينبغي الصبر حتى تصلي العشاء إذا غاب الشفق، ولكن لو أخرت العشاء وصليتها قبل نصف الليل فلا بأس، المعول عليه نصف الليل، والليل يختلف، فلا بد أن تصلي العشاء قبل نصف الليل، ولكن يكره لك النوم بين المغرب والعشاء، إذا استطعت ذلك، وإذا استرحت بين العصر وبين المغرب كان أولى من النوم بعد المغرب؛ لأن النوم بعد المغرب مكروه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يكره النوم قبله والحديث بعده، يعني بعد العشاء.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 166. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 52 32 – حكم تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل س: سائلة تقول: أنا أصلي العشاء في منتصف الليل، وأتذكر أمي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 52 المتوفاة رحمة الله عليها، وأكثر لها من الدعاء، وأتذكر تصرفات أمي في جميع أرجاء البيت، فأنهمر بكاء، ولم أعد أقدر على الدعاء، ولم أعد أقدر أن أنام، فهل علي ذنب والحال ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا، وهل يلحق أمي تأثير بسبب هذا؟ أفيدوني ووجهوني، جزاكم الله خيرا (1). ج: الواجب عليك أن تقدمي الصلاة على نصف الليل، الصلاة قبل نصف الليل، صلاة العشاء إذا غاب الشفق الأحمر من جهة المغرب دخل وقت العشاء إلى نصف الليل، فعليك أن تصليها قبل نصف الليل، وأما الدعاء لوالدتك فهذا أمر مطلوب، النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (2)» والولد يشمل الذكر والأنثى، يقال للبنت: ولد، وللذكر: ولد، والمعنى أن دعاء الولد: الذكر أو الأنثى مطلوب وينفع الوالد، فأنت مأجورة على دعائك لها، لكن لا تنوحي   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 284. (2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 53 عليها، أما دمع العين فلا يضر لكن لا تنوحي، لا ترفعي الصوت، ومجرد دمع العين لا يضر، والواجب عليك الحذر، والمشروع الإكثار من الدعاء لها، جزاك الله خيرا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 54 33 – حكم تأخير صلاة العشاء إلى الساعة الثانية عشرة للنساء س: هل صلاة العشاء بعد الثانية عشرة مساء للنساء هل هي جائزة؟ وهل تكره في الحادية عشرة والنصف مثلا (1)؟ ج: صلاة العشاء إلى نصف الليل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وقت العشاء إلى نصف الليل (2)» فليس للمرأة أن تؤخرها إلى نصف الليل، والليل يختلف يطول ويقصر، فإذا كان الليل تسع ساعات فالنصف يكون الساعة الرابعة والنصف بالتوقيت الغروبي، وإذا كان الليل اثنتي عشرة ساعة بالتوقيت الغروبي صار النصف الساعة السادسة، فإذا بلغت السادسة هذا النصف ليس للمريض ولا للمرأة تأخيرها إلى نصف الليل، أما المعافى من الرجال فإنه يصلي مع الناس في المساجد،   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 337. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 54 يلزمه ذلك، لكن لو صلى في البيت لمرضه، والمرأة كذلك فإن عليهما أن يصليا قبل النصف صلاة العشاء. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 55 34 – حكم تأخير الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل لأجل المذاكرة . س: الأخت ح. م. أ. من المملكة تقول: فتاة في أيام الامتحانات تذاكر، وجاء وقت صلاة العشاء ولم تصل، وتعلم بخروج الوقت إلى أن أصبحت الساعة الثانية عشرة ليلا، وبعدما انتهت من المذاكرة صلت العشاء، فما الحكم؟ وهي نادمة على ذلك، هل عليها كفارة (1)؟ ج: الواجب عليها التوبة إلى الله إذا خرج الوقت؛ لأن الوقت ينتهي بنصف الليل، فعليها أن تصلي العشاء قبل نصف الليل، فإذا تساهلت فعليها التوبة والاستغفار، تصلي ولو بعد نصف الليل، لكن تستغفر ربها ولا تعود، النبي قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل (2)» يبتدئ حساب الليل من غروب الشمس بالساعة، المقصود أن السنة لها؛ بل الواجب   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 423. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 55 عليها وعلى غيرها أن تكون صلاة العشاء قبل نصف الليل، ولا بأس بتأخيرها بعد الثلث الأول قبل نصف الليل لا بأس، لكن التأخير إلى ما بعد نصف الليل لا يجوز. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 56 35 - حكم الصلاة في حالة النعاس الشديد س: إذا استيقظ أحد من نومه، وهو في حالة نعاس شديد، ووجد أنه لم يصل العشاء، هل يصلي العشاء وإن كان في حالة النعاس (1)؟ ج: يلزمه أن يصلي ويعالج الموضوع، يلزمه أن يقوم قبل خروج الوقت، يلزمه أن يجاهد نفسه، يتوضأ ويعتني بالسواك، ويفعل ما يعينه على محاربة النعاس حتى يصلي فريضته التي أوجب الله عليه، وليس له عذر أن ينام ويقول: أنا مشغول بالنعاس. يجب أن يحارب النعاس حتى يصلي الفريضة.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 204. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 56 36 – بيان امتداد الوقت الضروري للعشاء إلى طلوع الفجر س: ما حكم صلاة العشاء الأخير قبل الفجر بساعة أو ساعتين (1)؟   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 355. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 56 ج: العشاء نهاية وقتها النصف، لا يجوز تأخيرها إلى نصف الليل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وقت العشاء إلى نصف الليل (1)» فليس للناس أن يؤخروها إلى ما بعد النصف، إذا أخرها أثم، وهي في الوقت ما لم يطلع الفجر وقت ضروري، مثل لو أخر صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس حرم عليه، ولكنها في الوقت إذا صلاها حتى تغرب الشمس، لكن لا يجوز أن تؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، ولا يجوز أن تؤخر العشاء إلى نصف الليل.   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 57 37 – بيان أن صلاة الصبح هي صلاة الفجر س: يخلط كثير من الناس بين صلاة الفجر وصلاة الصبح، كأنهم يجعلونها قسمين، فهل من توجيه؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: صلاة الصبح هي صلاة الفجر، ليس هناك فرق، صلاة الصبح هي صلاة الفجر ليس هناك صلاتان، وهي ركعتان فريضة بإجماع المسلمين بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس ركعتان، والأفضل أن تؤدى بغلس قبل الإسفار الكامل، يؤديها الرجل في جماعة، إلا المريض الذي لا   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 246. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 57 يستطيع، فيصليها في البيت، والمرأة تصليها في البيت قبل الشمس، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد طلوع الشمس، بل يجب أن تؤدى قبل طلوع الشمس، والأفضل في أول الوقت، وقت الغلس، مع بيان الفجر واتضاح الفجر وانشقاقه، يقال لها: صلاة الفجر، ويقال لها: صلاة الصبح، ويجب على المسلم أن يعتني بها، ويحافظ عليها في وقتها، ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس كما يفعل بعض الناس يؤخرها حتى يقوم للعمل، هذا منكر عظيم، وهو كفر عند جمع من أهل العلم، نسأل الله العافية، فالواجب الحذر، وأن يحافظ عليها في وقتها الرجل والمرأة جميعا، ويشرع أن يؤدي قبلها ركعتين سنة راتبة، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها، ويحافظ عليها كما روت عائشة رضي الله عنها: «لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد تعهدا منه على ركعتي الفجر (1)» وكان يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما عليها (2)» فينبغي المحافظة عليها، سنة الفجر ركعتان   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب تعاهد ركعتي الفجر، برقم (1163). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب سنة ركعتي الفجر، برقم (725). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 58 خفيفتان، يقرأ فيها الفاتحة و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1) في الأولى، وفي الثانية الفاتحة، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) وهذا هو الأفضل، أو يقرأ بآية البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} (3). . . . في الأولى، وفي الثانية، آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} (4). . . . فعل النبي هذا، وهذا عليه الصلاة والسلام، ومن قرأ بغير ذلك فلا بأس، فمن قرأ مع الفاتحة بغير ذلك فلا حرج، ولكن كونه يقرأ بما قرأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا أفضل، ويقرأ بهاتين السورتين أيضا في سنة المغرب بعد الفاتحة: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (5) في الأولى، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6) في الثانية، ويقرأ بها أيضا في ركعتي الطواف، كل هذا فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقرأ بهاتين السورتين بعد الفاتحة في سنة الفجر والمغرب وسنة الطواف، وإن قرأ في بعض الأحيان في سنة الفجر بآية البقرة:   (1) سورة الكافرون الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة البقرة الآية 136 (4) سورة آل عمران الآية 64 (5) سورة الكافرون الآية 1 (6) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 59 {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (1). . . . وبآية آل عمران في الثانية، وهي قوله سبحانه: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} (2). . . . فهذا أيضا سنة فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن قرأ في هذه الركعات بغير ذلك فلا حرج؛ لقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (3)   (1) سورة البقرة الآية 136 (2) سورة آل عمران الآية 64 (3) سورة المزمل الآية 20 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 60 38 – بيان أن صلاة الصبح إحدى الفرائض الخمس س: تسأل المستمعة وتقول: هل صلاة الصبح فرض أم نفل؟ ومتى وقتها؟ أرجو الإيضاح في ذلك جزاكم الله خيرا (1). ج: صلاة الفجر إحدى الفرائض الخمس بإجماع المسلمين، يجب على كل مكلف، وعلى كل مكلفة أداء الصلوات الخمس: الفجر ثنتان، والظهر أربع ركعات، والعصر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء أربع ركعات. يجب على جميع المكلفين من الرجال، ومن النساء من المسلمين،   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 404. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 60 يجب عليهم أن يصلوا هذه الصلوات الخمس بطمأنينة وإخلاص لله، يصلي الفجر ركعتين، يقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الأولى، ثم يركع ويطمئن، ثم يرفع ويعتدل ويطمئن، ثم يسجد السجدتين ويطمئن فيهما، ويقول فيها: سبحان ربي الأعلى. ويقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، ويجلس بين السجدتين، ويطمئن ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ويطمئن ويعتدل بعد الركوع وهو واقف مطمئن قبل أن يسجد، ثم الركعة الثانية كذلك، ثم يجلس ويقرأ التحيات المعروفة، ثم بعد قراءة التحيات، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنه المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ويدعو بما تيسر من الدعاء، ومن ذلك: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ثم يسلم تسليمتين، السلام عليكم ورحمة الله عن يمنه، السلام عليكم ورحمة الله عن يساره، وفي الظهر أربع ركعات يصلي ركعتين بالفاتحة وما تيسر معها، ثم يجلس في التشهد الأول يقرأ التحيات إلى الشهادتين، وإذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون أفضل، ثم يقوم يأتي بالركعة الثالثة والرابعة والعصر كذلك، والعشاء كذلك أربع ركعات، أما المغرب فثلاث. . . يصلي ركعتين، ويجلس في التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بركعة ثالثة، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 61 ويجلس للتشهد الأخير، بعد الصلاة على النبي والدعاء ويسلم، إلا المسافر فإنه يصلي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين قصرا، أما الفجر فعلى حالها في السفر والحضر، وهكذا المغرب على حالها في السفر والحضر، والواجب على كل مكلف أن يتعلم، ويتفقه في الدين، هذا هو الواجب؛ لأنه مخلوق لعبادة الله. الله يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1) والصلوات من هذه العبادة التي أنت مخلوق لها، فيجب أن تتعلم ويجب على المرأة أن تتعلم، تسال أهل العلم حتى تتفقه في دين الله، وحتى تكون على بينة، وهكذا الرجل يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (2)» ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (3)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من   (1) سورة الذاريات الآية 56 (2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة برقم 1037. (3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره برقم 1893. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 62 سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (1)» وأنا أنصح بسماع إذاعة القرآن؛ ففيها علم، وفيها نور على الدرب للعلماء، فيها محاضرات وندوات علمية مفيدة، أنصح جميع إخواني وأخواتي في الله أن يستمعوا لإذاعة القرآن، ويستفيدوا منها، وأن يسألوا أهل العلم عما أشكل عليهم، من طريق الهاتف، أو من طريق المكاتبة، لا بد من التفقه في الدين، لا بد من السؤال، وفق الله الجميع.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم 2699. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 63 39 – بيان آخر وقت صلاة الفجر س: هذا السائل يقول: سماحة الشيخ، هل صلاة الصبح تحل مكان صلاة الفجر لظروف عملي، وعدم المقدرة على الاستيقاظ لصلاة الفجر؟ وما هو آخر وقت لصلاة الفجر؟ وما آخر وقت لصلاة الصبح؟ مأجورين (1) ج: الواجب عليك أن تصلي مع المسلمين، إذا أذن تذهب إلى المسجد وتصلي مع المسلمين، وآخر وقت لصلاة الفجر طلوع   (1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم 425. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 63 الشمس، إذا طلعت ذهب الوقت، ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس، ولا يجوز ترك الجماعة مع المسلمين، يجب أن تصلي مع المسلمين في المسجد، الله جل وعلا يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (1) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2)» قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض، وجاءه رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (3)» ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى ما بعد طلوع الشمس، هذا كفر وضلال، نسأل الله العافية، التعمد هذا كفر وضلال، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكافر والشرك ترك الصلاة (4)» نسأل الله   (1) سورة البقرة الآية 43 (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 64 العافية، والأسباب المعينة: التبكير، كونه يذهب للنوم مبكرا لا يصيف، ويركد الساعة قبل الأذان حتى يقوم، أو يعمد أهله الطيبين يوقظونه، يفعل الأسباب، أما إذا كان يسهر ولا ينام إلا عند الفجر، هذا كالمتعمد، نسأل الله العافية، فعليه أن يبكر ولا يسهر، وعليه أن يعتني بالساعة يركدها قرب الأذان، أو يعمد أهله الطيبين يوقظونه، لا يتساهل، يفعل الأسباب. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 65 40 – حكم تأخير صلاة الفجر س: قد يعيش مع الإنسان أناس يصلون، ولكنهم يتأخرون في صلاة الفجر بمقدار ساعة، ما هو التوجيه لو تكرمتم (1)؟ ج: الواجب على المسلم والمسلمة فعل الصلاة في الوقت، الفجر والمغرب والعشاء والظهر والعصر، يجب على المسلم أن يعتني بأداء الصلاة في الوقت، ولا يجوز لكل منهما تأخيرها عن الوقت، ويزيد الرجل في ذلك صلاتها في الجماعة في مساجد الله، والمرأة تصليها في البيت؛ لأنه خير لها، ولا يجوز له ولا لها التأخير عن الوقت، فالفجر تصلى قبل طلوع الشمس، والظهر بعد الزوال وقبل وقت العصر،   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 192. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 65 والعصر في وقتها قبل أن تصفر الشمس، والمغرب في وقتها قبل أن يغيب الشفق، والعشاء في وقتها قبل أن ينتصف الليل، عليهما جميعا فعلها في الوقت، وعلى الرجل أن يصليها في الجماعة في مساجد الله لا في البيت، فصلاتها في البيت للرجل مشابهة لأعداء الله المنافقين، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1) فلا يجوز للمسلم أن يتشبه بأعداء الله المنافقين لا بالكسل في الصلاة والتثاقل عنها، ولا بفعلها في البيت؛ بل يجب أن يسابق إليها، وأن يؤديها مع الجماعة في مساجد الله في وقتها مع الجماعة، وعلى المرأة كذلك أن تؤديها في وقتها، وأن تحذر التكاسل والتثاقل؛ لأن هذا من صفات أهل النفاق، ولا يجوز تأخير الفجر إلى طلوع الشمس؛ بل يجب أن تصلى في الوقت، وما يفعله بعض الناس من تأخيرها حتى يقوم إلى العمل هذا منكر عظيم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من فعل ذلك وتعمده، نسأل الله العافية. فالواجب الحذر، وأن يصليها في الوقت، وأن يحرص على أدائها في الجماعة، وألا يطيع الشيطان في ذلك، وعلى زوجته أن تعينه على ذلك   (1) سورة النساء الآية 142 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 66 بالإيقاظ والوعظ والتذكير، وأن يتخذا ساعة منبهة تعينهما على ذلك، إلا إذا كان عندهما من يوقظهما، فالمقصود أن الواجب أن تؤدى الصلوات الخمس في أوقاتها جميعها مع الجماعة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1)» فقد ثبت عنه في الصحيحين عليه الصلاة والسلام أنه هم أن يحرق على المتخلفين عن صلاة الجماعة بيوتهم؛ لعظم جريمتهم؛ ولأنهم متشبهون في ذلك بالمنافقين، فعلى المؤمن أن يحذر ذلك، وأن يتقي الله، وعلى المرأة أن تتقي الله، وأن تؤدي الواجب، فالصلاة تؤدى في وقتها، وهكذا بقية الواجبات، عليها أن تحرص عليها، وعلى الرجل أن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه بالصلاة في وقتها، والزكاة في وقتها، والصيام في وقته، وهكذا على كل منهما أن يعتني بما أوجب الله عليه، وأن يحذر ما حرم الله عليه؛ لأن هذه الدار دار العمل، وكلاهما مخلوق للعبادة، يقول الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (2) لم يخلق للأكل والشرب والعمل فيما يحصل الدنيا، لا، خلق لعبادة   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (2) سورة الذاريات الآية 56 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 67 الله، الرجل خلق ليعبد ربه، والمرأة كذلك، فالجن والإنس جميعا خلقوا ليعبدوا الله، وعبادة الله هي طاعته بفعل أوامره وترك نواهيه، والإخلاص له سبحانه، والتعظيم له، والصدق في ذلك، ومتابعة نبيه عليه الصلاة والسلام عن رغبة فيما عند الله، ورهبة فيما عنده سبحانه وتعالى، هكذا يجب على الرجال والنساء من الجن والإنس، رزق الله الجميع التوفيق والهداية. س: يقول السائل: أنا أحيانا أصلي الفجر قبل طلوع الشمس بخمس أو بعشر دقائق، هل صلاتي والحال ما ذكر مقبولة (1)؟ ج: نعم، إذا أديتها قبل طلوع الشمس صحت، ولكن لا يجوز لك التأخير؛ بل يجب عليك أن تصلي مع الجماعة في المساجد في بيوت الله جل وعلا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وقد سأله رجل أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 237. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 68 بالصلاة، قال: نعم. قال: فأجب (1)» فأمر هذا الأعمى أن يجيب إلى المساجد وهو أعمى، فكيف بالبصير؟ الواجب عليك أن تستيقظ قبل وقت الصلاة حتى تتأهب وتصلي مع الجماعة في مساجد الله، وإذا تأخرت ولم تحضر صلاة الجماعة وجب عليك أن تصلي في الوقت، وأن تبادر بها قبل طلوع الشمس، وأن تبتعد عن الخطر، لا تؤخرها إلى قرب طلوع الشمس؛ لئلا تطلع الشمس عليك، وعليك التوبة إلى الله من تأخيرك، ومن عدم الصلاة في الجماعة، عليك التوبة إلى الله، والندم، وعدم العودة إلى ذلك، وأن تجاهد نفسك جهادا كبيرا حتى تصلي مع الجماعة في وقت الصلاة؛ الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر كلها، الرجل يصلي مع المسلمين في المساجد، ولا يجوز له أن يتشبه بالمنافقين في أدائها في البيت، نسأل الله للجميع التوفيق.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 69 41 – بيان ما يلزم من قام من النوم قبيل طلوع الشمس س: إنني أقوم صباحا في بعض الأيام متأخرا، ولم يبق على طلوع الشمس سواء ست أو سبع دقائق، وأتوضأ، فهل أبدأ بصلاة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 69 الفرض أم بسنة الصبح، لأنني أخشى إن صليت السنة أن تطلع الشمس، ويخرج وقت صلاة الفرض (1)؟ ج: الواجب عليك أن تركد الساعة على وقت الفجر، أو قبله بقليل حتى تقوم قبل الأذان، وتتهيأ للصلاة، وتصلي مع المسلمين في الجماعة، ولا يجوز لك التأخير حتى يفوت وقت الجماعة أو يفوت الوقت، هذا حرام منكر، وتشبه بأعداء الله المنافقين، فالواجب على كل مسلم أن يعتني بالصلاة في الجماعة في الفجر وغيرها، ويستعين بالله، ثم بالساعة، الساعة نافعة إذا كان ما عنده من يوقظه حتى يستيقظ قبل الأذان، فيتمكن من الوضوء والغسل إن كان عنده زوجة، والحضور مع المسلمين في المساجد حتى يصلي مع الجماعة، هذا هو الواجب على المسلم، ولا يجوز له التأخر عن هذا والتساهل عن هذا، والتساهل بهذا من مشابهة المنافقين الذين قال الله فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (2) ثم يتوجه إلى المسجد، ويصلي مع الناس، وإذا كان فاتته الصلاة يبدأ بالسنة الراتبة   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 223. (2) سورة النساء الآية 142 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 70 يصلي ركعتين خفيفتين السنة الراتبة، ثم يصلي الفريضة، كان النبي يصليهما، ولو فات الوقت، ربما نام عن الصلاة في بعض أسفاره - صلى الله عليه وسلم -، فلم يستيقظ إلا بحر الشمس، فإذا قام أمر بالأذان، وصلى السنة الراتبة، وصلى الفجر عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن إذا غلبه النوم، ولم يقم إلا متأخرا فإنه يصلي سنة الفجر، ثم يصلي الفريضة، ولو طلعت الشمس ولو بعد طلوع الشمس، السنة أن يقدمها قبل الصلاة، ولو عند طلوع الشمس، لكن لا يجوز له أبدا أن يتأخر في القيام إلى الصلاة إلى أن تفوته صلاة الجماعة؛ بل يجب وجوبا، ويتعين عليه أن يفعل الأسباب التي تجعله يستيقظ حتى يحضر الصلاة مع المسلمين في أوقاتها، الفجر وفي غيرها، رزق الله الجميع الهداية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 71 42 – بيان المدة بين الأذان والإقامة س: السائل ح. م. ع، من جمهورية مصر العربية يقول: نحن نعمل في مزرعة، ولا يوجد بها مسجد، وأنا أصلي الصلاة بعد الأذان بحوالي نصف ساعة، فهل هذا يكون في وقت الصلاة أم لا؟ وإذا لم يكن في وقتها فما هي المدة المحددة بين الأذان والإقامة (1)؟   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم 399. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 71 ج: الأمر في هذا واسع والحمد لله، عندك التقويم، تعرف التقويم، تعمل بالتقويم المعروف، التقويم هذا معروف ومستقيم، لا بأس بالتقويم، تقويم أم القرى يكون عندك في مزرعتك حتى تعرف الأوقات، إذا كان ما تسمع الأذان، ما حولك مساجد يكون عندك التقويم، وتعمل به بعد التوقيت، ربع ساعة، ثلث ساعة، تصلي، نصف ساعة، لا بأس، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولكن المغرب يكون الأفضل لا تتأخر بعد عشر دقائق، ربع ساعة، تبادر بالمغرب؛ لأن الرسول كان يبادر به عليه الصلاة والسلام، المقصود يكون عندك نسخة من التقويم حتى تعرف الأوقات إذا كانت المساجد بعيدة عنك لا تسمع الأذان. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 72 43 – حكم الصلاة قبل الأذان س: مستمعة تسأل عن والدها، فتقول: إنه يصلي قبل الأذان، فما هو توجيهكم (1)؟ ج: إذا كان يعلم أن المؤذن تأخر عن الأذان، وأن الوقت دخل، وهو معذور مريض لا يستطيع أن يذهب إلى المسجد له أن يصلي، أما أن   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 317. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 72 يصلي هكذا بدون نظر فلا يجوز إلا بعد الأذان، لكن لو كان الإنسان حصيفا، ويعرف عن يقين أنه تأخر عن الوقت، وصلى قبل الأذان فلا بأس؛ لأن الإنسان يجب عليه أن يعرف الأوقات ويتأمل ولا يعجل، فإذا كان يعرف الأوقات، وصاحب الأذان تأخر في بعض القرى، أو في بعض المساجد صلى قبل الأذان؛ لأنه عرف أن الوقت قد دخل، أو لأن المؤذنين قد أذنوا سواه. فالحاصل أنه إذا عرف الوقت، وأن المؤذن قد تأخر، وصلى هو؛ لأنه مريض، أو لأنها امرأة تعرف الوقت فلا بأس، لكن الواجب الصبر، وعدم العجلة حتى يعرف الوقت، أو حتى يؤذن المؤذنون؛ لأنهم في الغالب على الوقت، فيؤذنون في أول الوقت، فلا حاجة إلى العجلة، بل يصبر حتى يؤذن المؤذن، لكن لو فرضنا أن إنسانا في محل، وتأخر المؤذن، والوقت معروف أنه دخل وصلى قبل الأذان فلا بأس. س: إذا صليت أحد الفروض قبل موعد الصلاة بما يقرب من عشر دقائق، وكان ذلك سهوا مني، هل تسقط عني تلك الصلاة أم ما زالت في ذمتي (1)؟   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 217. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 73 ج: إذا صليتها قبل الوقت فهي باطلة ولا تسقط عن ذمتك، مثلا صليت الظهر قبل الزوال، أو المغرب قبل غروب الشمس، أو الفجر قبل طلوع الفجر، فالصلاة باطلة، عليك أن تعيدها، ولا تبرأ الذمة إلا بإعادتها، ولا يجوز لك أن تصلي قبل الوقت أبدا؛ بل أنت آثم، وعليك التوبة من ذلك، والله المستعان. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 74 44 – حكم الصلاة أثناء الأذان س: الأخت أميمة تسأل عن القضية التالية: تقول: هل يجوز أن أصلي أثناء الأذان – أقصد صلاة السنة القبلية أو صلاة الفرض – دون أن أنتظر المؤذن حتى ينتهي (1)؟ ج: إذا دخل الوقت جازت الصلاة حتى ولو لم يؤذن، إذا دخل الوقت، وعرف المؤمن أو المؤمنة دخول الوقت لزوال الشمس مثلا، أو بغروب الشمس مثلا، أو بطلوع الفجر في الفجر صلى ولو لم يسمع أذانا، لكن إذا كان هناك اشتباه فلا ينبغي التعجل؛ بل ينبغي التأخر حتى يتحقق دخول الوقت، حتى يؤذن المؤذنون، وليس هناك حاجة للعجلة؛   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 136. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 74 بل يبقى الإنسان ذكرا كان أو أنثى، لا يستعجل حتى يتحقق دخول الوقت، أو يغلب على الظن دخوله بأسباب واضحة، ولا ينبغي التعجل في هذا، والمرأة بحمد الله عندها ساعة تبقى في بيتها، ولا تعجل حتى يؤذن المؤذنون، ويمضي وقت بعد الأذان أيضا حتى تحتاط لدينها، وليست مربوطة بالرجال، لكن تحتاط لدينها بالتأخر بعض الوقت بعد الأذان، أما الرجل فإنه يصلي مع الناس، ويذهب إلى المساجد، فإذا كان لا يستطيع لمرضه، أو كونه مقعدا يصلي في البيت، فهذا مثل المرأة لا يعجل حتى يتحقق الوقت، أو يغلب على ظنه دخول الوقت بالعلامات الدالة على ذلك، ولا يستعجل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 75 45 – بيان ما يفعله الداخل إلى المسجد أثناء الأذان س: بالنسبة للرجل إذا دخل المسجد يا سماحة الشيخ أثناء تأدية الأذان، هل ينتظر الأذان حتى ينتهي أم يؤدي تحية المسجد (1)؟ ج: الأفضل ينتظر حتى يجيب المؤذن، ثم يصلي ركعتين حتى يجمع بين السنتين، يجيب المؤذن وهو واقف، ثم إذا أجاب المؤذن، وكمل   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 136. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 75 ذلك صلى ركعتين، أما إذا كان يشق عليه الوقوف يصلي ركعتين والحمد لله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 76 46 – حكم الصلاة بعد الأذان الأول للفجر س: السائلة هـ. ن. أ، من اليمن تقول: هل يجوز للمرأة أن تصلي صلاة الفجر بعد الأذان الأول، قبل الإقامة، وقبل الأذان الثاني؟ بحيث إنني سمعت أن المرأة ليس لها إقامة (1). ج: الواجب على الرجال والنساء ألا يصلوا الفجر إلا بعد طلوع الفجر الصادق، وبعد الأذان الذي على الفجر، أما الأذان الأول الذي يؤذن به في آخر الليل؛ لتنبيه الناس هذا ما يدخل به وقت الصلاة، ولا تصلى الفريضة بعده، ولكن إذا أذن المؤذن الذي يؤذن على طلوع الفجر الصادق على الصبح، فيصلي الرجال والنساء، أما الأذان الأول الذي قبل دخول الفجر قبل طلوع الفجر فهذا للإعلان فقط أن الفجر قريب، حتى يعلم الناس أنه قريب، الذي يوتر يوتر، والذي يقوم يتوضأ، وأما الفريضة فلا تصلى إلا بعد طلوع الفجر الصادق للرجل والمرأة   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 409. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 76 جميعا وليس للمرأة إقامة ولا أذان، لكن متى طلع الفجر، وأذن المؤذن، سمعت الأذان تتأخر بعض الشيء ثم تصلي، لا تعجل حتى يمضي وقت من باب الاحتياط، فإذا مضى وقت ربع ساعة، ثلث ساعة، أو نصف ساعة صلت الفجر، ولا يلزمها التقيد بالمساجد، وأن تسمع الإقامة، صلاتها مستقلة، تصلي سواء سمعت الإقامة أو ما سمعت الإقامة، متى أذن ومضى وقت بعد الأذان ربع ساعة، ثلث ساعة؛ للاحتياط صلت الفريضة، وهكذا الظهر والعصر والمغرب والعشاء. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 77 47 – بيان عدم ارتباط صلاة المرأة في بيتها بصلاة الرجال في المسجد س: بعض النساء سماحة الشيخ ينتظرن حتى يخرج الرجال من المساجد (1)؟ ج: هذا لا أصل له، صلاة المرأة ليست مربوطة بصلاة الرجال، تصلي في بيتها متى دخل الوقت، وأذن المؤذن والحمد لله، الرجال لهم صلاتهم، وهي لها صلاتها في بيتها غير مربوطة بالرجال. س: تقول السائلة: عندما يؤذن المؤذن هل يصح للمرأة أن تصلي أم   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 409. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 77 تتأخر قليلا حتى تقام الصلاة، وبعد ذلك تصلي لنفسها (1)؟ ج: ليس لها ارتباط بالرجال؛ بل متى دخل الوقت فإنها تصلي، سواء كان قبل صلاة الرجال، أو بعد صلاة الرجال، وليس لها ارتباط بإقامة الصلاة في المساجد؛ بل متى أذن ومضى بعض الوقت فإنها تصلي، ولا تبادر من حين الأذان؛ لأنه قد يكون الأذان مبكرا، فإذا تركت قليلا، وتمهلت قليلا ثم تصلي فهو أحسن؛ احتياطا من دخول الوقت. س: هل يجوز للمرأة التي تصلي في بيتها، أن تصلي قبل إقامة الصلاة في الجامع، وأنا أصلي قبل الإقامة، وذلك لأن أكثر صلوات الفجر لم أصلها إلا قضاء، بسبب ذلك أني أسمع الأذان وأقوم، ولكن كثيرا ما يغلبني النعاس وأنام، ولا أصحو إلا بعد زوال وقت الصلاة؛ وذلك لأني أنتظر مدة طويلة حتى يقيم الإمام، ولكني فضلت أن أسأل فأعمل بما أسمع منكم، جزاكم الله خيرا (2)؟ ج: عليك أن تصلي إذا دخل الوقت، وليس عليك أن تنتظري الإمام،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 111. (2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 224. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 78 هذا لا أصل له، صلاة المرأة مستقلة، تصلي قبل الإمام أو بعد الإمام ليس لها تعلق بالإمام، والحمد لله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 79 48 – حكم تأخير الصلاة بعد الأذان س: ما حكم من أخر صلاة فرض ولو دقائق معدودة بعد أن سمع الأذان، وذلك بدون عذر قوي (1)؟ ج: السنة أن يتأخر بعد الأذان قليلا، وأن لا يبادر بعد الأذان؛ لأنه قد يبكر بالأذان، قد يكون أذن قبل الوقت، فالاحتياط أن تكون الصلاة بعد الأذان بدقائق، كربع ساعة، ثلث ساعة، نصف ساعة، كل هذا لا بأس به، لكن المغرب الأولى فيها التبكير أكثر من غيرها؛ لأن وقتها أقصر من غيرها، فالأفضل التبكير بها كما كان النبي يبكر بها عليه الصلاة والسلام، فإذا صلاها بعد الأذان بعشر دقائق، بثمان دقائق فحسن، وإن أخرها ربع ساعة، ثلث ساعة لا حرج في ذلك، المقصود أنه لا حرج أن يصلي الصلاة في أول وقتها، أو في وسط وقتها، أو في آخر وقتها، لكن الأفضل أن تكون في أول وقتها، هذا هو الأفضل، إلا إذا اشتد   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 115. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 79 الحر في الظهر، فالأفضل أن يؤخرها حتى ينكسر الحر، وهكذا في العشاء الأفضل فيها التأخير إلى الثلث الأول من الليل، إلا إذا اجتمع أهل المسجد، فإن السنة أن يبادر وألا يعطلهم، وهكذا المريض والمرأة في البيت إذا أخرا بعض الوقت في صلاة العشاء فهو أفضل، وإن اقتضت المصلحة التبكير؛ لأن كلا منهما يحتاج إلى النوم المبكر في أول الليل، بكر بها. الخلاصة أن العشاء يستحب فيها التأخير إلى ثلث الليل، أو ما يقارب ذلك، هذا هو الأفضل إذا لم يكن في هذا مضرة على أحد، وهكذا في صلاة الجماعة في العشاء يستحب للإمام أن يؤخرها إذا لم يجتمعوا، فإن اجتمعوا عجل، وهكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر عليه الصلاة والسلام، والظهر كذلك لشدة الحر، إذا اشتد الحر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبرد بالظهر، ويأمر بالإبراد، هذا هو السنة. س: الأخت س. أ. تسأل وتقول: هل صحيح أنه لا تجوز الصلاة إلا بعد نصف ساعة من الأذان (1)؟ ج: ليس بصحيح، متى دخل الوقت جازت الصلاة، ولو بعد دقائق   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 204. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 80 قليلة، متى علم دخول الوقت، زالت الشمس للظهر، صار ظل كل شيء مثله بعد الزوال دخل العصر، وإذا غربت الشمس يصلي المغرب، وإذا غاب الشفق الأحمر من جهة المغرب يصلي العشاء، ومتى طلع الفجر يصلي الفجر، أما تحديد نصف ساعة، أو ثلث ساعة، أو ربع ساعة هذا لا دليل عليه، ولكن لكونه يتأنى بعد الوقت قليلا حتى يطمئن، ويتوثق من دخول الوقت، وإن كان إماما تأخر حتى يجتمع الناس، ويتلاحق الناس لا يعجل، يتأخر ربع ساعة، ثلث ساعة حتى يتلاحق الناس في المسجد، هذا مشروع مأمور به؛ حتى لا تفوتهم الصلاة. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتأنى بعد الأذان، ولا يعجل عليه الصلاة والسلام، فالسنة للمؤمن أن يلاحظ سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، في الصلاة وغيرها، والمرأة كذلك لا تعجل، لو تأخرت قليلا حتى تتيقن الوقت؛ لأن بعض المؤذنين قد يبكر، بعض المؤذنين ليس عندهم الضبط المطلوب، قد تكون ساعته أيضا متقدمة، فالتأخر ربع ساعة، ثلث ساعة، بعد الأذان يكون فيه احتياط للرجل والمرأة جميعا، للرجل الذي يصلي مفردا كالمريض، وللإمام حتى يحضر الناس إلى المسجد، وحتى يلحقوا الصلاة؛ لأن كثيرا من الناس لا يقوم للصلاة إلا بعد الأذان، يقوم يتوضأ ثم يأتي، فلا ينبغي للمؤمن أن يعجل، والمفرد الذي في بيته الجزء: 7 ¦ الصفحة: 81 لمرضه لا يعجل، والمرأة كذلك لا تعجل للتأكد من دخول الوقت، والحيطة لهذا الأمر. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 82 49 – حكم تأخير الصلاة لسماع برامج دينية س: إذا كان هناك برنامج أحب الاستماع إليه، لكنه يأتي في وقت الصلاة، فهل أستمع إلى ذلك البرنامج، علما بأنه برنامج ديني، أم أبدأ بتأدية الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: الواجب عليك أن تبدأ بالصلاة في الجماعة، أما إذا كنت مريضا أو مسافرا يمكن أن تؤخر قليلا لتسمع الفائدة؛ فلا بأس، أما إذا كان هذا الاستماع يفوت صلاة الجماعة فلا يجوز ذلك؛ بل عليك أن تصلي مع الجماعة.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 294. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 82 50 - حكم تأخير الصلاة بسبب الأعمال المنزلية س: هل أداء الصلاة بعد الأذان بساعة أو ساعتين بسبب أداء أعمال البيت من غسيل وطبخ وغير ذلك هل يعتبر هذا حراما أم جائزا (1)؟   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 331. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 82 ج: لا حرج في أداء الصلاة في أول الوقت، وفي وسطه، وفي آخره، لا حرج في ذلك، ولكن في أوله أفضل إذا تيسر ذلك، الصلاة في أوله أفضل، إلا العشاء الأفضل التأخير إلى ثلث الليل إذا تيسر ذلك بدون مشقة، وفي شدة الحر في أيام الصيف الأفضل تأخير الظهر بعض الشيء حتى يبرد الوقت، وما سوى هذين الوقتين فالأفضل التبكير، وإذا دعت الحاجة إلى التأخير من أجل مشاغل البيت أو الأطفال فلا حرج في ذلك بشرط العناية؛ لئلا تؤخر إلى وقت آخر، لا بد أن تكون الصلاة في وقتها، وإذا أخرت إلى نصف الوقت أو آخر الوقت للحاجة فلا بأس، إلا أن الأفضل دائما الصلاة في أول الوقت بعد دخول الوقت بربع ساعة، ثلث ساعة يكون أفضل، إلا في الحالتين: شدة الحر في الظهر، وصلاة العشاء الأفضل فيها التأخير إذا لم يجتمع المأمومون في المسجد، أما إذا اجتمعوا فالأفضل تبكيرها، وهكذا في البيت للمريض والمرأة الأفضل التأخير، إلا إذا دعت الحاجة للتعجيل، هذا بالنسبة للعشاء خاصة، وبالنسبة للظهر الأفضل التأخير في وقت الحر حتى يبرد الوقت للجميع؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا اشتد الحر فأبردوا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 83 بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم (1)» هكذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان يفعل هذا في البلد وفي السفر، الأفضل التأخير حتى يمضي نصف الوقت، يعني حتى ينكشف الحر.   (1) أخرجه البخاري في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر، برقم (534)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، برقم (615). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 84 51 – حكم الاكتفاء بالإقامة عن الأذان س: هل يكتفى بالإقامة فقط بدون أذان عندما يكون قد اقترب وقت انتهاء الصلاة (1)؟ ج: إذا كان قد أذن غيره، إذا كان قد أذن المؤذنون في البلد فلا بأس، أما إذا كان ليس فيه إلا هو فإن عليه أن يؤذن حتى يعلم الناس دخول الوقت.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 331. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 84 52 – حكم منع العمال من الصلاة والواجب عليهم س: يقول السائل: إنه يعمل في إحدى المؤسسات، وليس هناك وقت محدد لأداء الصلوات، ويرجو التوجيه، ويقول: إن المسئول عن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 84 الشركة يعارضه إذا أراد تأدية صلاته (1). ج: الصلاة لا بد منها، وهي مستثناة من العمل، والذي يقوم على الشركة إذا أبى لا يطاع، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الطاعة في المعروف (2)» ويقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (3)» فإذا جاء وقت الصلاة فالواجب عليك وعلى إخوانك المسلمين أن تصلوا جميعا الصلاة في وقتها: ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء أو فجرا، على حسب حالكم في العمل، إذا جاء الوقت صلوا جميعا، ثم ارجعوا إلى عملكم، وإذا كان المأمور من جهة الشركة يأبى ذلك فارفعوا أمره إلى من فوقه، وأخبروه أن هذا الأمر لا بد منه، وأنه لا يجوز لكم أن تتأخروا عن صلاتكم؛ لأجل قوله أو قول غيره، ولكن لا مانع من تأخيرها عن أول الوقت إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وأن تصلوها في وسط الوقت لا   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 144. (2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1840). (3) أخرجه أحمد في مسند البصريين، حديث الحكم بن عمرو الغفاري، برقم (20656). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 85 حرج في ذلك. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 86 53 – حكم تقديم أداء الصلاة قبل وقتها س: يسأل يقول: سمعت من رجل يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الصلاة قبل وقتها بسبب القتال، فهل صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قام بذلك (1)؟ ج: يجوز عند الحاجة الجمع بين الصلاتين إذا كان في السفر، يجمع بين الصلاتين عند الحاجة للقتال، أما أن يصليها قبل وقتها، فلا لكن يؤخر لا بأس؛ لأنه يجوز التأخير، فلا يصلي الظهر قبل وقتها، ولا يصلي المغرب قبل وقتها، لكن يجوز أن يؤخر المغرب مع العشاء والظهر مع العصر المسافر، وفي حالة القتال والحاجة إلى الجميع، وله أن يؤخرها أيضا عن وقتها إذا اضطر إلى ذلك، كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أخر العصر حتى صلاها بعد المغرب يوم الأحزاب لما اضطره المشركون إلى ذلك وقت الحرب، فإذا اضطر إلى ذلك جاز أن يؤخر الصلاة عن وقتها، لا يقدمها؛ بل يؤخرها عند الضرورة شدة الحرب، وله   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 257. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 86 أن يصلي الصلاة، كما صلاها النبي وقت الخوف، يصليها كفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يجعل الغزو طائفتين: طائفة تصلي معه، وطائفة تقوم حذاء العدو تحرس العدو لئلا يهجم، ويصلي بهم كما صلى بهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، يصلي في الأولى ركعتين إذا كان في السفر قصرا، ثم تذهب تحرس، وتأتي الطائفة الأخرى تصلي وحدها، أو يصلي بهذه ركعة ثم تكمل لنفسها، ثم تذهب تحرس، ثم تأتي الثانية وتصلي معه ركعة ثانية، ثم تقضي لنفسها، ثم تجلس معه ويسلم بها، كل هذا فعله - صلى الله عليه وسلم -. وفعل أمر آخر، وهو أنه صلى بهذه ركعتين وبهذه ركعتين، صلى بطائفة ركعتين، ثم ذهبت تحرس، ثم جاءت الطائفة الأخرى وصلى بها ركعتين، وصارت الركعتان له الأخيرتان نافلة، كل هذا فعله عليه الصلاة والسلام. وله أفعال أخرى في الخوف إذا كان العدو أمام القبلة له أن يجمعهم جميعا ويصلي بهم جميعا، وإذا سجد في الركعة الأولى سجد معه الصف الأول، وبقي الصف الثاني يحرس ينظر، فإذا قام الصف الأول من السجود سجد الصف الثاني، هذا كله أيضا فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، الخوف له حالات متنوعة، وإذا اضطر إلى أن يؤدي الصلاة، وأن يؤخرها عن وقتها فالصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لفعله - صلى الله عليه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 87 وسلم - يوم الأحزاب، وقد فعله الصحابة في قتال الفرس، كما ذكر أنس رضي الله عنه أنهم في بعض الأيام التي لاقوا فيها العدو الفرس عند فتح تستر، فتحوها عند طلوع الفجر في وقت صلاة الفجر، وشغل الناس عن الصلاة؛ لأن بعضهم صار على السور، وبعضهم على الأبواب، وبعضهم نزلوا في البلد، فاشتد القتال والحصار، فلم يتمكنوا من صلاة الفجر، فأخروها حتى صلوها ضحى. قال أنس رضي الله عنه: فما أحب أن أعطى بها كذا وكذا، يعني لأنا أخرناها لأمر شرعي، وحاجة شديدة وضرورة، فلا حرج في هذا على الصحيح. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 88 54 - حكم جمع الصلوات من أجل التفرغ للبيع والشراء س: سائلة تقول: في سفري أخرج في الصباح، وأصل المنزل بعد العشاء بفترة، فأصلي قبل الخروج الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرا مع بعضها، هل هذا صحيح أم لا؟ وكذلك إذا خرجت للسوق قبل العصر، وأصل المنزل بعد العشاء، هل أصلي العصر والمغرب قبل الخروج من المنزل؛ لأن وقت السوق محدود (1)؟   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط 282. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 88 ج: ليس لك قصر ولا جمع، الواجب عليك الإتمام، هذا غلط عظيم، الواجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، الظهر أربعا، والعصر أربعا، والمغرب ثلاثا، والعشاء أربعا، ولو كنت في السوق صلي في السوق في الوقت، والحمد لله. أما الجمع بين الصلاتين فهذا منكر، ليس لك الجمع من أجل السوق والبيع والشراء، ولكن تصلين في البيت إذا خرجت بعد زوال الشمس بعد أذان الظهر، صلي في البيت الظهر فقط، وإن كان بعد العصر إذا أذن صلي العصر فقط، ثم اذهبي للسوق، وإذا جاء المغرب وأنت في السوق اذهبي للبيت، وصلي في البيت، أو صلي في السوق إن كان البقاء لا بد منه صلي في السوق، ثم ابقي في السوق حتى يأتي وقت العشاء، ثم صلي العشاء في السوق، أما الجمع بينهما فهذا منكر عظيم لا يجوز، وإذا كنت فعلت شيئا من هذا فعليك الإعادة، إذا كنت صليت العصر قبل وقتها، أو الظهر قبل وقتها، أو المغرب قبل وقتها أو العشاء قبل وقتها، فعليك الإعادة مع التوبة إلى الله، هذا منكر عظيم، نسأل الله السلامة والعافية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 89 55 – حكم تأخير الصلاة عن وقتها، والمداومة على ذلك س: ما حكم من أخر صلاة الفريضة حتى يخرج وقتها وداوم على الجزء: 7 ¦ الصفحة: 89 هذا العمل (1)؟ ج: هذا منكر وحرام عليه، لا يجوز له ذلك؛ بل الواجب أن يصلي الصلاة في وقتها، هذا هو الواجب، كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (2) هي موقوتة على المؤمنين، يعني مفروضة في أوقاتها، فالواجب على المؤمن أن يصليها في الوقت، وليس له تأخيرها إلى ما بعد الوقت، لا الرجل ولا المرأة، يجب عليها جميعا أن تفعل الصلاة في الوقت، فالظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، وليس لأحد أن يؤخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، وليس لأحد أن يؤخر المغرب إلى غروب الشفق، وهكذا ليس لأحد أن يؤخر الظهر إلى وقت العصر، ولا أن يؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، كل هذا لا يجوز، وعلى من فعله التوبة إلى الله، والرجوع إليه سبحانه وتعالى، وقد قال بعض أهل العلم: إنه يكفر بذلك؛ لأنه أخرجها عن وقتها الشرعي. فالحاصل أن هذا منكر عظيم يجب الحذر منه، وأن يجتهد المؤمن   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 39. (2) سورة النساء الآية 103 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 90 والمؤمنة في فعل الصلاة في وقتها بكل عناية، هذا هو الواجب. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 91 56 – حكم التيمم للصلاة خوفا من خروج الوقت س: هل علي إثم في ترك الوضوء خوفا من فوات الوقت أم لا بد أن أتوضأ (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت قمت من النوم بأن غلبك النوم وقمت فإنك تتوضأ، ولو خرج الوقت، أو ناسيا ثم انتبهت فإنك تتوضأ ولو خرج الوقت، وقتك وقت استيقاظك ووقت انتباهك، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (2)» أما إذا كنت متساهلا، ليس عندك نسيان ولا نوم فالواجب عليك أن تصليها في وقتها، ولو بالتيمم لو ضاق الوقت، وليس لك التأخير؛ لأنك حينئذ ظالم بالتأخير معتد، فالواجب عليك البدار أن تصلي في الوقت قبل خروج الوقت ولو بالتيمم، نسأل الله السلامة.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 336. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 91 57 – حكم تأخير الصلاة للخوف، وعدم القدرة على الوضوء س: تقول السائلة: هل يجوز أيضا تأخير الصلاة لخوف، وعدم قدرة على الوضوء (1)؟ ج: تأخيرها عن وقتها لا يجوز، وعن أول الوقت لا بأس، وهكذا المريض لا بأس أن يؤخر الظهر إلى العصر، والمغرب إلى العشاء، والمسافر كذلك، أما تأخيرها عن الوقت فلا يجوز لا للمريض ولا لغيره، لكن المريض له الجمع: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وهكذا المسافر، فإذا أخر المريض الظهر مع العصر، والمسافر الظهر مع العصر فلا حرج، لكن ليس لهما أن يؤخراها إلى أن تصفر الشمس، وليس لهما أن يؤخرا العشاء إلى ما بعد نصف الليل؛ بل الواجب أن يصليا الصلاتين في وقت واحد إحداهما، وإذا كان يخاف فإنه يصلي على حسب حاله، وعلى حسب قدرته، فالخوف يختلف، إن كان الخوف لخروجه من بيته إلى المسجد يصلي في البيت، وإن كان الخوف من صلاته قائما صلى قاعدا، وإن كان الخوف من صلاته قاعدا صلى على جنب، فالخوف يختلف ولا يضيع الوقت.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 128. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 92 س: هل يجوز تأخير الصلاة لآخر وقتها؛ للخوف، أو للبحث عن الماء، أو لطلب حاجة ضرورية، فقد تنقضي في آخر الوقت (1)؟ ج: يجوز، لكن لا يفوتها، يجوز أن يؤخرها إلى آخر الوقت حتى يصلي في آخر الوقت لطلب الماء، أو لشغل مهم يخشى فواته، وأما إذا استطاع أن يصليها في أول الوقت فهو الأفضل، وإذا كان هناك جماعة وجب عليه أن يصلي مع الجماعة مع المسلمين في بيوت الله عز وجل في المساجد، أما إذا كان وحده كالمريض أو في السفر ليس عنده أحد، وشغل عن ذلك بشيء مهم فصلاته في آخر الوقت لا حرج فيها، لكن يحذر عن تأخيرها عن الوقت، وهو جائز في أوله وفي أوسطه وفي آخره، لكن فعلها في أول الوقت أفضل، إلا إذا اشتد الحر فيشرع تأخير الظهر حتى يبرد، وهكذا العشاء إذا تأخر الجماعة شرع للإمام أن يتأخر حتى يجتمعوا، كما كان النبي يفعله عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 331. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 93 58 – حكم تأخير الصلاة للضرورة س: طبيب يعمل بالعمليات الطارئة، مما يؤدي أحيانا إلى انشغاله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 93 عن الصلاة حتى خروج الوقت، ماذا يصنع؟ قيل له: إنه في تلك الحالة عليه أن يؤدي الصلاة بأي طريقة، ما هي هذه الطريقة وفقكم الله (1)؟ ج: الواجب على المسلم أن يصلي الصلاة في وقتها، وألا يشغل عنها بشيء، اللهم إلا من شيء ضروري الذي لا حيلة فيه كإنقاذ غريق، إنقاذ من حريق، ومن هجوم عدو، هذا لا بأس به بأن تؤخر الصلاة ولو خرج وقتها، أما الأمور العادية التي لا خطر فيها فلا يجوز تأخير الصلاة من أجلها، فقد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما حصر أهل مكة المدينة يوم الأحزاب أخر صلاة الظهر والعصر إلى ما بعد المغرب. وفي الرواية الأخرى: صلاة العصر إلى صلاة المغرب من شغله بالقتال، وثبت عن الصحابة لما حاصروا تستر، وانفلق الفجر والقتال قائم، والناس على الأسوار، وعلى الأبواب أجلوا صلاة الفجر حتى فتح لهم، ثم صلوها ضحى؛ لئلا يفوت الفتح، ولئلا يتراجع الكفار، فإذا كان مثل هذا جاز التأخير؛ لأنه شيء ضروري، ومثل إنقاذ حريق، أو حريق وقع في البيت، أو غريق في نهر أو شبهه، فبادر بإنقاذه فإنه   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 38. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 94 يجوز ذلك ولو قدر أنه تفوته الصلاة في وقتها بهذا السبب؛ لأن إنقاذ النفوس المسلمة المعصومة له أهمية عظيمة، ولأن هذا الخطر قد لا يستدرك لو قدم الصلاة فتفوت مصلحة، فجاز التأخير؛ لأنه شيء لا يفوت الصلاة كما يؤخر الإنسان بالجمع والمرض ونحوه، هذا أعظم من ذلك، إذا جاز تأخير الظهر إلى العصر، والمغرب إلى العشاء للمرض والسفر جاز تأخيرها عن وقتها، العصر عن وقتها، أو الفجر عن وقتها؛ لإنقاذ غريق أو من حريق ونحو ذلك أسهل وأولى. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 95 59 – بيان وجوب الصلاة في الوقت وعلى حسب الحال س: الأخ: خ. ح. خ. من البحرين يسأل ويقول: إنه يعمل في البحر، ووظيفته حساسة إلى أبعد الحدود كما يصورها، ويقول: إنه لا يستطيع أن يصلي كثيرا من الصلوات في أوقاتها، كما أنه لا يصلي الجمعة إلا مرتين في الشهر؛ نظرا لعدم تمكنه من ذلك، ويرجو من سماحتكم التوجيه، جزاكم الله خيرا (1). ج: الواجب على كل مسلم أن يصلي الصلاة في وقتها، وليس له   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 257. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 95 تأخيرها عن وقتها؛ بل يجب على المؤمن أن يصليها على حسب حاله، إن كان مريضا صلاها قاعدا، أو كان عاجزا صلاها على جنبه، أو مستلقيا على حسب طاقته، وليس له التأخير، لكن لا مانع من أن يجمع بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء إذا كان مسافرا، أو كان مريضا، أو كان في حالة مطر، وشق عليه الخروج إلى المساجد، فالمقصود أنه لا بد من عذر شرعي، وكونه في البحر لا يمنع من كونه يصلي الصلاة في وقتها، فإذا أراد أن يغوص في البحر فينظر للوقت المناسب فيغوص في الأوقات المناسبة التي لا تمنع أداء الصلاة في وقتها، وإذا كان له أعمال في البحر أخرى لا بد أن يراعي أوقات الصلاة حتى لا يخل بها، تكون أعماله متفقة مع الأوقات حتى لا يخل بالصلاة، وليس له عذر شرعي أن يقدم أعماله الدنيوية والتجارية على الصلاة في وقتها، هذا ليس بعذر لا في البحر ولا في البر ولا في الجو، أما إذا عرض له عارض من مرض أو نوم ليس باختياره، هذا شيء عفا الله عنه، المريض يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، النائم غلبه النوم من غير تعمد منه إذا استيقظ يصلي، لكن التعمد لا، لا يتعمد تأخيرها عن وقتها، ولا تقديمها على وقتها. وأما إن كان عمله ليس من الغواصين، وإنما عمله على ظهر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 96 السفينة فإن هذا أشد في وجوب الملاحظة، لا عذر له، يجب عليه أن يفعل الصلاة في وقتها، مهما كانت الحال، أمر الله مقدم، حق الله مقدم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 97 60 – حكم تأخير الصلاة عن وقتها لعذر شرعي س: متى يعذر الشخص بتأخير الصلاة عن وقتها (1)؟ ج: يعذر في الحروب، الحروب التي يعمل فيها، مثل ما أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب صلاة الظهر والعصر حتى صلاها بعد المغرب بسبب الحرب، لم يتمكن من فعلها على الصحيح، وجمهور أهل العلم يقول: لا يؤخر حتى في الحرب يصلي على حسب حاله حتى في الحرب، لكن الصواب أنه إذا غلبه الأمر، وغلبه القتال جاز أن يؤخر، كما فعل النبي يوم الأحزاب، وكما فعل الصحابة في قتال الفرس يوم تستر، أخروا الفجر حتى صلوها ضحى؛ لأنها صادفت وقت الحرب، وقت نزول الناس البلد، وبعضهم على أبواب البلد، وبعضهم على الأسوار لم يتمكنوا من فعل صلاة الفجر، حتى فتحوا البلد، وصلوها ضحى، فالمقصود أن تأخير الصلاة عن وقتها لا يجوز   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 257. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 97 إلا في العذر الشرعي في الجمع بين الصلاتين، كالمريض، والمسافر يجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، هذا جمع، أما أن يؤخر الصبح إلى ما بعد طلوع الشمس، أو العصر إلى الليل، أو المغرب إلى ما بعد العشاء، أو العشاء إلى ما بعد نصف الليل، أو بعد الفجر هذا لا يجوز؛ بل يجب عليه أن يصلي في الوقت، ولو جمعا إذا كان معذورا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 98 61 – حكم التناوب في العمل من أجل الصلاة س: كيف تنصحون الناس إذا كانوا مجموعة، هل تنصحونهم بالتناوب بأن يقوم شخص بالعمل، وآخر يؤدي الفريضة مثلا (1)؟ ج: في الإمكان أن يتناوبوا، إذا كان هناك عمل ضروري، يتناوبون حتى يصلي الكل في الوقت، مثل ما في صلاة الخوف، طائفة يصلون مع الإمام، ثم يذهبون يحرسون، ثم تأتي الطائفة الأخرى تصلي معه والحمد لله، فكذلك إذا كان في البحر، أو في أي مكان، والحاجة ماسة إلى أن يبقى بعض الناس في العمل الذي لا بد من البقاء فيه، يصلون   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 257. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 98 جماعة، ثم إذا فرغوا صلت الجماعة الأخرى، إذ التناوب في مثل هذه الأحوال الضرورية وارد. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 99 62 – حكم الترتيب بين الفوائت س: حصلت علي نومة في منتصف النهار، حتى فاتتني صلاة الظهر، هل من الممكن أن أصلي مع العصر؟ وهل أبدأ بصلاة الظهر أم أبدأ بصلاة العصر؟ جزاكم الله خيرا، وحدثوني أيضا عن الإقامة لكل من الفريضتين، جزاكم الله خيرا (1). ج: من فاتته صلاة الظهر من أجل نوم أو نسيان أو غير ذلك، ثم انتبه يبدأ بالظهر قبل العصر؛ لأن الله رتبهما، وفرض الظهر قبل العصر، الواجب أن يبدأ بالظهر فيصليها، ثم يصلي العصر، ويسن الإقامة لكل واحدة، أما الأذان فقد كفى أذان أهل البلد والحمد لله.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 344. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 99 63 – حكم من صلى العصر قبل الظهر س: نمت قبل الظهر، فلما استيقظت وجدت أناسا يصلون الظهر، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 99 وفكرت أنهم يصلون العصر، فدخلت معهم بنية العصر، فهل أصلي بعد انقضاء الصلاة ظهرا أم لا، ومتى أصليها وفقكم الله (1)؟ ج: هذا السائل في جوابه تفصيل، إن كان حين صلى معهم العصر ظن أنه قد صلى الظهر، في اعتقاده قد صلى الظهر، وظنهم يصلون العصر؛ لأنه في اعتقاده قد صلى الظهر أجزأته صلاة العصر، وعليه أن يصلي الظهر بعد ذلك؛ لأنه صلى العصر ظانا أنه قد صلى الظهر، فتكون صلاته صحيحة، أما إذا كان تعمد صلاة العصر، وهو يعلم أنه عليه الظهر فإنها لا تجزئه، فعليه أن يعيد العصر بعد ما يصلي الظهر، يصلي الظهر أولا ثم يصلي العصر؛ لأن الله رتب هذه بعد هذه، فالواجب أن تؤدى كما فرضها الله، يصلي الظهر أولا، ثم يصلي العصر، لكن إذا صلى الإنسان العصر ناسيا يحسب أن ليس عليه ظهر، ثم بان أن عليه الظهر بعدما صلى العصر أجزأته.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 15. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 100 64 – بيان فضل صلاة العصر وخطورة تركها س: حدثونا عن صلاة العصر جزاكم الله خيرا؛ حيث سمعت حديثا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 100 عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (1)» (2). ج: صلاة العصر أمرها عظيم، وهي الصلاة الوسطى، وهي أفضل الصلوات الخمس، قال الله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3) وخصها بالذكر زيادة، فالواجب على كل مسلم وكل مسلمة أن يعتني بها أكثر، ويحافظ عليها، ويجب أن يحافظ على كل الصلوات الجميع بطهارتها، والطمأنينة فيها وغير ذلك، وأن يعتني بها في الجماعة للرجل، وخصها النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (4)» وقال: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله (5)» هذا يعني سلب أهله وماله، وهذا   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). (2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 248. (3) سورة البقرة الآية 238 (4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). (5) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، برقم (552)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، برقم (626). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 101 خسارة عظيمة، ودليل على مكانة الصلاة، والصواب أن من ترك بقية الصلوات يحبط عمله أيضا؛ لأنه قد كفر على الصحيح، لكن تخصيص النبي بذكر صلاة العصر يدل على مزية عظيمة، وإلا فالحكم واحد، من ترك صلاة الظهر، أو المغرب، أو العشاء، أو الفجر تعمدا بطل عمله، لأنه يكفر بذلك، لا بد أن يحافظ على الصلوات الخمس كلها، فمن ترك واحدة فكأنما ترك الجميع، لا بد من المحافظة على الصلوات الخمس جميعا في أوقاتها من الرجل والمرأة، ولكن صلاة العصر لها مزية عظمى في شدة العقوبة وشدة الإثم، وفي عظم الأجر لمن حافظ عليها، واستقام عليها مع بقية الصلوات. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 102 65 – حكم تعزية من فاتته صلاة العصر س: سمعت بعضا من الناس يقولون: إن من فاتته صلاة العصر يعزيه الناس بالتعزية المعروفة لأهل الميت، وبعضهم من قال: نعم، يعزى إذا فاتته الصلاة، لكن هو في الصلوات كلها عام، وقالوا في هذه المسألة: موجود حديث يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هل ما ذكره أولئك صحيح، وما المقصود بهذه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 102 التعزية؟ جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله (2)» يعني سلب أهله وماله، المعنى أنها مصبية عظيمة، ولكن لا أذكر الآن أن السلف كانوا يعتادون التعزية في ذلك، وثبت عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (3)» فالحاصل أن فوات الصلوات الخمس أو إحداها كل ذلك من المصائب العظيمة، فينبغي للمؤمن أن يحرص على المحافظة عليهن والاستقامة في ذلك، والحرص على ذلك، والمسابقة إليه حتى لا تقع هذه المصيبة العظيمة، أما كونه يشرع للمؤمن أن يعزي أخاه إذا علم أنه فاتته صلاة العصر أو غيرها من الصلوات، فلا أعلم شيئا في هذا عن النبي، ولا عن الصحابة سوى ما ذكرته. والمقصود من هذا الحديث التحذير والترهيب من التساهل في ترك الصلاة، أو فواتها في الجملة، أو فوات وقتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 166. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، برقم (552)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، برقم (626). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 103 س: كثر الترهيب في ترك صلاة العصر سماحة الشيخ، لعل لكم توجيها (1)؟ ج: الظاهر - والله أعلم – لأنها أفضل الصلوات؛ لأنها الصلاة الوسطى صلاة العصر، فجاء فيها ما لم يجئ في غيرها، ولعل أيضا من الأسباب أنها صلاة تأتي بعد إنهاك العمل للإنسان وتعب الإنسان، فقد يتساهل في عدم أدائها في وقتها أو في الجماعة، وكان من حكمة الله أن بين عظيم شأنها، حتى لا يتساهل بها أحد لا في الجماعة ولا في وقتها، وهي ختام النهار، والأعمال بالخواتيم، فجاء فيها من الأحاديث ما لم يأت في غيرها، والحكم واحد يجب على المؤمن أن يحافظ على الجميع، ويحرص على الجميع لأنها كلها فرض على المؤمن، وكلها عمود الإسلام، فالواجب المحافظة، ولكن تخصص العصر بمزيد العناية، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، وكما جاء في الحديث الآخر: «أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو علموا ما فيها لأتوهما ولو حبوا (2)» المقصود أن المؤمن يجب عليه أن   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 166. (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 104 يحافظ على الجميع، وأن يتخذ الأسباب التي تعينه على ذلك، وأن يخص العصر والفجر والعشاء بمزيد عناية، حتى لا يشبه المنافقين، وحتى لا تفوته صلاة العصر التي فيها الوعيد الشديد. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 105 66 - بيان وجوب صلاة الجماعة مع المسلمين في المساجد س: سماحة الشيخ، هناك أمر مطلوب من المسلم بخصوص الصلاة، وذلك الأمر هو أن تكون في جماعة في المساجد، لعل لكم تعليقا (1). ج: نعم، هذا من المهمات، يجب على الرجل أن يعتني بالجماعة، وألا يصلي في بيته لا الفجر ولا غيره من الصلوات؛ بل يجب أن يحضر مع المسلمين، وأن يصلي مع المسلمين، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» قيل لابن عباس ما العذر؟ قال: خوف أو مرض. وجاءه رجل أعمى، فقال يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أصلي في بيتي؟ قال: «هل   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 166. (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 105 تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم. قال: فأجب (1)» ولم يرخص له مع أنه أعمى، وليس له قائد يلائمه، لم يرخص له أن يتخلف عن الصلاة مع المسلمين في المساجد، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، وذلك يدل على أن الأمر عظيم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (2)» وفي لفظ: «إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم (3)» هذا يدل على أن الأمر عظيم، وأن المتخلفين جديرون بهذه العقوبة، فينبغي للمؤمن؛ بل يجب عليه أن يحذر صفات المنافقين، وأن يبادر بالمحافظة على الصلاة في الجماعة في جميع الأوقات طاعة لله ورسوله، وحذرا من غضب الله وعقابه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). (3) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي، برقم (2420). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 106 67 – حكم من نام عن صلاة العصر واستيقظ وقت صلاة المغرب س: إذا نام المسلم قبل صلاة العصر، ولم يكن هناك ما يوقظه، فلم يستيقظ إلا في صلاة المغرب أثناء إقامة الصلاة، فهل يصلي المغرب أولا أم يصلي العصر، علما أنه لو صلى العصر ستفوته صلاة جماعة المغرب (1)؟ ج: لا بد من الترتيب، يصلي العصر، ثم يصلي المغرب، ليس معذورا في هذا أن يقدم المغرب، ولهذا لما فاتت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر يوم الأحزاب صلاها، ثم صلى المغرب عليه الصلاة والسلام، صلاها بعد المغرب، ثم صلى المغرب. الحاصل أنه لو نام عن العصر، أو نسيها، ثم ذكر فإنه يصلي العصر، ثم يصلي المغرب. س: بعض المرات تفوتني صلاة مثل صلاة العصر، ويأتي موعد صلاة المغرب، فماذا أفعل؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (2). ج: عليك أن تبدأ بصلاة العصر، أن تبادر بها وتصليها مع التوبة   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 232. (2) السؤال العشرون من الشريط رقم 167 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 107 والاستغفار، ثم تصلي المغرب، ولا تبدأ بالمغرب، فلو صليت معهم بنية العصر، ثم إذا سلم قمت فأتيت بالرابعة بنية العصر أجزأ على الصحيح، ولكن ينبغي لك أن تقدمها، ثم تصلي المغرب معهم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 108 68 – حكم النوم قبل العشاء حتى خروج وقتها س: أنا فتاة في العشرين تقريبا، درست حتى الصف السادس، وتعينت مدرسة للبنات بعد الظهر، وأرجع الرابعة عصرا، ثم أصلي العصر والمغرب، وأجلس أقرأ القرآن، ثم أضطجع وأقرأ انتظارا للعشاء كي أصلي وأنام، ثم أنام بدون صلاة؛ لكثرة التعب دون أن أصلي، فماذا أفعل والحال هكذا، علما بأني أنام دون انتباه حتى الصباح، ثم أقضيه في الليلة التالية فهل علي شيء (1)؟ ج: هذا عمل منكر لا يجوز أبدا، فالواجب عليك أن تصلي العصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، قد كره النبي - صلى الله عليه وسلم - النوم بعد المغرب، كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها؛ لأنه يكون وسيلة لترك العشاء، فلا يجوز لك التساهل بهذا   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 274. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 108 الأمر؛ بل يجب عليك أن تشتغلي بما يمنع النوم حتى تصلي العشاء بعد دخول وقتها إذا دخل وقتها بغروب الشفق الأحمر، إذا غاب الشفق الأحمر دخل وقت العشاء، وليس لك التساهل بهذا الأمر؛ بل يجب وجوبا عظيما شديدا أن تحذري النوم الذي يفضي بك إلى ترك صلاة العشاء، اشتغلي بشيء مع أهلك حتى يدخل وقت العشاء، ثم تصلي العشاء، ولا تصلي العصر إلا في وقتها لا تؤخريها للمغرب، صلي العصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، والظهر في وقتها، هذا هو الواجب عليك، يقول الله جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1) والنبي - صلى الله عليه وسلم - وقت الصلوات وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» عليه الصلاة والسلام، فالواجب عليك، وعلى غيرك العناية بهذا الأمر، وأن تؤدي الصلاة في وقتها لا قبله ولا بعده؛ بل في وقتها، الظهر بعد زوال الشمس قبل وقت العصر، والعصر إذا دخل وقتها، وذلك بأن يصير ظل كل شيء مثله بعد الفيء الذي زالت عليه الشمس، وعليها أن تصلي   (1) سورة النساء الآية 103 (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 109 العصر قبل أن تصفر الشمس في وقتها قبل أن تصفر الشمس، والمغرب إذا غابت الشمس، والعشاء إذا غاب الشفق الأحمر، والفجر إذا طلع الفجر وقبل طلوع الشمس، هذا واجب على جميع المسلمين. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 110 69 – حكم من نسي صلاة حتى خرج وقتها س: في يوم ما لم أصل العشاء، ولم أتذكر ذلك إلا في صباح اليوم التالي: كيف أفعل (1)؟ ج: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة، أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (2)» متى ذكرتها بعد الصبح صلها، في الضحى صلها، صلها في الظهر، صلها متى ذكرتها، فإن ذكرتها قبل الفجر فصلها قبل الفجر، فإن لم تذكرها إلا بعد الفجر فصلها بعد الفجر، والحمد لله.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 104. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 110 70 – كيفية صلاة من استيقظ بعد طلوع الشمس س: أخذني النوم ذات يوم عن صلاة الفجر، ولم أستيقظ إلا بعد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 110 طلوع الشمس، واحترت هل أصلي النافلة أولا، ثم الفريضة أم أبدأ بالفريضة، كيف يكون الحال لو تكرر الأمر مرة أخرى؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: السنة أن تبدأ بسنة الفجر بالركعتين، تصلي ركعتين خفيفتين سنة الفجر، ثم تصلي الفريضة، هكذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ناموا عن الصلاة في بعض أسفاره - صلى الله عليه وسلم - نام عن الصلاة هو وأصحابه، فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا أمر بالأذان فأذن بلال، وتوضؤوا وصلوا السنة الراتبة، ثم أمر بالإقامة وصلوا الفريضة، هذا هو المشروع. س: الأخ: م. ص. غ. من الجمهورية التونسية يسأل يقول: أيهما تصلى أولا صلاة الصبح الفريضة أم سنة الفجر، وذلك بعد طلوع الشمس إذا غلبك النوم مع العلم أن المصلي منفرد (2)؟ ج: إذا غلب النوم على إنسان، ولم يستيقظ إلا بعد الشمس يبدأ بالسنة سنة الفجر، ثم يصلي الفريضة، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 220. (2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 153. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 111 والسلام أنه في بعض أسفاره نام هو وأصحابه عن الفجر، فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا أمرهم أن يقودوا رواحلهم عن مكانهم، وقال: «إنه موضع حضرنا فيه الشيطان (1)» وتوضأ وتوضؤوا، وأمر بلالا فأذن وصلى السنة الراتبة، ثم صلى الفريضة عليه الصلاة والسلام، فهذا هو السنة، أن يبدأ بالسنة الراتبة ركعتين ثم يصلي الفريضة. س: المستمعة من اليمن تقول: إذا تأخرت عن صلاة الفجر – أي بعد طلوع الشمس – فهل أصلي السنة، ثم الفرض أم الفرض دون السنة (2)؟ ج: إذا نام الإنسان عن صلاة الفجر يصلي النافلة قبل ركعتين، ثم الفريضة، النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره أخذهم النوم فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا صلاها كما يصليها في وقتها، أمر بالأذان، ثم صلى الراتبة، ثم صلى الفريضة عليه الصلاة والسلام، فالمرأة أو الرجل إذا غلب عليهم النوم ولم يستيقظوا إلى ما بعد طلوع   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (680). (2) السؤال الخمسون من الشريط رقم 427. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 112 الشمس يصليها كما كان يصليها في الوقت، يصلي الراتبة، ثم يصلي الفريضة، لكن لا يجوز التساهل في هذا؛ بل يجب على الرجل والمرأة فعل الأسباب من ضبط الساعة على وقت الصلاة، أو تنبه الأهل ليوقظوهم، ولا يتساهلوا في هذا، يجب على المؤمن أن يعتني بالصلاة في وقتها، سواء كان بإيجاد ساعة يركدها على الوقت، أو بتنبيه أهل البيت يوقظونه، ويوقظون المرأة كذلك، الصلاة في وقتها أمر لازم وفريضة، ولا يجوز التساهل في هذا، التساهل في هذا من صفات المنافقين، نسأل الله العافية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 113 71 – توجيه من ينام عن صلاة الفجر حتى تطلع الشمس س: يسأل السائل ويقول: إنه مقصر في صلاة الفجر، وينام عنها ولا ينهض إلا عند طلوع الشمس في الساعة التاسعة، ويعمل جميع الوسائل ولكن بدون فائدة، وأشعر بعد ذلك بالحزن والضيق، فأرجو من سماحتكم توجيهي إلى ما فيه الخير (1). ج: الواجب على المؤمن أن يجاهد نفسه حتى يؤدي الصلاة في   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 416. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 113 وقتها مع الجماعة، وأنت أيها السائل يجب عليك أن تعتني بهذا الأمر إن كنت تسهر اترك السهر، وبكر بالنوم حتى يعينك ذلك – إن شاء الله – على القيام في وقت الصلاة، وإن كان هناك أسباب أخرى اتركها حتى تنام، وحتى تستيقظ في وقت الصلاة، لا بد من الجهاد، الله يقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (1) ويقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2)؛ فلا بد من الجهاد، ولا بد من الصبر، فعالج الأمر بالشيء الذي تستطيعه، ادرس الأسباب التي تسبب لك هذا الكسل، وهذا الضعف حتى تعرف الأسباب، وابتعد عنها سواء كانت الأسباب تتعلق بالسهر، أو بأشياء أخرى؛ حتى تنام مستريحا، وتقوم على الوقت، وتركد الساعة على الوقت الذي يناسب، سواء وقت الأذان أو قبله بقليل، حتى يتيسر لك الوضوء أو الغسل إذا كان عليك غسل بسهولة، المقصود لا بد من علاج، وسؤال الله التوفيق والإعانة، ولا تضعف في هذا الأمر؛ بل يجب أن تعالج بترتيب النوم، وبتعاطي أسباب اليقظة في وقت الصلاة.   (1) سورة العنكبوت الآية 69 (2) سورة البقرة الآية 238 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 114 س: سماحة الشيخ، هل له أن يوصي الجيران والإخوان الحريصين على صلاة الفجر لإيقاظه في ذلك (1)؟ ج: نعم، طيب هذا، من باب التعاون على البر والتقوى، إذا كان قد ينام وقد لا يسمع الساعة في شدته، لا بد أن يوصي أهله الذين عنده في البيت: أمه، وأخواته يجاهدون معه، يوقظونه، عليهم التعاون معه، الله جل وعلا يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) فعلى أمه وعلى أخته وعلى من في البيت أن يساعدوه في هذا؛ لأنه قد لا يسمع الساعة في شدة نومه. س: إنني ولله الحمد أصلي جميع الصلوات في المسجد إلا الفجر، فإني دائما أصليها بعد شروق الشمس، والسبب في ذلك أنني أكون نائما، فهل أنا آثم على ذلك؟ أفتوني مأجورين (3). ج: يجب عليك يا عبد الله أن تصلي في المسجد الفجر مع الجماعة مثل بقية الصلوات، لا يجوز لك أن تؤخرها إلى طلوع الشمس؛ بل هذا   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 416. (2) سورة المائدة الآية 2 (3) السؤال السابع من الشريط رقم 298. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 115 منكر عظيم؛ بل كفر أكبر عند جمع من أهل العلم، نسأل الله العافية، إذا عزمت عليه وصممت عليه، الواجب عليك أن تتقي الله، وأن تصلي مع الناس الصلاة في وقتها الفجر وغيره، وعليك أن تتقي الله في عدم السهر حتى تقوم إلى الصلاة، وعليك أيضا أن تستعين بالساعة التي تعينك على ذلك، أو ببعض أهل بيتك حتى يوقظوك، أو تركد الساعة على طلوع الفجر حتى تقوم، يعني هي من أسباب العون على هذا الخير، ساعة خراشة دقاقة تعين، ترتبها على طلوع الفجر حتى تستعين بها، هذا لازم. فالواجب عليك أن تتخذ الأسباب التي تعينك على أن تصلي مع الجماعة الفجر وغيره، ولا يجوز لك أبدا أن تتساهل في هذا الأمر؛ بل هذا من صفات أهل النفاق، هذا العمل من صفات أهل النفاق نعوذ بالله، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1) فالواجب عليك الحذر من صفاتهم، وقال فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (2) وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء   (1) سورة النساء الآية 142 (2) سورة النساء الآية 145 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 116 وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (1)» فاتق الله، واحذر التساهل بشيء من الصلوات الخمس الفجر وغيرها، وعليك أن تتقي الله في أدائها في المسجد مع الجماعة مع إخوانك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء ولم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2)» قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض. وجاءه - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي رخصة من الصلاة في بيتي؟ فقال له - صلى الله عليه وسلم -: «هل تسمع النداء؟ قال: نعم. قال: فأجب (3)» رجل أعمى ليس له قائد يقال له: أجب، كيف بحال البصير الطيب الصحيح، الواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يصلي في الجماعة جميع الأوقات، وأن يحذر تأخيرها عن وقتها، حتى ولو كان مريضا فلها وقت فلا يؤخرها عن وقتها، ولو كان مريضا في البيت يصليها في وقتها، فكيف بالصحيح، نسأل الله السلامة والعافية.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يحب إتيان المسجد على من سمع النداء، برقم (653). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 117 س: أنا شاب وعندي مشكلة، وهي أني أصلي جميع الفروض ما عدا صلاة الفجر، فهي تفوتني كل صبح إلا ما شاء الله تعالى، وأنا في حيرة من أمري وقلق من هذه الحالة التي أنا فيها، أرجو أن أجد حلا لمشكلتي هذه (1). ج: هذه المشكلة ليست لك وحدك؛ بل معك فيها أناس كثير وشباب كثير، وغير شباب أيضا، وهو التأخر عن صلاة الفجر، ولهذا أسباب من أهمها ومن أخطرها السهر وعدم النوم مبكرا، وهذا هو السبب الوحيد الغالب على الناس يسهرون لمشاهدة التلفاز أو لأسباب أخرى، فإذا سقط في آخر الليل نائما عجز أن يقوم في آخر الليل حتى ولو كان عنده ساعة تنبهه لا يسمعها حتى ولو جاءه المنبهون يعجزون عنه، بسبب ثقل النوم وغلبته عليه، فالعلاج الوحيد لهذا الأمر مع سؤال الله التوفيق والإعانة هو عدم السهر، أن ينام المؤمن مبكرا، وألا يضر نفسه بمشاهدة التلفاز حتى يمضي عليه الليل الكثير، أو يشتغل بأشياء أخرى؛ بسماع أغان، أو سماع قيل وقال من أصحابه وزملائه، أو موانع أخرى تمنعه من النوم مبكرا، وإذا عالج الأمر بهذه الطريقة إن شاء الله يصحو،   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 14. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 118 أنت أيها السائل الواجب عليك ألا تسهر، وأن تنظر في الأسباب التي منعتك من القيام، فإن كانت الأسباب أنك تتأخر في النوم تسهر فاتق الله، وبادر بالنوم في أول الليل بعد صلاة العشاء، بادر بالنوم حتى تستطيع القيام لصلاة الفجر، وتصلي مع المسلمين في جماعة المسلمين، وهذا واجب عليك، والتساهل في هذا محرم، ومن التشبه بالمنافقين؛ لأن المنافقين لا يأتون الصلاة إلا كسالى، ولا يشهدون العشاء والفجر، هذه من أعمالهم الخبيثة، فالواجب على المسلم أن يحذر مشابهة المنافقين، وأن يجتهد في أداء فريضة الله في أوقاتها مع إخوانه المسلمين، هذا إذا كان رجلا، والمرأة كذلك عليها أن تتقي الله، وأن تجتهد في أداء الصلاة في وقتها بعد طلوع الفجر قبل الشمس، ولا يجوز أبدا لأحد من الناس أن يؤخرها بعد طلوع الشمس، كما يفعل بعض الناس يؤخرها، فإذا قام لعمله بعد طلوع الشمس صلى، هذا غلط عظيم، ومنكر كبير، لا يجوز لا للرجل ولا للمرأة، ليس للرجل أن يؤخر ذلك حتى يقوم للدراسة، أو للعمل، ثم يصلي بعد طلوع الشمس، هذا لا يجوز هذا محرم؛ بل ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من فعله كفر؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها كفر إذا تعمد ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 119 وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» هكذا بعض الطالبات تؤخر الصلاة حتى تقوم للدراسة بعد طلوع الشمس، هذا أيضا منكر ولا يجوز، والواجب على الجميع تقوى الله، وعلى أهلهن التنبيه، على آبائهن وأمهاتهن وعلى إخوانهن التنبيه على ذلك، وعلى آباء الشباب كذلك وأمهات الشباب، كل هذه أمور عظيمة يشترك فيه أهل البيت في إثمها إذا لم يتعاونوا على زوالها، والمسلمون شيء واحد، وأهل البيت شيء واحد، يجب عليهم أن يتعاونوا في نصيحة المتخلف، والأخذ على يديه حتى يستقيم على طاعة الله وأداء فرائضه، هذا هو الواجب على الجميع، فإن كان هناك أسباب أخرى غير السهر فالواجب عليك أن تعالجها، وأن تنظر ما هي الأسباب، كالنوم يطير عنك من أول الليل، أنت ما تنام، تسأل الأطباء لعل عندهم دواء يزيل عنك هذا القلق هذا السهر، وتحصل لك الراحة والطمأنينة حتى تنام، وإن كان هناك علل   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 120 أخرى فعالجها، وإن كنت ليس عندك من يوقظك فاجعل عندك الساعة المعروفة المنبهة، وركد الخراش على الوقت المناسب الذي هو وقت الأذان، أو قرب الأذان حتى تسمعها وتقوم، على كل حال الواجب العلاج، والعلاج لا يخفى على العاقل، فالعلاج واضح، تركد الساعة، وتوصية المنبهين، وترك السهر، فالواجب العلاج على الرجل والمرأة، على جميع الناس، على الشباب والشيب، على البنات والعجائز، على الجميع، ليس هذا خاصا بأحد دون أحد. الواجب على الجميع أن يعالجوا ما يقع لهم من هذا التأخر، وأن ينظروا في الأسباب حتى تزال هذه الأسباب التي تقتضي التأخر حتى لا يصلي إلا بعد طلوع الشمس، هذا منكر عظيم يجب أن يعالج من ابتلي بهذا الوضع حتى يصلي الصلاة في وقتها مع الجماعة إن كان رجلا، وحتى تصليها المرأة في بيتها في الوقت قبل طلوع الشمس، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. س: السائل يقول: رجل يحافظ على الصلوات، إلا أنه يتأخر عن صلاة الفجر بأوقات متفاوتة، فبم تنصحونه؟ جزاكم الله خيرا (1).   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 233. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 121 ج: ننصحه بالحذر من مشابهة أهل النفاق، فإن المنافقين يتأخرون عن صلاة العشاء والفجر ويكسلون عنهما، فالواجب الحذر، والصلاة كلها ثقيلة على المنافقين كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (1)» يعني لو يعلمون ما فيهما من الأجر العظيم لأتوهما ولو حبوا، فالواجب على المؤمن أن يحذر صفات المنافقين، وأن يبتعد عنها، وأن يحافظ على الصلوات الخمس كلها في الجماعة؛ الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ولا يجوز له التأخر عن صلاة الفجر أبدا، بل يجب أن يعتني بها، وأن يصليها مع إخوانه كما يفعل مع الصلوات الأخرى. وإذا كان لا يستيقظ يستعين بالله، ثم ببعض أهله يعينونه على اليقظة، أو بوضع الساعة عند رأسه يركدها على قرب الفجر، ثم إذا ضربت قام، الله يسر هذه الساعات نعمة من الله، يجعلها عند رأسه يركدها على الساعة التي يريد قبل الفجر أو عند الفجر، فإذا ضربت سمع الصوت وقام، ومن الأسباب أيضا أن ينام مبكرا ولا يسهر، عليه أن ينام مبكرا إذا كان كثير النوم، وربما شق عليه النوم، عليه أن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 122 يبكر، عليه ألا يسهر حتى يقوم عند الفجر نشيطا ليس به مانع، ولا يجوز له التساهل في هذا الأمر أبدا؛ بل يجب العناية بهذا الأمر، وهناك أمور منها: التبكير في النوم، لا يسهر، ومنها وضع ساعة تعينه على ذلك يركدها على قرب الفجر، أو تكليف بعض أهله الذين يستيقظون أن يوقظوه، مع سؤال الله الإعانة على هذا الخير، والتوبة إليه مما سلف. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 123 72 – وصية نافعة حول السهر س: الرجاء توجيه كلمة لمن يسهر ويضيع وقت صلاة الصبح، وبالمناسبة هل نقول: صلاة الفجر أم صلاة الصبح (1)؟ ج: يقال: صلاة الصبح أو صلاة الفجر لا بأس بهذا، يقال لها: صلاة الفجر، ويقال لها: صلاة الصبح، فوصيتي لكل مؤمن ومؤمنة الإقلال من السهر الذي يضر الساهر قبل غيره، السنة البدار في النوم وعدم السهر، والنبي – عليه الصلاة والسلام - كره النوم قبل العشاء والحديث بعدها، وكره السمر بعدها، فالسنة للمؤمن والمؤمنة البدار بالنوم في أول الليل حتى ينشط على الصلاة في آخر الليل، وحتى ينشط على   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 314. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 123 أعماله في النهار، إذ ربما سهر وضيع صلاة الفجر، أو ضيع قيام الليل، وهذا خطر عظيم، فإنه إذا ضيع صلاة الفجر أتى جريمة عظيمة، فالواجب الحذر من ذلك، وأن يحافظ على صلاة الفجر في جماعة إن كان رجلا، وفي الوقت إن كانت امرأة، إلا إذا كان السهر لمصلحة عارضة مع ضيف، أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو مع أهله في مصلحة لا في سهر يضره، ولا يضيع صلاة الفجر، فالسهر الذي فيه حاجة لا بأس به، فالرسول كان يسهر مع الضيف، ويسهر في مصالح المسلمين بعض الوقت عليه الصلاة والسلام، مع الصديق ومع عمر، فلا بأس في هذا كون الإنسان يسهر بعض الوقت مع أهله، أو في المساجد عندما تدعو الحاجة لذلك، أو مع الضيف أو في طلب العلم، كما كان أبو هريرة يفعل ذلك، بشرط ألا يضيع صلاة الفجر، وبشرط ألا تمنعه عن أعماله النهارية التي يلزمه أداؤها. فالحاصل عند السهر في المصلحة الشرعية التي لا يترتب عليه فوات مصالح أخرى، ولا يترتب عليه فوات صلاة الفجر، أظن أنه لا بأس به، والسنة تدل على العناية بالنوم المبكر؛ لما فيه من المصالح العظيمة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 124 73 – وجوب المبادرة إلى الصلاة عند الاستيقاظ لمن نام عنها س: سائل يقول: إذا نام الرجل عن صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا في التاسعة صباحا هل يصلي أم ماذا يفعل؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: نعم، متى استيقظ وجب عليه البدار بالصلاة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (2)» فالنائم عليه أن يحتاط بتنبيه أهل بيته حتى يوقظوه، أو بإيجاد الساعة المنبهة على الوقت حتى يستعين بذلك ولا يتساهل، لا يجوز له التساهل؛ بل إما أن يكون هناك من يوقظه، وإما أن يستعمل الساعة التي يسمع صوتها عندما يركدها على وقت معين، حتى يستعين بذلك على أداء ما أوجب الله عليه من الصلاة في وقتها ومع الجماعة، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، ولكن متى وقع شيء من هذا بأن نام ولو عنده ساعة، قد يكون ما سمع الساعة، قد يكون ما أيقظه أهله ناموا أيضا، فالواجب إذا استيقظ أن يبادر بالصلاة، وقد وقع هذا في حق النبي عليه الصلاة والسلام، فقد وقع له مرات في أسفاره، تأخروا في النزول   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 187. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 125 ونزلوا في آخر الليل، وناموا حتى ما أيقظهم إلا حر الشمس، وقد كان قد جعل من يرقب له الصبح، فنام أيضا المراقب وهو بلال رضي الله عنه. فالحاصل أنه لما استيقظ بادر بالصلاة، أمر بلالا فأذن، فتوضأ الناس فصلوا سنة الفجر، ثم صلى بهم عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع أن يبادر بالوضوء والصلاة من حين يستيقظ، كما لو كان ناسيا، نسي بعض الصلوات، ثم ذكرها، فإنه يبادر أيضا بفعلها عملا بالحديث: «من نسي صلاة، أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1)» ثم تلا قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (2) س: تسأل الأخت وتقول: إذا نام الإنسان وقت صلاة الصبح، واستيقظ مثلا في الساعة العاشرة صباحا، فهل يجوز أن يصليها في هذا الوقت أم يصليها في اليوم التالي في وقتها على أن تكون قضاء؟ هذا إذا كان الإنسان سليما، أما إذا كان الشخص مريضا، ولا يستطيع الاستيقاظ في وقتها ماذا يفعل، وبأي وقت   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). (2) سورة طه الآية 14 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 126 يصلي صلاة الصبح (1)؟ ج: من نام عن الصلاة وجب عليه أن يصليها إذا استيقظ، وهكذا إذا نسيها يجب عليه أن يصليها إذا ذكرها؛ لقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (2)» ولا يجوز تأخيرها إلى وقتها في اليوم الآخر، لا؛ بل يجب أن يصليها في الحال إذا استيقظ في الضحى، أو في الظهر، أو في العصر، ليس لها وقت نهي، متى استيقظ أو ذكر وهو ناس بادر وصلى، هذا هو الواجب. وعلى المسلم والمسلمة أن يتحريا أسباب القيام في الوقت، ومن ذلك أن يبكر كل منهما بالنوم من أول الليل حتى لا يثقل في آخر الليل، ومن ذلك أن يضع الساعة المنبهة، وأن يجعلها على الوقت المناسب عند دخول الوقت وقبل الفجر بقليل، حتى يستيقظ ويتمكن من الوضوء والغسل إن كان عليه غسل إذا كان صاحب زوجة. المقصود أن عليه أن يفعل الأسباب، يجب على المؤمن والمؤمنة فعل الأسباب، فإذا كان النوم من أجل السهر وجب عليه ألا يسهر، وإذا كان النوم من أجل   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 197. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 127 أنه ليس عنده ساعة يجعل عنده ساعة حتى يركدها على الوقت المناسب؛ لأنها تنفع وتفيد، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه في بعض أسفاره نزل في أثناء الليل، وناموا فلم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، فصلى في الحال، أمر بالوضوء والصلاة، وصلوا في الحال بعدما قادوا رواحلهم عن مكانهم قليلا، وقال: «إنه موضع حضر فيه الشيطان (1)» فاقتادوا رواحلهم عنه قليلا، وصلوا في الحال، ثم السنة أن يصليها بأذان وإقامة الرجل، والمرأة تصليها كذلك بغير أذان ولا إقامة، لكن مع السنة الراتبة، يصلي ركعتين النافلة الراتبة، والمرأة كذلك تصلي الراتبة، ثم تصلي الفريضة، وإذا كان رجل أو جماعة من الرجال أذنوا وأقاموا، ولو أنه في الضحى أذنوا وأقاموا وصلوا، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، تقرأ على هيئتها كما تصلى في الوقت، ولا تؤخر إلى وقتها الدائر إلى مثل وقتها في اليوم الآخر، لا؛ بل يجب البدار بفعلها من حين يستيقظ أو يذكر.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (680). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 128 74 – حكم النوم عن الصلاة والتفصيل في ذلك س: إنني أضيع صلاة الصبح أحيانا بالنوم، فهل علي إثم بذلك (1)؟ ج: فإن هذا فيه تفصيل: إذا كان النوم غلبك وليس لك اختيار فالنوم ليس فيه تفريط، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة (2)» أما إذا كنت تستطيعين أن تقومي للفجر بوضع الساعة المنبهة، أو بتكليف من لديك من أهلك بإيقاظك، ثم تساهلت فتأثمين بهذا، وعليك خطر، وعليك أيضا أن تبكري بالنوم، وألا تسهري حتى تستطيعي أن تقومي للفجر، فإذا تساهلت بالسهر، أو بعدم وجود الساعة المنبهة، أو بعدم توكيل من يوقظك فأنت كمتعمدة، عليك إثم عظيم، وقد تكفرين بذلك؛ لأن من ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها يكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 124. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، برقم (177)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها، برقم (441)، والنسائي في المجتبى، كتاب المواقيت، باب فيمن نام عن صلاة، برقم (615)، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، برقم (698). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 129 وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» وعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» والتعبير بالرجل لا يخرج المرأة، الأحكام تعم الجميع، فقد يعبر بالرجل والحكم عام، وقد يعبر بالمرأة والحكم عام؛ لأن الجميع مكلف. وقد قال عبد الله بن شقيق العقيلي رضي الله عنه ورحمه، وهو تابعي جليل: لم يكن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. فالصلاة لها شأن عظيم، فتعمد تركها حتى يخرج وقتها كفر عند جمع كبير من أهل العلم لهذه الأحاديث، وما جاء في معناها، أما إذا غلبك النوم كما تقدم فلا شيء عليك، لكن عليك أن تحتاطي، عليك أن تضعي الساعة المنبهة على الوقت، عليك أن تكلفي من يتيسر من أهل بيتك بإيقاظك، عليك أن تنامي مبكرة حتى تستطيعي القيام، كل هذا واجب عليك وعلى أمثالك. كثير من الناس يسهر ثم لا يقوم إلى صلاة الفجر، وهذا منكر عظيم وإثم عظيم،   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 130 الواجب على الرجال والنساء عدم السهر الذي يفضي بهم إلى ترك الصلاة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - زجر عن الحديث بعد العشاء، وكره النوم قبلها والحديث بعدها؛ بل زجر عن ذلك بعد العشاء؛ لأنه قد يفضي إلى ترك صلاة الفجر، فلا ينبغي السهر إلا لمصلحة شرعية، كالسهر مع الضيف، أو مع الزوجة لحاجة الإنسان ثم ينام، أو في أمور المسلمين، كالعسس لأمور المسلمين، والهيئة ونحو ذلك ممن ينظر لمصالح المسلمين، فالواجب على كل مكلف أن يحتاط لصلاته وينام مبكرا حتى يستطيع القيام لصلاة الفجر، ويستعين بما يسر الله له من الساعات أو غير الساعات من الموقظين من أهله حتى يؤديها في وقتها مع إخوانه المسلمين، وحتى تؤديها المرأة في بيتها في وقتها، وهكذا بقية الصلوات يجب أن تؤدى في الوقت، ولا يجوز التساهل حتى يضيع الوقت ويخرج الوقت. س: من وضع الساعة المنبهة لصلاة الفجر، وأوصى أهله فلم يصل إلا متأخرا؛ لأن النوم غلب عليه، فما حكم ذلك؟ وما الحكم إذا تكرر ذلك منه بكثرة (1)؟   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 351. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 131 ج: إذا كان ذلك قهرا عليه، ولم يتسبب في ذلك فلا حرج عليه؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2) أما إذا كان هو المتسبب، يتأخر، لا يصلي إلا متأخرا، ولو وضع الساعة، ولو كلفهم هو غير معذور؛ لأنه هو المتسبب، أما إذا صار النوم بعد صلاة العشاء، ولم يستطع القيام لأسباب منعته، مرض أو ثقل نوم، مع وجود الأسباب من الساعة والموقظين، الله يعلم أنه صادق في ذلك، فلا حرج عليه، أما التحيل فلا يجوز كونه يضع الساعة، ويوصيهم ويتأخر ولا ينام إلا متأخرا، ولا يستطيع أن يقوم، هذه حيلة لا تجوز ولا تنفعه. س: إنني أنام أحيانا عن صلاة الفجر، ولا أقضيها إلا بعد طلوع الشمس بسبب الإرهاق والتعب، مع أنني أضع المنبه على الوقت، وقت الأذان، ولكني لم أستفد منه، فهل علي إثم؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (3).   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) سورة البقرة الآية 286 (3) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 355. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 132 ج: إذا كنت مغلوبا على أمرك، عاجزا فليس عليك شيء؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) أما إذا كنت متساهلا تتأخر بالليل فوضع الساعة لا يكفي؛ لأنك إذا نمت مجهدا ضعيفا ما تسمع، فالواجب عليك اتخاذ الأسباب التي تعين على القيام بالتبكير بالنوم، ووضع الساعة على وقت الفجر، وتكلم من يوقظك إن كان عندك أهل يوقظونك، يجب عليك الأخذ بالأسباب، أما إذا فعلت الأسباب الممكنة، واجتهدت وغلبت فلا حرج: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2) أما إذا تأخرت ولا نمت إلا في آخر الليل هذا غلط منك، أنت آثم بهذا، نسأل الله العافية. س: من الرياض أم هاجر تقول: إنني متزوجة - والحمد لله - مسلمة مصلية، ولي زوج مسلم، أدعو الله أن يجازيه خيرا عن معاملته الطيبة لي، ولا أعتب عليه يا سماحة الشيخ في شيء غير أنه يعمل دوامين، ويعود متأخرا حوالي الحادية عشرة مساء، ولأنني وحيدة، ولا أخرج تقريبا أبدا إلا يوم إجازته فهو يسهر معي حتى   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 133 يؤنس وحشة الوحدة، وعندما أستيقظ في الفجر لأصلي أوقظه ولكن نومه ثقيل، وطلب مني أن أمسح وجهه بالماء حتى يستيقظ، ولكنه في بعض الأحيان لا يستيقظ نتيجة لذلك السهر، هل علي إثم؟ وهل عليه إثم؟ وهل علي أنا إثم في أنني فشلت في إيقاظه؟ وهل هناك أكثر من الماء لإيقاظه؟ وجهوني لأوجه ذلك الرجل، جزاكم الله خيرا (1). ج: أنت مأجورة، جزاك الله خيرا عن عملك، وهذا عمل طيب، وهذا من التعاون على البر والتقوى، وليس عليك ولا عليه شيء إذا كان غلبه الأمر، وليس باختياره ولم يتعمد التساهل في ترك الصلاة ذلك الوقت حينما مسحت وجهه بالماء، ومسح الوجه بالماء جاء به النص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الرش بالماء، رش الزوج بالماء، وإيقاظه بالماء جاء به النص، فأنت مأجورة وهو مأجور حين أمرك بذلك وسمح بذلك، وأنتما على خير إن شاء الله، لكن ينصح هو بأن يستريح من هذا الدوام، وأن يستقيل من هذا الدوام، وأن يطلب من مرجعه أن يسامحه من هذا الدوام حتى لا يتعب نفسه، ولا يشق على نفسه ولا   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 305. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 134 على أهله، وحتى لا يضيع الصلاة: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (1) وسوف يرزقه الله إن شاء الله بما يغنيه عن هذا الدوام الثاني حتى يستريح ويريح أهله، ويحافظ على ما أوجب الله عليه؛ لأن الإنسان طاقته محدودة، فينبغي له ألا يكلف نفسه بداومين ما دام بهذه الحالة يشق على نفسه ويشق على أهله، وربما ترك الصلاة مع الجماعة بسبب ذلك، ولو كان على غير عمد واختيار، لكن هو المتسبب في هذا الشيء. فالذي أنصحه في هذا أن يدع أحد الدوامين؛ حتى يتفرغ لإيناس أهله، وراحة نفسه وبدنه، وراحة قلبه، وحتى يحافظ على الصلوات مع الجماعة في أوقاتها، هذا فيه فضل عظيم، أما إذا كان تركه القيام للصلاة من أجل غلبة النوم ولم يتعمد ذلك، ولم يتساهل في ذلك، ولكن غلب في بعض الأحيان فلا يضره ذلك، وإذا غلب في بعض الأحيان، لكن أخشى عليه أن يكون في هذين الدوامين نوع من الجشع، والحرص على المال فيضره ذلك؛ لأنه يسبب له المشاكل مع أهله، وفروض الصلاة تفوت، والمطلوب منه أن يؤنس أهله، وأن يجتهد بالإحسان إليهم   (1) سورة الطلاق الآية 2 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 135 وبإحسان عشرتهم كما قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (1) وهذه الأسباب تعينه على صلاة الجماعة وأدائها مع إخوانه، فأخشى أن يكون هذا الدوام الثاني عليه فيه تبعة إذا كان غير مضطر إليه، نسأل الله للجميع الهداية.   (1) سورة النساء الآية 19 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 136 75 – حكم من يؤخر صلاة الصبح تساهلا س: أتأخر عن صلاة الصبح وأصليها فائتة، وذلك بسبب النهوض من النوم متأخرا، وأنا لست متعمدا ولا أحس بنفسي إلا والجماعة فائتة، فما حكم ذلك (1)؟ ج: الواجب على المؤمن أن يتخذ الأسباب التي تعينه على أداء الصلاة في الوقت، وليس له التساهل حتى يفوت الوقت، فالواجب عليك أيها السائل أن تضع الساعة تنبهك وقت الصلاة إذا ما كان عندك منبه، زوجة جيدة أو غيرها، فتضع الساعة حتى تستعين بها على الوقت، أما التساهل في هذا فلا يجوز، وأنت آثم بهذا التساهل.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 28. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 136 76 – بيان ما يجب على من استيقظ بعد الشروق ولم يصل الفجر س: عندما يستيقظ الشخص بعد طلوع الشمس، هل يصلي الصبح حاضرا أم قضاء (1)؟ ج: إذا استيقظ يبادر فيتوضأ، ويصلي الراتبة، ثم يصلي الفريضة ولو بعد طلوع الشمس يصلي الراتبة أولا، مثل ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام في السفر، ولم يقم حتى طلعت الشمس، فأمرهم أن يقتادوا رواحلهم عن المكان، قال: «إنه حضرنا فيه الشيطان (2)» فاقتادوا رواحلهم عنه بعض الشيء، ثم توضؤوا وصلوا الراتبة، وصلوا الفريضة بعد الأذان، أذن وأقام. وهكذا الرجل لو نام عن الصلاة، غلبه النوم إذا استيقظ يتوضأ، ويصلي ركعتين، ويقيم ويصلي الفريضة ولا يعجل. س: في أحد الأيام لم أستطع تأدية صلاة الصبح بسبب النوم، فكيف أقضيها لو سمحتم (3)؟ ج: الواجب على المسلم أن يتخذ الأسباب التي تعينه على صلاة   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 349. (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (680). (3) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 171. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 137 الفجر في الجماعة، وهكذا بقية الصلوات، فإذا كان المانع السهر فالواجب عدم السهر، عليه أن ينام مبكرا حتى يقوم للصلاة في وقتها، فإن كان المانع أنه ليس عنده من يوقظه فليتخذ ساعة منبهه يركدها على الوقت المطلوب، حتى إذا جاء الوقت سمع المنبه فقام إلى الصلاة، أو يؤكد على أهله الذين يثق بهم أن يوقظوه في الوقت. أما التساهل، وعدم المبالاة فهذا معناها الموافقة على ترك الصلاة، وعدم المبالاة بها والعياذ بالله، فيكون آثما ومتشبها بأعداء الله المنافقين الذين قال فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر (2)» قال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها – يعني الصلاة في الجماعة – إلا منافق معلوم النفاق. فالواجب على كل مسلم، وعلى كل مسلمة الحذر من التساهل بالصلاة، والواجب اتخاذ الأسباب المعينة على أدائها في الوقت، الفجر وغيره في جميع الأوقات، فالذي يسهر يجب عليه ألا يسهر حتى يقوم   (1) سورة النساء الآية 142 (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 138 لصلاة الفجر، والذي يتساهل في عدم توقيت الساعة على الوقت المطلوب أن يعتني بالساعة، ويوقتها على الوقت المطلوب حتى يسمع التنبيه، والذي عنده أهل يوقظونه يوصيهم بذلك، يفعل الأسباب التي تعينه على أداء الصلاة، وليس له التساهل في ذلك أبدا، وهكذا بقية الصلوات، يعتني بالأسباب التي تعينه على أدائها في الوقت ولا يتساهل في ذلك حتى لا يكون في ذلك متشبها بالمنافقين، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 139 77 – حكم من يصلي الصبح بعد طلوع الشمس متعمدا س: بحكم طبيعة عملي ومشقته، فإنني لا أستيقظ من النوم إلا بعد طلوع الشمس، فأصلي الصبح ركعتين فقط، أفيدوني (1)؟ ج: هذا منكر عظيم، يجب عليك أن تصلي في الوقت، يجب عليك أن تنام مبكرا حتى تقوم في وقت صلاة الفجر، أو تشتري ساعة تركدها على قرب الفجر حتى تعينك على القيام، ولا يجوز لك التساهل حتى تصلي بعد الشمس، هذا منكر عظيم، وتعمده كفر في أصح قولي   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 354. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 139 العلماء؛ لأن تعمدها هذا ترك للصلاة في وقتها، فالواجب الحذر، قال الله جل وعلا: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (1) قال جماعة من السلف: أضاعوا الصلاة يعني أخروها عن وقتها. فالواجب الحذر، وذلك بأحد أمرين: إما أن تبكر في النوم حتى تستيقظ للفجر، وإما أن تتخذ ساعة تعينك، أو تعمد من يوقظك، ولا يجوز لك التساهل في هذا أبدا؛ بل يجب أن تهتم بهذا الأمر حتى تصلي الصلاة في وقتها. س: تسأل أختنا عن الشخص الذي يصلي بعض الأيام صلاة الفجر بعد طلوع الشمس، أو يصلي صلاة العصر في البيت، ما حكم صلاته؟ وهل تجب مقاطعته أو تجب نصيحته؟ أرشدونا لذلك ولا سيما إذا كان من المقربين لنا (2). ج: الواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، يجب على جميع المسلمين المكلفين من رجال ونساء أن يحافظوا على الصلاة في وقتها، الفجر في وقتها قبل الشمس،   (1) سورة مريم الآية 59 (2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 278. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 140 والظهر في وقتها بعد الزوال، والعصر في وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله بعد وقت الزوال قبل أن تصفر الشمس، والمغرب بعد غروب الشمس، والعشاء بعد غروب الشفق، والفجر قبل طلوع الفجر قبل الشمس، لا بد من هذا، يجب على جميع المسلمين المكلفين المحافظة على هذه الصلوات الخمس؛ لأنها عمود الإسلام، من تركها كفر، نعوذ بالله من ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» ويقول: «إنه يأتي عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون (3)» «فقيل: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة (4)» فدل على أن إقامة الصلاة لا بد منها؛ عمود الإسلام، من تركها كفر، ولا يجوز تأخير الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، ولا تأخير العصر إلى أن تصفر الشمس؛ بل يجب أن يصليها   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع، برقم (1854). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة، وشرارهم برقم (1855). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 141 في الوقت، والصحيح أنه إذا ترك ولو صلاة واحدة عمدا حتى خرج وقتها كفر – نسأل الله العافية – فكيف إذا ترك الصلاة الكثيرة؟ أما إن جحد وجوبها كفر عند جميع العلماء، إذا جحد وجوب الصلاة كفر ولو فعلها، ولو صلى، وإذا قال: ما هي بواجبة كفر عند الجميع، لكن إذا قال: إنها واجبة فرض، ولكن يتساهل ويتكاسل، الأكثرون من أهل العلم على أنه لا يكفر كفرا أكبر، ولكن كفرا أصغر، وهي كبيرة عظيمة، لكن لا يكفر كفرا أكبر، ولكن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل حدا حلال الدم؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (1) فدل على أنه من لم يتب لا يخلى سبيله؛ بل يقتل، لكن الجمهور على أنه يقتل حدا، على أنه عاص قد أتى كبيرة عظيمة. والقول الثاني: يقتل كافرا – والعياذ بالله –؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» ويجب على المؤمن أن   (1) سورة التوبة الآية 5 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 142 يصلي في الجماعة، المرأة تصلي في البيت؛ لأنه خير لها وأستر لها، لكن الرجل يجب عليه أن يصلي في المسجد مع الناس، الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1)» قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما هو العذر؟ قال: مرض أو خوف، وجاءه رجل أعمى فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (2)» هكذا أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أجب "، وهو أعمى ما له من قائد يتلمس الجدران يبحث عمن يقوده، ومع هذا يجب عليه الذهاب إلى المسجد، فكيف بالبصير المعافى؟. ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (3)» هم بهذا، وهو لا يهم إلا   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 143 بالحق عليه الصلاة والسلام، هم أن يحرق عليهم بيوتهم؛ لأنهم ما حضروا في الجماعة مع المسلمين. وفي رواية أحمد: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقتها عليهم (1)» المقصود أن هذا يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة، وأنه لا يجوز للمسلم أن يتخلف عنها، لا الفجر ولا غيرها؛ لأن التخلف عن الجماعة من صفات المنافقين، التخلف عن الجماعة في المسجد من صفات أهل النفاق، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (2) الآية، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (3)» فالذي يتكاسل عن صلاة الفجر في الجماعة قد تشبه بأعداء الله المنافقين، وترك واجبا عظيما، فالواجب عليه تقوى الله، وعلى أهله أن يناصحوه، وعلى أبيه أن يقوم عليه إن كان عنده أب أو جد أو أخ كبير يلزمه بها، ويؤدبه حتى يصلي في الجماعة، يقول النبي   (1) أخرجه أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8769). (2) سورة النساء الآية 142 (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 144 - صلى الله عليه وسلم -: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (1)» فالولد الذي يتخلف عن الجماعة وقد بلغ عشرا فأكثر يؤدبه أبوه، وهكذا أخوه الكبير إذا كان قد بلغ الحلم صار الأمر أعظم، نسأل الله للجميع الهداية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة؟ برقم (495). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 145 78 - حكم من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها س: رجل يهمل أداء صلاة الفجر؛ لعدم استيقاظه مبكرا، ويصلي الأخريات في أوقاتهن، فهل يقبل منه هذا العمل؟ وهل يوجد عندكم ما تنصحونه به؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: لا يجوز للمسلم أن يتساهل في هذا الأمر، لا الفجر ولا غير الفجر، يجب أن يحافظ على الجميع في أوقاتها مع الجماعة، وليس له أن يهمل الفجر، ولا الظهر، ولا العصر، ولا المغرب، ولا العشاء؛ بل يجب أن يحافظ على الجميع في الجماعة في بيوت الله مع إخوانه المسلمين، فإذا قصر في ذلك كان عاصيا متشبها بالمنافقين يستحق أن يؤدب من جهة ولاة الأمور، أما إن تركها بالكلية، تركها حتى طلعت الشمس   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 358. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 145 متعمدا فإنه يكفر في أصح قولي العلماء – نسأل الله العافية – لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» فالذي يتعمده، ويجعل الساعة على وقت الذهاب إلى عمله بعد الشمس هذا متعمد، فظاهر الحديث كفره، وهو الأصح، أن من تعمد ترك واحدة حتى يخرج وقتها كفر، فالواجب الحذر غاية الحذر من هذا العمل السيئ، وإذا كان أسباب ذلك السهر لا يسهر، يبادر بالنوم حتى يقوى على القيام في الفجر، فالغالب على هؤلاء أنهم يسهرون، فإذا جاء الفجر ناموا، هذا خطأ، هذا منكر، فالواجب عليهم أن يبكروا حتى يناموا نومة تكفيهم، وحتى يستطيعوا القيام للفجر يركد الساعة، ويقوم يصلي مع المسلمين. س: سائلة تقول: هل نقاطع من يتخلف عن صلاة الفجر أم نستمر في نصيحته (3)؟   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) السؤال العشرون من الشريط رقم 278. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 146 ج: اعملوا بالأصلح، إن كان الأصلح المواصلة لعل الله يهديه بأسبابكم، فواصلوا النصيحة، واستعينوا على ذلك بمن ترون من خواص أقاربه وأصدقائه لعله ينفع، فإن أصر ولم تنفع النصيحة فالواجب أن يهجر، وأن يرفع أمره إلى ولي الأمر، للمحكمة أو للهيئة حتى يعامل بما يستحق من العقوبة، يرفع بأمره من جهة ولي الأمر قاضي المحكمة والهيئة إذا كان في بلدكم هيئة حتى تحضره، وحتى تقيم عليه أمر الله، أما إذا أجدت النصيحة وأفادت فينصح إذا رجي إفادتها. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 147 79 – حكم التكاسل عن صلاة الفجر أحيانا إلى طلوع الشمس س: الأخ: ج. م. ع. من جمهورية مصر العربية يسأل ويقول: إنني أتخلف أحيانا عن صلاة الفجر بسبب تكاسل شديد يمنعني من أن أفتح عيني، فلا أقوم من النوم إلا بعد طلوع الشمس ثم أصلي، ما هو توجيهكم لي؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: هذا العمل منكر، لا يجوز لك أن تتساهل بصلاة الفجر ولا بغيرها؛ بل يجب على المسلم والمسلمة الصلاة في الوقت، وليس   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 276. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 147 للمسلم ولا للمسلمة تأخير الصلاة عن وقتها لا الفجر ولا غيره؛ بل هذا من خصال أهل النفاق، قال الله عز وجل في أهل النفاق: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1) فأنت بهذا العمل عملك أردى من عمل المنافقين، هم يقومون وأنت ما قمت، أخرتها إلى بعد الشمس، فالواجب عليك أن تصلي في الوقت، وأن تكون نشيطا قويا، وأن تصليها مع الجماعة ولا تتشبه بأهل النفاق، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما – يعني من الأجر – لأتوهما ولو حبوا (2)» وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (3)» قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما هو العذر؟ قال: مرض أو خوف. وجاء إليه - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى فقال: فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني - وفي لفظ: يقودني إلى المسجد – فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه   (1) سورة النساء الآية 142 (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 148 الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء للصلاة؟ -يعني الأذان- قال: نعم، قال: فأجب (1)» أمره النبي أن يجيب وهو أعمى ليس له قائد يقوده إلى المسجد، فكيف بالصحيح البصير؟ يكون الأمر عليه أعظم، فالواجب عليك أن تتقي الله، وأن تصلي مع الجماعة، وأن تبادر بالصلاة في وقتها. والذي يتعمد تأخيرها عن وقتها يكفر عند جمع من أهل العلم، يعني متعمدا تركها. وقد قال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» وظاهر هذا الحديث أن من تعمد تركها حتى تطلع الشمس بغير عذر يكون كافرا، نسأل الله العافية، فالواجب الحذر، وأن تصلي في الوقت، وأن تصلي مع الجماعة في المسجد، وعليك أن تفعل الأسباب التي تعينك على ذلك، عليك أن تعتني بالأسباب المعينة على قيامك إلى الصلاة، وذلك بالنوم المبكر، عليك أن تنام مبكرا حتى لا تكسل عن الفجر، وعليك أن تحتفظ   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 149 بالساعة التي تسمع صوتها، الساعة الخراشة التي تعينك على ذلك، تركدها على قرب الفجر حتى إذا خرشت قمت وسمعت صوت المنبه، أو يكون عندك امرأة تعينك على ذلك، أو أبوك، أو أخوك، المقصود لا بد من القيام للصلاة، سواء بإيقاظ بعض أهلك، أو بوجود الساعة التي تركد حاسبها على قرب الوقت. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 150 80 – بيان إثم من تساهل في إيقاظ أهله للصلاة س: تقول عن نفسها: أصحو مبكرة دوما لصلاة الفجر، وأحيانا تفوت علي الصلاة، ولكن في الأوقات التي أقوم فيها للصلاة لا أقوم بإيقاظ زوجي للصلاة؛ بل يظل نائما حتى مواعيد العمل وبعدها يصلي، هل في ذلك إثم علي (1)؟ ج: نعم، في ذلك إثم عليكما جميعا، عليك وعليه، عليك أن توقظيه وأن تتقي الله في ذلك، وتعينيه على الخير، وعليه أن يقوم ويصلي في الوقت مع المسلمين في المساجد، وليس له أن ينام حتى وقت العمل، هذا منكر هذا كفر، إذا تعمد هذا كفر؛ لأن تعمد ترك الصلاة في وقتها   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 364. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 150 تعمد إخراجها عن وقتها، نعوذ بالله من ذلك، فالواجب عليك إيقاظه، ونصيحته، والحرص على ذلك، والواجب عليه أن يتقي الله، وأن يقوم في الوقت، وأن يصلي مع المسلمين في المسجد، هذا هو الواجب على الجميع، الله يقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) ويقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (2) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه (3)» وأنت تستطيعين باللسان ولو غضب ولو كره إيقاظه، ولو غضب اتقي الله، الصلاة الصلاة، أعينيه على الخير، فإن لم يستقم فاطلبي الفراق، اخرجي عنه لأهلك، فارقيه؛ لأن هذا معناه تعمد ترك الصلاة في وقتها – نعوذ بالله – ومن تعمد تركها في وقتها عمدا كفر بذلك في أصح أقوال أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد   (1) سورة المائدة الآية 2 (2) سورة التوبة الآية 71 (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 151 كفر (1)» ومن تعمد تركها حتى تطلع الشمس عمدا كفر بذلك على الصحيح، فالواجب عليك أن تتقي الله، وأن تعينيه على الخير، فإن أجاب وإلا فارقيه واذهبي إلى أهلك واتركيه وامنعيه من نفسك، نسأل الله العافية والسلامة، نسأل الله لنا وله الهداية.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 152 81 – حكم من ينام عن صلاة الفجر بسبب الأدوية س: الأخت ر. إ. من عدن تسأل وتقول: أنا أعاني من الربو، ومن حساسية في الأنف مما يضطرني إلى تعاطي دواء للنوم في كل ليلة وخاصة في أيام الشتاء، الأمر الذي يعيقني عن القيام لصلاة الصبح في وقتها، حيث أؤديها قضاء مع صلاة الضحى، فهل يجوز ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: لا يجوز ذلك، يجب عليك أن تصلي في الوقت على أي حالة تستطيعينها، ولا يجوز تأخير الصلاة إلى ما بعد طلوع الشمس؛ بل يجب أن تصلي في الوقت قائمة إن قدرت، فإن عجزت صلي قاعدة، فإن   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 276. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 152 عجزت تصلين على جنب، فإن عجزت فصلي مستلقية، هكذا يجب على المؤمن والمؤمنة عند وجود المرض، فقد اشتكى عمران بن الحصين رضي الله عنهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرضا يجده، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1)» والله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) فالواجب عليك أن تصلي على حسب الطاقة في الوقت قبل طلوع الشمس، والأفضل التبكير بها في الغلس عند اختلاط الصبح بظلمة الليل على حسب القدرة: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) وإن استطعت أن تصلي قائمة صلي قائمة، وإن عجزت صلي قاعدة، وإن عجزت فصلي على جنب، والجنب الأيمن أفضل إذا تيسر، فإن عجزت فصلي مستلقية، والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)، بدون لفظ (فمستلقيا). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 153 82 – بيان ما يجب على من قام من النوم قبل الشروق بدقائق س: السائلة أم سليمان تقول: بالنسبة لصلاة الفجر عندما يستيقظ الشخص قبل شروق الشمس بدقائق، فهل يصلي الفريضة أولا، أم يصلي النافلة أولا (1)؟ ج: المشروع له أن يصلي النافلة أولا ولو عند طلوع الشمس، يصلي ركعتين، ثم يصلي الفريضة، هذه السنة، ولما نام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في بعض أسفاره أمر بالأذان، ثم أذنوا، ثم صلى الراتبة، ثم قام وصلى الفريضة، المقصود أن السنة أن يصلي الراتبة قبل الفريضة ولو كان قد تأخر في النوم في الفجر وغير الفجر.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 417. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 154 83 – حكم من فاتته الصلوات في صغره س: أصلي والحمد لله الصلوات كلها في المسجد ما عدا صلاة الفجر، ومع كل صلاة أصلي وقتا مثله مما فاتني صغيرا، وسؤالي بالنسبة لصلاة العصر هل أصليها قبل الفرض أم بعده؟ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 154 وأعني تلك التي أقضيها (1). ج: الواجب عليك أن تصلي الصلوات في أوقاتها مع المسلمين في مساجد الله، والفجر كذلك يجب أن تصلي مع المسلمين ولا تتشبه بالمنافقين، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر (2)» والله يقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (3) فلا يجوز التشبه بالمنافقين لا في الفجر ولا في غيرها؛ بل الواجب عليك أن تصلي مع الناس الفجر وغيرها في الجماعة في المساجد، وإذا مضى عليك من الصلوات إذا كنت تركت ذلك، فالتوبة كافية ليس عليك قضاء فيما مضى سواء كان ذلك قبل البلوغ، فإنه ليس عليك شيء، أو بعد البلوغ ثم تاب الله عليك؛ فالتوبة تجب ما قبلها وليس عليك القضاء، عليك أن تستقبل أمرك بالتوبة النصوح، والعمل الصالح، وأداء الفرائض في المستقبل، وما تركت من الصلوات سابقا فليس عليك قضاء في   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 230. (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). (3) سورة النساء الآية 142 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 155 أصح قولي العلماء؛ لأن الكافر لا قضاء عليه، يقول الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1) وترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في الصحيح؛ ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» والصلاة عمود الإسلام، من تركها من الرجال والنساء كفر إذا كان عمدا، أما إذا كان نسيانا أو عن نوم، فإذا استيقظ وذكر يصلي؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (4)» وليس لأحد أن يتأخر عنها عمدا، سواء كانت الفجر أو غير الفجر، يجب على المؤمن أن يحافظ على الصلاة وهكذا المؤمنة، يجب على الجميع المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والعناية بذلك، والحرص على أدائها في الوقت: الرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله، والمرأة تؤديها في البيت،   (1) سورة الأنفال الآية 38 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 156 ومن تعمد تركها من غير عذر شرعي؛ بل للتساهل فهو كافر في أصح قولي العلماء، وإن كان جاحدا لوجوبها كفر بإجماع المسلمين، نسأل الله العافية، وقال جماعة من أهل العلم: إنه لا يكفر إذا تركها تساهلا لا جحدا لوجوبها، ولكنه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب أعظم من الزنى والسرقة، أتى منكرا عظيما سماه النبي كفرا، لكن الأكثرون على أنه كفر دون كفر، ولكن الأصح من قولي العلماء أنه كفر أكبر، وهو المروي عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنه كفر أكبر، فالصلاة عمود الإسلام، من أضاعها أضاع دينه، ومن حفظها حفظ دينه، لكن من تركها، ثم هداه الله وتاب تاب الله عليه، وعليه أن يستقبل أمره، وليس عليه قضاء ما فات؛ بل التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، والله المستعان. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 157 84 – وجوب التوبة على من تعمد تأخير الصلاة عن وقتها دون القضاء س: إذا كان هناك شخص صلى، أو ابتدأ الصلاة في وقت متأخر، فهل يجب عليه القضاء أم يكفي أن يتوب توبة نصوحا ولا يترك الصلاة بعدها أبدا؟ وما دليل ذلك (1)؟   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 115. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 157 ج: إذا صلى، ثم بان أنه صلى قبل الوقت عليه أن يعيد في الوقت، أما إن صلاها بعد الوقت فقد أساء، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وعدم العودة إلى التأخير، وصلاته صحيحة، وتسمى قضاء للفريضة، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وكثير من أهل العلم يقولون: إنه إذا تعمد تأخيرها عن وقتها صار بهذا كافرا، وعليه التوبة إلى الله من ذلك ولا قضاء عليه؛ لأن ذنبه عظيم، والقضاء إنما يدخل في العمل الذي ليس كبيرا جدا، أما إذا عظم الأمر فليس له إلا التوبة، ولهذا فإن القتل العمد ليس فيه كفارة، إنما فيه الدية أو القتل. والكفارة إنما تكون في قتل الخطأ وشبه العمد، وهكذا إذا نسي الإنسان فلم يصل، أو نام عن الصلاة قضاها بعد ذلك ولا شيء عليه، لكن إذا تعمد بأن أخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، أو أخر العصر إلى ما بعد المغرب فهذا قد فعل منكرا عظيما، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، وهل يقضي أو ما يقضي، على خلاف بين أهل العلم؛ من كفره قال: لا يقضي. ومن قال: إنه ليس بكافر أمره بالقضاء، إذا تركه حتى خرج الوقت، فالواجب على الرجال والنساء الحذر من تأخير الصلاة عن أوقاتها، والتوبة إلى الله من ذلك، وليس على من تركها قضاء، إنما عليه التوبة، هذا هو الأصوب، وهذا هو الصحيح إذا كان تركها عمدا وتساهلا حتى خرج وقتها الضروري، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 158 أما وقتها المختار فلا يمنع من قضائها لو أخر العصر حتى اصفرت الشمس، فعليه أن يقضي مع التوبة والاستغفار، أما إذا أخرها حتى غابت الشمس فهذا هو محل الكفر لمن أخرها عمدا عدوانا عند بعض أهل العلم، وكثير من أهل العلم يقولون: إنه يقضي، وعليه التوبة إلى الله من ذلك. فينبغي للمؤمن في مثل هذه الأمور أن يحذر غاية الحذر من تأخير الصلاة عن وقتها، وأن يكون عنده من العناية التامة للصلاة في وقتها ما يجعله يحافظ عليها، ويؤديها في الجماعة مع إخوانه في المساجد في وقتها، وعلى المرأة كذلك أن تعتني بها في وقتها، وأن تؤديها في وقتها في بيتها، وأن تحذر التساهل في ذلك، ولا فرق بين الفجر وغيرها، لكن المجموعة إلى غيرها أسهل من التي لا تجمع كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء أسهل من تأخير الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، وأسهل من تأخير العصر إلى ما بعد غروب الشمس، وإن كان الواجب على جميع المسلمين أن يصلوا كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، إلا من له عذر كالمريض والمسافر، فلا بأس بالجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 159 85 – حكم تأثيم من أخر الصلاة بسبب النوم س: إذا تأخر الإنسان عن الصلاة بسبب السهر أو النوم فهل يكون آثما (1)؟ ج: إذا كان لم يتعمد أسباب ذلك فلا شيء عليه، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة (2)» أي يؤخر الرجل الصلاة إلى أن يخرج وقتها إلى وقت التي بعدها، والله يقول سبحانه: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (3) فقال الله: قد فعلت. إذا نام الإنسان النوم المعتاد، وغلبه النوم، أو شغله شاغل ونسي فلا شيء عليه، قد نسي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد نسي الصحابة، وقد نام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ضربته الشمس مع الصحابة، كل ذلك وقع، وابن آدم محل النسيان ومحل الجهل، كما قال - صلى الله   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 295. (2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، برقم (177)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها، برقم (441)، والنسائي في المجتبى، كتاب المواقيت، باب فيمن نام عن صلاة، برقم (615)، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، برقم (698). (3) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 160 عليه وسلم -: «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون (1)» فالحاصل أن الإنسان يبتعد عن أسباب النوم، فيبكر بالنوم حتى يقوم الفجر يبكر ولا يسهر، ويضع الساعة التي تعينه على ذلك على الوقت المناسب للصلاة، أو كان عنده أهل عندهم انتباه يأمرهم بأن يوقظوه، يفعل الأسباب حتى لا ينام عن فريضة الله جل وعلا، أما النسيان فقد يغلبه فليس باختياره.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (572). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 161 86 – بيان كيفية قراءة من صلى الفجر بعد الشروق س: الأخوان م. ف، وع. ش. من الظهران يسألان فيقولان: إذا استيقظ المسلم من النوم بعد طلوع الشمس فهل يصلي الفجر سرا أم جهرا (1)؟ ج: يصليها جهرا، والواجب على المؤمن أن يحذر التكاسل والتساهل في تأخير الصلاة، ويجب عليه أن يتعاطى الأسباب التي تعينه   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 129. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 161 على أدائها في وقتها مع المسلمين في مساجد الله من إيجاد الساعة المنبهة حتى يستيقظ بأسبابها، أو تكليف من يرى من أهله بإيقاظه الناس الذين لهم نشاط، ولهم عادة يقومون حتى ينبهوه مع العناية بالتبكير والنوم المبكر حتى لا يثقل عن صلاة الفجر، ولا يجوز أبدا أن يتساهل في هذا؛ حتى لا يصلي إلا إذا قام للعمل، هذا منكر عظيم، وإذا تعمده الإنسان صار عرضه للكفر؛ لأن جمعا من أهل العلم يقولون: من تركها ولو واحدة كفر. والذي يتعمد تركها كالفجر يكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» والمعنى تركها مطلقا، ولو ترك بعض الأوقات، وهكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» فالواجب على كل مؤمن، وعلى كل مؤمنة خوف الله ومراقبته، وأن يهتم بالصلاة فإنها عمود الإسلام، وأعظم الأركان بعد الشهادتين، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3)   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) سورة البقرة الآية 238 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 162 ويقول سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (1) فالواجب على كل مسلم أن يهتم بهذا الأمر في الليل والنهار بصلاة الفجر وغيرها، ولا يجوز أن يتساهل كالمنافقين، وإذا غلبه النوم وقام بعد طلوع الشمس صلاها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (2)» ويصليها كما يصليها في وقتها، يصليها جهرا كما يصليها في وقتها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاتته صلاة الفجر في بعض مغازيه، وبعض أسفاره في عدة مرات، وناموا عنها فصلوها كما كانوا يصلونها في وقتها، يصلي بهم بأذان وإقامة، وصلى بهم جهرا عليه الصلاة والسلام. فهكذا من نام عنها وغلبه النوم يصليها بعد استيقاظه جهرا، ويصلي سنتها قبلها ركعتين، ثم يصلي الفريضة، ولكن المهم هو أن يعتني باليقظة في وقت الصلاة، كثير من الناس اليوم – هداهم الله – يتساهلون في الفجر، وكثير منهم بلغنا لا يقوم إلا إذا قام لعمله، وهذا منكر عظيم، وفساد كبير، وتعرض للردة عن الإسلام، فالواجب العناية بهذا الأمر، وأن يهتم المسلم والمسلمة بهذه الصلاة التي هي عمود الإسلام،   (1) سورة البقرة الآية 43 (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 163 وأن يجتهد في أسباب استيقاظه حتى يؤديها في وقتها، الرجل يؤديها مع المسلمين في المساجد، والمرأة تؤديها في وقتها في البيت، أما تأخيرها إلى ما بعد طلوع الشمس فهذا منكر عظيم لا يجوز، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من تعمد ذلك كفر، وهو القول الصواب، وهو القول الحق؛ لعموم الأحاديث الدالة على ذلك، فلا ينبغي للمؤمن أن يعرض نفسه للكفر بالله، والردة عن الإسلام بتساهله وتعمده الباطل، وقد يسر الله بحمد الله أسبابا تعين على أدائها في الوقت: منها وجود الساعة المنبهة الخراش، يركدها على وقت الصلاة، أو قبل الأذان بقليل، حتى يقوم على بصيرة، وحتى يتوضأ على مهل، أو قبل الأذان بوقت حتى يوتر في آخر الليل، وعليه أيضا أن يتعاهد التبكير في نومه حتى لا يغلبه النوم ولا يسمع صوت المنبه، فإنه إذا نام متأخرا قد يغلبه بالنوم ولا يسمع صوت الساعة، فالواجب الحذر من التساهل، والواجب العناية بالأسباب، وإذا كان لديه في البيت من يعينه على ذلك أوصاه بذلك، حتى يوقظه، حتى يتعاهده؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «من كان في   (1) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 164 حاجة أخيه كان الله في حاجته (1)» ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (2)» نسأل الله للجميع الهداية. س: هذا المستمع للبرنامج س. ع. من خميس مشيط يقول: عندما ينام الشخص عن صلاة الفجر، وفي حالة استيقاظه يصلي، فهل يجهر في صلاته أم تكون الصلاة سرية؟ وهل يصلي الراتبة قبل ذلك أم بعدها؟ أفتونا عن هذا السؤال (3). ج: نعم، إذا استيقظ ولو بعد طلوع الشمس يصلي الراتبة، ويصلي الفريضة، ويجهر كما لو فعلها في الوقت؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره نام هو والصحابة عن الفجر، فلم يستيقظ إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا أمر بالأذان فأذن مؤذن، وصلى الراتبة، وأقام الصلاة، وصلى الفريضة وجهر فيها كما كان يفعل في وقتها، هذا هو   (1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2442)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580). (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن الكريم، برقم (2699). (3) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 400. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 165 السنة إذا نام عنها واستيقظ بعد طلوع الشمس، يتوضأ ويصلي الراتبة، ويصلي الفريضة، ويجهر فيها كما لو فعلها في الوقت؛ تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. س: هل يجهر المصلي لصلاة الفجر بعد طلوع الشمس سواء كان منفردا أو جماعة (1)؟ ج: نعم، إذا فاتته الصلاة في الفجر وصلاها منفردا يجهر حتى ولو كان بعد طلوع الشمس يصليها جهرا، فقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس هو وأصحابه في بعض أسفاره، صلاها جهرا عليه الصلاة والسلام، كما كان يصليها جهرا عليه الصلاة والسلام، أمر بالأذان ثم صلى السنة الراتبة، ثم أقيمت الصلاة، وصلى الفريضة عليه الصلاة والسلام. س: من فاتته صلاة الفجر فصلاها بعد طلوع الشمس هل يسر بصلاته أم يجهر بها (2)؟ ج: يجهر إذا صلاها يجهر بها، النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام هو   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 224. (2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 366. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 166 وأصحابه عن صلاة الفجر في بعض الليالي في بعض الأسفار صلاها بعد ارتفاع الشمس، وجهر بالقراءة عليه الصلاة والسلام، فالسنة الجهر بالقراءة؛ القضاء يحكي الأداء. س: إذا فات الإنسان صلاة جهرية، وأراد أن يقضيها فهل يكون ذلك سرا أم جهرا (1)؟ ج: السنة يقضيها جهرا في النهار، فقد قضاها النبي عليه الصلاة والسلام لما نام عن صلاة الفجر، فلم يوقظه إلا حر الشمس – إلا بعد ظهور الشمس – في بعض أسفاره، صلاها بعد طلوع الشمس جهرا عليه الصلاة والسلام، جهر فيها بالقراءة.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 310. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 167 87 – حكم من يؤخر صلاة الفجر ليصليها مع الظهر س: ما حكم من يؤخر صلاة الفجر ليصليها مع صلاة الظهر، علما بأنه يستيقظ عند أذان الفجر، هل صلاته مقبولة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1).   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 211. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 167 ج: هذا منكر لا يجوز، الله يقول جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1) ويقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) يعني في أوقاتها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وقت الصلوات الخمس – الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر – في أوقاتها، فلا يجوز للمسلم أن يؤخرها عن وقتها لا الفجر ولا غيرها، يجب عليه أن يبادر بالصلاة في وقتها مع المسلمين في الجماعة في المساجد، والمرأة تصليها في البيت في وقتها، ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس، فكيف بتأخيرها إلى الظهر، هذا منكر عظيم، وبعض أهل العلم يراه كافرا بذلك، نسأل الله العافية، فالواجب التوبة إلى الله والحذر، وأن يصليها في وقتها، ولا يؤخرها عن وقتها.   (1) سورة النساء الآية 103 (2) سورة البقرة الآية 238 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 168 88 – بيان معنى الصلاة الفائتة س: السائل ع. غ. من الأحساء يقول في سؤاله: ما هي الصلاة الفائتة (1)؟ ج: الفائتة: هي التي خرج وقتها، يقال: فائتة إذا نمت عن الفجر حتى   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 367. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 168 طلع الفجر، يقال لها: فائتة، نمت عن الظهر حتى دخل وقت العصر، يقال لها: فائتة، وهكذا الفائتة هي التي خرج وقتها، فالواجب البدار بقضائها إذا كان عن نوم أو عن نسيان، الواجب البدار، أما عن تعمد هذا فضلال وكفر، نسأل الله العافية. فالواجب التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وإن صلاها وقضاها فلا بأس خروجا من الخلاف، لكن تركها وتعمد تركها حتى يخرج وقتها من أنواع الكفر بالله؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (1)» وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» الوعيد عظيم. فالواجب على جميع المسلمين العناية بالصلاة وأداؤها في الوقت، فمن تركها تعمدا حتى خرج وقتها كفر، وإن لم يجحد وجوبها، وإن كان يؤمن بالوجوب، لكن إذا تساهل وضيعها حتى خرج الوقت يكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3)» ولم يقل: إذا جحدها، وقال   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 169 عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» هذا وعيد عظيم.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 170 89 – حكم قضاء من لم تضبط تقدير عادتها الشهرية س: تقول السائلة: أريد قضاء بعض الصلوات التي فاتتني، وأريد أن أعرف كيفية الإعادة، حيث إني فيما مضى لا أستطيع تقدير وقت عادتي الشهرية، تمر علي بعض الأيام، ولا أعرف الطهر منها، فتفوتني الصلاة، وكنت أقضيها ولكن كيفية القضاء كانت خاطئة فيما علمت بعد ذلك، الرجاء من سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز أن يوضح لي وللأخوات المسلمات كيفية القضاء، وحبذا لو بعث برسالة خاصة إلى النساء في هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (1). ج: الواجب على المرأة أن تعتني بحيضها وطهرها، فإذا مضت العادة التي تعرفها خمسا أو ستا، أو أكثر أو أقل اغتسلت وصلت وصامت   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 145. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 170 وحلت لزوجها، حتى تجيء العادة، حتى تجيء الدورة، وإذا كانت الدورة تزيد وتنقص فلا بأس، هذه عادة النساء قد تزيد وتنقص، تكون في بعض الشهور خمسة أيام، وفي بعض الشهور ستة أيام، سبعة أيام، فلا حرج، متى رأت الدم لا تصلي ولا تصوم ولا تحل لزوجها، ومتى رأت الطهارة القصة البيضاء، أو تلطفت بقطن ورأته نظيفا اغتسلت وصلت وصامت. أما إن استمر معها الدم صار أكثر من خمسة عشر يوما، استمر معها فإنها تكون مستحاضة، تصلي، وتصوم في كل وقت، وتقف عن الصلاة في وقت العادة، فإذا جاء وقت الدورة وقفت لم تصل ولم تصم بعدد أيام الدورة: خمسا أو ستا أو سبعا أو نحو ذلك. وإذا ذهبت الدورة اغتسلت وصلت وصامت، وصارت هذه الدماء التي معها تعتبر استحاضة دم فساد، تصلي معها وتصوم معها وتحل لزوجها؛ لأنها دماء غير مانعة من الصلاة تسمى استحاضة، وتتوضأ في وقت كل صلاة، وتتحفظ بقطن أو غيره مما يخفف عنها الدم، وتصلي كل وقت في وقته، وإن جمعت بين الوقتين: الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء لا بأس، كما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - حمنة بنت جحش عندما كثر عليها الدم. وإذا اغتسلت للظهر والعصر غسلا واحدا، والمغرب والعشاء غسلا واحدا كان أفضل، وللفجر تغتسل غسلا واحدا كذلك، مع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 171 الوضوء لكل صلاة، ولكن الغسل أفضل وليس بواجب في حال الاستحاضة، يعني في الأيام التي بين الدورتين، الدم يمشي فيها، هذه يقال لها: أيام استحاضة، وإن صلت فيها كل وقت في وقته فلا بأس، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، إذا دخل الوقت تستنجي وتستجمر بالمناديل ونحوها، حتى تزيل الأذى من فرجها، وتتوضأ وضوء الصلاة، وتصلي كل صلاة في وقتها، هذا جائز. وإن جمعت بين الصلاتين: بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فهذا أفضل، كما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - حمنة بنت جحش، وإذا اغتسلت مع ذلك فهو أفضل، الظهر والعصر غسل، والمغرب والعشاء غسل، والفجر غسل على سبيل الاستحباب كما ذكرنا. وبالنسبة للقضاء فإذا كانت تعلم شيئا تقضيه، أما إذا كانت لا تعلم فالوساوس ينبغي اطراحها إذا كانت تعلم أنها قصرت في شيء من الصلوات التي وجبت عليها في حال الطهر، وأنه التبس عليها الأمر، إذا كانت تعلم شيئا تقضيه، أما إن كانت لا تعلم شيئا إنما هي وساوس وظنون، فلا تلتفت إليها وتتعوذ بالله من الشيطان. أما الشيء الذي يترك عمدا وتساهلا وقلة مبالاة، فهذا ليس له دواء إلا التوبة والندم على ما فعلت، ويكفي هذا، فإن المسلم إذا ترك الصلاة عمدا ليس له كفارة إلا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 172 التوبة؛ لأن تركها كفر – نسأل الله السلامة – كما قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» يعني تركها عمدا متعمدا، ليس له نسيان، ولا عن جهل لبعض الأحكام، إنما متعمدا تركها، فهذا قد أتى كفرا عظيما – والعياذ بالله – لذا عليه التوبة من ذلك ولا يقضي. أما الذي يتركها لمرض، أو اشتباه ولم يعرف أن الواجب عليه أن يصلي ولم يتعمد تركها تساهلا، ولكن بعض الناس قد يظن أنه إذا أخرها حتى يزول عنه المرض أصلح، هذا غلط، يصلي على حسب حاله، ولو يصلي قاعدا إذا عجز عن القيام، يصلي على جنبه إذا عجز عن القعود، يصلي مستلقيا إذا عجز عن الصلاة على جنب ولا يتركها؛ بل يجب أن يصليها في وقتها على أية حال: قائما، أو قاعدا، أو على جنب، أو مستلقيا حسب طاقته: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) وهكذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المريض، قال لعمران بن الحصين وهو مريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب،   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 173 فإن لم تستطع فمستلقيا (1)» هكذا علمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يؤخر الصلاة، وليس له تأخيرها؛ بل إنما يصليها في وقتها، أو يجمعها مع قرينتها: الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء لمرض أصابه كالمستحاضة أيضا. يعني عليها أن تقضي ما تركته نسيانا، أو تركته لمرض، وعلمت أنها مخطئة تقضي كما يقضي الناسي، وكما يقضي النائم، أما الذي تركها عمدا تساهلا منه من قلة مبالاة فهذا ليس له إلا التوبة، ولا يلزمه القضاء في أصح قولي العلماء، القضاء يلزم في الحال إذا كان عن نوم أو نسيان، يبادر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (2)» هذا المعذور، أما من ترك الصلاة وهو غير معذور عامدا متساهلا فهذا عليه التوبة الصادقة، ولا قضاء عليه على الصحيح.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)، بدون لفظ (فمستلقيا). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 174 90 – بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة س: كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة – أي صلاة – بكاملها الجزء: 7 ¦ الصفحة: 174 كصلاة الفجر مثلا، وهل إذا كانت الصلاة جهرية يجب عليه أن يجهر بها (1)؟ ج: من كان عليه صلوات يقضيها كما لو أداها: إن كانت جهرية قضاها جهرا؛ كصلاة الفجر والعشاء والمغرب، وإن كانت سرية يقضيها سرية؛ كصلاة الظهر والعصر، يقضيها كما يؤديها في وقتها، هذا إذا كان تركها عن نسيان أو عن نوم، أو عن شبه مرض يزعم أنه لا يستطيع فعلها في وقت المرض وأخرها جهلا منه، فهذا يقضيها كما كانت. أما إذا كان تركها تعمدا، ثم هداه الله وتاب فليس عليه قضاء؛ لأن تركها كفر إذا كان تعمدا، فإذا تاب إلى الله من ذلك فليس عليه قضاء، وإنما التوبة تمحو ما قبلها إذا تاب توبة صادقة من تركه للصلاة محا الله عنه بذلك ما ترك، وليس عليه قضاء في أصح قولي العلماء، إنما القضاء في حق من تركها نسيانا أو جهلا منه في وجوب أدائها بشأن مرض أصابه، فأراد أن يؤخرها حتى يصليها وهو صحيح، أو بسبب نوم، فهذا الذي يقضي، أما الذي يتركها تعمدا – والعياذ بالله من ذلك - فهذا كفر، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 69. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 175 كفر (1)» خرجه الإمام أحمد، وأهل السنن بإسناد صحيح، عن بريدة رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه أحاديث أخرى تدل على ذلك. فالخلاصة أنه إذا تركها عمدا تهاونا بها أو جحدا لوجوبها كفر، فإن كان جاحدا لوجوبها كفر إجماعا، أجمع العلماء على أن من جحد وجوب الصلاة كفر إجماعا، نسأل الله العافية، أما إن تركها تهاونا وتكاسلا فهذا قد شابه المنافقين، وذلك كفر أكبر في أصح قولي العلماء، فعليه التوبة إلى الله التوبة الصادقة النصوح، المتضمنة الندم على ما مضى، والإقلاع من ذلك، والعزم ألا يعود لمثل ذلك، فهذا تكفيه التوبة – والحمد لله – ولا قضاء عليه.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 176 91 – حكم من شك في أدائه لصلاة العشاء بعدما صلى الفجر س: إذا قمت لصلاة الصبح فشككت هل أديت صلاة العشاء، فما الحكم إذا كان الراجح عندي أني صليت، وإذا كان الراجح أني الجزء: 7 ¦ الصفحة: 176 لم أصل، وإذا تساوى الأمران فما الحكم أيضا (1)؟ ج: الذي يظهر من الشرع المطهر أن الإنسان إذا شك أدى واجبا، أو ما أدى فإن عليه أن يؤدي الواجب إذا كان من عادته أنه قد يتساهل في الصلاة وقد يضيعها، فالذي ينبغي له أن يبادر بقضائها أولا، ثم يصلي الفجر، أما إذا كان ليس من عادته ذلك؛ بل يصلي الصلاة في وقتها مع المسلمين، أو في وقتها في البيت لبعض الأعذار، وإن كان لا يجوز أن يصليها في البيت، الواجب على المسلم أن يصليها في الجماعة في المساجد، ولا يجوز لأحد أن يصليها في البيت إلا من عذر شرعي، كالمرض، أو الخوف الذي يمنعه من الخروج، يخشى على نفسه، لكن إذا كان من عادته أنه يصليها مع الجماعة، أو يصليها في البيت؛ لعذر من الأعذار فلا ينبغي أن ينظر لهذا الشك، ينبغي أن يطرح هذا الشك ولا يلتفت إليه. أما إذا كان تارة قد يؤخرها قد يمسي وهو ما فعلها قد ينشغل عنها، فإذا كان ما تحقق ما جزم أنه فعلها فليقضها، ثم يصلي الفجر بعد ذلك، أما إذا كانت أوهاما وظنونا لا أساس لها؛ بل من عادته ومن طريقته أنه يأتي بها، ويفعلها في وقتها كما شرعها الله فهذه   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 14. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 177 وساوس لا يلتفت إليها، ولا يعمل بها؛ بل يصلي الفجر، ويحمل الأمر على أنه فعلها – والحمد لله – كعادته المتبعة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 178 92 – بيان التفضيل في قضاء الصلوات الفائتة س: يقول السائل من ليبيا: هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة أم تكفي التوبة فقط (1)؟ ج: بل يجب قضاء الفائتة، إذا فاته شيء من الصلوات وجب عليه القضاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا (2)» ولأنها فريضة واجبة عليه، فإذا نام عنها، أو نسيها، أو لم يتعمد تركها وجب عليه القضاء، أما إذا نام أو نسي وجب القضاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها (3)» أما إذا كان تعمدها فهذا منكر عظيم، لكن إذا قضاها احتياطا إن كانت قليلة وإلا فالتوبة تجب ما قبلها، لكن إذا كانت قليلة: صلاتين أو ثلاثا قضاها احتياطا؛ خروجا من الخلاف فهو حسن إن شاء الله، أما إذا كانت كثيرة   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 431. (2) أخرجه النسائي في كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 178 فلا قضاء، التوبة تكفي؛ لأن تركها كفر، نسأل الله العافية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 179 93 – حكم قضاء الصلاة لمن أغمي عليه س: ما الحكم إذا ترك المسلم الصلاة لمدة يومين وهو في حالة إغماء، أو عملية (1)؟ ج: يقضيها كالنائم، يومين، ثلاثة، كالنائم إذا استيقظ ووعى، يقضيها كما يقضيها النائم، إذا كان ثلاثة أيام أو أقل يقضيها كالنائم، هذا أحسن ما قيل في ذلك، أما إذا طالت المدة فلا قضاء عليه.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 383. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 179 94 – حكم من فاتته الصلاة بسبب المرض أو التعب س: إذا كان الإنسان نائما من مرض أو تعب أو أي سبب آخر فاتته صلاة أو صلاتان، مثل لو نام بعد الظهر واستيقظ قبل صلاة العشاء بقليل، ماذا يفعل؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: الواجب على كل مؤمن أن يحرص على أداء صلاة الجماعة مع المسلمين، وأن يجتهد في وجود الأسباب من وجود ساعة ترشده   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم 355. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 179 للوقت أو موقظ من أهله يوقظه، مع التبكير في أوقات النوم وعدم التأخر، فإذا غلبه النوم مع غير الاختيار، ولا قصد فالله يعذره، مثلما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في النوم تفريط (1)» إذا كان من غير تساهل إذا غلبه النوم من تعب ومرض، لكن ليس له أن يتساهل، بمعنى أن يتأخر في النوم، أو يأتي وقت الصلاة ينام أو ما شابه، يتحرى النوم في الأوقات المناسبة، يتعاطى أسباب اليقظة بالساعة أو بالموقظين، والله جل وعلا هو يعلم السرائر، فإذا علم سبحانه أن العبد مجتهد، وحريص ولكن غلبه الأمر فلا شيء عليه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2)، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) لكن المعصية أن يتساهل وألا يبالي، يحتج بالأعذار الباطلة هذا هو الخطأ.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، برقم (177)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها، برقم (441)، والنسائي في المجتبى، كتاب المواقيت، باب فيمن نام عن صلاة، برقم (615)، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، برقم (698). (2) سورة البقرة الآية 286 (3) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 180 95 – كيفية قضاء الفوائت بسبب المرض س: بعد انتهاء مدة الحيض أصابتني وعكة صحية أقعدتني في الفراش، أي ما يقارب خمسة أيام، خلال هذه الأيام الخمسة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 180 التي بعد فترة الحيض لم أؤد فريضة الصلاة، فهل تعتبر هذه الأيام من فترة الحيض أم ينبغي علي أن أصلي هذه الأيام التي تركتها، كأن أصلي كل وقت مرتين لمدة خمسة أيام، أم أصليها دفعة واحدة؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: الفرائض التي تركت بعد الطهارة الواجب أن تقضيها كلها ولو في وقت واحد إن استطعت، وإلا فحسب الطاقة، تصلين صلاة واحدة، أو صلاتين، أو ثلاثا، أو أربع صلوات، أو خمسا، ثم تستريحين، ثم تصلين الباقي هكذا، عليك المبادرة والمسارعة فقد أخطأت في هذا الأمر، فعليك التوبة إلى الله من ذلك؛ لأن المرض لا يمنع من الصلاة، يصلي المرء ولو كان مريضا، إن قدر صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، وإن عجز صلى على جنبه، ولهذا لما اشتكى عمران بن حصين رضي الله عنه للنبي - صلى الله عليه وسلم - مرضه قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2)»   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 324. (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)، بدون لفظ (فمستلقيا). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 181 فالمريض يصلي على حسب حاله، ولا يجوز له ترك الصلاة؛ بل يصلي على حسب طاقته قائما إن قدر، فإن عجز صلى قاعدا، فإن عجز صلى على جنبه، فإن عجز صلى مستلقيا؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) والذي على جنبه أو مستلقيا يصلي بالإيماء؛ لأنه لا يستطيع بالفعل أن يكبر ويقرأ ويسبح وينوي به الركوع، يقول: سمع الله لمن حمده ناويا الرفع، وهو على جنبه أو مستلقيا، ثم يكبر ناويا السجود يقول: سبحان ربي الأعلى، وهكذا بالنية والكلام، وفق الله الجميع.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 182 96 – حكم الترتيب بين الفوائت وبين الصلاة الحاضرة س: ما حكم الترتيب بين الصلوات إذا كانت هذه الصلوات كثيرة، ويخاف الإنسان إن صلى هذه الفروض الفائتة أن يخرج وقت فرض الصلاة الذي يريد أن يؤديها (1)؟ ج: يصلي حسب التيسير، ويبدأ بالحاضر إذا خاف خروج الوقت، يصلي الفرض الحاضر قبل خروج الوقت، ثم يصلي بقية الفوائت التي   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 382. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 182 عليه، أما إذا كان الوقت واسعا يبدأ بالفوائت أولا، فإذا ضاق الوقت صلى الصلاة الحاضرة، ثم صلى بقية ما عليه، وعليه أن يعتني بهذا الأمر يكون عنده العناية التامة. س: إذا فاتني أداء صلاة العصر والمغرب، وذلك لسبب خارج عن إرادتي، ودخل العشاء، فهل يجوز قضاؤهما مع العشاء (1)؟ ج: تبدأ بصلاة العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، وعليك أن تجتهد في البعد عن أسباب الترك والحذر، فإن المؤمن لا يتساهل في هذا الأمر، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» فالأمر عظيم، ولا يتخلف عنها إلا منافق، نسأل الله العافية، فالواجب عليك الحذر من   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 216. (2) سورة البقرة الآية 238 (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 183 مشابهة أهل النفاق، والواجب عليك المحافظة على الصلاة في وقتها، وإذا نسيت منها شيئا، أو نمت عنها، أو شغلت عن شيء فعليك بالترتيب، تبدأ بالعصر، ثم المغرب، ثم العشاء، هكذا بالترتيب. س: إذا كنت في سفر، وحان وقت الظهر ولم أصل بسبب السفر، وحين وصولي إلى البيت كان وقت صلاة العصر قد دخل، فهل يجوز أن أصلي صلاة الظهر قبل صلاة العصر، أو بعد العصر؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: الواجب عليك الترتيب، تصلي الظهر ثم العصر، وإذا وصلت بلدك تصليها تماما أربعا: الظهر والعصر أربعا، ولو أن الوقت دخل عليك وأنت في السفر إذا أخرتها حتى وصلت بلدك فإنك تصلي الظهر أربعا، ثم تصلي العصر أربعا، والعكس بالعكس لو خرجت من البلد بعد الأذان ولم تصل إلا في السفر بعد ما غادرت البلد تصليها ثنتين، العبرة بوقت الفعل.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 216. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 184 97 – حكم تقديم صلاة العصر إذا أقيمت مع الجماعة لمن لم يصل الظهر س: الأخ ع. ح. من السودان يسأل ويقول: أذن المؤذن لصلاة العصر، وذهبت إلى المسجد، وكانت علي صلاة الظهر لم أصلها لسبب ما، وكان الوقت قد أقيمت صلاة العصر، هل يكفيني أن أصلي العصر أم لا بد من صلاة الظهر أولا ثم أصلي العصر (1)؟ ج: إذا كان هذا الواقع صل معهم بنية الظهر، صل معهم العصر وأنت ناو الظهر والحمد لله، ثم تصلي العصر وحدك أو مع جماعة إذا تيسر جماعة ولا حرج في ذلك.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 278. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 185 98 – حكم من أدرك الإمام يصلي العشاء وهو لم يصل المغرب س: يقول السائل: رجل مسافر لم يصل صلاة المغرب، وعندما وصل إلى المدينة وجد الناس يصلون صلاة العشاء في المسجد، هل يصلي المغرب ثم يصلي العشاء أم ينوي بصلاته المغرب، ويصلي معهم ثلاث ركعات ويسلم أم ماذا يفعل (1)؟   (1) السؤال التاسع والستون من الشريط رقم 432. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 185 ج: يصلي المغرب، ثم يصلي معهم العشاء. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 186 99 – حكم صلاة الظهر مع جماعة يصلون العصر س: السائل ي. ح. يقول: هل يجوز لمن فاتته صلاة الظهر أن يصليها مع جماعة يصلون العصر (1)؟ ج: إذا كانت جماعة مسافرون يصلونها في وقت الظهر صلى الظهر، وإلا يجب أن يصلي الظهر في وقتها لا يؤخرها، يصلي الظهر إذا فاتته مع الجماعة، يصليها في المسجد أو في بيته حالا، فإن وجد جماعة يصلون صلى معهم، سواء كانوا مقيمين أو مسافرين صلى معهم، إذا سلموا قام وكمل، أما أن يؤخرها للعصر لا يجوز أن يؤخرها.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 371. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 186 100 – بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة س: إذا كان على الإنسان قضاء، ولا أعرف عدد هذا القضاء، والآن أنا أصلي مع كل فرض فرضا، هل أصلي الفرض الحاضر الأول أم أصلي القضاء الأول؟ مأجورين (1)   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم 359. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 186 ج: الواجب عليك أن تبادر بالقضاء، ولا تجعل كل فرض معه فرضا؛ بل بادر، اسرد ما عليك في الضحى في الظهر في الليل حتى تخلص منه، ولا يجوز لك التأخير، فالنبي عليه السلام يقول: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (1)» فأنت الواجب عليك أن تبادر بقضاء الصلوات التي عليك بالتحري الذي تظن، افعله خمس عشرة وعشرين، الذي تظنه، بادر بقضائه ولا تجعله مع كل صلاة؛ بل بادر به، اسرده جميعا في ضحوة، أو في ظهر أو في الليل حتى تنتهي منه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 187 101 – حكم من تذكر الصلاة الفائتة بعد الشروع في الحاضرة س: ما حكم من تذكر الفائتة بعد أن شرع في الحاضرة؟ هل يغير نيته أو يبقى على وضعه؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: إن كان إماما أو مأموما فلا حرج، وإن كان مفردا فله حالان: إن كان عن فريضة نسيها أو نام عنها، ثم أحرم بالتي بعدها ناسيا يقطعها ليصلي الفريضة الفائتة قبل على الترتيب، فلو كان نائما عن الظهر مثلا   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 303 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 187 ثم نسي، فلما أحرم بالعصر تذكر فإنه يقطعها، وينوي نية الظهر، ولو كان مأموما يقطعها وينوي الظهر، وإن كان إماما وتذكر أن عليه فريضة سابقة فإنه يصليها نافلة، ينويها نافلة ويصلي بهم نافلة وهم صلاتهم صحيحة، وإن كان عند الإحرام ونواها الفائتة التي عليه صحت منه أيضا وصلاتهم صحيحة؛ لأن اختلاف النية على الصحيح لا يؤثر. وإن كان مأموما أحرم معهم بالعصر يحسب أن ما عليه الظهر، ثم تذكر أن عليه الظهر ينوي قطع الصلاة، ثم يعيد إحراما جديدا بنية الظهر، وتجزي خلف العصر، فإذا صلى الظهر صلى بعدها العصر، سواء في المسجد أو في بيته إن كان وجد جماعة صلى معهم العصر وإلا صلاها في بيته. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 188 102 – حكم من شك في تأدية فرض بعد مضي عدة فروض س: تقول السائلة: إذا شككت في تأدية فرض بعد أداء عدة فروض، هل أصلي ذلك الفرض أم ماذا أفعل (1)؟ ج: الشك بعد أداء الفرض لا أثر له ما دام الشك إنما جد من جديد، فلا أثر له، الأصل فعل الصلاة والحمد لله إذا شك الإنسان بعد ذلك   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 218. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 188 فلا أثر لهذا الشك، وهذا من الشيطان، الأصل أنها أدت الصلاة وليس عليها شيء والحمد لله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 189 103 – بيان كيفية قضاء من فاتته صلاة في السفر س: إذا فاتتني صلاة وأنا مسافر، هل أقضيها على هيئة صلاة المسافر قصرا وجمعا أم أتمها، وكل صلاة في وقتها (1)؟ ج: المسافر إذا فاتته صلاة وهو في السفر، وأداها في الحضر فإنه يؤديها أربعا، يسردها كلها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (2)» فإذا نسيها في السفر أو نام عنها فلم يتنبه إلا بعد ما جاء بلده فإنه يصليها تامة كاملة، ويسردها في الحال سواء ثنتين أو ثلاثا أو أكثر في الحال ولا يؤخر وهكذا، لو فاتته صلاة من الحضر وذكرها في السفر فإنه يصليها في السفر تامة؛ لأنها وجبت عليه تامة، وقد خرج وقتها تامة فيصليها أربعا في السفر إذا ذكرها؛ لأنه قد نسيها، وهكذا صلاة السفر إذا ذكرها   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 218. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 189 في الحضر فإنه يصليها أربعا؛ لأنه ذكرها حين وجبت عليه الصلاة تامة، فيصليها أربعا، أما لو فاتته الصلاة في السفر وذكرها في السفر يصليها ثنتين، مثلا من نسي الظهر يوم الثلاثاء، وذكرها يوم الأربعاء، وهو في السفر يصليها ثنتين؛ لأنه تركها في السفر، وذكرها في السفر فيصليها ثنتين. س: الأخ س. ف. ع من العراق يسأل ويقول: فاتتني صلاة الظهر والعصر، هل لي أن أقضيهما جمعا وقصرا (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت في السفر وقضيتهما في السفر تقضيها قصرا ثنتين ثنتين، إذا كنت في السفر تركتهما في السفر وقضيتهما في السفر نفسه، فأنت تقضيهما قصرا، ولك أن تجمع بينهما، ولك أن تفرق. أما إن كنت تركتهما في الحضر أو السفر، ثم أتيت الحضر محل الإقامة فإنك تقضيهما أربعا أربعا ولا تجمع بينهما، وهكذا إذا تركتهما في الحضر، وقضيتهما في السفر أو في الحضر فإنك تقضيهما أربعا كما شرع الله عز وجل، وإنما تقضيهما قصرا إذا كنت تركتهما في السفر وقضيتهما في السفر، ولك أن تجمع بينهما أيضا في السفر إذا كنت تركتهما في   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 172. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 190 السفر وقضيتهما في السفر جميعا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 191 104 – حكم من ترك عدة صلوات لعذر س: ما حكم من ترك خمس صلوات لعذر كعدم الطهارة لعذر، وكيف يقضي هذه الصلوات؟ وكيف تقضى إذا كانت أكثر من خمس صلوات؟ وكذلك كيف تقضى إذا كانت أقل (1)؟ ج: كثير من المرضى قد يجهل الحكم الشرعي في الصلاة، فيتساهل، ويؤخر الصلوات، يرجو بزعمه أن يشفى حتى يقضيها على حال أحسن، وهذا غلط، لا يجوز للمريض أن يؤخر الصلوات؛ بل يصليها على حسب حاله؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لعمران لما اشتكى من مرض البواسير: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2)» أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي على حسب حاله ولم يسمح له بالتأخير، ولأن الصلاة واجبة في وقتها ولا يجوز تأخيرها عن وقتها، ولكن يجوز له الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء للمرض كأنه مسافر، أما تأخيرها   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 3 (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)، بدون لفظ (فمستلقيا). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 191 عن وقتها بالكلية وقت تيقنه عن وقتها، وتأخير الفجر عن وقتها، هذا لا يجوز؛ بل يجب عليه أن يصلي في الوقت ولو على جنبه، ولو مستلقيا؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (2)» فينبغي التنبه لهذا، وتنبيه الناس لهذا الشيء، ينبغي لكل مؤمن ولكل مؤمنة التنبه لهذا الأمر، وتنبيه الناس على هذا الأمر، وأن المريض لا يجوز له التأخر؛ بل يجب عليه الصلاة في وقتها، سواء كان قائما أو قاعدا أو على جنبه أو مستلقيا على حسب قدرته: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) وإذا عجز عن الصلاة بالماء صلى بالتيمم إذا كان يشق عليه استخدام الماء لمرض فإنه يستعمل التيمم، يعني يتيمم بالتراب، يتعفر بالتراب، يضرب التراب بيديه، يمسح بهما على وجهه ويديه، ويقوم مقام الماء عند العجز عن الماء، أو عند العجز عن استعماله لمرض والحمد لله، وهكذا لو كانت ملابسه أو فراشه فيه نجاسة، ولم يتيسر له غسل الملابس ولا إبدالها، ولم يتيسر له   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، برقم (7288). (3) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 192 غسل الفراش ولا إبداله، يصلي على حسب حاله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) وصلاته صحيحة، لكن لو أخرها عن جهل منه فإنه يقضيها بالترتيب ولو في لحظة واحدة، الفجر، ثم الظهر يقضيها بالترتيب ولو في لحظة واحدة يصلي الفجر، ثم الظهر، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء مرتبة، ولو صلاها في وقت واحد في الحال، فهذا طيب، المقصود أن الواجب عليه البدار، والمسارعة إلى القضاء، ولا يؤخر ولا يؤجل بعدما يقوى على ذلك.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 193 105 – حكم قضاء من ترك الصلاة جهلا منه س: صدر جهلا مني ترك الصلاة، فهل علي قضاؤها (1)؟ ج: نعم، عليك أن تقضي الصلاة إذا كنت جاهلا في أول شبابك ثم فهمت، عليك أن تقضيها وتصلي ما تركت جهلا، أما إذا كنت متعمدا قصدك عدم مبالاة في الصلاة فأنت كافر بهذا، وليس عليك قضاء إلا التوبة، أما إذا كان الجهل له أسباب: مريض أو شبه ذلك ظننت أنه لا   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 230 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 193 صلاة عليك، فتقضي إذا تبين لك، وعلمت تقضي لما فاتك، كالمريض الذي ظن أنه لا يصلي حتى يطيب، ويصلي وهو واقف، وهذا يصلي ما ترك إذا شفي، وقد أخر الصلوات، فإن لم يشف يصلي وهو على حاله قائما أو قاعدا أو على جنبه، وهكذا بعض الناس إذا ظن أنه إذا ما حصل الماء ما يصلي حتى يحصل الماء، هذه شبهة، فيصلي أيضا يقضي ما فاته؛ لأن تركه لشبهة ما هو لقصد التعمد والمخالفة. فالحاصل أن الإنسان إذا تركها عمدا لتأويل وشبهة هذا يقضي، أما إذا تركها عمدا لقلة المبالاة بالصلاة، وعدم العناية بها، والزهد فيها فهذا عليه التوبة إلى الله فقط، فقد كفر وعليه التوبة، وليس عليه قضاء في أصح قولي العلماء. س: أنا أعمل في العراق، وأصبت في العمل بقدمي مما تسبب لي بعملية تجبيس وبعدها علاج طبيعي، وقد استغرق هذا مدة أربعة شهور، انقطعت فيها عن الصلاة، علما أنني قبلها والحمد لله كنت مستمرا على الصلاة، والآن الحمد لله مداوم عليها، هل يجب علي إعادة هذه الصلاة أم أنه يعتبر عذرا شرعيا (1).   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 224. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 194 ج: إن كنت تركت الصلاة تعتقد أن هذا عذر، وأنه لا شيء عليك من أجل هذا المرض فعليك القضاء، وإن كنت متساهلا متعمدا ترك الصلاة لقلة مبالاتك فعليك التوبة إلى الله عز وجل والرجوع إليه، ولا قضاء عليك على الصحيح؛ لأن تركها كفر، والكافر ليس عليه إلا التوبة، ومن ترك الصلاة كفر إذا تعمد ذلك، لقول الله عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1) ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» فإذا كنت عامدا تركها متساهلا فالواجب التوبة إلى الله، والندم والعزم ألا تعود في ذلك، ولا قضاء عليك على الصحيح، أما إن كنت تظن أنك معذور، وأنك بهذا المرض ليس عليك أن تفعل فأنت مثل من نسيها، أو نام عنها يقضي ولا شيء عليه.   (1) سورة الأنفال الآية 38 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 195 106 – حكم القضاء على من فاتته الصلاة بسبب العملية الجراحية والتخدير س: يقول السائل: ماذا يفعل المريض بالصلوات التي فاتته، وهو في العملية الجراحية تحت التخدير (1)؟ ج: يقضيها إذا رجع إليه عقله، يقضيها مثل النائم. س: ما حكم من منعه المرض أثناء عملية جراحية عن أداء الصلاة هل يقضيها (2)؟ ج: نعم، يقضيها إذا لم يتيسر له فعلها بسبب العلمية، يقضيها ولو بعد خروج الوقت واجب عليه؛ لأنه تركها لعذر، فيقضيها – والحمد لله – مثل الذي غلبه المرض حتى شغله عن الوقت، أو غلبه النوم يقضيها بعد ذلك.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 427. (2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 233. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 196 107 – بيان كيفية صلاة المريض س: رسالة بعث بها المستمع أ. أ. ز. يقول: إنني مريض في الفراش منذ فترة – أدام الله عليكم الصحة – هل لي أن أقضي الصلاة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 196 التي فاتتني من قبل؛ إذ إنني لا أعلم متى يكون الشفاء، فهذا في علم الله (1)؟ ج: شفاك الله وعافاك، نسأل الله لنا ولك الشفاء والعافية، الواجب عليك أن تصلي في مرضك، وأن تتوضأ الوضوء الشرعي، فإن عجزت تيممت بالتراب وتصلي كل صلاة في وقتها، وإن جمعت الظهر والعصر، والمغرب والعشاء فلا بأس، هذا الواجب عليك، وإن كنت تركت شيئا فعليك القضاء؛ إن كنت تركت شيئا من الصلوات الخمس فعليك القضاء مع التوبة مع التوبة والاستغفار والندم، هذه أمور عظيمة، والصلاة عمود الإسلام، والتعمد في تركها كفر. فالواجب عليك الحذر وعدم التساهل، صل الصلاة لوقتها ولو جمعا بين المغرب والعشاء، والظهر والعصر، وإذا كنت عاجزا عن الماء تيمم، وإن استطعت الماء فافعل الماء، المقصود أن الواجب عليك أن تصلي كما شرع الله، ربك يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) فعليك أن تصلي حسب الطاقة، قائما إن قدرت، أو قاعدا إن لم تستطع القيام، فإذا عجزت عن القعود وصليت   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 347. (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 197 على جنبك، أو عجزت عن الجنب صل مستلقيا، وتقرأ وتنوي بقلبك أمام الصلاة حسب الطاقة، ولا يجوز الترك للصلاة، فإذا كنت تركت شيئا منها، وظنا منك أنه جائز فعليك القضاء، أما إن كنت تعمدت الترك تساهلا منك فعليك التوبة ولا قضاء عليك، التوبة إلى الله، والندم، والإقلاع، وعدم الرجوع إلى هذا الشيء، ولا قضاء عليك، فإن قضيت فلا حرج؛ لأن بعض أهل العلم رأى أن عليك القضاء، وأنك لا تكفر إلا بجحد الوجوب، ولكن الصواب أن من ترك الصلاة وإن لم يجحد الوجوب يكفر، ولا قضاء عليه، وعليه التوبة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 198 108 – حكم من سمع أذان الفجر ولم يصل إلا بعد الشروق س: يقول: إذا سمع المؤذن يرفع الأذان عند صلاة الصبح، واستحوذ علي الشيطان، ولم أقم للصلاة وصليتها بعد طلوع الشمس، فما حكمها هل هي قضاء، ويسقط الفرض أم أني أكون آثما؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: أنت بهذا آثم؛ لأنه ما يجوز لك التساهل؛ بل يجب القيام إذا أذن بالواجب، يجب أن تقوم وتصلي مع المسلمين إلا إذا كنت عاجزا   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 347. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 198 مريضا صليت في البيت في الوقت، أما تأجيلها إلى طلوع الشمس فهذا منكر لا يجوز، وقال بعض أهل العلم: إنه كفر، من فعل ذلك إذا تعمد ذلك، يكفر؛ لأنه أخرها عن وقتها عمدا، وتساهلا. فالواجب عليك الحذر، وأن تصليها في وقتها، إذا دخل الوقت ولو ما سمعت الأذان ولو أريته بالساعة، وجب عليك أن تقوم وأن تصلي مع المسلمين، في المساجد، والمرأة تصلي في البيت في وقت الصلاة، ومن أخرها عمدا فهو آثم إثما عظيما، وكافر كفرا أصغر، عند الجميع؛ عند جمهور أهل العلم، وكفرا أكبر عند بعض أهل العلم، وهو الصواب؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)». وهو عام للرجال والنساء إذا تركت المرأة الصلاة عمدا حتى خرج الوقت كفرت، وهكذا الرجل على الصحيح. فالواجب التوبة والبدار بالتوبة، من تركها، ومن قضاها وإن كان متعمدا فلا حرج عليه؛ خروجا من الخلاف، لكن لا يلزم القضاء على الصحيح، وإنما يلزمه التوبة والرجوع إلى الله، والعمل الصالح، والاجتهاد في الخير؛ لقول الله سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (3)   (1) صحيح مسلم الإيمان (82)، سنن الترمذي الإيمان (2620)، سنن أبو داود السنة (4678)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 370)، سنن الدارمي الصلاة (1233). (2) سنن الترمذي الإيمان (2621)، سنن النسائي الصلاة (463)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 346). (3) سورة طه الآية 82 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 199 فالواجب على من تركها أن يتوب إلى الله، وأن يقلع، وأن يندم ندما عظيما، وأن يكثر من التطوعات والاستغفار، والعمل الصالح لعل الله أن يتوب عليه، سواء كان رجلا أو امرأة، نسأل الله العافية والسلامة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 200 109 - بيان وجوب القضاء على المريض إذا ترك الصلوات جهلا س: تسأل وتقول: مرضت لمدة سنة ونصف، وخلال فترة المرض لم أصل، هل علي أن أقضي تلكم الصلاة (1)؟ ج: نعم عليك أن تقضي جميع الصلوات التي تركتها بسبب المرض، لأن هذا جهل منك وغلط منك، الواجب قضاؤها مع التوبة إلى الله والندم والرجوع إليه سبحانه وتعالى وكثرة الاستغفار والعمل الصالح.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 243. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 200 110 - حكم تأخير قضاء الفرض إلى فرض مثله س: إذا فات شخصا فرض، فهل يجوز قضاء هذا الفرض مع الفرض الثاني؟ وهل يجوز صلاة الفجر بعد طلوع الشمس؟ وهل يجوز قراءتها سرا أم جهرا؟ أفيدونا (1)   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 26. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 200 ج: إذا فات المؤمن بعض الصلوات لنوم أو نسيان فإن الواجب عليه البدار بقضائها، ولا يؤخر ذلك إلى صلاة أخرى، من الواجب البدار بالقضاء حالا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1)» هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب البدار إلى أن يؤدي الصلاة التي نام عنها أو نسيها، وليس لها وقت نهي، فلو نسي الظهر فلم ينتبه لها إلا العصر بادر وصلاها وصلى العصر، ولو نسي العصر فلم ينتبه لها إلا عند الغروب بادر، وهكذا لو نسي المغرب أو العشاء ثم ذكرها في أثناء الليل بادر وسارع إلى ذلك ولا يؤخر إلى صلاة أخرى، بل هذا واجب عليه وليس له تأخير الصلاة إذا ذكرها، وليس له تأخير الصبح إلى ما بعد طلوع الشمس، لا يجوز لا للرجال ولا للنساء، بل الواجب أن تصلى في الوقت، الرجل يصليها في الجماعة يخرج إلى المساجد بيوت الله جل وعلا مع المسلمين، والمرأة تصليها في البيت في وقتها قبل الشمس، ولا يجوز لمسلم ولا لمسلمة تأخير صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 201 الشمس؛ لأن حد الوقت طلوع الشمس إذا طلعت الشمس خرج الوقت، فلا يجوز لمسلم أبدا أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، ولا لمسلمة أيضا، بل هذا من عمل المنافقين نعوذ بالله، والله يقول جل وعلا: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (1) يعني خسارا ودمارا، وقيل: إن غيا واد في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه، نسأل الله العافية. قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذا: ليس المراد أنهم تركوها لو تركوها لكفروا، ولكن أخروها عن وقتها، هذا الوعيد لمن أخرها عن وقتها نسأل الله السلامة، أما من تركها فإنه يكفر، ومن تركها بالكلية يكون كافرا بذلك - نعوذ بالله - كما تقدم، فالحاصل أنه لا يجوز لأي مسلم ولا لأية مسلمة تأخير الصلاة عن وقتها لا الفجر إلى طلوع الشمس، ولا الظهر إلى وقت العصر، ولا العصر إلى وقت المغرب، ولا إلى أن تصفر الشمس، ولا المغرب إلى أن يغيب الشفق، ولا العشاء إلى نصف الليل، بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، هذا الواجب على المسلمين الرجال والنساء، الرجل يصليها في   (1) سورة مريم الآية 59 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 202 جماعة مع المسلمين، وليس له تأخيرها عن الجماعة، وليس له تأخيرها عن الوقت، والمرأة عليها أن تصليها في الوقت في بيتها وليس لها أن تؤخرها عن الوقت، وإذا كان النوم قد يغلب في الفجر فينبغي أن توضع ساعة - الساعة المنبهة - وتركد على الوقت حتى إذا جاء الوقت نبهتهم على وقت الصلاة؛ لأن هذا من الأسباب التي تعين على الخير، وإذا كان عنده من يوقظه فالحمد لله، فالحاصل أن الواجب على المسلم والمسلمة أن يهتم بهذا الأمر، فإذا كان عندهما من يوقظهما لصلاة الفجر فالحمد لله، وإلا وجب أن توضع ساعة عندهما للتنبيه على وقت الصلاة حتى يقوم الرجل فيصلي مع المسلمين، وحتى تقوم المرأة وتصلي الصلاة في وقتها، هذا هو الواجب، وما أعان على الواجب وجب. أما القراءة في صلاة الفجر لمن يصلي وحده، فإن من فاتته صلاة الفجر مع الجماعة يقرؤها جهرا لا بأس، يؤديها كما شرع الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته صلاة الفجر ولم يصلها إلا بعد طلوع الشمس صلاها كما كان يصليها في الليل، يعني في أول النهار كما كان يصليها بعد طلوع الفجر، يعني يصليها كما هي ركعتين بصلاة جهرية، ويصلي راتبتها قبلها كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 203 س: إذا فاتت الصلاة عن وقتها يتركها إلى أن يأتي وقت الثانية، مثلا إذا فاتته الظهر يتركها إلى الظهر اليوم التالي، هل من يقول بهذا هل له شيء يتعلق به (1)؟ ج: لا، هذا جهل من قول بعض العامة لا أصل له، لا يجوز تأخيرها إلى وقت آخر ولو قريب، إذا فاتته الظهر ليس له أن يؤخرها إلى وقت العصر ولا إلى الظهر الآتي، بل يجب أن يبادر بها إذا تنبه وذكر، متى تنبه وجب أن يفعلها كما تقدم وليس له تأخيرها متى ذكر.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 26. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 204 111 - حكم إعادة الصلاة احتياطا لصلاة يرى الإنسان أنها لم تقبل س: هل تجوز صلاة فروض بدلا من التي يمكن أن تكون لم تقبل، فلقد وجدت أختا تصلي من الفروض التي عسى أن تكون لم تقبل لكثرة سهوها أو أي شيء آخر (1)؟ ج: هذا بدعة لا يجوز، والأصل الإجزاء، فليس لها ولا للرجل أن يأتي بصلوات احتياطا إن خاف أن الصلوات الأولى ما قبلت، هذه   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 269. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 204 وساوس وشكوك لا وجه لها، أما إذا علم أن صلاته باطلة لأنه أحدث فيها أو صلاها بغير طهارة، فهذا يعيد، أما مجرد أنه وسوس فهذا من الشيطان، والأصل السلامة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 205 112 - حكم قضاء من حاضت بعد دخول وقت الصلاة س: سائلة تقول: هل يجب قضاء الصلاة إذا حاضت المرأة وقت دخول الصلاة أو بعد دخوله بفترة (1)؟ ج: الصواب ليس عليها القضاء، أما قبل الدخول فلا قضاء، يعني ما أدركت الوقت، وأما بعد الدخول فلا حرج عليها ولا تفريط، فلا قضاء عليها، ولكن إذا طهرت في الوقت تقضي الصلاة التي طهرت في وقتها، طهرت في وقت الظهر تصلي الظهر والعصر، طهرت في وقت المغرب والعشاء تصلي المغرب والعشاء، طهرت في وقت الفجر تصلي الفجر، أما لو جاءها حيض بعد الزوال فإنها لا تقضي الظهر، وكذلك لو جاءها الحيض بعد أذان الفجر أو بعد طلوع الفجر لا يلزمها بعد الطهر قضاء صلاة الفجر، وبعض أهل العلم قالوا: عليها أن تقضي   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 147. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 205 هذا الوقت، ولكن ليس عليه دليل، وإن قضت فلا بأس إن قضته فلا حرج. س: تأخرت قليلا في صلاة العشاء، فنزلت علي الحيضة في هذه الحالة، متى أقضي صلاة العشاء؟ هل بعد ما أطهر مباشرة من الحيضة حتى ولو كان العصر أم أنتظر قضاءها إلى أن يأتي وقت العشاء؟ والحقيقة أنني قد قضيتها بعد الطهر مباشرة في العصر، فهل هذا صحيح (1)؟ ج: أولا ليس عليك قضاء إذا كنت لم تفرطي جاء الحيض في أول الوقت أو في أثناء الوقت، لم تفرطي فلا قضاء عليك، لكن إذا قضيت فلا حرج، والمقضية ليس لها وقت نهي إذا قضيتها من حين تطهرين في العصر أو في أي وقت فلا حرج في ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (2)» فالمقضية ليس لها وقت نهي، ولكن المرأة إذا حاضت أو نفست في وقت الصلاة ولم تفرط فلا قضاء عليها، أما لو فرطت بأن أخرتها إلى   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 223. (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 206 آخر وقتها ثم جاءها الحيض فإنها تقضيها لأنها فرطت في عدم فعلها في وقتها. س: عندما توضأت لأداء صلاة الظهر، اكتشفت أن الدورة قد أتت، فهل يجب علي أن أصلي الظهر عند تطهري، مع أنني لا أعلم هل هي قد أتت قبل دخول الوقت أم بعده (1)؟ ج: لا يلزمك القضاء، وإن قضيت فلا بأس، بعض أهل العلم يرى أن من أدركها الحيض في وقت تقضي، ولكن ليس عليه دليل، لأنها لم تفرط، فإن قضيت فلا حرج وإلا فلا قضاء عليك، لكن لو طهرت في وقت الظهر أو وقت العصر تصلين الظهر والعصر عند الطهارة، أو طهرت في الليل تصلين المغرب والعشاء، أما إذا هجمت عليك العادة في وقت الظهر فليس عليك قضاء، وإن قضيت فلا حرج، ولو هجمت عليك بعد الغروب فليس عليك قضاء المغرب، وإن قضيت فلا حرج.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 166. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 207 113 - حكم من حاضت أثناء الصلاة س: ع. د. م. تقول: ماذا على من حاضت أثناء الصلاة، هل تقطع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 207 صلاتها وتقضيها بعد طهرها أم تكمل صلاتها (1)؟ ج: من نزل بها الحيض وهي تصلي تبطل صلاتها مثل من خرج منه البول وهو يصلي تبطل صلاته، لكن الحائض ليس عليها قضاء، وإن قضت فلا بأس، وليس عليها قضاء الصلاة التي نزل الحيض عليها فيها، فإن قضتها بعد الطهر فلا حرج؛ لأنه لا يلزمها ذلك إلا إذا كانت أخرتها حتى ضاق الوقت، فإنها تقضيها، وأما إذا كان نزولها في وسط الوقت أو في أوله فلا تقضيها.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 357. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 208 114 - حكم قضاء من طهرت في وقت الثانية من الصلوات التي يجمع بينها س: يقول السائل: إذا طهرت المرأة من حيضها في أحد الأوقات الخمسة للصلاة، فماذا يلزمها أن تصلي؟ وهل تقضي الصلاة التي كانت قبل طهرها مباشرة، كأن تطهر في وقت العصر فهل تقضي الظهر؟ أو أن تطهر في وقت المغرب فهل تقضي العصر؟ وهكذا، أفتونا مأجورين (1) ج: إذا طهرت في وقت صلاة تجمع إلى ما يليها تصلي الثنتين، فإذا   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 417. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 208 طهرت في وقت العصر صلت الظهر والعصر، وإذا طهرت في وقت العشاء صلت المغرب والعشاء، وإذا طهرت بعد طلوع الفجر صلت الفجر فقط، هذا هو الواجب عليها كما أفتى بذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لأنها كالمعذور كالمريض يجمع بين الصلاتين، فإذا طهرت في العصر فهي كالمريض تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت في الليل صلت المغرب والعشاء، أما إذا لم تطهر إلا بعد الفجر فإنها تصلي الفجر فقط، أما إن كان انقطع الدم عنها بعد طلوع الشمس، ما طهرت إلا الضحى فليس عليها شيء؛ لأن الفجر قد زالت قد ذهب وقتها، ولم تطهر إلا بعد طلوع الشمس فليس عليها شيء إلا في المستقبل، الظروف المستقبلة، ولكن إذا طهرت في وقت صلاة، طهرت قبل طلوع الشمس تصلي الفجر، إذا طهرت قبل الفجر تصلي المغرب والعشاء، إذا طهرت قبل غروب الشمس تصلي العصر والظهر. س: يقول هذا السائل: يا سماحة الشيخ، إذا طهرت المرأة من الحيض وقت الظهر فماذا عليها أن تصلي؟ وإن طهرت وقت العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، ماذا عليها من قضاء وصلاة (1)؟   (1) السؤال السبعون من الشريط رقم 425. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 209 ج: إذا طهرت الظهر أو العصر تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت في الليل تصلي المغرب والعشاء، هذا هو الواجب عليها كما أفتى به جمع من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. س: التي تغتسل من الحيض العصر، هل تصلي الظهر والعصر أم العصر فقط (1)؟ ج: إذا اغتسلت الحائض العصر تصلي الظهر والعصر، أفتى به جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وهكذا إذا اغتسلت في الليل في أوله أو في آخره تصلي المغرب والعشاء؛ لأن الظهر والعصر حكمهما حكم الواحدة في حق المعذور؛ لأنهما يجمعان، والمغرب والعشاء كذلك في حق المعذور حكمهما حكم واحد كالمريض، فالحائض إذا اغتسلت كالمريض تصلي الظهر والعصر جميعا تقضيهما إذا اغتسلت العصر، وتقضي المغرب والعشاء جميعا إذا اغتسلت في أثناء الليل ولو بعد نصف الليل.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 241. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 210 115 - بيان الحكمة في قضاء الحائض صلاة الظهر إذا طهرت عصرا س: تقول الأخت السائلة: ما الحكمة في كون الحائض إذا طهرت قبل المغرب تقضي صلاة الظهر مع أن وقتها قد خرج (1)؟ ج: لأن الظهر يستمر وقتها إلى غروب الشمس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح (2)» فإذا طهرت في آخر النهار أفتى بعض الصحابة بذلك أنها تصلي الظهر والعصر جميعا؛ لأنها أدركت بعض الوقت، فأشبهت المريض، تصلي الظهر والعصر جميعا، إذا كان طهورها قبل غروب الشمس بركعة فأكثر، وهكذا إذا طهرت قبل الشمس بقليل بركعة تصلي الفجر، أو طهرت قبل طلوع الفجر في آخر الليل تصلي المغرب والعشاء. س: إذا اغتسلت المرأة من الحيض في وقت المغرب، فهل تصلي   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 427 (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (608). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 211 الظهر والعصر مع المغرب (1)؟ ج: إذا كانت الطهارة بعد غروب الشمس ليس عليها صلاة الظهر والعصر، أما إذا طهرت العصر فإنها تصلي الظهر والعصر، أو طهرت في الليل تصلي المغرب والعشاء، أما إذا كانت الطهارة بعد غروب الشمس، غابت الشمس وهي حائض فإنها ليس عليها أن تصلي الظهر ولا العصر، ولا يشرع لها ذلك، ولكن تصلي المغرب والعشاء.   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 412. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 212 116 - حكم قضاء الحائض والنفساء للصلاة س: تقول السائلة: هل صحيح أن المرأة إذا طهرت من العادة الشهرية عليها أن تعيد الصلاة فرضا بفرض، ووقتا بوقت طلية الأيام التي قضتها بالعادة، أم تصلي الصلاة نفسها غير مكررة (1)؟ ج: ليس على الحائض والنفساء قضاء، قالت عائشة رضي الله عنها: «كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (2)». إنما تقضي أيام رمضان التي أفطرتها في حال النفاس، أو في حال الحيض، وأما الصلاة فالله   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 232. (2) صحيح البخاري الحيض (321)، صحيح مسلم الحيض (335)، سنن الترمذي الطهارة (130)، سنن النسائي الصيام (2318)، سنن أبو داود الطهارة (262)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (631)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 232)، سنن الدارمي الطهارة (986). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 212 سبحانه أسقطها عنهما الحائض والنفساء، والحكمة في ذلك - والله أعلم - أنها كثيرة تتكرر، فلو أمرت بقضائها لشق عليها، فمن رحمة الله أن أسقط عنها الصلوات في حال الحيض وفي حال النفاس، لا تقضيها، وإنما تقضي الصوم عن الأيام التي أفطرتها في رمضان تقضيها. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 213 117 - حكم الصلاة إذا نزل السائل بعد الدورة الشهرية س: إذا انتهت الدورة الشهرية عندي فإني ألاحظ نزول سائل، فهل بنزوله تبطل صلاتي أم أن صلاتي صحيحة (1)؟ ج: السائل إذا كان ليس بالدم المعروف لا يؤثر إذا رأيت الطهارة وجب الغسل والصلاة صحيحة، وما خرج من السائل حكمه حكم البول، تستنجين منه وتتوضئين وضوء الصلاة وتصلين، ما دمت رأيت الطهارة واغتسلت، تصلين - والحمد لله - والسائل هذا الذي يقع للنساء هذا حكمه حكم البول، ما أصاب الثياب يغسل وما أصاب البدن يغسل، وهو ينقض الوضوء.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 223. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 213 118 - حكم صلاة من أغمي عليها قبل الولادة عدة أيام دون نزول الدم س: امرأة في حالة ولادة، قبل يومين أو ثلاثة من الولادة لم ينزل منها دم، ولكنها في حالة إغماء، ماذا تعمل، هل تقضي الصلاة بعد انتهاء مدة النفاس (1)؟ ج: تقضي الصلاة إذا طهرت لأن الإغماء مثل ما تقدم يومين، ثلاثة، مثل النوم، أقرب ما له النوم، فالأرجح أنها تقضي، يشبه بالنوم، وقيل: إن بعض الصحابة أغمي عليه يومين أو ثلاثة فقضاها.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 383. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 214 119 - حكم من أتتها آلام الولادة بعد دخول وقت الصلاة س: السائلة ن. ع. ح. من القصيم، تذكر بأنها أصابتها آلام الولادة، وكانت صلاة العشاء قد دخلت، فمن شدة الآلام تقول: لم أستطع الصلاة، وبعد أن يسر الله عليها وانتهت من الأربعين قضت، هل عملها هذا صحيح (1)؟ ج: إذا كان الألم معه طلق ومعه دم فليس عليها صلاة، هذا تبع   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 409. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 214 النفاس، إذا أصابها الطلق وخرج منها الدم ولم تستطع الصلاة صار هذا من النفاس، يحكم به تبع النفاس، فلا قضاء عليها، أما إذا كان لا إنما هو آلام، ليس فيه طلق ولا دم تقضيها، إذا كانت ما قضتها تقضيها مثل ما فعلت، وأما إذا كانت قد أحست بالطلق وخرج الدم فهذه المرأة لا قضاء عليها في تلك الصلاة التي تركتها بعد وجود الطلق وخروج الدم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 215 120 - حكم قضاء من تركت الصلاة والصوم لأجل العادة الشهرية س: كيف تقضي المرأة التي تركت الصلاة والصيام لعذرها الشرعي، كيف تقضي ما فاتها (1)؟ ج: إن كان عذرها الحيض والنفاس، فليس عليها قضاء الصلاة، وإنما تقضي الصوم فقط، صوم رمضان. أما إن كان عذرها نوما واستيقظت، تقضي إذا استيقظت من نومها، وإما إن كانت مجنونة ثم رد الله عليها العقل فليس عليها قضاء. أما إن كانت مريضة فالواجب عليها أن تصلي في حال المرض ولو على جنب ولو مستلقية، فإن تساهلت جهلا منها ولم تصل من   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 271. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 215 أجل المرض تقضيها مرتبة ولو في وقت واحد حسب طاقتها مرتبة: ظهر، عصر، مغرب، عشاء، وهكذا مرتبة ولو في وقت واحد، ولو في ضحوة، أو في ظهر، أو في ليلة حسب طاقتها، إذا كان تركها لها عن مرض تجهل أنها تصلي وهي قاعدة أو على جنبها تقضي، أما إن كانت تتساهل بالصلاة تتركها عمدا فهنا ليس عليها قضاء، عليها التوبة، وهكذا الرجل لا يصلي ثم يتوب، ليس عليه قضاء عليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله والاستقامة على الصلاة، وما فات قبل ذلك مما تركه عمدا تساهلا منه، فهذا فيه التوبة وتكفيه التوبة والحمد لله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 216 121 - حكم من تصلي وتصوم أثناء الحيض خجلا من الناس س: السائلة أ. ج. ط. من سوريا، تقول: هل يجوز التظاهر بالصلاة والفتاة في الدورة الشهرية (1)؟ ج: لا، لا تتظاهر بالصلاة وهي في الدورة الشهرية، الحمد لله معذورة إذا تخشى أن يظن بها السوء، تقول: إني الآن لا أصلي، تبين أنها لا تصلي.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 408. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 216 س: عندما بلغت لأول مرة كان ذلك في شهر رمضان، ولم أستطع أن أخبر والدتي بهذا؛ لأنني كنت خجولة جدا، ثم جاءتني في المرة الثانية وكان في آخر يوم في رمضان ولم يعلم أحد بهذا، ومن عادة أسرتنا أن نذهب جميعا لصلاة العيد في المسجد الحرام، ولأنني لم أستطع إخبار والدتي ذهبت معهم إلى الحرم وصليت، ويعلم الله كيف كانت حالتي، وأذكر أنني عندما كنت أسجد وأركع أقول: أستغفرك يا رب، إلى أن انتهت الصلاة، ثم بعدها توجهنا إلى المدينة، وعندما وصلنا دخلنا جميعا إلى المسجد، وذهب والدي ليبحث لنا عن مسكن، وبقينا إلى أن انتهت صلاة الظهر، فهل علي ذنب فيما فعلت؟ وأنا الآن قد تزوجت وأنجبت أطفالا، ولكنني عندما أتذكر هذا أخاف عقاب الله، وفي بعض الأحيان أبكي من شدة الخوف، فماذا تنصحني يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: أنصحك بالتوبة إلى الله، لأن هذا منكر وغلط، فعليك التوبة إلى الله والندم وعدم العودة إلى هذا الأمر، وعليك قضاء الأيام التي ما   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 336. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 217 صمتها أو صمتها وأنت حائض؛ لأن صيامك لا يصح وأنت معك الحيض، والصلاة باطلة إذا صليت وأنت حائض، الصلاة باطلة، والجلوس في المسجد الحرام والمسجد النبوي وأنت حائض كذلك منكر، عليك التوبة إلى الله من ذلك، نسأل الله أن يتوب عليك وعلى كل مسلم. س: إن أبي يقول لي: لماذا لم تصل معي المغرب في رمضان، وأنا في حالة العذر، وبعد ذلك أقف معهم وأكبر، هل يجوز ذلك (1)؟ ج: إذا كنت في العذر - الحيض الدورة الشهرية - فليس لك ذلك، بل عليك أن تعتذري بأنك معذورة شرعا من جهة الصلاة، أما إذا كنت سليمة وصار أبوك يصلي بكن مثلا التراويح أو يصلي بكن فريضة عند تخلفه عنها لسبب المرض أو لأنها فاتته في المسجد، وصليتن معه فلا بأس صلي معهن، خلفه يكون أمامكن ويكون النساء خلفه، فلا بأس بذلك، وليس له أن يصلي في البيت من غير عذر، بل يجب عليه أن يصلي في المساجد، أما النساء فبيوتهن خير لهن وأفضل، لكن لو فرض أنه تأخر لمرض أو علة أخرى حتى فاتته الصلاة في الجماعة وصلى بكن الفريضة فلا بأس، وصلي معهم إذا كنت صالحة للصلاة، أما إذا   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 93. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 218 كنت مثلا في نفاس أو حيض فليس لك ذلك والحمد لله، هذا أمر شرعي فلا مانع من بيانه، وأنك معذورة وأنك في الدورة الشهرية، أو في النفاس توضحين حتى لا تتهمي بترك الصلاة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 219 122 - بيان ما يجب على المرء فعله إذا أراد الصلاة س: ماذا يجب على المسلم أن يوفره لصحة الصلاة، وكيف يكون حال المسلم في الصلاة (1)؟ ج: يجب عليه أن يتوضأ إذا كان على غير طهارة، وأن يعد المصلى إذا كان ما عنده أرض طيبة طاهرة، يعد المصلى حصيرا، سجادة، قطنا أو غيره، حتى يصلي عليها إذا كان ما عنده مكان طاهر، يعد السترة التي تستر عورته، مثل قميص، إزار ورداء، يعد الشيء الواجب في الصلاة، ويستحب أن يضع سترة يجعلها أمامه، إذا كان ما عنده جدار يلتمس شيئا صندوقا أو حربة يركزها أمامه، والسنة الصلاة إلى السترة.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 295. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 219 123 - حكم من توضأ ولم ينو الصلاة س: رجل دخل دورة المياه لقضاء الحاجة ثم بعد أن قضى الحاجة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 219 توضأ وضوءه للصلاة دون أن يكون قد نوى أن يصلي، وإنما جاءت النية بعد قضاء الحاجة، وهو داخل الحمام، فهل الوضوء صحيح، أم يجب عليه أن يكون قد نوى من قبل (1)؟ ج: إذا نوى عند بدء الوضوء الشرعي، فالوضوء صحيح، إذا استنجى ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه بنية الوضوء الشرعي فالحمد لله يصلي ما تيسر من ذلك، ويمس المصحف، لا بأس، يعني هذا وضوء شرعي إذا كان نوى الوضوء. أما إذا كان غسل أعضاءه ليس عنده نية في الوضوء فلا بد من النية.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 432. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 220 124 - حكم قضاء الجنب والحائض للصلاة إذا خرج وقتها قبل أن يغتسلا س: هل على الجنب قضاء الصلاة التي فاتته (1)؟ ج: نعم، إذا فاتته الصلاة قبل أن يغتسل، يقضيها وهكذا الحائض لو أخرت الغسل إلى طلوع الشمس، وهي طهرت في أول الوقت أول في آخر الليل، عليها أن تقضي صلاة الفجر، فلا يجوز لها هذا العمل، ولا   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 263. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 220 يجوز للجنب هذا العمل، يجب على الجنب أن يغتسل في الوقت، وهكذا الحائض يجب عليها أن تغتسل للوقت، وتصلي في الوقت، لكن لو أخرا أثما بهذا وعليهما التوبة مع فعل الصلاة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 221 125 - حكم من لا يغتسل من الجنابة إلا بعد أيام س: تقول السائلة: إن زوجي لا يغتسل من الحدث الأكبر إلا بعد يوم أو يومين، وأحيانا يجلس من العصر إلى اليوم الثاني صباحا، وفي بعض الأوقات يذهب إلى عمله ويعود في المساء، ثم يغتسل من الحدث بالرغم من توفر الماء والوقت للاغتسال، وهو لا يصلي، وإني دائما أنصحه بالصلاة والاغتسال، ولكنه لا يستمع إلى كلامي، وهذا يعذبني كثيرا، وأنا امرأة مصلية وأعرف أمور ديني (1)؟ ج: هذا الرجل يظهر من حاله أنه ليس بمؤمن، ولا يعرف أحكام الدين، أو يعرفها ويعاندها، فلا يحل لك البقاء معه، هذا الرجل يعتبر كافرا، لأنه ترك الصلاة عمدا، ولم يبال بها، ولم يبال بغسل الجنابة،   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 174. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 221 فهذا يعتبر كافرا وليس للمسلمة أن تبقى مع كافر، والله سبحانه وتعالى يقول: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (1) ويقول جل وعلا: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} (2) يعني لا تزوجوهم حتى يؤمنوا، وترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، فإن جحد وجوبها صار كافرا عند جميع العلماء، والذي يظهر من زوجك أنه مع تركه لها أنه لا يؤمن بها، فلو كان يؤمن بها ما فعل هذا الفعل القبيح، لأن الإيمان يدعوه أن يحترم الصلاة، وأن يبادر إليها وأن يغتسل من الجنابة، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، ولم يقل: إذا جحد وجوبها، بل أطلق فدل ذلك على أنه يكفر، ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن الأئمة   (1) سورة الممتحنة الآية 10 (2) سورة البقرة الآية 221 (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 222 الذين يتخلفون عن الصلاة، ويظلمون الناس، سألوه: هل يخرجون عليهم، قال: «لا، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (1)» فإنه أخبر صلى الله عليه وسلم أنه يأتي في آخر الزمان أمراء يعرف منهم وينكر من أعمالهم، فسألوه: هل يخرجون عليهم؟ هل يقاتلونهم؟ فقال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ما صلوا (2)» وفي اللفظ الآخر: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (3)» هذا يدل على أن من ترك الصلاة ولم يقمها فقد أتى كفرا بواحا، يحل معه الخروج عليه من ولاة الأمر، أهل الحل والعقد، حتى يزال عن الرئاسة والإمامة ويجعل من يكون بدلا عنه إماما، فالحاصل أن هذا الرجل الذي ذكرت صفاته كافر إذا صح ما قلت عنه، وليس لك البقاء معه بل يجب أن تخرجي إلى أهلك، أو تبقي مع أولادك إن كان لك أولاد، وتمتنعين منه وترفعين أمره إلى الحاكم الشرعي، حتى يفرق بينك وبينه، وحتى يقام عليه حد   (1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة، وشرارهم برقم (1855). (3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 223 الله، نسأل الله له الهداية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 224 126 - حكم من تركت غسل الجنابة فترة طويلة جهلا منها س: ع. ن. من الرياض تقول: قضيتي الأولى ما يلي: تذكر أنها شابة ومتزوجة وعندها طفلان - أحمد الله على ذلك - تقول: المشكلة يا سماحة الشيخ هي أنني عندما كنت في الأيام الأولى من زواجي لم أكن أغتسل من الجنابة بسبب الجهل في ذلك؛ لأنني كنت أظن بأن الاغتسال خاص بالرجال فقط دون النساء، وعندما علمت أن المرأة يجب عليها الاغتسال ندمت ندما كثيرا على ما كان من جهلي، وأنا الآن لا أدري ما عدد الصلوات التي كنت أصليها وأنا على جنابة، وقد جلست على تلك الفترة ما يقارب من شهرين تقريبا، ماذا علي سماحة الشيخ تجاه تلك الصلوات (1)؟ ج: ليس عليك إلا التوبة، التوبة تجب ما قبلها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله (2)» والتوبة تجب ما كان قبلها،   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 370. (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص، برقم (17813). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 224 والحمد لله، وإن قضيت الصلوات بالظن فهو طيب وحسن، خروجا من الخلاف، إن قضيت ما تظنين أنك صليتها وعليك الجنابة فهذا حسن من باب الخروج من الخلاف أو تكفيك التوبة - والحمد لله - لأجل جهلك وعدم عنايتك بالسؤال، فأنت قد فرطت وأسأت، فعليك التوبة إلى الله، وترك الصلاة كفر، والكافر توبته تكفي إذا تاب الكافر ما عليه قضاء، والذي يصلي وعليه الجنابة حكمه حكم الذي لا يصلي، نسأل الله العافية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 225 127 - حكم من قام من النوم قبل الشروق بقليل وهو جنب س: إذا احتلم شخص، وأصبح جنبا، ولم يستيقظ من النوم إلا وقد أوشكت الشمس على الطلوع، فهل يصلي وهو جنب لخوفه من ذهاب الوقت، أم يغتسل ثم يؤدي الصلاة (1)؟ ج: إذا استيقظ الإنسان وهو جنب يبدأ بالغسل، ولا يصلي وهو جنب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 395. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 225 فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1)» هذا وقتها، يغتسل ثم يصلي، وليس له الصلاة وهو على جنابة، سواء قام عند طلوع الشمس أو بعد طلوع الشمس أو بعد العصر، وهو نائم عن العصر، يغتسل ثم يصلي.   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 226 128 - حكم من صلى بدون طهارة س: ما الحكم في رجل ذهب مسافرا إلى مدينة من المدن، فلما وصل أذن المؤذن لصلاة الظهر، فصلى قصرا دون أن يتوضأ، وهو يعرف أنه على غير طهارة، مع وجود الماء والتراب، فلما رجع إلى مدينته ندم على ذلك، فهل يعيد صلاته وهل عليه كفارة (1)؟ ج: عليه التوبة من ذلك؛ لأن هذا منكر عظيم إذا صلى بغير وضوء وهو يقدر على الماء، وتعمد هذا، هذا منكر عظيم، بل يعد كفرا عند جمع من أهل العلم - نسأل الله العافية - لأنه يعتبر مستهزئا متلاعبا تاركا للصلاة، بل جزم جمع من أهل العلم بأن من ترك الصلاة عمدا يعتبر كافرا وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا تاب تاب الله عليه،   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 198. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 226 والتوبة هي الرجوع إلى الله، والإنابة إليه لأنها جريمة عظيمة ومنكر عظيم من نوع الاستهزاء بدين الله، يصلي عمدا بلا وضوء وبلا تيمم ومعلوم أيضا أن التيمم لا يجوز مع وجود الماء، فالحاصل أن هذا العمل منكر عظيم، وشر كبير بل كفر على الصحيح وتلاعب بالدين، نسأل الله العافية، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، والندم والإقلاع والعزم ألا يعود في ذلك، نسأل الله لنا وله الهداية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 227 129 - حكم الاحتفاظ بالوضوء والصلاة به فترة طويلة س: من احتفظ بوضوئه لفترة طويلة هل يجزئ ذلك أم لا (1)؟ ج: لا بأس، لو توضأ للظهر وبقي على طهارته في أوقات العصر والمغرب والعشاء لا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح عدة صلوات بوضوء واحد، وقال: «عمدا فعلت (2)» ليتأسى به الناس عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أنه إذا صلى صلوات كثيرة بوضوء واحد ولم يحدث فالحمد لله، حتى لو صلى الفجر وبقي على الطهارة   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 301. (2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 227 الظهر والعصر والمغرب والعشاء فلا حرج - والحمد لله - والأفضل أن يتوضأ لكل صلاة، فهذا أفضل لما فيه من النشاط والأجر، ولكن لو صلى عدة صلوات بوضوء واحد فلا حرج. س: يقول السائل: ما حكم الصلاة على الوضوء، أو في الوضوء لمدة طويلة، مثال ذلك، أنا أتوضأ لصلاة الفجر، فهل يجوز لي أن أصلي صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء في نفس الوضوء بدون حدث طيلة اليوم (1)؟ ج: إذا صح ذلك فلا بأس، إذا ثبت لديك أنك ما أحدثت، وأنك على وضوء فلا بأس، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى يوم الفتح جميع الصلوات بوضوء واحد، فسأله عمر فقال عليه الصلاة والسلام: «عمدا فعلت (2)» فإذا توضأ الإنسان للظهر وبقي على طهارته العصر والمغرب والعشاء فلا بأس إذا كان قد حفظ نفسه.   (1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم 435. (2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 228 130 - حكم من صلى ثم تذكر أنه على غير طهارة س: رجل دخل في الصلاة واستكملها وسلم وبعد ذلك تذكر أنه غير الجزء: 7 ¦ الصفحة: 228 متوضئ، فما الحكم (1)؟ ج: عليه أن يعيد، إذا عرف أنه صلى بغير وضوء يلزمه أن يعيد الصلاة. س: هل من صلى وهو يعتقد أنه على وضوء ثم تبين له أنه صلى بدون وضوء هل تصح صلاته أم لا بد عليه من الإعادة (2)؟ ج: من صلى وإنه يظن أنه على وضوء ثم تبين له أنه ليس على وضوء فإنه يعيد الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور (3)» وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (4)» هذا بإجماع المسلمين، إن الإنسان إذا صلى ثم اتضح له أنه على غير وضوء فإنه يتوضأ ويعيد الصلاة، بخلاف من صلى وبثوبه نجاسة ولم يعلم إلا بعد الصلاة، فهذا لا يعيد على الصحيح، فالصواب أن صلاته صحيحة ولا تلزمه الإعادة ولو كان يعلمها   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 35. (2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 341. (3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224). (4) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954). ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 229 ثم نسيها، أما الذي صلى وهو محدث يحسب أنه طاهر ثم تبين له أنه محدث فهذا تلزمه الإعادة لأن شرط الصلاة الطهارة ولم يأت بذلك. س: يقول السائل: إذا صليت دون وضوء ناسيا، ولم أعلم إلا بعد الفراغ من الصلاة، فماذا أفعل (1)؟ ج: عليك أن تعيد الصلاة إذا كانت فريضة، ولا إثم عليك إذا كنت ناسيا، عليك أن تعيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (3)» فالمقصود أن الحدث يبطل الصلاة، فإذا كنت قد أحدثت ثم صليت ناسيا فعليك أن تعيد، وهكذا من أحدث في الصلاة، أو خرج منه بول وهو في الصلاة بطلت صلاته، عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة. س: يقول السائل: أتذكر أنني صليت ذات مرة على غير وضوء، هل   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 417. (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224). (3) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954). ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 230 أعيد تلك الصلاة (1)؟ ج: نعم، تجب الإعادة بإجماع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (2)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (3)» متفق على صحته. س: أسأل سماحتكم عن صلاة صليتها وتذكرت أنني صليتها بدون وضوء، كيف أتصرف (4)؟ ج: عليك أن تقضيها متى ذكرت ذلك، عليك أن تقضيها، وتبادر بالقضاء بعد ما تذكرت.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 417. (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224). (3) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954). ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225). (4) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 321. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 231 131 - حكم من لصق به ما يمنع وصول الماء إلى البشرة س: يسأل السائل ويقول: وجدت أثرا لعلك في رجلي بعد العصر، فاجتهدت في إزالته، وأعدت صلاة العصر، ثم ذهبت إلى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 231 الحرم، ووجدت بقايا صغيرة جدا من العلك، فهل علي أن أعيد العصر والمغرب، أم ماذا علي (1)؟ ج: إذا كانت يسيرة لا تمنع الماء لا حرج. س: ما حكم طلاء الأظافر والصلاة فيها (2)؟ ج: إن كان طلاؤها بالحناء ونحوه مما لا يمنع الماء فلا بأس، أما إذا كان طلاؤها مما يمنع الماء وصوله إلى الظفر فإنه يزال وقت الوضوء، يزال الطلاء ويتوضأ أو تغتسل من الجنابة، ثم إذا وضعته بعد ذلك ثم أزالته عند الوضوء لا بأس، أما الطلاء الذي لا يمنع، كالطلاء بالحناء هذا لا بأس به، ولا حرج فيه مطلقا.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 409. (2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 21. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 232 132 - حكم من أصابه الرعاف في الصلاة س: إذا أصاب المصلي رعاف بسيط، يبلل به شيئا من أنفه ويده هل يواصل الصلاة أم ينصرف (1)؟   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 262. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 232 ج: نعم، إذا كان يسيرا يواصل الصلاة، لا ينقض الوضوء إلا إن كان كثيرا، فالأفضل قطع الصلاة؛ لأن جمعا من أهل العلم يرى أنه ينقض الوضوء، ويقطعها ويتنظف، ثم أيضا هو سوف ينجسه الدم النجاسة، إذا كثر يقطع الصلاة ويغسل ما أصابه، ثم يبدل ثيابه ثم يعيد الصلاة. س: إذا خرج المصلي من الصلاة للرعاف الشديد، وهو مستقبل القبلة، هل يجوز له بعد انتقاله من الرعاف، أن يبني على ما سبق في صلاته (1)؟ ج: لا، بل يعيدها من أولها، يستأنفها من أولها، يتوضأ من الرعاف، يتوضأ إذا كان الرعاف كثيرا، يتوضأ أحوط وضوءا جديدا، ويستأنفها من أولها، إلا إذا كان الرعاف قليلا فإنه لا يقطع الصلاة، يكملها ويجعل ما يخرج وما حصل في منديل أو في طرف ردائه أو غترته، فلا يضر إذا كان شيئا يسيرا، إذا كان شيئا يسيرا يكمل صلاته، أما إذا كان كثيرا يقطعها بما ينزل الدم ويغسل الدم ويتوضأ وضوء الصلاة خروجا من الخلاف أفضل له وأحوط، ويعيد الصلاة من أولها.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 262. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 233 س: تقول السائلة أ. ع. من حائل: إذا نزل الدم من الفم أو الأنف فهل تبطل الصلاة، وهل يبطل الصيام والوضوء (1)؟ ج: إن كان شيئا يسيرا يعفى عنه، ولا تبطل به الصلاة، ولا الوضوء، شيء يخرج من الأنف قليل، أو من الأسنان، أو من اللثة، أو من الحلق، شيء يسير يعفى عنه، أما إذا كان كثيرا عرفا تبطل الصلاة، والإنسان يتوضأ من هذا الشيء ثم يعيد الصلاة إذا كانت فريضة، أما الشيء اليسير يعفى عنه.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 412. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 234 133 - بيان كيفية طهارة السجين وصلاته س: كيف يصلي السجين عندما يتعذر عليه الحصول على الماء، وكيف يتطهر من الجنابة إذا أصابته (1)؟ ج: السجين له أحوال إن كان يستطيع أن يتوضأ ويستنجي بالحجارة فالحمد لله، وإن كان ما يستطيع فإنه يتيمم ولا حرج في ذلك، المقصود أن السجين فيه تفصيل:   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 10. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 234 إذا استطاع أن يتطهر على قدر استطاعته لا بأس إذا كان السجين عنده ماء وتمكن من الماء يتوضأ للحدث الأصغر، ويغتسل من الجنابة كغيره من الناس، فإن كان غير ممكن ليس عنده ماء، ولا يتمكن فإنه يتطهر من النجاسات بالمناديل ونحوها ثلاث مرات أو أكثر بالمناديل، أو بحجر أو بلبن، أو بغير هذا من الجامدات والنواشف الطاهرات، حتى ينقي المحل، ينقي الدبر والذكر من البول والغائط ثلاث مرات فأكثر، لا ينقص عن ثلاث وترا ثلاثا أو أكثر حتى ينقي المحل، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، يتمسح بالوضوء للصلاة، إذا حصل الماء ويغتسل من الجنابة إذا كان عليه جنابة بالماء، فإن لم يتيسر له الماء، وحيل بينه وبين الماء يتيمم بالتراب، يضرب الأرض بيديه ويمسح وجهه وكفيه بالتراب ناويا عن الجنابة وناويا عن الحدث الأصغر والأكبر جميعا. وإذا لم يتمكن من التراب، إذا ما تمكن من ذلك صلى على حسب حاله، فاتقوا الله ما استطعتم، لا ماء ولا تيمم: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 235 134 - بيان لباس الرجل في الصلاة س: يقول هذا السائل: كيف يكون لباس الرجل في الصلاة يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: اللباس المعتاد قميص أو إزار ورداء، كله كاف يستر عورته، ما بين السرة والركبة عورة الرجل، ويكون على كتفيه رداء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء (2)» فإذا جاء الرداء على عاتقيه وصلى بالإزار أو بالسراويل كفى، صحت صلاته، وإذا لبس ما هو أجمل كقميص زيادة يكون أكمل وأفضل، وهكذا لبس العمامة؛ لأن الله يقول: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (3) يعني عند كل صلاة، فإذا لبس غترته أو عمامته وقميصا وصلى في ذلك فهذا حسن، ويكفي بذلك الإزار والرداء أو القميص، يكفي ولو كان مكشوف الرأس.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 395. (2) صحيح البخاري الصلاة (360)، صحيح مسلم الصلاة (516)، سنن النسائي القبلة (769)، سنن أبو داود الصلاة (626)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 464)، سنن الدارمي الصلاة (1371). (3) سورة الأعراف الآية 31 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 236 135 - حكم صلاة الرجل كاشف الرأس س: ما هو حكم الصلاة والرجل حاسر الرأس، وهل تغطية الرأس واجبة في كل الأوقات (1)؟ ج: لا حرج إذا صلى وهو مكشوف الرأس، لا حرج في ذلك للرجل، مثل ما يصلي وهو محرم مكشوف الرأس، وإن غطى رأسه وأخذ زينته فهو أفضل؛ لقوله جل وعلا: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) أي عند كل صلاة، فإذا غطى رأسه فهو أفضل، وإذا كشف رأسه ورأى ذلك أنه أنشط له في صلاته فلا حرج في ذلك، كما يصلي المحرم وهو مكشوف الرأس.   (1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (434). (2) سورة الأعراف الآية 31 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 237 136 - حكم الصلاة في الملابس الضيقة والشفافة والخفيفة س: ما حكم الصلاة بالملابس الضيقة للرجال؟ وهل يصلي بالناس من يرتديها (1)؟   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 157. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 237 ج: الملابس الضيقة يكره لبسها للرجال والنساء جميعا، المشروع أن تكون الملابس متوسطة، لا ضيقة تبين حجم العورة، ولا واسعة، ولكن بين ذلك، أما الصلاة فهي صحيحة إذا كانت ساترة، الصلاة صحيحة، ولكن يكره للمؤمن تعاطي مثل هذه الملابس الضيقة، وهكذا المؤمنة يكون اللباس متوسطا بين الضيق والسعة، هذا هو الذي ينبغي. س: ذات مرة في بيت من بيوت الله تقدم شخص ليصلي بالجماعة، وكنت في الصفوف الأمامية، وكان الشخص يرتدي ملابس شفافة جدا، لدرجة أننا نعرف لون بشرته من وراء الثياب، ما رأيكم في مثل هذا (1)؟ ج: إذا كانت الملابس تصف العورة ولا تسترها فإنها لا تصح الصلاة، لا صلاته ولا إمامته، يجب أن يعزل ويفصل ولا يؤتم به إذا كان فخذه يبين أو بقية عورته لا يسترها قميصه، ولا إزاره، فإن هذا لا يسمى مستترا، يكون بادي العورة، أما إذا كان البائن إنما هو الصدر أو الساق وإلا فالعورة مستورة ما بين السرة والركبة مستور بالإزار أو بالسراويل مع قميص هذا لا يضر، إنما الذي يضر كون الفخذ يبين، أو   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 184. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 238 ما هو أشد من الفخذ، هذا هو الذي يضر ما بين السرة والركبة إذا كان يعرف أنه أحمر اللون أو أبيض اللون، أو أسود اللون ما يستره ما عليه فإن هذا لا يجوز له هذا العمل، لا في الصلاة ولا في خارجها، ولا يتخذ إماما ولا يصلى خلفه، وينبه على أن هذا لا يجوز له، نسأل الله للجميع الهداية. س: ما حكم الصلاة في الثياب الخفيفة - أي التي يظهر الجسم من خلالها - مثل الثياب البيضاء؟ وهل الصلاة فيها مقبولة؟ أرجو توضيح الحكم في ذلك سماحة الشيخ (1). ج: إذا كانت يرى منها اللحم، ما تستر اللحم ما بين السرة والركبة ما تصح الصلاة لخفتها ورقتها، أما إذا كانت خفيفة لكن تستره فلا حرج، الصلاة صحيحة، لكن ينبغي للمؤمن أن يلبس لباسا ساترا، لا يبين حجم الأعضاء، ويستر العورة حتى يكون لباسا كاملا، هذا هو الأكمل والأحسن.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 375. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 239 137 - حكم الصلاة في السراويل القصيرة س: هل تصح الصلاة في سروال قصير من فوق الركبة؟ لأنني قرأت الجزء: 7 ¦ الصفحة: 239 في أحد الصحف فتوى لعالم مصري يجيز الصلاة في هذا السروال القصير، عندما سأله أحد الناس عن ذلك، وأنا قد سمعت أيضا بأن ذلك لا يجوز، فعلى أي القولين نسير؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الصواب أنه لا يصح، وأن الواجب ستر ما بين السرة والركبة، وأن الفخذ عورة، فلا يجوز للمسلم أن يصلي مكشوف الفخذ، بل يجب أن يستر الفخذ، وما تحت السرة، وإذا كان على كتفيه رداء يكون أكمل لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (2)» فينبغي أن يكون مع ذلك على عاتقه شيء رداء مع السراويل أو مع الإزار، هكذا السنة، وذهب بعض أهل العلم أنه إذا صلى وليس على عاتقه شيء أنه لا تصح صلاته، فالواجب على المسلم أن يتحرى السنة، ويحرص على امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيستر ما بين السرة والركبة، ويجعل على عاتقه رداء أو فنيلة تستر منكبيه حتى يجمع بين الأمرين اللذين أرشد إليهما النبي   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 213. (2) صحيح البخاري الصلاة (360)، صحيح مسلم الصلاة (516)، سنن النسائي القبلة (769)، سنن أبو داود الصلاة (626)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 464)، سنن الدارمي الصلاة (1371). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 240 صلى الله عليه وسلم س: هل تجوز الصلاة في ثياب لا تصل إلا إلى الركبتين (1)؟ ج: في حق الرجل لا بأس، أما المرأة فلا، لا بد أن تستر بدنها كله إلا الوجه، أما الرجل فلا بأس إذا ستر ما بين السرة والركبة، وستر العاتقين فلا بأس، يكون رأسه مكشوفا والساق كذا لا حرج، لكن كونه في زينته المناسبة في عادة المناسبة يكون أفضل؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) يعني عند كل صلاة، فكون المؤمن يصلي في حالة حسنة كاملة هذا أطيب وأفضل، وإلا فيجزئ لو بدا ساقاه أو كشف رأسه لا حرج في ذلك، لكن يستر العاتقين لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء (3)» وفي لفظ: «ليس على عاتقه منه شيء (4)» أما المرأة   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 351. (2) سورة الأعراف الآية 31 (3) صحيح البخاري الصلاة (360)، صحيح مسلم الصلاة (516)، سنن النسائي القبلة (769)، سنن أبو داود الصلاة (626)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 464)، سنن الدارمي الصلاة (1371). (4) أخرجه النسائي في المجتبى كتاب القبلة، باب صلاة الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، برقم (769). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 241 فهي عورة كلها، تستر بدنها كله ورأسها إلا وجهها، إلا إذا كان عندها أجنبي، فإنها تستر وجهها أيضا، وإن أبدت الكفين فلا حرج، لكن سترهما أولى خروجا من الخلاف. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 242 138 - حكم كشف الركبة وهل هي داخلة في العورة س: هذا السائل يقول: هل الركبة داخلة في العورة، أم ما فوقها داخل في العورة (1)؟ ج: الركبة هي الفاصلة بين العورة وغير العورة، ما فوق الركبة من العورة، والركبة وما حولها ليست من العورة في حق الرجل، أما المرأة فكلها عورة إلا وجهها في الصلاة، وإذا كان عندها أجنبي سترت وجهها أيضا، وفي الكفين خلاف، هل تسترهما في الصلاة أم لا، وسترهما أحوط وأولى في الصلاة، وأما الرجل فعورته بين الركبة والسرة، والركبة ليست من العورة، بل هي تبع الساق لكن ستر ذلك في الصلاة حتى في حق الرجل أولى.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 389. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 242 139 - حكم لبس البنطلون في الصلاة س: ما حكم لبس البنطلون للطبيب وما حكم الصلاة به (1)؟ ج: إذا كان البنطلون ساترا للعورة، غير مميز لها بل هو واسع ضاف فإنه تصح به الصلاة إذا كان على كتفيه شيء، إذا كان البنطلون معه السترة على كتفيه وصدره، المقصود إذا كانت العورة مستورة من السرة إلى الركبة وكان على العاتقين شيء أو على أحدهما فإنه يجزئ، أما إذا كان ضيقا يحدد العورة فلا ينبغي استعماله، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (2)» فإذا كان عنده قدرة وجب أن يستر العورة، وأن يضع على العاتقين شيئا من الرداء أو على أحدهما.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 38. (2) أخرجه النسائي في المجتبى كتاب القبلة، باب صلاة الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، برقم (769). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 243 140 - بيان لباس المرأة وحجابها في الصلاة وخارجها س: أرجو التفضل ببيان حكم الحجاب أثناء تأدية الصلاة بالنسبة للمرأة (1)؟   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 194. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 243 ج: عليها أن تستتر في كل بدنها، ما عدا الوجه والكفين، الواجب على المرأة أن تكون مستورة في جميع بدنها حال الصلاة، حتى القدمين عليها أن تكون الثياب ضافية تستر القدمين، أو يكون على القدمين خفان أو جوربان، أما الوجه فلا يجب ستره بإجماع المسلمين، بل الأفضل كشفه، الوجه تكشفه في الصلاة إذا كانت خالية ليس عندها أجنبي، عليها أن تصلي مكشوفة الوجه، هذا هو السنة وهذا هو الأفضل، إلا إذا كان عندها رجل ليس محرما لها فإنها تغطيه عنه، وأما الكفان فالأفضل سترهما، وإن كشفتهما فلا حرج إن شاء الله. س: هذه السائلة من سوريا أ. م. تسأل عن الحجاب الشرعي بالنسبة للمرأة في الصلاة وفي غير الصلاة (1) ج: أما في الصلاة فتستر جميع بدنها إلا الوجه هذا هو الأفضل إذا صار ما عندها أجانب تبدي الوجه، سنة كشف الوجه في الصلاة، وتستر جميع بدنها حتى الكفين، وإن أبدت الكفين فلا حرج لأن سترهما أفضل في الصلاة، أما إذا كان عندها أجنبي فإنها تستر بدنها كله حتى الوجه، وأما عند الناس غير الأجانب في الأسواق والبيوت فإنها تكشف   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 368. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 244 ما شاءت من بدنها كالرأس والوجه واليدين والقدمين ما دام ليس عندها أجانب في بيتها، في فراشها، في أي مكان في بيتها، أما عند الأجنبي فهي عورة تستر جميع بدنها لأنها عورة، الله يقول جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (1) ويقول جل وعلا: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (2) الآية، والجلباب ما تغطي به المرأة رأسها ووجهها وبدنها. س: تلبس المرأة غطاء ساترا أثناء تأديتها الصلاة وهي داخل بيتها، فهل يجوز لها لبس هذا الغطاء حتى وإن كانت لوحدها رغم أنه يستر جميع البدن أم أنه لا بد لها من لبس شيء على رأسها وعلى شعرها بالرغم من وجود هذا الغطاء على جميع بدنها (3)؟ ج: إذا كان عليها غطاء يستر جميع بدنها كفى والحمد لله، ما عدا الوجه فإن السنة كشفه إذا لم يكن عندها أجنبي فالسنة كشفه، أما الكفان   (1) سورة الأحزاب الآية 53 (2) سورة الأحزاب الآية 59 (3) السؤال العشرون من الشريط رقم 304. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 245 إن كشفتهما فلا حرج وإن سترتهما فهو أفضل، أما بقية البدن من الرأس والصدر والقدم وغير ذلك تستره، سواء كان عليها غطاء عام أو غطاء مغط للرأس ستر ولبقية البدن ستر، فالمقصود أن تستر هذا البدن كله ما عدا الوجه والكفين، الوجه سنة كشفه، والكفان سترهما أفضل، فإن كشفا فلا حرج على الصحيح. س: سائلة من العراق تقول: ما الحكمة لارتداء المسلمة للحجاب أثناء الصلاة، هل هو من أجل حضور الملائكة أثناء الصلاة، أم لأنها تقف بين يدي الله عز وجل؟ لأن ابنتي سألتني هذا السؤال ولا أعرف الإجابة الصحيحة (1) ج: ليس عليها حجاب إذا كانت تصلي وليس عندها رجال أجانب، لها أن تكشف وجهها، أما كونها تستر رأسها وبدنها هذا لأنها عورة ووقوفها بين يدي الله مستورة أفضل؛ ولأنه قد يبدو من ليس محرما، يدخل المحل من ليس محرما لها فقد تعمل بالحيطة إلا الوجه فإنها تكشفه إذا لم يكن عندها أجنبي وتستر بقية بدنها، هذا هو الواجب عليها إلا الكفين فلا مانع من كشفهما، وسترهما أفضل، أما الوجه   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 356. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 246 فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، أما إذا كان عندها أجنبي فإنها تستره لأنها عورة وفتنة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 247 141 - حكم كشف الكفين والقدمين في الصلاة للنساء س: ما الذي يجب ستره في الصلاة بالنسبة للمرأة، هل يجب ستر الكفين أثناء الصلاة؟ وهل إذا طلع جزء من القدم تبطل الصلاة بالنسبة للمرأة (1)؟ ج: المرأة كلها عورة، والواجب عليها التستر في الصلاة في الفرض والنفل إلا الوجه فإنها تكشفه، فالسنة كشف الوجه إذا لم يكن عندها أجنبي تكشف وجهها في الصلاة، أما بقية بدنها فإنها تستره ما عدا الكفين فسترهما مستحب، وإن كشفتهما فلا حرج على الصحيح، أما الوجه فكشفه سنة في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، وهذا يعم الفرض والنفل إذا كانت بالغة قد بلغت الحلم، وإذا خرج منها شيء، خرج قدمها أو شيء من قدمها، إذا كان كثيرا فإنها تعيد الصلاة عند جمهور أهل العلم، أما إذا كان شيئا يسيرا ثم غطته فيعفى عنه إن شاء الله.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 263. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 247 س: ما حكم تغطية اليدين في الصلاة (1)؟ ج: إن غطتهما فأفضل، وإلا فليس بلازم، لا بأس بكشفهما، والوجه يشرع كشفه في الصلاة، المرأة تكشف وجهها في الصلاة، إلا إذا كان عندها أجنبي تغطي وجهها، أما إذا كان ما عندها إلا زوج أو نساء، السنة أن يكون الوجه مكشوفا، أما اليدان فإن شاءت كشفتهما على الصحيح، وإن شاءت سترتهما وهو أفضل خروجا من خلاف من قال بوجوب سترهما، أما القدمان فيستران. س: هل يجب على النساء ستر اليدين في الصلاة (2)؟ ج: الستر أفضل، ولا حرج في كشفهما، فالوجه يكشف في الصلاة إذا كان ما عندها أجانب ما عندها رجل ليس بمحرم، وهكذا الكفان، وإن سترتهما فلا بأس، الأمر في هذا واسع في الكفين، لكن الوجه السنة كشفه إلا إذا كان هناك أجنبي، أما اليدان - يعني الكفين - فهي مخيرة إن سترتهما فهو أفضل وإن كشفتهما فلا حرج، أما القدمان فتسترهما.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 306 (2) السؤال الثاني من الشريط رقم 330 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 248 س: سماحة الشيخ، سمعناكم ذات مرة تتحدثون في جواب عن صلاة المرأة وهي تصلي دون ستر يديها وقدميها، إنها لا بد أن تعيد صلاتها كلها، فأرجو الإفادة حول هذا الموضوع وكيف؟ علما بأننا مستقيمون على دين الله، وتطبيق شريعته منذ زواجنا في 84 ميلادي، ومن يوم أن سمعنا تلكم الحلقة وهي تستر قدميها وكفيها (1)؟ ج: العلماء رحمة الله عليهم قد نصوا على أن المرأة عورة، وأن الواجب عليها ستر بدنها في الصلاة، ما عدا وجهها، وهذا بناء على ما جاء في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيان أن المرأة عورة، واختلفوا في الكفين هل تستران أم يعفى عنهما؟ وأما القدمان فجمهور العلماء على أنهما يستران للصلاة، وأما الوجه فقد أجمعوا على أنه لا مانع من كشفه، وأن السنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي - يعني رجل غير محرم - فهذا هو المعتمد في هذا الباب، إن المرأة عليها أن تستر بدنها كله ما عدا وجهها وكفيها، والصحيح أن الكفين لا يجب سترهما في الصلاة، لكن سترهما أفضل   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 94. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 249 خروجا من خلاف من أوجب سترهما، وأما القدمان فالواجب سترهما عند جمهور أهل العلم؛ لأن المرأة عورة وهما من العورة، ولا داعي إلى كشفهما تسترهما بالجوربين، أو بالملابس الضافية التي تستر القدمين حال الصلاة، هذا هو الذي سبق مني غير مرة، وبينته لإخواني في هذا البرنامج: نور على الدرب، أن الواجب على المرأة أن تستر بدنها بالستر الكافي الذي لا يبين معه شيء من بدنها، يعني سترا كافيا ليس رقيقا ولا شفافا، بل يكون سترا يغطي شعرها وبدنها ما عدا الوجه، فإن السنة كشفها له إذا كانت ليس عندها رجل غير محرم، وأما الكفان فاختلف العلماء فيهما، والأفضل سترهما فإن كشفتهما فلا حرج، وأما القدمان مثلما تقدم سترهما هو الواجب، أما كونها تقضي ما مضى من صلاتها فهذا من باب أنها أخلت بالشرط، فإذا كانت صلت صلوات ليست ساترة لقدميها فيها فإذا الواجب قضاؤها، لكن إذا كانت جاهلة بالحكم الشرعي فلعل الله جل وعلا يعفو عنها فيما مضى، ولا يكون عليها القضاء، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما «رأى رجلا يصلي وينقر صلاته دعاه فجاءه وسلم عليه، فقال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل "، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي عليه الصلاة والسلام، فرد عليه السلام ثم قال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل "، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 250 فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء في الثالثة فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه النبي السلام ثم قال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل " فعلها ثلاثا، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق نبيا لا أحسن غير هذا، فعلمني. فقال له عليه الصلاة والسلام: " إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها " (1)» متفق على صحته، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد هذه الصلاة الحاضرة، ولم يأمره أن يعيد الصلوات الماضية لجهله، فإن ظاهر حاله أنه يصلي هذه الصلاة فيما مضى، ولكن لما كان جاهلا عذره صلى الله عليه وسلم، في الأوقات الماضية، وأمره أن يعيد الحاضرة، فدل ذلك على أن من جهل شيئا من فرائض الصلاة، ثم نبه في الوقت الحاضر فإنه يعيد الحاضرة، أما التي   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة، برقم (793)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 251 مضت فتجزئه من أجل الجهل، هذا هو مقتضى هذا الحديث؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر هذا المسيء في صلاته أن يعيد صلواته الماضية بسبب جهله، وما في ذلك من المشقة، فهكذا التي صلت صلوات كثيرة قبل أن تعلم وجوب ستر القدمين فإنها لا إعادة عليها - إن شاء الله - على الصحيح لأنها معذورة بالجهل، وإنما تلتزم في المستقبل، وتستقيم في المستقبل على ستر قدميها وبقية بدنها ما عدا الوجه والكفين كما تقدم، فإنهما ليسا عورة في الصلاة عند أهل العلم، ولكن إذا سترت الكفين خروجا من خلاف بعض أهل العلم فهذا حسن كما تقدم. س: ما حكم تغطية اليدين والرجلين في الصلاة، هل هو واجب على المرأة، أم يجوز كشفها ولا سيما إذا لم يكن هناك أجانب، أو كانت في الصلاة مع نساء السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 77.؟ ج: أما الوجه فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن هناك أجانب، وأما القدمان فالواجب سترهما عند جمهور أهل العلم وفيه خلاف، بعض أهل العلم يتسامح في كشف القدمين، ولكن الجمهور على المنع، وأن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 252 الواجب سترهما، ولهذا روى أبو داود رحمه الله عن أم سلمة رضي الله عنها: «أنها سئلت عن المرأة تصلي في خمار وقميص، قالت: لا بأس إذا كان الدرع يغطي ظهور قدميها (1)» فستر القدمين أولى وأحوط، بكل حال، أما الكفان فأمرهما أوسع، إن كشفتهما فلا بأس، وإن سترتهما فلا بأس، الأمر فيهما واسع، بعض أهل العلم يرى أن سترهما أولى، ولكن الأمر فيهما واسع إن سترتهما هذا حسن إن شاء الله، وإن صلت وكفاها مكشوفتان فلا بأس. س: هل تغطية اليدين والقدمين بالنسبة للمرأة في الصلاة واجبة؟ أو بماذا توجهون الناس؟ جزاكم الله خيرا (2) ج: السنة أن المرأة تستر وجهها في الصلاة إذا كان عندها أجنبي غير محرم، هذه السنة، تكشف عن وجهها، تسجد مكشوفة الوجه، وهكذا في حال القيام، أما القدمان وسائر البدن فتكون مستورة، الواجب عليها ستر جميع البدن، ما عدا الوجه والكفين، أما الوجه فكشفه سنة إلا إذا كان عندها غير محرم، أما الكفان فإن سترتهما فهو أفضل، وإن   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (2) السؤال السابع من الشريط رقم 349. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 253 كشفتهما فلا حرج على الصحيح، وبعض أهل العلم يرى وجوب ستر الكفين، فإن سترتهما فهو أفضل خروجا من الخلاف، وإن كشفت الكفين في الصلاة فالصواب أن الصلاة صحيحة، لكن سترهما أفضل خروجا من الخلاف. س: ما حكم إظهار اليدين والقدمين في الصلاة؟ وإن كان لا يجوز فهل إظهارهما يبطل الصلاة، بمعنى أن صلاة المرأة على تلكم الصورة غير صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إظهار القدمين في الصلاة لا يجوز عند جمهور أهل العلم، ويبطل الصلاة، فإذا صلت المرأة وقدماها مكشوفتان وجب عليها أن تعيد عند أكثر العلماء، أما الكفان فأمرهما أوسع، إن سترتهما فهو أفضل، وإن أظهرتهما فلا حرج إن شاء الله، نعم كالوجه، الوجه سنة كشفه إلا أن يكون عندها غير محرم أجنبي تستتر، فإنها تستر وجهها وكفيها، أما إذا كان ما عندها أحد، عندها نساء أو محارم فلا مانع من كشف الكفين، وإن سترتهما فهو أفضل، أما الوجه فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (298). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 254 س: ما حكم كشف المرأة يديها وقدميها أثناء الصلاة؟ وما حكم من كانت تصلي دون تغطية وجهها وكفيها وهي لا تعلم بالحكم (1)؟ ج: الواجب على المرأة عند أكثر أهل العلم ستر رجليها في الصلاة، أما الوجه فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، وأما الكفان فأمرهما أوسع، إن سترتهما فهو أفضل، وإن كشفتهما فلا حرج فصلاتها صحيحة والحمد لله. س: ما حكم صلاة المرأة داخل بيتها وهي مكشوفة اليدين والقدمين، ولكن لا يراها أحد من الرجال (2)؟ ج: المرأة عورة، كلها عورة، يجب أن تستر بدنها في الصلاة ولو ما عندها أحد إلا الوجه فالسنة كشفه، أما بقية بدنها فالمشروع ستره، بل يجب ستره إلا الكفين، بعض أهل العلم أجاز كشفهما، والأفضل والأحوط سترهما، فإذا صلت المرأة وقدماها مكشوفتان أو ذراعها أو صدرها مكشوف لم تصح صلاتها، فالواجب على المرأة أن تستتر إلا الوجه، وهكذا الكفان، الأحوط سترهما، لأنها عورة كلها ولو ما   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 350. (2) السؤال السابع من الشريط رقم 376 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 255 حضرها أجنبي. س: ما حكم تغطية القدمين للمرأة في الصلاة بطبيعة الحال (1)؟ ج: المرأة تغطي القدمين في الصلاة عند جمهور العلماء؛ لما رواه أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سئلت: «هل تصلي المرأة في درع وخمار؟ قالت رضي الله عنها: نعم إذا كان القميص يغطي ظهور قدميها (2)» فالمقصود أنها تغطي قدميها وقت الصلاة كما تغطيهما عند الرجل الأجنبي، هذا هو المختار وعليه جمهور أهل العلم. س: إذا صليت وأقدامي مكشوفة فما الحكم (3)؟ ج: ستر الأقدام واجب على المرأة وشرط من شروط الصلاة عند جمهور العلماء، فإذا صليت والقدمان مكشوفتان فعليك الإعادة، فعليك أن تستري القدمين بالجوارب، أو بالثياب الطويلة، وفقنا الله وإياك للخير. س: السائل ع. من ليبيا طرابلس يقول: هل يجوز للمرأة أن تصلي   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 246. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (3) السؤال السابع من الشريط رقم 312. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 256 والقدمان مكشوفتان (1)؟ ج: الواجب عليها ستر القدمين عند جمهور أهل العلم، وقد جاء في حديث أم سلمة «أنها سئلت: هل المرأة تصلي في درع وخمار؟ قالت في جوابها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (2)» تصلي في درع سابغ يستر أقدامها، أو تكون في أقدامها شراريب، هذا هو المشروع عند جمهور أهل العلم، يجب عليها ستر القدمين، إما بكون الثياب ضافية، أو باتخاذ جوارب في الرجلين، هذا هو المشروع لها، وهو الواجب عند جمهور أهل العلم. س: سائلة تقول: ألبس فستانا يكشف عن وجه القدم، هل تجوز الصلاة فيه (3)؟ ج: لا، الواجب عند جمهور أهل العلم أن يكون القدم مستورا، إما بالثياب الضافية وإما بالجوارب، وهكذا جاء عن أم سلمة رضي الله عنها لما سئلت، قيل: «يا أم المؤمنين، هل المرأة تصلي بدرع وخمار؟ فقالت:   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 399. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (3) السؤال العاشر من الشريط رقم 204. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 257 إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (1)» فالذي عليه جمهور أهل العلم أن المرأة عورة في الصلاة كلها، المرأة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها فإنه لا بأس بكشفه، بل يسن كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي - يعني غير محرمها - أما الكفان ففيهما خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا حرج في كشفهما، فإن سترتهما كان ذلك أفضل، وأما القدمان فالواجب سترهما، إما بالملابس الضافية كالقميص الضافي والإزار الضافي أو بالجوارب. س: ماذا عن كشف باطن القدم عند المرأة أثناء الصلاة (2)؟ ج: إذا كان ثوبها ساترا يستر أقدامها، في قيامها وركوعها وسجودها فظهور بطن القدم لا يضر في ظاهر السنة، ولا يبطل صلاتها؛ لأن في حديث أم سلمة لما سئلت عن ذلك، قيل لها: «يا أم المؤمنين، أتصلي المرأة في درع وخمار؟ فقالت رضي الله عنها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (3)» فقد روي مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 118. (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 258 وسلم ولكن الراجح عند الأئمة وقفه على أم سلمة رضي الله عنها، فظاهره أن البطون لا يجب سترها عند السجود مثلا، والغالب أنها تستتر لأن ثيابها الساترة إذا سجدت تكون وراءها ساترة، لكن لو فرض أن شيئا من بطن قدميها ظهر في بعض الأحيان عند ركوعها أو كذا عند سجودها فهذا لا يضر؛ «لقول أم سلمة: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (1)» فإذا كانت ملابسها ساترة كفى ذلك. س: هل الصلاة بدون جوارب جائزة؟ وهل ستر القدمين واجبة في الصلاة أم لا (2)؟ ج: المشروع سترهما بالجوربين أو بإرخاء الثياب، أرخت الثياب حصل المطلوب ولو ما كان هناك جوربان؛ لأنه جاء في حديث رواه أبو داود عن أم سلمة أنها سئلت رضي الله عنها: «أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ فقالت: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (3)» والجمهور على أن القدمين عورة، وأن الواجب عليها سترهما في   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (2) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 253. (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 259 الصلاة فينبغي للمؤمنة ستر القدمين بالجوارب أو بإرخاء الثياب. س: هل الصلاة والرجل بدون غطاء كالجوارب باطلة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: نعم، عند جمهور أهل العلم أن انكشاف رجلي المرأة يبطل الصلاة، فالواجب سترهما إما بإسباغ الثياب تكون طويلة، أو بلبس الجوربين، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، والأصل في هذا حديث أم سلمة مرفوعا وموقوفا، «لما سئلت: أتصلي المرأة في درع وخمار؟ فقالت رضي الله عنها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (2)» وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وموقوفا عليها، وصحح أئمة الحديث وقفه على أم سلمة رضي الله عنها، ولأن المرأة عورة كما في الحديث: «المرأة عورة (3)» فالرجل من العورة، فالواجب سترها إما بإسباغ الثياب وطول الثياب، وإما بالجوربين التي تستر   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 177. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (3) أخرجه الترمذي في كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، برقم (1173). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 260 القدمين، وأما الرجل فمعلوم أن عورته ما بين السرة إلى الركبة في الصلاة، مع ستر أحد العاتقين في الفريضة، وأما الكفان للمرأة فسترهما أولى، وإن كشفتهما مع الوجه فلا بأس في الصلاة إذا كان ما عندها أجنبي، وأما الوجه فالأفضل الكشف إذا كان ما عندها أجنبي، فالسنة كشف وجهها، فهي تصلي مكشوفة الوجه، إذا كانت في محلها وليس عندها أجانب، أما الكفان فهي مخيرة، إن سترتهما فهو أفضل، وإن كشفتهما فلا حرج إن شاء الله. س: ما حكم لبس الشراب من أجل الصلاة (1)؟ ج: هذا طيب إذا لبست المرأة الشراب حتى تستر قدميها كليهما فهذا طيب، أو كانت الثياب طويلة تغطي الأقدام فلا بأس، كله طيب. س: من المستمعة: م. م. أ. من المنطقة الشرقية تقول: أود أن أسأل عن انكشاف القدمين للمرأة في أثناء الصلاة، وهل يؤثر ذلك على الصلاة (2)؟   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 306. (2) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم 338. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 261 ج: إذا كان الانكشاف قليلا لا يؤثر إذا سترته، أما إذا استمر كثيرا فإنها تعيد الصلاة عند كثير من أهل العلم، أما إذا انكشف قليلا وسترته فلا يضر إن شاء الله. س: هل يجوز للمرأة أن تصلي داخل بيتها دون أن ترتدي الجوارب لتستر القدمين؟ وهل إذا نسيت ذلك هل تبطل الصلاة (1)؟ ج: الواجب عليها ستر قدميها بالجوارب أو بالثياب الطويلة، فإذا صلت وثيابها طويلة تغطي قدميها، ما يلزم جوارب، وإذا كانت قصيرة تلبس الجوارب. س: الأخت أم رشيدة من اليمن تقول: عندما أصلي لا أغطي أطراف أقدامي، فما الحكم في ذلك، هل صلاتي صحيحة (2)؟ ج: الواجب تغطية الأقدام، الذي عليه أكثر أهل العلم وجوب تغطية الأقدام، فعليك أن تغطي الأقدام، والماضي نسأل الله أن يعفو عنك، لكن في المستقبل عليك أن تغطي أقدامك بالجوارب، أو بالثوب   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم 414. (2) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم 432. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 262 الطويل حتى تتغطى الأقدام، كما في حديث أم سلمة لما سئلت - وهي مرفوعة -: «هل تصلي المرأة في درع وخمار؟ قالت: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (1)» س: هل تجوز الصلاة والقدمان مكشوفتان بالنسبة للنساء (2)؟ ج: الواجب ستر القدمين عند جمهور أهل العلم في الصلاة للمرأة. س: تقول السائلة من ضمن أسئلتها: بالنسبة لإظهار القدمين أثناء الصلاة بالنسبة للمرأة (3) ج: الواجب ستر القدمين عند أكثر أهل العلم، فالواجب أن تستر قدميها بملابسها. س: مستمعة تسأل: ما حكم إذا خرجت المرأة وقدمها مكشوفة؟ أو كذلك تكون عند الصلاة (4)؟   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (2) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 418. (3) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 425. (4) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 297. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 263 ج: لا تخرج إلى الناس وقدماها مكشوفتان بل تسترهما بالملابس الضافية أو الجوربين، وهكذا في الصلاة تكون مستورة القدمين، عند جمهور أهل العلم، يجب سترهما في الصلاة بملابس ضافية طويلة أو بالجوربين. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 264 142 - حكم ظهور شعر المرأة أو ذراعها في الصلاة س: تسأل أختنا وتقول: ما حكم ظهور شعر المرأة أو ذراعها أو قدمها في أثناء الصلاة بدون قصد منها (1)؟ ج: الواجب على المرأة التستر في الصلاة، تستر شعرها وبدنها كله وذراعها وبدنها في الصلاة، أما الوجه فيكشف في الصلاة إلا إذا كان عندها أجنبي ليس محرما لها فتغطي وجهها ولو في الصلاة، أما الكفان اختلف العلماء فيهما، والأفضل سترهما، فإن ظهرا فلا حرج في ذلك على الصحيح إن شاء الله، وإذا ظهر شيء من هذا بغير قصد وهو شيء يسير وسترته في الحال لم يضرها ذلك، بأن انتبهت له وسترته في الحال، وحتى إذا كانت في بيتها وتصلي في غرفتها وغرفتها مغلقة   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 150. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 264 وليس بها أحد فإنه لا بد من سترها كاملا، شعرها وبدنها كله ما عدا الوجه والكفين، ولا يشترط أن يكون هناك غطاء جديد غير الملابس المعتادة، إذا كان عليها ملابس العادة قميصها وخمارها وقميصها الساتر، أو عليها مثلا جوارب كفى ذلك، وإن لبست زيادة جلبابا فوق ذلك فهو خير إلى خير. س: ما حكم صلاة المرأة في بيتها غير ساترة لرأسها أو رجليها وليس عندها أحد (1)؟ ج: ليس لها ذلك، يجب أن تغطي رأسها ورجليها على الصحيح، أما الوجه فالسنة لها كشف الوجه، أما الكفان فالأفضل سترهما، وإن كشفتهما فالصحيح أنه لا حرج لأن بهما الأخذ والعطاء والتعديل، فالأمر فيهما واسع، وسترهما أفضل، أما الرجلان فالجمهور من أهل العلم على أنهما يستران، كما قال أكثر أهل العلم، وجاء في حديث فيه لين عن أم سلمة أنها سئلت عن ذلك، عن كشف القدمين، فقالت رضي الله عنها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور القدمين، لما قيل لها: «يا أم المؤمنين، هل تصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ قال: إذا كان   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 228. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 265 الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (1)» وفي إسناده بعض الضعف، وهو مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصواب أنه موقوف، فالحاصل أن سترها للقدمين أحوط للمؤمنة، وأما الكفان فأمرهما أوسع، وأما الوجه فيكشف في الصلاة إذا كان ما عندها أجنبي. س: هل ظهور الشعر في الصلاة بالنسبة للمرأة يبطلها (2)؟ ج: نعم، لا بد من التستر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (3)» لا بد أن تستر شعرها، لكن لو ظهر شيء يسير ثم غطته في الحال لا يضر إن شاء الله، عليها أن تلاحظ وتعتني.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (2) السؤال العشرون من الشريط رقم 353. (3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عائشة - رضي الله عنها - برقم (24641)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء " لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار " رقم (377)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، برقم (655). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 266 143 - حكم ما إذا علمت المرأة بظهور شعرها أثناء الصلاة س: إذا ظهر شعر المرأة في الصلاة قليلا من المقدمة أو من الجانبين، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 266 هل الصلاة صحيحة؟ وهل إذا علمت من إحدى أخواتها ماذا تفعل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إن استمر تعيد الصلاة، وإن كان قليلا وغطته فالحمد لله يعفى عن ذلك إن شاء الله، وإذا أخبرتها إحدى أخواتها أثناء الصلاة فإنها تستره، وحينئذ الصلاة صحيحة والحمد لله.   (1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم 338 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 267 144 - حكم صلاة المرأة إذا ظهر شعرها ولم تعلم إلا بعد الصلاة س: المستمعة م. م. م. تسأل سماحتكم فتقول: إذا كنت أصلي وبعد انتهائي من الصلاة - صلاة الظهر مثلا - اكتشفت أن جزءا من شعري ظاهر، فهل أعيد الصلاة أم أعيد الركعتين الأخيرتين التي اكتشفت أن شعري كان مكشوفا خلالهما؟ وجزاكم الله خيرا (1) ج: هذا الموضوع فيه تفصيل، فإن كان المنكشف شيئا قليلا ولم تشعري به إلا بعد الصلاة فلا حرج عليك وصلاتك صحيحة، أما إذا كان المكشوف شيئا كثيرا فالأحوط لك الإعادة.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 320 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 267 س: تقول السائلة الأخت أم محمد من منطقة جيزان: صليت صلاة الظهر وعند سجودي كشف ابني الغطاء عن جميع رأسي وذلك بسحب الشرشف الذي أصلي فيه، وأخذت الشرشف بسرعة على رأسي وأكملت الصلاة، فهل صلاتي صحيحة (1)؟ ج: نعم، إذا أخذت السترة بسرعة لا بأس، الصلاة صحيحة والحمد لله.   (1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم 420 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 268 145 - حكم لبس القفازين في الصلاة س: أختنا من السودان: حكم الصلاة والمرأة تلبس القفازين (1) ج: لا مانع، تصلي بالقفازين، وهذا أفضل لها، ستر يديها في الصلاة بقفازين أو بجلالها الذي عليها أو بغير ذلك، هذا أفضل، ولا يبقى مكشوفا إلا الوجه، هذا أفضل، وإن كشفت الكفين صح ذلك في أصح قولي العلماء، وهذا كله إذا كانت في محل ليس فيه أجنبي، أما إذا كان فيه رجل ليس محرما لها فإنها تغطي جميع بدنها حتى الوجه وهي في الصلاة. س: السائلة من مدينة الزلفي خ. م. تسأل عن حكم لبس القفاز لليدين في الصلاة في المسجد أثناء شهر رمضان المبارك،   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 156 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 268 جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم، هذا هو الأفضل أن تستر كفيها في البيت وفي المسجد، هذا هو الأفضل، ولو صلت مكشوفة الكفين، ولكن لا يراها الرجال صح، والسنة كشف الوجه إذا كان لا يراها الرجال، أما إذا كان يراها الرجال تستر كفها ووجهها جميعا مع بقية بدنها، أما إذا كانت في البيت فإنها تستر بقية البدن ما عدا الوجه، السنة كشف الوجه إذا كانت عند النساء، وأما الكفان فالأفضل سترهما إذا كان ما عندها أحد بقفازين، وإن كشفتهما فلا حرج في ذلك إذا ما كان عندها إلا نساء أو ما عندها أحد. س: هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي لابسة قفازين وهي غير محرمة، ولا سيما إذا كانت معرضة لرؤية الرجال ولو من بعيد، كأن تكون في المسجد الحرام، ثم أرجو توجيه نصيحة لنا نحن النساء فيما يتعلق بالصلاة في المسجد الحرام، وخاصة عند الزحام في العشر الأواخر من رمضان وفي الحج (2)؟ ج: لا حرج في لبس القفازين في الصلاة وفي غيرها للمرأة إلا إذا   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 360 (2) السؤال الرابع من الشريط رقم 327. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 269 كانت محرمة فإنها لا تلبسهما، أما إذا كانت غير محرمة فلا مانع من لبسهما في الصلاة وغيرها، وأنصح جميع النساء، بيوتهن خير لهن، والصلاة في بيوتهن أفضل، في مكة أو في المدينة، وفي كل مكان بيوتهن أفضل، وأبعد لهن عن الفتنة، فإذا صلين في المسجد فليحرصن على التستر والبعد عن الرجال والاختلاط بهم، ولا شك أن صلاتهن في المسجد قد تدعو لها الحاجة لسماع الحديث والمواعظ، فإذا جاءت من أجل هذا، أو لأنها في البيت قد تكسل ولا تصلي قيام رمضان، فتحضر لأجل النشاط هذا كله لا بأس به، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمعنوا إماء الله مساجد الله (1)» وقال: «بيوتهن خير لهن (2)» وإذا كانت تستطيع أن تصلي في بيتها كما ينبغي فهو أفضل لها، وإن صار خروجها للمسجد فيه مصلحة لسماع العلم والفقه في الدين، أو للنشاط لأنها قد تكسل عن قيام رمضان، فهذه الحال لا بأس بها.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان؟، برقم (900) ومسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد، برقم (442). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (567). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 270 س: السائلة م. ع. تقول: ما حكم الصلاة بالقفازات (1)؟ ج: لا حرج من القفازين، إذا كانت ما هي بمحرمة لا حرج، أما إذا كانت محرمة لا تلبس القفازين.   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم 421. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 271 146 - حكم صلاة المرأة في خلاء وهي غير محجبة س: ما حكم امرأة صلت في الخلاء لعذر مثل السفر أو البعد عن البلاد وهي غير محتجبة الحجاب الشرعي (1)؟ ج: إذا كانت ليس عندها أحد من الناس فلا بأس، الحجاب الشرعي إنما يلزم عند وجود الأجنبي، فإذا صلت في الصحراء أو في بيتها أو في سطح بيتها، أو في حوش بيتها، وليس عندها أجنبي فلا بأس أن تكشف وجهها وتصلي مكشوفة الوجه، لكن عليها مهما كانت أن تستر شعرها، وجميع بدنها، بالصحراء وبغير الصحراء حتى لو كانت ما عندها أحد في بيتها، عليها أن تستر جميع بدنها من الشعر، وسائر البدن والقدمين حتى تكون مستورة محجبة الحجاب الشرعي، لقول النبي   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 102 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 271 صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (1)» فلا بد من ستر الشعر إذا كانت الجارية بالغة، أما الوجه فلا بأس بكشفه، سنة كشفه في الصلاة، إذا كان عندها رجل أجنبي، يحرم عليها الكشف له، كأخي زوجها أو ابن عمها، أو زوج أختها، هؤلاء أجانب، هؤلاء لا تكشف لهم وإن كانوا قريبين منها من جهة المصاهرة ونحوها لكنهم في حكم الأجنبي، يسمى أجنبيا لأنه ليس محرما لها، وهكذا كفاها لو سترتهما يكون أفضل في الصلاة، وإن صلت وهما مكشوفتان فلا بأس بذلك على الصحيح كالوجه لكن سترهما يكون أفضل، وأما القدمان فيجب سترهما عند جمهور أهل العلم بالجوربين أو بالثياب الضافية للمرأة، تسدل ثيابها عليهما أو بجوربين كل هذا يكفي، والأم عند أولادها وعند زوجها في بيتها إذا سترت بدنها وقدميها دون وجهها وكفيها فصلاتها صحيحة، لكن بشرط أن تكون العورة مستورة من الرأس والصدر والبطن والساق ونحو ذلك والقدم، حتى لا تكون هناك يعني مخالفة للشريعة، أما الوجه والكفان مثل ما تقدم لا يجب سترهما إلا عند الأجنبي سواء كانت في الصحراء أو في البيت، ومن صلت ولم   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عائشة - رضي الله عنها - برقم (24641)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء " لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار " رقم (377)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، برقم (655). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 272 يكتمل الستر الشرعي كما ذكرنا فإنها تعيد الصلاة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 273 147 - حكم صلاة المرأة خارج البيت بقرب الرجال س: تقول السائلة: هل يجوز للمرأة الصلاة خارج البيت وأمام بعض الأقارب علما أننا في الريف ولا يوجد لدينا بيت، مع أنه أيضا لبسنا غير محتشم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانت الصلاة في بيت الأقارب أو في بيت ناس زارتهم المرأة وحضرت الصلاة تصلي عندهم، لكن إذا كان حولها رجل تصلي في محل بعيد عن رؤية الرجل حتى لا يرى منها شيئا ولا سيما إذا كانت ثيابها غير محتشمة يجب عليها أن تبتعد عن رؤية الرجال الأجانب سواء في بيتها أو في غير بيتها، وإذا كانت محتشمة وصلت في البيت أو عند بعض من زارتهم لما حضرت الصلاة كل هذا لا بأس به، أما عند الأجنبي ولو ابن خال أو ابن خالة أو ابن عم أو ابن عمة فلا بد أن تكون تامة الستر، ولا يوجد خلوة، بل تصلي في البيت من دون خلوة بها.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 285. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 273 س: هل يجوز أن تصلي المرأة خارج منزلها، وإذا كانت في السفر مع رجال هل تصلي قاعدة (1)؟ ج: لا مانع أن تصلي في غير بيتها إن زارت قوما وحضرت الصلاة وهي عندهم تصلي عندهم أو في السفر تصلي قائمة في مكان بعيد من الرجال، أو مع التستر ولو بوجود بعض الرجال، المقصود أن عليها أن تصلي في الوقت كما شرع الله قائمة مع التستر والحجاب عن الرجال، وإذا كانت في بيت أحد مثل أن زارت أحد جيرانها، أو قراباتها تصلي عندهم إذا صادف الوقت. س: يسأل: كيف تؤدي المرأة صلاتها مع وجود رجال من غير المحارم، هل تؤديها واقفة (2)؟ ج: تؤديها واقفة متسترة وإن وجدت مكانا آخر تصلي فيه فهو أحسن وأطيب وأخشع لها، وإن لم يتيسر لها صلت في المكان ولكن مع التستر. س: سائلة تقول: هل يجوز للمرأة الصلاة خارج البيت وأمام بعض   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 216. (2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 346. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 274 الأقارب علما بأننا في الريف ولا يوجد لنا بيت، ولبسي محتشم والحمد لله (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، تصلي في الريف في خيام في الصحراء متسترة ولو رآها الناس ما دامت متسترة، الحمد لله.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 431. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 275 148 - حكم صلاة المرأة في ملابسها العادية س: تقول السائلة: هل أستطيع الصلاة دون لباس الصلاة (1)؟ ج: نعم، في ملابسها العادية إذا سترت قدميها، أما الوجه فمكشوف إذا كان ما عندها أجنبي، السنة كشف الوجه، أما الكفان فالأفضل سترهما، وإن لم تسترهما فلا حرج. س: هل لباس المرأة العادي يكفيها في أداء صلاتها (2)؟ ج: العادي من الساتر يكفي، إذا كان ساترا فإنه يكفي، إذا كان عليها غطاء للرأس خمار ساتر وعليها مدرعة ساترة لقدميها أو في قدميها   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 431 (2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 431. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 275 جوارب كفى، والحمد لله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 276 149 - حكم الصلاة في الشرشف الخفيف س: إحدى الأخوات تسأل وتقول: أرجو من سماحتكم إفادتنا هل يجوز لبس الشرشف للصلاة وهو خفيف (1)؟ ج: إذا كانت قد سترت بدنها بغير الشرشف فهذا لا بأس به، أما إذا كان الشرشف يستر أقدامها ويستر رأسها فلا بد أن يكون صفيقا يستر، أما إن كان الرأس مستورا والقدم مستورة، وهذا زود لا يضر - والحمد لله - أما إذا كان لا يحتاج إليه في ستر الرأس وستر القدمين فهذا لا بد أن يكون صفيقا.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 338. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 276 150 - حكم ظهور يد المرأة في الصلاة من غير قصد س: ما حكم ظهور يد المرأة أثناء الصلاة - أي الكف - من غير قصد (1)؟ ج: الصواب لا حرج في ذلك، إن سترتهما فأفضل، وإلا فلا حرج،   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم 338. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 276 أما الوجه فكشفه أفضل في الصلاة إلا إذا كان عندها أجنبي تستره. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 277 151 - حكم صلاة المرأة في الملابس الضيقة في بيتها س: إذا صلت المرأة في بيتها لوحدها فهل تصح صلاتها في الملابس الضيقة (1)؟ ج: إذا كانت ساترة العورة لا بأس، لكن الأفضل والسنة أن تكون ملابسها وسطا، لا ضيقة ولا واسعة جدا، ولكن بين ذلك، لكن لو صلت في ملابس ضيقة ولكنها ساترة لجميع بدنها إلا الوجه والكفين فإن الصلاة صحيحة، والأفضل ستر الكفين، فإن لم تسترهما فلا حرج في ذلك إن شاء الله، كالوجه إذا لم يكن عندها أجنبي، والخلاصة أن صلاتها صحيحة لكن ينبغي لها أن تعتاد اللبس الوسط الذي ليس بالضيق جدا، وليس بالواسع جدا، بل بين ذلك؛ لأن الضيق يبين حجم أعضائها ويبين حجم العورة فلا ينبغي للمرأة ولا يليق بها. س: تقول هذه السائلة: حفظكم الله يا سماحة الشيخ، ما الحكم في ملابس تكون ضيقة ومفتوحة في الصلاة، لكن هذه الأخت   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 192. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 277 المصلية تضع عليها غطاء كبيرا ومتينا (1)؟ ج: إذا كانت تستر نفسها بغطاء كفى، ولكن الأفضل أن تكون الملابس وسطا لا ضيقة ولا واسعة كثيرا، هذه السنة، وإذا جعلت اللحاف الذي يغطي بدنها كله كفى. س: هل تجوز الصلاة في جلباب ضيق ولكنه لا يشف أي إنه من قماش ليس خفيفا مع ارتداء الجورب والخمار (2)؟ ج: نعم الصلاة صحيحة، لكن مهما كان الجلباب واسعا يريح المرأة في صلاتها وتطمئن إلى أنه يستر قدميها هذا أولى وإلا فالمقصود هو الستر، متى ستر وإن كان ضيقا حصل المقصود.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 434. (2) السؤال السادس من الشريط رقم 98. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 278 152 - حكم الصلاة في الملابس التي فيها صور س: هل يجوز للمرأة أن تصلي في الثوب الذي يوجد به صور؟ نرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا (1)؟   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 228. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 278 ج: قد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم التصوير، وعلى لعن المصورين، ولما رأى عند عائشة رضي الله عنها سترا فيه تصاوير هتكه، وغضب عليه الصلاة والسلام وقال: «يا عائشة، إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (1)» فلا يجوز للمرأة أن تصلي في ثوب فيه تصاوير سواء كانت التصاوير لبني آدم أو لحيوانات أخرى، لكن لو صلت صحت الصلاة مع الإثم ولا تعيد الصلاة، لكن عليها التوبة إلى الله، ولا تتعود أن تصلي في ثوب فيه تصاوير لا في فنيلة ولا في قميص ولا في سراويل ولا في خمار، يجب ترك ذلك، وهكذا الرجل لا يصلي في ثوب فيه تصاوير ولا في فنيلة ولا في قميص، ولا غترة ولا سراويل ولا بشت، يجب ترك ذلك، لأن هذا أعظم من الستر الذي على الجدار، نسأل الله السلامة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب التجارة فيما يكره لبسه، برقم (2105)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، برقم (2107). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 279 س: ما حكم الصلاة بالملابس المطبوع عليها صور (1) ج: الصلاة في الملابس التي فيها صور من صور الحيوانات لا تجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى عند عائشة رضي الله عنها سترا فيه تصاوير غضب وهتكه، وقال: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (2)» ولما رأى صورا في جدار الكعبة محاها عليه الصلاة والسلام، وقد نهى عن الصور في البيت وقال لعلي: «لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته (3)» فالخلاصة أنه لا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة الصلاة في ثوب فيه تصاوير، ولا يجوز أيضا للمؤمنة أن تجعل لأولادها وأطفالها ملابس فيها تصاوير، كل هذا لا يجوز، وإذا أزيل الرأس كفى، وإذا جعل على الرأس رقعة أو خيط تخفيه فلا بأس، زال المحذور، فالحمد لله.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 97. (2) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب التجارة فيما يكره لبسه، برقم (2105)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، برقم (2107). (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر برقم 969. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 280 153 - حكم الصلاة في مكان فيه صور س: هل يجوز للمرأة أن تصلي عند صورة في كتاب أو صحيفة، وإذا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 280 طمستها بوضع شيء ما عليها أو أغلقت الكتاب الذي يحتوي على بعض الصور فهل تقبل الصلاة حينئذ؟ وهل يقبل الاستغفار والتسبيح (1)؟ ج: الصلاة في المحل الذي فيه صورة، أو عند كتاب فيه صورة، أو بساط فيه صورة، أو وسادة فيها صورة لا يضر، الصلاة صحيحة، فهو لا يضر بذلك، لكن إن كانت الصورة معلقة وجب إزالتها، أما إن كانت الصورة مما يمتهن كالوسادة والبساط فإنها لا تؤثر، ولا حرج في ذلك، وإنما يمنع المعلق الذي يمنع دخول الملائكة، ولا يجوز تعليق الصورة، أما ما كان في كتاب فمطموس؛ لأنه يسفط عليه الكتاب، يغلق عليه الكتاب فلا يبين، وإذا أزال المؤمن صورة الرأس زال المحظور بالكلية، فإذا قطع الرأس بالحبر حتى زال كله وطمس كله، أو من الصورة الذي إذا قطع أزيل بالكلية فلا بأس، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقطع رأس التمثال حتى يكون المصور كالشجرة بلا رأس.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 304. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 281 154 - حكم ظهور وجه المرأة في الصلاة س: هل يجب على المرأة عندما تضع الشرشف على رأسها وقت الصلاة أن تبين الجبهة؟ لأنهم يقولون: لا بد من ظهورها أثناء الصلاة، وجهونا بهذا (1)؟ ج: لا حرج، لكن الأفضل ظهور الوجه كله إذا كان ما عندها أحد، والسنة أن تكون مكشوفة الوجه، أما إذا كان عندها رجال فتستر وجهها كله، تستر على خمار والحمد لله.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 359. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 282 155 - حكم وضع العباءة على الكتفين في الصلاة س: تقول السائلة: سمعت من إحدى الأخوات في المصلى أن وضع العباءة على الكتفين حرام في الصلاة، ما صحة هذا القول (1)؟ ج: الذي يظهر أنه لا يجوز؛ لأن فيه تشبها بالرجال، فإما أن تلبس جلبابا وتصلي فيه، وإلا تصلي في العباءة، وهي على رأسها، وإلا تدع العباءة ويكون عليها جلباب يسترها، والحمد لله.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 384. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 282 156 - حكم صلاة المرأة بدون عباءة أو أي غطاء آخر س: هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي غير لابسة لعباءة أو أي غطاء آخر (1)؟ ج: لا بد من ستر عورتها بملابس ساترة تستر بدنها كله مع الرأس ما عدا الوجه، وكذا الكفان لو ظهرا لا يضر ظهورهما لكن سترهما أفضل، أما القدمان فلا بد من سترهما مع القدرة؛ لأن المرأة عورة فلا بد من هذا في حقها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (2)» والحائض يعني البالغ. إلا بخمار، والثوب الذي يوضع على الرأس، ويقال له: الشيلة، تستر به الرأس، أما الوجه فالسنة إبرازه، تصلي المرأة ووجهها ظاهر بارز غير مستور إلا إذا كان عندها أجنبي فإنها تستر وجهها، كأخي زوجها أو عم زوجها، أو غيرهما من الأجانب الذين ليسوا محارم، أما إذا كان ما عندها إلا النساء أو زوجها فإنها لا تستر وجهها، بل تكشف وجهها، والأفضل ستر الكفين أيضا، وإن كشفتهما فلا حرج على الصحيح، أما الرجلان فالواجب سترهما.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 229. (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عائشة - رضي الله عنها - برقم (24641)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء " لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار " رقم (377)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، برقم (655). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 283 157 - حكم صلاة المرأة بدون برقع س: هل يجوز لي أن أصلي متبرجة من البرقع فقط؟ وما حكمها إذا عرض رجل في أثناء الصلاة غير محرم (1)؟ ج: الواجب التستر وليس التبرج وإظهار المحاسن، فليس للمرأة أن تصلي وهي مظهرة محاسنها، بل عليها أن تستتر ما عدا الوجه لا بأس، ولو كان في الوجه كحل أو غيره من أنواع الزينة لا بأس، لكن عند الرجال تستره إذا كان هناك غير محرم، كأن يكون عندها غير محارمها فإنها تستر وجهها أيضا، وكذلك إذا خرج عليها إنسان تستر وجهها حسب الطاقة، إذا مر عليها وهي في الصلاة تستر وجهها، ولو ظهرت الكفان فلا بأس، لكن ستر الكفين أفضل وأحوط.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 133. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 284 158 - حكم لبس النقاب والصلاة به س: يسأل عن حكم النقاب إذ إني لاحظت أن بعض الناس يفتي بتحريمه، فما هو القول الصحيح في هذه المسألة؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 313. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 284 ج: القول الصحيح أنه لا بأس في النقاب بقدر العينين فقط، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نهى عنه المحرمة دل على حله لغير المحرمة، وإذا سترت وجهها بغير النقاب سترا كاملا كان أفضل وأكمل وأبعد عن الشبهة، وإلا فالنقاب المبسوط بقدر العينين فقط لا بأس به بنص الرسول صلى الله عليه وسلم. س: هل يجوز للمرأة أن تصلي بالنقاب أو البرقع عندما تصلي أم أنها تخلعه وتضع شيئا على وجهها كاملا وهي تصلي أمام الرجال (1)؟ ج: الواجب عليها ستر وجهها بخمار أو غيره إذا كان عندها أجنبي ليس محرما لها، تصلي مع ستر الوجه بخمار أو نقاب أو غيرهما، وأما إذا كان ما عندها أحد فالسنة أن تكشف وجهها.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 373. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 285 159 - حكم صلاة المرأة بثوب الرجل س: المستمع ص. م. هـ. يقول: في قريتنا النساء يصلين بثوب الرجل، فهل يجوز للمرأة أن تصلي بثوب الرجل؟ وهل هذا من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 285 التشبه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: ليس للمرأة أن تصلي بثوب الرجل، ولا أن تلبسه لأي حاجة لأن هذا من التشبه بالرجال، ولا يجوز لها ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله المرأة تلبس لبسة الرجل، ولعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة (2)» كل منهما حرام عليه التشبه بالآخر، فعليها أن تعمل أعمالها في لباسها، ولا تلبس لباس الرجل لا في الصلاة ولا في غيرها.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 443. (2) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب في لباس النساء برقم (4098). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 286 160 - صلاة المرأة في ثوب الحرير س: السائل ع. م. من اليمن يقول: هل يجوز للمرأة أن تصلي بثوب من حرير (1)؟ ج: الحرير مباح للنساء، الذهب والحرير مباح للنساء ومحرم على الرجال، فلا بأس أن تصلي في ثوب من حرير إذا كان ساترا لها، لا حرج في ذلك؛ لأنه يجوز لها لبس الحرير، فإذا كان لديها ملابس من   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 419. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 286 الحرير ساترة فلا بأس. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 287 161 - حكم صلاة المرأة المتزينة بالذهب والملابس الجميلة س: هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي متزينة بالذهب والمكياج (1)؟ ج: نعم، لها أن تصلي وهي متزينة بالذهب والملابس الجميلة والمكياج إذا كان المكياج نظيفا طاهرا ليس به نجاسة فلا حرج بذلك، لنا أن تصلي مع الخشوع ومع الإقبال على الله عز وجل، الله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) المؤمن مشروع له أن يصلي بزينته في المساجد في الملابس الحسنة، والعمامة الحسنة، وهكذا المرأة إذا صلت في ملابس جميلة لا حرج إذا كانت مستورة عن الرجال الأجانب، ما عندها رجال أجانب فلا حرج أن تصلي به، والمكياج زينة للوجه وجمال للوجه إذا كان لا يضره، إذا مسحت وجهها بشيء يزينه ولكنه لا يضره فلا بأس.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 252. (2) سورة الأعراف الآية 31 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 287 162 - حكم صلاة المرأة بحلي فيها صور أو صليب س: هل يجوز للمرأة المسلمة أن تصلي في الحلي بمعنى الذهب الذي يحمل صورا لذوات الأرواح (1)؟ ج: لا يجوز لها لبسها حتى لو ما صلت فيها، ليس لها لبس الحلي التي فيها الصور، يجب عليها أن تعمل ما يزيلها، يزيل الرأس إما بحك وإلا بشيء يجعل عليه، وجعل تحويلة تزيل الرأس أو ما أشبه ذلك، المقصود لا بد من إزالة الرأس، أو الصورة كلها، ولا يجوز لها أن تلبس ما فيه صور، لا من الملابس ولا من الحلي، ولكن الصلاة صحيحة لو صلت فيها، صحت الصلاة مع الإثم، كذلك لا يجوز لها لبس الصليب، الرسول كان إذا وجد صليبا نقضه وأزاله؛ لأنه تشبه بالنصارى، فليس لها أن تصلي في الصليب، ولا في غير الصليب من الصور، والصلاة صحيحة لكن تأثم، يأثم الرجل، وتأثم المرأة إذا صلت في ثياب فيها الصليب أو خمار أو عمامة فيها الصليب. س: السائلة د. ع. من اليمن تقول: ما حكم لبس الخاتم الذي يوجد   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 398. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 288 عليه ثعبان؟ وهل تجوز الصلاة فيه؟ وجهونا بذلك (1)؟ ج: لا يجوز لبسه ولا تجوز الصلاة فيه إلا إذا قطع رأسه، رأس الثعبان يقطع، يحك حتى يزول الرأس ولا يجوز لبسه سواء كان خاتما أو حلية في الحلق أو غيره، ثعبان أو طير أو حيوان آخر حتى يقطع الرأس، وإلا فالواجب عدم لبسه، لكن الصلاة صحيحة على الصحيح، ولكن لا يجوز استعماله ولو في غير الصلاة، لبس الخاتم فيه صورة ثعبان أو غيره حرام، أو قميص أو غير ذلك لا يجوز حتى يقطع الرأس.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 371. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 289 163 - حكم لبس السلاسل والخواتم من النحاس والحديد في الصلاة س: تقول السائلة: هل صحيح أنه لا تجوز الصلاة بخواتم وسلاسل النحاس؟ أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيرا (1) ج: ليس بصحيح، ولا حرج في الصلاة بخواتم الذهب في حق المرأة، وخاتم الفضة في حق الجميع، وخاتم الحديد في حق الجميع، لا حرج في ذلك، والحديث الذي في تحريم هذا حديث ضعيف شاذ   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 285. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 289 مخالف للأحاديث الصحيحة، وقال عليه الصلاة والسلام للذي أراد الزواج وليس عنده شيء، قال له: «التمس ولو خاتما من حديد (1)» رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، فدل على جواز لبس الخاتم من الحديد، وأما الحديث الذي فيه أنه رأى على إنسان خاتما من حديد فقال: «ما لي أرى عليك حلية أهل النار؟، ورأى آخر عليه خاتم من صفر قال: ما لي أجد منك ريح الأصنام؟ (2)» فهو حديث ضعيف شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة. س: سائلة تقول: سمعت أن الصلاة لا تجوز والمرأة تلبس خواتم وسلاسل من النحاس، هل هذا القول صحيح أم لا (3)؟   (1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي، برقم (5135)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد، برقم (1425). (2) أخرجه الترمذي في كتاب اللباس، باب ما جاء في الخاتم الحديد، برقم (1785)، وأبو داود أول كتاب الخاتم، باب ما جاء في خاتم الحديد، برقم (4223)، والنسائي في المجتبى في كتاب الزينة مقدار ما يجعل في الخاتم من الفضة، برقم (5195)، واللفظ للترمذي. (3) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 284. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 290 ج: ليس بصحيح، ولا حرج أن تصلي وعليها حلي من الذهب والفضة أو سلاسل من معدن أو غيره، لا حرج في ذلك ولو من النحاس. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 291 164 - حكم صلاة المرأة المتطيبة س: تقول: هل يجوز أن أصلي وأنا متطيبة بالطيب؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم، الصلاة بالطيب لا بأس بها، بل الطيب مشروع للمؤمن والمؤمنة، لكن المؤمنة تتطيب في بيتها وعند زوجها، وليس لها أن تتطيب عند الخروج للأسواق، ولا إلى المساجد، أما المؤمن فيتطيب في بيته وفي أسواقه وفي المسجد، الطيب مطلوب ومن سنة المرسلين، فإذا صلت المرأة في بيتها متطيبة بدهن العود أو الورد أو العنبر ونحو ذلك كله طيب، لا شيء في ذلك ولا حرج في ذلك، بل هو مطلوب، لكن لا تخرج بالطيب الذي يجد الناس رائحته، لا تخرج به إلى الأسواق ولا إلى المساجد، لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 276. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 291 165 - حكم صلاة العمال في ملابس عملهم ونصيحتهم س: نطلب من سماحة الشيخ نصيحة للعمال والصناع والمزارعين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 291 ومن ماثلهم فيما يخص ارتداء ملابسهم عند أداء الصلاة، ذلك بأنه يلاحظ أن كثيرا منهم لا يبالي بملابسه، ويعود إلى الصلاة أكثر من مرة وهو في بدلة واحدة وعليها آثار العرق وغبرة واضحة، فما هو رأي سماحتكم وما هو توجيهكم (1)؟ ج: الذي أنصح به إخواني العمال والمزارعين وغيرهم أن يتقوا الله في العناية بالصلاة، وحفظ أوقاتها والخشوع فيها، وإكمال أدائها وستر العورة فيها، بأن يصلي وعليه إزار أو قميص، أو إزار ومعه الرداء أو سراويل فوقها قميص أو الرداء، لا يصلي مكشوف الكتفين، بل السنة أن يستر كتفيه، وقد أوجب هذا جمع من أهل العلم، فينبغي للمؤمن أن يستر الكتفين أو أحدهما في الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء (2)» يعني مع الإزار أو مع السراويل، وإذا تيسر أن يكون بأحسن صورة فهو أفضل، لقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (3) فالسنة أن يصلي في   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 131. (2) صحيح البخاري الصلاة (360)، صحيح مسلم الصلاة (516)، سنن النسائي القبلة (769)، سنن أبو داود الصلاة (626)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 464)، سنن الدارمي الصلاة (1371). (3) سورة الأعراف الآية 31 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 292 هيئة حسنة وفي لباس حسن حسب الطاقة والإمكان، أما كونه يعرق في الثياب أو كونها وسخة أو كونها قديمة هذا لا يضر، ولكن الأفضل أن تكون حسنة وجميلة إذا تيسر ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال (1)» ولما تقدم من الآية: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) ولكن لا حرج أن يصلي في ثوب فيه عرق أو فيه وساخة ليست نجاسة أو ثوب قديم يستر العورة، كل هذا لا حرج فيه - والحمد لله - أما إذا كان له رائحة فيكره ذلك، ينبغي أن يستعمل الطيب أو يستعمل الثياب النظيفة التي ليس فيها رائحة كريهة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يحضر المسجد من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا، ويلحق بذلك كل من له رائحة خبيثة كرائحة الدخان أو رائحة الصنان من الإبط، كل هذا ينبغي له الحذر منه والعلاج، يعالج إبطيه حتى يزول ما فيها من الرائحة الكريهة، ويبتعد عن المجيء للصلاة برائحة الدخان أو البصل أو الثوم أو الكراث أو غير هذا، من كل ما له رائحة كريهة لأنها تؤذي المصلين، ينبغي للمؤمن إذا أتى الصلاة أن يأتيها برائحة   (1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة، برقم (91). (2) سورة الأعراف الآية 31 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 293 طيبة بعيدا عن الرائحة الكريهة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 294 166 - حكم الصلاة في ثوب نجس س: ما حكم الصلاة في ثوب فيه نجاسة مع علمي بذلك، هل تصح صلاتي في مثل هذه الحالة (1)؟ ج: لا يجوز أن يصلى في ثوب فيه نجاسة، لا بد أن يزيل النجاسة بالغسل أو بغيره يزيل النجاسة، أما لو صلى ناسيا أو جاهلا ولم يعلم إلا بعد الصلاة فالصلاة صحيحة. س: السائل ع. خ. صليت المغرب والعشاء ولم تكن ثيابي طاهرة، هل علي الإعادة في مثل هذه الحالة (2)؟ ج: إذا كنت تعلم أنها نجسة فعليك الإعادة، أما إذا كنت لا تعلم إلا بعد الصلاة لجهل أو نسيان فالصلاة صحيحة، أما إن كنت حين صليت فيها تعلم أنها نجسة فإن الصلاة غير صحيحة، أما لو كنت لا تعلم إلا بعد الصلاة، أخبرت بعد الصلاة أو ذكرت بعد الصلاة فالصلاة صحيحة.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 366. (2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 393. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 294 167 - حكم صلاة المرء في ثوب نجس ناسيا أو جاهلا س: إذا صلى المسلم بثوب أو قميص نجس ناسيا، فما حكم صلاته هذه من حيث الإعادة وعدمها (1)؟ ج: إذا صلى المسلم أو المسلمة في ثوب فيه نجاسة سواء كان ثوبا أو سراويل أو قميصا أو إزارا أو كان فنيلة أو غير ذلك ولم يذكر إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة على الصحيح، وهكذا لو صلى بثوب نجس ثم لم يعلم بذلك إلا بعد الصلاة فإن جهله عذر كالنسيان، فإذا صلى بثوب نجس ناسيا أو جاهلا حتى فرغ من صلاته فإن صلاته صحيحة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في نعل فيها قذر، فنبهه جبرائيل على ذلك فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، بل استمر في صلاته، فدل ذلك على أن أولها صحيح، هكذا الذي لم يعلم إلا بعد فراغه منها، صلاته صحيحة لهذا الحديث، حديث أنه صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه وفيهما قذر، فنبهه جبرائيل على ذلك، فخلعهما ثم استمر في صلاته، فدل ذلك على أن أولها صحيح بسبب الجهل، فهكذا الناس، وهكذا من فرغ منها وكملها ناسيا أو جاهلا بالنجاسة   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 39. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 295 التي في ثوبه أو في نعله فإن صلاته صحيحة، لكن لو ذكرت في أثناء الصلاة فخلع أجزأت كما خلع النبي نعليه واستمر في صلاته، فلو صار في بشته نجاسة أو في غترته نجاسة أو في إزاره نجاسة فخلعه وعليه ثوب يستر عورته أو سراويله، فخلع في الحال أجزأته صلاته. أما إذا كان عالما بالنجاسة قبل الصلاة ثم نسي فتصح صلاته، أما لو تعمد الصلاة بطلت صلاته. س: الأخوان لهما هذا السؤال: إذا اكتشف الإنسان أن في ملابسه شيئا من النجاسة وقد صلى به بعض الفروض، فهل تبطل تلك الصلوات (1)؟ ج: إذا صلى وهو جاهل بالنجاسة أو ناسيا لها فليس عليه شيء إذا فرغ من الصلاة وقد وجد في ثوبه نجاسة فإن صلاته صحيحة سواء كان ناسيا لها، قد علمها قبل ثم نسي، أو كان جاهلا لها بالكلية، فإن الصواب أن صلاته صحيحة وليس عليه إعادة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذات يوم صلى في نعليه فنبهه جبرائيل أن فيهما قذرا، فخلعهما ولم يستأنف بل أكمل صلاته عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 158. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 296 على أن من صلى في شيء فيه نجاسة ولم يعلم فإن صلاته صحيحة، ولكن متى علم يخلع، وإذا علم وهو في الصلاة كالنعال خلعهما، أو كالغترة والعمامة يخلعها، أو بشت يخلعه وهو في الصلاة ولا يضره، أما إن كان لا يمكن خلعه لأنه ليس عليه إلا ثوب واحد يستر عورته وبان فيه نجاسة، فإنه يقطع الصلاة لأجل إزالة النجاسة بالغسل أو بإبدال الثوب. س: الأخت ن. ز. ح. م. تقول: إن صلى المرء فرضين ثم اكتشف أن ملابسه بها نجاسة وهو لا يعلم بها، هل يعيد الصلاة أم ماذا يفعل (1)؟ ج: الصواب أنه لا يعيد ما دام لم يعلم إلا بعد الفراغ من الصلاة، سواء كان ناسيا أو جاهلا فصلاته صحيحة، ومن أدلة ذلك أنه صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه وفيهما قذر، فأخبره جبرائيل بأن بهما قذرا فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، ومن أدلة ذلك قوله جل وعلا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (2) يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 413. (2) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 297 قال: قد فعلت (1)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، برقم (126). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 298 168 - حكم من علم بالنجاسة وهو يصلي س: إذا تبين لي أثناء أداء الصلاة نجاسة في الثوب، فهل أكمل الصلاة أم أقطعها، وهل دم الإنسان ودم الحيوان نجس (1)؟ ج: إذا علمت بالنجاسة وأنت في الصلاة في ثوبك هذا فيه تفصيل: إن كان بالإمكان طرح الثوب الذي فيه النجاسة كالعمامة وغترة وثوبين، عليك ثوبان والنجاسة في الأعلى تخلع ذلك ولا حرج ويكفي، أو في البشت تخلعه، أما إذا كان لا يمكن ذلك لأن النجاسة في الثوب الأسفل أو في السراويل ولا يمكن خلعه فإنك تقطعها، وتغسل النجاسة وتعيد الصلاة، أو تبدله بثوب طاهر وتعيد الصلاة، أما إذا كان بالإمكان خلع الثوب الذي فيه نجاسة فلا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي ذات يوم في نعليه فأخبره جبرائيل أن فيهما قذرا، فخلعهما واستمر في صلاته عليه الصلاة والسلام، خلعهما واستمر،   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 289. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 298 ولم يعد أولها، فدل ذلك على أنه إذا أمكن الخلع كالغترة أو البشت أو الثوب الأعلى من الثوبين وكان الثوب الذي تحته ساترا فإنه يخلع ذلك ويكفي، وإلا فعليه أن يقطع الصلاة ويبدل الثوب بثوب طاهر، أو يغسل النجاسة، والدم كله نجس دم الحيوانات ودم بني آدم كله نجس إذا كان مسفوحا، أما إذا كان شيئا يسيرا، نقط يسيرة أصابت الإنسان من ذبيحة أو من إنسان يعفى عنه في الصحيح عند أهل العلم، أو كان الدم ليس من المسفوح، مما قد يقع في اللحوم بأن حمل لحما، وأصابه من اللحم شيء من آثار الدم الذي يكون في اللحم، هذا لا يضر هذا محكوم بطهارته، الدم الذي يكون في اللحوم غير الدم الذي يسفح من عند العنق عند الذبح، فالمقصود أن الدم الذي يكون في اللحوم، هذا يعفى عنه، وهكذا النقط اليسيرة، شيء يسير يعفى عنه من الدم الذي يصيب الإنسان من جرح فيه أو جرح في حيوان. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 299 169 - حكم من أدركته الصلاة وعنده ثوبان أحدهما نجس ولا يعلم الطاهر منهما س: تقول أختنا: رجل في سفر أدركته الصلاة، وكان لديه ثوبان أحدهما أصابته نجاسة ولكنه لا يعلم أي الثوبين، فصلى في واحد ثم صلى في الآخر، هل صلاته حينئذ صحيحة، وماذا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 299 عليه أن يفعل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: صلاته صحيحة، وقد احتاط فإذا كانت النجاسة في أحدهما وصلى مرة في هذا ومرة في هذا فقد احتاط، وإن تحرى وصلى في أحدهما يغلب على ظنه أنه الطاهر كفى والحمد لله.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 338 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 300 170 - حكم من صلى ثم وجد معه منديلا فيه دم س: إنسان صلى جماعة، فما خرج من المسجد وجد معه منديلا فيه دم من بشرته، فقذفه ورجع يعيد الصلاة، فوجد جماعة فصلى معهم، هل إذا حصل مثل هذا عليه إعادة الصلاة أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا، ولكم منا جزيل الشكر (1) ج: إذا الإنسان - رجلا كان أو امرأة - صلى ثم بعد الفراغ وجد في منديله دما أو في ثوبه دما أو في سراويله دما أو غير ذلك من النجاسات، فإن الصواب أنه لا يعيد الصلاة، صلاته تجزئ وتصح، هذا هو الصواب من أقوال العلماء أنه لا إعادة عليه وصلاته صحيحة، وإن   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 13. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 300 كان قد علم ذلك سابقا ثم نسيه حتى صلى كذلك صلاته صحيحة وعليه أن يبادر بغسل ذلك وتنظيف ثوبه من ذلك، والحجة في ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وعليه نعلان، فأخبره جبرائيل أن فيهما أذى، فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، فدل ذلك على أنه لو كملها ما أعاد، المقصود أن من كان في ثوبه نجاسة ما علم بها حتى فرغ من صلاته، أو في سراويله أو في إزاره أو في عمامته أو في منديله أو في خفه ونعله، ولم يعلم حتى فرغ فصلاته صحيحة. هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم، ولا إعادة عليه، لكن هنا شيء آخر قد يظنه بعض الناس مثل هذا، هو إذا صلى يحسب أنه متوضئ أو يحسب أنه قد تطهر من الجنابة ثم بان أن عليه جنابة أو أنه ما توضأ، هذا يعيد بإجماع المسلمين، هذا عليه أن يعيد؛ لأنه صلى بغير طهارة من الحدث، هذا ما هو من جنس النجاسة، هذا إذا صلى مثلا يحسب أنه على وضوء أو يحسب أنه قد اغتسل من الجنابة، ثم لما صلى ذكر أنه عليه جنابة أو أنه ما توضأ، فهذا عليه أن يتوضأ، أو أن يغتسل من الجنابة إذا كانت عليه جنابة، ثم يعيد صلاته، وإن كان إماما ولم يدر إلا بعد الصلاة فإنه يعيد هو، أما المأمومون فلا يعيدون إذا كان ما انتبه إلا بعد الصلاة، هذه المسألة قد تخفى على بعض الناس، وقد تشتبه بصفة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 301 النجاسة والحكم يختلف. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 302 171 - حكم من صلى ثم اكتشف في ملابسه نجاسة س: الطالب ع. م. ط، يسأل ويقول: إذا اكتشفت أن في بعض ملابسي شيئا من النجاسة، فهل أعيد ما صليت في تلك الملابس (1)؟ ج: لا تلزمك الإعادة، إذا وجد الإنسان في ثيابه أو في سراويله أو نحو ذلك نجاسة بعد الصلاة فإنه لا يعيدها، وهكذا لو كان يعلم، ثم نسي حتى فرغ من الصلاة لا يعيد على الصحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض صلواته نبهه جبرائيل قال: إن في نعليك قذرا، فخلعهما عليه الصلاة والسلام، ولم يعد أول الصلاة، فدل ذلك على أنه لا تعاد إذا صلاها وهو جاهل أو ناس ولم يعلم إلا بعد الفراغ، فإنه لا يعيد، هذا هو الصواب، وإذا سلم ثم علم أن في إزاره أو سراويله أو بشته نجاسة ولم يعلم إلا بعد الفراغ فإن صلاته صحيحة هذا هو الصواب بخلاف الحدث، أما الحدث فيعيد، لو صلى يظن أنه على طهارة، ثم لما فرغ علم أنه ليس على طهارة؛ لأنه قد أحدث ريحا أو   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 19. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 302 بولا أو غير ذلك فإنه يعيد الصلاة عند أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (1)» فلا تقبل الصلاة إلا بطهارة، أما النجاسة التي في الثوب فلها حكم آخر، نجاسة في الثوب أو في البشت أو في النعل ونحو ذلك إذا لم يعلم إلا بعد الصلاة صلاته صحيحة، هذا هو المعتمد، هذا هو الصواب.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 303 172 - حكم من صلى في ثوب نجس ناسيا س: صليت وملابسي الداخلية على غير طهارة وكنت ناسيا، هل أعيد ما صليت (1)؟ ج: إذا صلى المسلم وفي ثيابه نجاسة، ولم يذكر إلا بعد الصلاة، أو لم يعلم إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة على الصحيح، ومعذور بالجهل والنسيان إذا انتهت صلاته قبل أن يعلم؛ لقول الله سبحانه: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (2) ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل الصلاة يوما وفي نعليه قذر، فأخبره جبرائيل في أثناء   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 201. (2) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 303 الصلاة أن بهما قذرا، فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، بل استمر في صلاته؛ لأنه جاهل بذلك القذر، وهكذا من دخل في صلاته وفي ملابسه شيء من النجاسة، ولم يعلم أو لم يذكر إلا بعد الفراغ فإن صلاته صحيحة في أصح قولي العلماء. س: رجل صلى بثوبه وبه نجاسة عدة فروض ولم ينتبه إلا في اليوم الثاني، هل يعيد ما صلاه سابقا (1)؟ ج: إذا كان ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ليس عليه إعادة، النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعله وبهما أذى، فأخبره جبرائيل أن بهما أذى فخلعهما ولم يعد أول الصلاة؛ لأنه جاهل بذلك حتى أخبره جبرائيل، فالمقصود أنه إذا صلى الإنسان في ثوب نجس أو سروال أو فنيلة ولم يذكر إلا بعد الصلاة أو لم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، قال الله: قد فعلت. والحمد لله.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 367. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 304 س: يسأل ويقول: إذا صلى إنسان ولاحظ أن في بعض ملابسه بقعا غير طاهرة، فما حكم تلك الصلاة (1)؟ ج: إذا كان عرف ذلك بعد الصلاة فصلاته صحيحة، أما إذا كان عرف هذا في الصلاة فهذا إذا كان يمكن خلعه خلعه، الغترة أو البشت والنعال يخلعه ويكمل صلاته، أما إذا كانت في ملبس هو الذي يغطي العورة كالسراويل ما عليه غيره، أو ثوب ما عليه غيره يغطي العورة، فإنه يقطع الصلاة ويذهب يغير، يلبس ثوبا طاهرا، أو يغسل النجاسة، أما إذا كان ما ذكر إلا بعد الصلاة فهذا صلاته صحيحة في الثوب الذي فيه نجاسة، أو في بدنه نجاسة، ما ذكرها إلا بعد الصلاة، أو ما علم بها إلا بعد الصلاة.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 258. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 305 173 - حكم من صلى وفي ثوبه نقط دم من حيوان مأكول اللحم س: لقد وقع على ثوبي نقط دم من كبد الإبل وأنا أقطعها ولا أعلم بذلك إلا من بعد ما رأيتها، وقد صليت في ثوبي الظهر والعصر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 305 والمغرب، فهل أقضيها أم لا؟ جزاكم الله عني خير الجزاء (1)؟ ج: لا قضاء، ما أصاب الثوب من نقط الدم ولم تعلم بها إلا بعد الصلاة فلا إعادة على الصحيح، إذا نسي الإنسان النجاسة أو جهلها في ثوبه ولم يعلم إلا بعد الصلاة فلا قضاء عليه على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذات يوم يصلي وفي نعليه أذى، فأخبره جبرائيل عليه الصلاة والسلام، بأن فيهما قذرا، فخلعهما ولم يعد أول الصلاة عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن الصلاة لا تعاد إذا كان هناك نجاسة في نعل أو في ثوب ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، لكن الحدث الأصغر أو الأكبر غير ذلك، إذا كان مثلا صلى يظنه على طهارة، ثم بان أنه على غير طهارة هذا يعيد على كل حال عند جميع أهل العلم، إذا صلى الرجل أو صلت المرأة تظن أنها على طهارة، ثم ذكر أو ذكرت أنها حين صلت ليست على طهارة قد خرج منها بول أو ريح، هذا تعيد الصلاة عند جميع أهل العلم ليس مثل النجاسة كالدم وغيره.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 32. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 306 والأقرب أن الدم الواقع من كبد الإبل لا يعتبر نجسا، الأقرب والله أعلم أنه ما يعد نجسا ما دام في الكبد في شيء يتعلق باللحم ما يعد إلا طاهرا، هذا هو الأقرب، ما يكون في أثناء اللحم بعد الذبح في البطن في الكبد في الأمعاء في أشباه ذلك، المقصود أن الدم الذي يبقى في اللحوم وفي العروق ما يضر، إنما الذي ينجس ويضر المسفوح الذي عند الذبح، لكن على كل حال لو فرضنا أن فيها نجاسات، لقيت دما آخر يسمى نجسا من الدم المسفوح أو من نجاسات أخرى من بول أو غيره لم تعلم فيه إلا بعد الصلاة فلا إعادة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 307 174 - حكم من صلى وفي ثوبه دم بسيط س: ما حكم الصلاة للذي في ثوبه دم بسيط، هل تبطل الصلاة إذا كان يعلم بذلك (1)؟ ج: الدم اليسير يعفى عنه، أما إن كان كثيرا عرفا فإنه لا يعفى عنه، فإن صلى وهو يعلم أن في ثوبه أو بدنه دما كثيرا فصلاته غير صحيحة، أما الدم اليسير يعفى عنه، وهكذا لو كان كثيرا لكنه نسيه أو جهله،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 302. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 307 وصلى ولم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة، وهكذا لو كانت نجاسة أخرى كبول في بعض ثوبه أو في بعض بدنه نسيه حتى صلى فصلاته صحيحة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 308 175 - حكم صلاة المريض في ملابسه وفرشه النجسة س: مريض يصلي ولا يزال يصلي بثيابه وملابسه وفرشه غير طاهر لعدم استطاعته الطهارة عند محل الصلاة، أفتونا مأجورين عما يجب عليه (1) ج: الواجب عليه أن يطهر ثيابه ومحل صلاته كل وقت، فإن لم يستطع صلى حسب حاله إذا ما عنده أحد يطهرها له، ولا يستطيع هو، فالله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) يصلي على حسب حاله، والتيمم يجوز له إذا كان عاجزا عن الماء، إذا كان لا يستطيع أن يستعمل الماء، حيث يضره الماء فإنه يتيمم ويكفي، والحمد لله.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 334. (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 308 176 - بيان أن الأصل في الملابس والأرض والفرش الطهارة س: المرسلة ح. ع. خ، تسأل وتقول: إذا ذهبنا إلى أحد أقاربنا وحان وقت الصلاة فإننا نصلي عندهم بثياب خاصة للصلاة، وقد نصلي ونحن كارهون هذه الثياب لأننا نشك في طهارتها، والله أعلم بطهارة الأرض أيضا التي نمشي عليها، ونحن نصلي فيها كذلك هل صلاتنا صحيحة أم لا؟ وإذا كان علينا الإعادة إذا عدنا للمنزل فإننا نصلي أحيانا أكثر من وقت عندهم، جزاكم الله خيرا (1) ج: الأصل في الثياب والأرض وفي كل شيء الأصل فيه الطهارة إلا ما علمت بنجاسته، فإذا كانت الثياب التي صليتم فيها لا تعلمون بنجاستها فالصلاة صحيحة، والشك لا يعتبر ولا يلتفت إليه، وهكذا الأرض الأصل فيها الطهارة، فإذا كنتم لا تعلمون نجاستها فالأصل الطهارة، وليس عليكم الإعادة - والحمد لله - هذا من الشيطان. س: عندما أذهب إلى أحد أقاربي ويحين وقت الصلاة، ويقدمون ثيابا خاصة للصلاة، وأصلي بها وأنا كارهة؛ لأنني أرى الصغير   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 282. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 309 والكبير يصلي فيها، وتوضع في الأرض ويكون في هذه الغرفة أطفال، فهل صلاتي صحيحة أم يجب علي إعادتها عندما أعود إلى منزلي؟ مع العلم أنني أجلس أحيانا أكثر من وقت هناك، أفتونا جزاكم الله خيرا وعن جميع المسلمين (1) ج: الأصل - أيها الأخت في الله - الطهارة، فإذا قدم لك أهل البيت ثوبا للصلاة فيها فالأصل الطهارة والحمد لله، ودعي عنك الوساوس والظنون السيئة، وإذا كانت ملابسك كافية صلي في ملابسك، إذا كانت ملابسك التي عندك كافية صلي فيها، وإن كانت غير كافية وقدموا لك جلالا تلبسينه أو سجادة تصلين عليها فلا حرج في ذلك، والأصل الطهارة والحمد لله، فدعي عنك الوساوس والظن السيئ، فإذا كنت قد لاحظت ريبة فاسألي: هذا سليم وهذا طاهر؟ ما فيه بأس. س: هل لنا أن نصلي على فرش المنازل دون أن يكون هناك سجاد مثلا مخصص للصلاة (2)؟ ج: نعم، لا حرج في الصلاة على الفرش في البيوت ما لم يعلم أنها   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم 269. (2) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 330. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 310 نجسة، فإذا كانت لا تعلم حالها فلا حرج في الصلاة عليها، في مجلس أو في مكتب أو في غير ذلك إلا إذا علم المصلي أنها نجسة، فلا يصلي عليها، بل يضع عليها فراشا أو سجادة طاهرة يصلي عليها، أما إذا كان الضيف لا يعلم حالها فالأصل الطهارة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 311 177 - حكم الصلاة على السجاد الذي عليه رسوم وصور س: رسالة من ع. ع. أ. يقول: ما حكم الصلاة على السجادة المعتاد الصلاة عليها والمرسوم عليها بعض المساجد، إذ إني سمعت أن الصلاة بها لا تجوز؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الصلاة على السجادة صحيحة ولو كان عليها رسم مسجد أو أي رسم، الصلاة صحيحة، لكن يشرع للمصلي أن تكون سجادته بعيدة عن النقوش التي فيها صور مسجد وغيره حتى لا تشوش عليه صلاته، تكون السجادة سادة ليس فيها شيء، هذا هو الذي ينبغي، هذا هو الأحوط للمؤمن، ولهذا «لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خميص لها أعلام، بعدما سلم بعث بها إلى أبي الجهم، وقال: إن   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 346. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 311 أعلامها شغلتني عن صلاتي (1)» فالمقصود أن المؤمن يتحرى في صلاته الملابس السليمة، والسجادة السليمة تكون بعيدة عن الإشغال ليس فيها نقوش، ولا ما يشغله. س: هل الصلاة تجوز على بسط أو سجاد مرسوم عليها صور حيوانات أو إنسان أو نبات أو غير ذلك (2)؟ ج: نعم تصح الصلاة لأنها ممتهنة، لكن تركها أولى، كونه يلتمس سجادة أو بساطا ما فيه صور ولا نقوش يكون أفضل حتى لا يتشوش؛ لأن النقوش والصور قد تشوش عليه صلاته أو فكره قد يشتغل بها بعض الشيء، فإذا كان هناك فراش ليس فيه نقوش ولا صور يكون أفضل.   (1) أخرجه البخاري كتاب الصلاة، باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها، برقم (373). (2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 217. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 312 178 - حكم الصلاة على فراش من القطن أو الصوف أو الوبر س: الأخ ش. ع. ب. من العراق يسأل ويقول: هل صحيح ما قرأت في كتب الفتاوى بأن القطن والصوف والسجاد لا تجوز الصلاة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 312 عليها، وأن الصلاة تجوز على الأرض وما زرع عليها؟ ويقولون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي على حصير ولم يصل على عباءته أو شيء مصنوع من الصوف والقطن (1) ج: الصواب في هذا أنه لا حرج في ذلك، وأنه لا بأس بالصلاة على فرش من القطن والصوف والوبر، هكذا إن كان من سعف النخل وغير ذلك، كل هذا لا حرج فيه عند أهل العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على الخمرة وهي من سعف النخل، وقد صلى الصحابة على الأنماط من القطن وغيرها، وليس في هذا محظور بحمد الله عند أهل العلم، عند علماء السنة، كل ذلك جائز والحمد لله، يصلي الإنسان على القطن والصوف وعلى ما نبت من الأرض من سائر الشجر، من سعف النخل وغيره، كله بحمد الله جائز والأمر واسع.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 196. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 313 179 - حكم الصلاة على فراش نجس إذا وضع عليه فراش طاهر س: السائلة أ. ن. من دمشق في سؤالها: أصاب فراشي نجاسة ثم جفت، وكنت مريضة، فاضطررت للصلاة قاعدة عليها، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 313 ولكني مددت فوقها فراشا طاهرا، فهل صلاتي صحيحة، وإذا لم تكن كذلك فهل علي الإعادة لصلواتي الفائتة وهي كثيرة (1)؟ ج: ليس عليك إعادة ما دام وضعت عليه ملاءة طاهرة على محل النجاسة وصليت، فالحمد لله ليس عليك إعادة.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 386. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 314 180 - حكم حمل الطفل في الصلاة وعليه نجاسة س: تقول أختنا: أحيانا أقوم بحمل طفلتي أثناء الصلاة لبكائها الشديد، ويكون عليها الحفاظ وقد أحدثت به، فما حكم صلاتي وحملي لها أثناء الصلاة والحال ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان فيها أذى لا تحمليها، إذا كان الحفاظ فيها أذى لا تحمليها، أما إذا كان نظيفا لا بأس، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى وهو حامل أمامة بنت زينب بنت بنته يصلي بها والناس ينظرون، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها عليه الصلاة والسلام، فقد حمل العلماء ذلك على أنها كانت نظيفة طاهرة، فالأحوط لك أن لا   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 364. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 314 تفعليها إلا إذا كنت تعرفين أنها طاهرة، هذا هو الأحوط ولا تحمليها وهي فيها نجاسة، أما حكم الصلاة التي صليتها وحالها كما ذكرت فنرجو أن لا إعادة عليها إن شاء الله، نرجو أن لا إعادة عليها لكن في المستقبل تحتاط. س: من أسئلة هذه السائلة س. م. من جدة تقول: سماحة الشيخ، ما حكم حمل الطفل أثناء الصلاة أو الطواف وهو لابس حفاظة وفيها نجاسة لكنها لم تتعد إلى الملابس الخارجية؟ وجزاكم الله خيرا (1) ج: النبي صلى بأمامة بنت زينب وهو يصلي بالناس عليه الصلاة والسلام، فإذا حمل الطفل في الصلاة عند الحاجة أو في الطواف لا حرج، والطفل قد لا يسلم من خروج شيء منه، فإذا لم يكن شيئا ظاهرا ومحفظ فلا بأس، والحمد لله.   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم 425. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 315 181 - حكم الصلاة في ثوب تقيأ عليه الطفل س: سائلة تقول: إن طفلي يرضع الحليب الصناعي، وهو يسترجع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 315 باستمرار عدة مرات في الساعة الواحدة، وقد يصيب ملابسي بعض الأحيان، وأنا أصلي بها دون غسل، فهل يلزمني أن أجدد وضوئي، أو أغير ملابسي، وهل صلاتي جائزة دون ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: كأنها تعني القيء لهذا الحليب الذي يشربه، المشروع لك أن تغسلي ما أصابك، يعني بعض أهل العلم يرى هذا القيء كبوله، فالمشروع لك أن تغسلي هذه الملابس التي يصيبها القيء إذا كان الشيء كثيرا، أما إذا كان يسيرا يعفى عنه، هذا هو المشروع، والأحوط لك أن تغسلي ما أصابك، أما الطهارة فصحيحة، الطهارة لا تنتقض وإنما ما أصاب الثوب أو الرجل أو غيرها يغسل، هذا هو الأحوط عند جمهور العلماء. س: هل تجوز الصلاة في ثوب استفرغ عليه طفل رضيع (2)؟ ج: ينبغي أن يغسل بالنضح إذا كان الطفل رضيعا لا يأكل الطعام، فهو مثل بوله، ينضح بالماء ويغسل به، ولا يصلى فيه قبل النضح بالماء.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 297. (2) السؤال السادس من الشريط رقم 136. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 316 182 - حكم استقبال الحمام في الصلاة داخل الحجرة س: أصلي أحيانا في حجرتي عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة المرأة في حجرتها أفضل من صلاتها في بيتها (1)» الحديث، لكن عندما أريد الاتجاه نحو القبلة فإن الحمام يكون أمامي وليس بيني وبينه إلا متر تقريبا، ولكن هناك فاصل بين الحجرة والحمام وهو الجدار المشترك، فما حكم صلاتي على النحو الذي ذكرت (2)؟ ج: لا حرج في ذلك، المنهي عنه هو الصلاة في الحمام أما كونه في قبلة المصلي أو عن يمينه أو شماله فلا حرج في ذلك، وصلاتك في الحجرة أفضل لأنها أبعد عن الرياء، أبعد عن رؤية الرجال فهي أفضل، كلما كانت المرأة في محل أبعد عن الرجال كان أفضل كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التشديد في ذلك، برقم (570). (2) السؤال الثاني من الشريط رقم 230 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 317 183 - حكم الصلاة في غرفة النوم س: تسأل أختنا سؤالا آخر وتقول: هل الصلاة في غرفة النوم حلال الجزء: 7 ¦ الصفحة: 317 أم حرام (1)؟ ج: لا حرج في ذلك إذا كان المحل طاهرا، أو على فراش طاهر لا بأس في غرفة النوم، يصلون فيه التهجد بالليل وغير ذلك، ولا حرج في ذلك، المقصود إذا كان الفراش طاهرا أو وضع عليه سجادة طاهرة فيصلى في غرفة النوم ولا حرج.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 133. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 318 184 - حكم صلاة المرأة وخلفها رجل من محارمها س: سائلة تقول: هل يجوز أن أصلي وخلفي رجل محرم لي نائم أو غير نائم (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، لا حرج أن تصلي سواء كان أمامها أو خلفها، لكن لا يضر إذا كان جالسا أو مضطجعا، أما إن كان وجهه إليها فالأولى عدم ذلك، تميل عنه هكذا وهكذا؛ لأنه قد يشوش عليها، إذا كان وجهه قدامها، أو وجه امرأة قدامها، لكن إذا كان معطيا ظهره أو جنبه فلا بأس بذلك، أو مضطجعا لا بأس بذلك.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 133 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 318 185 - حكم الصلاة وقراءة القرآن في غرفة فيها نجاسة س: السائل س. غ. من الأردن يقول: هل تجوز الصلاة وقراءة القرآن داخل غرفة بها نجاسة؟ علما بأنه يصلي على مصلى طاهر (1)؟ ج: نعم لا بأس، ولو كان فيها نجاسة، لكن لا يقرأ في الحمام محل قضاء الحاجة، أما غرفة فيها ثياب نجسة أو فيها بول من صبي أو فيها كذا لا يضر، يقرأ ويصلي على الشيء الطاهر والحمد لله.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 399. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 319 186 - حكم الصلاة والتيمم في غرفة النوم س: هل تجوز الصلاة في غرفة النوم؟ وإذا كان ما عندي ماء كيف أتيمم (1)؟ ج: لا بأس، يصلى في غرفة النوم ولا حرج، الحمد لله، وإذا كان ما عندك ماء أو ما تستطيع الماء تضرب التراب بيديك تمسح وجهك وكفيك بالتراب بضربة واحدة، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 422. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 319 عمار بن ياسر، إذا كنت لا تستطيع الماء أو ما تجد الماء في السفر مثلا أو في سجن مغلق عليك ما أحد يعطيك ماء إذا حضرت الصلاة تيمم، أما إذا استطعت الماء ولو بالشراء تشتري ولا تتيمم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 320 187 – حكم الصلاة في غرفة فيها عرائس الألعاب س: تسأل المستمعة وتقول: ما حكم الصلاة في غرفة يوجد بها عرائس وغيرها من ألعاب الأطفال المجسمة لذوات الأرواح (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، الصلاة في الغرفة التي فيها لعب لا حرج في ذلك إذا لم تشغل، إذا لم تكن أمام المصلي وتشغله وتشوش عليه فلا بأس، لكن الأفضل أن يعطي الصبية الصغار ألعابا أخرى غير الصور، الصور فيها أحاديث عظيمة تدل على وجوب طمسها وإتلافها، فالأحوط للمؤمن والمؤمنة أن يتخذوا للصبية الصغار ألعابا أخرى، ولكن الصلاة في الغرفة التي فيها ألعاب لا تشوش على المصلي لا حرج عليه في ذلك.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 431. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 320 188 – حكم الصلاة في السجادة المزخرفة س: ما حكم الصلاة في السجادة المزخرفة؟ هل هي بدعة (1)؟ ج: مكروهة؛ لأنها تشوش عليه صلاته، فالأفضل أن يصلي في سجادة عادية سادة ليس فيها نقوش حتى لا تشغله عن صلاته، أو يصلي على الأرض الطيبة، أما السجادات المنقوشة قد تشوش عليه صلاته وتركها أولى.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 433. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 321 189 – حكم الوسوسة وكثرة التفكير أثناء الصلاة س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الوسواس في الصلاة؟ فأنا كثير التفكير أثناء الصلاة، هل تبطل صلاتي؟ وبماذا توصون الذي يعاني من كثرة الوساوس أثناء الصلاة (1)؟ ج: الوسوسة لا تبطل بها الصلاة، لكن عليه أن يتقي الله ويحذر وساوس الشيطان، اشتكى بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم الوساوس في الصلاة فقال له: «ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 428. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 321 أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك (1)» ففعلها الصحابي فزالت عنه الوسوسة، فالذي يجدها يستعيذ بالله من الشيطان ويحذر الركون إلى الشيطان والضعف، يصير قويا يتعوذ بالله من الشيطان، يترك الوساوس، وينفث عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من الشيطان ولو في الصلاة، ويزول إن شاء الله.   (1) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة حديث رقم (4083). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 322 190 – الوسوسة وسبل علاجها في الصلاة س: أنا كثير السهو في الصلاة، كما أنني كثيرا ما أفكر أثناء الصلاة ببعض أمور الدنيا، وأعلم أن ذلك من وساوس الشيطان، وقد حاولت التغلب على ذلك، ولكن يبدو أنني لم أنجح حتى الآن، أرجو من سماحتكم بيان الطريق الذي يخلصني من هذه الوساوس، ولكم من الله المثوبة والمغفرة (1)؟ ج: نوصيه بالضراعة إلى الله، وسؤاله أن يعينه وأن يعيذه من الشيطان ووساوسه، فعليك أن تضرع إلى الله وتسأله أن يعينك، وأن تقبل على   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 299. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 322 صلاتك، تحضر قلبك بين يدي الله حتى تسلم من هذه الوساوس، والله يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (1)، فأنت جاهد، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (2)، جاهد نفسك واطلب من ربك العون والتوفيق، وأقبل على صلاتك واحضر بقلبك فيها، وجاهد عدو الله الشيطان، وإذا غلب عليك في الصلاة فاتفل على يسارك، انفث على يسارك ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله من الشيطان. ولو أنه في الصلاة، هذا من أسباب السلامة من وساوس الشيطان، وقد اشتكى بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوساوس، فأرشده إلى أن ينفث على يساره ثلاث مرات في الصلاة إذا غلب عليه الوسواس، ففعل ذلك فعافاه الله من ذلك. س: تقول أختنا في سؤالها: عندما أقف بين يدي الله سبحانه وتعالى في الصلاة تخطر في عقلي أفكار وأفكار ووساوس، وأسأل الله يا رب هل صلاتي صحيحة مع هذه الأفكار؟ ما العمل الذي   (1) سورة العنكبوت الآية 69 (2) سورة الطلاق الآية 2 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 323 أعمله حتى تبتعد عني هذه الأفكار السوداء؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: عليك أن تجاهدي نفسك بإحضار قلبك بين يدي الله واستحضار أنك بين يدي الله، وأن الله سبحانه يراقبك ويرى مكانك حتى تخشعي لله، وحتى تبتعد عنك الوساوس، فإذا كثرت فتعوذي بالله من الشيطان وانفثي على يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات، وتزول هذه الوساوس إن شاء الله، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بذلك، لكن عليك أن تجتهدي في إحضار قلبك بين يدي الله، واستشعار أنك بين يدي الله، وأن الله سبحانه وتعالى مطلع عليك ويعلم مكانك، كما في الحديث الصحيح: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (2)» استشعري هذه العظمة وهذه الرؤية، وأنه سبحانه يراك ويعلم حالك، فاخشعي لله، واحذري الوساوس، وهذا من أسباب سلامتك من الوساوس، لكن متى   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 299. (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان، برقم (50)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (8). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 324 بقيت ولم تنته فتعوذي بالله من الشيطان ولو في الصلاة، اتفلي على يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويزول ما تجدين، تزول هذه الوساوس إن شاء الله. س: السائل أ. أ. يقول: كيف أبتعد عن الهواجس في الصلاة؟ وهل تقبل صلاتي (1)؟ ج: عليك أن تحذرها وأن تستحضر عظمة الله، وأنه لا يرضى منكم بهذه الوساوس، وأن تعوذ بالله من الشيطان عند وجودها، تتفل عن يسارك ثلاث مرات ولو في الصلاة، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ويزول إن شاء الله، قال عثمان بن أبي العاص: «يا رسول الله، إن الشيطان قد لبس علي صلاتي؟ قال: ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا، (2)» قال عثمان: ففعلت ذلك فأذهب الله عني الوساوس. فأنت افعل ما فعل عثمان، تعوذ بالله من الشيطان، واصدق وكن قويا ضد عدو الله، وانفث عن يسارك ثلاث مرات، وأبشر بالخير.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 386. (2) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة حديث رقم (4083). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 325 191 – حكم من نسي كم صلى من الركعات س: السائل. ع. من الجزائر يقول: عندما يكون الشخص يصلي وفجأة وسوس له الشيطان، ونسي كم صلى ربما يزيد ركعة، فكيف يتصرف في هذه الحالة (1)؟ ج: إذا وسوس إليه الشيطان ونسي هل صلى ثلاثا أم أربعا يجعلها ثلاثا ثم يأتي بالرابعة، ويسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم، وإذا كان في الثانية وشك هل هي الثانية أو الثالثة يجعلها الثانية؛ يعني يبني على الأقل، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماما كانتا ترغيما للشيطان (2)» أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، المقصود أنه يبني على اليقين، إذا شك يبني على الأقل، إذا شك هل صلى ثلاثا في   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 393. (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (571) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 326 الظهر أو في العصر أو في العشاء أو أربعا يجعلها ثلاثا، شك هل صلى ثلاثا أو ثنتين يجعلها ثنتين، وهكذا في المغرب إذا شك هل هي ثنتان أو ثلاث يجعلها ثنتين، والفجر شك هل صلى واحدة أو ثنتين يجعلها واحدة، ثم يكمل، ثم يسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 327 192 – بيان خطورة الاسترسال مع الوساوس في الصلاة س: هل ينقص من أجر الصلاة سماحة الشيخ بالنسبة للمسلم إذا أكثر الإنسان من الوساوس وسها في صلاته (1)؟ ج: لا شك أن الإنسان له من صلاته ما عقل منها، أجره وثوابه على حسب ما عقل من صلاته، كلما أقبل على صلاته وخشع فيها وأحضر فيها قلبه صار أجره أكثر، وكلما كثرت الوساوس صار أجره أقل، فالمشروع للمؤمن أن يقبل على صلاته بقلبه، وأن يجتهد في جمع قلبه في صلاته واستحضار ما في الصلاة من أذكار والأدعية، وليتذكر أنه بين يدي الله حتى يحضر خشوعه، وحتى يحضر قلبه، كما قال الله   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 401. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 327 سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2)، وأنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ثلثها، نصفها (3)» فالمقصود أن الإنسان ينبغي له أن يقبل على صلاته، ويشرع له أن يعتني بها، ويجمع قلبه عليها حتى يكون حاضرا بين يدي الله، يقرأ بتدبر، يركع بحضور قلب، يسجد بحضور قلب إلى أن ينهي صلاته، قلبه حاضر خاشع، هذا هو المطلوب من المؤمن، كلما كان الخشوع أكثر صار أجره أكبر.   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 (3) أخرجه أحمد في مسنده، حديث عمار بن ياسر، برقم (18136)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في نقصان الصلاة، حديث رقم (675). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 328 193 – بيان العلاج الشافي من وساوس الشيطان س: عندما أقوم للصلاة أحيانا أشعر بالوسوسة، فهل علي إثم في هذه الوساوس التي تنتابني رغما عني؟ وهل من علاج شاف لها (1)؟ ج: نعم، عليك التعوذ بالله من الشيطان، وعليك بالحرص على محاربة   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 203. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 328 عدو الله الشيطان؛ لأن الوساوس من الشيطان، كما قال الله سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (1) {مَلِكِ النَّاسِ} (2) {إِلَهِ النَّاسِ} (3) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (4)، فالمسلم يستعيذ بالله من شره ومن نزغاته في الصلاة وفي غيرها، فإذا كنت مبتلى بالوساوس فعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان، والحرص على الإقبال على الله في صلاتك، وحضور قلبك بين يدي الله، والتدبر لكتاب الله ولما أنت فيه من الصلاة حتى تشتغل بهذا عن وساوس الشيطان، وإذا دعت الحاجة أن تستعيذ منه وأنت في الصلاة فاستعذ بالله، تتفل عن يسارك ثلاث مرات وتقول: أعوذ بالله من الشيطان. فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما اشتكى إليه عثمان بن العاص الثقفي، شكا إليه كثرة الوساوس، وأن الشيطان لبس عليه صلاته، أمره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات وهو في الصلاة ويتعوذ من الشيطان، قال: ففعلت فذهب عني ذلك. فينبغي للمؤمن أن يستعيذ بالله من الشيطان في الصلاة وخارجها إذا ابتلي بذلك، يكون عنده قوة، يكون عنده عناية بإقباله على الله وحضور القلب بين يدي الله حتى يسلم من عدو الله، فإذا شك هل توضأ أو ما توضأ، وهو يتيقن أنه   (1) سورة الناس الآية 1 (2) سورة الناس الآية 2 (3) سورة الناس الآية 3 (4) سورة الناس الآية 4 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 329 متوضئ لا يعيد الوضوء، صلى ويعلم أنه صلى لا يعيد الصلاة، غسل وجهه وهو يعلم أنه غسل وجهه لا يعيد غسل الوجه، وهكذا لا يطاوع الشيطان في الوساوس التي تؤذيه وتضره، بل يحاربه بقوة ويتعوذ بالله من مكائده ونزغاته بقوة حتى يسلم من شره ومكائده. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 330 194 – نصيحة للموسوس في صلاته س: تقول السائلة: إنها كثيرة الوسوسة في الصلاة، بم تنصحونها (1)؟ ج: الواجب عليك أن تتقي الله سبحانه وتعالى وأن تحذري طاعة عدو الله الشيطان؛ لأنه عدو مبين كما قال سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (2)، ونزل الله فيها سورة مستقلة وهي قوله سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (3) {مَلِكِ النَّاسِ} (4) {إِلَهِ النَّاسِ} (5) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (6) وهو الشيطان، فالواجب عليك أن تحاربيه وأن تحذري مكائده ووساوسه، وألا تليني له؛ فإن الإنسان متى لان لعدو الله طمع فيه وأشغله في وضوئه وصلاته وسائر   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 59. (2) سورة فاطر الآية 6 (3) سورة الناس الآية 1 (4) سورة الناس الآية 2 (5) سورة الناس الآية 3 (6) سورة الناس الآية 4 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 330 أحواله، فعليك بالرفض لوساوسه، إذا توضأت فانتهي ولا تعيدي الوضوء، ولا تقولي: أخاف كذا وأخاف كذا، إذا انتهيت وغسلت قدميك فانتهي واذهبي للصلاة، ومتى صليت فلا تعيدي، أخاف، قصرت في كذا، دعي هذه الوساوس، ومتى كبرت لا تعيدي التكبير، يكفي التكبير الذي مضى، ولا تقولي: أخشى، أخشى، كل هذا من عدو الله، المقصود من هذا أن تحاربي عدو الله محاربة قوية شديدة حتى تتخلصي منه وحتى لا يطمع فيك بعد ذلك، أما إذا أعطيته الليان وتساهلت معه فإنه سوف يطمع فيك، وسوف يضرك ضررا عظيما، وربما صيرك كسائر المجانين في تصرفاتك؛ لأنه غلب عليك بالوساوس، فاتقي الله واحذري عدو الله، وقولي أيضا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تعوذي بالله من الشيطان الرجيم، واسألي الله أن يقيك عدو الله، وأن يعينك على محاربته، واستحضري عظمة الله عز وجل وذلك بطاعة أمره بالتعوذ من الشيطان وعدم الخضوع لوساوسه، وهذا مما يعينك على طاعة الله وعلى ترك الوساوس. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 331 195 – حكم الاستعاذة في الصلاة لمن وسوس له الشيطان س: إذا أصبت بالوسوسة أثناء تأدية الصلاة، فهل أستعيذ بالله من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 331 الشيطان الرجيم وإن كنت في أثناء الصلاة؟ وجهوني! (1) ج: نعم، السنة أن تستعيذ بالله من الشيطان ولو كنت في أثناء الصلاة، إذا غلب عليك الوسواس استعذ بالله، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ومن الأفضل أن تنفث عن يسارك ثلاث مرات تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وأن تلتفت يسيرا عن يسارك وتنفث عن يسارك وتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة لما اشتدت عليه الوسوسة، فقد أمره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الصحابي - وهو عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: ففعلت هذا فأذهب الله عني ذلك. س: إذا جاءت الوسوسة المصلي خلال صلاته، فهل يجوز التعوذ أثناء الصلاة (2)؟ ج: نعم، يسن له التعوذ إذا شغله الوسوسة فإنه يتعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات ويتفل عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 311. (2) السؤال العشرون من الشريط رقم 336. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 332 الشيطان كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بذلك، فالسنة له أن يتعوذ بالله من الشيطان ويتفل عن يساره ثلاث مرات، ويقبل على صلاته بقلبه، ويستحضر عظمة الله عز وجل، ويزول عنه الوسواس إن شاء الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 333 196 – حكم من يكثر شكه في الصلاة ونصيحته س: تصف نفسها سماحة الشيخ تقول: إنها كثيرا ما تشك في الصلاة، وأنها كثيرة الوهم والشك أيضا، وهي تشكو من هذا الحال كثيرا، فماذا توجهونها؟ جزاكم الله خيرا (1). ج: ننصحك بالحذر من وساوس الشيطان، أقبلي على الصلاة واحضري بقلبك بين يدي الله، واجتهدي في محاربة الشيطان والتعوذ بالله من الشيطان، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تضعفي أمام عدو الله، عليك بالقوة، كوني قوية ضد عدو الله وتعوذي بالله من الشيطان، واحضري بقلبك بين يدي الله في الصلاة، وأبشري بالخير متى صدقت في الحذر، أعانك الله عليه وكفاك الله شره.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 341. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 333 197 – حكم تكرار قراءة الفاتحة بسبب السهو س: السائل. أ. م. يسأل ويقول: أثناء الصلاة يحدث لي سهو مما أضطر إلى قراءة الفاتحة أكثر من مرة وكذلك التحيات، هل هذه الصلاة جائزة؟ وما الواجب علي نحو ذلك (1)؟ ج: الصلاة جائزة، لكن المشروع لك ألا تكرر، تعوذ بالله من الشيطان ومن الوساوس، تقرأ الفاتحة مرة والتحيات مرة، لا تكرر، وإذا جاءت الوساوس تعوذ بالله من الشيطان، ولو كررت، الصلاة صحيحة والحمد لله.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 356. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 334 198 – حكم من يشك في عدد الركعات س: تسأل المستمعة وتقول: الشيطان يشككني في عدد الركعات في الصلاة، فماذا أفعل كي أبتعد عن ذلك؟ مأجورين. (1) ج: إذا كان هذا يغلب عليك التشكيك فعليك بغلبة الظن، اعملي بظنك - والحمد لله - ويكفي، أما إذا كان إنما هو عارض فهذا عليك أن تعملي ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة، تبنين على   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 385 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 334 اليقين، إذا شككت صليت ثنتين أو ثلاثا اجعليها ثنتين وابني على اليقين وكملي الصلاة واسجدي للسهو، وإذا في الصيام شككت أنت شربت أو أكلت الأصل أنك ما أكلت شيئا، الأصل الصيام والحمد لله، أنت ما أكلت، هذا من الشيطان، وإذا شككت بعد الصلاة هل أنت صليت على طهارة أو ما أنت على طهارة، وأنت تعلمين أنك توضأت ولكن شككت هل أحدثت أو ما أحدثت فالأصل الطهارة وأنك ما أحدثت؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ذلك قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (1)» أما إذا غلب عليك وصارت الوساوس كثيرة فهذه من الشيطان، ولا تلتفتي إليها.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم (137)، ومسلم في كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة، ثم شك في الحديث، برقم (361). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 335 199 – حكم صلاة من تنتابه الهواجس في الصلاة والتخلص من ذلك س: الأخت. م. ع. من الباحة تسأل وتقول: أنا ولله الحمد محافظة على الصلاة، ولا أزكي نفسي، ولكن تنتابني بعض الهواجس والتفكير في الصلاة، فهل تبطل الصلاة؟ وما الطريقة الصحيحة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 335 لكي أتخلص من التفكير في الصلاة (1)؟ ج: المحافظة على الصلاة من نعم الله العظيمة ومن أهم الفرائض وأعظم الواجبات على الرجال والنساء جميعا؛ لأن الصلاة عمود الإسلام وأعظم الأركان بعد الشهادتين، والله سبحانه يقول فيها: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2)، ويقول فيها سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (3)، ويقول فيها عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (4)، ويقول عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (5)، {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (6)، فنوصيك أيتها الأخت في الله بالعناية بها والإقبال عليها والخشوع فيها وإحضار القلب بين يدي الله إذا دخلت في الصلاة حتى تزول الأفكار والوساوس التي تخطر عليك، إذا تحرر القلب بين يدي الله، واستشعرت أنك بين يدي الله، وأنك تناجين ربك سبحانه ذهبت الوساوس والأفكار الرديئة، فنوصيك   (1) السؤال الأول من الشريط رقم 127. (2) سورة البقرة الآية 238 (3) سورة البقرة الآية 43 (4) سورة العنكبوت الآية 45 (5) سورة المؤمنون الآية 1 (6) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 336 بهذا؛ أن تحرصي جدا على حضور القلب بين يدي الله، وعلى محاربة الأفكار والوساوس غاية المحاربة، وأن تستشعري أنك بين يدي ربك، وأنك في أشد الحاجة إلى الضراعة إليه، واستحضار عظمته، والإكثار من ذكره، والتفكير فيما ينفعك، وأن هذه الصلاة عمود الإسلام، وأن الخشوع فيها من أهم المهمات، وهذا يعينك الله به على تلك الوساوس حتى تزول وحتى تذهب تلك الأفكار، وأبشري بالخير، وإذا غلبك شيء من ذلك فقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو في الصلاة قوليها، وانفثي عن يسارك ثلاث مرات كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه لما اشتكى إليه أن الوساوس تغلب عليه في الصلاة، أمره أن يتعوذ بالله من الشيطان، وينفث عن يساره ثلاثا، بذلك أسأل الله لك التوفيق والهداية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 337 200 – حكم من ينسى بعض الآيات في الصلاة س: سائلة تقول: إنها كثيرة النسيان، وإنها عندما تكون في الصلاة تنسى الآيات أو تخلط بينها، فماذا يجب أن تفعل؟ هل تعيد الصلاة (1)؟   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 371. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 337 ج: عليها أن تستعيذ بالله من الشيطان، وأن تحرص أن تحضر قلبها بين يدي الله في الصلاة، تجمع قلبها على الله، تعرف أنها بين يدي الله، والواجب عليها إحضار قلبها بين يدي الله، والله سبحانه يقول: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2)، وعليها أن تحذر الشيطان، إذا جاءت الوساوس تتفل عن يسارها ثلاث مرات وتقول: أعوذ بالله من الشيطان. ولو في الصلاة تميل عن يسارها قليلا ولو بوجهها وتقول: أعوذ بالله من الشيطان. وتتفل، وهذا علاج يزيل الله به شر الشيطان، وقد أوصى به النبي بعض الصحابة، فعليها أن تستعيذ بالله، وتستمر في صلاتها ولا تعيد صلاتها ولا وضوءها، وتقرأ ما تيسر من الآيات بعد الفاتحة.   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 338 201 – كيف يجتنب المرء الرياء وخاصة في الصلاة ؟ س: سماحة الشيخ، أخاف الوقوع في الرياء، فماذا أفعل لاجتنابه وخاصة في الصلاة (1)؟   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 116. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 338 ج: عليك أن تجتهد في إخلاص العمل لله، ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان الذي يدعو إلى الرياء، وأما الخطرات التي قد تعرض للإنسان فلا تضره إذا حاربها، خطرات الرياء قل أن يسلم منها أحد، لكن بالمحاربة والحذر لا تضره، إذا أجمع قلبك على الإخلاص لله وأنك تصلي له، فالخطرات التي تخطر لا تضرك ولا تؤثر عليك إذا حاربتها وسألت الله العافية منها. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 339 202 – حكم الصلاة التي وسوس فيها الشيطان للإنسان س: إذا وسوس الشيطان للعبد في صلاته ماذا يفعل؟ وهل صلاته صحيحة (1)؟ ج: الصلاة صحيحة إذا أداها كما أمر الله بأركانها وواجباتها، فالوسوسة لا تبطلها ولكن تضعف الثواب، فليس للعبد من صلاة إلا ما عقل منها وأقبل عليها وخشع فيها لربه عز وجل؛ كما في الحديث: «إن العبد ليصلي وليس له من صلاته إلا نصفها، إلا ثلثها (2)» إلى آخره، فينبغي للمؤمن أن يقبل على صلاته - وهكذا المؤمنة - بخشوع وحضور   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 158. (2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث عمار بن ياسر، برقم (18136)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في نقصان الصلاة، حديث رقم (675). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 339 قلب وطمأنينة حتى يكون ثوابها أكثر، والوسوسة إنما تأتي من الشيطان، فإذا حضر قلبه بين يدي الله واستحضر أنه قائم بين يديه وجاهد نفسه لله فإن الوساوس تقل بتوفيق الله، وإذا دعت الحاجة إلى التعوذ بالله من الشيطان لبقاء الوسوسة فإنه يستعيذ بالله من الشيطان، ينفث عن يساره ثلاث مرات ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد قال عثمان بن أبي العاص الثقفي الصحابي الجليل رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن الشيطان قد لبس علي صلاتي! فأمره أن يستعيذ بالله من الشيطان في الصلاة إذا وقع له ذلك، ففعل فأذهب الله عنه تلك الوسوسة. فالمشروع للمؤمن والمؤمنة عند وجود هذه الوسوسة أن يستعيذ بالله من الشيطان وينفث عن يساره ولو في الصلاة ثلاثا، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن ذهبت الوسوسة بإقباله على الله وحضور قلبه بين يدي الله كفى ذلك والحمد لله، وإلا استعاذ بالله من الشيطان نافثا عن يساره يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينفث عن يساره ثلاث مرات، ويزول بإذن الله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 340 203 – حكم من يدخل في الصلاة ثم يقطعها ويحرم مرة أخرى س: أشرع في الصلاة ثم أتذكر أنني لم أنو فأقطع صلاتي ثم أنوي ثم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 340 أشرع في الصلاة مرة أخرى، فهل ما فعلته صحيح (1)؟ ج: هذا من الشيطان، فحين قمت للصلاة قد نويت الصلاة، فإذا قمت للصلاة هذه نية الصلاة، وقطعت فهو من تسويل الشيطان وتزيينه، إذا قمت إلى الصلاة فقد نويت الصلاة، ولا حاجة أن تقولي: نويت كذا وكذا، النية بالقلب تكفي، فمن أتى المسجد وقام مع الإمام إذا أقيمت الصلاة فقد نوى الصلاة، والمرأة إذا قامت لمصلاها فقد نوت الصلاة.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 320 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 341 204 – حكم تكرار الصلاة بسبب الشك في الطهارة س: هل يجوز تكرار الصلاة إذا كنت قد شككت في وضوئي؟ وما العلاج إذا كان الشيطان يجعلني أعمل هذا في كل وضوء (1)؟ ج: هذا من الشيطان، ليس عليك إعادة، بل عليك أن تحذر هذا وأن ترغم الشيطان ما دمت لا تعلم أنك على غير طهارة، وإنما هي وساوس، فالصلاة صحيحة وليس لك أن تعيدها أبدا، بل هذا من طاعة الشيطان، فالأصل الطهارة حتى تعلم يقينا أنك أحدثت، سئل النبي صلى الله عليه   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 418. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 341 وسلم، قيل: «يا رسول الله، الرجل يخيل له أنه أحدث في الصلاة؟ قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (1)».   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم (137)، ومسلم في كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة، ثم شك في الحديث، برقم (361). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 342 205 – حكم من يشك بعد الصلاة بأنه لم يؤد حقها س: الأخ. ع. ر. يسأل ويقول: أنا شاب أبلغ من العمر السابعة عشرة، إنني يا سماحة الشيخ مخلص في العبادة لله تعالى، وأؤدي الفروض الخمسة على أكمل وجه، ولا أستمع الأغاني ولا الموسيقى والحمد لله، لكن قضيتي أنني أحس بعد انتهاء كل فريضة أنني لم أوفها حقها، ولا أشعر أن صلاتي قد قبلت، أرجو أن توجهوني حول هذا – جزاكم الله خيرا – علما بأنني بعد ذلكم الإحساس أجلس أدعو الله وأتوسل إليه بالتوبة والمغفرة، أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا. (1) ج: أسأل الله أن يزيدك خيرا، وأن يثبتنا وإياك على الهدى، واحمد ربك على ما يسر لك من الهداية، اسأل ربك الثبات على الحق، أما هذا   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 114. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 342 الذي يعتريك بعد الصلاة فهو من الشيطان ومن وساوسه الخبيثة ليؤذيك ويحزنك، فاتق الله واحذر هذه الوساوس، وأحسن ظنك بربك، والله وعد المؤمنين الصادقين قبول الأعمال، فلا ينبغي لك أن تخضع لوساوس عدو الله، وعليك أن تحسن ظنك بربك، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني (1)» وفي اللفظ الآخر: «وأنا معه حين يذكرني (2)» فاتق الله وأحسن ظنك بربك، ولا تظن به خلاف ذلك، واجتهد في أداء صلاتك بغاية العناية والخشوع والإقبال عليها، وأحسن ظنك بربك، وارجه سبحانه أن يتقبل منك، ولا توسوس ولا تسيء الظن بربك عز وجل، ولكنك ترجوه أن يقبلها منك، وأن تحسن ظنك بربك، ولكنك مع هذا تحرص على الاستقامة والإكمال كما قال الله عن أهل الإيمان والتقوى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (3)   (1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله تعالى، برقم (2675). (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله تعالى، برقم (2675). (3) سورة المؤمنون الآية 60 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 343 {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (1)، فعسى أن تكون من هؤلاء تخاف ربك وتخشاه سبحانه، وتوجل منه مع الجد في العمل، ولكنك تحسن به الظن في قبول أعمالك، وعدم ردها عليك، وأنت قد أحسنت فيها واجتهدت فيها، وأديت ما تستطيع، وهو القائل سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، نسأل الله لنا ولك التوفيق.   (1) سورة المؤمنون الآية 61 (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 344 206 – حكم من يكرر الوضوء أو الصلاة بسبب كثرة الوساوس س: أنا فتاة أبلغ من العمر التاسعة عشرة، أعاني من كثرة الشك في طهارتي ووضوئي وصلاتي، فأنا أعاني من التفكير أثناء الصلاة، ولقد حاولت التغلب على هذه الأفكار ولكن لم أفلح، فأنا أغتسل للصلاة الواحدة أكثر من ثلاث مرات، رغم هذا لا أستطيع التغلب على هذه الأفكار، وأحيانا أعيد صلاتي عدة مرات دون جدوى، وأحيانا يصل بي الأمر للبقاء مدة ساعتين للصلاة الواحدة. ثم تستمر السائلة على هذا الحال لتصف حالها، وتستفسر منكم كيف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 344 تتصرف، وبالذات في شهر رمضان (1)؟ ج: هذا من الشيطان، هذا العمل الذي أصابك من الوساوس، هذا كله من الشيطان، والله سبحانه يقول في كتابه العظيم: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (2)، فالإنسان يستعيذ بالله من الشيطان، ويقول جل وعلا: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (3)، {مَلِكِ النَّاسِ} (4)، {إِلَهِ النَّاسِ} (5)، {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (6)، {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} (7)، {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} (8)، فالواجب عليك أن تتعوذي من الشيطان، وألا تخضعي لعدو الله بهذه الوساوس، إذا دخلت في الصلاة فصلي الصلاة التي شرعها الله، كبري أولا، ثم استفتحي بقولك: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، هذا أفضل دعاء الاستفتاح، وإن استفتحت باستفتاح آخر مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كفى، ثم تقولين: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 323. (2) سورة الأعراف الآية 200 (3) سورة الناس الآية 1 (4) سورة الناس الآية 2 (5) سورة الناس الآية 3 (6) سورة الناس الآية 4 (7) سورة الناس الآية 5 (8) سورة الناس الآية 6 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 345 الرحمن الرحيم. ثم تقرئين الفاتحة: {الحمد لله رب العالمين} (1) ... إلى آخرها، ثم تقرئين ما تيسر معها من السور والآيات، ثم تكبرين: الله أكبر، وتركعين في الهواء معتدلة، وتضعين يديك على ركبتيك معتدلة ورأسك حذاء ظهرك، وتقولي: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ثم ترفعين رأسك وتقولين: سمع الله لمن حمده. تقولينها مرة واحدة، ثم تقفين مستقيمة، وتقولين: ربنا ولك الحمد، بعد الاستقامة والوقوف: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. وأنت واقفة مطمئنة خاشعة، وتضعين يديك على صدرك وأنت واقفة قبل الركوع وبعده، وأنت واقفة تضعين اليمنى على اليسرى على صدرك وأنت واقفة قبل الركوع وبعده، ثم تنحطين للسجود وأنت مكبرة الله أكبر، وتسجدين على الجبهة وعلى الأنف والكفين والركبتين وأصابع الرجلين معتدلة، وترفعين بطنك عن فخذيك معتدلة وتقولين: سبحان ربي الأعلى، وترفعين ذراعيك من الأرض وتعتمدين على   (1) سورة الفاتحة الآية 2 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 346 كفيك في الأرض: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى - ثلاثا – وتدعين الله جل وعلا في السجود، الرب جل وعلا يحب الدعاء في السجود، ومن أسباب الإجابة الدعاء في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1)» فلتقل: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، بعد الثالثة تدعو: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، اللهم اغفر لي وارحمني، اللهم أعذني من النار، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، اللهم أصلح قلبي. وتدعين الله بما تيسر، ثم ترفع وتقول: الله أكبر، وتجلسين على رجلك اليسرى، رجلك اليسرى تجلسين عليها واليمنى تنصبينها، وتقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي – وأنت مطمئنة – اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني، اللهم أصلح قلبي وعملي. كل هذا دعاء لا بأس به، ثم تكبرين: الله أكبر، وتسجدين السجدة الثانية تقولين: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. الأفضل ثلاثا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 347 فأكثر، والواجب مرة واحدة، وكلما كررت فهو أفضل، وأقل الكمال وأدناه هو ثلاث، ثم تدعين ربك في السجود مثلما فعلت في السجدة الأولى، اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره. كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء، وإذا دعوت بدعاء آخر قلت: اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم اغفر لي ولوالدي. إذا كان الوالدان مسلمين، كله طيب في السجود، ثم تكبرين قائمة للركعة الثانية، تسمين بالله وتقرئين الحمد وما تيسر معها، ثم تركعين مثل الركوع الأول سواء، تخضعين وتطمئنين، وتضعين يديك على ركبتيك معتدلة ورأسك حذاء ظهرك، وتفرجين أصابعك على الركبتين، وتجافين العضدين عن الجنبين وأنت راكعة: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ولو مرة، الواجب مرة واحدة: سبحان ربي العظيم، والتكرار الثلاث أفضل، وما زاد فهو أفضل، وتقول مع هذا: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي - مثل ما تقدم – سبوح قدوس رب الملائكة والروح. إذا قلت هذا فهو طيب أيضا في السجود، كان النبي يقوله عليه الصلاة والسلام، ثم ترفعين قائلة: سمع الله لمن حمده، وأنت رافعة من الركوع، وبعد الانتصاب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 348 تقولين: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. والواجب: ربنا ولك الحمد. والباقي سنة، ثم تنحطين مكبرة: الله أكبر. وتسجدين مثلما فعلت في الركعة السابقة سجدتين، في كل سجدة تقولين: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، وتدعين الله فيها، تجلسين بينهما جلسة مطمئنة بين السجدتين، خاشعة مطمئنة على رجلك اليسرى وتنصبين اليمنى، تقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ثم بعد الفراغ من السجدة الثانية تجلسين للتشهد الأول تقرئين التحيات، تتعلمينها، تدرسينها: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يقول هذا الرجل والمرأة، على المرأة والرجل جميعا، هكذا علم الأمة عليه الصلاة والسلام، علم أمته هذا التشهد، والأفضل أن تصلين على النبي: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. كالرجل سواء، ثم تقومين للثالثة، الظهر والعصر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 349 والمغرب والعشاء، وإن قمت قبل الصلاة على النبي بعد قولك: أشهد أن محمدا عبده ورسوله، كفى، ولا شيء في ذلك، ولكن الأفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا التشهد، ثم القيام للثالثة تقومين مكبرة رافعة يديك عند التكبير عند القيام للثالثة كما ترفعين للإحرام كما في التكبيرة الأولى، وعند الركوع وعند الرفع منه، ترفعين يديك مثل الرجل، تقولين عند الرفع: الله أكبر، عند الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه، رافعة يديك عند التكبير وعند التسميع عند رفعك من الركوع، عند قولك: سمع الله لمن حمده، تكونين رافعة يديك كالرجل، وعند القيام للثالثة من التشهد الأول ترفعين يديك مكبرة: الله أكبر. رافعة يديك كالرجل، ثم تكملين الصلاة، إن كانت أربعا صليت الثالثة والرابعة، تقرئين الفاتحة فقط، تكفي الفاتحة الحمد، ثم بعد ذلك إن كان عند الرابعة تأتين بهذا التشهد: التحيات لله، إلى آخره، وتصلين على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تقولين: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. وتدعين أيضا بعد هذا الدعاء كالرجل: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كان والداك مسلمين – اللهم أجرني من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 350 النار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك – كله طيب – اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كبيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، كله طيب، كالرجل سواء، تدعين الله بما تيسر قبل السلام، ثم تسلمين تسليمتين عن اليمين والشمال، السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. هذا هو المشروع، وهذا التسليم لا بد منه، فرض لا بد منه، وبذلك تمت الصلاة، وإياك والوساوس، فإذا فعلت هذا فقد انتهت الصلاة ولا تعيديها، ولا تطاوعي الشيطان ولا تعيدي القراءة، اعلمي أنه من الشيطان، إذا وسوس في قلبك أنك ما فعلت قولي: كذبت – في نفسك – تكذبين بنفسك بقلبك، لا تطاوعيه، كملي الصلاة وانتهي منها، ولا تعيديها ولا الوضوء، حتى الوضوء إذا فرغت منه لا تعيديه ولا تطاوعي الشيطان، أنت ترين أعضاءك قد غسلتها والحمد لله، والصلاة كذلك، إذا فعلت ما ذكرنا فأنت قد صليت، واتركي الوساوس ولا تطاوعي عدو الله بإعادة الصلاة، بل اعلمي أنك بحمد الله انتهيت، وأن عدو الله إذا قال لك: ما صليت أو ما فعلت كذا، فهو كذاب، فاحذريه، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو في الصلاة، إذا أشغلك قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 351 واتفلي عن يسارك ثلاث مرات، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو كنت في الصلاة، النبي صلى الله عليه وسلم علم بعض الصحابة ذلك، فقد جاءه رجل من الصحابة فقال: «يا رسول الله، قد لبس الشيطان علي صلاتي. قال: اتفل عن يسارك ثلاث مرات وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (1)» قال الصحابي: فعلت فأذهب الله عني ما وجدت – يعني زالت الوساوس – فأنت وهكذا غيرك من الناس من الرجال والنساء الذين يصابون بالوساوس عليهم أن يحذروا عدو الله، وأن يتعوذوا بالله من الشيطان، وألا يعيدوا وضوءا ولا صلاة، بل يكتفون بالمرة الواحدة، ولا ينقادون للشيطان إذا قال: ما فعلت، ما فعلت. لا بل يكذبه بقلبه، يرغمه ويستعيذ بالله من شره، ولا يطاوعه، هذا هو الواجب على كل مسلم ومسلمة، وفقنا الله وإياك للاستقامة، وأعاذنا وإياك من طاعة الشيطان، وأعاذنا أيضا وجميع المسلمين من طاعته ووساوسه.   (1) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة حديث رقم (4083). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 352 207 – حكم صلاة من يفكر ويسهو فيها س: السائل. م. إ. ع. من الأردن يقول: عندما أصلي بعض الأحيان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 352 يدور في عقلي شيء وأصبح أفكر فيه وأسهو أحيانا، فماذا علي (1)؟ ج: المشروع لك أن تعتني بالصلاة، وأن تقبل عليها بقلبك وقالبك، تجتهد بأحوال قلبك، والحذر من الوساوس حتى تكمله، وإذا عرض لك الوسواس أكثر فانفث عن يسارك ثلاثا ولو في الصلاة، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه: اشتكيت للنبي صلى الله عليه وسلم كثرة الوساوس في الصلاة فأمرني أن أنفث عن يساري ثلاثا، وأن أتعوذ في الصلاة من الشيطان. قال: ففعلت، فذهب عني ذلك. أذهب الله عنه تلك الوساوس، فأنت أقبل على صلاتك واجتهد في إحضار قلبك، إذا غلب الوسواس فانفث عن يسارك ثلاث مرات ولو في الصلاة، وتعوذ بالله من الشيطان، وأبشر بالخير.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 275. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 353 208 – حكم من لم يتذكر ما قرأ في الصلاة س: إذا صلى الإنسان ولم يتذكر ما قرأ في الركعة الأولى أو الثانية، فما حكم صلاته (1)؟   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 254. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 353 ج: إذا كان ذلك بعد النهاية أو بعد فراغه منها لا يضره، إنما إذا كان في أثنائها وشك هل قرأ الحمد أو ما قرأ الحمد يعيدها إلا إذا كان عنده وسواس، فيترك هذا ويبني على ظنه أنه قرأها والحمد لله. أما إذا كان لا يعرض له ذلك وإنما جاء له شيء عارض توقف، هل قرأ الفاتحة أو ما قرأها، فإنه يقرؤها، أما بعد ما فرغ منها طرأ عليه الشك لا يلتفت إليه، هذا من الوساوس. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 354 209 – حكم من يكرر الركن في الصلاة أكثر من مرة س: الأخ. س. م. ص. من الأردن يسأل ويقول: أنا في الصلاة أعيد الركن أكثر من مرة، وذلك نتيجة للنسيان وعدم التركيز والوسوسة، بم تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: ننصحك بالحذر من هذا؛ لأن هذا من طاعة الشيطان، فننصحك بالحذر من الوساوس وأن تتعوذ بالله من الشيطان عند وجودها، وألا تعيد الأركان، متى قرأت تجزم على أنك قرأت واترك العودة، ركعت كذلك، سجدت كذلك، وهكذا، لا تطاوع الشيطان، بل استمر في   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 253. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 354 صلاتك على أنك فعلت الركن حسب ما في علمك وفي اجتهادك، فلا تطاوع الشيطان في الشك الذي يجعلك تعيد الركن ظنا منك أنك لم تفعله، هذا كله من طاعة الشيطان، ولكن استمر على العمل وأنت تجزم أنك فعلت وتغلب الشيطان حتى تكمل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 355 210 – حكم صلاة من يحدث نفسه في الصلاة بالأمور الدنيوية س: سائل يقول: كثيرا ما أحدث نفسي أثناء الصلاة بأمور دنيوية، فهل يؤثر ذلك على صحة الصلاة (1)؟ ج: الوسوسة في الصلاة وحديث النفس يؤثر في خشوعها وفي الأجر الذي يحصل لك، وليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها وأقبلت عليه بقلبك، واحرص على ترك الوساوس والحديث في أمور دنياك، واجتهد في إقبالك على الصلاة، يقول الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3)، وفي الحديث الصحيح يقول   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 272. (2) سورة المؤمنون الآية 1 (3) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 355 صلى الله عليه وسلم: «ليس للعبد من صلاة إلا عقل منها (1)» المقصود أنك تجتهد في إقبالك على الصلاة وإحضار قلبك والخشوع فيها والحذر من الوساوس وأحاديث النفس التي تشوش عليك صلاتك. س: أرجو من الله تعالى أن تجدوا لي حلا شافيا لحالة السرحان في الصلاة، ذلكم أنني أرغب أن أقبل على الله تعالى بحب وخشوع، وأترقب موعد الصلاة، وأتعوذ بالله من الشيطان كثيرا، إلا أنني أسرح كما ذكرت، وأتذكر مشاغل الدنيا، فماذا أفعل أرجوكم إنني أتعذب كثيرا كثيرا (2)؟ ج: ننصحك بالتعوذ بالله من الشيطان إذا دخلت في الصلاة وحدث   (1) قال الحافظ العراقي في المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار: " حديث ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، لم أجده مرفوعا، وروى محمد بن نصر المروزي في كتابة الصلاة من رواية عثمان بن أبي دهرش مرسلا: لا يقبل الله من عبد عملا حتى يشهد قلبه بدنه، ورواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي بن كعب، ولابن المبارك في الزهد موقوفا على عمار: لا يكتب للرجل من صلاته ما سها عنه ". إحياء علوم الدين: 1/ 160، باب اشتراط الخشوع وحضور القلب. (2) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 294. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 356 عليك هذا السرحان – يعني هذه الوسوسة والمشاغل – فاتفلي عن يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، وتسلمين إن شاء الله منه، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بهذا بعض الصحابة ففعله، قال: فلم يعد لهذا الأمر – يعني نجا منه والحمد لله – فأنت عليك بقوة في التعوذ بالله من الشيطان؛ لأن هذا من الشيطان عدو الله، الشيطان عدو لك ولغيرك من المسلمين، فعليك بالقوة إذا دخلت للصلاة فكوني قوية ضد عدو الله وأقبلي على الصلاة، واحضري بقلبك في القراءة وغيرها، وإذا جدت معك الوسوسة فاتفلي عن يسارك ثلاث مرات ولو أنك في الصلاة، التفتي قليلا يسارا واتفلي، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وبهذا تسلمين إن شاء الله، ولا يعود لك السرحان، هذا فعله عثمان بن أبي العاص الثقفي بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فما وجدت بعد ذلك شرا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 357 211 – حكم من يقطع صلاته إلى النافلة بحجة أنه لم يعطها حقها س: ما حكم الشرع في نظركم في الشخص الذي يصلي في صلاة الفريضة، لكنه إذا أحس في الركعة الأولى أو في الثانية يحس بأنه لم يعط الصلاة حقها فيحول هذه الصلاة إلى نافلة، ثم بعد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 357 ذلك يشرع في أداء الصلاة المفروضة (1)؟ ج: ينبغي للمؤمن الحذر من الوساوس، فإذا أيقن أنه دخل في الصلاة المعينة الفريضة الظهر أو العصر، ثم وسوس يلغي هذه الوساوس، ويستمر في صلاته ويكملها، لأنه إذا تساهل مع الوساوس لعب عليه الشيطان وأشغله، فالواجب في مثل هذا الحذر في إعطاء النفس هواها بالوساوس، وإذا أحس بشيء يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويستمر ما دام يعلم أنه دخل في الصلاة على بصيرة، فإنه يتمها ولا يلتفت للوساوس بالكلية، بل يلغيها ويحذرها لئلا يفتح بابا للشيطان عليه فيؤذيه.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 381. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 358 212 – حكم صلاة من يرى أنه لم يتدبر الفاتحة فيعيد قراءتها س: إذا سها الإنسان في صلاته وقرأ سورة الفاتحة دون أن يتدبرها، ولم يتذكر ذلك إلا بعد الانتهاء من قراءتها، وأحيانا لا يدري هل قرأ سورة الفاتحة أم لا، وهذا كله أثناء الصلاة رغم اجتهاده، فهل عليه يا سماحة الشيخ أن يعيد قراءة ذلك أم لا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 358 يجوز له ذلك، وما العمل في هذه الحالة (1)؟ ج: إذا كان الشيء عارضا يعيد إذا شك هل قرأ الفاتحة أو ما قرأها يقرؤها، أما إذا كان عن وساوس يكثر عنده ذلك فيطرح الوساوس، ويبني على أنه قرأها ويترك الوسوسة ويتعوذ بالله ولا يعيدها؛ لأن الشيطان حريص على إفساد أعمال بني آدم، فإذا كان شيئا عارضا فإنه يعيدها يقرؤها حتى يتحقق أنه قرأها، أما إذا كان وسوسة هذا يترك ذلك، وإذا وقع عليه هذه الوساوس يبني على أنه قرأها ولا يعيدها، والحمد لله.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 401 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 359 213 – حكم من تأخذه الوساوس خشية أن يكون المكان الذي صلى فيه غير طاهر س: يقول السائل: إن له إخوة صغارا، وإذا صلى في البيت تأخذه الوساوس خشية أن يكون المكان الذي صلى فيه غير طاهر، ما توجيهكم سماحة الشيخ (1)؟ ج: الأصل في الأرض الطهارة، والأصل في الفرش الطهارة، هذا هو   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 306. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 359 الأصل، فلا مانع أن تصلي على الأرض والفراش، إلا إذا علمت يقينا أنه أصابته نجاسة، وإلا فالأصل الطهارة ولو كان عندك صغار، الأصل الطهارة في الأرض والفراش، ولا حرج أن تصلي النافلة على هذا الفراش أو على هذه الأرض، أما الفريضة فعليك أن تصلي مع الناس في المساجد، لكن إذا اتخذت مصلى يكون أحسن، فاتخذ مصلى لك معروفا في بعض بيتك تصلي فيه النوافل، أو يكون سجادة خاصة تصلي عليها، تحفظها لك عندما تصلي تهجدك أو النوافل، حتى يطمئن قلبك إلى أن مصلاك طاهر وإلا فالأصل الطهارة والحمد لله. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 360 214 – حكم من يخرج عليه الوقت بسبب الوسوسة في الوضوء س: سائلة تقول: أنا فتاة أعاني من الوسواس، حيث إنني لا أصلي بعض الصلوات في أوقاتها دائما، هكذا حيث إنني أمكث في الوضوء من الأذان حتى آخر وقت الصلاة، وأحيانا خارج وقتها لأنني لا أتأكد من وصول الماء إلى كل جزء من أعضاء الوضوء، فأظل أدلك العضو حتى أتأكد تماما من إسباغه، ولكنني أريد أن أكون مثل الناس، حتى لا أستغرق هذه المدة الطويلة التي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 360 تزعجني وتزعج أهلي كثيرا، فوجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا العمل منكر لا يجوز لك، هذا من سبيل تزيين الشيطان، والشيطان عدو يأتي الناس من جهة الدين حتى يزين لهم الوسوسة والشدة والمبالغة التي ما شرعها الله، فالواجب عليك أن تتوضئي كما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، ويكفي لهذا مدة يسيرة خمس دقائق أو عشر دقائق تتوضئين، وإذا كان هناك بول أو غائط تستنجين في حالات قليلة بعد الفراغ من البول أو الغائط، تغسلين محله بالماء حتى يعود إلى حاله الأولى يكفي، أو بالاستجمار بالمناديل ونحوها ثلاث مرات أو أكثر حتى يزول محل الأذى بالكلية، ثم تتمضمضين وتستنشقين ثلاث مرات بثلاث غرفات ويكفي مرة، ثم تغسلين وجهك ثلاث مرات ويكفي مرة أو مرتين، ثم تغسلين ذراعيك ثلاث مرات ويكفي مرة أو مرتين مع المرفقين، ويكفي لو ما دلكت، والمرور عليها يكفي على الذراعين، ثم تمسحين رأسك وأذنيك مرة واحدة، ثم تغسلين رجليك كل رجل مرة أو مرتين، وأكثرهما ثلاثا مع الكعبين، ويكفي لهذا خمس دقائق أو ست دقائق أو ثمان دقائق، أما   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 306. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 361 الجلوس والدلك والتكرار والإسراف في الماء فعل هذا من الشيطان، وهذا منكر وعليك التوبة إلى الله، والحذر من هذا العمل السيئ، وأن تعملي بما شرع الله من الوضوء السمح الميسر، وفي دقائق قليلة، نسأل الله لك العافية والهداية. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 362 215 – بيان طرق معرفة القبلة س: يقول السائل: كيف يمكن تحديد اتجاه القبلة في الليل والنهار (1)؟ ج: هذا يختلف باختلاف علم الناس، والناس يختلفون في هذا العلم، فالذي عنده بوصلة يعرف عن طريق البوصلة، والذي ما يعرف هذا يمكن أن ينظر إلى الشمس طلوعها وغروبها، إذا كان يعرف في بلاده هل الكعبة عند الجنوب يستقبل الجنوب، إذا كانت الكعبة عند الشمال يستقبل الشمال، الكعبة عند الغرب يستقبل الغرب، الكعبة عند الشرق يستقبل الشرق، هكذا، والجهات تكفي، فإذا كان في جهة الشرق استقبل المغرب، وإذا كان في جهة المغرب استقبل الشرق، وإذا كان   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 236. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 362 في الشمال استقبل الجنوب، وإذا كان في الجنوب استقبل الشمال؛ الجهة التي فيها الكعبة، وإذا كانت بين ذلك تحرى واجتهد في الجهة وصلى إليها، وإن كان مع إخوة شاورهم وتعاون معهم حتى يتحروا جهة القبلة في الليل بالنجوم وبالنهار بمطلع الشمس وغروبها وغير هذا مما يتحرون به جهة القبلة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 363 216 - بيان وجوب العودة إلى أهل العلم عند الاختلاف حول القبلة س: منذ شهر زار أحد الإخوة بلدتنا، وعندما قام للصلاة قال: هذا المسجد ليس على القبلة، فذهل الناس، وعندما أحضر البوصلة وجدنا فعلا أن القبلة التي عليها المسجد غير صحيحة، مع العلم بأن هذا المسجد قديم جدا من حوالي أربعين سنة، يوجد أناس قالوا: إن هذا الرجل كذاب. مع العلم أنه أثبت لنا بالدليل، وقامت مجموعة من الناس بالصلاة على القبلة الجديدة كما يقول، ومجموعة أخرى في الجماعة صلوا على الوضع القديم، فبماذا تنصحون الناس؟ جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال السادس من الشريط رقم 251. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 363 ج: ننصح الجميع بأن يرجعوا إلى أهل العلم، أهل العلم في البلد من أنصار السنة العلماء المعروفين بالسنة والاستقامة والعلم والفضل، حتى ينظروا في القبلة مع من لديهم من الأوقاف المسؤولين حتى يتعاونوا في ضبط القبلة، فإن كان الميل يسيرا يعفى عنه، أما إذا كان الميل كبيرا فإنه يعدل ولا ينظر لمن اعترض على المسجد بدون حجة، ولكن يرجع إلى أهل العلم والمسؤولين في الأوقاف حتى إذا قرر أهل العلم الميل الكثير عدل المسجد، أما إذا كان الميل يسيرا يعفى عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بين المشرق والمغرب قبلة (1)» يعني الجهة تكفي ولو فيها ميل، وهكذا ما بين الجنوب والشمال قبلة بالنسبة إلى من كان في الشرق والغرب، وحتى من كان في الجنوب والشمال ما بين المشرق والمغرب قبلة كأهل المدينة، فالحاصل أن الجهة تكفي، فالذي في المغرب يكفي ما بين المشرق والمغرب وهكذا، أما الذي في الجنوب أو الشمال فقبلته الجهة التي بين المشرق والمغرب كما قال   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما بين المشرق والمغرب قبلة، برقم (342)، والنسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم، برقم (2243). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 364 النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة، والمقصود أن الجهة تكفي والميل اليسير يغتفر، وإذا جاء من يعترض يرجع لأهل العلم المعروفين بالاستقامة مع المسؤولين في الأوقاف حتى ينظروا في الأمر ويتجهوا في تعديل القبلة إذا كان هناك ميل كبير. س: إذا اتضح أن المسجد فعلا لم يكن على القبلة، فما حكم الصلوات السابقة في ذلك المسجد (1)؟ ج: يجتهدون ولا يضرهم السابقة في ذلك المسجد، لا تضر، الصلاة صحيحة ولا شيء عليهم؛ لأنهم صلوا مجتمعين على رسم القبلة التي رسمت لهم، إنما الكلام في المستقبل، يصلون على حالهم حتى يحقق لهم أهل العلم المعروفون في البلاد مع المسؤولين في الأوقاف حتى يتيسر الشيء الذي يطمأن إليه من جهة أهل العلم؛ لأنهم هم المسؤولون في هذه المسائل، أهل العلم هم المسؤولون.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم 251. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 365 217 – حكم الاعتماد على البوصلة س: ما حكم الاعتماد على البوصلة يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: البوصلة آلة جيدة ومفيدة لا بد أن يتولاها أهل العلم وأهل البصيرة.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 251. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 366 218 – حكم صلاة من أدرك أن المسجد مائل عن القبلة س: السائل. أ. ع. أ. يقول: كنا نصلي في أحد المساجد في قريتنا، وصلينا فترة من الزمن إلى غير القبلة حيث كانت القبلة مائلة كثيرا، هل نعيد الصلاة وقد صلينا فترة طويلة؟ نرجو التوجيه. (1) ج: فهذا فيه تفصيل، إن كان الميل كثيرا فعليكم الإعادة، أما إذا كان الميل يسيرا وأنتم إلى جهة القبلة ولكن ملتم يمينا أو شمالا فليس عليكم إعادة، لكن إن كان الميول كثيرا فعليكم القضاء لأنكم صليتم إلى غير القبلة وأنتم في البلد في إمكانكم السؤال والحرص، فهذا فيه تساهل وعدم عناية، فلهذا يجب القضاء. س: السائلة. أ. ح. من جدة تقول: سكنا في شقة جديدة، وكنا نصلي   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 360. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 366 في اتجاه معين ظنا منا بأنها القبلة، وبعد ذلك اتضح لنا أن القبلة تميل لليمين بمقدار عن الاتجاه الذي كنا نصلي فيه، فاتجهنا نحو الاتجاه الصحيح، فهل صلاتنا الأولى صحيحة أم علينا الإعادة لما فات (1)؟ ج: إذا كان الميل يسيرا فالصلاة صحيحة، أما إن كان كثيرا فعليكم القضاء لما مضى.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 418. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 367 219 – حكم المسافر إذا جهل القبلة وصلى إلى غيرها س: سافرنا إلى دولة إسلامية، وعند وصولنا سألنا إحدى الجارات عن القبلة، فأشارت إلى جهة معينة، علما بأن هذه المرأة مسلمة، وصلينا إلى تلك الجهة فترة من الزمن، وعندما سافرنا مرة أخرى تحرى أحد أقاربنا القبلة من المسجد فكانت القبلة غير الجهة التي صلينا إليها سابقا، فصلينا جهة القبلة التي أخبرنا بها وأخبرنا بها قريبنا، فما حكم الصلوات التي صليناها سابقا مع سؤالنا عن القبلة؟ وإن كان علينا القضاء فهل يجوز أن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 367 نقضي على فترات؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: إذا كان الواقع ما ذكرتم فليس عليكم قضاء؛ لأنكم اجتهدتم وسألتم فأرشدتم إلى القبلة، فليس عليكم قضاء، والحمد لله. س: الأخ. ع. ع. ع. من بلاد زهران يسأل ويقول: إذا ذهب قوم في سفر وأدركهم وقت الصلاة ولم يروا مسجدا، وصلوا على غير القبلة، فجاء رجل من أهل البلد وهم يصلون فقال لهم: أنتم على غير القبلة. ماذا يفعلون بالتفصيل؟ جزاكم الله خيرا. (2) ج: إن ظهر لهم صحة ما قال استداروا وصحت صلاتهم، وإن لم يظهر لهم صحة ما قال وهم مجتهدون استمروا على صلاتهم، هذا يحتاج إلى نظر؛ إن كانوا مجتهدين متحرين قد أخذوا بالأسباب، واتضح لهم أن هذه القبلة هي القبلة، فإنهم يستمرون في صلاتهم ويتمونها، وصلاتهم صحيحة، أما إن ظهر لهم من قول الرجل أنهم مخطئون وأن الصواب معه فإنهم يستديرون إلى القبلة، وصلاتهم التي مضت صحيحة، والحجة في هذا أن أهل قباء كانوا يصلون، فجاءهم   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم 350. (2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 187. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 368 من أخبرهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حول إلى الكعبة، وكانوا يصلون إلى الشام، فاستداروا وكملوا صلاتهم إلى الكعبة، ولم ينكر عليهم النبي عليه الصلاة والسلام، فهكذا الإنسان إذا كان في البرية وكبر للصلاة، وصلى بعض الصلاة، ثم ظهر أنه مخطئ أو جاءه من خبره أنه مخطئ فإنه يستدير ويكمل صلاته، وصلاته صحيحة. أما إذا انتهى من صلاته ثم جاء من يخبره فإن صلاته صحيحة إذا انتهى، صلاته صحيحة إذا كان قد اجتهد وتحرى. س: أناس مسافرون، وجاء الليل وهم في أرض صحراء، وجاء وقت الصلاة وتحروا عن القبلة وصلوا عكسها ولم يعلموا بالقبلة الأصلية، وبعد الانتهاء من الصلاة تبينت لهم جهة القبلة الأصلية، هل يعيدون الصلاة في مثل هذه الحالة؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال مأجورين. (1) ج: الواجب على المسلم عند حضور الصلاة وهو في السفر أن يتحرى القبلة ويجتهد في معرفة أماراتها وعلامتها، فإذا اجتهد وصلى ثم بان له أنه أخطأ القبلة بعد الصلاة فلا إعادة عليه؛ لأن الله يقول:   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 373. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 369 {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2)، ويقول سبحانه: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (3). أما في البلد فالواجب عليه أن يسأل ... ولا يجتهد مادام في البلد بين الناس، أما في السفر فإنه إذا اجتهد وتحرى وصلى ثم بان له بعد الصلاة أنه أخطأ القبلة فإن صلاته صحيحة، فإن بان له الأمر في أثناء الصلاة استدار إلى القبلة حسب ما ظهر له بعد ذلك ولا يعيد أولها، والله ولي التوفيق.   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) سورة البقرة الآية 286 (3) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 370 220 – حكم الصلاة في الظلام س: هل يجوز أن يصلي أحد في الظلام وهو داخل المنزل أم لا بد من وجود نور عنده وهو يصلي؟ نرجو الإفادة. (1) ج: لا حرج أن يصلي في الظلام إذا عرف القبلة وصار اتجاهه إلى القبلة، فلا حرج أن يصلي في الظلام ولا يشترط له النور ولا يجب، بل ذلك جائز، إن صلى في النور أو في الظلام لا بأس إذا كانت القبلة   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 7. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 370 معروفة، ولا يحتاج إلى النور لمعرفة القبلة فلا حاجة إلى النور، المقصود أنه لا يتعلق بهذا شيء، الصلاة صحيحة مطلقا سواء كان ذلك في نور أو في ظلمة إذا كان إلى القبلة. س: هل تجوز الصلاة في الظلام (1)؟ ج: نعم لا بأس، لو صلى الإنسان في محل مظلم لا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرته وليس فيها مصابيح.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 36. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 371 221 – حكم من جهل القبلة لعارض من العوارض س: مستمعة تسأل وتقول: عندما تزوجت تغيرت أحوالها، وارتبكت حياتها حتى أصبحت لا ترى جهة القبلة في مكانها، وترى الشمال هو الغرب والعكس، وتسأل سماحتكم كيف تتصرف؟ ولا سيما أنها جربت نفسها في بيوت الجيران فرأت أن وضعها صحيح إلا إذا عادت إلى بيت الزوجية. (1) ج: عليها أن تجتهد في معرفة القبلة مع زوجها ومع أخواتها   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 272. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 371 الجيدات حتى تعرف القبلة؛ لأن هذا شيء عارض ووساوس عارضة تزول إن شاء الله، تستعيذ بالله من الشيطان، دائما تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. تسأل ربها العافية من هذا الأمر والشفاء من هذا الأمر، هذا عارض يزول إن شاء الله وبالتعاون مع زوجها وأخواتها في الله، أو أبيها إن كان موجودا، أو غيره من الطيبين في هذا الأمر يزول هذا الشك إن شاء الله، وتستقر الأمور وتطمئن إن شاء الله، ومن أهم الأمور سؤال الله العافية أن يعافيها من هذا البلاء العارض، وأن يعيد لها فهمها وبصيرتها وعقلها الكامل. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 372 222 – التلفظ بالنية عند الصلاة س: ما حكم التلفظ بنية الصلاة، كأن يقول المصلي: نويت أصلي فرض الظهر أربع ركعات لله تعالى في لحظة تكبيرة الإحرام (1)؟ ج: التلفظ بالنية بدعة لا يجوز، ولكن ينوي بقلبه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولا يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا؛ لأن الرسول ما فعل هذا، ولا أصحابه رضي الله عنهم، فالتلفظ بالنية منكر،   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم 434. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 372 ولكن محلها القلب في جميع العبادات إلا في الحج والعمرة، فيقول: لبيك عمرة أو لبيك حجا، ويصرح بها: اللهم لبيك عمرة، أو: اللهم لبيك حجا، أو عنهما ما يحرم، وأما ما سوى الحج والعمرة فإن محلها القلب. س: يقول السائل: هل يجوز التلفظ بالنية أم لا يجوز (1)؟ ج: التلفظ بالنية غير مشروع بل بدعة، فإذا أراد الصلاة لا يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، ولا: نويت أن أطوف أو أسعى، لا، النية محلها القلب، وهكذا عند الوضوء لا يقول: نويت أن أتوضأ، النية محلها القلب، والأعمال بالنيات محلها القلب، النية هي القصد قصد القلب، فلا يشرع التلفظ بها، وما ذكره بعض الفقهاء من التلفظ لا دليل عليه بل هو غلط، والمشروع أن ينوي بقلبه، إذا قام للوضوء قد نوى بقلبه، إذا قام يصلي نوى هذه النية، إذا توجه إلى الكعبة يطوف هذه النية، إذا توجه إلى المسعى ليسعى هذه النية، ما يحتاج أن يقول: نويت أن أفعل كذا. س: سمعنا أن نية الصلاة يكون محلها القلب، ولا يصح التلفظ بها،   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم 236 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 373 والسؤال: هل عندما أقف مستقبل القبلة أتحدث بالنية في قلبي ثم أكبر تكبيرة الإحرام أم أن ما قمت به من وضوء ووقوف واستقبال القبلة يعتبر ترجمة لنية الصلاة، ولا يلزمني التحدث بها في قلبي بل أكبر مباشرة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا. (1) ج: نعم، يكفيك ذلك ما دمت تهيأت للصلاة التي تعملها، الظهر أو العصر أو المغرب أو غير ذلك، يكفي ولا حاجة إلى التحدث بها عند الإحرام، أنت جئت لها وجلست لها، وانتظرتها وقمت حين سمعت الإقامة، تكفيك الصلاة التي أقيمت، هذا يكفي وهذا هو النية ولا حاجة إلى سوى ذلك، أما ما يفعله بعض الناس من التلفظ بأن يقول: نويت بأن أصلي كذا وكذا إماما أو مأموما أو كذا، هذا لا أصل له، بل هو بدعة في أصح قولي العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلفظ بالنية، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم ما كانوا يتلفظون بالنية، وهكذا التابعون وأتباعهم من الأئمة وغيرهم ما كانوا يعرفون هذا، فالمشروع للمؤمن أن يكتفي بالقلب، فهو بمجيئه إلى الصلاة وجلوسه ينتظر الصلاة، وبقيامه للصلاة حين أقيمت الصلاة، كل هذا   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم 215. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 374 يعتبر نية، فلا حاجة بعد ذلك أن يتحدث بها بقلبه ولا أن يتلفظ بها. س: ما حكم التلفظ بالنية؟ فمثلا إذا أراد أن يصلي سنة الصبح أن يقول: نويت أن أصلي سنة الصبح، أو نويت أن أصلي فرض كذا، جزاكم الله خيرا. (1) ج: التلفظ بالنية ليس له أصل في الشرع بل هو بدعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتلفظ بالنية ولا أصحابه، النية محلها القلب، فينوي بقلبه الصلاة والصيام والوضوء وغير ذلك، ويكفي القلب - والحمد لله – ولا حاجة أن يقول: نويت أن أصلي كذا، أو: نويت أن أتوضأ أو أن أطوف أو أن أصوم، النية محلها القلب. س: يقول السائل. ص. م. من اليمن: ما قول العلماء في أناس يتلفظون بالنية في كثير من أعمالهم الدينية، وخاصة في الصوم والصلاة مثل قول البعض عند الاستعداد للصلاة: أصلي فرض   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 322. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 375 كذا الله أكبر، وهل التلفظ بالنية وارد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم (1)؟ ج: هذه بدعة، لا يجوز؛ لأن التلفظ بالنية بدعة، ينوي في قلبه والحمد لله، إذا قام بنية الصلاة كبر فقط، ما يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، ولا نويت أن أطوف، يأتي بالنية، إذا قام للصلاة ينوي الظهر، يكبر، ينوي العصر كبر بنية العصر، المغرب، كبر بنية المغرب، وهكذا؛ في القلب.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 398. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 376 223 – بيان معنى إحضار النية س: سمعت أنه لا يجوز التلفظ بالنية في صلواتنا، ولكن يجب إحضارها، ماذا يعني إحضار النية؟ وهل يعني أن أقولها في سري (1)؟ ج: المعنى أنه إذا قام للصلاة يكون ناويا للصلاة، الظهر العصر المغرب، إذا جاء آخر الليل ناويا للصوم، ولكن ما يقول: نويت أن أصوم كذا، لا، يكفي القلب، علمه بأنه يصوم اليوم كاف، علمه بأن قام للظهر كاف، علمه بأنه قام للعصر كاف، ما يحتاج تلفظ: نويت أن   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 414. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 376 أصلي كذا كما يفعل بعض الناس، هذه بدعة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 377 224 – كيف تكون النية في الصلاة ؟ س: يقول هذا السائل: هل يجوز التلفظ بالنية للصلاة، وإن لم تكن كذلك فكيف تكون النية (1)؟ ج: تكون بالقلب، يعني بقلبه، الظهر والعصر والمغرب، ولا يشرع التلفظ بالنية، لا يقول: نويت أن أصلي كذا. لا يجوز هذا، هذا بدعة، ولكن بقلبه، ينوي بقلبه الظهر والعصر والمغرب، سنة الضحى، سنة الراتبة، الوتر بالنية بالقلب، الأعمال بالنيات، ومحلها القلب.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم 427. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 377 225 – حكم التلفظ بنية الصلاة والإمامة والانفراد س: هناك عادات عند بعض الناس لا ندري هل هي من الإسلام أم هي بدعة، مثلا في بعض المناطق في الريف هناك بعض الناس يقولون قبل تكبيرة الإحرام للصلاة: نويت أصلي صلاة الظهر مثلا مقتديا أو إماما الفرض الحاضر، وهلم جرا، بصوت يسمعه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 377 من كان بجانبه، هل هذا صحيح؟ وجهونا جزاكم الله خيرا. (1) ج: هذا لا أصل له، بل هو من البدع التي أحدثها بعض الناس، وإن كان قال بها بعض أهل العلم المتأخرين، لكنه ليس بمشروع، فالصواب أنه لا يقول ذلك، ولكن ينوي بقلبه، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، ولا أصحابه رضي الله عنهم، ولا الأئمة من العلماء في القرون المفضلة، ولا يعرف ذلك عن واحد منهم، ولا يقول: نويت أن أصلي الظهر كذا، أو العصر كذا، أو المغرب كذا، أو العشاء كذا، أو الفجر كذا إماما أو مقتديا أو منفردا، كل هذا لا يقال، التلفظ بالنية ليس بمشروع، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» أي مردود، قال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3)» أي فهو مردود. وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: «أما بعد،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 174. (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 378 فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (1)» فنصيحتي لجميع إخواني المسلمين في كل مكان ألا يقولوا هذا اللفظ عند الصلاة، وألا يتلفظوا بالنية لأنه لا أصل لذلك. ولكن إذا قام للصلاة فقد نوى، من سمع الإقامة فقد نوى الصلاة، أو قام في بيته يصلي سنة الضحى أو التهجد بالليل أو الرواتب، إذا قام إلى الصلاة بقلبه ناويا فقد حصل المقصود، ولا حاجة إلى أن يقول: نويت أن أصلي كذا، لا في المسجد ولا في البيت، لا منفردا ولا مع الإمام، ولا يقوله الإمام أيضا، وفق الله الجميع لاتباع السنة والاستقامة عليها.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 379 226 – حكم التلفظ بنية الصلاة ونوعها س: إني عندما أصلي أقول: إني نويت أن أصلي فرض صلاة – مثل الفجر – الله أكبر، ثم أقرأ الدعاء الذي يقال بعد تكبيرة الإحرام، وهو دعاء الاستفتاح، فقد سمعت من برنامجكم " نور على الدرب " المقولة بأنه لا يجوز أن يقول: نويت أن أصلي فرض الجزء: 7 ¦ الصفحة: 379 كذا أو كذا، هل ما سمعته صحيح أم أنه سمع لي؟ نرجو أن تجيبونا مرة أخرى، وفقكم الله. (1) ج: نعم يا أخي؛ النية محلها القلب، ولا يجوز أن يقال: نويت أن أصلي كذا، إماما أو مأموما فريضة كذا أربع ركعات الظهر، أو ثلاث ركعات المغرب، أو ركعتين الفجر، لا، بل ينوي بقلبه ويكفي، ولا حاجة إلى أن يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، ولا حاجة في الطواف أن يقول: نويت أن أطوف كذا وكذا، ولا في السعي ولا في الوضوء أن يقول: نويت أن أتوضأ كذا وكذا، كل هذا لا أصل له، النية محلها القلب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (2)» ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا أئمة الإسلام المتقدمون يتلفظون بالنية، بل كان أحدهم إذا وقف يقول: الله أكبر، عند دخوله الصلاة، ولا يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، فالتلفظ بهذا بدعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 40. (2) أخرجه البخاري، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 380 أمرنا فهو رد (1)» وهذا ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيكون مردودا، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)»؛ أي فهو مردود، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)» فعليك يا أخي أن تنوي بقلبك إذا قمت إلى الصلاة، تكفي النية بقلبك أنك قمت للصلاة، الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، أو جمعة، أو صلاة عيد، أو نوافل، أو صلاة الضحى، أو الرواتب، كلها يكفي فيها ما وقع في قلبك، وما تعلمه من قيامك لهذا، ومجيئك لهذا يكفي، وليس لك أن تلفظ بالنية في الصلاة، وهكذا في الصوم، وهكذا في الوضوء، وهكذا في الغسل، وهكذا في الطواف والسعي، النية في القلب ولا حاجة إلى التلفظ، بل ذلك من المحدثات.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 381 227 – حكم التلفظ بوقت الصلاة وعدد الركعات س: هل يجوز للفرد عند قيام الصلاة أن يذكر الوقت وعدد ركعاته أم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 381 يكتفي بالتكبيرة فقط (1)؟ ج: يكفي التكبير والحمد لله، أما قول: نويت كذا وكذا، هذا بدعة لا أصل له، نويت أن أصلي كذا وكذا ركعة في وقت كذا، هذا لا أصل له، وليس من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من فعل الصحابة رضي الله عنهم، بل ذلك من البدع التي أحدثها بعض الناس، ويكفي المؤمن النية في القلب، إذا قام لصلاة الظهر، العصر، المغرب، العشاء، لصلاة الضحى، لصلاة الاستخارة، لصلاة الخسوف، النية كافية في القلب والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (2)» والنية محلها القلب، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)»؛ أي فهو مردود، وليس من عمل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من سنته أن يتلفظ بالنية، يقول: نويت أن أصلي بكذا وكذا، أو: نويت أن أتوضأ، أو: نويت أن أطوف، هذا لا أصل له.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم 201. (2) أخرجه البخاري، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1). (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 7 ¦ الصفحة: 382 228 – حكم التلفظ بسنية الصلاة س: بالنسبة للسنة إذا قال: نويت أن أصلي سنة رسول الله لله تعالى، هل هو خطأ (1)؟ ج: هذه بدعة، تنوي بقلبك الصلاة التي شرعها الله ورسوله، تنوي بقلبك أنك تصلي الصلاة كما شرعها الله وكما جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وليس لك أن تقول: نويت، بل تصلي كذا وكذا؛ لأن هذا بدعة لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، والخير في اتباعهم والسير على منهاجهم.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم 40. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 383 انتهى بحمد الله تعالى الجزء السابع، ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الثامن، القسم الثالث من الصلاة، وأوله باب صفة الصلاة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 385 باب صفة الصلاة 1 - بيان أسباب الخشوع في الصلاة س: كيف أخشع في الصلاة؟ وما هي الأدعية التي تقال قبل الصلاة وفي الصلاة، والتي تساعدني على الخشوع؟ (1) ج: الخشوع في الصلاة إحضار القلب فيها بين يدي الله والإقبال عليها، تستحضر عظمة الله وأنك بين يديه، ترجو رحمته وتخشى عقابه، فهذا يسبب الخشوع والذل والانكسار، وإحضار القلب بين يدي الله عز وجل، وأن تدعو بقلب خاشع؛ ترجو رحمة الله وتخشى عقابه بالدعوات الطيبة التي تستحضرها ولو كانت غير منقولة، ولو كانت غير واردة، إذا كانت دعوات طيبة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم فلا بأس: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اهدني   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (354) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 7 صراطك المستقيم، اللهم أجرني من النار، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كان والداك مسلمين – اللهم إني أسألك الهدى والسداد، اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي. هكذا في الصلاة وخارجها، حتى في خارج الصلاة وأنت في البيت أو تمشي أو مضطجع، تدعو ما يسر الله من الدعوات الطيبة المنقولة وغير المنقولة التي ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تدخر له دعوته في الآخرة، وإما أن تعجل له في الدنيا، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك، قالوا: يا رسول الله، إذا نكثر. قال: الله أكثر (1)» فأنت يا عبد الله على خير في دعائك لربك وانكسارك بين يديه، وخشوعك له في الصلاة في سجودك، أو في ركوعك، أو بين السجدتين، أو في القيام في جميع أجزاء الصلاة. الله يقول جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3)، يعني: ذليلون منكسرون، قد أحضروا قلوبهم بين يدي الله، وإذا تيسر البكاء من خشية   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب في انتظار الفرج وغير ذلك، برقم (3573) (2) سورة المؤمنون الآية 1 (3) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 8 الله كان أكمل وأكمل، ومن أعظم الأسباب في خشوعك: ترك المعاصي، والحذر من المعاصي، وجهاد نفسك في تركها، والتوبة إلى الله منها، ومن أسباب الخشوع: أن تدخل الصلاة وأنت فارغ القلب ليس عندك مشاغل، وإن كنت تحس بشيء من الأذى قضيت حاجتك قبل الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (1)» فإذا كان عندك حاجة إلى البول أو الغائط بدأت بذلك، الطعام حاضر بدأت بذلك، شغل شاغل أزلته واسترحت منه حتى تدخل الصلاة وأنت خاشع القلب حاضر القلب، الفريضة والنافلة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 9 2 - وجوب العناية بالخشوع والطمأنينة في الصلاة س: هل صحيح أن الصلاة التي ليس فيها خشوع تام لله عز وجل لا يقبلها منا (1)؟ ج: هذا على كل حال فيه خطر، والمطلوب من المصلي أن يخشع في صلاته ويقبل عليها؛ لأن الله سبحانه قال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3)   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (31) (2) سورة المؤمنون الآية 1 (3) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 9 فالإقبال على الصلاة وخشوعها من أهم المهمات، وهو روحها، فينبغي العناية بالخشوع والطمأنينة في الصلاة: في سجوده، في ركوعه، بين السجدتين، بعد الركوع حين يعتدل، يخشع ويطمئن، ولا يعجل سواء كان رجلا أو امرأة جميعا، وإذا أخل بالخشوع على وجه يكون معه النقر في الصلاة وعدم الطمأنينة تبطل الصلاة، أما إذا كان يطمئن فيها ولكن قد تعتريه بعض الهواجس هذا لا يبطل الصلاة لكن ليس له من صلاته إلا ما عقل منها وما خشع فيه، وما أقبل عليه، يكون له ثواب ذلك، وما فرط فيه يفوته ثوابه، فينبغي للعبد أن يقبل على الصلاة، ويطمئن فيها، ويخشع فيها لله عز وجل، حتى يكمل ثوابه، ولكن لا تبطل إلا إذا أخل بالطمأنينة، إذا ركع ركوعا ليس فيه طمأنينة، يعجل، ما تخشع الأعضاء فالواجب أن يطمئن حتى يرجع كل فقار إلى مكانه حتى يتمكن من قول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وحتى يتمكن من قول: سبحان ربي الأعلى في السجود، وحتى يتمكن من قول: ربنا ولك الحمد بعد الرفع من الركوع، وحتى يتمكن من قول: رب اغفر لي، يطمئن، هذا لا بد منه. ولما رأى النبي صلى الله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 10 عليه وسلم رجلا لم يطمئن في صلاته بل ينقرها، أمره أن يعيد، فقال له: «صل فإنك لم تصل (1)» والطمأنينة من أهم الخشوع، وهي خشوع واجب في الصلاة في الركوع والسجود وبين السجدتين، وحال الاعتدال عند الركوع، هذا يسمى طمأنينة ويسمى خشوعا، لا بد من هذه الطمأنينة، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، إذا ركع اطمأن حتى ترجع العظام إلى محلها، وكل فقار إلى مكانه، وإذا رفع اطمأن وهو واقف، وإذا سجد يطمئن حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وهكذا بين السجدتين، يطمئن يهدأ، ولا يعجل حتى يعود كل فقار إلى مكانه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة، برقم (793)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 11 3 - حكم صلاة من عنده وسواس يذهب بخشوعه س: يقول هذا السائل: هل الذي لا يخشع في صلاته كالذي لا يصلي، وماذا يعمل من كانت عنده وساوس من الشيطان تمنعه من الخشوع في صلاته؟ أرشدونا جزاكم الله خيرا. ج: الطمأنينة لا بد منها، جاء في حديث الأعرابي أن النبي أمره الجزء: 8 ¦ الصفحة: 11 بإعادة الصلاة. وقال له: إنك ما صليت ولو مت على هذا، مت على غير الفطرة، التي فطر عليها محمد صلى الله عليه وسلم فلا بد من الطمأنينة في ركوعه وسجوده، وبين السجدتين وبعد الركوع لا بد أن يطمئن ويخشع، يقول الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) لا بد أن يطمئن، إذا سجد اطمأن، حتى يرجع كل فقار في مكانه، وإذا ركع اطمأن حتى يرجع كل فقار في مكانه، وإذا رفع من الركوع اطمأن، حتى يرجع كل فقار في مكانه، وإذا جلس بين السجدتين اطمأن، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، هذا هو الواجب على المصلي، أما الوساوس فالواجب التعوذ بالله من الشيطان، إذا عرض لك انفث عن يسارك: ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله من الشيطان، تزول إن شاء الله، جاهد نفسك، ولا تطاوع الشيطان بالوساوس، بل احذرها وارفضها، وتعوذ بالله من الشيطان، عند وجودها اتفل عن يسارك ثلاث مرات، وقل أعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات، تزول إن شاء الله.   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 12 4 - حكم الطمأنينة في الصلاة س: الأخ: س. ف. ر. يقول: هل تبطل الصلاة إذا كانت بدون خشوع، وكيف يكون الخشوع في الصلاة (1) ج: إذا كانت بغير طمأنينة بطلت، أما كمال الخشوع فما هو بشرط، لكن لا بد من الطمأنينة، في ركوعه وسجوده، وبين السجدتين، وبعد الركوع، فإذا اطمأن صحت، ولو كان الخشوع ليس بكامل، لأن الله قال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3)، كمال الخشوع من كمال الصلاة، لكن إذا اطمأن في ركوعه وسجوده، وبين السجدتين، وبعد الركوع صحت صلاته، وإن كان لم يأت بالخشوع الكامل الكثير.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (427) (2) سورة المؤمنون الآية 1 (3) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 13 5 - بيان أن استحضار عظمة الله تعالى سبب للخشوع في الصلاة س: ما هي أسباب الخشوع في الصلاة (1) ج: أسباب الخشوع في الصلاة الإقبال على الله، وتذكر أنك بين يديه، وأنك في حضرته سبحانه وتعالى، وأنك تناجيه جل وعلا، وهذه   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (227) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 13 الصلاة أعظم العبادات، وأهمها بعد التوحيد، فإذا تذكرت هذه الأمور، خشع قلبك، كما قال الله سبحانه وتعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى (3)» المقصود أن الإنسان بين يدي ربه في الصلاة، فليستحضر هذا الأمر العظيم حتى يخشع قلبه، وفي الحديث الآخر: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يناجي ربه، فلا يبصقن قبل وجهه، ولا عن يمينه، ولكن عن يساره، وتحت قدمه (4)» فأنت يا عبد الله بين يدي الله واقف بين يديه تناجيه وتقرأ كتابه وتركع وتسجد بين يديه تخشع له في هذه الحالة واستحضر هذه العظمة له وأنك بين يدي الملك العظيم الذي لا أعظم منه   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 (3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم، من حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه، برقم (20823)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء في كراهية مسح الحصى في الصلاة، برقم (379)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في مسح الحصى في الصلاة، برقم (945)، والنسائي في كتاب السهو، النهي عن مسح الحصى في الصلاة، برقم (1191) (4) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 14 سبحانه وتعالى، وهذا كل ما يسبب الخشوع لك وانكسارك بين يديه سبحانه وتعالى. س: سائلة تقول: كيف أعمل حتى يكون فكري محصورا أثناء تأدية الصلاة (1)؟ ج: عليك المجاهدة، عليك أن تجاهدي نفسك، حتى تجمعي قلبك وفكرك في الصلاة، إذا كان هناك شواغل تنجزينها قبل الصلاة، حاجات في البيت تنجزينها قبل الصلاة إذا استطعت ثم تفرغي للصلاة، بقلب حاضر، أكل حاضر كلي من الأكل الحاضر، حاجة حاضرة يمكن أن تشوش عليك قدميها سلميها لأهلها اقبضيها، حتى تأتي الصلاة وأنت في حالة خشوع وإقبال، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان (2)» الإنسان يلاحظ إذا كان عنده طعام يأكل حاجته، يحس بالبول أو الغائط يقضي حاجته، له شغل مهم يقضيه، فالوقت واسع بحمد الله، ثم يأتي الصلاة بقلب حاضر خاشع، وقبل هذا إن كانت امرأة في البيت أو مريض، أما إذا   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (248) (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 15 كان رجلا فعليه أن يعتني بالشواغل التي عنده قبل الصلاة، يعتني بها قبل الصلاة، قبل الوقت، ثم يذهب إلى المسجد، ويصلي مع الناس بقلب حاضر خاشع، فالصلاة عمود الإسلام، أمرها عظيم، قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2)، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «جعلت قرة عيني في الصلاة (3)» فالواجب على الرجل والمرأة العناية بهذا الأمر، الرجل يقضي حوائجه قبل الصلاة، قبل الأذان حتى يتفرغ للصلاة، فيذهب للمسجد، والمرأة كذلك تعتني، فإذا حضرت الصلاة فإذا هي فارغة، مستعدة للصلاة بقلب خاشع، وإن عرض عارض قدمته ما دام الوقت واسعا، الحمد لله، بحضرة طعام تأكل الطعام، إذا حضرها بول أو غائط تبادر تقضي حاجتها، ثم تتوضأ، جاءها ضيف تسلم عليه، وتقضي حاجته، ثم تصلي ما دام الوقت واسعا، حتى تصلي صلاة مضبوطة قد أقبلت عليها بقلبها، وحضرت فيها بقلبها، وخشعت فيها لله، هكذا المؤمن مع الطمأنينة وعدم العجلة، وعدم النقر، الإنسان يركع ويطمئن، فيقول: سبحانه ربي   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 (3) أخرجه النسائي في كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، برقم (3940) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 16 العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، لا يعجل ثم يرفع ويقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، إذا كان إماما ومنفردا، ويطمئن على رفعه يعتدل ويقول: «ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا، مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد (1)» وهو مطمئن معتدل واضعا يمينه على شماله، على صدره، هذه السنة، وإن زاد قال «أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (2)» فهذا مسموح، يفعله النبي بعض الأحيان – عليه الصلاة والسلام، ثم يسجد ويطمئن في السجود، ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ثلاث مرات، أو أكثر، أدنى الكمال ثلاث، وإن زاد خمسا أو سبعا كان أفضل، ويدعو في سجوده ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. في الركوع والسجود: سبوح قدوس رب   (1) أخرجه مسلم في كتب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 17 الملائكة والروح، سبحان ربي ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، كل هذا يقال في الركوع والسجود، ولكن في السجود يدعو زيادة، اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم ارزقني الفقه، في دينك، اللهم اغفر لي ولوالدي، وللمسلمين، ونحو هذا من الدعوات في سجوده، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «أقرب ما يكون العبد لربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «فأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2)» أي: حري أن يستجاب لكم، فالمقصود من هذا كله أن الإنسان يعتني بالأسباب التي تعينه على الخشوع، قبل الدخول في الصلاة حتى يحضر فيها بقلبه، وحتى يطمئن ويخشع لربه، لأن الصلاة لها شأن عظيم، ولبها وروحها الخشوع، وفق الله الجميع للتوفيق والهداية.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 18 6 - حكم العجلة في أداء الصلاة س: السائلة: أم عبد الله، من حائل، تقول: ما حكم التسرع، أو السرعة في الصلاة، مع العلم بأن الصلاة كاملة ولا ينقص منها شيء (1)؟ ج: الواجب الطمأنينة والركود في الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم اقرأ ما تيسر لك من القرآن (2)» - وفي لفظ آخر: «ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله (3)» - «ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها (4)» ولما أخل بهذا أمره   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (405) (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، برقم (856) (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، برقم (856) (4) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 19 بالإعادة، لا بد من الطمأنينة، فإذا كانت المصلية مطمئنة، والرجل مطمئنا، فلا بأس إذا اطمأن في الركوع، والاعتدال بعد الركوع والسجود، وبين السجدتين، ولكن ما أطال وإلا هو مطمئن فلا بأس لكن كونه يطمئن طمأنينة واضحة جيدة في سجوده وركوعه، وبين السجدتين، وبعد الرفع، تكون الطمأنينة ظاهرة، والاعتدال ظاهرا وافيا يكون أكمل وأكمل، يعني لا يتساهل في هذا؛ لأن بعض الناس قد يعتبر فعله نقرا للصلاة، فإذا اطمأن طمأنينة تجعله غير ناقر للصلاة طمأنينة واضحة فلا بأس. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 20 7 - بيان معنى الموالاة في الصلاة س: تسأل السائلة وتقول: ما معنى الموالاة في الصلاة (1)؟ ج: الموالاة في الصلاة أن يصليها كما شرع الله، فيركع كما شرع الله ويرفع ويعتدل كما شرع الله، ويسجد كما شرع الله، ويعتدل ويطمئن، ويسجد بين السجدتين كما شرع الله، ويطمئن ولا يعجل، هذا يقال له الطمأنينة، والخشوع في الصلاة تسميتها الموالاة تسمية غير ظاهرة، أما   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (412) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 20 أن المقصود الموالاة بين الصلاتين هذا شيء آخر. الموالاة بينهما أن كل صلاة تصلي في وقتها، إلا إذا جمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء والى بينهما، صلى هذه بعد هذه. أما في الصلاة الواحدة، فالمعنى أنه يأتي بأركانها في محلها، مع الطمأنينة، ويسمى هذا خشوعا وطمأنينة، كونه يركد في قراءته، وإذا ركع ركد واطمأن، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وإذا رفع اطمأن واعتدل حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وإذا سجد اعتدل واطمأن حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وإذا جلس بين السجدتين اعتدل واطمئن حتى يرجع كل فقار إلى مكانه هذه الطمأنينة، وهذا الخشوع، هذا لا بد منه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 21 8 - نصيحة في أسباب الخشوع في الصلاة س: أنا فتاة مؤمنة بالله مؤدية لطاعاته أسعى بكل ما يقربني إليه إلا أنني أعيش في دوامة مستمرة من أمري، أعيش في صراع دائم مع نفسي، هذه النفس الأمارة بالسوء، وهي سبب حيرتي وعذابي في حياتي، والذي لا أجد فيها الطمأنينة أبدا، بجميع أعمالي، وخاصة العبادة، وعلى رأسها الصلاة، فعندما أقوم لتأديتها لا أجد ذلك الخشوع والخضوع المطلوبين فيها الجزء: 8 ¦ الصفحة: 21 تراودني أفكار لكن أتعوذ بالله من الشيطان وأستغفر ثم أكمل، ولا ألبث لحظات إلا وأعود لمثلها، ولا أزال حتى أنتهي منها وبعدها أشعر أن صلاتي غير مقبولة، وأن جميع أعمالي غير مقبولة، حتى بكيت كثيرا، واستغفرت كثيرا وتبت إلى الله أكثر من مرة، ولكن أجد نفسي تقودني إلى المعاصي فأنا الآن أعيش في عذاب وقلق وحيرة وخوف أخاف أن ينقضي عمري وأنا على هذه الحالة، وأخاف أن تنقضي حياتي ولم أغتنم منها شيئا، علما بأنني لم أكن كذلك من قبل، فأرجو من فضيلتك أن تشير علي بما يجب فعله حتى أعود كما كنت سابقا وفقكم الله لما يحبه ويرضاه (1) ج: أولا نسأل الله للسائلة أن يوفقها لما فيه رضاه، وأن يصلح قلبها وعملها، وأن يرشدها إلى خير الأمور، وأن يهبها ثباتا واستقامة وصلاحا ورشدا، ويدلها على الخير الذي به الطمأنينة، وبه السعادة العاجلة والآجلة، ونصيحتي: أن تكثر السائلة من القرآن الكريم بالتدبر والتعقل في الأوقات المناسبة مع مطالعة كتب السنة وكتب التفسير التي   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (31) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 22 تنفعك مثل رياض الصالحين، وبلوغ المرام، والوابل الصيب، وتفسير ابن كثير، والبغوي، وابن جرير، هذه التفاسير مفيدة، وتفسير الشوكاني حتى تستفيدي، وحتى تشغلي الوقت بما ينفعك، وأمر آخر وهو مجالسة الأخيار من أهل بيتك والأنس بهم من أب وأم، وأخوات صالحات، تشغلين به بعض الوقت أيضا، وإذا كنت لست ذات زوج، أن تحرصي على الزواج، ولو أن تخطبيه أنت، تنظرين من أقاربك من هو طيب ومن هو صالح لك من أبناء العم أو أبناء الخال أو غيرهم، ممن تعرفين، ثم تطلبين من أبيك أو غيره من أوليائك أن يتوسط في هذا وتقولين بلغني عنه كذا وكذا من غير ريبة بل بالسؤال عنه، تعرفي عليه، فإذا عرفت أنه صالح وأنه جيد قلت لأبيك: إنك تطلبين فلانا حتى يتزوجك، وتنصحي بألا يتكلف بالمهور، ولا في الولائم وأن يتسامح معه في المهر وفي الوليمة، كل هذا من أسباب الهدوء، ومن أسباب الثبات ومن أسباب زوال هذه الوساوس وهذه الأفكار الرديئة، وإن كنت ذات زوج فالحمد لله، عليك أن تعيشي معه طيبا، وأن تعامليه بخير، وأن تعاشريه بالمعروف، وأن تجتهدي في أسباب الألفة معه والمحبة، وقضاء الوطر الشرعي، مع العناية بما يتقدم من قراءة القرآن الكريم بتدبر وكثرة الذكر والاستغفار، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 23 والإكثار من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ومع المطالعة للكتب النافعة، كل هذا من أسباب زوال ما ذكرت من القلق والوساوس التي قد تضرك، وأسأل الله لك الهداية والتوفيق وصلاح النية والعمل. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 24 9 - بيان وجوب مجاهدة النفس وعدم الانشغال عن الصلاة س: ما رأي الشرع فيمن ينشغل عن صلاته، مهما حاول أن يجعلها خالصة دون تفكير (1)؟ ج: عليه أن يجتهد وأن يحاسب نفسه، وأن يتقي الله في ذلك، ومتى اتقى الله أعانه الله {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (2) فعليه أن يتقي الله وأن يحاسب نفسه، ويجاهدها حتى يجمع قلبه على الصلاة، وحتى يخلص لله في صلاته، وحتى يخشع فيها لربه، حتى يدع الأفكار الضارة، وهذا يحتاج إلى جهود كبيرة، وإلى عناية وإلى صدق وإخلاص وإقبال على الله، وسؤاله العون سبحانه وتعالى حتى يجمع الله قلبه على صلاته.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (187) (2) سورة الطلاق الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 24 10 - حكم كثرة الحركة في الصلاة س: ما رأي سماحتكم فيمن يتهاون في الوقوف بين يدي المولى عز وجل، وهو يصلي ويفعل كثيرا من الحركات، فمثلا يقدم قدما عن الأخرى، وهكذا يحرك بعض ملابسه؟ أرجو التوجيه حول هذا جزاكم الله خيرا (1) ج: المشروع للمؤمن في الصلاة الخشوع فيها، والإقبال عليها والطمأنينة، واستحضار أنه بين يدي الله حتى يخشع، يقول الله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3) والطمأنينة ركن من أركان الصلاة، لا بد منها وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا لم يطمئن في صلاته، فأمره أن يعيد الصلاة وقال له صلى الله عليه وسلم: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن (4)» - وفي اللفظ الآخر: «ثم اقرأ بأم القرآن، وبما شاء الله (5)» - «ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (271) (2) سورة المؤمنون الآية 1 (3) سورة المؤمنون الآية 2 (4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، برقم (856) (5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، برقم (856) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 25 حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (1)» فبين له صلى الله عليه وسلم أنه لا بد من طمأنينة، وأنه إذا لم يطمئن فصلاته باطلة، وقد أمره بالإعادة ثلاث مرات حتى قال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني. فعلمه صلى الله عليه وسلم. فالعبث الكثير المتوالي يبطل الصلاة، العبث من المصلي بثيابه أو بأقدامه أو غير ذلك المتوالي الكثير يبطل الصلاة عند أهل العلم، أما اليسير فيعفى عنه، الشيء القليل يعفى عنه، فنصيحتي لكل مؤمن ولكل مؤمنة الخشوع في الصلاة والإقبال عليها، والعناية بها، والطمأنينة والحذر من العبث، لا بالثياب ولا باللحية ولا بغير ذلك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 26 11 - حكم البكاء خشية لله أثناء الصلاة س: هل يجوز البكاء أثناء الصلاة (1)؟   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (110) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 26 ج: نعم، إذا غلبه البكاء خشية لله وتعظيما له وخشوعا عند القراءة وعند سماعها فلا بأس، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبكي وكان الأخيار يبكون وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء في الصلاة، وكان الصديق رضي الله عنه لا يسمع صوته من البكاء، وكان يسمع لعمر رضي الله عنه النشيج بالبكاء وهو يصلي بالناس رضي الله عنه وأرضاه، فالمقصود أنه إذا غلبه ذلك ولم يتعمد للرياء، وإنما غلبه لسماع القرآن أو عند قراءة القرآن، فإنه لا حرج عليه، ولكن ينبغي له أن يجاهد نفسه مهما أمكن في عدم التشويش على الناس أو عدم تفهيمهم لكتاب الله عز وجل فإن المقصود الخشوع مع تفهم الناس كلام الله حتى يستمعوا له ويستفيدوا من كلام الله عز وجل، والذي يغلبه لا يضره. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 27 12 - بيان كيفية المحافظة على أداء الصلاة س: كيف له أن يحافظ على تقوى الله وعلى الصلاة بالذات (1)؟ ج: يجاهد نفسه عليها والله يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (2)،   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (341) (2) سورة العنكبوت الآية 69 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 27 فلا بد من جهاد النفس والشيطان، حتى تؤدي الصلاة مع الجماعة، وحتى تحافظ عليها، وحتى تصحب الأخيار وحتى تبتعد عما حرم الله، لا بد من جهاد للنفس والحذر من طاعة الهوى والشيطان وجلساء السوء، ومن جاهد وصبر وفقه الله وأعانه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 28 13 - بيان ما يحصن المسلم من الشيطان أثناء الصلاة س: أنا مسلم – ولله الحمد والمنة – وأحافظ على الصلاة في أوقاتها مع الجماعة، ولله الحمد، ولكني أعاني السرحان أثناء صلاتي، حتى أنني بعض الأحيان أدخل في صلاتي وأخرج منها، ولم أع ماذا قرأت فيها، دعوت الله كثيرا أن يرزقني الخشوع ولم أيأس ولم أقنط من رحمة الله، وقد قرأت عن الرجل الذي جاء يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلباس الشيطان عليه صلاته، أرجو إرشادي بارك الله فيكم، عن كيفية الاستعاذة من الشيطان أثناء الصلاة، وشرح نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك السائل، جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (149) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 28 ج: المشروع للمسلم إذا دخل في الصلاة أن يقبل عليها بقلبه وقالبه، وأن يستشعر أنه واقف بين يدي الله سبحانه، فيعظمه ويخشع بين يديه، ويقبل على هذه العبادة العظيمة، وبذلك يبتعد عنه الشيطان، فإنه وسواس خناس، وسواس عند الغفلة، خناس عند الذكر، فإذا غلب على المؤمن أو كثر منه الوسواس في حال الصلاة فليستعذ بالله من الشيطان، ولينفث عن يساره ثلاث مرات، قائلا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الصحابي الجليل عثمان بن أبي العاص الثقفي، لما قال له: إن الشيطان قد لبس علي من صلاتي، فأمره عليه الصلاة والسلام أن يتعوذ بالله من الشيطان، وأن ينفث عن يساره وهو في الصلاة ثلاثا، قال عثمان: «ففعلت ذلك فبرئت من هذا الأمر، وعافاني الله منه (1)» أو كما قال رضي الله عنه، فينبغي لك أيها السائل، أن تستشعر عظمة ربك، عند الدخول في الصلاة، وأن تقبل عليها بقلبك، وأن تتدبر ما تقرأ من سورة (الفاتحة) وغيرها، وأن تجتهد في جمع قلبك على الله، فإذا لم يكف ذلك تعوذ بالله من الشيطان   (1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة، برقم (2203) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 29 وانفث عن يسارك ثلاثا، والله سبحانه وتعالى يعيذك منه، ولا تيأس بل عليك بالجد والنشاط في محاربة عدو الله بجمع قلبك على الله، واستحضارك أنك بين يديه ترجو رحمته وتخشى عقابه، وتستشعر أيضا أن هذه الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم العبادات، وهي أم الفرائض بعد الشهادتين، وبهذا الاستحضار وبهذه المراقبة، وبهذا التوجه تسلم إن شاء الله من عدو الله، وفقنا الله وإياك والمسلمين. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 30 14 - حكم من تكثر عليه الوساوس في الصلاة س: تقول أختنا: إنني في بعض الأحيان أقف أصلي بين يدي الله، ولكنني أشعر بأنني أقرأ آية القرآن بشدة، ولا أشعر بخشوع، ولكنني أحاول ولا أستطيع، في بعض الأحيان أشعر بخشوع وأستمر في البكاء من خشية الله، وأتذكر في الصلاة وأندم على أنني لم أخشع في المرات السابقة. هل علي ذنب في هذا، وما هو الذنب؟ أرجو توجيهي جزاكم الله خيرا، وهل يصح الندم والتفكر أثناء الصلاة (1)؟ ج: الخشوع في الصلاة من أفضل القربات، ومن أسباب القبول ومن   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (161) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 30 صفات أهل الإيمان، قال تعالى في كتابه العظيم: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) ولكن لو عرض للإنسان شيء من التفكير وشيء من عدم الخشوع، فصلاته صحيحة لا تبطل بذلك؛ لأن الإنسان عرضة للوساوس والأقدار، التي تعرض له في الصلاة، فلا تبطل صلاته ولا تلزم عليه الإعادة، بل صلاته صحيحة وعليه المجاهدة لنفسه، إذا دخل في الصلاة، وأن يستحضر أنه بين يدي الله، وأن الله شرع له الخشوع، فيجتهد في ذلك ويستعين بالله على ذلك، وإذا كثر عليه الوساوس استعاذ بالله من الشيطان، ونفث عن يساره ثلاثا. يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهو في الصلاة لا حرج في ذلك، فقد سأل عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأنه غلبت عليه الوساوس، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يستعيذ بالله من الشيطان، إذا عرضت له في الصلاة، ففعل ذلك فعافاه الله من ذلك. فالمقصود أن المؤمن والمؤمنة كلاهما يجتهدان في إحضار القلب في الصلاة، والخشوع والإقبال على الصلاة، والتذكر بأن العبد بين يدي   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 31 الله، وأنه يناجيه سبحانه وتعالى، وأن الصلاة عمود الإسلام، وأنها أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فإن هذا التذكر يعينه على الخشوع وعلى حضور القلب، وعلى الإقبال على الصلاة، ولكن متى لم يحضر الخشوع، ولم يستكمل ذلك فإنه لا يضر وصلاته صحيحة والحمد لله، ولا شيء عليه فيما مضى من صلوات، كلها صحيحة، وإنما عليه المجاهدة والاستعانة بالله على ذلك، وسؤاله التوفيق، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (1)، وهو القائل سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2)، فنوصيك أيتها الأخت في الله بكثرة الضراعة إلى الله، ودعائه أن يعينك على ذكره والخشوع في الصلاة، وأن يعيذك من نزغات الشيطان وهمزاته ووساوسه، وهكذا نوصي كل مؤمن وكل مؤمنة بالإقبال على الصلاة، وإحضار القلب فيها والخشوع فيها، والحرص على السلامة من الوساوس، وسائر ما يقدح في الصلاة أو يضعف أجرها. والله ولي التوفيق.   (1) سورة البقرة الآية 186 (2) سورة غافر الآية 60 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 32 15 - بيان أسباب الحصول على لذة العبادة س: الأخ: أبو محمد من الرياض يقول: ما هي أسباب فقدان اللذة في العبادة؟ وكيف علاجها عمليا؟ جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: لا شك أن العبادة لله عز وجل، لها لذة عظيمة في قلب المؤمن والمؤمنة، يقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «وجعلت قرة عيني في الصلاة (2)» ويقول لبلال رضي الله عنه: «فأرحنا بالصلاة (3)» يعني أقمها حتى نستريح فيها، فالصلاة هي أعظم العبادات بعد الشهادتين، راحة للقلوب، وقرة عين ونعيم للروح، لمن أقبل عليها وحضر فيها بقلبه، وخشع فيها لله، واستحضر أنها عمود الإسلام، وأنها مناجاة للرب عز وجل ووقوف بين يديه، فبذلك يرتاح فيها، وتقر عينه، ويجد لذة لها في نفسه، في قيامه وقراءته وركوعه وسجوده، وسائر ما شرع الله فيها فنصيحتي لكل مؤمن وكل مؤمنة: الإقبال على العبادة من صلاة وغيرها، وإحضار القلب فيها، والشعور بأنه يفعلها لله وحده، يرجو ثوابه   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (280) (2) أخرجه النسائي في كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، برقم (3940) (3) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في صلاة العتمة، برقم (4986) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 33 ويخشى عقابه، وأن له في ذلك الخير العظيم عند الله عز وجل، إذا أخلص له، وفعلها على وجه السنة، لا على وجه البدعة، فالصلاة، والزكاة، والصدقات، والصيام، والحج والعمرة، والأذكار الشرعية وقراءة القرآن الكريم، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر كلها عبادات، لها لذة عظيمة في الصدور وراحة في القلوب، ونعيم للروح يتذكر فيها المؤمن أنه يفعل شيئا لله عز وجل، وأنه شيء أمر الله به، وأنه شيء يرضى عنه، فيرتاح لذلك، ويستلذ بذلك وتقر عينه بذلك؛ لما فيه من امتثال أمر الله ولما فيه من الخير العظيم، من جهة الثواب الجزيل من الله، وما يترتب عليه من تكفير السيئات، وحط الخطايا، والفوز بالجنة والنجاة من النار، وهكذا ما يترتب على الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مصلحة العباد، وتوجيههم إلى الخير وإعانتهم على ما شرع الله، وعلى ترك ما حرم الله، فكل هذا مما تستلذه النفوس الطيبة، وترتاح له القلوب وتقر به العيون، عيون المؤمنين والمؤمنات، قال جل وعلا في كتابه العظيم، وهو أصدق القائلين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (1) {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (2) {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (3)،   (1) سورة الأنفال الآية 2 (2) سورة الأنفال الآية 3 (3) سورة الأنفال الآية 4 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 34 وقال عليه الصلاة والسلام: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل (1)»، وإنما عدل لأنه يخاف الله ويرجوه، «وشاب نشأ في عبادة الله (2)»؛ لما استلذها بعدما عرف ما فيها من الخير، ولما وقر في قلبه من تعظيم الله، والإخلاص له، ومحبته سبحانه والرغبة فيما عنده، «ورجل قلبه معلق بالمساجد (3)»، إنما تعلق بالمساجد؛ لما وجد في الصلاة من الخير والراحة والطمأنينة والنعيم، «ورجلان تحابا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرقا عليه (4)»؛ لما يجدان في المحبة في الله من الخير العظيم، وراحة القلوب ونعيم الأرواح، والأنس العظيم؛ لأنهم يعلمون أن هذا يرضي الله، وأن الله شرع لهم ذلك، وأنه يحصل به من الخير العظيم ما الله به عليم من التعاون والتواصي بالحق والتناصح، الخامس: «رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله (5)»، لماذا قال هذا؟ لما وقر في قلبه من محبة الله وتعظيمه وخوفه ومراقبته سبحانه وتعالى، حتى ترك هذه المرأة التي دعته إلى الفجور وهي ذات منصب وجمال، فأبى عليها خوفا من الله، ورغبة فيما عنده، وأنسا بطاعته وتلذذا بما يرضيه سبحانه وتعالى، وهكذا المرأة إذا   (1) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (2) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (3) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (4) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (5) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 35 دعاها ذو منصب وجمال إلى الفاحشة فقالت: إني أخاف الله. وابتعدت عن ذلك؛ لما وقر في قلبها من المحبة لله والنعيم الروحي، واللذة لطاعة الله، واتباع شريعته. السادس: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه (1)»، لماذا؟ لما وقر في قلبه من محبة الله وتعظيمه، وأنه سبحانه يعلم كل شيء ولا يخفى عليه خافية، وأنه يحب الإخلاص له ويحب العمل من أجله سرا، فلهذا لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه، من عظيم إخلاصه وعظيم رغبته فيما عند الله، وعدم مبالاته برياء الناس وحمد الناس وثنائهم، والسابع: «رجل ذكر الله خاليا (2)»، رجل ذكر الله خاليا، ليس عنده أحد، «ففاضت عيناه (3)» خوفا من الله، وتعظيما له ومحبة له سبحانه، وأنسا به عز وجل، فصار من السبعة الذين يظلهم الله في ظله. والخلاصة أن الإقبال على الله في العبادة، واستحضار عظمته، وأنك تريد وجهه الكريم، وأنك فعلت هذا ابتغاء مرضاته، وطاعة   (1) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (2) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (3) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 36 لأمره، ومحبة له سبحانه، وحرصا على ما يرضيه، ويقرب لديه، كل هذا مما يجعلك تستلذ بالعبادة وتقبل عليها وترتاح لها وتتنعم بها. أما من يشكو عكس ذلك لقسوة القلب عليه أن يعالج ذلك؛ ليحصل الإكثار من ذكر الله، وقراءة القرآن الكريم، والحذر من الذنوب والمعاصي، والتوبة إلى الله مما سلف، مع الصدق في ذلك، فإذا صدق مع الله بالتوبة من المعاصي، وبالإكثار من ذكر الله وفي الإقبال على عبادته بقلبه، واستحضار عظمة الله، وأنه سبحانه وتعالى يراقبه: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} (1) سبحانه وتعالى، وأن معه ملكين، أحدهما يكتب الحسنات، والثاني يكتب السيئات، باستحضاره هذه الأمور يلين قلبه، ويخشع قلبه، ويستلذ بالطاعة ويرتاح لها ويأنس بها.   (1) سورة الأحزاب الآية 52 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 37 16 - حكم تأخير الصلاة عن وقتها عند الشعور بالتعب الشديد س: هل يجوز تأخير الصلاة عند الشعور بالتعب الشديد؛ حتى أرتاح لأتمكن من إتقان الصلاة؟ وهل يجوز إعادة الصلاة عند السرحان الكثير فيها وعدم التركيز (1)؟   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (349) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 37 ج: المشروع للمؤمن أن يأتي الصلاة بقلب حاضر خاشع، وأن يقبل عليها حتى يؤديها في غاية العناية، والإقبال عليها والإخلاص لله والخشوع فيها، كما قال الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2)، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته، قيل: يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها (3)» فالواجب على المؤمن والمؤمنة العناية بالصلاة، وأن يكملها ويتم ركوعها وسجودها، لكن إذا كان في أول الوقت عنده تعب فإنه لا بأس أن يستريح، بل الأفضل له أن يستريح ولو صلاها في أثناء الوقت؛ لأنه إذا صلاها في أثناء الوقت، ولو في آخره مع الراحة والطمأنينة والخشوع كان أفضل من صلاتها في غير خشوع ولا طمأنينة، لكن لا يؤجلها إلى خروج الوقت، لا بد أن تفعل في الوقت، فالتأخير إلى نصف الوقت، ثلث الوقت للحاجة الشرعية من التعب أو شدة المرض ونحو هذا، لا   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 (3) أخرجه مالك في الموطأ كتاب النداء للصلاة، باب العمل في جامع الصلاة، برقم (403)، وأحمد في مسنده، مسند المكثرين حديث أبي سعيد الخدري، برقم (11138) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 38 بأس بذلك والحمد لله، لكن يعتني في إكمالها وإتمامها والطمأنينة فيها، في أي وقت فعلها، لا بد من الطمأنينة؛ لأن الطمأنينة ركن فيها لا بد منه، أما كمال الخشوع كمال العناية فهذا أفضل، ولكن الطمأنينة أن يركع مطمئنا، ويسجد مطمئنا، ويجلس بين السجدتين مطمئنا، يعتدل بعد الركوع مطمئنا، هذا لا بد منه، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته أن يعيد ما أخل فيه بهذه الطمأنينة، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم من أخل بهذا سارقا، قال: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته، قيل: يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها (1)»   (1) أخرجه مالك في الموطأ كتاب النداء للصلاة، باب العمل في جامع الصلاة، برقم (403)، وأحمد في مسنده، مسند المكثرين حديث أبي سعيد الخدري، برقم (11138) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 39 17 - حكم إيقاظ الأولاد للصلاة وهم دون سن البلوغ س: سائلة من جمهورية مصر العربية تقول: هل لنا أن نطالب الأبناء والبنات، الذين لم يتجاوزوا الثانية عشرة، إذا كانوا مصابين بالإرهاق أو التعب، أو مصابين بأحد الجروح أو الكسور، هل لنا أن نوقظهم للصلاة، ونطلب منهم أن يقضوا هذه الصلاة (1)؟   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (397) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 39 ج: نعم يعلمون ويوقظون للصلاة، ويصلون على حسب أحوالهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (1)» فيوقظ لوقت الصلاة، ويصلي على حسب حاله؛ إن استطاع قائما صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، وإن لم يستطع صلى على جنب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين لما مرض: «صل قائما؛ فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2)» هذا هو الواجب على الوالدين مع أولادهم؛ تنفيذا لأمر النبي عليه الصلاة والسلام، على حسب الطاقة، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3)، ولو كان غير بالغ ما دام بلغ سبعا فأكثر، فالذي بلغ السبع ودون العشر يؤمر أمرا ولا يضرب، أما إذا بلغ عشرا   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة؟، برقم (495) (2) أخرجه البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)، وقوله: فإن لم تستطع فمستلقيا زادها النسائي كما ذكره المجد بن تيمية في المنتقى. (3) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 40 فأكثر فإنه يؤمر ويضرب إذا تخلف، ويصلي على حسب حاله، إذا كان مريضا أو فيه جرح، أو نحو ذلك يعلم ويوجه ويصلي على حسب حاله، كالبالغ. وفق الله الجميع. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 41 18 - حكم التفكير أثناء أداء الصلاة بالجنة والنار س: هل يجوز أن يفكر المصلي وهو في صلاته في القبر وفي عذابه، وفي الجنة والنار والموت (1)؟ ج: لا مانع من ذلك إذا لم يشغله عما شرع الله له، يعني: تفكير عارض لا يشغله عن واجباته ولا عن سننه.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (182) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 41 19 - حكم صلاة من غلبه التفكير في أحوال الدنيا خارج الصلاة س: إنسان يؤدي الصلاة على الوجه المطلوب، فهو يتم أركانها وواجباتها، ومسنوناتها، إلا أنه يغلب عليه التفكير في أحوال الدنيا، ومشاغلها ومشكلاتها فهل صلاته صحيحة (1)؟   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (188) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 41 ج: الصلاة صحيحة: لكن ينبغي له أن يجاهد نفسه حتى يجمع قلبه على صلاته، وحتى تنقطع عنه تلك الأفكار والهموم التي تتعلق بدنياه، فالمقام مقام مجاهدة، فالمؤمن يجاهد نفسه إذا دخل في الصلاة، ويحرص على جمع قلبه على الخشوع بين يدي الله وتعظيمه، ويتذكر أنه واقف بين يدي الله العظيم، حتى يخشع له سبحانه، وحتى يعظم حرمة المقام، وحتى يجمع قلبه على خوفه وخشيته وتعظيمه، ويتدبر ما يقرأ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 42 20 - بيان ما يلزم من يكثر النسيان في الصلاة س: المرسل: أبو عزام من مكة المكرمة، له ثلاث قضايا، كتب عنها بشكل مطول، لخصت ما كتبه في القضية الأولى من أنه يشكو عدم الطمأنينة في الصلاة، حتى أنه يقرأ الفاتحة مكان التحيات في بعض الأحيان فبماذا توجهونه حتى يكتسب الطمأنينة في صلاته (1)؟ ج: أوصي الأخ أبا عزام بالإقبال على الله في صلاته، واستحضار أنه بين يدي الله، وأن هذه الصلاة هي عمود الإسلام، وأنها أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فإن استحضر هذا فإن الله سبحانه يعينه على الطمأنينة   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (336) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 42 والخشوع وعدم النسيان، والله يقول جل وعلا: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} (1)، ويقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (3)، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (4)، الوصية له بتقوى الله، والإقبال على الصلاة، وإحضار القلب بين يدي الله، والتعوذ بالله من الشيطان. وإذا غلبته الوساوس ينفث عن يساره ثلاث مرات، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ثلاث مرات، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص، ففعل ذلك فأذهب الله عنه وساوس الشيطان، والمقصود أنه يتعوذ بالله من الشيطان، وينفث عن يساره ثلاث مرات إذا كثرت عليه الوساوس، يجمع قلبه على الله، وأنه بين يدي الله، وأنه يناجي ربه، فيستحضر عظمة الله، وأن الواجب خشيته وتعظيمه حتى يزول عنه هذا الهاجس الذي يشغله.   (1) سورة الأنفال الآية 29 (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة الطلاق الآية 2 (4) سورة الطلاق الآية 4 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 43 21 - حكم من يسرع في أداء صلاته خوفا من انتقاض الوضوء س: تقول هذه السائلة: إنني في بعض الأحيان أسرع في تأدية الصلاة حفاظا على الوضوء، فما هو توجيهكم (1)؟ ج: الواجب الطمأنينة الركود في الصلاة، والخشوع وعدم العجلة حتى يرجع كل عضو إلى مكانه، كل فقار إلى مكانه، لا تعجلي، استقيمي أولا حتى تقرئي الفاتحة وما تيسر معها، والركود في القيام، ثم اركعي وضعي يديك على ركبتيك، وسوي ظهرك مع رأسك، واخشعي ولا تعجلي، وقولي: سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم. والواجب مرة، لكن تكرار ثلاث أو أكثر أفضل مع الطمأنينة، ثم ارفعي، وتقولين عند الرفع: سمع الله لمن حمده. ثم تقولين: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. هذا هو الأفضل مع الطمأنينة، وإن اقتصرت على: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. كفى، لكن مع الطمأنينة وعدم   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (319) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 44 العجلة، لا بد من الركود وأنت واقفة، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، لكن السنة التحميد: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. ثم تكبرين ساجدة: الله أكبر. ساجدة، تسجدين على الأعضاء السبعة: على الجبهة والأنف والكفين والركبتين، وأطراف القدمين: بطون القدمين، بطون الأصابع، تخشعين في السجود، وتطمئنين حتى يرجع كل فقار في مكانه، خشوعا وطمأنينة وعدم عجلة، تقولين: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. والأفضل ثلاث مرات، وإن زدت خمسا أو سبعا كان أفضل، والواجب مرة مع الركود والطمأنينة وعدم العجلة وإخلاص الدعاء، في السجود تدعين في السجود: اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي ذنبي كله؛ دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره. كان النبي يداوم على هذا الدعاء، وكان يدعو بهذا الدعاء، اللهم صل عليه وسلم، يقول في دعاء سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله؛ دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (1)» وإن دعوت بغير ذلك من الدعوات الطيبة كان مناسبا، مثل: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف   (1) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 45 عني، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كان والداك مسلمين – اللهم أدخلني الجنة، اللهم أنجني من النار، اللهم اغفر لي ولوالدي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (1)» فقمن يعني: حري أن يستجاب لكم، وقال عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (2)» فالحاصل أن عليك الطمأنينة وعدم العجلة، عليك أن تتطمأني في صلاتك، وتخشعي ولا تعجلي، فإذا نقرتها نقرا ليس فيه طمأنينة بطلت، فلا بد من الطمأنينة حتى يرجع كل فقار إلى مكانه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 46 22 - نصيحة لمن لا يخشع في صلاته س: تسأل وتقول: إنني – ولله الحمد – أصلي الصلوات الخمس في أوقاتها، ولكني في أغلب الأحيان لا أشعر بخشوع وخضوع في الصلاة، فبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (239) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 46 ج: أنصحك بأن تجتهدي في طلب الخشوع، يقول الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2)، فعليك أن تجتهدي في طلب الخشوع؛ باستحضار عظمة الله وأنك بين يديه، وأن هذه الصلاة عمود الإسلام، وأن الخشوع من كمالها وتمامها، فاستحضري هذا عند دخولك في الصلاة، استحضري أنك بين يدي الله، الرب العظيم الذي خلقك من العدم وغذاك بالنعم، وأوجب عليك الصلاة، استحضري هذا الرب العظيم، وأن الواجب الخضوع له، وأن تؤدي هذه العبادة في غاية من الكمال والتمام الذي أمر الله به، حتى تخشعي حتى يخضع قلبك، حتى يطمئن حتى يخشع لله، حتى يبكي من خشيته، استحضري عظمة الله وكبرياءه، وأنه ربك وإلهك، وأن هذه الصلاة عمود الإسلام، وأنك كلما خشعت فيها زاد أجرك، وزاد ثوابك، ومتى جاهدت نفسك حصل الخير كله، ولكن لا يضر، الصلاة صحيحة ولو كان فيها بعض النقص بسبب عدم الخشوع الكامل، لكن لا يضر الصلاة، الصلاة صحيحة، إنما ينقض الأجر، كلما زاد الخشوع زاد الأجر، وكلما ضعف الخشوع ضعف الأجر، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبد   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 47 ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها (1)» بسبب الخشوع وعدمه، كلما زاد الخشوع زاد الأجر، وكلما نقص الخشوع نقص الأجر، والصلاة مجزئة. وفق الله الجميع. س: أثناء تأديتي للصلوات فإنني لا أؤديها بخشوع، وأنا أحس بذلك أنني لا أؤديها بخشوع، وأيضا فأنا أسرع وأكثر الحركة فيها، هل علي إثم في ذلك؟ وهل ينقص أجري فيها علما بأن ذلك خارج عن إرادتي (2)؟ ج: الواجب عليك الطمأنينة، لا بد من الطمأنينة في الصلاة، أن تركعي مطمئنة وترفعي وتعتدلي مطمئنة، تسجدي مطمئنة حتى يرجع كل فقار في مكانه، تجلسي بين السجدتين مطمئنة، وإذا تيسر زيادة من خشوع وطمأنينة، وإحضار القلب والإكثار من التسبيح في السجود والركوع، والدعاء في السجود كان هذا أكمل مع الحذر من الوساوس،   (1) أخرجه أحمد في مسند الكوفيين، حديث عمار بن ياسر، برقم (18415)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في نقصان الصلاة، برقم (796) (2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (349) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 48 إذا أحسست بشيء تعوذي بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2)، لا بد من جهاد، والله سبحانه يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (3)، فعلى الرجل والمرأة العناية بالصلاة، والحرص على الخشوع فيها والطمأنينة، وأداء المشروعات من الأذكار والدعاء، في الركوع يقول المصلي: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ثلاثا، أو أكثر، والواجب مرة، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. كل هذا مشروع، وفي السجود كذلك: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ثلاث مرات أو أكثر، والواجب مرة، ويكثر من الدعاء في السجود، ويقول: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم رب اغفر لي. في السجود كالركوع، ويقول: سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، في السجود، كما يقوله في الركوع، المقصود أن السنة للمؤمن أن يجتهد في أداء المشروعات مع وجود الطمأنينة، والطمأنينة لا بد منها في الركوع والسجود وبين السجدتين وبعد الركوع، حين يعتدل لا بد من الطمأنينة في جميع   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 (3) سورة العنكبوت الآية 69 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 49 الأركان مع هذا زيادة خشوع، وزيادة التسبيح في الركوع والسجود، وكثرة الدعاء في السجود، كل هذا حسن. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 50 23 - حكم إغماض العينين أثناء الصلاة طلبا للخشوع س: عندما أصلي في البيت فإنني أنشغل في الصلاة بالنقوش المرسومة على السجاد، فلا أستطيع الخشوع في صلاتي، فهل يصح لي أن أغمض عيني في أثناء الصلاة (1)؟ ج: ترك الإغماض أفضل وأولى، ويستحب لك أن تلتمسي مصلى ليس فيه نقوش، سجادة ما فيها نقوش أو غيرها، ولو أغمضت لا حرج، لكن ترك ذلك أفضل، والإغماض لا بأس به إلا أن تركه أولى.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (351) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 50 24 - حكم من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر س: ما حكم من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر (1)؟ ج: حكمه أنه مفرط وعلى خطر عظيم، فالواجب عليه أن يحاسب نفسه، وأن يتوب إلى الله من سيئ عمله، ومن تاب تاب الله عليه، يقول   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (332) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 50 الله سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2)» فالواجب على كل مؤمن وكل مؤمنة التوبة إلى الله من سيئ الأعمال، وأن يحاسب نفسه، وأن يجاهدها لله، يرجو ثوابه ويخشى عقابه، ومن صدق في ذلك وجاهد نفسه في طلب الحق، وترك الباطل أعانه الله وهداه السبيل، كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (3)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (4) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (5)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (6). فالواجب على جميع المؤمنين والمؤمنات التوبة إلى الله سبحانه من جميع الذنوب، وجهاد النفس والشيطان، والحذر من جلساء السوء، والحرص على صحبة الأخيار، مع الضراعة إلى الله وسؤاله التوفيق   (1) سورة النور الآية 31 (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (3) سورة العنكبوت الآية 69 (4) سورة الطلاق الآية 2 (5) سورة الطلاق الآية 3 (6) سورة الطلاق الآية 4 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 51 والهداية، وهو سبحانه نعم المجيب ونعم المستعان، وهو القائل عز وجل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1)، وهو القائل سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (2)، وفق الله الجميع.   (1) سورة غافر الآية 60 (2) سورة البقرة الآية 186 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 52 25 - وصية لمن يريد الخشوع في الصلاة س: من منطقة جيزان رسالة من الأخت: ف. ح. ع. تقول: إنني امرأة متزوجة، وقد هداني الله سبحانه وتعالى إلى عبادته والمحافظة على الصلاة المكتوبة، والنوافل وصلاة الضحى وصلاة الليل، وطاعة زوجي والبر بالوالدين، وكنت أشعر بالخشوع والخوف عند الصلاة، وعندما أتلو الآيات القرآنية، والأحاديث المشتملة على الترغيب والترهيب، عن الجنة والنار أو عذاب القبر، أو الآخرة عموما، إلا أنني يا سماحة الشيخ أصبحت منذ فترة لا أشعر بذلك الخشوع والخوف عندما يمر بي ذكر شيء من ذلك الذي شرحته سابقا، أرجو إفادتي عن سبب عدم خشوعي، مع أنني ما زلت أحافظ على الصلاة المكتوبة والنوافل، كما أرجو الجزء: 8 ¦ الصفحة: 52 إرشادي إلى كيفية التغلب على نفسي، حتى يعود إلي الخشوع كما كان سابقا، جزاكم الله خيرا (1) ج: نوصيك بالإكثار من ذكر الله، وسؤاله أن يعمر قلبك بخشيته وتعظيمه، ولعله عرض لك شيء من أمور الدنيا، أو المشاغل الزوجية أو البيتية أو ما أشبه ذلك، فنوصيك بالضراعة إلى الله، وسؤاله أن يعمر قلبك بخشيته وتقواه وتعظيمه، ونوصيك أيضا بالإكثار من قراءة القرآن، والإكثار من ذكر الله عز وجل، وتسبيحه وتهليله، فإن هذا من أسباب خشوع القلب، والرجوع للحالة الطيبة السابقة إن شاء الله.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (347). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 53 26 - قسوة القلب وأسبابها س: أحيانا تنتاب الإنسان قسوة قلب، سماحة الشيخ هل من كلمة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم، قد تكون هذه القسوة إما بسبب ذنب، أو بسبب معصية فعلها الإنسان، وقد تكون بأسباب غفلة وإعراض، وقد تكون الأسباب   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (347). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 53 مجالسة للأشرار، وقد تكون لمشاغل أهل البيت، إلى غير ذلك، فعليه أن يتحرى الأسباب التي سببت القسوة حتى يتخلص منها، يتحرى وينظر ويحاسب نفسه، حتى يبتعد عن تلك الأشغال أو تلك الأسباب التي سببت القسوة والغفلة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 54 27 - شرح عبارة: إن المعصية تقول: أختي أختي، والحسنة تقول: أختي أختي س: يحفظ عن بعض الصالحين عبارة مفادها: إن المعصية تقول: أختي أختي، والحسنة تقول: أختي أختي. هل تتفضلون بشرح هذه العبارة سماحة الشيخ (1)؟ ج: نعم، جاء عن بعض السلف هذا المعنى، ومعنى آخر بلفظ: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقاب السيئة السيئة بعدها. المقصود أن المؤمن ينبغي له أن يجتهد في مواصلة الحسنات، والأعمال الصالحات، وأن يجتهد في ذلك حتى تكون سجية له، وإذا وقع في السيئة فليحذر أن يصلها بأخرى، وليتب وليبادر بالتوبة، حتى لا تكون سيئة أخرى وسيئة ثالثة، فإن الشيطان يجره إلى السيئة، وإذا فعل   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (347). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 54 السيئة جره إلى السيئات الأخرى، والملك يجره إلى الحسنة، فإذا فعل حسنة الملائكة تملي عليه الحسنات، فهو بهذه الحال يجتهد في متابعة الحسنات، والإكثار من ذكر الله، والحذر من الشواغل، وعليه أن يحذر السيئات، ومن فعل السيئة فلينتبه، وليتب وليحذر أن يتبعها بأخرى. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 55 28 - حكم قطع الصلاة بسبب الرائحة الكريهة س: ما حكم قطع الصلاة والانتقال إلى مكان آخر إذا كان بجانبي إنسان كريه الرائحة، ولا سيما بأنه قد يفوتني ركن من أركان الصلاة، ألا وهو الطمأنينة؟ نرجو من سماحة الشيخ الإجابة (1) ج: لا حرج في ذلك لقطعها للضرورة؛ لوجود الرائحة الكريهة تجعل الإنسان غير خاشع في صلاته وغير مطمئن، فإذا قطعها ليذهب إلى جانب آخر فلا حرج في ذلك إن شاء الله، مع العلم أن الذي له رائحة كريهة لا يصلي مع الناس الواجب عليه أن يصلي في بيته، إذا كان عنده الرائحة الكريهة؛ البخر الكثير المؤذي، أو الصنان في إبطه الكثير الواجب عليه أن يعالج هذا الشيء حتى يزول، وليس له أن يؤذي   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (358). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 55 الناس، أو أكل ثوما أو بصلا، ليس له حضور المسجد، يجب عليه أن يبتعد عن المسجد حتى تزول تلك الرائحة الكريهة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى من أكل ثوما أو بصلا أن يقرب المسجد، وكان يأمر بإخراج من فعل ذلك من المسجد، فإذا وجد فيه رائحة كريهة غير الثوم والبصل، كالبخر في الفم الشديد الذي يؤذي من حول، ومن حوله له أن يفارقه، يبتعد إلى جهة أخرى. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 56 29 - حكم خروج المصلي من الصلاة بسبب رؤيته أشياء ضارة س: السائل: ح. م. ح. من الرياض، يقول: ما حكم الشرع في نظركم فضيلة الشيخ في خروج المصلي من الصلاة بسبب رؤيته أشياء ضارة، مثل الثعبان أو الحيوان المفترس أو غير ذلك (1)؟ ج: خروجه من الصلاة فيه تفصيل: إن خاف على نفسه خرج منها حتى يتخلص من إنسان يريد قتله، أو مثل الثعبان الذي وصل إليه يخشى من شره، ولا يتيسر قتله، وهو يصلي يحتاج إلى طلب شيء يقتله به فلا بأس، أما إذا أمكن بأن يقتله   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (394). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 56 وهو في الصلاة فلا بأس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب (1)» إذا كان عنده عصا وضربها وهو يصلي ما يضر، والحمد لله. أما إذا احتاج إلى قطعها فيقطعها، يتخلص من الثعبان، أو من عدو يريد الفتك به، أو سبع أو ما أشبه ذلك.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب العمل في الصلاة، برقم (921)، والترمذي في كتاب الأذان، باب قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (390). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 57 30 - بيان أن السنة البداءة بالطعام قبل الصلاة س: يقول السائل: سماحة الشيخ، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث تفيد بتقديم الطعام على الصلاة، منها على سبيل الذكر لا الحصر: ما رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب (1)» وكذلك ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان (2)» وكذلك ورد عن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، برقم (672). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 57 النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه، عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1)» السؤال يا فضيلة الشيخ: في حالة كوني صائما ودخلت المسجد حين الأذان هل أصلي تحية المسجد، أم أذهب لتناول الفطور، علما بأن فطوري داخل المسجد؟ أفتونا في ذلك مأجورين (2) ج: أما ما يتعلق بمدافعة الحدث وما يتعلق بالبداءة بالطعام قبل الصلاة فهذا هو السنة؛ لأنه يتفرغ للصلاة حتى يصليها بخشوع، «لا صلاة بحضرة الطعام (3)» والحديث الآخر: «إذا حضر الطعام وحضرت العشاء (4)» والحديث الآخر: «إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، برقم (714). (2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (375). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560) (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، برقم (674)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (559). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 58 صلاة المغرب (1)» يبدأ بالعشاء حتى يستريح، وحتى يطمئن قلبه وحتى يؤدي الصلاة بخشوع وطمأنينة، لا يصلي وقلبه مشغول بالطعام أو بمدافعة الحدثين، هذا هو الواجب عليه، هذا هو المشروع للمؤمن، والأحاديث في هذا صريحة: «لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان (2)» وكذلك الأمر بتقديم العشاء قبل أن يصلي؛ لأن بهذا يطمئن، أما إذا دخل المسجد أذان المغرب وهو صائم فإنه يبدأ بتحية المسجد، ولو هو صائم يبدأ بالركعتين ثم يفطر؛ لأن المدة قليلة دقيقتين ثلاثة، والحمد لله، والرسول قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (3)» وفي الحديث الآخر: «فليركع ركعتين قبل أن يجلس (4)» فليبدأ بالركعتين إذا كان على طهارة، ثم يجلس يفطر، والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، برقم (672). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560) (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، برقم (714). (4) أخرجه البخاري في كتاب الصلة، باب إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين، برقم (444)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهية الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 59 31 - بيان النهي عن التشبه بالحيوانات في الصلاة س: من المستمعة: أ. ع. من السودان، تقول: قرأت في كتاب: زاد المعاد للإمام ابن قيم الجوزية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن التشبه بالحيوانات في الصلوات، فنهى عن بروك كبروك الجمل، والتفات كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإقعاء كإقعاء الكلب، ونقر كنقر الغراب، ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب الخيل الشمس. فهل هذا الحديث صحيح؟ أرجو توضيح هذه الحركات لكي أتجنبها؛ لأني أحب أن أهتم بكل شيء، وأن أتحرى السنة الصحيحة، جزاكم الله خيرا (1) ج: ما ذكره الإمام ابن القيم – رحمه الله – صحيح، والمشروع للمؤمن أن يحذر هذه الأشياء التي يشابه فيها السباع، ينبغي له أن يتأدب بالآداب الشرعية، وأن يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» فالمؤمن يتشبه بالرسول صلى الله عليه وسلم، ويتأسى به، ولا يتشبه   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (338). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 60 بالبهائم ولا بالسباع، بروك البعير كونه يبرك على يديه، السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند السجود ينزل على ركبتيه، هذه السنة، ثم يديه بعد ذلك إلا إذا كان عاجزا لكبر سن أو مرض، فلا بأس أن يقدم يديه. كذلك كونه ينقر الصلاة لا ينقرها بل يطمئن، ولا يعجل في ركوعه ولا في سجوده، يطمئن في السجود وبين السجدتين في الركوع، وهكذا إذا رفع من الركوع يعتدل ويطمئن، ولا يعجل ولا ينقر الصلاة بل يطمئن. وهكذا لا يفترش ذراعيه كافتراش السبع، إذا سجد يرفع ذراعيه ويعتمد على كفيه في الأرض. وهكذا لا يقعي كإقعاء الكلب، إذا جلس فالإقعاء المنهي عنه كونه ينصب ساقيه وفخذيه وهو جالس، ويعتمد على يديه كإقعاء الكلب، بل السنة أن يفترش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، ويجلس على الرجل اليسرى ويجعل يديه على فخذيه أو ركبتيه، هذه السنة، أما أن ينصب فخذيه وساقيه ويعتمد على يديه على الأرض كالكلب المقعي، أو السبع المقعي هذا هو المكروه المنهي عنه. وهكذا الإيماء بالأيدي، كانوا يومئون بأيديهم عند السلام، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم على أن يسكنوا في الصلاة، وألا يومئوا بأيديهم، يكفي السلام والالتفات من دون الإيماء باليدين، هكذا السنة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 61 32 - حكم تعليم الصبيان كيفية الصلاة وهم على غير وضوء س: ما حكم تعليم المعلم الصبيان على كيفية الصلاة وهو على غير وضوء (1)؟ ج: ما هي بصلاة، يقول: الركوع كذا، والسجود كذا. لا يصلي بهم بمعنى أنها صلاة.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (224). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 62 33 - حكم رفع الصوت في الصلاة لتعليم الأطفال س: السائلة: أم محمد من الرياض، تقول: لقد عودت أطفالي منذ سن الخامسة بالوقوف إلى جانبي بالصلاة، وتعليمهم كيفية الصلاة، مما أضطر إلى رفع صوتي قليلا؛ ليستطيعوا تقليدي، وسؤالي: هل علي إثم في رفع الصوت قليلا لتعليم أبنائي، مع العلم بأنني ما زلت أرفع صوتي حتى أعلم الصغار منهم (1)؟ ج: لا حرج في ذلك إن شاء الله، لكن إذا أمكن تعليمهم خارج الصلاة يكون أكمل، خارج الصلاة، حتى إذا دخلوا في الصلاة إلا وهم   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (413). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 62 قد تعلموا، وإذا رفعت الصوت بعض الشيء حتى يفهموا فلا بأس، وإذا بلغ السبع تأمرينه، يروح المسجد يصلي مع الناس، والجارية تصلي معكم تتعلم منكم، وما دون السبع، ابن خمس وابن ست، لا بأس إذا تعلم، وإلا فصلاته غير صحيحة حتى يبلغ السبع، لكن إذا تعلم لا بأس، أما الواجب فهو العناية بمن بلغ سبعا حتى يتعلم ويستفيد، المرأة تصلي معكم، تعلمونها، والولد إذا صلى معكم فلا بأس، وإن أمرتموه بالذهاب إلى الصلاة مع الرجال فهو السنة، وإذا بلغ عشرا يضرب حتى يصلي مع الناس. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 63 34 - وجوب أمر الأولاد بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين س: سماحة الشيخ، تساهل الكثير من الناس في الانصراف عن أطفالهم، يبلغون الحادية عشرة والثانية عشرة وهم مهملوهم، هل من توجيه للآباء والأمهات (1)؟ ج: لا يجوز هذا، الواجب على الآباء والأمهات توجيه الأولاد ونصيحتهم، إذا بلغ سبعا أن يؤمر بالصلاة، والبنت تؤمر بالصلاة وتعلم،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (413). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 63 والولد كذلك يؤمر ويعلم، ويخرج به أبوه أو أخوه إلى المسجد، وإذا بلغ عشرا يضرب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (1)» هذا هو الواجب متى بلغ عشرا فأكثر، يؤمر بالصلاة مع الناس، ويضرب إذا تخلف، يضربه أبوه أو أخوه الكبير، أو عمه، أما إذا بلغ الحلم فإنها تجب عليه، تكون فريضة إذا تركها كفر، نسأل الله العافية، أما ابن سبع وابن ثمان وابن تسع هذا يؤمر ولا يضرب.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة؟، برقم (495) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 64 35 - كيفية تعلم المعاق نطقا وسمعا للصلاة س: كيف للأب أن يعلم ابنه المعاق نطقيا وسمعيا الصلاة (1)؟ ج: يعلمه بالطريقة التي يفهمها، إذا كان لا يسمع يريه إياها بالعمل، يصلي وهو معه، يرفع معه، ويسجد معه، ويرفع معه، وإن كان لا يبصر، لكنه يسمع يصلي معه، ويسمعه التكبير: الركوع والرفع من الركوع، وهكذا حتى يفهمه كيف السجود، كيف الركوع، كيف الرفع إلى آخر   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (382). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 64 الصلاة، المقصود يفهمه بالطريقة التي يفهمها، بالسمع، بالفعل، باللمس، الشيء الذي يستطاع. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 65 36 - مسألة في الصلاة قبل الإسلام س: هل هناك صلاة قبل الإسلام؟ وما هي يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: لا أعرف عن الجاهلية شيئا من صلاتهم، الأنبياء لهم صلاة، جاؤوا بالصلاة، الصلاة جاء بها الأنبياء، لكن كون الجاهلية يصلون صلاة لا أعرف شيئا عن صلاتهم، أما الأنبياء فقد جاؤوا بالصلاة، الصلوات جاء بها إبراهيم، وجاء بها إسماعيل، وجاء بها الأنبياء.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (395). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 65 37 - كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم س: السائل: حسين من الجزائر، يقول: سماحة الشيخ، كيف كانت صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ وجهونا في ضوء سؤالنا (1) ج: كانت صلاته صلى الله عليه وسلم تخفيفا في تمام، كما قال أنس رضي الله عنه: «ما صليت خلف أحد أتم صلاة، ولا أتم ولا أخف   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (388). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 65 صلاة من النبي عليه الصلاة والسلام، كانت صلاته تخفيفا في تمام (1)» يتم ركوعها وسجودها واعتدالها بعد الركوع وبين السجدتين، ولكن لا يطيل إطالة تمل الناس وتشق عليهم، وهكذا السنة، أن يصلي المؤمن تخفيفا في تمام، الإمام والمنفرد، أما المأموم فهو تابع لإمامه، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أيكم أم الناس فليخفف؛ فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة (2)» ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (3)» عليه الصلاة والسلام، فالتخفيف أن تتأسى بصلاته صلى الله عليه وسلم، وهي تخفيف في تمام، كان يقرأ في الظهر من أوساط المفصل، وفي العصر أقل من ذلك أخف من الظهر، وفي المغرب من قصاره، وتارة من طواله، وتارة من أوساطه، والغالب في المغرب أن يقرأ بالقصار، وكان يقرأ في العشاء بأوساط المفصل، وفي الفجر بطوال   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة، باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام، برقم (473). (2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة، برقم (90)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم (466). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 66 المفصل مثل: (ق)، و (الطور) و (الذاريات) ونحوها، وكان يركع ركوعا فيه إتمام وفيه تخفيف، ربما سبح سبع تسبيحات، عشر تسبيحات: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ويقول في ركوعه: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. وكان إذا اعتدل بعد الركوع يطمئن، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وكان يعتدل بعد الركوع حتى يقول القارئ قد نسي، وهكذا بين السجدتين، يعتدل بين السجدتين، ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني (1)» ولا يعجل، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وكان في السجود أيضا يطمئن ويسبح عدة تسبيحات؛ عشر تسبيحات، وكان أنس رضي الله عنه صلى خلف بعض الأئمة، فقال: إنه أشبه صلاة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكان يعد له في الركوع والسجود عشر تسبيحات، فإذا سبح عشرا أو سبعا أو خمسا فكل هذا حسن: سبحان ربي العظيم. في   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 67 الركوع، و: سبحان ربي الأعلى. في السجود. رب اغفر لي: بين السجدتين، لكن مع الطمأنينة، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، هكذا كان صلى الله عليه وسلم يصلي تخفيفا في تمام، والسنة للأئمة أن يتأسوا به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» وهكذا الأفراد، إذا صلى الإنسان فردا لمرض أو غيره يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا النساء يصلون كما كان النبي يصلي عليه الصلاة والسلام، تخفيفا في تمام، وقد سمعت صفة صلاته عليه الصلاة والسلام، كان يتم ركوعه وسجوده وكان يعتدل بين السجدتين ويعتدل بعد الركوع ولا يعجل، وكان يقرأ في الظهر والعصر من أوساط المفصل، لكن العصر أخف، وفي المغرب من قصار المفصل، وربما قرأ من طواله كـ (الطور) وغيرها، وربما قرأ بـ (المرسلات)، عليه الصلاة والسلام، فتارة يطيل في المغرب، وتارة يقصر في المغرب، عليه الصلاة والسلام، وفي العشاء بأوساط المفصل، مثل: (هل أتاك حديث الغاشية) ومثل: (والفجر)، ومثل: (سبح)، ومثل: (والسماء ذات البروج)، وفي الفجر يقرأ بطوال المفصل، مثل: (الذاريات)، و: (ق   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 68 والقرآن المجيد)، ومثل: (الطور)، ومثل: (اقتربت الساعة)، ومثل: (تبارك الذي بيده الملك)، وأشباه ذلك. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 69 س: الأخ: أ. س. د. من السودان، يقول: الصلاة واجبة على كل إنسان، وهذا أمر مفروغ منه، إلا أنه اختلط لدينا الحابل بالنابل في كيفية أدائها، وذلك من ناحية أقوال العلماء والمشايخ في كيفية الأداء، ولكي يكون الإنسان على علم بذلك، أي الطريقة الصحيحة لأدائها كما يؤديها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بإيضاح ما يلي: أولا: طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في أداء الصلاة، الأدعية التي يقولها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد إتمام الركعات في كل صلاة، وقبل التشهد الأخير، ما يقوله الرسول بعد التسليم وطريقة التسليم، الدعاء للميت، أي شيء يتعلق بكيفية الصلوات الخمس، الاعتكاف ووقته وكيفيته، كما أرجو أن يكون ذلك واضحا جليا مختصرا حتى أستطيع تسجيله وفهمه، جزاكم الله عنا خيرا (1)   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (112). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 69 ج: قد كتبنا في هذا رسائل فيما يتعلق بكيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وعظم شأن الصلاة وأداء الصلاة في الجماعة، أرجو أنها وصلت إليك أيها السائل، ولا مانع من إرسالها إليك، أما ما يتعلق بمعرفة ذلك من طريق هذا البرنامج فنوصيك أيها السائل وسائر الإخوة بالعناية بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومراجعة الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك في الصحيحين، وفي غيرهما وفي مثل: (المنتقى) للمجد ابن تيمية، و: (بلوغ المرام) للحافظ ابن حجر رحمه الله، ومثل: (عمدة الحديث) للشيخ العلامة عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي رحمه الله، وهكذا الكتب التي جمعت في الحديث الشريف، مثل: (رياض الصالحين) ومثل: (جامع الأصول). والخلاصة أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا قام إلى الصلاة كبر، ورفع يديه حيال منكبيه، وربما رفعهما إلى أذنيه عليه الصلاة والسلام، قائلا: الله أكبر. في أول الصلاة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والنوافل، يقول: الله أكبر. هذا أول شيء للصلاة، وفي الحديث: «تحريمها التكبير (1)» ثم يأتي الاستفتاح، وهو دعوات يقولها قبل   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، برقم (3)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم (61). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 70 القراءة، وربما كانت أذكارا، فمن ذلك: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك (1)» وهذا الاستفتاح كله ذكر، ومن ذلك: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (2)» وهذا أصح ما ورد في هذا الباب، وكله دعاء، ومنها: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (3)» وهذا من أجمع   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 71 أنواع الاستفتاح، وهناك استفتاحات أخرى تجدها في محلها من كتب الحديث، ولكن هذه الثلاثة من أقصرها ومن أثبتها. ثم بعد هذا تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم تقرأ الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) إلى آخرها، والفاتحة هي أعظم سورة في القرآن الكريم، وهي ركن الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» فيقرؤها الإمام ويقرؤها المنفرد، ويقرؤها المأموم، لكنها في حق الإمام والمنفرد آكد وأوجب، واختلف العلماء في وجوبها على المأموم على أقوال: أحدها: أنها تجب على المأموم مطلقا في السر والجهر. والثاني: أنها تجب عليه في السرية، لا في الجهرية. والثالث: أنها لا تجب عليه، لا في السرية، ولا في الجهرية، ويتحملها عنه الإمام.   (1) سورة الفاتحة الآية 2 (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 72 والأرجح أنها واجبة عليه في السر والجهر؛ لعموم الأحاديث الدالة على ذلك، لكن إذا لم يأت إلا والإمام في الركوع فإنه تجزئه الركعة؛ لأنه لم يحضر وقت القيام، فهو معذور لما صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري – رحمه الله – أن أبا بكرة الثقفي جاء والنبي صلى الله عليه وسلم في الركوع، فركع ثم دخل في الصف، ركع وحده ثم دخل في الصف من الحرص، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1)» يعني: لا تعد في الركوع دون الصف، بل اصبر حتى تدخل في الصف، ولم يأمره بقضاء الركعة، احتج العلماء وهم الأئمة الأربعة على أنها تجزئه هذه الركعة؛ لأن الرسول لم يأمره بالإعادة، فدل على سقوط الفاتحة عمن جاء والإمام راكع، وهكذا لو نسي المأموم، أو جهل سقطت عنه، فليس مثل الإمام والمنفرد، والفاتحة لها شأن عظيم كما تقدم، فإنها أعظم سورة في كتاب الله عز وجل، فالمشروع للمؤمن عند قراءتها أن يتدبرها، ويتعقلها في الصلاة وخارجها، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يقول الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 73 عبدي نصفين - يعني الفاتحة سماها الصلاة - فإذا قال: قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: قال الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: قال الله: مجدني عبدي، فإذا قال: قال الله سبحانه: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل -، يعني: حق الله، حاجة العبد يستعين بربه - فإذا قال: قال الله سبحانه: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل (9)» يعني: هذا سؤال من عبدي يطلب الهداية، وله ما سأل، وهذا وعد من الله أن يعطيه الهداية، وهذا أشرف   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (395). (2) سورة الفاتحة الآية 2 (1) {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3) سورة الفاتحة الآية 3 (2) {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (4) سورة الفاتحة الآية 4 (3) {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (5) سورة الفاتحة الآية 5 (4) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (6) سورة الفاتحة الآية 5 (5) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (7) سورة الفاتحة الآية 5 (6) {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (8) سورة الفاتحة الآية 6 (7) {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (9) سورة الفاتحة الآية 7 (8) {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} الجزء: 8 ¦ الصفحة: 74 مطلوب: الهداية، فينبغي لك أيها القارئ أيها المؤمن، أيتها المؤمنة، ينبغي لكل منكما تدبر هذه السورة والعناية بها، والخشوع فيها والإقبال عليها عند قراءتها، وهكذا عند قراءة جميع القرآن، كما قال الله سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (1)، وإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} (2) قال: آمين. سواء كان في الصلاة أو في خارجها، السنة أن يقول: آمين. الإمام والمأموم والمنفرد في الصلاة وخارجها – آمين معناها: استجب يا ربنا – ثم بعد ذلك يقرأ الإمام والمنفرد سورة بعد الفاتحة أو آيات بعد الفاتحة، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، ويطيل في الفجر مثل سورة (ق)، مثل: (والطور)، (والنجم إذا هوى)، (اقتربت الساعة)، المسبحات، وما أشبه ذلك من السور. والظهر كذلك قريب من الفجر، يطيل في الأولى والثانية، وتكون الثانية أقصر من الأولى بعض الشيء، وتكون العصر أخف من الظهر، يقرأ سورة أو آيات بعد الفاتحة في الظهر والعصر، في الأولى والثانية، لكن تكون العصر أخف من الظهر، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وفي   (1) سورة ص الآية 29 (2) سورة الفاتحة الآية 7 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 75 الثالثة والرابعة يقرأ الفاتحة فقط، الثالثة والرابعة في الظهر والعصر والعشاء الفاتحة فقط، وفي المغرب في الثالثة يقرأ الفاتحة فقط، وربما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر زاد على الفاتحة في الثالثة والرابعة، فإذا قرأ بعض الأحيان في الثالثة والرابعة زيادة على الفاتحة بعض الآيات، أو بعض السور القصيرة فهو حسن ومستحب في بعض الأحيان، تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عنه هذا في صحيح مسلم، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ثم يركع رافعا يديه مثل ما رفع عند الأولى، يرفعهما حيال منكبيه أو حيال أذنيه، تارة وتارة تأسيا برسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم يسوي ظهره ورأسه في ركوعه، ويضع يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويجافي عضديه عن جنبيه لا يلصقهما في جنبيه، خاشعا لربه مطمئنا، يقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وإذا زاد على ذلك فقالها خمسا أو ستا أو سبعا، أو أكثر من ذلك فهو حسن، لكن لا يطيل إذا كان إماما إطالة تشق على المأمومين، وقد ثبت عن أنس رضي الله عنه ما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يطيل الركوع والسجود، جاء عن غير أنس أيضا، وجاء في بعض أحاديث أنس: أنه كان يعد له في الركوع والسجود ما يقرب من عشر تسبيحات، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 76 فهذا يدل على أن السنة الطمأنينة وعدم العجلة في الركوع والسجود، فيقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. في الركوع، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (1)» متفق عليه، ثم يرفع من الركوع رافعا يديه حيال منكبيه، أو حيال أذنيه كما فعل عند الركوع، وكما فعل عند الإحرام قائلا: سمع الله لمن حمده، إن كان إماما أو منفردا، ثم بعد هذا يقول: ربنا ولك الحمد. بعد انتصابه قائما، أو يقول: ربنا لك الحمد. بدون واو، أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. كله جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يكمل: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. هذا هو الأفضل، ولو اقتصر على: ربنا ولك الحمد. كفى لكن كونه يكمل أولى وأفضل، ويطيل هذا الركن ولا يعجل؛ لأن الرسول كان يطيله عليه الصلاة والسلام، حتى يقول القائل:   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 77 قد نسي. وزاد في بعض الأحاديث بعد: وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. كل هذا وهو واقف بعد الركوع، هذا هو الكمال إذا انتصب قائما، الإمام والمنفرد بعد قوله: سمع الله لمن حمده، يقول: «ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» وإن اقتصر على البعض كفاه ذلك، أما المأموم فعند الرفع يقول: ربنا ولك الحمد. أو: ربنا لك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. يقول هذا تارة وهذا تارة كله حسن؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد (2)» ولم يأمر أن يقولوا: سمع الله لمن   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل اللهم ربنا لك الحمد، برقم (796)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التسميع والتمجيد والتأمين، برقم (409). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 78 حمده. بل يقولون: ربنا ولك الحمد. قال بعض أهل العلم: إنه يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. يجمع بينهما كالإمام، ولكن هذا قول ضعيف مرجوح، والصواب أن المشروع أن يقول: ربنا ولك الحمد. ولا يحتاج إلى أن يقول: سمع الله لمن حمده، بل هذا خاص بالإمام والمنفرد، ثم يكمل بعد انتصابه يقول: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وإن كبر إمامه قبل أن يكمل كبر مع إمامه، وترك الباقي، إذا كبر الإمام قبل أن يكمل كبر وركع مع إمامه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 79 س: سماحة الشيخ عبد العزيز، نبدأ هذه الحلقة لو تكرمتم بالعودة إلى إجابة أخينا: أ. س. د. من السودان، حيث سأل عن الكيفية الصحيحة للصلاة، وقد شرعتم جزاكم الله خيرا وبينتم الوصف الذي يحسن بالمسلم أن يسير عليه، ووصلتم إلى القيام من الركوع، فحبذا لو تفضلتم وأكملتم ما بدأتم، جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (112). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 79 ج: قد سبق لنا أن تكلمنا على صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، تحقيقا لما سأل عنه السائل المذكور، وانتهينا إلى ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم بعد رفعه من الركوع، وما كان يقوله عليه الصلاة والسلام، وانتهينا إلى أن المأموم إذا رفع يقول: ربنا ولك الحمد. ولا يزيد: سمع الله لمن حمده. هذا هو المختار، هذا هو الأرجح، ويكمل الحمد، فيقول: «حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» إن تيسر له ذلك، فإن كبر الإمام تابعه وترك البقية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وإذا ركع فاركعوا (2)» ثم بعد ذلك الإمام والمنفرد والمأموم إذا فرغوا من هذا القيام، ومن ذكر هذا القيام يخرون سجدا، فيكبر كل منهم عند السجود، يقول: الله أكبر. الإمام والمأموم والمنفرد عند السجود، بعد القيام بعد الركوع، وذكر القيام الذي تقدم بعد ذلك، يخر الإمام ساجدا،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، برقم (734)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (414). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 80 وهكذا المأموم وهكذا المنفرد، لكن المأموم يخر بعد إمامه، فإذا انتهى إمامه ساجدا سجد بعده، قائلا كل منهم: الله أكبر. عند سجوده من دون رفع اليدين، ليس في هذا رفع لليدين، بل يخر كل منهم ساجدا من دون رفع اليدين، كما فعل عليه الصلاة والسلام، ويقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى. كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. والواجب مرة واحدة، وهكذا في الركوع الواجب مرة: سبحان ربي العظيم. فإذا كرر ثلاثا فهو قد أدى الكمال والمستحب، وإن زاد خمسا أو سبعا أو عشرا كله مستحب، والإمام يراعي عدم المشقة على الناس، والمأموم تبع لإمامه، والمنفرد لا حرج عليه في الزيادة التي لا تشق عليه، ولا تسبب له نعاسا أو أفكارا لا تناسب، ويستحب للإمام والمنفرد والمأموم أن يقولوا في السجود: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. كالركوع؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (1)» ويكثر من الدعاء أيضا في السجود، يقول عليه الصلاة والسلام: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 81 أن يستجاب لكم (1)» يعني: حري أن يستجاب لكم. ويقول عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (2)» فيشرع للمؤمن والمؤمنة في السجود الإكثار من الدعاء، سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا، يدعو بما تيسر من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: «اللهم اغفر لي ذنبي كله؛ دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (3)» هذا من دعائه عليه الصلاة والسلام، ومن الدعاء الذي يحسن في هذا المقام ما ثبت في الصحيحين عن الصديق رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول في صلاته: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (4)» هذا من أفضل الدعاء في الجلوس بين السجدتين وفي آخر الصلاة، وفي غير الصلاة. الصديق سأل النبي قال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به في صلاتي. وفي   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (3) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 82 رواية: وفي بيتي. قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني؛ إنك أنت الغفور الرحيم (1)»، فإذا دعا بهذا في السجود أو بين السجدتين، أو في آخر الصلاة فكله حسن، ومن الدعاء أيضا الحسن في هذا المقام: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (2)» و: «يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك (3)» كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة، كان هذا من دعائه المعروف، اللهم صل عليه وسلم، فإذا دعا به الإنسان في السجود، أو في آخر الصلاة، وهكذا في خارجها هو دعاء عظيم، والعبد في أشد الحاجة إليه، ويدعو الإنسان بما يتيسر له من الدعوات الطيبة، حتى يرفع إمامه إن كان مأموما، والإمام يدعو على وجه لا يشق على المأمومين، والمنفرد كذلك، والسنة للساجد أن يجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، يكون معتدلا في السجود ويرفع ذراعيه عن الأرض، يعتمد على   (1) صحيح البخاري التوحيد (7388)، صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2705)، سنن الترمذي الدعوات (3531)، سنن النسائي السهو (1302)، سنن أبي داود الصلاة (760)، سنن ابن ماجه الدعاء (3835)، مسند أحمد (1/ 7). (2) أخرجه الترمذي في كتاب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (3834). (3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (9420). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 83 كفيه، يبسط كفه في الأرض، يمد أصابعه إلى جهة القبلة ضاما بعضها إلى بعض، رافعا ذراعيه مفرجا عضده عن جنبه، رافعا بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، هكذا السنة، معتمدا على بطون الأصابع، أصابع رجليه، مادا الأصابع إلى جهة القبلة، هكذا كان يسجد النبي عليه الصلاة والسلام، والواجب عليه أن يسجد على الأعظم السبعة، يعني على وجهه وكفيه وركبتيه وقدميه، هذا ركن لا بد منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم قال: الجبهة - وأشار إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين (1)» فلا بد من هذا في السجود للرجل والمرأة، للإمام والمأموم والمنفرد جميعا، أما كيف ينحط للسجود فقد جاء في هذا سنتان عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إحداهما: «أنه ينحط على ركبتيه، ثم يضع يديه ثم جبهته وأنفه في الأرض (2)» هذا جاء من حديث وائل بن حجر عند أهل السنن بإسناد   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب السجود على الأنف، برقم (812)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر، برقم (490). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود، برقم (268)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (838)، والنسائي في المجتبى في كتاب التطبيق، باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده، برقم (1089). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 84 حسن، وله شاهد من حديث أنس، وله شاهد من حديث أبي هريرة في النوع الثاني. والنوع الثاني: أنه ينحط على يديه أولا، ثم ركبتيه بعد ذلك، وهذا جاء في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه (1)» قال جماعة من العلماء: معناه أنه يبدأ بيديه؛ لأن البعير يبدأ بركبتيه وهي في يديه، فهذه سنة، وهذه سنة، ولا مشاحة في ذلك، إن سجد على ركبتيه فحسن، وإن سجد على يديه فحسن؛ لمجيء الحديثين بذلك، لكن الأظهر والأقرب أن الأفضل السجود على ركبتيه، ثم يديه فجبهته وأنفه، هذا هو الأفضل والأقرب، وهو المخالف لأيادي البعير، وهو الموافق لأول الحديث، أي: لا يبرك كما يبرك البعير. . . الحديث؛ لأن بروك البعير يبرك على يديه، إذا قدم المؤمن يديه فقد شابه البعير، فالأفضل أن يقدم ركبتيه التي في رجليه، ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأرجح في السنتين، وأما القول في حديث أبي هريرة، «وليضع يديه قبل ركبتيه (2)» هذا صريح، لكن قال بعض أهل العلم: لعله   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 85 وقع فيه انقلاب، وأن الصواب: وليضع ركبتيه قبل يديه. فانقلب على بعض الرواة، وهو محتمل؛ لأن آخره لا يوافق صدر الحديث، العجز لا يوافق الصدر، فإن في الصدر: «لا يبرك كما يبرك البعير (1)» والبعير يبرك على يديه، وقوله: «وليضع يديه قبل ركبتيه (2)» في آخره مخالفة صدر الحديث، فيظهر من هذا أن الحديث فيه انقلاب، وهو أن الصواب: وليضع ركبتيه قبل يديه. فيكون بهذا موافقا لحديث وائل، وينتهي الخلاف والإشكال، وبكل حال فالحمد لله الأمر واسع، إن سجد على ركبتيه كما دل عليه حديث وائل فحسن، وإن سجد على يديه فالأمر واسع في ذلك، والحمد لله، ولا ينبغي في هذا المشاحة والمشاقة والنزاع، ولكن الأفضل والأرجح والأقرب أنه يسجد على ركبتيه، ثم يديه ثم جبهته وأنفه على حديث وائل، والأقرب والأظهر أن حديث أبي هريرة لا يخالف حديث وائل، ولكنه يوافقه في المعنى، ولكن حصل في عجزه انقلاب، ويظهر أن الحديث: وليضع ركبتيه قبل يديه. وبهذا يجتمع الحديثان، وهذا أظهر قولي العلماء في الموضوع.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 86 ثم يرفع من السجود جالسا على رجله اليسرى ناصبا رجله اليمنى بين السجدتين، ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني. يدعو بما تيسر، ومن ذلك: رب اغفر لي، رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني، واجبرني وارزقني (1)» كما جاء في الأحاديث، يفرش اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى، هذا هو الأفضل، وكيف ما قعد أجزأ، وإن جلس على عقبيه بأن فرش رجليه وجلس على عقبيه فلا بأس، كما جاء في حديث ابن عباس، وهذا إقعاء لا بأس بالجلوس عليه، هو إقعاء خاص وهو الجلوس على العقبين، ولكن الأفضل وهو الذي جاء في الأحاديث الكثيرة، أنه يفرش اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى هذا هو الأفضل، ويضع يديه على فخذيه وأطرافهما على ركبتيه، يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني، كيفما دعا بالمغفرة جاز: اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم اغفر لي وللمسلمين، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا. إلى آخره. كان النبي يطيل هذه الجلسة كما كان يطيل ما بعد الركوع، عليه الصلاة   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 87 والسلام، حتى يقول القائل: قد نسي. ولكن يلاحظ الإمام أن لا يشق على الناس، لكن لا ينبغي أن يفعل مثل بعض الناس من جهة العجلة، بعض الناس يعجل ولا يستقر بعد الركوع، ولا بين السجدتين، هذا غلط، المشروع أن يطمئن ولا يعجل بين السجدتين، وبعد الركوع حال قيامه بعد الركوع، اقتداء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام، متأسيا به عليه الصلاة والسلام، ثم يسجد الثانية قائلا: الله أكبر. من دون رفع اليدين في السجود، فيسجد كما سجد في الأولى، ويضع يديه حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، مادا أصابعهما إلى القبلة، ضاما بعضها إلى بعض، رافعا بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ومجافيا عضديه عن جنبيه كما تقدم، في هذه السجدة كالتي قبلها ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو بما تيسر في سجوده كما تقدم، وناسب هنا: ربي الأعلى؛ لأنه حال خضوع وذل وتسفل، حتى وضع وجهه على الأرض، فناسب أن يقول: سبحان ربي الأعلى. الذي فوق العرش سبحانه وتعالى، فوق جميع الخلق، وهو فوق العرش، وعلمه في كل مكان سبحانه وتعالى، وهو في جهة العلو عند أهل السنة والجماعة، فوق جميع الخلق، كما قال سبحانه: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 88 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1)، وقال سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (2)، وقال: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (3)، وقال: {يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} (4)، وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (5) في آيات كثيرة، كلها دالة على علوه سبحانه وتعالى فوق جميع الخلق فوق العرش، وأنه استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، والاستواء هو العلو والارتفاع، وعند أهل السنة أنه استواء يليق بالله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، كما قال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (6)، وقال: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (7)، وفي الركوع يقول: سبحان ربي العظيم، لما كان الركوع حال ذل وخضوع، ناسب أن يقول: سبحان ربي العظيم، الذي هو أعظم شيء   (1) سورة طه الآية 5 (2) سورة البقرة الآية 255 (3) سورة غافر الآية 12 (4) سورة آل عمران الآية 55 (5) سورة النساء الآية 158 (6) سورة الشورى الآية 11 (7) سورة الإخلاص الآية 4 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 89 سبحانه وتعالى، هو العزيز، هو الجبار، هو العظيم، هو القدوس، فناسب في الركوع أن يقول: سبحان ربي العظيم، تنزيه لربه عن الذل، وأنه العزيز الذي لا أعز منه سبحانه وتعالى، العظيم الذي لا أعظم منه، وفي السجود يقول: سبحان ربي الأعلى؛ لأنه العالي فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، ثم يرفع إلى الركعة الثانية، ويفعل كما فعل في الأولى كما تقدم، لكن ليس فيها استفتاح، والاستفتاح في الأولى فقط، أما هذه فيرفع ثم يقرأ الفاتحة، يسمي الله ويقرأ الفاتحة، وإن تعوذ فلا بأس، والاستعاذة الأولى كافية، لكن إن أعاد الاستعاذة فلا بأس، ثم يسمي ويقرأ الفاتحة، ثم يقرأ سورة أو آيات دون الأولى كما تقدم، ثم يركع كما ركع في الأولى، ويرفع كما رفع في الأولى كما تقدم، ثم يجلس، ثم يسجد سجدتين كما تقدم، ثم يجلس للتشهد الأول على رجله اليسرى، ينصب اليمنى مثل جلوسه بين السجدتين، ويقرأ التحيات: التحيات لله والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فلا بأس، جاء هذا وهذا، جاء ذكر: وحده لا شريك له، وجاء أحدها: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 90 محمدا عبده ورسوله، فإن شاء رفع، وإن صلى على النبي فهو أفضل، يصلي على النبي، ثم يرفع للثالثة؛ لأن الأحاديث عامة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض أهل العلم قال: يكتفي بالشهادة ويقوم، ولكن الأفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1)» ثم يرفع قائلا: الله أكبر ويرفع يديه مثل ما رفع عند الإحرام، وعند الركوع والرفع منه، يرفع يديه قائلا: الله أكبر، إلى الثالثة، ثم بعد استتمامه قائما يقرأ الفاتحة وحدها ثم يركع، كما فعل في السابق، ثم يسجد كما فعل في السابق، هكذا، وهكذا في الرابعة من الظهر والعصر والعشاء، وفي الثالثة في المغرب، يقرأ الفاتحة ويركع كما تقدم، ويقول في الركوع كما تقدم، ويرفع كما تقدم، ويقول في الرفع كما تقدم، ويسجد كما تقدم، ويقول في السجود كما تقدم، سواء بسواء، لكن في الظهر والعصر والعشاء ركعتين، بعد التشهد الأول، وفي المغرب ركعة   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 91 واحدة، وفي الفجر الصلاة ركعتان فقط، ليس فيها التشهد الأول أو الآخر، بل ليس فيها إلا تشهد واحد: الفجر والجمعة والعيد والاستسقاء، كل منها ركعتان ليس فيها إلا تشهد واحد، يأتي بالتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو، وهكذا في التشهد الأخير في المغرب والعشاء والظهر والعصر، يأتي بالتحيات كما تقدم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كما تقدم، ثم يدعو، يتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال كما جاء به الخبر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بذلك أيضا، فقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. ويدعو بما أحب، ومنها: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر. كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة، وعلم النبي معاذا أن يقول: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 92 «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (1)» لما قال: «يا معاذ، إني لأحبك (2)» يقول له صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، إني لأحبك، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (3)». ويستحب هذه الأدعية في آخر الصلاة لكل مصل، مأموم أو إمام أو منفرد، رجل أو امرأة هذا المشروع، والواجب قراءة التحيات مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الواجب، هذا الفرض هذا الركن، وما زاد فهو سنة مستحب، وبعض أهل العلم أوجب التعوذ بالله من أربع، لكن الذي عليه جمهور أهل العلم أنها سنة، ولكن ينبغي أن لا يدعها، ينبغي للمسلم وللمسلمة أن لا يدع هذه التعوذات الأربع: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (4)»؛ لأن المصطفى عليه الصلاة والسلام أمر بها، وكان يفعلها بنفسه عليه الصلاة والسلام، يقول:   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي في كتاب السهو نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (2) سنن النسائي السهو (1303)، سنن أبي داود الصلاة (1522)، مسند أحمد (5/ 247). (3) سنن النسائي السهو (1303)، سنن أبي داود الصلاة (1522)، مسند أحمد (5/ 247). (4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 93 «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» فالأولى بالمؤمن وبالمؤمنة أن لا يدع كل منهما هذه الدعوات الطيبة، ويدعو معها بما تيسر من الدعوات، ويداه على فخذيه وأطرافها على ركبتيه، ويؤشر بالسبابة في التشهد الأول والثاني، يرفع السبابة ويقبض الجميع إشارة للتوحيد، وإن حلق الإبهام مع الوسطى، وقبض الخنصر والبنصر، ورفع السبابة فكله حسن، هذا سنة وهذا سنة، وعند الدعاء يحرك سبابته قليلا عند الدعاء، هذا جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يسلم عن يمينه وشماله تسليمتين: السلام عليكم ورحمة الله - هذا المحفوظ - السلام عليكم ورحمة الله. ورد في بعض الروايات: وبركاته. لكن اختلف العلماء في صحتها، فالأولى والأفضل أن يقتصر على: السلام عليكم ورحمة الله، فقط، هذا هو المحفوظ من حديث ابن مسعود، ومن حديث جابر بن سمرة، وأحاديث أخرى فيها الدلالة على أن يقول: «السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله (2)» يلتفت يمينا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، تفريع كتاب الركوع والسجود، باب في السلام، برقم (996)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء في التسليم في الصلاة، برقم (295)، والنسائي في المجتبى، باب التطبيق، باب التكبير عند الرفع من السجود، برقم (1142). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 94 وشمالا ويبالغ في السلام، يبالغ في الالتفات، هذا هو الأفضل، ثم يقول بعد السلام: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. ثلاث مرات، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثبت هذا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه كان يقوله إذا سلم ثم ينصرف إلى الناس، يعطيهم وجهه إذا كان إماما، وإذا أعطاهم وجهه يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. يقوله الإمام والمأموم والمنفرد، ويستحب للجميع أيضا أن يأتوا بالتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثا وثلاثين مرة، ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ويستحب مع هذا أن يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة، و (قل هو الله أحد) والمعوذتين: (قل أعوذ برب الفلق)، و (قل أعوذ برب الناس) مرة واحد، بعد الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات بعد المغرب والفجر، وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يوفق الجزء: 8 ¦ الصفحة: 95 جميع المسلمين بالأخذ بالسنة، والاستقامة عليها والسير عليها، والتواصي بها، إنه سميع مجيب. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 96 38 - بيان صفة الصلاة بدءا من الوضوء إلى التسليم س: أنا فتاة مسلمة ملتزمة أعمل الخير، وأتجنب الشر، إلا أنني لم أقم الصلاة؛ وذلك بسبب الحيرة، حيث إن في بلادنا ناسا منقسمة إلى قسمين، أي بين المسلمين، وصلاة كل منهم تختلف عن الآخر، وكل منهم يدعي أن صلاتهم هي الأصح، وأنا إن صليت فإن الوسوسة لا تفارقني، لهذا كتبت إليكم لعلكم تنقذوني من حيرتي، وإخباري بالصلاة الصحيحة، بدءا من الوضوء، وأنا أعلم أن هذا سيأخذ وقتا كثيرا من البرنامج، ولكنكم لو تعلمون مدى الفائدة من جوابكم ليس لي فقط، وإنما الكثيرات منا، حتى أتعلمها وأحفظها، ثم إلى غيري من الفتيات. . . وهكذا تستمر سماحة الشيخ إلى أن تقول: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 96 أرجو أن تفيدوني عن الصلاة بدءا من الوضوء وحتى التسليم (1) ج: أسأل الله لك ولجميع أخواتك في الله التوفيق والهداية، وأوصيك أولا بلزوم ما عليه أهل السنة، وأن يكون الميزان ما قاله الله ورسوله، الميزان هو كتاب الله العظيم، القرآن، وما صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، في أحاديثه وسيرته عليه الصلاة والسلام، وأهل السنة هم الأولى بهذا وهم الموفقون لهذا الأمر، فنوصيك بأن تلزمي ما عليه أهل السنة والجماعة، وأن تستقيمي على ذلك، حتى تلقي ربك على طريق السنة والجماعة، أما ما يتعلق بالصلاة فالواجب عليك أن تصلي وليس لك أن تدعيها حيرة، وعليك أن تصلي كما صلى الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله تعالى عنهم، وعليك أن تحذري التساهل في ذلك، والصلاة عمود الإسلام، وتركها كفر وضلال، فالواجب عليك الحذر من تركها، والواجب عليك وعلى كل مسلم ومسلمة البدار عليها والمحافظة عليها في أوقاتها، كما قال الله عز وجل:   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (64). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 97 {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (1)، هكذا في سورة (البقرة)، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2)، كذا في سورة (البقرة) أيضا، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) في سورة (النور)، فعليك أن تعتني بالصلاة، وأن تجتهدي في المحافظة عليها، وأن تنصحي من لديك في ذلك، والله وعد المحافظين على الصلاة بالجنة والكرامة، قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (4) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (5)، ثم عدد صفات عظيمة لأهل الإيمان، ثم ختمها سبحانه بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (6) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (7) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (8)، هذا وعد عظيم من الله عز وجل لأهل الصلاة، وأهل الإيمان، في سورة (المعارج): {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} (9) {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} (10) {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} (11) {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} (12) {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} (13)   (1) سورة البقرة الآية 238 (2) سورة البقرة الآية 43 (3) سورة النور الآية 56 (4) سورة المؤمنون الآية 1 (5) سورة المؤمنون الآية 2 (6) سورة المؤمنون الآية 9 (7) سورة المؤمنون الآية 10 (8) سورة المؤمنون الآية 11 (9) سورة المعارج الآية 19 (10) سورة المعارج الآية 20 (11) سورة المعارج الآية 21 (12) سورة المعارج الآية 22 (13) سورة المعارج الآية 23 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 98 ثم عدد صفاتهم بعد ذلك، ثم قال عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (1) {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} (2) فنوصيك بالصلاة والمحافظة عليها. وأما ما سألت عنه عن الوضوء وكيفية الصلاة، فهذا جوابه. أولا: الوضوء شرط للصلاة لا بد منه، قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (3)، هكذا أمر الله في سورة (المائدة)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (4)» فلا بد من الوضوء. والوضوء أولا: الاستنجاء إذا كان الإنسان قد أتى الغائط أو البول،   (1) سورة المعارج الآية 34 (2) سورة المعارج الآية 35 (3) سورة المائدة الآية 6 (4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224).، وقال عليه الصلاة والسلام: /32 لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ /32 أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة برقم (6954)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 99 يستنجي بالماء من بوله وغائطه، أو يستجمر باللبن أو بالحجارة، أو بالمناديل الخشنة الطاهرة عما خرج منه ثلاث مرات، أو أكثر حتى ينقي محل الدبر، والذكر أو القبل، حتى ينقي الفرجين من آثار الغائط والبول، بالحجر باللبن بالمناديل، حتى ينقي المحل ثلاث مرات فأكثر، والماء أفضل، وإذا جمع بينهما استجمر واستنجى بالماء كان أكمل، ثم بعد ذلك يتوضأ الوضوء الشرعي، فيغسل كفيه ثلاث مرات، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات، ثم يغسل وجهه ثلاثا من منابت الشعر فوق إلى الذقن أسفل، وعرضا إلى فروع الأذنين، وهكذا يغسل الوجه، ثم يغسل يديه وذراعية من أطراف الأصابع إلى المرافق، مفصل الذراع من العضد، والمرفق يكون مغسولا اليمنى، ثم اليسرى الرجل والمرأة، ثم بعد ذلك يمسح الرأس والأذنين الرجل والمرأة، ثم بعد يغسل رجله اليمنى ثلاثا مع الكعبين، ثم اليسرى ثلاثا مع الكعبين، حتى يشرع في الساق، الكعبان مغسولان، والسنة ثلاثا ثلاثا، في المضمضة والاستنشاق والوجه، واليدين والرجلين ثلاثا ثلاثا، أما الرأس فمسحة واحدة مع أذنيه، هكذا السنة، وإن لم يغسل الوجه إلا مرة عمه بالماء ثم عم يديه بالماء مرة مرة، وهكذا الرجلان عمهما بالماء مرة مرة، أو مرتين مرتين أجزأ ذلك، ولكن الأفضل ثلاثا ثلاثا، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 100 وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ في بعض الأعضاء ثلاثا وبعضها مرتين، فالأمر واسع بحمد الله، والواجب مرة يعم كل العضو بالماء، يعم وجهه بالماء مع المضمضة والاستنشاق، ويعم يده اليمنى بالماء حتى يغسل المرفق، وهكذا اليسرى يعمها بالماء، وهكذا يمسح رأسه وأذنيه يعم رأسه بالماء، ثم الرجلين يغسل اليمنى مرة يعمها بالماء، واليسرى كذلك يعمها بالماء مع الكعبين، هذا الواجب، وإذا كرر ثنتين كان أفضل، وإذا كرر ثلاثا كان أفضل، وبهذا ينتهي الوضوء. ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين. هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء (1)» رواه مسلم في صحيحه. وزاد الترمذي بإسناد   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 101 حسن بعد ذلك: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين (1)» فهذا يقال بعد الوضوء، يقوله الرجل وتقوله المرأة خارج الحمام، ويبدأ الوضوء بالتسمية، يقول بسم الله عند بدء الوضوء، هذا هو المشروع، وأوجبه جمع من أهل العلم، أن يقول بسم الله عند بدء الوضوء، وبهذا عرفت الوضوء، وهو مفتاح الصلاة، مفتاح الصلاة الطهور. ثم الصلاة كيفيتها: يبدؤها بالتكبير: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يقول: الله أكبر. الرجل والمرأة، ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» هذا الأفضل، أو يقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (3)» إن فعل هذا أو هذا كله صحيح. وهناك استفتاحات أخرى ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أتى بواحد منها صح، ولكن استعمال هذين الاستفتاحين من أكثرها، فإذا   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55) (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 102 فعلها رجل أو امرأة كفى، وهو مستحب وليس بواجب، لو شرع في القراءة حالا بعد التكبير أجزأ، لكن كونه يأتي بهذا الاستفتاح، وهو: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك (1)» هذا أفضل، أو يأتي بقوله: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (2)» وهذا أصح شيء ورد في الاستفتاح، ثم يقول الرجل أو المرأة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. بعد هذا الاستفتاح، ثم يقرأ الفاتحة، وهي: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (3) {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (4) {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (5) {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (6) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (7) {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (8) {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (9). ثم يقول: آمين وآمين ليس من الفاتحة، مستحبة كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة، في الجهرية والسرية، معناها: اللهم استجب. ثم يقرأ ما تيسر بعد الفاتحة، في الأولى من الظهر والثانية من   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (3) سورة الفاتحة الآية 1 (4) سورة الفاتحة الآية 2 (5) سورة الفاتحة الآية 3 (6) سورة الفاتحة الآية 4 (7) سورة الفاتحة الآية 5 (8) سورة الفاتحة الآية 6 (9) سورة الفاتحة الآية 7 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 103 الظهر، والأولى من العصر والثانية من العصر، والأولى من المغرب والثانية من المغرب، والأولى من العشاء والثانية من العشاء، وفي الثنتين كلتيهما من الفجر، يقرأ مع الفاتحة سورة أو آيات، بعد ما يقرأ الفاتحة يقرأ سورة أو آيات، والأفضل في الظهر أن يكون أوساط المفصل، مثل: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (1)، مثل: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (2) مثل {عَبَسَ وَتَوَلَّى} (3)، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (4)، {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} (5)، وما حول ذلك، وفي العصر مثل ذلك أو أخف منه قليلا. وفي المغرب كذلك، يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من هذه السور، أو أقصر منها، وإن قرأ في بعض الأحيان بأطول في المغرب فهو أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب في بعض الأحيان بـ (الطور)، وقرأ في بعض الأحيان بـ (المرسلات)، وقرأ فيها في بعض الأحيان بسورة (الأعراف)، قسمها في ركعتين، ولكن في الأغلب يقرأ أقل من ذلك كقراءة: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (6) و {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} (7) أو {إِذَا زُلْزِلَتِ} (8) أو (القارعة) أو (العاديات)، لا بأس بهذا، ولكن في بعض الأحيان يقرأ أطول كما تقدم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ أطول في المغرب كـ (الطور) (والمرسلات) ونحوهما، وفي العشاء يقرأ مثل ما قرأ في الظهر والعصر، يقرأ الفاتحة وزيادة معها في الأولى مثل:   (1) سورة الغاشية الآية 1 (2) سورة الليل الآية 1 (3) سورة عبس الآية 1 (4) سورة التكوير الآية 1 (5) سورة الانفطار الآية 1 (6) سورة الغاشية الآية 1 (7) سورة البلد الآية 1 (8) سورة الزلزلة الآية 1 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 104 {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} (1)، {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} (2)، {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (3)، {عَبَسَ وَتَوَلَّى} (4)، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (5) وما أشبه ذلك، أو آيات بمقدار ذلك في الأولى والثانية. وهكذا في الفجر يقرأ بعد الفاتحة زيادة، لكن أطول من الماضيات، يكون في الفجر أطول من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، يقرأ في الفجر: مثل (ق)، مثل: (اقتربت الساعة)، وأقل من ذلك مثل: (التغابن)، و (الصف)، و: (تبارك الذي بيده الملك)، مثل: (قل أوحي إلي)، و (المزمل)، وما أشبه ذلك في الفجر، يقرأ أطول من الظهر والعصر والمغرب والعشاء اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولو قرأ أقل وأقصر لا حرج عليه فإنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قرأ في بعض الأحيان بأقل من ذلك، لكن كونه يقرأ بالطوال في الغالب يكون أفضل تأسيا بالرسول عليه الصلاة والسلام، أما في الثالثة والرابعة من الظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء فيكفي الفاتحة، يقرأ الفاتحة ثم يكبر للركوع، الفاتحة (الحمد) يعني يقرؤها ثم يكبر للركوع، لكن ورد في فضله ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم بعض الأحيان قد يقرأ زيادة في الظهر، في الثالثة والرابعة، فإذا قرأ في بعض الأحيان في الظهر، في الثالثة زيادة على الفاتحة والرابعة بعض الشيء فهو حسن، تأسيا به عليه الصلاة والسلام. هذه صفة القراءة في الصلاة   (1) سورة البروج الآية 1 (2) سورة الطارق الآية 1 (3) سورة الغاشية الآية 1 (4) سورة عبس الآية 1 (5) سورة التكوير الآية 1 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 105 ثم يركع ويطمئن في ركوعه، ويجعل يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويسوي رأسه بظهره، ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب (1)» وكان يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم (2)» قالت عائشة رضي الله عنها: كان يكثر في الركوع: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (3)» فهذا كله مستحب، فالواجب: سبحان ربي العظيم مرة، وإن كررها ثلاثا كان أفضل أو خمسا وإذا زاد على ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبحان ذي الجبروت والكبرياء والعظمة، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. في بعض الأحيان فحسن. هذا في الركوع، وحين يركع يقول: الله أكبر. ويعتدل في الركوع، ويطمئن ولا يعجل، ثم يرفع ويقول: سمع الله لمن حمده إن كان إماما أو منفردا عند الرفع، يقول:   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772) (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 106 سمع الله لمن حمده ثم يقول بعد: سمع الله لمن حمده: «ربنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد (1)» هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، وأقر شخصا سمعه يقول: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. أقره على ذلك وقال: «إنه رأى كذا وكذا من الملائكة كلهم يبادر ليكتبها ليرفعها (2)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فالحاصل أنه إذا رفع من الركوع إذا كان إماما، أو منفردا يقول: سمع الله لمن حمده ثم يقول – وهو منتصب واقف-: «ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (3)» وهكذا في بقية الركعات يقول هكذا حين يرفع رأسه من الركوع   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب يطول في الصلاة، برقم (799) (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 107 س: ما هي صفة الصلاة من الوضوء حتى التسليم؟ في تكملة سؤال سابق، قد أجاب الشيخ على بعضه (1) ج: قد سبق الكلام على الوضوء، وبينا الكيفية الشرعية للوضوء، وسبق الكلام في أول الصلاة وانتهينا إلى الركوع، فالذي شرعه الله جل وعلا في الركوع أن المصلي إذا انتهى من القراءة يكبر رافعا يديه، راكعا يرفع يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى حيال أذنيه، ويكبر قائلا: الله أكبر. ثم يسوي ظهره كما تقدم، ويجعل يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وهذا يستوي فيه الرجل والمرأة جميعا، ويشرع أن يقول فيه مع ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. والأفضل أن يكرر التسبيح ثلاثا، فيقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وإن كرر أكثر فهو أفضل ما لم يشق على المأمومين إذا كان إماما، ويستحب أن يقول في ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (65) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 108 اغفر لي (1)» وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في الركوع: «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، سبوح قدوس رب الملائكة والروح (2)» فإذا قال مثل هذا فحسن؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثم يرفع قائلا: سمع الله لمن حمده. إذا كان إماما أو منفردا، يقول عند الرفع: سمع الله لمن حمده. ويرفع يديه مثل ما فعل عند الركوع حيال منكبيه، أو حيال أذنيه عند قوله: سمع الله لمن حمده. ثم بعد انتصابه واعتداله يقول: «ربنا ولك الحمد (3)» أو: «اللهم ربنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد (4)» هذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله عليه الصلاة والسلام، ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة، وإن زاد على هذا فقال: «أهل الثناء والمجد،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (487) (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411) (4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 109 أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» وذلك حسن؛ لأن الرسول كان يقوله في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، ومعنى: ولا ينفع ذا الجد منك الجد يعني: ولا ينفع ذا الغنى منك غناه، فالجميع فقراء إلى الله سبحانه وتعالى، والجد هو الحظ والغنى، وأما إذا كان مأموما فإنه يقول: ربنا ولك الحمد. عند الرفع، ويرفع يديه أيضا حيال منكبيه، أو حيال أذنيه عند الرفع قائلا: ربنا ولك الحمد أو: اللهم ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد، كل هذا مشروع للإمام والمأموم أو المنفرد جميعا لكن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده. أولا، وهكذا المنفرد. ثم يأتي بالحمد بعد ذلك، أما المأموم فإنه يقول هذا عند ارتفاعه من الركوع، يقول: ربنا ولك الحمد. ولا يأتي بالتسميع، لا يقول: سمع الله لمن حمده. على الصحيح المختار الذي دلت عليه الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والواجب الاعتدال في هذا الركن، لا يعجل متى رفع يعتدل ويطمئن قائما، ويضع يديه على صدره، هذا هو الأفضل. قال بعض أهل العلم: يرسلها. لكن الصواب أنه يضعها على   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 110 صدره، يضع كف اليمنى على كف اليسرى على صدره، كما فعل قبل الركوع وهو قائم. هذا هو السنة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان قائما في الصلاة وضع كفه اليمنى على كفه اليسرى في الصلاة على صدره، ثبت هذا من حديث وائل بن حجر، وثبت هذا أيضا من حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه، وثبت مرسلا من حديث طاوس عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الأفضل وهو السنة، وإن أرسل يديه فلا حرج في صلاته، صلاته صحيحة لكنه ترك السنة، ولا ينبغي للمؤمنين المشاقة في هذا والمنازعة، بل المؤمن يعلم السنة. وطالب العلم يعلم السنة في إخوانه، ولكن لا يشنع على من أرسل، ولا يكون بينه وبينه العداوة والشحناء؛ لأنها سنة نافلة، ولا ينبغي للإخوان لا في أفريقيا ولا في غيرها النزاع في هذا والشحناء، بل يكون التعليم بالرفق والحكمة والمحبة لأخيه، كما يحب لنفسه، هكذا ينبغي في هذه الأمور، وجاء في حديث سهل بن سعد الصحيح في البخاري قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (1)» قال أبو حازم   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 111 الراوي عن سهل: لا أعلمه إلا يروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. فدل ذلك على أنه في الصلاة إذا كان قائما يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى، والمعنى على كفه وطرف ذراعه؛ لأن هذا هو الجمع بينه وبين رواية وائل بن حجر، فإذا وضع كفه على الرسغ والساعد فقد وضعه على الذراع؛ لأن الساعد من الذراع فيضع كفه اليمنى على كفه اليسرى، وعلى الرسغ والساعد، كما جاء مصرحا به في حديث وائل. وهذا يشمل القيام الذي قبل الركوع والقيام الذي بعد الركوع، وهذا الاعتدال من أركان الصلاة، لا بد منه، بعض الناس قد يعجل من حين يرفع ينزل ساجدا، وهذا لا يجوز، بل الواجب على المصلي أن يعتدل بعد الركوع ويطمئن ولا يعجل، قال أنس رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وقف بعد الركوع يعتدل، ويقف طويلا حتى يقول القائل: قد نسي. وهكذا بين السجدتين، يطول حتى يقول القائل: قد نسي (1)» فالواجب على المصلي في الفريضة وفي النافلة ألا يعجل، بل يطمئن بعد الركوع طمأنينة واضحة يأتي فيها بالذكر   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع، برقم (800) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 112 المشروع، وهكذا بين السجدتين لا يعجل يطمئن ويعتدل بين السجدتين، ويقول بينهما: رب اغفر لي، رب اغفر لي. كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ثم بعد هذا الحمد والثناء والاعتدال والطمأنينة بعد الركوع ينحط ساجدا قائلا: الله أكبر. من دون رفع اليدين؛ لأن الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم الرفع في هذا المقام فيسجد على أعضائه السبعة جبهته وأنفه هذا عضو، وكفيه وعلى ركبتيه وعلى أصابع رجليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين (1)» هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب على الرجال والنساء جميعا؛ أن يسجدوا على هذه الأعضاء السبعة، الجبهة والأنف هذا عضو، واليدين يعني الكفين يبسطهما ويمدهما إلى القبلة، ضاما بعضهما إلى بعض، والركبتين وأطراف القدمين يعني على أصابع القدمين، باسطا لها على الأرض، ومعتمدا عليها، وأطرافها إلى القبلة، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم. والأفضل أن يقدم ركبتيه قبل يديه عند انحطاطه للسجود، هذا هو الأفضل، وذهب بعض أهل العلم   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب السجود على الأنف، برقم (812)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب /1 L1582 L1536 أعضاء السجود /1 والنهي عن كف الشعر، برقم (490). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 113 إلى أنه يقدم يديه، ولكن الأرجح هو أنه يقدم ركبتيه ثم يديه؛ لأنه ثبت هذا من حديث وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه (1)» وجاء في حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه (2)» فأشكل هذا على كثير من أهل العلم، فقال بعضهم: يضع يديه قبل ركبتيه، وقال آخرون بل يضع ركبتيه قبل يديه وهذا هو الذي يخالف بروك البعير؛ لأن بروك البعير يبدأ بيديه، فإذا برك المؤمن على ركبتيه خالف البعير، وهذا هو الموافق لحديث وائل. وهذا هو الصواب أن يسجد على ركبتيه أولا، ثم يضع يديه على الأرض، ثم يضع جبهته وأنفه على الأرض، هذا هو المشروع، فإذا رفع رفع جبهته أولا ثم يديه، ثم نهض، هذا هو المشروع الذي جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الجمع بين الحديثين، وأما قوله في حديث أبي هريرة: «وليضع يديه قبل ركبتيه (3)» الظاهر – والله أعلم – أنه انقلاب، كما ذكر ابن القيم رحمه الله   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 114 وإنما الصواب أن يضع ركبتيه قبل يديه حتى يوافق آخر الحديث أوله، وحتى يتفق مع حديث وائل وما جاء في معناه، وفي هذا السجود يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويكرر ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك، لكن يراعي الإمام المأمومين، إذا كان إماما يراعيهم حتى لا يشق عليهم، أما المنفرد فهذا لا يضره لو أطال بعض الشيء، كذلك المأموم تابع لإمامه، فيسبح ويدعو ربه في السجود حتى يرفع إمامه، والسنة للإمام والمأموم والمنفرد الدعاء في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (1)» يعني: حري أن يستجاب لكم. وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا (2)». فالركوع والسجود ما فيه قراءة، لا يقرأ في الركوع ولا في السجود، وإنما القراءة في حال القيام في حق من قدر، وفي حال القعود في حق من عجز عن القيام يقرأ وهو قاعد، أما السجود والركوع فليس فيهما قراءة، وإنما فيهما تسبيح الرب وتعظيمه، وفي   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (2) سنن الترمذي الصلاة (264)، سنن النسائي الزينة (5318)، مسند أحمد (1/ 155)، موطأ مالك النداء للصلاة (177). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 115 السجود زيادة على ذلك الدعاء، فيقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في سجوده، يقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (1)» فيدعو بهذا الدعاء الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، كما رواه مسلم في الصحيح. وثبت في صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (2)» هذا يدلنا على شرعية كثرة الدعاء في السجود من الإمام والمأموم والمنفرد، فيدعو كل منهم في سجوده مع التسبيح، مع قوله: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ومع قوله: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. لما سبق في حديث عائشة رضي الله عنها عند الشيخين: البخاري ومسلم –رحمة الله عليهما – قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (3)» ويشرع مع هذا   (1) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 116 الدعاء والجد في الدعاء في المهمات من أمر الدنيا والآخرة. ولا حرج يدعو لأمور دنياه مثل أن يقول: اللهم ارزقني زوجة صالحة، أو تقول المرأة: اللهم ارزقني زوجا صالحا، أو ذرية طيبة، أو مالا حلالا. أو ما أشبه ذلك من حاجات الدنيا، ويدعو بما يتعلق بالآخرة وهو الأكثر وهو الأهم، كأن يقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (1)» اللهم أصلح قلبي وعملي، وارزقني الفقه في الدين، اللهم إني أسألك الهدى والسداد، اللهم إنني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين، اللهم أدخلني الجنة وأنجني من النار. وما أشبه هذا الدعاء، يكثر في سجوده من الدعاء لكن من غير إطالة تشق على المأمومين، بل يراعي المأمومين حتى لا يشق عليهم إذا كان إماما، وإن قال مع ذلك في سجوده: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي. كما تقدم مرتين أو ثلاثا، كما فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام، ثم يرفع من السجدة قائلا: الله أكبر. ويجلس مفترشا يسراه ناصبا يمناه، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى أو على الركبة، باسطا أصابعه على ركبته، ويضع يده اليسرى   (1) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 117 على فخده اليسرى أو على ركبته، ويبسط أصابعه على ركبته، هكذا السنة في الجلسة بين السجدتين، ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي. كما كان النبي يقوله صلى الله عليه وسلم، ويستحب أن يقول مع هذا: «اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارزقني وعافني (1)» يروى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا مع قوله: «رب اغفر لي، رب اغفر لي (2)» «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (3)» وإن دعا بزيادة فلا بأس كأن يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم أدخلني الجنة وأنجني من النار، اللهم أصلح قلبي وعملي. ونحو ذلك لا بأس، ولكن يكثر من طلب المغفرة فيما بين السجدتين؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك يسجد   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار، ومن حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22866)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم، (874)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ما يقول في قيامه ذلك برقم (1069)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (897) (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 118 للثانية قائلا: الله أكبر ويسجد للثانية على جبهته وأنفه وعلى كفيه، وعلى ركبتيه وعلى أطراف قدميه، كما فعل في السجدة الأولى، ويعتدل يرفع بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، لا يبرك بروكا كالبهيمة، لا بل يعتدل في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا سجد أحدكم فليضع كفيه وليرفع مرفقيه (2)» فالسنة أن يعتدل ويكون واضعا كفيه على الأرض، رافعا ذراعيه عنها، ولا يبسطها كالكلب أو الذئب ونحو ذلك، لا بل يرفعها ويرفع بطنه عن فخذيه، ويرفع فخذيه عن ساقيه حتى يعتدل في السجود، ويكون مرتفعا معتدلا واضعا كفيه على الأرض، رافعا ذراعيه عن الأرض، كما أمر بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، وكما فعل عليه الصلاة والسلام، ثم يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو كما تقدم في السجود الأول ويقول: سبحانك اللهم ربنا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يفترش ذراعيه في السجود، برقم (822) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض، برقم (494) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 119 وبحمدك، اللهم اغفر لي. مثل ما قال في السجود الأول، ثم يكبر رافعا ناهضا إلى الركعة الثانية. والأفضل أن يجلس بعد السجود الثاني جلسة خفيفة، يسميها بعض الفقهاء جلسة الاستراحة، يجلس على رجله اليسرى مفروشة، وينصب اليمنى مثل حاله في السجدتين، لكنها خفيفة ليس فيها ذكر ولا دعاء هذا هو الأفضل، وإن قام ولم يجلس فلا حرج، لكن الأفضل أن يجلسها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعض أهل العلم: إن هذا يفعل عند كبر السن وعند المرض، ولكن الصحيح أنها سنة في الصلاة مطلقا، ولو كان المصلي شابا وصحيحا فهي مستحبة على الصحيح، لكنها غير واجبة، وهي جلسة خفيفة ليس فيها ذكر ولا دعاء، يجلس على اليسرى وينصب اليمنى مثل جلوسه بين السجدتين. ثم ينهض إلى الثانية مكبرا قائلا: الله أكبر. من حين ينهض من سجوده جالسا جلسة الاستراحة، أو حين يفرغ من سجوده، ينهض يقول: الله أكبر. فإن بدأ بالتكبير جلس فينبه الجماعة ألا يسبقوه حتى يجلسوها ويأتوا بهذه السنة، وإن جلسها قبل أن يكبر ثم رفع بالتكبير فلا بأس، المهم أن هذه جلسة مستحبة وليست واجبة، فإن أتى بالتكبير قبلها وجه المأمومين حتى لا يسبقوه في جلوسها، وإن جلس أولا ثم رفع بالتكبير فلا حاجة إلى التوجيه إلا من باب التعليم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 120 بالسنة، ثم يفعل في الثانية كما فعل في الأولى، يقرأ الفاتحة، يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسمي الله، وإن ترك التعوذ واكتفى بالتعوذ الأول في الأولى فلا بأس، وإن أعاده فهو أفضل؛ لأنه مع قراءة جديدة، فيتعوذ بالله من الشيطان، ويسمي ويقرأ الفاتحة ثم يقرأ معها سورة أو آيات، كما فعل في الأولى، لكن تكون السورة في الثانية أقصر من الأولى، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، فإذا فرغ من القراءة كبر للركوع كما فعل في الركعة الأولى، كما تقدم. وإذا انتهى يرفع من الركعة الثانية ويجلس للتشهد الأول، إذا كانت الصلاة رباعية كالظهر والعصر والعشاء، أو ثلاثية كالمغرب يأتي بالتشهد: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. هذا هو الثابت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وإن أتى بغير هذا مما ثبت في الأحاديث الصحيحة كفى، لكن هذا أثبتها، هذا اللفظ الذي نقلناه لكم هذا هو أثبتها. ثم بعد هذا يقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد الجزء: 8 ¦ الصفحة: 121 كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (1)» ثم ينهض إلى الثالثة وإن لم يأت بالصلاة على النبي، بل نهض بعد الشهادة فلا بأس، حين قال: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. لو نهض ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس؛ لأن جملة من أهل العلم قالوا: لا تستحب هنا، وإنما هي مشروعة بعد التشهد الأخير، ولكن ظاهر الأحاديث الصحيحة أنها تشرع هنا وهناك، فيأتي بها أفضل هنا، لكن ليست واجبة عليه هنا، وإنما تجب في التشهد الأخير عند جمع من أهل العلم. فإذا فرغ من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم – لأنه أفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على الصحيح – ينهض بعده مكبرا قائلا: الله أكبر. رافعا يديه كما ثبت هذا من حديث عمر عند البخاري رحمه الله، فيرفع يديه مكبرا عند نهوضه من التشهد الأول حتى يأتي بالثالثة في المغرب، وحتى يأتي بالثالثة والرابعة في العشاء والظهر والعصر، ويقرأ الفاتحة، هذا هو الأفضل وتكفي الفاتحة لا زيادة، كما ثبت هذا في حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 122 وهكذا الأخيرة من المغرب، وإن قرأ زيادة في الظهر بعض الأحيان فحسن، قد ثبت من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأوليين من العصر مقدار ما يقرأ في الأخريين من الظهر (1)» وهذا يدل على أنه كان يقرأ في الأخيرتين من الظهر زيادة على الفاتحة، فإذا قرأ زيادة فلا بأس، بل هو حسن في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان يقتصر على الفاتحة، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمعا بين حديث أبي سعيد، وحديث أبي قتادة، فإذا قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر فهذا على حديث أبي سعيد، وإذا ترك هذا على حديث أبي قتادة، فيفعل هذا تارة وهذا تارة، أما في الثالثة والرابعة من العصر، والثالثة والرابعة من العشاء، والثالثة من المغرب فليس فيها إلا قراءة الفاتحة فقط، لا يقرأ زيادة لعدم الدليل على ذلك، ثم بعد فراغه من الفاتحة في الثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء ينحط ساجدا قائلا: الله أكبر. فيسجد سجدتين، مثل ما فعل في الركعة الأولى والثانية. أما الفجر فليس فيها ثالثة ولا رابعة، هي ركعتان، وهكذا الجمعة ركعتان، وهكذا العيد ركعتان، يقرأ فيهما   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، برقم (452) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 123 الفاتحة وما تيسر معها من القرآن الكريم، كما هو معلوم من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وبهذا تنتهي الصلاة ولا يبقى إلا التشهد فإذا فرغ من الرابعة في الظهر والعصر والعشاء، والثالثة من المغرب والثانية من الفجر والجمعة، ونحو ذلك إذا فرغ من السجدة الثانية في الركعة الأخيرة جلس للتحيات، كما قرأ في التشهد الأول يقرؤها أخيرا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سألوه، قالوا: ماذا نقول في صلاتنا إذا صلينا؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد. . . . . . - إلى آخره - قال: والسلام كما علمتم (1)» أي في قول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. فدل على أن هذا يقال في الصلاة. وبعد هذه الصلاة يدعو بالدعوات المشهورة، ويتعوذ بالله من أربع، اللاتي تعوذ منهن النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (2)» هذه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 124 39 - بيان أن النساء كالرجال في كيفية أداء الصلوات س: إننا لم نجد من يدلنا على أداء الصلاة الصحيحة، هذا سؤال قد أجبتم على معظمه في كيفية الصلاة سماحة الشيخ، ولكن ولا سيما أن البعض يذكر أن للمرأة صورة معينة حين تؤدي صلواتها، وأيضا بالنسبة للجمعة والجماعة للمرأة أيضا، لو تكرمتم سماحة الشيخ فأرجو أن تتفضلوا بتكملة ما بدأتموه. (1) ج: قد سبق بيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في حلقتين، ووقفنا في الحلقة الثانية على ما يتعلق بالدعاء في التشهد الأخير من الصلاة، وسبق لنا أن الله جل وعلا شرع لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن نقول في آخر الصلاة بعد قراءة التحيات: أن نستعيذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال. هذا مشروع للرجال والنساء جميعا في الفرض والنفل، ويستحب مع هذا أن يدعو الإنسان بما تيسر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الصحابة التشهد قال: «ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (65) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 125 فيدعوا (1)» وفي لفظ آخر: «ثم ليختر من المسألة ما شاء (2)» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذه الدعوات: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (3)» وقال لمعاذ: «يا معاذ، إني لأحبك، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (4)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي رضي الله عنه: أنه كان يقنت في آخر الصلاة قبل أن يسلم: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت (5)» وثبت أيضا في صحيح البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402) (3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588). (4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي في كتاب السهو نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (5) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 126 عليه وسلم كان يقول في آخر الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر (1)» فهذه الدعوات طيبة يشرع أن تقال في آخر الصلاة، بعدما يقرأ التحيات والشهادة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، يأتي بهذه الدعوات التي ذكرنا هنا وفي ما ذكرنا في آخر الحلقة السابقة. والخلاصة أنه يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله من عذاب جهنم، أو اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. وإذا زاد أدعية أخرى كما تقدم فذلك حسن، مثل ما تقدم: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. إلى غير ذلك وهكذا، الدعاء الآخر في حديث سعد: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من   (1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (6365) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 127 فتنة الدنيا وعذاب القبر (1)» وهكذا الدعاء الوارد في حديث عبد الله بن عمرو في الصحيحين: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (2)» هذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم للصديق رضي الله عنه، قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: إن الصديق قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (3)» وإذا كان الصديق يقال له هذا الدعاء، فكيف بحالنا إذا كان الصديق وهو أفضل الصحابة رضي الله عنه، وهو مشهود له بالجنة، ومع هذا يعلمه النبي يقول: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (4)» بل هو في أشد الحاجة إلى ذلك فينبغي الإكثار من هذا الدعاء قال أنس   (1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (6365) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 128 رضي الله عنه: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار (1)» ثم ينبغي أن يعلم أن المرأة كالرجل في هذه الأشياء قال بعض أهل العلم: إن المرأة لها خصوصية، وهذا لا دليل عليه، بل ما ورد من السنة يدل على أنه مشترك بين الرجال والنساء فكما أن الرجل يقرأ الفاتحة وما تيسر معها من سور أو آيات فهي كذلك، وكما أنه يرفع عند الركوع وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة فهي كذلك ترفع يديها مثل الرجل، وكما أنه يضع يديه على صدره فهي كذلك، تضع يديها على صدرها حال القيام في الصلاة. وكما أنه يقول: سبحان ربي العظيم. في الركوع هي مثله، ويقول في السجود: سبحان ربي الأعلى. هي مثله، وتزيد في الركوع مثل الرجل: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. وتضع يديها في الركوع على ركبتيها مفرجة الأصابع، وتضع يديها في السجود على الأرض حيال منكبيها، وحيال أذنيها كالرجل، وتضع يديها في الجلوس بين السجدتين على فخذيها، أو على ركبتيها كالرجل، وتفترش رجلها اليسرى بين السجدتين، وفي التشهد الأول وفي التشهد   (1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنه برقم (6389) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 129 الأخير تتورك؛ تجلس على مقعدتها وتجعل رجلها اليسرى تحت رجلها اليمنى عن يمينها، كالرجل سواء بسواء في هذه الأمور، وهذا هو الأرجح، وهذا هو المعتمد كما دلت عليه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والسلام أيضا كذلك هذا أمر معلوم إذا فرغ من الدعاء يسلم الرجل والمرأة سواء، فيقول: «السلام عليكم ورحمة الله - عن يمينه و: - السلام عليكم ورحمة الله (1)» عن يساره، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، وهذا يستوي فيه الرجل والمرأة، والفرض والنفل جميعا، ثم بعدما يسلم يقول: أستغفر الله ثلاثا اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يقوله الرجل والمرأة، ثم ينصرف إذا كان إماما بعد هذا، ويعطي الناس وجهه ويقول بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. وهكذا المؤمنون يقولون مثله. الرجال والنساء مثل ما يقول الإمام: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. جاء هذا تارة يقول يحيي ويميت. وتارة لا يقول عليه الصلاة والسلام، ثبت هذا وهذا فتارة   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، تفريع كتاب الركوع والسجود، باب في السلام، برقم (996)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء في التسليم في الصلاة، برقم (295)، والنسائي في المجتبى، باب التطبيق، باب التكبير عند الرفع من السجود، برقم (1142). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 130 يقول: يحيي ويميت بيده الخير. وتارة لا يقول ذلك، الأمر واسع بحمد الله، ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. وتارة يزيد: يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. كل هذا مستحب بعد كل صلاة للرجال والنساء. ثم يشرع بعد ذلك أن يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، الرجل والمرأة، يعقد أصابعه ثلاثا وثلاثين مرة، فيكون الجميع تسعا وتسعين، يعني ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وثلاثا وثلاثين تكبيرة، إذا قال: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. وعدها ثلاثا وثلاثين مرة كانت تسعا وتسعين، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قالها غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر (1)» وهذا فضل عظيم، وخير كبير   (1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب /1 L22739 الذكر بعد الصلاة وبيان صفته /1 برقم (597) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 131 والمعنى: إذا قال هذا مع التوبة والندم والإقلاع لا مجرد الكلام فقط، بل يقول هذا مع الاستغفار والتوبة والندم وعدم الإصرار على الذنوب، ويرجى له هذا الخير العظيم حتى في الكبائر، إذا قاله عن إيمان وعن صدق وعن توبة صادقة، وعن ندم على الذنوب فإن الله يغفر له كبائرها وصغائرها بتوبته وصدقه وإخلاصه. ويقول بعد ذلك {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (1) هذا يقوله الرجل والمرأة بعد الفريضة، جاء في الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قرأها بعد كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت (2)» والحديث فيه كلام لأهل العلم، ولكن بعض طرقه صحيحة، فالأرجح أنه ثابت، وأن هذه القراءة مستحبة، وهذه الآية يقال لها: آية الكرسي. وهي أفضل آية وأعظم آية في كتاب الله، يستحب أن   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8/ 114) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه برقم (7532)، والنسائي في السنن الكبرى في كتاب عمل اليوم والليلة، باب ثواب من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة، برقم (9928) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 132 تقرأ بعد السلام بعد هذا الذكر، ويستحب أن تقرأ أيضا عند النوم، وهي من أسباب حفظ الله للعبد من الشيطان، فهي آية عظيمة ينفع الله بها العبد، وهي من أسباب دخول الجنة، إذا قالها أسباب بعد كل صلاة فريضة بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وهكذا يقولها عند النوم، وتكون من أسباب حفظه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قالها لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه الشيطان حتى يصبح (1)» وهذا فضل عظيم، كذلك يستحب له بعد هذا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين، يقولها المصلي والإمام والمأموم والمنفرد بينه وبين نفسه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (4) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (5) مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، أما بعد المغرب والفجر فيقولها ثلاثا، يقرأ هذه السور الثلاث ثلاثا، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6) ثلاثا و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (7) ثلاثا و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (8) ثلاثا، بعد الفجر والمغرب. ويستحب أيضا بعد الفجر والمغرب زيادة أن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء   (1) أخرجه الترمذي في كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي برقم (2880) (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الفلق الآية 1 (5) سورة الناس الآية 1 (6) سورة الإخلاص الآية 1 (7) سورة الفلق الآية 1 (8) سورة الناس الآية 1 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 133 قدير عشر مرات، زيادة بعد الفجر والمغرب، جاء في ذلك عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله جل وعلا هو المسؤول أن يوفقنا جميعا للتأسي به صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على سنته والاستقامة على دينه حتى نلقاه سبحانه وهو عنا راض. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 134 40 - الكتب التي تصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم س: هل ترشدون المستمعين – سماحة الشيخ – إلى كتب معينة، يقرؤونها فيها صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ (1) ج: نعم، كتاب ابن القيم رحمة الله عليه في: (صفة الصلاة) كتاب جيد، و: (صفة الصلاة) للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وكتاب الترغيب والترهيب و (رياض الصالحين)، و: (الجواب الكافي)، وأشياء كثيرة، والمؤمن يتحرى كتب الحديث، مثل: (رياض الصالحين)، يأتي مثل الصحيحين البخاري ومسلم، والسنن الأربع، لأن هذه اعتنت بالأحاديث و (رياض الصالحين) نقل منها وهكذا الترغيب والترهيب، مثل: صفة الصلاة للشيخ ناصر الدين الألباني، وهو من الذين اعتنوا   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (363) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 134 بالأحاديث. نعم، وهناك رسائل في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من مطبوعاتي موزعة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 135 41 - حكم تقديم أذكار الاستفتاح قبل تكبيرة الإحرام س: يقول هذا السائل: ما حكم من يقول قبل تكبيرة الإحرام: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين؟ هل هذا وارد؟ (1) ج: لا وإنما هذا من أنواع الاستفتاح، يقوله بعد التكبير، لا قبل التكبير؛ لأن الاستفتاح أنواع منها هذا، ومنها الاستفتاح المختصر «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك (2)» ومنها: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (3)» ومنها أنواع أخرى   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (434) (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 135 42 - حكم ال ذكر بعد إقامة الصلاة وقبل تكبيرة الإحرام س: يقول السائل: هل هناك ذكر مشروع بعد إقامة الصلاة، وقبل تكبيرة الإحرام (1)؟ ج: لا أعلم شيئا في هذا، لم يرد في هذا شيء فيما نعلم.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (427) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 136 43 - حكم التلفظ بالنية للصلاة س: السائل: م. د. يقول: سؤالي يتعلق بالنية، فمثلا عندما أقف للصلاة، وأعلم أنني واقف لأداء الصلاة فهل يكفي ذلك، أم لا بد من النطق بالنية؟ وقد سمعت من بعض الناس عندما يقف لصلاة، وأثناء رفع اليدين لتكبيرة الإحرام يقول: نويت أن أصلي صلاة كذا. ويسميها بعدد ركعاتها، وجهونا في ضوء هذا السؤال (1) ج: النية محلها القلب، والسنة أن ينوي بقلبه فقط، ولا يتكلم بلسانه فإذا قام يصلي ناويا صلاة الظهر كفى، صلاة العصر كفى، صلاة المغرب كفى، صلاة الضحى كفى، ولا يحتاج أن يقول: نويت. فإنها بدعة، يقول: نويت أن أصلي كذا، الظهر أربعا، العصر أربعا، المغرب   (1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (403) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 136 ثلاثا. هذا بدعة، هذا لا أصل له، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات (1)» والنية محلها القلب، وما كان النبي يتلفظ بالنية، ولا أصحابه رضي الله عنهم، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» يعني فهو مردود، فالواجب على كل مسلم أن تكون نيته في القلب، وأن لا يتلفظ بها؛ بأن يقول: نويت أن أصلي كذا. أو: نويت أن أطوف كذا. أو: نويت أن أسعى كذا. لا، النية محلها القلب ويكفي، والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ برقم (1) (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 137 44 - عدد مواضع رفع اليدين في الصلاة س: عندما أقوم في الصلاة كم مرة أرفع يدي؟ (1) ج: لقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المشروع على المؤمن في الصلاة أن يرفع يديه في أربعة مواضع، في الرباعية   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (94) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 137 والثلاثية: الأول عند الإحرام، فيرفع يديه مع التكبير إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، تارة كذا وتارة كذا. الموضع الثاني عند الركوع، يرفع يديه عند قوله: الله أكبر. حيال منكبيه، أو حيال أذنيه. والموضع الثالث عند رفعه من الركوع يرفع يديه، عند قوله: سمع الله لمن حمده. إذا كان إماما أو منفردا، ويرفع المأموم عند قوله: ربنا ولك الحمد. والموضع الرابع إذا قام من التشهد الأول، في الرباعية كالظهر والعصر والعشاء، أو الثلاثية كالمغرب، إذا قام إلى الثالثة بعد التشهد الأول يقول: الله أكبر. رافعا يديه، كل هذه ثبتت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عمر، ومن حديث علي رضي الله عنه، وبعضها من أحاديث مالك بن الحويرث، ومن أحاديث أخرى. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 138 45 - حكم رفع اليدين بعد الرفع من الركوع س: في الركوع عندما تقول: سمع الله لمن حمده. هل ترفع يديك وتقول: ربنا ولك الحمد. وتضع يديك فوق الصدر؟ أي: يعيدهما إلى مكانهما السابق، أعني اليدين، نرجو الإفادة (1)   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (94) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 138 ج: نعم، هذا الموضع الثالث عند الرفع من الركوع، يرفع يديه إذا كان مأموما، يقول: ربنا ولك الحمد. وإن كان إماما أو منفردا قال: سمع الله لمن حمده. ثم قال بعدها: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. يقول هذا الإمام والمأموم والمنفرد، لكن الإمام والمنفرد يختصان بقولهما: سمع الله لمن حمده. أما: ربنا ولك الحمد. . . . . . . الخ. فهذا مشترك، والمأموم يقول ذلك عند الرفع من الركوع، يقول: ربنا ولك الحمد. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد (1)» ويضع يديه على صدره إذا رفع من الركوع، يعيدهما إلى مكانهما الأول، هذا هو الأفضل، والأرجح أن يعيدهما إلى مكانهما الأول، واضعا لهما على صدره حتى يخر ساجدا، كما كان كذلك قبل الركوع، ومن قال: إنه يرسلهما بعد الركوع فقد خالف السنة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 139 46 - حكم رفع اليدين في الصلاة في كل ركعة س: ما هو حكم رفع اليدين في الصلاة في كل ركعة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة رفع اليدين في أربعة مواضع: عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة. في هذه المواضع الأربعة يستحب رفع اليدين حذاء المنكبين، أو حذاء الأذنين، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (230) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 140 47 - بيان التكبيرات التي يستحب رفع اليدين عندها س: يقول السائل: مع أي التكبيرات أرفع اليدين؟ (1) ج: السنة أن ترفع اليدين في التكبيرة الأولى حيال منكبيك، أو حيال أذنيك في التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام، وعند الركوع أيضا، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول للثالثة، في هذه المواضع الأربعة السنة رفع اليدين للرجل والمرأة جميعا حيال المنكبين، أو حيال الأذنين، تارة كذا وتارة كذا، كله ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (255) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 140 48. مواضع رفع اليدين مع التكبيرات أثناء الصلاة س: في أي تكبيرة ترفع اليدان أثناء الصلاة، هل هي في تكبيرة الإحرام، أم هناك مواضع أخرى؟ (1) ج: ترفع الأيدي في أربعة مواضع: عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، هكذا جاءت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بهذه المواضع الأربعة، ترفع عندها اليدان: التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام، ويرفع يديه عند الركوع، ويرفع يديه عند الرفع من الركوع، ويرفع يديه عند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (263) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 141 49 - بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في وضع اليدين في الصلاة س: يقول السائل: كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في وضع اليدين في الصلاة؟ وهل علي حرج عندما أضع ذلك بين السرة والصدر؟ (1) ج: السنة هي وضع اليدين في الصلاة على الصدر، هذا هو المحفوظ   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (387) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 141 عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر، ومن حديث سهل بن سعد، ومن حديث قبيصة بن هلب عن أبيه، فإنها يفسر بعضها بعضا، يروى عن علي رضي الله عنه أن «من السنة وضع اليدين تحت السرة (1)» لكنه حديث ضعيف عند أهل العلم، ليس بصحيح، وإنما المحفوظ وضعهما على الصدر، كما في حديث وائل بن حجر، وفي حديث قبيصة بن هلب عن أبيه، وفي حديث سهل بن سعد قال: «كان الرجل يؤمر أن يضع يمينه على ذراعه اليسرى في الصلاة (2)» وفسره حديث قبيصة بن هلب عن أبيه، وحديث وائل، وأن المراد: يضعهما على صدره، وأطراف يده اليمنى على ساعده على ذراعه.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (756) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 142 50 - موضع وضع اليدين أثناء القيام في الصلاة س: يقول السائل: حدثوني عن وضع اليدين أثناء القيام، أين أضعهما؟ (1)   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (255). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 142 ج: السنة وضعهما على الصدر؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل، ومن حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه: «أنه كان يضعهما على صدره عليه الصلاة والسلام (1)» وثبت مرسلا من طريق طاوس بن كيسان التابعي الجليل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يؤيد المرفوع، وبعض أهل العلم يرى وضعهما على السرة، وبعضهم يرى وضعهما تحت السرة، والحديث في هذا ضعيف تحت السرة والأفضل فوق الصدر. هذا هو الأفضل؛ لأن الأحاديث فيها أصح، والأمر في هذا واسع كله سنة، فلو سدلهما صحت صلاته، ولو أرسلهما كما قال بعض أهل العلم صحت صلاته، لكن السنة أن يضمهما إلى صدره ولا يرسلهما، هذا هو السنة، ولا ينبغي في هذا النزاع والخلاف والجدل والفرقة، بل ينبغي في هذا التسامح والتيسير؛ لأن الاجتماع والتعاون على الخير أمر مطلوب، والذي جعلها تحت السرة تأول قول بعض أهل العلم، وبعض الأحاديث الضعيفة، ولا ينبغي التشديد والتشنيع في هذا المقام، بل ينبغي الرفق والحكمة في هذا، والنصيحة بدون فرقة ولا اختلاف ولا تشنيع، لكن الأفضل   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار حديث هلب الطائي، برقم (21460) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 143 للمؤمن أن يتحرى ما هو الأثبت، وما هو الأقرب إلى الصواب في مسائل الخلاف. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 144 51 - شرع معنى وضع المصلي كفه الأيمن على كوعه الأيسر س: الأخت تسأل وتقول: ورد في كيفية وضع اليدين في الصلاة: أن يضع المصلي كفه الأيمن على كوعه الأيسر ما هو الكوع المذكور؟ (1) ج: نعم، جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه في حال قيامه يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى، والرسغ والساعد، وفي بعضها الكوع على كوعه، والكوع هو العظم الذي يلي الإبهام، وما يلي الخنصر يقال له كرسوع، والمعنى أنه يضع يده على مفصل الكف من الذراع، فيكون وضع اليمنى على كفه اليسرى وعلى رسغها وعلى ساعدها، هذا هو السنة في حال القيام في الصلاة، وهذا يعم الرجال والنساء، وليس هناك دليل على تخصيص المرأة بشيء، بل السنة عامة، فإذا كان المصلي واقفا جعل يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (116) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 144 والساعد، كما ثبت ذلك في حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء في حديث سهل بن سعد: «أنه كان الرجل يؤمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (1)» وهذا يحتمل أن يكون في بعض الأحيان، يضع على الذراع، ويحتمل أنه أراد ما أراده وائل؛ لأنه إذا وضع يده على الرسغ والساعد فقد وضع يده على الذراع؛ لأن الساعد هو الذراع، فيكون كفه على مفصل الكف، وأطراف أصابعه على الساعد، فيجتمع الحديثان ولا يكون بينهما اختلاف، وبكل حال فالسنة أن يضع يده اليمنى حين قيامه للصلاة، سواء كان هذا قبل الركوع، أو بعد الركوع يكون واضعا كفه اليمنى على كفه اليسرى، وعلى رسغه وساعده في الصلاة، هذا هو السنة. فإذا ركع وضع يديه على ركبتيه، وفرج أصابعه وسوى ظهره حتى يرفع، فإذا رفع أعاد يديه كما كانتا قبل الركوع، يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى، وعلى الرسغ والساعد حتى يسجد، هذا هو المعتمد، وهذا ما دل عليه حديث وائل، وحديث سهل بن سعد، وحديث قبيصة بن هلب عن أبيه، ودل عليه أيضا ما ثبت عن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 145 طاوس مرسلا: من وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على كفه اليسرى، في حال قيامه عليه الصلاة والسلام. وأما من قال: إنه يرسل اليدين حال القيام فلا دليل له في ذلك، بل هو خلاف السنة، وهكذا من قال: يرسلهما حال قيامه بعد الركوع لا دليل له على ذلك، فالأصل أنهما على حالهما قبل الركوع، والنبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا رفع رأسه من الركوع اعتدل حتى يعود كل فقار إلى مكانه عليه الصلاة والسلام، وكان يقوم قياما طويلا حتى يقول القائل: قد نسي (1)» فدل ذلك على أنه إذا رفع من الركوع يعيدهما كما كانتا؛ يضع اليمنى على اليسرى حال قيامه على صدره عليه الصلاة والسلام، كما كان قبل ذلك قبل الركوع، وعلى من زعم خلاف ذلك أن يأتي بالدليل، وإلا فالأصل أن ما بعد الركوع في حال القيام يكون مثل ما قبل الركوع، هذا هو الأصل، وهذا هو ظاهر السنة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع، برقم (800) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 146 52 - بيان أصح ما ورد في موضع اليمين على الشمال في الصلاة س: يقول: في الصلاة إن سنة النبي صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى، واختلفت الأقوال في ذلك، نريد الوقوف الجزء: 8 ¦ الصفحة: 146 على القول الصحيح (1) ج: السنة أن يضع يمينه على شماله في الصلاة حال الوقوف في الصلاة، قبل الركوع وبعده، يضع اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، هذه السنة، واختلف أهل العلم في محلها، فقيل: على صدره. وقيل: على سرته. وقيل تحت سرته. يروى في هذا أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن أصحها وأثبتها: على صدره. أصح ما ورد: على صدره. هذا هو أصح ما ورد عن وائل بن حجر، وعن قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه، وعن طاوس مرسلا، كلها تدل على أن السنة وضع اليدين على الصدر؛ اليمنى على اليسرى على الصدر، هذا هو الأفضل، والأمر في هذا واسع إن شاء الله، ولكن تحري السنة هو الذي ينبغي، أما حديث من رواه: تحت السرة. فهو ضعيف، والأرجح منه والأصح وضعهما على الصدر، يعني على مقدم الصدر، لا يبالغ، بل إذا وضعهما على مقدم الصدر كفى، والحاصل أن هذا هو الأفضل، وهو الأرجح.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (27) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 147 س: بعض الناس يضع يده اليمنى على اليسرى، لكن يضعهما سويا على قلبه، فيخرج مرفقه الأيسر كثيرا على اليسار (1) ج: ما أجد لهذا أصلا، أقول: لا أعلم في هذا أصلا. وإنما السنة أن يضع يده على كفه اليسرى والرسغ والساعد، ويضعهما على صدره، هذه السنة، وإن وضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى فلا بأس، أيضا جاء به حديث سهل بن سعد في مد اليد إلى الذراع فلا بأس، وإن جعلها على الرسغ والساعد وصارت أطرافها على الساعد فهذا هو الأفضل، وإن جعلها على الذراع فهو سنة أيضا؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، وثبت في حديث سهل قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قاله أبو حازم عن سهل لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم (2)» رواه البخاري.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (27) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 148 س: سؤاله يقول: ما حكم تربيع اليدين في الصلاة؟ (1)   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (357) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 148 ج: لم أفهم معنى التربيع، السنة في الصلاة أن تكون يداه على صدره حال القيام، وفي الجلوس على فخذيه أو على ركبتيه بين السجدتين، والتشهد وعند السجود على الأرض، يعتمد على كفيه على الأرض حيال منكبيه، أو حيال أذنيه وحال الرفع عند الركوع يرفعهما حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، أو الرفع من الركوع، أو التكبير للإحرام، وعند الركوع يرفع يديه حيال منكبيه، أو حيال أذنيه. أما التربيع الذي سأل عنه السائل فلا أعرف ما هو التربيع؟ لكن هذه الصفات التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 149 53 - بيان كيفية وضع اليدين في الصلاة حال القيام س: يسأل ويقول: لدينا مسألة خلافية في القبض والإرسال في الصلاة، هناك أدلة على القبض كثيرة، نرجو منكم توضيحا لهذه المسألة؟ (1) ج: السنة في الصلاة القبض حال القيام، يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى هذا هو القبض على صدره؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل ين حجر: «أنه كان يضع يمينه على شماله، كفه   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (258) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 149 اليمنى على كفه اليسرى على صدره (1)»، وثبت أيضا من حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه معنى ذلك، وفي صحيح البخاري رحمه الله عن سهل بن سعد، قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (2)» ومعنى في الصلاة: يعنى حال القيام، كما فسره حديث وائل، وحديث قبيصة بن هلب؛ لأن الصلاة لها أحوال في الركوع يضع يديه على ركبتيه، مفرجتي الأصابع هذه السنة، في السجود يضعهما على الأرض حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، في الجلوس يضعهما على فخذيه أو ركبتيه، فما بقي إلا حال القيام، فحال القيام يضعهما على صدره، ويكون أطرافهما على ذراعه الأيسر، أو كفه اليمنى على ذراعه الأيسر، كما في حديث سهل، وفي السنة أيضا لحديث طاوس بن كيسان اليماني، التابعي الجليل ما يوافق ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنه يضع اليمنى على كف اليسرى على صدره في الصلاة (3)» وهذا مرسل جيد، يوافق الأحاديث   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (759). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (759). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 150 الصحيحة المتصلة المرفوعة، أما إرسالها على الجنبين، كما يقول: يفعله بعض الناس. فليس عليه دليل، وإن ذهب إليه بعض المالكية، لكن هذا ليس عليه دليل، والأفضل تركه والأخذ بما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، ولكن لا ينبغي النزاع في هذا والاختلاف والعداوة والشحناء، ينبغي التساهل في هذا والتسامح؛ لأنها سنة، لو أرخى يديه صحت صلاته، أو ضمها صحت صلاته، إنما كانت في الأفضل والسنة. وكثير من إخواننا في أفريقيا يحصل بينهم شحناء بسبب هذا، ولا ينبغي ذلك، ينبغي في هذا التسامح والدعوة إلى الخير بالرفق، وينصح إخوانه أن يضعوا أيديهم على صدورهم، من دون شدة ولا منازعة ولا هجر، بل يبين السنة ويدعو لها بحلم وصبر ورفق، وعلى من دعي إلى السنة أن يستجيب، ولا يجوز التقليد، لا يجوز أن تقلد زيدا ولا عمرا في خلاف السنة، ولو كان عظيما، ولو كان مالكا، أو كان أبا حنيفة أو الشافعي أو أحمد، طالب العلم لا يقلد العلماء، يأخذ بالدليل، إذا خفي عليه الدليل تبع أهل العلم المعروفين بالسنة والاستقامة، لكن إذا غاب الدليل من الرسول صلى الله عليه وسلم فالواجب والمشروع اتباع من معه الدليل، الذي يوافق أهل السنة، وهي واجبة الواجبات، الله يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1)   (1) سورة النساء الآية 59 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 151 ويقول سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (1) ويقول جل وعلا {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (2) ويقول جل وعلا {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (3) فأنت مأمور بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا عرفت السنة، والسنة واضحة في هذا: أن تضع كفك اليمنى على كفك اليسرى في الصلاة، وأنت قائم قبل الركوع وبعده، قبل الركوع، وهكذا بعد الركوع، إذا قمت وأنت واقف بعد الركوع تضع كفك اليمنى على كفك اليسرى على الصدر، هذا هو الأفضل، وقال جماعة من العلماء: على السرة. وقال بعضهم: تحت السرة. ولكن ليس عليه دليل صحيح، والحديث الذي روي عن علي في وضعهما تحت السرة ضعيف، والمحفوظ وضع اليدين على الصدر، هذا هو المحفوظ من حديث وائل، ومن حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه، وفي المرسل لطاوس، ويؤيده ما رواه البخاري في الصحيح عن حديث أبي حازم عن سهل بن سعد   (1) سورة الشورى الآية 10 (2) سورة النساء الآية 59 (3) سورة النساء الآية 80 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 152 كما تقدم، فنصيحتي لإخواني أن يأخذوا بهذه السنة من دون شدة على الآخرين، مع الرفق والحكمة والتواصي بالسنة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 153 54 - حكم سدل اليدين في الصلاة س: يقول السائل: س. أ. من اليمن: ما حكم سدل اليدين في الصلاة؟ وهل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في ذلك؟ (1) ج: السدل مكروه والضم هو السنة، والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو ضم اليمين إلى الشمال، يضع اليمين فوق الشمال على صدره إذا كان قائما في الصلاة، أما سدلهما فهو مكروه، لكن لا يبطل الصلاة، ولا يجوز النزاع بين الإخوان، يعلم أن السدل مكروه وخلاف السنة، ولا يحتاج الأمر إلى نزاع ومخاصمات وشحناء، ولكن المؤمن يعلم أخاه، ويرشد أخاه وينصحه بالرفق والحكمة.   (1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (387) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 153 55 - حكم الإسبال في الصلاة س: تقول هذه السائلة: ما حكم الإسبال في الصلاة؟ حيث إنه يوجد كثير من الناس يسبلون يقولون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 153 قد أسبل في الصلاة، فما صحة هذا القول؟ (1) ج: الإسبال إذا كان يعني به إرخاء اليدين هذا خلاف السنة، السنة أن يضع اليدين على صدره، هذه السنة، وهذا المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، يضع اليمنى على اليسرى على صدره ولا يرسلها، وهذا يسمى إرسالا، ما يسمى إسبالا، الإسبال: هو إرخاء الثياب تحت الكعبين، الملابس والإزار والبشت (2) هذا يسمى إسبالا، ما يجوز للرجل، أما المرأة فلا بأس.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (425) (2) البشت هي العباءة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 س: سؤال عن الذين يصلون، وقد أسبلوا أيديهم ما حكمه؟ (1) ج: هذا خلاف السنة ومكروه، إسبال اليدين في الصلاة مكروه، السنة ضمهما؛ يجعل اليمنى على اليسرى فوق صدره، هذا هو السنة، أما إرسالها فهو خلاف السنة، لكن الصلاة صحيحة والعمل مكروه.   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (351) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 س: يسأل الأخ: ح. ع. من الرياض، ويقول: هل يصح تسبيل الأيادي عند أداء الصلاة، بدلا من أن توضع اليد اليمنى على الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 اليد اليسرى فوق الصدر؟ (1) ج: السنة الضم، الذي عليه جمهور أهل العلم: الضم، وقد صحت بذلك الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن لو أرسل يديه صحت صلاته، وفعل شيئا مكروها لا يبطل الصلاة؛ وإنما السنة أن يضم يديه إلى صدره، ويضع كف اليمنى على كف اليسرى والرسغ والساعد، كما جاءت بذلك الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما رواه البخاري، وفي الصحيح: عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (2)» وهذا يدل على وجوب الضم، ولكنه عند أهل العلم مستحب، الأمر ذو استحباب، ومعلوم أن محل اليدين في الصلاة معروف، في الركوع توضع على الركبتين، في السجود على الأرض، في الجلوس على الفخذين أو الركبتين، فما بقي إلا القيام، والقيام توضع اليمنى على كف اليسرى، أو ذراعها على كفها   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (241) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 155 وذارعها، وهكذا في حديث قبيصة بن هلب الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أمر المصلي أن يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره (1)». وهكذا في حديث وائل بن حجر عند أبي داود والنسائي، كلها تدل على أن اليمنى توضع على اليسرى، يضع الكف الأيمن على الكف الأيسر والذراع.   (1) سنن الترمذي الصلاة (252)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (809). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 156 س: يقول السائل: ألاحظ أن الناس عند أداء الصلاة ينقسمون إلى قسمين: فيما يعني وضع اليد على الصدر أو الإسدال أيهما أصح؟ وأيهما فعل الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام؟ (1) ج: السنة القبض، وهذا هو الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وضع اليمنى على الشمال على الصدر، هذا هو السنة، يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى على صدره في الصلاة، هذا هو السنة، أما الإسدال فهو خلاف السنة، نسأل الله الهداية للجميع.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (250) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 156 س: بعض الناس إذا وقف في صلاته وراء الإمام لا يضع اليد اليمنى على اليسرى، بل يقف مسبلا يديه، وهذا عند بعض الناس ربما الجزء: 8 ¦ الصفحة: 156 تكون عادة، أو مذهبا، ما هو توجيهكم جزاكم الله خيرا؟ (1) ج: المشروع للمؤمن أن يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره في الصلاة، لا يسبل ولا يرسلهما، لكن لو أرسلهما فالصلاة صحيحة، ولكنه فعل مكروها لا ينبغي، وإلا فالصلاة صحيحة، المقصود أنه ترك السنة، السنة أن يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره حال كونه قائما في الصلاة، هذا هو المشروع، ولو أرسلهما صحت الصلاة وترك الأفضل.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (346) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 157 56 - حكم الاختلاف والنزاع المذهبي في المسائل الفرعية س: هل تؤدي الخلافات المذهبية إلى القطيعة بين المسلمين، كما فعل أخونا حينما قاطع جماعته؛ لأن بعضهم لا يمسك بيديه في أسفل الصدر؟ (1) ج: أما المخالفة في الفروع فلا، المخالفة في الفروع لا توجب الفرقة والاختلاف، ولا توجب العداوة والبغضاء، فإذا كان بعض المصلين   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (165) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 157 يطلق يديه ولا يجعلهما على صدره، ولا تحت سرته، بل يطلقهما كما هو معروف في مذهب مالك عند المالكيين فلا بأس بذلك، لا يوجب هذا عداوة ولا بغضاء؛ لأنهم تبعوا غيرهم من العلماء، وقلدوهم بذلك ولهم شبهة التقليد، فلا ينبغي التقاطع في هذا، ينبغي التساهل والتسامح والتعليم بالكلام الطيب، يوجه من فعل ذلك، إلا أن الأفضل والسنة أن يضم يده اليمنى على اليسرى على صدره، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، كما ثبت ذلك في حديث وائل بن حجر، وحديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه، ومرسل صحيح عن طاوس رحمه الله، المقصود أن هذا هو الصواب، وأنه يضع كفه الأيمن على كفه الأيسر على صدره، هذا هو الأفضل، ولكن إذا أرسل يديه، أو جعلهما تحت السرة فلا ينبغي أن يكون في هذا نزاع ولا مخالفة ولا قطيعة، ولا تباغض، بل إنما هو دعوة بالتي هي أحسن، ومذاكرة في هذه الأمور وأشباهها. وهكذا من لا يرفع يديه عند الركوع، أو عند الرفع منه، أو عند القيام من التشهد الأول، كل هذا وإن كان خلاف السنة، لكن لا يوجب تقاطعا ولا بغضاء ولا انشقاقا، وهكذا غير ذلك، كجلسة الاستراحة وأشباه ذلك من الأمور الفرعية التي قد يقع النزاع فيها، والخلاف فيها بين العلماء لكن من طريقة أهل العلم أنهم لا يتباغضون ولا يتقاطعون الجزء: 8 ¦ الصفحة: 158 ولا يتهاجرون، بل يتباحثون، وكل واحد يقصد الخير لأخيه، وينصح ويطلب الدليل، والله المستعان. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 159 57 - بيان موضع نظر المصلي في الصلاة س: أثناء وقوف المصلي على سجادة الصلاة، وهو مستمر في الصلاة في هذه الحالة كيف يكون اتجاه نظره؟ هل يجوز النظر إلى السماء أو إلى الأمام، أو إلى محل سجوده؟ هذا ولكم جزيل الشكر. (1) ج: السنة النظر إلى محل السجود، هذا هو السنة ما دام قائما يصلي، فالسنة أن ينظر إلى موضع سجوده، ولا ينظر لا يمينا ولا شمالا، ولا إلى الأمام ولا فوق، بل جاءت السنة الصحيحة في النهي عن رفع البصر إلى السماء، وأن هذا على خطر أن يخطف بصره، فلا يرفع بصره إلى السماء، لا في دعائه ولا في صلاته في حال الصلاة، ولكن ينظر إلى موضع سجوده، وفي الحديث الصحيح «لينتهين أقوام يرفعون   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (28) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 159 أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم (1)» وفي لفظ: «أو لتخطفن أبصارهم (2)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (428) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (750)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (429) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 160 س: أين يكون نظر المصلي وهو في الصلاة؟ (1) ج: السنة أن ينظر إلى موضع سجوده حال قيامه، يكون لموضع سجوده، وهكذا حال ركوعه، أما في حال الجلوس فينظر إلى محل إشارته، الجلوس للتشهد ينظر إلى يديه محل يديه؛ لأنه محل الإشارة، كما جاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (297) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 160 س: تسأل السائلة وتقول: عند الركوع هل النظر يكون إلى الرجل اليمنى، أم عند مكان السجود؟ لأني قرأت أنه يكون إلى الرجل اليمنى، القدم (1)   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (253) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 160 ج: مثل الواقف، ينظر إلى محل السجود، لكن عند الجلوس في التشهد ينظر إلى إشارته، إلى السبابة إلى يده. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 161 58 - موقع النظر في المسجد الحرام أثناء الصلاة س: من يذهب إلى مكة، هل عليه أن يجعل نظره للكعبة أم إلى مكان سجوده؟ (1) ج: المشروع للمصلي أن ينظر إلى موضع سجوده، في مكة وفي غيرها، لكن إذا رغب أن ينظر إلى الكعبة ينظر إلى الكعبة في غير الصلاة، أما في الصلاة فيقبل على صلاته، ويخشع فيها ويطرح بصره إلى موضع سجوده، هذا هو السنة.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (377) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 161 59 - حكم صلاة من ينشغل بالنظر إلى الأوراق الملصقة في الجدار س: كنت في يوم واقفا في مكتب أصلي الظهر، وكان أمامي في الجدار أوراق ملصقة، وبها كتابة فنظرت إليها سهوا، وقرأت بعض بعض كلمات منها، فهل صلاتي مقبولة؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (221) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 161 ج: الصلاة الصحيحة، ولكن لا ينبغي للمصلي أن يشتغل عن الصلاة بالقراءة، في الجدار أو في الأرض، بل يقبل على صلاته ويجمع قلبه عليها، ويخشع فيها لربه عز وجل، كما قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) فالسنة للمصلي من رجل أو امرأة، السنة له أن يقبل على صلاته، وألا ينظر في الجدران ولا غير الجدران، بل يطرح بصره إلى موضع سجوده، ويشتغل بصلاته، يعلم أنه يناجي ربه، وأنه واقف بين يديه سبحانه وتعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه (3)» فعلى المؤمن أن يتقي الله في هذا، ويحرص على أن تكون صلاته في غاية من الإتقان، وأن يقبل عليها ويخشع فيها عند ربه عز وجل، ولا يشتغل عنها بتفكير أو مطالعة كتابة في جدار، أو أرض أو غير ذلك، ثم كونك تصلي في المكتب وحدك هذا منكر، يجب عليك أن تصلي مع الجماعة في المساجد، ولا يجوز للرجل أن يصلي في مكتبه، ولا لأهل   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب حك البزاق باليد من المسجد، برقم (405)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها، برقم (551) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 162 المكتب أن يصلوا في مكتبهم، بل يجب على أهل المكاتب أن يصلوا مع الناس في مساجد الله، كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1)» وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على من ترك الصلاة في المسجد بيته، قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة، فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (2)» ما قال: لا يصلون، بل قال: «لا يشهدون (3)»، يعني لا يشهدونها مع المسلمين في المساجد، وفي رواية أحمد: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة، صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (4)» فالواجب   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة، برقم (644) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) (3) صحيح البخاري الأحكام (7224)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651)، سنن الترمذي السير (1571)، سنن النسائي الإمامة (848)، سنن أبي داود الصلاة (548)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (791)، مسند أحمد (2/ 424)، موطأ مالك النداء للصلاة (292)، سنن الدارمي الصلاة (1274). (4) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 163 على كل مسلم الحذر من التخلف عن الصلاة في المساجد، والحذر من مشابهة أهل النفاق في جميع الصلوات، ولا سيما في الفجر؛ لأن كثيرا من الناس قد شابه المنافقين في ذلك، فيجب الحذر بأن تكون الصلوات الخمس كلها في المساجد، الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء كلها جميعا في المساجد، يجب على الرجل أن يصلي في المساجد مع إخوانه، ولا يجوز له أن يتخلف عنها، في بيته ولا في مكتبه، الصلاة في البيت للنساء والمرضى، أما الذي قد عافاه الله فيلزمه أن يصلي مع إخوانه في المساجد. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني – وفي لفظ: يقودني – إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: (هل تسمع النداء بالصلاة؟) قال: نعم قال: فأجب (1)» وفي لفظ: «لا أجد لك رخصة (2)» هذا أعمى   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (552)، وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (792) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 164 ليس له قائد، ومع هذا يقول له النبي: أجب، ليس لك رخصة. فكيف بمن عافاه الله من العمى، فكيف بحال القوي، فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يحذر عقوبة الله، وأن يبادر إلى الصلاة في مساجد الله مع إخوانه، ويحظى بالأجر العظيم في ذلك والسمعة الحسنة والاجتماع مع إخوانه، والتعارف والتآلف، نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 165 60 - حكم دعاء الاستفتاح س: الأخ: م. ص. م. من الرياض، يسأل ويقول: هل دعاء الاستفتاح واجب؟ وماذا يترتب على المصلي حال عدم التلفظ به؟ وما هي أدعية الاستفتاح الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ج: إن دعاء الاستفتاح ليس بواجب، بل هو سنة، وله أنواع، أقصرها ما ثبت من حديث عائشة وأبي سعيد رضي الله عنهما، وجاء أيضا حديث عمر: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك (1)» هذا أقصرها، يشرع أن يؤتى به بعد التكبيرة الأولى، في الفرض والنفل قبل أن يقرأ، أول ما يكبر يقول هذا، ثم يتعوذ بالله من   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 165 الشيطان الرجيم، ثم يسمي، ثم يقرأ الفاتحة، وهناك استفتاحات أخرى غير هذا، منها ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستفتح فيقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (1)» هذا الاستفتاح عظيم ينبغي حفظه، وفي نوع ثالث أيضا مختصر، ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم: كان يستفتح به عليه الصلاة والسلام: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (2)» وهذا استفتاح عظيم، وهناك استفتاحات أخرى، لكن هذه الثلاثة فيها كفاية إن شاء الله، ودعاء الاستفتاح سنة مؤكدة، وليس بواجب   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 166 س: هل دعاء الاستفتاح واجب على المسلم أن يقرأه في النوافل وفي صلاة التراويح؟ وهل تبطل الصلاة بتركه؟ وجهونا بهذا (1) ج: دعاء الاستفتاح ليس بواجب، سنة، مستحب، لا تبطل الصلاة بتركه لا في النافلة ولا في الفريضة، ولكنه مستحب يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» بعد الإحرام بعد التكبيرة الأولى، قبل أن يقرأ أو يأتي بأنواع الاستفتاحات الأخرى، مثل: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (3)» وغيرها بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن أسهلها وأشهرها: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (4)»   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (358) (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (4) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 167 س: عندما تقام الصلاة ويكبر الإمام تكبيرة الإحرام يصمت الإمام برهة، ويردد المصلون بعض الكلام، في هذه البرهة ماذا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 167 يقولون؟ وما حكم ذلك؟ (1) ج: السنة إذا كبر الإمام للصلاة، وهكذا المنفرد وهكذا المأموم أن يسكتوا قليلا؛ ليأتوا بدعاء الاستفتاح، كلهم: الإمام والمأموم والمنفرد، الاستفتاح سنة في الصلاة الفريضة والنافلة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وثبت عنه عدة استفتاحات كان يفعلها، هذا تارة وهذا تارة، عليه الصلاة والسلام، وأقصرها وأسهلها على العامة: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» هذا يقال بعد التكبيرة الأولى، وقبل أن يقرأ وقبل أن يتعوذ، وقبل أن يسمي في جميع الصلوات، وجاءت أنواع أخرى ثابتة عنه عليه الصلاة والسلام، منها: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (3)» ومنها: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (104) (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 168 الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (1)» وهناك استفتاحات أخرى أطول من هذه، فإذا استفتح الإنسان بشيء منها فكله حسن، وإذا اختار الأقصر المتقدم: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» فلا بأس قبل أن يتعوذ وقبل أن يسمي ثم يستعيذ يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أو: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. ثم يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. ثم يقرأ الحمد؛ الفاتحة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 169 61 - تفسير دعاء الاستفتاح س: يسأل السائل عن تفسير دعاء الاستفتاح (1) ج: كل دعاء له تفسير، فقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» معناه: تنزيه الله عن كل ما لا   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (187) (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 169 يليق به، «سبحانك اللهم وبحمدك (1)» يعني معناه: أنزهك يا ربي عن كل شيء لا يليق بك؛ من الشرك والصفات الناقصة؛ كالنعاس والنوم والعجز، ونحو ذلك، هو سبحانه منزه عن كل نقص وعن كل عيب، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، سبحانه وتعالى. «وتبارك اسمك (2)» يعني: بلغت البركة النهاية، كل البركة عنده سبحانه وتعالى. «وتعالى جدك (3)» يعني عظمتك، يعني جد العظمة في حق الله، يعنى تعالت عظمتك يا ربنا. «ولا إله غيرك (4)» معناه: لا معبود بحق سواك يا الله، هو المعبود بالحق سبحانه وتعالى. وأما الاستفتاح: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (5)» فهذا معناه: طلب السلامة من الذنوب، يطلب ربه أن ينقيه من الذنوب والخطايا، وأن يباعد بينه وبينها، حتى تكون توبته صادقة كاملة، ليس معها نقص ولا ذنب، فإنه إذا باعد بينه وبين خطاياه، ونقاه منها وطهره صار نقيا من الذنوب، كامل الإيمان والتقوى.   (1) صحيح البخاري الأذان (794)، سنن النسائي التطبيق (1123)، سنن أبي داود الصلاة (877)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (889)، مسند أحمد (6/ 230). (2) سنن الترمذي الصلاة (243)، سنن أبي داود الصلاة (776)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (806). (3) سنن الترمذي الصلاة (243)، سنن أبي داود الصلاة (776)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (806). (4) سنن الترمذي الصلاة (243)، سنن أبي داود الصلاة (776)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (806). (5) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 170 وأما معنى: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك (1)» معناه: طلب الهداية، تتوسل به أنه رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، ثلاثة من الملائكة، وهم مقدمو الملائكة وأفضل الملائكة، جبرائيل: الذي يأتي بالوحي للأنبياء، وميكائيل: الموكل بالقطر والمطر، وإسرافيل: الموكل بنفخ الصور يوم القيامة وإعادة الأرواح إلى الأجساد، هؤلاء هم مقدمو الملائكة، تتوسل بربوبية الله لهم: اللهم رب جبريل .... إلخ. فأنت بهذا تتوسل إلى الله بأنه رب هؤلاء الملائكة سبحانه وتعالى، وتتوسل إليه بأنه فاطر السماوات والأرض، يعني خالق السماوات والأرض، وأنه عالم الغيب والشهادة تتوسل إليه بهذا، أنه العالم بكل شيء، وهو فاطر المخلوقات والموجد لها سبحانه وتعالى، وأنه رب كل شيء ومليكه جل وعلا، وأنه الحاكم بين عباده في الدنيا والآخرة، هو الحاكم بينهم في الدنيا بشرعه، وفي الآخرة بحكمه العدل سبحانه وتعالى، ثم بهذا تطلب منه أن يهديك لما وقع فيه اختلاف، تقول: اهدني لما اختلف فيه   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 171 من الحق بإذنك. تسأله أن يهديك للصواب، والحق الذي وقع فيه الخلاف بين الناس، وتتوسل إليه بأنه الذي يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، فأنت تسأله بهذه الوسائل أن يهديك إلى الحق والصواب. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 172 62 - حكم الجمع بين جميع الأدعية الواردة في دعاء الاستفتاح س: تقول السائلة: ذكر النووي في كتاب الأذكار: أنه يستحب ألا يجمع بين جميع الأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح أو في الركوع. فما هو رأي سماحتكم؟ (1) ج: السنة أن ينوع في الاستفتاح، ما كان النبي يجمعها عليه الصلاة والسلام، تارة يستفتح بما جاء في حديث عمر: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» وتارة ما جاء في حديث أبي هريرة: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب البيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (3)» وهو في   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (191) (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 172 الصحيحين. وتارة يستفتح بما جاء في حديث عائشة: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (1)» وهكذا يستفتح بما جاء في حديث علي: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين (2)» إلى آخره وهو حديث طويل رواه مسلم في الصحيح، أو بما جاء في حديث ابن عباس في البخاري، ورواه مسلم أيضا، وهو حديث طويل: «اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض وما فيهن (3)» إلى آخر الحديث الطويل. فالمؤمن   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771) (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التهجد بالليل، برقم (1120)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل، وقيامه، برقم (769) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 173 والمؤمنة هكذا وهكذا، يعني تارة يستفتح بهذا، وتارة يستفتح بهذا وإن استمر على واحد فلا بأس، وأصحها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح إذا كبر في الصلاة الفريضة، يقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (1)» خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين. أما الأذكار في الركوع والسجود فإنه يأتي منها بما تيسر، يشرع له أن يأتي بما تيسر، لكن يخص: سبحان ربي العظيم. في الركوع و: سبحان ربي الأعلى. في السجود، فيقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وإذا كررها ثلاثا فهو أفضل، والواجب مرة، وذهب الجمهور إلى أنها مستحبة فقط، ولكن ذهب جمع من أهل العلم إلى وجوب هذا الذكر: سبحان ربي العظيم. في الركوع، و: سبحان ربي الأعلى. في السجود؛ لأن الرسول حافظ عليها عليه الصلاة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 174 والسلام، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لما نزل قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (2) قال: «اجعلوها في ركوعكم، ولما نزل قوله: قال: اجعلوها في سجودكم (4)» فينبغي للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك: سبحان ربي العظيم. في الركوع، و: سبحان ربي الأعلى في السجود، والأفضل أن يكرر ذلك ثلاثا، وإن كرر أكثر فهو أفضل، ويستحب مع هذا أن يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي في الركوع والسجود، تقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (5)» ويستحب أن يقول: «سبوح قدوس رب   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). (2) سورة الحاقة الآية 52 (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم (869) (4) سورة الأعلى الآية 1 (3) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (5) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 175 الملائكة والروح (1)» يقوله النبي في الركوع والسجود عليه الصلاة والسلام. فإذا أتى بما تيسر من هذا كان هذا أفضل، وإذا اقتصر على البعض فلا بأس، وإن جمع الجميع فلا بأس، لكن لا يدع: سبحان ربي العظيم في الركوع و: سبحان ربي الأعلى في السجود، ولو مرة، ويستحب له أن يكثر في السجود من الدعاء؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2)» يعني: حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في صحيحه. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (3)» رواه مسلم وغيره، فالسنة الإكثار من الدعاء في السجود، مع قول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. مع قول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. وهكذا بين السجدتين يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (4)» يكرر ذلك، وإن   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (487) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 176 دعا بزيادة: اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين. فلا بأس كله دعاء، والسنة أن يطيل هذا الركن، وهو الجلوس بين السجدتين، كان النبي عليه الصلاة والسلام يطيله حتى يقول القائل: قد نسي. وهكذا الاعتدال بعد الركوع، السنة أن يطيل الاعتدال بعد الركوع، قال أنس رضي الله عنه: «كان النبي يطيل الاعتدال بعد الركوع، وبين السجدتين حتى يقول القائل: قد نسي (1)» بعض الناس ينقر هذا الركن ولا يعطيه حقه، بل يعجل، وهذا لا يجوز، بل الواجب الطمأنينة في جميع الصلاة، الركوع والسجود، والاعتدال بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين، يجب الاعتدال في هذا والطمأنينة، أما ذكر الاعتدال بعد الركوع فلم يرد ما يدل على التكرار، لكن يأتي به إذا تيسر كله، وهو: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا هو الكمال، وإذا اقتصر على قوله: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد أجزأه؛ الإمام والمأموم   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع، برقم (800) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 177 والمنفرد، لكن إذا كمل كان أفضل، وإن اقتصر على قوله: ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. فلا بأس، ولكن الواجب: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. لآن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد (1)» فدل هذا على أنه الواجب، والباقي مستحب وكمال، وهكذا الواجب بين السجدتين، يقول: رب اغفر لي. لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحافظ على ذلك رب اغفر لي. والواجب مرة كالتسبيح في الركوع والسجود، ولكن إذا كرر ذلك ثلاثا أو أكثر كان أفضل: رب اغفر لي، رب اغفر لي. بين السجدتين، وإذا زاد: اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني، وارزقني، وعافني، واجبرني. كان أفضل.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل اللهم ربنا لك الحمد، برقم (796)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التسميع والتمجيد والتأمين، برقم (409). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 178 63 - بيان أفضل الأدعية بعد تكبيرة الإحرام س: ما هي أفضل الأدعية التي كان يقولها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة (1)؟   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (343) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 178 ج: أفضلها: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (1)» هذا يسمى دعاء الاستفتاح، وقد ثبت عنه هذا في الصحيحين، كان يأتي به قبل أن يبدأ بالفاتحة في الفرض والنفل، وإذا جاء بالاستفتاح الثاني المختصر: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» كفى، قد ثبت هذا أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 179 64 - حكم الصلاة بدون قراءة دعاء الاستفتاح س: هل تجوز الصلاة بدون قراءة دعاء الاستفتاح في أول الصلاة؟ (1) ج: الاستفتاح سنة، مستحب، ولو صلى ولم يستفتح صلاته صحيحة عند جميع العلماء، الاستفتاح سنة مستحبة، والاستفتاح أن يقول بعد التكبيرة الأولى: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (231) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 179 جدك، ولا إله غيرك (1)» هذا يسمى الاستفتاح بعد التكبيرة الأولى؛ تكبيرة الإحرام، وإن استفتح بغير هذا مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو حسن، مثل: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (2)» هذا صحيح أيضا، رواه البخاري ومسلم في الصحيحين، كان يستفتح به النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات. وهناك استفتاحات أخرى صحت عنه عليه الصلاة والسلام، والحاصل أنه إذا استفتح بشيء مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل القراءة فهو مستحب وسنة، ولو ترك ذلك فلا حرج عليه، تكون صلاته صحيحة، والقنوت في الوتر سنة، من فعله فهو أفضل، ومن ترك فلا حرج، من جاء بدعاء الاستفتاح وجاء بالقنوت في الوتر فهو السنة، ومن ترك فلا حرج عليه، من فعل السنة فله ثوابها، ومن ترك فلا حرج عليه مثل صلاة الراتبة في الظهر، وصلاة الراتبة في المغرب، وصلاة راتبة العشاء، وصلاة راتبة الفجر، الرواتب   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 180 صلاة الضحى، من أتى بها حصل أجرها، ومن تركها فاته أجرها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 181 س: ما حكم من لم يقرأ دعاء الاستفتاح في الصلاة؟ (1) ج: لا حرج عليه، دعاء الاستفتاح مستحب، وليس بواجب، فمن قرأه أجر، ومن تركه فلا شيء عليه.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (409) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 181 65 - حكم دعاء الاستفتاح في النوافل س: هل دعاء الاستفتاح في النوافل سنة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: دعاء الاستفتاح سنة في الفريضة والنافلة جميعا، في التراويح، في النوافل، في صلاة الضحى، مثلما يستفتح في الفريضة يستفتح في النافلة، هذا هو السنة؛ لأن الرسول قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» ولم يفرق بين النافلة والفريضة، والأصل أنهما سواء إلا بدليل.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (284) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 181 66 - حكم الاستفتاح بقوله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ... الآية س: هل هذا صحيح: دعاء الاستفتاح عندما أقول: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 181 {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) {لَا شَرِيكَ لَهُ} (2) (3) ج: كان النبي يفعلها في الليل، كان يقول إذا قام من الليل، يقول: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، إن صلاتي ونسكي ... (4)» إلى آخره، هذا من دعاء الاستفتاح في الليل، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما في الفريضة فالأفضل: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (5)» أو «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (6)» هذا المحفوظ عنه في صلاة الفريضة، عليه الصلاة والسلام، أما الاستفتاح المطول كان يفعله في الليل عليه الصلاة والسلام في التهجد.   (1) سورة الأنعام الآية 162 (2) سورة الأنعام الآية 163 (3) السؤال السابع والسبعون من الشريط رقم (425) (4) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771) (5) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (6) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 182 67 - حكم الاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح س: تقول السائلة: عندما أبدأ بالصلاة، وقبل أن أكبر أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم البسملة، ثم أكبر، وأعيد هذه الاستعاذة والبسملة بعد التكبيرة ودعاء الاستفتاح، فهل يصح مني هذا، أم أن هذه الطريقة غير صحيحة؟ (1) ج: السنة أن تكتفي بالاستعاذة والتسمية بعد التكبير بعد الاستفتاح عند بدء القراءة، أما الإتيان بالاستعاذة والتسمية أول الصلاة ما عليه دليل، لكن إذا كبرت وأتيت بالاستفتاح: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» أو باستفتاح آخر من الاستفتاحات الصحيحة بعدها تقولين: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله ثم تقرئين الفاتحة، هذا المشروع، أما تأتين بها قبل التكبير ليس لها أصل.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (366) (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 183 68 - حكم الدعاء قبل تكبيرة الإحرام س: إذا أقيمت الصلاة هل هناك دعاء يدعو به المصلي قبل تكبيرة الإحرام؟ (1) ج: لا نعلم شيئا في ذلك، وقد سئل الإمام أحمد عن هذا فأجاب بأنه لا يعلم شيئا في هذا، فإذا دعا بشيء فلا بأس، لكن ليس هناك شيء معروف سنة، فإذا دعا بشيء: اللهم اغفر لي وارحمني. أو: أنجني من النار أو: تقبل مني لا نعلم فيه شيئا فهو مستحب.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (224) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 184 69 - حكم الجهر بالدعاء قبل بدء الصلاة س: يقول السائل: عندما تقام الصلاة في الظهر – مثلا – أو العصر يجهر الإمام بصوت مرتفع قبل بدء الصلاة بالدعاء، وكذلك المصلون يدعون خلفه، وعند بدء الصلاة في بعض الأحيان يجهر الإمام أثناء سجوده، وفي التشهدين فما حكم ذلك؟ (1) ج: أما جهره بالدعاء قبل الصلاة ما نعلم له أصلا، وإنما يشرع الدعاء   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (245) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 184 بالاستفتاح بعد الإحرام، إذا كبر يأتي بالاستفتاح سرا بينه وبين ربه: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (1)» هذا نوع من الاستفتاح، الإمام والمنفرد والمأموم بعد التكبيرة الأولى، وقبل القراءة. أو يأتي باستفتاح آخر صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قوله: «(اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (2)» هذا أيضا صحيح. وهناك أنواع من الاستفتاحات صحيحة، إذا أتى بواحد منها حصلت به السنة، أما دعوات قبل أن يكبر، يرفع بها صوته هو والمأموم فلا نعلم لهذا أصلا، بل هو بدعة، وهكذا ما يفعله بعد ذلك أثناء سجوده يجهر فهو غير مشروع، بل يدعو بينه وبين ربه ولا يجهر، وهكذا المأموم، الدعاء في السجود مستحب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (3)»   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 185 ويقول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1)» لكن يكون بينه وبين ربه، لا يجهر جهرا يؤذي من حوله، يشوش على من حوله، المأموم والإمام، وهكذا المنفرد، الدعاء سر في السجود، أما الجهر اليسير الذي قد يسمعه من حوله لا يضر، لكن الأفضل له ألا يشوش على من حوله إذا كان مأموما، يكون الدعاء بينه وبين ربه، لا يجهر به جهرا يشوش على من حوله، هذا هو المشروع. كذلك لا يشرع الجهر بالتشهدين، بل يقرأ التشهدين سرا، هكذا السنة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 186 70 - حكم قراءة البسملة والاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام س: يقول السائل: ما حكم قراءة البسملة والاستعاذة في الصلاة بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة؟ وما حكم قراءتهما قبل السورة التي تقرأ بعد الفاتحة إذا قرأ المصلي بعد الفاتحة بأول السورة، أو قبل الآيات إذا لم يقرأ المصلي بعد الفاتحة بأول السورة؟ وهل الأفضل أن تكون قراءتهما سرا أم جهرا؟ وهل الجزء: 8 ¦ الصفحة: 186 تقرآن في جميع ركعات الصلاة؟ وهل يأثم المصلي إذا لم يقرأهما في الحالات التي أشرت إليها أعلاه؟ (1) ج: السنة أن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسمي عند بدء قراءة الفاتحة، في أول الصلاة بعد الاستفتاح أولا يكبر: الله أكبر. هذه التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام، سواء كان إماما أم مأموما، أو منفردا، ثم يأتي بالاستفتاح الإمام والمأموم والمنفرد، والاستفتاح أنواع، أخصرها ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استفتح بهذه الكلمات: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» هذا الاستفتاح أخصرها. وقد جاء هذا الاستفتاح من حديث عائشة، ومن حديث أبي سعيد، ومن حديث عمر رضي الله عنه. ثم يستعيذ يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم يقرأ الحمد؛ الفاتحة، الإمام والمأموم والمنفرد، الذكر والأنثى، وهناك استفتاحات ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم غير هذا، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (247) (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 187 والمغرب، اللم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (1)» هذا ثابت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه استفتح بهذا قبل أن يتعوذ، وقبل أن يسمي بعد الإحرام. وهناك استفتاحات أخرى، إذا أتى بواحدة منها مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كفى، ولكن أخصرها وأسهلها على العامة: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. سرا، هذا هو الأفضل ولو في الجهرية، ولو في المغرب والعشاء، يقرؤها سرا، هذه هو الأفضل، كان النبي يسر بهما عليه الصلاة والسلام، ثم يقرأ الفاتحة، وهكذا في السورة بعد الفاتحة، يأتي بالتسمية فقط، ليس فيه حاجة للتعوذ، يكفي في أول القراءة التعوذ، فإذا قرأ بعد الفاتحة سورة سمى، وإن كانت آيات فلا حاجة إلى تسمية ولا تعوذ، يقرأ من دون شيء؛ لأن التسمية والتعوذ الذي حصل قبل الفاتحة كاف، يقرأ بالآيات   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 188 من دون تسمية ولا تعوذ بعد الفاتحة. وهكذا في الصلوات الأخرى، جميع الصلوات يتعوذ عند قراءة الفاتحة ويسمي، ثم بعد ذلك إن كانت سورة سمى في أولها، وإن كانت آيات قرأها من دون حاجة إلى تسمية ولا تعوذ، كفى التعوذ الأول عند أول القراءة، وفي الركعة الثانية والثالثة والرابعة تكفي التسمية؛ لأن الاستعاذة كفت في أول الصلاة؛ لأن القراءة في الصلاة كالقراءة الواحدة، يكفي التعوذ الأول، وإن تعوذ في الثانية والثالثة والرابعة فلا بأس، الأمر واسع بحمد الله، وإن تعوذ مع التسمية فلا بأس، قاله بعض أهل العلم. والصحيح أنه يكفي التعوذ الأول في الركعة الأولى، ويعيد التسمية عند قراءة الفاتحة في كل ركعة، وعند قراءة كل سورة في كل ركعة، أما إن كانت آيات فإنه لا يعيد التسمية ولا يعيد الاستعاذة، يكفي أن يقرأ من دون استعاذة، إذا حصلت الاستعاذة في أولها، والتسمية عند أول السورة والآيات، لا يسمي في أولها، لا يشرع، إنما يتعوذ عند أول القراءة بالآيات، يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لقول الله سبحانه: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (1) وإن سمى فلا حرج في أول الآيات؛ لقوله صلى الله   (1) سورة النحل الآية 98 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 189 عليه وسلم: «كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله عز وجل فهو أبتر أو قال أقطع (1)» لكن الأفضل في قراءة الآيات أن يبدأ بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أما إذا كانت سورة تعوذ وسمى عند أول القراءة، أما في الصلاة فيكفيه التعوذ عند أول الفاتحة، هذا هو الأفضل، وتكفيه التسمية إذا كانت آيات بعد الفاتحة، فإن كانت سورة يعيد التسمية سرا، وإن جهر بعض الأحيان للتعليم، مثل الإمام يجهر بعض الأحيان حتى يعلم من وراءه أن هناك تسمية، وهناك تعوذا، هذا لا بأس به، فعله بعض الصحابة رضي الله عنهم، وفعله أبو هريرة رضي الله عنه، وذكر أنه يصف صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا فعل الإمام بعض ذلك الجهر، بالاستعاذة حتى يسمعه من حوله، أو بالتسمية حتى يسمعه من حوله بعض الأحيان للتعليم فلا حرج في هذا.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (4895) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 190 71 - حكم الاستعاذة والبسملة في كل ركعة س: تسأل أختنا وتقول: هل يلزم الالتزام بالاستعاذة والبسملة في كل ركعة من ركعات الصلاة، أم يكفي ذلك في الركعة الأولى؟ (1)   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (156) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 190 ج: أما التسمية فسنة في كل الركعات، إذا كانت تقرأ سورة مستقلة تسمي قبلها، أما الاستعاذة سنة في الركعة الأولى، أما الركعات الأخرى اختلف فيها العلماء، هل تشرع الاستعاذة أم لا؟ فمن استعاذ فلا بأس، ومن ترك فلا بأس في الركعات الأخرى، لكن تشرع الاستعاذة في الركعة الأولى بتأكيد، وهكذا التسمية، أما في الركعات الأخرى فإن المصلي يسمي -رجلا أو امرأة-، يسمي إذا افتتح سورة، أما إذا كان يقرأ بعض آيات فلا حاجة إلى التسمية، تكفي التسمية الأولى عند قراءته الفاتحة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 191 س: بعض الناس يقولون: الاستعاذة قبل الفاتحة قبل كل ركعة، ولا يكتفى بها عند البداية في الصلاة. (1) ج: المشهور عند العلماء أنه يكتفى بها في الأولى، في الركعة الأولى يستعيذ ويسمي، وفي البقية يسمي مع السورة، وإن استعاذ في كل ركعة فالأمر واسع، فإن استعاذ وسمى قبل الفاتحة في كل ركعة، فالأمر واسع، والحمد لله.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (355) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 191 72 - حكم قراءة البسملة في الصلاة عند قراءة الفاتحة س: هل قراءة: بسم الله الرحمن الرحيم. في الصلاة عند قراءة الفاتحة واجبة، أم سنة؟ (1) ج: قراءة التسمية عند قراءة الفاتحة، أو غيرها من السور سنة في الصلاة وخارجها، وليست واجبة، هذا هو الصواب.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (227) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 192 73 - حكم الجهر بالبسملة في الصلاة س: الأخ: أ. ع. ن. م. من الجمهورية العربية اليمنية، يسأل ويقول: ما هو الحكم في الجهر بالبسملة في الصلاة؟ وبم نرد على من يقول: إن ذلك هو مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، وهل هي آية في سورة (الفاتحة)؟ وإذا لم تكن آية فلماذا هي مرقمة بالرقم واحد في سورة (الفاتحة) في المصحف؟ (1) ج: الصواب أن البسملة ليست آية من الفاتحة، ولا من غيرها من السور، ولكنها آية مستقلة، أنزلها الله فصلا بين السور، علامة أن السورة   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (207) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 192 التي قبلها انتهت، وأن الذي بعدها سورة جديدة، هذا هو الصواب عند أهل العلم، وترقيمها في بعض المصاحف أنها الأولى غلط ليس بصواب، والصواب أنها ليست من الفاتحة، إنما أول الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) هذه الآية الأولى، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (2) الثانية، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (3) الثالثة، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (4) الرابعة، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (5) هي الخامسة {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (6) هذه هي السادسة، {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (7) هي السابعة. أما التسمية فهي آية مستقلة فصل بين السور، ليست من الفاتحة، ولا من غيرها من السور في أصح قولي العلماء، إلا أنها بعض آية من سورة (النمل)، من قولة تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (8)   (1) سورة الفاتحة الآية 2 (2) سورة الفاتحة الآية 3 (3) سورة الفاتحة الآية 4 (4) سورة الفاتحة الآية 5 (5) سورة الفاتحة الآية 6 (6) سورة الفاتحة الآية 7 (7) سورة الفاتحة الآية 7 (8) سورة النمل الآية 30 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 193 فهي بعض آية من سورة النمل، ولكنها آية مستقلة أنزلها الله فصلا بين السور، وليست آية من الفاتحة، وليست آية من غيرها، ولكنها بعض آية من سورة (النمل)، هذا هو الصواب الذي عند أهل العلم. أما الجهر بها فالأولى عدم الجهر؛ لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يجهر بها، ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) وفي رواية أهل السنن لا يجهرون بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)، فالمقصود أنهم يبدؤون بالحمدلة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2). فدل ذلك على أنهم كانوا يسرون، يعني النبي صلى الله عليه وسلم والصديق وعمر كانوا يسرون في التسمية، وجاء من طريق أبي هريرة ما يدل على أنه قد يجهر بها؛ لأنه جهر رضي الله عنه بالتسمية، ولما صلى قال: «إني أشبهكم صلاة   (1) سورة الفاتحة الآية 2 (2) سورة الفاتحة الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 194 برسول الله صلى الله عليه وسلم (1)» فاحتج بهذا بعض الناس على أنه يجهر بها، ولكن ليس حديث أبي هريرة صريحا في ذلك، ولو ثبت التنصيص على ذلك فيحمل على أنه كان في بعض الأحيان، والأكثر منه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يجهر جمعا بين الروايات، فالأفضل والأولى عدم الجهر، إلا إذا فعله الإنسان بعض الأحيان، جهر بها؛ ليعلم الناس أنه يسمي، وليعلم الناس أنها مشروعة، أن يسمي الإنسان سرا بينه وبين ربه، هذا حسن. والرد على من يقول: إن ذلك هو مذهب الإمام الشافعي. بأن هذا يحتاج إلى مراجعة نصوص الشافعي رحمه الله، فلعل الشافعي رحمه الله إذا ثبت عنه أنه قال ذلك أخذ برواية أبي هريرة حين سمى وجهر، ولما فرغ من الصلاة قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا ظاهره؛ أن النبي جهر؛ لأن أبا هريرة جهر، وقال: إني أشبهكم صلاة برسول الله. فالجهر بها جائز، ولكن الأفضل عدم الجهر   (1) أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 357)، حديث رقم (849)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 46)، باب افتتاح القراءة في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم والجهر بها .. ، حديث رقم (2221)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 251)، حديث رقم (499) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 195 ولا ينبغي فيها النزاع، ينبغي أن يكون الأمر فيها خفيفا، والأفضل تحري سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم الجهر، وإذا جهر بعض الأحيان من أجل حديث أبي هريرة، أو من أجل التعليم؛ ليعلم الناس أنها تقرأ، فلا بأس بذلك. قد جهر بها بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 196 س: أ. ح. ع. ع. من السودان، يسأل ويقول: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالبسملة في الصلاة عند قراءة الفاتحة، أم كان يسر بها، أم كان لا يقرؤها أبدا في الصلاة؟ وما حكم من جهر بالبسملة في الصلاة؟ (1) ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يجهر بها، وكان يقرؤها سرا، كما أخبر بهذا أنس رضي الله عنه، وهكذا كان الصديق وعمر وعثمان، كانوا يسرون بها، وجاء عن بعض الصحابة أنه كان يجهر بها، فالأمر فيها واسع، فمن جهر فلا بأس، ولكن الترك أفضل، والسنة الإسرار بها وعدم الجهر بها؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، لكن إذا فعلها بعض الأحيان ليعلم الناس أنها تقرأ؛ يعلم من حوله أنها تقرأ فلا بأس بذلك جهرا خفيفا، حتى يعلم الناس أنها تقرأ، ولكنها ليست لازمة، لو   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (182) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 196 قرأ بدون بسملة صحت القراءة؛ لأنها سنة، كونه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. سنة قبل الفاتحة، وقبل غيرها من السور، سنة غير واجبة، لا في الصلاة ولا في غيرها، إلا قبل (البراءة)، فلا تقرأ قبل سورة براءة (التوبة)، إذا بدأ بالتوبة يقرأ التعوذ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ولا يقرأ بالتسمية في أولها؛ لأنها لم تشرع فيها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 197 س: هل من السنة الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية، أم الإسرار، مع الدليل؟ (1) ج: السنة الإسرار، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر بها، كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، وهكذا عن الصديق وعن عمر، كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد، ولا يجهر بالبسملة ولا بالتعوذ، وهذا هو الأفضل، عدم الجهر بالتعوذ، وعدم الجهر بالتسمية.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (424) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 197 س: ما حكم من يجهر بالبسملة؟ هل هذا فيه محذور؟ (1) ج: لا مانع من الجهر بالبسملة، ولكن السر بها أفضل، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يسر بالبسملة، وهكذا كان الصديق وعمر   (1) السؤال الثامن في الشريط رقم (63) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 197 وعثمان يسرون بها، هذا هو الأفضل، وإذا جهر بها بعض الأحيان فقد فعل هذا بعض الصحابة رضي الله عنهم، وقد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المحفوظ عنه هو السر عليه الصلاة والسلام، روي عنه أنه كان يسر بها، كما قال أنس رضي الله عنه: «صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا لا يجهرون بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) (1)» فمن جهر بها بعض الأحيان فلا بأس، لكن الأولى والأفضل أن يسر بها في الغالب؛ اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم، وتأسيا بالسلف الصالح رضي الله عنهم، وأخذا بالأحوط والأفضل.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، برقم (399) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 198 س: لقد تقدمت إماما في مسجد في مزرعة، وكنا مجموعة من العمال، وبعد أن قرأت البسملة جهرا تركنا أحد المصلين وخرج من الصف، ولم يصل معنا جماعة، نرجو إذا كان في الجهر في البسملة شيء يجانب الصواب. أفتونا في ذلك وفقكم الله (1)   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (35) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 198 ج: البسملة يجوز الجهر بها، والأفضل السر بها، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يسر بها، وهكذا الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فالسنة الإسرار بها، وأن تقرأها سرا بينك وبين نفسك قبل الفاتحة، وقبل كل سورة، ولا تجهر بها، ولكن لو جهر بها الإمام فلا حرج، ولا ينبغي ترك الصلاة من أجل ذلك، والانصراف من الصلاة من أجل ذلك، هذا غلط، وليس عنده بصيرة، والجهر بالبسملة لا يضر الصلاة ولا حرج فيه، ولكنه خلاف الأفضل، فالأفضل السر بها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 199 س: إذا أردت الاستعاذة والبسملة في الصلاة فهل أجهر، أم تكون سرا جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة سرا، الإمام والمنفرد والمأموم، يأتي بالاستعاذة والبسملة سرا، هذا هو الأفضل.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (309) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 199 س: هل التسمية بالصلاة الجهرية سرا أم جهرا؟ (1) ج: السنة سرا، كان النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر لا يجهرون بالبسملة، يجهر بـ (الحمد لله)، أول ما يقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2)   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (423) (2) سورة الفاتحة الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 199 يسرون بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) والتعوذ، هكذا ثبت في الأحاديث الصحيحة عن أنس وغيره: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان، وهكذا أبو بكر وعمر، لا يجهرون بالبسملة، أول ما يسمعون الناس: «الحمد لله (1)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، برقم (399)، والمتن جزء من الآية الأولى من الفاتحة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 200 74 - حكم صلاة من نسي البسملة قبل الفاتحة س: هل تصح صلاة من نسي البسملة في قراءة الفاتحة؟ (1) ج: نعم، البسملة ليست من الفاتحة، هي آية مستقلة، يشرع له المجيء بها عند قراءة الفاتحة، وعند قراءة كل سورة من القرآن، يقرأ في أولها: بسم الله الرحمن الرحيم. إلا سورة (براءة)، فليس أمامها بسملة، وإذا بدأ يبدأ بالتعوذ، يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ولا يقرأ، وأما بقيه السور، وهي مائة وثلاث عشرة سورة، ماعدا سورة (التوبة) فإنه يقرأ في أولها: بسم الله الرحمن الرجيم. فإن القرآن مائة وأربع عشرة سورة، يسمي في أول كل سورة ما عدا (براءة)، وهذه   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (131) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 200 التسمية سنة مؤكدة، فلو تركها ولم يقرأ بها صحت صلاته؛ لما ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بقراءة الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) وهكذا الصديق، وهكذا عمر، وهكذا عثمان، لم يذكروا التسمية في بعض الروايات، لا في أول القراءة، ولا في آخرها، واحتج به العلماء على أنها غير متعينة؛ إذ لو تعينت لنبه النبي عليها عليه الصلاة والسلام، ولجهر بها، فلما أسر بها دل على أنها غير متعينة. لكن يشرع للمؤمن أن يقرأها سرا في الجهرية، ويقرأها في السرية أيضا، لكن تكون في الجهرية سرا؛ لأن الرسول ما كان يجهر بها عليه الصلاة والسلام، فالأفضل والسنة للمؤمن والمؤمنة قراءة التسمية، لكن سرا في الجهرية والسرية جميعا.   (1) سورة الفاتحة الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 201 75 - حكم صلاة من لا يقرأ البسملة في الفاتحة س: أسمع بعض الناس في الصلاة الجهرية يبدأ بالفاتحة مباشرة دون أن يسمي، أي لم يذكر البسملة، فما هو التوجيه في هذا (1)؟   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (104) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 201 ج: المشروع للمؤمن والمؤمنة أن يبدأ بالتعوذ، ثم التسمية ثم القراءة، فإذا كبر للصلاة أولا: يستفتح بما شرعه الله من الاستفتاحات التي ثبتت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومنها وهو أقصرها: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (1)» ومنها: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (2)» وهناك استفتاحات أخرى ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فالأفضل أن يستفتح بواحد منها، هذا هو الأفضل، وإن ترك ذلك فلا حرج، ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. ثم يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. ثم يقرأ الفاتحة، هذا هو المشروع، ولو قرأ من دون استفتاح ولا تعوذ، ولا تسمية صحت القراءة؛ لأن التسمية سنة، والتعوذ سنة والاستفتاح سنة، لكن الأفضل له والسنة له أن يأتي بهذه الأمور، يستفتح ثم يستعيذ ثم يسمي، ثم يقرأ، هذا هو المشروع   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 202 وهذا هو الكمال. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 203 76 - حكم الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية س: يسأل أخونا عن الصلاة الجهرية، ويقول: لم أسمعهم يذكرون: بسم الله الرحمن الرحيم. في الصلاة الجهرية (1) ج: السنة في الجهرية ألا يجهر، يقرأ التسمية والتعوذ لكن سرا، هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسر بها، وهكذا خلفاؤه الراشدون: الصديق وعمر وعثمان وعلي، كانوا يسرون، فالسنة الإسرار بها، وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه ما يدل على أن الرسول ربما جهر بها عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان، فإذا جهر بها الإنسان في بعض الأحيان للبيان والتعليم فلا حرج في ذلك، ولكن الأفضل أن يكون الغالب عليه أن يسر بها؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام في ذلك.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (104) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 203 س: سمعت بعض المصلين في بداية سورة (الفاتحة) يبدؤون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) بدون: بسم الله الرحمن الرحيم والبعض الآخر يسمي، فمن هو الذي على صواب؟ (2) ج: المشروع للإمام والمأموم والمنفرد، لكل قارئ أن يسمي في الفاتحة، وفي غيرها من السور، يبدأ بالتسمية إلا في (براءة)، وهي سورة (التوبة)، فإنها تبدأ بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لم يرد فيها التسمية، وأما بقية السور فإنك تبدؤها بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) لكن في الصلاة تسر بها. ولو كان بالجهرية كالمغرب والعشاء والفجر، يسر بها المصلي، ويبدأ جاهرا بـ (الحمد لله) يجهر بالحمد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر بها والصحابة، كانوا يسرون بها، فإذا أراد القراءة، وهو في المغرب والعشاء والفجر والجمعة يسر بالتسمية، ويبدأ بقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3) جاهرا، أما في الظهر والعصر فيسر في الجميع، وهكذا في الثالثة والرابعة من العشاء والمغرب، لكن في الفجر   (1) سورة الفاتحة الآية 2 (2) السؤال الخامس من الشريط رقم (323) (3) سورة الفاتحة الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 204 والجمعة، والأولى والثانية من المغرب والعشاء فيسر بالبسملة ويجهر بالحمد، وبقية السور والآيات، هذا هو السنة، قال أنس رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يبدؤون القراءة بـ (الحمد لله) لا يجهرون بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) (1)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، برقم (399) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 205 77 - حكم قراءة الفاتحة في الصلاة س: هل قراءة الفاتحة في كل ركعة واجبة؟ وهل يغني عنها شيء؟ (1) ج: قراءة الفاتحة ركن من كل ركعة للإمام والمنفرد، واجبة في حق المأموم في كل ركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» فعلى الإمام أن يقرأها في كل ركعة، وعلى المنفرد أن يقرأها في كل ركعة، وعلى المأموم أن يقرأها في كل ركعة، لكن في حق المأموم واجبة لو نسيها سقطت بخلاف الإمام والمنفرد، فإنها لا بد منها، لا تسقط لا جهلا ولا نسيانا، بل عليه أن يؤديها الإمام والمنفرد في كل ركعة.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (418) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 205 س: يقول السائل: من لم يقرأ الفاتحة في صلاته كيف توجهونه؟ (1) ج: أما إذا كان إماما أو منفردا فإن صلاته غير صحيحة، لا بد أن يعيدها؛ لأن الفاتحة ركن الصلاة، أما إذا كان مأموما فإن العلماء اختلفوا في المأموم، هل تلزمه الفاتحة أم لا؟ والأكثرون على أنها لا تلزمه؛ لأن إمامه يقوم مقامه في ذلك، والصواب أنها تلزمه، يقرؤها ولو مع الإمام، ثم ينصت إذا كان في الصلاة الجهرية؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» ولأنه عليه الصلاة والسلام قال: «(لعلكم تقرؤون خلف إمامكم) قلنا: نعم. قال: (لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) (3)» هذا نص في المأمومين، وهو صحيح، فوجب الأخذ به، لكن لو فاته القيام؛ لأنه تأخر لم يأت إلا في الركوع أجزأه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل أبو بكرة والنبي راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف لم يأمره بقضاء الركعة؛ لأنه معذور بفوات القيام، ومثله من كان مع الإمام   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (244) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، برقم (823) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 206 وسها عن قراءة الفاتحة، أو يعتقد قول الجمهور: أنها لا تجب عليه. فصلاته صحيحة، أو جاهلا بالحكم الشرعي، فلم يقرأ يحسب أنه لا يلزمه القراءة مع الإمام هذا صلاته صحيحة، كالذي جاء والإمام راكع. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 207 78 - حكم سكوت الإمام بعد قراءة الفاتحة س: يقول هذا السائل: بما أن الصلاة ليس فيها سكوت، فماذا يقول الإمام في السكتة التي تلي قراءة الفاتحة، بالنسبة للصلاة الجهرية؟ (1) ج: ما فيها شيء، إذا سكت سكتة خفيفة يقرأ المأموم فيها الفاتحة، وهو لا يقرأ شيئا.   (1) السؤال الثالث والخمسون من الشريط رقم (433) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 207 79 - وقت البدء في دعاء الاستفتاح للمأموم س: عندما تكون الصلاة جهرية هل يبدأ المأموم بدعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، أم بعد قراءة الإمام للفاتحة؟ (1) ج: يبدأ بالاستفتاح بعد التكبير، إذا سكت الإمام يستفتح المأموم، أما إذا كان الإمام ما استفتح، شرع في القراءة من حين كبر فالمأموم   (1) السؤال الرابع والخمسون من الشريط رقم (433) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 207 يسكت، لا يستفتح، عليه الإنصات في الجهرية، لكن إذا سكت الإمام يستفتح فالمأموم يستفتح أيضا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 208 80 - حكم رفع الصوت بقول آمين بعد الفاتحة س: نعلم جيدا أن من السنة قول: آمين. بعد قراءة الفاتحة في الصلاة، بحيث يجهر بها في الصلاة الجهرية، ويسر بها في الصلاة السرية، ولكن عندنا في المسجد يقولون: آمين. في الصلاة الجهرية بعد قراءة الفاتحة في السر، ولا يرفعون بها أصواتهم، ويقولون: إن ذلك مذهب الإمام مالك. ما هو توجيهكم؟ (1) ج: الصواب رفع الصوت بها، كما كان النبي يفعله صلى الله عليه وسلم، والصحابة يفعلونه، فإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} (2) يقول الإمام: آمين وهم كذلك. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قال:. فقولوا: آمين. فمن وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (266) (2) سورة الفاتحة الآية 7 (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب جهر المأموم بالتأمين، برقم (782) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 208 من ذنبه (1)» فالسنة رفع الصوت بها من الجميع.   (1) سورة الفاتحة الآية 7 (3) {وَلَا الضَّالِّينَ} الجزء: 8 ¦ الصفحة: 209 س: السائل أبو محمد يقول: هناك أناس لا يرفعون أصواتهم بقول: آمين. بعد {وَلَا الضَّالِّينَ} (1) فما هو الأفضل في ذلك: رفع الصوت أم خفضه؟ (2) ج: السنة رفع الصوت، كان الصحابة يؤمنون خلف النبي صلى الله عليه وسلم، ويرفعون أصواتهم، السنة إذا قال: آمين الإمام، يقول المأموم مثله: آمين. لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمن الإمام فأمنوا (3)» وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا قال: (ولا الضالين). فقولوا آمين (4)».   (1) سورة الفاتحة الآية 7 (2) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (400) (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب جهر الإمام بالتامين برقم (780)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين، برقم (410) (4) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن الترمذي الصلاة (247)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314)، سنن الدارمي الصلاة (1242). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 209 81 - حكم قراءة البسملة في السورة التي تلي الفاتحة س: تقول السائلة: عند نهاية قراءة الفاتحة في الركعة الأولى هل أتعوذ وأبسمل في السورة التي تلي الفاتحة؟ وهل أكرر التعوذ والبسملة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 209 عند قراءتي للفاتحة، والسور الأخرى في الركعات التالية؟ (1) ج: تعوذي في الأولى بقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. في الركعة الأولى، أما بقية الركعات تكفي التسمية عند بداية السورة، عند بداية الفاتحة، وعند بداية السورة، بعد الفاتحة، وإن كررت الاستعاذة فلا حرج.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (178) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 210 س: السائل م. م. من السودان: هل أقرأ البسملة في السورة التي تلي الفاتحة في الصلاة السرية، أم لا تجب؟ (1) ج: السنة أن تقرأ التسمية في الفاتحة، وفي السورة جميعا، في السرية والجهرية، لكن في الجهرية تسر بها أفضل.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (263) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 210 82 - حكم قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة س: هل يجوز للمصلي أن يقرأ أكثر من سورة في الركعة الواحدة، خاصة في صلاة الفريضة؟ (1)   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (392) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 210 ج: لا حرج في ذلك، أن يقرأ سورتين أو أكثر، قد كان بعض الأئمة في الأمصار يقرأ أحدهم الفاتحة وسورة، ويقرأ معها (قل هو الله أحد). فأقره النبي عليه الصلاة والسلام، وسأله عن ذلك، قال: لأني أحبها، فأخبره قال: «إن الله يحبك لحبك قل هو الله أحد (1)» وفي لفظ: «حبك إياها أدخلك الجنة (2)» فلا حرج. وجاء عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بعدة سور: سورتين في ركعة غير الفاتحة، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة: أنه في بعض صلاة الليل قرأ (البقرة) و (النساء) و (آل عمران) في ركعة، عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه الربيع بن حبيب في مسنده (1/ 357) (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12024) والترمذي في كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة الإخلاص، برقم (2901) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 211 83 - حكم قراءة ما زاد على الفاتحة بعد الركعتين الأوليين س: لقد حصل جدال في الركعتين الأخيرتين من الرباعية، والركعة الثالثة من الثلاثية، هل يجوز أن نقرأ ما تيسر من القرآن فيهن، أم لا؟ (1)   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (376) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 211 ج: السنة قراءة الفاتحة في الثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء، والثالثة من المغرب، هذا هو الأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأخيرتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب فقط، وهكذا في الركعة الأخيرة من المغرب، والركعتين الأخيرتين من العشاء، وإن قرأ زيادة يسيرة فلا حرج، لكن هذا هو الأفضل، وقد ورد في حديث أبي سعيد الخدري ما يدل على أنه ربما يقرأ في الثالثة والرابعة شيئا يسيرا، وجاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يقرأ في الركعة الثالثة من المغرب: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (1)،   (1) سورة آل عمران الآية 8 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 212 س: إذا قرأت سورة بعد الفاتحة، في الركعتين الأخيرتين في الرباعية، أو في الركعة الأخيرة من المغرب فهل علي سجود سهو؟ وماذا أقول فيه؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: ليس عليك سجود سهو، ولكن ترك ذلك أفضل؛ ترك القراءة، ومن قرأها فلا حرج، قد ثبت حديث أبي سعيد رضي الله عنه مما يدل   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (291) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 212 على أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الثالثة والرابعة زيادة على الفاتحة، وثبت عن الصديق رضي الله عنه «قرأ في الثالثة من المغرب بعد الفاتحة: (2)» فالأمر في هذا واسع، ولكن ترك القراءة أفضل إلا في الظهر، فلا بأس من القراءة في الثالثة والرابعة بعض الشيء زيادة على الفاتحة، في بعض الأحيان لحديث أبي سعيد.   (1) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب النداء للصلاة، باب القراءة في المغرب والعشاء، برقم (174) (2) سورة آل عمران الآية 8 (1) {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} الجزء: 8 ¦ الصفحة: 213 84 - بيان فضل القراءة بالقلب واللسان س: يقول السائل: م. ع. عند الصلاة هل المسلم يقرأ بقلبه، أو بلسانه، أو بقلبه ولسانه مع تحريك الشفتين، وفي الدعاء كذلك؟ (1) ج: السنة أن يقرأ بقلبه ولسانه، يستحضر، يقرأ باللسان وقلبه حاضر يستفيد ويتدبر، ويتعقل كما قال جل وعلا: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (2) وقال سبحانه {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} (3) فالسنة أن   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (393) (2) سورة ص الآية 29 (3) سورة محمد الآية 24 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 213 المؤمن يقرأ ويحرك لسانه بالقراءة، حتى يسمع القراءة ويكون مع التدبر والتعقل والاستفادة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 س: هل صحيح أنه لا بد أن يسمع المسلم نفسه ما يقول في الصلاة؟ (1) ج: نعم، ما يكون متكلما إلا إذا أسمع نفسه، إذا كان يسمع، أما إذا كان عنده ثقل في السمع، يتكلم بقدر طاقته من غير أن يشوش على من حوله، يعني يتيقن أنه تلفظ، يتلفظ، ما هو بالنية، لا بد من التلفظ باللسان تلفظا يسمعه المتكلم من نفسه، لو كان سمعه صحيحا، أما إذا كان سمعه فيه خلل فلا يرفعه ولا يؤذي الناس، لا يشوش على الناس، لكن يتأكد أنه تلفظ تلفظا بالقراءة.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (290) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 س: هل عدم تحريك اللسان والشفتين في الصلاة يبطل الصلاة؟ (1) ج: لا بد من القراءة، ولا بد من تحريك اللسان حتى يسمع قراءته بالحروف التي يسمعها.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (430) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 س: قال النووي في كتاب الأذكار: اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها واجبة كانت، أو مستحبة لا يحسن منها شيء الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 ولا يعتد به حتى يتلفظ بها، وحتى يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع، لا عارض له انتهى (1) ج: نعم، مثل ما قال، لا بد من لفظ يسمع نفسه، إذا كان صحيح السمع، أما قراءته بمجرد حركة اللسان بدون إسماع نفسه فلا تعتبر؛ لأنها ليست قراءة، وإنما هي حركة اللسان فقط، لكن لا بد من قراءة تسمع، يسمعها صاحب السمع حتى تعتبر قراءة، سواء كانت قراءة الفاتحة أو قراءة للسور، أو تسبيحا في الركوع والسجود، أو الدعاء بين السجدتين، أو في آخر الصلاة.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (192) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 215 س: سماحة المفتي حفظكم الله، ورد في كتاب الأذكار للنووي بأن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها واجبة كانت، أو مستحبة لا يحسب شيء منها، ولا يعتد به حتى يتلفظ به بحيث يسمع نفسه، إذا كان صحيح السمع ولا عارض له. والسؤال: هل هذا وارد؟ (1) ج: هذا هو السنة، أن يسمع نفسه بأذكار الركوع والسجود وبين السجدتين وفي التحيات، ما يصير قارئا إلا إذا أسمع نفسه، إذا تلفظ   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (433) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 215 ولا يصير ذاكرا إلا بذلك، لكن الذكر بالقلب نوع ثالث، الذكر بالقلب، والذكر باللسان، والذكر بالعمل، فالذكر بالقلب نوع ثالث، يكون على قلبه محبة الله، وتعظيم الله وشكر الله، لكن لا يكون مؤديا للواجب في الصلاة إلا إذا قال: سبحان ربي العظيم. في الركوع، سبحان ربي الأعلى. في السجود، ويقرأ التحيات، ويقرأ الفاتحة، أما كونه ينويها بقلبه ما ينفع، أو يقرؤها بقلبه ما يكفي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 216 85 - حكم الجهر بالقراءة للمنفرد والمرأة س: ما حكم الجهر في القراءة للمنفرد والمرأة في الصلاة الجهرية؟ (1) ج: السنة الجهر مثل الفجر، إذا فاتته فله الجهر، أو كان مريضا. والمرأة كذلك يستحب لها الجهر في الفجر، والأولى والثانية من المغرب والعشاء، للرجل والمرأة جميعا.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (350) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 216 س: إذا صلى المنفرد صلاة المغرب أو العشاء، أو الفجر فهل يجهر بالقراءة أم لا؟ لأنني قد رأيت من يجهر بها. أفتوني جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (198) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 216 ج: نعم، إذا صلى المغرب مثل المريض، أو فاتته الصلاة مع الجماعة يجهر مثلما يجهر الإمام في المسجد، يجهر في المغرب، في الثنتين الأوليين، وفي الثنتين من العشاء وفي الفجر أيضا، الجهر سنة للمنفرد والإمام، فإذا كان المنفرد مريضا ما حضر مع الناس، أو مثلا فاتته الصلاة فإنه يجهر جهرا لا يشق على من حوله من المصلين، أو القراء جهرا خفيفا، لا يحصل به تشويش على أحد. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 217 س: إذا كان الإنسان يصلي منفردا في الصلاة الجهرية فهل يجهر بالقراءة؟ وهل يشمل الجهر التكبيرات أم لا؟ (1) ج: نعم، يجهر بالقراءة إذا كان يصلي جهرية، كالفجر والاثنتين الأوليين من صلاة المغرب والعشاء فإنه يجهر، هذه السنة، يجهر بالقراءة جهرا مناسبا لا يشوش على من حوله، إذا كان حوله مصلون، أو كان حوله قراء يكون جهره لا يشوش عليهم، أما التكبير فلا حاجة إلى الجهر به؛ لأنه يجهر به في حق الإمام، حتى يسمع المأمومون، أما إذا كان يصلي وحده فلا حاجه إلى الجهر في ذلك، يكبر تكبيرا ليس فيه جهر.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (246) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 217 س: السائلان: ع. ح. ش، وع. م. د. من مدينة الدمام، يسألان: هل يجهر في الصلاة إذا صلاها الإنسان منفردا، مثل صلاة المغرب والعشاء والفجر، أو يجعلها سرا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة في صلاة المغرب والعشاء والفجر الجهر، سواء كان المصلي إماما أو منفردا، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، فإذا فاتت الإنسان الصلاة مع الجماعة صلاها بالجهر؛ المغرب والعشاء والفجر، كما كان يصليها لو كان إماما، لكن إذا كان حوله من قد يتأذى بالجهر؛ من نوام أو قراء خفض قليلا حتى لا يؤذي أحدا.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (158) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 218 س: هل يجوز للفرد إذا صلى منفردا أن يجهر في الصلاة؟ وإذا كان ذلك جائزا فهل هو في جميع النوافل والفروض؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة في الليل، صلاة الليل أن يجهر، وهكذا صلاة الفجر، يجهر سواء كان إماما أو منفردا، أما المأموم فينصت لإمامه، يقرأ الفاتحة بينه وبين نفسه وينصت لإمامه، ولكن إذا كان إماما في صلاة الفجر، في   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (345) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 218 التهجد في الليل، في وتره، وهكذا إذا صلى في بيته إذا تهجد ورفع صوته في الليل، وهكذا في صلاة الفجر للنساء، وللرجل إذا صلى في بيته لمرض، أو لعذر شرعي. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 219 س: يقول السائل: إذا صليت منفردا صلاة جهرية فهل يصح أن أقرأ سرا بدون جهر؟ (1) ج: الأفضل الجهر في المغرب والعشاء والفجر، وإن كنت وحدك كالمريض، وهكذا المرأة تقرأ جهرا، في الأولى والثانية من المغرب والعشاء، وفي الفجر السنة الجهر بالقراءة للرجل والمرأة، وإذا صلى وحده بأن فاتته؛ لأنه مريض يجهر، هذا السنة، لكن جهرا لا يؤذي من حوله، إن كان حوله مصلون، أو كان حوله قراء يكون جهرا لا يؤذي أحدا، هذا السنة وليس بواجب.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (249) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 219 س: الأخ: ح. يسأل ويقول: يقولون: إن المنفرد في صلاة المغرب، والعشاء والفجر لا يجهر بالقراءة. فهل هذا صحيح؟ (1)   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (210) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 219 ج: يجهر مثل غيره، إذا صلى في بيته لأنه مريض، أو فاتته الصلاة فالسنة أن يجهر في الأولى والثانية في المغرب والعشاء، كما يجهر في الفجر أيضا، لكن لا يجوز له التخلف عن الجماعة إلا بعذر شرعي، لكن لو فرضنا أنه مريض، أو حصل له عذر ففاتته الصلاة في المسجد فإنه يجهر، إذا صلاها يجهر في المغرب والعشاء، في الأولى والثانية، ويجهر في الفجر إذا فاتته الفجر، هذا السنة، فالجهر سنة للمنفرد وللجماعة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 220 86 - حكم صلاة من أسر بالقراءة في الصلاة الجهرية س: يقول: إذا قرأت في الصلاة الجهرية سرا هل هذا يخل بالصلاة؟ وهل علي سجود سهو؟ (1) ج: لا يخل بالصلاة، ولكن تركت الأفضل، وتركت السنة، وليس عليك سجود سهو، وإن سجدت فحسن، إذا كنت تركته سهوا.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (291) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 220 87 - بيان الحكمة من أن صلوات الليل جهرية وصلوات النهار سرية س: لماذا كانت صلوات الليل جهرية وصلوات النهار سرية؟ (1)   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (265) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 220 ج: الأقرب – والله أعلم – أن الحكمة في ذلك أن النهار محل العمل، ومحل الأخذ والعطاء والاجتماع، فالسر أجمع للقلب، إذا قرأ سرا أجمع لقلبه، وأخشع لقلبه حتى يتدبر، والليل محل الخلوة في البيت مع الأهل، ومحل خلوة بالله عز وجل، إذا جهر كان أنشط له، وأقرب إلى انتفاعه بالقراءة، وأبعد عن النوم، فهو في الليل يقرأ جهرة ليتدبر كتاب الله، ولينشط في قراءته ويجمع قلبه على ذلك؛ لأن ما حوله هادئ، فليس عنده مشاغل، فيرفع صوته حتى يجمع قلبه، ويقرأ كلام الله ويتدبره عن صوت مرفوع، رفعا لا يشق عليه، ولا يؤذي من حوله، إذا كان حوله نوام، أو مصلون، أو قراء لا يرفع رفعا يؤذيهم ويشق عليهم، لكن رفعا خفيفا، أما إذا كان ما حوله أحد فيكون رفعه وسطا يطرد الشيطان، ويعين نفسه على النشاط والتدبر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 221 س: ح. مصري ومقيم بالرياض، يقول: لماذا شرع الجهر بالتلاوة في صلاة المغرب والعشاء والفجر، دون بقية الفرائض؟ وما الدليل على ذلك؟ (1)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (404) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 221 ج: الله أعلم، لكن يغلب على الظن – والله أعلم – أن هذه الأوقات يكون فيها الاستماع متيسرا والفهم في المغرب والعشاء والفجر، فينتفع المأمومون بالقراءة بخلاف الظهر والعصر، فإنها أوقات مشاغل بحاجات الدنيا، وقد لا يكون عندهم من الاستماع والإنصات والفهم ما عندهم في المغرب والعشاء والفجر، فمن حكمة الله أن جعل القراءة سرية حتى يتأمل هذا، ويتأمل هذا، الإمام يقرأ ويتأمل، والمأموم كذلك، بخلاف المغرب والعشاء، فإن مجيء الليل وأول النهار وقت الراحة، ووقت الهدوء، فالأقرب – والله أعلم – أنه يتيسر لهم من الاستماع والإنصات، والاستفادة ما لا يتيسر لهم في الصلاتين النهاريتين: الظهر والعصر، والحكمة في هذا لله سبحانه، هو أحكم وأعلم جل وعلا، هو الحكيم العليم سبحانه وتعالى في ذلك. ولكن الأقرب – والله أعلم – أن هذا هو السر في الجهر في المغرب والعشاء في الأولى والثانية، والجهر في الفجر والجهر في الجمعة؛ لأنه صلاة يجتمع فيها الناس من كل مكان، من الحكمة أن يجهر فيها بالقراءة حتى يستمعوا ويستفيدوا، وهكذا صلاة العيد وصلاة الاستسقاء، لأنها صلوات يحصل فيها الاجتماع والكثرة، فمن رحمة الله أن شرع فيها الجهر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 222 س: ما هي الحكمة من أن صلاة الفجر والمغرب والعشاء جهرية، وصلاة الظهر والعصر سرية، أي في الخفاء؟ وفقكم الله (1) ج: هذا ليس فيه نص في بيان الحكمة فيما نعلم، إلا أن بعض أهل العلم ذكر شيئا في هذا، وهو أن الظهر والعصر تأتي في النهار في وقت العمل، والناس مشغولون بأعمالهم، فناسب أن تكون سرية حتى يقبل كل واحد على صلاته، وحتى يشتغل بقراءته بينه وبين نفسه، حتى لا ينشغل بشيء آخر، بخلاف ما لو جهر الإمام فإنه قد ينصت له، ولكن تذهب به الهواجس والأوهام إلى جهة أخرى، فإذا أقبل على صلاته، واشتغل بقراءته كان أقرب إلى جمع قلبه، إلى الصلاة. أما في الليل في الغالب أن الشواغل تنتهي وتقل، وهكذا الفجر بعد قيامه من النوم، ولم يشرع في مشاغل الدنيا بعد، فيكون قلبه فارغا وحاضرا، يستمع قراءة الإمام، ويستفيد من قراءة الإمام بإنصاته له، فالليل محل قلة الشغل، وتواطؤ القلب مع اللسان، ليستفيد ويستمع قراءة الإمام، ويتدبر ما يستمع، فهذا أقرب إلى أن يسمع وإلى أن يستفيد، وإلى أن يتدبر بخلاف النهار، فإنه مشغول وعنده من مشاغل الدنيا ما يقلقه عن   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (24) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 223 الاستماع والإنصات؛ فشرع الله له أن يقرأ بنفسه، وأن يستمع بنفسه، حتى لا تذهب به الوساوس إلى أشياء أخرى، هذا مما قيل في هذا، والله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 224 88 - حكم الجهر في غير الصلوات الجهرية س: هل يصح للمصلي أن يجهر في صلاته غير الصلوات الجهرية؛ كالظهر والعصر، أو في الركعات الأخرى بعد التشهد الأول، أو الجهر في السنن وصلاة الضحى مثلا؟ (1) ج: السنة السر إلا في الليل، السنة في صلاة النهار السر إلا صلاة الفجر، وصلاة الجمعة، وصلاة الكسوف والاستسقاء، أما النوافل العادية في النهار السنة فيها السر، وهكذا صلاة الظهر والعصر السنة فيها السر.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (351) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 224 س: هل لي أن أجهر في غير الصلاة الجهرية؟ (1) ج: السنة السر، لكن لو جهر ببعض الآيات لا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (136) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 224 يسمعهم الآية أحيانا في الظهر والعصر، لكن الأفضل في الظهر والعصر السر، وفي الليل الجهر، وفي الفجر الجهر، لكن لو أن الإنسان جهر في بعض الآيات في الظهر والعصر فلا بأس؛ يسمعهم بعض الآيات كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 225 89 - بيان أن السنة التوسط بين السر والجهر س: هل يستوي أجر القراءة في السر والجهر؟ (1) ج: السنة في القراءة التوسط؛ عدم الجهر الذي يشق على الناس، وعدم السر الذي يخفى على الناس، مثل ما جاء في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر، وأمر الصديق بالتوسط في القراءة، بل في السنة أن يقرأ قراءة تنفعه وتنفع الحاضرين، ولا تشق عليه، وإذا رأى أن السر أخشع لقلبه، وأنفع له أسر بذلك، فإن رأى أن الجهر أنفع له وأخشع لقلبه جهر بذلك، بشرط ألا يؤذي أحدا من الناس، أما إن كان بين المصلين وبين القراء فلا يجهر عليهم، ولا يشق عليهم ويشوش عليهم، فقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (334) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 225 إلى المسجد، وفيه أناس يصلون بعضهم يصلي ركعتين، والآخر يصلي ثلاثا، فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة (1)» المقصود: فلا يؤذي بعضكم بعضا. فالقارئ عليه أن يتحرى عدم إيذاء إخوانه من مصلين أو قراء.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11486)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، برقم (1332) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 226 90 - حكم جهر الإمام ببعض الآيات أحيانا في الصلاة السرية س: هل كان يسمع صوت الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية؟ (1) ج: كان يسمعهم الآي بعض الأحيان، ما هو بدائم، بعض الأحيان، كما قال أبو قتادة: كان يسمعنا الآي بعض الأحيان؛ ليعلموا أنه يقرأ عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (367) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 226 91 - حكم صلاة من اقتصر على قراءة الفاتحة س: يقول السائل: هل تجوز الصلاة بقراءة الفاتحة فقط؟ (1) ج: نعم، إذا لم يقرأ إلا الفاتحة صحت صلاته، جميع الصلوات الخمس إذا لم يقرأ إلا الفاتحة صحت؛ لأنها ركن الصلاة وما زاد عليها مستحب ليس بواجب، لكن السنة أن يزيد عليها، الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، والسنة أن يزيد عليها في الفجر أيضا، هذا السنة؛ لأن الرسول كان يزيد عليها، عليه الصلاة والسلام لكنه قال: «لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» فدل على أنها ركن، والباقي مستحب.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (244) (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، برقم (823) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 227 س: ما حكم الذي يصلي الفرض ولا يقرأ إلا الفاتحة فقط، ولا يقرأ آيات أخرى؟ (1) ج: الفاتحة هي ركن الصلاة، فإذا قرأ الفاتحة واقتصر عليها أجزأت وصحت، لكن عمله مكروه؛ لأنه خالف السنة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ معها في الأولى والثانية سورتين أو آيات في الظهر   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (15) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 227 والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فالذي يترك قراءة سورة مع الفاتحة في الفجر، في الجمعة والظهر والمغرب والعشاء، في الأولى والثانية يكون قد خالف السنة، فأقل أحواله أنه ترك الأولى، ولا مانع أن يقال: إنه فعل مكروها؛ لأنه ترك سنة قد داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون فعل مكروها لا ينبغي له فعله. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 228 92 - حكم صلاة من نسي بعض آيات القرآن أثناء القراءة س: أنا شاب مستقيم والحمد لله، وأحفظ بعض أجزاء القرآن، ولكن إذا قمت إلى الصلاة أنسى ما كنت حافظا، كيف أتخلص من هذا؟ (1) ج: الواجب الفاتحة، والباقي سنة، فإذا كان المؤمن يحفظ الفاتحة فالحمد لله، يقرؤها قراءة جيدة، ويقرأ ما تيسر من القرآن؛ بعض الآيات أو السور والحمد لله، والعلاج أن تجتهد في دراسة ما حفظت في أوقات مناسبة من الليل أو النهار، وتسأل ربك التوفيق والإعانة، وتضرع إليه جل وعلا، وبذلك يتيسر لك الحفظ إن شاء الله بأمرين: الأمر الأول: العناية؛ إكثار الدراسة في الأوقات المناسبة، والأمر الثاني – وهو   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (355) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 228 الأهم -: سؤال الله، والضراعة إليه أن يعينك وأن يمنحك التوفيق، وأن يعيذك من أسباب النسيان. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 229 93 - حكم صلاة من لم يحسن القراءة في الصلاة س: تقول السائلة: إذا شعرت أنني لم أحسن القراءة في الصلاة هل أعيدها؟ (1) ج: إذا كانت الفاتحة سليمة فلا يلزمك إعادة ما زاد عليها، أما الفاتحة فلا بد أن تقرئيها قراءة صحيحة، ليس فيه لحن يحيل المعنى، أما اللحن الذي لا يحيل المعنى فلا تلزم إعادتها، ويعفى عنه، إذا قرأت: (الحمد لله رب العالمين) أو (الحمد لله رب العالمين) بالجر لا يضر، أو قالت: (الرحمن الرحيم) أو (الرحمن الرحيم) لا يضر هذا؛ لأن هذا اللحن لا يحيل المعنى.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (293) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 229 94 - حكم صلاة من نسي قراءة سورة بعد الفاتحة س: إذا نسيت قراءة سورة بعد الفاتحة في إحدى ركعات الفروض فهل يلزمني سجود السهو، أم تكفيني الفاتحة؟ (1)   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (336) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 229 ج: لا يلزمك، وليس عليك سجود؛ لأن قراءة الفاتحة كافية، لكن السنة أن يقرأ بعد الفاتحة زيادة في الأولى والثانية الإمام والمنفرد، أما المأموم فإنه تكفيه قراءة الفاتحة إلا في السرية كالظهر في الأولى والثانية، والعصر في الأولى والثانية، فإنه يقرأ مع الفاتحة ما تيسر كالإمام. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 230 95 - حكم صلاة من قدم قراءة سورة على الفاتحة س: الأخت أم ش. من مكة المكرمة، تقول: إذا نسيت في الصلاة، فقدمت قراءة سورة أخرى على الفاتحة، ثم بعد ذلك أتيت بفاتحة الكتاب فما حكم صلاتي؟ (1) ج: لا حرج في ذلك ما دام أتيت بالفاتحة ولو تأخرت، لو نسيت وقدمت قراءة السورة على الفاتحة، ثم قرأت الفاتحة الحمد لله، المقصود حصل.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (420) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 230 96 - حكم صلاة من أخطأ في آية من القرآن الكريم س: تسأل المستمعة وتقول: إذا أخطأت في آية من آيات القرآن الكريم وأنا أصلي، مثلا: لو قلت: (الم ذلك الكتاب لا ريب فيه الجزء: 8 ¦ الصفحة: 230 هدى للمؤمنين) بدلا من (المتقين). فما الحكم في ذلك؟ هل أعيد الصلاة، أم أسجد للسهو؟ (1) ج: لا حرج في ذلك، ولا يضر إن شاء الله، ولا تعيدي الصلاة، الصلاة صحيحة، ولا يجب سجود السهو والحمد لله؛ لأن هذا غلط في اللفظ والمعنى صحيح.   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (405) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 231 97 - بيان أقل ما يجب حفظه من القرآن للصلاة س: ما هو أقل ما يحفظ من القرآن الكريم للصلاة؛ الفرض والنافلة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: أقل ما يجب أن يحفظ الفاتحة، يجب حفظها، الحمد لله، هذه هي الواجبة ركن الصلاة، يجب على كل إنسان حفظها الرجل والمرأة، ثم يشرع له حفظ ما تيسر من السور، حتى يقرأ مع الفاتحة ما تيسر مثل السور القصيرة، يجتهد في حفظ ما تيسر، ويشرع له ذلك، لكن لا يجب عليه إلا الفاتحة؛ لأنها ركن للجميع: للإمام والمنفرد والمأموم، فرض   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (327) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 231 على الجميع، وإن كانت في حق المأموم واجبة، يسقط بالسهو والنسيان، ويسقط بالجهل، ويسقط إذا فاته القيام مع الإمام في الركوع، سقطت عنه، لكن يجب عليه تعلمها وحفظها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 232 98 - حكم صلاة من لا يحفظ شيئا من القرآن س: السائل يقول: إن والدته لا تحفظ شيئا من القرآن، ولا تحفظ التشهد، ولا تحفظ شيئا من الأدعية، حاول تحفيظها شيئا من ذلك، لكنها لم تستطع، ويسأل عن حكم صلاتها. جزاكم الله خيرا (1) ج: يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) عليها أن تتعلم الفاتحة، تتعلم ما يجب عليه في صلاتها، وإذا لم تعرف الفاتحة تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لا يستطيع الفاتحة، أن يسبح ويهلل، لكن مع العناية بها وتوجيهها إلى الخير، لعلها إن شاء الله تحفظ، فالمقصود في الوقت الحاضر، في كل وقت لا تحفظ فيه الفاتحة: تسبح الله وتهلله وتكبره، يكفي حتى تتعلم، ويجب عليها أن   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (258) (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 232 تتعلم، كل إنسان يجب عليه أن يتعلم، كل امرأة يجب عليها أن تتعلم من أخيها، من زوجها، من معلمة تعلمها، لا بد هذا يجب فيه الصبر والعناية وعدم التساهل، لا في حق الرجل ولا في حق المرأة، وأقل شيء فاتحة الكتاب لا عذر فيها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) لا بد من تعلمها؛ لأنها ركن الصلاة. لكن لو جاء الوقت ولم تعرف المرأة هذه السورة، أو الرجل فإنه يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ويكفيه ويركع، حتى يمن الله عليه بالتعليم بعد ذلك، وعلى أبي الولد وأبي البنت، وعلى أخيها، وعلى جدها التعاون في هذا، المرأة لا بد من تعليمها، كالرجل أيضا، قد يوجد بعض الرجال من البادية، وأشباه البادية من يحتاج إلى ذلك، والواجب التعلم، وعلى أبيه إلزامه، وعلى أخيه الكبير إلزامه، وهكذا البنت يجب على أمها أن تفهمها، وعلى أخيها وعلى أبيها، لا بد من التعاون على البر والتقوى، ولا بد من الصدق في ذلك، والجد في ذلك.   (1) سورة الفاتحة الآية 2 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 233 99 - حكم صلاة من لا تعرف الصلاة بصورة كاملة ولا تقرأ غير الفاتحة س: يسأل أخونا ويقول: إن والدتي تصلي، ولكنها لا تعرف الصلاة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 233 بصورة كاملة، فهي تعرف الفاتحة فقط، وعندما أعلمها تنسى بسرعة، فهل صلاتها صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم صلاتها صحيحة، وعليك وعلى أخوانك تعليمها والاستمرار في تعليمها في أوقات كثيرة، حتى يستقر العلم في قلبها، والفاتحة مجزئة والحمد لله، إذا علمت الفاتحة أجزأت، وإذا تيسر معها بعض السور القصيرة، مثل: (قل أعوذ برب الفلق) (قل أعوذ برب الناس) (قل هو الله أحد) وغيرها من السور القصيرة، إذا تيسر لكم تعليمها إياها فهذا خير عظيم، ومع الاستمرار والملاحظة تحفظ إن شاء الله، حتى الذي لا يعرف الفاتحة تصح صلاته، إذا عجز عن تعلمها يقرأ ما تيسر ولو بعض الآيات، فإذا عجز سبح الله وحمد الله وكبره وهلله في محل القراءة ثم كبر وركع؛ {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2). ولا يجوز ترك الصلاة أبدا، بل يصلي على حسب حاله، ولكن يتعلم، يلزمه أن يتعلم فيتقي الله في ذلك، ويلزم أولاد المرأة أن يعلموها، إذا كانوا يعلمون أن يعلموها ويوجهوها، وهكذا يعلمون أباهم إذا كان جاهلا وهم يعلمون،   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (158) (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 234 يعلمون إخوانهم، طالب العلم يعلم الجاهل، هكذا المؤمنون، يتعاونون على البر والتقوى، كما قال الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) قال سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4). فالواجب عليكم أن تعلموها، أنت وإخوانك، تعلموها وتصبروا بالحلم والكلام الطيب، لا بالنهر ولا بالغلظة، ولكن بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن والرفق في الأوقات المناسبة من ليل أو نهار حتى تتعلم، مع الاستمرار الدائم حتى تتعلم، وهكذا أخواتكم وهكذا عماتكم وخالاتكم، أحسنوا إلى الجميع، هذه الدنيا دار العمل، دار التعليم، دار التعاون، دار التكليف، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.   (1) سورة المائدة الآية 2 (2) سورة العصر الآية 1 (3) سورة العصر الآية 2 (4) سورة العصر الآية 3 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 235 100 - حكم الاقتصار على بعض السور والآيات القصيرة في الصلاة س: تقول السائلة من القصيم بأنها تحفظ السور القصيرة، وتقول بأني أحفظ شيئا من القرآن الكريم، آيات مثل أول البقرة، وآية الكرسي، وآخر سورة (البقرة)، وأول سورة (الصافات)، وآخر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 235 سورة (الحشر)، وأول سورة (الجن). والسؤال: هل يجوز أن أقرأ مثل هذه الآيات في الصلاة، وأن حفظي يقتصر على السور القصيرة؟ (1) ج: نعم، لا بأس، فالله يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (2) تقرأ ما تحفظ من الآيات أو السور في تهجدها، وفي فريضتها ونوافلها، الواجب الفاتحة، وما زاد على هذا فهو مستحب، الركن قراءة الفاتحة، أما ما زاد على ذلك من آيات وسور فكله مستحب، تقرأ ما تيسر من القرآن الذي معها؛ آيات أو سور.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (435) (2) سورة المزمل الآية 20 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 236 101 - حكم صلاة من يخطئ في قراءة الفاتحة س: جدتي لا تحفظ إلا قليلا من القرآن الكريم، حيث إنها تخطئ في سورة (الفاتحة)، وقد قال البعض من الناس في قريتنا: إذا لم تحفظي في صلاتك سورة (الفاتحة) فإن صلاتك غير صحيحة فهل هذا صحيح؟ وقد ماتت على ذلك، فهل صحيح أن من لم يقرأ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 236 سورة (الفاتحة) بصورة صحيحة لا تقبل صلاته يا سماحة الشيخ؟ (1) ج: صلاتها صحيحة ومعذورة، الحمد لله، الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ما دام أنها عالجت واجتهدت ولم تستطع صلاتها صحيحة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال للذي لا يستطيع، تقول: «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (3)» إذا كانت لا تستطيع عالجت نفسها ولم تستطع، تسبح: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. محل القراءة ويكفي، أما الذي يتعمد؛ وهو يستطيع لكن يتعمد ما يقرأ الفاتحة فإنه لا تصح صلاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (4)» لكن إذا كانت امرأة عجزت، أو رجلا عجز فالله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (5)   (1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (358) (2) سورة التغابن الآية 16 (3) أخرجه أحمد في مسند الكوفيين، من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، برقم (18631)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة، برقم (832)، والنسائي كتاب الافتتاح ما يجزئ من القراءة لمن لا يحسن القرآن، برقم (924) (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). (5) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 237 {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (1) صلاته صحيحة والحمد لله، لكن يعلم، يأتي بالتسبيح، يسبح بدل الفاتحة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.   (1) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 238 س: مشكلتي أنني أمية، ولا أعرف القراءة ولا الكتابة، وإني أصلي الصلاة في أوقاتها، ولا أعرف غير سورة (الحمد)، و: (قل هو الله أحد)، وأعيد هاتين السورتين في كل صلاة، هل ذلك مجزئ؟ وبم تنصحونني؟ (1) ج: نعم، هذا مجزئ، نسأل الله لك المزيد من التوفيق، والثبات على الحق، الفاتحة تكفي وحدها؛ لأنها أم القرآن، ولأنها ركن الصلاة، فلما يسر الله لك معها سورة (قل هو الله أحد)، وهي سورة عظيمة، سورة (الإخلاص) تعدل ثلث القرآن، هذه نعمة من الله عظيمة، يكفيك ذلك لو كررتها في الصلوات وفي غير ذلك هذه النعمة عظيمة، فأكثري من قراءتهما في خارج الصلاة، ولك بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وهذا خير عظيم، وإذا تيسر لك من يقرئك بعض السور القصيرة   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (57) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 238 من أخواتك، أو جاراتك، أو زوجك، أو بعض محارمك فهذا خير عظيم، مثل: (قل أعوذ برب الفلق)، (قل أعوذ برب الناس)، (تبت يدا أبي لهب)، (إذا جاء نصر الله)، (قل يا أيها الكافرون)، (إنا أعطيناك الكوثر)، وغيرها من قصار المفصل، فهذا خير، وإذا اجتهدت يسر الله لك ذلك، وننصحك بسماع إذاعة القرآن من المملكة؛ ففيها مصالح كثيرة، وخير كثير، وننصحك سماع هذا البرنامج (نور على الدرب)، ففيه خير كثير وعلم كثير، ونسأل الله لك التوفيق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 239 س: إنني أدرس في مرحلة التكميل، وأتمنى أن أقرأ القرآن، لكنني لا أقدر، بل أقرأ الجزء مثل سورة (الكوثر) و (النصر)، وهكذا عندما أركع في الفجر وغيره من الصلوات، ما حكم صلاتي هذه إذا لم أستطع أن أقرأ بعد الفاتحة بشيء صحيح؟ (1) ج: الفرض في الصلاة الفاتحة، هي ركن الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» فالفاتحة هي ركن الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة، والباقي سنة، فإذا   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (36) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 239 كانت لا تحسن إلا الفاتحة كفتها، وصلاتها صحيحة سواء كانت فرضا أو نفلا والحمد لله، لكن إذا تيسر لها أن تحفظ جملة من السور فذلك خير لها وأفضل؛ حتى تقرأ مع الفاتحة ما تيسر، فكل ما زادت في حفظ ما تيسر من السور كان أفضل لها وخيرا لها، فأنا أوصي السائلة أن تجتهد في حفظ ما تيسر من القرآن، مثل جزء (عم)، وما تيسر معه، حتى تقرأ بذلك في صلواتها، فإن لم يتيسر لها ذلك فإنها تكفيها الفاتحة والحمد لله. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 240 102 - حكم تكرار سورة الزلزلة في الصلاة س: هذا السائل من الجزائر يقول: سمعت بأنه ورد في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: بأنه قرأ سورة (الزلزلة)، وكررها في ركعتين، والسؤال: هل ثبت ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ أي: هل هذا الحديث صحيح؟ وهل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لعامة الأمة؟ (1) ج: الحديث صحيح، وليس بخاص، قرأ (الزلزلة) في الفجر في بعض الليالي في الركعتين، فلا بأس بذلك، ولكن الأفضل ما داوم عليه، وهو   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (435) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 240 الإطالة في صلاة الفجر بعض الطول كالقراءة من طوال المفصل، وأوساط المفصل، هذا هو سنته المعروفة، ولعله قرأ بها نادرا لبيان الجواز. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 241 103 - حكم تكرار بعض السور في الصلاة س: هل يجوز أن يقرأ الإمام أي سورة مثل: (الضحى) أو (الشمس) أو (الليل)، ويكررها، وكذلك إذا قرأ سورة، وقرأ معها سورة (الإخلاص) هل هذا سنة؟ (1) ج: كل ذلك لا بأس به، والحمد لله   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (435) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 241 س: إنني – ولله الحمد – أحفظ بعض الأجزاء من القرآن الكريم، وأقرأ بما حفظت في الصلاة، إلا أنني أحب أن أكرر بعض السور، مثل سورة (الإخلاص) و (الكافرون) و (العصر) و (النصر) و (الكوثر) و (الانشراح)، فهل أكون آثمة لأنني أحب فقط هذه السور، أم أن الأمر جائز في كلا الحالتين؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الأمر واسع في ذلك والحمد لله، الأمر واسع بهذا، إذا كررت   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (265) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 241 بعض السور، ولا سيما: (قل هو الله أحد) فإن لها فضلا عظيما، تعدل ثلث القرآن، وهكذا غيرها إذا كررت فلا حرج في ذلك. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 242 104 - حكم قراءة سورة الإخلاص في جميع الصلوات س: تقول السائلة: هل يجوز قراءة: (قل هو الله أحد) فقط، ولوحدها في جميع الصلوات، أم لا تجوز؟ (1) ج: لا حرج في ذلك مع (الفاتحة) في الفرض والنفل.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (292) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 242 105 - حكم القراءة بالترتيل في الصلاة س: هل القراءة في الصلاة يجب أن تكون بالترتيل؛ بالمد والترجيع، وبتحسين الصوت بها؟ (1) ج: هذا هو السنة، هذا هو الأفضل، وإلا لا يجب، إذا قرأ قراءة عربية قد أدى فيها الحروف كفى، لكن إذا رتلها وحسن صوته واعتنى بالتجويد كان ذلك أكمل.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (182) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 242 106 - حكم القراءة بدون تجويد س: هل تجوز قراءة سورة من القرآن الكريم بدون تجويد وبدون تطبيق أحكام التجويد، وخاصة في الصلاة؟ (1) ج: نعم، إذا أقام الكلمات على الطريقة العربية فإنه يجوز له، لكن مع التجويد والعناية أفضل وأكمل.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (182) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 243 107 - حكم التسبيح والتحميد في الركعة الثالثة والرابعة بدلا من سورة الفاتحة س: سائلة تقول: رأيت بعض المسلمين إذا صلوا يقرؤون في الركعة الأولى والثانية (الفاتحة)، ويتبعونها بآيات قصيرة. أما الركعتان الباقيتان فيقرؤون في كل ركعة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. ثلاث مرات، أي إنهم لا يقرؤون الفاتحة في كل ركعة في الركعتين الأخيرتين، فهل هذا صحيح؟ أثابكم الله (1) ج: هذا خطأ الذي لا يقرأ في الثالثة والرابعة الفاتحة هذا غلط، ولا يجوز ولا تصح الصلاة بذلك، الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (13) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 243 في الأولى والثانية بالفاتحة وسورة أخرى مع الفاتحة، وفي الثالثة والرابعة لا يقرأ شيئا سوى الفاتحة، يقرأ الفاتحة وربما قرأ زيادة على الفاتحة في الثالثة والرابعة في الظهر خاصة، فقد ثبت عنه هذا عليه الصلاة والسلام في عدة أحاديث، من حديث أبي قتادة الأنصاري، وحديث أبي سعيد الأنصاري، وفي أحاديث أخرى ثبت فيها أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأولى والثانية بالفاتحة وزيادة، وفي الثالثة والرابعة لا يقرأ إلا الفاتحة عليه الصلاة والسلام، لكن جاء ما يدل على أنه قد يقرأ زيادة في الثالثة والرابعة في الظهر خاصة، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» فالذي لا يقرأ بها في الثالثة والرابعة لا صلاة له، فالواجب على من رأى من يفعل هذا التسبيح أن ينكر عليه ويعلمه، وعلى الأخت في الله السائلة أن تعلم هؤلاء، تقول إنني سمعت في (نور على الدرب) كذا وكذا، تعلمهم أن هذا لا يجوز، وأن الواجب على المسلم أن يقرأ الفاتحة في جميع الركعات؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)»، متفق على صحته، ولقوله عليه الصلاة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). (2) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن الترمذي الصلاة (247)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314)، سنن الدارمي الصلاة (1242). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 244 والسلام في الحديث الصحيح: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج غير تمام (1)» يعني ناقصة، غير صحيحة. الحاصل أن الواجب على المسلم والمسلمة أن يعلما ويرشدا، وهذه السائلة – بارك الله فيها – عليها أن تعلم من رأتهم يفعلون ذلك، الذين لا يقرؤون في الثالثة والرابعة، تعلمهم أن هذا خلاف ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، وخلاف ما عليه المسلمون، فالواجب على هؤلاء أن يقرؤوا الفاتحة بدلا من التسبيح في الثالثة والرابعة، كما قرؤوها في الأولى والثانية. لكن في الأولى والثانية يتأكد زيادة على الفاتحة: إما سورة وإما آيات على تفصيل في الصلوات الخمس، لكن في الثالثة والرابعة الأفضل الاقتصار على الفاتحة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، إلا في الظهر، فيستحب أن يقرأ زيادة على الفاتحة في بعض الأحيان في الثالثة والرابعة؛ لأنه ورد عن النبي ذلك عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (395) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 245 108 - حكم القراءة من المصحف في الصلاة س: تقول السائلة: هل يجوز مسك المصحف الشريف في الصلاة، والقراءة منه بعد الفاتحة؟ (1) ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، مثل التراويح والقيام في رمضان، لا حرج، وإذا كان الإنسان يقرأ عن ظهر قلب يكون أخشع إذا تيسر له ذلك، فإذا دعت الحاجة أن يقرأ من المصحف؛ لكونه إماما، أو المرأة وهي تتهجد بالليل، أو الرجل كذلك وهو لا يحفظ فلا حرج في ذلك.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (242) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 246 س: تقول هذه السائلة: هل يجوز أن أحمل المصحف وأقرأ منه في صلاة الفرض؟ حيث أقرأ السور التي لا أحفظها، وفي النافلة أيضا هل يجوز أن أحمل المصحف؟ (1) ج: لا حرج، لكن كونك تقرئين عن ظهر قلب أخشع وأقرب للخشوع، ولو قرأ المصلي من المصحف فلا حرج.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (422) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 246 س: سائلة تقول: هل يجوز حمل القرآن في الصلاة وقراءته، وعدم الترتيب أيضا في قراءة السور؟ (1) ج: لا حرج في ذلك، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كما في صلاة التراويح والقيام، إذا قرأ من المصحف لا حرج في ذلك، والأفضل أن يرتب الآيات ولا يخل بذلك، فإن قرأ بعض الآيات في ركعة، وآيات أخرى لأنه ما يحفظ إلا ذلك، أو لأن قراءته لبعض الآيات غير مستقيمة، فيقرأ الآيات قراءة مستقيمة، والتي يعجز عنها يؤخرها فلا بأس بذلك، المقصود أنه لا حرج إذا كان لمصلحة شرعية؛ أن يقرأ بعض الآيات ويترك بعض الآيات؛ لأنه يقيم هذه الآيات، وقد درسها وحفظها؛ ولأنه لا يستطيع أن يقيم الآيات الأخرى؛ لأنه ما درسها كما ينبغي، أو لأنه يحفظها، ولا يحفظ هذه، كل ذلك لا حرج فيه.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (127) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 247 109 - بيان أن الأفضل قراءة سور القرآن بالترتيب س: سمعت أنه يجب على المصلي أن يقرأ في صلاته من سور القرآن الكريم بالترتيب، فمثلا لا يقرأ سورة (الإخلاص) ثم يقرأ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 247 سورة (الكافرون)، بل العكس (1) ج: هذا أفضل، وإلا فإنه لا يجب، هذا أفضل كونه يرتب على ما في المصحف أفضل، أما لو عكس بأن قرأ: (قل هو الله أحد) في الأولى، وقرأ في الثانية: (تبت يدا أبي لهب) أو: (إنا أعطيناك الكوثر) فلا حرج في ذلك؛ لأن الترتيب بالاجتهاد؛ باجتهاد الصحابة رضي الله عنهم؛ ولأن عمر رضي الله عنه كان ربما قدم بعضا عن بعض، ربما قرأ في الركعتين السورة المتأخرة قبل السورة المتقدمة، وروي عنه أنه قرأ بـ (النحل) في الأولى، وبـ (يوسف) في الثانية، و (يوسف) قبلها في المصحف. المقصود أن هذا الترتيب مستحب، ولو قرأ في الصلاة أو خارجها بعض السور قبل التي قبلها فلا بأس، ولا حرج إن شاء الله، لكن الأفضل والأولى أن يسير على ما فعله الصحابة رضي الله عنهم، وأن يرتب فيقرأ السورة أو الآية ثم يقرأ السورة أو الآية التي في السورة التي بعدها، إلا إذا كان الصبي يتعلم، يبدأ بـ (قل أعوذ برب الناس)، ثم بـ (قل أعوذ برب الفلق)، ثم بـ (قل هو الله أحد)، يعلمه الأستاذ السورة القصيرة قبل، فلا حرج في ذلك للتعليم؛ لأنه يبدأ في الصغار بالسور   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (241) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 248 القصيرة أسهل عليهم، لا حرج في ذلك. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 249 س: هل يجب ترتيب السور في القراءة أثناء الصلاة أو لا يجب؟ (1) ج: السنة الترتيب، كما رتب الصحابة المصحف، هذا هو الأفضل، ومن نكس فلا حرج، لو قرأ (آل عمران)، ثم قرأ من (البقرة) فلا حرج. لكن الأفضل أن يسير على ما رتب الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم حين جمعوا القرآن في عهد عثمان، إذا قرأ (البقرة) يقرأ بعدها من (آل عمران) أو ما بعد ذلك، وإذا قرأ مثلا سورة: (لم يكن) يقرأ ما بعدها: (الزلزلة)، (العاديات) وهكذا هذا هو الأفضل على ترتيب المصحف، لكن لو نكس وقرأ من آخر القرآن، ثم قرأ من مقدم القرآن فلا حرج في ذلك، جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قرأ في الأولى بسورة (النحل) من صلاة الفجر، وفي الثانية بسورة (يوسف)، وهي قبلها. قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الليالي بـ (البقرة) ثم (النساء) ثم (آل عمران).   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (243) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 249 110 - حكم قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة س: هل يصح قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة؟ وإذا كان يصح ذلك هل يجب أن تكون قراءة السور حسب ترتيبها بالقرآن، أم يصح تقديم سورة على أخرى؟ (1) ج: لا حرج في ذلك أن يقرأ سورتين أو أكثر بعد الفاتحة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بـ (البقرة) و (النساء) و (آل عمران) في ركعة عليه الصلاة والسلام، وأقر بعض الصحابة على قراءة الفاتحة وسورة بعدها، مع قراءة: (قل هو الله أحد)، فجمع بين سورتين. فالحاصل أنه لا حرج في ذلك، ولو نكس لا حرج، لكن السنة أن لا ينكس، بل يرتب كما في المصحف، هذا هو الأفضل، كما فعله الصحابة ورتبوا رضي الله عنهم، فليقرأ كما في المصحف، هذا هو الأفضل، ولو قرأ سورة قبل سورة أجزأ ذلك.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (167) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 250 111 - حكم تقديم بعض السور على بعض في الصلاة الجهرية س. صليت مرة ببعض الأصدقاء صلاة جهرية، وقرأت في الركعة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 250 الأولى سورة (الفلق)، وقرأت في الثانية (إذا زلزلت)، وبعد الانتهاء من الصلاة قال لي أحدهم: يجب أن تكون القراءة حسب ترتيب السور في القرآن، ولا يجوز أن تسبق سورة على سورة. آمل الإفادة، جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا هو الأفضل، أن يرتب على حسب ما في المصحف، لكن لو عكس لا حرج، ليس بحرام، فقول القائل: لا يجوز. هذا القول غلط، هو جائز ولكن تركه أفضل، فإذا قرأت (الزلزلة) تقرأ ما بعدها، وإذا قرأت: (قل أعوذ برب الفلق) تقرأ: (قل أعوذ برب الناس)، لكن لو أنك قرأت مثل ما فعلت؛ (الفلق)، ثم قرأت (إذا جاء نصر الله) أو (الكافرون) أو قرأت (الزلزلة) كل ذلك لا حرج فيه، وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه قرأ سورة (النحل)، ثم قرأ بعدها سورة يوسف، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة (البقرة)، ثم (النساء) ثم (آل عمران)، فالترتيب هنا مستحب وليس بحرام.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (177). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 251 112 - حكم صلاة من قرأ عددا من الآيات لسور مختلفة في ركعة واحدة س: تقول السائلة: صليت صلاة الفجر، وقرأت بعد سورة (الفاتحة) في الركعة الثانية الجزء الأخير من سورة (النبأ)، وبعد إكمالي الصلاة اكتشفت أنني جمعت مع سورة (النبأ) آيات من سورة (النازعات)، وأنا كنت على يقين بأنني أقرؤها بصورة صحيحة وأنا أثناء الصلاة، وسؤالي هو: هل علي إثم في ذلك؟ (1) ج: لا حرج في ذلك، كونك تقرئين من (النبأ) ثم تقرئين بعض آيات من (النازعات)، أو من غيرها لا حرج في ذلك، والحمد لله.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (303). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 252 113 - حكم قراءة آية مكان أخرى س: في بعض الأحيان يحدث أنني أنسى في الصلاة، وأقرأ آية مكان آية أخرى، أو أقرأ كلمة خطأ، ثم أتذكر ذلك أثناء الركوع أو السجود، أو بعد الصلاة، فما الحكم في ذلك؟ وماذا أفعل؟ وهل أعيد الركعة أم لا؟ (1)   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (58). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 252 ج: الفرض في هذا هو (الفاتحة)، فإذا قرأت (الفاتحة) وهي سورة (الحمد) حصل المقصود والحمد لله، فإذا قرأت زيادة آية أو آيتين، أو قرأت آية بدل آية، أو نسيت آية وأتيت بآية، أو نقص منك كلمة لا يضرك، وصلاتك صحيحة، وليس عليك إعادة ركعة، ولا إعادة الصلاة والحمد لله، ولكن عليك أن تجتهدي فيما تيسر لك، من قراءة بعض الآيات مع الفاتحة، في الركعة الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهكذا في الفجر، أما الثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء يكفي الفاتحة والحمد لله. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 253 114 - حكم قطع الصلاة بسبب خطأ في قراءة الفاتحة أو غيرها من السور س: في إحدى المرات بعد أن دخلت في الصلاة وقرأت الفاتحة، وعند قراءة الصدرة أشكلت علي، ورددتها أكثر من مرتين، ولم أفلح، وأخيرا قطعت الصلاة وأعدت تكبيرة الإحرام، وقرأت ثانية فهل صلاتي هذه صحيحة؟ وماذا أفعل إذا تكرر ذلك مرة ثانية؟ (1) ج: ما ينبغي لك أن تقطع الصلاة، فإن العمدة في القراءة الفاتحة،   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (57). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 253 فإذا قرأ الإنسان الفاتحة فقد حصل الفرض، وما زاد عليه فهو مستحب، وقولك: الصدرة. لم نعرف مرادك بالصدرة، إن كان مرادك بالصدرة قراءة السورة الزائدة، أو آيات زائدة فهذه الصدرة غير واجبة، مستحبة، وإذا تركها الإنسان وركع ولم يقرأ زيادة على (الفاتحة) أجزأ، أما إن كان مرادك بالصدرة شيئا آخر فينبغي أن توضحه في سؤال آخر، المقصود أن مثل هذا لا يقطع الصلاة، إن كان المقصود من كلامك أنه التبس عليك الأمر في قراءة الزيادة على الفاتحة، ولم يتيسر لك قراءة آيات ولا سورة، بل اشتبه عليك الأمر فإنه ليس لك أن تقطع الصلاة، بل الحمد لله تركع ولا بأس، ويكفيك الفاتحة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 254 115 - حكم الاقتصار على الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية س: سائلة تقول: في صلاة الظهر والعصر أصلي الركعتين الأوليين، أقرأ الفاتحة وبعدها سورة، أما في الركعتين الأخيرتين فلا أقرأ إلا الفاتحة، فهل صلاتي صحيحة؟ (1) ج: نعم، هذه هي السنة، السنة أن تقرئي في الأولى والثانية الفاتحة   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (341). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 254 وما تيسر معها، أما الثالثة والرابعة فإن المصلي يقرأ فيها الفاتحة، كما جاء هذا في حديث أبي قتادة في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الثالثة والرابعة الفاتحة فقط، لكن لو زاد فقرأ زيادة على الفاتحة فصلاته صحيحة؛ لأنه ثبت في حديث أبي سعيد الخدري، عند مسلم ما يدل على ذلك، وأن النبي كان يفعل هذا بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، فإذا زاد على الفاتحة في بعض الأحيان في الثالثة والرابعة من الظهر فلا حرج في ذلك، ولكن غالب الذي يفعله النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقرأ الفاتحة فقط، يكتفي بها في الثالثة والرابعة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 255 116 - بيان السنة في القراءة في صلاة المغرب س: ذكر السيد سابق أن المداومة في صلاة المغرب على قصار المفصل دائما فعل مروان بن الحكم، وهو خلاف السنة، بالعكس من النووي الذي ذكر أن ذلك هو السنة، فما هو الصحيح؟ (1) ج: الصواب هو ما ذكره السيد سابق؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ما كان يحافظ على قصار المفصل، بل تارة يقرأ من قصار   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (192). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 255 المفصل، وتارة يقرأ من طوال المفصل، وتارة يقرأ بغير ذلك من غير المفصل، فالأفضل للإمام في المغرب أن يقرأ تارة كذا وتارة كذا؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، فلا يلازم المفصل، ولا يلازم طوال المفصل، ولا أوساطه، ولكن تارة وتارة، يتأسى بالنبي عليه الصلاة والسلام في ذلك، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بقصار المفصل في المغرب، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قرأ فيها بـ (المرسلات) في آخر حياته، وهي ليست من قصار المفصل بل هي من طواله وقرأ فيها بـ (الطور)، وهي من طوال المفصل أيضا، وقرأ فيها بـ (الأعراف)، قسمها في ركعتين، وهي سورة طويلة، فعلم بذلك أن السنة أن يقرأ فيها تارة بالقصار، وتارة بغيرها، فلا يلزم حالة معينة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 256 117 - حكم تطويل صلاة الفجر س: أيهما أفضل: تطويل صلاة الفجر، أم قصرها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة في الفجر الطول، النبي كان يطولها عليه الصلاة والسلام،   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (28). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 256 فهي أطول الصلوات، وكان يطول في صلاة الصبح، وكان يقرأ فيها بالستين وإلى المائة، كما أخبر جابر وأخبر جماعة من أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم كلهم، أخبروا أنه كان يطيل صلاة الصبح، وكان يقرأ فيها بالستين وإلى المائة، فالسنة فيها الإطالة وعدم التقصير، هذا هو السنة في صلاة الصبح، إلا أن يعرض عارض يقتضي التخفيف؛ لمرض اعترى الجماعة، أو حال يوجب التخفيف فلا بأس، وإلا فالأصل فيها التطويل في قراءتها وركوعها وسجودها، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 257 118 - حكم الإسراع في القراءة في الصلاة س: إنني سريع الصلاة، حيث إنني أقرأ الفاتحة وما تيسر معها من قصار السور بصور سريعة وحركات الصلاة سريعة، هل هذا جائز أم لا؟ وفقكم الله (1) ج: السنة للقارئ أن يرتل قراءته، وألا يعجل فيها؛ حتى يتدبر، حتى يتعقل سواء كانت الفاتحة أو غير الفاتحة، السنة له التدبر والتعقل   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (36). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 257 والترتيل وعدم العجلة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (1)، قال عز وجل: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (2) والسرعة التي يخل بسببها في الحروف أو بعض الآيات لا تجوز، بل يجب عليه أن يركد، وألا يعجل حتى يقرأ قراءة سليمة واضحة يتدبرها ويتعقلها، فإذا كان يسقط بعض الحروف ويضيع بعض الحروف هذه قراءة لا تجوز، بل يجب عليه أن يركد ويتأنى، ويرتل حتى يؤدي الحروف والكلمات كاملة، وهكذا في الصلاة لا يعجل في الركوع، ولا في السجود، ولا في الجلسة بين السجدتين، ولا في وقوفه بعد الركوع، بل يتأنى ويطمئن، هذا هو الواجب عليه، الطمأنينة فرض لا بد منها، والنقر في الصلاة والعجلة فيها تبطلها، فنوصى السائل أن يطمئن في ركوعه ولا يعجل، يقول: سبحان ربي العظيم. يكررها ثلاثا أو أكثر، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. وإذا رفع من الركوع يطمئن وهو واقف يقول: ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من   (1) سورة المزمل الآية 4 (2) سورة ص الآية 29 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 258 شيء بعد. هذا هو الأفضل له، أما الطمأنينة لا بد منها، لا بد أن يركد وهو قائم، لا بد من الركود والاعتدال وعدم العجلة، ويقول: ربنا ولك الحمد. هذا أمر واجب على الصحيح، وإذا كمل فقال: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. هذا أكمل وأفضل، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم الزيادة في هذا: «أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» وهذا من الكمال، وهكذا في السجود لا يعجل، إذا سجد يسجد على الأعضاء السبعة: جبهته، وأنفه, وكفيه, وركبتيه, وأطراف قدميه. ويطمئن ولا يعجل، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويدعو بما تيسر ولا يعجل، كان النبي يدعو في سجوده، ويقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2)» فهذا دعاء مشروع، وقال   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) (2) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 259 عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1)» وقال: «أما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2)» فينبغي للمؤمن في سجوده ألا يعجل، بل يجب عليه الطمأنينة والركود، وهذا ركن من أركان الصلاة لا بد منه، ومع هذا يشرع له أن يزيد في الطمأنينة، وألا يعجل، وأن يدعو في سجوده ويكرر: سبحان ربي الأعلى. والواجب مرة، لكن إذا كرر ذلك ثلاثا أو خمسا كان أفضل أو سبعا، والحاصل في هذا كله أن الواجب الطمأنينة وعدم العجلة، وبين السجدتين يطمئن أيضا ولا يعجل، ويعتدل بين السجدتين حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، ويقول: «رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي (3)» «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (4)» كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلم يتأسى بنبيه صلى الله عليه وسلم، ويعمل كعمله عليه السلام   (1) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار، ومن حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22866)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم، (874)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ما يقول في قيامه ذلك برقم (1069)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (897) (4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 260 ولا يعجل في هذه الأمور؛ فإن الصلاة هي عمود الإسلام، الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام والطمأنينة فيها والركود أمر مفترض وركن من أركانها، فنوصي السائل أن يعتني بهذا الأمر، وأن يخاف الله ويراقبه، وأن يكمل صلاته بالطمأنينة وعدم العجلة، وهكذا قراءته يطمئن فيها ولا يعجل، ويركد ويرتل حتى يقرأ قراءة واضحة يعقلها ويتدبرها، ويستفيد منها. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 261 119 - حكم قراءة القرآن في الركوع والسجود س: إحدى الأخوات المستمعات: ف. م، من قطر تسأل عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، ما حكم ذلك؟ وهل وقع من علي رضي الله عنه توجه النهي إليه كما ورد في الحديث؟ (1) ج: ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن القراءة في الركوع والسجود، وقال علي رضي الله عنه: إن الرسول نهى عن ذلك، ولأن عليا فعل ذلك جهلا، فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (331). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 261 ذلك، ويحتمل أنه نهاه بأن لا يفعل، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن القراءة في الركوع والسجود، فالقراءة محلها القيام أو القعود في حق المريض، أما السجود والركوع فإنه لا يقرأ فيهما. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 262 120 - بيان ما يقال في الركوع والسجود س: ماذا أقول في السجود وفي الركوع؟ (1) ج: المشروع في الركوع: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ثلاث مرات أو أكثر، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ثلاث مرات أو أكثر، والواجب مرة، مرة: سبحان ربي الأعلى. في السجود، ومرة سبحان ربي العظيم في الركوع، هذا صح من أقوال أهل العلم، ويستحب مع هذا في الركوع والسجود أن يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويستحب للرجال والنساء في الفرض والنفل: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويستحب أيضا أن يدعو في السجود ويكثر من الدعاء في السجود، ويستحب أن يقول فيهما في الركوع والسجود:   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (337). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 262 سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء. هذا مستحب في الركوع والسجود، ولكن الدعاء خاص بالسجود، أما الركوع فهو محل التعظيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1)» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (2)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 263 121 - حكم الدعاء في الركوع والسجود س: هل يجوز الدعاء أثناء الصلاة مثل الركوع والسجود؟ (1) ج: نعم، الدعاء مشروع في السجود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2)» رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (27). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 263 الدعاء (1)» فالدعاء في السجود قربة وطاعة وترجى إجابته، أما الركوع فالأولى أن يخص بالتعظيم دون الدعاء، اللهم إلا الدعاء القليل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أما الركوع فعظموا فيه الرب (2)» فدل ذلك على أن الركوع محل التعظيم؛ طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لقوله: «أما الركوع فعظموا فيه الرب (3)» سبحان ربي العظيم، سبحان ذي الجبروت والملكوت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. هذا هو التعظيم، وغير ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. فهذا فيه تعظيم، وفيه دعاء، لكن الدعاء قليل. قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (4)» فدل ذلك على أنه يأتي بهذا في الركوع، كما يأتي في السجود وفيه: اللهم اغفر لي. فهذا دعاء لكنه دعاء قليل، فالأغلب أن يكون التعظيم طاعة   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 264 للرسول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب (1)» وإذا دعا قليلا كما جاء في الحديث: «اللهم اغفر لي (2)» فلا بأس، لكن يجعل السجود، وهو محل الدعاء، هذا هو السنة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 265 122 - حكم الدعاء ناسيا في الركوع س: من أسئلة السائل أبي عبد الله، من القصيم يقول: إذا دعا الإنسان في الركوع ناسيا هل يجوز له ذلك؟ (1) ج: لا حرج عليه، لكن لا يتعمد ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء (2)» فالدعاء يكون في السجود، والركوع يكون فيه تعظيم الرب سبحانه: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. هذا هو المشروع في الركوع، وقوله: سبحانك اللهم ربنا ولك الحمد، اللهم   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (429). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 265 اغفر لي. هذه الدعوة تابعة للتسبيح، فيكثر من التسبيح، أما الدعاء فيكون في السجود. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 266 123 - حكم إلصاق القدمين عند الركوع س: ما هو الأفضل: إلصاق القدمين عند الركوع، أم تفريدهما؟ (1) ج: السنة تفريدهما، التفريق بينهما هذا هو السنة.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (29). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 266 124 - حكم قول ربنا ولك الحمد بدلا من قول: سمع الله لمن حمده س: تقول السائلة: لقد كنت في صلاتي أثناء الرفع من الركوع، أقول: ربنا ولك الحمد. دون أن أقول: سمع الله لمن حمده. ولكنني بعد ذلك سمعت أنه لا يجوز ذلك، بل لا بد أن أقول: سمع الله لمن حمده. فهل علي إثم وذنب في صلواتي التي مضت؟ مع العلم بأنني لم أكن أعلم بأن قول: سمع الله لمن حمده. واجب في الصلاة، وإذا كان علي شيء فماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (142). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 266 ج: نرجو ألا يكون عليك شيء لأجل الجهل، وعليك مع ذلك الاستغفار والتوبة والندم على ما حصل منك، من تساهل وعدم السؤال؛ لأن الواجب على من جهل شيئا أن يسأل أهل العلم في صلاته وفي غيرها، وما مضى صحيح، والحمد لله، وعليك في المستقبل أن تقولي: سمع الله لمن حمده. عند الرفع من الركوع، وهكذا الإمام وهكذا المنفرد من الرجال، كل واحد يقول: سمع الله لمن حمده. أما المأموم فيقول: ربنا ولك الحمد. هذا هو الصواب، وليس عليه أن يقول: سمع الله لمن حمده. لا يشرع له ذلك، إنما هذا من شأن الإمام، والمنفرد من الرجال والنساء عند الرفع، يقول: سمع الله لمن حمده. وعند الاستواء يقول: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. وما مضى نسأل الله أن يعفو عنا وعنك، والصلاة صحيحة إن شاء الله من أجل الجهل، ولكن في المستقبل عليك أن تجتهدي في ذلك، وأن تستمري عليه، وألا تتركي هذه الكلمة: سمع الله لمن حمده. إذا كنت منفردة، أما مع الإمام فتقولين: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 267 125 - حكم قول: الله أكبر عند الرفع من الركوع س: عند الرفع من الركوع هل من اللازم القول: الله أكبر. أم أنه لا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 267 يجوز في هذا الموضع؟ (1) ج: عند الرفع من الركوع إن كان إماما أو منفردا يقول: سمع الله لمن حمده. أما إذا كان مأموما فإنه يقول عند الرفع: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. كما جاء في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والإمام يقول بعد الرفع بعد: سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد. والمنفرد كذلك.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (277). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 268 126 - حكم رفع الأيدي بعد سمع الله لمن حمده في الصلاة س: ما حكم رفع الأيدي بعد: سمع الله لمن حمده. في الصلاة؟ (1) ج: يشرع للمصلي أن يرفع يديه في أربعة مواضع: الموضع الأول: عند الإحرام، إذا كبر عند التكبيرة يقول: الله أكبر. رافعا يديه حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، هذه واحدة. الموضع الثاني: عند الركوع إذا أراد أن يركع يرفع يديه مع التكبير إلى حيال منكبيه، أو إلى حيال أذنيه.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (22). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 268 الموضع الثالث: عند الرفع من الركوع، يرفع يديه قائلا: سمع الله لمن حمده. كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عند الرفع: الإمام والمنفرد والمأموم، كلهم يرفع يديه عند الرفع من الركوع قائلا الإمام: سمع الله لمن حمده. وقائلا المأموم: ربنا ولك الحمد. عند الرفع، هذا هو السنة. الموضع الرابع: عند القيام من التشهد الأول للثالثة من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، إذا نهض للثالثة يرفع يديه مكبرا، ويجعل يديه حيال أذنيه، أو حيال منكبيه. هذه المواضع الأربع ثبت فيها الرفع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذهب إلى هذا جمهور أهل العلم، وهو الحق؛ لأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من عدة أحاديث من حديث ابن عمر، ومن حديث علي رضي الله عنه، ومن أحاديث أخرى، وثبت الرفع في المواضع الثلاثة عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه في أحاديث أخرى، الحاصل أن هذه المواضع الأربعة قد ثبت فيها الرفع عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالسنة للمصلي أن يفعل ذلك تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 269 127 - حكم ضم اليدين عند قول سمع الله لمن حمده س: سائل من مكة: ما تقولون – جزاكم الله خيرا – في ضم اليدين عند قول: سمع الله لمن حمده؟ (1) ج: السنة أن يرفع يديه غير مضمومتين إلى أعلى حذو منكبيه، أو إلى أذنيه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فرفع اليدين سنة عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة، يرفعهما إلى منكبيه أو إلى فروع أذنيه، كل واحدة تحاذي، اليمنى تحاذي المنكب الأيمن أو الأذن اليمنى، واليسرى تحاذي المنكب الأيسر أو الأذن اليسرى، هذا هو السنة، رفع اليدين مع قوله: سمع الله لمن حمده. والمأموم مع قوله: ربنا ولك الحمد. عند رفعه من الركوع، كما يرفعهما عند الركوع، وعند الإحرام في التكبيرة الأولى، وعند القيام من التشهد الأول، فالنبي صلى الله عليه وسلم تارة يرفعهما إلى منكبيه، وتارة يرفعهما صلى الله عليه وسلم إلى فروع أذنيه.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (305). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 270 128 - حكم رفع اليدين عند الركوع والرفع منه س: هل صحيح بأنه يجب أن يرفع المسلم يديه عند الركوع، والرفع من الركوع، مثل ما فعل في التكبيرة الأولى، بمعنى أن يقول: الله أكبر. ثم يرفع يديه على مستوى أذنيه؟ وهل يصح للمرأة فعل ذلك؟ (1) ج: هذا سنة، وليس فريضة أن يرفع يديه عند الإحرام إلى حيال أذنيه أو إلى حيال منكبيه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا عند الركوع وعند الرفع منه، وهكذا عند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة، يرفع يديه ويجعلهما حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، تارة كذا وتارة كذا؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، وهذه سنة مؤكدة، ولو تركها أو بعضها صحت صلاته، والمرأة مثل الرجل في هذا على الصحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخصها في هذا بشيء، فالصحيح أنها مثل الرجل، ترفع يديها عند الإحرام، وعند الركوع وعند الرفع منه وعند القيام من التشهد الأول.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (102). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 271 س: نعلم أن رفع اليدين مع التكبيرات في أربعة مواضع: منها ما هو بعد الرفع من الركوع، فهل يرفع الإنسان يديه عند قوله: سمع الله لمن حمده. أم بعد استوائه في الركوع، وقوله: ربنا ولك الحمد؟ (1) ج: السنة الرفع عند رفعه من الركوع عند قوله: سمع الله لمن حمده. إن كان إماما أو منفردا، وعند قوله: ربنا ولك الحمد. إن كان مأموما، يعني حين الرفع، هذه هي السنة.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (246). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 272 س: يقول هذا السائل: ما حكم رفع اليدين بعد الرفع من الركوع مثل السدل، أم القبض؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الأفضل القبض بعد الرفع من الركوع، الأفضل القبض؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك من حديث وائل بن حجر، ومن حديث قبيصة عن أبيه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه على صدره حال قيامه للصلاة (2)» وهذا القيام يشمل ما   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (374). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار حديث هلب الطائي، برقم (21460) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 272 بعد الركوع وما قبل الركوع؛ لأنه قيام، فيضع يديه على صدره، هذا هو الأفضل. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 273 129 - حكم وضع اليمين على الشمال بعد الركوع س: ما حكم مسألة وضع اليمين على الشمال بعد الركوع؟ نرجو من سماحتكم شرح هذا وبسط الكلام فيه بسطا وافيا، وكلام أئمة العلماء في هذه المسألة، وهل لمن يدعي أن هذا الأمر بدعة وضلالة من حجة يتمسك بها من إرسال اليدين، أم أنه يحتج بعادة الناس، مع علمنا أن العبادة توقيفية؟ وهل إذا كان الإمام يرسل يديه بعد الركوع، فهل علي أن أرسلهما اقتداء ومتابعة للإمام، أم أستمر في وضع اليمين على الشمال؟ أفتونا مأجورين (1) ج: قد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في حال القيام يقبض شماله بيمينه، ويضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، ثبت هذا من حديث وائل، وثبت معناه من حديث سهل عند البخاري، وجاء أيضا من حديث قبيصة بن هلب عن   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (178). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 273 أبيه، وجاء مرسلا عن طاوس عن النبي عليه الصلاة والسلام، والصواب أن اليمين توضع على الشمال في حال القيام قبل الركوع وبعده، وليس هناك تفصيل في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم أحدا ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرسل يديه في الصلاة بعد الركوع، ولا عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالأصل في هذا هو الضم كما يضم قبل الركوع، وكذا في القيام بعد الركوع، ومن زعم أنه يرسلهما بعد الركوع فعليه الدليل، ومن قال: إن ضمهما بدعة بعد الركوع، فقد غلط، وذكر بعض أهل العلم أنه مخير؛ إن شاء أرسلهما، وإن شاء ضمهما بعد الركوع في حال القيام. ولكن الصواب أنه يضمهما كما قبل الركوع؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، بقاء السنة على حالها، وقد قال وائل رضي الله عنه: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائما في الصلاة يضع يده اليمنى على يده اليسرى (1)» ومعنى قائما في الصلاة، يعني: يشمل ما بعد الركوع، وما قبل الركوع قائما في الصلاة، وهو يشمل القيامين: قبل الركوع، وبعد   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 274 الركوع. وهكذا قول سهل بن سعد رضي الله عنه: «كان الرجل يؤمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يضع اليمنى على كفه اليسرى، ويضع اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. قال أبو حازم الراوي له عن سهل: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم (1)» فهذا يدل أنه في حال القيام يضع يمينه على ذراعه اليسرى، وهذا يحتمل أن المراد ما قاله وائل، وأنه يضع يمينه على كفه اليسرى، وأطراف الأصابع على الساعد، فعبر عن الساعد بذراعه اليسرى، فيحتمل أنه في بعض الأحيان يضعها على كفه، وفي بعض الأحيان على ذراعه الأيسر، أما إرسال اليدين فلم يثبت عنه عليه السلام، لا قبل الركوع ولا بعد الركوع، والعبادات توقيفية، ليس لأحد أن يثبتها بمجرد الرأي والاجتهاد. والأصل بقاء ما كان على ما كان، ما دام يضمها قبل الركوع، فالأصل بقاء ذلك في قيامه بعد الركوع؛ كما قال وائل: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائما في الصلاة يضع يمينه على شماله (2)» يعنى كفه اليمنى على كفه اليسرى، هذا هو الذي كتبناه في   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 275 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي نعتقده، وهو الذي دلت عليه الأحاديث فيما نعتقد، ونسأل الله للجميع التوفيق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 276 س: هل وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى على الصدر بعد الرفع من الركوع سنة أو بدعة؟ وما الدليل؟ (1) ج: وضع الأيدي على الصدر قبل الركوع وبعده سنة، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة، وكان يأمر بذلك، وقد ثبت في الصحيح من حديث وائل: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على كفه اليسرى (2)» وجاء في الرواية الأخرى: «والرسغ والساعد (3)» هذا هو السنة، وجاء في رواية وائل بن حجر عند ابن خزيمة: أنه يضعهما على صدره. وكذا عند الإمام أحمد من حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه: «أن النبي كان يضع يديه على صدره حال كونه قائما في الصلاة (4)» وهكذا قال   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (16). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الصلاة، برقم (726). (4) أخرجه أحمد في مسند الأنصار حديث هلب الطائي، برقم (21460) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 276 وائل: «إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائما في الصلاة وضع يمينه على شماله (1)» فدل ذلك على أنه في حال القيام يضعهما على صدره، سواء كان القيام قبل الركوع أو بعد الركوع، وهكذا جاء من حديث طاوس مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد جيد، وهو وضع اليمين على الشمال على الصدر، هذا هو أصح ما قيل في هذا، وضعهما على الصدر قبل الركوع وبعده، أما ما وقع في رسالة بعض الإخوان، الذين صنفوا رسالة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، من زعمه أن وضعهما على الصدر بعد الركوع بدعة. فهو غلط ممن قال ذلك، فلا ينبغي أن يعول عليه، ولا ينبغي أن يكون ذلك مانعا من الاستفادة من كتبه، وما فيها من الفوائد، لكن هذا خطأ، فكل يخطئ ويغلط، فقول من كتب في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: إن وضعهما على الصدر بعد الركوع بدعة قول غلط، وهو قول أخينا في الله الشيخ ناصر الدين الألباني، قد غلط في هذا، وهو علامة جليل، مفيدة كتبه، لكن كل يغلط وله أغلاط معدودة، نسأل الله أن يوفقه للرجوع عنها.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 277 س: هل هناك دليل شرعي على وضع اليدين على الصدر بعد القيام من الركوع؟ (1) ج: نعم، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره، إذا كان قائما في الصلاة، هذا عام يعم قبل الركوع وبعد الركوع، والثابت في السنن من حديث وائل بن حجر، قال: «كان إذا قائما في الصلاة يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى (2)» وهذا يعم ما كان قبل الركوع وبعد الركوع، وهكذا حديث سهل بن سعد عند البخاري رحمه الله قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (3)» رواه البخاري. معنى ذلك أنه يضع يده اليمنى على اليسرى حال وقوفه في الصلاة؛ لأنه في حالة الركوع يضع يديه على ركبتيه وفي حالة السجود يضعهما على الأرض، وفي حالة الجلوس على فخذيه أو ركبتيه، فما بقي إلا القيام، فدل على أنه يضع يمينه على ذراعه اليسرى، وفي حديث وائل وضح أنه على   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (268). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 278 صدره، فالأحاديث يفسر بعضها بعضا، وهكذا جاء مرسلا من حديث طاوس بن كيسان التابعي الجليل، جاء مرسلا بسند صحيح: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره، وهو قائم في الصلاة عليه الصلاة والسلام (1)» وهذا يشمل ما قبل الركوع وما بعد الركوع، ومن فصل فقال: بعد الركوع لا يضع. فعليه الدليل، والأصل بقاء ما كان على ما كان، فمن زعم أنه يرسلهما فعليه الدليل، وإلا فالأصل بقاء وضعهما على حاله الأولى في حال القيام.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (759) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 279 س: أرجو أن توضحوا لي الحكم الشرعي في وضع اليدين بعد النهوض من الركوع، جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة وضعهما على الصدر كما قبل الركوع، هذا هو السنة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر: «أنه صلى الله عليه وسلم إذا كان قائما في الصلاة وضع يمينه على يساره، ووضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد (2)» هكذا رواه أبو داود   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (220). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 279 والنسائي، وغيرهما بإسناد صحيح عن وائل بن حجر، وفي صحيح البخاري رحمه الله، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: لا أعلمه إلا أن ينميه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (1)» وهذا يعم ما قبل الركوع وما بعد الركوع، فالسنة للمؤمن في الصلاة – وهكذا المؤمنة – وضع اليمين على الشمال قبل الركوع، وبعد الركوع، وأما ما وقع في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لأخينا العلامة الفاضل: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من قوله: إن وضعهما بعد الركوع بدعة. هذا قول غلط، قد نبهنا على هذا غير مرة، وكتبنا في ذلك ما يجب بيانه في هذا الأمر، وأرجو أن فضيلته يرجع عن هذا القول؛ لأنه خلاف الصواب، وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 280 130 - السنة في النزول من الركوع إلى السجود س: الأخ: هـ. ع. من السودان، الخرطوم، يسأل ويقول: قد ذكرت – يحفظكم الله – أن صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 280 ينزل الإنسان من الركوع إلى السجود على ركبتيه، وينهض إلى الركعة برفع يديه فبل ركبتيه، لكن بعض الباحثين ذكر عكس ذلك، فأي القولين نعتمد؟ وبأيهما نعمل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: للعلماء قولان في المسألة رحمهم الله، منهم من رجح أنه ينزل بركبتيه ثم يديه، ثم جبهته وأنفه؛ لما روى أهل السنن عن وائل بن حجر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم «إذا سجد قدم ركبتيه على يديه (2)» وله شاهد من حديث أنس أيضا عند الحاكم وغيره، وقالوا: هذا هو الأرفق بالمصلي، وهو الأبعد عن مشابهة الحيوان؛ لأن الحيوان كالبعير، ينزل على يديه ثم المؤخرة بعد ذلك، وقالوا: هو الموافق لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير (3)» فإنه عند بروك البعير يقدم يديه، فإذا قدم رجليه لم يشبه البعير، أما قوله في آخره: «وليضع يديه قبل ركبتيه (4)»، فقال بعضهم: لعله   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (280). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود، برقم (268)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (838)، والنسائي في المجتبى في كتاب التطبيق، باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده، برقم (1089). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (4) سنن الترمذي الصلاة (268)، سنن النسائي التطبيق (1089)، سنن أبي داود الصلاة (838)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (882)، سنن الدارمي الصلاة (1320). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 281 مقلوب وأن الصواب: وليضع ركبتيه قبل يديه، حتى يتفق أوله مع آخره، أول الحديث مع آخر الحديث، وحتى يتفق مع حديث وائل بن حجر، وأنس وما جاء في معناهما، وهذا هو الأصح والأرجح، وبذلك تتفق الأحاديث، ولا يقع بينها خلاف، فالنهي عن بروك البعير يوافق حديث وائل في تقديم الركبتين، ثم اليدين بعد ذلك في السجود، أما زيادة: «فليضع يديه قبل ركبتيه (1)» فهي تخالف أول الحديث، وتخالف حديث وائل؛ لأنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه شابه البعير في نزوله على مقدمه، هذا هو الأرجح، وقال آخرون من أهل العلم: لفظ: «فليضع يديه (2)» صريح، يدل على أنه يقدم يديه على ركبتيه، وبهذا خالفوا حديث وائل، وحديثه لا بأس به حسن جيد، مع أنه موافق لأول حديث أبي هريرة ولمقدمه وصدره، والصواب عندي والأرجح عندي أنه يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، على ما في حديث وائل، وعلى مقتضى أول حديث أبي هريرة وصدره وزيادة: «فليضع يديه قبل ركبتيه (3)»، هذه إما إدراج من بعض الرواة، وإما حصل فيها انقلاب، والصواب أن يضع ركبتيه قبل يديه، حتى يتفق أوله مع آخره، وحتى يتفق مع حديث وائل وما جاء في معناه، والأمر في هذا واسع والحمد لله كله سنة، لكن هذا   (1) سنن الترمذي الصلاة (268)، سنن النسائي التطبيق (1089)، سنن أبي داود الصلاة (838)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (882)، سنن الدارمي الصلاة (1320). (2) سنن الترمذي الصلاة (268)، سنن النسائي التطبيق (1089)، سنن أبي داود الصلاة (838)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (882)، سنن الدارمي الصلاة (1320). (3) سنن الترمذي الصلاة (268)، سنن النسائي التطبيق (1089)، سنن أبي داود الصلاة (838)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (882)، سنن الدارمي الصلاة (1320). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 282 هو الأفضل، وهذا هو الأرجح، إلا من عجز ككبير السن والمريض هذا يقدم يديه؛ لأنه محتاج إلى ذلك، ولا بأس بذلك. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 283 س: هل النزول في الصلاة يكون على الركبتين قبل اليدين، أم على اليدين قبل الركبتين؟ أرجو بيان الراجح مع ذكر الدليل. جزاكم الله خيرا (1) ج: الأفضل أن ينزل على الركبتين إذا كان يستطيع ذلك، ينزل على الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، هذا هو الأفضل لحديث وائل بن حجر وما جاء في معناه، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير (2)» والبعير يبرك على يديه، فالسنة للمؤمن إذا سجد أن يسجد على ركبتيه، يقدمهما قبل يديه، هذا هو الأفضل، وأما الزيادة في حديث أبي هريرة: «وليضع يديه قبل ركبتيه (3)» فهي زيادة فيها نظر، قال بعض أهل العلم: إنها منقلبة، وأن صواب الرواية: وليضع ركبتيه قبل يديه،   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (210). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 283 حتى يوافق آخر الحديث أوله، وإن سجد على يديه اعتقادا منه أن هذا هو الأفضل فلا حرج عليه في ذلك، ولكن الأفضل أن يسجد على ركبتيه ثم يديه ثم وجهه، هذا هو الأفضل، وعند الرفع يرفع وجهه ثم يديه ثم ركبتيه، هكذا السنة، وهذا هو الأفضل، إلا من عجز لكبر سنه أو مرض فلا حرج أن يسجد على يديه {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1).   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 284 س: أيهما أرجح: الهوي إلى السجود باليدين، أم بالركبتين؟ (1) ج: هذا محل اختلاف بين العلماء، والأفضل والأرجح الهوي بالركبتين ثم اليدين، يعني يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا هو الأفضل كما في حديث وائل بن حجر، وما جاء في معناه، ومن قدم يديه فالأمر واسع إن شاء الله؛ لأنه في حديث أبي هريرة أيضا، ولكن الصواب أنه يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، وأما حديث أبي هريرة الذي فيه: أن يضع يديه قبل ركبتيه. فهو فيه انقلاب فيما حققه بعض العلم؛ لأن أول الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يبرك   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (141). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 284 أحدكم كما يبرك البعير (1)» والبعير يقدم يديه، فإذا قدمنا أيدينا صرنا مشابهين للبعير، فيكون آخر الحديث يخالف أوله، فيكون الصواب: وليضع ركبتيه قبل يديه. على حديث وائل، وعلى موافقة الأول بصفة الحديث، وحصل انقلاب، والأصل: فليضع يديه قبل ركبتيه. المقصود أن الأرجح أن يقدم ركبتيه قبل يديه، وأن الأرجح في حديث أبي هريرة أنه موافق لحديث وائل، وأن ما في آخره – من ذكر اليدين قبل الركبتين – انقلاب لبعض الروايات، فيما هو الأقرب والأظهر حتى لا يخالف آخر الحديث أوله، حتى تجتمع الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي أفتى به بعض أهل العلم وأكثر أهل العلم، ومن ترجح عندهم تقديم اليدين واجتهد في ذلك فلا ينكر عليه، وينبغي قي ذلك عدم التشديد، وعدم النزاع والخلاف، والمؤمن يتحرى الحق، فالأرجح والأظهر والأقرب أن يقدم الركبتين ثم اليدين ثم جبهته مع أنفه، هذا في السجود، وعند الرفع يبدأ بالوجه ثم اليدين ثم ينهض على ركبتيه، هذا هو الأفضل، وهذا الذي فيه الجمع بين الأحاديث، وعند القيام عند النهوض إلى الثالثة يرفع يديه ويكبر معها عند القيام ورفع يديه مع القيام   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 285 حال نهوضه، يكبر ويرفع يديه حال النهوض إلى أن يستوي قائما. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 286 س: رجل يسأل ويقول: إذا سجدت أيهما أضع أولا: الكفين أم الركبتين؟ (1) ج: الأفضل بالركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، هذا هو السنة، تبدأ بالركبتين؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن البدء في السجود باليدين؛ لأن البعير يبدأ بيديه، أنت تبدأ بالركبتين والرجلين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وهذا حديث حسن، وهذا لا بأس به، يتفق مع حديث البروك، فالمقصود أن السنة المشروع البداءة بالرجلين الركبتين ثم يديك ثم جبهتك وأنفك، وعند الرفع رأسك ثم يديك ثم ركبتيك، وهذا الأصح.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (363). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 286 س: في أثناء الصلاة وأنا أريد السجود هل أنزل باليدين، أم أنزل بالركبتين؟ (1) ج: الأفضل هو نزولك بالركبتين، كان الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا سجد سجد على ركبتيه، ثم يديه ثم جبهته وأنفه، إلا إذا كان هناك   (1) السؤال السابع من الشريط (152). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 286 عجز كمرض أو كبر سن، فلا بأس أن تسجد على يديك أولا، وتنهض عليها للعجز والضعف، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يسجد على يديه مطلقا، ولكنه قول مرجوح، والصواب أن الأحاديث كلها في المعنى تدل على أنه يسجد على ركبتيه أولا، ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا عند السجود، وعند الرفع يرفع رأسه أولا ثم يديه ثم ركبتيه، إلا العاجز لمرض وكبر سن، فهذا لا بأس أن يسجد على يديه، وينهض على يديه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 287 س: يقول السائل: عندنا في المسجد إمام، وهذا الإمام يصلى بنا وهو سريع في صلاته، وعند السجود يسبق اليدين قبل الركبتين، ونحن مجموعة شباب نخالفه في سجوده، فنسبق الركبتين قبل اليدين بدليل: لا تشبهوا سجودكم بالبعير. فهل هذا السجود صحيح؟ (1) ج: سجودكم جميعا صحيح، سجوده صحيح وسجودكم صحيح، والحمد لله، لكن الأفضل كما فعلتم تقديم الركبتين على اليدين، كما جاء في حديث وائل وغيره، وهو موافق لحديث أبي هريرة الذي فيه   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (281). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 287 النهي عن بروك كبروك البعير، لأن بروك البعير يقدم يديه، فالسنة أن تقدم الركبتان؛ لأنهما في الرجلين قبل اليدين، وذهب بعض أهل العلم إلى تقديم اليدين قبل الركبتين؛ لأن حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «وليضع يديه قبل ركبتيه (1)» وتأولوا ذلك على أن بروك البعير على ركبتيه، فإذا قدم المصلي يديه فقد خالف البعير، وليس الأمر كذلك، الصحيح أن بروك الإنسان على يديه هو الذي يشبه البعير، ويخالف أول الحديث: يبرك كما يبرك البعير، ويخالف حديث وائل: «أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، (2)» هذا هو الأفضل، وهذا هو الأشهر، ومن اعتقد ما دل عليه آخر حديث أبي هريرة: «وليضع يديه قبل ركبتيه (3)» من اعتقد هذا ووضع يديه قبل ركبتيه عن اجتهاد منه فلا حرج عليه، والله يغفر للجميع، لكن الأفضل هو تقديم الركبتين قبل اليدين، هذا هو الأرجح، وهذا هو الأفضل، ومن قدم يديه قبل ركبتيه معتقدا هذا هو الأفضل حسب اجتهاده وعلمه فلا شيء عليه، المصيب له أجران، والمخطئ له أجر واحد، والحمد لله،   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 288 هذا كله إذا كان يستطيع تقديم ركبتيه، أما إذا كان عاجزا لكبر سنه أو مرضه فإنه يقدم يديه ولا شيء عليه، والحمد لله. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 289 س: من العراق رسالة بعث بها ح. ي. إ من الموصل يقول: عند السجود هل وضع اليدين أصح من وضع الركبتين أولا، أو بالعكس؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الأصح والأفضل أن يضع ركبتيه أولا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه، ثم يديه صلى الله عليه وسلم، وينهى عن بروك كبروك البعير، والبعير إذا برك يقدم يديه، فالسنة أن تقدم ركبتيك لا يديك، والأحاديث في الحقيقة متفقة لا مختلفة، وهي السجود على الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، أما الرفع فهو يرفع رأسه، ثم يديه ثم ركبتيه، هذا هو الأرجح والأفضل.   (1) السؤال الخامس من الشريط (270). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 289 س: في هيئة السجود هل النزول على اليدين أم على الركبتين؟ (1) ج: السنة للقادر النزول على الركبتين، كما في حديث وائل وغيره،   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط (349). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 289 وهو المراد في حديث أبي هريرة: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير (1)» هذا الصواب؛ لأن بروك البعير يبرك على يديه، ونحن مأمورون ألا نبرك على أيدينا، نبرك على ركبنا التي في الرجلين، هذا هو السنة، وهذا هو الصحيح، وهو قول الجمهور من أهل العلم: أن السنة البروك على الركبتين لا على يديه خلافا للبعير، هذا إذا كان قادرا، أما إذا كان عاجزا لكبر السن والمرض فإنه يبرك على يديه ولا بأس لأجل العجز.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 290 س: يسأل ع. مقيم في جدة، هل الصحيح أن ينزل المصلي بيديه قبل ركبتيه، أم أن الأصح ما نراه من نزول المصلين؛ بركبتيهم إلى السجود؟ (1) ج: هذا هو السنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يهوي إلى سجوده على ركبتيه، ويقول: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير (2)» والبعير يبرك على يديه، يقدم يديه، فالسنة لمن عنده قوة أن ينزل على ركبتيه، وتكون يداه بعد ذلك، ثم وجهه، هذه السنة؛ الركبتان ثم اليدان ثم الوجه، هكذا   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (388). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 290 إذا كان يقوى على ذلك، وهذا هو الأفضل، فإن أصابه ما يمنع من ذلك من كبر سن أو مرض سجد على يديه، والحمد لله. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 291 س: يسأل السائل ويقول: في الصلاة البعض من الناس يضعون الأيدي في السجود، والبعض تسبق الركبة أو الركبتان قبل اليدين، ما هي الطريقة الصحيحة للسجود؟ (1) ج: إذا كان قادرا فالأفضل أن يقدم ركبتيه ثم يديه، ثم جبهته وأنفه، هذا السنة، وعند الرفع يرفع رأسه، ثم يديه، ثم ركبتيه، هذا إذا كان قادرا، أما إذا كان عاجزا فلا بأس أن يقدم يديه، والحمد لله.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (419). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 291 131 - بيات وقت تكبيرة السجود في الصلاة س: متى تكون تكبيرة السجود؟ هل عندما يكون قد سجد في الأرض، أم عندما يكون هاويا إلى السجود؟ (1) ج: التكبير للسجود يكبر حال هويه إلى الأرض، يقول: الله أكبر. حين يشرع في الهوي، ويقطعها قبل أن يسجد في الأرض، وعند الرفع كذلك   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (152). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 291 إذا رفع يكبر حين رفعه، وينتهي قبل استتمامه قائما، وهكذا إذا كان جالسا، إذا رفع من السجدة الأولى كبر إذا رفع من السجدة الأولى قبل أن يستتم جالسا، هكذا المشروع، يكبر حين الرفع وحين النزول للسجود. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 292 س: الأخت: ف. ف. من أبها، تقول: في الصلاة عندما أرفع من الركوع وأريد السجود متى أكبر؟ هل عندما أنحني، أم عندما أضع ركبتي على الأرض؟ (1) ج: عند الانحناء تكبر قبل أن تصل إلى الأرض، تكبرين إذا انحنيت قبل الوصول إلى الأرض.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (435). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 292 132 - حكم مد التكبير في الصلاة س: تقول السائلة: أرى النووي يقول في تفسيره ما معناه: إنه يستحب مد التكبيرة في الصلاة عند الانتقال من ركن إلى ركن؛ حتى لا يخلو جزء من صلاته من الذكر. فما الحكم فيمن يستمر في التكبير عند الانتقال بدون أن يمد، فيأتي بثلاث تكبيرات، أو أربع بين الركنين؟ (1)   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (191). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 292 ج: أمور الدين يتلقاها العلماء والمسلمون عن الأدلة من الكتاب والسنة، لا من قول فلان وفلان إلا إذا وافق قوله كتابا أو سنة، فالسنة في التكبير عدم التمطيط، بل يكبر عند انتقاله كما يكبر أول الإحرام بدون تمطيط، يأتي بتكبير معتدل: الله أكبر. عند الإحرام، عند الركوع، عند السجود، عند الرفع من السجود، أما التمطيط فلا، وغير مشروع كونه يقول: الله أكبر. يمدها بقدر انحطاطه، لا، ليس هذا مشروعا، ولكن التكبير جزم، والسلام جزم، فيقول: الله أكبر. مدة معتدلة طبيعية ليس فيها تكلف، وهكذا: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. وهكذا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. لا يمدها، بل جزم، وهكذا: الله أكبر. ولا يكرر تكبيرة واحدة للإحرام، الموسوسون يكررون التكبير، هذه وسوسة لا تجوز، ولكن يكبر واحدة عند الإحرام: الله أكبر. وعند الركوع واحدة، وعند السجود واحدة، وعند الرفع من السجود واحدة، وعند السجود الثاني واحدة، وعند الرفع منه واحدة، هذا ما شرعه الله، هذا هو المشروع، لكن مدا طبيعيا ليس فيه تكلف، هذا هو المشروع عند الرجل والمرأة جميعا للإمام والمنفرد والمأموم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 293 133 - السنة في وضع الرجلين عند السجود س: يقول السائل: كيف يكون وضع الرجلين عند السجود؟ هل هي مضمومة أم متفرقة؟ (1) ج: مفرقة، السنة أن يفرقهما كما يفرق يديه إذا سجد، وهكذا يفرق رجليه إذا سجد، أما ما يروى أنه صلى الله عليه وسلم: «أنه كان ساجدا راصا عقبيه مستقبلا بأطراف أصابعه القبلة (2)» فهذا فيه نظر، الظاهر أنه شاذ ومخالف للأحاديث الصحيحة، رواه الحاكم وجماعة، والمحفوظ أنه صلى الله عليه وسلم كان يقيم قدميه، كل واحدة منفردة عن الأخرى.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط (387). (2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ضم العقبين في السجود، برقم (2552)، والحاكم في المستدرك (1/ 352)، حديث رقم (832)، وابن حبان في صحيحه (5/ 260)، في كتاب الصلاة، باب ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبيد الله بن عمر، برقم (1933). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 294 134 - حكم مجافاة المرفقين بشدة في السجود س: السائل ع. ع يسأل ويقول: من الأشياء التي يلاحظها على بعض المصلين أمور، منها مثلا: مجافاة المرفقين بشدة، الامتداد الجزء: 8 ¦ الصفحة: 294 الفاحش حال السجود، الجلسة الخفيفة قبل القيام للركعة الثانية، وهل هي لازمة؟ أيضا يلاحظ أن هناك من يبالغ في الالتفات إلى الوراء عند التسليم، والتورك للمأموم في الصف المزدحم، والتماوت في الصلاة، ووضع الكف على الكف لا على الرسغ في القيام، يرجو التوجيه على هذه الأمور (1) ج: السنة للمؤمن أن يلاحظ عدم الأذى، فلا يؤذي جيرانه بمرافقه، بل يتباعد بعض الشيء حتى لا يؤذي أحدا، وإن كان مشروعا له المجافاة بين عضديه وجنبيه، لكن لا يضايق إخوانه إذا كان الصف فيه ضيق وحال السجود، فليفرج حسب الطاقة من غير أذى، كل واحد يلاحظ عدم الأذى، يفرج مهما أمكن من غير حاجة للإيذاء، وإذا لم يستطع فلا يؤذ جيرانه، ولو ضم عضديه إلى جنبيه إذا لم يستطع فإنه لا يؤذيهم، ولا يشق عليهم، بل يرفق بهم، فالمؤمن أخو المؤمن، والله يقول سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (2) فالمسلم لا يؤذي أخاه ولا   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (106). (2) سورة الأحزاب الآية 58 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 295 يضره، وهكذا الامتداد حال السجود غير مشروع، السنة أن يعتدل في السجود ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويكون معتدلا، ويرفع ذراعيه عن الأرض، ويعتمد على كفيه في السجود، فيكون معتدلا اعتدالا كاملا لا شبه المنبطح، يمد نفسه كالمنبطح، بل يعتدل ويقيم ظهره وبدنه إقامة تامة، حتى يكون معتمدا على كفيه رافعا بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه حال السجود، هكذا ينبغي للمؤمن، ولا يكون متماوتا في الصلاة، بل يكون عنده العناية التامة بالصلاة، والخضوع فيها، والإقبال على الله عز وجل، حتى تكون صلاته صلاة خشوع، وإقبال على الله، وطمأنينة كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم. وكذلك لا يبالغ المبالغة الزائدة، السنة كان النبي إذا التفت في السلام حتى يرى بياض خده - عليه الصلاة والسلام – يمينا وشمالا، فلا يلتفت أكثر من هذا، يلتفت هكذا وهكذا، حتى يرى خده، لا بأس، يراه من وراءه لا حرج كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فالإمام يلتفت إلى المأمومين، والمأموم يلتفت عن يمينه وعن شماله، إلى من عن يمينه وعن شماله، حتى يرى من عن يمينه ومن عن شماله خده إذا التفت، أما الجلسة فهذه سنة مستحبة، ويقال لها: جلسة الاستراحة. وليست واجبة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 296 من فعلها فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعلها في صلاته صلى الله عليه وسلم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنها غير مستحبة، وأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم محمول على أنه كان بعدما كبر سنه وثقل، والصواب أنها مستحبة مطلقة، هذا هو الصواب؛ لأنها ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فدل ذلك على استحبابها بعد الأولى والثالثة في الرباعية، بعد الأولى في جميع الصلوات، وبعد الثالثة في الرباعية، جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين، وهكذا السنة أن يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، إذا كان واقفا يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى وعلى الرسغ والساعد، تكون اليد بعض الكف على الكف، وبعضه على الرسغ، وبعض الأصابع على الساعد، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما ثبت هذا في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 297 135 - حكم التورك في الصف المزدحم س: ماذا عن التورك للمأموم في الصف المزدحم؟ (1)   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (106). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 297 ج: إذا دعت الحاجة إلى التضام وعدم التورك لا يتورك، التورك سنة مستحب في التشهد الأخير، فإذا كان يؤذي به إخوانه فلا يتورك، يجلس على رجله اليسرى كجلوسه بين السجدتين وهو التشهد الأول؛ لأن إيذاء إخوانه محرم، فلا يستبيح المحرم بالمستحب، يترك المستحب حتى يتوقى المحرم، فإيذاء إخوانه والتعدي عليهم أمر لا يجوز، فإذا كانت مضايقة في الصف فإنه لا يتورك، بل يجلس على رجله اليسرى، كحاله بين السجدتين، إذا استطاع ذلك، أما إذا كان مريضا أو عاجزا، لا يستطيع فليعمل ما يستطيع، ويتوقى الإيذاء مهما استطاع. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 298 س: يلاحظ على البعض التقصير الفاحش للثياب (1) ج: السنة النصف، نصف الساق إلى الكعب، هذا السنة، إزرة المؤمن إلى نصف الساق، وإن نزل إلى الكعب فلا بأس.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (106). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 298 136 - بيان كيفية وضع أصابع الرجلين في السجود س: يسأل المستمع ويقول: في حديث معناه: بأنه عند السجود كان يفتح بين أصابع رجليه، ما معنى الفتح وكيفيته، وكذلك عند الجزء: 8 ¦ الصفحة: 298 التشهد الأخير؟ (1) ج: يعتمد على بطون أصابع رجليه مفتوحة على أصابع رجليه حين السجود، ويعتمد على كفيه حين السجود كذلك، الأصابع في الكفين مضمومة ويتلاصق بعضها ببعض مادا لها، أما الرجلان فيعتمد على بطون أصابعها وهو موقف لها، ويعتمد على بطون الأصابع.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (427). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 299 137 - حكم إلصاق القدمين عند السجود س: السائل: س. س. سع. يمني مقيم بالمملكة، هل يستحب إلصاق القدمين عند السجود؟ وإذا كان مستحبا فما هو الدليل؟ (1) ج: جاء في بعض الأحاديث «أن عائشة رضي الله عنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في الليل، قد ألصق عقبيه أحدهما بالآخر (2)» فهذا يدل على جواز مثل هذا، ولكن ظاهر السنة التفريق بينهما؛ لأنه صلى الله عليه وسلم شرع للأمة أن يجافي الرجل عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، فيظهر من هذا التوجيه   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (275). (2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ضم العقبين في السجود، برقم (2552)، والحاكم في المستدرك (1/ 352)، حديث رقم (832)، وابن حبان في صحيحه (5/ 260)، في كتاب الصلاة، باب ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبيد الله بن عمر، برقم (1933). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 299 الشرعي أن القدمين كذلك، أنهما يفرقان كما شرع النبي صلى الله عليه وسلم تفريق العضدين عن الجنبين، والبطن عن الفخذين، فالأفضل تفريقهما كل واحد على حدة، ولو ألصقها العقب بالعقب في بعض الأحيان فالأمر في هذا واسع إن شاء الله. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 300 138 - حكم السجود على الأعضاء السبعة س: هذه سائلة من الرياض، تقول: نعلم وجوب السجود على الأعضاء السبعة، ولكنني يا سماحة الشيخ أحيانا لا أنتبه بعدم سجودي على الأعضاء السبعة كاملة؛ لوجود حائل لم أزله إلا بعد الانتهاء من السجود، فهل علي شيء من ذلك؟ (1) ج: الواجب السجود على الأعضاء السبعة، لا يصح السجود إلا بذلك، فإذا كان السجود على فراش، أو على بساط، أو على غير ذلك فلا بأس، ما يضر، ليس بلازم أن يباشر الأرض، فإذا سجد على مطرحة أو على زولية، أو على بساط، أو على غيرها لا بأس، أما إذا رفع أحد الأعضاء؛ سجد على ستة أو خمسة، ولم يضع يده على الأرض أو يديه أو وجهه ما يصح السجود، لا بد أن يضع وجهه على   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (406). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 300 الأرض، سواء الأرض عليها بساط أو ما عليها بساط، على الأرض جبهته وأنفه وكفيه على الأرض، وقدميه وركبتيه، هذه السبعة، فإذا رفع يده، أو وجهه ولم يسجد ما يسمى ساجدا حتى يضع وجهه على الأرض، ويديه على الأرض، وركبتيه على الأرض، وقدميه على الأرض على بطون أصابعه، هذا هو السجود الشرعي، فلو سجد في الهواء وهو قادر على الأرض، ما هو بمريض ما يصح السجود. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 301 س: السائل: إ. ح. من الرياض، يقول: ما هي الأعضاء السبعة التي أمر الإنسان بالسجود عليها؟ ومن لم يسجد عليها أو بعضها، هل فيه حرج (1)؟ ج: فسرها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة – وأشار إلى جبهته وأنفه – واليدين والركبتين، وأطراف القدمين (2)» هذه السبعة: جبهته وأنفه هذا واحد، كفيه هذه ثلاثة، ركبتيه هذه خمسة، قدميه هذه سبعة. أما إذا نقص واحد فما صحت صلاته، إذا تعمد عدم السجود عليه ما صحت صلاته، أما إذا   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (398). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب السجود على الأنف، برقم (812)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب /1 L1582 L1536 أعضاء السجود /1 والنهي عن كف الشعر، برقم (490). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 301 نسي بأن سها ولم يسجد على بعض الأعضاء، ثم تذكر في الحال يسجد، يكمل سجوده، وإن كان ما تذكر إلا بعد ما قام للركعة الثانية تبطل الركعة التي تركه منها، وتقوم الأخرى مقامها، ويأتي بركعة بدلها قبل أن يسلم إذا كان ساهيا، وهكذا لو سجد على يد دون يد، أو رجل دون رجل. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 302 139 - حكم من يصلي وهو واضع العمامة على جبهته س: سماحة الشيخ، ما حكم من يصلي وهو واضع العمامة على الجبهة، حتى تصل إلى حاجب العين، أي أنه مغط موضع السجود (1)؟ ج: الصلاة صحيحة، لكن الأفضل أن يرفع العمامة؛ لتسفر عن المصلى، ولو سجد على عمامته أو على طرف بشته لا بأس، لكن الأفضل أن تكون جبهته على المصلى، هذا هو الأفضل.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (430). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 302 س: سؤال السائل م. ع. يقول: هل يجب على المصلي أن يكشف عن جبينه عند السجود في الصلاة، مثلا: الطاقية، أو الغترة، أو العمامة، أو ما يلزمه ذلك (1)؟   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (374). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 302 ج: الكشف أفضل، وإلا لا يلزمه ذلك، لو سجد على الطاقية أو العمامة أو على غيرها لا بأس، ولكن كونه يجرها، حتى تباشر جبهته المصلى يكون هذا أفضل، وأولاها أن يباشر جبهته وأنفه المصلى. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 303 140 - حكم السجود على القماش الملون س: سمعت من بعض الناس: بأنه لا يجوز السجود على القماش الأسود، هل هذا صحيح (1)؟ ج: ليس بصحيح، يجوز السجود على القماش الأسود والأحمر والأصفر، لكن ليس فيه نقوش، الأحسن ألا يكون فيه نقوش تشغل المصلين، إذا كان فيه نقوش تركه أولى، سواء أصفر أو أحمر أو الأسود أو غيره، أما إذا كان سادة فهو الأفضل، سواء أسود أو أحمر أو أخضر أو غير ذلك.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (369). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 303 141 - حكم ارتداء القفازات أثناء الصلاة س: الأخ: ع. ع. من الأردن، يقول: خلال أيام الشتاء أشعر بالبرد الشديد في يدي، هل يجوز لي أن أرتدي قفازات من الصوف الجزء: 8 ¦ الصفحة: 303 في يدي وأنا أصلي بهما؟ هل هذا ينافي السجود على السبعة أعضاء، ومنها اليدان (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، ولو جعلت القفازين مثل ما تجعل في رجليك الخفين لا حرج، الحمد لله، إذا جعلت القفازين في يديك للدفء، أو جعلتها في غترتك أو شماغك أو غيرها، أو في بشتك وسجدت عليه فلا بأس، الأمر واسع، كان الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - إذا اشتد عليهم حر الأرض سجدوا على ثيابهم.   (1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (421). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 304 142 - حكم صلاة من يسجد على أنفه ولا يمكن جبهته س: ما حكم من يصلي على أنفه ولم يمكن جبهته؟ هل تبطل الصلاة (1)؟ ج: نعم، ما تصح الصلاة، لا يصح السجود إذا تعمد ذلك، يكون السجود باطلا، أما إن كان ناسيا يعيد السجدة، إن كان لا زال في السجدة، وإن كان قد قام وقرأ تبطل الركعة، ويأتي بركعة بدلا منها؛ لأن هذه الركعة بطلت ببطلان السجود، لا بد أن يسجد على الجبهة والأنف جميعا، أما إذا تنبه في الحال فإنه يعيد السجود في الحال قبل أن يقوم.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (302). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 304 143 - مسألة في علامات تظهر على الجبهة من أثر السجود س: السائل: ح. م. ح. من الرياض، هل هناك علامة تظهر في جبهة الفرد تسمى علامة الصلاة (1)؟ ج: قد تقع لبعض الناس، قد يبين على جبهته بعض الشيء من أثر سجوده، قد يقع هذا، يقول سبحانه وتعالى في صفة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في سورة (الفتح): {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} (2) الآية.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (394). (2) سورة الفتح الآية 29 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 305 144 - حكم تغيير موضع السجود أثناء الصلاة س: هل تغيير موضع السجود في الصلاة يؤثر عليها (1)؟ ج: لا نعلم في هذا شيئا، إذا سجد وتقدم أو تأخر قليلا عن موضع السجود لا يضر، المقصود أنه يتحرى السجود في المحل الذي لا   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (188). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 305 يؤذيه، فإن كان فيه شيء أزاله مسحة واحدة بيده، المقصود أن كونه يتقدم قليلا أو يتأخر في السجود ويتحرى ما يناسب جبهته وأنفه لا يضره، لكن يكون معتدلا في السجود، بعض الناس يضر نفسه ويمد نفسه، هذا غير مشروع، إنما يعتدل ويعتمد على كفيه، ويرفع ذراعيه ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، وهو معتدل في السجود، فإذا قدم جبهته قليلا أو أخرها قليلا يتحرى المحل الذي يريحه هذا ما يضر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 306 145 - حكم الدعاء أثناء السجود س: ما هي مشروعية الدعاء في السجود (1)؟ ج: سنة، الدعاء في السجود أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (2)» وهذا حديث صحيح يدل على شرعية الدعاء في السجود، وفي حديث ابن عباس عند مسلم في الصحيح، يقول صلى الله عليه   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (218). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 306 وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1)» هذان الحديثان الصحيحان يدلان على شرعية الدعاء في السجود، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في سجوده، ويقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2)» فقد ثبت هذا من قوله وفعله عليه الصلاة والسلام، فيشرع للمؤمن أن يدعو في السجود في الفرض والنفل جميعا؛ لأن الرسول أمر بهذا، وفعله عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (2) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 307 س: تقول السائلة: أريد أن أعرف دعاء السجود الخاص بالسجود، وهل هناك دعاء للركوع (1)؟ ج: السجود يدعو فيه المؤمن بما يسر الله له من الدعوات الطيبة، ولو لم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2)» ثبت أنه كان يدعو بهذا في السجود، عليه الصلاة والسلام،   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (293). (2) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 307 وإن دعا بغير هذا في السجود، مثل: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (1)» و: «يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك (2)» اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كان والداه مسلمين – ولجميع المسلمين، اللهم أصلح قلبي وعملي. وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة، ويستحب أن يقول في الركوع والسجود: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. هذا تعظيم معه دعاء يقال في الركوع والسجود، ولكن الركوع لا يدعى فيه إلا بهذا فقط، ويكون محل تعظيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (3)» يعني: حري أن يستجاب لكم، لكن إذا قال في الركوع: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (4)» فهذا مشروع، كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الدعوة تابعة للتعظيم، فلا حرج فيها.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (3834). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (9420). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 308 س: السائلة: أم. خ. من الباحة، تقول: في أثناء السجود وبعد التسبيح أدعو بأدعية عارضة، أي من الحياة: مثل أن أدعو بالمغفرة لي ولوالدي، أو أن يحفظ لي أولادي، وهكذا، فهل هذا يبطل الصلاة؛ لأنه كلام خارج عن أصل الصلاة (1)؟ ج: كله طيب، الدعاء في السجود، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2)» يعني: فحري أن يستجاب لكم، وقال عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (3)» وهذا يعم دعاء الدنيا ودعاء الآخرة، وكان يقول في سجوده عليه الصلاة والسلام: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (4)» ويقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (5)» فإذا دعا الإنسان في السجود فيما يتعلق بالآخرة   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (408). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (4) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) (5) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 309 والدنيا فلا بأس: اللهم اغفر لي وارحمني، اللهم أصلح ذريتي، اللهم أصلح زوجي، اللهم اغفر لوالدي، اللهم ارزقني رزقا حلالا .. إلى غير هذا، هذا كله طيب في السجود. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 310 146 - حكم إطالة السجود في الصلاة س: هل يصح إطالة السجود في الصلاة المفروضة وغيرها؛ ليتسنى لنا الدعاء (1)؟ ج: لا بأس، لكن إذا كان إماما لا يشق على الناس، يكون طول فيه مراعاة عدم المشقة، يتحرى فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده من التسبيح: سبحان ربي الأعلى .. مرات، والدعاء ما تيسر من غير إطالة تشق على الناس، أما إذا كان يصلي وحده فالأمر فيه واسع.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (354). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 310 147 - حكم تحريك الرأس أثناء السجود س: الأخ: ش. م. من بغداد، يسأل ويقول: في الصلاة وأثناء السجود مما يدعو إلى إطالة السجود، نقوم بعض الأحيان برفع الرأس أو تحريكه يمينا وشمالا عن موضع السجود، للاستراحة ونحو الجزء: 8 ¦ الصفحة: 310 ذلك من الأسباب، فهل يعتبر ذلك نهاية لتلك السجدة، ولا يجوز بعدها الاستمرار بالسجود؟ أم كيف توجهون الناس (1)؟ ج: هذا العمل مكروه، لا ينبغي؛ لأن هذا عبث، ولكن يسجد طاقته، ولا يطول تطويلا يلجئه إلى هذا العمل، يسجد، يأتي بالتسبيح ثلاث مرات أو خمس مرات، يدعو بما تيسر ثم يرفع، لا يكلف نفسه، وإذا كان إمام كذلك لا يشق على الناس، أما أنه يرفع رأسه ويومئ به هذا مكروه، وهو من العبث الذي لا ينبغي، وإذا كثر قد يبطل الصلاة، إذا كثر وتوالى، لكن بكل حال هو مكروه، ولا ينبغي والسجود باق، فإذا رفع رأسه قليلا ثم وضعه هذا من كمال السجود، لا يبطل السجود، لكن لا ينبغي هذا العمل، بل يسجد ما يسر الله له، ثم يرفع رفعا تاما، ويأتي بالسجدة الثانية.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (182). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 311 148 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود س: الأخت: ع. س. من الرياض، تسأل وتقول: هل يجوز أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (280). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 311 ج: نعم، يصلي عليه، هذا دعاء، الصلاة على النبي دعاء، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1)» رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2)» يعني: فحري أن يستجاب لكم، رواه مسلم في صحيحه. وكان النبي يدعو في سجوده عليه الصلاة والسلام، ويلح في الدعاء، فإذا حمدت الله في سجودك، وصليت على النبي صلى الله عليه وسلم فهذا من أسباب الإجابة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. هذا ثناء على الله: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. هذا دعاء في السجود وفي الركوع جميعا، ويختص السجود: بـ (سبحان ربي الأعلى)، والركوع يختص بـ (سبحان ربي العظيم). أما (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) هذا في السجود والركوع جميعا، هكذا: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، هذا يقال في السجود والركوع جميعا، وإذا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 312 صليت على النبي بعد ذلك في السجود قلت: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1)» ثم دعوت الله بعد ذلك، هذا من أسباب الإجابة، دعوت للنبي صلى الله عليه وسلم هذا قربة منك، تتقرب بها إلى الله وإحسان لنبيك عليه الصلاة والسلام، تدعو له: تسأل الله أن يثني عليه ويرحمه، وهكذا لو قلت: اللهم صل وسلم على رسول الله. باختصار كفى، وإن كملتها كما جاءت في الأحاديث الصحيحة فهو أفضل وأكمل، ثم تدعو بما تشاء: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في السجود، كان يدعو بهذا الدعاء عليه الصلاة والسلام، وإذا دعوت بغير هذا: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم أصلح قلبي وعملي، وارزقني الفقه في دينك، رب زدني علما، اللهم اجعلني من الهداة المهتدين، اللهم   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (2) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 313 اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. وما أشبه ذلك، تدعو ربك، تسأل ربك: اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعلني مباركا أينما كنت، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح ولاة المسلمين، اللهم وفقهم لما يرضيك. إلى غير هذا من الدعوات الطيبة في سجودك، كل هذا مشروع وحري بالإجابة، ولا سيما إذا كان معه التسبيح والتحميد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تدعو. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 314 س: السائل: خ. س. مصري، يسأل ويقول: سماحة الشيخ، هل تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود أو في الصلاة (1)؟ ج: نعم، إذا صلى على النبي في السجود قبل الدعاء مستحب، يحمد الله ويصلي على النبي، ويدعو في السجود وفي آخر الصلاة قبل أن يسلم، وفي دعواته الأخرى خارج الصلاة، يحمد الله ويصلي على النبي ويدعو، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث فضالة بن عبيد: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما يشاء (2)» هذا هو السنة، أن يبدأ بالحمد   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (401). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن رسول الله برقم (3477)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 314 والثناء، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ولو في السجود أو في آخر الصلاة، أو في وقت آخر في غير الصلاة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 315 س: يسأل المستمع ويقول: أقول في سجودي أحيانا الصلاة الإبراهيمية المعروفة بالكامل في صلاة النفل، فهل يجوز ذلك مع الدعاء (1)؟ ج: هذا من أسباب الإجابة، يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي ولو في السجود، ولو في آخر الصلاة، يثني على الله ويصلي على النبي ثم يدعو؛ لأن هذا من أسباب الإجابة، كما أن في التحيات يقرأ التحيات، ثم يصلي على النبي ثم يدعو؛ لأن التحيات ثناء على الله، ثم بعدها الصلاة على النبي ثم يدعو، فإذا أحب أن يدعو في السجود مثل ما في التهجد بالليل، يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو؛ لأن هذا من أسباب الإجابة.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (392). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 315 س: يقول: هل يجوز أن أضيف هذا الدعاء: اللهم آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة. وذلك في الصلاة الإبراهيمية (1)؟   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (392). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 315 ج: لا، المشروع الصلاة الإبراهيمية التي بينها النبي لأصحابه، لما سألوه: كيف نصلي عليك، فقال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1)» وجاءت بألفاظ أخرى، وكل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا يفعل بعد قراءة الشهادتين. اللهم آت محمدا الوسيلة، تقال بعد الأذان.   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 316 149 - حكم الثناء على الله والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في السجود س: مجموعة من الإخوة يسألون هذا السؤال: هل الدعاء في السجود لا بد أن يبدأ فيه بالحمد والثناء على المصطفى وينتهي بذلك، أم أن ذلك يكون فقط في الدعاء في غير الصلاة (1)؟ ج: الدعاء مشروع في جميع العبادات حتى في السجود؛ لأن الحديث عام، السنة في السجود أن يدعو ربه، ويجتهد في الدعاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد،   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (386). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 316 فأكثروا الدعاء (1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي علي (2)» هذا عام حتى في السجود، يقال: اللهم لك الحمد، الحمد لله على كل حال، اللهم صل على محمد، ثم يدعو: سبحان ربي الأعلى، اللهم اغفر لي، اللهم أصلح قلبي، اللهم أنجني من النار، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. يدعو بما يسر الله له.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (2) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن رسول الله برقم (3477)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 317 س: هل يشترط لدعاء السجود في صلاة الفريضة أن يبدأ بالحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (1)؟ ج: لا، ليس بشرط، يدعو بما تيسر، وإن حمد الله وصلى على النبي كله طيب، هذا من أسباب الإجابة، وإن دعا فقط، ولم يحمد الله ولم يصل على النبي، بل دعا وقال: سبحان ربي الأعلى، ودعا قائلا: اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني وارزقني وعافني، اللهم أدخلني الجنة وأنجني من النار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اغفر لي ولوالدي. كله طيب.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (434). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 317 150 - حكم قراءة الأدعية من القرآن في السجود س: تقول السائلة: سمعت بأنه لا تجوز قراءة القرآن أثناء السجود، فهل يجوز قراءة الأدعية الموجودة في القرآن، مثال: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (1) (2)؟ ج: الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، لكن إذا دعا الإنسان بالدعوات القرآنية، بغير قصد للقراءة فلا حرج، مثل الآية التي ذكرت السائلة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (3) ومثل قوله سبحانه: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (4)، لا حرج في ذلك بنية الدعاء.   (1) سورة البقرة الآية 201 (2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (293). (3) سورة البقرة الآية 201 (4) سورة آل عمران الآية 8 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 318 س: تقول السائلة: هناك بعض الأدعية التي ورد ذكرها بالقرآن الكريم، هل يجوز أن أدعو بها في الصلاة، وخصوصا في السجود (1)؟   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 318 ج: نعم، لا بأس أن تدعو بالدعاء الموجود في القرآن في الصلاة في السجود، وفي آخر التحيات مثل: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (1)، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (2)، يدعو الإنسان بقصد الدعاء ما هو القصد القراءة، يقصد الدعاء.   (1) سورة البقرة الآية 201 (2) سورة آل عمران الآية 8 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 319 س: هل صلاتي صحيحة عندما أدعو في السجود بدعاء من القرآن الكريم، كقوله تعالى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} (1) (2)؟ ج: لا حرج في دعاء القرآن، أي لا حرج أن تدعو بالدعوات التي في القرآن بنية الدعاء، لا بنية القراءة، مثل هذا الدعاء قوله تعالى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} (3)، ومثل   (1) سورة الفرقان الآية 74 (2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (321). (3) سورة الفرقان الآية 74 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 319 {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (1)، ومثل: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} (2) فلا بأس بنية الدعاء، لا بنية القراءة؛ لأن الرسول نهى عن القراءة في الركوع والسجود، فالرسول لا يقرأ في الركوع ولا في السجود، فعلى الإنسان ألا يقرأ القرآن في الركوع ولا في السجود، وإنما القراءة في حالة القيام، لكن إذا أتيت بالدعاء الموجود في القرآن بنية الدعاء، وقصد الدعاء فلا حرج في ذلك، والحمد لله.   (1) سورة البقرة الآية 201 (2) سورة آل عمران الآية 8 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 320 س: هل يجوز الدعاء من القرآن الكريم في سجود الصلاة فرضا كان أم نافلة (1)؟ ج: نعم، يجوز الدعاء بدعوات القرآن، إذا كان ذلك على سبيل الدعاء، لا على سبيل القراءة، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن القراءة في الركوع والسجود، لكن إذا دعا مثل: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (2) أو قال:   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (318). (2) سورة آل عمران الآية 8 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 320 {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (1) هذا لا بأس على سبيل الدعاء، لا على سبيل القراءة، فدعوات القرآن إذا قيلت في السجود أو في آخر التحيات على سبيل الدعاء والضراعة إلى الله، لا على سبيل القراءة لا حرج في ذلك.   (1) سورة البقرة الآية 201 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 321 151 - بيان الأقوال والأفعال الواجبة والمستحبة في الصلاة س: ما هي مقادير الأقوال والأفعال الواجبة والمستحبة في الصلاة (1)؟ ج: الواجب في السجود: سبحان ربي الأعلى. مرة، وفي الركوع: سبحان ربي العظيم. مرة، وإذا زاد فمستحب، ويكرر يأتي بقوله: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. هذا مستحب، وهكذا يقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. في الركوع والسجود، هذا مستحب، وكذا الدعاء في السجود مستحب، وهكذا بين السجدتين يقول: رب اغفر لي. وهذه مرة، وإذا كرر فهذا أفضل، وإذا زاد: «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (2)» كان أفضل   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (326). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 321 مع الطمأنينة في الجميع وعدم العجلة، وهكذا إذا رفع من الركوع إن كان إماما ومنفردا، يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: ربنا لك الحمد. كله جائر، هذا الواجب، وإن كان مأموما إذا رفع يقول: ربنا ولك الحمد. أو: ربنا لك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. كله حق، هذا الواجب، والزائد مستحب: حمدا كثيرا .. إلخ، مستحب، وهو الأفضل أن يكمل. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 322 152 - بيان المشروع فيما يقوله المصلي بين السجدتين س: تقول السائلة: هل يجوز أن نقول بين السجدتين: رب اغفر لي وارحمني وارزقني ووالدي، أم أن هذا غير وارد في الأحاديث؟ وما القول الصحيح (1)؟ ج: السنة للمصلي بين السجدتين أن يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ويكرر ذلك ثلاثا، ويشرع له أيضا أن يقول: «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (2)» وإن دعا مع سؤال   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (168). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 322 المغفرة غير ذلك فلا بأس، لكن لا بد من طلب المغفرة بين السجدتين، وذلك واجب عند جمع من أهل العلم، وأقل ذلك مرة واحدة، وإذا كرر ذلك: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ثلاثا، كان أفضل، وإذا زاد على ذلك قال: "اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني" كان أفضل أيضا، وإن دعا لنفسه ولوالديه: اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم ارحمني ووالدي والمسلمين. كل ذلك لا بأس به، كله دعاء، لكن مع العناية بـ (رب اغفر لي) مرة أو أكثر. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 323 س: ماذا يقول المسلم بين السجدتين في الصلاة، سواء كانت فرضا أم نفلا (1)؟ ج: يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني. يكثر من هذا: رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني. هكذا كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (427). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 323 153 - حكم الدعاء بين السجدتين للوالدين س: هل يجوز أن يدعو الإنسان بين السجدتين لوالديه ولوالدي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 323 والديه ولإخوانه وللمسلمين أيضا؟ وهل يجوز ذكر الأذكار الواردة بعد صلاة الفريضة في صلاة النافلة والسنن الراتبة (1)؟ ج: لا بأس بالدعاء بين السجدتين لوالديه أو غيرهما، ولكن الأفضل أن يكرر ما ورد به النص: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (2)» هكذا جاء في الدعاء بين السجدتين، وإذا دعا لوالديه مع ذلك: اللهم اغفر لي ولوالدي ولأقاربي والمسلمين. أو: اللهم اغفر لي وللمسلمين. فلا حرج؛ لأنه محل دعاء بين السجدتين محل دعاء، ولكن الأفضل الاشتغال بالشيء الوارد، ما أعلم عليه دليلا، الأذكار التي بعد الفرائض تختص بالفرائض مثل: أستغفر الله، ثلاثا، اللهم أنت السلام .. إلخ؛ لأن الأحاديث الصحيحة ليس فيها أن الرسول عليه السلام كان يقول هذا بعد النوافل، إنما ذكر الصحابة هذه الأذكار بعد الفرائض، ولم يذكروها بعد النوافل، والعبادة توقيفية، فالواجب على المسلم أن يقف مع النصوص، وألا يزيد عليها في العبادات، لكن إذا استغفر الله أو دعا أو   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (354). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 324 ذكر الله من غير تقيد بالأذكار الخاصة بعد الفرائض فلا حرج في ذلك. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 325 154 - حكم الدعاء في الصلاة جهرا س: الأخ: م. ع. ب. مقيم في رفحة، يسأل ويقول: ما حكم الأدعية في الصلاة جهرا (1)؟ ج: السنة السر بها في السجود وبين السجدتين وفي آخر الصلاة، لكن لو جهر قليلا يسمعه من حوله فلا بأس، فقد سمع حذيفة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بين السجدتين، وهو يقول: «رب اغفر لي (2)» وسمع بعض الصحابة دعاءه في آخر الصلاة، وفي السجود، فدل ذلك على جواز رفعه قليلا حتى يسمع، ولكن لا يرفع رفعا يؤذي من حوله، فالسنة الإسرار، لكن لو رفع قليلا، لا يؤذي من حوله فلا بأس بذلك إن شاء الله، إلا فيما شرع الله فيه الرفع كالقنوت؛ قنوت النوازل، وقنوت الوتر، فلا بأس بذلك.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (183) (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار، ومن حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22866)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم، (874)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ما يقول في قيامه ذلك برقم (1069)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (897) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 325 155 - صفة جلسة الاستراحة س: قرأت في كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: أنه يجلس جلسة استراحة بعد نهوضه من السجود وقبل القيام، فكيف تكون هذه الجلسة؟ لأنها - فيما أتصور – لو كانت شبيهة بجلوسه بين السجدتين لسبح المأمومون فيها، نرجو بسط القول فيها، أثابكم الله (1)؟ ج: هذه الجلسة تسمى عند الفقهاء جلسة الاستراحة، وهي جلسة خفيفة كان النبي يفعلها صلى الله عليه وسلم بعد الركعة الأولى، وقبل قيامه للثانية، وهكذا بعد الثالثة قبل قيامة للرابعة، فقد روى عنه مالك بن الحويرث في حديث البخاري، وروى عنه أيضا أبو حميد الساعدي، والحديثان صحيحان، وهما يدلان على أنها سنة، وقد جاء في حديث أبي حميد الساعدي: أنه يجلس مثل جلسته فيما بين السجدتين. هذا هو الأفضل فيها، وهي جلسة خفيفة ليس فيها ذكر، وليس فيها دعاء، وإذا كان ذلك معلوما عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الصحابة لا يسبحون فيها؛ لأنهم يعلمون أنه يفعل ذلك، فلا يقال: إنه لو كان يفعلها   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (39) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 326 مثل ما بين السجدتين لسبح بها ما دام أنه يفعل ذلك وهم يعلمون أنه يفعل ذلك، فهم لا ينبهون لعلمهم أن هذا شيء يفعله عليه الصلاة والسلام ويعتاده، والحاصل أنها سنة وليست واجبة، هذا هو الصحيح، وقال بعض أهل العلم: إنها سنة في حق العاجز كالمريض والشيخ الكبير والثقيل الذي به سمنة، ونحو ذلك. والأرجح أنها سنة مطلقة، وإذا تركها بعض الأحيان فلا بأس. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 327 س: هل جلسة الاستراحة يا سماحة الشيخ، حين الرفع من السجود الأخير إلى الركعة الثانية جائز، أو غير جائز (1)؟ ج: على الصحيح مستحب، جلوس قليل بعد الأولى في الثنائية والرباعية والثلاثية، وبعد الأولى والثالثة في الرباعية: الظهر والعصر والعشاء، جلسة خفيفة كجلسته ببين السجدتين، هذا هو الأفضل، وإن لم يجلس فلا حرج، وإذا تركها بعض الأحيان فلا حرج، جلسة خفيفة بعد الأولى، وبعد الثالثة قبل أن يقوم بعد السجدة الثانية في الركعة الثالثة وفي الركعة الأولى.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (416) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 327 س: هل هناك جلسة خفيفة في الصلاة بعد نهاية السجود الأخير في الركعة الأولى، وكذلك في الركعة الثالثة (1)؟ ج: نعم، تسمى جلسة الاستراحة، جلسة خفيفة ليس لها ذكر ولا دعاء مثل الجلوس بين السجدتين، ثم ينهض إلى الثانية وإلى الرابعة، لا بأس، وهي مستحبة من سنن الصلاة على الراجح من أقوال أهل العلم؛ أنها سنة يجلس قليلا مثل الجلوس بين السجدتين، ثم ينهض إلى الثانية، ثم ينهض في الثالثة إلى الرابعة، فالجلسة بين السجدتين معروفة، والجلوس للتشهد الأول معروف، والتشهد الأخير معروف، وهذه جلسة بعد الأولى وبعد الثالثة، بعض أهل العلم يرى أنها منسوخة، وبعض أهل العلم يراها خاصة بالمريض والشيخ الكبير العاجز المحتاج، وبعض أهل العلم يراها سنة مطلقة، وهو الصواب.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (32) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 328 س: الطمأنينة برهة بعد السجدة الثانية عند القيام إلى الركعة الثانية أو الرابعة، هل هي ضرورة من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (1)؟   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (94) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 328 ج: هذه جلسة تسمى جلسة الاستراحة بعد الأولى وبعد الثالثة، بعد الأولى في كل صلاة، وبعد الثالثة في الرباعية، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الأولى من السجدة الثانية في الأولى، ومن السجدة الثانية في الثالثة جلس قليلا كجلوسه بين السجدتين ثم نهض، هذا هو الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم، وربما ترك ذلك، فدل على أنها مستحبة وسنة وليست واجبة، وليس فها ذكر ولا دعاء، بل جلسة خفيفة ثم ينهض إلى الثانية وإلى الرابعة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 329 س: يسأل ويقول: أعتقد أنني سمعت في برنامج (نور على الدرب)، ولكن لا أتذكر جيدا: أن الجلوس بعد الركعة الأولى والثالثة يعتبر زيادة تستوجب سجودا بعديا، ورأيت صديقا لي قام بذلك فنبهته، وقلت: إن ذلك زيادة. لكنه أصر على أن ذلك وارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يجلس مطمئنا قبل الوقوف للركعة الثانية، ولكني لم أر دليلا قدمه لي، فأي الأمرين صحيح؟ وجزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (136). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 329 ج: هذه الجلسة يقال لها: جلسة الاستراحة, وهي جلسة خفيفة قليلة بعد الأولى في الصلوات الخمس، وبعد الثالثة في الرباعية، كان النبي يجلسها كجلسته بين السجدتين، ثبت ذلك في حديث مالك بن الحويرث عند البخاري، وثبت ذلك في السنن من حديث أبي حميد الساعدي، فهي مستحبة على الصحيح، وهي جلسة خفيفة بعد ما يرفع من السجدة الثانية في الركعة الأولى في جميع الصلوات، وفي الركعة الثالثة في الرباعية قبل أن ينهض إلى الرابعة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تختص بمن كان كبير السن، أو مريضا، أو ثقيلا يشق عليه النهوض، ولكن هذا ليس بالجيد، والصواب أنها سنة مطلقا؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الصواب، فإذا جلسها لتحري السنة فليس عليه سجود السهو، ولا تسمى زيادة مخالفة للشرع، بل هي زيادة شرعية. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 330 س: ما تقولون في الاستراحة القصيرة عند النهوض من أول السجدة عند أول ركعة، وثالث ركعة في الرباعية (1)؟ ج: هذه يقال لها: جلسة للاستراحة. واختلف العلماء فيها، فمنهم من قال: إنها تفعل عند الحاجة، كالمرض، أو كبر السن، ومنهم من قال:   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (305) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 330 إنها سنة، بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، سنة مطلقة. وهذا هو الأرجح: أنها مستحبة مطلقة، ومن تركها فلا حرج. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 331 156 - بيان وقت التكبير عند الرفع من السجدة الثانية لإمام يجلس الاستراحة س: متى يقول: الله أكبر، عند السجدة الأخيرة إن كان إماما؟ هل هو عندما يرفع رأسه من السجود، أو عندما يقوم من الاستراحة القصيرة إذا صحت عندكم؟ حيث إنه إذا كبر عندما يرفع رأسه ويقعد فسيقوم المأمومون على سماع صوته، أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الأقرب – والله أعلم – أنه يفعل ذلك عند قيامه من الجلسة، إذا قام من الجلسة كبر حتى يقوم الناس بعده، وحتى لا يسابقوه، يجلس قليلا ثم ينهض مكبرا.   (1) السؤال لواحد والعشرون من الشريط رقم (305) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 331 157 - وقت رفع اليدين عند القيام إلى الركعة الثالثة س: هذه رسالة وصلت من الجزائر، السائل لم يذكر الاسم في هذه الرسالة، ويقول: مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع الجزء: 8 ¦ الصفحة: 331 اليدين عند القيام من الركعتين في صلاة ثلاثية أو رباعية، ما الراجح يا سماحة الشيخ، من الأدلة في رفع اليدين قبل القيام، أم عندما يستوي المصلي قائما (1)؟ ج: السنة عند القيام يرفعها عند قيامه من التشهد الأول إلى الثالثة، عند قيامه يكون رافعا لها حيال منكبيه، أو حيال أذنيه حال الرفع، هذا هو السنة.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (357) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 332 158 - بيان أصح صيغ التشهد س: تسأل أختنا وتقول: قرأت صيغا مختلفة للتشهد، أيها أصح لو تكرمتم (1)؟ ج: أصحها ما ثبت في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم علم الصحابة أن يقولوا في التشهد في نهاية الصلاة: «التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (172) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 332 الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (1)» هذا هو أصح ما يقال في ذلك، ثم يشرع له بعد هذا أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (2)» ثم يشرع له التعوذ من أربع، يقول: «أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (3)» ثم يدعو بما أحب من خير الدنيا والآخرة، ويسأل الله خير الدنيا والآخرة، وإذا تشهد بأنواع أخرى مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس، كله طيب وكله مجزئ، ومنها حديث ابن عباس عند مسلم في الصحيح: «التحيات المباركات والصلوات الطيبات لله (4)» .. إلخ   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588). (4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (403) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 333 159 - بيان لمعاني كلمات التشهد س: نقرأ في كل جلوس في الصلاة: التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. لكنا نجهل كثيرا من معاني هذه الكلمات، نرجو أن تتفضلوا بإيضاحها لنا (1) ج: هذه الكلمات معناها واضح، فـ (التحيات) هي التعظيمات التي يعظم بها الرب جل وعلا، من أنواع الثناء من وصفه بأنه الخلاق الرزاق، وبوصفه أنه مستحق العبادة، وصفه أنه هو الذي يعلم الغيب، وصفه بكل ما هو من الصفات العظيمة، سبحانه وتعالى، فهي لله خاصة، ما كان من خصائص الله فهو لله، ووصف الله بأنه الإله الحق، وبأنه المعبود بالحق، وبأنه عالم الغيب، وبأنه الخلاق وبأنه الرزاق، وما أشبه ذلك، كل هذا من التحيات، وهكذا الثناء عليه بالحمد لله، وشبهه كل ذلك من التحيات، وسماها (مباركات) لما فيها من الخير العظيم، كما في حديث ابن عباس: «التحيات المباركات (2)» وليست موجودة   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (173). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (403) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 334 في حديث ابن مسعود، ولكنها في حديث ابن عباس، وهي ثابتة: المباركات. فإن جميع الثناء على الله بما هو أهله كله مبارك كله طيب، ولهذا قال: (والطيبات) كل ما يقربه إلى الله ويثني به عليه من صفاته العظيمة، ومن الأقوال المشروعة والأعمال المشروعة كله طيب، وكل قول مشروع، وكل عمل مشروع تقدمه لله، من صلاة وصوم وصدقات كله طيب؛ لما فيه من التقرب إلى الله، والثناء عليه والحرص على طلب مغفرته، ورحمته وإحسانه سبحانه، فأقوالنا المشروعة وأعمالنا المشروعة التي نتقرب بها إلى الله تسمى طيبة وتسمى طيبات، وهكذا (الصلوات) التي هي الخمس والنوافل والدعوات كلها طيبة داخلة في الصلوات، الصلوات تشمل الصلوات الخمس، وتشمل النوافل، وتشمل أنواع الدعاء، ويجب أن يكون لله وحده سبحانه وتعالى، لا يجوز أن يتقرب بشيء من الصلوات ولا بالدعاء إلى غير الله سبحانه وتعالى، فأقوالنا وأعمالنا المشروعة طيبات، وتحياتنا لله مباركات؛ لأنها مشروعة، لأنها ثناء على الله، واعتراف بأنه المستحق للعبادة، وبأنه أهل لكل ثناء، وبكل حمد ولكل حمد، ولهذا قيل لها: (المباركات). وقيل لها: (التحيات). والصلوات تشمل جميع ما شرع الله من الصلوات، من النافلة والفرض، ويدخل فيها الدعاء، فإنه يسمى صلاة، وطلبنا من الله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 335 أن يغفر لنا وأن يرحمنا، وأن ينجينا من النار كله صلاة، كل أنواع الدعاء التي نتوجه بها إلى الله كلها داخلة في الصلوات. أما: «السلام عليك أيها النبي (1)» معناه: أنك تطلب للنبي السلامة، السلام يعني السلامة لك أيها النبي، السلامة تنزل عليك من الله، وتحصل لك من الله أو بركة السلام؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، وهو معناه بركة السلام عليك أيها النبي، وما يحصل من الخير العظيم من رحمة وإحسان عليك أيها النبي، ومن معنى السلام المصدر السلامة، يعني: سلم سلاما وسلامة جميعا، فالسلامة لك أيها النبي من كل سوء، السلامة لك من النار، ومن كل وصف لا يليق، فهو مسلم - عليه الصلاة والسلام - من كل أخلاق ذميمة، ومن كل شر، والله وعده الخير كله، والمنزلة العظيمة عنده سبحانه وتعالى، فندعو له بالسلامة التي وعده الله بها ليعلم الناس أنه عبد من عباد الله، وليس إلها يعبد مع الله، بل الله ليس بحاجة إلى طلب السلامة من الناس، والنبي عبد من عباد الله يحتاج إلى طلب السلامة، فلهذا شرع الله لنا أن نسلم عليه، وأن نسأل الله له السلامة: «السلام عليك أيها النبي (2)»، ونقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد (3)»، نطلب الصلاة، ونطلب من الله أن يثني عليه، وأن يبين فضله ويعلي قدره، فهذه دعوات منا لنبينا عليه الصلاة   (1) صحيح البخاري التوحيد (7381)، صحيح مسلم الصلاة (402)، سنن الترمذي النكاح (1105)، سنن النسائي السهو (1298)، سنن أبي داود الصلاة (968)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (899)، مسند أحمد (1/ 464). (2) صحيح البخاري التوحيد (7381)، صحيح مسلم الصلاة (402)، سنن الترمذي النكاح (1105)، سنن النسائي السهو (1298)، سنن أبي داود الصلاة (968)، سنن ابن ماجه النكاح (1892)، إقامة الصلاة والسنة فيها (899)، مسند أحمد (1/ 464). (3) صحيح البخاري الدعوات (6357)، صحيح مسلم الصلاة (406)، سنن الترمذي الصلاة (483)، سنن النسائي السهو (1289)، سنن أبي داود الصلاة (976)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (904)، مسند أحمد (4/ 244)، سنن الدارمي الصلاة (1342). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 336 والسلام، تدل على أنه عبد من عباد الله، وأنه بشر، وأنه يحتاج إلى الدعاء، وأنه ليس بإله يعبد مع الله، وليس ممكن يطلب منه حاجات العباد، بل ذلك إلى الله سبحانه، «ورحمة الله وبركاته (1)» كذلك، تطلب له الرحمة والبركة من الله عز وجل، وهكذا «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (2)»، نطلب السلامة لنا ولعباد الله الصالحين من كل سوء، هذا معنى هذه الكلمات.   (1) صحيح البخاري التوحيد (7381)، صحيح مسلم الصلاة (402)، سنن الترمذي النكاح (1105)، سنن النسائي السهو (1298)، سنن أبي داود الصلاة (968)، سنن ابن ماجه النكاح (1892)، إقامة الصلاة والسنة فيها (899)، مسند أحمد (1/ 464). (2) صحيح البخاري التوحيد (7381)، صحيح مسلم الصلاة (402)، سنن الترمذي النكاح (1105)، سنن النسائي السهو (1298)، سنن أبي داود الصلاة (968)، سنن ابن ماجه النكاح (1892)، إقامة الصلاة والسنة فيها (899)، مسند أحمد (1/ 464). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 337 160 - حكم الإتيان بالصلاة على النبي مع التشهد الأول نسيانا س: السائلة تقول في سؤالها الأخير: إذا صليت صلاة العشاء وجلست للتشهد الأول، ونسيت وقرأت التشهدين، هل علي شيء (1)؟ ج: ليس عليك شيء، السنة إذا قرأت التشهد الأول أن تقومي إلى الثالثة بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، الأفضل أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قمت بعد قول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فلا بأس، وإن صليت على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قمت فلا بأس، أما الدعاء: أعوذ بالله من عذاب   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (368). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 337 جهنم ومن عذاب القبر، وبقية الأدعية فتكون في الأخير، لكن لو أتى بها الإنسان في الأول ناسيا فلا عليه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 338 161 - بيان أهمية التعليم س: يقول السائل: أنا لا أقرأ ولا أكتب، وكثيرا ما أخطأ في التحيات، اقرأها لي لعلي أحفظها، من هذا الجهاز، جزاكم الله خيرا (1) ج: الرسول صلى الله عليه وسلم علمها أصحابه، وهي: «التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (2)» هذا في التشهد الأول والثاني، التشهد الأول بعد الثانية، وفي الثالثة من المغرب، وفي الرابعة في الظهر والعصر والعشاء، ثم تقول بعدها في التشهد الأخير، الثالثة من المغرب، والرابعة من الظهر والعصر والعشاء، وفي صلاة الفجر والجمعة والعيدين والاستسقاء، تقول بعد هذا: «اللهم صل على محمد   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (293). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 338 وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (1)» وإذا فعلت هذا أيضا في التشهد الأول فهو مشروع مستحب، يعني التشهد الذي بعد الثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، إذا صليت على محمد كما ذكر فهو طيب مشروع؛ لعموم الأحاديث في ذلك، فإن الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله، أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ يعني في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (2) سألوه قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (3)»، هذه الصيغة هي أكمل الصيغ التي وردت   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370). (2) سورة الأحزاب الآية 56 (3) صحيح البخاري الدعوات (6357)، صحيح مسلم الصلاة (406)، سنن الترمذي الصلاة (483)، سنن النسائي السهو (1289)، سنن أبي داود الصلاة (976)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (904)، مسند أحمد (4/ 244)، سنن الدارمي الصلاة (1342). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 339 وأتمها، وقد وردت في ألفاظ أخرى أخصر من هذا، وكلها صحيحة، إذا أتى بواحد منها المؤمن، أو المؤمنة كفى، ومنها: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد (1)» هذه صيغة ثالثة: «اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (2)» صيغة رابعة: «اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (3)» إذا أتى المؤمن والمؤمنة   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (405). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء صلوات الله عليهم، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم (3369)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (407). (3) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (6358). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 340 بإحدى هذه الصفات الصحيحة كله طيب، وأكملها الأولى: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1)» في التشهد الأول والثاني، لكن في الثاني يتعين عند جمع من أهل العلم، فينبغي ألا تدعه وأن تحافظ عليه، ثم تقول بعد هذا كله في التشهد الأخير الذي بعده السلام، تقول بعد ذلك: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (2)» في آخر الصلاة قبل السلام، ويستحب الزيادة على هذا: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (3)»؛ لأن الرسول أوصى بذلك عليه الصلاة والسلام، دعاء آخر قبل السلام: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (4)» والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا بكر   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي في كتاب السهو نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 341 بهذا الدعاء، وأوصى معاذا بالدعاء الذي قبله: «اللهم أعني على ذكرك .. (1)» وهي وصية لجميع المسلمين، وصيته لواحد وصية لجميع المسلمين عليه الصلاة والسلام، وكلها سنة ليست واجبة.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي في كتاب السهو نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 342 س: امرأة تسأل عن سبب نزول التشهد في الصلاة، وهل الله تعالى كلم به رسوله عليه الصلاة والسلام (1)؟ ج: الرسول صلى الله عليه وسلم علم أمته التشهد في الصلاة، وهو لا ينطق عن الهوى، قال الله عز وجل: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (2) {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (3) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (4) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (5)، السنة كلها من وحي الله الذي أوحى به إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو يبلغ عنه أحكام الشرع، كما بلغ عنه القرآن الذي هو كلام الله، هكذا بلغ عنه السنة، منها أركان الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وغير ذلك، يبلغ عن الله أحكام دينه عليه الصلاة والسلام، فالتشهد من جملة ذلك، علم الأمة التشهد الأول والتشهد الأخير عليه الصلاة والسلام، وعلمهم ما   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (314) (2) سورة النجم الآية 1 (3) سورة النجم الآية 2 (4) سورة النجم الآية 3 (5) سورة النجم الآية 4 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 342 يقولون في التشهد الأخير من التعوذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر وعذاب النار ومن فتنة المسيح الدجال، وعلمهم دعوات كثيرة عليه الصلاة والسلام، ومنها أن يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (1)» وعلم الصديق أبا بكر رضي الله عنه حيث قال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم (2)» قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (3)» فالرسول صلى الله عليه وسلم يبلغ الناس ما أمره الله وما شرعه الله في الصلاة وغيرها في التشهد وغيره.   (1) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية، برقم (3850). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 343 162 - بيان لبعض صيغ التشهد س: تقول السائلة: ما قولكم فيمن يقول في التشهد: التحيات المباركات، والصلوات والطيبات لله. هل في هذا بدعة (1)؟ ج: هذا مشروع وليس فيه بدعة، هذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، النبي علمهم التشهد، أن يقولوا هكذا: «التحيات المباركات، والصلوات الطيبات لله (2)» هذا نوع من أنواع التشهد، والتشهد جاء على أنواع عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا نوع منها، والنوع الثاني ما جاء في حديث ابن مسعود: «التحيات لله، والصلوات والطيبات لله – ما فيها ذكر: المباركات – السلام عليك أيها النبي (3)» إلى آخره، فالأمر واسع والحمد لله.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (168). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (403) (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (403) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 344 س: هل يقول المصلي في أثناء التشهد: (السلام عليك أيها النبي)، أو يقول: (السلام على النبي) (1)؟   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (223). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 344 ج: كلاهما جائز، والأفضل أن يقول: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)؛ لأن هذا هو المحفوظ في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يعلم أصحابه، هكذا في حديث ابن مسعود، وفي حديث أبي مسعود الأنصاري وغيرهما، يعلمهم: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته (1)» وهكذا في حديث أبي موسى وغيرها، هذا هو الأفضل، فإن قال: «السلام على النبي ورحمة الله وبركاته (2)» صح، روي هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه، لكن الأول هو الذي ينبغي؛ لأنه هو الذي صدر من النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمه أصحابه، وهذا من باب الاستحضار؛ لأن دعاء النبي دعاء له، قد يتوهم بعض الناس أن هذا دعاء للنبي، وليس دعاء للنبي، إنما يدعو له، فهو يدعو له بالسلامة والرحمة والبركة، (السلام عليك أيها النبي)، يعني السلامة من الله لك، والرحمة من الله لك والبركة، وليس يطلب من الرسول السلامة، بل يدعو له بالسلامة، ويدعو له بالرحمة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3925)، ومالك في الموطأ في كتاب النداء للصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (205). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 345 والبركة، فقوله: (أيها النبي) ليس دعاء له، ليس معناه أنه يسأل النبي شيئا، بل معناه: أخصك أيها النبي بهذه الدعوة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 346 س: سائل يقول: عند الشهادتين نقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، لكني سمعت أناسا يقولون: يجب أن تقول: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، فأيهما الصحيح؟ أم الاثنتان صحيحتان؟ جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: الصواب أنه يقول: السلام عليك أيها النبي في التشهدين، هكذا جاءت الأحاديث الصحيحة من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للأمة، علم الصحابة هكذا، وروي عن بعض الصحابة أنهم كانوا يستعملون النوع الثاني: «السلام على النبي (2)» بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا جائز واجتهادات بعض الصحابة، وليس بلازم، لكن لو فعله الإنسان صح، لكنه كونه يأتي بالألفاظ التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم أمته، وهو يعلم أنه سيموت، ولم يقل لهم: إذا مت   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (282). (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3925)، ومالك في الموطأ في كتاب النداء للصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (205). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 346 غيروا. ويعلم أنهم يغيبون عن المدينة، ويقرؤون في الصلاة في بلاد بعيدة، ولم يقل لهم: إذا كنتم بعيدين غائبين، أو بعد موتى غيروا. فدل ذلك على أن هذا اللفظ باق: «السلام عليك أيها النبي (1)» في حياته وفي حضرته، وفي غيبته وبعد الموت، هذا هو الصواب، وهذا هو الذي ثبت في الأحاديث الصحيحة عن ابن مسعود، وعن غيره رضي الله عنه وعن الجميع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 347 س: يقول السائل: ع. إ. ع. من جنوب أفريقيا في سؤاله في التشهد: هل يقال: السلام على النبي، أم: السلام عليك أيها النبي؟ وجهونا في ذلك (1)؟ ج: الأفضل أن يقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. هذا هو الذي علمه النبي أصحابه، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعملون ذلك، ولم يقل لهم: إذا مت فقولوا: السلام على النبي. فدل ذلك على أنهم يقولون: السلام عليك أيها النبي. حيا وميتا، ومعنى: (عليك أيها النبي) من باب الاستحضار في الذهن والقلب،   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (374). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 347 (والسلام عليك أيها النبي)، ليس دعاء للمصلي، ولكنه دعاء للنبي، يدعو له بالسلام والرحمة والبركة، لا يطلب منه شيئا وإنما يدعو له بالسلامة والرحمة والبركة، ويقول: سلام الله عليك أيها النبي. يعني: أعطاك الله السلام، وأعطاك الله الرحمة، وأعطاك الله البركة، هذا هو الأفضل. وجاء عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يقول بعد النبي: «السلام على النبي (1)» والأفضل ما صحت به الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه كان يعلم أصحابه بأن يقولوا: «السلام عليك أيها النبي (2)» هذا هو الأفضل.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3925)، ومالك في الموطأ في كتاب النداء للصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (205). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 348 163 - حكم من دعا بعد التشهد الأول سهوا س: ماذا يجب على من دعا بعد التشهد الأول من الركعة الرباعية سهوا (1)؟ ج: إذا دعا ليس عليه شيء، إنما السنة أن يكون الدعاء في التشهد الأخير، فإذا دعا في التشهد الأول فليس عليه شيء.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (188). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 348 164 - حكم من يقرأ التشهد كاملا في التشهد الأول س: كنت في الماضي أقرأ التشهد كله في التشهد الأول، فهل ما كنت أفعله صحيح (1)؟ ج: لا حرج في ذلك من جهة الإثم، ولكن السنة أن تقف عند نهاية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء يبقى في التشهد الأخير. مخالف للسنة، بعد الفراغ من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تقوم إلى الثالثة، هذا هو المشروع، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من هذا قام، وكان يدعو في التشهد الأخير بالتعوذ بالله من عذاب جهنم إلى آخره، فأنت عليك أن تقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم، تذكر الدعاء في التشهد الأخير، أما التشهد الأول فينتهي عند الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، إذا فرغت من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تقوم إلى الثالثة، ولكن ما مضى لا حرج عليك؛ لأنك زدت دعواتك في غير محلها، فلا تضر الصلاة، ولكنك خالفت المشروع.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (298). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 349 165 - حكم البدء بقول: الحمد لله في التشهد س: هناك بعض الناس إذا بدأ قراءة التشهد يبدؤه بقوله: الحمد لله، هل ورد في هذا شيء (1)؟ ج: لا، ليس بمشروع، بل يبدؤها بقول: التحيات. هذا المشروع المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علمهم أن يقولوا: (التحيات لله) هذا أول التشهد.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (174). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 350 166 - حكم صلاة من لا يحفظ التشهد س: عندنا في بلدنا الكثير من الناس لا يحفظون التحيات؛ التشهد الأول، فهل تصح صلاتهم من غير التشهد علما بأنهم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون، أم يلزمنا أن نعلم من استطعنا منهم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يلزمهم التعلم لجميع ما يجب في صلاتهم، يتعلمون الفاتحة، يتعلمون التشهد، يتعلمون جميع ما يلزم في الصلاة، والواجب عليكم   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (322). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 350 أن تعلموهم وترشدوهم وتوجهوهم إلى الخير، حتى يفهموا ما أوجب الله عليهم في الصلاة، وهكذا في الزكاة، وهكذا في الحج إذا حجوا. المقصود أن الواجب على المؤمن أن يتفقه في صلاته، وأن يتعلم ما يجب عليه، وألا يتساهل في ذلك؛ لأن الله سبحانه خلقه للعبادة كما قال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1) وأمر بذلك، قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (2) وهذه العبادة يجب أن تعرفها أيها المؤمن، ويجب أن تعرفها المؤمنة، وهي طاعة لله ورسوله والاستقامة على دينه، هذه العبادة التي خلقنا لها أن نعبد الله وحده؛ بطاعة أوامره، وترك نواهيه، وأعظم ذلك توحيده، والإخلاص له، والشهادة بأنه لا معبود بحق إلا هو سبحانه وتعالى، والشهادة بأن محمدا عبد الله ورسوله، ثم الصلاة وبقية أمور الدين. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (3)» فمن علامات   (1) سورة الذاريات الآية 56 (2) سورة البقرة الآية 21 (3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين، برقم (7312)، وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم (1037) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 351 الخير أن الله يفقه العبد في دينه، ومن علامات سوء العاقبة ألا يتعلم وألا يتفقه، نسأل الله العافية. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 352 167 - حكم التورك في الصلاة الثنائية س: هل السنة في الصلاة الثنائية الافتراش أو التورك؟ (1) ج: السنة فيها الافتراش كالتشهد الأول، هذا هو الأفضل، والتورك يكون في التشهد الأخير من الرباعية والثلاثية في المغرب والعشاء والظهر والعصر، كما جاء ذلك صريحا في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، فالسنة للمؤمن في صلاته أن يفترش بين السجدتين في التشهد الأول، ويتورك في التشهد الأخير.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (157). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 352 س: يقول س. أ. في سؤاله: هل يجوز أن أتورك في الصلاة الثنائية، كصلاة الفجر والنوافل، أم أنها سنة في الصلاة الثلاثية والرباعية؟ (1) ج: التورك سنة في الرباعية والثلاثية، أما الثنائية؛ كالجمعة والفجر والنوافل السنة فيها الافتراش، هذا هو الأفضل.   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (387). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 352 168 - بيان السنة في الافتراش والتورك س: يقول السائل: من نسي التشهد الأوسط فهل يجلس في التشهد الأخير متوركا أم مفترشا؟ وكيف تصلى الأربع ركعات قبل الظهر؟ هل بسلام واحد أم بسلامين؟ (1) ج: السنة في التشهد الأول الافتراش، فإذا نسي التشهد الأول وقام سجد للسهو سجدتين، أما التورك فلا يكون إلا في التشهد الأخير، السنة أن يتورك في التشهد الأخير، وإن كان قد نسي التشهد الأول السنة التورك في التشهد الأخير، والتورك أن يجلس على مقعدته يخرج رجله اليسرى من جهة يمينه تحت رجله اليمنى، هذا هو التورك، والافتراش أن يجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى، وهذا مشروع في التشهد الأول وبين السجدتين لمن قدر عليه، أما في التشهد الأخير في المغرب والعشاء والظهر والعصر فيتورك، يجلس على مقعدته تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الواحد والخمسون من الشريط رقم (424). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 353 169 - حكم تحريك إصبع السبابة والإشارة بها في الصلاة س: السائل: س. أ. يقول: كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رفع إصبع السبابة وتحريكها في الصلاة؟ وجزاكم الله خيرا (1) ج: كان عليه الصلاة والسلام يشير بها من حين يجلس للتشهد، يشير بالسبابة غير قائمة محنية قليلا، كما روى النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، فهو يشير بها منذ أن يجلس إلى أن يسلم، وهي غير منتصبة كثيرا، بل محنية قليلا، ويحركها عند الدعاء عليه الصلاة والسلام، ويجعل نظره إليها وقت الجلوس، لا يتجاوز بصره سبابته عليه الصلاة والسلام، هذا هو السنة.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (387). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 354 س: الأخت: إ. س. س. من الدمام، تسأل وتقول: ما حكم التلويح بالإصبع في الصلاة، أي في قراءة التحيات؟ (1) ج: الإشارة بالإصبع في التحيات عند ذكر الله في جميع التحيات، يكون الشاهد مفتوحا منصوبا نصبا غير كامل، نصبا فيه انحناء إشارة إلى   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (116). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 354 التوحيد، فإذا جاء عند ذكر الدعاء مثل: اللهم صل على محمد، اللهم بارك على محمد. من بقية الدعاء يحركه قليلا، كما جاء في بعض الروايات، هذا كله من السنة، الإشارة من السنة، والتحريك عند الدعاء من السنة، لكن يكون تحريكا قليلا ليس فيه كثرة جمعا بين الروايات. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 355 س: ما حكم تحريك الإصبع في الصلاة، مع التفصيل في جميع الحالات الموجبة، أو المستحبة للتحريك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة إذا جلس للتشهد الأول والتشهد الأخير يقبض أصابعه، ويرفع السبابة فقط، يقبض أصابعه كلها ويحلق الإبهام مع الوسطى، فعل النبي هذا وهذا عليه الصلاة والسلام تارة وتارة، تارة يقبضها كلها ويشير بالسبابة إشارة للوحدانية، وتارة يحلق الإبهام مع الوسطى ويقبض الخنصر والبنصر ويشير بالسبابة، أما التحريك فيكون عند الدعاء في التشهد الأخير، عند الدعاء خاصة كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرك إصبعه عند الدعاء.   (1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم (338). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 355 س: هل رفع السبابة في التشهد سنة أم بدعة؟ وما الدليل على ذلك مأجورين؟ (1) ج: السنة الإشارة في التشهد كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، كان يشير بالسبابة في الأحاديث الصحيحة في التشهد الأول والأخير، يشير بها للوحدانية عليه الصلاة والسلام، ويقبض الأصابع كلها ويشير بالسبابة في التشهد الأول والأخير، ولا تزال منصوبة إلى سلامه من التشهد الأخير عليه الصلاة والسلام، وربما حلق الإبهام والوسطى وقبض الخنصر والبنصر، وأشار بالسبابة، تارة يقبض أصابعه كلها ويشير بالسبابة، وتارة يحلق الإبهام مع الوسطى ويقبض الخنصر والبنصر ويشير بالسبابة، هذا هو السنة إشارة للوحدانية، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، واليسرى على اليسرى حال جلوسه للتشهد، وربما وضع يديه على الركبتين، وكان بين السجدتين يضعهما على الركبتين، وربما وضعهما على الفخذين بين السجدتين، وفي التشهد يضع اليسرى على فخذه اليسرى أو على ركبته اليسرى، واليمنى على فخذه اليمنى، ويحلق إبهامه مع الوسطى ويشير بالسبابة، وربما قبض   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (416). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 356 أصابعه كلها وأشار بالسبابة حال تشهده عليه الصلاة والسلام. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 357 س: في التشهد هل تستحب الإشارة بالسبابة من بدء التشهد إلى نهايته، أم يكون عند ذكر اسم الله فقط؟ وهل صحيح أن الإشارة بالسبابة تكون على الشيطان أشد من وقع الضرب على المطرقة؟ وهل يكون عند الإشارة بالنطق بالشهادتين، أم في سائر الإشارات؟ (1) ج: الإشارة تكون في التشهدين موجودة من أول ما يجلس للتشهد، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس للتشهد الأول والأخير رفع إصبعه السبابة رفعا غير كامل إشارة للتوحيد، هذا هو السنة من أول التشهد إلى آخره، عند ذكر الله وغيره تكون الإصبع واقفة، وإذا حركها عند الدعاء قليلا فحسن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ربما حركها عند الدعاء عليه الصلاة والسلام، وأما كونها أشد على الشيطان من كذا وكذا فهذا ليس في الحديث، وإنما هو من كلام بعض السلف ولا يعتمد عليه، ولكنها بكل حال تغيظ الشيطان؛ لأن ذكر الله يغيظه، وهو يحب كل بلاء ويحب كل شر على المسلمين، إذا ذكر المؤمن ربه   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (86). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 357 ووحده سبحانه فهذا يغيظ الشيطان ويؤلمه، وهكذا إذا استعاذ بالله منه، ومن نزغاته كل هذا يؤلمه، ولكن ذلك من أسباب السلامة من شره، ذكر الله كثيرا والاستعاذة بالله من الشيطان كل هذا من أسباب السلامة من نزغاته وبلاياه، أعاذنا الله والمسلمين منه. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 358 س: عند الجلوس للتشهد أريد توضيح تحريك السبابة، هل هو عند بداية التشهد أم بعد نهاية التشهد عند الدعاء فقط؟ (1) ج: السنة أن يشير بالسبابة، يقيم السبابة من أول الجلوس للتحيات التشهد الأول والأخير، أما التحريك فالسنة أن يكون عند الدعاء، عند: اللهم صل، اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم. عند الدعاء يحركها قليلا عند الدعاء، أما كونها قائمة هذا من حين يجلس قائمة إشارة للتوحيد، يعقد إبهامه مع الوسطى ويقبض الخنصر والبنصر، أو يقبض أصابعه كلها ويشير بالسبابة، هذا سنة، لكن التحريك يكون عند الدعاء. س: سائل يقول: عند الشهادتين وعند رفع الإصبع، عندما نقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكل شخص من المصلين يرفع إصبعه على طريقة   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (412). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 358 معينة، فمن يرفعه مرة واحدة، ومن يرفعها مرتين؛ لأنه يقول: إنهما شهادتان، ومن يبقى يحرك إصبعه إلى نهاية الصلاة الإبراهيمية، أرجو أن تتفضلوا بإجابتي على الصحيح، أم أن الجميع صحيح؟ جزاكم الله خيرا (1) السنة رفع الإصبع في التشهد الأول والآخر من أول التحيات إلى النهاية، وإصبعه مرفوعة، يعني السبابة التي تلي الإبهام مرفوعة رفعا غير كامل، إشارة للتوحيد هكذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يشير بالسبابة في تشهده الأول والأخير، أما التحريك فالأفضل أن يحركها عند الدعاء أن يقول: اللهم صل على محمد. وعند قوله: أعوذ بالله من عذاب جهنم. وعند قوله: اللهم اغفر لي. أو: اللهم آتنا في الدنيا حسنة. أو: اللهم أعني على ذكرك. يحرك عند الدعاء تحريكا خفيفا، هذا هو الأفضل، وأما كون الإصبع قائمة فهي قائمة من أول التشهد إلى آخره إشارة للتوحيد.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (282). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 359 س: السائلة من حائل تقول: ما هي مواضع رفع السبابة في التشهد الأول والأخير، والدعاء قبل السلام، وفي أثناء التشهد؟ هل ينظر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 359 المسلم إلى موضع سجوده، أم إلى السبابة؟ (1) ج: إذا جلس للتشهد الأول والأخير ينظر إلى السبابة، إلى سبابته ويشير بها في التحيات، ويحركها في الدعاء، عند الدعاء بعد التشهد الأخير، يحركها قليلا، ويشير بها إلى توحيد الله، وأن الله واحد لا شريك له، ويدعو في التشهد الأخير.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (435). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 360 س: أرى بعض المصلين، وهو في التشهد الأخير يرفع السبابتين اليمنى واليسرى عندما يصل في التشهد إلى قوله: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. فهل هذا الفعل صحيح؟ (1) ج: السنة رفع السبابة اليمنى فقط في التشهد الأول والأخير، يشير بالسبابة اليمنى ويقبض أصابعه كلها، ويشير بالسبابة عند ذكر الله، عند الدعاء أو يقبض الخنصر والبنصر، ويحلق الإبهام مع الوسطى، ويشير بالسبابة، سنتان: إن شاء قبض أصابعه كلها، وأشار بالسبابة، وإن شاء قبض الخنصر والبنصر، وحلق الإبهام والوسطى، وأشار بالسبابة، كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما اليسرى فلا يشير بشيء   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (43). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 360 بل يبسطها على فخذه، وأطرافها على ركبته، ولا يشير بشيء، لا بالسبابة ولا بغيرها، هذه السنة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 361 س: الذي نعرفه في هذه الحلقة في التشهد الأخير للصلاة: أن تظل إصبع السبابة تتحرك حتى نسلم، هل هذا ورد في سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ (1) ج: الوارد في السبابة أنها واقفة فقط، يشير بها إشارة، واقفة وقوفا فيه انحناء، هذا هو السنة كما جاءت به الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، من حديث ابن عمر، ومن حديث وائل بن حجر، ومن أحاديث أخرى، أما الحركة فقد ورد في بعض الروايات عند الدعاء، وبعض أهل العلم قال: إن المراد بالحركة الإشارة، وأنها لا تخالف كما قال البيهقي رحمه الله، قال: لعل الحركة هي الإشارة فلا تخالف بين الروايتين، والإشارة هي بنصب الإصبع السبابة؛ نصبا غير كامل، إشارة للتوحيد، إشارة إلى أن الله سبحانه هو الواحد في ذاته وفي أسمائه وصفاته، وفي استحقاقه للعبادة جل وعلا، وورد في بعض الروايات أنه ربما حركها عند الدعاء، إذا حركها عند الدعاء فلا بأس.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (94). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 361 170 - بيان معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكيفيتها س: كيف تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من عند الله؟ وكيف صلاة العبد على النبي وفقكم الله؟ (1) ج: الصلاة من عند الله ثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلاة الله والملائكة ثناء الله عليه والملائكة، ورحمته بتوفيقه في الدنيا وإدخاله الجنة في الآخرة هذا من صلاته عليه، ولكن معظمها الثناء، صلاة الله ثناء على العبد في الملأ الأعلى، وأما صلاة العباد عليه فالدعاء له والترحم عليه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يعني أن يصلوا كما أمر وبين لهم: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (2)» والصلاة الإبراهيمية المعروفة، وهي كما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من طريق كعب بن عجرة، ومن طريق أبي مسعود الأنصاري، وفي طرق أخرى، يصلي كما جاءت عن   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (23). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 362 النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة بأنواع كثيرة، هذه هي السنة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 363 س: سوداني مقيم في المملكة العربية السعودية، مدينة حائل يقول: قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1) اللهم صل عليه، يقول السائل: كيف الصلاة على النبي؟ (2) ج: مثل ما علم النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام، قالوا: يا رسول الله، أمرنا الله أن نصلي عليك، كيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (3)» وللصيغة هذه ألفاظ كثيرة في لفظها: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد   (1) سورة الأحزاب الآية 56 (2) السؤال العاشر من الشريط رقم (357). (3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 363 وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1)» وفي بعضها: «اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (2)» نوع رابع: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد (3)» والسلام كما علمتم)، السلام هو: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. هذا هو السنة قبل الدعاء صل على النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من هذه الصلوات الواردة بأي صفة وردت، ثم يدعو إذا أحب الدعاء، ويقدم على هذا حمد الله، يقول: اللهم لك الحمد، لك الحمد على كل حال، لك الحمد على جميع نعمك. ثم يصلي على النبي بإحدى هذه الصفات ثم يدعو.   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء صلوات الله عليهم، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم (3369)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (407). (3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء صلوات الله عليهم، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم (3369)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (407). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 364 171 - حكم الصلاة على النبي في التشهد الأخير س: الأخ: م. ص. م. من الرياض، يسأل ويقول: هل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي بعد التشهدين واجبة؟ وهل تبطل الصلاة بدونها؟ (1) ج: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير واجبة عند بعض أهل العلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل قيل: يا رسول الله، أمر الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد .... (2)» الحديث، وهذا أمر، قالوا: والأمر يقتضي الوجوب، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها سنة وليست واجبة؛ لأنه إنما أمر بها لما سئل، ولم يأمر بها ابتداء، فلما سألوه قال: «قولوا: اللهم صل على محمد (3)» فعلمهم الكيفية، فدل ذلك على أنها سنة وليست فريضة، فينبغي للمؤمن أن يأتي بها، وأن يخرج من الخلاف؛ لأن بعض أهل العلم رآها ركنا في الصلاة، وبعضهم رآها   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (188). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370). (3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 365 واجبة في الصلاة. والقول الثالث: على أنها سنة في الصلاة. فينبغي للمؤمن أن يعتني بها، وأن يأتي بها في التشهد الأخير ثم يدعو؛ ولأن الإتيان بها مع التشهد من أسباب الإجابة؛ لأن العبد إذا أثنى على الله ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعا كان هذا من أسباب الإجابة، كما في حديث فضالة بن عبيد: «أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في الصلاة ولم يحمد الله، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (عجل هذا) ثم قال: (إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاء (1)» فالمؤمن إذا أتى بالتحيات، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، ثم دعا بالتعوذ بالله من أربع، ودعا بالدعوات التي يريدها كان هذا من أسباب الإجابة، فإنه يستحب للمؤمن في التشهد الأخير أن يكثر من الدعاء، وأن يستعيذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ويدعو بجوامع الدعاء في آخر صلاته، فإذا كان ذلك بعد التشهد وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا من أسباب الإجابة.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن رسول الله برقم (3477)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 366 وأما التشهد الأول فلا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولو واحدة، ولكن تستحب على الصحيح، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، ثم يقوم، فإن لم يفعل فلا حرج عليه، إنما الخلاف في التشهد الأخير: هل تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل هي ركن أم واجب أم سنة؟ هذا محل الخلاف بين أهل العلم، وتقدم أنه ينبغي الإتيان بها في التشهد الأخير، خروجا من خلاف العلماء، وعملا بالأحاديث التي فيها توجيه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة أن يصلوا عليه، عليه الصلاة والسلام، أما من تركها سهوا فإنه يسجد للسهو سجدتين. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 367 س: هل تقرأ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول؟ وهل للإنسان أن يتورك في صلاة الفجر؟ (1) ح: إن قرأت الصلاة على النبي في التشهد الأول فهو الأفضل، إذا أتى بالصلاة على النبي في التشهد الأول فهذا أفضل على الصحيح، وإن تركه فلا بأس، إذا قام بعد الشهادتين إلى الثالثة فلا حرج، وإن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الثالثة فهذا أفضل في   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (329). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 367 أصح قولي العلماء والأفضل الافتراش في التشهد الأول، وبين السجدتين، يجلس على اليسرى وينصب اليمنى هذا هو الأفضل، وإن تورك فلا حرج، أو كان يشق عليه الافتراش فلا حرج، المقصود أن التورك في التشهد الأخير في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا هو الأفضل، أما التشهد الأول فالسنة فيه الافتراش، يفترش اليسرى وينصب اليمنى، وهكذا بين السجدتين، وهكذا في صلاة الفجر والجمعة الافتراش، لكن من شق عليه ذلك فلا حرج، وإن تورك إذا سجد فلا بأس، كلها أمور مستحبة ليست فريضة، الافتراش والتورك كله سنة، فلو أنه افترش في محل التورك، أو تورك في محل الافتراش فلا حرج. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 368 172 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع التشهد الأول س: هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قراءة التشهد الثاني في الركعة الثانية من الصلاة الرباعية، أم يكتفي بالتشهد الأول؟ (1) ج: اختلف العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأول، مع إجماعهم على شرعيته في التشهد الثاني، إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. والتشهد الثاني   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (70). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 368 في الأخير: الظهر والعصر والمغرب والعشاء فإنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله، أمر الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ وفي رواية أخرى: في صلاتنا. قال: «قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1)» هذه رواية أكمل الروايات، فيها الصلاة على محمد وآله وعلى إبراهيم وآله، وهكذا التبريك، وهذا لا خلاف فيه؛ لأنه يؤتى به في التشهد الأخير، واختلف العلماء: هل هو واجب أو ركن أم مستحب فقط؟ على أقوال، وبكل حال فهو مشروع للمصلي من الرجال والنساء أن يأتي بهذه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، ثم يدعو بما تيسر من الدعوات مثل: اللهم أعذني من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 369 من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. هذا من الدعاء المشروع في آخر الصلاة، وهكذا: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت (1)» هذا ثبت أيضا من حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة، هكذا: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر (2)» أيضا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو به في آخر الصلاة، من حديث سعد بن أبي وقاص، رواه البخاري في الصحيح، هذا كله في التشهد الأخير، في الرابعة من الظهر والعصر والعشاء، والثالثة من المغرب، وفي الثانية من الفجر والجمعة، أما التشهد الأول في الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فهذا الصحيح فيه أنه يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم فقط. أما الدعاء فيكون في التشهد الأخير مثل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل أن يأتي   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771) (2) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (6365). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 370 بها في التشهد الأول، وقال الأكثرون: إنها لا يؤتى بها إلا في الأخير، لكن ظاهر الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عامة ظاهرها العموم، وهو أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول والأخير جميعا؛ لأن الصحابة قالوا: يا رسول الله، أمر الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد (1)» ولم يقل: في الآخر. ولا: في الأول. أطلق، فدل ذلك على أنه يشرع في الأول والأخير، هذا هو المختار، وهذا هو الأرجح أن تكون هذه الصلاة الإبراهيمية في الأول والأخير؛ في الأول مستحب بلا شك وهو الأرجح، أما في الأخير فقيل بوجوبها، وقيل بأنها ركن، وفي كل حال الإتيان بها أمر مشروع لا ينبغي تركه في التشهد الأخير، بل ينبغي أن يحافظ عليه المؤمن، وهكذا المؤمنة في الصلاة في التشهد الأخير، هكذا في الجمعة، وفي الفجر والعيدين وأشباه ذلك من الصلوات، وهكذا في النافلة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 371 س: هل يجوز للمصلي أن يقرأ غير التشهد الأول في التشهد الأول؟ (1)   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (210). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 371 ج: يستحب له في أصح قولي العلماء أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأحاديث عامة، سأله الصحابة قالوا: يا رسول الله، أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد - قال -: والسلام كما علمتم (1)» السلام بين في الأحاديث الأخرى: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. ولم يستثن التشهد الأول، بل عمم عليه الصلاة والسلام، وأمرهم أن يصلوا عليه، ولم يقل في التشهد الأخير، فدل ذلك على أنه يشرع في التشهدين، لكن ذهب أكثر أهل العلم إلى أن هذه الصلاة إنما تقال في التشهد الأخير، والأرجح أنها تشرع في الأول أيضا؛ لعموم الأحاديث، فإن تركها في الأول فلا حرج.   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 372 س: هل تقال التحيات في التشهد الأول الصلاة على النبي والثاني في الركعتين الأوليين، أم يكفي التشهد الأول؟ (1)   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (307). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 372 ج: السنة أن يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع التشهد الأول، هذا هو الأرجح، ثم تقوم المرأة ويقوم الرجل إلى الثالثة بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا اقتصر على الشهادة ثم قام إلى الثالثة كفى والحمد لله، يعني كونه يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول بأن يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. ثم يقوم إلى الثالثة، وهكذا المرأة، هذا أفضل على الصحيح؛ لأن الأحاديث عامة. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 373 س: يقول السائل: قرأت في كتاب: أن التشهد الأول إضافة إليه تقرأ معه الصلاة الإبراهيمية، معنى ذلك أن التشهد الأول والأخير لا يختلفان إلا في التعوذ من الأربع، التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، والدعاء كذلك، قرأت لأحد العلماء الثقات بإذن الله أن عدم قول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. فقط في التشهد الأول – ومن باب أولى في التشهد الثاني – تبطل الصلاة؛ لأن ذلك واجب، فما قولكم؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (278). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 373 ج: أما التشهد الأول فالأفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لعموم الأحاديث، كما سئل صلى الله عليه وسلم، قيل: يا رسول الله، أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ في لفظ قال: في صلاتنا. قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد – ثم قال -: والسلام كما علمتم (1)» يعني في قوله: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته (2)» فهذا يدل على أنه مشروع في التشهدين الأول والثاني، هذا هو الصواب، والأكثرون على أنه في الأخير فقط، الأكثرون من أهل العلم على أنه في التشهد الأخير، ولكن الصواب أنه يستحب في التشهد الأول؛ لعموم الأحاديث، وعدم التفصيل، أما في التشهد الأخير فهو مشروع بلا شك. وإنما اختلف العلماء في وجوبه فقال البعض: إن الصلاة على النبي واجبة في التشهد الأخير. وقال بعضهم: ركن. فينبغي أن يحافظ عليها المؤمن، وألا   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 374 يتركها في التشهد الأخير، أما الدعاء فهذا مختص بالتشهد الأخير؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو في التشهد الأخير عليه الصلاة والسلام، يقول أبو هريرة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من التشهد الأخير استعاذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، إلى آخره، فهذا يكون في الأخير: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (1)» هذا يكون في التشهد الأخير، الذي قبل السلام، وهكذا بقية الدعاء أن يدعو الله: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (2)» هذا كذلك في التشهد الأخير، وهكذا غيره من الدعاء: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (3)» أو يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. أو: اللهم أصلح قلبي وعملي. أو: اللهم اغفر لي ولجميع المسلمين. الدعوات كلها تكون في التشهد الأخير قبل السلام، وإنما الخلاف في الصلاة على النبي صلى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي في كتاب السهو نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 375 الله عليه وسلم: هل يأتي بها في الأول، أو ما يأتي بها؟ فالأكثر على أنها تختص بالأخير، والصواب أنها تقال في الأول والأخير؛ لأن الأحاديث عامة عن النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 376 173 - حكم قول: اللهم صل وبارك على محمد في التشهد س: يقول السائل: أبو عبد الرحمن: ما رأيكم فيمن يقول في التشهد: اللهم صل وبارك على محمد؟ أي: يجمعهما في الصلاة (1) ج: السنة أن يفرد كل واحدة: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (2)» هذه السنة التي جاءت عن النبي، الصلاة وحدها، والبركة وحدها.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (433). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 376 174 - حكم الصلاة التي لم تذكر فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم س: هل الصلاة المفروضة أو الدعاء إذا لم يذكر فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تكون صحيحة أم لا؟ فإن أحد الجزء: 8 ¦ الصفحة: 376 الأشخاص قال لنا: إن الصلاة والدعاء لا تقبل إذا لم يذكر فيهما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. أفيدونا عن ذلك، أفادكم الله (1) ج: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في صلاتنا، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وفي جميع النوافل، يشرع للمصلي أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التحيات في آخر الصلاة بعدما يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (2)» هذا نوع من الصلاة الإبراهيمية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك أنواع أخرى، منها قوله: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (52). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 377 مجيد (1)» ونوع ثالث: «اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (2)» وهناك أنواع أخرى من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا أتى المسلم المصلي أو المرأة بنوع منها مما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صح وكفى، ثم بعد هذا يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وعذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. ويدعو بما أحب من الدعوات الطيبة قبل أن يسلم، وهذه الصلاة تشرع أيضا في التشهد الأول على الصحيح، وقال جمع من أهل العلم: إنها لا تقال إلا في التشهد الأخير. لكن الصحيح أنه يؤتى بها أيضا في التشهد الأول بعد الثانية: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، إذا جلس في الثانية وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يصلي على النبي، ثم ينهض إلى الثالثة، أما رواية الدعاء يكون في التشهد الأخير، فهذا القول أصح، وعلى هذا نصلي على النبي في صلاتنا مرتين في   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء صلوات الله عليهم، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم (3369)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (407). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 378 الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ومرتين في التشهد الأول والتشهد الأخير، هذا هو الأفضل، واختلف العلماء: هل هي فريضة وركن في التشهد الأخير، أم لا؟ على أقوال، منهم من قال: إنها ركن لا بد منها، ولا تصح الصلاة إلا بها. وهذا هو المعروف في مذهب أحمد بن حنبل وجماعة، وقال آخرون: بل هي واجبة لا ركن، إن تعمد تركها بطلت الصلاة، وإن نسيها لم تبطل الصلاة، ولكن يسجد للسهو. وهذا القول الوسط. وقال آخرون: إنها سنة، لا تبطل الصلاة بتركها، لا عمدا ولا سهوا، بل هي سنة مؤكدة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفرضها على الناس، ولكن لما سألوه قالوا: كيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد ..... (1)» إلى آخره، ولو كانت فرضا لفرضها عليهم قبل أن يسألوه وبينها لهم مع التشهد، وبكل حال فالذي ينبغي هو المجيء بها؛ لأن الرسول أمر بها عليه الصلاة والسلام، وقال لهم: «قولوا: اللهم صل على محمد (2)» إلى آخره، وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، فلا ينبغي للمؤمن أن يدعها في التشهد الأخير، أما التشهد   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 379 الأول فالأمر فيه واسع، إن أتى بها فهو أفضل، وإن لم يأت بها فلا حرج عليه، ولكن ليست شرطا للقبول، إذا قلنا بها في التشهد الأول إنما هي مستحبة، أما في التشهد الأخير فقد سمعت الخلاف، بعض أهل العلم قالوا: إنها لا بد منها، وإن تعمد تركها بطلت الصلاة، كما لو تعمد ترك التشهد، أو تعمد ترك الركوع أو السجود، تبطل الصلاة. وقال الآخرون من أهل العلم: إنها لا تبطل الصلاة بذلك، ولكن يستحب له أنه يصلي على النبي في آخر الصلاة، فإن تركها لم تبطل صلاته. فأقوال أهل العلم معروفة، فلا ينبغي للمؤمن أن يدعها، بل ينبغي له أن يحافظ عليها، ويجتهد في فعلها بعد التحيات بعد قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قبل أن يسلم، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى تصح صلاته عند الجميع، وحتى لا يعرضها للبطلان. وأما الدعاء فهي المستحبة في الدعاء، لكن ليست شرطا في القبول، لو دعا ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم يرجى قبول دعائه، ولكن الأفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء وبعد الدعاء، هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دعا، ولم يحمد الله، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عجل هذا). ثم قال: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 380 والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاء (1)» فأرشدنا إلى أن نحمد الله أولا، ثم نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ندعو، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأقرب إلى الإجابة، لكنه ليس شرطا، وإذا ختم الدعاء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كان أيضا أفضل وأكمل، ومن أسباب الإجابة، لكن لو ترك لا يقال: لا يجاب الدعاء. بل الدعاء قد يجاب، وقد يحصل به المقصود، ولو لم يحمد الله في أوله، ولو لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في أوله ولا في آخره، لكن فعل ذلك كونه يحمد الله أولا ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ويلح في الدعاء، ثم يختم بالصلاة، هذا كله من باب السنن، من باب الفضائل، وهو من أسباب الإجابة، ولكن ليس شرطا في القبول، فلو دعا ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن آثما، ولا يرد دعاؤه، بل يرجى قبوله إذا أخلص في ذلك، وسلم من الموانع التي تمنع من الإجابة، والموانع كثيرة؛ فالمعاصي من أسباب الموانع، من أسباب عدم الإجابة، وأكل الحرام من أسباب عدم الإجابة، والغفلة عن الله كونه يدعو بقلب ساه غافل من   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن رسول الله برقم (3477)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 381 أسباب عدم الإجابة، فعدم الإجابة له أسباب، فينبغي للمؤمن أن يحرص على أسباب الإجابة، بأن يكون طعامه حلالا، وأن يكون بعيدا عن المعاصي، وعما حرم الله، وأن يدعو الله بقلب حاضر، مشفق راغب راج، يرجو ربه ويخافه، قد حضر بين يديه سبحانه وتعالى، وأن يتحرى أوقات الإجابة كآخر الليل، وآخر الصلاة قبل السلام والسجود؛ لأن الدعاء في السجود حري بالإجابة أيضا، وهكذا بين الأذان والإقامة من أسباب الإجابة، نسأل الله للجميع التوفيق. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 382 175 - حكم قول: اللهم صل على سيدنا محمد داخل الصلاة س: الأخ: إ. م. ع. من المملكة المغربية، يسأل ويقول: هل يجوز لنا أن نسيد محمدا صلى الله عليه وسلم داخل الصلاة؟ وما حكم من يسيده داخل الصلاة؟ وما حكم من لم يسيده داخل الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: المشروع في الصلاة عدم التسييد؛ لأنه لم يرد في النصوص، وإنما علمهم عليه الصلاة والسلام أن يقولوا: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (179). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 382 مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1)» فالمشروع هكذا، كما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لو أن الإنسان قال: اللهم صل على سيدنا محمد. لا بأس ولا حرج عليه؛ لأن محمدا سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، فمن قال لا حرج عليه، ومن ترك لا حرج عليه، والأفضل الترك في التشهد والأذان، يقول: أشهد أن محمدا رسول الله كما علم النبي أصحابه ذلك، كان بلال يؤذن بهذا، وهكذا أبو محذورة، ولو أن مؤذنا قال: أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله. صح لكنه خلاف السنة، ما كان النبي يقول هكذا، ولا علم الصحابة ذلك، وإنما المشروع أن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله. في الأذان والإقامة، لكن لو قال: أن سيدنا محمدا. هو صادق، هو سيدنا، لكن لم يشرع هذا، والمسلمون عليهم التقيد في العبادات؛ لأنها توقيفية، فعلى المسلم أن يتقيد بالعبادة بما ورد عن الشرع فلا يزيد، ففي التحيات يقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد (2)» كما جاء في النصوص، وفي الأذان يقول: أشهد أن محمدا رسول الله. وفي الإقامة كذلك، وأما في غير هذا إذا   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 383 قال: أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله. أو: اللهم صل على سيدنا محمد. فلا حرج في ذلك؛ لأنه سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، قال عليه الصلاة والسلام: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر (1)» المقصود هو أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، لكن علينا أن نتقيد بما شرع لنا، لا نزيد ولا ننقص؛ لأن هذا هو الذي ينبغي لنا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، يقول – اللهم صل عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» فالتقيد بما علمنا إياه وشرعه لنا هو الذي ينبغي لنا، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (4)» ويقول الرب عز وجل {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (5)   (1) أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة بني إسرائيل، برقم (3148)، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة، برقم (4308) (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) (4) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) (5) سورة الأحزاب الآية 21 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 384 ويقول جل وعلا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (1) فالمشروع للمسلمين التقيد بما علمهم إياه نبيهم عليه الصلاة والسلام، وما شرعه لهم في الأقوال والأعمال.   (1) سورة الشورى الآية 21 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 385 176 - حكم من نسي بعض ألفاظ الدعاء س: ما الحكم فيما إذا نسي الشخص بعض ألفاظ الدعاء الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل يؤثر ذلك أو لا؟ (1) ج: لا يؤثر، يدعو بما حضره وأحب والحمد لله، يدعو بما حفظ، ويدعو بما أحب من الدعوات الطيبة، ولو كانت غير واردة، والحمد لله.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (278). الجزء: 8 ¦ الصفحة: 385 تكملة باب صفة الصلاة 1. بيان مشروعية الاستعاذة من فتنة المحيا والممات في آخر الصلاة س: أمرنا بالاستعاذة من فتنة المحيا وفتنة الممات، والمسيح الدجال، حبذا لو شرحتم لنا هذا، جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا مشروع للمؤمن والمؤمنة في كل صلاة، السنة لكل مؤمن وكل مؤمنة أن يختم صلاته بالاستعاذة بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أنه بعدما يتشهد في آخر الصلاة قبل أن يسلم يستعيذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، وكان يأمر بهذا ويقول: «إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع – يقول -: اللهم إني   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (186). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 7 أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (1)» هذا المشروع للمؤمن وللمؤمنة، التعوذ من هذه الأربعة. وذهب جمهور أهل العلم إلى أن هذا سنة مؤكدة، وروي عن طاوس التابعي الجليل ما يدل على أن ذلك واجب، وروي عنه أنه أمر ولده لما لم يقلها في الصلاة أن يعيد الصلاة، هذا يدل على تأكد هذه الدعوات، وأنه ينبغي للمؤمن ألا يدعها في أي صلاة النافلة والفريضة قبل أن يسلم، يقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. وإن شاء قال: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال. فهي دعوات عظيمة، قال أنس رضي الله عنه: «كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (3)» فإذا دعا بذلك في آخر الصلاة كان حسنا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة برقم (588). (2) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الدعوات؛ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، برقم (6389)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة، برقم (2190). (3) سورة البقرة الآية 201 (2) {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} الجزء: 9 ¦ الصفحة: 8 وهكذا في السجود إذا دعا بذلك لا بأس، فالسجود محل الدعاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2)» المعنى: حري أن يستجاب لكم. الإنسان معرض للفتن في حياته وعند الموت، وقد يعرض في حياته للمعاصي، وقد يعرض للبدع، وقد يعرض للكفر بدين الله، ويفتن إما بسبب المال، أو بسبب الشهوات والمعاصي، أو بسبب جلساء السوء، فيقع فيما يغضب الله عليه؛ من كفر وبدعة، أو معصية في حال حياته أو عند الموت، نسأل الله العافية، وقد يفتن بالمسيح الدجال إذا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 9 تأخر زمانه، فإن المسيح يخرج في آخر الزمان، يدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه رب العالمين، ويتبعه جم غفير من الناس، نعوذ بالله، ويهلكون بأسبابه، فالإنسان يسأل ربه أن يعيذه من هذه الأمور؛ لأنه لا يدري: هل يسلم أو ما يسلم؟ فيسأل ربه العافية من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. هو في حاجة إلى هذا الدعاء، حتى لا يفتن في حياته، ولا عند موته، وحتى لا يدرك المسيح الدجال فيفتن به، نسأل الله السلامة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 10 2. بيان الدعاء المشروع في الصلاة س: ما هو الدعاء الذي تنصحونني بملازمته في كل صلاة (1)؟ ج: الدعوات مشروعة للمؤمن، دعوات الخير مشروعة للمؤمن في الصلاة وخارجها، لكن في الصلاة نوصيك بالدعوات التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تلزمها، بين السجدتين تقول: رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني (2)» بين السجدتين،   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (241). (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم (2697). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 10 كرر الدعاء بالمغفرة: «رب اغفر لي، رب اغفر لي (1)» «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني وعافني وارزقني (2)» وفي السجود تكثر من الدعاء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (3)» ويقول: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (4)» وإذا دعوت بغير ذلك؛ كسؤال الجنة، والتعوذ بالله من النار، وسؤال الله صلاح القلب والعمل، والزوجة الصالحة والذرية الصالحة، كل هذا طيب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء (5)» فيستحب الإكثار من الدعاء في السجود من المشروع الوارد   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه برقم (22816)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (1145)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (897). (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم (2697). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (483). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (484). (5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 11 ومن غيره من الدعوات الطيبة، ومن هذا طلب الرزق الحلال والزوجة الصالحة والذرية الطيبة، ومن هذا دعاؤك لوالديك بالمغفرة والرحمة إذا كانا مسلمين، دعاؤك لولي الأمر بالتوفيق والهداية والصلاح، ولولاة الأمور جميعا بالتوفيق والهداية، ومن هذا طلبك العافية في بدنك ودينك، الدعوات الطيبة، وهكذا في آخر الصلاة قبل السلام بعد التحيات، وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، تسأل الله ما تحب من الدعوات الطيبة. النبي صلى الله عليه وسلم لما علم أصحابه التحيات والتشهد قال لهم: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو (1)» ومن أفضل الدعاء في آخر الصلاة أن تقول: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (2)» كما أوصى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار – رضي الله عنهم – من حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه - حديث رقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، حديث رقم (1522) واللفظ له، والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء حديث رقم (1303). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 12 النبي بهذا معاذا، عليه الصلاة والسلام. وكذلك تقول: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (1)» أوصى بهذا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وهكذا: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت (2)» ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علمه عليا رضي الله عنه، وعلي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهكذا: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر (3)» أخرجه البخاري في صحيحه،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر برقم (2705). (2) أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بدون لفظ (وما أسرفت وما أنت أعلم به مني) في كتاب الدعوات، باب الدعاء إذا انتبه بالليل برقم (6317)، وأخرجه مسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بلفظه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه برقم (771). (3) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من البخل برقم (6370). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 13 عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو به في آخر صلاته، كل دعاء طيب ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم كله طيب، كل دعوات طيبة تحتاج إليها ادع بها وإن لم تنقل، كأن تقول: اللهم أصلح ذريتي، اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم أصلح زوجتي، اللهم يسر لي رزقا حلالا طيبا، اللهم وفق ولاة الأمور لكل خير، اللهم أصلح بطانتهم. وهكذا من الدعوات الطيبة، وفق الله الجميع. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 14 3. بيان مواضع الدعاء في الصلاة س: الأخت: أم أ. من ينبع، تقول: متى تقال هذه الأدعية: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال؟ هل تقال هذه الأدعية في الفرائض، أم في الرواتب بعد الفراغ من التشهد وقبل السلام (1)؟ ج: هذا التعوذ يقال في الفرض والنفل في التشهد الأخير قبل السلام، بعد التحيات وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، يأتي الإنسان بهذا التعوذ: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. بعد الصلاة على النبي   (1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (427). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 14 صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، قبل أن يسلم الرجل والمرأة في الفرض والنفل، هذا مشروع، والنبي علمه الصحابة، قال لهم: «إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع (1)» إذا تشهد أحدكم – يعني في التشهد الأخير - فليستعذ بالله من أربع. ثم ذكرها عليه الصلاة والسلام سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة برقم (588). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 15 س: أم أ. من ينبع في سؤالها الأول: متى نقول هذه الأدعية التالية يا سماحة الشيخ: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا وفتنة الممات، ومن فتنة المسيح الدجال؟ هل تقال هذه الأدعية في الفرائض، أم في الرواتب بعد الفراغ من التشهد وقبل السلام (1)؟ ج: في كل صلاة تقال هذه قبل السلام إذا تشهد الإنسان، وصلى على النبي يأتي بهذا الدعاء، كما علمه أصحابه، قال: «إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع؛ فليقل: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم (2)» ......... إلى آخره، فإذا تشهد وصلى على النبي يأتي بهذا الدعاء وبقية الأدعية   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (426). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة برقم (588). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 15 يأتي بها قبل أن يسلم هذا الدعاء وغيره، مثل: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم أجرني من النار، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اغفر ذنبي كله. إلى غير هذا، كله قبل السلام وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 16 س: السائلة: أم م. من الدمام، تقول: في هذا الدعاء: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. هل يقال قبل السلام أم بعد السلام (1)؟ ج: الأفضل قبل السلام، هذا الأفضل؛ لأن الدعاء قبل السلام أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لما علمهم التحيات، قال: «ثم يتخير بعد الكلام ما شاء (2)» وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (396). (2) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب السلام اسم من أسماء الله تعالى، برقم (6230)، واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 16 فيدعو (1)» فإذا دعا قبل السلام فهو أفضل، وإن دعا به بعد السلام وبعد الذكر فلا بأس، لكن قبل السلام أفضل.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 17 س: هل الدعاء مستجاب في صلاة الفجر؟ وما هي الأدعية التي تنصحوننا أن ندعو بها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الدعاء في السجود ترجى إجابته في الفجر أو غير الفجر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (2)» أي: فحقيق أن يستجاب لكم. وقال عليه الصلاة والسلام: («أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (3)» وهكذا في آخر التحيات يقول صلى الله عليه وسلم لما علم ابن مسعود رضي الله عنه التحيات، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (4)» وفي   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (270). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 17 لفظ آخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (1)» وهذا يعم الصلوات الخمس كلها لا يخص الفجر، وهكذا الدعاء بين السجدتين، المقصود أن المشروع للمؤمن الدعاء في صلاته، في سجوده، بين السجدتين، في آخر التحيات، ويقول بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ويزيد ما شاء الله: «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني وعافني وارزقني (2)» لكن الواجب مرة: رب اغفر لي، اللهم اغفر لي. وما زاد فهو سنة، من الدعاء بين السجدتين، ويدعو في سجوده ما يسر الله له، وفي آخر التحيات كذلك، ومن الدعاء الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم في السجود: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (3)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في السجود: «اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (4)» ومن الدعاء العظيم: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (5)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة برقم (609). (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم (2697). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (483). (4) صحيح مسلم الصلاة (483)، سنن أبي داود الصلاة (878). (5) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (24856)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 18 وهكذا: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، «اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل (1)» «اللهم إني أسألك الهدى والسداد (2)» «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى (3)» كل هذه دعوات عظيمة، وهكذا: اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي، اللهم قني شح نفسي، اللهم أصلح قلبي وعملي، وفقهني في ديني، رب زدني علما. وهكذا الدعوات الأخرى المناسبة.   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، برقم (1486)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب الجوامع من الدعاء، برقم (3846). (2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل وشر ما لم يعمل، برقم (2725). (3) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل وشر ما لم يعمل، برقم (2721). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 19 4. كيفية السلام في نهاية الصلاة س: هذا الأخ السائل: أ. ع. يقول: سماحة الشيخ، ما كيفية السلام في نهاية الصلاة؟ هل يقول: السلام عليكم ورحمة الله؟ بسرعة الجزء: 9 ¦ الصفحة: 19 عن يمينه، السلام عليكم ورحمة الله. عن يساره، ويكون ذلك بسرعة، أم بهدوء في جملة السلام (1)؟ ج: يقول بالهدوء: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. بطريقة عادية، ليس فيها تكلف، هذه السنة، لا سرعة مفرطة، ولا طولا مفرطا، يكون وسطا، أما العجلة كأنه مطرود فلا وسط، والأفضل الاقتصار على: رحمة الله. للفظ المحفوظ بالأدلة: «السلام عليكم ورحمة الله (2)»   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (429). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة برقم (431). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 20 س: إذا فرغ المصلي من صلاته وأراد أن يسلم فهل يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يمينا ثم يسارا، أم يقول: السلام عليكم ورحمة الله. فقط؟ وما حكم صلاة من فعل ذلك بزيادة: وبركاته (1)؟ ج: المحفوظ من السنة: ورحمة الله. فقط، وهذا هو المشروع أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله. عن يمينه وشماله، أما زيادة: وبركاته. ففيها خلاف بين أهل العلم، وقد روى علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (48). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 20 صلى الله عليه وسلم قال هكذا: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (1)» لكن في رواية علقمة عن أبيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من صحح سماعه منه، ومنهم من قال: إنها منقطعة. فينبغي للمؤمن ألا يزيدها، والأولى والأفضل أن يقتصر على: ورحمة الله. ومن زادها ظانا صحتها، أو جاهلا بالأمور فلا حرج، وصلاته صحيحة، ولكن الأولى والأحوط ألا يزيدها؛ خروجا من خلاف العلماء، وعملا بالعلم الأثبت والأقوى.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في السلام، برقم (997). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 21 س: هل زيادة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هي واردة في السلام من الصلاة؛ بزيادة: وبركاته (1)؟ ج: واردة، لكن إسنادها فيه نظر، والأصح: السلام عليكم ورحمة الله. مثل ما عليه العمل الآن.   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (406). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 21 س: هناك شخص بعد أن يسلم من الصلاة لا يقتصر على صيغة: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. بل يضيف: وبركاته. ما رأيكم بالزيادة (1)؟   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (367). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 21 ج: الأولى تركها، جاءت في بعض الأحاديث، لكن مختلف في ثبوتها، كثير من أهل العلم لا يثبتها، وبعضهم يثبتها، والمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم: «السلام عليكم ورحمة الله (1)» لأن كلمة: وبركاته. مختلف في هذه الزيادة، منهم من أثبتها، ومنهم من لم يثبتها، فالمؤمن يتبع ما عليه العمل، ولا يخالف الناس، ويشذ عن الناس، السلام عليكم ورحمة الله. هذا الشيء المحفوظ، رواه مسلم في الحديث الصحيح.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة برقم (431). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 22 س: ما حكم ختم الصلاة بصوت مرتفع، سماحة الشيخ (1)؟ ج: ما عليه دليل، تكون قراءته معتدلة في الجميع، قراءته تكبيراته كلها معتدلة، ما يخص شيئا دون شيء.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (430). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 22 5. حكم الاكتفاء بتسليمة واحدة على اليمين عند الانتهاء من الصلاة س: ما حكم السلام على اليسار بعد الانتهاء من الصلاة؟ وما حكم الانفتال على اليسار أيضا (1)؟   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (15). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 22 ج: الجمهور على أن الواجب تسليمة واحدة يسلمها عن يمينه، والأصح أنه لابد من تسليمتين، وإن كان الكلام للجمهور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمتين، ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» فالواجب أن يسلم الإمام، وهكذا المأموم، وهكذا المنفرد تسليمتين، والأفضل عن يمينه وعن شماله، يلتفت عن يمينه ويقول: السلام عليكم ورحمة الله. وعن يساره كذلك، هذا هو المشروع، وهو واجب في أصح قولي العلماء يعني التسليمتين، أما كونه يلتفت عن يمينه وشماله هذا مستحب، وهو أفضل، وأما الانصراف بعد السلام عن يمينه وشماله فلا حرج، النبي صلى الله عليه وسلم كان ينصرف عن يمينه وعن شماله، كل هذا ثابت، إن انصرف عن يمينه فلا بأس، وإن انصرف عن شماله فلا بأس، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ربما انصرف عن يمينه، وربما انصرف عن شماله، من مكانه عليه الصلاة والسلام. لكن لو بدأ بالسلام على شماله، يعنى التفت عن شماله أولا فإنه يصح، لكن هذا خلاف السنة، الالتفات مستحب وليس بواجب. لذلك مسألة قد تخفى على بعض الناس، وهي مسألة الإمام إذا سلم من   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 23 الصلاة، السنة: أن ينصرف إلى المأمومين ويعطيهم وجهه، ولا يطول مستقبلا القبلة؛ لأنه إنما استدبرهم من أجل حاجة الصلاة، فإذا فرغ منها زالت الحاجة، فشرع له أن يستقبلهم، ويجعل وجهه إلى وجوههم، هذا هو الأدب الشرعي، لكن بعدما يستغفر ثلاثا، وبعدما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. بعد هذا ينصرف إليهم، ويعطيهم وجهه ويقابلهم، لا يكون يمينا ولا شمالا، بل يقابلهم مقابلة كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يكون بعد أن يقول: أستغفر الله. ثلاثا: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يقوله الإمام، ثم ينصرف إلى المأمومين، ويعطيهم وجهه مستويا، وإن شاء انصرف عن يمينه، وإن شاء انصرف عن شماله، لكن يقابلهم مقابلة، ثم يأتي ببقية الأذكار إذا انصرف، يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول هذا بعد السلام، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فيشرع للمأموم الجزء: 9 ¦ الصفحة: 24 والإمام والمنفرد هذه الأذكار الشرعية، ثم يقول بعدها: سبحان الله والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، هذا الأفضل، يكون الجميع تسعا وتسعين، ثم يختم هذا كله بـ (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) جاء في الحديث أن العبد إذا قال هذا: «غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (1)» هذا فضل عظيم، وإن شاء قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. خمسا وعشرين مرة، هذا نوع من الأذكار، كل هذا مشروع وحسن. والتكبير والتهليل هو بعد الصلوات الخمس، لكن تزاد بعد المغرب والفجر بتهليلات عشر زيادة، يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات بعد المغرب وبعد الفجر زيادة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 25 حكم الزيادة على لفظ التسليم في الصلاة س: يسأل السائل من السودان، مقيم في ليبيا يقول: رجل إذا سلم عن يمينه يقول: السلام عليكم ورحمة الله، اللهم إني أسألك الجزء: 9 ¦ الصفحة: 25 الفوز بالجنة. وإذا سلم عن شماله قال: السلام عليكم ورحمة الله، اللهم إني أسألك النجاة من النار. فهل هذا مكروه أم لا؟ فإن كان مكروها فما الدليل على كراهته مأجورين (1)؟ ج: ليس لهذا أصل، بل هذا بدعة، لا يقول شيئا إذا سلم إلا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم التسليمتين، يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. هكذا كان النبي يفعل إذا سلم، أما هذا الدعاء بعد التسليمة الأولى والثانية لا أصل له، هذا من كيسه، بدعة.   (1) السؤال الخامس والخمسون من الشريط رقم (421). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 26 س: زيادة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في السلام يا شيخ (1)؟ ج: الأفضل عدم ذلك؛ لأن في صحتها نظرا، خلاف بين أهل العلم، والمحفوظ: السلام عليكم ورحمة الله.   (1) السؤال السادس والخمسون من الشريط رقم (421). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 26 7. حكم الرد على المصلي إذا قال: السلام عليكم في صلاته س: رسالة من الأخ: إ. أ. يقول: إذا كان عن يميني رجل يصلي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 26 وحينما فرغ من صلاته سلم عن يمينه وشماله، وسمعت هذا السلام فهل أرد عليه، بقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته (1)؟ ج: لا، ليس هذا محل الرد؛ لأنه يسلم التسليم الواجب عليه بالخروج من الصلاة، لكن إذا خصك بالسلام ترد عليه، أما هذا فتسليم عام، عليك وعلى غيرك ليس المراد أن تسلم عليه، ولم يرد ما يدل على ذلك، فإنما قال صلى الله عليه وسلم لمن يرد السلام إنما يسلم عليه وعلى إخوانه المسلمين، وعلى الملائكة، فالحاصل أن هذا السلام ليس المراد أن ترد عليه، المراد به الخروج به من الصلاة، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. فليس معناه أن الذي عن يمينه وشماله يقول: وعليكم السلام. إلا إذا سلم عليه بعد ذلك سلاما آخر.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (347). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 27 8. حكم هز الرقبة عند السلام س: أرى من المصلين في المسجد عند الجلوس للتشهد الأخير عند السلام من يهز رقابهم إلى أسفل، ثم يسلم على يمينه، ويهزها إلى أسفل، ثم يسلم على يساره، أفدنا، هل لهذا أصل؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (126). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 27 ج: هذا لا أصل له، السنة الخشوع في الصلاة والطمأنينة وعدم هز الرقاب أو الأيدي، وبعض الناس يهز يديه ويومئ بيديه في جلوس التحيات قبل أن يسلم، وقد أنكر النبي على من فعل هذا عليه الصلاة والسلام، وأمرهم بالسكون في الصلاة قال: «ما لي أراكم تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس (1)» يعني عند السلام، فالحاصل أن السنة الركود والخشوع والطمأنينة، وعدم الحركة لا بالرؤوس ولا بالأيدي عند السلام، ولا قبله ولا في أي جزء من أجزاء الصلاة، الواجب الطمأنينة والبعد عن العبث، قال الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3)، فكونه يعبث برقبته أو يعبث بيديه كل هذا لا أصل له، وأقل أحواله الكراهة الشديدة، وقد يحرم إذا كثر وتوالى، ويبطل الصلاة، إذا توالى العبث وكثر حرم وأبطل الصلاة، نسأل الله السلامة، فالواجب الحذر.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة، برقم (431). (2) سورة المؤمنون الآية 1 (3) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 28 س: السائل: أبو معاذ من الرياض، يقول: يقوم بعض الناس بين التسليمة الأولى والتسليمة الثانية بهز رأسه إلى أسفل، فما الجزء: 9 ¦ الصفحة: 28 الحكم في ذلك (1)؟ ج: ما له أصل، يكره هذا، ليس له أصل.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (420). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 29 9. حكم السجود عند الدعاء قبل السلام س: أرى أختي عندما تريد الدعاء، بعد التشهد في الصلاة وقبل السلام تسجد وتدعو بما شاءت، فهل عملها صحيح، سماحة الشيخ (1)؟ ج: هذا منكر بدعة، لا يجوز سجود الزيادة إلا للسهو، أما أن تسجد للدعاء غير السجدتين فهذا منكر، وإذا تعمدت هذا تبطل الصلاة، أما إذا كانت جاهلة فتعلم، ولا تعود إلى هذا الشيء، أما إن تعمدت ذلك وهي تعلم يكون زيادة في الصلاة فتبطل، كما إذا زاد المصلي ركعة متعمدا أو زاد ركوعا متعمدا، وهو يعلم الحكم بطلت الصلاة، أما إذا كانت جاهلة فتعلم حتى لا تعود لهذا الشيء، أو كانت ساهية عليها سجود السهو.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (377). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 29 10. بيان عدم الفرق بين صلاة الرجل والمرأة س: هل هناك أي فرق بين صلاة الرجل والمرأة في الأفعال، مثلا: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 29 رفع اليد إلى الأذن، ووضع اليد على الصدر (1)؟ ج: الصواب أنها كالرجل، لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» ولم يستثن النساء، فما شرع للرجال من رفع اليدين، ووضع اليدين على الصدر، ووضعها في الركوع على الركبتين، ووضعها في السجود حيال المنكبين، أو حيال الأذنين كله في حق الرجل والمرأة جميعا، وهكذا كونها تقرأ الفاتحة، وما تيسر معها في الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهكذا في الفجر، وفي الثالثة من المغرب تقرأ الفاتحة فقط، والثالثة والرابعة من العشاء والظهر والعصر تقرأ الفاتحة، المقصود أنها كالرجل.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (185). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 30 س: هل صلاة المرأة تختلف عن صلاة الرجل، وذلك من حيث المجافاة (1)؟ ج: الصواب أنها كالرجل، بعض أهل العلم يفرق بينهما، والصواب أنها كالرجل، تجلس على رجلها اليسرى، تفترشها بين السجدتين، وفي التشهد   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (302). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 30 الأول، وتتورك في الأخير، هذا هو السنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» ولم يقل للنساء: افعلن كذا، وافعلن كذا. بل أطلق، فالسنة التأسي به صلى الله عليه وسلم في الصلاة للرجال والنساء جميعا، وليس هناك دليل على الفرق، بل السنة أن تفعل كما يفعل الرجل: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)»، ترفع يدها عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول تفترش بين السجدتين، تتورك في التشهد الأخير مثل الرجل تماما، هذا هو السنة.   (1) صحيح البخاري أخبار الآحاد (7246)، سنن الدارمي الصلاة (1253). (2) صحيح البخاري أخبار الآحاد (7246)، سنن الدارمي الصلاة (1253). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 31 11. حكم الاكتفاء بقراءة الفاتحة في الصلاة للأمي س: هل تجزئ قراءة الفاتحة في الصلاة بالنسبة للمرأة الأمية التي لا تعرف غيرها (1)؟ ج: نعم، تجزئ الفاتحة، هي ركن الصلاة وهي مجزئة للرجل والمرأة جميعا، والأمي وغير الأمي، لكن الذي يستطيع أن يقرأ زيادة هو أفضل في الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، يشرع أن يقرأ زيادة على الفاتحة إذا تيسر له ذلك، وأما الثالثة والرابعة في العصر والعشاء   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (211). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 31 فيقرأ الفاتحة فقط، تكفي، والثالثة من المغرب كذلك، والأمية يشرع لها التعلم حتى تستفيد، وحتى تحفظ بعض السور الأخرى، أما الفاتحة فلا بد من حفظها وضبطها وتعلمها لمن لم يعلمها من الرجال والنساء جميعا؛ لأنها ركن الصلاة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» فالواجب على جميع المكلفين تعلمها وحفظها.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة برقم (394). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 32 12. حكم رفع المرأة يديها في الصلاة س: هل يجب على المرأة أن ترفع يديها في الصلاة عند التكبير (1)؟ ج: المرأة مثل الرجل ترفع يديها عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة، هذا السنة للرجل والمرأة، ترفع اليدين حيال منكبيها أو حيال أذنيها عند التكبيرة الأولى، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول، وتفعل مثل الرجل إذا جلست تفترش بين السجدتين، والتشهد الأول،   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (317). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 32 وتتورك في التشهد الأخير، هذا هو الصواب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» ولم يقل: للمرأة كذا، وللرجل كذا. فالأحاديث عامة تأمر الرجال والنساء.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 33 13. السنة في وضع المرأة يديها أثناء الصلاة س: أين تضع المرأة يديها أثناء الصلاة (1)؟ ج: كالرجل، السنة أن تضعهما على صدرها كما جاء في السنة؛ لأن الأصل أن الرجال والنساء سواء في الصلاة إلا ما خصه الدليل، فهي تعمل كما يعمل الرجل في صلاتها، تكبر وتقرأ الاستفتاح، وتقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم تركع وتطمئن، وترفع وتعتدل وتطمئن، وتضع يديها حال القيام على صدرها قبل الركوع وبعده كالرجل سواء؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» وهذا يعم الرجال والنساء.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (143). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 33 14. حكم الجهر في الصلوات الجهرية بالنسبة للمرأة س: السائلة: أ. م. ع. تقول: هل تقرأ المرأة سرا في جميع أوقات الصلاة، علما بأن السر في محل السر، والجهر في محل الجهر من سنن الصلاة (1)؟ ج: المرأة والرجل كلاهما عليهما أن يتحريا السنة، فيجهر في المغرب والعشاء والفجر في الأولى والثانية من المغرب، والأولى والثانية من العشاء، وفي فريضة الفجر، ويسر في الظهر والعصر، وفي الثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء، الرجل والمرأة جميعا، والمرأة ترفع صوتها إذا كان ما عندها من تخشى فتنته، ما عندها إلا نساء، أو ما عندها أحد، أو ما عندها إلا أطفال، أو ما عندها إلا محارمها تجهر، وإن كانت في غير المحارم فهي ترفع صوتها شيئا خفيفا في محل الجهر؛ لأن هذا سنة للجميع، الرجال والنساء، الجهر والسر.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (408). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 34 س: ما حكم الجهر بالنسبة للصلوات الجهرية بالنسبة للمرأة؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (308). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 34 ج: يستحب لها الجهر بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر، كما يستحب للرجال، فتجهر في حال يناسبها، أو إذا كانت مع النساء، ليس يسمعها رجال من الأجانب، وإذا كان يسمعها رجال فالأفضل عدم الجهر؛ لئلا يفتتن بها، إلا إذا كان ما عندها رجال، وإنما عندها نساء، أو ما عندها أحد، أو محارم فلا بأس بذلك تجهر، فالسنة لها الجهر في الأولى والثانية من المغرب والعشاء، وفي صلاة الفجر. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 35 س: تقول السائلة: هل يجوز للمرأة أن تصلي جهرا في صلاة الجهر عندما تتأكد أنه لا يوجد شخص أجنبي عنها قد يسمعها؟ وما هو دليل ذلك (1)؟ ج: الله شرع لعباده الجهر في الفجر، وفي الأولى والثانية من العشاء والمغرب، وهذا عام للرجال والنساء؛ لأن الشرائع عامة إلا ما خصه الدليل بالرجل أو المرأة، والله شرع أن تجهر في الفجر، وفي الأولى والثانية من المغرب، وفي الأولى والثانية من العشاء، فالمرأة كذلك تجهر جهرا يفيدها وينفع من حولها، وإذا كان حولها رجال أجانب فالأفضل عدم الجهر لها؛ لأن الرجل قد يستمع لصوتها فالأفضل لها   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (121). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 35 عدم الجهر، وهكذا في التلبية بالحج والعمرة، إذا كان حولها رجال الأفضل لها عدم الجهر، وإلا فلا حرج، لكن الأفضل عدم الجهر. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 36 س: هل يجوز للمرأة أن تجهر بالصلاة الجهرية في الفرض (1)؟ ج: نعم تجهر، تقرأ جهرا في المغرب والعشاء والفجر، لكن إذا كان عندها أجنبي فإن الأولى أن تسر؛ لئلا يفتتن بقراءتها، ولا سيما إذا كان صوتها حسنا قد يفتن من يسمعه، الحاصل أن الأفضل لها السر إذا كان عندها أجانب خوف الفتنة، أما إذا كانت بين النساء، أو في بيتها فلا تسر.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (348). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 36 س: هل يجوز للمرأة أن ترفع صوتها قليلا أثناء القراءة في الصلاة وهي تصلي، وسواء كانت تلك الصلوات الجهرية أم السرية (1)؟ ج: يستحب لها رفع الصوت في الجهرية مثل الفجر، مثل الأولى والثانية من العشاء أو المغرب، يستحب لها الجهر مثل ما يستحب للرجال، إلا إذا كان عندها رجال أجانب تسر عنهم أفضل، وإن قرأت السورة فلا حرج الحمد لله.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (227). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 36 س: يسأل عن صلاة المرأة الصلاة الجهرية، هل تجهر المرأة أو لا (1)؟ ج: نعم، السنة لها الجهر، كالرجل في المغرب والعشاء والفجر، السنة لها الجهر في الأولى والثانية من المغرب، والأولى والثانية من العشاء، وفي صلاة الفجر كالرجل جهرا لا يشغل من حوله، إذا كان حولها مصلون أو حولها قراء، أو نوام تجهر جهرا لا يشق عليهم، وهكذا الرجل إذا كان يصلي في الليل، أو مريض يصلي في البيت الفجر أو العشاء يجهر جهرا لا يؤذي من حوله.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (258). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 37 15. بيان كيفية جلوس المرأة في الصلاة س: بالنسبة للمرأة كيف تكون جلسة التشهد الأول والأخيرة في الصلاة الرباعية (1)؟ ج: الصواب أنها كالرجل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» ولم يقل: هذا للرجال خاصة. قال عليه الصلاة   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (326). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 37 والسلام: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» فالمرأة والرجل في هذا سواء، بين السجدتين تجلس على رجلها اليسرى، تفرشها وتجلس عليها في التشهد الأول، كذلك في الأخير تتورك، تقعد على مقعدتها، وتخرج رجلها اليسرى عن يمينها تحت رجلها اليمنى كالرجل سواء، هذا هو الصواب.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 38 الأذكار والأدعية داخل الصلاة وبعد التسليم 16. بيان الأذكار التي تقال داخل الصلاة وبعد التسليم س: ما هي الأذكار الصحيحة داخل الصلاة وبعد التسليم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: داخل الصلاة يشرع له الاستفتاح في أولها، يكبر يقول: الله أكبر. التكبيرة الأولى، وهي التي تسمى تكبيرة الإحرام، ويستفتح كما كان النبي يفعله عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» هذا يسمى استفتاحا   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (286). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك برقم (776)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب افتتاح الصلاة، حديث رقم (806). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 39 وهو أخصرها، ومن ذلك ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم أيضا: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (1)» وهناك استفتاحات أخرى صحيحة موجودة في كتب الحديث كالمنتقى، وبلوغ المرام، والبخاري ومسلم إلى غير ذلك، لكن هذان الاستفتاحان من أخصر الاستفتاحات ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم يقرأ الفاتحة، ثم يقرأ ما تيسر معها إن كان إماما أو منفردا ولو في الأوقات السرية مثل الظهر والعصر، وإن كان مأموما في الجهرية قرأ الفاتحة فقط، وسكت ينصت لإمامه، يستمع للإمام، وإذا كبر للركوع يقول: سبحان ربي العظيم. يكررها ثلاثا أو أكثر، والواجب مرة واحدة، والتكرار مستحب، ويقول مع ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. هذا مستحب أيضا، يقول سبوح قدوس رب الملائكة والروح.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598)، واللفظ له. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 40 هذا مستحب أيضا في الركوع والسجود، وإذا رفع إن كان إماما أو منفردا يقول: سمع الله لمن حمده. وإن كان مأموما يقول: ربنا ولك الحمد – أو اللهم ربنا ولك الحمد - حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. وإن زاد: أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، كان أفضل؛ لأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا اختصر على ما تقدم: وملء ما شئت من شيء بعد، كفى، والواجب: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. وأما بقية سنة، ومستحب وهكذا في السجود، يكبر بعدما يكبر للسجود يقول: سبحان ربي الأعلى. ويقول مع هذا: سبحانك اللهم ربنا لك الحمد، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ويدعو في السجود بما تيسر، يقول: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 41 الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (1)» يعني حري أن يستجاب لكم، يدعو بما يسر الله له من خيري الدنيا والآخرة في السجود، في الفرض والنفل للحديثين المذكورين.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 42 17. بيان الأذكار التي تقال عقب السلام س: ما هي الأذكار التي تقال بعد الصلوات؟ نرجو أن تكون مرتبة مفصلة، جزاكم الله خيرا (1) ج: قد كتبنا في هذا رسالة توزع في دار الإفتاء في بيان الأذكار التي تقال عقب السلام من الصلاة، ومعها رسالة أخرى في بيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها، ورسالة ثالثة في وجوب صلاة الجماعة، ففي الإمكان مراجعة دار الإفتاء لأخذ هذه الرسائل، ونوجز الآن ما يشرع في ذلك لإفادة المستمعين، يشرع للمؤمن والمؤمنة بعد السلام من الصلاة – صلاة الفريضة صلاة الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء – أن يقول بعد السلام مباشرة:   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (246). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 42 أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن ثوبان رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم يستغفر ثلاثا – يعني يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – ثم يقول: (اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (1)» هذه السنة للإمام والمأموم، والمنفرد والرجل والمرأة، وإذا كان إماما ينصرف للناس بعد هذا بعد أن يقول: اللهم أنت السلام ........ إلى آخره. فينصرف إلى الناس، ويعطيهم وجهه إذا كان إماما، ثم يقول كل واحد بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. رواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا بعد كل صلاة إذا أقبل على الناس. زاد المغيرة رضي الله عنه في روايته كما في الصحيحين عنه رضي الله عنه، أنه يقول مع هذا: «اللهم لا مانع   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 43 لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» كل هذا مستحب بعد الصلوات الخمس، ويستحب أن يزيد بعد صلاة المغرب والفجر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، وهو زيادة على ما تقدم، بعد المغرب والفجر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقولها عشر مرات: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير (2)» وإن قال زيادة: بيده الخير. أو قال: وهو حي لا يموت. طيب، كله جاء في بعض الأحاديث، وهذا الذكر جاء على عدة أنواع منه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ومنها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. جاء يحيي ويميت، ومنها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 44 الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير. كل هذا بحمد الله مشروع طيب إذا جاء بهذا أو بهذا، كله طيب والحمد لله، ثم يشرع له أيضا أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، الرجل والمرأة، الإمام والمأموم والمنفرد، يسبح الله ويحمده، ويكبره ثلاثا وثلاثين، يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، ثم قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (1)» وهذا فضل عظيم، وهذا عند بعض أهل العلم إذا كان لا يصر على كبيرة، أما إذا كان عنده كبائر من الذنوب كالزنى والسرقة والنميمة والغيبة فإن هذا الذكر ونحوه لا يكفر لهذه الكبائر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 45 رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) وفي لفظ: (ما لم تغش الكبائر (1)» رواه مسلم في صحيحه. أوصي نفسي وكل مسلم وكل مسلمة بالعناية بهذه الأذكار، والمحافظة عليها بعد كل صلاة؛ لأن الرسول ندب إليها وحث عليها، مع الحذر كل الحذر من جميع المعاصي، وأسأل الله للجميع التوفيق والهداية.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب المكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 46 س: ما الذي يقوله المصلي بعد الصلاة من أدعية وأذكار وآيات تفصيلا وترتيبا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا قد كتبناه في رسالة فيها إيضاح للأمر سميناها: تحفة الأخيار فيما يتعلق بالأدعية والأذكار. قد أوضحنا فيها المطلوب، وقد تقدم هذا في مرات كثيرة. والسنة للمصلي إذا صلى أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، هذا هو السنة للرجل والمرأة في الفريضة، سواء صلاها في   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (302). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 46 المسجد أو صلاها في البيت إذا كان مريضا، وهكذا المرأة، وإذا سلم يقول: أستغفر الله – ثلاث مرات – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وإذا كان إماما ينصرف بعد هذا إلى المأمومين، يعطيهم وجهه بعد قوله: اللهم أنت السلام ومنك السلام. ثم يقول بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. الإمام والمأموم، والرجل والمرأة هكذا يقولون، وإن كررها ثلاثا كان أفضل، ثم يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا سنة للجميع الذكر والأنثى، الحر والعبد، وجميع المأمومين وجميع المصلين. يعني يأتي بهذا الذكر بعد الصلاة سواء صلى في الجماعة أو صلى في بيته إذا فاتته الصلاة، أو كان مريضا، أو المرأة إذا صلت تأتي بهذا الذكر، وفي صلاة المغرب والفجر يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات. ثم يأتي الجميع الإمام والمأموم بالتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يختمونها بقول: لا إله إلا الله وحده لا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 47 شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثم يأتي بآية الكرسي، ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (2)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (3) يأتي بها مرة في الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات في المغرب والفجر، أما آية الكرسي فيأتي بها مرة عند كل صلاة، وعند النوم، كل هذا مشروع ومستحب، وفيه فضل كبير، فالمؤمن ينبغي ألا يعجل، بل يأتي بهذه الأدعية والأذكار بعد كل صلاة ولا يعجل، وإذا أتى بهذه الأدعية وهذه القراءة عند النوم كان هذا سنة، «النبي صلى الله عليه وسلم علم فاطمة وعليا رضي الله عنهما أن يقولا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة عند النوم، والتكبير يكون أربعا وثلاثين (4)» لكن بعد الصلاة ثلاثا وثلاثين، وتمام المائة يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة الفلق الآية 1 (3) سورة الناس الآية 1 (4) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التكبير والتسبيح عند المنام، برقم (1318)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التسبيح أول النهار عند النوم، برقم (2727). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 48 كل شيء قدير؛ لأنه ورد في الحديث الصحيح ختمها بـ: لا إله إلا الله. ولو ختمها بالتكبير فقد جاء ذلك في بعض الصيغ، إلا عند النوم فيختم بالتكبير أربعا وثلاثين تكبيرة، وثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة؛ لأنه ورد في الحديث الصحيح ختمها بـ: لا إله إلا الله. ولو ختمها بالتكبير فقد جاء ذلك أيضا، إلا عند النوم فيختم بالتكبير أربعا وثلاثين تكبيرة، هذا من أفضل الأعمال، أما في الصلاة فأنواع، إن شاء أتى بهذا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة فقط، وإن شاء زاد التكبيرة الرابعة والثلاثين تمام المائة، وإن شاء زاد: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. تمام المائة. كل هذا سنة وكله جائز بعد الصلوات، وعلم صلى الله عليه وسلم فقراء المهاجرين إذا سلموا أن يقولوا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة فقط، ولم يزدهم على هذا، وجاء في حديث أبي هريرة زيادة أن يقولوا تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رواه مسلم في الصحيح. وجاء عند النوم أن يسبح ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر أربعا وثلاثين. وجاء نوع آخر بعد الصلوات الخمس أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 49 18. بيان الأذكار والأدعية التي تقال بعد صلاتي المغرب والفجر س: ما هي الأذكار والدعوات التي يقولها المسلم بعد صلاتي المغرب والفجر (1)؟ ج: السنة بعد الصلوات الخمس جميعا أن يستغفر الله ثلاثا إذا سلم، ويقول اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. الجميع الإمام والمأموم والمنفرد كل واحد إذا سلم يقول: «أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (2)» الرجل والمرأة، والإمام والمأموم والمنفرد، والإمام إذا فرغ من هذا ينصرف إلى الناس، وأعطاهم وجهه وكمل الذكر، ثم يقول بعد هذا كل من الإمام والمأموم والمنفرد: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (3)»   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (219). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 50 «اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» في جميع الصلوات الخمس، الرجل والمرأة والإمام والمأموم والمنفرد، وفي المغرب والفجر يستحب الزيادة على ذلك أن يقول: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات زيادة. الرجل والمرأة، والإمام والمأموم والمنفرد في المغرب وفي الفجر، جاء هذا في عدة أحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، ويستحب أن يقول: اللهم أجرني من النار. سبع مرات بعد الذكر في الفجر والمغرب، روي فيها عند أبي داود حديث لا بأس به، فيستحب أن يقول: اللهم أجرني من النار. سبع مرات، ثم بعد ذلك في جميع الصلوات يقول كل واحد في جميع الصلوات: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، الرجل والمرأة، والإمام والمأموم والمنفرد، بعد الفرائض الخمس، الجميع تسعة وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذا سنة أيضا، ويستحب أن يقرأ بعد هذا: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (2) آية   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (2) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 51 الكرسي إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (1) هذا آخرها، ويستحب أيضا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين بعد كل صلاة إلا المغرب والفجر، فيكررها ثلاثا، هذا هو الأفضل، كل هذا سنة، كل هذا جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام.   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 52 س: ما هي الأدعية التي تكون بعد صلاة الفجر والمغرب؟ أوجزوها لنا، جزاكم الله خيرا. (1) ج: يستحب للمؤمن والمؤمنة الاشتغال بالذكر والدعاء في أوائل الليل وأوائل النهار، ويدخل في ذلك العشي آخر النهار كالعصر، فيستحب للمؤمن أن يكثر من ذكر الله في هذه الأوقات؛ لأن الله جل وعلا أمر بتسبيحه وذكره بكرة وعشيا، والعشي آخر النهار، والبكرة أول النهار، فيشتغل بما يسر الله له من الذكر مثل: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (160). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 52 بالله (1)» «سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم (2)» وهكذا الأدعية المناسبة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذا تيسرت له وحفظها ودعا بها، وهي طيبة، يدعو بها في أول الليل وأول النهار، كل ذلك مما ينبغي فعله، وإذا تيسر له مراجعة الكتب المؤلفة في هذا مثل الأذكار للنووي، ومثل رياض الصالحين، ومثل الترغيب والترهيب، ومثل الوابل الصيب لابن القيم، وأشباهه من الكتب التي تنفعه ويستفيد منها هذا حسن، ومن ذلك أن يقول في أول الليل: أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذه الليلة، وخير ما فيها، وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما بعدها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، ومن عذاب في النار، ومن عذاب في القبر، اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا، وبك نحيا وبك نموت،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل من تعار من الليل فصلى، برقم (1154). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى أو قرأ. . .، برقم (6682)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التهليل والتسبيح والدعاء، برقم (2694). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 53 وإليك المصير. وما أشبه ذلك مما ورد، وهكذا يقول في الصباح مثل ذلك، يقول: أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذا اليوم وخير ما فيه وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما فيه وشر ما بعده، رب إني أعوذ بك من الكسل، وأعوذ بك من سوء الكبر، وأعوذ بك من عذاب في النار، وعذاب في القبر، اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور، اللهم إني أصبحت على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وملة أبينا إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – حنيفا مسلما وما كان من المشركين. كل هذه جاءت بها السنة، ومن ذلك: «اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي (1)»   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما برقم (4770)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح وإذا أمسى، برقم (3871). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 54 فقد كان يدعو بهذا الدعاء عليه الصلاة والسلام صباحا ومساء. وهكذا إذا راجع الكتب التي ذكرناها آنفا وغيرها، يستفيد منها؛ لأن جمعها الآن وذكرها الآن قد يأخذ وقتا طويلا، نسأل الله للجميع التوفيق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 55 19 - بيان الأدعية التي يدعو بها المصلي في صلاة الفجر س: ما هي الأدعية التي يستحب أن يدعو بها المصلي عند صلاة الفجر؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: يدعو بما يسر الله له، المصلي وغير المصلي، يدعو بما يسر الله له بالدعوات الطيبة في الفجر، في آخر الصلاة، في آخر التحيات في أي صلاة في كل الصلوات، وفي السجود كذلك وفي آخر الليل، وبين الأذان والإقامة يدعو بما يسر الله، وإذا حفظ دعوات من الرسول صلى الله عليه وسلم كانت أفضل من غيرها، يراجع كتب الدعوات مثل: الترغيب والترهيب للحافظ المنذري، مثل: بلوغ المرام. في آخره دعوات ذكرها عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: رياض الصالحين. يراجع الدعوات التي فيه، وهكذا فهذه الكتب التي فيها الدعوات دعوات النبي صلى الله عليه وسلم ويستعملها ويحفظها، الوابل الصيب   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (256). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 55 لابن القيم، الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، يراجع الكتب المفيدة، واحفظ الدعوات التي فيها مثل: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (1)»، هذا من أجمع الدعوات التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، ومثلا يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به الإنسان، كذلك من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو وشماتة الأعداء (3)» «اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء (4)» «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر (5)». هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد دعا دعوات   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (24856)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (483). (3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6581)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من غلبة الدين، برقم (5475). (4) أخرجه البخاري في كتاب القدر، باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء، برقم (6616). (5) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، برقم (2720). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 56 كثيرة عليه الصلاة والسلام، لكن هذا من أجمعها: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر (1)» هذا أخرجه مسلم في صحيحة عن أبي هريرة من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعائه: «اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء (2)» «اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء (3)» «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال (4)» كل هذه دعوات عظيمة: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (5)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ودعواته كثيرة اللهم   (1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، برقم (2720). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6581)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من غلبة الدين، برقم (5475). (3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6581)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من غلبة الدين، برقم (5475). (4) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من غلبة الرجال، برقم (6363). (5) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات؛ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، برقم (6389)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة، برقم (2190). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 57 صل عليه وسلم، ومن دعاء النبي: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت، وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير (1)» ومن راجع كتب الحديث وجد أشياء كثيرة من هذا.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، برقم (6398)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، برقم (2719)، واللفظ له. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 58 20 - بيان بعض الأذكار التي تشرع عقب صلاة الصبح والمغرب س: يقول السائل: بعد صلاة الصبح والمغرب أقول عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. هل هذا من البدع أم هو النهج الصحيح؟ (1) ج: سنة، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث أنه دعا   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (288). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 58 إلى هذا الشيء وأثنى على من فعله عشر مرات بعد صلاة الفجر، وعشر مرات بعد صلاة المغرب مع الذكر المشروع عند الصلوات الأخرى، يقول بعدما يسلم: أستغفر الله – ثلاثا – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يقول: لا إله الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثم يأتي بعدها بعشر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات. وإن زاد: «بيده الخير (1)» أو قال: «وهو حي لا يموت (2)» كله طيب.   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الرحمن بن غنم الأشعري رضي الله عنه، برقم (17529)، وابن ماجه في كتاب الأدب، باب فضل لا إله إلا الله، برقم (3799). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا دخل السوق، برقم (3428)، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب الأسواق ودخولها، برقم (2235). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 59 21 - بيان فضل ترتيب الأذكار الواردة بعد الصلاة س: هل يجب ترتيب الأذكار الواردة بعد الصلاة؟ (1) ج: حسب ما ورد، الأفضل أن يأتي بها حسب ما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه كان يبدأ أولا إذا سلم من الفريضة بالاستغفار ثلاثا يقول: «أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (2)» كما ثبت ذلك من حديث ثوبان عند مسلم، وثبت بعضه عن عائشة عند مسلم أيضا أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقعد بعد السلام مقدار ما يقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (3)» يعني ثم ينصرف إلى الناس ليعطيهم وجهه، ثم يقول بعد هذا: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (4)» جاء في حديث ابن الزبير   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (354). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (4) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 60 والمغيرة ما يدل على أنه يقولها واحدة، وجاء في رواية أخرى ما يدل على التثليث – يعنى يقولها ثلاثا يكررها – ويقول: «لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (1)» «الهم لا مانع لم أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (2)» بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا الذكر، ويزيد في المغرب والفجر عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. جاءت في هذا أحاديث أخرى صحيحة في المغرب والفجر مع الذكر المذكور يأتي بالعشر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. ثم يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسع وتسعون، ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (594). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 61 على كل شيء قدير. كل هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (1) هذه آية واحدة، ويقال لها آية الكرسي، وهي أفضل آية في القرآن، وأعظم آية في القرآن الكريم، كما أن أعظم سورة وأفضل سورة في القرآن سورة الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) ثم بعد آية الكرسي يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (4) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (5) مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات بعد الفجر والمغرب، هذه السور الثلاث يقرؤها مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، ويكررها ثلاثا بعد المغرب وبعد الفجر بعد الأذكار المتقدمة وبعد آية الكرسي.   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الفاتحة الآية 2 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الفلق الآية 1 (5) سورة الناس الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 62 22 - حكم من نسي شيئا من الأذكار بعد الصلاة س: إن الإنسان بعد فراغه من الفريضة يقول أذكارا فما هي هذه الأذكار؟ وما حكم من نسي شيئا منها؟ وما حكم من زاد عليها متعمدا؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة أنه كان يقول إذا سلم من الفريضة – الظهر، العصر، المغرب، العشاء، الفجر – يقول: «أستغفر الله – ثلاثا، أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (2)» ثبت هذا عنه في حديث ثوبان، وثبت بعض ذلك من حديث عائشة رضي الله عنها، فالسنة لجميع المصلين إماما أو مأموما أو منفردا إذا سلم من الفريضة أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم ينصرف إلى الناس، إن كان إماما ويلتفت إليهم، ويعطيهم وجهه، وثبت عنه أنه كان يقول بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (317). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 63 وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، كل هذا سنة ليس واجبا، ولو قام ونسيها فلا شيء عليه وهو صحيح لكن هذا هو السنة، ثم يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة بعد كل من الصلوات الخمس، سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسع وتسعون، ويكمل المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذا هو المشروع للرجال والنساء في السفر والحضر، بعد الصلوات الخمس، والسنة رفع الصوت بذلك، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع الصوت بذلك، يسمعه من حوله ويسمعه من حول المسجد، يسمع الناس من كان خارج المسجد، يسمعون أذكاره. يقول ابن عباس رضي الله عنهما: «كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 64 بذلك إذا سمعته (1)» هذا هو السنة رفع الصوت بذلك، رفعا متوسطا يعلم الناس الذين حول المسجد أنهم سلموا من الصلاة، يتعلم بعضهم من بعض، ويتذكر بعضهم من بعض، إذا رفع الصوت يتعلم الجاهل، ويتذكر الناسي، ويستحب في المغرب والفجر أن يزيد عشر تهليلات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات عند السلام من الفجر والمغرب، بعد قوله: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يأتي بهذه العشر مع قوله: لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ومع قوله: لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. يأتي بهذا كله، وقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات بعد المغرب وبعد الفجر، في السفر والحضر، الرجل والمرأة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (841)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (583). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 65 كذلك، ويستحب أيضا أن يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) إلى آخرها، ويستحب أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين بعد كل صلاة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (3)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (4)؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حث عليهم جميعا، لكن في المغرب والفجر يكرر هذه السور الثلاث ثلاث مرات، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) ثلاث مرات، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (6) ثلاث مرات {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (7) ثلاث مرات، هذا هو الأفضل، كل هذه الأذكار مستحبة، من تركها فلا شيء عليه، ولو أتى بأذكار كثيرة بعد ذلك لا يضر، فلو ذكر الله كثيرا: الحمد لله – مئات المرات وآلاف المرات – الحمد لله، لكن السنة أن يلزم هذه الأذكار، فإذا زاد عليها بعد ما يأتي بها زاد عليها في مكانه أو في الطريق أو في بيته، أو في أي مكان كله خير، الذكر كله خير طيب، لكن هذه يخصها، وإذا أحب أن يزيد بعد ذلك أذكارا أخرى: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. أو يقول: سبحان الله   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الفلق الآية 1 (4) سورة الناس الآية 1 (5) سورة الإخلاص الآية 1 (6) سورة الفلق الآية 1 (7) سورة الناس الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 66 وبحمده سبحان الله العظيم. أو يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. كل هذا طيب وليس له حد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، وسبحان الله العظيم (3)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الآداب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة، برقم (2137). (2) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم (515)، ومالك في كتاب النداء للصلاة، باب ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى، برقم (489). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى أو سبح. . .، برقم (1682)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم (2694). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 67 23 - حكم الزيادة على الأذكار الواردة عقب الصلوات س: بعضهم يذكر جملة من لأذكار يا سماحة الشيخ فيقول: إذا قلت مثلا: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله العظيم وبحمده بكرة وأصيلا، ولله الحمد. فإذا زدت مثل هذا الذكر هل يؤثر أو لا؟ (1) ج: لا حرج في ذلك لكن يأتي بالأذكار الشرعية على حدة، ويأتي بما زاد على حدة على وجه آخر.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (317). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 68 24 - بيان كيفية التسبيح بعد كل صلاة س: يسأل عن كيفية التسبيح بعد كل صلاة، جزاكم الله خيرا. (1) ج: السنة بعد صلاة الفريضة أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – ثلاث مرات بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر – اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. أول ما يسلم الإمام والمنفرد والمأموم، كل واحد إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا   (1) السؤال الثالث من الشريط (317). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 68 الجلال والإكرام. قبل كل شيء، هذا أول شيء، ثم الإمام ينصرف إلى الناس بعد هذا، ينصرف الإمام إلى الناس ويعطيهم وجهه، ثم يقول بعد ذلك الإمام والمنفرد والمأموم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. مرة واحدة أو ثلاث مرات، كله جاءت به السنة، ثم يقول بعدها: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. يعني: لا غنى إلا منك، ولا عطاء إلا عطاؤك. هذه السنة للجميع للإمام والمنفرد والمأموم بعد قول: أستغفر الله – ثلاثا – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يأتي بهذا الذكر، نعيده: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن شاء زاد: يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير. أو: يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. كله جاءت فيه الأحاديث: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن شاء قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. وإن شاء قال: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 69 لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. وإن شاء قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. كل هذا جاءت فيه النصوص، ويقول بعدها: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم يقول: لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له الحمد وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين – يعنى له العبادة، يعنى الدين، معنى العبادة مخلصين له الدين – ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. كل هذا يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد كل صلاة عليه الصلاة والسلام، فالسنة للإمام والمنفرد والمأموم أن يقول هذا تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويستحب أن يزيد في المغرب والفجر زيادة عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات مع ما ذكر في الفجر والمغرب خاصة؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات الجزء: 9 ¦ الصفحة: 70 يقولها بعد المغرب زيادة وبعد الفجر، ويستحب بعد هذا كله أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة. هذه تسعة وتسعون ثم يقول: بعد ذلك تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من فعل هذا غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (1)» هذا فضل عظيم، ويستحب للمؤمن والمؤمنة جميعا أن يأتي بهذا الذكر الذي تقدم كله، الرجل والمرأة جميعا، ويستحب للجميع أيضا أن يقول كل واحد: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، ويقول مع ذلك في آخر ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. جاء في الحديث الصحيح أن العبد إذا قال ذلك غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. وعد عظيم، وفضل كبير، والمعنى إذا لم يصر على السيئات، هذه المغفرة جاءت في الأحاديث الأخرى، تدل على أنها مقيدة بعدم الإصرار على الكبائر على المعاصي لقول الله سبحانه في كتابه العظيم: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (2)   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). (2) سورة النساء الآية 31 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 71 فالمسلم إذا تجنب الكبائر كالزنى والسرقة والعقوق للوالدين أو أحدهما، وشرب الخمر، والغيبة والنميمة وأشباهها من الكبائر إذا تجنبها غفر الله له خطاياه في صلاته ووضوئه وتسبيحاته، وغير ذلك من وجوه الخير، وهذا معنى قوله سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (1) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر (2)» ويستحب أيضا للمؤمن والمؤمنة بعد كل صلاة مع ما تقدم أن يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (3)، هذه آية الكرسي ينبغي حفظها، الرجل والمرأة، كل واحد ينبغي حفظها، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} (4) - يعني نعاس -،   (1) سورة النساء الآية 31 (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب المكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233). (3) سورة البقرة الآية 255 (4) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 72 {وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (1) يقرؤها المؤمن والمؤمنة بعد كل صلاة، مؤمن بما دلت عليه، مؤمن بما فيها، ويستحب أيضا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2)، والمعوذتين بعد كل صلاة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (4) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (5) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (6)، بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (7) {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} (8) {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} (9) {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (10) {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (11)، بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (12) {مَلِكِ النَّاسِ} (13) {إِلَهِ النَّاسِ} (14) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (15) {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} (16) {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} (17) بعد كل صلاة كل هذا مستحب، لكن يكررها بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، بعد المغرب خاصة والفجر ثلاث مرات يكرر:   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 2 (5) سورة الإخلاص الآية 3 (6) سورة الإخلاص الآية 4 (7) سورة الفلق الآية 1 (8) سورة الفلق الآية 2 (9) سورة الفلق الآية 3 (10) سورة الفلق الآية 4 (11) سورة الفلق الآية 5 (12) سورة الناس الآية 1 (13) سورة الناس الآية 2 (14) سورة الناس الآية 3 (15) سورة الناس الآية 4 (16) سورة الناس الآية 5 (17) سورة هود الآية 119 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 73 {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1)، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (2)، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (3)، مع التسمية في كل واحدة، ويستحب أن يقرأ عند النوم أيضا آية الكرسي وهذه الثلاث السور عند النوم، يقرأ آية الكرسي مرة واحدة، ويقرأ هذه الثلاث السور عند النوم ثلاث مرات عند النوم، هي من أسباب السعادة والعافية من كل شيء، وفق الله الجميع.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة الفلق الآية 1 (3) سورة الناس الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 74 25 - حكم جمع التسبيح والتحميد والتكبير في وقت واحد س: السائل: أ. ع، يقول: هل يجوز النطق في التسبيح بـ: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. في وقت واحد دون إفراد كل واحدة منها؟ (1) ج: هو مخير، إن شاء قال: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. جميعا يكررها ثلاثا وثلاثين مرة بعد كل صلاة، وإن شاء كل واحدة وحدها: سبحان الله ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله أكبر ثلاثا وثلاثين، كله جائز، ولكن جمعها أسهل وأيسر، جمعها: سبحان الله،   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (431). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 74 والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، جمعها أيسر، ثم يختم المائة بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. بعد كل صلاة: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر. بعد الذكر. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 75 26 - بيان السنة في ترتيب الأذكار عقب السلام س: السائلة التي رمزت لاسمها بأم محمد تقول: هل الأذكار بعد كل صلاة كالتسبيح ثلاثا وثلاثين مرة، والتحميد ثلاثا وثلاثين مرة، والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير تكون مرتبطة بقراءة آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين؟ أفيدوني بذلك. (1) ج: سنة بعد السلام، إذا سلم واستغفر ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. أن يأتي بعدها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير – مرتان أو ثلاث مرات – لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (357). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 75 مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لم أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ثبت في الحديث عن المغيرة بن شعبة، ومن حديث ابن الزبير ومن حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي بهذا عليه الصلاة والسلام، كان إذا سلم استغفر ثلاثا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (1)» ثبت من حديث ثوبان ومن حديث ابن الزبير كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (2)» وثبت من حديث المغيرة أنه عليه السلام إذا سلم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (3)» هذا كله يؤتى به قبل التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة، ثم تمام   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 76 المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ثم يأتي بآية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) ثم يأتي: بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين بعد ذلك بعد كل صلاة، ويستحب أن يزيد في المغرب والفجر التهليلات العشر مع ما ذكر يزيده عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات بعد المغرب، وبعد الفجر قبل أن يأتي بالتسبيح والتحميد إلى آخره.   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 77 27 - بيان أنواع التسبيح المشروع بعد كل الصلاة س: ما هو التسبيح المستحب لكل صلاة؟ وهل الحركة تبطل الصلاة؟ (1) ج: التسبيح المشروع بعد كل صلاة أنواع، لكن أكملها: سبحان الله، والحمد لله، والله وأكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، هذا أكمل الأنواع، ثم يختم فيها بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. بعد كل صلاة، هذه تسعة وتسعون، ثم يقول تمام   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (224). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 77 المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر (1)» أخرجه مسلم في صحيحه. هذا يدل على فضل هذا الدعاء العظيم بعد كل صلاة، وفيه هذا الخير العظيم، وفي رواية عند مسلم (2) رحمه الله: بدل لا إله إلا الله التكبير أربعا وثلاثين، والتسبيح ثلاثا وثلاثين، والتحميد ثلاثا وثلاثين، الجميع مائة. هذا نوع آخر، وفيه نوع ثالث: يسبح ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر ثلاثا وثلاثين، ولا يأتي بشيء زيادة على هذا، علم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الفقراء. وهناك نوع رابع، وهو أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمسا وعشرين مرة،   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (596). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 78 يزيد فيها: لا إله إلا الله. الجميع مائة، كله طيب، وإن كان يفعل هذا تارة وهذا تارة لكن أفضلها أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين، ثم يختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 79 28 - حكم صلاة من لم يأت بالأذكار بعد الصلاة س: التسبيحات والدعوات هل هي فرض أم سنة، وهل هناك تسبيحات ودعوات خاصة بعد الصلوات، وإذا لم يسبح أو يدعو الإنسان بعد الصلاة هل صلاته تكون كاملة أم لا؟ (1) ج: الصلاة صحيحة، والذكر بعدها مستحب وليس بواجب، ولو صلى ولم يأت بالذكر صلاته صحيحة، لكنها ناقصة من جهة أنه لم يكملها بالذكر الشرعي، وإلا فالصلاة صحيحة، لكن الصلاة التي تكمل بالذكر أفضل منها وأكمل، والسنة بعد الصلاة إذا سلم أن يستغفر ثلاثا، يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (2)» كما كان النبي يفعل عليه الصلاة   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (216). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 79 والسلام، وإذا كان إماما بعد هذا الذكر ينصرف للناس يعطيهم وجهه، أما المأموم والمنفرد فيقول ذلك وهو مستقبل القبلة في مكانه، وإن قال ذلك وهو واقف أو ماش فلا حرج، لكن الأفضل أن يصبر حتى يأتي بالأذكار الشرعية، ويقول بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. كان النبي يفعل هذا بعد كل الصلوات عليه الصلاة والسلام، فالسنة للمؤمن والمؤمنة أن يأتي بهذه الأذكار بعد كل صلاة، كذلك يستحب أن يسبح الله الرجل والمرأة، ويحمد الله، ويكبر الله ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسعة وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. بعد كل صلاة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت خطاياه، وإن كانت مثل زبد الجزء: 9 ¦ الصفحة: 80 البحر (1)» وهذا فضل عظيم، وفيه خير كثير، والمعنى إذا لم يصر على السيئات، إذا لم يكن له سيئات قد أصر عليها فإن الله يغفر له بهذا الذكر، سيئاته الصغائر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر (2)» وفي الرواية الأخرى: «ما لم تغش الكبائر (3)» فوصيتي لكل مؤمن ومؤمنة أن يأتي بهذه الأذكار بعد كل صلاة، ولا يعجل، يأتي بها وهو جالس، وإن أتى بها وهو قائم أو ماش فلا حرج، ويستحب أن يزيد في المغرب والفجر عشر تهليلات، بعد الفجر والمغرب، كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، هذا أفضل زيادة على ما تقدم، والذكر منوع، وإذا أتى بواحدة منها فقد أصاب السنة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب المكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233). (3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب المكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 81 29 - حكم رفع الصوت بالأذكار بعد الانصراف من المكتوبة س: السائلة: م. م. يقول: سماحة الشيخ، ما هو الأفضل في السنة عندما أسبح وأهلل وأكبر، هل أخفض صوتي أم هو في النفس أم هو على الشفتين؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: السنة رفع الصوت بالأذكار، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: «كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم (2)» فالسنة رفع الصوت، إذا سلم قال: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يرفع صوته بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مرة، والأفضل ثلاثا بعد الظهر والعصر والعشاء، وبعد المغرب والفجر يزيد ذلك عشر مرات: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، يرفع الصوت ليسمع من حوله، يسمعه من في باب المسجد، يسمعون هل انقضت الصلاة أم لا،   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (411). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 82 كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (1)»؛ لأنه كان صبيا قد يحضر الجماعة وقد لا يحضر الجماعة، فالمقصود أن السنة الجهر، بعض الناس إذا سلم يخافت، هذا خلاف السنة، بل السنة إذا سلم أن يرفع صوته حيث يسمعه من حوله ويعلم الناس أن الصلاة انتهت، ثم بعد هذا يسبح الله، ويحمد الله، ويكبره ثلاثا وثلاثين، هذه لو خفض صوته فيها لا بأس؛ لأن العلم بانتهاء الصلاة قد علم بالأذكار الأولى، فإذا خفض صوته بعض الشيء بـ: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة فلا بأس، وإن رفع فلا بأس لأنها تبع الذكر، السنة أن يقول بعد الصلاة: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسع وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لما رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 83 الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (1)» هذا فضل عظيم، وجاءه الفقراء من المهاجرين وقالوا: يا رسول الله، إن إخواننا أهل الأموال غبنونا، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق – يعني ما عندنا شيء – ويعتقون، ولا نعتق. فقال لهم صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على شيء تسبقون به من بعدكم وتدركون به من سبقكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم " قالوا: بلى يا رسول الله. قال: " تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين " فرجعوا إليه وقالوا: يا رسول الله، سمع إخواننا أهل الأموال ففعلوا مثلنا. قال لهم صلى الله عليه وسلم: " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (2)» إذا جمع الله لهم الصدقة بالأموال والأذكار الشرعية هذا فضل الله جل وعلا، والفقير له فضله وله أجره مثل أجورهم لأنه منعه العجز، الإنسان إذا منعه العجز ونيته الصالحة أنه ينفق له أجر المنفقين، كما أن   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (843)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (595)، واللفظ له. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 84 المجاهد في سبيل الله له أجر عظيم، والقاعد له مثل أجره، القاعد الذي عجز عن الجهاد وهو يحب الجهاد لكن عجز لمرض ونحوه له مثل أجر المجاهدين فضل من الله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 85 30 - مسألة في الترتيب بين الأذكار عقب الصلاة س: هل يلزم الترتيب في هذه الأذكار، ولو قدم بعضها على بعض هل في ذلك شيء؟ (1) ج: السنة يقدم: أستغفر الله. ثلاثا أول ما يسلم، ثم بعدها يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. مرة أو ثلاث مرات كما في حديث ابن الزبير والمغيرة، ثم يقول: لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. صح من حديث المغيرة ومن حديث ابن الزبير أن النبي كان يفعل هذا إذا سلم لحديث ثوبان، أول ما يسلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله،   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (411). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 85 «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (1)» ثم ينصرف إلى الناس ويعطيهم وجهه عليه الصلاة والسلام، ثم يقول كما في حديث ابن الزبير والمغيرة السابق، يجهر بهذا بعد الصلوات الخمس، ويزيد في المغرب وفي الفجر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، كما ثبت في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعد هذا يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يختمها بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثم يستحب له أن يأتي بآية الكرسي بعد هذا، ثم يأتي بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2)، والمعوذتين بعد ذلك، وفي الفجر والمغرب يكررها ثلاثا في أول الصباح وأول الليل، أما بعد الظهر والعصر والعشاء مرة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (2) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 86 31 - مسألة في حكم رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة س: كيف الرد على من يقول بجواز رفع الصوت بالذكر عقب الجزء: 9 ¦ الصفحة: 86 الصلاة يحتج بقول ابن عباس رضي الله عنهما: رفع الصوت بالذكر كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ وجهونا سماحة الشيخ. (1) ج: نعم، هذا هو السنة رفع الصوت بالذكر، أما من قال إنه بدعة فهو غلطان، السنة أن يرفع الصوت بالذكر كما كان النبي يفعل وأصحابه، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (2)» فالسنة للإمام والمأمومين إذا سلموا من الصلاة رفع الصوت رفعا متوسطا لا صراخ فيه حتى يتعلم الجاهل ويتذكر الناسي، أما ما يفعل بعض الناس يهلل بينه وبين نفسه فلا، هذا خلاف السنة، السنة أن يرفع الصوت بالذكر حتى يتتابع الناس بأفعال السنة.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (385). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 87 32 - حكم قول الأوراد الشرعية والإنسان مشغول بالأعمال س: تقول السائلة: هناك ورد وتسابيح تقولها والدتي بعد كل صلاة، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 87 ولكن انشغالها بالأعمال المنزلية لا يسمح لها الوقت أن تقوله على السجادة، هل يصح أن تقوله وهي مشغولة بالأعمال المنزلية من غير عدد؟ أرشدوني وفقكم الله. (1) ج: لا حرج في ذلك، لا حرج أن تأتي بالأوراد الشرعية أول النهار أو آخر النهار، أو أول الليل وهي في أعمالها من طبخ وكنس، وغير ذلك جمعا بين المصالح إذا تيسر لها أن تجلس قليلا بعد صلاة الفجر والعصر والمغرب حتى تكمل بعض الورد والأشياء المشروعة فهذا حسن، وإن لم يتيسر ذلك أتت بها في حال انشغالها؛ لأن هذا جمع بين المصالح، لا حرج فيه والحمد لله، لكن جلوسها في مصلاها حتى تأتي بالورد يكون أخشع للقلب، وأجمع للقلب إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر أتت بذلك في أعمالها.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (25). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 88 33 - بيان دخول النساء في فضل حديث «من صلى الفجر في جماعة» س: أم عبادة تقول: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 88 ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة (1)» هل هذا الفضل يكون للنساء أيضا إذا صلين في بيوتهن؟ وهل يشترط لهذا الفضل أن تكون الصلاة في جماعة؟ أي هل يكون للمرأة إذا صلت في بيتها وحدها غير جماعة وقعدت تذكر الله حتى تطلع الشمس ذلك الفضل؟ وجهونا جزاكم الله خيرا. (2) ج: نعم يرجى لها ذلك، يرجى لها هذا الفضل العظيم، أما الصلاة المذكورة فتكون بعد أن تطلع الشمس، أي عند ارتفاع الشمس قدر رمح، أي بعد ربع ساعة أو نحوها من مطلع الشمس.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، برقم (586). (2) السؤال الثالث من الشريط رقم (327). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 89 34 - حكم النوم بعد صلاة الصبح س: هل النوم بعد صلاة الصبح عمل من أعمال الجاهلية؟ (1) ج: لا أعلم فيه بأسا، النوم بعد الصلاة لا أعلم فيه بأسا، ولا حرج منه، لكن الجلوس بعد الصلاة للذكر والاستغفار والقراءة حتى ارتفاع   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (316). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 89 الشمس هذا أفضل، كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل هذا، وهو أفضل، ولو نام لا حرج عليه، لا أعلم فيه حرجا؛ لأن الأصل أنه لا ينهى عن شيء إلا ما نهى الله عنه ورسوله، فإذا جلس الإنسان في مصلاه يذكر الله أو يقرأ حتى ترتفع الشمس هذا أفضل تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وإذا خرج إلى بيته أو إلى أعماله أو نام فلا حرج عليه في ذلك، والحمد لله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 90 س: ما هو الحكم في النوم بعد صلاة الفجر؟ وهل يقسي القلب، وهل يعتبر من المنكرات؟ (1) ج: ليس في النوم بعد الفجر حرج، ولا نعلم فيه بأسا، وما اشتهر بين الناس أنه فعل غير طيب، وأنه كذا وكذا ليس عليه دليل يعتمد عليه، فالنوم بعد الفجر لا حرج فيه وبعد العصر لا حرج فيه، لكن من جلس بعد الفجر في مصلاه يقرأ ويستغفر الله، ويسبح ويهلل ونحو ذلك حتى تطلع الشمس يكون هذا أفضل كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ترك فلا حرج عليه، فمن قام لحجاته أو نام، أو اشتغل بأشياء أخرى فلا بأس عليه.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (310). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 90 س: إني رجل أصلي مع الجماعة في صلاة الفجر، وبعد انتهاء الصلاة أتكئ وأنام حتى طلوع الشمس، هل علي إثم في ذلك؟ (1) ج: لا حرج عليك، لكن الأفضل من هذا أن تشتغل بذكر الله، وقراءة القرآن، والتسبيح والدعاء حتى تصبح إذا تيسر لك ذلك، هذا هو الأفضل، وأما النوم فلا حرج فيه، لكن كونك تعمر وقتك هذا عظيم أول النهار، بالذكر والدعاء فهو الأفضل.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (209). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 91 35 – حكم التسبيح جماعة بصوت مرتفع س: سائل يقول: أرجو الإيضاح التام عن مسألة التسابيح والذكر بـ: لا إله إلا الله، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الانتهاء من الصلاة في المسجد، هل تكون جماعية وبصوت مرتفع أم على انفراد وبصوت منخفض؟ جزاكم الله خيرا. /8 L681750 8/ ج: التسبيح والتهليل بعد الصلاة مشروع للجميع، كلهم يرفعون أصواتهم جميعا، من دون مراعاة لأن يكون جماعيا، كل يرفع صوته من غير مراعاة لصوت الآخر، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان الجزء: 9 ¦ الصفحة: 91 رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (1)» فابن عباس رضي الله عنهما بين أنهم كانوا يرفعون أصواتهم بعد السلام حتى يعلم من حول المسجد أنهم سلموا، هذا هو السنة، لكن ليس معناه أنه بصوت جماعي منظم، لا، بل هذا يذكر الله وهذا يذكر الله، والحمد لله، ومن دون أن يراعى صوت جماعي.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 92 س: قراءة التسبيح إثر كل صلاة مفروضة بصوت عال مع الجمعة هل هو جائز؟ (1) ج: السنة رفع الصوت بالأذكار كلها بعد الصلوات: بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول رضي الله عنه: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (2)» يعنى يسمع صوت الذاكرين بعد السلام، فيعلم أنهم   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (316). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 92 انصرفوا، كان صبيا صغيرا قد لا يحضر صلاة الجماعة، فيسمع أصواتهم وهو خارج المسجد، وكان حين توفي الرسول صلى الله عليه وسلم قد راهق الاحتلام، وهذا الكلام قاله في حال صغره، فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع الصوت بالذكر وهكذا الصحابة بعد السلام، ولهذا سمعه الصحابة، ونقلوا ذكره صلى الله عليه وسلم، سمعوه يقول إذا سلم: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (1)» وسمعوه يقول: لا إله إلا الله. إذا انصرف إلى الناس وأعطاهم وجهه يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. أخبر الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، ثوبان أخبر عن بعض هذا، وابن الزبير عن بعض هذا، والمغيرة بن شعبة كذلك، كلهم أخبروا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يسمعونه يأتي بهذه   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 93 الأذكار، وهكذا التسبيح يشرع بعد كل صلاة من الخمس أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، يكررها ثلاثا وثلاثين مرة. النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من فعل ذلك وختمها بكلمة التوحيد يغفر له، فقال صلى الله عليه وسلم: «من سبح ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (1)» هذا فضل عظيم. ولما جاءه فقراء المهاجرين فقالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور – أي أهل الأموال – بالدرجات العلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق – يعني ما عندنا مال هم يتصدقون ونحن ما نتصدق، هم يعتقون ونحن ما نعتق، ما عندنا أموال – فقال عليه الصلاة والسلام: " ألا أدلكم على شيء تدركون به من سبقكم وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثلما صنعتم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «تسبحون وتحمدون   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 94 وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة (1)» هذا يدل على فضل هذا التسبيح والتحميد والتكبير، وأنه يختمه بـ: لا إله إلا الله. أي يختم المائة بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. أو يزيد في التكبيرة، يكون التكبير أربعا وثلاثين، يكون الجميع مائة، كل هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويستحب هذا الذكر عند النوم أيضا، عند النوم يسبح ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر أربعا وثلاثين، الجميع مائة عند النوم، فاستحب هذا النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمه عليا وفاطمة رضي الله عنهما عند النوم، وهو تعليم لهما ولغيرهما من الأمة، التعليم لعلي ولفاطمة تعليم للأمة كلها، ورفع الصوت مشروع لكن وسط يسمعه من حولهم، يسمعه من خارج المسجد أنهم سلموا ما فيه شيء متكلف، صوت عال مسموع كل واحد لنفسه، كل واحد يذكر الله لنفسه، ليس بذكر جماعي.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 95 36 - حكم حديث إذا صليت الصبح فقل قبل أن تتكلم: اللهم أجرني من النار، سبع مرات س: هناك حديث رواه ابن مسلم التميمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: «إذا صليت الصبح فقل قبل أن تتكلم: اللهم الجزء: 9 ¦ الصفحة: 95 أجرني من النار، سبع مرات (1)» وكذلك قال له بعد صلاة المغرب (2) ج: نعم، هذا رواه أبو داود، ولا بأس به، بعضهم جرحه؛ لأن التابعي فيه جهالة، ولكن إذا فعله الإنسان نحسن الظن إن شاء الله؛ لأن الغالب على التابعين الخير، فلا بأس إذا قال بعد المغرب والفجر: اللهم أجرني من النار. سبع مرات، فهو حسن إن شاء الله.   (1) أخرجه أحمد في مسند الشاميين، من حديث الحارث التميمي، برقم (17592)، وأبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، برقم (5079). (2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (21). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 96 37 - حكم قول: اللهم أنت السلام وإليك السلام بدلا عن قول: ومنك السلام س: هل قول: اللهم أنت السلام وإليك السلام – بدلا عن قول: ومنك السلام – هل هذا مخل بالعقيدة؟ (1) ج: السنة: اللهم أنت السلام ومنك السلام. هذا السنة: تباركت يا ذا الجلال والإكرام. معنى أنه سبحانه هو السلام، يعني الكامل من كل نقص والسالم من كل عيب، وقيل معناه: المسلم لغيره مع كونه سالما   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (87). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 96 في نفسه، هو مسلم لغيره أيضا، فالسلامة تطلب منه، ولهذا قال: (ومنك السلام) يعني السلامة والخير والعافية، كلها من الله، فهو السلام، يعني الكامل السليم من كل نقص وعيب، وهو أيضا الذي يمد عباده وخلقه بالسلامة سبحانه وتعالى، أما: وإليك السلام، فقد جاءت في بعض الروايات (1) ولا أذكر الآن صحتها، ولكني لا أعرف مدى الرواية التي جاءت بذلك هل هي من قبيل الحسن أو من قبيل الصحيح أو من قبيل الضعف، يحتاج الأمر إلى مراجعة، أما: وعليك السلام، فلا تجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام (2)» ما قال: لا تقولوا: السلام إلى الله، بل قال: لا تقولوا: السلام على الله. فلا يقال: السلام على الله من عباده. أو: السلام عليك يا ربنا. أو: عليك السلام يا ربنا. هذا لا يجوز؛ لأنه سبحانه المسلم لعباده، وهو الذي بيده السلام – سبحانه وتعالى – وأما: إليك السلام، فلها وجه إن صحت، يعني ينتهي إليه السلام، إليك: يعني ينتهي إليك، فأنت الذي   (1) أخرجه البيهقي في السنن في كتاب الصلاة، باب من استحب له أن يذكر الله في مكثه ذلك برقم (2831). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 97 بيدك السلام، وأنت الذي تعطي السلام، وأنت الذي تتصرف بعبادك بالسلام، فـ"إليك" معناها صحيح إن صحت الرواية. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 98 38 - بيان حكم الدعاء بعد الفريضة س: هل الدعاء بعد الفرض سنة أم بدعة كما قال لي بعض الأشخاص؟ (1) ج: الدعاء بعد الفرائض بينك وبين ربك لا بأس به، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بأس إذا دعوت بعد الفريضة بعد الذكر الشرعي فلا باس أن تدعو والدعاء في آخر الصلاة قبل السلام أفضل وأكمل وأحرى بالإجابة، لكن لا يكون برفع اليدين ولا بالدعاء الجماعي لكن بينك وبين ربك من دون رفع اليدين بعد الفريضة؛ لأن هذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد الفريضة ولا أن الصحابة رفعوا أيديهم بذكر الله جماعيا، ولا دعوا دعوة جماعية، لا، ولكن الإنسان يدعو بينه وبين نفسه وبين ربه بعد فراغه من الذكر لا بأس بذلك ولا حرج، والنافلة جميعا كفرض.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (59). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 98 39 - حكم تخصيص دعاء معين بعد كل صلاة س: هل بعد كل صلاة دعاء مخصوص أم يدعو الإنسان بما يشاء؟ بينوا لنا ذلك مشكورين. (1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الناس التحيات قال صلى الله عليه وسلم: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (2)» وفي اللفظ الآخر قال صلى الله عليه وسلم «ثم يتخير من المسألة ما شاء (3)» فالإنسان مشروع له بعد التحيات بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال أن يدعو بما تيسر قبل أن يسلم، وإذا دعا بالدعوات الواردة والمشروعة كان أفضل، مثل: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. في آخر الصلاة قبل أن يسلم، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، هذا   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (332). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة برقم (609). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 99 الدعاء العظيم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصديق رضي الله عنه، والدعاء الأول: اللهم أعني على ذكرك، علمه معاذا، وهكذا جاء في الأحاديث الصحيحة عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر (1)» وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في آخر الصلاة: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت (2)» هذه الدعوات المأثورة أفضل من غيرها، وإذا دعا الإنسان بدعوات أخرى لصالحة لحاجته فلا بأس، كأن يقول: اللهم اقض ديني، اللهم أصلح ذريتي، اللهم أصلح زوجتي، اللهم وفقني لما فيه رضاك، اللهم اهدني سواء السبيل، اللهم ألهمني رشدي، وأعوذ بك من شر نفسي. إلى غير هذا مما يدعو به من الدعوات الطيبة لا بأس، ومن الدعاء: اللهم   (1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من البخل برقم (6370). (2) أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بدون لفظ (وما أسرفت وما أنت أعلم به مني) في كتاب الدعوات، باب الدعاء إذا انتبه بالليل برقم (6317)، وأخرجه مسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بلفظه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه برقم (771). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 100 ألهمني رشدي. هذا مأثور، وهو الذي علمه الحصين بن عبيد الخزاعي لما أسلم علمه أن يقول: «اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي. وهكذا: اللهم قني شح نفسي (1)» المقصود أن يدعو بالدعوات الطيبة، ولو كانت غير مأثورة يدعو بها لا بأس. اللهم يسر لي زوجة صالحة إذا كان بحاجة إلى زوجة، والمرأة تقول: اللهم يسر لي زوجا صالحا. وما أشبه ذلك، اللهم يسر لي ذرية طيبة، اللهم اقض ديني، اللهم بارك لي فيما أعطيتني. وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3483). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 101 40 - بيان الاستغفار المشروع دبر الصلوات المكتوبة س: يقول السائل: كنت أستغفر الله دبر الصلوات المكتوبة عشر مرات دون الاستغفار كما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، ونيتي في ذلك المداومة على فعل هذا، فقال لي أحد الأشخاص: فعلك هذا بدعة، هل لكم توجيه سماحة الشيخ؟ وهل كلام الرجل صحيح؟ وما هو الاستغفار المشروع دبر الصلوات المكتوبة (1)   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (413). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 101 ج: السنة أن تستغفر ثلاثا كما ثبت في الصحيح من حديث عمر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثا، وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (1)» قال له زائدا في تفسير ثان يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. هذا السنة، فإذا استغفر أربعا أو خمسا أو عشرا هذه زيادة بدعة، لكن إذا استغفرت بعد ذلك بعد الذكر فلا بأس، أما من أول ما تسلم اقتصر على ثلاث: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. تقولها مرة أو ثلاثا بعد كل صلاة، ثم تقول: لا حول ولا قوة إلا الله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد؛ لأن هذا قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويستحب في الفجر والمغرب أن تزيد: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 102 وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، بعد ما ذكر في الفجر والمغرب، بعد الذكر السابق تأتي بعشر مرات في الفجر والمغرب، ثم تسبح الله وتكبره وتحمده ثلاثا وثلاثين بعد كل فريضة: سبحان الله والحمد لله والله أكبر. ثلاثا وثلاثين بعد الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء بعد الذكر المذكور: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، وتختم المائة بقولك: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لما ثبت في الصحيح صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (1)» وهذا فضل عظيم، وإذا استغفرت بعد هذا، دعوت ربك بعد ذلك فلا بأس.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 103 41 - بيان الأذكار التي يرفع بها المسلم صوته بعد الصلاة س: يسأل ويقول: ما هي الأذكار التي يرفع بها المسلم صوته بعد الجزء: 9 ¦ الصفحة: 103 الصلاة والتي لا يرفع بها صوته (1) ج: السنة بعد الصلاة رفع الصوت بالذكر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يرفعون أصواتهم بالذكر عقب الصلاة بعد الخمس كلها؛ صلاة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهكذا الجمعة يبدأ بقوله: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، حين يسلم يرفع صوته حتى يسمعه من حوله، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن كررها ثلاثا فحسن ثم يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. يقوله الإمام والمأموم والمنفرد عقب الصلوات الخمس، هذا الذكر. لكن الإمام يقول ذلك بعدما ينصرف إلى الناس، يستغفر الله ثلاثا وهو إلى القبلة، ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم ينصرف إلى الناس   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (290). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 104 يعطيهم وجهه، ويأتي بالأذكار. أما المأموم فيأتي بهذا كله من حين يسلم، ويأتي أيضا بزيادة: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين بعد كل صلاة، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة. يرفع بها صوته حتى يسمعه من حوله، حتى يستفيد من حوله، ويتمم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذه يرفع فيها صوته، ويزيد في المغرب والفجر عشر تهليلات يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، مع ما تقدم، مع الذكر الذي تقدم يزيد هذه العشر بعد السلام، فالإمام والمنفرد والمأموم كلهم عشر تهليلات بعد الفجر وبعد المغرب زيادة على ما تقدم، وإن قال: بيده الخير، أو: هو حي لا يموت، كله طيب، عشر مرات، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك بعد الفجر والمغرب زيادة على ما تقدم، ويستحب للجميع بعد ذلك من دون رفع الصوت أن يقرأ آية الكرسي، الإمام والمنفرد والمأموم، يقرأ آية الكرسي أيضا بعد هذا كله من غير رفع صوت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (1)   (1) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 105 هذه آية الكرسي أعظم آية في القرآن، وأفضل آية في القرآن، يستحب أن يأتي بها المؤمن والمؤمنة بعد كل صلاة، بعد الذكر المتقدم للرجل والمرأة، مستحبة للجميع، ويستحب أيضا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) والمعوذتين بعد كل صلاة، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (3) {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (4) بعد كل صلاة، لكن يكررها ثلاثا بعد الفجر والمغرب، يكرر هذه السور الثلاث ثلاث مرات بعد المغرب وبعد الفجر: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) ثلاث مرات، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (6) ثلاث مرات، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (7) ثلاث مرات بعد المغرب وبعد الفجر، وقد كتبنا في هذا رسالة مختصرة توزع بين أيدي الإخوان، من أرادها وجدها، رسالة مختصرة بينا فيها هذه الأذكار، نسأل الله للجميع التوفيق.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الفلق الآية 1 (4) سورة الناس الآية 1 (5) سورة الإخلاص الآية 1 (6) سورة الفلق الآية 1 (7) سورة الناس الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 106 42 - حكم الدعاء وقراءة الفاتحة بعد الصلاة س: ما حكم الدعاء بعد الصلاة، هل نفعله أم لا نفعله؟ وكذلك حكم قراءة الفاتحة بعد ختم الصلاة بالتسبيح (1) ج: الدعاء مشروع، لكن الأفضل أن يكون آخر الصلاة قبل أن يسلم، هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رغب في الدعاء في آخر الصلاة لما علمهم التشهد والتحيات، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (2)» وفي لفظ آخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (3)» كان النبي يدعو في آخر صلاته قبل أن يسلم، هذا هو الأفضل، والدعاء المشروع هو: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. بعد قوله: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. ومن الدعاء المشروع أيضا في الصلاة في السجود وفي آخر الصلاة: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (323). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة برقم (609). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة برقم (609). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 107 إنك أنت الغفور الرحيم. لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله الصديق عن دعائه في صلاته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (1)» هذا الدعاء العظيم يدعى به في السجود، في آخر الصلاة، وبين السجدتين، كله طيب، دعاء عظيم. وهكذا: اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعذني يا رب من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر. كان النبي يدعو بها في آخر الصلاة عليه الصلاة والسلام. وهكذا: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. كان يدعو بها أيضا عليه الصلاة والسلام في آخر حياته عليه الصلاة والسلام، وإن دعا بغير هذا فلا بأس، وإن دعا بعد السلام والذكر بدعوات بينه وبين الله فلا بأس أيضا، لكن يبدأ بالذكر، يستغفر ثلاثا بعد أن يسلم ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يذكر الله يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر برقم (2705). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 108 له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، لا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. بعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء وبعد الفجر وبعد الجمعة، هذه الأدعية كلها سنة. ويستحب مع هذا أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة بعد هذا الذكر، بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ذلك ثلاثا وثلاثين مرة، وأخبر أن في هذا فضلا عظيما، فيستحب لكل مؤمن وكل مؤمنة بعد كل صلاة وبعد الذكر المتقدم أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسعة وتسعون، ثم يختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا من أسباب المغفرة، ويستحب له أن يقرأ مع هذا آية الكرسي بعد كل صلاة، وبعد الجزء: 9 ¦ الصفحة: 109 هذا الذكر يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) إلى قوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (2) ويقرأ المعوذتين، و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) أيضا بعد كل صلاة، كل هذا مستحب، ويكررها ثلاثا بعد المغرب والفجر، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (5)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (6)، يستحب تكرارها ثلاث مرات: بعد الفجر، وبعد المغرب، وعند النوم، كله سنة، أما بعد الظهر والعصر والعشاء فمرة واحدة، كل هذا مستحب ينبغي للمؤمن والمؤمنة الحرص على هذا الشيء في صلواته لما فيها من الخير العظيم، أما الحمد فلا يشرع قراءتها بعد الصلاة، ما ورد أنها تقرأ بعد الصلاة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (7) لا نعلم في الأحاديث الصحيحة ما يدل على أنها تقرأ بعد الصلاة، وفق الله الجميع.   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة البقرة الآية 255 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 (5) سورة الفلق الآية 1 (6) سورة الناس الآية 1 (7) سورة الفاتحة الآية 2 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 110 43 - حكم صلاة السنة الراتبة بعد الفريضة قبل الإتيان بالذكر المشروع عقب الصلاة س: سائلة من المنطقة الشرقية تقول في سؤالها: هل تجوز صلاة النافلة بعد الفريضة مباشرة أم أنه يستحسن أن أسبح وأهلل وبعد ذلك أصلي النافلة؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة أن تكون النافلة بعد الذكر، إذا صلى المسلم أو المسلمة الفريضة يأتي بالذكر يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن كررها ثلاثا فهو أفضل، ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. بعد كل فريضة، إلا في المغرب والفجر يزيد مع هذا زيادة عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، الزيادة بعد المغرب وبعد الفجر، وبعد هذا كله يسبح الله   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (302). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 111 ويحمده ويكبره ثلاثا وثلاثين، يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. كل هذا مستحب بعد كل فريضة، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) الآية كاملة، ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (3)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (4) بعد الظهر والعصر والعشاء مرة واحدة، وبعد الفجر والمغرب يقرأ هذه السور ثلاث مرات، كل هذا مستحب، ثم يقوم للإتيان بالراتبة، السنن الراتبة: سنة المغرب، سنة العشاء، سنة الظهر – بعد هذا كله – أما العصر فسنتها مثلها أربع ركعات تسليمتين، والفجر سنتها قبلها تسليمة واحدة ركعتان، وفق الله الجميع.   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الفلق الآية 1 (4) سورة الناس الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 112 س: الأخت السائلة تقول: هل التسبيح والدعاء بعد الصلاة الفريضة يمكن أن نعملها بعد صلاة السنة؛ أي بعد الانتهاء من الصلاة؟ وما الجزء: 9 ¦ الصفحة: 112 هو الدعاء والتسابيح المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم (1) ج: التسبيحات المأثورة كلها بعد الفريضة، كان يسمعه الصحابة ويعلم الصحابة، أما بعد النوافل ليس هناك إلا الاستغفار، إذا سلم في النافلة يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. أما الأذكار الأخرى كلها جاءت بعد الفريضة، أما هذا بعد الفرض والنفل، يقول ثوبان رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا، وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (2)» رواه مسلم وغيره، ولم يقل: المكتوبة. فدل على أنه من كل صلاة يستغفر في النافلة والفرض، أما الأذكار: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، إلى آخره، هذه إنما جاءت بعد الفرائض، لم تبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد الفرائض، ولم يبلغنا عنه أنه فعلها بعد النوافل عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (416). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 113 س: يقول هذا السائل: الأدعية والتسابيح التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم دبر كل صلاة، هل يجوز أن تكون بعد صلاة السنة (1) ج: السنة بعد الفريضة خاصة.   (1) ورد هذا السؤال بدون رقم للشريط. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 114 س: أذكار ما بعد السلام في الصلاة هل يجب أن تكون بعد الصلاة المكتوبة مباشرة أم يمكنني أن أؤدي السنة البعدية ثم أداء تلك الأذكار (1) ج: السنة أن تأتي بالأذكار قبل السنة البعدية، تأتي بالأذكار ثم السنة الراتبة، أذكار الظهر قبل السنة الراتبة، وأذكار المغرب قبل السنة والعشاء كذلك، كان النبي يأتي بها قبل عليه الصلاة والسلام.   (1) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (358). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 114 س: هل يجوز قراءة الأذكار المشروعة بعد الفراغ من الصلاة – أي بعد الراتبة – وليس بعد الفريضة مباشرة (1) ج: لا، السنة بعد الفريضة، السنة أن يأتي بالأذكار الشرعية بعد   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (427). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 114 الفريضة، ثم الراتبة بعد ذلك، والنبي كان يفعلها إذا سلم عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 115 44 - حكم رفع الأصوات بعد الصلاة بالاستغفار س: ما رأي سماحتكم في الاستغفار برفع الأصوات بعد كل صلاة، مع العلم أن هناك أناسا متأخرين في الصلاة قد يشوشون عليهم؟ (1) ج: السنة رفع الصوت بالذكر إذا سلم الناس من المكتوبة، السنة رفع الصوت بالاستغفار والذكر لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رفع الصوت في الذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (2)» هذا يدل على أنه معروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم يرفعون أصواتهم بالذكر، وأن من كان خارج المسجد يسمع ذلك، ويعلم أن الصلاة قد انتهت.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (294). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (841)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (583). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 115 45 - حكم التسبيح باليد اليمنى واليسرى س: السائلة ن. ع. ن من اليمن تقول: هل التسبيح باليد اليمنى سنة مؤكدة، والتسبيح باليسرى بدعة؟ وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبح باليمين؟ وما الدليل على ذلك؟ مأجورين (1) ج: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن التسبيح باليمين أفضل، ومن سبح باليسار فلا بأس، أو سبح بهما جميعا باليمنى واليسرى، كل ذلك لا بأس به، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله (2)» وجاء عنه «صلى الله عليه وسلم أنه كان يعقد التسبيح بيده اليمنى (3)» وقال للنساء: «اعقدن بالأنامل (4)» يعني   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (416). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل، برقم (168). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التسبيح بالحصى، برقم (1502)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في عقد التسبيح باليد، برقم (3486) والنسائي في كتاب السهو، باب عقد التسبيح برقم (1355). (4) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث يسيرة رضي الله عنها، برقم (26549) وأبو داود في كتاب الصلاة باب التسبيح بالحصى، برقم (1501) والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب عقد التسبيح باليد، برقم (3583). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 116 اليسرى واليمنى جميعا، فالأمر في هذا واسع، عقد التسبيح باليمين والشمال جميعا أو باليمنى كله جائز، ولكن اليمنى أفضل. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 117 س: السائل ع. ح. من الأردن يقول: هل يجوز التسبيح باليدين أم باليد اليمنى فقط؟ وإن كان فقط باليد اليمنى فأرجو توضيح الأسباب، جزاكم الله خيرا (1) ج: لا بأس بالتسبيح باليدين، لما قال صلى الله عليه وسلم للنساء: «اعقدن بالأنامل (2)» واليد اليمنى أفضل كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسبح باليمنى عليه الصلاة والسلام، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله (3)» إذا كان باليمين أفضل، وإن سبح بهما جميعا كما في حديث: «اعقدن بالأنامل (4)» للنساء، فلا حرج في ذلك، الأمر واسع والحمد لله.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (416). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث يسيرة رضي الله عنها، برقم (26549) وأبو داود في كتاب الصلاة باب التسبيح بالحصى، برقم (1501) والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب عقد التسبيح باليد، برقم (3583). (3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل، برقم (168). (4) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث يسيرة رضي الله عنها، برقم (26549) وأبو داود في كتاب الصلاة باب التسبيح بالحصى، برقم (1501) والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب عقد التسبيح باليد، برقم (3583). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 117 س: هل التسبيح باليد اليمنى أفضل بالنسبة للمرأة أم يجوز أيضا باليسرى؟ (1) ج: يجوز التسبيح باليدين جميعا، ولكن باليمين أفضل للجميع، إذا سبح باليمنى يكون أفضل، وإن سبح بهما الرجل أو المرأة كله طيب، لا حرج.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (413). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 118 س: عند التسبيح والعقد على الأصابع بعد الصلاة، هل يجوز أن يسبح الإنسان بعدد الخطوط الثلاثة الموجودة على كل الأصابع أم لا؟ وهل يستخدم كلتا يديه في التسبيح أم اليمنى فقط؟ (1) ج: السنة العد بالأصابع بخمسة أصابع تطبيقا وفتحا حتى يكمل ثلاثة وثلاثين، ويكون باليمنى أفضل، وإن سبح بالثنتين فلا حرج، والسنة أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يختم بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. كما جاء في الحديث الصحيح، وإن أفرد قال: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله ثلاثا وثلاثين، الحمد لله، الحمد لله ثلاثا   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (246). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 118 وثلاثين، والله أكبر، الله أكبر ثلاثا وثلاثين. فلا بأس، وهذا كله طيب، وإن جمعهما كان أضبط وأسهل: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسعة وتسعون، ثم يختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن شاء قال: يحيي ويميت. كله طيب: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. أو يزيد: بيده الخير وهو على كل شيء قدير. كله طيب، كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع الذكر، جاء عنه صلى الله عليه وسلم في أنواع الذكر أنواع منها: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (1)» ومنها: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير (2)» ومنها: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير (3)» ومنها: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو   (1) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). (2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). (3) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 119 على كل شيء قدير (1)» ومنها: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير (2)» كله طيب، والحمد لله.   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، برقم (26011). (2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 120 س: مستمعات يسألن: يقال: إن التسبيح فقط باليد اليمنى، أما اليسرى فلا يجوز، ما رأي سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الأمر واسع، إذا سبح بهما فلا بأس، وإن سبح باليمنى فهو الأفضل، «يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يسبح باليمنى (2)» تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله (3)» فإن سبح باليمنى كان أفضل، وإن سبح بهما فلا حرج، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لبعض النساء: «اعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (344). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التسبيح بالحصى، برقم (1502)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في عقد التسبيح باليد، برقم (3486) والنسائي في كتاب السهو، باب عقد التسبيح برقم (1355). (3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل، برقم (168). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 120 مستنطقات (1)» وهو يعم اليدين جميعا. فالأمر واسع في هذا، والحمد لله.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث يسيرة رضي الله عنها، برقم (26549) وأبو داود في كتاب الصلاة باب التسبيح بالحصى، برقم (1501) والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب عقد التسبيح باليد، برقم (3583). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 121 46 - حكم الكلام أثناء التسبيح س: تقول السائلة: أنا بعد أن أصلي أبدأ في التسبيح، وعندما يكلمني أحد أرد عليه في أثناء التسبيح، هل في ذلك شيء؟ ولكني أيضا أنسى كم مرة سبحت، أرجو توجيهي، جزاكم الله خيرا (1) ج: لا حرج في ذلك، كون الإنسان يذكر الله بعد الصلاة ويتكلم عند الحاجة لا بأس، وإذا نسي يعيد حتى يأتي بالمشروع، إذا شك أنه سبح ثلاثا وثلاثين أو أقل يكمل، يعمل بالحيطة ويكمل حتى يحصل له الأجر.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (113). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 121 47 - حكم استعمال السبحة في التسبيح س: هل من الجائز سماحة الشيخ أن أستعمل السبحة في التسبيح (1) ج: الأفضل الأصابع، لكن في بيتك تستعمل السبحة أو عقدا أو حصى أو نوى لا بأس، لكن في المسجد أو مع الناس أصابع، هو السنة كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، فهو الأفضل لك.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (359). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 121 48 - حكم الزيادة على العدد الذي ورد في التسبيح س: بالنسبة لمفهوم العدد في التسبيح، هل هو لازم أم أنه لا يتأثر بالزيادة (1) ج: السنة أن يأتي بالذكر المشروع على وجهه، وإذا أحب أن يزيد بعد ذلك فلا بأس، يأتي مثلا بعد الصلوات بالتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين، ويختم المائة بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. أو يختمها بتكبيرة رابعة وثلاثين أو لا يأتي بهذا ولا هذا، يقتصر بتسعة وتسعين؛ يعني ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وثلاثا وثلاثين تكبيرة، لا بأس بذلك، وإذا أحب أن يزيد يأتي بمئات من التسبيح لا حرج في ذلك لكن يأتي بالأمر المشروع الذي شرعه الله أولا، ناويا اتباع السنة، وإذا أحب أن يزيد بعد ذلك فلا حرج، وإذا عجز بعض الناس عن الضبط يبني على اليقين الذي هو الأقل، هذا أفضل، وليس بلازم، مثلا شك هل قال تسعة وتسعين أو نقص واحدة يزيد واحدة، أو شك هل أتى بثمانين أو تسعين يجعلها ثمانين ويكمل، وهكذا، أو قال: رب اغفر لي.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (194). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 122 هل قالها ثلاثا أو ثنتين يأتي بثالثة أفضل، وهكذا: سبحان ربي العظيم في الركوع، سبحان ربي الأعلى في السجود، شك هل أتى بثنتين أو ثلاث، يجعلها ثنتين ويأتي بثالثة أفضل وإلا فالواجب مرة واحدة: سبحان ربي العظيم في الركوع مرة واحدة، وفي السجود سبحان ربي الأعلى مرة واحدة، لكن إذا أتى بها ثلاثا يكون أفضل، وإذا أتى بها خمسا يكون أفضل، وهكذا كلما زاد فهو أفضل، لكن الإمام يراعي عدم المشقة على المأموم إذا أتى بها خمسا أو سبعا أو عشرا اكتفى بذلك حتى لا يشق على المأموم، أما المأموم فإنه يأتي بالتسبيح والدعاء حتى يرفع الإمام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 123 49 - بيان بعض الآيات والسور التي تقرأ بعد الصلاة س: هل تنصحون سماحة الشيخ بقراءة بعض الآيات أو السور (1) ج: يستحب مع الأذكار بعد الصلاة أن يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (2) الآية، هذه آية واحدة يقال لها: آية الكرسي، وجاء في عدة أحاديث بعضها صحيح وبعضها فيه ضعف يشد بعضها بعضا، كلها تدل   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (246). (2) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 123 على شرعية قراءة هذه الآية بعد كل صلاة: الفجر، الظهر، العصر، المغرب، العشاء، للرجل والمرأة هذه الآية العظيمة، وهي أعظم آية في كتاب الله، أعظم آية وأبسط آية، هذه الآية ينبغي حفظها، ينبغي لكل مؤمن أن يحفظها، ولكل مؤمنة كذلك أن تحفظها، وتقرأها بعد كل صلاة بعد الذكر، وتقرأها عند النوم أيضا، عند الاضطجاع للنوم في الليل يستحب قراءة آية الكرسي، فهي من أسباب حفظه من الشيطان. فمن قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، قاله النبي عليه الصلاة والسلام. فيستحب أن تقرأ عند النوم للرجل والمرأة جميعا، أما الجنب فلا يقرؤها، إذا كان جنبا لا يقرؤها؛ لأن الجنب ممنوع من قراءة القرآن حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فلا مانع من قراءتها على الصحيح عن ظهر قلب؛ لأنهما ليستا مثل الجنب؛ لأن الجنب مدته قصيرة، يستطيع أن يغتسل، أما الحائض والنفساء فلهما أن تقرأ عن ظهر قلب من غير المصحف؛ لأن مدتهما تطول، وفي ترك القراءة مشقة عليهما، وتفويت لخير عظيم، فالصواب أن لهما القراءة عن ظهر قلب، ولهما مراجعة المصحف من وراء حائل عند الحاجة، كالقفازين ونحو ذلك. ويستحب أيضا للمصلي إذا كان رجلا أو امرأة أن يقرأ: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 124 {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) والمعوذتين بعد كل صلاة: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين، وهما: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (3) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (4) بعد كل صلاة، ويكررها ثلاث مرات بعد المغرب والفجر، وعند النوم يكرر هذه السور الثلاث، بعد الفجر والمغرب وعند النوم، جاء في ذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، نسأل الله للجميع التوفيق وصلاح النية، والعمل والإعانة على كل خير.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الفلق الآية 1 (4) سورة الناس الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 125 50 - حكم قراءة آية الكرسي ورفع اليدين بالدعاء بعد الفريضة س: ما حكم قراءة آية الكرسي بعد الصلاة، وكذلك الدعاء مع رفع اليدين وبعض الأحاديث الأخرى؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يستحب للمؤمن والمؤمنة قراءة آية الكرسي بعد الفريضة للظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، تستحب قراءة آية الكرسي بعد كل   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (265). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 125 فريضة مع قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) والمعوذتين بعد كل فريضة، وتكرر ثلاث السور بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم كذلك، هذا مستحب للرجل والمرأة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر يقرأ آية الكرسي، وهي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (2) إلى آخرها، ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) والمعوذتين كذلك بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، لكن يكرر السور الثلاث بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، ويستحب أن يقرأها عند النوم ثلاث مرات أيضا. أما رفع اليدين فلا يرفع يديه بعد الفرائض؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما كان يرفع يديه بعد الفريضة، ولم يعرف عنه ذلك عليه الصلاة والسلام، وفعله سنة وتركه سنة، والذي يفعله نفعله، والذي يتركه نتركه، فلا يستحب رفع اليدين بعد الفرائض الخمس؛ لأن الرسول ما فعله عليه الصلاة والسلام، ولكن نذكر الله كما تقدم في سؤال مضى، تذكر الله، تقرأ آية الكرسي، وهذه السور الثلاث بعد كل فريضة من دون رفع اليدين تأسيا بالنبي بالفعل والترك، تذكر الله بعد   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة البقرة الآية 255 (3) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 126 الصلاة، تبدأ بالاستغفار تقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، بعد السلام مباشرة، الإمام والمأموم والمنفرد، ثم الإمام ينصرف للناس ويعطيهم وجهه، ويقول الجميع: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وقد بسطنا هذا في حلقة مضت، وفق الله الجميع. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 127 س: ما حكم قراءة آية الكرسي في دبر كل صلاة، وكذلك مسح الوجه بعد الفراغ من الدعاء (1) ج: قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة سنة، جاء فيها عدة أحاديث فيستحب للمؤمن قراءتها بعد السلام وبعد الذكر، يقرؤها بينه وبين نفسه، هذا هو الأفضل، أما مسح الوجه باليدين فقد اختلف فيه العلماء، وورد فيه أحاديث ضعيفة، فالأفضل ترك ذلك، وإن مسح فلا حرج؛ لأن   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (223). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 127 بعض أهل العلم رآها من باب الحسن لغيره، وأجاز المسح، فالأمر في هذا واسع، لكن الأحاديث الصحيحة الكثيرة تدل على أن الترك أفضل؛ لأن الرسول ما كان يمسح لما دعا بالاستسقاء، لم ينقل عنه أحد أنه مسح يديه بعد الفراغ من دعاء الاستسقاء، والناس يسمعونه وينظرونه عليه الصلاة والسلام، وهكذا لا نعلم في الأحاديث الصحيحة أنه مسح عليه الصلاة والسلام، لكن جاء فيها أحاديث فيها ضعف أنه مسح، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في البلوغ: إن مجموعها يقضي بأنه حديث حسن لغيره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 128 س: تسأل المستمعة وتقول: بالنسبة لقراءة آية الكرسي، هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرؤها في الصباح والمساء (1) ج: نعم حث على قراءتها عند النوم، وبعد الفريضة، عند النوم يقرأ آية الكرسي، من أسباب السلامة من الشيطان، وكذلك من أسباب دخول الجنة أن يقرأها بعد كل صلاة، بعد الفريضة، إذا سلم وأتى بالذكر يقرأ بعد ذلك آية الكرسي.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (431). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 128 س: إذا قرأت آية الكرسي والمعوذات، و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) عند النوم وبعد الصلوات، بأي ذلك أبدأ؟ جزاكم الله خيرا (2) ج: بعد الصلاة يبدأ بآية الكرسي، ثم يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) والمعوذتين، هذا ظاهر النصوص، وكذلك في النوم يقرأ آية الكرسي، ثم يقرأ السور، وإن بدأ بهذا قبل هذا لا يضر، الحمد لله الأمر واسع، وهكذا بعد الصلاة، وإن بدأ بآية الكرسي لأنها في أول القرآن ثم قرأ السور الثلاث؛ لأنها في آخر القرآن كل هذا حسن من باب الترتيب.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (219). (3) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 129 س: أقوم بقراءة آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين، وأصلي على المصطفى صلى الله عليه وسلم عشر مرات، هل هذا العمل صحيح بعد كل صلاة (1) ج: المشروع ثلاث مرات، تقرأ آية الكرسي مرة واحدة بعد التسبيح والتحميد والتكبير، ثم تقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين ثلاث   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (327). (2) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 129 مرات، بعد الفجر والمغرب وبعد الظهر والعصر والعشاء مرة واحدة، هذه السنة، أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلا شيء فيها، تصلي ليس فيها حد محدود، تصلي ما يسر الله لك وليس فيه حد محدود، لكن السنة بعد كل صلاة أن تسبح الله ثلاثا وثلاثين، وتحمد الله ثلاثا وثلاثين، وتكبر الله ثلاثا وثلاثين، وتقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. بعد الأذكار المعتادة بعد السلام، ثم تقرأ آية الكرسي، ثم تقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) والمعوذتين مرة واحدة، بعد الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات بعد المغرب والفجر، أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلم ترد في هذا المقام، لكن إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين أو أكثر في كل وقت فهي صلاة مشروعة دائما، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة دائما.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 130 51 - بيان فضل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة فريضة س: السائلة أ. م تقول: ما فضل آية الكرسي بعد كل صلاة واجبة؟ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 130 وهل تقرأ في كل الأحيان (1) ج: قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة من الفريضة من أسباب دخول الجنة، فيستحب بعد الصلاة وبعد الأذكار أن يقرأ آية الكرسي بينه وبين نفسه، هذا مستحب، جاء في عدة أحاديث مجموعها ترتقي إلى الحسن، فإذا قرأها بعد كل صلاة فهذا أفضل، ويستحب أن يقرأها عند النوم، آية الكرسي أيضا صح بها الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنها من أسباب العافية من الشيطان والحفظ من الشيطان عند النوم إذا أراد أن ينام من الليل.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (409). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 131 52 - بيان المقصود بدبر كل صلاة س: يرد في كثير من الأحاديث دبر كل صلاة، فهل المقصود بها بعد انقضاء الصلاة أم قبل السلام؟ (1) ج: دبر الصلاة آخرها قبل السلام، هذا هو الأصل مثل دبر الحيوان مؤخره، فدبر الصلاة ما كان قبل السلام، آخرها قبل السلام، يستحب فيه الدعاء بعد قراءة التحيات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم،   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (409). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 131 والتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، يستحب أن يدعو بعد هذا قبل أن يسلم في الفرض والنفل، وإن دعا بعد الذكر بعد السلام وبعد الذكر فلا بأس بينه وبين نفسه، لكن الأفضل أن يكون الدعاء قبل السلام، وبعد قراءة التحيات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبعد التعوذ بالله من جهنم، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال؛ لأن الدبر، دبر الشيء آخره، ودبر الصلاة آخرها قبل السلام كما في الحديث، عندما قال لمعاذ: «لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (1)» هذا قبل السلام من الصلاة، وأما الحديث الآخر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة بعد السلام: «لا إله إلا الله (2)» فهذا المراد به بعد السلام، يأتي بالأذكار الشرعية، يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، يعني بعد السلام، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يقول: لا إله إلا الله، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، بعد السلام.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار – رضي الله عنهم – من حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه - حديث رقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، حديث رقم (1522) واللفظ له، والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء حديث رقم (1303). (2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 132 س: السائل إ. ع. من الرياض يقول: ماذا ورد في فضل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة فريضة (1) ج: هي سنة، فيها عدة أحاديث بعضها ضعيف وبعضه جيد، فهي سنة بعد كل صلاة: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (2) بعد الصلوات الخمس.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (379). (2) سورة البقرة الآية 255 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 133 53 - حكم قراءة آية الكرسي جهرا بعد الصلوات س: عندنا في قريتنا يقرؤون آية الكرسي بعد الصلوات في كل فرض - عموما الإمام والمصلين – جهرا، أفيدونا عن حكم ذلك (1) ج: هذا غير مشروع، هذا بدعة، من السنة أن يقرأها الإنسان بينه وبين نفسه بعد الصلاة، أما أن يقرأها الإمام والمأمون جهرا هذا لا يجوز، وليس من سنة المسلمين، بل هذا من البدع، ولكن يستحب في أصح قولي العلماء أن يقرأها المؤمن بعد الصلاة بينه وبين نفسه من دون مشاركة الإمام والمأمومين بأصوات جماعية أو جهرية، كل هذا لا أصل له.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (111). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 133 54 - حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة المكتوبة س: يسأل ويقول: هل رفع اليدين بعد الصلاة وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا نعلم لهذا أصلا، بل كان صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة يستغفر الله ثلاثا، ويقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (2)» ثم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (3)» «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (4)» هكذا كان يفعل بعد كل صلاة، بعد الصلوات الخمس: صلاة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، يأتي بهذه الأذكار، وشرع   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (240). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (594). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 134 لأمته «أن يسبح الإنسان بعدها ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر ثلاثا وثلاثين، هذه سنة، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (1)» أو يقول خمسا وعشرين: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. خمسا وعشرين مرة بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، هذه قربة وطاعة، ويأتي بآية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (2) بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، ويشرع له أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) والمعوذتين {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (5) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (6) بعد كل صلاة، هذا هو الأفضل، ويكرر هذه السور الثلاث بعد الفجر والمغرب ثلاث مرات، وعند النوم كذلك يأتي بها ثلاث مرات، كل هذا سنة، أما بعد النفل فلا يحفظ بعد النفل شيء، ما أعلم أنه بعد النفل كان يرفع يديه، لكن إذا رفعها الإنسان بعض الأحيان؛   (1) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). (2) سورة البقرة الآية 255 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 (5) سورة الفلق الآية 1 (6) سورة الناس الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 135 لأن الرفع من أسباب الإجابة، وهكذا في دعواته الأخرى إذا رفع هذا من أسباب الإجابة، لكن لا يرفع بعد الصلوات الخمس؛ لأن النبي ما كان يرفع بعدها عليه الصلاة والسلام، وفعله سنة وتركه سنة عليه الصلاة والسلام، وهكذا في الجمعة ما كان يرفع إذا سلم من الجمعة، ولا في خطبته إذا خطب بالجمعة، ولا في العيد، ما كان يرفع لكن إذا استسقى في الخطبة رفع يديه، كان إذا استسقى في خطبة الجمعة أو في صلاة العيد رفع يديه، يطلب الغيث، هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ورفع اليدين من أسباب الإجابة في المواضع التي رفع فيها صلى الله عليه وسلم، أو لم يأت عنه فيها ترك الرفع. أما المواضع التي ترك فيها الرفع كالصلوات الخمس بعد الصلوات الخمس، أو في الجمعة، أو صلاة العيد، فهي لا يرفع فيها؛ لأن الرسول ما رفع فيها صلى الله عليه وسلم، لم يحفظ عنه أنه رفع يديه في واحدة من الصلوات الخمس، ولا بعد فراغه من الجمعة، ولا بعد فراغه من صلاة العيد، والسنة التأسي به عليه الصلاة والسلام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 136 س: الأخت ن. ع، من الطائف تسأل وتقول: ما حكم رفع اليدين في الحالات التالية: بعد الفراغ من صلاة الفريضة والنافلة (1)   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (207). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 136 ج: قد ثبتت السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، وأنه من سنة الدعاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (1)» وكان يرفع صلى الله عليه وسلم في الدعاء، «ولما استسقى للمسلمين رفع يديه، وبالغ في الرفع، يدعو ربه أن يغيث العباد» هذا من السنن في الدعاء رفع اليدين، وكان فيه مسائل كثيرة إذا طلب منه الدعاء رفع يديه ودعا عليه الصلاة والسلام، لكن المواضع التي وقعت في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يرفع فيها لا نرفع فيها، المسائل والأشياء التي وقعت في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يرفع فيها السنة ألا نرفع فيها، وذلك مثل صلاة الفريضة، ما كان يرفع إذا سلم من الفريضة فلا نرفع أيدينا إذا سلمنا، نأتي بالأذكار الشرعية والدعوات الشرعية ولا نرفع الأيدي؛ لأن رسولنا لم يرفع عليه الصلاة   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 137 والسلام، هكذا بين السجدتين، ندعو بين السجدتين ولا نرفع، وهكذا في آخر الصلاة قبل السلام، ندعو ونسأل ولكن لا نرفع؛ لأن الرسول ما رفع عليه الصلاة والسلام، وهكذا في خطبة الجمعة وخطبة العيد لا نرفع عند الدعاء في الخطبة؛ لأن الرسول ما رفع إلا في الاستسقاء، ما رفع في خطبة الجمعة ولا في خطبة العيد، والسنة أن نفعل كما فعل، وأن نترك كما ترك عليه الصلاة والسلام، هذا هو السنة. أما صلاة النافلة فمن شاء رفع ومن شاء ترك؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على هذا ولا هذا، فالأصل أن الرفع سنة، فإذا رفع بعد النافلة فيكون بعض الأحيان؛ لأن الرسول لو كان يفعل ذلك لنقل إلينا، فلما لم ينقل عنه أنه كان يواظب على ذلك دل على أن الأمر فيه سعة، لكن إذا فعله بعض الأحيان بعد النوافل هذا لا بأس. أما ما يعتاده بعض الناس من كونه كلما صلى النافلة رفع فلا أعلم له أصلا، وتركه أحوط وأولى؛ لأنه لو كان مفعولا من النبي صلى الله عليه وسلم لنقل؛ لأنه صلى النافلة والناس يشاهدون كثيرا فلم يرفع، فدل ذلك على أنه ليس من عادته الرفع دائما بعد النافلة، قد يرفع في بيته فلا ندري، لكن مثل هذا يعمل فيه بالسنة العامة، السنة العامة تدل على أن الرفع سنة عند الدعاء، لكن يكون المؤمن تارة وتارة في الجزء: 9 ¦ الصفحة: 138 النافلة، تارة يرفع أخذا بالسنة العامة، وتارة لا يرفع؛ لأنه شوهد النبي صلى الله عليه وسلم صلى النوافل ولم يرفع بعدها عليه الصلاة والسلام، فيكون الإنسان يفعل هذا تارة وهذا تارة اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، والعمل بالسنة العامة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 139 55 - حكم رفع اليدين في دعاء القنوت وبعد قراءة القرآن س: سائلة: تقول: ما حكم رفع اليدين في دعاء القنوت، وبعد قراءة القرآن (1) ج: مستحب في دعاء القنوت؛ لأنه " ثبت أنه صلى الله عليه وسلم رفع في دعاء القنوت " عند البيهقي رحمه الله (2) ولا نعرف أنه ورد في الدعاء بعد قراءة القرآن شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا دعا لا بأس، لكن لا نعرف أنه ورد فيه شيء، فمن رفع فلا بأس، ومن ترك فلا بأس؛ لأنه من الأمور العامة، يدخل في العموم.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (207). (2) رواه البيهقي في معرفة السنن والآثار، باب دعاء القنوت برقم (1034). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 139 56 - حكم الدعاء الجماعي س: ما المقصود بالدعاء الجماعي (1) ج: الدعاء الجماعي كونهم يأتون بصوت واحد، يعني يتكلمون جميعا بصوت واحد، اللهم اغفر لنا – بصوت واحد – ربنا اغفر لنا – بصوت واحد – ربنا آتنا في الدنيا حسنة – بصوت واحد – وما أشبه ذلك، هذا ليس بمشروع الدعاء الجماعي، بل السنة أن يدعو واحد ويؤمن الجميع، مثل ما يقول الإمام: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (2) فإذا كمل قال: آمين. فهم يقولون: آمين. وهكذا الدعاء إذا دعا إنسان في المجلس ثم قالوا: آمين. هذا هو الحسن، أو دعا كل واحد بنفسه، هذا يدعو وهذا يدعو من دون تحري أن يكون جماعيا، بل هذا يدعو وهذا يدعو، فلا بأس. أما تحري أن يكون الصوت والنغمة واحدة ابتداء وانتهاء كما يفعله بعض الصوفية وغيرهم هذا لا أصل له، ولكن إذا دعا كل واحد بنفسه فلا حرج، أو دعا واحد وأمن الجميع فلا حرج. أما إذا لقنهم الدعاء، ودعوا بعده، ويكررون نفس الجمل فلا بأس أن يعلمهم الدعاء إذا دعوا ولقنهم الدعاء، ليدعوا في أمر مهم، يدعون   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (207). (2) سورة الفاتحة الآية 6 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 140 لأنفسهم بغير تحري الصوت الجماعي فلا حرج، مثلا قال: ادعوا الله ليغفر لنا، ادعوا الله أن يتوفانا مسلمين. فدعوا فلا بأس. فإذا كان يعلمهم فلا بأس، هذا من باب التعليم كما يقع في الطواف وغيره، ليس فيه شيء. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 141 57 - حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة المكتوبة أو النافلة س: مستمعة تسأل عن حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة ولا سيما الصلاة المكتوبة (1) ج: رفع اليدين غير مستحب في الصلاة المكتوبة، لأن النبي ما كان يفعل ذلك عليه الصلاة والسلام، لم يحفظ عنه أنه بعد الظهر والعصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر رفع يديه بالدعاء، فلا ينبغي رفعهما؛ لأن علينا أن نتأسى به صلى الله عليه وسلم في الفعل والترك، ولما أنه لم يكن يرفع يديه بعد الصلوات الخمس فنحن كذلك لا نرفع أيدينا تأسيا به عليه الصلاة والسلام، فإنه يتأسى به في الفعل والترك عليه الصلاة والسلام، وهكذا في الصلاة لا نرفع أيدينا في الدعاء بين   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (262). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 141 السجدتين ولا في الدعاء في التشهد الأخير قبل السلام؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يرفع يديه عليه الصلاة والسلام، وهكذا من دعاء الخطبة يوم الجمعة ودعاء الخطبة يوم العيد لا ترفع الأيدي؛ لأن الرسول لم يرفع يديه عليه الصلاة والسلام في ذلك، لكن في صلاة الاستسقاء حتى خطبة الاستسقاء ترفع الأيدي؛ لأن الرسول رفع، إذا استسقى الإمام في خطبة الجمعة أو في غيرها إذا استسقى شرع له رفع اليدين بالدعاء. فهذا كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا في الدعوات الأخرى لو دعا في الضحى والتهجد دعا ربه، ولو من دون صلاة رفع يديه ودعا، هذا كله طيب، الدعاء من أسباب الإجابة ففي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (1)» وهو حديث لا بأس به. وفي حديث الرجل الذي دعا في السفر، قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: … «ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه للسماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام قال الرسول صلى الله عليه وسلم: فأنى يستجاب   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 142 لذلك (1)» أني يستجاب له؟ لأجل أكله للحرام، ولكن ذكر من أسباب الإجابة رفع اليدين، ولكن منعت الإجابة بسبب تعاطيه الحرام في ملبسه ومشربه ومأكله، نسأل الله العافية. الحاصل أن رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة، لكن في المواضع التي رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم أو في المواضع التي لا يحرم فيها رفع ولا ترك، فهذا يرفع الإنسان يديه إذا دعا، أما بعد الفريضة فلم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد الفرائض الخمس ولا بعد الجمعة، فالسنة لنا ألا نرفع تأسيا به عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، وتربيتها، برقم (1015). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 143 س: يسأل المستمع ويقول: هل رفع اليدين بالدعاء بعد الصلوات المكتوبة أو النوافل جائز أم لا؟ وإذا كان فمتى يجوز ذلك؟ أفيدونا مأجورين (1) ج: رفع الأيدي في الدعاء مستحب، ومن أسباب الإجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (390). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 143 يديه أن يردهما صفرا (1)» يعني خاليتين، فيستحب رفع اليدين في الدعاء، إذا دعا ربه في بيته، في السفر، في أي مكان يرفع يديه ويدعو، يجتهد في الدعاء، ويلح في الدعاء، هذا من أسباب الإجابة، ومن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: وقال تعالى: ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب, ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك (4)» يعني بعيد أن يستجاب له ولو مد يديه، ولو ألح في الدعاء مع تعاطيه الحرام، وتلبسه بالحرام في مأكله ومشربه، ونحو ذلك، يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، وهكذا الإلحاح في الدعاء من أسباب الإجابة، لكن قد يوجد مانع وهو الأكل الحرام،   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865). (2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، وتربيتها، برقم (1015). (3) سورة البقرة الآية 172 (2) {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} (4) سورة المؤمنون الآية 51 (3) {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} الجزء: 9 ¦ الصفحة: 144 فالذي يتعاطى أكل الحرام هذا من أسباب حرمان الإجابة، وهكذا الغفلة عن الله، والإعراض عن الله، وكثرة المعاصي من أسباب حرمان الإجابة، ولكن لا يرفع في المواضع التي ما رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم، المواضع التي لم يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لا نرفع فيها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يتأسى به في الفعل والترك، هو الأسوة كما قال الله جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (1) فكما أننا نتأسى به في الفعل نتأسى به في الترك، رفع يديه لما استسقى على المنبر يوم الجمعة، لما سأل الله الغيث رفع يديه في خطبة الجمعة على المنبر، نرفع أيدينا إذا استغثنا، نطلب الغيث، نطلب المطر، يرفع الإمام يديه والمأمومون يرفعون أيديهم يدعون الله، ويؤمنون على دعاء الإمام، وهكذا إذا دعا بينه وبين نفسه في بيته، في آخر الليل، في الضحى، في أي وقت يدعو ويرفع يديه، أو بعد صلاة النافلة، إذا صلى بعض الأحيان دعا ربه بعد صلاة النافلة، الضحى أو في الليل، أو في أي وقت، لكن في صلاة الفريضة لا يرفع يديه إذا سلم؛ لأن النبي ما كان يرفع يديه في الفريضة،   (1) سورة الأحزاب الآية 21 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 145 لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد الفرائض. فنحن لا نرفع نتأسى به عليه الصلاة والسلام، وهكذا في خطبة الجمعة إذا دعا لا يرفع؛ لأن الرسول ما كان يرفع في دعاء الجمعة إلا إذا استسقى خاصة، فإذا دعا في خطبة الجمعة أو في خطبة العيد لا يرفع؛ لأن النبي لم يرفع عليه الصلاة والسلام، وإذا سلم من الفريضة الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء لا يرفع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع، وهكذا بين السجدتين دعا بين السجدتين لا يرفع يديه، وهكذا في آخر الصلاة قبل أن يسلم لا يرفع يديه؛ لأن الرسول لم يرفع في هذه المواضع، فلما ترك نترك تأسيا به عليه الصلاة والسلام. لكن لو جلس في مثل بيته، الضحى، ثم دعا ورفع يديه، وفي الليل إذا رفع يديه في أي وقت، تذكر حاجة ورفع يديه هذا الدعاء لا بأس به، لكن المواضع التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرفع فيها لا نرفع فيها، مثل بين السجدتين، الدعاء في آخر الصلاة قبل السلام، مثل الدعاء في خطبة الجمعة، خطبة العيد، لا نرفع لكن في دعاء الاستسقاء نرفع أيدينا، بعد صلاة الفريضة إذا سلم من الفريضة ودعا لا يرفع يديه، يدعو بينه وبين نفسه بعد الذكر، إذا دعا بعد الذكر بينه وبين نفسه لا بأس، لكن لا يرفع يديه؛ لأن الرسول لم يرفع عليه الصلاة والسلام، والواجب على أهل الجزء: 9 ¦ الصفحة: 146 الإيمان التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم في أعماله وأقواله وفي فعله وفي تركه عليه الصلاة والسلام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 147 س: هل يجوز رفع الأيدي عند الدعاء بعد الصلاة أم لا؟ ذلك بأننا سمعنا من بعض الإخوة أنه بدعة فما الجواب على ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: رفع الأيدي عند الدعاء من أسباب الإجابة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند الدعاء، ولما استسقى بالمسلمين رفع يديه بالدعاء، وفي خطبة الجمعة إذا استسقى، وهكذا لما خرج إلى الصحراء وصلى بالناس صلاة الاستسقاء رفع يديه في الخطبة ودعا، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، يقول صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا خائبتين (2)» فالله جل وعلا كريم جواد، وحيي سبحانه وتعالى، يجب من عباده أن يتضرعوا إليه بالدعاء، وأن يجتهدوا في الدعاء، وأن يرفعوا الأيدي في الدعاء، هذا من أسباب الإجابة، لكن إذا كان الدعاء في محل لم يرفع فيه النبي   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (277). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 147 يديه لا نرفع؛ لأن النبي يقتدى به في الفعل والترك عليه الصلاة والسلام، وإذا كانت عبادة ما رفع فيها لا نرفع فيها، مثل خطبة الجمعة إذا لم يستسق لا يرفع في الدعاء ولا في خطبة العيد إذا لم يستسق، وكذلك في دعائه بين السجدتين ما كان يرفع، وهكذا دعاؤه في آخر الصلاة قبل أن يسلم فلا يرفع في هذا، وهكذا بعد الفريضة إذا سلم من الفريضة: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، ما كان يرفع فلا نرفع في هذه المواضع؛ لأن الرسول ما رفع فيها صلى الله عليه وسلم، وهو قدوة في فعله وتركه عليه الصلاة والسلام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 148 58 - حكم رفع اليدين والمصافحة بعد الصلاة س: بعد السلام من الصلاة وبعد ختم الصلاة يرفع بعض الإخوة أيديهم بالدعاء، فهل هذا مستحب أم جائز أم مكروه مع العلم أنهم لا يمسحون وجوههم بأيديهم، وبعد هذا الدعاء قد يصافح جار جاره في الصف على أنه لم يره منذ أيام وهم جالسون، فهل هذه المصافحة أيضا من المسنونات أم هي بدعة؟ (1) ج: رفع اليدين بالدعاء من أسباب الإجابة، وقد دلت الأدلة الشرعية   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (141). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 148 من الأحاديث الصحيحة على أن رفع اليدين سنة في الدعاء ومن أسباب الإجابة، ومن ذلك الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: وقال تعالى: ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟ (3)» فجعل رفع اليدين من أسباب الإجابة لولا تعاطيه الحرام، وهكذا الحديث الآخر وهو حسن لا بأس به، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ربك حيي كريم، فيستحي من العبد إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (4)» هذا يدل على أنه من أسباب الإجابة، وفي الباب أحاديث كثيرة دلت على أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الدعاء عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك دعاؤه في   (1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، وتربيتها، برقم (1015). (2) سورة البقرة الآية 172 (1) {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (3) سورة المؤمنون الآية 51 (2) {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} (4) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 149 الاستسقاء، كان يرفع يديه ويبالغ عليه الصلاة والسلام، وهكذا في أحاديث كثيرة دعا لقوم فرفع يديه ودعا لآخرين فرفع يديه، فرفع اليدين سنة. لكن بعض المواضع التي ما رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع فيها هي سنة، لكن أي موضع وجد في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يرفع فيه لا نرفع فيه تأسيا به صلى الله عليه وسلم؛ لأن تركه سنة وفعله سنة عليه الصلاة والسلام، مثلا الفريضة إذا سلم منها لا يرفع يديه، إذا دعا بعد السلام، ولا قبل السلام حين دعائه قبل أن يسلم في آخر التحيات، لا يرفع يديه، وهكذا بين السجدتين، إذا دعا: رب اغفر لي، لا يرفع يديه؛ لأن الرسول ما رفع في هذا عليه الصلاة والسلام، هكذا في خطبة الجمعة ما رفع عند خطبته صلى الله عليه وسلم إذا دعا، وخطبة العيد وإنما رفع في الاستسقاء لما خطب ولما دعا في الاستسقاء رفع يديه، فنرفع كما رفع عليه الصلاة والسلام، أما صلاة النافلة إذا دعا بعدها ورفع يديه فلا حرج، لكن إذا ترك ذلك بعض الأحيان حتى لا يظن أنه سنة دائمة يكون حسنا؛ لأنه لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يواظب على رفع اليدين بعد النوافل، فإذا رفع بعض الأحيان فحسن، وهكذا المصافحة لجاره عن يمينه وشماله سنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع المصافحة للأمة، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 150 والمصافحة من أسباب مغفرة الله للذنوب، وكان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا، فإذا لقي أخاه في الصف صافحه، وإذا دخل في الصف ولم يصافحه حتى صلى الفريضة أو صلى الراتبة صافحه، هذا السنة؛ لأنها من أسباب الألفة والمحبة، وإزالة الشحناء، فكونه يصافحه بعد النافلة أو بعد الفريضة، إذا كان ما صافحه قبل ذلك حين تلاقيا في الصف فهذا كله سنة، ولا بأس به. أما مسح الوجه بالدعاء فقد ورد فيه أحاديث ضعيفة، تركه أولى، وقد جمع بعض أهل العلم بأنها لتعددها يشد بعضها بعضا، وتكون من قبيل الحسن لغيره كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في البلوغ في آخره عند ذكر الدعاء. ذكر أن مجموعها يقضي بأنه حديث حسن، ولكن في هذا القول نظر؛ لأنها ضعيفة، والأحاديث الصحيحة ليس في مسح الوجه، فالرسول صلى الله عليه وسلم دعا في مواضع كثيرة في الاستسقاء وفي غير الاستسقاء ولم يحفظ عنه أنه مسح وجهه عليه الصلاة والسلام، والأفضل الترك، الأفضل والأحسن الترك، وإن مسح اعتمادا على قول من قال: إن الحديث حسن في المسح فلا حرج عليه إن شاء الله. والمصافحة على أنها عبادة بعد الصلاة مباشرة لا بأس بهذا؛ لأنها من وسائل المحبة والألفة وإزالة الشحناء، وكان الصحابة إذا تلاقوا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 151 تصافحوا، يقول أنس رضي الله عنه: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا (1)» كانوا يصافحون النبي صلى الله عليه وسلم، ويصافحهم عليه الصلاة والسلام، فالمصافحة عند اللقاء سنة ومن أسباب الألفة والمحبة، ولو أن إنسانا لقي أخاه ولم يصافحه لكان ذلك من أسباب الوحشة، ولاستنكر ذلك، وقال: ما شأنه، ما باله، لماذا؟ المقصود أن هذا هو المعروف بين المسلمين المصافحة عند اللقاء والسؤال عن الحال والعيال، كل هذا أمر معروف ومن أسباب الألفة والمحبة. ولا يشترط لذلك فاصل عند اللقاء في الطريق، في الصف بعد الصلاة، بعد الصلاة، بعد الفريضة، بعد النافلة، يتصافحان. ولا حرج لو دخلت أنت وهو المسجد وجلستما، ثم بعد تأدية الصلاة صافح بعضكم بعضا، لكنه ما هو متأكد في هذا لأنكما دخلتما جميعا، لكن لو صافحته فلا بأس؛ لأن الشغل بالصلاة شغل، والصلاة فيها شغل عظيم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إن في الصلاة   (1) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (97). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 152 لشغلا (1)» والرسول صلى الله عليه وسلم لما سلم عليه الأعرابي الذي دخل المسجد وصلى ونقر الصلاة سلم عليه مرات فرد عليه السلام، وهو عنده صلى ثم سلم فرد عليه السلام، وقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل (2)» ثم رجع فسلم عليه فرد عليه السلام وهو ينظر إليه قريب منه، ينظر على صلاته، ولم يقل له: سلمت أولا، يكفي السلام الأول، اللهم صل وسلم عليه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب لا يرد السلام في الصلاة، برقم (1216). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها ..... ، برقم (757)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) .. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 153 س: ما حكم رفع اليدين بعد الصلاة المفروضة للجميع من أجل الدعاء وكذلك رفع اليدين إذا كان منفردا؟ (1) ج: رفع اليدين بعد الفريضة: لا يجوز، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، فما كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه بعد الفريضة لا في الظهر، ولا في العصر، ولا في العشاء، ولا في   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (163). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 153 الفجر، ولا في الجمعة، فلا يجوز للمسلم أن يرفع لأن هذا حدث بدعة لا جماعيا ولا فرديا، وليس للإمام أن يفعل ذلك مع الدعاء الجماعي؛ لأن هذا محدث، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» فالواجب على أهل الإسلام التمسك بالشريعة والحذر من البدع، وكان النبي يقول في خطبة الجمعة: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)» لكن يرفع يديه في الدعاء عند دعاء الاستغاثة، إذا استغاث المسلمون أو استسقى ولي الأمر في خطبة الجمعة، أو في صلاة الاستسقاء، أو بعض خطباء المساجد إذا استسقوا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 154 ودعوا الله أن يغيث المسلمين، السنة رفع اليدين، وهكذا إذا دعا لنفسه والمسلمين بأن يدعو ويرفع يديه بدعائه في غير صلاة الفريضة لا بأس؛ لأن هذا من أسباب الإجابة لكن شيء ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لا تفعله، إذا سلمت من الفريضة لا ترفع يديك، أو من الجمعة لا ترفع يديك، لكن إذا دعوت في أوقات أخرى أو بعد النافلة لا بأس أن ترفع يديك، وكذلك إذا حدث حادث ودعوت ربك أن الله يرفع هذا الحادث عن المسلمين أو عنك في بيتك أو في أي مكان ترفع يديك، كل هذا لا بأس به، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حدث حادث رفع يديه ودعا، وهكذا إذا طلب منه بعض أصحابه أن يدعو رفع يديه ودعا عليه الصلاة والسلام، ودعا في الاستسقاء عليه الصلاة والسلام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 155 س: هل يجوز للمسلم أن يرفع يديه عند الدعاء بعد السنة التي بعد الفريضة أم لا حيث إن بعض الناس ينكر ذلك ويقول: إنه بدعة ولو رفع يديه للدعاء بعد الفريضة مباشرة هل ينكر على فاعله؟ (1) ج: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد الفريضة وبعد السنة، إنه يذكر الله ويدعو ولكن من دون رفع يدين بعد الفرائض   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (77). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 155 الخمس، أما بعد النافلة فلا أعلم بعد التتبع الكثير ما أعلم أنه رفع يديه بعد النافلة عليه الصلاة والسلام، ولكن عموم الأحاديث الدالة على أن رفع اليدين من أسباب الإجابة يقتضي أنه لا مانع من رفعها بعض الأحيان، لا يكون دائما، كما يرفعها إذا لمت به مصيبة، يرفع يديه ويدعو ولو من دون صلاة، فإذا صلى ورفع يديه يطلب المغفرة، ويطلب حاجته التي لمت به فلا بأس بذلك، أما اتخاذ هذا عادة كلما صلى رفع يديه فالأولى ترك ذلك، وقد ورد فيه حديث ضعيف لا يتعلق به، ولكن ينبغي أن يكون ذلك تارة تارة، وألا يستديم ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يفعل هذا، ولو كان سنة لفعله صلى الله عليه وسلم، فلما لم يفعله دل ذلك على أنه ليس بسنة فلا يداوم عليه، وإذا فعله بعض الأحيان لحاجة لطلب ما ينفعه في الدنيا والآخرة، أو فعل رفع اليدين من دون صلاة عندما يدعو، هذا كله طيب، ورفع اليدين من أسباب الإجابة، وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفرا (1)» وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم لما ذكر أن الله تعالى   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 156 طيب لا يقبل إلا طيبا، ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام «فأني يستجاب لذلك؟ (1)» فدل على أن رفع اليدين والإلحاح في الدعاء من أسباب الإجابة، لكن لما كان هذا الرجل قد تلبس بالحرام صار تعاطيه الحرام في شربه وأكله ولباسه من أسباب منع الإجابة، لا حول ولا قوة إلا بالله. والخلاصة أن رفع اليدين من أسباب الإجابة عند الدعاء في المواضع التي كان يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المواضع التي لم يثبت فيها رفع، ولم توجد أسبابها في عهده صلى الله عليه وسلم، فهذه يرفع فيها أيضا إذا أراد الدعاء، أما الأسباب التي في عهده ولم يرفع فيها مثل صلاة الفريضة لم يرفع فيها عليه الصلاة والسلام فإننا نترك كما ترك عليه الصلاة والسلام، مثل خطبة الجمعة لم يرفع، فنترك لا نرفع، مثل دعاء في آخر الصلاة قبل أن يسلم وبعد السلام ما رفع فلا نرفع في صلاة الفريضة، مثل الدعاء بين السجدتين ما رفع فلا نرفع، بل ندعو واليدان على الفخذين أو على الركبتين من غير رفع لأننا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، وتربيتها، برقم (1015). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 157 نتأسى به ونقتدي به عليه الصلاة والسلام، فلو كان الرفع مشروعا في هذه الأمور لرفع عليه الصلاة والسلام، أما الدعوات التي رفع فيها مثل الدعاء في خطبة الاستسقاء نرفع؛ لأنه رفع صلى الله عليه وسلم، مثل الدعاء على الصفا والمروة في السعي، مثل الدعاء في عرفة في مزدلفة نرفع أيدينا؛ لأنه رفع عليه الصلاة والسلام في ذلك يده، كذلك الدعاء عند الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق فإنه لما دعا صلى الله عليه وسلم عند الأولى تقدم وجعلها عن يساره، ورفع يده ودعا عليه الصلاة والسلام، ولما رجم الثانية أخذ ذات الشمال وجعلها عن يمينه، ورفع يده واستقبل القبلة ودعا، هذا كله مشروع لأنه فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فأما الشيء الذي لم يثبت عنه أنه رفع أو ترك فنحن مخيرون إن رفعنا؛ فالرفع من أسباب الإجابة، وإن تركنا فلا بأس، أما الشيء الذي فعله ولم يرفع فيه مثل ما تقدم هذا لا نرفع فيه، مثل خطبة الجمعة، مثل الفرائض الخمس إذا سلمنا منها لا نرفع، أو في التحية لا نرفع، أو بين السجدتين لا نرفع؛ لأنه لم يرفع عليه الصلاة والسلام فيها، والخير فيما فعله عليه الصلاة والسلام. لكن إن فعله الإنسان بعد النافلة فلا ينكر عليه، أما بعد الفريضة فينكر عليه؛ لأنه فعل شيئا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 158 وأسباب النزول في عهده عليه الصلاة والسلام، فلم يفعله، فلو كان سنة لفعله صلى الله عليه وسلم، أما النوافل فأمرها أوسع لكن لا نرى المداومة؛ لأن الرسول ما داوم، ولو داوم لعرف ولنقله الصحابة وبينوه عليه الصلاة والسلام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 159 59 - حكم الدعاء بعد النافلة س: من صلى ثم تنفل، ما رأيكم في الدعاء بعد هذه النافلة التي هي بعد الفريضة؟ (1) ج: لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فيما نقل، لكن لو فعله بعض الأحيان نرجو ألا يكون فيه بأس، أما المداومة فالأولى تركها.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (77). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 159 60 - حكم المداومة على رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة س: هل يجوز للمؤتم أو الإمام أن يرفع يديه بالدعاء بعد كل صلاة أو فريضة؟ لأن كثيرا من الناس لا ينتهون عن ذلك، أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (250). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 159 ج: لا أعلم بهذا من الدعاء الشرعي رفع اليدين بعد الفريضة، ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك ولا عن أصحابه فيما نعلم، فالسنة عدم الرفع لا بعد الظهر ولا بعد العصر ولا بعد المغرب ولا بعد العشاء ولا بعد الفجر، فذكر الله يأتي في الأذكار الشرعية، ويدعو لما أحب بينه وبين نفسه من دون رفع اليدين، هذا هو السنة، أما بعد النوافل فلا أعلم فيه شيئا. أما في بعض الأحيان فلا بأس، أحيانا النوافل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعضها في البيت وبعضها في المسجد فالأمر واسع، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما نعلم أنه كان يحافظ على الرفع بعد النوافل، لكن عموم الأحاديث أن رفعها من أسباب الإجابة، يدل على أنه لو رفعها في بعض الأحيان لا حرج إن شاء الله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 160 61 - حكم قول: اللهم أنت السلام أحينا ربنا بالسلام بعد الصلاة س: الأخ س. ش، سوداني الجنسية يقول: يسكن معي في مكان العمل أخ في الإسلام مصري الجنسية، ونصلي جماعة ونختلف بعد الصلاة؛ لأني أقول بعد الصلاة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1)،   (1) سورة الفاتحة الآية 2 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 160 اللهم أنت السلام ومنك السلام، أحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا الجنة دارك دار السلام، تباركت وتعاليت، أستغفر الله العظيم من كل ذنب وأتوب إليه. ويقول هو: هذا خطأ، قل: أستغفر الله ثلاث مرات، فهذا هو القول الصحيح. وجهوني حول ما قلت وحول ما قال صاحبي، جزاكم الله خيرا (1) ج: الذي قاله صاحبك هو الصواب، وقد ثبت في صحيح مسلم عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته – يعنى إذا سلم من صلاته – قال: «أستغفر الله – ثلاثا – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (2)» هذا هو المشروع، أما الحمد له، وقول: أحينا بالسلام. وما ذكرت في كلامك هذا لا أصل له بعد السلام، وإنما المشروع ما قاله صاحبك: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. ثم تقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. هذا هو السنة، وإذا كان القائل إماما انصرف إلى الناس بعد ذلك بعد قوله: اللهم أنت السلام ومنك السلام،   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (179). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 161 تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ينصرف إلى الناس ويعطيهم وجهه، يستغفر الله ثلاثا ويقول: اللهم أنت السلام ...... إلى آخره، ثم ينصرف إلى الناس ويعطيهم وجهه إذا كان إماما. أما المأموم والمنفرد فيبقى على حاله مستقبلا القبلة، ويقول الجميع بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. رواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول هذا إذا سلم من صلاته؛ يعني بعد الاستغفار ثلاثا، وبعد: اللهم أنت السلام وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي يقول بعد الصلاة إذا سلم: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» فقد اتفق مع ابن الزبير على قول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (2)» وزاد على   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 162 ابن الزبير: «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» ابن الزبير زاد عليه: «لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (2)» وكلا الحديثين صحيح، فالسنة الإتيان بالجميع، السنة الإتيان بما ذكره ابن الزبير وبما ذكره المغيرة رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام مع ما ذكره ثوبان حين السلام، فيبدأ أولا بما قاله ثوبان: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. من حين يسلم، ثم يأتي بهذه الأذكار بعد ذلك، والإمام يأتي بها بعد انصرافه إلى الناس، بعدما يقول: اللهم أنت السلام ......... إلخ، يأتي بهذه الأذكار، وفي بعضها زيادة: يحيي ويميت. و: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. فإذا زاد: يحيي ويميت فلا بأس، كله طيب، كله حسن، وإذا قالها تارة وتركها تارة كله حسن.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 163 62 - مسألة في رفع اليدين بالدعاء عقب الصلاة س: ما حكم رفع اليدين بالدعاء عقب الصلاة؟ (1) ج: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع اليدين بعد الفرائض الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، أما النافلة فالأمر فيها واسع، إذا رفع بعض الأحيان فالأمر فيها واسع أخذا بعموم الأدلة التي دلت على أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، فإذا رفع بعض الأحيان بعد صلاة النافلة أو في الأوقات الأخرى فذلك من أسباب الإجابة، أما كونه يلزم كلما صلى يرفع يديه في النافلة فالأولى ترك ذلك، لأن هذا لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، فدل ذلك على أنه لم يكن يفعله دائما، أما كونه يفعله بعض الأحيان فلا بأس إن شاء الله لعموم الأدلة.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (269). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 164 63 - حكم رفع اليدين في الدعاء ومسح الوجه بهما س: ما حكم رفع اليدين بعد الصلاة بالدعاء، وما حكم مسح الوجه بعد الانتهاء من الدعاء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة، ولكن المواضع التي ما   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (228). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 164 رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لا نرفع فيها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (1)» فإذا دعا في آخر الليل أو في أي وقت ورفع يديه إليه سبحانه كان هذا من أسباب الإجابة، لكن بعد الفريضة ما يرفع يديه؛ لأن الرسول ما كان يرفعها بعد الفريضة الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والفجر، أو الجمعة. وهكذا في خطبة الجمعة، وخطبة العيد ما كان يرفع إلا في الاستسقاء، إذا طلب الغيث رفع يديه ولو في خطبة الجمعة أو في أي مكان، وهكذا إذا كان في غير صلاة ودعا يرفع يديه ويدعو، وهكذا بعد النافلة، إذا رفع يديه بعد النافلة في بعض الأحيان ودعا لا بأس لكن لا يكون مستمرا؛ لأنه لم يحفظ عنه أنه كان يستمر في رفع يديه بعد النافلة، فإذا رفع بعض الأحيان ودعا لا بأس، أما مسح الوجه باليدين فقد اختلف فيه العلماء: منهم من رأى استحبابه، ومنهم من رأى عدم استحبابه؛ لأن الأحاديث الصحيحة ليس فيها مسح الوجه بعد الدعاء، وجاء فيها أحاديث ضعيفة أنه مسح بيديه، مسح بهما وجهه، فإن فعل فلا حرج، وإن ترك فهو أفضل؛ لأن بعض أهل العلم   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 165 جعل الأحاديث التي جاءت في مسح الوجه متعاونة ومتعاضدة، وجعلها من قسم الحسن، واستحب مسح الوجه، منهم ابن حجر رحمه الله في البلوغ، ذكر أنها يشد بعضها بعضا، وقال آخرون: لا يستحب لأنها ضعيفة. فالحاصل أن الأمر في هذا واسع إن شاء الله، من مسح فلا حرج، ومن ترك لعله أفضل وأولى؛ لأن الأحاديث ليس فيها مسح. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 166 64 - حكم الدعاء بعد كل صلاة ورفع الأيدي س: هل يكره الدعاء بعد كل صلاة، ورفع الأيدي هل هو بدعة؟ (1) ج: الدعاء بعد الصلاة لا يكره بل مستحب، كونه يدعو بينه وبين ربه، في آخر الصلاة وبعد الصلاة بعد الذكر كل هذا جاء في الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا دعا في آخر الصلاة قبل أن يسلم هذا أفضل، وإن دعا بعد السلام وبعد الذكر فلا بأس بينه وبين ربه، أما أن يكون الدعاء جماعيا من الجماعة أو مع الإمام هذا غير مشروع بل بدعة، أو يكون مع رفع الأيدي هذا بدعة بعد الفرائض، لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه بعد الفرائض الخمس، ولم يحفظ عن أصحابه رضي الله عنهم فيما بلغنا، فليس للناس أن يحدثوا   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (106). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 166 شيئا لم يفعله المصطفى عليه الصلاة والسلام ولا أصحابه، لكن الدعاء لا بأس به بينه وبين ربه قبل السلام وبعد السلام لا بأس. أما رفع الأيدي من الجماعة أو من الإمام أو من الجميع بالدعاء كل هذا بدعة، وهكذا إذا دعوا جميعا دعاء جماعيا وذكرا جماعيا فهو بدعة، بل كل يذكر الله في نفسه، ويدعو لنفسه من دون حاجة أن يكون معه آخر يرفع الصوت معه، نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 167 65 - حكم قراءة الفاتحة بعد الصلاة وتثويبها للأموات س: ما حكم قراءة الفاتحة بعد الصلاة، ذلك أن أحد الأشخاص قال: إننا نتوسل بها إلى الله أن يغفر لنا ولوالدينا، ونهديها إلى موتانا، ثم إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم، ما حكم ذلك، هل يصل ثوابها إلى روح الموتى؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: لا نعلم لهذا أصلا، والعبادات بالتوقيف والأدلة لا بالآراء والأهواء، العبادات توقيفية لا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله، ولا نعلم في الأدلة الشرعية شرعية قراءة الفاتحة بعد الصلاة وتثويبها للموتى، ولا الاجتماع على قراءتها لطلب الثواب، كل هذا لا أصل له،   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (168). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 167 وإنما المشروع للمؤمن أن يقرأ القرآن ليتدبر ويتعقل ويستفيد وليحصل له الأجر بذلك، أما أن يخترع شيئا ما شرعه الله في وقت لم ترد فيه السنة هذا ليس بجائز؛ لأن الرسول عليه السلام يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» ولم يرد عنه فيما نعلم من الشرع أنه شرع للأمة قراءة الفاتحة بعد كل صلاة أو تثويبها للموتى، أو قراءتها بصفة جماعية في أي وقت من الأوقات، كل هذا لم يرد ولم نعرفه من الشرع المطهر، والواجب على أهل الإيمان وأهل الإسلام أن يسعهم ما وسع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وليس لأحد أن يحدث شيئا لم يشرعه الله، ولم يرد أيضا أن القرآن يقرأ للموتى ويثوب للموتى، وإن كان قاله جمع من أهل العلم، لكن أقوال العلماء تعرض على الكتاب والسنة، فما وافق النص قبل وما لا فلا، وقد تأملت هذه المسألة فلم أجد في النصوص ما يدل على قراءة القرآن للموتى وتثويبه للموتى، ولكن المشروع الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة والجنة، بالسعادة بالعفو والمسامحة، الصدقة عنهم، الحج عن الميت، العمرة عن الميت،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 168 قضاء الدين عن الميت، كل هذا مشروع، أما أن يصلى عنه أو يقرأ عنه فليس له أصل، أو يصام عنه تطوعا فليس له أصل، أما إذا كان عليه صوم فريضة مات ولم يقضه فإنه يشرع الصيام عنه، كأن يكون عليه صوم من رمضان، تساهل فلم يقضه أو كفارة فإنه يصام عنه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (1)» متفق على صحته. وسأله جماعة عليه الصلاة والسلام، منهم امرأة تقول: إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها، قال صلى الله عليه وسلم: «نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضية؟ اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء (2)» هذا هو المشروع، والواجب على المؤمن والمؤمنة التقيد بما جاء به الشرع، وعدم إحداث شيء لم يشرعه الله تعالى، لا في الصوم ولا في القراءة ولا في الصلاة ولا في غير ذلك، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، برقم (1147). (2) أخرجه البخاري، في كتاب الحج، باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة، برقم (1852). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 169 66. حكم الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة س: الأخ ع. أ. س. من ليبيا يسأل عن الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة (1) ج: الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة أو في غيرها بدعة لا أصل له حتى في غير الصلاة، كونهم يدعون دعاء جماعيا ما له أصل، إنما الإنسان يدعو لنفسه، أو يدعو ويؤمن إخوانه، كالقنوت يدعو الإمام ويؤمن المأمومون، أما أن يدعوا بصوت واحد جماعيا فهذا لا أصل له ولا سيما عقب الصلاة، كل هذا بدعة، فالإنسان يدعو لنفسه بينه وبين ربه في آخر الصلاة قبل أن يسلم، أو بعد السلام بينه وبين ربه، يدعو من دون رفع اليدين لا بأس في هذا، بينه وبين نفسه، أما أن يدعو الإمام ويرفع يديه وهم يرفعون أيديهم معه ويدعون فهذا لا أصل له، وليس من الشرع، وهكذا رفع الصوت بالدعاء جماعيا بصوت واحد كل هذا لا أصل له، لا في المسجد ولا في غير المسجد.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (176). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 170 67 - حكم الاستغفار بصوت مرتفع وقول: الفاتحة إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم س: الأخ ص. ح. ج. اليماني من مدينة الطائف يسأل ويقول: هل يجوز الجزء: 9 ¦ الصفحة: 170 الاستغفار بصوت مرتفع، وبعد ذلك يقول الإمام: الفاتحة بقبول الدعاء وقبول الصلاة ثم إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم؟ (1) ج: فالمشروع للمسلمين بعد الفراغ من صلاة الفريضة أن يقول الإمام والمأموم بعد السلام: أستغفر الله. بصوت يسمعه من حولهم، أستغفر الله، أستغفر الله – ثلاث مرات – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يقول كل واحد بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، فقد ثبت هذا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد كل فريضة، بعضه من حديث ثوبان وبعضه من حديث ابن الزبير وبعضه من حديث المغيرة بن شعبة، هذا السنة للجميع، برفع الصوت المناسب الذي ليس فيه إزعاج وليس فيه خفض صوت، لكن صوت مناسب يسمعه من حول المسجد من عند الباب حتى يعلموا أن الصلاة انتهت.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (151). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 171 قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان رفع الصوت في الذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (1)» فقد كان صبيا قد لا يحضر، كان يسمع هذا فيعرف أن الناس قد صلوا. وفي لفظ آخر قال: «كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير (2)» لأنه يشرع للناس أن يكبروا ثلاثا وثلاثين ويسبحوا ثلاثا وثلاثين، ويحمدوا الله ثلاثا وثلاثين بعد كل صلاة من الصلوات الخمس. هذا هو المشروع، أما قول الإمام: الفاتحة بقبول الصلاة. أو رفع الصوت بالدعاء جماعيا فإن هذا بدعة لا يجوز، بل كل واحد يذكر الله بنفسه لا بصوت جماعي، ولا يشترط لهم أن يقرؤوا الفاتحة لقبول الدعاء، هذا غير مشروع تلاوة الفاتحة بعد كل صلاة، إنما المشروع بعد كل صلاة قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) والمعوذتين بينه وبين نفسه، أما قراءة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (841)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (583). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة برقم (842)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة برقم (583) بلفظ (كنا نعرف). (3) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 172 الفاتحة فلم يرد في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك، فقراءتها عند الدعاء بقصد الدعاء ليس له أصل، ولكن يستحب عند الدعاء حمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو؛ لأن هذا من أسباب الإجابة، فإذا حمد الله وأثنى عليه قبل أن يدعو ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في خارج الصلاة أو في داخل الصلاة في آخر التحيات؛ أو في سجوده فلا بأس إذا أثنى على الله وصلى على النبي الصلاة المعروفة، ثم دعا بعد ذلك، كل هذا طيب، أما أن يكون بصوت مرتفع بعد الصلوات – صوت جماعي – فهذا منكر. والواجب على أهل الإسلام أن يتمسكوا بالشرع، وألا يزيدوا ولا ينقصوا، لا فيما يتعلق بالصلاة ولا فيما يتعلق بالأذكار بعدها ولا في غير ذلك. والعبادات عند أهل العلم توقيفية ليست بالرأي، بل وقوفها على ما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء عنه وثبت عنه فهو المشروع وما سوى ذلك فهو بدعة، والواجب على أهل الإسلام التقيد بالسنة والحذر من البدع، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ويقول: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (1)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 173 يحذرهم من البدع، وهي الإحداث في الدين؛ يعني إحداث عبادات ما شرعها الله، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» يعني فهو مردود، متفق عليه. ويقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» يعني مردود، فالواجب على المسلمين من الرجال والنساء التقيد بالشرع والتمسك بما جاء في الشرع فقط في الأذكار وغير الأذكار، في الصلاة وفي الصوم وفي الحج، وفي جميع العبادات، والله المستعان.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 174 68 - حكم التسبيح بعد الصلاة بصورة جماعية س: هل يجوز التسبيح بعد الصلاة بصورة جماعية؟ (1) ج: التسبيح بعد الصلاة بصورة جماعية بدعة لا يجوز، وإنما يسبح العبد بنفسه بعد الصلاة إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (363). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 174 إماما أو مأموما أو منفردا في جميع الصلوات الخمس، ثم يقول بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. مرة أو ثلاثا في جميع الصلوات الخمس، لكن في الفجر والمغرب يزيد في ذلك عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات زيادة في الفجر والمغرب، أما في الظهر والعصر والعشاء فيقول ذلك مرة واحدة أو ثلاثة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ويستحب أن يقول بعد ذلك: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يقول بعدها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (3)   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الفلق الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 175 و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (1) مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، أما بعد الفجر يكررها ثلاثا، يكرر السور ثلاث مرات، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (3)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (4) بعد الفجر والمغرب كما ورد في حديثه عنه عليه الصلاة والسلام، أما ما سوى ذلك، وعلى صورة جماعية فهذا بدعة.   (1) سورة الناس الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الفلق الآية 1 (4) سورة الناس الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 176 س: الأخ ي. م. ر يسأل ويقول: رأيت في أحد المساجد في بعض البلدان الإسلامية عندما ينتهون من كل صلاة فريضة يسبحون الله بشكل جماعي، أي يقول الإمام: سبحان الله. فيقول المأمومون: سبحان الله. إلى أن ينتهوا إلى ثلاث وثلاثين، ويقول الإمام: الحمد لله. ويقول المأمومون مثل قوله وهكذا، أفيدونا عن حكم مثل هذا العمل، جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا العمل الذي ذكر السائل وهو أن الإمام والمأمومين يسبحون ويحمدون ويكبرون بصفة جماعية بعد كل صلاة، هذا لا أصل له   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (127). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 176 وليس من السنن المشروعة بل هو من البدع، والرسول صلى الله عليه وسلم رغب الناس أن يسبحوا ويحمدوا ويكبروا ثلاثا وثلاثين بعد كل صلاة، ولم يكن يفعل ذلك معهم بصفة جماعية، بل كان يذكر الله في نفسه، وكل واحد من الجماعة يذكر الله في نفسه، هذا هو المشروع، وكل واحد يشتغل بنفسه، فالإمام بنفسه، وكل واحد من الجماعة كذلك، ويقول بعد السلام: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يقوله الإمام والمأموم والمنفرد، هذا السنة لما ثبت عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (1)» وثبت عن عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم أنه كان رسول الله إذا فرغ من قوله: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام (2)» انصرف إلى الناس وأعطاهم وجهه الكريم عليه الصلاة والسلام فهذا يدل على أن الإمام يأتي بهذا قبل أن ينصرف حال كونه مستقبل القبلة، ثم ينصرف إلى الناس فيقول: لا إله إلا الله وحده لا   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 177 شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن زاد قال: يحيي ويميت فكل هذا ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول أيضا: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعضه من حديث المغيرة بن شعبة. وبعضه من حديث عبد الله بن الزبير. رضي الله عنهم جميعا وقال عليه الصلاة والسلام: «من سبح الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (1)» أخرجه مسلم في صحيحه. فهذا يدل على شرعية هذا الذكر، وأن كل واحد يقوله في نفسه، ما يحتاج إلى أن يكون معه غيره، فأداء ذلك بصفة جماعية من الجماعة، أو مع الإمام كل ذلك لا أصل له، وقد   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 178 قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» يعني فهو مردود. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» متفق على صحته. فنصيحتي لمن يفعل هذا أن يدع ذلك، وأن يسبح كل واحد لنفسه مستقلا من دون مشاركة غيره، رزق الله الجميع التوفيق واتباع السنة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 179 69 - حكم دعاء الإمام وتأمين المصلين بعد كل صلاة س: هناك أناس يدعون عقب كل صلاة، الإمام يدعو والجماعة يقولون: آمين. فما حكم ذلك في الشرع بالإجماع؟ (1) ج: هذا الذي سألت عنه أيها السائل لا نعلم له أصلا في الشرع، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، إذا صلى الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء ما كان يفعل هذا الذي سألت عنه، وهو رفع اليدين والدعاء من الإمام والمأمومين، هذا شيء لا أساس له، ولا يشرع، بل هو بدعة؛ إذ لو كان مشروعا لنقله الصحابة وبينوه لنا عن النبي   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (96). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 179 عليه الصلاة والسلام، ثم لو كان مشروعا قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم لفعله الصحابة أيضا، كالخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة، ولم يثبت عنهم فيما نعلم أنهم فعلوا ذلك ولا أنهم نقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فوجب تركه، والإنسان إذا أحب أن يدعو يدعو بينه وبين نفسه، من دون رفع اليدين ومن دون الاجتماع مع الإمام، بل كما جاءت به الأحاديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا بعد السلام بالذكر المعروف عنه عليه الصلاة والسلام، لكن لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد السلام من الفريضة، ولا أنه دعا وأمن معه المأمومون، والخير في اتباعه عليه الصلاة والسلام، وهذه أمور ظاهرة يعلمها الناس ويراها الناس، فلو فعل شيئا من هذا لنقله الصحابة وعرفوه رضي الله عنهم وأرضاهم، فالواجب ترك ذلك؛ لأنه لم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، والخير في اتباعهم، وسلوك سبيلهم رضي الله عنهم، وصلى الله على نبيه محمد وأصحابه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 180 70 - حكم قول: نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بعد الصلاة جماعيا س: عندنا في أغلب المساجد بعد الانتهاء من الصلاة نجد جميع المصلين بصوت واحد مرتفع يقولون: نستغفر الله العظيم الذي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 180 لا إله إلا هو الحي القيوم. ثلاثا. ثم يقولون بصوت مرتفع أيضا ثلاثا: يا أرحم الراحمين ارحمنا. مع العلم أن بعض المأمومين بعد تسليم الإمام يقوم بإكمال ما فاته من ركعات، وهم يشوشون عليه بارتفاع أصواتهم، ونقول لهم: الاستغفار يكون في السر. ولكن يقولون: الوارد عن الرسول أنه كان يقرؤه جهرا – أي قراءة الأذكار دبر الصلاة جهرا – ما هو توجيهكم وما هو القول الصحيح؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا العمل الذي ذكرتم لا يشرع، وإنما الاستغفار عند السلام، إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثا، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يستغفر ثلاثا بكلام يسمعه من حوله كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، ثم يبدأ بالذكر المشروع: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (266). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 181 منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا هو المشروع، يرفع صوته بذلك رفعا لا يشغل المصلين، بل يكون رفعا متوسطا؛ لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: «كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (1)» فدل على أنهم يرفعون أصواتهم لكنه رفع لا يضر المصلين، ولا يشوش عليهم، بل يسمعهم من حول المسجد، ومن يمر بالمسجد حتى يعلم أن الصلاة قد انتهت، ويستحب أيضا مع ذلك أن يسبح ويحمد ويكبر ثلاثا وثلاثين مرة لكل واحد من المصلين: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسعة وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذا مشروع أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم وبينه للأمة، وأخبر أنه تكفر به الخطايا، ويستحب أيضا بعد الصلاة الفرضية أن يقرأ آية الكرسي الإمام والمأموم والمنفرد بينه وبين نفسه، ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين كذلك بعد كل صلاة، ويكرر السور الثلاث في الفجر والمغرب ثلاث   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (841)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (583). (2) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 182 مرات كما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو المشروع بعد الصلوات. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 183 71 - حكم الدعاء بعد الصلاة مع الإمام س: أخبرونا عن الدعاء بعد الصلاة مع الإمام، جزاكم الله خيرا (1) ج: كل يدعو لنفسه بعد الصلاة وفي الصلاة، يدعو في سجوده وفي آخر التحيات، يدعو لنفسه وللمسلمين، ولوالديه المسلمين إلى غير ذلك، كلها محل دعاء، السجود محل دعاء، وهكذا الصلاة قبل السلام محل دعاء، بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم محل دعاء، بين السجدتين محل دعاء، يسأل ربه المغفرة له ولوالديه، كل هذا محل دعاء، ويدعو بما أحب من الدعوات الطيبة، وإذا كانت الواردة في الأحاديث كانت أفضل، فيدعو بين السجدتين بطلب المغفرة، ويقول: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني. في السجود يدعو بما أحب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (2)» ويقول   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (275). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 183 صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (1)» حري أن يستجاب لكم. وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم في السجود: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، أوله وآخره، وعلانيته وسره (2)» وهذا من أفضل الدعاء، وكان يقول صلى الله عليه وسلم لما علمهم التحيات، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (3)» أي في آخر الصلاة قبل أن يسلم، بعد ما يقرأ التحيات، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويتعوذ كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، يتعوذ من أربع يقول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال (4)» كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من هذه الأربع، ويأمر بالتعوذ منهن، فالسنة للمصلي في الفرض والنفل أن يتعوذ من هذه الأربع، يقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. أو:   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (483). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة برقم (588). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 184 اللهم أني أعوذ بك. كله جاء في الحديث، وكذلك يسأل ربه الجنة، ويتعوذ بالله من النار، يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كانا مسلمين – اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. كل هذا الدعاء الطيب، ومن جوامع الكلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: «لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (1)» وكان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من التشهد يتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، وتدعو يا عبد الله بما أحببت، والمرأة كذلك، في سجودك، وفي آخر الصلاة وبعد السلام، إذا أتيت بالأذكار تدعو بعد السلام أيضا بينك وبين نفسك، بينك وبين ربك بعد الذكر من دون رفع يدين، ما كان النبي يرفع يديه بعد الفريضة، لكن إذا رفعتها بالدعاء بعد غير الفريضة بدعاء آخر لا بأس من دعواتك في بيتك، وبعد النافلة في   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار – رضي الله عنهم – من حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه - حديث رقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، حديث رقم (1522) واللفظ له، والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء حديث رقم (1303). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 185 بعض الأحيان، فالدعاء ورفع اليدين من أسباب الإجابة، لكن الشيء الذي ما رفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا ترفع فيه، النبي ما كان يرفع بعد الفريضة عليه الصلاة والسلام، يدعو لكن من دون رفع، وهكذا بين السجدتين تدعو من دون رفع، هكذا قبل السلام تدعو من دون رفع اليدين، هكذا في خطبة الجمعة، إذا دعا الإمام في خطبة الجمعة والعيد يدعو من دون رفع اليدين، إلا إذا استسقى وطلب الغيث يرفع يديه بالاستسقاء. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 186 س: السائل ع. ع، يقول: هل يجوز الدعاء بعد الفراغ من الصلاة جهرا؛ أي الإمام يدعو والمصلون يقولون بعده: آمين؟ (1) ج: هذا من أنواع البدع، كون الإنسان يجهر بالدعاء ويؤمن عليه المأمومون هذا من البدع، لكن يدعو الإنسان بينه وبين نفسه بعد الذكر، ويدعو الآخر بينه وبين نفسه بعد الذكر أو قبل السلام أفضل بعد ما يتعوذ من عذاب جهنم، وعذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، يدعو بدعوات مما ورد في الشرع، مثل: اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (394). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 186 العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر، اللهم أعني على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اغفر لي ولوالدي. إذا كانا مسلمين وما أشبه ذلك. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 187 س: السائل ص. م، من اليمن يقول: اعتاد البعض من الناس عندنا بعد فراغ الإمام من الصلاة أن يؤدي كل شخص منا الاستغفار، والأذكار الواردة عقب الصلاة في سره، ولكن بعد ذلك يقوم الإمام بالدعاء بصوت مسموع، ويقوم المأمومون بالتأمين ورد الدعاء بعد الإمام، فهل هذا العمل صحيح أم ماذا؟ مأجورين (1) ج: هذا بدعة، ليس له أصل، ما كان النبي يفعله ولا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولكن كل واحد يذكر الله ويدعو بينه وبين نفسه، يذكر الله الأذكار الشرعية، ويدعو بعد الأذكار بينه وبين نفسه لا بأس،   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (398). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 187 والدعاء قبل السلام أفضل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما علم الصحابة التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال أمرهم أن يسألوا، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (1)» ثم ليختر من الأدعية ما شاء، فالإنسان يدعو ربه في آخر الصلاة، وإن دعا بعد الذكر بعد السلام فلا بأس، فالسنة للمؤمن إذا سلم من الصلاة الفريضة أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – ثلاث مرات – «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (2)» هكذا كان النبي يفعل كما قال ثوبان رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة استغفر ثلاثا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (3)» وأخبرت عائشة رضي الله عنها أنه إذا قال: «اللهم أنت السلام (4)» انصرف إلى الناس. إذا كان إماما، ثم يقول الإمام والمنفرد والجماعة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 188 بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. والأفضل أن يكررها ثلاثا، ثم يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. كل هذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة قال هذا. ويستحب أن يزيد في المغرب والفجر عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. مع الذكر المتقدم، ويزيد في الفجر وفي المغرب هذا الذكر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات. ثم بعد هذا يسبح ويكبر ويحمد ثلاثا وثلاثين مرة: سبحان الله، والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة الجميع تسع وتسعون، ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذا المستحب للرجل والمرأة بعد الفريضة، يعني الفرائض الخمس: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر. إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال الجزء: 9 ¦ الصفحة: 189 والإكرام. ربنا سبحانه هو السلام، المسلم لعباده، اسمه السلام ومنه السلام، هو الذي يرسل السلام لعباده، هو الذي يمن بالسلام على العباد منه جل وعلا، تباركت يا ذا الجلال، تباركت صفة مبالغة ما تصلح إلا لله، تبارك الله ربنا، ما يقال: تباركت يا فلان علينا. هذا وصف لله تبارك الله رب العالمين، تبارك الذي بيده الملك، ثم بعد هذا يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن زاد: يحيي ويميت كذلك طيب، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. جاء هذا وهذا، يكررها ثلاثا بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. ويستحب أن يقول بعد هذا آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين أيضا، هذا مستحب، ويكرر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) والمعوذتين بعد المغرب، والفجر ثلاث مرات. {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (5)،   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 (5) سورة الفلق الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 190 و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (1) بعد الفجر والمغرب ثلاث مرات أفضل.   (1) سورة الناس الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 191 س: هل يوجد دعاء يقوله المصلون مع الإمام بعد الصلاة مباشرة وجهرا؛ لأن في بعض الأقطار الإسلامية إذا سلم الإمام أخذ في الأدعية والمصلون يقولون معه؟ (1) ج: هذا شيء لا أصل له، ولا نعلم في هذا أصلا في الشرع، فكون الإمام والمأموم إذا سلموا يدعون ويرفعون أيديهم بالدعاء، بعد الفريضة هذا لا أصل له، لا بعد العصر ولا بعد الصبح، ولا في غير ذلك، وإنما إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم ينصرف الإمام إلى المأمومين ويعطيهم وجهه، ثم يقول هو وغيره: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (21). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 191 هذا هو المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى بعضه ثوبان، وروى بعضه المغيرة بن شعبة، وروى بعضه عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم، وهي أحاديث ثابتة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو السنة، إذا صلى مع الإمام يقول هذا الدعاء الرجل والمرأة جميعا، إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يقوله الجميع، ثم الإمام ينصرف بعد هذا إلى الناس، ويعطيهم وجهه ويستقبلهم استقبالا، إن شاء انصرف عن يمينه وإن شاء انصرف عن يساره، لكن يعطيهم وجهه ويستقبلهم لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، يقول بعد هذا هو والمأمومون كل واحد يقولها بنفسه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثم يستحب أن يسبح الله ويكبره ويحمده ثلاثا وثلاثين: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، كما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، هذه تكون تسعة وتسعين، إذا قال: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 192 وثلاثين، تكون تسعة وتسعين، ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وثلاثا وثلاثين تكبيرة، هذه تسع وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رواه مسلم في الصحيح. هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنها تغفر الخطايا بهذا الذكر، المقصود أن هذا سنة بعد الصلاة، يقوله الإمام والمأموم والمنفرد، الرجل والمرأة، ويستحب مع هذا أن يقرأ بعد هذا آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) وكذلك بعد هذا يستحب قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين بعد كل فريضة، لكن في الفجر والمغرب يكرر: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) والمعوذتين ثلاث مرات، في الفجر وفي المغرب كما جاءت به السنة، هذا هو المشروع، أما رفع الأيدي والدعاء الجماعي بين الإمام والمأمومين في الفجر أو في العصر أو في المغرب أو في أي وقت هذا لا أصل له، وهو من البدع، فلا يجوز فعله، لكن إذا دعا الإنسان بينه وبين نفسه، بينه وبين ربه من دون رفع يدين بعد الصلاة فلا بأس، فقد جاءت أحاديث تدل على هذا المعنى، وأنه كان يدعو بعض الأحيان   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 193 عليه الصلاة والسلام بعد هذا الذكر، فلا حرج في هذا، إذا أتى بهذا الذكر ودعا بعد ذلك بينه وبين نفسه مثل: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، جاء في بعض الأحاديث أنه يقولها بعد السلام. كذلك: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. إن قالها قبل السلام فهو أفضل، وإن أتى بها بعد السلام بعد الذكر فلا بأس، الحاصل أن هذا الذي يفعله بعض الناس من رفع الأيدي الجماعي بين الإمام والمأموم بعد كل صلاة لا نعلم له أصلا، بل هو كما نعتقد من البدع كما نص عليه جمع من أهل العلم رحمة الله عليهم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 194 س: يسأل ويقول: ما يفعله بعض الناس إذا سلم الإمام من الصلاة أتى بذكر جماعي هو والمأمومون، يختم الذكر بالفاتحة إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم، ما رأي سماحتكم في هذا؟ (1) ج: مثل هذا بدعة، كونه يأتي بذكر جماعي متعمدا بألفاظ ينطقون بها جميعا، وينتهون منه جميعا، هذا بدعة، لكن كل واحد يذكر الله، ولو تلاقت الأصوات في المسجد لا يضر ذلك، كل واحد يذكر الله وحده،   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (196). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 194 هذا يبتدئ وهذا ينتهي لا يتقصدون أن تكون ألفاظهم متزنة متوافقة من أولها إلى آخرها جماعيا، لا، هذا لا أصل له، بدعة، ولكن كل واحد يذكر الله، هذا يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وهذا ينتهي منها ويقول: لا إله إلا الله. والآخر يقول: لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه. كل منهم على حسبه، يتكلم بما يسر الله له من الذكر من غير أن يراعي اتفاقه مع كلام أخيه حرفيا، بل هذا يذكر الله، وهذا يذكر الله، وكل منهما يبتدئ حيث شاء، وينتهي حيث شاء، أما أن يقصد كل واحد أن يكون جماعيا مع أخيه في ألفاظه ابتداء وانتهاء فهذا لا أصل له. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 195 س: هناك بعض الناس يقولون: إن الدعاء واجب، وهو أن يدعو الإمام ويؤمن المصلون، فهل هذا صحيح أم لا؟ (1) ج: الدعاء مشروع، وليس بواجب ولكنه مشروع، الإنسان يدعو في صلاته، يدعو الله ويجتهد في الخير، يسأل ربه المغفرة والرحمة وصلاح النية والعمل، يسأل ربه الرزق الحلال، الزوجة الطيبة الصالحة، يسأل ربه دخول الجنة والنجاة من النار، إلى غير ذلك، لكن يجب أن يقول:   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (61). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 195 رب اغفر لي – عند جمع من أهل العلم – بين السجدتين فقط، أما بقية الدعاء فهو مستحب، يدعو في آخر الصلاة قبل أن يسلم، يستحب أن يدعو في سجوده، يستحب أن يدعو خارج الصلاة، ويطلب من ربه خير الدنيا والآخرة، كل هذا مستحب مطلوب ولا يجب. أما ما يفعله بعض الناس من الدعاء بعد السلام، إذا سلم الإمام في الفريضة دعا الإمام ورفعوا أيديهم وأمنوا جميعا، فهذا لا أصل له هذا من البدع، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا سلموا يرفعون أيديهم ويدعون ويؤمنون، فالإنسان يدعو بينه وبين نفسه، الإمام يدعو بينه وبين نفسه، المأموم كذلك، المسلم يدعو بعد الصلاة بينه وبين ربه، أما أن يرفع الإمام يديه ويرفعون أيديهم ويدعو الإمام ويؤمنون فهذا لا أصل له، ولا يجوز بل هو من البدع التي يجب تركها، ولكن يدعو الإنسان في نفسه بعد الذكر بما يسر الله، والمنفرد إذا ما صلى مع الجماعة لأسباب فاتته الجماعة أو لأنه مريض أو ما أشبه ذلك، يدعو أيضا بينة وبين نفسه، ولكن الأفضل أن يكون في صلاته في السجود، وقبل أن يسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما علمهم التحيات قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (1)» يعنى قبل أن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 196 يسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: «وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (2)» فينبغي للمؤمن أن يكثر من الدعاء في سجوده، وبين السجدتين، وفي آخر الصلاة قبل أن يسلم، وإذا دعا بعد السلام وبعد الذكر بينه وبين ربه فلا بأس من دون رفع اليدين ومن دون أن يدعو مع الإمام، كل هذا لا أصل له، لكن يدعو بينه وبين ربه في نفسه فقط من دون رفع اليدين بعد صلاة الفريضة، وهكذا بعد النوافل، وإذا رفع يده بعد النوافل بعض الأحيان فلا بأس، أو في غير صلاة، دعا ربه في أي وقت ورفع يديه كل هذا مطلوب، رفع اليدين من أسباب الإجابة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 197 72 - حكم قراءة آية الكرسي وبعض الأذكار جماعيا بعد صلاة الجمعة س: يسأل ويقول: في يوم الجمعة بعد أن يسلم الإمام ونسلم بعده، يقرأ آية الكرسي، ثم يسبح الله ويحمده ويكبره ونحن كذلك وراءه، ثم يرفع يديه للدعاء ونحن معه، ثم نقرأ سورة الفاتحة، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 197 فهل في عملنا هذا شيء أم يجب أن يختم كل فرد الصلاة بمفرده ولا يختمها مع الإمام؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا العمل بدعة لا يجوز، وليس من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فكونكم تبدؤون بعد السلام جميعا بآية الكرسي ثم تسبحون جميعا ثم ترفعون أيديكم كل هذا لا أصل له، هذه بدعة وإنما السنة إذا سلم الإمام، وهكذا المأموم وهكذا المنفرد، السنة للجميع بعد السلام القول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام (2)» هكذا كان النبي يفعله عليه الصلاة والسلام، يبدأ بهذا ثم ينصرف إلى الناس عليه الصلاة والسلام فيقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (3)» «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (443). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 198 منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» هذا سنة للإمام والمأموم والمنفرد بعد السلام من الصلوات الخمس، ولا يشرع رفع اليدين في هذه الحال، وكل واحد يذكر الله في نفسه لا يكون ذكرا جماعيا، كل واحد يذكر الله لنفسه كما شرع الله، أما أن يؤتى بذلك بصوت جماعي فهذا من البدع، أو يبدأ بآية الكرسي هذا خلاف السنة، بل يبدأ بالاستغفار ثلاثا ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وهكذا ثبت من حديث ثوبان، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن الزبير ومن حديث المغيرة أنه كان يقول بعد ذلك: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (2)» «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (3)» روى نص هذه الأذكار ابن الزبير   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 199 وبعضها رواه المغيرة رضي الله عنهما، وكلها صحيحة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 200 73 - حكم دعاء الإمام والمصلون يؤمنون خلفه بعد كل صلاة س: ما حكم الدعاء بعد كل صلاة بالنسبة للجماعة حيث يدعو الإمام ويقول المأمومون خلفه: آمين (1) ج: هذا شيء لا أصل له، الدعاء بعد كل صلاة يدعو الإمام ويؤمن عليه المأمومون هذا شيء لا أصل له، فهو من البدع، فلم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يفعلونه، بل كان إذا سلم من صلاته استغفر ثلاثا، قال: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (2)» ثم ينصرف إلى الناس يعطيهم وجهه عليه الصلاة والسلام، ثم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (3)»   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (45). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 200 " «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (1)» هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، بعضه ثابت من حديث ثوبان عند مسلم، وبعضه من حديث ابن الزبير عند مسلم، وبعضه في الصحيحين من حديث المغيرة. هذه الأذكار التي يقولها إذا سلم عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ عنه أنه كان يرفع يديه إذا سلم ويدعو ويؤمن المأمومون، كل هذا محدث لا أساس له، فلا يجوز فعله، بل هو بدعة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 201 س: عادتنا ونحن نصلي جماعة مع الإمام وبعد صلاة الجماعة فإننا نذكر الله جميعا، فهل هذا صحيح؟ وهل الذكر بالجماعة أفضل أم كل على حدة (1)؟ ج: ليس بصحيح بل هذا بدعة، كل واحد يذكر الله بنفسه، أما أن يذكر الله ذكرا جماعيا بصوت واحد فهذا من البدع، كل واحد إذا سلم يذكر الله بنفسه.   (1) (2) السؤال السابع من الشريط رقم (216). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 201 74 - حكم التسبيح الجماعي عقب الصلوات س: ما حكم التسبيح الجماعي إذا كان الإمام يسبح والمأمومون يسبحون من بعده (1)؟ ج: هذا بدعة لا أصل له، بل كل واحد يسبح لنفسه، الإمام يسبح لنفسه، كل واحد منهم كذلك، يسبح لنفسه، ويذكر الله لنفسه، أما الجماعي فهذا بدعة.   (1) (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (220). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 202 75 - مسألة في رفع الصوت بالذكر جماعيا س: هناك من يقول: إن استغفار الجماعة مع الإمام بعد السلام بصوت مرتفع - مشروع وجائز؛ بدليل ما كان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، إذا دخل الداخل للصلاة يعرف أنها قد قضيت برفع التسبيح من الرسول وأصحابه علما أنني لم أرتض هذا القول، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الصواب شرعية الذكر بعد الصلاة، أما الدعاء والاستغفار فيكون بين العبد وبين ربه، لكن بعد الصلاة يذكر الله، يقول ابن عباس رضي   (1) (2) السؤال الثاني من الشريط رقم (227). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 202 الله عنهما: كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: " «كنت أعرف إذا انصرفوا بذلك سمعته (1)» فالسنة رفع الصوت بالذكر بعد الصلوات الخمس كما رفعه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة؛ حتى يتعلم الجاهل ويتذكر الناسي، ويعلم الناس الذين حول المسجد أنها انتهت الصلاة، أما الدعوات الخاصة فبين العبد وبين ربه، ولو سمع من حوله لا بأس، لكن " «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم استغفر ثلاثا؛ قال: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – ثم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (2)» هكذا أخبر ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله أنه كان يفعل هذا، فلولا أنه كان يسمعه ما أخبر به، فدل على أن ثوبان سمع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا استغفر بقدر ما يسمع من حوله فلا بأس، ولكن الذكر يرفعه أكثر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (841)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (583). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 203 الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. أخبر ابن الزبير وأخبر المغيرة بن شعبة أن النبي كان يفعل هذا، ويرفع صوته بهذا عليه الصلاة والسلام. وهكذا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر - بعد الصلاة كله ذكر، أما الدعاء فإذا أسر به بينه وبين ربه ما يسمع من حوله فلا بأس، هذا هو الأفضل. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 204 76 - حكم اختيار الجماعة واحدا منهم ليدعو لهم ويؤمنوا خلفه س: هل يجوز للجماعة إذا صلوا جماعة أن يختاروا أحدهم بأن يدعو لهم ويرفعوا أيديهم ويقولوا: اللهم آمين. يعني هو يدعو بالنيابة عنهم، ويرددون كلمة: اللهم آمين (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، فإن كان الدعاء في قنوت الوتر فلا بأس بهذا، أما الدعاء غير ذلك فليس بمشروع، الكل يدعو لنفسه إذا سلم من صلاته وأتى بالذكر الشرعي، يدعو بينه وبين ربه، كل واحد يدعو لنفسه، والإمام لا يرفع ولا يؤمنون، هذا بدعة ليس له أصل، ولكن إذا أحب أن يدعو فالإمام يدعو لنفسه بينه وبين ربه، والمأموم كذلك، كل واحد يدعو لنفسه، هذا هو المشروع.   (1) (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (88). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 204 77 - حكم ذكر الله قبل صلاة الصبح وصلاة العشاء بصوت جماعي س: عندنا عادة نفعلها قبل صلاة الصبح وقبل صلاة العشاء، وهي ذكر الله وتسبيحه والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم بصوت جماعي، ويسمون هذا بالراتب، فهل يجوز هذا بهذا الشكل أم لا (1)؟ ج: هذا بدعة، كونهم يجتمعون للدعاء جماعة وبصوت جماعي يذكرون الله أو يقرؤون قبل الفجر وقبل العشاء هكذا بدعة، أما كون الإنسان يجلس بعد المغرب أو بعد العصر يذكر الله مع نفسه فهذا طيب، قربة وطاعة لله سبحانه وتعالى، وهكذا بعد الفجر هذا طيب، كان النبي يجلس بعد الفجر حتى تطلع الشمس – عليه الصلاة والسلام – يذكر الله ويثني عليه، هذا كله مشروع تسبيح الله والثناء عليه بكرة وعشيا، أمر شرعه الله، لكن كونه يؤدي بصوت جماعي من جماعة بعد العصر أو بعد المغرب أو بعد الفجر هذا بدعة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» وقال عليه الصلاة   (1) (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (48). (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 205 والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» وكان يخطب يوم الجمعة ويقول: «شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (2)» فالواجب على المسلم أن يتقيد بشرع الله، وأن يتأدب بآداب الله، فإذا أراد الجلوس بعد الصبح أو بعد المغرب أو بعد العصر لذكر الله وقراءة القرآن فهذا طيب، وهكذا الآخر والآخر كل يذكر الله بينه وبين ربه، ويسبحه ويحمده ويثني عليه ويستغفره ويقرأ القرآن، هذا فيه فضل عظيم وأجر كبير، أما كونهم ينطقون بصوت واحد: لا إله إلا الله، أو: سبحان الله، أو ببعض الآيات هذا لا أصل له، بل هو من البدع التي أحدثها الناس، فالواجب ترك ذلك والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى مما سلف.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 206 78 - مسألة في دعاء الإمام بعد الفريضة والتأمين خلفه س: السائل من السودان يقول: بعد الانتهاء من الفريضة المكتوبة، وبعد الانتهاء من الباقيات الصالحات وختمها بـ: لا إله إلا الله، يقوم الإمام برفع يديه، ويدعو الله والجميع يقولون من خلفه: آمين، ويقرؤون شيئا من القرآن الكريم كفاتحة الكتاب، نرجو أن الجزء: 9 ¦ الصفحة: 206 توجهونا، هل هذا العمل مبتدع أم أنه جائز؟ وجزاكم الله خيرا (1) ج: هذا العمل مبتدع ليس له أصل في الشرع فيما نعلم فلم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة أو بعد التسبيح والذكر يرفع يديه يدعو والناس يؤمنون، وما كان يقرأ الفاتحة والناس يؤمنون، ولو كان هذا واقعا لنقله الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم نقلوا كل شيء، فهم أمناء، والحاصل أن هذا من البدعة، كون الإمام بعد الصلاة وبعد التسبيح يرفع يديه فيدعو وهم يؤمنون، أو يقرأ الفاتحة ويدعو وهم يؤمنون هذا ليس له أصل وهو بدعة، فإذا فرغ الإنسان من الذكر يصلي السنة الراتبة بعد الظهر أو بعد المغرب أو بعد العشاء، أو يذهب إلى بيته – وهو أفضل – يصلي النوافل في بيته، وأما هذه الأعمال التي يرفع يديه بعد الفريضة الإمام والمأموم أو كلاهما، يرفعون ذلك بالدعاء فهذا لا أصل له.   (1) (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (306). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 207 79 - حكم قول الإمام بعد الفريضة: يغفر الله لنا ولكم- بصوت مرتفع س: أرى من بعض الأئمة بعدما ينتهي من الصلاة ويتوجه بوجهه إلى المصلين يقول بصوت مرتفع: يغفر الله لنا ولكم. فهل ورد الجزء: 9 ¦ الصفحة: 207 هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم (1)؟ ج: هذا ليس له أصل، فكونه يلتفت إلى المصلين يقول: يغفر الله لنا ولكم. هذا ليس له أصل، ولم يبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا، هذا يعتبر بدعة لا وجه لها، بل إذا سلم يقول: " «أستغفر الله – ثلاثا- اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (2)» ثم ينصرف إلى الناس في جميع الأوقات الخمسة، ينصرف بعد هذا، وإذا انصرف يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير – مرة أو ثلاثا – ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. والمأمومون مثله، يقولون مثل ذلك، إذا سلم الإمام يقولون مثل قوله سواء، ويزيد في الفجر وفي المغرب: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر   (1) (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (43). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 208 مرات، يزيدها في المغرب والفجر كما جاء في السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يستحب أن يقول بعد هذا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثم يقرأ آية الكرسي، ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1)، والمعوذتين، هذا هو الأفضل بعد كل صلاة، وفي المغرب والفجر يزيد فيقرأ: قل هو الله أحد، والمعوذتين في الفجر والمغرب ثلاث مرات في أول الليل وأول النهار كما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو المشروع بعد كل صلاة، أما أن يقول للجماعة: يغفر الله لنا ولكم بصوت مرتفع، أو: هداكم الله، أو تقبل الله منا ومنكم، هذا لا أصل له، لكن لو دعا بينه وبين نفسه دعا لإخوانه المسلمين لا بأس، لكن بصوت مرتفع يتخذه عادة هذا لا أصل له.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 209 80 - حكم قول: تقبل الله العظيم بعد الصلاة س: أسمع في نهاية الصلاة من بعض الناس قوله عندما يسلم من الصلاة، يقول أحدهم لأخيه: تقبل الله العظيم. فيرد عليه الآخر: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 209 منا ومنكم صالح الأعمال. فهل هذا من السنة (1)؟ ج: لا أصل له، ليس من السنة ولا أصل له، وينبغي ترك ذلك لأنه غير مشروع. أما الدعاء بالقبول في الأعمال فإنه إذا كان وهو ما يعتاده بعض الناس في بعض الأحيان فهذا لا بأس به، مثل ما يقول له في الطريق: غفر الله لنا ولك، و: تقبل الله منا ومنك، أو عند السلام عليه في البيت فهذا لا بأس، لكن كونه يعتاد إذا سلم من الصلاة يقول هذا الكلام عادة فهذا غير مشروع، هذا بدعة.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (271). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 210 س: هناك كلمات يرددها بعض الناس بعد الصلاة مثل: حرما، تقبل الله، فهل هذه جائزة (1)؟ ج: أما حرما فلا أعرف لها أصلا، وأما إذا قال لأخيه: تقبل الله منك فلا أعلم فيه بأسا لا في الصلاة ولا في غيرها، تقبل الله منك صيامك، تقبل الله منك صلاتك.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (223). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 210 81 - حكم مصافحة المصلين بعضهم بعضا بعد الصلاة س: مصافحة المصلين بعضهم بعضا بعد الصلاة هل هي جائزة (1)؟ ج: إذا كان لم يصافحه أولا يستحب له أن يصافحه؛ إذا فرغ من الأذكار الشرعية صافح أخاه، أما إذا كان التصافح عند اللقاء في الصف قبل الصلاة فذا يكفي – والحمد لله – لأن المصافحة سنة عند اللقاء، والسلام سنة عند اللقاء، فإذا صافح أخاه عند اللقاء في الصف أو بعد صلاة النافلة قبل الصلاة كفى ذلك، وإن صافحه بعد الفرض بعدما يفرغ من الأذكار هذا كله لا بأس به من باب الأنس وأداء السنة والتآلف، لكن لا يبادر من حين يسلم كما يفعل بعض الناس بعد الأذكار، بعدما يفرغ من الأذكار الشرعية يسلم على أخيه على يمينه وشماله: كيف حالك، من باب التآلف والتعاون؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصافح الصحابة، ولما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا (2)» فالسنة عند اللقاء المصافحة، وثبت عن أنس رضي الله عنه قال: «كان أصحاب   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (223). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في المصافحة، برقم (5212) وغيره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 211 النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا (1)» وكان صلى الله عليه وسلم «إذا دخلت عليه بنته فاطمة – رضي الله عنها – قام إليها وصافحها وقبلها، وأجلسها مكانه، وإذا دخل عليها هي قامت إليه وصافحته وقبلته وأجلسته مكانها (2)» فالمقصود أن إفشاء السلام والمصافحة عند اللقاء والبشاشة في وجه أخيك كل هذا من أسباب الألفة والمحبة، لكن لا تجعل هذا من حين تسلم بل بعد الفراغ من السلام والذكر الشرعي، تصافحه إذا كان ما صافحته قبل ذلك. س: عندما يسلمون على بعضهم عقب السلام مباشرة قائلين تقبل الله منا ومنكم وغير ذلك من الأقاويل فهل هذا جائز (3)؟ ج: هذا لا أصل له بعد الفريضة، لا أصل له، لا يصافح ولا يقول: تقبل الله منكم بعد الفريضة، أما أن يكون غير عادة بعض الأحيان يقول: تقبل الله، فلا بأس، أما كلما سلم قال: تقبل الله. يصافح فلا، خلاف ما   (1) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (97). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب ما جاء في القيام، برقم (5217)، والترمذي في كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها، برقم (3872). (3) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (371). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 212 شرعه الله في الفرائض، كان صلى الله عليه وسلم إذا سلم قال: «أستغفر الله – ثلاثا – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (1)» ثم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (2)» ثم يقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (3)» «اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (4)» ويذكر الله بعد الفجر والمغرب عشر مرات بعد هذا الذكر؛ يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير- عشر مرات، فعله الرسول صلى الله عليه وسلم. ولا يرفع يديه بعد السلام من الفريضة، ولا يقول لأخيه: تقبل الله منك. بصفة دائمة معتادة، لا، إذا قال بعض الأحيان عند اللقاء، أو إذا قاما من   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 213 الصلاة بعض الأحيان لا بأس، لكن اعتياده كأنه سنة لا، غير مشروع، ولكن بعد النافلة لا بأس إذا رفع يديه بعد النافلة، لا بأس به. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 214 82 - حكم المصافحة بعد تحية المسجد أو الراتبة س: دخلت أنا وصديقي إلى المسجد ونحن يتحدث بعضنا إلى بعض، بعد أن أدينا تحية المسجد سلمت عليه حسب العادة التي تجري في المساجد، ومددت يدي إليه، فنظر إلي وأبى أن يمد يده إلي، وقال: لم أفارقك، وهذه بدعة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، وقد اتخذها الناس كالواجب اليوم عندما ينتهون من تحية المسجد. ووقفت مدهوشا أمامه. فهل زميلي هذا أو صديقي على حق؟ أم أنا الذي على حق (1)؟ ج: لا أعلم بأسا في أن يصافح المسلم أخاه بعد فراغهما من تحية المسجد أو من الراتبة قبل الصلاة من راتبة الظهر أو راتبة الفجر، لا أعلم بأسا في ذلك، ولو كانا جاءا جميعا، ولو كانا قد سلم أحدهما على الآخر قبل الصلاة، لكن إذا كان ما جاءا جميعا أو ما سلم أحدهما على الآخر قبل الصلاة تتأكد المصافحة بعد ذلك؛ لأن أصحاب النبي صلى الله   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (34). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 214 عليه وسلم كانوا إذا تلاقوا يتصافحون، وكانوا إذا قدموا من سفر يتعانقون، قال أنس رضي الله عنه والشعبي: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا (1)» وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصافح إخوانه عليه الصلاة والسلام عند اللقاء، فهذه سنة معروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، أما إذا كان دخل مع أخيه أو سلم عليه في الصف قبل أن يصلي التحية لما تلاقيا في الصف فإن هذا يكفي، وقد حصل المقصود والحمد لله، لكن لو سلم عليه ثانيا بعد الفراغ من التحية أو من الراتبة القبلية، ثم صافحه مرة أخرى فلا أعلم بأسا، ولا أعلم ما يوجب جعل ذلك بدعة، فإن السلام كله خير، ولا يأتي إلا بخير، وفيه إيناس من بعضهم لبعض، ودعاء من بعضهم لبعض، فلا حرج فيه إن شاء الله، ولا يسمى بدعة، ومما يدل على هذا ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان جالسا في المسجد ذات يوم، فدخل بعض الناس فصلى ولم يتم صلاته، ثم جاء وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل؛ فإنك لم تصل فرجع   (1) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (97). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 215 فصلى، ثم جاء فسلم عليه – صلى الله عليه وسلم – فرد عليه النبي السلام، ثم قال: ارجع فصل؛ فإنك لم تصل فرجع فصلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فرد عليه النبي السلام، فقال: ارجع فصل؛ فإنك لم تصل فقال الرجل: والذي بعثك بالحق نبيا، ما أحسن غير هذا، فعلمني. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (1)» هذا الحديث العظيم الجليل يدل على وجوب الطمأنينة في الصلاة والركود فيها وإعطاء كل عضو حقه من الاعتدال والطمأنينة وعدم العجلة في الركوع والسجود، والاعتدال بعد الركوع والجلوس بين السجدتين، هذا من أهم الفرائض. وكثير من الناس يعجل ولا يكمل هذه الفروض، وهذا خطأ عظيم لا تصح معه الصلاة، وفي هذا الحديث نفسه أن النبي عليه الصلاة والسلام رد على الرجل السلام وهو يصلي بقربه، وجاء إليه ثلاث   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها ..... ، برقم (757)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) .. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 216 مرات يسلم ويرد النبي عليه السلام ولا قال: يكفي السلام الأول. مع أنه بقربه يشاهده النبي صلى الله عليه وسلم ويرى حركاته ويرى طمأنينته وعدمها، والنبي يشاهده وكلما سلم عليه قال: وعليكم السلام، ورد عليه السلام، ثم قال له: ارجع فصل. فدل ذلك أن إعادة السلام من شخص حولك تراه وتشاهده يعمل عملا، ثم يسلم عليك مرة ثانية أن هذا لا شيء فيه، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سلم سلم ثلاثا، والقصد من ذلك – والله أعلم – أن يفهم المستمعون أو لعلهم إذا لم يردوا في الأولى والثانية فينتبهوا للرد، المقصود أن تكرار السلام للتعليم أو تنبيه الحاضرين حتى يردوا السلام أو لأسباب أخرى دعت إلى ذلك لاشتغالهم بالصلاة؛ لأن الصلاة فيها شغل، فلما فرغ منها سلم على أخيه، هذا لا حرج فيه إن شاء الله، ولا ينبغي التشديد في هذا أبدا. ومن رأى من العامة أو غيرهم أن هذا السلام من مكملات الصلاة فقد غلط، ما له تعلق بالصلاة إنما له تعلق بأخيه، والسلام على أخيه والدعاء لأخيه بعد شغله بالصلاة، فإذا اشتغل بالصلاة وأقبل على الله في كلامه وركوعه وسجوده فهذا أعظم في نفس الأمر مما لو حال بينه وبين أخيه شجرة أو جدار ثم سلم عليه، فقد جاء في الحديث أنه إذا حال بينه وبين أخيه شجرة فإنه يسلم عليه مرة أخرى، وإذا سلم على الجزء: 9 ¦ الصفحة: 217 أخيه ثم حال بينهما شجرة أو جدار يسلم عليه مرة أخرى، فأي - هذا أو شغله في الصلاة - أعظم؟ إذا حال بينه وبينه شجرة - نخلة أو نحوها - لحظة نصف دقيقة أو ربع دقيقة أو ثانيتين أو ثلاثا. المقصود أن هذا شيء يسير، ثم يلقاه يسلم عليه، هذا أقل بكثير من شغله بالصلاة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 218 83. حكم المصافحة بعد الصلاة وقول: تقبل الله س: هل يصح قول: تقبل الله، والتسليم باليد بعد إتمام الصلاة، وهذا شائع بين الناس (1)؟ ج: إذا صافح أخاه بعد الصلاة بعد فراغه من الذكر إذا كان ما صافحه قبل ذلك فلا بأس، لكن من حين يسلم يبدأ بالمصافحة هذا غير المشروع، إذا سلم يقول: أستغفر الله – ثلاثا – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثم ينصرف   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (163). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 218 إلى المأمومين، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام إذا سلم من الصلاة، وإذا صافح أخاه من يمينه أو شماله إذا كان ما صافحه قبل ذلك، هذا حسن؛ لما فيه من الإيناس والتآلف، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم (1)» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصافح أصحابه، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإذا حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر، ثم لقيه فليسلم عليه أيضا (2)» وكان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا رضي الله عنهم، فالمصافحة والسلام سنة مؤكدة، وفي ذلك خير عظيم، وتألف وإيناس، وتقارب بين المسلمين، وإذا كان قد سلم عليه في الصف قبل الصلاة كفى ذلك إن شاء الله، وإن صافحه بعد ذلك لا يضر إن شاء الله، لكن يكتفي بالمصافحة الأولى، والحمد لله. س: من عمان بالأردن يقول: ما حكم السلام بعد الصلاة على من   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، برقم (54). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه، أيسلم عليه؟ برقم (5200). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 219 يصلي بجانب أخيه المسلم؟ وما حكم قول: تقبل الله بعد السلام أو قبله، وإذا أصر الشخص على قولها دائما فهل يجوز أن نرد التحية عليه بمثل ما يقول؛ أي تقبل الله منا ومنك؟ وما حكم قول ذلك بعد الخروج من المسجد كأن يقول: تقبل الله منا ومنكم. نرجو من سماحة الشيخ إجابة (1) ج: لا حرج في ذلك إذا قال لأخيه: تقبل الله منا ومنك. بعد الصلاة أو عند الخروج من المسجد أو عند اللقاء عند صلاة الجنازة أو من اتباع الجنازة أو من صلاة الجمعة أو إلى غير ذلك، كل هذا خير لا حرج في ذلك، المسلم يدعو لأخيه بالقبول والمغفرة، وإذا دخل المسجد وصلى الركعتين أو أكثر ثم سلم من على يمينه ومن على شماله هذا هو السنة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للأمة أن إذا تلاقوا يتصافحون، وكانوا إذا لقوا النبي صافحوه عليه الصلاة والسلام، وكانوا إذا تلاقوا تصافحوا -الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم- والمصافحة سنة، فإذا لقي أخاه في الصف قبل الصلاة وصافحه أو بعد السلام بعدما صلى الركعتين صافحه أو بعد الفريضة إذا كان ما صافحه   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (360). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 220 قبل ذلك جاء والناس في الصلاة، فلما صلى الفريضة وهلل صافحه، كل هذا طيب لا حرج في ذلك، أما كونه إذا سلم من الفريضة بدأ يأخذ بيد الذي في يمينه وشماله وهو يعرفهم وقد سلم عليهم هذا ما له أصل، لكن إذا جاء وهم يصلون ودخل معهم في الصلاة ثم بعدما فرغ من الصلاة ومن الذكر صافحهم هذا طيب. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 221 84. حكم تقبيل أيدي بعضهم البعض بعد الصلاة س: بعض الإخوة المؤمنين بعد فرض كل صلاة يقوم بعضهم بتقبيل أيادي البعض الآخر، فهل هذا صحيح أم لا (1)؟ ج: الأفضل عدم ذلك؛ لأنه ليس من عادة الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم تقبيل يده، وإنما يفعله بعضهم نادرا، فالأفضل في مثل هذا التأسي بالصحابة مع نبيهم عليه السلام، وهو المصافحة فقط، لكن لو فعل ذلك نادرا قليلا مع أبيه أو مع العالم السني صاحب السنة فلا بأس بذلك، لكن لا ينبغي أن يتخذ عادة؛ لأنه ليس من عادة الصحابة مع نبيهم عليه السلام، فالأفضل ترك التقبيل للأيدي والاكتفاء بالمصافحة، وإذا قدم من سفر عانق أخاه وعانقه، أو قبل   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (123). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 221 بين عينيه لا بأس، أما اتخاذ تقبيل الأيدي عادة فلا ينبغي، بل هو مكروه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 222 85. مسألة في حكم المصافحة بعد الصلاة س: السائل: ح. ع. ع، يتصافح بعض الناس أو الكثير من الناس بعد الانتهاء من الصلاة، قال لنا أحد المشايخ: إن هذا بدعة، فما هو الصحيح في هذا الأمر (1)؟ ج: ليس في ذلك حرج، المصافحة سنة عند اللقاء في الصلاة وفي غير الصلاة، إذا تلاقيا في الصف سلم على أخيه وصافحه، وإن شوهد في الصلاة قبل ذلك سلم عليه بعد الصلاة وصافحه سنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصافح أصحابه إذا تلاقوا، وكان الصحابة إذا تلاقوا يتصافحون، فالذي يقول: إن هذا بدعة غلط، غلط منه، بل السنة المصافحة عند اللقاء، إذا تلاقيا في الصف قبل الصلاة صافحه، أو تلاقيا في وقت الصلاة والإمام يصلي، إذا فرغ من الصلاة وفرغ من الذكر يصافح أخاه، ويدعو كل واحد لأخيه بالخير، كل هذا مشروع، وهكذا في الطرق إذا تلاقيا، إذا سلم على أخيه وصافحه هذا قربة وطاعة.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (275). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 222 86. حكم وضع اليد على الجبين بعد الصلاة س: هناك أناس بعد الصلاة يضع يده على جبينه بعض الوقت ويقولون: إن هذا من السنة، هل ما قالوه صحيح (1)؟ ج: ليس له أصل فيما نعلم.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (219). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 223 87. بيان مكروهات الصلاة ومبطلاتها س: يسأل السائل ويقول: ما هي مكروهات الصلاة ونواقضها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: هذه موجودة في كتب الفقه، يطالع كتب الفقه ويجدها؛ يكره في الصلاة التفاته برأسه في الصلاة، يكره في الصلاة الحركة، وإذا كثرت أبطلتها، يكره في الصلاة أشياء كثيرة، يتأملها في كتب أهل العلم، يقرؤها في كتب العلم، ويعرفها في كتب الحديث مثل بلوغ المرام مثل عمدة الحديث، ومثل زاد المستقنع، ومثل عمدة الفقه، يقرأ ما يكره في الصلاة يعرف ذلك، من أهم ذلك كثرة العبث، يكره، لا يعبث، وإذا كثر العبث   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (403). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 223 وتواصل أبطلها، من أهم المهمات أن يكون خاشعا مطمئنا في الصلاة لا يعبث، ولا يشتغل بما يشغله عن صلاته، لا بالتفات ولا بتعديل الثياب، ولا بغير ذلك، يكون مطمئنا خاشعا كما قال الله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) يحضر قلبه، والله المستعان.   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 224 88. حكم الالتفات في الصلاة س: هل الالتفات في الصلاة حرام أم أنه يقطع الصلاة؟ وذلك للاطمئنان على الطفل سواء كانت الصلاة في البيت أم في المسجد الحرام، وعندما يكون الطفل يبكي ووقت الصلاة على وشك الانتهاء ماذا أفعل، هل أتركه يبكي أم أحمله أم كيف توجهوني (1)؟ ج: الالتفات في الصلاة بغير حاجة مكروه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الالتفات في الصلاة: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد (2)» أخرجه البخاري في الصحيح. فدل صراحة على منع   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (330). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الالتفات في الصلاة، برقم (751). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 224 الالتفات من غير عذر، والالتفات يكون بالرأس، أما إذا كان لعذر، امرأة تلتفت إلى ابنها الذي حولها تنظر في حاله، أو يسمع الإنسان صوتا عن يمينه أو شماله يخشى منه أو لأسباب أخرى فلا بأس؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه التفت للحاجة في الصلاة, وقال: «التسبيح للرجال والتصفيق للنساء (1)» «فإنه إذا سبح التفت إليه (2)» ولما أكثر الناس التصفيق في الصلاة لما خرج من بيته صلى الله عليه وسلم والصديق في الصلاة التفت ليرى ما هناك من الحادث، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم تأخر وتقدم النبي وصلى بالناس، وكان الصديق قد كبر بهم ودخل في الصلاة. وكان غائبا قد ذهب للصلح بقباء، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخل الصديق في الصلاة فأكثر الناس في التصفيق، والتفت   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التصفيق للنساء، برقم (1203)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة إذا نابهما شيء في الصلاة، برقم (422). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول، برقم (684)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم (421). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 225 الصديق فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فتقهقر، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم ليبقى ولم يبق، وتأخر، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بالناس، ولما سلم قال للصديق: (ما منعك أن تثبت إذ أمرتك) فقال الصديق رضي الله عنه: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال للناس: «ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق، من رابه شيء في صلاته فليسبح؛ فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء (1)» هذا يدل على أن الالتفات في العادة لا بأس به، ولكن السنة إذا راب الناس شيء أن يسبح الرجال، يقول: سبحان الله، سبحان الله، حتى ينتبه الإمام إذا كان قد سها، أما المرأة فتصفق، تضرب بيد على يد أو على فخذها حتى ينتبه الإمام على السهو. س: إذا كون الالتفات مكروها في الصلاة لا يبطلها سماحة الشيخ (2)؟ ج: لا يبطلها هذا بالرأس، أما بجميع بدنه فتبطل الصلاة بالبدن كله. س: إذا رعاية الأطفال كيف توجهون أختنا المسلمة (3)؟   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التصفيق للنساء، برقم (1203)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة إذا نابهما شيء في الصلاة، برقم (422). (2) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (330). (3) السؤال في شريط رقم (330). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 226 ج: إذا دعت الحاجة لا بأس، إذا دعت الحاجة، أو تبعد عنه الحار أو تؤخر عنه الحار. س: إذا رعاية الطفل حتى أثناء الصلاة لا تؤثر على الصلاة (1)؟ ج: نعم. س: يسأل ع. ن من سوريا ويقول: أبي رجل مسن يؤدي الفرائض كلها والحمد لله، ولكن أحيانا أثناء الصلاة يلتفت يمنة ويسرة، وقد يشير بيده إلى أحد دون أن يعي ما خطر ذلك، وتأثيره على صلاته أيضا لا يعيه، وأنا أحاول دائما أن أنبه على ذلك، لكن احترامي له يمنعني من توجيهه، فما السبيل؟ جزاكم الله خيرا (2) ج: الالتفات في الصلاة مكروه إلا من حاجة، فإن التفت برأسه في بعض الأحيان صلاته صحيحة، لكن ينبه ويبين له أن هذا مكروه، وأنه نقص في الصلاة، ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سئل عن الالتفات في الصلاة قال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد (3)» هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله   (1) السؤال في الشريط رقم (330). (2) السؤال في الشريط رقم (345). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الالتفات في الصلاة، برقم (751). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 227 عليه وسلم في الالتفات قال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد (1)» لكن إذا دعت الحاجة فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم التفت في الصلاة لحاجة، والصديق التفت في الصلاة لحاجة، فالمقصود أنه إذا كان الالتفات لحاجة بالرأس فلا بأس، وهكذا الإشارة لأحد لحاجة لا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم أشار في الصلاة، إذا أشار لإنسان أن يدخل أو يخرج أو يغلق بابا فلا حرج في ذلك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الالتفات في الصلاة، برقم (751). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 228 89. حكم رفع المصلي بصره إلى السماء س: هل يصح أن يرفع المصلي بصره إلى السماء أثناء الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: رفع البصر إلى السماء وقت الصلاة لا يجوز، والنبي نهى عن هذا، وحذر من هذا عليه الصلاة والسلام، قال صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم (2)» وفي لفظ: «أو لتخطفن (3)» فالمقصود أنه لا يجوز رفع البصر   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (265). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (428). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (750)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (429). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 228 إلى السماء في حال الصلاة، والسنة طرحه إلى الأرض محل السجود، هذا هو السنة، لا ترفعه إلى السماء. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 229 90. حكم تغميض العينين في الصلاة س: ما هو الحكم في تغميض العينين في الصلاة؛ إذ إنني أغمض عيني لأني أخاف أن أنظر إلى هنا وهناك، وأنشغل عن أمور الصلاة؟ (1) ج: التغميض في الصلاة مكروه، وليس من السنة، السنة أن يفتح عينيه ويغمض عند الحاجة ولا حرج، لكن يطرحهما في موضع سجوده، يغض بصره وينظر إلى موضع سجوده حتى يخشع، هذا هو السنة، أما التغميض فلا يشرع؛ لأنه مكروه، بل قال بعض أهل العلم: إنه من عمل اليهود. س: إني في صلاتي أغمض عيني وإني في هذا ألقى خشوعا، وعندما رآني صديق لي قال: لا يجوز هذا، وإن صلاتك لا تصح، فما رأيكم سماحة الشيخ؟ (2)   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (310). (2) السؤال السابع من الشريط رقم (59). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 229 ج: إغماض العينين في الصلاة مكروه عند العلماء، ولكنه لا يضر الصلاة، الصلاة صحيحة، ولا يضر إذا أغمضت عينيك، لا حرج في ذلك، بل قال بعض أهل العلم: إذا كان أخشع لقبلك فلا بأس، ولكن الأظهر والأقرب أنك لا تغمض، ويقال: إن هذا من فعل اليهود في صلاتهم، فالحاصل أن الأفضل لك أن لا تغمض عينيك مطلقا، وأن تجتهد في الخشوع من دون إغماض عينيك، هذا هو الأحوط والأفضل، أما الصلاة فصحيحة ولو أغمضت عينيك لا يضر، ليس من شرطها فتح العينين. س: السائلة ح. م. ح تقول: عندما أصلي لا أشعر بالاطمئنان إلا إذا أغمضت من عيني، ولا أفكر في أشياء دنيوية، ورغم ذلك فأنا أستعيذ بالله من بداية صلاتي، ولكنني رغم ذلك، أفكر وأشعر بالحزن لذلك، ما رأيكم في إغماض العينين؟ (1) ج: عليك أن تجتهدي في إحضار قلبك في الصلاة، وسؤال الله أن يعينك على هذا، وتذكري أنك بين يدي الله، وأن الله يطلع عليك سبحانه وتعالى، فالمؤمن إذا قام في الصلاة يراقب ربه، ويستحضر   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (396). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 230 عظمته جل وعلا، الواجب هو العناية بهذا الأمر فتذكري أنك بين يدي الله، وأن الله قبل وجه عبده إذا صلى، فعليك أن تجتهدي في إحضار قلبك، والخشوع لله، وترك الإغماض، الإغماض في العينين مكروه، تركه أولى، وذكر بعض أهل العلم أنه فعل اليهود، فالأولى ترك ذلك، ولكن ضعي البصر في موضع السجود، انظري موضع السجود، واخشعي لله، واذكري عظمته، وأنك بين يديه، واجتهدي في ذلك وأبشري بالخير. س: أجد في إغماض عيني في صلاتي خشوعا أكبر، فهل يجوز لي ذلك أثناء الصلاة؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: الأفضل عدم الإغماض، أن تعود نفسك عدم الإغماض، تجتهد في الخشوع. س: هل يجوز أن أغمض عيني عند الصلاة علما أن قلبي يخشع أكثر عندما أغمض عيني؟ (2) ج: الأفضل أنه بدون غمض، صرح جمع من أهل العلم بالكراهة في   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (352). (2) السؤال العاشر من الشريط رقم (266). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 231 ذلك، فالأفضل عدم الإغماض، وإن أغمضت فلا حرج عليك لا يضر الصلاة، لكن يكره عند جمع من أهل العلم الإغماض، فالأحسن ألا تغمض عينيك وتقبل على صلاتك، وتخشع فيها بدون إغماض، والحمد لله. س: في أثناء الصلاة أغمض عيني، فهل هذا صحيح؟ (1) ج: الأفضل عدم الإغماض، لكن بعض أهل العلم قال: إذا كان أخشع إلى قلبه فلا بأس، والمعروف عند أهل العلم أن السنة عدم الإغماض مع الاجتهاد في الخشوع وإحضار القلب بين يدي الله عز وجل.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (163). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 232 91. حكم إغماض العينين والحسر عن الرأس أثناء الصلاة س: يقول السائل: هل تجوز صلاة الرجل وهو مغلق لعينيه، وهل يجوز السجود والعمامة على الناصية؟ (1) ج: لا بأس أن يصلي ولو أغمض عينيه، ولكن السنة فتحهما، والصلاة صحيحة لو أغمض عينيه وهو يصلي، ما يضره، لا حرج في ذلك،   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (384). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 232 وكذلك العمامة لو كان رأسه مكشوفا والعمامة على كتفه لا يضره، إنما السنة أن يأخذ الزينة كما قال سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (1) فإذا صلى مع الناس بجنس ملابسهم في مساجدهم يكون أفضل حتى لا يلفت النظر، وكونه يصلي مثل الناس أفضل، يأخذ زينته مثل الناس، أما في بيته فالأمر واسع، عليه أن يصلي في الإزار والرداء، فلو صلى مكشوف الرأس لا حرج، لكن إذا كان مع الناس يصلي بمثل لباس الناس، لا يفعل شهرة، يقول الناس: لماذا؟ ولباس الشهرة هو الذي يخالف ما عليه الناس، هذا لباس الشهرة.   (1) سورة الأعراف الآية 31 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 233 92. حكم الصلاة أمام موقد النار س. ما حكم الصلاة أمام موقد النار، أو المدفئة الكهربائية، هل يأثم صاحبها؟ (1) ج: تركها أولى، تكره الصلاة إلى النار، أمام نار، تكره الصلاة؛ لأن فيه تشبها بعباد النار المجوس، فإذا كان قدامه شيء يطفئه، أو يحطه خلفه، أو عن يمينه، أو عن شماله لا يخليه قدامه، يكره أن يصلي إليه،   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (244). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 233 الصلاة صحيحة، لكن يكره ذلك؛ لأن فيه نوعا من التشبه. س: لو صلى فروضا هل يعيدها يا شيخ؟ (1) ج: لا، ما يعيد شيئا، لكن ترك هذا هو الذي ينبغي، يزيل السرج التي أمامه وإلا ينتقل إلى محل آخر، وإن صلى والنار أمامه صحت صلاته، لكن يكره ذلك.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (244). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 234 93. حكم بقايا الطعام في الفم أثناء الصلاة س: تقول السائلة: ما حكم بقايا الطعام التي توجد في الفم أثناء الصلاة؟ هل يكتفى بإخراجها من الفم، أم يخرج من الصلاة ويتمضمض، ثم يعود ويبدأ الصلاة من جديد؟ (1) ج: ما يوجد في الفم من آثار الطعام أو اللحم لا يضر الصلاة، سواء بقي أو أخرج أثناء الصلاة وطرحه في منديل أو في جيبه، المقصود ما في الفم من آثار الطعام، أو آثار اللحم في الأسنان لا يضر الإنسان، لكن لا يبتلعه، إذا أخرجه يلقيه في جيبه أو في منديل، وإن أبقاه في ضرسه أو في جيبه حتى يفرغ من الصلاة لم يضرها، صلاته صحيحة. والحمد لله،   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (244). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 234 لأنه لا يسمى بهذا آكلا ولا شاربا. س: سائل يقول: ندخل في الصلاة ثم نشعر في بعض الأحيان أن هناك بقايا من الطعام في الفم وبين الأسنان، فما حكم العمل في مثل هذا؟ وكيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا يضر، لكن إذا انتهيت من النافلة قبل الصلاة تأخذ ما تيسر من ذلك، ولا يضر الصلاة، والحمد لله.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (272). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 235 94 - حكم صلاة من في فمه القات س: كنت أصلي وفي فمي بعض القات وخاصة صلاة العصر، وقد سمعت بأن هذا جائز، لكني رأيت في منامي أن والدي كان يصلي وأردت أن أصلي معه وكان في فمي شيء من القات، فتوضأت، وعندما كنت أتمضمض لأتخلص من القات كان ماسكا في فمي ويأبى الخروج رغم محاولاتي المتكررة، فقمت من نومي وأنا على هذه الحالة، ولا أدري هل صلاتي السابقة صحيحة أم لا؟ وإذا كانت غير صحيحة فماذا يجب علي عمله؟ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 235 وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: هذه الرؤيا فيها موعظة وتحذير بشأن القات، نحن علمنا وبلغنا من علماء اليمن وغيرهم أنه لا يجوز استعماله لما فيه من الأضرار الكثيرة والتخدير، فالواجب الحذر منه، وعدم استعماله وعدم بيعه وشرائه، وإذا كنت تصلي فلا يكون في فمك منه شيء، لأنك إذا أبقيته ربما ابتلعت منه شيئا، والأكل في الصلاة يبطلها، والشرب كذلك، فالواجب عليك أن تلقيه من فمك وقت الصلاة، وإذا كنت فعلت ذلك في بعض الصلوات حتى ابتلعت منه شيئا أو ابتلعت طعما منه فإنك تعيد تلك الصلاة التي ابتلعت فيها القات، وهكذا لو أكلت لحما أو شربت ماء أو نحو ذلك، فالواجب عليك أن تخلي فمك من هذه الأشياء عند الصلاة، حتى تكون متهيئا للصلاة، ليس في فمك شيء يشغلك عن الصلاة، ولا شيء يسبب ابتلاعك إياه، أو أكلك إياه أو شربك إياه، والقات من أخبث ما يتعاطاه الناس لما فيه من المضرة، وهكذا الدخان، وهكذا جميع المسكرات والمخدرات يجب الحذر منها، المؤمن يحذر ما حرم الله عليه، ويبتعد عن كل ما يضره، نسأل الله للجميع الهداية.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (214). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 236 95 - حكم صلاة من يحمل في جيبه الدخان س: يقول هذا السائل من مصر: ما حكم من يحمل في جيبه الدخان أو السجائر أثناء تأديته الصلاة، وهل التدخين ينقض الوضوء (1)؟ ج: صلاته صحيحة، لكن يجب عليه التوبة إلى الله، ويجب عليه ترك التدخين، والتدخين لا ينقض الوضوء، لكن يجب عليه تركه؛ لأنه محرم وفيه أضرار كثيرة، وشره كثير، فالواجب ترك التدخين، لكن لو صلى وفي جيبه شيء صلاته صحيحة، وليس بنجس من جهة إفساد الصلاة، وإن كان نجسا من حيث المعنى، لكن ليس بنجس من جنس البول أو الغائط، لكنه نجس من حيث المعنى؛ لأنه قذر من حيث إنه يؤذي ويضر، لكن لو صلى وفي جيبه شيء صلاته صحيحة، إلا أن عليه التوبة إلى الله من استعماله، والحذر من ذلك، والله جل وعلا يتوب على التائبين سبحانه وتعالى.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (379). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 237 96 - حكم الاحتباء أثناء الاستماع للخطبة س: من الأردن و. ع يقول: ما حكم الاحتباء؛ وهو ضم الفخذين إلى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 237 البطن بالثوب أو اليدين عند الاستماع إلى الخطبة (1)؟ ج: تركه أولى؛ لأنه قد يسبب النوم والكسل، يكون على جلسة أخرى؛ لأن ذلك أقرب إلى النشاط والبعد عن النوم.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (387). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 238 97 - بيان معنى الإقعاء س: قرأت أن من مكروهات الصلاة الإقعاء، ما معنى هذا؟ جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: الإقعاء المكروه في الصلاة هو أن ينصب فخديه وساقيه ويعتمد على يديه حال جلوسه، كإقعاء الكلب والذئب ونحو ذلك، ويسمى عقبة الشيطان، كما في حديث عائشة: «نهي عن عقبة الشيطان (2)» وحديث آخر: «نهى عن إقعاء كإقعاء الكلب (3)» وهو إذا جلس بين السجدتين أو للتشهد ينصب فخذيه وساقيه ويعتمد على يديه، هذا هو الإقعاء المنهي   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (201). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يجمع صفة الصلاة وما يفتتح به ويختم به .. ، برقم (498) .. (3) أخرجه ابن ماجه بلفظ (يا علي، لا تقع إقعاء الكلب) في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب الجلوس بين السجدتين، برقم (895). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 238 عنه، وهناك إقعاء مشروع ذكره ابن عباس رضي الله عنهما، وأنه من السنة، (وهو أن يجلس على عقبيه بين السجدتين ويداه على فخديه، ويجلس على عقبيه)، هذا من السنة، ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه من السنة، ولكن الأفضل منه أن يفترش اليسرى وينصب اليمنى حال جلوسه بين السجدتين أو التشهد الأول، يفرش اليسرى وينصب اليمنى هذا هو الأفضل، والأكثر في الأحاديث. وفي التشهد الأخير من الظهر والعصر والمغرب والعشاء يتورك؛ يجلس على الأرض ويجعل رجله اليسرى تحت رجله اليمنى عن يمينه، هذا هو الأفضل للتشهد الأخير في الرباعية والثلاثية، أما الجلسة التي في التشهد الأول أو بين السجدتين فهذا الجلوس يشرع فيه أن يجلس على رجله اليسرى ويفرشها، وينصب اليمنى وإن أقعى بين السجدتين – أي جلس على عقبيه – نصب رجليه وجلس على عقبيه بين السجدتين، فهذا أيضا من السنة، لكن الأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو الافتراش. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 239 98 - حكم وضع المرفقين على الأرض أثناء السجود س: ما حكم وضع المرفقين على الأرض أثناء السجود (1)؟   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (48). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 239 ج: هذا مكروه ولا ينبغي، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك (1)» «ونهى عن افتراش كافتراش السبع (2)» فالسنة أن يرفع مرفقيه سواء الرجل أو المرأة يرفع ذراعيه عن الأرض، ويعتمد على كفيه حال السجود، هذه السنة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض، برقم (494). (2) صحيح مسلم الصلاة (498)، سنن الترمذي الصلاة (275)، مسند أحمد (6/ 194). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 240 99 - بيان معنى الربض س: من الأوصاف التي وصف بها المنافقون أنهم إذا سجدوا نقروا وإذا ركعوا ربضوا، فكيف يكون الربوض لتحاشي ذلك ومخالفتهم (1)؟ ج: المعروف عن المنافقين النقر، ينقرها يعني يعجل فيها في ركوعه وسجوده، لا يذكر الله فيها إلا قليلا. أما الربض في كلام بعض العلماء فالربض كونه يسجد سجودا ما هو بمعتدل، مثل ربض البهيمة، يسجد سجودا ما هو بمعتدل، فالسنة أن يعتدل في سجوده، يسجد على يديه وركبتيه وأطراف قدميه وجبهته وأنفه، رافعا بطنه عن فخذيه، وفخذيه   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (182). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 240 عن ساقيه، ورافعا ذراعيه عن الأرض، هذا هو السجود المعتدل، ما يربض ضاما بعضه إلى بعض، بطنه على فخذيه، فخذيه على ساقيه، وذراعيه على الأرض مثل ربض البهيمة، هذا مكروه ولا ينبغي، لكن السنة أن يسجد سجودا معتدلا ليس برابض. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 241 100 - حكم تشبيك اليدين في الصلاة س: حدثونا لو تكرمتم عن حكم تشبيك اليدين في المسجد (1) ج: يكره للمسلم أن يشبك بين أصابعه إذا خرج إلى الصلاة، وهكذا حال انتظاره للصلاة، وهكذا في الصلاة؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على كراهة ذلك، فإذا خرج إلى الصلاة فإنه في صلاة، فلا يشبك بين أصابعه، وهكذا في المسجد إذا كان ينتظر الصلاة لا يشبك بين أصابعه، كل هذا مكروه، وهكذا في نفس الصلاة لا يشبك بين أصابعه، أما بعد الصلاة فلا حرج، ولو كان في المسجد بعد الصلاة لا بأس أن يشبك وإن كان في المسجد؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه لما سلم من الصلاة يظن أنه أتمها تقدم   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (256). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 241 وجلس في مقدم المسجد، وشبك بين أصابعه عليه الصلاة والسلام. فالحاصل أن التشبيك بعد الصلاة ولو في المسجد لا حرج فيه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 242 101 - حكم تكرار قراءة الفاتحة في الصلاة س: يقول السائل: إنني أعيد قراءة الفاتحة عدة مرات أثناء الصلاة؛ لأنني أخطئ في قراءتها، فما حكم ما فعلت (1)؟ ج: هذا غير مشروع، السنة أن تقرأها مرة واحدة؛ تقرأها قراءة مرتلة، تتدبرها وتعقلها حتى تؤدي الحروف كما ينبغي، أما التكرار فمكروه، لكن إذا غلطت فيها تعيد ما غلطت فيه، إذا غلطت في آية تعيد الآية وما بعدها، أما أن تكررها – يعني من باب الوسوسة – فهذا لا ينبغي، بل هو مكروه وكذلك من باب الاحتياط مكروه؛ كان النبي عليه الصلاة والسلام يقرؤها مرة واحدة، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، والخير كله في اتباعه صلى الله عليه وسلم واتباع أصحابه، والبدع كلها شر، فأنت إذا تيقنت الغلط في آية تعيد الآية بإصلاح الخطأ، ولا تعيد   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (242). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 242 السورة كلها، فإذا قلت مثلا: إياك نعبد، تعيد وتقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (1)، أو قلت: اهدنا الصراط المستقيم. تعيدها وتقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (2) مع أن الرفع لا يضر في هذا، ما يغير المعنى، أو قلت: الحمد لله رب العالمين. ثم انتبهت وقلت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3) بالخفض هذا هو الصواب، لكن النصب لا يضر لأن المعنى لا يتغير، فالحاصل أن اللحن الذي لا يغير المعنى لا يضر القراءة، لكن لو أعاد الآية فأصلحها على الوجه الأكمل فلا بأس، أما اللحن الذي يحيل المعنى فلا بد من إعادة الآية، لو قرأ: أهدنا. بفتح الهمزة، لا بد أن يعيد الآية، يقول: {اهْدِنَا} (4) يعيدها بكسر الهمزة، لو قرأ: إياك نعبد. هذا غلط يخاطب مرأة، ما يصلح، لا بد أن يعيد الآية يقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (5)، أو قرأ: صراط الذين أنعمت عليهم. هذا غلط، يعيد الآية ويقول:   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة الفاتحة الآية 6 (3) سورة الفاتحة الآية 2 (4) سورة الفاتحة الآية 6 (5) سورة الفاتحة الآية 5 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 243 {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (1) يخاطب الرب جل وعلا، أو يقول: أنعمت. هذا غلط، هذا خطاب امرأة، هذا ضمير امرأة لا يجوز، يغير المعنى، لا بد أن يعيد الكلمة يقول: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (2) يخاطب الرب جل وعلا، هو المنعم جل وعلا، فالحاصل أن اللحن الذي يغير المعنى يجب أن يعيد الآية حتى يصلح اللحن، ولا حاجة إلى أن يعيد السورة كلها. س: هل تكرار سورة الفاتحة في الركعة الواحدة من الصلاة أكثر من مرة واحدة جائز؛ علما بأنني أريد أن أتدبرها، هل علي إثم في ذلك (3)؟ ج: الأفضل عدم التكرار، قال بعض أهل العلم: يكره تكرارها. إذا أردت أن تكررها كررها في خارج الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يكررها ولا الصحابة؛ فلا ينبغي لك تكرارها ولكن في خارج الصلاة إذا أردت تكرارها للتأمل والتعقل ولو مرات كثيرة فلا بأس، هي أو غيرها لا بأس.   (1) سورة الفاتحة الآية 7 (2) سورة الفاتحة الآية 7 (3) السؤال العاشر من الشريط رقم (373). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 244 س: هل إذا قرأت الفاتحة مرتين في ركعة واحدة سهوا أو بدون سهو هل ذلك يؤثر (1)؟ ج: لا يؤثر، لكن لا يشرع لك تكرارها إلا إذا كنت حصل عندك نسيان فكررتها وإلا فالأصل يكفي مرة واحدة، لا تكررها إذا قرأتها مرة واحدة.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (329). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 245 102 - حكم من ترك التشهد الأول أو زاد ركعة جهلا س: هل الخطأ في بعض أركان الصلاة جهلا يبطلها؟ فإن من الناس من يصلي عدة ركعات قصده أن يركع ويسجد حتى يغلب على ظنه أنه أكمل الصلاة من غير أن يفهم أن الظهر أربع، والعصر والعشاء كذلك، وقد يواصل أربع ركعات بتشهد واحد، يوجد هذا حتى الآن في بعض البوادي، فما هو رأيكم؟ (1) ج: إذا كان عن جهل ترك التشهد الأول أو جاء بركعة خامسة يحسب أنه يجوز أو ناس - لا يضره ذلك، صلاته صحيحة، لكن إذا كان ناسيا يسجد للسهو وإذا كان لا يعلم هذا، وأستبعد أن يوجد في هذه البلاد - المملكة العربية السعودية - من يسرد الظهر أو العصر أربع ركعات، هذا   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (331). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 245 نادر جدا، وإذا كان موجودا فصلاته صحيحة، لأنه ترك التشهد الأول مثلا جاهلا أو زاد ركعة جاهلا فصلاته صحيحة، ولكن يجب أن يتعلم ويجب أن يعلم، وإذا كنت تعلم أيها السائل أحدا من هذا النوع فعليك أن ترشد وتعلم من يفعل ذلك ولا تسكت، ونوصي السائل أن يكتب لنا أو لوزارة الشؤون الإسلامية عن هذا المحل الذي فيه الجهالة، وهذا من التعاون على البر والتقوى، حتى نرسل لهم بعض الدعاة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 246 103. حكم صلاة المسبل إزاره س: ما حكم صلاة المسبل إزاره؟ مع الدليل، جزاكم الله خيرا. (1) ج: الإسبال محرم لا يجوز، وهو كون الملابس تنزل عن الكعب سواء كان اللباس سراويل أو إزارا أو قميصا أو بشتا أو غير ذلك، هذا في حق الرجل لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (2)» أخرجه البخاري في صحيحه، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم   (1) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (284). (2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 246 القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب (1)» أخرجه مسلم في الصحيح. وإذا كان مع الكبر صار الإثم أكبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (2)» فمع الكبر يكون الإثم أكبر، ومن دون كبر بل تساهل يكون إثما ولا يجوز على الصحيح، ولكن لا يكون مثل من جره خيلاء، الإثم أقل، والغالب أنه يجره خيلاء، حتى ولو ما جره خيلاء فالغالب أنه يجره لذلك، إذا تساهل فيه جره ذلك إلى التكبر والتعاظم، ثم هو أيضا إسراف في الملابس وتعريض لها للنجاسات والأوساخ، فذلك لا يجوز مطلقا، أما المرأة فلا حرج أن ترخي ثوبها شبرا أو ذراعا؛ لأنها بهذا   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف .. ، برقم (106) .. (2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا .. ، برقم (3665)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء وبيان حد ما يجوز إرخاؤه إليه وما يستحب، برقم (2085) .. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 247 تستر قدميها، والصلاة صحيحة مع الإثم؛ لأن الرسول ما أمر المسبل أن يعيد صلاته، بل الصلاة صحيحة، وهكذا كل ما يتعلق بالمعاصي التي يفعلها الإنسان في ثوب أو غيره لكون الثوب من حرام أو مغصوب أو فيه إسبال، الصلاة صحيحة لكن مع الإثم، أو الصلاة في أرض مغصوبة هذا الصواب من أقوال العلماء، بعض أهل العلم يرى أن الصلاة غير صحيحة في كل شيء مغصوب، والمسبل، ولكن الصواب أنه لا تعاد الصلاة، الصلاة صحيحة؛ لأن هذا النهي ليس خاصا بالصلاة بل هو عام، ليس له اسم في الصلاة ولا في خارجها، الصلاة تبطل بالشيء الذي يخصها، مثل ثوب نجس يبطل الصلاة؛ لأنه خاص بالصلاة، مثل كشف العورة، وأشباه ذلك الشيء الذي هو خاص بالصلاة، يبطلها إذا كان كشف عورته تعمدا، أو صلى في ثوب نجس؛ لأن هذا يبطل الصلاة، ومثل التكلم فيها، ومثل الانحراف عن القبلة. س: مما لا شك فيه -يا سماحة الشيخ- أن المسلمين في رخاء اليوم لا مثيل له، ويظهر كثير من المسلمين هذه النعمة بإسبال الملابس من ثياب وبشوت، فهل هذا العمل موافق للصواب، وقد يظهر هذا واضحا في كثير من المصلين بحيث يمتد ثوب أحدهم خلفه، فما حكم الإسبال في الصلاة خاصة أو في الجزء: 9 ¦ الصفحة: 248 غيرها بصفة عامة؟ (1) ج: الإسبال من المحرمات العظيمة، ومن كبائر الذنوب سواء كان في الإزار أو في السراويل أو في القميص أو في العمامة أو في البشت، ذلك محرم في حق الرجل، أما المرأة فلها أن تسبل، ترخي ثيابها على أقدامها؛ لأنها عورة لا لكبر بل للستر، وأما الرجل فيلزمه رفع ثيابه فوق الكعب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (2)» رواه البخاري في الصحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف (3)» يعني الكاذب، هذا يدل على أن هذا من الكبائر، وأن الواجب على المسلم أن يرفع ثيابه وملابسه كلها من البشت والسراويل والإزار، يرفعها فوق الكعب، لا تنزل عن الكعب، بل من نصف الساق إلى الكعب كما جاء في حديث جابر بن سليم وغيره: «إزارة المؤمن إلى نصف الساق، ولا حرج -أو لا   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (20). (2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف .. ، برقم (106) .. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 249 جناح- فيما بينه وبين الكعبين (1)» هذا محل الملابس من نصف الساق إلى الكعب، أما إنزال الملابس تحت الكعبين فهذا لا يجوز، بل يجب الحذر من ذلك، وإذا كان عن الخيلاء والتكبر صار أعظم، بل إثمه كبير، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «لا ينظر الله إلى من جر ثوبه بطرا (3)» فمن يرخي ثيابه ويسحبها، وينزلها تحت الكعبين على حالين: أحدهما: أن يفعل ذلك تكبرا وتعاظما وخيلاء، فهذا وعيده شديد وإثمه أكبر. الحال الثاني: أن يرخيها تساهلا بغير قصد الكبر بل للتساهل، فهذا أيضا محرم ومنكر، وتعمه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يستثنى من ذلك شيء إلا من يغلبه الأمر بأن كان إزاره يرتخي من غير قصد، ثم يلاحظه ويرفعه فهذا معفو عنه، كما جاء   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه برقم (11004) وأبو داود في كتاب اللباس، باب في قدر موضع الإزار، برقم (4093)، وابن ماجه في كتاب اللباس، باب موضع الإزار أين هو؟ برقم (3573). (2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا .. ، برقم (3665)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء وبيان حد ما يجوز إرخاؤه إليه وما يستحب، برقم (2085) .. (3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من جر ثوبه من الخيلاء، برقم (5788). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 250 في قصة أبي بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إن إزاري يرتخي! قال: «لست ممن يصنعه خيلاء (1)» لأن أبا بكر كان يعتني به ويلاحظه، أما هؤلاء الذين يجرون ثيابهم فتعمهم الأحاديث إذا أرخى قميصه وأرخى سراويله وأرخى إزاره أو بشته؛ تعمهم الأحاديث، وقول من قال إنه من غير تكبر يكون مكروها قول ضعيف بل باطل مخالف للأحاديث الصحيحة، فإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن جر ثوبه بطرا أن الله لا ينظر إليه لا يدل على إباحة ما سوى ذلك، بل يدل على أن هذا متوعد بوعيد خاص وعظيم إذا جره بطرا، والباقون الذين يسحبون ثيابهم وبشوتهم لهم وعيد آخر بأن الله لا يكلمهم ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، فيجب على المؤمن أن يحذر ذلك وألا يتساهل في هذه الأخلاق الذميمة، بل يرفع ثيابه في الصلاة وخارجها، لا ينزلها عن الكعب أبدا، بل يجب عليه أن تكون ثيابه مرتفعة لا تنزل عن الكعب أبدا إلى نصف الساق فأقل، وفي حديث جابر بن سليم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وإياك وإسبال الإزار   (1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من جر إزاره من غير خيلاء، برقم (5784). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 251 فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة (1)» يعني الخيلاء الكبر، فوجب على المؤمن أن يحذر هذا الخلق الذميم وألا يتساهل، بل تكون ملابسه تنتهي إلى الكعب ولا تنزل عنه أي ملبس كان من ثوب أو قميص أو إزار أو سراويل أو بشت، هكذا يجب على المسلمين جميعا، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، وإذا كان الإسبال في الصلاة ففيه وعيد خاص أيضا؛ يروى عنه عليه السلام أنه قال لما رأى مسبلا يجر ثيابه في الصلاة أمره أن يعيد الوضوء يتوضأ مرتين أو ثلاثا، ولم يأمره بقضاء الصلاة، فسئل عن ذلك فقال: «وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره (2)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وجاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عمن أسبل في الصلاة، قال: «ليس من الله في حل ولا حرام (3)» فالحاصل أن الإسبال في الصلاة يكون أشد وأقبح، فيجب الحذر من الإسبال في الصلاة والإسبال في غيرها؛ أما الصلاة فصحيحة لأن الرسول ما أمر بالإعادة، لكنه قد أتى منكرا   (1) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال الإزار، برقم (4084). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الإسبال في الصلاة، برقم (638). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الإسبال في الصلاة، برقم (637). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 252 وأتى سيئة قبيحة، فوجب على المسلم أن يحذر ذلك وألا يسبل لا في الصلاة ولا في خارجها، بل تكون ثيابه معتدلة ومرتفعة عن الكعبين؛ يعني الحد الكعبين، فأرفع إلى نصف الساق، هذا هو المشروع وهذا هو الواجب، ولا يجوز النزول للملابس عن الكعبين كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار (1)» وهذا وعيد عظيم، رواه البخاري - في الصحيح - رحمه الله، والأحاديث الأخرى في معناه، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونسأل الله أن يهدي المسلمين ويبصرهم بما يرضي الله عنهم وأن يعينهم على ذلك. س: يسأل المستمع ويقول: هل الصلاة تقبل للذي ثوبه مسبل (2)؟ ج: لا يجوز الإسبال، والصلاة صحيحة لكن هو على خطر، هو على خطر من عدم القبول، هو خطر على الإثم، لا يجوز أن يصلي مسبلا ولا يجوز أن يسبل ولو ما صلى، ولو في طريقه إلى بيته أو إلى السوق أو في أي مكان، الإسبال محرم مطلقا، لا يجوز الصلاة فيه ولا فعله، والإسبال هو كون الثوب يتجاوز الكعبين، السراويل أو الإزار أو   (1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). (2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (384). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 253 القميص أو البشت، هذا يسمى إسبالا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «ما أسفل من الكعبين ففي النار (1)» فلا يجوز له أن يسبل ولو في غير الصلاة، لكن لو صلى مسبلا صلاته صحيحة ولكن مع الإثم. س: هذا السائل أ. أيقول في سؤاله: هل الصلاة تقبل من الذي ثوبه مسبل (2)؟ ج: هو على خطر من ذلك، لكن تصح، تجزئه؛ لأن الرسول ما أمره بالإعادة، إذا صلى وهو مسبل فصلاته ناقصة، ولكن لا يجوز له الإسبال لا في الصلاة ولا في خارجها.   (1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). (2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (386). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 254 104 - حكم صلاة من لم يزل شعر الإبط والعانة س: السائل ن. ح. م يقول: هل الصلاة لا تصح إذا لم يزل المسلم شعر الإبط والعانة؟ أفيدونا بذلك (1) ج: الصلاة صحيحة، ليس من شرطها الإبط والعانة، لكن سنة   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (386). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 254 للإنسان أن يتعاهد عانته وإبطه وألا يترك أكثر من أربعين يوما، يقول أنس رضي الله عنه: «وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة (1)» وفي لفظ: «وقت لنا رسول الله ذلك (2)» فالسنة للمؤمن أن يتعاهدها قبل كمال الأربعين.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (11823)، وأبو داود في كتاب الترجل باب في أخذ الشارب برقم (4200)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة باب التوقيت في ذلك برقم (14). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 255 105 - حكم الصلاة بالأظافر الطويلة س: ما حكم الصلاة بالأظافر الطويلة (1)؟ ج: على كل حال لا ينبغي بقاء الأظافر طويلة، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بقصها، وظاهر الأوامر الوجوب، فالواجب قص الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي عليه السلام وقت للناس في قص الأظافر   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (21). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 255 وفي قص الشارب وفي نتف الإبط وحلق العانة أن لا يترك أكثر من أربعين ليلة، ولا ينبغي للمسلم أن يدعها أكثر من أربعين ليلة، فالسنة قص الشارب قبل ذلك، وهكذا تقليم الأظفار من الرجل والمرأة، وهكذا نتف الإبط من الرجل والمرأة، وهكذا حلق العانة من الرجل والمرأة، كل هذا ينبغي أن يبادر إليه وأن يعتنى به قبل أربعين ليلة، فالرجل يقص شاربه ويقلم أظفاره وينتف إبطه ويحلق عانته، والمرأة كذلك تقلم أظفارها وتنتف إبطها وتحلق عانتها أو تزيل العانة بشيء من الأدوية كالرجل سواء، هذه سنة مؤكدة، وقد يقال بالوجوب؛ لأنه وقت لنا بأن لا ندع هذا أكثر من أربعين ليلة، والرسول جاءت عنه الأوامر بقص الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط، فظاهر هذا الوجوب، ولا يجوز أن تترك على وجه يشوه الحال ويعد طويلا عرفا؛ لأن هذا خلاف السنة الثابتة عنه عليه الصلاة والسلام، وما يفعله بعض الناس من تطويل الأظافر هذا منكر لا وجه له وتأس ببعض أعداء الله. س: هل إطالة الأظافر محرمة؟ وما حكم صلاة المرأة وأظافرها طويلة (1)؟   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (298). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 256 ج: الأظفار يجوز بقاؤها مدة أربعين يوما، وهكذا الشارب وهكذا الإبط وهكذا العانة؛ لمناسبة حديث أنس رضي الله عنه قال: «وقت لنا في قص الشارب - وقال: إنه طهر - ونتف الإبط وحلق العانة أن لا ندع ذلك أكثر من أربعين ليلة (1)» وفي لفظ: «وقت لنا النبي صلى الله عليه وسلم (2)» فإذا بلغ أربعين وجب عليه قص الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط وحلق العانة، أما بقاء الظفر أقل من ذلك فلا حرج إن شاء الله، وهكذا الشارب وهكذا الإبط وهكذا العانة. س: بعض النساء يطلن أظافرهن لأشهر حتى يظهرنها بأصبغة ملونة، ويعتبرن هذا من التجمل (3)! ج: هذا لا يجوز، إذا أتمت أربعين وجب قلمها.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). (2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). (3) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (298). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 257 106 - حكم الحركة في الصلاة س: يقول السائل: ما حكم الحركة في الصلاة؛ هل تبطلها أم لا (1)؟   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (257). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 257 ج: الحركة فيها تفصيل: الحركة القليلة والحركة المتفرقة لا تبطلها، أما إذا كثرت وتوالت فتبطلها عند العلماء؛ إذا كانت كثيرة عرفا متوالية أبطلتها، أما التحديد بثلاث حركات لا أصل له، لكن إذا تكررت كثيرا في عمله بيديه أو مشي تقدم وتأخر ومتوال وكثير من ذلك بغير وجه شرعي يبطل الصلاة، أما لوجه شرعي مثل أن يتقدم ليسد فرجة في الصف ومثل ما تقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - لصلاة الكسوف لما عرضت عليه الجنة تقدم ولما رأى النار تأخر، هذا لا بأس به مثل ما تقدم صعد المنبر يصلي عليه ثم نزل، إذا كان لمقصد شرعي لا بأس، أما تكرار الحركة وكثرتها متوالية من دون وجه شرعي فهذا يبطل الصلاة، والواجب الحذر من ذلك. س: بعض الناس يقولون: إن من يتحرك ثلاث حركات في الصلاة بطلت صلاته، هل هذا صحيح (1)؟ ج: ليس بصحيح، هذا قول بعض أهل العلم، لكن ليس بصحيح، وإنما الذي يبطل الصلاة الحركة الكثيرة المتوالية عرفا، إذا كثرت الحركة وتوالت هذا هو الذي يبطلها عند أهل العلم، كأن يبعث في   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (140). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 258 ثيابه وشعره عبثا كثيرا متواليا، أو بأخذ شيء وطرحه متواليا كثيرا ليس له حد محدود، الذي يعتبر كثيرا في العرف هذا هو الذي يبطل الصلاة، فالواجب على المؤمن أن يطمئن في صلاته - والمؤمنة كذلك - وأن يجتهد في ترك العبث والحركة إلا الشيء اليسير فيعفى عنه، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلى وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة بنته، «فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها (1)» وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - «أنه في صلاة الكسوف لما عرضت عليه الجنة تقدم خطوات، ولما عرضت عليه جهنم تأخر خطوات (2)» وثبت عنه «أنه فتح الباب لعائشة (3)» هذا وأمثاله لا يضر، الشيء القليل الذي يعتبر قليلا لا يضر في الصلاة، ولكن الشيء الكثير هو الذي يجتنب، وهكذا القليل إذا لم   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، برقم (748). (3) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (916)، وابن حبان في صحيحه، باب ما يكره للمصلي وما لا يكره، برقم (2355). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 259 يكن له حاجة فيحرص المؤمن على السكون والهدوء في الصلاة - وهكذا المؤمنة - حتى يكملها، هذا هو المشروع للمؤمن والمؤمنة جميعا. س: يسأل سماحتكم عن آداب الصلاة، يقول: أثناء صلاتي أحيانا أحك جسمي أو شعري أو أنظف ثوبي أو أنظر إلى الساعة، فما حكم ذلك (1)؟ ج: الخشوع في الصلاة الإقبال عليها والطمأنينة فيها، كل ذلك مطلوب حتى يكمل الصلاة، لا بد من الخشوع فيها وعدم الحركة، لكن الشيء القليل يعفى عنه، الشيء القليل الحركة القليلة يعفى عنها، لكن لا بد من الطمأنينة في ركوعه وفي سجوده وبين السجدتين، واعتداله بعد الركوع لا بد من الطمأنينة والهدوء حتى يرجع كل عضو إلى مكانه، لكن لو أنه نظر إلى الساعة بعض الأحيان أو مسح رأسه أو مسح لحيته أو ما أشبه ذلك أو مسح موضع سجوده أو عدل عمامته من غير إكثار مرة مرتين من غير إكثار أو حركات متفرقة دعت الحاجة إليها لا حرج، النبي - صلى الله عليه وسلم - «صلى بالناس على المنبر؛ صعد   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (338). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 260 المنبر ثم نزل (1)» «وحمل أمامة بنت زينب وصلى بها، فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها عليه الصلاة والسلام (2)» فالأمر اليسير يعفى عنه، وهكذا الشيء المفرق إذا كان الشيء تفرق ما هو متوال يعفى عنه، لكن إن أمكن ترك ذلك والحرص على السكون فهو أكمل وأفضل.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 261 107 - حكم تعديل الغترة والعبث باللحية أو الساعة ونحوها س: ما حكم من يقوم ببعض الحركات في الصلاة مثل تعديل الغترة والعبث في اللحية أو بالأظافر أو الساعة أو ما شابه ذلك (1)؟ ج: السنة للمؤمن في الصلاة الخشوع وعدم الحركة، يطمئن ويخشع في صلاته ويدع الحركات، يضع يمينه على شماله على صدره ساكنا في حال القيام، وإذا ركع يضع يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع ساكنا خاشعا مادا ظهره جاعلا رأسه حيال ظهره في الركوع، وإذا رفع اطمأن في رفعه واعتدل وجعل يمينه على شماله على صدره في الصلاة بعد   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (41). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 261 الركوع وهو قائم خاشع، وهكذا، فإذا سجد يكبر ويسجد ويضع يديه مادا أصابعه للقبلة ضاما بعضها إلى بعض خاشعا لله، ويجعلهما حيال منكبيه، ويجعل يديه حيال أذنيه في سجوده، وهو خاشع معتدل في سجوده قد رفع بطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه، ويقول: سبحان ربي الأعلى، ويدعو ربه، ثم يرفع ويجلس مطمئنا خاشعا لله عز وجل، يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى، ويضع يديه على ركبتيه وفخذيه، يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ويدعو ويسجد، وهكذا يكون خاشعا في هذا كله ويدع الحركات، أما العبث في غترته وفي لحيته أو في الساعة أو في أظفاره هذا كله مكروه في الصلاة، مكروه ولكن لا يبطلها، لا يبطل الصلاة لكنه مكروه، وإذا كثر وتوالى أبطلها، إذا كثر عرفا وتوالى أبطل، أما إذا تفرق ما توالى فإنه لا يبطلها، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه في صلاة الكسوف تقدم؛ لما عرضت عليه الجنة تقدم إليها، «فلما عرضت عليه النار تأخر (1)» وصلى بالناس على المنبر؛ يرقى المنبر فيقرأ عليه ويركع، «ثم ينزل فيسجد أسفل المنبر (2)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، برقم (748). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 262 كل هذا يدل على الحركات وأشباهها التي لا تضر الصلاة، كذلك كان يصلى ذات يوم وهو حامل أمامة بنت زينب؛ يحملها، «فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها (1)» فهذا يدل على أن مثل هذه الحركات لا تضر الصلاة لأنها قليلة متفرقة، أما الشيء الكثير المتتابع المتواصل فهذا عند أهل العلم يبطلها إذا كثر عرفا، سواء كان مشغولا بساعته أو بلحيته أو بغترته، فالمؤمن ينبغي له أن يتحرى الخشوع ويحذر العبث في جميع الوجوه؛ الركوع والسجود والقيام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 263 108 - مسألة في حكم الحركة والعبث في الصلاة س: مستمع يسال عن الحركة في الصلاة، يقول: إن هناك أناسا يقولون إن الحركة في الصلاة تبطلها، وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: العبث في الصلاة لا يجوز إذا كثر، أما الشيء اليسير فيعفى عنه، فاليسير عرفا يعفى عنه، ولكن إذا كثر وتوالى أبطل الصلاة، فالواجب على المؤمن في صلاته والمؤمنة الحرص على أسباب سلامتها والحذر من أسباب بطلانها، والشيء اليسير يعفى عنه، مثل كونه عدل ثوبه أو   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (264). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 263 عمامته أو مسح التراب أمام وجهه عند السجود مرة أو مرتين لا يضر صلاته، لكن الأفضل مرة واحدة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا: مرة أو دعه. فالمقصود أن المؤمن يحرص على الخشوع والإقبال على صلاته والحضور فيها بقلبه، وترك العبث والحركة غاية الحرص، قال الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2)، لكن إذا عبث يسيرا لا يضر صلاته، فالحركة بأن أخذ شيئا أو طرحه أو حك رأسه قليلا أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي يفعلها الإنسان بعض الأحيان لا تضر صلاته، لكن إذا كثر العبث وتوالت الحركات عرفا بطلت الصلاة، فينبغي الحذر.   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 264 س: رجل يصلي فتحرك ثلاث حركات متتالية، فهل تبطل صلاته؟ كحك الرأس أو الأنف أو ما شابه ذلك (1) ج: ليس على هذا دليل، ولا تبطل الصلاة بذلك، لكن ينبغي للمؤمن أن يجتهد في السكون في الصلاة والخشوع وعدم العبث وعدم الحركة إلا من حاجة على مراعاة القلة وعدم الإكثار، وقد ذكر العلماء رحمهم   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (143). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 264 الله أن الحركة الكثيرة في الصلاة المتوالية تبطلها من غير تحديد، أما التحديد بثلاث فهو قول ضعيف لا دليل عليه ولا تبطل به الصلاة، فلو حرك يده ثلاثا أو حك رأسه ثلاثا لم تبطل صلاته بذلك، وهكذا إذا كانت الحركة مفرقة فإنها لا تبطل الصلاة، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على المنبر ثم نزل فسجد في أصل المنبر، ثم صعد فقرا على المنبر وركع عليه، فلما سلم قال: «إني صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي (1)». وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة بنته رضي الله عنها، «فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها عليه الصلاة والسلام (2)». هذه الحركة لا تضر الصلاة لأنها مفرقة، وهكذا ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف أنه لما عرضت عليه الجنة تقدم وتقدمت الصفوف، وأراد يتناول منها عنقودا فلم يتيسر ذلك ولم يمكن من ذلك، ولما عرضت عليه النار - عليه الصلاة والسلام - تأخر وتأخرت الصفوف، فدل ذلك على هذه الحركة وأشباهها بأنها لا تبطل الصلاة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 265 109 - مقدار الحركة التي تبطل الصلاة س: السائل أ. أمن الأردن يقول: ما هي مقدار الحركة التي تبطل الصلاة؟ وما هي أقسامها؟ وما توجيهكم سماحة الشيخ للذين يكثرون الحركة في الصلاة (1)؟ ج: الحركة اليسيرة عرفا لا تبطل الصلاة، لكن مشروع له السكون والاطمئنان والحذر من الحركات لقول الله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3)، فالواجب عليه أن يطمئن في ركوعه وسجوده وبين السجدتين، وبعد الاعتدال من الركوع يطمئن حتى يرجع كل فقر إلى مكانه، هذا ركن لا بد منه، أما الحركات اليسيرة فيعفى عنها، فإذا كثرت وتوالت عرفا فإنها تبطل الصلاة، إذا اعتقد أنها كثرت وتوالت عرفا فإنها تبطل الصلاة، ولكن الواجب عليه الحرص على عدم الحركة، ويعفى عن الشيء اليسير.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (409). (2) سورة المؤمنون الآية 1 (3) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 266 س: يسأل عن موضوع كثيرا ما يراه - كما يقول - يقول: ألاحظ بعض الناس يكثر الحركة أثناء تأديته للصلاة، فهو يقدم رجلا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 266 ويؤخر أخرى، أو يعبث بلحيته، أو يقوم بتعديل ملابسه وما أشبه ذلك، وأعتقد أن مثل هذه الحركات تؤثر على الصلاة، فأرجو من سماحتكم التوجيه، جزاكم الله خيرا (1) ج: لا شك أن هذا واقع من بعض الناس العبث في الصلاة والحركة الكثيرة، هذا واقع من بعض الناس، ونوصي إخواننا جميعا من الرجال والنساء بالخشوع في الصلاة وترك الحركة التي لا حاجة إليها لا في الملابس ولا في اللحية ولا بغير ذلك، ولا بالساعة ولا بغير ذلك، السنة الخشوع في الصلاة والطمأنينة فيها وعدم الحركة، قال الله عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3)، والخشوع هو الخضوع لله والإقبال على الصلاة وترك العبث، لكن إذ دعت الحاجة إلى أن يتقدم في الصف الذي قدامه لفرجة فلا بأس، أو دعت الحاجة أن يعدل عمامته خشية أن تسقط أو ما أشبهه من الحاجات فلا بأس مع الحرص على التقلل وعدم الإكثار، يحرص على أن تكون الحركة بقدر الحاجة قليلة جدا حسب الحاجة، وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأيام يحمل أمامة بنت زينب ابنة بنته، «إذا سجد وضعها وإذا   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (313). (2) سورة المؤمنون الآية 1 (3) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 267 قام حملها (1)» وصلى مرة على المنبر، «فلما فرغ من الركوع اعتدل ونزل وسجد أسفل المنبر (2)» للتعليم، لتعليم الناس وتوجيههم، يعلم أن مثل هذا جائز. وفي صلاة الكسوف عرضت عليه الجنة فتقدم ليتناول منها عنقودا فلم يتيسر له ذلك، وعرضت عليه النار وهو في صلاة الكسوف «فتأخر وتأخرت الصفوف (3)» فإذا دعت الحاجة لشيء من هذا فلا بأس، وإلا فالواجب الطمأنينة، وليطمئن ويؤدي الصلاة بطمأنينة وخشوع وعدم العجلة مع قلة الحركة حتى يكون بذلك قد أكمل صلاته واعتنى بها.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، برقم (748). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 268 110 - حكم الحركة في الصلاة لسد فرجة في الصف س: تسأل أختنا عن الفرج في الصفوف، هل الحركة لسدها تؤثر على الصلاة أم لا (1)؟ ج: سدها مشروع، والحركة في ذلك مشروعة ولا تؤثر في الصلاة، فإذا كان في الصف خلل وجذب الإنسان أخاه حتى يقرب وحتى يسد   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (158). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 268 الخلل، أو جاء إنسان من خلفهم فسد الخلل من الصف الذي يليهم، كل هذا مشروع، وليس ذلك مؤثرا في الصلاة بل هو من كمال الصلاة ومن تمام الصلاة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 269 111 - حكم من يتقدم خطوات إلى الأمام في الصلاة ليمر الناس من ورائه س: أبو عبد الله يسأل: أرى البعض من الشباب إذا سلم الإمام من الصلاة وبقي على هذا الشاب بعض الركعات فإنه يتقدم بعض الخطوات إلى الأمام لكي يمنع المارين عن المصلين الآخرين، فهل فعله صحيح (1)؟ ج: لا يضره - إن شاء الله - خطوات يسيرة حتى يمر الناس من ورائه، لا يضره ذلك - إن شاء الله - إذا كان بقي عليه صلاة قضاء، لكن كونه يبقى في مكانه أولى من التقدم.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (378). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 269 112 - حكم إخراج بعض الأشياء من الجيب أثناء الصلاة س: ما حكم إخراج المفاتيح والأشياء الخفيفة أو غير ذلك من الجيب أثناء الصلاة (1)؟   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (405). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 269 ج: هذا من العبث، ينبغي ترك ذلك، المشروع ترك ذلك إلا لحاجة كأن يطلب منه مفتاح فيخرجه ويعطيه الطالب من أهل بيته أو ما أشبه ذلك إذا دعت الحاجة إلى ذلك، إذا كان شيئا قليلا لا بأس، أما عبث فيكره العبث، لكن إذا كان مثلا يصلي وطلبوا المفتاح فأدخل يديه وأخرج المفتاح لهم أو شيئا في جيبه ورماه عليهم لا يضره كما «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتح الباب لعائشة (1)» وكما عرفنا في صلاة الكسوف «لما عرضت عليه الجنة ثم تأخر لما عرض عليه النار (2)» وكما «صلى على المنبر ثم نزل وسجد في أسفل المنبر (3)» الأشياء الخفيفة لا بأس بها.   (1) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (916)، وابن حبان في صحيحه، باب ما يكره للمصلي وما لا يكره، برقم (2355). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، برقم (748). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 270 113 - حكم تغيير مكان السجود بعد الصلاة س: ما حكم تغيير مكان السجود أثناء الصلاة (1)؟ ج: إذا تحول بعد الفريضة عن يمينه أو شماله لا حرج في ذلك، لكن   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (405). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 270 ما عليه دليل واضح، ولكن لا حرج في ذلك، وإن صلى في مكانه فلا بأس. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 271 114 - نصيحة توجيهية إلى بعض المصلين س: بعض المصلين يكثر العبث أثناء تأديته للصلاة، فهو يحرك ملابسه ويد يديه إلى بعض أجزاء من جسمه للتنظيف ونحو ذلك، ويرجو التوجيه أيضا لو تكرمتم (1) ج: السنة للمصلي السكون في الصلاة والخشوع فيها وعدم العبث لا بثيابه ولا بلحيته ولا بأنفه ولا بغير ذلك، هذا هو السنة، قال الله عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3)، وقال النبي لبعض أصحابه لما رأى بعض أصحابه يشير بيديه: «اسكنوا في الصلاة (4)» فالمؤمن مأمور بالسكون والخشوع في الصلاة النافلة والفريضة جميعا، لكن إذا دعت الحاجة إلى تعديل شيء من دون إطالة بل شيء خفيف فلا حرج في ذلك إن شاء الله، لكن لا يكون في ذلك   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (212). (2) سورة المؤمنون الآية 1 (3) سورة المؤمنون الآية 2 (4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة باليد ورفعها عند السلام .. ، برقم (430) .. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 271 إطالة ولا كثرة، بل يكون شيئا قليلا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 272 115 - حكم كثرة الحركة في الصلاة بسبب البعوض س: يقول هذا السائل: نحن من سكان الريف حيث يكثر الماء وتوجد الزراعة، ويترتب على ذلك انتشار البعوض خاصة في فصل الصيف، وعندما نؤدي الصلوات فإننا نتأذى من لدغ البعوض، وإذا تركناه يلدغنا انشغلنا به عن الصلاة ولم نتدبر القراءة ولا التسبيح، وإذا دفعناه ترتب على ذلك حركة كثيرة في الصلاة وأدى إلى قتل كثير من هذا البعوض ونحن في الصلاة، فما حكم الشرع في نظركم؟ وما توجيهكم لنا (1)؟ ج: المشروع التحمل والصبر والعلاج قبل الصلاة، يعالج محل الصلاة بالمبيدات التي تبيد هذا البعوض حتى يكون في وقت الصلاة قد استراحوا، وحتى لا يشتغلوا بالحركة في الصلاة، والحركة اليسيرة يعفى عنها، لكن كون المصلين يشتغلون بالبعوض شغلا كثيرا فهذا لا يجوز، الواجب التصبر والتحمل إلا إذا تيسر ما يبيده قبل الصلاة، فيستعمل ما يبيده من المبيدات حتى يكون المصلون في وقت الصلاة   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (401). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 272 مستريحين من شره، والحركة اليسيرة التي كونه يغطي قدميه عن البعوض أو يديه ما يضر والحمد لله، الشيء اليسير يعفى عنه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وهو حامل أمامة بنت زينب «إذا قام حملها وإذا سجد وضعها (1)» «وصلى وهو على المنبر، يصعد وينزل عليه الصلاة والسلام (2)» وصلاة الكسوف «صلى بالناس فلما عرضت عليه الجنة تقدم، ولما عرضت عليه النار تأخر وتأخر الناس (3)» فهذه الأشياء التي تعرض للإنسان خفيفة يعفى عنها.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، برقم (748). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 273 116 - حكم الصلاة على السرير بسبب الحشرات الزاحفة س: أعمل راعيا للغنم، وأسكن في منطقة بعيدة تكثر فيها الحشرات الزاحفة، وحينئذ أضطر إلى الصلاة على السرير، فهل يجوز أن أفعل ذلك أو لا (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، والحمد لله.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (328). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 273 117 – بيان ما يفعله المصلي إذا طرق عليه الباب س: ماذا يفعل المصلي وهو يصلي في البيت وحده وطرق الباب وليس في البيت أحد، هل يذهب ليفتح؟ مع العلم أنني قرأت أنه يذهب ليفتح ويخطو خطوات بسيطة، ولكن إذا كان هناك جدار وخطوات كثيرة ماذا يفعل (1)؟ ج: إذا استأذن عليه وهو يصلي يتنحنح أو يقول: سبحان الله، سبحان الله، حتى يعلم من عند الباب أنه في صلاة فينتظر، ولا يقطع الصلاة إلا إذا كان الباب قريبا يتقدم إليه بخطوات يسيرة حتى يفتح له فلا بأس، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم «أنه فتح الباب لعائشة وهو يصلي (2)»   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (222). (2) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (916)، وابن حبان في صحيحه، باب ما يكره للمصلي وما لا يكره، برقم (2355). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 274 س: إذا كنت أصلي وجرس الباب يدق ولم يوجد في البيت غيري، فماذا أفعل؟ وإذا خرجت من الصلاة فهل علي إثم (1)؟ ج: الصلاة تختلف؛ إن كانت نافلة فالأمر واسع لا مانع من قطعها ومعرفة من يدق الباب.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (69). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 274 أما الفريضة فلا ينبغي التعجل إلا إذا كان هناك شيء يخشى فواته مهم، وإذا أمكن التنبيه بالتسبيح بحق الرجل أو المرأة تصفق حتى يعلم الذي عند الباب أنها مشغولة بالصلاة كفى ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من رابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء (1)» إذا أمكن إشعاره بأن المرأة في الصلاة بالتصفيق أو الرجل في الصلاة بالتسبيح فعل ذلك، فإن كان هذا لا ينفع للبعد وعدم سماعه لذلك فلا بأس أن يقطعها للحاجة، النافلة خصوصا، أما الفرض فإن كان الشيء مهما ويخشى أنه مهم فلا بأس بالقطع ثم يعيدها في أولها، والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التصفيق للنساء، برقم (1203)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة إذا نابهما شيء في الصلاة، برقم (422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 275 118 – بيان ما يفعله المصلي للرد على الهاتف س: السائلة أم خالد تقول: بالنسبة إذا كان الإنسان في الصلاة هل الرد على التليفون أثناء الصلاة لا يجوز، أي رفع السماعة لإشعار المتصل بوجود أهل البيت (1)؟ ج: لا، ما يضر رفع السماعة حتى ينتظر، لا بأس رفع السماعة، لكن لا   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (320). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 275 يتكلم حتى يصلي إلا إن كانت نافلة لا بأس أن يقطعها للحاجة، إذا كانت نافلة لا بأس أن يقطعها للحاجة، إذا كان يخشى أن أصحاب التليفون لهم مهمة كبرى أو يعلم ذلك، وإلا فيكمل صلاته ثم يكلم، أما الفريضة لا، لا يقطعها، لكن يرفع السماعة حتى ينتظر الذي على السماعة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 276 119 - بيان كيفية رد السلام أثناء الصلاة س: كيف يكون رد السلام أثناء الصلاة (1)؟ ج: يرد بالإشارة بيده، وهذا هو الأفضل، فإذا سلم عليه أحد فيرد عليه بالإشارة كأنه يصافح.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (304). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 276 120 - حكم إجابة السائل بإيماء الرأس في الصلاة س: ما حكم من يرد على السائل بإيماءة برأسه بنعم أو لا وهو في الصلاة؟ مثال ذلك أنه في حالة استعجال السائل يأخذ الجواب مني وأنا داخل في الصلاة، بأن يسأل مثلا: هل أنتظرك؟ وذلك بأن أرد عليه برأسي: نعم، هل تبطل الصلاة (1)؟   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (70). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 276 ج: الإشارة في الصلاة لا بأس بها ولا حرج فيها ولا تبطل بها الصلاة، قد فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد الخلق ومعلمهم، وقد فعلها أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، فلا حرج في ذلك، فإذا سألك سائل: هل أنتظر؟ وأنت في الصلاة وأشرت برأسك أن نعم فلا بأس، أو سأل سائل عن حكم من الأحكام فأشرت بما يدل بنعم أو لا فكل ذلك لا بأس به، قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - «وكان يرد بالإشارة عليه الصلاة والسلام (1)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته، برقم (540). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 277 121 - حكم وضع الأصابع في الأذنين أثناء الصلاة من أجل الانزعاج س: تقول السائلة أ. ع من حائل: عندما أصلي وأنا أسمع صراخ الأطفال والإزعاج أضع أصابعي في آذاني وأكمل صلاتي، فهل هذا يجوز (1)؟ ج: تركها أولى، تضع يديها على صدرها، هذا السنة، وإن شق عليها ذلك وخافت ألا تكمل الصلاة وألا تتقنها قطعتها حتى تهدئ الصبيان   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (412). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 277 ثم تعود إلى الصلاة من أولها، أما إذا استطاعت أن تكملها بهدوء كملتها من غير حاجة إلى وضع أصبعها في أذنها، بل تضع يديها على صدرها، والحمد لله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 278 122 - حكم الاستماع إلى الراديو أثناء الصلاة س: هل يمنع فتح الراديو صحة الصلاة، خاصة وأننا لا نصغي إلى الراديو أثناء الصلاة، ولكن غالبا ما أسمع بعض الأشياء البسيطة دون أن أنتبه لها (1) ج: لا يمنع صحة الصلاة، لكن قد يشوش على المصلية والمصلي، فينبغي ألا يكون في وقت الصلاة حتى لا يحصل تشويش، وإلا فلو كان مفتوحا وهي مشغولة بصلاتها والرجل مشغول بصلاته صحت الصلاة، لكن ينبغي إغلاقه لأنه قد يمر فيه أشياء تشويش على المصلي، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة وإغلاقه إلى انتهاء وقت الصلاة.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (192). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 278 123 - حكم الصلاة والمصلي يدافع الريح س: هذه السائلة تقول: هل يجوز مدافعة الريح عند الصلاة (1)   (1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (395). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 278 ج: نعم، يدافعها إذا كانت خفيفة، أما إذا كانت شديدة فيقطع الصلاة، أما إذا كانت الريح خفيفا يمكن مدافعتها بدون مشقة ويثبت في صلاته فلا بأس، كالحدث كالبول والغائط إذا كان خفيفا يكمل صلاته، أما إذا كان يشغله في الصلاة يقطعها ليخرج الريح والبول والغائط حتى يصلي بقلب حاضر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة في حضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (1)» وهكذا الريح الشديدة التي تؤذيه يقطعها.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 279 124 - حكم قول “ استعنا بالله “ أثناء قراءة الإمام الفاتحة س: السائل يقول: أسمع كثيرا من الناس يقولون: عندما يقرأ الإمام قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1) يقولون: استعنا بالله، وإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} (2) يقولون: رب اغفر لي ولوالدي، هل هذا صحيح (3)؟   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة الفاتحة الآية 7 (3) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (257). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 279 ج: ليس له أصل وينبغي تركه، وإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1) يستمر في قراءته ولا يقول: استعنا بالله. ما له أصل، ولا يبطل الصلاة، الصلاة لا تبطل بذلك، لكن هذا غير مشروع، كذلك عند قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} (2) لا يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي. هذا ما ورد، إنما يقول: آمين. {وَلَا الضَّالِّينَ} (3) يقول بعدها: آمين. هذا هو الذي شرعه الله سبحانه وتعالى.   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة الفاتحة الآية 7 (3) سورة الفاتحة الآية 7 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 280 125 - حكم الاستعاذة من الشيطان أثناء الصلاة س: هل يجوز لمن زفر في الصلاة أن يقول: أستغفرك اللهم وأتوب إليك؟ وهل يجوز أن يستعيذ من الشيطان الرجيم أثناء الصلاة؟ وهل يجوز للمصلي أن يقول: سبحانه، أو: سبحان الله - إذا مر به بعض الآيات وفيها تعظيم لله (1) ج: السنة للمؤمن في مثل هذه المسائل أن يفعل ما شرعه الله عز وجل من العناية بالخشوع والتدبر لما يقرأ، وإذا عرض له عارض في صلاته بأن مر بآية تسبيح أو آية رجاء أو آية خوف وسبح أو سأل فلا بأس، لكن   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (171). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 280 المشروع هذا في صلاة الليل، هذا هو المشروع؛ كان النبي يفعله في صلاة الليل (1) ولم يحفظ عنه أنه فعله في صلاة الفريضة، ولو فعله الإنسان لا شيء عليه صلاته صحيحة، ولكن الأفضل ترك ذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما كان يفعله إلا في تهجده بالليل، كان يستمر في قراءته عليه الصلاة والسلام في الفجر والمغرب والعشاء والناس يسمعونه ولا يقف يسبح أو يدعو، لم ينقل هذا فيما نعلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في تهجده بالليل، فالأفضل في هذا ألا يقف عند آية التسبيح ولا عند آية الوعيد ولا عند آية الوعد، بل يستمر في الفريضة، أما في التهجد في الليل أو في النوافل فالأمر واسع والحمد لله.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 281 126 - حكم الصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام في الصلاة عند سماع ذكره س: إذا كان المسلم في الصلاة وسمع كلمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهل يقول: عليه الصلاة والسلام، وهو في الصلاة (1)؟ ج: لا حرج، إذا قالها في النافلة لا بأس، أما في الفريضة فإن تركها   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (222). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 281 فلا بأس، وإن قالها بينه وبين نفسه فلا حرج إن شاء الله؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي (1)»   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - برقم (7402)، والترمذي كتاب الدعوات، باب قول الرسول صلى الله عليه وسلم: رغم أنف رجل، برقم (3545). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 282 127 - حكم قول المصلي “ الحمد لله “ إذا عطس س: إذا عطس المصلي أثناء الصلاة فهل يحمد الله أم ماذا (1)؟ ج: نعم يحمد الله لفظا، قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع من عطس وحمد الله، فقال: «لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها (2)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فلا بأس لأن الحمد من جنس أعمال الصلاة، فإذا حمد الله عند العطاس كان قد فعل السنة، أما التشميت فلا، التشميت من كلام بني آدم، من كان في الصلاة فلا يشمت.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (177). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، برقم (774)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة، برقم (404)، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب قول المأموم إذا عطس خلف الإمام، برقم (931). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 282 128 - حكم تشميت العاطس أثناء الصلاة س: ما حكم تشميت العاطس أثناء الصلاة (1)؟ ج: لا يشمت أثناء الصلاة، والعاطس لا يشمت أحدا ولا يشمته الناس؛ لأنه ليس له التكلم أثناء الصلاة، فالتشميت من كلام الناس: يرحمك الله. لا يتلفظ بها المصلي ولا يشمت، يقال: يرحمك الله. لكن العاطس يحمد الله في نفسه.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (304). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 283 س: لقد قرأت في أحد الكتب أن الشخص الذي يعطس وهو في صلاته يجوز له أن يحمد الله ولا يعيد صلاته، فهل هذا صحيح؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم صحيح، فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع إنسانا عطس فحمد الله بعد العطاس، فقال له بعد الصلاة: «إنه رأى كذا وكذا من الملائكة كلهم يبتدرونها أيهم يكتبها، ولم ينكر عليه ذلك (2)»   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (13). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة، برقم (404)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، برقم (772)، والنسائي، كتاب الاستفتاح، باب قول المأموم إذا عطس خلف الإمام، برقم (931). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 283 فدل ذلك على أنه إذا عطس فحمد الله لا حرج عليه في ذلك، المشروع له أن يحمد الله ولا يضره ذلك. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 284 س: إذا لاحظت إنسانا كثيرا ما يغلبه العطاس أثناء الصلاة، فماذا أقول له؟ وهل يؤثر ذلك على صلاته؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: العطاس لا يضر المصلي وليس باختياره، والله جل وعلا يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2)، وإذا كنت تظن أنه يتساهل في ذلك تنصحه بعد الصلاة لا يتساهل، ولكن في الغالب أن الأمر ليس باختيار الإنسان ولا نظن فيه التساهل.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (295). (2) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 284 129 - حكم النحنحة في الصلاة س. ما حكم الأشخاص الذين يتنحنحون في الصلاة؟ وهل هذا جائز (1)؟ ج: إذا كان له داع وأسباب لا بأس، إذا كان حصل في حلقه شيء وتنحنح لإزالة ما وقع في حلقه أو استأذن عليه إنسان فتنحنح ليخبره   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (201). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 284 أنه يصلي فلا حرج عليه، وإذا قال: سبحان الله - كان أولى حتى يتنبه المستأذن، فقد روي عن علي رضي الله عنه أنه «كان له عند النبي - صلى الله عليه وسلم مدخلان، وأنه كان إذا أتاه وهو يصلي تنحنح له ليعلم أنه يصلي (1)» فالمقصود أن التنحنح إذا كان له سبب فلا حرج في ذلك، ولكن لا ينبغي له أن يكثر، تكون بين وقت وآخر، أما إذا دعت حاجة إلى ذلك إذا أصابه في حلقه شيء فتنحنح لذلك فلا حرج عليه إن شاء الله، لكن لو أكثر من ذلك بغير سبب وتوالى هذا صار من العبث الذي يبطل الصلاة.   (1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (609)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب التنحنح في الصلاة، برقم (1212)، وابن ماجه في كتاب الأدب، باب الاستئذان، برقم (3708). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 285 س: م. ع من اليمن صنعاء يقول: ما حكم التنحنح في الصلاة (1)؟ ج: لا بأس إذا دعت الحاجة إلى هذا، كان - صلى الله عليه وسلم - يتنحنح لعلي، إذا استأذن له تنحنح له للإذن، فلا بأس إذا دعت الحاجة إلى هذا.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (433). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 285 س: من الحجاز ع. م: ما حكم النحنحة في الصلاة والسعال إذا غلب الإنسان (1)؟ ج: لا شيء عليه، لكن لا يتعمد ذلك من غير عذر، أما إذا دعت   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (355). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 285 الحاجة إلى ذلك من نحنحة وسعال وعطاس كل هذا لا يضر الصلاة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 286 130 - حكم التثاؤب أثناء الصلاة س: أبو عبد الله له هذا السؤال: ما حكم التثاؤب في الصلاة؟ هل ينقصها (1)؟ ج: التثاؤب مكروه، وهو من الشيطان كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه من الشيطان، فإذا تثاءب الإنسان فليكتم ما استطاع وليضع يده على فيه، ووجوده ينشأ عن الكسل والضعف أو النعاس، فالسنة للمؤمن في حال الصلاة أن يكافحه بإحضار قلبه وخشوعه بين يدي الله واستحضاره أنه في مقام عظيم لعله يسلم من التثاؤب؛ لأنه من الشيطان، فكلما قوي إحضار القلب بين يدي الله والخشوع بين يدي الله وتذكر أن التثاؤب من الشيطان فإن هذا الاستحضار من أعظم الأسباب في بعد الشيطان عنه وسلامته من التثاؤب.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (307). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 286 س: يقول السائل: هل يجوز للمصلي أن يضع يده على فمه إذا تثاءب أثناء الصلاة (1)؟   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (288). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 286 ج: هذا السنة، نعم يضع يده على فمه أثناء الصلاة وفي خارج الصلاة أيضا، ولا يقول: ها، بل يكتم صوته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع، فإن الشيطان يدخل (1)» ويقول في الحديث الآخر: «إذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال: ها - ضحك الشيطان (2)» هذا هو السنة، يكظم ما استطاع ويضع يده على فيه، ولا يقول: ها، لا يتكلم بل يسكت.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب، برقم (2995). (2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم (3289)، ومسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب، برقم (2994). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 287 س: يكثر علي التثاؤب والنعاس أثناء الصلاة، فكيف توجهونني أثابكم الله (1)؟ ج: نوجهك بأن تجتهد في أن تحضر إلى الصلاة وأنت نشيط، توضأ إن كنت كسلان، تتوضأ وضوءا ولو تجديدا ولو كنت على طهارة، تتوضأ للنشاط، وتحضر بقلبك أنك بين يدي الله وأنك في عبادة   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (295). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 287 عظيمة، وهي عمود الإسلام، وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين حتى تنشط وتقوى في هذا، وإذا غلبك النعاس والكسل فإن الإنسان يستحضر أنه في أمر عظيم وأنه بين يدي العظيم سبحانه وتعالى، كان هذا مما يقويه وينشطه ويباعده من الكسل. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 288 س: من سوريا، ص من حلب يقول: حين أقوم لأداء الصلاة فرضا أتثاءب كثيرا، وأحاول منع هذا التثاؤب ولم أستطع، وأشرد أيضا في الصلاة في كثير من الأوقات؛ أنسى كم صليت، فأرجو منكم هدايتي للخلاص من هذا التقصير (1)! ج: هذا من الشيطان، وعليك أن تستعيذ بالله من الشيطان وأن تجتهد في أسباب النشاط، تعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتقرأ ما تيسر من القرآن، ولا تطول التطويل الذي يشق عليك ويأتي بالنعاس، وتسأل ربك أن يعينك ويوفقك وأن يمنحك النشاط والقوة؛ لأن الشيطان عدو العبد يكسله ويشككه ويوهمه ويوسوس عليه، فلا بد من الجهاد، لا بد من جهاد النفس وجهاد الشيطان، فجهاد النفس بأسباب النشاط من الوضوء وتعاطي ما ينشط، ولا بد من التعوذ بالله عند الوساوس.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (393). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 288 س: إذا تثاءب شخص فهل يضع يديه على فمه؟ وهل تعتبر هذه حركة زائدة في الصلاة (1)؟ ج: لا حرج في هذا لأنه مأمور بذلك، إذا تثاءب يضع يده على فيه ولا يفغره، يجتهد على ألا يفغره، ولكن يضع يده على فيه؛ لأن الرسول أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، وهذا يعم التثاؤب في الصلاة وفي خارج الصلاة.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (378). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 289 131 - حكم حمل الطفل أثناء الصلاة س: أحيانا أقوم بتأدية صلاة العشاء في بيتي مع زوجتي، وفي أثناء الركوع والسجود تأتي ابنتي الصغيرة وتركب فوق ظهري، وأثناء قيامي لقراءة الفاتحة في الركعة الثانية أمسك بها بيدي خلف ظهري خوفا عليها من السقوط، فهل هذا يبطل صلاتي أو ينقص من الأجر (1)؟ ج: أما الفريضة فالواجب الذهاب إلى المسجد والصلاة مع الناس، وترك ذلك تشبه بأهل النفاق، وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (86). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 289 «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (1)» وتقدم في الجواب السابق قوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وقوله للأعمى لما قال له: ليس له قائد يلائمه، قال له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (3)» فالواجب عليك أن تصلي مع الجماعة وليس لك أن تصلي في بيتك ولو صلى معك أهلك، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (4)» هذا يدل على وجوب   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء، برقم (653). (4) البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي، برقم (2420)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651)، واللفظ له. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 290 المبادرة والمسارعة بأداء الصلاة في الجماعة، لكن لو فاتتك الصلاة في الجماعة أو كان لك مانع شرعي كالمرض وصليت في البيت فلا بأس بذلك، وإذا صلت معك زوجتك أو بناتك أو أمك أو غيرهن فإنهن يكن خلفك لا تقف معك، المرأة تكون خلفك ولو واحدة، وإذا ركبت بنتك الصغيرة على ظهرك فإنها لا تضر صلاتك، ولكن تنزلها بهدوء كما فعلت وأنت مأجور، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يوما يصلي، فلما سجد جاء ابن بنته الحسن أو الحسين ارتحله وركب عليه الصلاة والسلام، فأطال السجود، فلما سلم من صلاته أخبر الصحابة أنه أطال السجود من أجل ألا يزعج ابن بنته لما ركب عليه - عليه الصلاة والسلام - وقت السجود، فدل ذلك على أنه لا يؤثر في الصلاة وأن الواجب العطف على الصغير والرحمة وعدم إزعاجه، بل يزيله عن ظهره باللطف حتى يكمل صلاته. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 291 132 - حكم صلاة من يقوم أطفاله بإيذائه وإزعاجه س: يقوم أطفالي باللعب أمامي أثناء الصلاة وشد الجلال من على رأسي بحيث يخرج شعري أحيانا، وأحيانا أشده من تحتهم حتى أستطيع إكمال صلاتي، وأقوم بكثير من الحركة إما إبعادهم أو الجزء: 9 ¦ الصفحة: 291 إرجاع الجلال على شعري وجسمي أو الانتظار حتى ينزلوا من على ظهري، وأحيانا يقومون برفعي مما يجعلني أتحرك وأمشي خطوات للأمام أو الخلف، هذا رغم تحذيري لهم، ولكن لصغر سنهم لا يستطيعون ولا يفهمون، وأحيانا يشتد الغضب في أثناء الصلاة وأدفعهم بقوة حتى أستطيع إكمال صلاتي، ما حكم ذلك؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: كل هذا حسن، وهذا جهاد منك وهو أمر مشكور وطيب، وإذا تيسر أن تكوني في محل بعيد عنهم حتى تسلمي من أذاهم في غرفة أو حجرة بعيدة عنهم يكون هذا أسلم وإلا فلا يضرك هذا، هذه الحركة لدفعهم لا حرج في ذلك، وكذلك الشعر إذا بدا ثم أعدت الجلال بسرعة لا يضرك ذلك، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه في بعض صلواته وهو ساجد ارتحله الحسن أو الحسين فأطال السجود بعض الشيء من أجل ارتحاله إياه، وقال: «فكرهت أن أعجله (2)» عليه الصلاة   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (364). (2) أخرجه أحمد في مسند المكيين من حديث شداد بن الهاد رضي الله عنه برقم (15603)، والنسائي في المجتبى في كتاب التطبيق، باب هل يجوز أن تكون سجدة أطول من سجدة، برقم (1141). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 292 والسلام، فالمقصود أن معالجة الصبية في وقت الصلاة في دفعهم عن الأذى أو ما أشبه ذلك لا يضر إن شاء الله ولا حرج في ذلك. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 293 س: هل يجوز حمل الطفل أثناء الصلاة وهو لم يحلق بعد من شعره شعر الولادة (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم - «صلى ومعه أمامة بنت زينب، حملها فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها عليه الصلاة والسلام (2)» إلا إذا كنت تعلم أن فيه نجاسة فلا تحمله حتى يزال عنه ما فيه من النجاسة.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (304). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 293 133 - حكم إمساك الطفل وقعوده في مكان السجود أثناء الصلاة س: الأخ ع. ف. م من لواء إب يسأل ويقول: ما حكم الشريعة الإسلامية في امرأة تصلي وولدها يمسك بيدها وهي تصلي، ويقعد على محل السجود، وعندما تسجد تمسك بذراع الطفل لكي تتمكن من السجود، هل تصح الصلاة (1)؟   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (151). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 293 ج: نعم لا بأس، كونها تمسك بيده حتى لا يقع في شيء وحتى لا يذهب مثلا لما يضره، وإذا جلس في محل السجود نحته عنها وسجدت، لا بأس إذا كان ما في يده نجاسة ولا في محله نجاسة رطبة تنجس محل السجود، بل هو يابس لا يضر ذلك، وقد «كان - عليه الصلاة والسلام - يحمل أمامة بنت زينب بنت بنته ويصلي بها والناس خلفه عليه الصلاة والسلام، فإذا سجد وضعها في الأرض وإذا قام حملها على كتفه عليه الصلاة والسلام (1)» ليبين للناس أن الأمر فيه سعة والحمد لله وأن هذا الدين فيه اليسر.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 294 134 - حكم إزالة التراب الذي على الأنف والجبهة أثناء الصلاة س: سائلة تقول: إذا صليت في الأرض الطاهرة وظهر على جبهتي وأنفي تراب وأزلته، هل صحيح أن التراب الذي يكون على الجبهة والأنف تصلي عليه الملائكة؟ وإن كان هذا صحيحا أكون آثمة على إزالة التراب (1)؟ ج: لست بآثمة إذا كان بعد الصلاة، وكون الملائكة تصلي على هذا   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (183). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 294 هذا لا أصل له على هذا التراب، لا أصل لهذا ولا صحة له، ولكن الأفضل تركه حتى تسلمي، فإذا سلمت فلا بأس بإزالته، «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلم وأثر التراب على وجهه (1)» إذا كان هناك مطر سلم والأثر على وجهه صلى الله عليه وسلم، فالأفضل الكف عن العبث وعدم إسقاط هذا التراب من الجبهة أو الأنف وأنت في الصلاة، فإذا فرغت من الصلاة وسلمت فلا حرج في ذلك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتكاف، باب من خرج من اعتكافه عند الصبح، برقم (2040)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها وبيان محلها، برقم (1167). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 295 135 - حكم الكلام للمصلي أثناء الصلاة عند الحاجة س: هل يجوز أن يتكلم شخص مع المصلي أثناء صلاته بأن يوصيه مثلا أن يفعل كذا أو لا يفعل شيئا (1)؟ ج: لا حرج في ذلك إذا دعت الحاجة إلى هذا، كأن يقول له: اتق الله لا تعجل في صلاتك، اطمئن في صلاتك، أو يقول: إذا صليت فلا تخرج سوف يأتي فلان وفلان، أو ما أشبه ذلك من الحاجات العارضة   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (362). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 295 لا بأس أن يتكلم معه وهو يصلي. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 296 136 - حكم التصفيق لحاجة أثناء الصلاة س: تقول السائلة: هل يجوز التصفيق لحاجة أثناء الصلاة (1)؟ ج: نعم، سنة في حق النساء، التصفيق سنة في حق النساء إذا حدث حادث، أما الرجال فلهم التسبيح، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال ولتصفق النساء (2)» هكذا السنة.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (128). (2) أخرجه البخاري في أبواب العمل في الصلاة، باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به، برقم (1218)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم (421). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 296 137 - حكم عد الركعات بالأصابع أثناء الصلاة س: تقول السائلة: حتى لا أنسى كم صليت أحسب بأصبعي؛ أي إذا صليت ركعة ضممت أصبعي في الركعة الأولى، وإذا صليت الركعة الثانية ضممت أصبعي الثانية، وهكذا حتى تنتهي الصلاة، هل هذا جائز أم يعتبر من كثرة الحركات التي تبطل أو الجزء: 9 ¦ الصفحة: 296 تقدح في الصلاة (1)؟ ج: لا حرج في هذا، هذا شيء قليل وخفيف، ليس بكثير ضم الأصبع الواحدة والثنتين، وهكذا لا حرج فيه ولا بأس إن شاء الله إذا كانت تنسى، لا حرج في ذلك وليس هذا بعمل كثير، هذا شيء قليل في مصلحة الصلاة.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (35). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 297 138 - حكم من زاد واجبا من واجبات الصلاة متعمدا س: السائلة و. و. ومن الرياض تقول: من زاد واجبا من واجبات الصلاة عمدا، هل تبطل صلاته؟ كمن زاد ركنا عمدا (1) ج: هذا فيه تفصيل: إذا زاد ركوعا ثانيا متعمدا أو سجودا ثالثا عمدا هذا تبطل به صلاته، أما إذا كرر التسبيح: سبحان ربي العظيم كثيرا، أو: سبحان ربي الأعلى. هذا طيب ما فيه شيء، أما إذا زاد ركنا فما يشرع تكراره، أو واجبا ما يشرع تكراره، تبطل الصلاة، فالتشهد الأول واجب، فلو جلس في الثالثة أو في الأولى متعمدا ما هو بجلسة الاستراحة بل يرى جلسة زائدة غير الاستراحة تبطل صلاته، أو زاد ركوعا أو زاد   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (398). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 297 سجودا ثالثا في الركعة أو ركوعا ثانيا في الركعة متعمدا بطلت صلاته. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 298 139 - حكم الضحك في الصلاة س: مستمع يسأل ويقول: ما حكم الضحك في الصلاة؟ وهل من ضحك في الصلاة عليه إعادة (1)؟ ج: الضحك في الصلاة يبطلها إجماعا بإجماع أهل العلم، إذا ضحك في الصلاة بطلت، وهكذا لو تكلم عمدا بطلت صلاته إلا إذا كان جاهلا أو ناسيا، فلا تبطل الصلاة بكلام الناسي وكلام الجاهل، لكن الضحك يبطلها لأنه تلاعب بها، تلاعب وسخرية، نسأل الله العافية.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (298). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 298 140 - حكم التبسم في الصلاة س: هل التبسم في الصلاة يفسدها (1)؟ ج: التبسم لا يفسدها، لكن الضحك يفسدها، الضحك الذي له صوت هذا يفسدها وهكذا الكلام، إذا تعمد الكلام وهو يعلم تحريمه أفسدها.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (251). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 298 141 - حكم فعل بعض المحرمات في الصلاة س: السائل ع. م. م. ر من اليمن، تعز: هل تبطل الصلاة بعمل بعض المحرمات (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن كان عمل بعض المحرمات في الصلاة هذا يبطلها، مثل أن يتكلم في الصلاة أو يضحك في الصلاة أو يسب أحدا في الصلاة؛ هذا يبطل الصلاة، أما إن كان عنده معصية خارج الصلاة عصى خارج الصلاة، فالمعصية خارج الصلاة لا تبطلها لو كان عنده معصية؛ سب إنسانا خارج الصلاة أو اغتاب خارج الصلاة أو بعد الصلاة لا يبطلها، أو - والعياذ بالله - قد زنا خارج الصلاة أو شرب مسكرا خارج الصلاة، لا يبطلها إلا ما كان فيها، فإذا فعل فيها ما يبطلها من مبطلات الصلاة من الكلام العمد أو من الضحك أو من العبث الكثير المتوالي أو الأكل أو الشرب هذا يبطلها، وأما معصية قبلها أو بعدها لا تخرجه عن الإسلام لا تبطلها إذا كانت قبلها أو بعدها. أما النحنحة فلا بأس بها إذا كانت لحاجة، جاء في بعض الأحاديث أن عليا رضي الله عنه قال: «كان لي من رسول الله مدخلان؛   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (275). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 299 مدخل بالليل ومدخل بالنهار، فكنت إذا أتيته وهو يصلي يتنحنح لي (1)»؛ أح أح، يعني يعلم أنه في الصلاة، فإذا تنحنح أو قال: سبحان الله - في الصلاة فلا بأس بذلك، لكن لا يكثر من ذلك، يكون خفيفا.   (1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (609)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب التنحنح في الصلاة، برقم (1212)، وابن ماجه في كتاب الأدب، باب الاستئذان، برقم (3708). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 300 142 - حكم الحركة والوسوسة في أثناء الصلاة س: هل الحركة والوسوسة تبطل الصلاة (1)؟ ج: الحركة فيها تفصيل: إن كانت قليلة والوسوسة لا تبطل الصلاة، أما إذا كانت حركة كثيرة متوالية فذكر بعض أهل العلم أنها تبطل الصلاة، إذا كثرت تبطل الصلاة عمدا أو سهوا؛ لأنه خرج بذلك عن الصلاة، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك وأن يحذر الوساوس التي تسبب كثرة الحركة حذرا من بطلان صلاته، وأن يعتني بالخشوع ويعتني بصلاته حتى لا يتحرك كثيرا.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (224). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 300 143 - حكم قطع الصلاة في حالة وقوع حادث أو غرق س: هل لي أن أقطع الصلاة عندما أسمع عن حادث حريق أو غرق أو ما أشبه ذلك (1)؟ ج: نعم، إذا وجد حالة غرق أو حرق تخشى منه على أولادك أو على المسلمين تقطعها وتساهم في إنقاذ المسلمين أو إنقاذ أهلك، ثم تعود إلى الصلاة وتصلي، تبدأ فيها من جديد، أما غرق أو حرق لا يضرك ولا يضر المسلمين، غرق أشياء ما لك فيها حيلة، أو حرق أشياء من المتاع الذي لا حيلة فيه، أو الذي لا يضر تركه فاستمر في صلاتك، الحاصل أنه إذا كان قطع الصلاة ينفع المسلمين وينفع أهلك فاقطعها لإنقاذ من أصيب بالغرق والحرق، ثم تعود إلى الصلاة، والحمد لله؛ لأن الغرق والحرق يفوت خطره، والصلاة لا تفوت، في الإمكان قضاؤها. ويقاس على هذا الأشياء التي يخشى منها، مثل إنسان رأى أعمى حول قليب، أو حول حفرة يخشى أن يسقط فيها، أو حوله ذئب أو أسد يخشى عليه منه، أو كلب عقور، يقطع وينقذه، ثم يعود لصلاته من أولها، والعقارب والحيات إذا كان يخشى على أحد منها فلا بأس، أما إذا أمكن   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (134). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 301 قتلها وهو في الصلاة لأنها قريبة يمكن ضربها وهو في الصلاة فلا بأس، يضربها وهو في الصلاة ولو تقدم خطوات إلى القبلة فقط؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب (1)»   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7332)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب العمل في الصلاة، برقم (921)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (390)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة برقم (1245). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 302 144 - حكم قطع الصلاة لدرء الخطر س: كنا نصلي جماعة في المزرعة، وكان أمام أنظارنا بالمزرعة ماكينة رفع مياه، ترفع المياه من البئر وتصبها بحوض بجوارنا، وفجأة وأثناء تأديتنا للصلاة رأينا دخانا كثيفا يخرج من جميع أجزاء تلك الماكينة، فإن تركناها فسوف يكون ضرر جسيم، فهل يجوز لأحد منا قطع الصلاة ليطفئها أم ماذا نفعل (1)؟ ج: نعم، إذا وقع مثل هذا الحادث فإن أحد الجماعة يقطع الصلاة لإزالة الخطر، ثم يعود فيصلي معهم ما بقي، والحمد لله؛ لأن خطر هذا   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (43). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 302 الدخان كبير، وقطع الصلاة لمصلحة مهمة أو لدرء خطر مثل إنقاذ حريق، أو إنقاذ غريق، أو دفع صائل أو ما أشبه ذلك كل هذا لا بأس به، وهذا فيه في الحقيقة إنقاذ من حريق قد يهلك الماكينة، أو يتعدى ضرره إلى غير ذلك، فلا حرج في قطع الصلاة، ثم يعود فيبتدئ الصلاة من جديد مع الإمام فيما بقي، أو يقضيها بعدهم إذا سلموا قبله. هذا إذا دعت الحاجة إلى قطعهم الصلاة ليتعاونوا فلا بأس، إذا كان الخطر عظيما فليقطعوها ثم يزيلوا الخطر، ثم يرجعوا فيصلوا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 303 س: السائل ع، مقيم في جدة يقول: نريد أن نعرف كل شيء حول السترة في الصلاة، وهل لا بد من وضع ساتر أمامي إذا كنت بالصلاة منفردا ولا خوف من مرور أحد أمام المصلي (1)؟ ج: السترة سنة مؤكدة أمام المصلي إذا كان منفردا أو إماما؛ لأن الرسول كان يصلي إليها عليه الصلاة والسلام ويقول: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (388). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 303 أحد إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1)» فالسنة أن يضع سترا أمامه؛ إما جدار، وإما عمود، وإما كرسي، وإما عصا منصوبة، ونحو ذلك، فإن لم يتيسر وضع العصا مطروحة أو خطا بين يديه، إذا لم يتيسر شيء قائم، هذا هو السنة، ولا يضره من مر من ورائها، لكنها غير واجبة، لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في بعض الأحيان صلى إلى غير سترة، فدل على أنها غير واجبة، لكنها سنة مؤكدة، وإذا كان في مكان لا يخشى فيه مرور أحد فلا مانع أن يصلي إلى غير سترة، لكن إذا تيسرت السترة فهي أولى وأفضل عملا بالسنة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 304 145 - حكم وضع السترة في الصلاة س: ما حكم اتخاذ السترة بالنسبة للمصلي؟ وإذا كان المصلي يأمن من عدم مرور أحد بين يديه كأن يكون في صحراء مثلا، فما حكم اتخاذ السترة بالنسبة له (1)؟   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (246). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 304 ج: اتخاذ السترة سنة، كان النبي عليه الصلاة والسلام يتخذ السترة حتى في الصحراء وهو مسافر، السنة اتخاذ السترة، وهي مقدار مؤخرة الرحل نحو ذراع أو ما يقارب الذراع تنصب أمامه، مثل كرسي، مثل عصا تنصب، مثل شداد الرحل، مثل إناء يوضع أمامه يبلغ مسافة ذراع أو ذراع إلا ربعا، أو ما حول ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن سترة المصلي فقال: «مثل مؤخرة الرحل (1)» وفي لفظ آخر: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود (2)» يعني إذا مر دونها. فالمقصود أنه إذا كانت السترة نحو ذراع أو ما يقاربه فإن ما يمر بين يديه لا يضر صلاته إذا مر من وراء ذلك، فأما إذا مر بينه وبين السترة فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود، كما ثبت به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (3)» هكذا صح عنه عليه الصلاة والسلام. أما إذا كانت السترة جدارا أو عمودا فإنه يكفي بذلك إذا مر   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، برقم (500). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 305 بين يديه وبين السترة أحد يمنعه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1)» متفق على صحته. ولو كان المار ليس حمارا ولا كلبا ولا امرأة حتى الرجل يمنع، وحتى الصبي يمنع، وحتى الدابة تمنع من الغنم وغيرها إذا تيسر المنع، يمنع ذلك إذا تيسر فإن غلبه لم يضر صلاته إلا أن يكون حمارا أو كلبا أسود أو امرأة تامة، أما الصبية لا تقطع، الصغيرة لا تقطع، ولهذا في اللفظ الآخر: امرأة حائض. أي البالغة، فمن السنة اتخاذ السترة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 306 س: هل تجب السترة في الصلاة؟ وكم تكون المسافة بينها وبين المصلي؟ وهل يأثم من لا يتخذ السترة أثناء الصلاة (1)؟ ج: السترة سنة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (2)» فيكون بينه وبينها ثلاثة أذرع فأقل، ويكون بينه وبينها إذا سجد، ويكون بينه وبينها شيء يسير حتى لا يصدم فيها، هذه السنة، وليست واجبة، لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (429). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 306 في بعض الأحيان صلى إلى غير سترة عليه الصلاة والسلام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 307 س: تقول السائلة: هل السترة ضرورية في الصلاة؟ وهل السجادة تجزئ عنها (1)؟ ج: السترة سنة مؤكدة للصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها (2)» مثل حائط أو عمود أو سارية أو كرسي، أو ما أشبه ذلك، وقد جاء في الحديث الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (3)» وما بين يديه يقارب ذراعا أو ذراعا إلا قليلا، فإذا جعل بين يديه شيئا منصوبا من كرسي أو عصا أو شبه ذلك، كما كان النبي يفعل، فقد كانت تنصب أمامه العنزة – وهي عصا ليست طويلة فيها حربة – فإذا فعل مثل ذلك المؤمن كانت سترة له، أو كرسي قدامه أو وسائد رفيعة أو ما أشبه ذلك، لكن ليست واجبة إنما هي سنة، فمن صلى بدون سترة صلاته لا حرج.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (157). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 307 س: علمت أن من السنة وضع السترة أمام المصلي، فهل يجوز وضع سترة قصيرة، كأنه يكون طولها شبرا، وإن لم يصلح فما مقدار طولها (1)؟ ج: اتخاذ السترة للمصلي سنة مؤكدة، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها في أسفاره، وكانت تحمل معه العنزة – وهي عصا صغيرة لها حربة – تركز أمامه عليه الصلاة والسلام، ويصلي إليها (2)» وكان المسجد الذي يصلي فيه، فيه سترة عليه الصلاة والسلام، فالسنة لكل مصل من رجل أو امرأة أن يصلي إلى سترة، ولهذا في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وغيره عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (3)» السنة الدنو منها، ولما صلى في الكعبة عليه الصلاة والسلام دنا من الجدار الغربي حتى لم يكن بينه وبينه إلا ثلاثة أذرع، فالسنة للمؤمن والمؤمنة اتخاذ سترة كالجدار أو السارية، أو كرسي   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (203). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الأحمر، برقم (371)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، برقم (503). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 308 أمامه، أو ما أشبهه مما له جسم قائم، وأقل ذلك مثل مؤخرة الرحل. قال العلماء: وهي تقارب الذراع أو ثلثي الذراع، إذا كانت السترة ثلثي الذراع أو ما يقارب ذلك كفت، إذا تيسر ذلك، وإن لم يتيسر صلى ولو إلى عصا مطروحة، أو خط كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد شيئا فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا، ولا يضره ما مر بين يديه (1)» فالمؤمن يجتهد وهكذا المؤمنة، فإن وجد جدارا صلى إليه، أو سارية، أو كرسيا أو مركى مما يتوكأ عليه، يجعله أمامه، أو عصا لها حربة يركزها في الأرض أو ما أشبهه، يكون قائما طول الذراع، أو ثلثي الذراع، أو ما يقارب ذلك، فإن لم يتيسر جعل وسادة أمامه، أو عصا مطروحة أمامه {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) أو خطا إذا كان في الأرض كالصحراء، إذا لم يكن عنده   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7345) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الخط إذا لم يجد عصا، برقم (689) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يستر المصلي، برقم (943). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 309 شيء خط خطا يكفي على الصحيح، والحديث لا بأس به كما قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن، رواه ابن ماجه وأحمد وجماعة بإسناد حسن. فالحاصل أن هذا الحديث الذي فيه الخط لا بأس به على الصحيح، وهو عند الحاجة وعند عدم تيسر الجدار والعصا المنصوبة يخط خطا، وليست السترة واجبة، فلو صلى إلى غير سترة صحت صلاته، ولكن يكون ترك السنة، والسنة أن يصلي إلى سترة، وإذا مر بين السترة وبين المصلي حمار أو امرأة بالغة أو كلب أسود قطع الصلاة كما في الحديث الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته، الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (1)» وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «المرأة الحائض (2)» يعني المرأة البالغة. وهذا يدل على أن الصغيرة لا تقطع، والرجل لا يقطع، وهكذا الإبل والغنم لا تقطع، وسائر الدواب ما عدا الحمار،   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (2) أخرجه أحمد في مسند بني هاشم، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، برقم (3231) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، برقم (703) والنسائي في المجتبى في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة، برقم (751)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقطع الصلاة برقم (949). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 310 وهكذا الكلاب كلها لا تقطع إلا الأسود، لكن لا ينبغي أن يمر شيء، بل يمنع المار بين يديه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان (1)» فإذا أراد شيء أن يمر بين يديك تدفعه، ترده ولو أنها شاة أو طفلة، ترده إذا تيسر ذلك، لكن لو مر لا يقطع لا يفسد عليك صلاتك، إلا إذا كان المار امرأة بالغة، أو حمارا أو كلبا أسود مر بين يديك قريبا منك، إذا كان أقل من ثلاثة أذرع، أو كان بينك وبينه سترة ولو كان أكثر، أما إذا مر من وراء السترة فإنه لا يضر ولو كان المار امرأة، أو كلبا أسود، أو حمارا إذا كان من وراء السترة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 311 س: م. خميس مشيط: ما حكم وضع السترة داخل المسجد وأمام المحراب؟ وما حكم صلاة من صلى إلى غير سترة داخل المسجد؟ وهل صلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى سترة داخل المسجد؟ آمل الإفادة وتوضيح الأحاديث الدالة على ذلك، جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (332). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 311 ج: الصلاة إلى سترة سنة مؤكدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى سترة في المسجد وفي السفر تنصب له العنزة، وفي المسجد يصلي إلى السترة التي وضعت له عليه الصلاة والسلام، وهكذا الفرد يصلي إلى سترة، هذه هي السنة، أما المأموم فيكفيه سترة الإمام؛ لأنه ليس بحاجة إلى سترة المأموم سترته سترة إمامه، وهي سنة مؤكدة لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (1)» أخرجه أبو داود بإسناد صحيح، عن أبي سعيد رضي الله عنه، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه في بعض الأحيان «صلى إلى غير سترة (2)» كما ذكر ذلك ابن عباس وأخوه الفضل بن عباس، كما روى النسائي وغيره أنه صلى إلى غير سترة، صلى بهم إلى غير سترة، فدل على أنها ليست بواجبة، وهكذا في الصحيح عن ابن عباس «أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في سفر إلى غير جدار (3)» ولم يقل: إن   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). (2) أخرجه ابن خزيمة في جماع أبواب سترة المصلي، باب ذكر خبر روي في مرور الحمار بين يدي المصلي، برقم (841). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغسل والطهور، برقم (861). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 312 هناك سترة، فظاهره أنه صلى إلى غير سترة، فالمقصود أن السترة سنة، ومن صلى إلى غير سترة كالإمام والمنفرد فالصلاة صحيحة، ولكن الأفضل والسنة أن يجعل أمامه سترة؛ إما جدارا، وإما كرسيا، وإما عمودا، وإما عصا ينصبها، فإن لم يجد خط خطا في الأرض. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 313 س: عندما أريد أن أصلي بعض النوافل في البيت فإنني قد أنسى أن أضع سترة أمامي، ولا أتذكر إلا بعد الشروع في الصلاة، ولكني أنوي أن مكان سجودي بمثابة السترة، فهل عملي هذا له أصل في الشرع (1)؟ ج: السترة سنة، كون الإنسان يصلي إلى سترة سنة، جدار، أو سارية، أو عمود، أو شيء يركز أو صندوق، سنة مؤكدة، لكن ما حول السجود ليس بسترة، وطرف المصلي ليس بسترة، السترة شيء ينصب أمامه.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (301). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 313 146 - حكم الصلاة إلى سرير عليه شخص نائم س: هل يجوز أن أصلي أمام سرير مرتفع يكون نائما عليه أحد؟ وهل المقصود بالسترة في الصلاة هو وضع حاجز ولو بسيطا، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 313 ولا يبطل الصلاة ما وراءه سواء كان ماشيا أم نائما (1)؟ ج: الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (2)» وكان عليه الصلاة والسلام يصلي إلى عنزة تنصب أمامه عصا صغيرة فيها حربة تركز أمامه في الأسفار، عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، وأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (3)» وقال عليه الصلاة والسلام: يكفي المرء مثل مؤخرة الرحل إذا مر من ورائه امرأة أو كلب أو حمار فإنه لا يقطعها عليه. أو ما هذا معناه، بل لفظه عليه الصلاة والسلام: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل: يا رسول الله: ما بال الأسود من غيره؟ قال: الأسود شيطان (4)» فبين صلى الله عليه وسلم أن السترة مثل مؤخرة الرحل، ومؤخرة الرحل العود الذي يكون خلف الراكب فيما يسمى بالشداد أو المسامة التي يركب   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (166). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 314 عليها الراكب، وهي تقارب ثلثي ذراع، أو ما يقارب الذراع، فإذا ركز أمامه عصا ولو دقيقة حول الذراع أو ثلثي الذراع كفت في السترة، أو كان أمامه سارية أو عمود أو جدار أو سرير أو كرسي كفى ذلك، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم وأمامه عائشة على السرير مضطجعة، ولم يضر ذلك، فإذا صلى الإنسان وأمامه سرير ولو كان فيه نائم فلا بأس، يجزئه ذلك كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 315 147 - بيان مقدار المسافة التي يأثم المار بالمرور أمام المصلي فيها س: السائل إ. من جمهورية مصر العربية يقول في سؤاله: روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم في معنى الحديث بأنه لا يجوز لنا المرور من أمام المصلي ولو نقف أربعين، فما هي المسافة التي من حق المصلي التي يجب ألا نمر أمامه فيها وينطبق عليها الحديث (1)؟ ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه – يعني من الإثم – لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (2)» وهو حديث صحيح، فالواجب الحذر من المرور بين يدي   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (397). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 315 المصلي إلا إذا كان أمامه سترة، تمر من وراء السترة، والسترة مثل مؤخرة الرحل، نحو ذراع أو أقل، ذراع إلا ربعا أو نحو ذلك، فإذا مررت من ورائها فلا حرج عليك، أو بعيدا عنه إذا كان ما عنده سترة، تمر أمامه بعيدا بينك وبينه ثلاثة أذرع أو أكثر بينك وبين محل قدمه، ولا تمر بينه وبين السترة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يده فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود (2)» فالواجب على المؤمن ألا يمر بين يدي أخيه وهو يصلي، وأن يحذر ما نهى الله عنه ورسوله، وعلى المصلي أن يضع سترة أمامه حتى لا يشق على إخوانه، كالكرسي يصلي إلى سارية، إلى عصا منصوبة، فإن لم يجد فيضع عصاه أمامه مطروحة بين يديه، أو يخط بين يديه إذا كان في أرض يمكن أن يخط فيها.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 316 س: سمعت من بعض الناس أنك إذا كنت تصلي ولم تجعل أمامك خطا أو حاجزا ومر أحد ولو على بعد مائة متر أو أكثر فإنه يقطع صلاتك، وأنا لم أصدق بهذا، أرجو توجيهي حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة للمؤمن والمؤمنة وضع السترة إذا أراد أن يصلي وهو منفرد أو إمام، يضع السترة أمامه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (2)» أخرجه الإمام أبو داود رحمه الله بإسناد صحيح وغيره، فالسنة له أن يقرب من السترة، وأن تكون قائمة كالعصا والكرسي، أو يستقبل جدارا أو سارية تكن سترة له، هذا هو السنة، وفي لفظ آخر يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يجد فليخط خطا، ثم لا يضره ما مر بين يديه (3)» أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد حسن. لكن لو صلى إلى غير سترة فإنه لا يمر بين يديه   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (199). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). (3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7345) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الخط إذا لم يجد عصا، برقم (689) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يستر المصلي، برقم (943). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 317 قريبا منه ولكن يمر بعيدا، إذا كان المار بعيدا أكثر من ثلاثة أذرع لا يضره ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما صلى في الكعبة جعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع، فدل ذلك على أن هذه المسافة كافية، أما إذا كان له سترة، فإنه لا يمر بين يديه وبين السترة بل من ورائها، ولكن لا يقطع الصلاة المار إلا إذا كان أحد ثلاثة: إما امرأة، أو حمار، أو كلب أسود. هذه هي التي تقطع الصلاة، صلاة الرجل والمرأة جميعا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل: يا رسول الله، ما شأن الأسود من الأصفر والأحمر؟ قال: الكلب الأسود شيطان (1)» وفي لفظ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «المرأة الحائض (2)» يعني البالغة. أما الصبية التي لم تبلغ فلا تقطع، إنما يقطع المرأة الكاملة البالغة المكلفة، إذا مرت تقطع، وهكذا الحمار، وهكذا الكلب الأسود، أما غيرهم فلا ينبغي مروره، يمنع من المرور، لكن لو مر وغلب لا يقطع الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (2) أخرجه أحمد في مسند بني هاشم، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، برقم (3231) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، برقم (703) والنسائي في المجتبى في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة، برقم (751)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقطع الصلاة برقم (949). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 318 وسلم خص القطع بهؤلاء الثلاثة، ومع ذلك ممنوع أن يمر بين يدي أخيه ولو كان رجلا، فالمصلي يمنع المار بين يديه سواء كان رجلا أو دابة أو صبيا أو صبية أو كلبا أو غير ذلك، ولو كانوا لا يقطعون الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإنه شيطان (1)» وفي لفظ آخر: «فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإذا أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (2)» الحاصل أنه يمنع المار بالتي هي أحسن، فإذا لم يتيسر بالتي هي أحسن دفعه بالقوة من غير أن يتعمد قتلا أو ضربا يضره، ولكن يدفعه بالقوة التي تشعر المار بأن المصلي عازم على رده، وقاصد دفعه بالصد والقوة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فليقاتله (3)» أي فليدفعه بالقوة، لكن لا يتعمد ضربه بالسلاح، أو شيء يقتله ولكن يدفعه بالقوة حتى يرجع ولا يمر بين يديه؛ لأن الرسول أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، والحديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 319 148 - بيان الأشياء التي يقطع مرورها أمام المصلي للصلاة س: يقول السائل: هل مرور الإنسان أمام المصلي يقطع صلاته (1)؟ ج: المرور لا يجوز أمام المصلي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه – يعني من الإثم – لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (2)» في بعض الروايات: «أربعين خريفا (3)» يعني أربعين عاما، وهذا يدل على أن المرور لا يجوز بين يدي المصلي، ولا بينه وبين سترته، أما قطع الصلاة ففيه تفصيل: إن كان المار امرأة أو حمارا أو كلبا أسود فالصلاة تقطع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل: يا رسول الله، ما بال الأسود من غيره؟ قال: الكلب الأسود شيطان (4)» هذه الثلاث تقطع الصلاة إذا كان المرور بين يدي المصلي قريبا منه بثلاثة أذرع، أو بينه وبين السترة التي   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (245). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507). (3) أخرجه البزار في مسنده، مسند زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، في حديث (لو يعلم المار بين يدي مصلي) برقم (3782). (4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 320 أمامه إذا كانت السترة جدارا أو عمودا أو كرسيا أو عنزة – عصا – إذا مر بينه وبينها قطع صلاته الواحد من هذه الثلاثة: المرأة البالغة، والحمار، والكلب الأسود. أما المرأة الصغيرة لا تقطع، هكذا الرجل لا يقطع، وهكذا الكلب غير الأسود لا يقطع، هكذا الهر لا يقطع، وهكذا بقية الحيوانات لا تقطع، لكن ينبغي للمصلي ألا يدع شيئا يمر بين يديه، المصلي يشرع له أن يمنع المار مطلقا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، وأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1)» المقصود أن السنة لمن أراد أن يصلي إذا أراد أحد أن يمر بين يديه، ولو كان مما لا يقطع، السنة أن يمنعه من المرور؛ لأنه يشوش عليه صلاته، ولو كان المار رجلا يمنع أو صغيرا، أو كان المار دابة كشاة أو بعير أو غيره يمنع إذا استطاع ذلك، لكن لو مر لا يقطع صلاته إلا إذا كان المار أحد الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم: المرأة، والحمار، والكلب الأسود. هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم، وفق الله الجميع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 321 س: هل يجب أن أعيد الصلاة أو أقطعها إذا مر أحد أمامي مع تعذر الجزء: 9 ¦ الصفحة: 321 وضع السترة؟ وما هو الارتفاع المعتبر للسترة؟ وما هو تقدير المسافة التي لا يأثم المار بمروره على المصلي (1)؟ ج: أما إن كان له سترة فإنه يحرم المرور بين المصلي وبين السترة إذا وضع كرسيا أو شيئا آخر كحجر أو متكئ من المتكآت أمامه فإنه ليس لأحد أن يمر بينه وبين السترة، وإذا مر بينه وبين السترة حمار أو كلب أسود أو امرأة بالغة بطلت صلاته؛ لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل: يا رسول الله، ما بال الأسود من الأصفر والأحمر؟ قال: الكلب الأسود شيطان (2)» رواه مسلم في الصحيح، وله شواهد من حديث أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم، والسترة تكون نحو ثلثي ذراع تقريبا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: مثل مؤخرة الرحل، إن لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل. مؤخرة الرحل: هي العود الذي يكون خلف ظهر الركاب في الشداد الذي كان يستعملونه في الإبل، وهو نحو ثلثي ذراع، فإذا كانت السترة   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (85). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 322 نحو ثلثي ذراع أو أكثر كعصا تركز أو مركاز يجعله أمامه أو حجر كبير أو كرسي أمامه، ونحو ذلك، فإن هذا يقال له: سترة، فينبغي أن تكون قريبة منه حول موضع سجوده، والمسافة التي تكون مانعة من القطع ثلاثة أذرع، إذا كان المار أمامها وليس هناك سترة لم يقطع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى لما فتح الله عليه مكة صلى في الكعبة وجعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع، قالوا: هذا يدل على مقدار ما بين رجلي المصلي ومحل السترة، فإذا كان الذي أمام المصلي أكثر من ثلاثة أذرع ومر مار أمامه فإنه لا يقطع صلاته، ولا يحرم على المار، أما إن كان أقل من ثلاثة أذرع فإنه يقطع، يسمى مارا بين يديه، أو كان بينه وبين السترة فإنه يقطع إذا كان من الثلاثة: المرأة، الحمار، الكلب الأسود. أما إذا كان من غير الثلاثة كمرور الرجل أو مر كلب غير أسود، أو مرت دابة كإبل، شاة، بقر، ونحو ذلك، هذا لا يقطع، كلها لا تقطع لكن ما ينبغي المرور، يمنع المرور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بمنع المار، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه (1)» فالمقصود أنه يلاحظ منع المار حتى لا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 323 يشوش عليه صلاته ولو كان غير الثلاثة، ولو كان رجلا، ولو كان بهيمة يحاول ألا تمر حتى لا تشوش عليه صلاته، وربما غلبه المار فلا يقطع صلاته، كالرجل غلبه ومر أو دابة غلبته أو صبي غلبه ومر ما يضر صلاته، صلاته صحيحة إلا إذا كان المار امرأة أو حمارا أو كلبا أسود، بينه وبين السترة أو في الثلاثة الأذرع – يعني قريبا منه – إذا لم يكن هناك سترة، هذا هو ملخص ما دلت عليه الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 324 149 - بيان مذهب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مرور المرأة بين يدي المصلي س: سماحة الشيخ، لعله من المناسب أن تتفضلوا بإيضاح ذلك الإشكال الذي أشكل على إحدى الصحابيات إن لم تكن من إحدى أمهات المؤمنين حين ما ألحقت المرأة بالكلب الأسود وبالحمار، لعل لهذا المقام مناسبة في أن توضحوا هذا لو تكرمتم (1)؟ ج: نعم، جاء عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين أنها لا ترى أن المرأة تقطع، وخفي عليها الحديث، وقالت: «بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب، كنت أضطجع بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (85). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 324 يصلي (1)» فظنت رضي الله عنها أن اضطجاعها مثل المرور، وليس الأمر كذلك عند أهل العلم، قال العلماء: المرور شيء واضطجاعها أمامه صلى الله عليه وسلم شيء آخر، فلو كانت المرأة مضطجعة على سريرها أو في الأرض وصلى إليها لا بأس ولا حرج فقد كان يصلي إليها وهي أمامه عليه الصلاة والسلام، لا حرج في ذلك ولا تقطع صلاته، إنما تقطع بالمرور من جانب إلى جانب، إذا مرت من جانب إلى جانب أمامه بينه وبين السترة أو في أقل من الثلاثة أذرع هذا هو محل القطع، أما الحكمة فالله أعلم ما هي الحكمة التي جعلت المرأة تلحق بالحمار والكلب الأسود؟ فالله أعلم سبحانه وتعالى، ويمكن أن يقال: إن الحكمة في ذلك أن المرأة تتعلق بها نفوس الرجال وميول الرجال وشهوات الرجال، فربما يكون مرورها سببا لتلمس نفسية المصلي وتحرك قلبه في شيء مما يتعلق بالنساء، فكان مرورها قاطعا للصلاة حتى يمنع مرورها منعا باتا حتى لا تتساهل في ذلك، متى علم أن المرور يقطع صار ذلك من أسباب منع المرور، وقطع هذه المادة، يمكن أن يقال هذا، والله أعلم، فالحكمة قد تظهر وقد لا تظهر، ولكن   (1) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب من قال لا يقطع الصلاة شيء، برقم (484)، مسلم، كتاب الصلاة، باب الاعتراض بين يدي المصلي، برقم (794)، والنسائي كتاب الطهارة، برقم (166)، وأبو داود، كتاب الصلاة، برقم (610)، وأحمد، في باقي مسند الأنصار برقم (24985)، والدارمي، كتاب الصلاة، برقم (1377). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 325 المسلمين مأمورون بأن يتلقوا أحكام الله ويقبلوها ويعملوا بها وإن لم يعرفوا حكمتها مع الإيمان بأن ربنا سبحانه حكيم عليم كما قال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (1)، {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (2) هكذا في آيات كثيرات يعلم عباده أنه حكيم فيما يشرع من مواريث ومن صلوات وغير ذلك، كما أنه حكيم فيما يقدره على العباد من مرض أو موت أو غنى أو حرب أو سلم أو غير ذلك، هو الحكيم العليم سبحانه في كل شيء وإن لم يطلعنا على الحكمة في بعض المسائل، وإن لم نعرف الحكمة ولم تتضح لنا فعلينا أن نؤمن بأنه حكيم عليم وإن لم نعرف تلك الحكمة، كما أنه سبحانه شرع الفجر ثنتين، والمغرب ثلاثا، والظهر والعصر والعشاء أربعا، فما هي الحكمة؟ الله أعلم، لماذا جعل المغرب ثلاثا؟ ولماذا جعل الفجر ثنتين، والجمعة ثنتين؟ ولماذا جعل الظهر والعصر والعشاء أربعا؟ ولماذا جعل الصيام في رمضان لا في غيره كالمحرم وكرجب؟ ولماذا جعله شهرا بدون زيادة؟ وقد تظهر الحكمة بعدم الزيادة أنه تخفيف ورحمة من الله لكن كونه جعله في هذا   (1) سورة النساء الآية 11 (2) سورة الأنعام الآية 83 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 326 الوقت المعين بين شوال وبين شعبان الله الذي يعلم الحكمة سبحانه وتعالى، كذلك كونه شرع الزكاة في مال دون مال لحكمة بالغة قد تظهر للعباد وقد لا تظهر للعباد، إلى غير ذلك من المسائل التي قد تخفى فيها الحكمة على الناس، لكن يجب الإيمان بأنه حكيم عليم، وهكذا في المخلوقات قد يقول قائل: لماذا خلق الذباب؟ لماذا خلق الخنفساء؟ لماذا خلق العقرب؟ لماذا خلق الحية؟ لماذا خلق أشياء أخرى؟ نقول: إن ربك حكيم عليم هو الخلاق العليم وهو الحكيم العليم لحكمة بالغة خلق هذه الأشياء سبحانه وتعالى، ومن ذلك يعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه ما شاء فعل لا راد لقضائه ولا راد لأمره سبحانه وتعالى، فهكذا يقال في بقية الأمور التي تخفى حكمتها ككون المرأة تقطع الصلاة. ليس هناك داع لمن يريدون إثارة الشبه، نحن عبيد، عبيد مأمورون، علينا أن نمتثل أمر الله، وأن نترك نهيه سبحانه وتعالى لأنه ربنا وإلهنا والمنعم علينا، وخالقنا ورازقنا وهو أعلم بمصالحنا من أنفسنا، فعلينا أن نسلم لأمره ولا نعترض، أرأيت لو كان إنسان عند مالك له من أبناء الدنيا من الناس فقال لمالكه إذا أمره: أنا لا أمتثل حتى تبين لي مقصدك من هذا الأمر. قال له سيده: هات لنا البعير الفلاني، هات لنا الإناء الفلاني، هات لنا الشاة الفلانية، هات لنا البساط الفلاني. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 327 إذا قال المملوك: أنا لا آتي به حتى تعلمني ما هو القصد، ما هي الحكمة. فهل يكون هذا العبد مرضيا عليه؟ وهل يكون هذا العبد أديبا؟ ليس بأديب، ولا مرضي عليه، بل ربما ضربه سيده وربما باعه بأرخص الأثمان؛ لأنه ليس بأديب، فالواجب أن يمتثل لما قاله سيده، وأن يحضر ما طلب منه إلا إذا كان شيئا يضره أو فيه معصية الله، هذا شيء آخر محل بحث لكن في الجملة الخادم والعبد يمتثل ما يستطيعه وما لا يعلم فيه معصية لله سبحانه وتعالى، فلذلك إن العبد أو الخادم لو اعترض يكون سيئ الخلق وسيئ الأدب، فكيف بالعبد مع ربه الخلاق العليم العالم بمصالح العباد، كيف يعترض؟ وكيف يقول؟ يعني بلسان حاله: أنا ما أمتثل حتى أعرف ما هي حكمة الصوم، وما هي حكمة الصلاة، وما هي حكمة مروري أمام كذا، وما هي حكمة طوافي، وما هي حكمة شربي قائما أو قاعدا، إلى غير هذا، لا، من الأدب ومن العبودية ومن القيام بالواجب أن يمتثل وألا يقف عند مراعاة الحكمة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 328 150 - بيان المسافة التي يمكن أن يمر الإنسان وراءها أمام المصلي س: سماحة الشيخ، هل يمكن معرفة مقدار قبلة الشخص التي يمكن أن يمر الإنسان بعدها (1)؟   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (3). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 328 ج: اختلف العلماء في هذا، وأحسن ما قيل في ذلك: إذا كان أبعد من ثلاثة أذرع بعد المصلي لا يضر؛ لأنه إذا أراد أن يصده يحتاج إلى خطوات؛ أي يتقدم خطوات " لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى إلى الكعبة جعل «بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع (1)» فإذا كان بعيدا عن محل المصلي ثلاثة أذرع، فإذا كان بعيدا عن محل المصلي ثلاثة أذرع فأكثر بعيدا عنه لا يضر ذلك، ولكن أولى بالمصلي أن يتخذ سترة، إذا تيسر له سترة مثل سترة السارية والجدار أو عصا يركزها، أو ما أشبه ذلك إذا تيسر له ذلك حتى ييسر على الناس المرور ولا يحرجهم، والذي يرى السترة ليس له أن يمر بينها وبين المصلي بل يمر من ورائها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخذ السترة لأسفاره وفي الحضر، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (2)» فاتخاذ السترة سنة مؤكدة، والدنو منها سنة، وليست واجبة ولكنها سنة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة بين السواري في غير جماعة، برقم (506). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 329 151 - مسألة في حكم المرور أمام المصلي س: يقول السائل: ما حكم المرور من أمام المصلي يا فضيلة الشيخ (1)؟ ج: إذا كان له سترة يكون من وراء السترة، ثم من وراء السترة، أما إن كان ما عنده سترة تبتعد عنه أكثر من ثلاثة أذرع، تكون بعيدا عن محل قدميه، أكثر من ثلاثة أذرع حتى لا تمر بين يديه.   (1) السؤال الرابع والستون من الشريط رقم (432). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 330 س: هل يجوز أن يعبر شخص أمام مصل وضع أمامه صندوقا أو خشبة صغيرة أو شيئا من هذا (1)؟ ج: قد دلت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لا يجوز للمسلم أن يمر بين المصلي وبين سترته، فإذا كان المصلي قد وضع سترة كرسيا أو عصا أو حديدة أو وسادة أو غير ذلك لا يمر بينه وبينها، يمر من ورائها، هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحدهم أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (2)»   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (198). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 330 متفق على صحته. وقال عليه الصلاة والسلام: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود قيل: يا رسول الله، ما بال الكلب الأسود من الأصفر والأحمر؟ قال: الكلب الأسود شيطان (1)» رواه مسلم في صحيحه. فالحاصل أنه لا يجوز للمسلم أن يمر بين يدي المصلي وسترته، يقول صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (2)» وهذا يدل على عظيم الجريمة في المرور بين يدي المصلي، وإذا كان ليس له سترة لا يمر بين يديه قريبا منه، ولكن يمر بعيدا لا بأس، أما إذا كان له سترة فإنه لا يمر بينه وبينها بل يمر من ورائها أو من ورائه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 331 152 - حكم صلاة من مر أمامه رجل س: إذا مر بين يديك رجل وأنت في أثناء الصلاة فهل تبطل صلاتك (1)؟ ج: لا تبطل بمرور الرجل، مرور الرجل لا يبطل الصلاة، إنما يبطلها   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (326). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 331 أحد ثلاثة: المرأة، والحمار، والكلب الأسود، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته: الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (1)» أما إذا كان بين يديه سترة كعنزة - عصا – مركوزة أو عمود أمامه أو كرسي أمامه، أو شبه ذلك، ومر وراءها – امرأة أو حمار أو كلب أسود – فإنه لا يضر، وهكذا لو مر بعيدا منه ليس بين يديه وهو بعيد أكثر من ثلاثة أذرع فإنه لا يقطع الصلاة، أما الرجل فلا يقطع، وهكذا الكلب غير الأسود، وهكذا البعير والغنم لا تقطع، إنما يقطع هؤلاء الثلاثة: المرأة البالغة، والحمار، والكلب الأسود. كما جاءت السنة في ذلك، ولكن لا ينبغي أن يمر بين يدي المصلي أحد، يمنع المار لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإذا أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (2)» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (3)» فالمقصود أن المصلي يمنع المار، ولو   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 332 كان حيوانا يمنعه إن استطاع، ولكن لا يقطع صلاته إلا أحد ثلاثة: المرأة، والحمار، والكلب الأسود، لكن يمنع الرجل أن يمر، يمنع الصبي أن يمر، يمنع العنز أن تمر، وهكذا إن استطاع ذلك للحديث الذي ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 333 س: عندما يصلي الإنسان ويمر من أمامه شخص آخر هل تنقطع صلاة المصلي في غير الحرمين (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن كان المار بين يديه أو بينه وبين السترة المرأة أو حمار أو كلب أسود انقطعت الصلاة، بطلت الصلاة فرضا أو نفلا، إذا كان المار بينه وبين السترة، وإذا كان يصلي إلى جدار أو إلى كرسي أو إلى سترة أخرى، ثم مر بينه وبينها حمار أو كلب أسود أو امرأة بطلت صلاته لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (2)»   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (321). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 333 وهكذا إذا مرت بين يديه قريبة منه المرأة أو الحمار أو الكلب الأسود، إذا لم يكن عنده سترة، إذا مرت المرأة أو مر الحمار أو الكلب الأسود بين يديه في حدود بالقرب من قدمه فإنها تبطل صلاته، أما إن كان بعيدا جدا، مرت بعيدا جدا، المرأة إذا مرت وليس هناك سترة فإن الصلاة صحيحة، أو كان المار وراء السترة؛ أي من خلفها، يعتقد أن المار من ورائها فالصلاة صحيحة والحمد لله، أما إن كان المار غير الثلاثة، مر رجل أو كلب غير أسود أو شاة أو ما أشبه ذلك، غير الثلاثة فالصلاة صحيحة، وإن كان ينقص ثواب هذا لكن الصلاة صحيحة، والحمد لله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 334 153 - حكم مرور الطفل من بين يدي المصلي س: المرسل م. ع. ش يقول: هل يجب على المصلي أن يمنع مرور الطفل من بين يديه في الصلاة (1)؟ ج: نعم، لا يدع شيئا يمر عليه، يمنعه إذا تيسر ذلك، فإن غلبه فلا شيء عليه، لكن يمنعه، إذا أراد الطفل أو الدابة من الغنم أو نحو ذلك يمنعه إذا تيسر ذلك، وإن غلبه ذلك فصلاته صحيحة، ولا يقطعها إلا ثلاثة: المرأة البالغة، والحمار، والكلب الأسود. إذا مر واحد من هذه   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (346). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 334 الثلاثة بينه وبين سترته أو قريبا منه نحو ثلاثة أذرع فأقل قطع عليه صلاته، أما إن كان بعيدا منه فوق ثلاثة أذرع، أو كان وراء السترة فإنه لا يقطع عليه الصلاة، أما غير الثلاثة فإنه يمنع لكن لا يقطع الصلاة، مثل البعير أو الشاة أو الطفل أو الكلب غير الأسود، لكن إذا أمكنه يمنعه أو يدفعه، فإنه يمنعه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1)» هذا عام، أمر به صلى الله عليه وسلم بدفع المار سواء أكان المار قاطعا أم ليس قاطعا، السنة والمشروع أن يدافعه ويمنعه من المرور بالتي هي أحسن، فإن غلبه فصلاته صحيحة، إلا إذا كان المار كلبا أسود، أو حمارا، أو امرأة مكلفة بالغة؛ فإن أي واحدة من هذه الثلاث تقطع بنص النبي عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 335 154 - حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام س: ما حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام؟ وهل الحديث خاص في المسجد الحرام أم يشمل مكة ومساجدها؟ وهل يأثم من مر بين يدي المصلي من غير قصد وليس متعمدا (1)؟   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (8). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 335 ج: أما المسجد الحرام الذي حول الكعبة فالمعروف عند أهل العلم أنه لا حرج في المرور بين اليدين للحاجة؛ لأنه في الغالب توجد الزحمة فيه، ومظنة عدم تيسر السترة والسلامة من المار، فالأمر فيه واسع، وهكذا عند الازدحامات في المسجد النبوي وغيرها من المساجد إذا ازدحم الناس وتكاثر الناس ولم يتيسر للمسلم المرور إلا بين أيدي المصلين، فالظاهر – والله أعلم – أنه لا حرج في ذلك للضرورة والمشقة الكبيرة، وينبغي للمصلي أن يتحرى المكان الذي ليس فيه تعرض للمرور بين يديه في لزوم السواري التي في المسجد وأشباهها حتى يكون بعيدا عن المرور بين يديه. أما مساجد مكة وأرضها فالظاهر أنها كغيرها، ولهذا لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح جعل أمامه عنزة، وصلى إلى عنزة عليه الصلاة والسلام، وهو في الأبطح بمكة لا في المسجد الحرام، فدل ذلك على أن المسجد الحرام مثل غيره في اتخاذ السترة – يعني بقية الحرم – لأن الحرم كله يسمى المسجد الحرام، لكن ما كان حول الكعبة فالأمر فيه أوسع وأسهل للزحمة غالبا، لما جاء في ذلك من الآثار عن بعض الصحابة في عدم توقي مرور الناس؛ لأنه موضع زحمة في الغالب، ومظنة عدم القدرة على السلامة من المار؛ ولأن في السترة ورد الناس الجزء: 9 ¦ الصفحة: 336 مشقة على الطائفين، وعلى غير الطائفين، فالأولى والأقرب والأرجح أنه لا حرج في ذلك إن شاء الله، ولا لزوم للسترة، لكن في بقية مكة بقية الحرم ويسمى المسجد الحرام ينبغي اتخاذ السترة ومنع المار كما اتخذها النبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح عليه الصلاة والسلام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 337 155 - بيان درجة حديث: يقطع صلاة المسلم المرأة والحمار والكلب الأسود س: سمعت من أحد العلماء أن هناك ثلاثة أشياء تبطل الصلاة وهي: مرور الكلب الأسود أمام المصلي، ومرور المرأة الحائض، وأيضا الحمار، فهل هذا الكلام صحيح، مع الدليل إذا كان صحيحا (1)؟ ج: نعم صحيح، روى مسلم في صحيحه رحمه الله عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود (2)» وفي لفظ آخر: «يقطع الصلاة: المرأة، والحمار، والكلب (3)» أخرجه مسلم في   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (58). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (511). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 337 الصحيح، وأخرجه أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وليس فيه ذكر الأسود، ولكن قاعدة الشرع أن الحديث المطلق يقيد بالمقيد، فقد قال له أبو ذر: يا رسول الله، ما بال الأسود من الأحمر والأصفر؟ قال: «الكلب الأسود شيطان (1)» فبين صلى الله عليه وسلم أنه شيطان جنسه، وأن الأسود شيطان جنس الكلاب، فيقطع الصلاة دون بقية الكلاب، والحمار كذلك مطلقا، وأما المرأة فجاء في حديث ابن عباس عند أبي داود والنسائي بسند جيد تقييدها بالحائض فتكون رواية ابن عباس مقيدة لرواية أبي ذر وأبي هريرة، وأنها المرأة البالغة – يعني التي قد بلغت المحيض – مثل ما في الحديث الآخر، يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة المرأة الحائض إلا بخمار (2)» فالحائض لها شأن، وهي التي قد بلغت الحلم، وصارت محل الشهوة للرجال، فالصغيرة لا تقطع الصلاة، وإنما تقطعها المرأة التامة البالغة التي قد   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (24641) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب المرأة تصلي بغير خمار، برقم (641)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار، برقم (377) وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار برقم (655). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 338 بلغت المحيض، هذه الثلاث تقطع الصلاة، وقد أشكل هذا على عائشة رضي الله عنها، وقالت: «بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب. لقد كنت أعترض بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم على السرير وهو يصلي (1)». وهذا الذي قالته رضي الله عنها حسب اجتهادها مع كونها من أفقه النساء، ولكن يخفى عليها أشياء، وهذا مما خفي عليها، فإن كونها على السرير كونها مضجعة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمرور: المرور هو الذي يقطع، أما كونها مضجعة أمام المصلي أو جالسة أمام المصلي هذا ليس بمرور ولا يقطع الصلاة، وإنما الذي يقطع هو المرور، فعائشة رضي الله عنها خفي عليها هذا الأمر، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم مقدم عليها، وعلى غيرها، هو المشرع والمعلم عليه الصلاة والسلام، فالواجب طاعة أمره واتباع شريعته، وإفهام النساء وغير النساء مراده عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب من قال لا يقطع الصلاة شيء، برقم (484)، مسلم، كتاب الصلاة، باب الاعتراض بين يدي المصلي، برقم (794)، والنسائي كتاب الطهارة، برقم (166)، وأبو داود، كتاب الصلاة، برقم (610)، وأحمد، في باقي مسند الأنصار برقم (24985)، والدارمي، كتاب الصلاة، برقم (1377). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 339 156 - مسألة في عدم الفرق بين المحارم وغيرهم في قطع مرور المرأة للصلاة س: هل هناك فرق بين المرأة إذا مرت أمام محرمها، أو إذا مرت المرأة أمام رجل يصلي وهو من غير محارمها (1)؟   (1) السؤال الخامس عشر من الشرط رقم (58). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 339 ج: لا فرق في ذلك إذا مرت المرأة بين يدي المصلي سواء كان المصلي محرما لها أو أجنبيا أو امرأة أيضا، حتى ولو كانت امرأة، إذا مر الحمار والمرأة والكلب بين يدي المصلي، رجلا أو امرأة، قريبا أو بعيدا، زوجا أو غير زوج كلهم، فالحديث عام يعم الجميع. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 340 157 - بيان حكم قطع المرأة للصلاة إذا مرت أمام المصلي في الحرم س: من المعلوم أن المرأة البالغة إذا مرت أمام المصلي وهو في صلاته أنها تقطع الصلاة، لكن ما هو الحكم إذا وقع ذلك في الحرم سواء كان في الحرم المكي أو الحرم المدني؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا وقع ذلك في الحرم المكي فإنها لا تقطع، وهذه خصوصية للحرم، قد جاء في الأدلة ما يدل على ذلك، ومن أسباب ذلك أنه في الغالب مظنة الزحام، وعدم القدرة على رد المار، ومن رحمة الله جل وعلا أن أسقط هذا الحكم في ذلك، ويلحق بذلك الزحام الشديد في أي مكان، سواء كان في الحرم المدني، أو غيره إذا كان زحاما شديدا لا يستطيع المصلي أن يمنع المار، فإن الحكم واحد في هذا، وهذا هو الصواب؛ لأنه   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (284). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 340 عاجز، ولا يستطيع منع المار بين يديه، أما إذا كان هناك قدرة، ولكنه فرط وتساهل فإن المرأة البالغة تقطع إذا كانت قريبة منه، والحمار، والكلب الأسود، ثلاثة، هكذا جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود (1)» - وفي رواية أخرى: «الحائض (2)» أما إذا كان بين يديه مثل مؤخرة الرحل، ذراع أو حول الذراع، منتصب أو جدار أو سارية أو كرسي أو نحو ذلك، ومرت من ورائه لا تقطع، أو بعيدا عن موضع قدمه أكثر من ثلاثة أذرع هذا لا يقطع؛ لأن الرسول قال: «بين يديه (3)» والذي قدامه بعيد أكثر من ثلاثة أذرع، ليس بين يديه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (2) أخرجه أحمد في مسند بني هاشم، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، برقم (3231) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، برقم (703) والنسائي في المجتبى في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة، برقم (751)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقطع الصلاة برقم (949). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 341 158 - حكم مرور المرأة من خلف سترة المصلي س: لقد استمعت إلى الحلقة المقدمة من هذا البرنامج حيث تكرم فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز بالإجابة على أسئلة المستمعين، وكان من ضمن إجاباته عن أحد الأسئلة عن مرور الكلب الجزء: 9 ¦ الصفحة: 341 الأسود والمرأة من أمام المصلي، ثم ذكر أن ذلك يقطع الصلاة، أرجو منكم التكرم بسؤال فضيلة الشيخ بطبيعة هذا المرور، هل إذا صلى الرجل واضعا سترة أمامه، ومرت المرأة من خلف السترة هل يجب عليه أن يعيد الصلاة؟ ثم ما حكم مرور النساء أمام الرجال في أوقات الزحام ولا سيما في الحرمين؟ أرجو التفضل بالإجابة ولكم الشكر (1) ج: قد سبق في هذا البرنامج غير مرة بيان حكم المرور بين يدي المصلي، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (2)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وخرج معناه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، لكن بدون ذكر الأسود، وأخرجه أيضا أبو داود والنسائي وجماعة من حديث ابن عباس مرفوعا، وذكر فيه قيد «المرأة (3)» بالحائض فتلخص من هذه الأحاديث   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (61). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 342 وما جاء في معناها أن الذي يقطع الصلاة واحد من هذه الثلاثة: المرأة البالغة وهي التي حاضت، وهي التي بلغت الحلم بخلاف الصغيرة، والحمار مطلقا بجميع أنواعه، وهو الحمار الأهلي الذي يستعمله الناس سابقا في جذب الماء والركوب والتحميل، والثالث الكلب الأسود، قيل: يا رسول الله، ما بال الأحمر والأصفر من الأسود؟ قال: «إن الكلب الأسود شيطان (1)» فدل هذا على أن ذلك مختص بهذه الثلاث، وأنها إذا مرت بين المصلي وبين سترته قطعت عليه صلاته سواء كان نافلة أو فريضة، إذا كان مرورها بين الرجل أو المرأة وبين السترة، وأما إذا كان مرورها وراء السترة من أمامها من جهة القبلة فإنها لا تقطع، إذا مرت هذه الثلاثة أمام السترة فإنها لا تقطع، وإنما تقطع إذا كانت بينه وبين السترة من داخل فإنها تقطع عليه صلاته، وهكذا لو مرت بعيدة إذا كان ما عنده سترة، مرت بعيدة عنه فوق ثلاثة أذرع من قدمه فإنها لا تقطع وإنما تقطع في حدود ثلاثة أذرع فأقل من قدم المصلي إذا لم يكن لديه سترة، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم، وفي المسألة خلاف لبعض أهل العلم يقول: إنها لا تقطع إنما تقطع الكمال فقط، والصلاة   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 343 صحيحة لكنه قول ضعيف، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم واضح في أنها تقطع، والأصل أنها تقطع – أي تبطل – هذا هو الصواب، وهذا هو المعتمد، أما في حال الزحام الذي لا حيلة للمصلي كما يقع في المسجد الحرام فإنها لا تقطع مرور المرأة في المسجد الحرام بين الناس في المطاف وغيره، لا تقطع عند عامة أهل العلم، وحكاه بعض أهل العلم إجماعا؛ لأن التحرز من ذلك فيه صعوبة، وغير ممكن في الأغلب، وهذا من رحمة الله عز وجل أن مرور النساء في المسجد الحرام وفي المطاف أو في غيره لا يقطع، هذا هو الصواب، وقد حكاه بعض أهل العلم إجماعا، والحكمة في ذلك واضحة، وهي أن التحرز من ذلك متعسر أو متعذر، فمن رحمة الله أن رفع هذا الحكم، وقد جاء في بعض الأحاديث التي فيها بعض المقال، وفعل بعض الصحابة ذلك، أن ابن الزبير يصلي والنساء أمامه في المطاف ولا يتأثر بذلك، لعلمه بأنهن لا يقطعن، والله ولي التوفيق. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 344 159 - حكم مرور الكلب غير الأسود أمام المصلي س: السائل أ. ع. من الرياض يقول في سؤاله: إذا صلى شخص في البر أو الصحراء ومر من أمامه كلب لكنه ليس بأسود اللون بل الجزء: 9 ¦ الصفحة: 344 أي لون آخر، فهل في هذه الحالة تبطل الصلاة أم لا (1)؟ ج: لا تبطل إلا بالكلب الأسود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:. . . «فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل: يا رسول الله، ما بال الأسود من غيره؟ قال: لأنه شيطان (2)» لكن لا يدعه يمر، يمنعه من المرور إذا تيسر حتى لا يمر بين يديه، إذا تيسر يتقدم حتى يمر من خلفه حتى لا يقطع صلاته، ولا يدع الشيء يمر من غير الثلاثة، كالرجل أو الكلب غير الأسود، لا يدع شيئا يمر، إذا تيسر يمنع المار لأنه يشوش عليه صلاته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس وأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (3)» المقصود أن الإنسان إذا صلى إلى شيء المشروع له أن لا يدع أحدا يمر بين يديه مطلقا، لكن إذا مر بين يديه أحد الثلاثة: الكلب الأسود، أو الحمار، أو امرأة بالغة، قطعوا صلاته إلا إذا كانوا بعيدا أو من وراء السترة أكثر من ثلاثة أذرع فإنه لا يقطع.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (386). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 345 س: هل بينت الحكمة كما بينت في الكلب سماحة الشيخ؟ لعلنا نبحث هذا الموضوع لا سيما أن الكثيرين يسألون عنه (1)؟ ج: ما أذكر شيئا في هذا، والقاعدة التي عليها أهل العلم تلقي ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم بصدر منشرح بصدر رحب سواء علمنا الحكمة أم لم نعلم الحكمة؛ لأننا نقطع ونجزم أن ربنا حكيم عليم، وأنه لا يأمر إلا لحكمة، ولا ينهى إلا عن حكمة، فقد تظهر للمؤمن وتظهر لطالب العلم، وقد تخفى، وقد يخفى بعضها ويظهر بعضها، فمن ظهرت له الحكمة فهذا نور على نور، فضل من الله، وإن لم تظهر الحكمة فليس له أن يعترض بل عليه أن يتبع وأن يلتزم بأمر الله، ولا يقول: وما الحكمة؟ فهذه الصلاة الآن الظهر أربع، والعشاء أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، والفجر ركعتان، وقد يتنازع الناس في الحكمة، ما هي الحكمة في هذا؟ وربك هو الحكيم العليم سبحانه وتعالى، وإذا قال أحد: إن الظهر أو العصر أو العشاء وقت مناسب للطول فقد يقول آخر: الفجر أنشط وأقوى في حق من نام مبكرا، فهو أنشط على أن يصلي أربعا الفجر، وأنشط أن يصلي صلاة المغرب ثلاثا   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (58). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 346 إذا كان مستريحا العصر أو مستريحا الظهر والعصر، فالحاصل أن هذا لا ينبغي أن يعترض به، بل علينا التسليم والانقياد، وطاعة الله ورسوله في ذلك، وهكذا في الصيام، قد يقول قائل: ما الحكمة في جعل صيام رمضان ثلاثين يوما في الشتاء والصيف، في الشتاء برد ولا فيه مشقة، في القيظ فيه مشقة، لو جعل في القيظ خمس عشرة وفي الشتاء ثلاثين، كل هذه تخرصات، ليس للعبد أن يقولها، بل عليه أن يرضى ويسلم، ويقبل شرع الله، وهكذا في الحج قد يقع في وقت الشتاء، وقد يقع في وقت الصيف، وفيه مشاق، ومع هذا الله نظمه في وقت معين سبحانه وتعالى، فعلينا أن نتبع ونسلم لأمر الله، ونخضع لحكمه سبحانه، وإذا تبين لنا شيء من الحكم فهذا فضل منه سبحانه وتعالى. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 347 160 - حكم مد اليد أمام المصلي للسلام على من بجواره س: السائل عبد الله أ. أ. يقول: أصلي النافلة أحيانا، ويحدث أن يسلم الرجل الجالس عن يميني على الرجل الجالس على يساري وأنا في صلاتي، فهل يقطع ذلك الصلاة (1)؟   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (409). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 347 ج: لا يضر، لا، هذا في المرور، أما كونه يمد يده لأخيه والآخر يمد يده لا يضر، لا حرج في هذا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 348 س: مستمعة تسأل وتقول: عندما أقوم للصلاة تأتي بنتي عمرها ثلاث سنوات، وأخوها وعمره سنة ونصف، ويقومون بحركات الأطفال المعتادة، فكيف أتصرف معهم، وهل صلاتي صحيحة عندما يمرون من أمامي ومن حولي (1)؟ ج: الصلاة صحيحة، وإذا تيسر منع الأطفال فهو المطلوب، هو المشروع، إذا المشروع أن تمنع أن يمر أحدهم بين يديك، سواء كان طفلا أو بهيمة أو غير ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (2)» المقصود إذا تيسر منع الطفل أو الدابة فعليك أن تمنع ذلك حسب طاقتك، وإذا غلبك أولئك فلا حرج عليك إلا أن يكون المار امرأة أو حمارا أو كلبا أسود فإنه يقطع الصلاة هذه الثلاث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يقطع صلاة المرء المسلم إذا   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (297). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 348 لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل: المرأة، والحمار، والكلب الأسود (1)» رواه مسلم في الصحيح، أما غير هذه الثلاث فلا يقطع، لكن ينقص الأجر، إذا مر رجل ينقص الأجر، أو مر طفل ينقص الأجر إذا لم تمنعه وأنت تستطيع، أو دابة غير الكلب الأسود ينقص الأجر، لكن لا يقطع إلا هذه الثلاث، هي التي تقطع الصلاة: المرأة إن كانت تامة، والحمار، والكلب الأسود، أما الطفلة دون البلوغ فلا تقطع الصلاة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 349 س: السائلة تقول: عندما أقف للصلاة يقف أولادي الصغار أمامي وأنا أصلي، هل تبطل صلاتي وهم صغار سنتين وثلاثة أشهر تقريبا (1)؟ ج: لا، لا حرج عليك، لا تبطل صلاتك ولكن تؤخرينهم تفرقينهم عن أمامك؛ يعني تشيرين إليهم أن يتأخروا عنك حتى لا يشوشوا عليك وإلا صلاتك صحيحة، إذا وقف الأطفال الصغار أمامك لا يضرك لكن فرقيهم أو دعي من يفرقهم من أخواتهم الكبيرات أو إخوانهم الكبار أو غيرهم ممن عندك في البيت يلاحظونهم حتى يؤخروهم عنك حتى   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (366). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 349 يزيلوهم عن قبلتك حتى لا يشوشوا عليك صلاتك، والصلاة صحيحة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 350 161 - حكم استعمال السواك خلال الوقوف للصلاة س: الأخ أ. ح. أ، من الطائف، مستشفى الملك فيصل، يقول: لاحظت بعض الإخوة المصلين يستعملون السواك خلال وقوفهم للصلوات، ما حكم التسوك في مثل هذا الموضع؟ أليس من المستحب التسوك قبل الصلاة وقبل الوضوء (1)؟ ج: يستحب السواك عند الوضوء عند المضمضة، ويستحب السواك أيضا عند الدخول في الصلاة قبل أن يكبر للإحرام يستاك ثم يكبر، سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء (2)» وفي اللفظ الآخر: «مع كل صلاة (3)» فدل ذلك على أنه يستحب السواك عند   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (170). (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7364) ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك برقم (148). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة برقم (887) ومسلم في كتاب الصلاة، باب السواك برقم (252). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 350 الوضوء وعند الصلاة فرضا ونفلا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 351 162. حكم استعمال السواك مع خروج دم حول الأسنان س: يقول السائل: إنني أستعمل السواك عند كل صلاة لكن ألاحظ أنه يخرج من أسناني دم في بعض الأحيان، هل يؤثر ذلك على الوضوء والصلاة؟ (1) ج: السواك سنة وقربة للرجال والنساء جميعا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب (2)» رواه النسائي. ويقول صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة (3)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء (4)» وتقول عائشة رضي الله عنها:   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (315). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (23683)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب السواك، برقم (289). (3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7364) ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك برقم (148). (4) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7364) ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك برقم (148). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 351 «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المنزل بدأ بالسواك (1)» عليه الصلاة والسلام، فالسواك سنة دائما وسنة عند الوضوء، وعند الصلاة، ونوصي الجميع باستعماله، هو من الأراك أطيب من غيره، ويختار من السواك اللين الذي لا يتفتت ويتقطع في فمه، ويحرص على النوع الطيب، فيدلك به الأسنان، وهو لا يتفتت، هذا هو السواك الطيب، وإن خرج شيء من الدم من الأسنان أو غيره لا يضر، الشيء اليسير يعفى عنه، فإن كان كثيرا يتمضمض ويغسل ما خرج، أما إن كان قليلا فالقليل يعفى عنه، فقد يقع هذا، والحمد لله. وإذا كان كثيرا جدا يعيد الوضوء، هذا أحوط، فيه اختلاف بين العلماء، وتعريف القليل: هو القليل عرفا، يعفى عنه، أما الذي يعده في نفسه كثيرا فإنه يتمضمض منه، ويتوضأ إن تيسر احتياطا خروجا من الخلاف بين العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يربيك (2)» وقوله: «ومن اتقى   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (253). (2) أخرجه في مسند أهل البيت، من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما، برقم (278119)، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، برقم (2518)، والنسائي في كتاب الأشربة، باب الحث على ترك الشبهات، برقم (571). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 352 الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه (1)» لأن العلماء يقولون: إذا خرج الدم الكثير فإنه ينتقض الوضوء. ويحتجون بحديث المستحاضة التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «توضئي لكل صلاة (2)» لكن حديث المستحاضة في خروج الدم من الفرج، وهذا بلا خلاف، لكن الخلاف إذا خرج الدم من الرجل، من الرأس، من الفم، هذا محل الخلاف، من توضأ فهذا أحوط إذا كان الدم كثيرا ومن لم يتوضأ فنرجو أن طهوره صحيح، وإذا توضأ فهو أحوط وأحسن، أما الشيء اليسير، جرح يسير أو من الأسنان أو من الأنف هذا يسير يعفى عنه، والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (2599). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 353 163. حكم الصلاة بالنعال س: يقول الله تعالى مخاطبا نبيه موسى عليه السلام {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى} (1) هل الأمر هنا تعظيم لله أم تعظيم للوادي المقدس؟ فإذا كان تعظيما لله فكيف يجوز   (1) سورة طه الآية 12 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 353 للمسلم أن يقف في الصلاة بين يدي ربه وهو لابس نعليه؟ (1) ج: هذا شيء يتعلق بشريعة موسى حين أمره الله أن يخلع نعليه، ظاهره أن الوادي المقدس لا يطؤه بنعليه، ويحتمل أنهما نعلان فيهما شيء من القذر أو لأسباب أخرى، وقد أمر الله سبحانه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يخلع نعليه في الصلاة، فقد جاء جبرائيل وقد صف في الصلاة فكبر، فأمره أن يخلع نعليه، فخلعهما، فلما سلم قال للصحابة: «إن جبرائيل أتاني أخبرني أن فيهما قذرا أو قال أذى فألقيتهما، فإذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر في نعليه، فإن رأى فيهما قذرا -أو قال أذى- فليمسحهما، وليصل فيهما (2)» وكان يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام، فشريعة موسى تخصه وليست شريعة لنا، قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (3) أما شريعتنا فإنها تبيح لنا الصلاة في النعلين والخفين كما صلى فيهما النبي صلى الله عليه وسلم، بل ذلك   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (53). (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11467)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (650). (3) سورة المائدة الآية 48 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 354 سنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا اليهود؛ فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم (1)» فالسنة لنا أن نخالف اليهود في ذلك، وأن نتبع محمدا صلى الله عليه وسلم في ذلك، وكان يصلي في نعليه، ولهذا يشرع لنا أن نصلي في نعلينا وخفينا إذا كانا نظيفين، فعلى المسلم عند إتيان المسجد أن يلاحظ نعليه وخفيه حتى لا يدخل بهما وبهما قذر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبره جبرائيل فخلعهما، وإذا كانا نظيفين وليس بهما شيء فلا حرج أن يصلي فيهما في المسجد، إذا كان حصباء أو ترابا، أما إذا كان مفروشا فلا بأس، لكن إذا خلعهما احتياطا لئلا يكون فيهما تراب كثير يوسخ المسجد أو يكدر المصلين فهذا حسن، وليس بلازم، وأما الخفان فلا، إذا كان قد مسح عليهما لا يخلعهما، يصلي فيهما؛ لأنه إذا خلعهما بطل الوضوء، فإذا كان عليه خفان قد مسح عليهما للطهارة فلا يخلعهما بل يصلي فيهما، لكن لا يدخل حتى ينظر فيهما ويزيل ما بهما من أذى إن كان هناك أذى حتى لا يدخل بهما إلا وهما نظيفان، أما النعل فأمرها أسهل، فيمكن خلعها   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (652)، وابن حبان في صححيه في كتاب الصلاة، باب الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال؛ إذ أهل الكتاب لا يفعلونه، برقم (2186). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 355 لأن النعل لا يمسح عليها، فإذا جاء على الطهارة وعليه نعلان إن شاء خلعهما في المساجد المفروشة، وإن شاء تركهما، وإن خلعهما من أجل مراعاة الناس لئلا يستنكروا منه، أو لئلا يتكلموا عليه أو لئلا يكون فيهما تراب يوسخ الفرش من باب التحري في الخير، ومن باب البعد عن التشويش فذاك حسن، وإلا فالأصل مع من قال بالصلاة بهما ولو كان المسجد مفروشا، إذا كانت النعلان نظيفتين فلا بأس بذلك؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولقوله عليه السلام ولكن مراعاة للناس اليوم في المساجد المفروشة، إذا راعى الناس وخلعهما خوفا أن يكون هناك تراب أو أوساخ ما فطن لها أو أن الناس يستنكرون منه ذلك، وربما تكلموا عليه وجهلوه جهلا منهم، فاتقى القالة وجعلهما في مكان آخر فهذا لا بأس به إن شاء الله مراعاة لأمور الناس اليوم، واتقاء لما يقع من بعضهم من الجهل والكلام الذي لا يناسب، والله أعلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 356 164. حكم الصلاة في النعال والخفاف في المساجد المفروشة س: لدي إشكال حول موضوع الصلاة في الحذاء سماحة الشيخ، وأرجو التوجيه لو تكرمتم. (1)   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (170). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 356 ج: الصلاة في الحذاء مشروعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه كما في الصحيحين عن أنس قال: كان النبي يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام، فإذا صلى في نعليه وهما نظيفتان لا حرج في ذلك، وقد صلى ذات يوم عليه الصلاة والسلام في نعليه، فجاءه جبرائيل وأخبره أن بهما قذرا فخلعهما، فخلع الناس نعالهم، فلما سلم سألهم: لماذا خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا. فقال: «إن جبريل أتاني فقال: إن بهما قذرا. فخلعتهما، فإذا جاء أحدكم المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه أذى فليمسحه، ثم يصل فيهما (1)» وفي لفظ آخر: (فليقلب نعليه)، فإن رأى فيهما أذى فليمسحه، ثم يصل فيهما) وهو حديث صحيح، ويدل على أن الأفضل الصلاة في النعال والخفاف، وهكذا حديث: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم (2)» وهو يدل على شرعية الصلاة في النعال، لكن إذا كان المسجد مفروشا ويخشى أن يقذره، لأن بعض الناس لا يبالي ولا ينظر في نعليه، فإذا خلعهما وصلى حافيا حتى لا يوسخ الفرش، وحتى لا   (1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين مسند أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه برقم 11467. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (652)، وابن حبان في صححيه في كتاب الصلاة، باب الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال؛ إذ أهل الكتاب لا يفعلونه، برقم (2186). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 357 ينفر الناس من الصلاة في المسجد فهذا لعله أحسن إن شاء الله من باب رعاية المصالح، وعدم تنفير الناس من المساجد، ونظرا إلى أن أكثر الناس إلا من شاء ربك لا يهتم بالنعلين ولا يحرص على سلامتهما، فإذا جعل نعليه في مكان خاص حتى يصلي أو جعلهما بين رجليه حتى يصلي فلا بأس بذلك، ولعل هذا أصلح إن شاء الله حرصا على سلامة المساجد وحرصا أيضا على عدم تنفير المصلين، فإن كثيرا من الناس قد ينفر من المساجد إذا رآها توطأ بالنعال، لأن الفرش تتأثر بأقل شيء بخلاف ما لو كان المسجد من الحصباء والرمل، فإنه لا يتأثر كثيرا، والأمر واسع كما كان الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة رضي الله عنهم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 358 س: يقول السائل: رأيت في جريدة اللواء الإسلامي أنه يمكن الصلاة بالنعلين علما بأن الإنسان يمكن أن يمر ويقف على الأوساخ والنجاسات، فما رأيكم؟ جزاكم الله خيرا حول هذا الموضوع. (1) ج: قد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يصلي في نعليه، وصلى مرة فجاءه جبرائيل فأخبره أن بهما قذرا، فخلعهما   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (120). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 358 وجعلهما في يساره، واستمر في صلاته عليه الصلاة والسلام، فلما سلم قال للناس؛ لأن الناس لما رأوه خلع خلعوا، قال: (لماذا خلعتم نعالكم؟) قالوا: يا رسول الله، رأيناك خلعت نعليك فخلعنا. فقال: «إن جبرائيل أتاني أخبرني بأن فيهما قذرا، أو قال أذى فألقيتهما، فإذا جاء أحدكم المسجد فلينظر في نعليه فإن رأى فيهما قذرا أو قال أذى فليمسحهما وليصل فيهما (1)» فهذا هو الدليل وما جاء في معناه على شرعية الصلاة في النعلين، وأنهما يصلى فيهما إذا كانتا نظيفتين، فالواجب على المؤمن إذا أراد دخول المسجد وعليه النعلان فلينظر فيهما، ويتأكد من سلامتهما من الأذى، فإذا كانتا سليمتين من الأذى صلى فيهما، بل يشرع الصلاة فيهما كما صلى فيهما النبي صلى الله عليه وسلم، وكان المسجد في عهده صلى الله عليه وسلم من الرمل والحصى، وليس مفروشا، أما الآن بعدما فرشت المساجد وصارت بها الفرش التي تتأثر بالنعال، وما يكون فيها من التراب، وربما قذر ذلك على المصلين ونفرهم من الصلاة فيها فالأولى فيما نعتقد أن يخلعهما، ويجعلهما في مكان حتى يصلي، حتى لا يتأثر بذلك المصلون، وحتى لا تتأثر الفرش   (1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين مسند أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه برقم 11467. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 359 التي في المساجد، وهذا من باب ترك المستحب خوفا مما هو أشد من ذلك، فالصلاة فيهما مستحبة في أرجح القولين إذا كانتا نظيفتين، لكن قد يترتب على الصلاة فيهما مع الفرش ما هو أشد من ذلك وما هو أخطر من ذلك وهو تقذير الفرش، وتنفير المصلين لا سيما وأكثر الناس لا يبالي بالنعلين ولا يتفقدهما ولا يعتني بهما، أكثر الناس والعامة لا يعتنون بهذا الأمر، وإذا رأوا زيدا وعمرا دخل بنعليه دخلوا ولم يبالوا، فأفضى هذا إلى شر كثير، وقاعدة الشرع المطهر سد الذرائع، فالذي نوصي به هو عدم الصلاة فيهما، في المساجد التي فيها فرش؛ لأنها قد تتقذر بذلك، ولأن أكثر الناس لا يبالي بنعليه وبما فيهما من الأذى، ولهذا قد يسبب مشكلات كثيرة، وتقذيرا للفرش وتنفيرا للمصلين من الصلاة في الجماعة، وهذا أمر لا يحبه الله ولا يرضاه من المؤمن. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 360 س: هل تجوز الصلاة في الأحذية؟ أجلكم الله. (1) ج: نعم، بل مستحبة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام، وأمر بالصلاة في النعلين، وأمر بمخالفة اليهود، قال: «فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم (2)» لكن بعد   (1) السؤال التاسع من الشريط في ص (286). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (652)، وابن حبان في صححيه في كتاب الصلاة، باب الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال؛ إذ أهل الكتاب لا يفعلونه، برقم (2186). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 360 أن ينظر فيها قبل الدخول في المسجد حتى تكون سليمة ليس فيها أذى، فإذا كانت سليمة ليس فيها أذى فالأمر بالصلاة فيها، لكن بالنظر إلى المساجد التي فرشت بالفرش قد يكون فيها شيء من الأوساخ أو شيء يؤذي المصلين، فالأولى أن تجعل في مكان آخر عند الباب حتى لا يتأذى بها الناس، وما يكون فيها من أوساخ وأتربة ونحو ذلك؛ مراعاة للمصلين وللفرش التي وضعت في المساجد حتى لا يحصل بها تقزيز ولا يحصل للمصلين تنفير لهم من الصلاة في الجماعة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 361 س: ألاحظ أن بعض الناس يصلون بأحذيتهم وبعض المحدثين يقولون: إن صلاتهم باطلة. فما هو توجيهكم للطرفين؟ جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم. (1) ج: الصلاة في الحذاء لا تبطل الصلاة بل هي مستحبة؛ فقد «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه، ولما خلع الصحابة في بعض الأيام نعالهم قال: ما لكم خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك. قال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا أو قال: أذى فألقيتهما، فإذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر في نعليه، فإن رأى فيهما   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (294). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 361 قذرا أو قال أذى فليمسحهما، ويصل فيهما (1)» فالصلاة في النعلين ليس فيها بأس بل هي مستحبة، والذي يقول: إنه لا تصح الصلاة في النعلين. فهو قول بجهل, لا وجه لقولهم إذا كانت النعلان طاهرتين، ليس فيهما بأس، ولكن تركهما إذا كانت المساجد مفروشة، والناس يتقذرون من دخوله بنعليه فإنه يجعلها عند الباب أو في محل آخر ويصلي حافيا حتى لا يقذر عليهم فرشهم، وحتى لا يقع بينه وبينهم شيء، أما إذا كانت المساجد لا تتأثر بذلك لكونها رملية أو بالحصباء فهو ينظر في نعليه، ويعتني بنعليه، لتكون نظيفة سليمة عند دخول المسجد، فالصلاة فيها أفضل، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم (2)» لكن في بعض الأحيان يصلي حافيا عليه الصلاة والسلام، فالأمر واسع.   (1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين مسند أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه برقم 11467. (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (652)، وابن حبان في صححيه في كتاب الصلاة، باب الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال؛ إذ أهل الكتاب لا يفعلونه، برقم (2186). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 362 س: دار جدال بيننا وبين جماعة حول الصلاة في الحذاء، فالبعض يقول: إن الأمر جائز. وبعضهم يقول غير ذلك، وجهونا جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (272). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 362 ج: الصلاة في الحذاء سنة، كان النبي يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام وفي خفيه، فالصلاة في الخفين وفي النعلين الطاهرتين سنة، كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ويقول عليه الصلاة والسلام: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم (1)» فالمقصود أنها سنة، كان يصلي بنعليه عليه الصلاة والسلام، لكن على المؤمن إذا قرب من المسجد أن ينظر في نعليه أو خفيه، فإن كان فيهما أذى أزال الأذى ثم دخل، وليس له التساهل في هذا، بل يجب عليه أن ينظر في نعليه أو خفيه حتى يزيل ما بهما من أذى، ثم يصلي فيهما حتى لا يقذر المسجد، ولا يقذر ثيابه، ولما فرشت المساجد الآن فالأفضل خلع النعلين عند الباب، أو في أي مكان لئلا يقذرها بالأتربة أو ببعض الأوساخ التي تساهل فيها الناس؛ لأن أغلب الخلق لا يعتمد عليه ولا يبالي، والناس الآن يتقذرون من أقل شيء، فالذي أنصح به في مثل هذا من أجل تغير الأحوال ووجود الفرش أنه يخلعهما ويجعلهما في مكان حتى يصلي؛ حتى لا يقذر ولا يوسخ الفرش، وحتى لا ينفر الناس من الصلاة بهما.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (652)، وابن حبان في صححيه في كتاب الصلاة، باب الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال؛ إذ أهل الكتاب لا يفعلونه، برقم (2186). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 363 باب سجود السهو 165. حكم سجود السهو س: هل سجود السهو واجب أم سنة؟ (1) ج: سجود السهو واجب؛ لأن الرسول أمر بذلك، وإذا كان عن ترك واجب، أو فعل محظور سهوا وجب، كما لو ترك التشهد الأول، أو جلس في الرابعة فنبه وقام ليكمل، أو زاد ثالثة في الفجر، أو رابعة في المغرب، أو خامسة في العشاء ونحوها فإنه يسجد للسهو وجوبا.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (183). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 365 166. بيان أنواع سجود السهو س: ما حكم السهو في الصلاة؟ (1) ج: السهو في الصلاة يقع من الناس، حتى من الأنبياء، ولكن النبي   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (162). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 365 بين صلى الله عليه وسلم حكم السهو، وهو أقسام وأنواع، فإذا سها المصلي عن التشهد الأول، أو عن التكبيرات؛ بعض التكبيرات التي غير التكبيرة الأولى، غير تكبيرة الإحرام، تكبيرة الركوع أو السجود أو نحو ذلك يسجد للسهو قبل أن يسلم، والحمد لله، إذا كان إماما أو منفردا. أما المأموم فلا يسجد، بل هو تابع لإمامه، أما إن كان السهو لشك، بأن شك الرجل أو المرأة وهو إمام أو منفرد، هل صلى ثنتين أو ثلاثا من الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء فيجعلها ثنتين، يعمل باليقين يعنى الأقل، ثم يكمل ويسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم، فإذا شك في الظهر أو العصر أو العشاء: هل صلى ثلاثا أو أربعا تردد يجعلها ثلاثا، يحتاط، يبني على الأقل ثم يأتي بالرابعة، فإذا فرغ سجد سجدتين قبل أن يسلم، هذا هو المشروع، وإذا نسي التشهد الأول قام إلى الثالثة، ما تشهد التشهد الأول ناسيا وهو إمام أو منفرد سجد للسهو بعد الفراغ قبل أن يسلم، وإن كان مأموما فليس عليه سجود، بل هو متابع لإمامه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 366 167. بيان الأفضل في غالب أنواع السهو س: ما هو سجود السهو؟ ومتى يتعين؟ وكيف أداؤه؟ وهل هو قبل الجزء: 9 ¦ الصفحة: 366 السلام؟ أو بعده؟ وكيف أعمل إذا كنت لا أدري هل سجدت سجدتين، أو سجدة، أو قراءة التحيات قبل الصلاة على النبي أو لا؟ وأغلب هذه الأحوال ظنون. (1) ج: سجود السهو لمن يغفل عن واجب، إذا فعل شيئا، أو ترك شيئا سهوا يبطل عمده الصلاة- وجب عليه السجود للسهو؛ لأنه مكمل للصلاة، والنبي أمر بسجود السهو عليه الصلاة والسلام تكميلا للصلاة، إذا ترك مثلا تسبيحة الركوع والسجود ناسيا وجب عليه سجود السهو على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن الصحيح أن هذه التسبيحات واجبة أقلها تسبيحة واحدة، كذلك إذا ترك التشهد الأول ناسيا وجب عليه سجود السهو في الأصح من أقوال العلماء، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، كذلك – مثلا – إذا نسي الركوع وسجد ثم عاد وأتى بالركوع فإنه يكمل صلاته ويسجد للسهو، كذلك إذا نسي ركعة فسلم أو ركعتين فسلم، ثم تنبه أو نبه فإنه يكمل صلاته ويسجد للسهو أيضا، وهذا واجب، والضابط أن كل شيء يبطل عمده الصلاة إذا فعله ساهيا وجب عليه سجود السهو، وهو مخير؛ إن شاء فعله قبل السلام، وإن   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (16). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 367 شاء فعله بعد السلام، إذا كمل التشهد والدعاء شرع له سجود السهو قبل أن يسلم، وإن أخره بعد السلام جاز ذلك، لكن الأفضل في غالب أنواع السهو أن يكون قبل السلام، الأفضل أن يكون قبل السلام، فإن سلم عن نقص ركعتين فأكثر، سلم على ثلاث في الظهر أو العصر أو العشاء، أو سلم عن ثنتين في المغرب، أو عن واحدة في الفجر أو الجمعة، ثم نبه فإنه يقوم ويكمل الصلاة، ويجعل سجوده بعد السلام، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الأفضل، إذا سلم عن نقص ركعتين فأكثر، ثم نبه أو تنبه وكمل صلاته فإن سجوده يكون بعد السلام، سلم ثم يسجد للسهو سجدتين ثم يسلم مرة أخرى هذا هو الفضل، سيما إذا كان سهوه بتسليم عن نقص فالأفضل أن يكون بعد السلام، أما أنواع السهو الأخرى فإنه يكون قبل السلام أفضل؛ مثل: ترك التشهد الأول أو ترك الركوع أو السجود، أو زاد ركعتين في الصلاة، ثم نبه فجلس فإنه يكمل الصلاة، ثم يسجد للسهو قبل أن يسلم، وإن سجد بعد السلام فلا بأس، كذلك مما يكون بعد السلام إذا غلب على ظنه أنه كمل الصلاة، شك هل هي ثلاث أو أربع؟ وغلب على ظنه أنها أربع فبنى على هذا وكمل الصلاة، فإنه يسلم ثم يسجد للسهو بعد ذلك، ثم يسلم؛ لأنه بني على غالب ظنه، وكذلك إذا شك الجزء: 9 ¦ الصفحة: 368 هل سجد سجدة أو سجدتين؟ يجعلها سجدة، ويأتي بسجدة ثانية، ويسجد للسهو قبل السلام، مثل: سجد سجدة وشك هل هي الأولى أو الثانية؟ يجعلها الأولى ويأتي بالسجدة الثانية حتى يتيقن من صلاته، ثم إذا أكمل صلاته يسجد للسهو سجدتين، هذا هو المشروع، وإن أخر سجود السهو بعد السلام فلا حرج في ذلك، لكن في حالين الأفضل بعد السلام، في أحد الحالين: إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر ثم نبه، أو تنبه يكمل صلاته، ويسجد للسهو بعد السلام، الحالة الثانية: إذا بنى على غالب ظنه؛ فعل اليقين فبنى على غالب الظن فإنه لا يجوز له على الصحيح، فإذا بنى على غالب ظنه فإنه يكمل الصلاة ويسلم، ثم يسجد للسهو ثم يسلم، وما عدا هذا السجود فهو قبل السلام، هذا هو الأفضل على ظاهر السنة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 369 168. بيان كيفية سجود السهو س: تقول هذه السائلة: ما كيفية سجود السهو؟ (1) ج: سجود السهو مثل سجود الصلاة سجدتان مثل سجود الصلاة سواء.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (343). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 369 169. موجبات سجود السهو في الصلاة س: رسالة من المستمع: م. ص، من جيزان أبو عريش، أخونا له جمع من القضايا من بينها قضية يقول فيها: ما هي موجبات سجود السهو في الصلاة؟ وأرجو التفصيل في هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا. (1) ج: سجود السهو له أسباب، تارة تكون زيادة في الصلاة، وتارة تكون نقصا، وسجد النبي صلى الله عليه وسلم للسهو في عدة مسائل وقع فيها عليه الصلاة والسلام سهوا، سجد للسهو لما ترك التشهد الأول ناسيا وقام للثالثة، سجد سجدتين قبل أن يسلم وسجد لما سلم عن نقص، سلم من ثنتين ثم نبه وكمل الصلاة، ثم سجد للسهو بعد السلام سجدتين، وسلم من ثلاث فنبه ثم كمل صلاته، وسجد سجدتين للسهو بعد السلام، وزاد خامسة في بعض صلواته الرباعية فنبه بعد السلام وسجد سجدتين، وقال عليه الصلاة والسلام: «إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني (2)» فسجود السهو يكون إما   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (326). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (572). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 370 بنقص وإما بزيادة كما سمعت، فإذا زاد ركعة أو ركوعا أو سجودا ساهيا فإنه ينبه، إذا كان إماما ينبهه المأمومون على سهوه، ويرجع إلى تنبيههم إذا لم يكن عنده يقين فيما فعل وعليه سجود السهو قبل السلام أو بعده، والأفضل قبل السلام في جميع صور السهو، إلا إذا كان سهوه عن نقص ركعة فأكثر فإن سجوده يكون بعد السلام أفضل، وهكذا إذا بنى على غالب ظنه فإنه يسجد للسهو بعد السلام أفضل؛ في حديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، وليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد سجدتين (1)» بعد السلام، وبهذا يعلم أنه يشرع له سجود السهو، بل يجب عليه إذا فعل ما يبطل عمله في الصلاة؛ بزيادة أو نقص إذا فعله ساهيا، فإذا ترك سجدة من السجدات أو ركوعا أو ركعة أو أكثر فإنه ينبه كما تقدم، وعليه أن يرجع إلى الصواب ويكمل صلاته، ويسجد   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 371 للسهو قبل السلام إلا في حالتين؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر فإنه يسجد للسهو بعد السلام. والحال الثاني: إذا بنى على غالب ظنه وأتم الصلاة على غالب ظنه فإنه يكمل، ويسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام، أما إذا شك في صلاته وليس عنده ظن غالب فإنه يبني على اليقين، ثم يسجد سجود السهو سجدتين قبل أن يسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد: إذا شك أحدكم في صلاته فليبن على الأقل، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإذا شك هل صلى ثنتين أو ثلاثا يجعلها ثنتين، وإذا شك هل هي ثلاث أو أربع يجعلها ثلاثا ويكمل، في هذا حديث أبي سعيد: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان (1)» خرجه مسلم في الصحيح. هذا هو المشروع، بل الواجب على المؤمن والمؤمنة عند السهو، إذا شك في صلاته، ولم يكن له غلبة ظن فإنه يبني على اليقين، يعني الأقل،   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (571). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 372 ويكمل صلاته على ذلك احتياطا للصلاة، فإذا شك هل سجد سجدة أو سجدتين؟ يجعلها سجدة، يأتي بالسجدة الثانية ويكمل صلاته، وإذا شك هل صلى ثنتين أو ثلاثا يجعلهما ثنتين ويكمل صلاته؛ لأن هذا هو اليقين، وهذا هو الاحتياط للصلاة، ثم إن كان في صلاة قد شك قبل السلام كبر وسجد سجدتين للسهو مثل سجود الصلاة، سجود السهو مثل سجود الصلاة سواء، يقول فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو فيها مثل سجود الصلاة سواء بسواء، ثم يسلم، أما إذا كان عنده غالب ظن؛ شك هل صلى ثنتين أو ثلاثا لكن الغالب أنها ثلاث يجعلها ثلاثا، ويكمل ويسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام، إلا إذا كان إماما ونبهه المأمومون فإنه يرجع إلى تنبيههم أوثق من ظنه، أما إذا سها عن شيء مستحب ليس بواجب فلا يلزمه سجود السهو، مثل: سها عن رفع اليدين عند الإحرام أو عند الركوع، أو سها وتورك في التشهد الأول، أو سها فافترش في التشهد الأخير في الرباعية أو الثلاثية، كل هذا لا يلزمه سجود السهو؛ لأنه ليس بواجب، وإن سجد فلا بأس في السهو. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 373 س: متى يجب سجود السهو؟ وكيف يكون؟ (1) ج: سجود السهو إذا ترك واجبا، أو فعل محرما سهوا وجب السجود، أما إذا ترك مستحبا فلا يلزمه السجود، لو نسي الاستفتاح، أو نسي الدعاء في السجود، أو نسي رفع اليدين لا يلزمه السجود، إنما السجود إذا ترك واجبا سهوا مثل ترك التشهد الأول، أو قام أو نسي سجدة، ثم أتى بالركعة التي تليها وكمل الصلاة، وزاد ركعة، المقصود إذا كان ترك واجبا سهوا وجب عليه السجود، مثل ترك: سبحان ربي الأعلى. في السجود، سبحان ربي العظيم. في الركوع، ربنا ولك الحمد عند الرفع من الركوع، التكبيرات عند السجود والرفع منه، كل هذا إذا نسيه سجد له في آخر الصلاة قبل أن يسلم أفضل، وهكذا لو ترك التشهد الأول، أما إذا ترك ركنا مثل السجود في الصلاة، أو مثل الركوع ولم يذكره إلا بعد ذلك قامت الركعة التي بعدها مقام الركعة التي تركها منها، وضاعت عليه الركعة التي ترك سجودها وركوعها، وقامت الركعة التي بعدها مقامها، ثم يأتي بركعة زائدة، إذا كملها سجد للسهو ثم سلم، وهذا واجب أيضا لأن الإنسان قد ينسى الركوع أو   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (352). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 374 ينسى السجود ولا ينبه، ثم يتنبه أو ينبه بعد ذلك، فيأتي بركعة كاملة بدلا من الركعة التي ترك سجودها، أو ركوعها، أما إن نبه في الحال أنه لم يركع وهو هاو للسجود يعد، يقف ثم يركع، أو نبه أنه لم يسجد للثانية يسجد في الحال، إذا نهض ونبه يجلس ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ثم يسجد السجدة الثانية، ويسجد للسهو في آخر الصلاة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 375 س: يقول السائل: حدثونا عن مستوجبات السهو وصفته. (1) ج: سجود السهو مثل سجود الصلاة؛ سجدتان مثل سجود الصلاة، يقول فيهما: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. يدعو مثل سجود الصلاة سواء بسواء، يكبر عند الهوي، ويكبر عند الرفع، يكبر عند السجدة الثانية، ويكبر عند الرفع مثل سجود الصلاة سواء بسواء بالتكبير وبالطمأنينة وبالتسبيح وبالدعاء، الحكم واحد، وهو إذا زاد في الصلاة سهوا أو نقص سهوا، إذا ترك بعض الواجبات سهوا، أو بعض الأركان سهوا وأتى بها، أو زاد ركعة، أو زاد سجودا سهوا، الإمام أو المنفرد يلزمه سجود السهو؛ مثلا: إذا قام لخامسة في الظهر أو العصر، أو قام   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (234). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 375 إلى رابعة في المغرب، أو قام إلى ثالثة في الفجر أو الجمعة، ثم نبهه الناس أو تنبه ورجع- يسجد للسهو، وهكذا لو زاد سجدة ثالثة ناسيا يسجد للسهو، وهكذا لو زاد ركوعا ناسيا يسجد للسهو، وهكذا لو ترك التسبيح: سبحان ربي العظيم. في الركوع أو: سبحان ربي الأعلى. في السجود ناسيا- يسجد للسهو مثل المنفرد، لكن الشيء المستحب لا يجب السجود، لو ترك مثلا: ما سبح إلا مرة أو مرتين ما عليه سجود، وكذلك مثلا: ما قرأ سورة بعد الفاتحة ما يلزمه سجود السهو؛ لأنها سنة مستحبة، وهكذا لو نسي: ربنا ولك الحمد. ولو نسي: رب اغفر لي. بين السجدتين ما يلزمه شيء، إذا كان مأموما ما عليه شيء، لكن إذا كان إماما؛ نسي واجبا يلزمه سجود السهو، مثل لو قال: ربنا ولك الحمد. ونسي أن يكمل حمدا كثير طيبا. أو نسي أن يكرر: رب اغفر لي. قالها مرة لا يلزمه سجود؛ لأنها لا تعتبر واجبا والحمد لله، فالواجب أتى به، ولكن لو نسي الزيادة المستحبة هذا ليس عليه سجود سهو، وهكذا المأموم لو نسي الواجب الذي عليه: رب اغفر لي. أو سبحان ربي الأعلى. أو: سبحان ربي العظيم. وهو مأموم ليس عليه سجود سهو؛ لأنه تبع لإمامه، أما الجميع؛ الإمام والمنفرد والمأموم لو تركوا شيئا مستحبا ليس عليهم شيء، المستحب مثل قراءة سورة زائدة على الجزء: 9 ¦ الصفحة: 376 الفاتحة، هذه مستحبة، ليس عليها سجود سهو، لو ترك الجهر؛ ما جهر بصلاة المغرب والعشاء، نسي الجهر لا يلزمه شيء، أو جهر بالسريات كالظهر والعصر ناسيا لا يلزمه سجود سهو، لأن هذا كله مستحب، فالحاصل أن سجود السهو إنما يلزم إذا ترك واجبا، أو ركنا سهوا، فالواجب يسقط بالسهو وعليه سجود سهو، والركن لا بد أن يأتي به وعليه سجود سهو، لو ترك السجود – مثلا – يأتي بالسجود، يرجع يأتي بالسجود، أو نسي الركوع؛ هوي يرجع يأتي بالركوع وعليه سجود السهو، الركن لا بد منه، يأتي به فإن نسيه بالكلية حتى شرع بالثانية سقطت الركعة الأولى، قامت الأخرى مقامها؛ لأنه أهمل ركنا لا بد منه، أما الواجب تسبيح الركوع أو السجود، ورب اغفر لي بين السجدتين، وقول: ربنا ولك الحمد وسمع الله لمن حمده- كل هذه واجبات، متى تركها سهوا سقطت، الإمام والمنفرد، وهكذا المأموم لو تركها سقطت عنه، لكن الإمام يسجد للسهو والمنفرد يسجد للسهو، والمأموم لا يسجد للسهو إذا ترك واجبا سهوا؛ لأنه تابع لإمامه، لكن الإمام والمنفرد يسجدان للسهو، لو نسي: رب اغفر لي. وسبحان ربي الأعلى في السجود، أو سبحان ربي العظيم في الركوع هذا يسجد للسهو، والإمام والمنفرد كما تقدم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 377 170. حكم سجود السهو وكيفية السلام منه س: ما حكم سجود السهو؟ وما الذي يقال في السجود؟ ومتى يكون السجود قبل السلام؟ ومتى يكون بعد السلام؟ وإذا كان بعد السلام هل يكون السلام يمينا فقط، أم يمينا وشمالا؟ (1) ج: سجود السهو واجب، إذا كان لترك واجب أو لفعل محظور، فإنه يجب عليه أن يسجد للسهو؛ لأن الرسول أمر بذلك وفعله، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» ويقول مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويدعو، ويجوز قبل السلام وبعد السلام، لكن قبل السلام أفضل إلا في حالين: إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة، أو أكثر فإنه يسجد بعد السلام، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام لما سلم عن نقص ركعة، وفي رواية: نقص ركعتين سجد بعد السلام، ويسلم عن يمينه وشماله. وهكذا إذا ما بنى على غالب ظنه سجد بعد السلام، إذا غلب على ظنه أنه صلى ثلاثا وجعلها   (1) السؤال الواحد والعشرون ون الشريط رقم (182). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 378 ثلاثا، غلب على ظنه أنها أربع وجعلها أربعا فإنه يسجد بعد السلام، وهكذا إذا سجد وسلم عن يمينه وشماله في جميع أنواع سجود السهو، يسلم عن يمينه وشماله، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 379 171. كيفية سجود السهو للزيادة أو النقصان س: حدثوني عن سجود السهو في الصلاة بالنسبة للزيادة، وبالنسبة للنقصان في الصلاة. (1) ج: سجود السهو يجوز قبل السلام وبعد السلام في جميع السهو، إن سجد قبل السلام كفى، وإن سجد بعد السلام كفى، لكن الأفضل أن يكون قبل السلام، هذا هو الأفضل إلا في حالتين: إحداهما: إذا بنى على غالب ظنه، إذا شك في ثنتين أو ثلاث هل صلى ثنتين أو ثلاثا، وبنى على غالب ظنه صلى ثنتين، يبني يكمل، أو كان غالب ظنه أنه صلى ثلاثا يكمل، فهذا الأفضل أن يكون سجوده بعد السلام إذا بنى على غالب ظنه. والحال الثانية: إذا سلم عن نقص، سلم عن ثنتين أو لثلاث في الرباعية ساهيا ثم تنبه وكمل فهذا سجود السهو، يكون بعد السلام   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (295). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 379 أفضل، وما سوى ذلك فالسجود قبل السلام أفضل، وبكل حال السجود قبل السلام، أو بعد السلام في جميع الصور كله صحيح، والحمد لله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 380 172. بيان مواضع وجوب سجود السهو س: السائلة: ص. ى. من سوريا تقول: حدثونا عن سجود السهو وسجود التلاوة متى يجب؟ (1) ج: سجود السهو يجب إذا ترك الإمام واجبا سهوا، أو فعل محرما سهوا، يجب سجود السهو؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «هاتان السجدتان لمن لا يدري زاد في صلاته أو نقص فيتحرى الصواب فيتم ما بقي ثم يسجد سجدتين (2)» والسنة للإمام والمنفرد إذا أتى بشيء مما حرم الله في الصلاة ساهيا أن يسجد للسهو؛ كأن يتكلم ساهيا، أو يزيد ركعة ساهيا، أو يزيد سجدة ساهيا يسجد للسهو قبل أن يسلم بعدما يفرغ من التحيات والدعاء، يسجد للسهو. وإن سجدهما بعد السلام فلا بأس، وهكذا لو ترك واجبا ساهيا، ترك قول: سبحان ربي الأعلى في السجود، أو سبحان ربي العظيم في الركوع، أو رب اغفر لي بين   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (414). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب إذا حنث ناسيا في الأيمان، برقم (6671). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 380 السجدتين فإنه يسجد للسهو قبل أن يسلم، أو ترك التشهد الأول ناسيا وقام للثالثة يسجد للسهو قبل أن يسلم، وإن سجد بعد السلام فلا حرج. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 381 س: من الأفلاج السائل: س. ط. يقول: سماحة الشيخ، متى يكون سجود السهو قبل السلام؟ ومتى يكون بعده؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: السجود قبل السلام، هذا هو الأفضل إلا في حالتين: إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة، أو أكثر ثم نبه أو تنبه يكمل الصلاة، ثم يسلم ثم يسجد سجدتين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمران وذي اليدين. الحال الثاني: إذا بنى على غالب ظنه، إذا شك في صلاته وبنى على غالب ظنه، فإنه يسجد للسهو بعد السلام، أما إن بنى على اليقين فإن السجود يكون قبل السلام، لحديث ابن عباس، ولحديث ابن مسعود: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه «إذا شك أحد في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين (2)» بعد السلام، أما إذا بنى على اليقين فإنه يسجد قبل السلام؛ لحديث أبي   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (425). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 381 سعيد: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم (1)» فإذا بنى على اليقين، وطرح الشك فإنه يسجد للسهو قبل السلام، أما إذا بنى على غالب ظنه، شك هل هي ثنتان أو ثلاث، وغلب على ظنه أنها ثلاث يجعلها ثلاثا ويكمل، ويقرأ التحيات ثم يسلم ثم يسجد للسهو؛ لأنه بنى على غالب ظنه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 382 س: تسأل الأخت وتقول: متى يكون سجود السهو قبل السلام؟ ومتى يكون بعده؟ أفتونا مأجورين. (1) ج: السجود للسهو يكون قبل السلام، إلا في حالتين: إحداهما: إذا سلم المصلي عن نقص ركعة، أو أكثر ناسيا فإنه يكمل ثم يسجد للسهو بعد السلام. هذه الحالة الأولى، إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر، ثم تنبه أو نبه فإنه يكمل صلاته، ثم يقرأ التحيات، ويكمل التشهد ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين بعد السلام، هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم عن نقص.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (424). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 382 الحال الثاني: إذا أشكل عليه، وبنى على غالب ظنه في الصلاة، يعني أشكل هل صلى ثلاثا أو أربعا، وغلب على ظنه أنه صلى أربعا فإنه يسلم بعد الفراغ، ثم يسجد للسهو، أو غلب على ظنه أنه صلى ثلاثا يبني على ثلاث، ثم يكمل الصلاة، ثم يسجد للسهو بعد السلام، إذا بنى على غالب ظنه. أما إذا بنى على اليقين، عاملا باليقين فإن السجود يكون قبل السلام. الحاصل أنه في حالتين يسجد بعد السلام؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر فإن السجود يكون بعد السلام أفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. الحال الثانية: إذا بنى على غالب ظنه، ما هو بعلم اليقين، بنى على غالب ظنه فإنه يؤجل سجود السهو حتى يسلم، ثم يسجد للسهو بعد ذلك. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 383 س: حدثونا عن سجود السهو متى يكون قبل السلام؟ ومتى يكون بعده؟ (1) ج: سجود السهو السنة أن يكون قبل السلام؛ لأنه جزء من الصلاة، السنة أن يكون قبل السلام، هذا هو السنة إلا في حالين؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر، ثم نبه أو تنبه فإنه يكمل صلاته ويسلم ثم   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (373). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 383 يسجد للسهو، كما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين، كمل الصلاة ثم سلم ثم سجد للسهو عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وإذا سجد قبل السلام أجزأه، لكن هذا هو الأفضل، إذا سلم عن النقص ركعة أو أكثر ثم نبه أو تنبه، وقضى ما عليه فإنه يتمم الصلاة، ويسلم ثم يسجد للسهو سجدتين، يكبر ويسجد ويرفع ويكبر، وهكذا يكبر عند السجود وعند الرفع وعند السجدة الثانية وعند الرفع ثم يسلم. الحال الثاني: إذا غلب على ظنه يعنى إذا بنى على غالب ظنه، فإنه يكون السجود بعد السلام، هذا هو الأفضل؛ لما ثبت في الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين (1)» هكذا جاء في البخاري، إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد سجدتين، وإذا شك في ثلاث أو أربع أو غلب على ظنه أنها أربع، وأتم على أنه أربع يكون سجوده بعد السلام أفضل، وهكذا في الفجر وفي المغرب إذا بنى على   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 384 غالب ظنه صلى وأتم الركعة التي هو فيها الأولى، أو الثانية في الفجر وغلب على ظنه أنها الثانية فإنه يكمل، ويسجد سجود السهو بعد السلام، وهكذا في المغرب شك بعد الثانية هل هي الثالثة أو الثانية، وغلب على ظنه أنها الثالثة يكمل ويسجد للسهو بعد السلام، المقصود أن سجود السهو إذا كان قد بنى على غالب ظنه يكون بعد السلام في جميع الصلوات الخمس، أما إذا كان عنده التردد وبنى على اليقين، فإن السجود يكون قبل السلام، هذا هو الأفضل، يسجد سجود السهو قبل أن يسلم إذا بنى على اليقين، أما إذا بنى على غالب ظنه فإن الأفضل له سجوده بعد السلام، وإن سجد قبل السلام فلا حرج. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 385 س: السائل من الأردن د. هـ. م. خ. يقول: هل تكون سجدة السهو قبل التسليم في الركعة الأخيرة أم بعده؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: سجود السهو السنة فيه أن يكون قبل التسليم، قبل أن يسلم إلا في حالين: إحداهما: إذا سلم عن نقص، كأن يسلم من ثلاث في الظهر، أو العصر أو العشاء، أو يسلم من ثنتين في المغرب، أو من واحدة في   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (282). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 385 الفجر أو الجمعة، فهذا الأفضل أن يكون بعد التسليم، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام. والحال الثاني: من بنى على غالب ظنه واجتهد فإن الأفضل أن يكون سجوده بعد السلام؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين (1)» بعد السلام، فإذا بنى على أغلب ظنه فإنه يسجد سجدتين بعد السلام لهذا الحديث، ومعنى ذلك أنه إذا شك هل هو في الثالثة أو الرابعة في الظهر، أو العصر أو العشاء، غلب على ظنه أنه في الرابعة فإنه يكمل، ويسجد للسهو بعد السلام، وهكذا في المغرب لو شك هل هو في الثانية أو الثالثة بنى على غلبة ظنه، ولم ينبه فإنه يسجد للسهو بعد السلام، أما إذا كان عنده تردد وليس عنده غلبة ظن فيبني على اليقين، شك هل هو في الثانية أو في الثالثة يكون في الثانية، يبني على أنه في الثانية، وإذا شك هل هو في الثالثة أو الربعة، وليس عنده غلبة ظن فإنه يتبع اليقين، فيجعلها الثالثة ثم يكمل صلاته، ويسجد للسهو قبل السلام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 386 س: متى يكون سجود السهو قبل التسليم، ومتى يكون بعده؟ وما الجزء: 9 ¦ الصفحة: 386 الحكم لو حدث سهو يوجب السجود قبل التسليم، وسهو يوجب السجود بعد التسليم؟ (1) ج: أولا سجود السهو جائز قبله وبعده، هذا أمر واسع بحمد الله سواء سجد قبل التسليم أو بعد التسليم، كله واسع والحمد لله، لكن الأفضل أن يكون قبل التسليم هذا هو الأفضل؛ لأنه جزء من الصلاة، فالأفضل أن يكون قبل التسليم إلا في حالتين: إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر، مثل لو سلم من ثنتين، أو سلم في الرباعية من ثلاث، فتنبه فإنه يكمل ثم يسجد للسهو بعد السلام كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. الحالة الثانية: إذا بنى على غالب ظنه أن الصلاة كاملة يسجد للسهو بعد السلام، أو بنى على غالب ظنه أنها ناقصة، فزاد ركعة على أنها ناقصة، ولم ينبه فإنه يسجد للسهو بعد السلام، هذا هو الأفضل؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (269). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 387 ليسجد سجدتين (1)» فجعل السجود بعد السلام إذا بنى على أغلب ظنه، وما سوى ذلك فإنه يكون قبل السلام، هذا هو الأفضل. ولو سجد قبل السلام لما للأفضلية فيه بعد السلام- أجزأ، ولو أخر سجود ما قبل السلام إلى ما بعد السلام- أجزأ، والأمر واسع بحمد الله؛ لأن الأحاديث كلها تدل على هذا المعنى. ولو اجتمع سهوان أحدهما يقتضي ما قبل السلام، والثاني بعد السلام سجد قبل السلام وكفى، والحمد لله، وإن أخر فلا بأس.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 388 س: يقول هذا السائل: متى يكون سجود السهو بعد السلام؟ ومتى يكون قبله؟ (1) ج: السجود قبل السلام هذا هو الأفضل إلا حالتين؛ إحداهما: إذا بنى على غالب ظنه الأفضل يكون بعد السلام، والحالة الثانية إذا سلم عن نقص ركعة أو ركعتين، ثم تنبه يكمل ثم يسلم، ثم يسجد للسهو هذا هو الأفضل في هاتين الحالتين، وما سوى ذلك يكون قبل السلام.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (418). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 388 س: تسأل الأخت وتقول: هل سجود السهو قبل التسليم أم بعده؟ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 388 وإن كان قبله كما أعلم فهل يقرأ بعده شيئا من التشهد أو يسلم مباشرة؟ (1) ج: السجود يختلف: سجود السهو تارة كذا، وتارة كذا، الأفضل أن يكون قبل السلام، ولا يقرأ بعده شيئا؛ ينهي التشهد والدعاء، وإذا كمل سجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم، هذا في أغلب السهو، ويشرع أن يكون السجود بعد السلام في حالين: إحداهما: إذا سلم عن نقص، سلم عن بعض النقص، ركعة أو ركعتين ثم نبهوه، يكمل ثم يسلم ثم يكون سجوده بعد السلام، هذا أفضل، وإن سجد قبل السلام فلا بأس. والحال الثاني: إذا بنى على غالب ظنه، يعني كمل الصلاة على غالب ظنه فإنه يسجد للسهو بعد السلام، أما إذا شك هل صلاته ناقصة أو كاملة، وغلب على ظنه أنها كاملة ما نقص منها شيء فإن هذه الغلبة توجب عليه سجود السهو، لكن يكون بعد الصلاة أفضل؛ لأنه ورد في حديث ابن مسعود فيمن سها، قال عن النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (258). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 389 «فليتحر الصواب، وليتم عليه، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين (1)» ولما سها وسلم من ركعتين، صلى الله عليه وسلم ونبهه الناس كمل صلاته ثم سلم، ثم سجد للسهو بعد ذلك، وفي واقعة أخرى سلم من ثلاث، فنبه فكمل صلاته ثم سجد للسهو بعد ذلك عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 390 173. وقت سجود السهو س: إذا سهوت في صلاة ما فإنني أعلم أنه يجب علي أن أسجد سجود السهو، متى أسجده؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: هذا فيه تفصيل: إذا سهوت في العدد وجب عليك البناء على اليقين، وأن يكون السجود سجدتين قبل السلام، فإذا شككت هل صليت ثنتين أم ثلاثا جعلتها ثنتين وكملت الصلاة، أو سهوت هل صليت ثلاثا أم أربعا في العشاء أو الظهر أو العصر جعلتها ثلاثا، وبنيت على اليقين، ثم أتيت بالرابعة، وإذا كملت صلاتك سجدت للسهو سجدتين قبل أن تسلم، أما إن كان السهو نوعا آخر بأن نسيت التشهد   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (185). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 390 الأول، وقمت إلى الثالثة، ما جلست للتشهد الأول، أو نسيت: سبحان ربي الأعلى في السجود، أو نسيت أن تقول: سبحان ربي العظيم في الركوع، أو نسيت بعض التكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وأنت منفرد أو إمام فإنك تسجد سجود سهو قبل السلام سجدتين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما ترك التشهد الأول في بعض صلواته سجد للسهو قبل أن يسلم- سجدتين، عليه الصلاة والسلام، وهناك أنواع أخرى من السهو لها أحكامها، مثل من زاد ركعة هذا يلزمه الرجوع إذا تنبه أو نبه، فإن لم يرجع بطلت صلاته؛ لأنه زاد زيادة متعمدا لها، إذا نبهه اثنان أو أكثر ولم يرجع بطلت صلاته، إلا أن يتيقن صواب نفسه، يعتقد خطأهم، فإذا تيقن صواب نفسه، وأن المنبه مخطئ فلا حرج عليه، يكمل، والناس يعتقدون أنه زائد يجلسون، لا يتابعونه، فلهم اعتقادهم وله اعتقاده، فإذا اعتقدوا أنه قام إلى خامسة في الظهر، أو العصر أو العشاء يجلسون أو إلى رابعة في المغرب، أو إلى ثالثة في الفجر أو الجمعة يجلسون ولا يتابعونه، فإذا سلم سلموا معه بعد ذلك، أما إذا كان ساهيا فلما نبهوه تنبه ورجع فإنه يتشهد، وإذا فرغ من التشهد سجد سجدتين للسهو قبل السلام أو بعده، وقبله أفضل وبذلك تتم صلاته بهذا السجود، وتنجبر الصلاة بهذا السجود؛ لأن الرسول قال في بعض الأحاديث: «إن الجزء: 9 ¦ الصفحة: 391 كان صلى تماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان (1)» وإن كان ناقصا جبرن له صلاته، فالمقصود أنه إن كان صلى صلاة تامة فهو مأجور على سجود السهو، وفيه إرغام الشيطان، وإن كان النقص كان جابرا، وهناك نوع آخر وهو أن يسلم عن نقص، يسلم ثلاثا في الظهر أو العصر أو العشاء، أو يسلم من ثنتين في المغرب أو من واحدة في الفجر، ثم ينبه فهذا يقوم ويكمل، وإذا كمل سلم، ثم سجد للسهو بعد ذلك؛ لأن الرسول لما سها في صلاته وسلم عن نقص، ونبه كمل صلاته وسلم ثم سجد للسهو، عليه الصلاة والسلام، فهذا هو الأفضل في هذه الحال، أن يكون السجود بعد السلام، ولو سجد قبل السلام أجزأ، لكن كونه يتحرى فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويسجد كما سجد بعد السلام يكون هذا هو الأفضل.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (571). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 392 174. حكم من نسي الجلوس للتشهد الأول س: يقول السائل: إذا صلى الشخص الصلاة، ولنفرض مثلا أنه صلى صلاة المغرب، فأتم الركعتين الأوليين، ولكنه لم يجلس للتشهد الجزء: 9 ¦ الصفحة: 392 الأول بسبب النسيان، فما عليه في هذه الحالة؟ (1) ج: إذا لم يجلس للتشهد الأول سجد للسهو سواء كان في المغرب، أو الظهر أو العصر أو العشاء، المقصود أنه إذا ترك التشهد الأول ناسيا يجب عليه سجود السهو؛ الظهر والعصر والمغرب والعشاء جميعا، لكن لو تنبه أو نبه قبل أن يستتم قائما رجع وجلس، وأتى بالتحيات، فإن استتم قائما ولم ينتبه ولم ينبه كمل صلاته والحمد لله، وقد وقع هذا للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قام من التشهد الأول ناسيا، فلما أنهى صلاته وكملها سجد سجدتين قبل أن يسلم للسهو، فالأمة تبع له، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2) الإمام والمنفرد إذا ترك التشهد الأول ولم ينتبه ولم ينبه حتى استتم قائما فإنه يكمل صلاته، ويسجد للسهو قبل أن يسلم، فإن نبه ورجع قبل أن يكمل الصلاة فلا بأس، كفى وعليه سجود السهو، ولكن عدم رجوعه أولى، ويكمل صلاته، أما إن شرع في القراءة يحرم عليه الرجوع، لا يرجع يستمر حتى يكمل ثم يسجد للسهو، أما المأموم فلا شيء عليه، المأموم   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (234). (2) سورة الأحزاب الآية 21 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 393 تابع لإمامه، إذا كان غير مسبوق بل دخل معه في أول الصلاة، صار يفكر، وقام وإمامه جالس للتشهد الأول وقام يجلس، يعود مع الإمام ولا عليه شيء، ليس عليه سجود السهو، وهكذا لو زاد سجدة ناسيا أو ركوعا ناسيا لا تبطل صلاته، يتابع صلاته، وليس عليه سجود للسهو؛ لأنه تابع لإمامه، وهكذا لو نسي: سبحان ربي الأعلى في السجود، وسبحان ربي العظيم في الركوع، وهو مأموم ليس عليه سجود للسهو، تابع لإمامه، يتحملها عنه الإمام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 394 س: إذا صلى أحد، ونسي التشهد الذي بين الركعتين، وقام وكبر ثم تذكر بعد ذلك فهل يجلس للتشهد أم يكمل الركعة؟ وكيف يتمها؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: إذا ترك الإمام التشهد الأول، أو المنفرد ولم يذكر إلا بعد أن استتم قائما فالأفضل له أنه يكمل الصلاة، ثم يسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إن ذكر حين القيام أو ذكروه؛ نبهوه يرجع ويجلس، ويأتي بالتشهد ثم يقوم ويكمل صلاته ويسجد للسهو بعد ذلك، ولو رجع جهلا منه فلا حرج عليه،   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (248). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 394 صلاته صحيحة ويسجد للسهو كذلك، وإذا تذكر أنه نسي التشهد، أو شك فإنه يسجد سجود السهو، أما إذا تذكر أنه تركه فإنه يسجد، وأما إذا تردد فالأصل أنه يسلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 395 س: إذا صلى أحد صلاة الظهر، وفي الركعتين الأوليين قام، ولم يجلس للتشهد الأول هل يرجع ليؤدي التشهد الأول، أم يواصل صلاته؟ (1) ج: السنة أنه يواصل، فإذا كمل صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم للسهو، إذا استتم قائما ولم يذكر إلا بعد استتمامه قائما فالسنة له أن يواصل، فإذا فرغ من التشهد والدعاء سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه في صلاة الظهر، أو العصر نسي التشهد الأول وقام، وقام الناس معه، فلما قضى صلاته عليه الصلاة والسلام سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم مكان ما نسي من الجلوس، عليه الصلاة والسلام، هذا هو السنة، لكن لو رجع وتشهد فلا شيء عليه، لكن السنة له والفضل له أن يستمر.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (201). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 395 س: من سها في صلاته، وقام من الركعة الثانية قبل أن يتشهد ولم الجزء: 9 ¦ الصفحة: 395 يذكر إلا وهو في الركعة الثالثة هل يعود ويجلس للتشهد؟ وإذا ذكر قبل أن يعتدل قائما هل يعود ويتشهد؟ وفي كلتا الحالتين هل يسجد للسهو؟ (1) ج: إذا قام عند التشهد الأول وذكر في أثناء القيام يرجع، يلزمه الرجوع ويتشهد ويسجد للسهو كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قام للتشهد الأول ولم يرجع، وسجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم لا بأس، أما إذا شرع في القراءة؛ ما ذكر إلا بعد الشروع في القراءة لا يرجع، يستمر ويسجد للسهو – والحمد لله – قبل أن يسلم.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (366). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 396 س: المستمع: أ. ع، من القاهرة يسأل ويقول: في صلاة العصر لم يجلس الإمام في التشهد الأوسط، فنبهه المصلون بـ: سبحان الله. فبعد أن قام للركعة الثالثة وجع وجلس للتشهد، وبعد التشهد الأخير سجد سجدتي سهو وسلم، فحصل بعض الخلافات في المسجد، البعض يقول: صلاته صحيحة. والآخر يقول: غير صحيحة؛ لأنه رجع من فرض إلى سنة، وقام بعض المصلين بإعادة الصلاة. فما رأي سماحتكم؟ ونرجو الإفادة عن حالات الجزء: 9 ¦ الصفحة: 396 السهو، ومتى يكون سجود السهو قبل التسليم؟ ومتى يكون بعده؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: إذا قام الإمام عن التشهد الأول ناسيا، ثم نبه وتنبه ورجع فلا حرج، وعلى المأمومين أن يرجعوا ويجلسوا معه ويأتوا بالتشهد، وعليه أن يصلي وأن يسجد سجدتين للسهو قبل السلام، وقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قام عن التشهد الأول في بعض صلواته، ثم سجد سجدتين قبل أن يسلم عليه الصلاة والسلام، ولكن إذا كان هذا الإمام استوى قائما فالأفضل له عدم الرجوع، لكن لو رجع فلا حرج عليه، وعليهم أن يرجعوا معه وصلاتهم صحيحة، وليس في هذا إعادة، أما إن شرع في القراءة فإنه لا يرجع، يستمر ويسجد سجود السهو بعد فراغه من التشهد والدعاء، يسجد للسهو قبل أن يسلم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فلو رجع جاهلا بالحكم، وقد شرع بالقراءة كذلك صلاته صحيحة، يعذر بالجهل، وعليهم أن يرجعوا معه، وأن يتشهدوا ثم يقوموا معه إذا قام، والأصل في هذه المسائل أن الواجب على المأمومين التأسي بالإمام، والاقتداء به، وعدم المخالفة إلا بيقين يعلمون أنه لا تجوز   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (344). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 397 المتابعة؛ كالذي قام لخامسة وهم يعلمون أنها خامسة، لا يقومون معه، أو قام لرابعة للمغرب وهو يعلمون أنها رابعة، لا يقومون معه، أو قام لثالثة في الفجر أو في الجمعة، وهو يعلمون أنها ثالثة لا يقومون معه. أما الذي لا يعلم فإنه يتابع إمامه، الذي لا يعلم يتابع إمامه. أما سجود السهو فإنه يكون قبل السلام، هذا هو السنة قبل السلام؛ لأنه من الصلاة إلا في حالتين: إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر فإنه يسجد بعد السلام، هذا هو الأفضل، يسجد بعد السلام؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم عن نقص ركعتين في حديث ذي اليدين، عن أبي هريرة: سجد بعد السلام (1)» وهكذا في حديث عمران: «لما سلم عن نقص ركعة كمل صلاته وسجد بعد السلام (2)» هذا هو الأفضل، وإن سجد قبل السلام أجزأه. والحمد لله. الحال الثانية: إذا بنى على غالب ظنه، إذا تحرى الصواب واجتهد   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، برقم (482). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (574). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 398 وبنى على غالب ظنه فإنه يسجد بعد السلام، هذا هو الأفضل؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين (1)» فجعل السجود بعد السلام، إذا كان الإمام بنى على غالب ظنه تحرى الصواب واجتهد وكمل، فإن سجود السهو يكون بعد السلام، أما البقية يكون قبل السلام، هذا هو الأفضل، وفي أي حال إذا سجد قبل أو بعد السلام أجزأه، الأمر في هذا واسع وإن سجد بعد السلام في سجود محله قبل السلام أجزأه، وإذا سجد قبل السلام في سجود محله بعد السلام أجزأه، إنما فيه أفضلية، ولا ينبغي التشديد في هذا، بل ينبغي التسامح، كما أجازه بذلك أهل العلم رحمة الله عليهم، حسب ما جاء في النصوص في سجوده عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 399 س: دخلت في الصلاة الرباعية، ونسينا التشهد الأول، ولما قام الإمام وقرأ الفاتحة ذكر ذلك، فرجع وتشهد وأتى بالركعتين بعد التشهد. فما حكم ما فعل؟ جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (35). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 399 ج: قد غلط، فإنه لا يجوز له الرجوع بعدما شرع في القراءة، ليس له الرجوع، لكن لأجل جهله الصلاة صحيحة، وعليه سجود السهو. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 400 س: بعض أئمة المساجد يحصل منهم بعض الأخطاء، بمعنى أنه يقوم للركعة الثالثة قبل الجلوس للتشهد الأول، ولدى قيامه يذكر ويجلس قبل تنبيه المأمومين له، وفي هذه الحالة لا يسجد للسهو، فهل يلزمه السجود للسهو أم لا؟ (1) ج: نعم، إذا قام ثم تنبه يسجد للسهو، ويسجد الناس معه، وإذا ترك هذا جاهلا فلا شيء عليه، وصلاته صحيحة إن شاء الله.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (334). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 400 175. بيان عدم اعتبار الوساوس والشكوك الكثيرة في الصلاة س: كثير ما يحصل عندي بعض الشكوك في الصلاة في عدد الركعات، وفي عدد السجود، هل ألتفت إلى ذلك، أم أعتبره من الوساوس (1) ج: إذا كثر الشك يعتبر من الوساوس، فلا تلتفتي له إذا كان شيئا كثيرا، يعتبر من الوساوس، ولا يلتفت إليه، أما إذا كان شيئا قليلا   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (334). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 400 فاعملي بالشرع: إذا كان قليلا شككت أصليت ثلاثا أو أربعا اجعليها ثلاثا، وائتي بالرابعة واسجدي للسهو، شككت هل سجدت السجود الثاني اسجدي ثانية واحتاطي ثم اسجدي للسهو بعد ذلك، وهذا انتهاء الصلاة، والسجود قبل السلام سجدتان للسهو، وأما إن كان يكثر الشك فهذا يعتبر من الوساوس ولا يلتفت إليه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 401 176 - حكم من نسي وسلم في الصلاة قبل إكمالها س: إذا نسي المصلي وسلم بعد ركعتين في الصلاة الرباعية أو المغرب وتذكر بعدما سلم، هل يأتي بالركعة أو الاثنتين الباقيتين أو يعيد الصلاة (1)؟ ج: إذا سلم الرجل أو المرأة عن ثنتين: الظهر أو العصر أو العشاء أو المغرب - ناسيا ثم تذكر يتم الصلاة فقط، يقوم ويأتي بما بقي ويسجد للسهو بعد السلام، يسلم بعد التحيات بعد الدعاء، ثم يسجد للسهو سجدتين بعد السلام، هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه في بعض الصلوات سلم من ثنتين الظهر أو العصر، ثم نبه فقام وكمل عليه الصلاة والسلام، فلما أكمل وسلم سجد للسهو بعد السلام   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (289). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 401 سجدتين، وإن سجد قبل السلام أجزأ ذلك ولا حرج، الأفضل بعد السلام؛ لفعله عليه الصلاة والسلام، وسجوده للسهو مثل سجوده للصلاة سواء، يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. يدعو فيه مثل سجود الصلاة سواء، وهكذا لو سلم من واحدة في الفجر أو في الجمعة أو في العيد ثم تنبه أو نبه يقوم يكمل، يأتي بالثانية بعد قراءة التحيات والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والدعاء، ويسلم ثم يسجد للسهو سجدتين بعد ذلك، هذا هو الأفضل، وإن سجدهما قبل السلام أجزأه ذلك والحمد لله، وهكذا لو بنى على غالب ظنه، لو بنى المسلم على غالب ظنه، يعنى شك في الثالثة أو الرابعة، غلب على ظنه أنه في الثالثة وأتمها أربعا، الأفضل يكون سجوده بعد السلام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمن شك في صلاته وتحرى الصواب وأتم: عليه أن يسجد بعد السلام. ففي هاتين الحالتين الأفضل أن يكون سجوده بعد السلام. الحالة الأولى: إذا سلم عن ركعة، نقص ركعة أو أكثر يأتي بالباقي ثم يسلم، ثم يسجد للسهو، هذا هو الأفضل. والحالة الثانية: إذا بنى على غالب ظنه كملها، أو المقصود كملها على غالب ظنه فإنه يكمل ويسلم، ثم يسجد للسهو سجدتين، هذا هو الأفضل، وإن سجد السجدتين قبل السلام فلا حرج، أما فيما سوى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 402 ذلك يكون السجود قبل السلام أفضل فيما سوى هاتين الحالتين، يكون السجود للسهو قبل السلام، هذا هو الأفضل، مثل لو شك هل هي ثنتان أو ثلاث؟ جعلها ثنتين، بنى على اليقين، شك في ثلاث أو أربع - الظهر مثلا - يجعلها ثلاثا، يبني على اليقين ويكمل، ثم إذا فرغ من التحيات والدعاء يسجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم، مثل لو قام بعد التشهد الأول في الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، قام عن التشهد الأول ساهيا فإنه إذا كمل يسجد للسهو قبل السلام كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأفضل، أو نسي سبحان ربي العظيم - في الركوع، ما قالها وهو إمام أو منفرد، أو نسيها في السجود: سبحان ربي الأعلى. يسجد للسهو قبل السلام، أو نسي ربنا ولك الحمد - بعد الركوع الإمام أو المنفرد، أو نسي الإمام: سمع الله لمن حمده - أو المنفرد عليه سجود السهو، الأفضل قبل السلام، وإن سجد بعد السلام فلا بأس، وهكذا لو نسي رب اغفر لي - بين السجدتين يسجد للسهو سجدتين قبل السلام أفضل، وإن سجدهما بعد السلام فلا حرج في ذلك، وسجود السهو يقول فيه مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو فيه: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله. . . إلى آخره، مثل سجود الصلاة سواء، أما المأموم إذا سها عن تسبيح الركوع الجزء: 9 ¦ الصفحة: 403 والسجود، أو: رب اغفر لي، أو: ربنا ولك الحمد. إذا سها عن هذا ما عليه شيء، يتبع إمامه، ليس عليه سجود للسهو، يتبع الإمام في هذا لا حرج عليه. أو نسي التشهد الأول ما أتى به، شغل بوساوس ولا أتى به فليس عليه شيء، يتحمله الإمام، أما الفاتحة فالصواب أنها تلزم المأموم على الصحيح، لكن لو سها عنها المأموم أو جاء والإمام راكع سقطت عنه، أو كان يعتقد أنها لا تجب على المأموم كما يقول الأكثر، ولم يقرأها لأنها عنده لا تجب على المأموم، أو يقلد من قال ذلك فلا شيء عليه، لكن الصواب أنه يقرؤها مع إمامه في السرية والجهرية، هذا هو الصواب في السرية، هذا أمر ظاهر، ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية عند الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وفي الجهرية يقرؤها فقط ولا يزيد، الأولى والثانية من المغرب والعشاء والفجر والجمعة، يقرؤها فقط ولا يزيد شيئا، ولو كان الإمام يقرأ إذا كان بين السكتات يقرؤها ثم ينصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم! قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» وهذا يعم الجهرية والسرية والفرض والنفل   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، برقم (823). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 404 كالتهجد والتراويح، لكن إذا نسيها مثل: رب اغفر لي، إذا نسيها أو سبحان ربي الأعلى، إذا نسيها سقطت عنه؛ لأنها واجبة في حقه، ليست ركنا في حق المأموم، بل واجبة بدليل أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أبا بكرة لما جاءه والإمام راكع، لم يأمره بقضاء الركعة، بل أجزأت الركعة التي فاته فيها القيام، فدل ذلك على أن القراءة في حق المأموم واجبة، تسقط بالجهل والنسيان، وتسقط إذا فاته القيام والإمام راكع أجزأته الركعة، كما في حديث أبي بكرة أنه جاء والنبي راكع، عليه الصلاة والسلام، فركع ووقف دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «زادك الله حرصا ولا تعد (1)»؛ أي لا تركع دون الصف، اصبر حتى تصل الصف، ولم يأمره أن يقضي الركعة، فدل على سقوط الفاتحة عنه لأنه لم يدركها مع الإمام، وعلى ذلك تسقط عن الناسي من المأمومين والجاهل لأنه في حكم من لم يأت إلا والإمام راكع في المعنى، هذا هو الصواب، وذهب أكثر العلماء إلى أنها لا تجب على المأموم وأنها سنة في حق المأموم في السكتات وفي السرية، ولكن الصواب قول من قال: إنها واجبة على   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 405 المأموم لعموم الأحاديث، لكنها تسقط عنه إذا كان جاهلا أو ناسيا أو جاء والإمام راكع؛ لأنه فاته محل قراءتها وهو القيام، هذه مسألة عظيمة، فنوصي من سمع هذا الحديث أن يعتني بهذا الأمر وأن يرشد من حوله في هذا الأمر حتى يكون الجميع على بصيرة وعلى بينة في هذا الأمر الذي تعم به البلوى كثيرا بالنسبة إلى من يأتي والإمام في الصلاة وبالنسبة لمن قد يسهو في الصلاة وهو مع الإمام ولا يقرأ الفاتحة، هذا بحمد الله فيه فرج وتيسير من الله عز وجل. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 406 س: يسأل الأخ ويقول: شخص جاء قبل تسليم الإمام في صلاة رباعية، وبعد التسليم نهض وصلى ركعتين ناسيا، هل يصلي ركعتين بعدها ويسجد للسهو؟ أم يعيد الصلاة أربع ركعات (1)؟ ج: يكمل، يصلي أربعا ويسجد للسهو إذا ذكر قريبا، يأتي بركعتين ويكمل صلاته ثم يسجد للسهو، يسجد للسهو بعد السلام أفضل.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (432). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 406 177 - حكم من نسي أن يقرأ الفاتحة في الركعة الثانية س: إذا نسي الإنسان أن يقرأ الفاتحة في الركعة الثانية أو الثالثة، هل الجزء: 9 ¦ الصفحة: 406 يعيد الصلاة؟ أم ذلك النسيان ينطبق على الركعة الأولى فقط (1)؟ ج: إذا كان إماما أو منفردا تبطل ركعته، ويأتي بركعة بدلها ويسجد للسهو، أما إذا كان مأموما فإن الإمام يتحملها عنه إذا كان ناسيا؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما أتاه أبو بكرة وقد ركع دون الصف والإمام راكع ثم دخل في الصف لم يأمره النبي بقضاء الركعة، قال: «زادك الله حرصا ولا تعد (2)» فدل ذلك على أن من فاته القيام سقطت عنه الفاتحة إذا جاء والإمام راكع أدرك الركعة، فإذا نسيها وهو قائم مع الإمام أو جاهل يكون أدرك الركعة - والحمد لله - إذا كان مأموما.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (422). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 407 178 - حكم من سها في صلاته مرتين س: السائلة أ. ع من حائل، لها مجموعة من الأسئلة، تقول: إذا سهوت في صلاتي مرتين فهل يكفي سجود سهو واحد أم يجب علي إعادة الصلاة (1)؟   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (412). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 407 ج: إذا سها الإنسان في الصلاة سهوين أو أكثر كفى سجود واحد، سجدتان للسهو، فلو سها وقام على التشهد الأول في الرباعية أو الثلاثية وسها فجلس قبل التمام أو زاد ركعة يكفي سجود واحد، سجدتان للسهو، ولو تعدد السهو سجدتان كافيتان. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 408 179 - كيفية النهوض من سجود السهو س: نرجو أن توضحوا لنا كيفية النهوض من سجود السهو؛ هل يعتمد على ركبتيه أم على يديه (1)؟ ج: مثل نهوضه في سجود الصلاة سواء بسواء، والأفضل على ركبتيه إذا كان قادرا، وإن كان عاجزا أو مريضا نهض على يديه ولا بأس، وأما إذا كان صحيحا فالأفضل على ركبتيه كسجود الصلاة سواء.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (263). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 408 180 - سجود السهو سجدتان س: الأخت أ. م. ب من مكة المكرمة تقول: سجود السهو؛ هل هو سجدة واحدة أم سجدتان (1)؟   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (289). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 408 ج: سجود السهو سجدتان، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهما واجبتان في حق من سها عن واجب أو فعل ما لا يجوز في الصلاة سهوا، ومحلها قبل السلام وبعده، إن سجدهما قبل السلام فلا بأس، وإن سجدهما بعد السلام فلا بأس، وهما قبل السلام أفضل إلا في حالين؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر سهوا فإنه يكمل ثم يسجد للسهو بعد السلام. والحال الثانية: إذا بنى على غالب ظنه وتحرى الصواب واجتهد وكمل الصلاة ثم سلم فإنه يسجد للسهو بعد ذلك. يكون سجوده بعد السلام في هاتين الحالتين، هذا هو الأفضل، وإن سجد قبل السلام فلا حرج في ذلك والحمد لله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 409 181 - حكم من قال سبحان ربي الأعلى في الركوع ناسيا س: تسأل السائلة وتقول: من قال سبحان ربي الأعلى في الركوع، وقال سبحان ربي العظيم في السجود سهوا منه، هل يسجد للسهو (1)؟   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (413). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 409 ج: نعم، يسجد للهو؛ لأن الواجب أن يقول سبحان ربي العظيم في الركوع، والواجب أن يقول في السجود سبحان ربي الأعلى، فإذا سها يسجد للسهو، إذا قال سبحان ربي العظيم في السجود وسبحان ربي الأعلى في الركوع ساهيا فإنه يسجد للسهو قبل أن يسلم سجدتين. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 410 182 - بيان كيفية السلام من سجود السهو إذا كان بعد السلام س: الأخ يقول: السجود بعد السلام هل يكون له سلام غير السلام الأول؟ أقصد سجود السهو (1) ج: نعم، إذا سجد للسهو بعد السلام يسلم تسليمتين مثل تسليمته الأولى، إذا سجد للسهو بعد السلام يسلم تسليمتين عن يمينه وعن شماله.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (428). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 410 183 - حكم جلسة الاستراحة عند سجود التلاوة في الصلاة س: هل تشرع جلسة الاستراحة عند سجود التلاوة أثناء الصلاة (1)؟ ج: جلوس الاستراحة بعد الأولى وبعد الثالثة في الرباعية، وبعد الأولى في الثنائية، كان النبي يجلس قليلا استراحة خفيفة، جلسة   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (424). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 410 خفيفة، وربما تركها. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 411 184 - حكم التشهد في سجود السهو س: هل يشرع في سجود السهو قراءة التشهد (1)؟ ج: ليس فيه تشهد، سجدتان فقط بدون تشهد، إذا سها يسجد سجدتين ليس فيهما تشهد، وإن سجدهما قبل السلام فلا بأس، أو بعد السلام فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون سجودهما قبل السلام إلا في حالتين؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ثم تنبه أو نبه يكمل، ويكون سجوده بعد السلام أفضل. والحال الثاني: إذا بنى على غالب ظنه؛ لأن الرسول أمر من سها أن يتحرى الصواب فليتم عليه، ثم يسلم ثم ليسجد السجدتين، فإذا بنى على غالب ظنه وأتم يسلم ثم يسجد سجدتي السهو، وليس فيهما تشهد. والبقية كلها قبل السلام، سجدتين قبل أن يسلم في غير ذلك من السهو.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (424). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 411 185 - حكم سجود السهو في الرواتب س: بالنسبة للرواتب؛ هل يشرع سجود السهو في الرواتب يا شيخ (1)؟ ج: نعم، إذا سها في الرواتب أو في صلاة الضحى أو في الوتر يسجد للسهو.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (425). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 412 186 - حكم قول الله أكبر بدلا من قول سمع الله لمن حمده س: قول الله أكبر بدلا من سمع الله لمن حمده (1) ج: هذا سهو، والصلاة صحيحة، وعلى الإمام إذا كان فعله المنفرد والإمام سجود السهو، أما إذا كان فعله المأموم، قال الله أكبر بدل ربنا ولك الحمد فلا شيء عليه؛ لأن المأموم تابع لإمامه، إذا كان دخل معه من أول الصلاة ليس عليه شيء، يتحمل عنه الإمام هذا السهو، لكن إذا كان المأموم سها فيما انفرد به - إذا كان قد فاته بعض الصلاة يعني مسبوقا - فهذا إذا سها في شيء وهو مسبوق مع إمامه أو سلم مع إمامه ساهيا ثم انتبه أو سها فيما انفرد به هذا يسجد للسهو، وأما سهوه مع إمامه وهو معه من أول الصلاة هذا يتحمله عنه الإمام، إذا سها سهوا لا   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (148). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 412 يخل بالفعل مثل سها عن سبحان ربي الأعلى أو سبحان ربي العظيم، أو قال بدل ربنا ولك الحمد: سمع الله لمن حمده أو الله أكبر، هذا لا يضر ولا سجود عليه؛ لأنه تابع، أما إذا سها في الركوع أو في السجود لا بد أن يأتي به إذا سها، كان يفكر وركع إمامه وهو لم يركع ثم انتبه يركع ويلحق إمامه، وهكذا في السجود، هذه أركان لا بد منها، لكن إذا سها في الأشياء التي هي تعتبر واجبات لكنها قوليه وسها فيها المأموم فلا شيء عليه، أو سها في التشهد الأول مثلا؛ ما أتى به، فلا شيء عليه؛ لأنه تابع للإمام، أما في الأركان لا بد منها، التشهد الأخير ركن لا بد أن يأتي به، أو سها ولم يأت به مع الإمام ثم انتبه يأتي به قبل أن يسلم ثم يسلم بعد ذلك، أو انتبه بعد السلام يعود بنية الصلاة ويأتي بالتشهد ثم يسلم. إذا كان المنفرد رجلا أو امرأة في صلاة منفردة إذا سها في الواجبات مثل ترك سبحان ربي الأعلى أو سبحان ربي العظيم في الركوع، أو ربنا ولك الحمد، سها عنها، يسجد للسهو قبل أن يسلم سجدتين، أو ترك التشهد الأول، قام إلى الثالثة ناسيا التشهد الأول هذا يسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا قال ألفاظا مكان ألفاظ أخرى فهذا لا يضر، لكن إذا سجد وهي مشروعة فلا بأس، مثل: قرأ التحيات وهو جالس، أو قرأ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 413 الحمد وهو جالس ناسيا إذا سجد للسهو يكون أفضل، يعني لا تبطل الصلاة ولا يجب؛ لأنه قول مشروع أتى به في غير موضعه، ليس بمنكر في الصلاة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 414 187 - حكم من سها في صلاته للتشهد الأول في الركعة الثالثة س: ما حكم من سها في صلاته حيث جلس للتشهد الأول وهو في الركعة الثالثة؟ هل يقوم أم يواصل (1)؟ ج: نعم، يقوم ويأتي بالرابعة ويسجد للسهو قبل السلام، يسجد سجدتين للسهو.   (1) السؤال الواحد والخمسون من الشريط رقم (338). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 414 188 - حكم من زاد ركنا في الصلاة س: تقول السائلة: صليت الظهر، ولما ركعت الركعة الرابعة ورفعت من الركوع وأردت السجود عدت مرة أخرى وركعت، ثم تذكرت وسجدت، فهل علي إعادة الصلاة (1)؟ ج: ليس عليك إعادة، عليك سجود السهو؛ لأنك زدت ركوعا سهوا،   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (244). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 414 فعليك بعد الفراغ من التحيات والدعاء سجدتان للسهو، تسجدين سجدتين مثل سجود الصلاة، تقولين فيهما: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. تجلسين بينهما مثلما تجلسين بين السجدتين، تقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي - بين السجدتين، ثم تسلمين، هذا الذي عليك، وهكذا لو زدت سجودا أو زدت ركعة خامسة في الظهر أو العشاء أو العصر، أو رابعة في المغرب، أو ثالثة في الفجر سهوا ثم تذكرت تسجدين للسهو. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 415 189 - حكم من تذكر أن صلاته ناقصة بعد السلام س: إذا تذكرت أن الصلاة ناقصة بعد السلام هل أعود وأكملها؟ وكيف هي الصفة (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن تذكرت أنها ناقصة نقصا يتعلق بأركانها فعليك أن تكملها، أما إن كان النقص يتعلق بالسنة والمستحبات فلا يضرك ذلك، والنوافل تجبر ما نقص من صلاتك، أما لو تذكرت أنك ما صليت إلا ثلاثا في الظهر أو العصر أو العشاء فإنك تقوم تأتي برابعة، وتسجد للسهو سجدتين قبل أن تسلم أو بعد السلام وهو الأفضل،   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (119). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 415 وهو إذا كنت سلمت ثم تذكرت أنك لم تصل إلا ثلاثا في الظهر والعصر والعشاء، أو ثنتين في المغرب، أو واحدة في الفجر، وبعدما سلمت تذكرت أنها ناقصة فإنك تقوم وتكمل، وبعد الفراغ من التشهد والدعاء تسلم ثم تسجد سجدتي السهو بعد السلام؛ لأن النبي فعل هذا - عليه الصلاة والسلام - لما سلم عن نقص ركعة، وفي بعض الروايات نقص ركعتين، وذكروه قام فكمل صلاته، ثم كمل التحيات والدعاء ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو - عليه الصلاة والسلام - ثم سلم. ولو سجدت للسهو قبل السلام أجزأ ذلك، أما إن كان النقص في مثل سجدة من السجدات أو ركوع من الركوعات، ذكرت أنك نسيت ركوعا أو سجدة بعدما سلمت فإنك تقوم وتأتي بركعة كاملة، ثم بعد التحيات وبعد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد الدعاء تسلم ثم تسجد سجدتي السهو ثم تسلم ثانية، هذا هو المشروع لك، أما إن كان النقص غير هذا بأن تذكرت أنك مثلا لم تجلس للتشهد الأول، قمت إلى الثالثة ما جلست ناسيا، أو نسيت سبحان ربي الأعلى في السجود، أو نسيت سبحان ربي العظيم في الركوع، أو نسيت رب اغفر لي بين السجدتين، هذا يكفيك سجود السهو، تسجد للسهو ويكفي كما لو نسيت ربنا ولك الحمد بعد الركوع، يكفيك أن الجزء: 9 ¦ الصفحة: 416 تسجد سجدتين للسهو والحمد لله؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما قام عن التشهد الأول ناسيا سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم، ثم سلم عليه الصلاة والسلام، أما إن كان النقص شيئا مستحبا مثل ما تقدم، مثل: تذكرت أنك نسيت الاستفتاح، ما قلت: سبحانك اللهم وبحمدك - في أول الصلاة، والاستفتاح: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. لم تقله ولا غيره من الاستفتاحات، بل كبرت وابتدأت التعوذ والتسبيح والقراءة، ما قرأت الاستفتاح، هذا سنة ليس عليك شيء، كذلك لو تذكرت أنك مثلا ما دعوت في السجود، قلت: سبحان ربي الأعلى. وما دعوت في السجود، فليس عليك شيء؛ لأن الدعاء في السجود مستحب وليس بلازم، أو تذكرت أنك ما تذكرت: سبحان ربي العظيم. كثيرا ما قلتها إلا مرة أو مرتين فليس عليك شيء، أو تذكرت أنك بعدما صليت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير سلمت وما أتيت بالدعاء التعوذ من الأربع فلا شيء عليك، وهكذا لو تذكرت أنك قمت من السجدة قلت: رب اغفر لي - مرة واحدة، ما كررتها ثلاثا، قلتها مرة فقط وسجدت الثانية ليس عليك شيء، لأن هذه سنن نوافل وليست بواجبة، فإن تركها الإنسان ناسيا أو عامدا هذا نقص ليس فيه شيء، وصلاته الجزء: 9 ¦ الصفحة: 417 صحيحة، وفق الله الجميع. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 418 190 - حكم من تذكر بعد السلام أنه لم يقرأ سورة الفاتحة س: الذي يتذكر أنه لم يقرأ سورة الفاتحة بعد السلام أو بعد الركوع، ماذا يفعل (1)؟ ج: إذا كان مأموما فلا شيء عليه؛ لأن المأموم أمره أسهل، ولهذا لو جاء والإمام راكع أجزأه الركوع وكفته الركعة، فالجاهل والناسي من المأمومين تسقط عنه، كما لو جاء والإمام راكع سقطت عنه الفاتحة، أما إن كان إماما فإنه يأتي بركعة بدل الركعة التي ترك، إذا كان تذكر بعدما انتهى من الصلاة يأتي بركعة ويسجد للسهو، وإن كان تذكر بعد الركوع يرفع ويقرأ الفاتحة ثم يعيد الركوع، ثم يسجد للسهو بعد ذلك، إذا كان إماما أو منفردا، أما المأموم فيسقط عنه.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (142). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 418 191 - حكم من تذكر وهو ساجد أنه لم يقرأ الفاتحة س: ما حكم إنسان تذكر وهو ساجد بأنه لم يقرأ الفاتحة؟ ماذا يفعل (1)؟   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (366). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 418 ج: عليه أن يأتي بركعة زائدة، يكمل صلاته ويأتي بركعة زائدة يقرأ فيها الفاتحة بدل التي نسي منها الفاتحة؛ لأنها بطلت التي ترك منها الفاتحة، يأتي بركعة بدلها ويسجد للسهو، وينبه الذي وراءه، يقومون حتى يتابعوه بالإشارة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 419 192 - حكم من نسي آية من سورة الفاتحة س: رجل صلى بالجماعة، لكنة نسي آية من سورة الفاتحة، ما حكم صلاته وصلاة المأمومين خلفه (1)؟ ج: حكمه أنه يأتي بركعة بدل الركعة التي ترك فيها آية من الفاتحة، يأتي بركعة قبل أن يسلم ويسجد للسهو، فإن طال الفصل يعيد هو ويعيدون، أما إن ذكر بعد السلام بوقت قريب يأت بركعة ويسجد للسهو ويسلم، وإن سجد للسهو بعد السلام فهو أفضل، يأتي بركعة ثم يسلم ثم يسجد للسهو بعد السلام، هذا هو الأفضل.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (352). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 419 193 - حكم من أخطأ في قراءة القرآن أثناء الصلاة س: تقول السائلة: إذا أخطأ الإنسان في قراءة القرآن أثناء الصلاة الجزء: 9 ¦ الصفحة: 419 فهل عليه سجود السهو (1)؟ ج: الخطأ يختلف ويتنوع، فإن كان الخطأ مما يبطل عمده الصلاة، ولكن فعله ساهيا فهذا يسجد للسهو، أما إذا كان لا يبطل عمده الصلاة؛ كاللحن الذي يعفى عنه فهذا لا يجب فيه سجود السهو، فلو قال: الحمد لله رب العالمين، أو قال: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم أو الرحمن الرحيم، هذا لا يبطل عمده الصلاة؛ لأن له وجها من الإعراب، وهكذا لو قال: مالك يوم الدين أو مالك يوم الدين، هذا اللحن بالنصب أو الرفع لا يخل بالمعنى. أما إذا سها فقرأ شيئا يبطل عمده الصلاة سهوا فإنه يسجد للسهو، كأن يقرأ: صراط الذين أنعمت عليهم، هذا ينسب النعمة إليه، هذا لحن عظيم يخل بالمعني، فالمنعم هو الله وحده: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (2)؛ يعني الرب عز وجل، هذا لحن شنيع إذا تعمده أبطل الصلاة، وإذا كان سهوا يسجد للسهو، يعيد القراءة: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (3) ويسجد للسهو، وهكذا لو قال: إياك نعبد وإياك نستعين، هذا لحن يحيل   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (244). (2) سورة الفاتحة الآية 7 (3) سورة الفاتحة الآية 7 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 420 المعنى؛ لأنه خطاب للأنثى، والخطاب مع الله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1)، فإذا تعمد هذا بطلت صلاته، وقد يكون بهذا مرتدا إذا عرف أنه يخاطب أنثى، إذا تعمد خطاب ربه خطاب الأنثى فإنه يعتبر مستهزئا كافرا محتقرا لربه عز وجل، أما إذا سبق على لسانه سهوا فإنه يسجد للسهو. س: السائل ج. م. ع من جمهورية مصر العربية، يقول: لو أن الإمام أخطأ أثناء الصلاة في آية هل يسجد سجودا للسهو أم لا (2)؟ ج: لا، ما يلزمه سجود السهو، إذا أسقط في غير الفاتحة ما يلزمه السجود والحمد لله؛ لأن قراءة زائدة على الفاتحة ليست بلازم، لكن إذا أسقط من الفاتحة لا بد أن يأتي بالفاتحة كاملة، ينبهه الذي وراءه، إذا أسقط آية من الفاتحة ينبهه الذي وراءه على ما أسقط حتى يأتي به، ولو ما أتى به تبطل الركعة، يأتي بركعة بدلها، لو أسقط آية من الفاتحة بطلت الركعة وقامت الأخرى مقامها إذا سها عن آية ولم ينبه، أما إذا نبه وأتى بها في الحال فلا بأس والحمد لله، أما في غير الفاتحة لو   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (399). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 421 أسقط شيئا ناسيا فلا يضره والحمد لله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 422 194 - حكم من صلى بجماعة ونسي الركوع فسجد س: يقول السائل: ما حكم من صلى بالناس جماعة ثم سها وسجد ولم يركع؟ هل صلاته باطلة أم صحيحة (1)؟ ج: إذا نبهوه يرجع، يقوم وينتصب قائما ثم يكبر ويركع، أما إذا كان ما نبهوه إلا بعد السلام يقوم ويأتي بركعة كاملة ثم يتشهد ويكمل ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسجد سجدتين للسهو ثم يسلم، أما إذا ما انتبه إلا بعدما طال الفصل فإنه يعيد الصلاة كلها ويخبر الذين كانوا معه أن يعيدوا الصلاة، الذين معه ولم يركعوا، يعيدوها لأن صلاتهم باطلة لما طال الفصل، أما إذا تنبه بعد السلام أو نبهه الجماعة فإنه يقوم ويأتي بركعة كاملة، وبعد فراغ التشهد والدعاء يسجد سجدتين للسهو ثم يسلم.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (245). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 422 195 - حكم من نسي السجود في الركعة الأولى س: يقول السائل: إذا نسيت السجود في الركعة الأولى ولم أذكر إلا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 422 عند الشروع في الركعة الثانية، فهل آتي بركعة أخرى قبل التشهد الأخير أم بعده قبل السلام (1)؟ ج: إذا ذكرت السجود قبل الشروع تأتي بالسجود إذا سجدت سجدة واحدة، ثم أردت النهوض تحسب أنك سجدت الثانية، ثم انتبهت تسجد الثانية ولا تنهض، ولو نهضت ترجع تأتي بالسجود الثاني، سواء نبهك المأمومون أو انتبهت بنفسك إن كنت إماما أو مأموما أو منفردا ترجع تأتي بالسجود، لكن إذا كنت شرعت في القراءة تستمر في صلاتك، تزيد ركعة بدل الركعة التي بطلت التي تركت سجودها كأنها معدومة، وتسجد للسهو إن كنت إماما أو منفردا، أما إن كنت مأموما فإنك إذا سلم إمامك تقوم وتأتي بالركعة بدل الركعة التي تركت منها السجود، وتسلم وليس عليك سجود للسهو؛ لأنك تبع الإمام من أول الصلاة، أما إن كنت مسبوقا بركعة أو ركعتين فإنك تكمل وتسجد للسهو بعد التكميل، أما إذا كنت مع الإمام من أول الصلاة ونسيت السجدة، ما ذكرتها إلا مع الإمام، وهو قائم بالقراءة فإنك تأتي بركعة بعد سلام إمامك، وليس عليك سجود سهو؛ لأنك دخلت معه من   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (242). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 423 أولها، فيتحمل عنك سجود السهو. س: إذا صلى المرء الصلاة الرباعية ولم يسجد في إحدى ركعاتها إلا سجدة واحدة، فهل يجزئه سجود السهو أو يأتي بركعة ثم يسجد للسهو بعدها (1)؟ ج: إذا أسقط المصلي سجدة ساهيا فإنه يأتي بها في الحال، فإن لم يذكر إلا بعد ذلك بعدما قام وشرع في القراءة فإنه يكمل صلاته، ويجوز تركها، ويأتي بركعة أخرى كاملة بدل الركعة التي ترك سجودها، ثم يسجد للسهو قبل أن يسلم، أما إن ذكر في الحال حين رفعه من السجود فإنه يعود ويسجد الثانية، ويسجد للسهو بعد ذلك إذا كان قد قام، أما إذا كان قبل أن يقوم يسجد للثانية ولا سهو عليه، أما إذا قرأ التشهد بعد سجوده للسهو فلا يضره. س: قمنا بصلاة المغرب خلف إمام، وفي الركعة الثانية سجد سجدة واحدة وقام بالركعة الثالثة، فقلنا له: سبحان الله، ولم يستجب لنا، وتابعنا معه الصلاة حتى سلم، فقلنا له بما حصل، وقام وأتى بركعة، وسجد سجود السهو قبل السلام، فهل ما   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (88). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 424 قمنا به صحيح (1)؟ ج: هذا الذي عمله الإمام لا حرج فيه ولا بأس، لأنه بطلت الركعة التي ترك فيها السجدة وأتى بركعة خير منها، ويسجد للسهو والحمد لله، ولا حرج في ذلك، وأنتم حين نبهتموه فلعله لم يقتنع بتنبيهكم ولم ينتبه لما أردتم، فبهذا لم يفعل شيئا. س: لقد حدث في صلاة العصر ذات يوم أن الإمام في سجود الركعة الرابعة الأخيرة أتى بسجدة واحدة ولم ينتبه أحد على أساس أنه أتى بالسجدتين، وبعد الانتهاء من الصلاة قال أحد المصلين للإمام: ناقص سجدة، فأتى الإمام بسجدتي السهو فقط ولم يأت بالسجدة الناقصة. السؤال يا سماحة الشيخ: هل صلاة العصر هذه ما زالت معلقة لكونها ناقصة سجدة وهي ركن من أركان الصلاة؟ أو تعتبر صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (2) ج: إذا كان الإمام تذكر أنه ترك السجدة فيلزمه الإعادة، وهكذا هم يعيدون؛ لأن سجود السهو لا يكفي عن السجدة، والواجب عليه أن   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (328). (2) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (358). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 425 يأتي بالسجدة ثم يأتي بالتشهد، ثم يسلم ثم يسجد للسهو، وإن سجد قبل السلام فلا بأس، يسجد سجود السهو، وبعض أهل العلم يرى أنه يقوم يأتي بركعة كاملة، لكن الصواب أنه يأتي بسجدة ويكفي، يعود يأتي بسجدة يجلس يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ثم يسجد ثم بعد السجود يقرأ التشهد، ثم يسلم ويسجد للسهو بعد ذلك، وإن سجد قبل السلام للسهو فلا بأس. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 426 196 - حكم من ترك السجود على الأعضاء السبعة س: ألاحظ أن بعض الناس لا يسجدون على الأعضاء السبعة كاملة، ويرجو منكم تنبيههم، جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب على كل مسلم ومسلمة السجود على الأعضاء السبعة؛ وهي: الوجه - الجبهة والأنف - والكفان والركبتان وأطراف القدمين، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم؛ على الجبهة - وأشار بيده إلى أنفه - والكفين والركبتين وأطراف القدمين (2)» فالواجب على جميع المسلمين من الذكور   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (157). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب السجود على الأنف، برقم (812)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر، برقم (490). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 426 والإناث أن يعتنوا بهذا وأن يحرصوا على ذلك، والسجود على هذه الأعضاء ركن من أركان الصلاة لا بد منه، فلا يجوز التساهل في ذلك، بل يجب على المصلي ذكرا كان أو أنثى أن يسجد على هذه السبعة في الفرض والنفل جميعا، وإن تركها عمدا بطلت صلاته، وإن تركها سهوا فإن أمكنه أن يأتي بها في الحال أتى بها في الحال، وإن لم يذكرها إلا بعدما قام إلى الركعة الأخرى أتى بركعة بدلها بعد ذلك، وإذا كمل يأتي بركعة بدل ما ترك من الأعضاء، وتقوم الركعة الثانية مقام الأولى، مقام التي قبلها التي ترك منها العضو أو العضوين، والحاصل أنه لا بد من السجود على هذه الأعضاء السبعة ولا يجوز تركها ولا ترك شيء منها لا في الفرض ولا في النفل، وإذا تركه سهوا بأن رفع يده ولم يسجد عليها أو إحدى رجليه ولم يسجد عليها ساهيا ثم تذكر بعد ذلك بعدما اشتغل بالركعة التي بعدها فإنه يأتي بركعة بدلا منها، ويسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 427 باب صلاة التطوع 197 - بيان فضل صلاة التراويح وقراءة القرآن في رمضان س: شيخ عبد العزيز، حدثونا عن التراويح وتلاوة القرآن وختم القرآن خلال هذه الصلاة وخلال هذا الشهر المبارك، وهل لكم كلمة حول هذا لو تكرمتم (1)؟ ج: لا ريب أن صلاة التراويح قربة وعبادة عظيمة مشروعة، النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها عدة ليال بالمسلمين، وقام بهم في تلك الليالي، ثم خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك وأرشدهم إلى الصلاة في البيوت، ثم لما توفي عليه الصلاة والسلام وأفضت الخلافة إلى عمر بعد الصديق ورأى الناس في المسجد يصلونها أوزاعا؛ هذا يصلي لنفسه، وهذا يصلي لرجلين، وهذا يصلي لأكثر، قال: لو جمعناهم على إمام! فجمعهم على إمام فصاروا يصلون جميعا، واحتج على ذلك بقوله   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (84). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 428 صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (1)» «ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (2)» واحتج أيضا بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الليالي، وقال: إنه انتهى الوحي وانقطع الخوف بعد موته صلى الله عليه وسلم، لا يخاف من الفريضة. فصلاها المسلمون في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ليالي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صلوها في عهد عمر، واستمروا بذلك جماعة، والأحاديث ترشد إلى ذلك، ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة (3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان، برقم (38)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (760). (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان، برقم (37)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (759). (3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 429 صحيح، فدل ذلك على شرعية القيام جماعة في رمضان وأنها سنته - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه بعده، عمر الفاروق ومن بعده، وفي ذلك أيضا مصالح كثيرة؛ من جمع المسلمين واستماعهم لكتاب الله، وما قد يقع من المواعظ والتذكير والاتصال من بعضهم لبعض، واجتماع بعضهم ببعض في هذه الليالي العظيمة، فكل هذا يسبب خيرا كثيرا، وكذلك دراسة القرآن في الليل والنهار من أفضل القربات، فقد كان السلف إذا دخل رمضان أقبلوا على القرآن وتركوا الحديث والتفقه وحلقات العلم، هذا هو الغالب على السلف، فينبغي لأهل الإيمان من الذكور والإناث أن يشتغلوا بالقرآن الكريم تلاوة وتدبرا وتعقلا ومراجعة لكتب التفسير وغير هذا من وجوه التعلق بالقرآن والعناية بالقرآن، وإذا سمعوا درسا في المسجد أو راجع بعض المسائل العلمية لا منافاة ولا حرج في ذلك، لكن ينبغي أن تكون العناية بالقرآن في رمضان أكثر كما فعله السلف الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم، وهكذا الإكثار من القراءة حتى يختم مرات كثيرة، كان بعض السلف يختم في كل يوم، وبعضهم في ثلاث، لكن الأفضل ألا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 430 يكون أقل من ثلاث، هذا هو الذي أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سأله عبد الله بن عمرو، وأرشده أن يختم في سبع، ثم طلب الزيادة فقال إلى ثلاث فالأفضل أن تكون الختمة في ثلاث فأكثر حتى يطمئن وحتى يقرأ بترتيل وعناية وتدبر، وبعض السلف رأى أن هذا يجوز له، لكن في أيام رمضان ولياليه لا مانع من الختم في أقل من ذلك، ولكن التقيد بالحديث والأخذ بالحديث أولى ولو في رمضان، إذا ختم عشر مرات في رمضان أو تسع مرات أو ثمانيا هذا خير كثير، مع الهدوء والطمأنينة والترتيل والعناية، والإنسان له حاجات أخرى، ثم إن الإكثار من الختمات قد يفضي إلى الهذرمة والسرعة والعجلة والمباهاة في الختمات، فيخشى على الناس من هذا الشيء، فالركود والهدوء حتى لا يقع شيء من الخلل في القراءة وحتى لا يقع شيء من المماراة لقصد الرياء والسمعة، فينبغي أن يكون الختم لثلاث فأكثر، حتى يقرأ قراءة واضحة متدبرة، ويعتني بمعانيها ويراجع ما أشكل عليه، هذا هو الأولى والأفضل حتى ولو في رمضان. س: بارك الله فيكم، يحرص كثير من الأئمة - سماحة الشيخ – على الجزء: 9 ¦ الصفحة: 431 أن يختموا القرآن في التراويح وفي التهجد، فما هو الأنسب (1)؟ ج: هذا لأجل سماع الناس جميع القرآن، إذا تيسر أن يسمع جميع القرآن، حيث يكون كل ليلة فيها جزء أو أقل من جزء، لكن في العشر الأخيرة يزيد حتى يختم القرآن ويكمله، هذا يكون أفضل إذا تيسر من دون مشقة، وهكذا دعاء الختم يدعو بهم حتى يؤمنوا، كان السلف يفعلون ذلك، فإذا فعل ذلك فلا حرج، وقد عقد العلامة ابن القيم - رحمه الله - بابا في كتابه “ جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام “، وذكر في ذلك حال السلف في العناية بختم القرآن، وفق الله الجميع. س: الذين لا يتمكنون من الختم يشعرون بشيء من الألم سماحة الشيخ، ماذا تقول لهم (2)؟ ج: لا حرج في ذلك، والأمر في هذا واسع، إن ختمه فهو أفضل حتى يسمع الناس وحتى يفوز بالأجر العظيم في هذا الشهر الكريم، وإن حال حائل ولم يتيسر له الختم وهو إمام؛ إما لأجل الرفق بهم   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (84). (2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (84). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 432 لأنهم أصحاب أشغال، أو لأسباب أخرى فلا حرج، الأمر واسع بحمد الله، والمؤمن يراعي المأمومين ولا يشق عليهم ويرفق بهم، وإذا كانوا تشق عليهم الإطالة وكونهم يقيمونها أولى من تركها خوفا من الإطالة، فإذا صلى بهم إحدى عشرة ركعة فهو أفضل، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة مع الترتيل ومع الركود في الركوع والسجود هو أفضل من كثرة القراءة ومن الصلاة عشرين أو أكثر، يمكن أن يتحرى صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، كان هذا أفضل، والإحدى عشرة أفضل من الثلاث عشرة؛ لأن هذا هو المحفوظ عنه - صلى الله عليه وسلم - في الغالب كما قالت عائشة رضي الله عنها، وربما صلى بعض الأحيان ثلاث عشرة، وربما صلى أقل من ذلك، وصلى الصحابة رضي الله عنهم عشرين ركعة من الوتر، كل هذا بحمد الله واسع، فمن زاد أو نقص فلا حرج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)»، ولم يحدد عددا معلوما، «صلاة الليل مثنى مثنى (2)»، ثم قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (3)»، وهذا عام في رمضان وفي غيره، فمن زعم أنه يجب الاقتصار على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة فقد غلط، ومن كره الزيادة فقد غلط، ومن حرمها فهو أشد غلطا، وإنما ذلك أفضل، إذا اقتصر   (1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (3) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 433 على إحدى عشرة هذا أفضل من أجل التمكن من إطالة القراءة وإطالة الركوع والسجود، ومن أجل تمكين المأمومين من ذلك، ومن أجل موافقة السنة التي هي الغالبة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لكن من زاد فلا حرج. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 434 198 - حكم القراءة من المصحف في التراويح س: ماذا عن القراءة من المصحف في التراويح سماحة الشيخ (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، الصواب أنه لا حرج في ذلك، فإذا احتاج إلى أن يقرأ من المصحف لأنه لم يحفظ القرآن فلا بأس، يقرأ من المصحف، وقد ثبت «أن عائشة رضي الله عنها كان يصلي بها مولاها ذكوان من المصحف (2)» كما ذكره البخاري رحمه الله تعليقا، والأصل أنه لا بأس بهذا، فمن منع فعليه الدليل، فالأصل جواز القراءة حفظا أو القراءة من المصحف، هذا هو الأصل، فمن قال بمنع القراءة من   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (84). (2) أخرجه البخاري تعليقا، كتاب الأذان، باب إمامة العبد والموالي (1/ 245)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، باب من تصفح في صلاته كتابا ففهمه أو قرأه، رقم (3183). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 434 المصحف فعليه الدليل، والأصل أنه لا دليل، فمعنا الأصل وهو جواز القراءة من المصحف، وقد فعلتها أم المؤمنين وهي من أفقه الناس رضي الله عنها. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 435 199 - حكم القعود في صلاة التراويح س: تقول السائلة: هل يصح في صلاة التراويح في رمضان ألا نقف؟ وإذا جاء الإمام وهم بالركوع أكبر ثم أقرأ الفاتحة وأركع مع الإمام؟ مع العلم أنني أفعل ذلك لعدم مقدرتي على القيام طول الركعة؛ لأنني أشعر بالتعب جدا (1)؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن التراويح نافلة، سواء كانت في العشرين الأول أو في العشرين الأخيرة، كلها نافلة، والعشر الأخيرة يسميها الناس قياما، ويسمون صلاة العشرين الأول تراويح، وكلها تسمى قيام رمضان وهي نافلة، فإذا صلى الإنسان قاعدا فلا حرج، ويكون له نصف الأجر، وإذا عجز وصار كبير السن أو ضعيفا يشق عليه القيام وصلى قاعدا فلا بأس، وإن جلس حتى يمضي بعض القراءة ثم يقوم   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (128). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 435 فيقرأ واقفا ثم يركع مع الإمام فلا بأس، الأمر واسع بحمد الله، لكن الأفضل أنه يقوم حتى يقرأ القراءة وهو واقف إذا تيسر، فإن جلس حتى يقرب الركوع وقرأ وهو جالس ثم إذا كبر الإمام قام وركع لا بأس بذلك أيضا، والحمد لله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 436 200 - حكم إتمام التراويح بعد الشروع فيها س: رسالة ع. س. ص من اليمن: عرفنا من برنامجكم (نور على الدرب) أن صلاة التراويح سنة، لكن هل يلزم المسلم إذا شرع فيها أن يكملها، أم يصلي ما شاء وينصرف (1)؟ ج: لا شك أنها سنة وأنها نافلة، التراويح لقيام رمضان، وهكذا صلاة الليل، وهكذا صلاة الضحى، وهكذا الرواتب التي مع الفرائض كلها سنة، نافلة إذا شاء فعلها وإن شاء تركها، وفعلها أفضل، إذا شرع مع إمام التراويح وأحب أن ينفتل منها قبل أن يكبر فلا بأس عليه، لكن بقاءه مع الإمام حتى ينصرف أفضل ويكتب له بهذا قيام الليل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (3). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 436 قيام ليلة (1)» إذا بقي مع الإمام حتى يكمل كتب له فضل قيام الليلة كلها، وإذا انصرف بعدما يصلي بعض الركعات لا بأس، ولا حرج في ذلك لأنها نافلة.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 437 201 - حكم صلاة التراويح عشرين ركعة أو أكثر س: تسأل الأخت وتقول: لقد قرأت في بعض الكتب أن صلاة التراويح عشرين ركعة لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك لم ترد عن عمر بن الخطاب كما يزعم بعض الناس، فهل صلاة عشرين ركعة بدعة؟ أم هي جائزة ولا حرج فيها أبدا؟ جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: صلاة التراويح ليس فيها حد محدود، من صلى عشرين فلا بأس، ومن صلى ثلاثين فلا بأس، ومن صلى أربعين فلا بأس، ومن صلى إحدى عشرة فلا بأس، ومن صلى ثلاث عشرة فلا بأس، ومن صلى أكثر أو أقل فلا بأس، أمرها واسع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (235). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 437 «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» ولم يحدد حدا، عليه الصلاة والسلام، هكذا جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر، قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)»، وهذا يعم رمضان وغيره، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (3)»، فأبان - صلى الله عليه وسلم - أن صلاة الليل مثنى مثنى، إذا صلى عشرا يوتر بواحدة بعد ذلك، وإن صلى عشرين يوتر بواحدة، أو صلى ثلاثين يوتر بواحدة، أو صلى أربعين يوتر بواحدة، أو صلى مائة يوتر بواحدة، ما في ذلك حد محدود، ما قال: صلاة الليل عشر، ولا عشرون، قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح (4)»؛ يعني لو بدأ الصلاة خشي الصبح «يوتر بواحدة (5)» وهكذا لو أوتر في الليل يصلي ما قسم الله له ويوتر بواحدة، أو في جوف الليل كذلك، وكان - صلى الله عليه وسلم - ربما أوتر بسبع وربما أوتر بخمس وربما أوتر بتسع، وكان في الأغلب يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما صلى ثلاث عشرة، صلى ثنتي عشرة ثنتين ثنتين ثم يوتر بواحدة، هذا هو الغالب من فعله صلى الله   (1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (3) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (4) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (5) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 438 عليه وسلم، وربما نقص فصلى سبعا أو تسعا أو خمسا أو ثلاثا، لكن الغالب والأكثر يصلي إحدى عشرة، وفي بعض الأحيان ثلاث عشرة، ولكن ما نهى عن الزيادة عليه الصلاة والسلام، من شاء زاد، وثبت عن عمر رضي الله عنه والصحابة أنهم فعلوا ذلك؛ صلوا إحدى عشرة وصلوا ثلاثا وعشرين، ثبت هذا وهذا عن عمر رضي الله عنه، فالذي أنكر ثبوته عن عمر قد غلط، بل هو ثابت عن عمر أنه صلى ثلاثا وعشرين، وفي بعض الليالي صلى إحدى عشرة، فالأمر واسع والحمد لله، ومن صلى أكثر كما فعل بعض الصحابة فلا بأس، بعض السلف كان يصلي ستا وثلاثين ويوتر بثلاث حتى تكون تسعا وثلاثين، بعضهم يصلي إحدى وأربعين، فليس في هذا حد محدود والحمد لله، لكن مثنى مثنى، ثنتين ثنتين، هذا هو السنة في رمضان وفي غيره، ولكن كونه يصلي ثلاث عشرة أو إحدى عشرة أفضل لأنها أرفق ولأنها توافق فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى ثلاثا وعشرين مثل ما فعل عمر في بعض الأحيان فلا بأس، وإن أحب الزيادة هو وجماعته فلا بأس، لكن يرفق بالذين معه، لا يطول عليهم، ويطمئن في ركوعه وسجوده، يرتل في قراءته لأن هذا أنفع للمسلمين، ولا يجوز له أن ينقرها نقرا، يجب أن يطمئن، فإذا صلى إحدى عشرة مع الطمأنينة الجزء: 9 ¦ الصفحة: 439 والترتيل في القراءة كان أفضل من عشرين، وإذا صلى ثلاث عشرة كذلك، وإذا كان يشق عليه صلى سبعا مع الترتيل ومع الطمأنينة أفضل، وهكذا خمس - ثلاث، حسب طاقته؛ {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، وإن من أهم المهمات أنه يطمئن ولا يعجل في قراءته، يطمئن ويرتل حتى يستفيد وحتى يستفيد الجماعة الذين خلفه وينتفعوا بالقراءة، إذا رتل واطمأن استفاد الجميع؛ هو والجماعة، فيطمئن في ركوعه وسجوده ويرتل في قراءته ويخشع فيها حتى يستفيد من وراءه وحتى يستفيد هو، وفق الله الجميع. س: السائل ع. أيقول: ما حكم من يصلي في رمضان أربعا وعشرين ركعة ويقنت في صلاة الفجر ويعجل فيها كي لا يكون شاقا على من خلفه (2)؟ ج: صلاة الليل موسع فيها والحمد لله، لكن أربعا وعشرين لا وجه لها، نعم، الصحابة صلوا ثلاثا وعشرين وصلوا إحدى عشرة وعشرين، يسلم من كل اثنتين ويوتر بثلاث، يسلم من اثنتين ويوتر بواحدة، أما   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (389). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 440 الصلاة أربعا وعشرين ما لها وجه، هذه شفع، لكن يصلي ثلاثا وعشرين أو واحدا وثلاثين أو ثلاثا وثلاثين أو ثلاثا وأربعين أو تسعا وثلاثين؛ يعني يوتر لا بأس، ليس فيها حد محدود والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة (1)» فإذا صلى عشرا وأوتر بواحدة، يعني إحدى عشرة كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل في غالب تهجده أو صلى ثلاث عشرة أو صلى ثلاثا وعشرين أو صلى أكثر من ذلك لكن يوتر بواحدة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)»، والأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو أكثر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وإن أوتر بأكثر كما فعل الصحابة في بعض الأحيان بثلاث وعشرين في عهد عمر أو أوتر بتسع وثلاثين أو أوتر بإحدى وأربعين أو بأكثر من هذا، كل هذا لا حرج فيه والحمد لله، لكن يصلي ثنتين ثنتين، يسلم من كل اثنتين، وأقل ذلك واحدة، أقل الوتر واحدة، وفي رمضان الأفضل أن يوتر بإحدى عشرة أو ثلاث عشرة،   (1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 441 وإن أوتر بثلاث وعشرين يسلم من كل ثنتين، كله طيب والحمد لله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 442 202 - حكم صلاة التراويح عشر ركعات طوال س: في شهر رمضان المبارك يصلي إمام مسجدنا صلاة التراويح عشر ركعات طوال شهر رمضان، هل يعتبر صلى النصف أو أكمل (1)؟ ج: هذا أفضل؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي عشرا ويوتر بواحدة في رمضان وفي غيره عليه الصلاة والسلام، وربما صلى ثلاث عشرة عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الأفضل، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة في رمضان وفي غيره، وإن صلى أقل أو أكثر فلا حرج، أو إن صلى - كما جاء عن عمر والصحابة - ثلاثا وعشرين فلا بأس، وإن صلوا أكثر من ذلك فلا بأس، الأمر في هذا واسع والحمد لله؛ لأن الرسول لم يحدد ركعات معلومة عليه الصلاة والسلام، بل لما سئل عن صلاة الليل قال: «مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)» فلم يحدد عشرا ولا عشرين، فدل ذلك   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (217). (2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 442 على أن الأمر فيه سعة والحمد لله، فمن صلى عشرا أوتر بواحدة فقد أحسن، ومن أوتر بثلاث عشرة فقد أحسن، ومن أوتر بثلاث وعشرين فقد أحسن، ومن صلى بأكثر فلا بأس، ولكن أفضلها إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا موافق لفعله عليه الصلاة والسلام، وإن أوتر أحد بأقل من ذلك فلا بأس؛ لأنه ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه ربما أوتر بتسع ثم أوتر بسبع ثم أوتر بأقل من ذلك، هذا كله يدلنا على أن الأمر فيه سعة والحمد لله، أما من يشدد ويقول: لا بد أن يوتر بإحدى عشرة أو بثلاث عشرة أو بثلاث وعشرين - هذا غلط، لا يجوز التشديد في هذا، والله قد وسع فيه سبحانه وتعالى، فمن صلى إحدى عشرة أو ثلاث عشرة تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا أفضل، ومن صلى ثلاثا وعشرين لأن جماعته رغبوا في ذلك فلا بأس، ومن صلى ثلاثا وثلاثين أو تسعا وثلاثين أو إحدى وأربعين فلا بأس، السلف فعلوا هذا وهذا، فلا حرج في هذا كله والحمد لله، وإذا وسع الله فوسعوا، ولا ينبغي لأحد أن يتشدد في أمر وسع الله فيه. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 443 203 - حكم إحياء ليل رمضان بالصلاة والقراءة بعد التراويح س: يقول السائل: إنني أقوم في أيام رمضان عند انتهائي من صلاة الجزء: 9 ¦ الصفحة: 443 التراويح، وأعود إلى البيت في قراءة القرآن والصلاة حتى صلاة فجر اليوم الثاني، وأقول: أصلي ركعتين طاعة لله تعالى. وأكبر، وهذا طيلة الليل حتى انتهاء رمضان، فهل عملي هذا صحيح (1)؟ ج: أما في العشر الأخيرة فلا بأس، كان النبي يحييها - عليه الصلاة والسلام - في رمضان، يحييها بالعبادة، ويوقظ أهله عليه الصلاة والسلام، فأما في العشر الأول فالأفضل لك ألا تحييها، بل تنام فيها بعض الوقت حتى تستعين بنومك على قومتك وعلى أعمالك النهارية، فتصلي ما يسر الله مع المسلمين في المساجد وتنام، أما العشر الأخيرة فإنه يستحب إحياؤها بالعبادة بالقراءة والصلاة، ثم المؤمن لا يتلفظ بالنية، يقول: أصلى كذا وكذا. ينوي بقلبه ويكفي، سواء التراويح أو صلاة الفريضة أو الراتبة أو غير ذلك، لا حاجة إلى التلفظ، ولا يقول: نويت أن أصلي الظهر، أو نويت أن أصلي ركعتي التحية، أو نويت أن أصلي صلاة الضحى، أو نويت أن أصلي صلاة العشاء، كل هذا لا أصل له، كما أنه لا يقول أيضا: نويت أن أتوضأ، أو أن أطوف أو أسعى، كل هذا لا أصل له، القلب هو محل النية، ينوي بقلبه والحمد لله.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (193). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 444 204 - حكم صلاة التراويح ثماني ركعات س: يقول السائل: صلينا التراويح ثماني ركعات في المسجد، بعض الناس يقولون: إنكم هدمتم البناء الذي بناه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه! هل هذا القول صحيح؟ نرجو التوضيح جزاكم الله خيرا (1) ج: عملكم هذا هو الموافق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة النبي مقدمة على سنة عمر رضي الله عنه، وعمر رضي الله عنه فعل هذا وهذا، فعل إحدى عشرة وفعل ثلاثا وعشرين، صلى هذا وهذا مع الصحابة، فالأمر واسع، فمن صلى ثلاثا وعشرين فلا بأس، ومن صلى أكثر فلا بأس، ومن صلى ثلاث عشرة فهو سنة، ومن صلى إحدى عشرة فهو سنة، كله طيب، وأفضلها إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى الناس عشرين مع الوتر ثلاثا فلا بأس كما فعل عمر في بعض الأحيان، وعمر فعل هذا وهذا، أمر أبيا أن يصلي بالناس إحدى عشرة، وفي بعضها: صلى ثلاثا وعشرين، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، ولكن المقدم هو سنة   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (210). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 445 النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة - عليه الصلاة والسلام - في رمضان وفي غيره، ومن زاد فلا حرج عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» ولم يحدد لا ثمانيا ولا عشرا ولا أكثر ولا أقل، فدل على التوسعة والحمد لله، «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» يعني ثنتين ثنتين، ثم قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (3)»؛ يعني إذا خشي الصبح أوتر بواحدة، فهذا هو المشروع، إذا صلى ثمانيا وأوتر بثلاث صارت إحدى عشرة، وإذا صلى عشرا وأوتر بثلاث صارت ثلاث عشرة، وإذا صلى عشرين؛ عشر تسليمات وأوتر بثلاث صارت ثلاثا وعشرين، وإن صلى أكثر فلا بأس، فالحمد لله، الأمر واسع بحمد لله. س: يقول السائل: رأيت بعض الناس يصلون التراويح ثماني ركعات، والبعض الآخر عشرين ركعة، فما رأي سماحتكم (4)؟ ج: الأمر واسع والحمد لله، ومن صلى ثمانيا أو عشرا أو عشرين ثم   (1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (3) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (4) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (255). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 446 أوتر كله طيب، لا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن يصلي ثمانيا مع الوتر ثلاثا إحدى عشرة، أو عشرا مع الوتر ثلاثا تكون ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأغلب، كان يوتر بإحدى عشرة وربما أوتر بثلاث عشرة، هذا هو الأغلب، وربما أوتر بأقل من ذلك، فكون الإمام أو المنفرد يتحرى ذلك أفضل، ومن صلى عشرين أو أكثر فلا حرج، فقد ثبت عن عمر والصحابة رضي الله عنهم أنهم صلوا عشرين بالوتر ثلاثا وصلوا إحدى عشرة، صلوا هذا وهذا، وكله بحمد الله واسع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحدد حدا بذلك، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (1)» فلم يحدد، فظاهره أنه إذا صلى عشرين أو ثلاثين أو أربعين فلا حرج، ثم يوتر بواحدة والحمد لله.   (1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 447 205 - بيان عدد الركعات في صلاة التراويح س: هل عدد ركعات التراويح ثلاث عشرة ركعة أو إحدى وعشرون ركعة؟ وما هو الأفضل في ذلك مأجورين (1)؟   (1) السؤال الخامس والخمسون من الشريط رقم (430). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 447 ج: الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، كان الغالب يوتر بإحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين كما روت عائشة رضي الله عنها في ذلك، وربما أوتر بثلاث عشرة كما روت عائشة ذلك وابن عباس أيضا، هذا هو الأفضل، وإن زاد صلى إحدى وعشرين أو ثلاثا وعشرين أو أكثر فلا حرج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (1)» فلم يحدد حدا، فلو صلى عشرين أو ثلاثين أو أربعين أو أكثر ثم أوتر بواحدة فلا بأس، لكن الأفضل والأرفق بالمسلمين إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا الذي فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الأرفق بالناس.   (1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 448 206 - بيان أن الأمر في صلاة التراويح واسع س: يقول السائل: أود أن أعرف كم عدد ركعات صلاة التراويح؟ هل عددها ثماني ركعات أو عشرون ركعة؟ ذلك أني أرى بعض المساجد يصلون ثمانيا والبعض الآخر يصلون عشرين! الجزء: 9 ¦ الصفحة: 448 أفيدوني مأجورين (1) ج: ليس للتراويح عدد محصور، بل الأمر فيها واسع والحمد لله، من صلى عشرين أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة أو صلى أربعين مع الوتر أو خمسين مع الوتر كله لا بأس به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)» ولم يحدد عليه الصلاة والسلام، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (3)»، ثم قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (4)»، فدل ذلك على أنه لو صلى ثمانيا وأوتر أو عشرا وأوتر أو عشرين وأوتر أو ثلاثين وأوتر أو أكثر وأوتر لا بأس، ولا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن يفعل فعل النبي صلى الله عليه وسلم، الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، وإن أوتر بسبع أو تسع أو خمس أو ثلاث فلا بأس في رمضان أو في غيره، والأفضل في رمضان أن يصلي إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، وإن صلى عشرين كما فعل الصحابة في   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (245). (2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (3) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (4) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 449 عهد عمر رضي الله عنه؛ لأنهم في بعض الأحيان صلوا عشرين مع الوتر ثلاثا، الجميع ثلاث وعشرون لا بأس، فعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا صلى الناس ثلاثا وعشرين لا بأس طيب، وأفضل من ذلك ثلاث عشرة أو إحدى عشرة كما فعل عليه الصلاة والسلام، وإن صلوا أكثر صلوا أربعين وأوتروا بثلاث أو واحدة كل ذلك لا بأس به، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، ولا ينبغي فيه الإنكار ولا التشديد، من صلى إحدى عشرة فقد أحسن، ومن صلى ثلاث عشرة فقد أحسن وهو أفضل، ومن صلى عشرين فلا بأس كما فعل الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه، كل هذا بحمد الله ميسر. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 450 207 - بيان ما يقرؤه الإمام في صلاة التراويح س: يقول السائل: هل يقرأ في صلاة التراويح من طوال السور أم من قصارها (1)؟ ج: الأفضل للإمام أن يراعي المأمومين ولا يطول عليهم، يقرأ من أول القرآن ويستمر حتى يختمه في آخر الشهر، وإن قرأ من السور القصيرة فلا بأس، يقرأ ما يتحملون وما لا يشق عليهم، وإن قرأ تارة   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (247). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 450 بشيء من الطوال ولم يكملها، بل فرقها في ركعتين أو أكثر فكل هذا حسن، المقصود أنه يقرأ ما يناسبهم، ولا يشق عليهم، وما يحصل به الفائدة، وإذا قرأ من أول القرآن حتى يختمه كان هذا هو الأفضل، يبدأ بالفاتحة ثم البقرة إلى آخره حتى يختم القرآن في آخر الشهر، يكون هذا هو الأفضل، مع مراعاة الترتيل وعدم العجلة، وإيضاح القراءة حتى يستفيد المصلون، وحتى يتدبروا ويتعقلوا. س: بعض الأئمة يقرؤون قصار السور، ويقتصرون على ذلك في صلاة التراويح، ولا يختمون القرآن إطلاقا، ما حكم هذا العمل (1) ? ج: الأمر في هذا واسع والحمد لله، كل يقرأ بما يسر الله له، سواء قرأ القرآن كله، أو قرأ من قصار المفصل، أو قرأ بعض السور التي يحفظها، لا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن يقرأ القرآن كله إذا تيسر، ولو من المصحف، يجعل حوله كرسيا، وإذا أراد الركوع أو السجود جعله على الكرسي، وإذا قام قرأ، وكان ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها يصلي بها في رمضان من المصحف والصواب أنه لا حرج في ذلك، هذا   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (194). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 451 هو الصواب، أنه لا حرج في أن يقرأ من المصحف، ولو ترك ذلك وقرأ بهم من جزء (عم) أو غيره فلا حرج في ذلك أيضا، الأمر في هذا واسع، ليس من اللازم أن يختم القرآن، لو صلى بهم ببعض القرآن في جميع رمضان فلا بأس بذلك، سواء كان من قصار المفصل، أو من طواله، لكن الأفضل إذا تيسر أن يختم بهم، فهو الأفضل. س: يسأل الأخ: هل يجوز في شهر رمضان الاقتصار على أقصر السور في صلاة التراويح، أم يكون القرآن كاملا عن ظهر قلب (كما يعبر)؟ حيث عندنا في القرية لا يتمونه، بل من أقصر السور، أرجو أن تتفضلوا بالتوجيه نحو هذا، جزاكم الله خيرا (1) ج: الشهر الكريم المؤمنون فيه يحتاجون إلى التشجيع والتوجيه والنصيحة، والعظة المختصرة التي ليس فيها طول ولا إسهاب، بل في كل مقام بحسبه، وفي قراءة التراويح لا يطول كثيرا، ولكن إذا أمكن أن يختم بهم ختمة في جميع الشهر فهذا أولى وأكمل؛ حتى يسمعوا جميع القرآن، وينبغي له أن يقرأ في التراويح في كل ركعة آيات كربع الثمن، ثلث الثمن، لا يشق عليهم، أما تعمده قصار السور، وهو يستطيع أن   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (85). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 452 يقرأ خلاف ذلك فالأولى ترك ذلك، أما إذا كان لا يحفظ، وإنما يحفظ قصار السور فيرددها فلا حرج في ذلك، لكن لو قرأ من أول القرآن إلى آخره ولم يطول عليهم، ولو من المصحف إذا كان لا يحفظ يقرأ من المصحف لا بأس، كان ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها يصلي بها ويقرأ من المصحف والصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لأنه لا يحفظ القرآن فلا مانع من أن يقرأ من المصحف، ولكن لا يطول على إخوانه، يراعي أحوالهم، قد يكون لهم أعمال، وقد يكون لهم شؤون تمنعهم من الإطالة، وتمنعهم من التطويل، بل يشق عليهم في ذلك، فإنه يلاحظهم، فالناس أقسام، منهم من يتحمل، ومنهم من لا يحتمل، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في حق الأئمة: «فمن أم الناس فليتجوز؛ فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة (1)» هذا في الفرائض، فكيف بالنوافل، التراويح نافلة، فهو يلاحظ الشيء الذي يشق عليهم،   (1) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (704)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم (466). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 453 ويحصل لهم به المتابعة له، والصلاة معه والراحة في هذه العبادة، والخشوع فيها، فلا ينبغي له أن يفعل شيئا ينفرهم، ويجعلهم يخرجون من المسجد ولا يصلون معه إلا الشيء القليل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة (1)» هذا فضل عظيم، لكن متى طول عليهم فقد ينفرون، وقد لا يكملون، فالإمام يشرع له أن يراعيهم، وأن يصلي بهم صلاة بين الصلاتين، ليس فيها مشقة ولا تطويل، وليس فيها نقر واختصار كثير، نسأل الله للجميع التوفيق.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 454 208 - حكم القراءة من المصحف في الصلاة إذا دعت الحاجة لذلك س: في صلاة التراويح والقيام في شهر رمضان هل يجوز التلاوة من مصحف صغير، لمن لم يتمكن من حفظ القرآن كله؟ علما بأن ذلك يتم بطريقة عادية دون أن يسبب أي حركات تخل بالصلاة، نرجو الجواب الشافي في هذا الأمر، جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس هناك حرج في أن يقرأ من المصحف في صلاة التراويح، أو قيام رمضان، أو في الصلاة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، سواء كان   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (277). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 454 صغيرا أو كبيرا؛ لأنه ليس كل أحد يحفظ القرآن، فإذا صلى بالناس التراويح، أو القيام من المصحف فلا حرج في ذلك، وقد ثبت أن ذكوان مولى عائشة كان يصلي بها في رمضان من المصحف ومن منع ذلك ليس عنده دليل، والصواب أنه لا حرج في ذلك، إذا دعت الحاجة إلى أن الإمام يقرأ من المصحف، أو إنسانا يتهجد من الليل يقرأ من المصحف فلا حرج في ذلك والحمد لله، أما الفرائض فيكفي فيها ما تيسر والحمد لله، ولو قرأ من المصحف بمثل صلاة الفجر أو غيرها صحت صلاته، ولا حرج في ذلك، لكن في الغالب أنه لا يحتاج إلى المصحف في الفرائض؛ لأن القراءة فيها ميسرة، لكن لو أن إنسانا احتاج المصحف في صلاة الفجر، لم يحفظ: (الم تنزيل: السجدة)، و (هل أتى على الإنسان: الإنسان) وقرأ من المصحف؛ ليقرأ هذه القراءة المشروعة في صباح الجمعة فلا حرج في ذلك والحمد لله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 455 س: رسالة من المستمع م. م، يقول: هل يجوز أن أمسك المصحف أثناء الصلاة، مع توضيح ذلك؟ وكيف أضعه أثناء السجود؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (338). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 455 ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك أن يقرأ من المصحف؛ مثل صلاة رمضان في القيام، وأشباه ذلك لا بأس، والأفضل يقرأ عن ظهر قلب إذا كان حافظا، فإذا كان يحتاج المصحف فلا بأس، فقد ثبت أن مولى عائشة رضي الله عنها كان يصلي بها من المصحف في رمضان. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 456 س: هل يجوز لي أن أقرأ من المصحف أثناء صلاة النافلة؛ كقيام الليل مثلا (1) ? ج: لا حرج في ذلك مثل قيام الليل، التهجد في رمضان، لا حرج أن يقرأ الإنسان من المصحف الرجل والمرأة جميعا؛ لأن في هذا إعانة لهما على الاستكثار من القراءة.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (221). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 456 س: هل يجوز حمل المصحف أثناء الصلاة لقيام الليل والتراويح للقراءة منه (1) ? ج: لا حرج، لو قرأ في المصحف التراويح والتهجد لا بأس به، كان مولى عائشة ذكوان يصلي بها، ويقرأ بها من المصحف رضي الله عنهم.   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (430). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 456 209 - حكم متابعة الإمام في المصحف أثناء الصلاة س: بعض المأمومين يتابعون الإمام في المصحف أثناء قراءته، فما رأيكم في هذا (1) ? ج: هذا سألني عنه غير واحد، والذي يظهر لي أنه لا ينبغي هذا، وأن الأولى هو الإقبال على الصلاة والخشوع، ووضع اليدين على الصدر، اليمنى على اليسرى؛ على الكف اليسرى ورسغها وساعدها، متدبرا لما يقرؤه الإمام ومنصتا، هكذا أمرنا الله سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (2) والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قرأ الإمام فأنصتوا (3)» فالسنة أن ينصت ولا يشتغل بشيء، لا بالمصحف ولا بغيره، بل يضع يمينه على شماله على صدره، خاشعا مطمئنا منصتا متدبرا، متعقلا لما يقرؤه الإمام، هذا هو الأفضل والأولى، وأما الاستماع له بالمصحف فأقل أحواله الكراهة.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (84). (2) سورة الأعراف الآية 204 (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا، برقم (847). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 457 210 – حكم قراءة المأموم للفاتحة كل ركعة في التراويح س: يسأل المستمع ويقول: هل على المأموم أن يقرأ الفاتحة في كل ركعة أثناء صلاة التراويح مع الإمام، أم يكتفي بالإنصات لقراءة الإمام؟ مع العلم بأن الإمام يشرع في قراءة القرآن بعد الفاتحة مباشرة (1) ج: هذه مسألة خلاف بين أهل العلم، فمن أهل العلم من قال: يكفي قراءة الإمام. ولكن الراجح أنه يقرأ، والصواب أنه يقرأ، يقرأ الفاتحة ثم ينصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم، قال: " لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» وهذا عام، يعم الفرض والنفل، وهو حديث صحيح، مع عموم حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3)» فالمأموم يقرأ الفاتحة ثم ينصت، سواء كانت الصلاة جهرية أو سرية، هذا هو الصواب.   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (392). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756) ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة برقم (394). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756) ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة برقم (394). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 458 211 - بيان فضل القيام مع الإمام حتى ينصرف من الصلاة في رمضان س: هناك معنى لحديث شريف: من صلى العشاء والقيام وراء الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. هل يعني ذلك في رمضان، أو في غيره أيضا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا صلى خلف الإمام في رمضان؛ لأن هذا ورد في رمضان كتب الله له قيام ليلة، إذا صلى معه حتى ينصرف فإنه يكتب له قيام ليلته، وهذا فيه تحريض على الجماعة، وترغيب في الجماعة لصلاة التراويح وصلاة القيام في العشر الأخيرة مع الإمام، أما في بقية الليالي فلا أعلم ما يدل على ذلك، لكن يرجى لمن صلى مع أخيه في بعض الليالي أو مع إخوة له، صلى معهم جماعة وأمهم بعضهم يرجى لهم في ذلك خير عظيم؛ لأن هذا فيه تعاون على البر والتقوى، فيرجى أن يعمهم الحديث كما لو كان ذلك في رمضان، أما فريضة العشاء فهذا فيه نص الحديث: «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، وإذا صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله (2)» هذا في فضل الجماعة، والجماعة   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (329). (2) أخرجه مسلم في كتاب المسجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، برقم (656). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 459 واجبة، وفيها فضل عظيم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 460 س: من قام مع إمامه في صلاة التراويح، ولم يقم معه في التهجد آخر الليل هل يعتبر له قيام ليلة كاملة (1) ? ج: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة، إذا كان إمامه صلى بهم في أول الليل وأوتر بهم له قيام الليل، وإن صلى مع من صلى في آخر الليل زيادة فلا بأس، لكن لا يوتر وترين، إذا أوتر مع الأول لا يوتر مع الثاني، يصلي ما تيسر ولكن لا يوتر، إذا أوتر الثاني يصلي معه، ويشفعها بركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (2)» هكذا قال صلى الله عليه وسلم، فإذا أوتر مثلا في الحرم، أو في غير الحرم مع الذي صلى أولا، إن كان الأول أوتر، وإن كان ما أوتر فالحمد لله، لكن إذا أوتر الأول وأوتر معه فلا يوتر مع الثاني، لكن يصلي مع الثاني ما تيسر ولا يوتر معه، فإن أوتر معه في الركعة الأخيرة شفعها   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (382). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوترين في ليلة، برقم (1679). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 460 بركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1)» اللهم صل عليه وسلم.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوترين في ليلة، برقم (1679). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 461 212 - حكم من صلى التراويح مع الإمام وأراد أن يصلي في آخر الليل س: نرى من محبي الخير ومن فضلاء الناس الذين يصلون التراويح في رمضان مع الجماعة، إذا جاءت الشفع والوتر تركوا أمكنتهم، وانصرفوا إلى منازلهم، وإذا كان المسلم يصلي مع الجماعة في رمضان صلاة التراويح، وكانت له صلاة في آخر الليل فأيهما أحسن وأولى؛ يوتر مع الجماعة ويشفع وتره، أم يترك الشفع والوتر مع الجماعة ويوتر آخر الليل (1) ? ج: الأفضل له أن يكمل مع الإمام كما شرع الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم قال: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له بقية ليلته (2)» والرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى بالصحابة في بعض الليالي إلى آخر الليل، وفي بعضها إلى نصف الليل قالوا: يا   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (28). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 461 رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا، قال: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له بقية ليلته (1)» هذا هو الأفضل أنه يستمر مع الإمام حتى يوتر، ثم إذا صلى آخر الليل يكفي الوتر الأول، لا حاجة لوتر ثان، والحمد لله، ينصرف مع الإمام ويصلي ما تيسر في آخر الليل شفعا من دون وتر, ومن صلى مع الإمام فلما سلم الإمام قام وأتى بركعة، ثم جعل وتره آخر الليل فلا بأس بذلك، لكن هذا قد يثقل على بعض النفوس، وقد يخشى صاحبه أن يعد بهذا مرائيا، فالحاصل أنه إذا ختم بالوتر الحمد لله يكفي، وإن شفعه فلا حرج، وإن اكتفى ثم صلى في آخر الليل ما تيسر ركعتين، أو أربعا أو ستا أو ثمانيا، أو ما أشبه ذلك فلا حرج، ولا حاجة إلى وتر، يكفي الوتر الأول.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 462 213 - حكم من لا يسلم مع الإمام في الوتر ليوتر آخر الليل س: تقول السائلة: في صلاة التراويح، وبعد أن يصلي الإمام الوتر، وعند السلام لا نسلم معه، بل نقوم نصلي ركعة إضافية حتى لا يكون وترا؛ لأننا نرغب في تأخير الوتر إلى ما بعد النوم، فأيهما الجزء: 9 ¦ الصفحة: 462 أفضل: متابعة الإمام، أو تأخير الوتر (1) ? ج: الأمر واسع في هذا، من تابع فهو أفضل يسلم معه، له أجر ما فعل مع الإمام حتى ينصرف، ومن أتى بركعة وشفع بها وتره، وأوتر في آخر الليل فالأمر واسع بحمد الله، وإن سلم معه فلعله أفضل إن شاء الله، ثم هو يصلي بعد ذلك ما تيسر من دون وتر، يصلي ركعتين، يصلي أربعا، ثمانيا، أكثر، أقل، يسلم من كل ركعتين، وليس هناك حاجة للوتر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (2)» لكن يصلي ما تيسر، يسلم من كل ثنتين والحمد لله، وأما سلامه مع الإمام فهو يكون أفضل، وأبعد عن الرياء.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (384). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوترين في ليلة، برقم (1679). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 463 214 - حكم صلاة التراويح بسور معينة من القصار أو بآية أو آيتين س: أئمة بعض المساجد عندنا يصلون التراويح في وقت قصير، وعندهم سور ثابتة يقرؤون بها، فهم يقرؤون بالإخلاص في الركعة الثانية من كل ركعتين دائما، ولذلك تركنا صلاة التراويح خلفهم، فصلينا خلف جماعة من الشباب وحدنا، فبماذا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 463 تنصحونا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: كل هذا لا بأس به، صلاة التراويح سنة مستحبة نافلة، والأفضل للإمام أنه يقرأ من أول القرآن، فإن تيسر له أن يختم ختم في الشهر حتى يسمع الجماعة جميع القرآن، ويتحرى الصوت الحسن، والترتيل وعدم العجلة، ولا يقتصر على السور القصيرة، بل من أول المصحف، من أول القرآن إلى آخره، حتى يسمعهم كلام ربهم عز وجل، وحتى لا يملوا، أما اقتصاره على السور القصيرة دائما فهذا تركه أولى إذا استطاع أن يقرأ، أما إذا كانوا عامة لا يستطيعون: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، يقرؤون ما تيسر ولو بالسور القصيرة، والحمد لله، لكن إذا تيسر أن يقرأ القرآن كله أو ما تيسر منه، يبدأ من الفاتحة والبقرة حتى ينهيه ويختمه في العشر الأخيرة، أو في آخرها هذا يكون أفضل، حتى يسمع الجماعة جميع القرآن، ولو من المصحف، ولا حرج في ذلك والحمد لله.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (313). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 464 س: السائل: أ. ر. س. ع. من اليمن، يقول: هل تجوز الزيادة عن ثماني ركعات في صلاة التراويح؟ وإن كانت تجوز فما أقصى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 464 عدد لها (1) ? ج: الرسول عليه السلام لم يشترط عددا معينا، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فمن خشي الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (2)» فليس في هذا حد محدود، فإذا أوتر بتسع أو بخمس أو بسبع أو بأكثر، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولو أوتر بثلاث وعشرين أو بأكثر من هذا فلا بأس، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (412). (2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 465 س: توجد بعض القرى الصغيرة، في صلاة التراويح، في شهر رمضان يقوم الإمام بقراءة آية أو آيتين على الأكثر في كل ركعة، وهناك من يقرأ في كل ركعة: ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1)) في جميع الركعات، فهل الصلاة صحيحة والحال ما ذكر (2) ? ج: الصلاة صحيحة، لكن الأفضل أن يقرأ بهم من أول القرآن، ما   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (352). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 465 تيسر، وإذا تيسر أنه يختم في رمضان فهو أفضل وأكمل، وأما الإجزاء يجزئ إذا قرأ آية أو آيتين، أو قرأ بعض السور، كل ذلك لا بأس به، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، والله يقول سبحانه: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (2)، فليس في صلاة التراويح حد محدود في القراءة، بل يقرأ ما تيسر مع الفاتحة. أما كونه يقرأ سورة الإخلاص في كل ركعة، فإذا كان ما عنده غيرها لا حرج، أما إن كان عنده غيرها فالأفضل أن يقرأ من السور الأخرى، وتكون ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3)) في الوتر خاصة، تقرأ في الركعة الأخيرة، هذا هو الأفضل. س: سماحة الشيخ، يلجأ بعض الأئمة إلى هذه الطريقة؛ كونهم لم يحفظوا القرآن الكريم، فهل يجوز أن يقرؤوا من المصحف، ويصلوا بالناس التراويح (4) ? ج: نعم، يقرؤون من المصحف، الذي لا يحفظ يقرأ من المصحف، والحمد لله، كان مولى لعائشة رضي الله عنها يصلي بها من المصحف   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) سورة المزمل الآية 20 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (352). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 466 ولا حرج في ذلك. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 467 215 - حكم صلاة التراويح بأربع تسليمات والوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة س: السائل: ب. م. س. من الرياض، يقول: صلى بنا الإمام ذات مرة صلاة التراويح أربع تسليمات، ثم صلى بنا الوتر بتسليمة واحدة وثلاث ركعات الوتر، فهل عمله صحيح (1) ? ج: هذا أفضل، إذا صلى إحدى عشرة أربع تسليمات، ثم الوتر ركعتين ثم ركعة إحدى عشرة الجميع، هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي ثنتين ثنتين، هذه ثمان، ثم ثنتين فيها (سبح) و (الكافرون) ثم الواحدة فيها ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2)) هذا هو الأفضل، وإن صلى ثلاث عشرة فلا بأس، وإن سرد الثلاث: (سبح) و ({قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (3)) سردها جميعا فلا بأس، لكن لا يشبهها بالمغرب، بل يسردها جميعا بسلام واحد ولا بأس، والأفضل أن يسلم من كل ثنتين، كما سلم في الأربعة الأولى من كل ثنتين، كذلك يقرأ (سبح) و (الكافرون) ويسلم، ثم يأتي بواحدة يقرأ فيها ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4)) ويسلم   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (420). (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الكافرون الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 467 مع الفاتحة، هذا هو الأفضل، والواحدة وحدها مستقلة، وإن جمعها مع الثنتين سرد الثلاث جميعا فلا حرج، فعل النبي هذا وهذا، اللهم صل عليه وسلم. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 468 216 - من صلى مع الإمام أربع ركعات في التراويح ولم يكمل مع الإمام س: يسأل السائل ويقول: من يصلي مع الإمام أربع ركعات أو ستا وهكذا، ولا يكمل مع الإمام بقية الصلاة فهل يكتب له أجر القائم مع الإمام، ويكتب له قيام ليلة؟ وما حكم من يصلي الوتر فقط في رمضان (1) ? ج: له أجر ما صلى، ولا يكتب له قيام ليلة إلا إذا كمل مع الإمام حتى ينصرف الإمام، يكتب له قيام ليلة، أما إذا صلى معه تسليمة أو تسليمتين فله أجرها، كلها نافلة، لكن الأفضل أن يكمل معه حتى يحصل له فضل قيام الليل.   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (420). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 468 217 - بيان عدد ركعات صلاة التراويح س: نحن فئة من المسلمين، نصلي في شهر رمضان صلاة التراويح الجزء: 9 ¦ الصفحة: 468 إحدى عشرة ركعة، وقد أنكر علينا بعض المسلمين ويقولون: إنها إحدى وعشرون ركعة، كما فعل عمر رضي الله عنه. وضحوا لنا جزاكم الله خيرا (1) ج: التراويح في رمضان بابها واسع، قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة ركعة، كما روت عائشة رضي الله عنها ذلك، وصلى ثلاث عشرة، وصلى أقل من ذلك عليه الصلاة والسلام، وصلاها عمر والمسلمون إحدى عشرة، وصلوها ثلاثا وعشرين، كل هذا واقع، والأمر في هذا واسع والحمد لله، فإن صلوها ثلاثا وعشرين كما فعل عمر والصحابة فلا بأس، وإن صلوها إحدى عشرة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو ثلاث عشرة هذا أفضل، وقد فعله عمر والصحابة في بعض الأوقات، فعلوا هذا وهذا، فالأمر واسع في هذا، وإن صلوا أكثر من ثلاث وعشرين؛ كأربعين والوتر، أو أكثر أو أقل فلا بأس بذلك، لكن الأفضل فعله صلى الله عليه وسلم، وهو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، سواء كان في أول الليل أو في وسط الليل أو في آخر الليل، كله واسع والحمد لله.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (155). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 469 س: في شهر رمضان نصلي بعد العشاء إحدى عشرة ركعة بصلاة الوتر، فهل عملنا هذا من قيام الليل (1) ? ج: نعم، هذا أفضل ما يكون، إحدى عشرة هذا أفضل ما يكون من القيام، كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على هذا في جميع السنة، هذا هو الأغلب من فعله إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة، وربما صلى أقل من ذلك، كما تقول عائشة رضي الله عنها، إن هذا هو الغالب من شأنه صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين في رمضان وفي غيره، وإذا صلى الناس أكثر من ثلاث عشرة، أو عشرين أو أكثر فلا حرج، الأمر واسع بحمد الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أوتر بركعة واحدة (2)» صلى ركعة توتر له ما قد صلى، ولم يحدد للناس ركعات معينة؛ فدل على أنه لو صلى ثلاث عشرة، أو خمس عشرة، أو عشرين فلا حرج في ذلك، يسلم من كل ثنتين، لكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (350). (2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 470 عليه الصلاة والسلام. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 471 218 - بيان الأفضل لحافظ القرآن في صلاة التراويح س: السائل: أ. ع، من القصيم، يقول: ما الأفضل للإمام: المتقن القراءة حفظا، أم من المصحف، وخصوصا في صلاة التراويح (1) ? ج: إذا كان حافظا فالأفضل عن ظهر قلب، إذا كان حافظا يقرأ عن ظهر قلب؛ لأن هذا أجمع لقلبه على القراءة.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (421). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 471 219 - حكم الفتح على الإمام في الصلاة إذا أخطأ في القراءة س: هذا السائل يقول: سماحة الشيخ، أنا أصلي خلف إمام حافظ لكتاب الله عز وجل في صلاة التراويح، وغيرها من الصلوات الجهرية، وأفتح عليه إذا أخطأ، ويقول الإمام: لا تفتح علي في الكلمات القصيرة. فنرجو من سماحتكم التوجيه في ذلك (1) ج: المشروع أن تفتح عليه ولو قال: لا تفتح علي. إذا غلط يفتح عليه حتى يعلم المصلون في الآية التي ترك، أو الحرف الذي ترك، فالفتح   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (434). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 471 عليه من باب التعاون على البر والتقوى، ولا ينبغي له أن يكره ذلك، بل ينبغي له أن يشكره. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 472 س: يسأل السائل ويقول: البكاء من خشية الله أمر طيب، ولكن في صلاة التراويح نسمع بكاء مرتفعا يشوش على المصلين، فما حكم هذا البكاء المرتفع؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: المشروع للمؤمن أن يجاهد نفسه حتى لا يشغل المصلين ببكائه، ويكون بكاؤه بصوت منخفض، هذا هو المشروع له، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يسمع «لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء (2)» ولكن لا يكون رفيعا يؤذي الناس، وربما دمعت عيناه من دون صوت، فالحاصل أن المؤمن يجاهد نفسه، حتى لا يتأذى أحد ببكائه، وأما إذا غلبه ولم يستطع فهذا لا يضره ذلك.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (409). (2) أخرجه أحمد في مسند المدنيين رضي الله عنهم من حديث مطرف بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه برقم (15877)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب البكاء في الصلاة برقم (904)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب البكاء في الصلاة برقم (1214). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 472 220 - نصيحة لمن يذهب إلى المساجد البعيدة عنه س: كثير من الناس – هداهم الله – يذهبون في رمضان للمساجد البعيدة عن بيوتهم؛ لأداء صلاة التراويح، طلبا لحسن الصوت لبعض الأئمة، لكن المشكلة – يا سماحة الشيخ – هو بأنهم يذهبون متأخرين جدا، فنراهم قد تفوتهم صلاة العشاء، فيقضون جماعات في آخر المسجد، هل من كلمة لهؤلاء سماحة الشيخ (1)؟ ج: نعم، نصيحتي للجميع أن يتقوا الله، وأن يحرصوا على أداء الفريضة، وإذا ذهب بعد الفريضة، أو مبكرا حتى يدرك الفريضة إلى شخص آخر يرى أن صوته أحسن، وأنه يخشع لقراءته، ويستفيد فلا بأس، ولو كان بعيدا عن بيته، لكن يحرص على أداء الفريضة، لا تفوته الفريضة؛ إما أن يصليها في المساجد القريبة، وإما أن يبكر حتى يصلي مع ذاك الإمام الفريضة، ولا يعرض نفسه لأن تفوته الفريضة؛ لأن الفريضة فرض عليه، والتراويح مستحبة، فلا يضيع الفرض لأجل المستحب، يجب أن يعتني بالفريضة، حتى يؤديها مع إخوانه المسلمين،   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (380). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 473 وإذا أحب أن يصلي مع شخص آخر فليبكر، يذهب قبل العشاء حتى يدرك الفريضة معه، أو بعد العشاء إذا صلى الفريضة فلا بأس. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 474 221 - حكم صلاة التراويح في البيت س: يسأل ويقول: هل تجوز صلاة التراويح في البيت إذا كان الإمام ليس حافظا للقرآن، أو حافظا لبعض السور، والبعض الآخر يخطئ فيها (1) ? ج: لا بأس بها في البيت، ولكن في المسجد أفضل، السنة الصلاة في المساجد، كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها الصحابة، وهي نافلة، لكن المساجد أفضل، فإذا كان الإمام لا يصلح يبدل بإمام أصلح منه، ولو يقرأ من المصحف، ولو قرأ من المصحف لا بأس، فإقامتها في المساجد هي السنة، وهي التي درج عليها السلف الصالح، ولو صلى في بيته فلا حرج.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (. . .). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 474 222 - حكم صلاة التراويح للمنفرد س: هل لي أن أصلي التراويح وأنا منفرد (1) ? ج: صلاة التراويح في جماعة أفضل، والنبي صلى الله عليه وسلم صلاها بالصحابة جماعة عدة ليال، ثم ترك ذلك، وقال: «ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها (2)» فلما توفي صلى الله عليه وسلم، وانقطع الوحي جمع الناس عمر على إمام واحد، يصلي بهم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة (3)» والأفضل أن تصلي مع الجماعة؛ لأن هذا فضل عظيم، وإن صليتها في بيتك فلا بأس؛ لأنها نافلة، ومن صلاها مع الجماعة حصل له فضل الجماعة، وحصل له فضل قيام الليل كله إذا قام مع الإمام حتى ينصرف.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (314). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد، برقم (924)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (761). (3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 475 س: ما حكم صلاة التراويح في رمضان بالنسبة للرجل المنفرد في بيته؟ وما عدد ركعاتها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: قيام رمضان سنة في المساجد، يقول صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (2)» كونه يقوم رمضان مع إخوانه في المساجد أفضل، وإن صلى في بيته فلا حرج، وليس لها حد محدود، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا الأفضل، وإن صلى أكثر: عشرين والوتر، ثلاثين والوتر، أربعين والوتر ما فيه حرج والحمد لله، لكن أفضلها هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا كثير، ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، هذا هو الأفضل، سواء صلاها في أول الليل، أو في وسط الليل، أو في آخر الليل، أو فرقها، صلى بعضها في أوله، وبعضها في وسطه، أو بعضها في أوله، وبعضها في آخره، كل هذا لا حرج فيه، وهكذا في المساجد، إذا صلوها جميعا في أول الليل، أو صلوها في آخر الليل، أو بعضها في أول الليل، وبعضها   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (380). (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان، برقم (37)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (759). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 476 في آخر الليل كل هذا بحمد الله لا حرج فيه، الأمر موسع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما شرط شيئا، قال: «من قام رمضان (1)» ولما دخلت العشر أحياها كلها عليه الصلاة والسلام، فالأمر في هذا واسع، إذا أحيا العشر كلها من أولها إلى آخرها هذا أفضل، وإن استراح بينها لا بأس، وإذا صلى التراويح في أول الليل، أو اتفقوا على أن يصلوها في آخر الليل، كل ذلك لا بأس به، الحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان، برقم (37)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (759). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 477 س: أرجو من سماحتكم إرشادي عن صلاة التراويح، هل الأفضل فيه أن يصلي المرء منفردا، أم لا بد من الجماعة؟ وهل لا بد أن تكون القراءة جهرية؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الجماعة أفضل، كونه يصلي جماعة للتراويح في رمضان، يصليها جماعة كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أفضل، والقراءة تكون جهرية أفضل، وإن أسر فلا حرج، لكن الجهرية هي السنة، والنبي جهر والصحابة جهروا، صلاة الليل كلها جهرية، وصلاة النهار كلها سرية، إلا صلاة الفجر فإنها جهرية، وصلاة الجمعة جهرية، وصلاة العيد جهرية،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (264). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 477 وصلاة الكسوف جهرية، وصلاة الاستسقاء جهرية، وإن كان في النهار، لكن صلاة الظهر والعصر تكون سرية، المقصود أن السنة في التراويح أن تصلى مع الجماعة في المساجد، هذا هو الأفضل؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، والسنة للإمام أن يجهر بالقراءة، وإن صليت في بيتك فلا بأس، والسنة أن تجهر بالقراءة. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 478 223 - حكم صلاة التراويح لمن لا يسمعون الأذان بسبب البعد س: ح. أ. ح، من الخرج، يسأل ويقول: ما الحكم في شخص أو أشخاص لا يسمعون الأذان إلا من خلال الإذاعة، ومواعيد الصلاة المدونة في النتائج، ماذا يفعلون في صلاة القيام في شهر رمضان، علما بأن المسجد الموجود في المكان يبعد عن العمل حوالي ثلاثة كيلو أمتار (1) ج: يصلون في مكانهم والحمد لله بعد صلاة العشاء، إذا صلوا العشاء صلوا ما يسر الله لهم من القيام، ولا حاجه لذهابهم إلى مسجد بعيد يصلون في مكانهم والحمد لله.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (345). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 478 224 - حكم تأخير التراويح إلى آخر الليل س: هل يجوز أن أؤخر صلاة التراويح إلى آخر الليل (1)؟ ج: نعم لا بأس بذلك، إذا تيسر هذا فهو أفضل آخر الليل، ولكن المسلمين يصلونها أول الليل؛ لأنه أنشط لهم، وأقرب إلى القيام بها؛ لأن كثيرا من الناس لو نام ما قام في آخر الليل، فالمقصود أنه إذا تيسر أن تؤدى في آخر الليل فذلك أفضل.   (1) ورد هذا السؤال بالشريط رقم (299). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 479 س: أنا أعمل في محل لبيع الملابس، وصاحب هذا المحل يعترض على صلاة التراويح في المسجد؛ بحجة أن المحل يغلق كل ذلك الوقت، إذ لم يبع شيء طوال تلك الفترة، فهل يجوز أن أصلي وحدي بعد انتهاء العمل في البيت؟ (1) ج: صلاة الليل موسع فيها والحمد لله، تصليها في بيتك أو مع الناس، فإذا كان العمل في وقت التراويح فيلزمك أن تعمل في وقت التراويح؛ لأنك تأخذ أجرة على ذلك، والتراويح نافلة، فالواجب عليك   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (341). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 479 أن تعمل بالعقد الذي بينك وبين صاحبك، إذا كان العقد يتضمن أنك تباشر العمل بعد صلاة الفريضة صلاة العشاء، فعليك أن تباشر عملك ولا تتركه إلا بإذنه إذا سمح لك، وفي إمكانك أن تصلي تهجدا بالليل في بيتك والحمد لله. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 480 225 - حكم قول: نسأل الهدى والرضا والعفو عما مضى، بعد كل تسليمة من التراويح س: السائل: ب. أ، من السودان يقول: البعض من الناس يدعون بعد كل ركعتين من صلاة التراويح بهذه الصيغة: نسأل الله الهدى والرضا والعفر عما مضى (1) ج: ليس لهذا أصل، ومن دعا فلا بأس بما يسر الله له من الدعاء، ولكن ليس هناك دعاء خاص بين التسليمتين، ولكن من دعا فلا حرج، أما شيء خاص فلا، هذا الدعاء أو غيره.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (396). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 480 س: الأخ: ح. س، من الدمام، الظهران يقول: أنا أشتغل في مجمع تجاري مكون من محطة بنزين، وبقالة وكبينة، وأشتغل في الجزء: 9 ¦ الصفحة: 480 الكبينة، وبجانبنا مسجد صغير، ولا يصلون صلاة التراويح فيه، وبعد صلاة العشاء يذهبون إلى إعمالهم، ماذا أفعل؟ هل أصلي بعد صلاة العشاء التراويح وحدي؟ وهل من إرشاد (1) ج: أنت مخير، إن صليت وحدك فأنت مأجور، أو صليت في بيتك كله طيب ما دام لا توجد جماعة، وإن ذهبت إلى مسجد آخر فلا بأس؛ لأن التراويح نافلة، ما هي بفريضة، صليتها في المسجد، أو في بيتك، أو في مسجد آخر كله واسع، والحمد لله.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (435). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 481 س: يقول السائل: ما الوارد في عدد ركعات التراويح في رمضان؟ (1)؟ ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، وربما صلى ثلاث عشرة، كما قالت عائشة رضي الله عنها، ما ورد: ثلاث عشرة. هذا هو الثابت، وإن صلى أكثر فلا باس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» ولم يحدد، لكن فعله صلى الله عليه وسلم، كان يصلي إحدى عشرة، وربما   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (435). (2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 481 صلى ثلاث عشرة، يسلم في كل ثنتين، ويوتر بواحدة في رمضان وفي غيره، ومن صلى عشرين وأوتر بثلاث، أو صلى ثلاثين، أو أربعين وأوتر بواحدة، أو بثلاث كله لا بأس به؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1)»   (1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 482 226 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للخلفاء بعد كل ركعتين من التراويح س - في التراويح حدث عندنا أنه بعد السلام من الركعتين الأوليين يقرأ الإمام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو فيها للخلفاء بعد كل ركعتين، فما حكم هذا العمل (1)؟ ج: الذي ينبغي تركه، ولا أصل له، بل هو من البدع.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (291). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 482 227 - حكم قراءة ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1)) ثلاث مرات بين التسليمات في التراويح س: الأخ: س. ح. ن. من جمهورية مصر العربية، يقول: إنه لاحظ   (1) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 482 أن إمامهم في صلاة التراويح، بين كل أربع ركعات يقرأ سورة ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1)) ثلاث مرات بصورة جماعية، فهل هذا العمل مشروع (2)؟ ج: هذا بدعة، ما يصلح، أما كونه يستريح قليلا بعد كل تسليمتين فهذا لا بأس به، وأما أنه يقرأ ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3)) أو غيرها بصورة جماعية، أو غير جماعية قراءة جهرية فإن هذا بدعة، بل يجلس يستريح ثم يقوم، ولا يأتي ببدعة، لا بقراءة ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4)) ولا غيرها، ولا أعمال خاصة جماعية، أو يجهر بها يعلمها الناس على غير دليل، الحاصل أنه إنما يجلس للاستراحة فقط، ثم يقوم إذا أحب ذلك، أما أنه يقرأ ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5)) بصورة جماعية، أو يقرأ غيرها من السور، أو بعض الأحاديث بصورة جماعية، أو ألفاظ بصورة جماعية فهذا لا أصل له.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) السؤال السادس من الشريط رقم (258). (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 (5) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 9 ¦ الصفحة: 483 228 - حكم الدعاء الجماعي بعد التراويح س: لدينا عادة في شهر رمضان المعظم عقب صلاة التراويح، أننا ندعو دعاء جماعيا يردده المصلون، ويختمون به الصلاة، فما الجزء: 9 ¦ الصفحة: 483 حكم هذا العمل (1)؟ ج: مثل ما تقدم، هذا بدعة، لا الذكر ولا الدعاء لا يكون جماعيا، كل واحد يدعو لنفسه وللمسلمين بينه وبين ربه جل وعلا، لا يكون دعاء جماعيا، ولا ذكرا جماعيا.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (216). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 484 229 - حكم من قام من الركعة الثانية إلى الثالثة في التراويح سهوا س: إذا سها الإمام في صلاة التراويح، وقام بعد الركعة الثانية هل يرجع، أم يكمل إلى الركعة الرابعة (1)؟ ج: يرجع إذا قام في التراويح، وقد نوى ثنتين فقام إلى ثالثة ينبه، وعليه أن يرجع، كما لو قام للثالثة في الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» فإذا كان قد نوى ثنتين – كما هي العادة في التراويح وهو السنة – فإذا قام إلى الثالثة ينبه أو تنبه هو فإنه يرجع، ولو كان في أثناء القراءة، ولو بعد الركوع يرجع ويجلس، يقرأ التحيات، يكملها والصلاة على النبي والدعاء، ثم يسلم ثم يقوم   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (19). (2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 484 للتسليمة التي بعدها، كما لو فعلها في الفجر أو الجمعة يرجع. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 485 230 - كيفية التشهد في صلاة التراويح س: هل نقرأ في السنة، التراويح مثلا، التشهد الأخير فقط، أو نقرأ التشهد الأول والأخير (1)؟ ج: التشهد الأول والأخير جميعا في كل الركعتين، في التراويح والنوافل، قرأ المصلي التشهد، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويتعوذ بالله من الأربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ويسأل ربه ما تيسر من الدعوات الطيبة، ويستعيذ بالله من الشر، ويسأله الخير، والتحيات محل دعاء، إذا فرغ من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، محل دعاء في الفرض والنفل، وإذا دعا فهو أفضل، ويجتهد في الدعاء، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويحث الناس على الدعاء، يقول عليه الصلاة والسلام: «ثم تخير بعد من الكلام ما شاء (2)» هذا سنة مشروعة في الفرائض والنوافل، قبل أن   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (317). (2) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب السلام اسم من أسماء الله تعالى، برقم (6230)، واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 485 يسلم وفي السجود أيضا، يشرع الدعاء في السجود، يقول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1)» وهذا الدعاء يكون بعد قول: سبحان ربي الأعلى. ثلاث مرات، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد (2)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 486 231 - حكم صلاة التراويح إذا حصل جمع تقديم للمغرب والعشاء س: السائل: أ. ع، من القصيم، يقول: إذا حصل مطر فهل يجمعون المغرب والعشاء والتراويح جمع تقديم، إذا كانوا في رمضان (1)؟ ج: نعم، إذا كان مطر، أو مشقة بالدحض والزلق في الأسواق فالأفضل الجمع تسهيلا على الناس، وإذا جمع صلى التراويح بعد العشاء؛ لأنه صار وقتها واحدا، فإذا جمع بينهما في وقت المغرب صلوا التراويح بعد ذلك، لا بأس والحمد لله.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (421). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 486 232 - بيان عدم وجوب صلاة التراويح وقيام الليل س: الأخت: س. و. ح. تسأل وتقول: هل صلاة التراويح واجبة على النساء؟ وهل قيام الليل واجب في رمضان، أو في غيره من الشهور؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: ليست صلاة التراويح واجبة، وهكذا قيام الليل ليس بواجب، لا في رمضان ولا في غيره، ولكنه سنة مؤكدة، فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ورغب فيها عليه الصلاة والسلام، وكان يصلي في الليل في السفر والحضر الوتر عليه الصلاة والسلام، لكن ليس بواجب، وأقل ذلك ركعة واحدة بعد العشاء، أو في آخر الليل، وكلما زاد فهو أفضل، وكان صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشر ركعة، يصلي من كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك، عليه الصلاة والسلام، فالسنة للمؤمن والمؤمنة التهجد بالليل ولو بركعة واحدة، أو بثلاث ركعات، كذلك سنة الضحى، وكذلك تراويح رمضان وقيام رمضان، كله سنة.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (292). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 487 233 - حكم صلاة المرأة في المسجد في رمضان وغيره س: هل يجوز للمرأة أن تصلي في المسجد كشهر رمضان المبارك؟ وهل لها أن تتعطر وتتبخر (1)؟ ج: لها تصلي مع الناس في المسجد، ومع العناية بالتستر والحجاب، والبعد عن أسباب الفتنة وعدم التعطر والتبخر؛ لأنها تسير في الطرقات، فيحصل بها فتنة، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن حضور الصلاة لمن تعطرت، نهى: قال: من مست طيبا فلا تحضر معنا الصلاة، وفي اللفظ الآخر: «أيما امرأة أصابت بخورا فلا تصلي معنا العشاء (2)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام، المقصود أنها إذا أرادت الخروج للصلاة مع الناس ليس لها التعطر ولا التبخر، وعليها مع ذلك أن تعتني بالستر والحجاب، وأن تخرج في زي لا يفتن الناس، وفي الحديث: «وهن تفلات (3)» يعني غير متطيبات، وليس هناك زينة تفتن   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (219). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد، برقم (444). (3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه حديث رقم (9794)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (565)، والدارمي في كتاب الصلاة، باب النهي عن منع النساء عن المساجد، برقم (1279). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 488 الناس، وإلا فبيتها خير لها وأفضل. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 489 س: هل يجوز للمرأة أن تصلي في المسجد مع الرجال صلاة التراويح (1)؟ ج: نعم، يستحب لها ذلك إذا كانت تخشى الكسل في بيتها، وإلا فبيتها أفضل، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا حرج، كانت النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس، ولكن يقول: «إن بيتهن خير لهن (2)» لكن بعض النساء قد تكسل في بيتها؛ تضعف، فإذا كان خروجها إلى المسجد متسترة متحجبة بعيدة عن التبرج؛ بقصد الصلاة وسماع الفضل من أهل العلم فهي مأجورة في هذا؛ لأن هذا مقصد صالح. س: يتحدث الناس كثيرا – سماحة الشيخ – عن صلاة النساء للتهجد   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (299). (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5445)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (567). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 489 أو التراويح في المساجد، هل من كلمة حول هذا لو تكرمتم (1)؟ ج: لا بأس بذلك في أن يصلي التراويح والتهجد النساء مع المسلمين في المساجد، لكن مع العناية بالحجاب، والتحرز من الفتنة وعدم الأطياب التي يمررن بها في الأسواق، تكون متحرزة من الطيب، ومن التبرج، ومن إظهار المحاسن، بل تكون متحجبة متسترة بعيدة عن أسباب الفتنة، وإلا فبيتها خير لها، بيتها أولى بها وأخير لها، ولكن إذا دعت الحاجة إلى الخروج؛ لأنها تكسل في بيتها، أو لأنها تريد أن تسمع المواعظ والذكر فهذا لا بأس به، لكن بهذا الشرط؛ التحفظ والعناية والتستر، والبعد عن أسباب الفتنة؛ لا من جهة الطيب، ولا من جهة الملابس، ولا من جهة إظهار المحاسن.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (84). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 490 234 - حكم إحضار النساء للبخور وتبخير المسجد عند صلاة التراويح س: بعض النساء تحضر معها المبخرة والبخور في المسجد في صلاة التراويح في رمضان، ثم تقوم بتبخير المسجد، وتبخير المصليات، ما هو توجيهكم لهن في هذا؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (313). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 490 ج: الذي ينبغي عدم فعل ذلك؛ لأنهن بعد الصلاة يخرجن إلى السواق ومعهن الطيب، فينبغي ترك ذلك؛ حتى لا يحصل فتنة عند خروجهن متطيبات من المسجد عند خروج الناس، ولكن يصلين مع الناس بدون طيب؛ لا عند المجيء، ولا عند الخروج؛ عملا بالأحاديث الصحيحة في ذلك. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 491 235 - حكم صلاة المرأة للتراويح في بيتها س: هل يصح للمرأة أن تصلي التراويح في بيتها، وذلك بأن تقرأ القرآن عن طريق سماعها إياه من الراديو، لا أن تتابع الإمام في كل شيء، إنما فقط لقراءة القرآن في صلاتها (1)؟ ج: صلاة المرأة في بيتها أفضل في جميع الأحوال؛ في الفرض والنفل، في رمضان وفي غيره، لكن إذا صليت مع الرجال؛ لأنه أنشط لها في التراويح مثلا، أو في بعض الفرائض؛ لتسمع الفائدة والعلم مع الحجاب والتستر، والبعد عن أسباب الفتنة هذا كله لا بأس به، وقد كان جماعة من النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم الفرائض وهن متحجبات ومتحفظات، يسمعن الفائدة، ويسمعن العلم، ويرجعن إلى   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (129). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 491 بيوتهن في غاية من التستر، والبعد عن الفتنة، وهكذا رمضان إن صلت في بيتها، ونشطت على ذلك فذلك أفضل لها، وإن صلت مع الرجال؛ لتسمع القرآن ولتنشط على العبادة، ولتسمع الفائدة عند قيام الإمام، أو غيره بالموعظة فهذا كله طيب؛ بشرط أن تكون حريصة على البعد عن أسباب الفتنة من الطيب الذي تمر به الرجال، ومن إظهار الزينة والمحاسن والتبرج، فإذا كانت بعيدة عن هذه الأمور متحفظة متحجبة، بعيدة عن أسباب الفتنة فلا حرج عليها في الصلاة في المسجد لهذه الفوائد، ولهذه المصالح. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 492 236 - حكم إمامة المرأة للنساء في صلاة التراويح في البيت وكيفية ذلك س: السائلة تقول: هل للمرأة أن تصلي التراويح في بيت ليس فيه رجال مع جمع من أخواتها (1)؟ ج: نعم، يشرع لهن ذلك، يصلين التراويح، أو العشر الأخيرة، يقمنها جماعة، أو فرادى، كله طيب، وإذا صلين مع الرجال متسترات ومتحفظات فلا بأس، كله طيب، وإذا قرأت جهرا بحيث لا يسمعها أحد، هي تقرأ جهرا تسمع النساء لا بأس، وتكون في وسطهن، لا   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (254). الجزء: 9 ¦ الصفحة: 492 أمامهن، تكون في الوسط، وتقرأ وتجهر، حتى يسمعن. س: أختكم في الله: م. س، تقول: أريد أن أعرف كيفية صلاة التراويح بالنسبة للمرأة بدون إمام، أي في بيتها، هل تكون جهرا؟ وهل تستطيع النساء أن يصلين جماعة في بيوتهن (1)؟ ج: نعم، صلات التراويح يسلم من كل ثنتين في البيوت، تصلي المرأة بهن، وتكون في وسطهن لا أمامهن، بل وسطهن، تكبر وترفع صوتها بالقراءة، حتى يستفدن منها، وهذا مشروع؛ فقد روي عن عائشة وغيرها، ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم ورقة أن تؤم أهل دارها (2) إذا صلى النساء في بيوتهن جماعة في رمضان، أو في أوقات التي تصلين فيها الفريضة، كله حسن وكله طيب.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (312). (2) بدائع الصنائع 7/ 245، والقوانين الفقهية ص 227، وشرح المحلى على منهاج الطالبين 4/ 124، والسياسة الشرعية لابن تيمية ص 89. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 493 تكملة باب صلاة التطوع الجزء: 10 ¦ الصفحة: 5 صفحة فارغة الجزء: 10 ¦ الصفحة: 6 تكملة باب صلاة التطوع 1 - حكم دعاء الاستفتاح في كل ركعة من صلاة التراويح س: يسأل السائل، يقول: ما حكم قراءة دعاء الاستفتاح في كل ركعة من صلاة التراويح (1)؟ ج: الاستفتاح مشروع للإمام والمأموم إذا تيسر ذلك، فإن كان الإمام يبتدئ القرآن من حين يكبر لا يستفتح، فالمأموم كذلك لا يستفتح، ينصت، أو بدأ في القراءة والمأموم ما استفتح فإنه لا يستفتح بل ينصت، أما إذا استفتح الإمام واستفتح المأموم فهذا هو الأفضل كالفريضة، لكن لو كان الإمام لم يستفتح، ترك السنة فلا حرج؛ لأن الاستفتاح ليس بواجب، وإنما هو سنة مستحبة، وكذلك لو استعجل الإمام، بأن استفتح لكن صار أعجل من المأمومين، والمأموم تأخر، لم يستفتح حتى شرع الإمام فإنه لا يستفتح المأموم، بل ينصت ويستمع إلى القراءة، ولكن   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (252). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 7 يقرأ الفاتحة، كلهم يقرأ الفاتحة، الواجب قراءة الفاتحة على الجميع، حتى ولو كان الإمام يقرأ، تقرأ أيها المأموم، تقرأ الفاتحة ثم تنصت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم " قلنا: نعم، قال: " لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» فالمأموم يقرؤها في الفريضة والنافلة، يقرؤها سرا، ثم ينصت لإمامه في قيام رمضان، وفي الفجر، وفي المغرب والعشاء، وفي الجمعة، المأموم عليه أن يقرأها، هذا هو الصواب، ثم ينصت.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، برقم (823). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 8 س: إذا بدأ الإمام بصلاة التراويح، وقرأ دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، ثم شرع في قراءة الفاتحة، ثم فيما بعدها من القرآن الكريم، ثم أتى بالركعة الثانية، ثم سلم فبدأ بتكبيرة الإحرام في التسليمة الثانية هل يقرأ أيضا دعاء الاستفتاح، أم يكفيه ما في المرة الأولى؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الاستفتاح في الأولى فقط، لأول ركعة في الفريضة والنافلة بعد   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (277). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 8 تكبيرة الإحرام، يستفتح ولا يشرع أن يعاد في الثانية، ولا في الثالثة، لكن إذا شرع في التسليمة الثانية، التراويح أو النافلة يستفتح أيضا، كلما صلى ركعتين وقام، وكبر يستفتح، هذا هو السنة في النافلة والفريضة، مثل صلاة التراويح في رمضان، مثل صلاة الضحى، يصلي بتسليمتين أو أكثر، يستفتح في كل تسليمة، هذا هو الأفضل بعد التكبيرة الأولى الإحرام، يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك (1)» أو يأتي بنوع من الاستفتاحات الأخرى الصحيحة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة، برقم (399). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 9 2 - حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة النافلة والوتر س: يسأل المستمع عن صلاة النافلة وكذلك الوتر، هل نقرأ فيها دعاء الاستفتاح؟ وكذلك التعوذ من الأربع التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال (1)» أم أن ذلك خاص بالفروض دون النافلة؟ وكذلك الدعاء بعد الفراغ من التعوذ   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588) واللفظ له. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 9 من الأربع، هل يلزم في النافلة؟ وفقكم الله، وجزاكم الله خيرا (1) ج: الاستفتاح مشروع للجميع، في النافلة والفريضة، في صلاة الضحى، صلاة التراويح، صلاة التهجد، يستفتح الإنسان في أولها بعد التكبيرة الأولى، وهكذا الدعاء في آخر الصلاة، التعوذ من الأربع، والدعاء بغيرها، كل ذلك حق، كله مشروع في الفريضة والنافلة، ولما علمهم صلى الله عليه وسلم التحيات، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (2)» وفي اللفظ الآخر قال: «ثم يختار من الدعاء ما شاء (3)» فالمسلم مشروع له، والمسلمة كذلك، مشروع لهما جميعا الدعاء في آخر الصلاة النافلة والفريضة، بعدما يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (4)» ويدعو بما أحب: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (5)» وهكذا الدعاء   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (279). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). (4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588) واللفظ له. (5) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522) والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 10 الذي علمه النبي أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وهو قوله: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (1)» دعاء عظيم، علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصديق، قال: «يا رسول الله، علمني دعاء فأدعو به في صلاتي وفي بيتي، قال: " قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (2)»، وقال لمعاذ رضي الله عنه: «يا معاذ، لا تدع في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (3)» «وكان عليه الصلاة والسلام يقول في آخر الصلاة: " اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن نرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر (4)» وكان يقول   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام برقم 834، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر برقم 2705. (3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522) والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (4) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من فتنة الدنيا، برقم (6390). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 11 أيضا: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت (1)» كلها دعوات في آخر الصلاة، ويدعو بما أحب سواها، يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم نجني من النار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم ارزقني الرزق الحلال، اللهم أصلح لي شأني كله، وما أشبه ذلك.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 12 س: سماحة الشيخ: هل يكتفي المصلي بدعاء الاستفتاح مرة واحدة، أم أنه يجب عليه أن يدعو بعد كل تسليمتين كصلاة الليل مثلا (1)؟ ج: دعاء الاستفتاح ليس بواجب، بل مستحب في كل تسليمة قبل أن يقرأ، يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (2)» أو يأتي بنوع آخر من الاستفتاح قبل أن يقرأ، هذا هو الأفضل، ولو تركه فلا شيء عليه في كل تسليمة.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (432). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة، برقم (399). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 12 3 - حكم دعاء ختم القرآن في التراويح س: تقول السائلة: هل دعاء ختم القرآن الذي يقرأ سنويا في صلاة التراويح، في آخر ليالي شهر رمضان في المساجد، هل يعتبر من البدع المحدثة (1)؟ ج: ليس من البدع، بل هو مستحب وسنة، فعله السلف، وفعله بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بعد ختم القرآن يدعو بالدعوات الطيبة، سواء في التراويح أو في غيرها، وإذا ختم الإنسان القرآن في أي وقت دعا؛ سواء في الصلاة، أو في خارج الصلاة، وترجى الإجابة، وكان هذا من فعل السلف، وهو ما روي عن جماعة من الصحابة، فلا حرج في ذلك، بل هو مطلوب ومشروع، وفيه خير كثير، نسأل الله أن يتقبل من المسلمين.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (391). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 13 س: هل دعاء ختم القرآن بدعة؟ وهل يلزم من ترك الركعتين الأخيرتين من صلاة التراويح، في آخر الجزء من أجزاء القرآن الكريم، أي ليلة التختيم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (351). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 13 ج: دعاء ختم القرآن ليس فيه بأس، لم يزل أهل العلم يفعلونه من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، لا حرج في ذلك، وليس فيه بدعة، أما سؤاله الثاني فإني ما فهمته، فإن كان يريد: هل يلزم أن يكون ختم القرآن الكريم في الركعتين الأخيرتين من التراويح؟ فهذا لا يلزم، إن شاء ختم في أول التراويح، وإن شاء ختم في أثنائها، الختمة ليس لها محل محدود، سواء يختم في أول التراويح، أو في أثنائها، أو في آخرها، المقصود إذا انتهى من القرآن يختم، إذا انتهت القراءة يختم في الركعة المناسبة، إذا انتهى في أول التراويح ختم في أولها، إذا كمل القرآن في أول التراويح، أو في آخره يختم لا بأس. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 14 4 - حكم أخذ الأجرة عن الإمامة في رمضان س: أممت جماعة في رمضان، فهل يجوز أن آخذ منهم أجرة مقابل ذلك؛ إذ إنهم أصروا على أن آخذ تلك الأجرة، وقلت: هذا عمل أتقرب به إلى الله، لكنهم أصروا، فما هو رأي سماحتكم (1)؟ ج: إن أخذته فلا بأس، وإن تركته فلا بأس، الأمر واسع، وإن تركته فهو أفضل ما دمت ما أردت شيئا.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (338). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 14 5 - بيان معنى: " واغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد " س: يسأل المستمع من سوريا، من دمشق، يقول: ما معنى الدعاء: واغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد (1)؟ ج: على ظاهره، يطلب من ربه أن يغسله بالماء والثلج والبرد، يعني أن ينقيه من الذنوب نقاء تاما.   (1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (404). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 15 6 - حكم دعاء الاستفتاح في صلاة الليل وتكراره في كل ركعتين س: يسأل عن دعاء الاستفتاح، استفتاح صلاة الليل، ويقول: هل نردده في كل ركعتين؟ وهل نردده في الركعتين اللتين يقرأ فيهما بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (1) و: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (2)، وكذلك الركعة التي يقرأ فيها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) (4)؟ ج: نعم، السنة الاستفتاح في كل الصلوات بـ: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (5)» في جميع   (1) سورة الأعلى الآية 1 (2) سورة الكافرون الآية 1 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (404). (5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة، برقم (399). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 15 الصلوات؛ التراويح وغير التراويح، هذا مستحب، ولو ترك فلا بأس، لكنه مستحب، إذا كبر تكبيرة الإحرام في كل تسليمة أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك؛ لأنه مختصر، هذا استفتاح مختصر، وإن استفتح بغيره من الاستفتاحات الصحيحة الثابتة عن رسول الله فلا بأس، ولو ترك فلا حرج، لكن إذا أتى به الإمام والمأموم فهذا أفضل، وإن كان الإمام شرع في القراءة فإن المأموم لا يستفتح، بل ينصت، لكن لو سكت الإمام بعد تكبيرة الإحرام فالسنة أن يأتي بالاستفتاح، الإمام والمأموم، لكن لو شرع الإمام بعدما كبر ولم يستفتح فالمأموم ينصت ولا يستفتح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (1)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 16 7 - مسألة في فضل صلاة الليل س: أطلب من سماحة الشيخ الحديث عن صلاة الليل، وعن صفة الصلاة، ولا سيما أنه قد قرأ كثيرا من الأوصاف عن هذه الصلاة (1) ج: صلاة الليل قربة عظيمة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (95). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 16 الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل (1)» وصلاة الليل لها شأن عظيم، قال الله جل وعلا في وصف عباده المؤمنين عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2) وقال سبحانه في وصف المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4) وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (5) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (6) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (7) الآية، وقال سبحانه وتعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (8) {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (9)، فصلاة الليل لها شأن عظيم، والأفضل فيها أن تكون مثنى مثنى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (10)» فيصلي ما تيسر له ثنتين ثنتين، ثم يوتر   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم، برقم (1163). (2) سورة الفرقان الآية 64 (3) سورة الذاريات الآية 17 (4) سورة الذاريات الآية 18 (5) سورة المزمل الآية 1 (6) سورة المزمل الآية 2 (7) سورة المزمل الآية 3 (8) سورة السجدة الآية 16 (9) سورة السجدة الآية 17 (10) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 17 بواحدة، وأفضلها في آخر الليل؛ الثلث الأخير، وإن صلى في أول الليل قبل أن ينام؛ لئلا يغلب عليه النوم آخر الليل، واحتاط في ذلك فلا بأس، هو أعلم بنفسه، إن قدر في آخر الليل فهو أفضل، وإن لم يتيسر له ذلك أوتر في أول الليل وأقله واحدة، أقل الإيتار في الليل واحدة بعد صلاة العشاء، وسنتها الراتبة، فإن أوتر بثلاث فالأفضل له أن يسلم من ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وهكذا إذا أوتر بخمس يسلم من أربع من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وهكذا، «وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة (1)» «وربما أوتر بثلاث عشرة، ويسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة (2)» والأمر في هذا واسع والحمد لله، وليس فيه حد محدود، فلو أوتر بعشرين، أو   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوتر، برقم (994)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 18 بثلاثين أو بأربعين يسلم من كل ثنتين، ثم أوتر بواحدة، كل هذا لا بأس به، ولكن يراعي في هذا الطمأنينة وعدم العجلة والنقر، يطمئن في صلاته ويخشع فيها ولا يعجل، خمس ركعات أو سبع ركعات مع الطمأنينة والعناية أفضل من تسع أو إحدى عشرة مع العجلة، والسنة أن يداوم عليها دائما، سواء في أول الليل أو في وسط الليل، أو في آخر الليل، والأفضل آخر الليل إذا تيسر، يقول صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» رواه مسلم في الصحيح، هذا هو الأفضل إذا تيسر، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)» متفق على صحته،   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 19 هذا حديث عظيم، يدل على أن آخر الليل أفضل؛ لأنه وقت التنزل الإلهي، وهو نزول يليق بالله لا يشابهه خلقه سبحانه، مثل الاستواء والغضب والرضا والرحمة، كلها تليق بالله لا يشابهه خلقه سبحانه وتعالى، ينزل نزولا يليق بجلاله لا يشابهه نزول خلقه، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، وهكذا قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1)، وقوله جل وعلا: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (2)، وقوله: {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} (3)، وما أشبه ذلك، كلها صفات تليق بالله، لا يشابه خلقه في غضبهم، ولا في استوائهم ولا في نزولهم، ولا في رحمتهم، إلى غير ذلك من صفات الله، كلها تليق بالله، يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وإذا أراد أن يكون قيام الليل له عادة معلومة يستمر على العدد الذي يستطيعه؛ على ثلاث، على خمس، على سبع، وإذا زاد بعض الأحيان عند النشاط فلا بأس، لكن يعتاد عددا معلوما يداوم عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم   (1) سورة طه الآية 5 (2) سورة المائدة الآية 119 (3) سورة المجادلة الآية 14 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 20 «أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل (1)» فالعمل الدائم أفضل، فإذا زاد في بعض الأحيان عند النشاط فهذا ينفعه، ولا يضره.   (1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 21 8 - بيان كيفية صلاة التهجد وقيام الليل س: الأخ: ح، من الرياض، يسأل ويقول: ما هي طريقة صلاة التهجد؟ وهل القراءة فيها جهرا أم سرا؟ وجهوني وبينوا لي، جزاكم الله خيرا (1) ج: الطريقة في صلاة الليل موسعة بحمد الله، إن شاء صلى قبل أن ينام ما يسر الله له، واحدة أو ثلاثا أو أكثر بعد سنة العشاء، وإن شاء أخر ذلك إلى آخر الليل، أو وسط الليل، فإذا قام صلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ما كتب الله له؛ أربعا، أو ستا، أو ثمانيا، أو عشرا، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، ربما أوتر بثلاث، وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بعشر   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (210). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 21 وزاد واحدة، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان عليه الصلاة والسلام يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة (1)» وجاء عنها وعن أم سلمة وعن غيرهما «أنه ربما أوتر بسبع يسردها جميعا، وربما جلس في السادسة ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ولا يسلم ويأتي بالسابعة (2)» «وربما سرد خمسا لا يجلس إلا في آخرها، وربما صلى ثماني ركعات يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بخمس يسردها جميعا، فيكون الجميع ثلاث عشرة (3)»، «وربما أوتر بتسع سردها جميعا، ليجلس في الثامنة ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالتاسعة ويسلم (4)» كل هذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى (5)» يعني ثنتين ثنتين، هذا هو الأفضل، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر   (1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب الضجع على الشق الأيمن، برقم (6310)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765). (4) سنن الترمذي الصلاة (457)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1708). (5) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 22 بواحدة، هذا هو الأفضل والأكمل، وإذا فعل شيئا من الأنواع الأخرى فلا حرج؛ إذا أوتر بواحدة ولم يزد، أو بثلاث سلم من ثنتين ثم أوتر بواحدة، أو سرد الثلاث جميعا، ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، أو أوتر بخمس يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة فلا بأس، هذا أفضل، وإن سرد الخمس جميعا ولم يقعد إلا في الأخيرة فلا بأس، كل هذا بحمد الله من التوسعة، والواجب الخشوع في ذلك، يطمئن لا يعجل، لا ينقرها نقرا، بل يطمئن، الطمأنينة لا بد منها، كلما زاد في الخشوع فهو أفضل، وهكذا في الترتيل في القراءة، يرتل في القراءة، ويخشع فيها ولا يعجل في القراءة، ثم هو مخير؛ إن شاء خفض صوته، وإن شاء رفع صوته؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم ربما رفع، وربما خفض (1) هكذا قالت عائشة رضي الله عنها، «تارة يخفض صوته، تارة يرفع صوته (2)»   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، برقم (1328). (2) أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار، باب: باقي المسند السابق، برقم (24634) وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يؤخر الغسل، برقم (226)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف القراءة بالليل، برقم (1662)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل، برقم (1354). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 23 فهو مخير يعمل الأصلح، إذا رأى أن خفض صوته أخشع له، وأقرب إلى راحته فلا بأس، وهو أفضل له، وإن رأى أن رفع صوته أخشع له، وأنشط له رفع صوته، إذا كان لا يؤذي أحدا من الناس، لا يشوش على نائمين، ولا مصلين، ما عنده أحد يشوش عليهم، فإذا رأى أن صوته إذا رفعه أنشط له فإنه يرفع صوته، والخلاصة أنه يعمل الأفضل، ويعمل الأصلح، إن رأى أن الأصلح خفض الصوت خفض، وإن رأى أن الأصلح له والأخشع له رفع الصوت رفع، لكن لا يرفع إلا إذا كان لا يؤذي أحدا، أما إذا كان حوله مصلون، أو حوله نوام يؤذيهم، يخفض صوته، ويراعي حالهم، ففي رمضان يرفع صوته في المسجد، إذا كان في المسجد الإمام يرفع صوته حتى يسمع الناس، وحتى يستفيدوا. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 24 س: يقول السائل: أرجو أن تبينوا لي كيفية أداء صلاة وقيام الليل، وعن عدد الركعات، وماذا يقال في الركوع والسجود، وعن الآيات التي يستحب أن نقرأ في كل ركعة فيها (1)؟ ج: قيام الليل مشروع وسنة، ومن أعمال الصالحين، ومن أعماله صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (2) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (276). (2) سورة المزمل الآية 1 (3) سورة المزمل الآية 2 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 24 يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الله جل وعلا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (1) الآية، وقال سبحانه عن عباد الرحمن في سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2)، وقال تعالى في صفات عباد الله المؤمنين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4)، فقيام الليل سنة مؤكدة، سواء في أوله، أو في وسطه، أو في آخره، لكن آخره أفضل، الثلث الأخير أفضل، إلا إذا كان يشق عليه ذلك، فإنه يوتر في أول الليل، يوتر بواحدة، بثلاث، بخمس، بسبع، بأكثر، يسلم من كل ثنتين، يصلي ثنتين ثنتين، ويجتهد في ترتيل القراءة، ويوتر بواحدة، وليس هناك شيء محدود، يقرأ ما تيسر؛ من أول القرآن، من وسط القرآن، من آخره، أو ينظم ختمة، يبدأ من أول القرآن إلى أن يختم ثم يعود، كله طيب، ليس في هذا حد محدود، لكن السنة أن يرتل، كما قال الله جل وعلا: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (5) كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ قراءة واضحة يرتلها؛ حتى يستفيد من يسمعها،   (1) سورة الإسراء الآية 79 (2) سورة الفرقان الآية 64 (3) سورة الذاريات الآية 17 (4) سورة الذاريات الآية 18 (5) سورة المزمل الآية 4 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 25 ويستحب له السؤال عند آيات الرحمة، والتعوذ عند آيات الوعيد، والتسبيح عند آيات التسبيح في تهجده، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام والسنة أن يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (2)» يقرأ فيها (الحمد) {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) في الركعة الأخيرة، ويقنت فيها بعد الركوع بالقنوت الشرعي الذي علمه النبي الحسن، وهو المعروف عند أهل العلم، والسنة عدم العجلة، يطمئن في ركوعه وسجوده وقراءته، لا يعجل، يطمئن كما كان النبي يصلي بطمأنينة، وترتيل للقراءة، وخشوع في الركوع والسجود، هكذا المؤمن، لا يعجل، يطمئن في ركوعه وسجوده، يطمئن في قراءته ولا يعجل، يخشع فيها تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وإذا أوتر بواحدة، أو بثلاث، أو بخمس، أو بأكثر فلا بأس، الأمر واسع، صلاة الليل ما فيها حد محدود، لكن أفضلها إحدى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (3) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 26 عشرة، أو ثلاث عشرة؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، هذا هو أفضلها، وإن أوتر بأكثر من هذا فلا بأس. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 27 9 - بيان وقت صلاة التهجد س: مستمعة تسأل سماحتكم وتقول: حدثوني عن كيفية صلاة التهجد؟ ومتى يبدأ بالساعة تقريبا؟ لأني لم أعرف وقتها بالضبط، وهو الثلث الأخير من الليل، وهل يجوز للمرأة أن تفعل ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: التهجد من الليل يبدأ إذا فرغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا هو حال التهجد، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، في الحديث عن ابن حذافة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر فجعلها الله لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر (2)» فإذا أوتر الإنسان   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (276). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، برقم (1418)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل الوتر، برقم (452)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1168). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 27 في أول الليل أو في وسطه، أو في آخره فقد فعل السنة، والأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر أوتر في أوله قبل أن ينام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» وقالت عائشة رضي الله عنها: «من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوتر من أوله، ومن وسطه ومن آخره، ثم انتهى وتره إلى السحر عليه الصلاة والسلام (2)» يعني في آخر حياته استقر وتره في آخر الليل، وقال صلى الله عليه وسلم: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (3)» فإذا تهجد في السدس الرابع، أو السدس الخامس فهذا أفضل ما يكون، وإن جعل وتره وتهجده كله في الثلث الأخير فذلك   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ساعات الوتر، برقم (996)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي في الليل، برقم (745). (3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 28 أفضل كما في حديث جابر، حيث قال: قال صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» وإذا صار تهجده في السدس الرابع، أو الخامس صار ذلك أفضل؛ لأنه يوافق صلاة داود، فيجمع بين آخر الليل في السدس الخامس، والسدس الرابع في أول النصف الأخير، وكل ذلك بحمد الله فيه خير عظيم.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 29 س: سمعت في برنامجكم عن صلاة التهجد، وأن أفضل أوقاتها الثلث الأخير من الليل، أريد معرفة المزيد عن صلاة التهجد - جزاكم الله خيرا - وعن عدد ركعاتها (1) ج: الأفضل آخر الليل إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» رواه مسلم في الصحيح، ويقول صلى الله عليه وسلم في   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (248). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 29 الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1)» هذا التنزل الإلهي فرصة عظيمة للدعاء والعبادة للمؤمن، يدعو ربه؛ لأنه يقول سبحانه: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)» فإذا تيسر للمؤمن والمؤمنة أن يكون التهجد في آخر الليل، في الثلث الأخير كان أفضل، حتى يوافق هذا النزول الإلهي، وهذا الجود من الرب والتفضل منه سبحانه وتعالى، وإذا أوتر في أول الليل كفى ذلك، وهذا النزول يليق بالله، لا يشابه خلقه سبحانه وتعالى، هذا من أحاديث الصفات، فهو نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو، كما أن الاستواء يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (3)، معناها ارتفع وعلا، وهو استواء يليق به سبحانه، لا يشابه الخلق في استوائهم، وهكذا النزول؛ نزول إلى سماء الدنيا، نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، ولا يشابهه الخلق في شيء من صفاته، لا في النزول ولا في الاستواء، ولا في   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (3) سورة طه الآية 5 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 30 السمع والبصر، ولا في الكلام، ولا في غير ذلك، قال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1)، والتهجد أفضل ما يكون بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا أفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشرة، أو بثلاث عشرة، وربما أوتر بسبع أو خمس أو ثلاث، وأقل شيء واحدة، ركعة واحدة بعد صلاة العشاء، وبعد الراتبة، وإن أوتر بثلاث كفى، أو بخمس كفى، أو بسبع كفى، ولكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، كان يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة مفردة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (3)» يعني يوتر بواحدة النهاية، ولو صلى أكثر صلى عشرين وأوتر بواحدة أو بثلاث، أو صلى أربعين وأوتر بواحدة أو بثلاث، أو صلى أكثر فلا بأس، كله واسع بحمد الله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما حدد عددا معلوما من الركعات؛ أطلق، قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (4)»، ولم يحدد، فدل على التوسعة والحمد لله، ولكن أفضل ذلك   (1) سورة الشورى الآية 11 (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (3) صحيح البخاري الجمعة (991)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (749)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1694)، سنن أبي داود الصلاة (1326)، مسند أحمد (2/ 5)، موطأ مالك النداء للصلاة (269)، سنن الدارمي الصلاة (1459). (4) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 31 إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ تأسيا به صلى الله عليه وسلم، واقتداء به عليه الصلاة والسلام في رمضان وغيره. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 32 س: السؤال عن صلاة التهجد متى تكون؟ وهل هي في أول الليل أو في آخره؟ وما الحكم إذا قرأ فيها الإنسان بسورة (يس) أو (تبارك) من المصحف الشريف؛ حتى لا يخطئ في القراءة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: التهجد يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل، كله تهجد، والأفضل آخر الليل لمن يتيسر له ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» رواه مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (3)» قال: «هي أحب الصلاة» وقال عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (313). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 32 الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1)» متفق على صحته، هذا يدل على مشروعية القيام آخر الليل، وأنه أفضل، وأنه مظنة الاستجابة، يقول الرب: «من يدعوني فأستجيب له؟ (2)» وهكذا، جوف الليل، صلاة داود، الثلث الرابع والخامس، كلها مظنة الإجابة، وكلها محل فضل بالصلاة والتهجد، وذلك أفضل من أول الليل، لكن من كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل فإنه يشرع له الإيتار في أول الليل، بعد صلاة العشاء قبل أن ينام، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة (3)» هذا نزول يليق بالله، لا يكيف، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، يوصف جل وعلا بالنزول، والاستواء على العرش والكلام والإرادة والمشيئة، والسمع والبصر، وغير هذا من الصفات الواردة في القرآن العظيم والسنة الصحيحة، فيجب وصفه بها سبحانه على الوجه اللائق به جل وعلا، من غير تشبيه له بخلقه، كما قال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4) وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (6) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (7) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (8)،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (4) سورة الشورى الآية 11 (5) سورة الإخلاص الآية 1 (6) سورة الإخلاص الآية 2 (7) سورة الإخلاص الآية 3 (8) سورة الإخلاص الآية 4 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 33 وقال سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (1)، فالله جل وعلا لا مثيل له، ولا كفو له، ولا شيبه له، سبحانه وتعالى، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو ينزل نزولا يليق بجلاله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، إلى السماء الدنيا آخر الليل في الثلث الأخير، يقول جل وعلا: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)» فمن تيسر له القيام آخر الليل فهو أفضل، ومن لم يتيسر له ذلك فليوتر في أول الليل، وأقل ذلك ركعة واحدة، يوتر فيها في أول الليل، أو في آخره، فكلما زاد فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (3)» أي ثنتين ثنتين «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (4)» يعني المتهجد بالليل يصلي ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة يقرأ فيها (الحمد) و (قل هو الله أحد) هذا هو السنة، وأفضل ذلك إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو   (1) سورة النحل الآية 74 (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (4) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 34 وتر النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب، كان وتره في الغالب إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة عليه الصلاة والسلام، ومن شاء أوتر بأكثر من هذا فلا بأس، ليس له حد محدود، ولو أوتر بخمسين أو ستين أو مائة، يسلم من كل ثنتين فلا بأس، ويوتر بواحدة، لكن كونه يوتر بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة هذا هو الأفضل، وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع كله طيب، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، فإن سرد ثلاثا وأوتر بها، أو خمسا وأوتر فيها سردا لم يجلس فيها فلا بأس، قد ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا لو سرد سبعا لم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، وإن جلس في السادسة، وأتى بالتشهد الأول، ثم قام وأتى بالسابعة كذلك، ورد هذا وهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، سرد السبع في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان جلس في السادسة وتشهد، ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالسابعة، وهكذا سرد تسعا جلس في الثامنة للتشهد الأول، ثم قام وأتى بالتاسعة، ولكن الأفضل هو ما كان يغلب عليه فعله، عليه الصلاة والسلام، وهو أن يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، وهو موافق لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» أي ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، وفق الله الجميع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 35 س: يسأل المستمع ويقول: إن العلماء قالوا بأن أفضل الأوقات لقيام الليل هو الثلث الأخير، ولكنني لا أعرف كيف يبدأ تقسيم هذا الليل؛ من وقت الغروب حتى شروقها، أم من وقت غروبها حتى وقت صلاة الفجر (1)؟ ج: الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا الليل، وأفضل أوقاته الثلث الأخير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2)» هذا الوقت هو الوقت العظيم، وقت التنزل الإلهي، وقت دعوة الرب للعباد أن يسألوه، وأن يتضرعوا إليه جل وعلا، فهذا هو أفضل الوقت، وبعده جوف الليل.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (403). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 36 س: رسالة وصلت من ليبيا، من م. م يقول: ما هو الوقت المناسب لصلاة الليل؟ وما هو وقت الدعاء المناسب؟ وماذا يقول الإنسان فيه؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (403). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 36 ج: أفضل الأوقات الثلث الأخير إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» رواه مسلم في الصحيح؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول سبحانه: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2)» متفق على صحته، هذا الحديث العظيم يدل على أن التهجد آخر الليل في الثلث الأخير أفضل لهذا الحديث العظيم، فينبغي للإنسان الدعاء، والسؤال والتوبة إلى الله عز وجل في هذا الوقت العظيم، وإن صلى في وسط الليل فهو وقت فاضل وعظيم، وإن صلى أول الليل بعد صلاة العشاء كله خير، ولكن إن كان يخشى ألا يقوم فالسنة أن يصلي قبل أن ينام، «وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء بالإيتار قبل النوم (3)» والسبب - والله أعلم - أنهما   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 37 كانا يدرسان الحديث، ويخشى ألا يقوما في آخر الليل، والخلاصة أنه من طمع أن يقوم آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أول الليل، والحمد لله، وأما قوله: «ينزل ربنا (1)» فهذا وصف يليق بالله عند أهل السنة والجماعة، يثبتون ما يليق بالله، وإنه نزول يليق بالله، لا يسأل الخلق عن كيفية نزوله، كما أنه لا يسأل المخلوقون عن صفاته كلها وكيفيتها، لا في الاستواء ولا في الرحمة، ولا في الغضب ولا في الرضا، ولا في غير ذلك من صفاته، بل يجب إثبات صفات الله لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، هكذا قال أهل السنة والجماعة كما نص على ذلك أهل العلم كمالك بن أنس، رحمه الله، والشافعي، وأحمد والثوري، وابن المبارك، والأوزاعي، وغيرهم، وقد جمع أبو العباس ابن تيمية رحمه الله أقوالهم في فتوى الحموية، وهو كتاب عظيم مفيد، وأهل السنة والجماعة يثبتون جميع الصفات لله، ما جاء في القرآن والسنة الصحيحة على الوجه اللائق بالله كالاستواء، والنزول، والغضب والرضا، والرحمة، والسمع، والبصر، والكلام، وغير ذلك، كلها يثبتونها لله سبحانه وتعالى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 38 على الوجه اللائق بالله جل وعلا، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، كما قال الله سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4)، وقال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (5)، وقال سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (6)، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، إثبات صفات الله وأسمائه له سبحانه، كما جاءت في القرآن، وكما جاءت في السنة الصحيحة، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، بل يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، مع الإيمان بحقائقها، وأنها حق، وأنها لا تشابه صفات المخلوقين، بل هي ثابتة لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى من غير مشابهة بخلقه في شيء من صفاته جل وعلا، هذا هو قول أهل الحق، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، هم الطائفة المنصورة وهم الفرقة الناجية وهم أهل الحق، فالواجب السير على   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 2 (3) سورة الإخلاص الآية 3 (4) سورة الإخلاص الآية 4 (5) سورة الشورى الآية 11 (6) سورة النحل الآية 74 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 39 منهجهم، والاستقامة على طريقهم، وطاعة الله ورسوله، والإخلاص لله في العمل، واتباع الشريعة وعدم البدعة، هكذا درج أهل السنة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان في توحيد الله، والإخلاص له، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والاستقامة على دين الله، وإثبات صفات الله وأسمائه على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، هكذا درج أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان وهم الفرقة الناجية المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: " ... «لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة؛ واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار، قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: الجماعة (1)» هذه الواحدة هم أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، التي قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس (2)» والعلماء هم رأس هذه الطائفة، وأهل   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، برقم (3992). (2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب سؤال المشركين أن يريهم آية، حديث رقم (3641)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة ... "، حديث رقم (1037) واللفظ له. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 40 الحديث هم رأس هذه الطائفة، وأئمة هذه الطائفة، وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهم خير هذه الأمة، ثم العلماء من أهل السنة والجماعة بعدهم، وأهل الحديث هم أئمة هذه الطائفة، وهم من رؤسائهم وقادتهم، فالمعنى أن أهل الحديث هم خلاصتهم، وهم أئمتهم، وهكذا العلماء علماء الحق، كلهم من أهل السنة والجماعة، وكلهم من الطائفة المنصورة، وهكذا عامتهم هم من الطائفة المنصورة، عامتهم من الرجال والنساء الذين درجوا وساروا على أهل السنة والجماعة بالاستقامة على الحق والإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله، وتمسكوا بشرعه، هؤلاء كلهم أهل السنة والجماعة، وكلهم يدعون الفرقة الناجية، وكلهم يقال لهم: الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، نسأل الله أن يجعلنا وإياك والمستمعين من أهل السنة، نسأل الله أن يجعلنا منهم، نسأل الله أن يثبتنا على الحق وأن يعيذنا من مضلات الفتن. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 41 س: حدثونا عن نفل قيام الليل ومتى يكون نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا بالساعة تقريبا (1)   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (370). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 41 ج: التهجد بالليل سنة وقربة، وأفضله آخر الليل، أفضله السدس الرابع والخامس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)» فالسنة للمؤمن أن يتحرى هذين الوقتين السدس الرابع، والسدس الخامس الذي هو صلاة داود ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، يعني السدس الرابع والسدس الخامس، وينام السدس الأخير؛ يتقوى على أعمال النهار، وإن تعبد في الثلث الأخير وقت التنزل، السدس الخامس والسادس فهذا كله طيب، والنصف يبدأ بالساعة، من مضي نصف الساعات التي يتكون منها الليل. الليل يختلف على كل حال على حسب ساعات الليل، فإذا كان الليل اثني عشر بدأ النصف في أول الساعة السابعة بعد غروب الشمس، وإذا كان الليل إحدى عشرة ساعة بدأ بعد مضي خمس ساعات ونصف من غروب الشمس بدأ النصف، وهكذا.   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 42 س: كيف أقوم الليل؟ وفي أي ساعة بالتحديد، علما بأنني أنتهي من عملي الساعة العاشرة والنصف في الليل، ثم كم عدد الركعات التي أصليها لقيام الليل بالتفصيل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: تقوم من الليل حسب التيسير، إذا يسر الله لك تقوم، والأفضل في آخر الليل في الثلث الأخير، وإلا صليت في وسط الليل، في أول الليل، كله طيب، وتصلي ثنتين ثنتين، ثم تختم بواحدة، تقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد، وليس في هذا حد محدود، صل ما تيسر لك من ثلاث وخمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا أكثر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ثلاث عشرة، وإن صليت أكثر من ذلك، عشرين أو أكثر وتوتر بواحدة كله طيب، المقصود مثلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خذوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (344). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم شعبان، حديث رقم (1970)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، حديث رقم (782). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 43 وإن قل (1)» كله طيب بعد صلاة العشاء، تصلي ركعة واحدة، وترا بعد الراتبة، أو تصلي ثلاثا تسلم من ثنتين، ثم تصلي واحدة وترا أو تصلي خمسا، وتسلم من كل ثنتين أو تسردها جميعا، كله لا بأس على حسب التيسير، لا تتكلف، فاتق الله ما استطعت، فهي نافلة ليست واجبة، والأفضل إذا تيسر لك أن تكون الصلاة في آخر الليل، في الثلث الأخير، فهذا الأفضل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الآخر، فيقول سبحانه: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2)» فإذا تيسر لك آخر الليل فهذا أفضل، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (3)» ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن   (1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له. (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 44 أوتر قبل أن أنام (1)» وهكذا أوصى أبا الدرداء، والسبب - والله أعلم - أنهما كانا يدرسان الحديث أول الليل فيخشيان ألا يقوما من آخر الليل، فأوصاهما بالقيام والوتر في أول الليل، أما الذي يطمع في آخر الليل، ويستطيع فهو أفضل كما تقدم، وفق الله الجميع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، برقم (1981)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (721). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 45 س: أرجو إرشادي عن صلاة التهجد؛ إذ إني أصليها في الحادية عشرة ليلا، وأتلو فيها القرآن جهرا، هل لها ميعاد غير ذلك (1)؟ ج: الصلاة في جوف الليل وآخر الليل، أفضل وإن صلتيها قبل أن تنام فلا بأس، والصلاة في جوف الليل أفضل، وفي آخر الليل أفضل وأفضل، وإن صليتها بعد صلاة العشاء قبل أن تنام، خوفا ألا تقوم فلا بأس بذلك، وآخر الليل أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» رواه   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (264). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 45 مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1)» وفي لفظ آخر يقول جل وعلا: «هل من سائل فيعطى سؤله، هل من مستغفر فيغفر له، هل من تائب فيتاب عليه (2)» هل من مستغفر، هذا في الثلث الأخير، هذا أفضل الأوقات للتهجد وللعبادة، وهذا النزول يليق بالله لا يشابهه نزول المخلوقين، هذا النزول ثابت في الأحاديث الصحيحة المتواترة، وهو نزول يليق بالله، مثل الاستواء ومثل الغضب والرضا، تليق بالله، لا يشابه خلقه في استوائه على عرشه، ولا يشابه خلقه في غضبه ورضاه، ولا يشابه خلقه في محبته وكلامه، ونحو ذلك، وهكذا النزول، نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، لكنه لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، لقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3)، ولقوله سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (4)،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (2) أخرجه أبو يعلى في مسنده من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما برقم (5936)، (10/ 342). (3) سورة الشورى الآية 11 (4) سورة النحل الآية 74 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 46 ولقوله عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4)، سبحانه وتعالى هذه قاعدة عند أهل السنة والجماعة، قاعدة بأن جميع أسماء الرب وصفاته، كلها تليق به، وأسماؤه كلها نعوت، كلها في الصفات: الرحمن الرحيم العليم الحكيم، السميع البصير، هي أسماء، وهي نعوت وصفات كلها تليق بالله، يجب إثباتها لله إثباتا بريئا من التمثيل، ويجب أن ينزه الله سبحانه عن مشابهة خلقه، تنزيها بريئا من التعطيل، فأهل الحق من أهل السنة والجماعة يثبتون صفات الله وأسماءه، ويقرونها كما جاءت مع الإيمان بها، واعتقاد أنها حق على الوجه اللائق به سبحانه، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، هذه أقوال أهل الحق، من أهل السنة والجماعة، من الصحابة وأتباعهم والتابعين، وأتباع التابعين، كمالك والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، والثوري، وغيرهم من أئمة الإسلام، كلهم هذه عقيدتهم تابعين في ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 2 (3) سورة الإخلاص الآية 3 (4) سورة الإخلاص الآية 4 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 47 10 - بيان النوافل المشروعة في اليوم والليلة س: تقول السائلة: هل توجد صلاة لكل يوم وليلة، أي نوافل، وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها (1)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة، يحافظ عليها مع الصلوات، اثنتي عشرة ركعة، أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين قبل صلاة الصبح، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، هذه اثنتا عشرة ركعة كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، في يومه وليلته، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة، بني له بهن بيت في الجنة (2)» ثم بينها؛ فقال: «أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح (3)» هذه اثنتا   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (35). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة لمن السنة ... برقم (414)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة ... ، برقم (1794)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة برقم (1140). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 48 عشرة ركعة، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها في يومه وليلته، مع الصلوات الأربع الظهر والمغرب والعشاء والفجر، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم، أنه حث على أربع قبل العصر، قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» أما التي حافظ عليها صلى الله عليه وسلم، في الحضر والإقامة، فهي ثنتا عشرة ركعة، كما تقدم، وهي أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل الصبح، والأفضل فعلها في البيت، هذا هو الأفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة (2)» وشرع للناس عليه الصلاة والسلام التهجد والوتر كان يحافظ عليه، التهجد بالليل والوتر بالليل، كان يحافظ عليه حتى في السفر مع ركعتي الفجر، كان يحافظ على هذا، في السفر والحضر، الوتر في الليل وسنة الفجر ركعتين، قبل الفريضة كان يحافظ على ذلك سفرا وحضرا، أما سنة   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 49 الظهر وسنة المغرب، وسنة العشاء فكان يتركها في السفر، عليه الصلاة والسلام، ويأتي بها في الحضر، ومما شرعه عليه الصلاة والسلام للناس سنة الضحى، ركعتان فأكثر، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم، «أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بسنة الضحى وصيام ثلاثة أيام من كل شهر والإيتار قبل النوم (1)» كان من أسباب ذلك والله أعلم، أنهما كانا يشتغلان بالحديث أول الليل، فأوصاهما بالوتر أول الليل، أما من كان يطمع أن يقوم آخر الليل، فالوتر آخر الليل أفضل، كما كان فعله صلى الله عليه وسلم، وكما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» رواه مسلم، فالإيتار في آخر الليل أفضل، لمن طمع في ذلك وقدر عليه، أما من خاف ألا يقوم آخر الليل، فليوتر أول الليل، هذا هو الأفضل له، وهذه الأشياء التي كان يحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو إليها، بينتها في جواب السائلة، فينبغي للمسلم أن يحافظ على هذه الأشياء وأن يعتني بها كما اعتنى بها نبينا صلى الله عليه وسلم، وحافظ عليها وحث عليها الأمة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 50 11 - بيان أن الإنسان يفعل الأصلح له من طول القيام وعدد الركعات س: هل قيام الليل بعدد الركعات أم بطول القيام يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: على كل حال الإنسان ينظر ما هو أصلح إن كانت نفسه ترتاح للطول لأجل إكثار الدعاء ويكثر القراءة والتدبر فيفعل ذلك، فإن كانت نفسه ترتاح للتخفيف وكثرة الركعات وأن هذا أخشع له وأريح لنفسه يفعل ذلك، يفعل ما هو الأقرب إلى راحته وانشراح صدره وطيب نفسه بهذا العمل، فإذا كانت نفسه ترتاح للطول وكثرة الدعاء في السجود وكثرة القراءة فيفعل، وإذا كانت نفسه ترتاح للتخفيف والتيسير فيفعل ذلك.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (365) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 51 12 - مسألة في عدد ركعات صلاة الليل والجهر فيها س: الأخ: ص. أ. ع. غ.، يقول: كم عدد ركعات صلاة الليل؟ وهل هي سرية أم جهرية؟ وهل تصح جماعة وما هو وقتها؟ علما بأنني أصليها بعد منتصف الليل، وأوقات أصليها قبل ذلك، وأصلي أربع ركعات ثم أوتر بركعة، أرجو التوضيح والتوجيه، جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (148) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 51 ج: صلاة الليل ليس لها عدد محصور، ولو صلى مائة ركعة أوتر بواحدة، أو أكثر من ذلك لا بأس بذلك، ليس لها عدد محصور، الله جل وعلا ندب إلى صلاة الليل، وحث عليها سبحانه وتعالى في كتابه العظيم، قال جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (1) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (2) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (3) {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (4)، وقال سبحانه وتعالى في وصف عباده المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (5) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (6)، وقال عن عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (7)، لكن الأفضل أن يوتر بمثل ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل، وإن أوتر بأكثر من ذلك، بعشرين أو بأربعين، أو بأكثر من ذلك، وختم بواحدة فلا بأس بذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة (8)» هذا يدل   (1) سورة المزمل الآية 1 (2) سورة المزمل الآية 2 (3) سورة المزمل الآية 3 (4) سورة المزمل الآية 4 (5) سورة الذاريات الآية 17 (6) سورة الذاريات الآية 18 (7) سورة الفرقان الآية 64 (8) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 52 على أن صلاة الليل ليس لها حد، ولهذا قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» ولم يحد بحد، عشر أو أكثر أو أقل، قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح فليصل ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)»، هذا هو المشروع في هذا الباب، ثم وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، بعد صلاة العشاء، والسنة الراتبة إلى طلوع الفجر، كله محل التهجد بالليل، وأفضل ذلك آخر الليل، الثلث الأخير، هذا أفضل ذلك، وإن أوتر في أول الليل أو في وسطه فلا بأس، قد فعل النبي هذا كله، قد أوتر في أول الليل عليه الصلاة والسلام، وأوتر من وسطه، وأوتر من آخره كما قالت عائشة رضي الله عنها، ثم استقر وتره في السحر عليه الصلاة والسلام ولا مانع أن يصليها جماعة في بعض الأحيان، مع أهله أو مع زواره، من غير أن يتخذها عادة، لكن إذا صادف ذلك أنه زاره بعض إخوانه، فصلوا جماعة لا بأس فقد زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء، في بعض الليالي وصليا جماعة في الليل (3) والنبي صلى الله عليه وسلم   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، برقم (1968) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 53 زار محل أنس، وصلى الضحى بهم جماعة عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه إذا صلى النافلة جماعة في بعض الأحيان بغير اتخاذ ذلك عادة راتبة، فلا بأس بذلك ولا حرج في ذلك، والوتر أقله واحدة، ولا حد لأكثره، لكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصلاة الليل القراءة فيها سرية، أو جهرية، يجوز أن يجهر، ويجوز أن يسر، تقول عائشة رضي الله عنها: كل ذلك قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ربما قد جهر بالقراءة، وربما أسر عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يفعل ما هو أصلح لقلبه، وما هو أخشع له، فإذا كانت قراءته جهرة، أخشع لقلبه جهر، وإذا كانت السرية أخشع لقلبه وأرفق به، فعل ذلك سرية. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 54 س: يقول السائل: كم هي ركعات التهجد؟ (1)؟ ج: أفضلها إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، هذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغالب، وإن صلى أكثر، عشرين أو   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (293). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 54 أكثر، أو أقل، فلا بأس، ولو واحدة في كل ليلة، بعد العشاء أو في آخر الليل، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، وهذا هو فعله صلى الله عليه وسلم، في الغالب عليه الصلاة والسلام، وربما أوتر بثلاث وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بتسع عليه الصلاة والسلام، لكن الأفضل والأغلب من فعله إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، ومن صلى عشرين وأوتر بثلاث، أو بواحدة أو بثلاثين، وصلى واحدة أو ثلاثا كله طيب، لا حرج، ليس له حد محدود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح، صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1)» ولم يحدد حدا بذلك، عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 55 س: كم عدد ركعات سنة قيام الليل وسنة التهجد؟ وفي أي وقت تصلى (1)؟ ج: على كل حال هذا يرجع إلى قدرته، النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة ويسلم من كل ثنتين، يطيل في قراءته   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (366) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 55 وركوعه وسجوده عليه الصلاة والسلام ويستفتح بركعتين خفيفتين، هذا أفضل ما يكون، وإذا صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر فلا حرج، كل يصلي قدرته والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (1)» والله جل وعلا أثنى على عباده المؤمنين، فقال: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2)، وقال سبحانه: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4)، فليس فيه حد محدود إذا صلى ثنتين وأوتر بواحدة أو صلى تسليمتين وأوتر بالخامسة أو صلى ثلاث تسليمات وأوتر بالسابعة أو صلى أربع تسليمات وأوتر بالتاسعة، كل ذلك لا حرج فيه والحمد لله، وأفضل ذلك أن يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين بالطمأنينة والقراءة المرتلة والتدبر والركود في صلاته وفي سجوده وركوعه ثم يوتر بواحدة، هذا هو أفضل، وإن زاد أو نقص فلا حرج.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) سورة الفرقان الآية 64 (3) سورة الذاريات الآية 17 (4) سورة الذاريات الآية 18 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 56 س: أحد الإخوة المستمعين يسأل ويقول: كم عدد ركعات صلاة الليل؟ وهل تكفي الفاتحة في كل ركعة، أم لا بد من قراءة شيء من القرآن؟ وأيضا هل تصلى جماعة، أم يصلي الواحد بمفرده؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس في صلاة الليل حد محدود، والحمد لله، أقلها ركعة ولو أوتر بواحدة بعد سنة العشاء كفته، والأفضل أن يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين إذا تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر أوتر بخمس أو ثلاث، وبأكثر من ذلك يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل وإن صلى واحدة، أو صلى جماعة مع أهل بيته، كله حسن، ولا حرج في ذلك، والحمد لله.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (346) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 57 13 - حكم من يطيل السجود أثناء التهجد حتى يتعب بذلك س: الأخت: ع. م. ع. ح. تقول: أنا أثناء صلاة التهجد أطيل في السجود، وأحس بتعب في الأيدي والصدر، هل يجوز لي أن أضع مخدة تحت الصدر وأكواع اليدين (1)   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (435) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 57 ج: ما أعرف لهذا أصلا، لكن المشروع عدم التكلف، لا تطيل في السجود حتى لا تتكلف، أما وضع هذه الأشياء فما أعرف لها أصلا، لكن السنة عدم التكلف، تسجد حسب طاقتها ولا تتكلف. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 58 14 - حكم الوضوء لصلاة التهجد س: الأخ: ف. ح، يقول: هل يلزم الوضوء لصلاة التهجد في آخر الليل (1)؟ ج: إذا كان ليس على وضوء، لزمه الوضوء، إذا كان بعد العشاء قد أحدث بعد العشاء ريحا أو بولا، أو غائطا، يلزمه، لا يصلي إلا بوضوء، أما إذا كان على طهارة العشاء وأراد أن يتهجد ولم يحدث بعد طهارته للعشاء لا بأس، لكن إذا كان نام أو أحدث، لا بد من وضوء للتهجد مثل بقية الصلوات لا بد يستنجي إن كان بال، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، وإن كان ما حصل منه إلا ريح يكفيه الوضوء، يغسل ويتمضمض، ويستنشق ويغسل وجه ويديه ويمسح رأسه وأذنيه ويغسل رجليه، أما إذا كان قد حصل بول أو غائط لا بد من الاستنجاء، يستنجي أولا ثم يتوضأ وضوء الصلاة.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (423) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 58 15 - حكم صلاة الليل جماعة س: هل صلاة الليل جماعة مشروعة؟ وما حكم المداومة على ذلك؟ وفقكم الله (1) ج: صلاة الليل جماعة لا بأس بها، لكن ليست مشروعة يداوم عليها إلا في التراويح من رمضان، أما بقية السنة، إذا صادف بعض الأحيان من غير اتخاذ ذلك عادة فلا بأس، كأن يصلي بأهله أو يزور قوما فيصلي معهم جماعة، هذا لا بأس، أما أن يتخذ ذلك عادة وسنة فلا أصل لذلك.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (351) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 59 16 - بيان في قيام الليل ووقته وما يقرأ فيه س: أعرفكم بأنني مداوم والحمد لله على صلاة الليل، لكني أرجو أن تعرفوني عن صلاة القيام في الوقت المحدد، وكم عدد ركعاتها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: قيام الليل سنة مؤكدة، ومن عمل الصالحين، وهو دأب الصالحين،   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (302) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 59 وهو من فعله صلى الله عليه وسلم، ومما كان يداوم عليه، عليه الصلاة والسلام، والله يقول في مدح عباد الرحمن ويثني عليهم فيقول: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (1)، ويقول في صفات المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (2) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (3)، والله يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (4) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (5) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (6) {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (7)، والسنة قيام الليل، وآخر الليل أفضل من أوله، وإذا رغبت أن تصلي آخر الليل وخفت عدم الاستيقاظ فأوتر في أول الليل، لأن الوتر سنة مؤكدة، أقله ركعة واحدة، ولو أوتر المصلي بثلاث أو بخمس أو بأكثر فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة، وأفضله إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بإحدى عشرة ركعة، وأنه أوتر بثلاث عشرة ركعة عليه الصلاة والسلام، هذا هو أفضل الوتر، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، ولو أوتر بأكثر من عشرين فلا بأس، كله سنة.   (1) سورة الفرقان الآية 64 (2) سورة الذاريات الآية 17 (3) سورة الذاريات الآية 18 (4) سورة المزمل الآية 1 (5) سورة المزمل الآية 2 (6) سورة المزمل الآية 3 (7) سورة المزمل الآية 4 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 60 س: سائل له كلام كثير أيضا، يسأل عن صلاة التهجد؛ في أي وقت من الليل يقوم؟ وهل يقرأ بالسور الطوال، أو ما تيسر أو يقرأ السور القصار؟ وجهوه، جزاكم الله خيرا (1) ج: التهجد من الليل سنة، قيام الليل سنة، قال الله في عباد الرحمن في وصفهم: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2)، وقال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (3) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (4)، الآيات، المقصود أن قيام الليل سنة، والحديث الصحيح: «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل (5)» يعني بعد الفريضة أفضلها قيام الليل، التهجد من الليل، وهو مخير؛ إن شاء صلى في أول الليل، وإن شاء صلى في وسطه، وإن شاء صلى في آخره، لكن الأفضل في آخر الليل، إذا تيسر إذا قدر، فإن خاف ألا يقوم من آخر الليل، فالسنة الوتر أول الليل، كما تقدم الجواب على السؤال السابق.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (332) (2) سورة الفرقان الآية 64 (3) سورة المزمل الآية 1 (4) سورة المزمل الآية 2 (5) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم، برقم (1163). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 61 س: متى تؤدى صلاة الليل (1)؟ ج: صلاة الليل ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، كله صلاة الليل، إذا فرغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، لكن الأفضل في آخر الليل، أو في جوف الليل، وإن صليته قبل أن تنام فذلك أيضا طيب وخير إذا كنت تخشى ألا تقوم من آخر الليل، فالأفضل أن تصلي في أول الليل، قبل أن تنام، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بالإيتار قبل النوم، فكل إنسان أعلم بنفسه، فإذا كان يستطيع القيام في آخر الليل فهذا أفضل، وإلا صلى في أول الليل.   (1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (301). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 62 س: سماحة الشيخ، كيف يكون قيام الليل، أرجو بيان كيفية ذلك؟ وأين يكون موقع الدعاء والتسبيح، مفصلا (1)؟ ج: قيام الليل سنة مؤكدة، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله الأخيار، كما قال الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (2) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)، وقال سبحانه مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (303) (2) سورة المزمل الآية 1 (3) سورة المزمل الآية 2 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 62 {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (1)، ثم مدح المؤمنين عباد الرحمن بذلك، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2)، وقال أيضا عن المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4)، فقيام الليل سنة مؤكدة سواء في أوله، أو في أوسطه، أو في آخره حسب التيسير، فالوتر سنة وأقله ركعة واحدة، فإذا قام بالليل وقرأ ما تيسر من القرآن سواء صلى بثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة كله حسن، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهذا، ثم أوصى بثلاث، ثم أوصى بسبع، ثم أوصى بخمس، ثم أوصى بتسع، ثم أوصى بإحدى عشرة، ثم أوصى بثلاث عشرة يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، وإن صلى ثلاثا جميعا بسلام واحد وجلسة واحدة في آخرها فلا بأس، فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، أو صلى بخمس جميعا بجلوس في آخرها فلا بأس، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، والأفضل وتره صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا   (1) سورة الإسراء الآية 79 (2) سورة الفرقان الآية 64 (3) سورة الذاريات الآية 17 (4) سورة الذاريات الآية 18 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 63 هو الأفضل، ومن أوتر بعشرين أو أكثر أو زاد في الوتر فلا بأس أو بسبع وعشرين أو بإحدى وثلاثين، أو بأكثر كله لا بأس به، والنبي صلى الله عليه وسلم وسع في صلاة الليل، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1)» فالسنة هكذا يصلي ثنتين، فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة (2)» يعني غالبا فيسلم من كل اثنتين، عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوتر، برقم (994)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 64 17 - حكم الملازمة لصلاة الليل س: هل يجب الملازمة لصلاة الليل أو لا يجب (1)؟ ج: صلاة الليل سنة مؤكدة، ومن فعل النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (2)، وقال في وصف الصالحين من عباد الله:   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (349) (2) سورة الإسراء الآية 79 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 64 {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (1) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (2)، وقال في وصف عباد الرحمن سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (3)، فالتهجد بالليل سنة وقربة عظيمة، لكن حسب الطاقة يفعلها الإنسان حسب الطاقة، في أول الليل، في أثناء الليل، في آخر الليل حسب التيسير، وأقلها واحدة، ركعة واحدة، يوتر بها ويستحب له الزيادة، يصلي ثلاثا، خمسا، سبعا، تسعا، حسب التيسير، وإذا كان يشق عليه قيام الليل، آخر الليل يصليها قبل أن ينام، «كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما أن يوترا قبل النوم (4)» وإذا تيسر له أن يقوم في آخر الليل فهو أفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل (5)» والسنة ثنتين ثنتين، ثم يوتر بواحدة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، وإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد   (1) سورة الذاريات الآية 17 (2) سورة الذاريات الآية 18 (3) سورة الفرقان الآية 64 (4) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722). (5) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 65 صلى (1)» ولا يأثم في ترك صلاة الليل، فهي سنة، لو تركها لا شيء عليه، لكن سنة سن المحافظة عليها، الله لم يوجب علينا إلا الصلوات الخمس في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والجمعة، هذه الفريضة ومن زاد عليها صلاة الضحى، والتهجد بالليل والرواتب والوتر كلها نافلة، لكن ينبغي للمؤمن ويشرع له أن يحافظ على الرواتب والفضائل، ويسارع إلى كل خير، ولا سيما التهجد بالليل والوتر والصلوات المتأكدة، وهكذا الرواتب، كسنة الظهر قبلها أربع بعدها ثنتين، وإن صلى بعدها أربعا كان أفضل، أيضا قبل العصر يستحب أن يصلي أربعا يسلم من كل ثنتين، كذلك بعد المغرب ثنتين، وبعد العشاء ثنتين، وقبل صلا الفجر ثنتين، كل هذه رواتب، وإذا صلى قبل العشاء ركعتين، وقبل المغرب ركعتين كان أفضل أيضا، وبين الأذانين كل هذه نوافل مستحبة، ينبغي للمؤمن المحافظة عليها، وأن يكون حريصا عليها، يرجو ثواب الله وفضله سبحانه وتعالى.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 66 18 - حكم صلاة الليل في أوله لمن يخشى النوم عنها س: السؤال يقول: أقدم صلاة الليل إلى ما بعد صلاة العشاء، أو الجزء: 10 ¦ الصفحة: 66 أؤديها في الحادية عشرة على الأكثر خوفا أن يغلبني النوم، فهل تعتبر صلاتي صحيحة (1)؟ ج: نعم، فالأفضل أن تؤديها في أول الليل إذا كنت تخشى ألا تقوم في آخر الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» «وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما، بالوتر أول الليل (3)» وذلك لأنهما لا يتيسر لهما القيام في آخر الليل، إما لمدارسة الحديث، وإما لأسباب أخرى، فالمقصود أنك إذا كنت تخشى ألا تقوم من آخر الليل فالوتر لك في أوله هو السنة، وهو الأفضل، أما إن طمعت أن تقوم في آخر الليل وتيسر لك ذلك فالتهجد في آخر الليل أفضل.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (327). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 67 س: أنا أختكم في الله: ر. من الأردن، تقول عن نفسها: أنا أحب صلاة قيام الليل، لكن أحيانا يأخذني النوم، وأحيانا أستيقظ لكني لا أقوم، إلا متثاقلة نتيجة للنعاس، فبماذا توجهونني حتى الجزء: 10 ¦ الصفحة: 67 أقوم، وأنا في نشاط ورغبة للصلاة ولذكر الله (1)؟ ج: نوصيك بالصلاة قبل النوم والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بعض أصحابه بالوتر قبل النوم، فإذا كان الإنسان يخاف ألا يقوم فالأفضل أن يصلي ما تيسر قبل النوم ثلاثا أو خمسا أو أكثر، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة قبل النوم، أما إذا اطمأننت أنك تقومين آخر اللي فهو أفضل، ونوصيك بالنوم مبكرا، أن تنامي مبكرة حتى تقومي من آخر الليل، أما مع السهر، فإنه يعسر قيام الليل في آخر الليل، ولكن نوصيك بالتبكير بالنوم، ووضع الساعة على الوقت المناسب، حتى تقومي إن شاء الله، فإذا لم يتيسر ذلك، فصلي في أول الليل، صلى قبل النوم والحمد لله، وإذا فاتك في أول الليل بسبب النوم أو المرض فصلي من النهار، صلي الضحى ما تيسر يعني عدد الركعات التي تفعلينها في الليل، صليها من النهار، وزيديها ركعة اشفعيها إذا كانت العادة خمسا، فصلي ستا بثلاث تسليمات، وإذا كانت العادة سبعا، ولم يتيسر أن تصليها بالليل للنوم أو غيره تصلي في النهار ثمانيا بأربع تسليمات، وهكذا فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام، إذا شغله عن وتره من الليل نوم أو مرض،   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (333). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 68 صلى في النهار وشفع عادته، كما قالت عائشة رضي الله عنها، وكان في الغالب يصلي في الليل إحدى عشرة ركعة، عليه الصلاة والسلام، فإذا شغله نوم أو مرض، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، بست تسليمات، هذا هو السنة وهذا هو المشروع، وفق الله الجميع. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 69 19 - بيان الثلث الأخير من الليل س: السائل: ع. من الأردن، يقول: هل تعتبر الساعة التي تسبق أذان الفجر من الثلث الأخير من الليل (1)؟ ج: نعم، ما كان قبل الفجر كله ثلث أخير، حتى يطلع الفجر، الثلث الأخير يبدأ من ذهاب الثلثين، يبدأ الثلث الأخير، ويستمر إلى طلوع الفجر.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (416). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 69 20 - حكم تأخير صلاة الليل إلى قبيل الفجر س: يسأل سماحتكم عن حكم تأخير النوافل قبيل الفجر بنصف ساعة (1)؟ ج: لا مانع، لكن كونك تتقدم حتى يتسع الوقت، وحتى تصلي ما يسر الله لك بهدوء، وتصلي إحدى عشرة ركعة، كما كان يفعل عليه   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (314). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 69 الصلاة والسلام، تسلم كل ثنتين، وتجتهد في القراءة، والركوع والسجود، هذا أفضل لأن الوقت الضيق قد لا تتمكن معه من المطلوب، مثل الصلاة المطلوبة، والدعوات المطلوبة، لكن لو أخرت إلى آخر الليل، وصليت ما يسر الله لك، فلا حرج والحمد لله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 70 س: متى يبدأ الليل، هل من بعد أذان المغرب أم من بعد أذان العشاء، وهل يمتد إلى أذان الفجر؟ (1) ج: الليل ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا هو الليل، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق هذا هو الليل.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (350). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 70 21 - بيان لبداية وقت التهجد ونهايته س: ما هو وقت صلاة التهجد؟ متى يبدأ ومتى ينتهي؟ مأجورين (1) ج: يبدأ من بعد العشاء وينتهي بطلوع الفجر، هذا التهجد إذا صلى الناس العشاء دخل وقت التهجد إلى طلوع الفجر، فإذا أوتر في أول الليل أو في أثناء الليل أو في آخر الليل كله حسن كما قال جل   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (358). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 70 وعلا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (1)، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (2) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (3) الآية، فالسنة قيام الليل من الفراغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ولو بركعة واحدة الوتر، لكن إذا صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر يسلم من كل ثنتين هذا هو السنة وهذا فعله صلى الله عليه وسلم.   (1) سورة الإسراء الآية 79 (2) سورة المزمل الآية 1 (3) سورة المزمل الآية 2 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 71 22 - حكم من يوتر بعد صلاة العشاء مباشرة س: سائلة تقول: إنني ولله الحمد أقوم الليل إلا أنني أوتر بعد سنة العشاء، وذلك خوفا من أن يقبض الله روحي، قبل أدائها وخوفا من أن يغلبني النوم، فلا أستطيع أداءها، فبماذا تنصحونني وهل ما أنا عليه صحيح؟ (1) ج: قيام الليل من أفضل القربات، ومن صفات عباد الرحمن الأخيار، ومن صفات المتقين الأبرار: قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (2) {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} (3) {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (4) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (5)، وقال سبحانه في صفة   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (266). (2) سورة الذاريات الآية 15 (3) سورة الذاريات الآية 16 (4) سورة الذاريات الآية 17 (5) سورة الذاريات الآية 18 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 71 عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (1) فأنت على خير، فنوصيك بالثبات، وسؤال الله القبول، وعليك بالاستقامة، ولكن الأفضل لك أن تجعلي الوتر آخر الليل، ما دمت تقومين آخر الليل، فاجعلي الوتر آخر الليل، وأحسني الظن بالله، وأبشري بالخير، ما دمت قد اعتدت هذا الخير، تقومين آخر الليل، فاجعلي وترك آخر الليل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» بين صلى الله عليه وسلم أن صلاة آخر الليل مشهودة، وأنها أفضل من أول الليل، وأنت بحمد الله تطمعين أن تقومي، قد اعتدت القيام، فأخري الوتر في آخر الليل، وإذا غلبك النوم صلي في النهار ما يقابل ذلك، شفعا دون وتر، كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، «كان إذا غلبه النوم، أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم، غالبا إحدى عشرة ركعة، فإذا شغله نوم أو مرض، زاد واحدة   (1) سورة الفرقان الآية 64 (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 72 صلى ثنتي عشرة ركعة (1)» هكذا روت عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم، والمؤمن يجب أن يكون حسن الظن بالله سبحانه وتعالى، فعليك أن تحسني الظن بالله، والاجتهاد في الخير، وأن تكون صلاتك آخر الليل مع الوتر لهذا الحديث الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)» هذا الحديث العظيم، متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على فضل آخر الليل، وأن العبادة فيه لها فضل عظيم، وأن دعاء العبد حري بالاستجابة، وهكذا توبته واستغفاره، وهذا النزول نزول يليق بالله جل وعلا، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، سبحانه وتعالى فهو في نزوله كسائر صفاته، كالاستواء والكلام والغصب، والرضا، وغير ذلك كلها صفات تليق بالله لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، فكما قال السلف في الاستواء: إنه اللائق بالله، فهكذا النزول، وهكذا بقية الصفات، يقول جل وعلا:   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 73 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1) سئل مالك إمام دار الهجرة في زمانه، رحمه الله، قيل له: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (2) كيف استوى؟ قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب وهكذا روي عن أمة سلمة أم المؤمنين، وعن ربيعة شيخ مالك، أنهم قالوا هذا المعنى، الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، وهكذا النزول معروف، والكيف مجهول، ينزل كيف يشاء سبحانه وتعالى نزولا يليق بجلاله، ولا يشابه خلقه في صفاته سبحانه، وهكذا يتكلم إذا شاء كما يليق بجلاله، ويغضب إذا شاء على أهل المعصية والكفر به غضبا يليق بجلاله، لا يشابه غضب المخلوقين، وهكذا رضاه، وهكذا سائر صفاته، سبحانه وتعالى كلها يجب أن تمر كما جاءت، مع الإيمان بها، واعتقاد   (1) سورة طه الآية 5 (2) سورة طه الآية 5 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 74 أنها حق، وأنها تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه، ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 75 23 - حكم من نوى قيام الليل ولم يقم س: سماحة الشيخ، إذا نوى الشخص سواء المرأة، أو الرجل أن يقوم الليل ولم يقم فهل يكتب له أجر ما نوى؟ (1) ج: نعم، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (2)» كذلك إذا نام ما فرط له أجر قيام الليل، لكن يصلي من النهار ما فاته، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا منعه من ورده من الليل نوم أو مرض صلى من النهار مقابل ما يفعله بالليل، هذا هو السنة وإذا شغله المرض أو النوم، عن وتره بالليل أو حزبه من الليل من القراءة جعله في النهار قبل الظهر، هذا هو الأفضل ويكون أجره كاملا، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، في غزوة تبوك: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (371). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 75 واديا إلا وهم معكم (1)» وفي لفظ: «إلا شاركوكم في الأجر "، قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم المرض (2)» وفي لفظ آخر: «حبسهم العذر»، فالمقصود أن من حبسه العذر عن عمل صالح ينويه من عادته فعله يكون له أجره.   (1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي الحجر، برقم (4423). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض، أو عذر آخر، برقم (1911). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 76 س: بحمد الله تعالى وشكره أصبحت أصلي الليل، لكن الذي حدث ذات مرة أنني لم أفق في ليلة من الليالي، إلا على أذان الفجر فصليت الفجر، فهل علي قضاء ما كنت أصلي؟ (1) ج: ليس عليك قضاء، لكن الأفضل أن تقضي، «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورد من الليل قضاه من النهار عليه الصلاة والسلام (2)» لكنه نافلة مستحب، فإذا كنت تصلين من الليل عشر ركعات، مع الوتر واحدة إحدى عشرة فالأفضل لك أن تصلي من النهار ثنتي عشرة ركعة، مثل ما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، تسلمين من كل ثنتين،   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (294). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 76 وإذا كان عادتك سبع ركعات تصلين من النهار ثمانيا أربع تسليمات، وهكذا لو كانت ثلاثا تصلين من النهار تسليمتين، أربع ركعات هذه السنة، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن صلاة في الليل مرض، أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (1)» وكان الغالب عليه الصلاة والسلام أنه يصلي إحدى عشرة، يسلم كل ثنتين ويوتر بواحدة، فإذا شغله مرض أو نوم صلاها من النهار وزاد ركعة صارت ثنتين عن ركعة، ويسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 77 24 - حكم من صلى أربع ركعات بتسليمة واحدة س: من صلى أربع ركعات بتسليمة واحدة هل هذا جائز؟ (1) ج: في الليل لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» وهذا معناه الأمر، معناه: صلوا ثنتين ثنتين، أما في النهار فقد اختلف فيه العلماء؛ منهم من قال: يجوز. ومنهم من قال: لا يجوز.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (228). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 77 والأفضل أنه يصلي ثنتين حتى في النهار أيضا، ولو صلى أربعا صحت إن شاء الله، لكنه خلاف السنة، السنة أن يصلي ثنتين ثنتين حتى في النهار؛ لأنه في رواية أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1)» رواه الإمام أحمد وأهل السنن بسند صحيح، فينبغي للمؤمن ألا يصلي إلا ثنتين ثنتين حتى في النهار، لكن لو سرد خمسا يوتر بها، لا حرج، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو سرد سبعا وأوتر بها لا حرج؛ لأنه فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مستثنى من قوله: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» وكذا يجوز سرد تسع يوتر بها، لكن يجلس في الثامنة للتشهد الأول، يقوم ويأتي بالتاسعة، أما أن يصلي أربعا في الليل، أو ستا في الليل، أو ثمانيا في الليل فلا، هذا خلاف للسنة لا يجوز؛ لأنه صلى الله   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 78 عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» ثابت في الصحيحين، ليس فيه نزاع، فلا يجوز له أن يجمع أربعا في تسليمة واحدة أو ثمانيا أو ستا بتسليمة واحدة، ولكن يصلي ثنتين ثنتين، وكذلك في النهار يصلي ثنتين ثنتين.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 79 25 - بيان الوقت المفضل لقيام الليل س: من الأردن أخوكم في الله: م. ر. ع. يقول: سماحة الشيخ، الصلاة بعد أذان الفجر الأول هل تعتبر صلاة قيام الليل؟ وهل هناك أذان أول وأذان ثان لصلاة الفجر؟ وهل قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى أذان الفجر، أو من منتصف الليل؟ أفيدونا مأجورين (1) ج: قيام الليل يبدأ من نهاية صلاة العشاء، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا قيام الليل، وإذا كان في آخر الليل، النصف الأخير أو في الثلث الأخير يكون أفضل، مثل ما جاء في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الصيام صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (391). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 79 ويقوم ثلثه، وينام سدسه (1)» يعني يصلي السدس الرابع والسدس الخامس، فينام نصفه ويقوم ثلثه؛ السدس الرابع والسدس الخامس، وإذا قام في الثلث الأخير كان ذلك فيه فضل عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)» وهذا نزول يليق بالله لا يشابه خلقه في نزولهم، فهو نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى؛ كالاستواء على العرش والارتفاع فوق استواء يليق بجلال الله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، ولهذا يقول أهل العلم: استواء بلا كيف. فالمؤمن يؤمن بصفات الله وأسمائه على الوجه اللائق بالله عز وجل، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تمثيل، ولهذا يقول مالك وغيره من السلف: الشافعي والإمام أحمد بن حنبل والثوري والأوزاعي وغيرهم، يقولون: نؤمن بأن ربنا فوق سماواته على عرشه، قد استوى عليه بلا كيف، سبحانه وتعالى، فالإنسان يقوم بما تيسر من الليل في أوله، أو في أوسطه، أو في آخره يتهجد يصلي   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 80 ما تيسر، يدعو ربه، يلجأ إليه يفزع إليه ويسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (1)» والأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل، إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة قبل طلوع الفجر، وإن صلى أكثر من ذلك لا بأس، أو أقل كمن صلى ثلاثا أو خمسا أو سبعا كل ذلك لا بأس، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، وإن سرد ثلاثا بسلام واحد، ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، أو سرد خمسا بسلام واحد، ولم يجلس إلا في آخرها لا بأس، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، سواء في أول الليل، أو في وسطه أو في آخره، وإذا كان له شغل في أول الليل؛ لدراسة العلم ونحو ذلك فإنه يوتر في أول الليل حتى لا ينام عن الوتر، كما كان أبو هريرة رضي الله عنه، فقد أوصاه النبي أن يوتر في أول الليل؛ لأنه كان يدرس العلم في أول الليل، المقصود الإنسان الذي يخشى ألا يقوم من آخر الليل يوتر في أول الليل؛ لقول النبي صلى الله   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 81 عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» أخرجه مسلم في صحيحه، فالتهجد في أول الليل أو في وسطه أو في آخره كله طيب، ولكن الأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 82 س: تقول هذه السائلة: يا سماحة الشيخ، ما هي بداية صلاة آخر الليل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الصلاة في الليل كلها مشروعة، من أوله إلى آخره، وأفضلها الثلث الأخير، وأفضلها السدس الرابع والخامس، صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم الثلث، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (2)» فإذا صلى الإنسان السدس الرابع والخامس هذا أفضل الوقت، والسدس السادس من بقية ثلث الليل، وكله طيب وقت التنزل الإلهي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (434). (2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 82 ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقي ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له؟ (1)» في النصف الأخير كله خير، وكله محل إجابة دعاء وفضل عظيم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 83 26 - حكم صلاة الرجل بأهل بيته في النوافل س: صلاة الرجل بأهل بيته في النوافل كيف يكون التوجيه بخصوصها شيخ عبد العزيز؟ (1) ج: إن شاء فعل، وإن شاء ترك، النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده، ما كان يصلي بأهل بيته، كان يصلي وحده صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء الوتر أيقظ عائشة لتوتر، فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان فيما علمنا يصلي وحده عليه الصلاة والسلام في تهجده بالليل، فإذا تهجد الإنسان بالليل وحده فلا بأس، وإن صلى بأهله أو بجماعة زاروه فلا بأس.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (148). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 83 27 - حكم من لم يصل قيام الليل وصلاة الضحى س: السائلة من المستمعات تقول: إنني - ولله الحمد - مواظبة على أداء الصلوات في أوقاتها، ولكني لا أصلي صلاة الليل، ولا أصلي الضحى وأنا مستطيعة، فهل علي إثم؟ (1) ج: هذه من نعم الله العظيمة المحافظة على الصلوات الخمس، هذه من نعم الله العظيمة، وذلك من أوجب الواجبات، لقول الله سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2)، وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (3)، وفي آيات كثيرات حث على المحافظة والخشوع والعناية بالصلاة، فاحمدي الله على ذلك، واسأليه الثبات، فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، والرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله، ولا يجوز له التساهل في أدائها في البيت، بل يجب على الرجل أن يصليها مع الجماعة في المساجد، وعلى المرأة أن تصليها في الوقت مع   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (263). (2) سورة البقرة الآية 238 (3) سورة البقرة الآية 43 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 84 الخشوع والطمأنينة، وعدم العجلة؛ لقوله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2)، وقوله جل وعلا: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (3)، فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة العناية بالصلاة، والمحافظة عليها بأوقاتها مع العناية بالخشوع والطمأنينة، وعدم العجلة، واستحضار القلب بين يدي الله عز وجل، ويزيد الرجل الحضور في الجماعة، وأن الواجب عليه أن يحضرها في الجماعة، ويصليها مع إخوانه في بيوت الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر - قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض - لم تقبل منه الصلاة التي صلى (4)» وفي الصحيح أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن أم مكتوم، وهو أعمى، لما سأله قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 (3) سورة العنكبوت الآية 45 (4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551)، وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 85 النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (1)» هذا أعمى ليس له قائد يقوده، ومع ذلك يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: " أجب " يعني لأدائها مع الجماعة في بيوت الله. أما صلاة الضحى والتهجد بالليل فهذا مستحب، من تيسر له التهجد بالليل فهو قربة عظيمة، وعبادة مؤكدة، ولو ركعة واحدة في الليل، أو ثلاث، وأقلها ركعة واحدة يوتر بها، وإن صلى ثلاثا أو أكثر فهو أفضل، والضحى سنة ولو ركعتين، والنبي أوصى بذلك لجماعة من الصحابة بركعتين؛ ركعتي الضحى، لكن ليست واجبة لا صلاة الليل ولا الضحى، إنما هي مستحبة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 86 28 - حكم الجهر في صلاة النوافل بالليل س: ما حكم الجهر في صلاة النوافل بالليل؟ وإذا سها وجهر في ركعة فما الحكم؟ (1) ج: السنة الجهر، صلاة الليل السنة الجهر فيها، في النافلة والفريضة،   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (11). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 86 يجهر في المغرب في الأولى والثانية، وفي العشاء في الأولى والثانية، ويسر في الثالثة من المغرب، ويسر في الثالثة والرابعة من العشاء، أما النوافل السنة فيها الجهر، لكن جهرا لا يؤذي أحدا، ولا يشق على أحد، فإذا كان بقربه مصلون أو نوام أو قراء فإنه يجهر جهرا لا يؤذيهم، ولا يشوش عليهم، وقد خرج صلى الله عليه وسلم على قوم يصلون في المسجد يرفعون أصواتهم، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: «كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا (1)» المقصود أنه إذا جهر يتحرى الجهر الخفيف الذي لا يتأذى به مصل ولا نائم، وهكذا من كان في المساجد يقرأ في المساجد ينبغي له أن يلاحظ عدم التشويش على من حوله، فيقرأ قراءة خفيفة ليس فيها تشويش على من حوله من المصلين والقراء، بعض الناس في المساجد في الجمع وفي غير الجمع يجهر جهرا يشوش على من حوله، هذا لا ينبغي، أقل أحواله الكراهة، فينبغي لمثل هذا أن يراعي القارئ عدم التشويش على من حوله من المصلين والقراء، سواء كان في صلاة الليل في بيته أو في المساجد، هذه السنة.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه برقم (11486)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، برقم (1332). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 87 س: هل يشترط في النوافل أن تكون سرية؟ مع العلم أنني أصلي النوافل الليلية جهرا، والنوافل النهارية سرا؟ (1) ج: لا يشترط كونها سرية، يشرع للرجل أن يتنفل جهرا وسرا، وإذا كان سرا في بعض الأحيان كما كان أكمل في الإخلاص، ولكن ليس ممنوعا أن يصلي جهرا كما يصلي بعض الرواتب في المسجد، كسنة الظهر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، لا بأس، ولا بأس أن يصلي الضحى في المسجد أيضا، ولا بأس أن يصلي في بيته وعنده من يراه من أهله أو ضيوفه، لا بأس، لكن إذا كان في محل خاص بينه وبين ربه في النوافل كان هذا أكمل في الإخلاص، ولا حرج أن يصلي جهرة عند الناس، لا حرج في ذلك، إذا كان قصده الإخلاص وليس قصده الرياء.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (176). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 88 س: من خميس مشيط، هذا السائل يقول: كيف تكون القراءة في صلاة آخر الليل في البيت؟ هل تكون جهرا أم سرا؟ (1) ج: افعل ما هو أصلح لقلبك، والأفضل السر، وإذا كان الأصلح الجهر تجهر، إذا كان أخشع لقلبك تجهر، وإذا كان أخشع لقلبه السر   (1) السؤال السادس والسبعون من الشريط رقم (425). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 88 يسر، يعمل ما هو الأصلح. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 89 س: هل تكون قراءة القرآن في صلاة التهجد سرا أم جهرا؟ (1) ج: السنة الجهر، وإن أسر فلا حرج، لكن الأفضل الجهر جهرا لا يؤذي أحدا، لا يؤذي الإمام ولا المصلين، جهرا خفيفا لا يتأذى به أحد، وإن قرأ سرا فلا بأس، أخبرت عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل أسر وجهر، عليه الصلاة والسلام (2)»   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (345). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7774)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام، برقم (826)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام، برقم (312)، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به، برقم (919) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 89 س: أيهما أفضل: أن تكون صلاة القيام جهرا، أم سرا؟ (1) ج: في الليل جهرا هذا الأفضل، وإن أسر فلا حرج في ذلك، وهذا هو الأفضل، فقد كان النبي يجهر وربما أسر، كما قالت عائشة رضي الله عنها. وهذا في البيت أو في البر أو السفر، أو في المسجد يتهجد، أو   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (352). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 89 في التراويح أو في قيام رمضان في العشر السنة الجهر. والحكم شامل النساء والرجال، في البيت والمسجد، لكن المرأة إذا كان عندها أجانب الأفضل السر؛ لأن صوتها قد يفتن بعض الناس، فالأفضل السر، وهكذا التلبية، إذا كان حولها أجانب الأفضل السر، وبالنسبة للصلوات المفروضة الجهرية تصلي في بيتها أفضل وتجهر، أما إذا كانت مع الإمام فتنصت. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 90 س: هل صلاة الليل والقراءة فيها سرية أم جهرية؟ (1) ج: صلاة الليل جهرية، وإن أسر فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «أسر وجهر (2)» كما قالت عائشة، فإذا رأى المصلحة في السر أسر، وإذا رأى المصلحة في الجهرية جهر، والجهر أفضل إذا تيسر، وإذا كان السر أخشع لقلبه فلا بأس.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (355). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7774)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام، برقم (826)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام، برقم (312)، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به، برقم (919) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 90 س: صلاة التطوع إذا اعتاد عليها الإنسان هل تكون واجبة؟ (1) ج: لا، ما تكون واجبة، التطوع يكون دائما تطوعا، لا يكون واجبا أبدا، لكن نسك الحج والعمرة إذا أحرم بهما وجبا؛ لقول الله تعالى:   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (45). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 90 {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (1) هذا شيء خاص بالحج والعمرة، متى أحرم بهما وجبا حتى يكملهما، أما ما سواهما كالصلاة والصوم والصدقة، ونحو ذلك هذه تطوعات تبقى على حالها تطوعا، فلو شرع في الصلاة جاز له قطعها، ولو شرع في الصوم نافلة جاز له قطعه، والأفضل أن يكمل، ولو أخرج مالا لأن يتصدق به جاز له أن يرجع حتى يسلم ذلك للفقير، المقصود أن جميع النوافل على حالها هي تطوع حتى ينتهي منها، إلا الحج والعمرة فإنها إذا شرع فيهما وجبا حتى يكملهما.   (1) سورة البقرة الآية 196 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 91 29 - حكم قراءة عدد من السور القصار في قيام الليل س: إذا كان قائم الليل لا يحفظ من القرآن إلا سورا قليلة فهل يجوز له قراءة السور متتابعة في ركعة واحدة؟ (1) ج: لا مانع من ذلك، يقرأ ما يسر الله له، وإن قرأ من المصحف فلا بأس.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (144). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 91 30 - حكم حمل المصحف في الصلاة لمن لم يحفظ من القرآن إلا القليل س: هل حمل المصحف في الصلاة جائز، لمن لم يحفظ من القرآن إلا القليل؟ (1) ج: لا مانع من أن يقرأ من المصحف، في التهجد بالليل أو في صلاة التراويح، أما الفريضة فيقرأ ما تيسر، ولا حاجة إلى المصحف، يقرأ ما تيسر والحمد لله مع الفاتحة، ويكفي والحمد لله، الفاتحة هي الأصل، والباقي سنة، يقرأ ما تيسر من السور القصيرة، أو الآيات والحمد لله يكفي.   (1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (399). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 92 س: هل تكفي فاتحة الكتاب في التهجد والسنن، أم لا بد من قراءة سورة أخرى معها؟ (1) ج: تكفي الفاتحة؛ لأنها الركن، ولكن إذا قرأ معها فهو أفضل، السنة يقرأ معها زيادة، النبي كان يقرأ مع الفاتحة عليه الصلاة والسلام، لكنة قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» فالركن هو الفاتحة، وما   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (231). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 92 زاد فهو مستحب. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 93 س: إنني إذا صليت النوافل لا أقرأ إلا الفاتحة، لأنني لا أحفظ من القرآن إلا شيئا يسيرا فهل ما فعلته صحيح؟ (1) ج: الفاتحة كافية في الفرض والنفل، لكن إذا زدت عليها ببعض الآيات أو السور القصيرة مثل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2)، أو: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (3)، وأشباه ذلك فهذا أفضل، وإن اقتصرت على الفاتحة أجزأ ذلك والحمد لله، حتى في الفرض.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (301). (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الكوثر الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 93 س: بالنسبة لمسك المصحف للقراءة منه في صلاة القيام، هل هذا جائز؟ (1) ج: لا جرح أن يقرأ من المصحف في صلاة القيام، التراويح في القيام، أو في غيرهما، لا بأس إذا احتاج إلى ذلك، كان مولى عائشة رضي الله عنها يصلي بها في رمضان من المصحف.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (410). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 93 31 - حكم تخصيص السور التي فيها سجدة بالقراءة في النوافل س: يسأل المستمع ويقول، هل من الأفضل أن نقرأ الآيات والسور التي بها سجدة في نوافل النهار أو الليل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الأفضل أن تقرأ ما تيسر من غير تخصيص الآيات التي فيها سجدة، تقرأ ما تيسر كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، تقرأ في الظهر والعصر والمغرب والعشاء ما تيسر إن كنت إماما، وإن كنت مأموما تقرأ ما تيسر حسب حال إمامك، تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، السرية الأولى والثانية من الظهر، والأولى والثانية من العصر، وفي الجهرية تقرأ الفاتحة فقط وتنصت لإمامك، وتقرأ في الثالثة والرابعة من العشاء وفي الثالثة والرابعة من الظهر والعصر الفاتحة، وفي الثالثة من المغرب الفاتحة، أما في النوافل فتقرأ ما تيسر، ما تخصص آيات السجود سجود التلاوة، تقرأ ما تيسر، وإذا رتبت قراءتك من أول القرآن إلى آخره فهذا هو الأفضل، كلما كملت القرآن رجعت من أوله، وتقرأ في صلواتك في الليل والنهار ما تيسر، وتقرأ ما تيسر في غير الصلاة أيضا، كلما ختمت القرآن رددت من أوله، هذا هو الأفضل.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (392). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 94 32 - مسألة في فضل قيام الليل س: رأيت والدي يصلي في منتصف الليل ثماني ركعات، فسألته عن فائدة الصلاة في الليل، فقال: إن الإنسان الذي يصلي في الليل لا تأكل الأرض جسده بعد وفاته. فهل هذا صحيح؟ وهل يبقى الإنسان في قبره إذا كان يصلي صلاة الليل والناس نيام؟ وهل الروح تبقى في الجسد بعد الوفاة، أم تصعد إلى خالقها؟ (1) ج: صلاة الليل قربة عظيمة وسنة مؤكدة، قال الله جل وعلا في وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2)، وقال سبحانه في وصف المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4)، وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (5) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (6) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (7) {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (8) الآية، وقال سبحانه: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (9).   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (55). (2) سورة الفرقان الآية 64 (3) سورة الذاريات الآية 17 (4) سورة الذاريات الآية 18 (5) سورة المزمل الآية 1 (6) سورة المزمل الآية 2 (7) سورة المزمل الآية 3 (8) سورة المزمل الآية 4 (9) سورة السجدة الآية 16 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 95 والآيات في هذا كثيرة، تدل على فضل قيام الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتهجد بالليل كثيرا، عليه الصلاة والسلام، ويقول: «أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام (1)» فالتهجد بالليل من أفضل القربات، ومن أعظم الطاعات، وكان صلى الله عليه وسلم في الأغلب يصلي إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام وربما أوتر بأقل من هذا، وربما أوتر بتسع، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بخمس، ولكن الأغلب أنه كان يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة، عليه الصلاة والسلام في الليل يطيل في قراءته وركوعه وسجوده عليه الصلاة والسلام، أما كونه لا تأكل الأرض جسمه، إذا كان يصلي من الليل هذا لا أعلم له أصلا، لا أعلم في الأدلة الشرعية ما يدل على ذلك، وأما الروح لا، روح المؤمن فإنها تعلق في شجر الجنة، تروح للجنة وتعلق في أشجارها   (1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة، والرقائق، والورع، باب منه، برقم (2485)، وابن ماجه في كتاب الأطعمة، باب إطعام الطعام، برقم (1334)، واللفظ له، والدارمي في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الليل، برقم (1460). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 96 كالطائر، شبه طائر، تعلق في أشجار الجنة وثمارها، كما صح فيه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة (1)» وأما أرواح الشهداء فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكون في أجواف طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تعود إلى قناديل معلقة تحت العرش. فأرواح المؤمنين في الجنة مكرمة، لكن أرواح الشهداء لها شأن، ويعيد الله الأرواح إلى أجسادها إذا شاء، كما يعيدها عند السؤال حين يموت الإنسان ويوضع في قبره، يأتيه الملك فيسأله عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، ويعيد الله له روحه فيسمع سؤال الملكين به، ويجيب إن كان صالحا، ويتردد ولا يستطيع الإجابة إذا كان كافرا، أو منافقا، نسأل الله السلامة، أما أرواح الكفار ففي النار، نسأل الله العافية، وقد قال الله جل وعلا في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (2)، واختلف أهل العلم في مستقرها، فقيل في نفس النار.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، برقم (15360)، والنسائي في كتاب الجنائز، باب أرواح المؤمنين، برقم (2073)، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، برقم (4271). (2) سورة غافر الآية 46 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 97 وقيل: في قبور أصحابها. وقيل في غير ذلك، ولكنها بكل حال معذبة نعوذ بالله، وتعرض على النار، ومصيرها إلى النار، نسأل الله العافية. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 98 33 - مسألة في بيان فضل كثرة السجود س: ما حكم صلاة السجود في الليل؟ نرجو الإفادة عن ذلك (1) ج: هذا السؤال فيه إجمال، وهو ما حكم صلاة السجود في الليل؟ يحتمل أن مراده بذلك يعني: ما حكم الصلاة التي يكثر فيها السجود، ولا تطول فيها القراءة؟ ويحتمل أنه أراد معنى آخر لم أفهمه، فإن كان يسأل عن الأول فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على شرعية الإكثار من الصلوات، وأنها من أسباب دخول الجنة، وأن العبد ما سجد سجدة إلا رفعه الله بها درجة، وفي حديث ربيعة بن كعب الأسلمي قال: «قلت يا رسول الله، لما قال الرسول: " سل "، وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أسألك مرافقتك في الجنة. فقال: " أعني على نفسك بكثرة السجود (2)» يعني بكثرة الصلاة، فكثرة الصلاة   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (6). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، برقم (489). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 98 يلزم منها كثرة السجود، والسجود فيه خشوع لله، وتعظيم لله عز وجل، ومن أسباب رفع الدرجات وحط الخطيئات، ومن أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، ومن أسباب حصول الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه إذا كان موحدا مسلما، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1)» يعني حريا أن يستجاب لكم، رواه مسلم في الصحيح، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء (2)» هذا يدل على أن السجود له شأن، وأن العبد أقرب ما يكون من ربه في حال السجود، ولأن السجود حالة خضوع، وحالة ذل لله، وانكسار بين يديه سبحانه وتعالى، يضع وجهه الذي هو أشرف أعضائه بظاهره يضعه في الأرض خاضعا لربه مطمئنا خاشعا يرجو ثوابه ويخشى عقابه، وفي هذه الحالة يظهر الذل والانكسار، وهو أقرب ما يكون من الله جل وعلا، ولهذا قال   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 99 عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1)» فدل ذلك على أن الدعاء في السجود مطلوب، وأن صاحبه حري بالإجابة، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ثوبان: «عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة (2)» فينبغي الإكثار من الصلوات في الليل وفي النهار، كالضحى والظهر، وفي الليل بين العشاءين، وبعد العشاء، وفي جوف الليل، وفي آخر الليل، كل هذه أوقات عظيمة، ينبغي فيها الإكثار من الصلاة، ولا سيما في الليل، فإن الليل الصلاة فيه أفضل من الصلاة في النهار، أقرب إلى الخشوع وهدوء القلب، كما يقول جل وعلا: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} (3)، الصلاة في الليل لها شأن، والإنسان فيها أقرب ما يكون للخشوع، والذل بين يدي الله، ولا سيما في جوف الليل، وفي آخر الليل، فينبغي الإكثار من الصلوات في الليل وفي النهار، ويختمها في الليل بالوتر، إذا صلى ما كتب الله له من الصلوات ختمها بالوتر، وأفضل ما يكون إحدى عشرة ركعة، وثلاث   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، برقم (488). (3) سورة المزمل الآية 6 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 100 عشرة ركعة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى أقل من ذلك خمسا أو سبعا فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنوع في صلاته، إما أوتر بخمس، وإما أوتر بسبع، وإما أوتر بتسع، وإما أوتر بإحدى عشرة وهو الأغلب، وإما أوتر بثلاث عشرة، فالأمر في هذا واسع، وإن صلى في الليل عشرين ركعة، أو ثلاثين ركعة، أو أربعين ركعة، أو مائة ركعة وختمها بالوتر كل هذا لا بأس به، النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صلاة الليل، فقال: «مثنى مثنى (1)» فلم يحدد حدا، عليه الصلاة والسلام، ما قال: عشرا ولا عشرين، بل أطلق، فالإنسان يصلي في الليل ما بدا له، ولو مائة ركعة، لكن من دون مشقة على نفسه، مع الرفق بنفسه، ومع الطمأنينة وعدم العجلة، ثم يختم بالوتر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (2)» فيصلي ما كتب الله له في الليل، ولا يسهر، بل ينام ويصلي هذه السنة حتى لا يتعب في النهار، وحتى يتفرغ لأعماله النهارية، وعباداته النهارية، ويصلي ما كتب الله له في الليل، في أول الليل، أو في جوفه، أو في آخره، وأخره أفضل   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 101 إذا تيسر ثم يوتر بواحدة ركعة واحدة، هذا هو الأفضل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 102 34 - حكم تحديد صلاة الليل بعدد معين س: أنا في كل ليلة جمعة أصلي في الليل تسعا وأربعين ركعة، ثم في شهر رمضان أصلي تسعا وتسعين ركعة، أفيدوني عن صلاتي هذه ما حكمها؟ هل أستمر أم توجهوني إلي شيء آخر؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إن الصلاة في الليل لم يحددها الشارع عليه الصلاة والسلام، بل أطلقها للعباد، وما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم شرع محترم؛ لأنه ما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، كما قال الله عز وجل: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (2) {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (3) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (4) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (5) والمراد به نبينا عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (6)»   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (184). (2) سورة النجم الآية 1 (3) سورة النجم الآية 2 (4) سورة النجم الآية 3 (5) سورة النجم الآية 4 (6) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 102 فلم يحدد عددا معلوما، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» يعني ثنتين ثنتين، فله أن يصلي عشرا، وله أن يصلي مائة، وله أن يصلي أكثر وأقل، ثم يختم بركعة واحدة قبل الصبح، لكن الأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في غالب أوقاته يوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك، عليه الصلاة والسلام، فإذا فعل المؤمن كما فعل عليه الصلاة والسلام، مع العناية بإطالة الركوع والسجود، والقراءة فهذا أفضل، وإن زاد وصلى عشرين، كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، في عهد عمر مع الإيتار بثلاث، الجميع ثلاث وعشرون، أو صلى تسعا وأربعين، أو ثلاثا وأربعين، أو إحدى وأربعين، أو أكثر أو أقل، أو تسعا وتسعين، أو مائة وواحدة أو أكثر من هذا، كل ذلك لا حرج فيه، فإنه يصلي ما يسر الله له، ومن زعم أن الصلاة محدودة فقد غلط، لا في رمضان ولا في غيره، وليس لأحد أن يحدد شيئا ما شرعه الله، فإن العبادات توقيفية، ليس لأحد أن يحدد شيئا في الليل أو النهار بغير حجة شرعية، قال الله جل وعلا لأهل   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 103 الكتاب لما قالوا: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (1)، قال لهم سبحانه: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (2)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3)» متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (4)» أي مردود، فمن قال: إن الصلاة في الليل لا يزاد فيها على إحدى عشرة، أو على ثلاث عشرة، أو أقل أو أكثر فليس عنده دليل، بل هو غالط في ذلك، لا يجوز تقليده ولا اتباعه في هذا الغلط، ولكن للمؤمن أن يصلي ما يسر الله، يصلي ثلاثا، يصلى واحدة، يصلي خمسا، يصلى سبعا، يصلي تسعا، يصلي إحدى عشرة، يصلى ثلاث عشرة، يصلي غير ذلك، كما قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة   (1) سورة البقرة الآية 111 (2) سورة البقرة الآية 111 (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 104 الليل مثنى مثنى (1)» زاد أهل السنن: صلاة الليل والنهار، بإسناد جيد: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2)» وهكذا تعليم الصحابة رضي الله عنهم وهم أعلم الناس بعد الأنبياء، قد صلوا ثلاثا وعشرين، وصلوا أكثر من ذلك، والأمر في هذا واسع، ليس فيه تحديد، هذا هو الحق، وأنت أيها السائل الأفضل لك أن تصلي ثلاث عشرة أو إحدى عشرة بالركود والطمأنينة في الركوع والسجود، وإطالة القراءة والتدبر، هذا هو الأفضل، وإن صليت أكثر أو أقل فلا حرج في ذلك، والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 105 35 - حكم تخصيص ليلة أو يوم بعبادة خاصة س: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخصيص ليلة أو يوم بعبادة خاصة، ونحن الشباب نريد أن نجتمع ليلة الجمعة، أو ليلة من ليالي الأسبوع، فنحييها بقيام الليل، لا اعتقادا بسنية هذا العمل، بل لتشجيع الشباب على قيام الليل، فما حكم الشرع؟ (1) ج: لا حرج بذلك، لكن لا تخصوا ليلة بذاتها، تارة ليلة الجمعة، وتارة ليلة الخميس، حسب التيسير متى تيسر ذلك، أما تخصيص ليلة   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (157). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 105 بعينها فلا يجوز: لأنه بدعة وخصوصا ليلة الجمعة، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تخصيصها بقيام، كما نهى عن تخصيص نهارها بالصيام، ولكن إذا صادف أحدكم زيارة إخوانه، أو زاروه، وصلوا جميعا فلا بأس، مثلما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما زار عتبان - رضي الله عنه - وصلى بهم ركعتين، ولما زار أنسا - رضي الله عنه - صلى بهم ركعتين، وهكذا سلمان - رضي الله عنه - لما زار أبا الدرداء - رضي الله عنه - صلى معه في الليل. لا بأس، أما تخصيص ليلة تجتمعون بها للصلاة هذا لا أصل له، إنما لا مانع من الصلاة عند الاجتماع، إذا اجتمعتم من غير تحديد وقت معين يدوم فلا بأس، إذا زار أحدكم أخاه أو اجتمعتم في مجلس، بغير أن يكون ذلك معتادا ثم صلى أحدكم بالحاضرين للتعليم هذا كله لا بأس به. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 106 36 - بيان الدعاء الذي يقوله المصلي في الليل س: ما هو الدعاء الذي يقوله المصلي في الليل؟ (1) ج: يستحب للمصلي أي شيء من الدعوات الطيبة، ومن أحسن الدعاء: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. قالت عائشة رضي الله   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (314). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 106 عنها: «يا رسول الله، إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: " قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (1)» ومن الدعاء الطيب أن يسأل الله رضاه والجنة، وأن يتعوذ من غضبه، ومن النار. ومن الدعاء الطيب أن يقول: اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل. ويسأل ربه كل خير، فالباب مفتوح، والحمد لله، الرب يقول: «من يدعوني فأستجيب له؟ (2)» ويقول سبحانه في كتابه العظيم: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (3) فيتحرى المؤمن الدعوات الطيبة الجامعة في ليله ونهاره، وآخر الصلاة وفي السجود، وعند الإفطار وعند السحور، يدعو ربه من خير الدنيا والآخرة، ويتحرى الدعوات الواردة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها وهي موجودة في كتب السنة وكتب الأذكار والدعوات، قد جمعنا في هذا كتابا موجودا مختصرا ذكرنا فيه جملة من الأذكار، والدعوات الطيبة، التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم، وسميناه (تحفة الأخيار   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513)، وابن ماجه في كتاب الدعاء باب الدعاء بالعفو والعافية، برقم (3850) واللفظ له. (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (3) سورة غافر الآية 60 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 107 فيما يتعلق بالأدعية والأذكار)، ويوزع في دار الإفتاء، نسأل الله أن ينفع به المسلمين. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 108 37 - حكم المداومة على القراءة مع المحافظة على النوافل س: أم محمد تقول: أيهما أفضل: صلاة النوافل، أم تلاوة القرآن الكريم والمداومة على التلاوة يوميا، في كل يوم جزء؟ نرجو منكم الإفادة (1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين هذا وهذا، فالسنة أن يكثر المسلم من التلاوة، والمسلمة مع الصلاة مع صلاة النافلة صلاة الضحى والتهجد بالليل، صلاة الرواتب، ويقرأ ما تيسر جزءا أو أقل أو أكثر، الحمد لله، لا يقتصر على الصلاة وحدها، ولا على القراءة وحدها، بل يجمع بين الخيرين، ويجتهد في القراءة في الليل والنهار، جزءا أو أكثر أو أقل، ويصلي ما شرع الله من صلاة الضحى، الرواتب، التهجد بالليل حتى يجتمع بين الخيرين، وهكذا كان النبي يفعل، والصحابة يجتهدون في القراءة وفي الصلاة جميعا.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (370). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 108 38 - حكم من يكتفي بحلقات العلم عن قيام الليل س: أخونا يسأل ويقول: هل حلقات العلم بعد العشاء تعتبر قيام ليل؟ (1) ج: الحلقات للعلم بعد العشاء قربة وطاعة، ولكنها لا تغني عن قيام الليل، ولكنها أفضل من قيام الليل، طلب العلم أفضل من قيام الليل، كونه يطلب العلم ولو فاته قيام الليل أفضل له من قيام الليل مع بقائه في الجهل، حلقات العلم أمرها عظيم، وفوائدها كبيرة لا تعادلها بقية التطوعات، لكن لو تيسر له الجمع بين الأمرين يحضر حلقات العلم أو ما تيسر منها، ويقوم من الليل ما تيسر ولو بثلاث ركعات أو خمس ركعات، لكان هذا أفضل جمعا بين المصلحتين، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل الصحابة رضي الله عنهم.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (179). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 109 39 - مسألة في الترغيب في قيام الليل س: شيخ عبد العزيز، المرغبات كثيرة في ديننا، حبذا لو تفضلتم بذكر بعض منها، ولا سيما فيما يخص صلاة الليل. (1)   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (148). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 109 ج: صلاة الليل عبادة عظيمة، ومن سنة الأنبياء، ومن دأب الصالحين، وهي مثنى كما في الحديث، وتكفر السيئات وقربة إلى الله عز وجل، وهي من دأب الصالحين قبلنا، فينبغي للمؤمن أن يعتادها، وأن يفعلها تأسيا بالأنبياء والأخيار، كما قاله سبحانه في عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (1)، وقال في المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (2) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (3)، وقال سبحانه وتعالى في أهل الصلاح والخير: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (4) {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (5)، والله جل وعلا في كتابه العظيم رغب فيها كثيرا، وهكذا نبيه عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن أن يستكثر من ذلك، وأن يعتاد ذلك، وألا يخل بذلك لا سفرا ولا حضرا.   (1) سورة الفرقان الآية 64 (2) سورة الذاريات الآية 17 (3) سورة الذاريات الآية 18 (4) سورة السجدة الآية 16 (5) سورة السجدة الآية 17 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 110 40 - بيان بعض الأسباب المعينة على قيام الليل س: ما هي الأسباب المعينة على قيام الليل؟ (1)   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (357). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 110 ج: الأسباب التي تعين على قيام الليل كثيرة، منها تذكر الآخرة، وما للقيام من أجر عظيم، وأن الله أثنى عليهم سبحانه وتعالى في قوله جل وعلا عن الصالحين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (1) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (2) وذكر عن عباد الرحمن الذين هم أولياء الله، فقال: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (3) فإذا تذكر المؤمن والمؤمنة أعمال هؤلاء كان هذا من أسباب نشاطه في قيام الليل، وخشوعه في قيام الليل، مه تذكر ما له من احترام عند الله، والأجر العظيم ومضاعفة الحسنات.   (1) سورة الذاريات الآية 17 (2) سورة الذاريات الآية 18 (3) سورة الفرقان الآية 64 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 111 س: السائلة: س. ع، من السودان تقول: ما هي الأسباب التي تعين الإنسان على قيام الليل؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: الأسباب التي تعين الإنسان على قيام الليل كثيرة، منها الضراعة إلى الله، وسؤاله الإعانة والتوفيق والصدق في ذلك، ومنها عدم السهر، كونه ينام مبكرا لا يسهر، ومنها أن يجتهد في أسباب القيام، إما بمن يوقظه، أو بوجود الساعة التي يوقتها على وقت القيام، فإذا اتخذ   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (388). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 111 الأسباب يسر الله أمره، وأهمها الصدق مع الله والإخلاص في هذا وعدم السهر، والعزم على قيام الليل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 112 41 - بيان بعض الصوارف عن قيام الليل س: كثرت الصوارف عن قيام الليل، هل من توجيه لو سمحتم؟ (1) ج: السنة للمؤمن ألا يسهر، وأن ينام مبكرا، هذا هو السنة للمؤمن؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينام مبكرا، عليه الصلاة والسلام، وينهى عن السمر في الليل، قال أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها (2)» يعني صلاة العشاء. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «نهي عن السمر بالليل (3)»   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (95). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب ما يكره من النوم قبل العشاء، برقم (568)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التكبير بالصبح في أول وقتها، برقم (647). (3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3678)، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب النهي عن النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها، برقم (703). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 112 فالسمر بالليل يفضي إلى النوم عن صلاة الليل، فإذا كان ممن تدعو الحاجة إلى سمره كالإمام، إمام المسلمين هو السلطان أمير البلد، قد عين الهيئات الذين يسهرون لمصالح المسلمين، فهؤلاء الأفضل لهم أن يوتروا في أول الليل، حتى لا تفوتهم الصلاة، وأما أن يسهر للقيل والقال والسواليف التي لا فائدة فيها، أو على ما حرم الله من الأغاني وآلات اللهو، أو على الغيبة والنميمة، كل هذا لا ينبغي، بل لا يجوز فيما يتعلق بالأغاني والملاهي وأشباه ذلك، وأعظم من هذا أن يسهر على الخمور ولعب الميسر ونحو ذلك، فالحاصل أنه يجب على المؤمن أن يحذر ما يشغله عن صلاة الفريضة، ويستحب له أن يعتاد التبكير؛ حتى يقوم من الليل، وحتى يتيسر له القيام من الليل لأداء العبادة التي هي النافلة، التهجد من الليل، ولا ينبغي له السمر مطلقا، إلا في مصالح المسلمين، أو في أمور ضرورية مع ضيف ونحوه، أو مع أهله، وكل سمر قد يفضي به إلى ترك الفريضة، إلى إضاعة صلاة الفجر فهو سمر ممنوع لا يجوز، حتى ولو كان في قراءة القرآن، ولو في صلاة التهجد، ليس له أن يسمر ويسهر على وجه يضيع عليه صلاة الفجر، بل ينام مبكرا ويصلي ما يتيسر في أول الليل، أو في آخره حتى يصلي صلاة الفجر، ويستعين على هذا بخير أهله يوقظونه، أو بالساعة المنبهة الجزء: 10 ¦ الصفحة: 113 يوقتها على وقت مناسب قبل أذان الفجر بقليل، حتى يقوم أو في وقت تهجده، قبل الأذان بساعة أو أكثر على حسب حاله، حتى يقوم الليل لتهجده، فإن أوتر في أول الليل، ولم يقم إلا عند الفجر فلا بأس، ولا حرج في ذلك. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 114 س: للبرنامج بعض الأسئلة حول قيام الليل شيخ عبد العزيز، فما رأيكم في الصوارف عن قيام الليل؟ وما أكثرها في هذا الزمان. (1) ج: المؤمن ينبغي له أن يبذل وسعه في قيام الليل، وإذا خشي ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوتر من أول الليل، وأوتر من وسطه، وأوتر من آخره، فالأمر واسع، وقد أوصى عليه الصلاة والسلام أبا الدرداء وأبا هريرة رضي الله عنهما بالوتر أول   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (148). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 114 الليل والسر في ذلك - والله أعلم - أنهما كانا يدرسان الحديث، فربما شق عليهما القيام في آخر الليل، فأوصاهما بالإيتار قبل النوم، فالمؤمن يجاهد نفسه في هذا، والحمد لله، ليس بفريضة، إنما هو سنة، سنة مؤكدة، وكان يفعله النبي في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، كان في السفر والحضر يوتر ويتهجد بالليل عليه الصلاة والسلام، فمن فعل هذا فقد أحسن، وله أجر عظيم، ومن ترك ذلك فلا حرج عليه، لكنه ترك أمرا عظيما وسنة كبيرة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 115 س: بينوا لنا بعضا من الصوارف عن قيام الليل. (1) ج: من الصوارف السهر، السهر في القيل والقال، والأحاديث التي لا فائدة فيها، أو في مشاغل الدنيا والصناعة والجشع، والحرص على المال، يعمل ليلا ونهارا في جمع المال، والحرص على المال، فإذا سقط في الفراش سقط سقوط الميت، لا يستطيع أن ينهض للعبادة، وربما ترك صلاة الفجر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فينبغي للمؤمن أن ينام مبكرا، ويجتهد في ذلك حتى يستطيع أن يقوم في آخر الليل، أو   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (148). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 115 يصلي من الليل ما تيسر قبل أن ينام، ثم ينام مبكرا حتى يستطيع القيام لصلاة الفجر، ويصليها في الجماعة، فمن فعل ذلك فقد أحسن، ومن تساهل وقع في مثل ما وقع فيه المنافقون من فوات الخير، والحصول على الشر والندامة، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1)، فالمؤمن ينبغي له البعد عن التشبه بهم في جميع الأحوال.   (1) سورة النساء الآية 142 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 116 س: أريد قيام الليل، ولكني أخشى أن أنام ولا أستيقظ، لذلك فإنني لا أنام حتى أصلي، فأصلي صلاة الليل بعد العشاء مباشرة، ومنذ زمن طويل أصلي هذه الصلاة، هل تعتبر كقيام الليل؟ (1) ج: نعم، هذا من قيام الليل، والحمد لله، وهذا من الحزم.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (335). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 116 42 - حكم التساهل في السنن القولية والفعلية س: هل يعتبر ترك السنن القولية والفعلية عقوبة يعاقب عليها الإنسان، خصوصا قيام الليل أو صلاة الوتر؟ فإنني في كثير من الأحيان الجزء: 10 ¦ الصفحة: 116 أترك صلاة الليل والوتر، فهل علي شيء في ذلك؟ وما فوائد النوافل؟ (1) ج: الصواب لا شيء عليك؛ لأنها نافلة، لكن ينبغي المداومة عليها وعدم التساهل. وكذلك بقية السنن القولية كلها نافلة، أما الفرائض فهي خمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والجمعة في محل الظهر، أما سنة الضحى والتهجد بالليل والرواتب فكلها نافلة، والنوافل لها شأن عظيم، فيها أجر عظيم، ويكمل بها ما ينقص من الفرض، وهذه فائدة عظيمة، لصاحبها أجور عظيمة وحسنات، ومع ذلك يجبر بها ما قد يقع من النقص في الفرائض.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (187). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 117 س: رسالة من سوريا من الأخ الذي لم يذكر اسمه، يقول: أصلى صلاة المغرب والعشاء في المسجد فرضا، ولا أصلي السنة بسبب دراستي، فهل يجوز هذا؟ (1) ج: النافلة إن فعلها أحسن، وله أجر، ومن تركها فلا شيء عليه.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (443). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 117 باب صلاة الوتر وأحكامها 43 - حكم صلاة الوتر وبيان أقله س: يقول السائل: هل صلاة الوتر واجبة؟ وهل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أهل القرآن بأن يوتروا؟ (1) ج: صلاة الوتر سنة عند أهل العلم، وهو الذي عليه جمهور أهل العلم أنها سنة وليست واجبة، ولهذا قال علي رضي الله عنه: «ليس الوتر حتما كالمكتوبة، ولكنه سنة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم (2)» ومن الأدلة على ذلك قوله لما سئل عما زاد عن الصلوات الخمس، قال   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (249). (2) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (654)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم، برقم (453)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر، برقم (1676)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1169). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 119 له السائل: «هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع (1)» فالوتر سنة مؤكدة ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأقله ركعة واحدة، وإن زاد فهو أفضل: ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك، وأفضله إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وإن أوتر بأكثر من ذلك فلا حرج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر (2)» وهذا الأمر للتأكيد، ليس للوجوب، بل هو عند أهل العلم للتأكيد.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، برقم (1416)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في أن الوتر ليس بحتم، برقم (453)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر، برقم (1675)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1169). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 120 س: الأخ: ع. ع. ت، من القصيم، بريدة، يسأل ويقول: في حكم الوتر، هل هو واجب أم مستحب؟ (1)   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (183). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 120 ج: الوتر سنة، مستحب وليس بواجب عند جمهور أهل العلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل بعدما أخبر المسلمين بالصلوات الخمس، قال بعضهم: «هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع (1)» فالوتر والسنن الراتبة كلها مستحبة، وهكذا صلاة الضحى، كلها مستحبة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 121 س: تقول السائلة: أرجو أن تفيدوني عن صلاة الوتر، هل هي ركعة واحدة أم ثلاث؟ (1) ج: صلاة الوتر أقلها ركعة واحدة بعد العشاء، أو في آخر الليل ركعة واحدة، هذا أقلها، وإن صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر فهو أفضل، لكن أقلها واحدة بعد سنة العشاء، أو في وسط الليل، وفي آخر الليل، والأفضل أن يزيد، يصلي ثلاثا أو خمسا، أو أكثر من ذلك ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، هذا هو السنة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)» وكان صلى الله   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (242). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 121 عليه وسلم يصلي إحدى عشرة في الغالب، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما صلى سبعا، وربما صلى تسعا، وربما صلى خمسا، وربما صلى ثلاثا، عليه الصلاة والسلام، وربما صلى أكثر، صلى ثلاث عشرة، هكذا المسلم يصلي ما يسر الله له، من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، فإن لم يصل إلا واحدة فقط أجزأه ذلك، والحمد لله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 122 44 - كيفية صلاة الوتر س: الأخت: س. أ. ع، من الأردن، تقول: كيف نصلي صلاة الوتر؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: صلاة الوتر سنة، سنها الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، كان يوتر من الليل عليه الصلاة والسلام، وأرشد الناس إلى ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (2)» متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: «الوتر حق، فمن أحب أن يوتر بخمس ركعات فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (276). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 122 بواحدة فليفعل (1)» وكان صلى الله عليه وسلم يوتر كل ليلة، والغالب أنه كان يوتر بإحدى عشرة، يسلم في كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بتسع، وربما أوتر بأقل من ذلك، فالسنة للمؤمن والمؤمنة التهجد بالليل والإيتار، في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، والأفضل في آخر الليل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من أخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (3)» متفق على صحته، وهذا النزول يليق بالله سبحانه وتعالى، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، كالاستواء والضحك والرضا والغضب،   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب كم الوتر؟ برقم (1422)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب رضي الله عنه، برقم (1712)، واللفظ له. (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 123 كلها صفات تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، يجب أن تمر كما جاءت من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) وقال عز وجل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (2) فليس نزوله كنزولنا، وليس غضبة كغضبنا، وليس ضحكه كضحكنا، وليس سمعه كأسماعنا، وهكذا بقية الصفات، له الكمال المطلق سبحانه وتعالى في كل شيء، وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3) فالإيتار في آخر الليل أفضل، ولو بواحدة، لكن إذا أوتر بثلاث أو بخمس، أو بأكثر فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وإن أوتر في أول الليل قبل أن ينام فلا بأس، إن كان يخشى ألا يقوم، أو في وسط الليل، كله حسن، لكن الأفضل من ذلك آخر الليل في الثلث الأخير، هذا هو الأفضل.   (1) سورة الشورى الآية 11 (2) سورة الإخلاص الآية 4 (3) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 124 س: كيف هي صلاة الوتر؟ وكم تشهد فيه؟ وهل فيه قنوت؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (142). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 124 ج: الوتر سنة مؤكدة، وأقله واحدة بعد سنة العشاء، ومن زاد عليها فهو أفضل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر من الليل، وكان وتره متنوعا عليه الصلاة والسلام، ربما أوتر بثلاث، وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وهذا أكثر ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام، ولكنه لم يحد بهذا حدا، فمن أحب أن يوتر بأكثر من ذلك فلا بأس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1)» فلم يحد حدا، ولهذا ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه صلى عشرين ركعة بالوتر، وأمر أبيا رضي الله عنه أن يؤم الناس بذلك في بعض الرمضانات، وفي بعضها أمره أن يصلي بإحدى عشرة، الأمر في هذا واسع؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم صلوا هذا وهذا؛ صلوا ثلاثا وعشرين، وصلوا إحدى عشرة، كل ذلك حسن، وكله سنة وليس فيه تحديد، ولكنه إذا أوتر الإنسان بوتر النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة أو ثلاث عشرة كان هذا أفضل، وإن نقص فلا بأس، وإن زاد فلا بأس، والأفضل أن المؤمن وهكذا المؤمنة، إذا كثر العدد خفف من القراءة، والركوع والسجود حتى لا يشق على نفسه، وعلى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 125 الناس، وإذا قلل الركعات استحب له أن يطيل في القراءة، وفي الركوع وفي السجود، كفعله عليه الصلاة والسلام، والأمر في هذا واسع والحمد لله، وليس فيه تشديد، وإذا أوتر بثلاث بتسليمتين، وأتى بواحدة فهذا أقل الكمال وأدنى الكمال، وإن أتى بخمس أو بسبع أو بأكثر فذلك أفضل، يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، ثم يختم صلاته بواحدة، ويقنت فيها، هذا هو الأفضل، يقنت بعد الركوع، بما علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت (1)» إلى آخره، والأفضل رفع اليدين في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رفع يديه في القنوت، في قنوت النوازل، وقنوت الوتر مثل ذلك، ولأن رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة، ومن لم يرفع فلا بأس، ومن لم يقنت فلا بأس، كل هذا مستحب، إن قنت فهو أفضل، وإن رفع يديه فهو أفضل، ومن ترك   (1) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 126 ذلك فلا حرج عليه، والوتر كله سنة، وليس بواجب، هذا هو الحق الذي عليه جمهور أهل العلم، وإذا تيسر أن يكون آخر الليل فهو أفضل؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» رواه مسلم في صحيحة، فدل ذلك على أن الوتر في آخر الليل أفضل لمن استطاع ذلك، أما من عجز فإنه يوتر في أول الليل، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة، وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالإيتار أول الليل لأنهما كانا يدرسان الحديث، ويشق عليهما القيام في آخر الليل، فناسبا أن يوترا في أول الليل، والخلاصة أن من كان يستطيع آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم من آخر الليل فإيتاره أول الليل أفضل، أما النبي فكان يوتر أول الليل، وأوتر أوسط الليل، ثم استقر وتره في آخر الليل، عليه الصلاة والسلام حتى لحق بربه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 127 س: ما هو عدد التشهد في الوتر والقنوت؟ (1)   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (142). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 127 ج: مثل ما تقدم، السنة التشهد في كل ركعتين، هذا السنة وإن أوتر بثلاث جميعا، سردها جميعا ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، أو سرد خمسا جميعا، ولم يجلس إلى في آخرها فلا بأس، أما السبع فهو مخير، إن شاء سردها جميعا، وأوتر في السابعة، وإن شاء جلس في السادسة، وأتى بالتشهد الأول، ثم قام للسابعة، وهكذا التسع يجلس في الثامنة، ويأتي بالتشهد الأول، ثم يقوم للتاسعة، «وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سرد السبع في بعض الأحيان، وفي بعضها جلس للسادسة، وأتى بالتشهد الأول (1)» فإذا فعل ذلك فلا بأس، وهكذا التسع إذا جلس للتشهد الأول في الثامنة، ثم قام وأتى بالتاسعة هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إن صلى ثنتين ثنتين هذا هو الأكمل، وهو غالبا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، بأن يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 128 45 - حكم صلاة الوتر وبيان وقتها وعدد ركعاتها س: ما هي صلاة الوتر؟ ومتى وقتها؟ وكم ركعة؟ وكيف أداؤها؟ (1)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (16). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 128 ج: صلاة الوتر سنة متأكدة، وقربة إلى الله، تبدأ بعد صلاة العشاء، وتنتهي بطلوع الفجر، هذه صلاة الوتر، وأقلها ركعة واحدة، هذا أقلها، وأفضلها إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن زاد على ذلك، كأن أوتر بخمس عشرة، أو عشرين مع الوتر، أو ما أشبه ذلك لا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح، صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1)» ولم يحد حدا، فدل ذلك على أنه إذا أوتر بخمس أو بسبع أو بتسع أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة أو خمس عشرة أو سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، كله طيب، أو أكثر من ذلك، أو أوتر بواحدة فقط أجزأه ذلك، وهذا واضح من السنة، عن النبي عليه الصلاة والسلام، والشفع تارة يكون منفصلا عنها، وهو أفضل، وتارة يكون متصلا، خمسا جميعا، سبعا جميعا، تسعا جميعا، لا بأس؛ فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا صلى سبعا جميعا يجلس في السادسة؛ يتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالسابعة، وإن صلى تسعا جميعا فالسنة أن يجلس في الثامنة، ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالتاسعة، والأفضل أن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 129 يسلم من كل ركعتين، هذا هو الأفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» وإذا سرد خمسا جميعا وأوتر بها، أو ثلاثا جميعا وأوتر بها سردها سردا من غير جلوس، أو ثلاثا جميعا من دون جلوس فيها، أو خمسا جميعا من دون جلوس فيها، كلها إلا في الأخيرة، هذا هو الأفضل، أما في السبع والتسع فيجلس في السادسة في السبع، والثامنة في التسع للتشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالسابعة، ويأتي بالتاسعة، ولكن الأفضل مثل ما تقدم، أن يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، سواء صلى سبعا أو خمسا أو ثلاثا، أو تسعا أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة أو أكثر من ذلك، والأمر في هذا واسع بحمد الله، ليس فيه حرج.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 130 46 - بيان أفضل وقت لصلاة الوتر س: ما هو أفضل وقت لصلاة الوتر؟ وبماذا تنصحونني، لكي أواظب عليها في منتصف الليل؛ لأنني أصبحت لا أؤديها إلا بعد صلاة العشاء؟ (1) ج: الأفضل لمن قدر أن يكون ذلك آخر الليل، هذا هو الأفضل، أن   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (221). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 130 يصلي صلاة الوتر والتهجد في آخر الليل في الثلث الأخير؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (1)» متفق على صحته، وهذا حديث عظيم، يدل على أنه جل وعلا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة، حين يبقى الثلث الأخير في كل جهة من الجهات، على حسب أوقاتها، فيقول سبحانه وتعالى: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)»، فإذا استطاع المؤمن والمؤمنة أن يكون في هذا الوقت من المصلين، ومن الداعين فهذا هو الأفضل، ونزول الرب جل وعلا لا يشابه نزول المخلوقين، بل هو نزول يليق بالله سبحانه وتعالى، لا يعلم كيفيته إلا هو جل وعلا، ولا يلزم منه خلو العرش، هو فوق العرش سبحانه وتعالى، فوق جميع الخلق، وينزل نزولا يليق بجلاله، لا ينافي فوقيته وعلوه سبحانه وتعالى، فهو نزول يليق به جل وعلا، وهو الذي يعلم بكيفيته سبحانه وتعالى، فعلينا أن نؤمن بذلك، ونصدق بذلك، ونقول: لا يعلم كيفية هذا إلا هو سبحانه وتعالى. وهكذا بقية الصفات لا نعلمها،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 131 ونمرها كما جاءت، ولكن لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، كالاستواء على العرش والنزول، والمجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، وكذلك رحمته وغضبه حيف يرحم؟ كيف يغضب؟ كيف سمعه؟ كيف بصره؟ كيف يده؟ كيف قدمه؟ كلها صفات لله، لا نعلم كيفيتها، بل لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، ولهذا لما سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله، إمام المدينة في زمانه في القرن الثاني سئل رحمه الله، قال له السائل: يا أبا عبد الله، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1) كيف استوى؟ فأطرق طويلا، وعلته الرحضاء تعظيما لهذا السؤال، لخطورته - والرحضاء: العرق - ثم قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا رجل سوء. ثم أمر به فأخرج فالمقصود أنه قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول. وهذا هو قول أهل السنة والجماعة جميعا، كما قال مالك رحمه الله، قاله الأئمة غيره، كأبي حنيفة والشافعي، والأوزاعي، والثوري، وابن عيينة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من أئمة الإسلام، وهو مروي عن أم سلمة رضي الله عنها أم المؤمنين،   (1) سورة طه الآية 5 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 132 وهو أيضا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن، شيخ مالك، فإنه قال معنى هذا الكلام، وهو قول الأئمة جميعا من أهل السنة والجماعة: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، وهكذا القول في بقية الصفات، كالنزول، والرحمة، والغضب، والسمع والبصر، واليد والقدم والأصابع، وغير هذا، كلها يقال فيها: إنها معلومة من جهة المعنى، ومن جهة اللغة العربية، ولكن كيفيتها لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى. وفي هذا الحديث الدلالة على شرعية التهجد في آخر الليل، والدعاء في آخر الليل، لكن من لم يستطع فإنه يوتر في أول الليل، أو في وسط الليل حسب طاقته؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» ففصل في هذا عليه الصلاة والسلام، فمن طمع أن يقوم من آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف أوتر في أول الليل، وقد فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، قالت عائشة رضي الله عنها: «من كل   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 133 الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، ثم انتهى وتره إلى السحر (1)»، يعني استقر وتره في الثلث الآخر عليه الصلاة والسلام.   (1) صحيح البخاري الجمعة (996)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (745)، سنن الترمذي الصلاة (456)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1681)، سنن أبو داود الصلاة (1435)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1185)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 129)، سنن الدارمي الصلاة (1587). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 134 س: أرجو بيان عدد ركعات الوتر بعد صلاة العشاء مباشرة، هل هو ركعة مع السنة، أم هو ثلاث ركعات من غير السنة؟ (1) ج: الوتر أقله واحدة بعد الراتبة، بعد سنة العشاء، الوتر يبتدئ بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا محل الوتر، ما بين صلاة العشاء - ولو مجموع مع المغرب في حال سفر والمرض - إلى طلوع الفجر، وأقل الوتر ركعة واحدة، كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وليس له حد في الأكثرية، ولو أوتر بإحدى وعشرين، أو بإحدى وثلاثين، أو بأكثر من ذلك لا حد لأكثره، ولكن الأفضل الإيتار بما أوتر به النبي صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، هذا أكثر ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ومن أوتر بأكثر من ذلك كثلاث وعشرين، أو ثلاث وأربعين أو ثلاث وخمسين، أو مائة وواحدة   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (198). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 134 لا حرج في ذلك والحمد لله؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يحدد عددا معينا، عليه الصلاة والسلام، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1)» هكذا جاء في الصحيحين، ولم يقل: عشرا ولا عشرين، ولا أكثر ولا أقل. بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)»، لما سئل عن صلاة الليل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (3)» فالمؤمن بالخيار، وهكذا المؤمنة، إن صلى ثلاثا أو خمسا أو سبعا، أو أكثر من ذلك كله حسن، وإن أوتر بواحدة فلا حرج في أول الليل، أو في آخره، أو في وسطه، ولكن الأفضل أن يزيد، يوتر بثلاث، بخمس، بسبع، بتسع، بإحدى عشرة، بثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، وإن زاد فأوتر بخمس عشرة، أو بعشرين بزيادة واحدة، أو ثلاث كله طيب، المقصود أنه لا حد له في الأكثرية، ولكن إذا اقتصر على ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم من إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، فهذا أفضل ما يفعله المؤمن في التهجد بالليل؛ تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ومن أحب أن يزيد فلا حرج عليه ولا بأس، وله أجره في ذلك، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، والسلف   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 135 الصالح متنوعين في تهجدهم بالليل، منهم من يصلي ثلاثا وعشرين، ومنهم من يصلي أكثر من ذلك، فالأمر في هذا واسع والحمد لله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 136 47 - حكم صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهدين كالمغرب س: مستمعة تسأل وتقول: صلاة الوتر ركعتان، أو أكثر ثم واحدة؟ هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه واصل الثلاث ركعات بتسليمة واحدة؟ وهل إذا كان هذا صحيحا عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجلس في كل ركعتين أم لا؟ وما هي صفتها؟ وكذلك الدعاء قبل السلام أو بعده، أو في السجود هل يجوز أن يأتي بدعاء من نفسه، أو بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ (1) ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بثلاث مفصولة، يسلم من الثنتين، وأوتر بواحدة، وهذا هو الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم، أنه يوتر بواحدة وحدها، ويفصل ما قبلها، وكان في الغالب يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث سردهن، لم يجلس إلا في الأخيرة وهذا قليل، والغالب أنه   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (278). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 136 يسلم من الثنتين، أما كونه يصليها كالمغرب فهذا مكروه، ولا ينبغي؛ لأنه تشبيه لها بالمغرب، وقد جاء في بعض الأحاديث النهي عن ذلك فلا تصلى كالمغرب، لكن يصليها بالتسليم من الثنتين ثم يوتر بواحدة، أو يسردها سردا ويصليها جميعا بدون جلوس إلا في الأخيرة، هذا هو المشروع، ولكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، وأن تكون الواحدة مفردة مستقلة، سواء صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك، أما الدعاء فالإنسان يدعو بما شاء، بما أحب من الدعوات الطيبة التي ليس فيها محذور، لكن الوارد أفضل، إذا تيسر له دعاء يحفظه فهو أفضل، وله أن يدعو بحاجاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك)، قالوا: يا رسول الله، إذن نكثر؟ قال: (الله أكثر (1)» فلم يحدد الدعاء عليه الصلاة والسلام، بل   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، حديث رقم (22279)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في انتظار الفرج وغير ذلك، برقم (3573). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 137 بين أن كل دعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم يرجى إجابته مطلقا، لكن إذا تيسر له دعاء معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا به يكون أفضل من غيره، مثل السجود يقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (1)» هذا كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا دعا بغير ذلك: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (2)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا دعا بقوله: اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. لا بأس، أو قال: اللهم أصلح قلبي وعملي. أو: اللهم ارزقني كسبا حلالا، أو زوجة صالحة، أو ذرية طيبة. أو ما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة لا حرج في السجود، وفي آخر الصلاة، وفي كل وقت من أوقات حياتك، لكن في السجود أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483). (2) أخرجه الترمذي في كتاب القدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (3834). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 138 وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2)» يعني: حري أن يستجاب لكم، وكان صلى الله عليه وسلم لما علم أصحابه التحيات أرشدهم إلى الدعاء، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (3)» وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (4)» فبين صلى الله عليه وسلم أنه يدعو بما أحب ولا يتقيد بوارد، بل يدعو بما يسر الله له، لكن يكون الدعاء دعاء طيبا، ليس فيه إثم، وليس فيه قطيعة رحم، بل من الدعوات الطيبة النافعة، ولو كانت ما وردت، ولو كان ما سمعها في الأحاديث، والحمد لله، وهكذا في بقية الأوقات، يدعو في غير الصلاة، يدعو الضحى وهو جالس، أو في الظهر، أو في الليل وهو جالس، أو واقف أو يمشي، أو يدعو في صلاة النافلة الضحى، أو في تهجده في الليل، المقصود أن الدعاء مطلوب في الصلاة وفي خارج الصلاة، والحمد لله.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 139 48 - بيان معنى الشفع والوتر س: تقول السائلة: ما هي صلاة الشفع والوتر؟ وكم عدد ركعات الوتر التي كان يصليها النبي صلى الله عليه وسلم؟ ج: الشفع معناه ركعتان، تسمى الركعتان بالشفع، والوتر واحدة، والسنة الإيتار بواحدة، أو ثلاث أو خمس أو سبع، أو تسع أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، أو أكثر من ذلك، لكن الأفضل إحدى عشرة، هذا هو الأفضل؛ لأن هذا في الغالب هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كان في الغالب يواظب على إحدى عشرة ركعة، عليه الصلاة والسلام، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بتسع أو بسبع، أو بأقل من ذلك، لكن كان غالب إيتاره صلى الله عليه وسلم أنه يوتر بإحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وإذا أوتر الإنسان بثلاث أو بخمس، أو بسبع أو بتسع، هذا كله طيب، والوتر نافلة، ليس بفرض على الصحيح، الذي عليه جمهور أهل العلم أنه سنة وليس بواجب، فتهجد الليل وأقله واحدة بركعة بعد العشاء بعد راتبة العشاء، هذا أقله، وإن أوتر بثلاث أفضل، وبخمس الجزء: 10 ¦ الصفحة: 140 أفضل، وبسبع أفضل، وهكذا، ولكن إذا بلغ إحدى عشرة فهو أفضل، وإن زاد فأوتر بثلاث عشرة، أو بخمس عشرة أو بسبع عشرة فلا بأس، الأمر واسع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صلاة الليل، قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» ولم يحدد عددا، ثم قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)» هذا يدلنا على أن الوتر يكون ركعة في آخر الصلاة، سواء كان في أول الليل أو وسط الليل أو آخر الليل، يوتر بواحدة، وليس له حد محدود، فإذا أوتر بعشرين ركعة مع الوتر، كما في التراويح المنقول عن عمر رضي الله عنه وأرضاه، أو أتى بثلاث عشرة، أو بإحدى عشرة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في إيتاره في صلاة الليل، أو أوتر بتسع أو بسبع أو بخمس أو ثلاث، كل هذا لا بأس به وأقله واحدة في أول الليل، أو آخره.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 141 س: يقول السائل: إذا صليت الراتبة ثم صليت الشفع، وقمت ولم أجلس للتشهد، وأتيت بالوتر بعدها فهل ذلك جائز، أم لا؟ (1)   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (25). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 141 ج: كأنه يريد أنه صلى الشفع والوتر جميعا، سرد الثلاث، إذا صلى الإنسان راتبة العشاء، ثم صلى ثلاثا جميعا، سردها سردا ولم يجلس فلا بأس، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، بعض الأحيان أوتر بثلاث، لم يسلم إلا في آخرهن عليه الصلاة والسلام هذا نوع من السنة، ولا حرج في ذلك، لكن يكره أن يجلس في الثانية، ثم يتشهد ثم يقوم من دون سلام كالمغرب، هذا يكره بل إما أن يسلم بثنتين، وهذا أفضل، ثم يأتي بواحدة مفردة، هذا هو الأفضل، والأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن سردها من دون جلوس في الثانية سردها سردا، ثم سلم في الثالثة فلا بأس في ذلك، قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الأحاديث الصحيحة الكثيرة فيها أنه كان يسلم من الثنتين ثم يقوم ويأتي بركعة الوتر وحدها، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأغلب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان ناويا الجلوس في الثنتين، ثم سها وقام فليرجع ويجلس، ويكمل ويسجد للسهو، ثم يأتي بواحدة وحدها؛ لأن الرسول صلى الله عليه الجزء: 10 ¦ الصفحة: 142 وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» فإذا كان ما نوى سرد الثلاث فإنه إذا قام يجلس ويتشهد، ويكمل تشهده ويدعو دعاءه، ويسجد سجدتين للسهو، ثم يسلم ثم يقوم ويأتي بواحدة التي هي الوتر، أما إذا نوى الثلاث يسردها سردا فلا حرج عليه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه سرد ثلاثا جميعا، وسرد خمسا جميعا، لم يجلس إلا في آخرها، صلى الله عليه وسلم، وثبت عنه أنه سرد سبعا جميعا، وجلس في السادسة، وتشهد ثم قام ولم يسلم، ثم أتى بالسابعة وتشهد وسلم، وثبت أنه سرد تسعا جميعا وجلس في الثامنة وتشهد، ولم يسلم ثم قام وأتى بالتاسعة (2)»، هذا كله ثابت من فعله صلى الله عليه وسلم) لكن الأفضل والأغلب والأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم هو أنه يسلم من كل ثنتين، كما قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى (3)»، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة عليه   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصولة به، برقم (1009) (3/ 31)، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/ 447). (3) صحيح البخاري الجمعة (993)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (749)، سنن الترمذي الجمعة (597)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1694)، سنن أبي داود الصلاة (1326)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1322)، مسند أحمد (2/ 155)، موطأ مالك النداء للصلاة (269)، سنن الدارمي الصلاة (1458). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 143 الصلاة والسلام (1)» هذا هو الأفضل والأكثر من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن من سرد ثلاثا ولم يجلس إلا في الثالثة، أو خمسا ولم يجلس إلا في الخامسة فلا حرج عليه؛ لأن الرسول فعل هذا في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وهكذا لو سرد سبعا وجلس في السادسة، وتشهد ولم يسلم ثم قام للسابعة، أو سرد تسعا وجلس في الثامنة، وتشهد ولم يسلم، ثم قام للتاسعة، فهذا أيضا لا بأس به، كل هذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا حرج في ذلك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوتر، برقم (994)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 144 س: هل تجوز صلاة الشفع والوتر مع بعض بدون فرق بينهما، كصلاة المغرب مثلا؟ (1) ج: يكره أن تصلى كصلاة المغرب؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث النهي عن ذلك ولكن يصلي ثنتين ثم يسلم، ثم يصلى الوتر واحدة، هذا هو الأفضل، بتسليمتين، يصلي ثنتين أو أكثر ثم يوتر بواحدة، وإن صلى ثلاثا جميعا سردها سردا، ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (219). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 144 بذلك، فعله النبي صلى الله عليه وسلم يسرد الثلاث سردا، لا يجلس في الثانية كالمغرب، لا، ولكن يسرد الثلاث سردا، ثم يجلس في الأخيرة ويقرأ التحيات، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ما يسر الله، ثم يسلم، هذا لا بأس به، ولكن الأفضل أن يسلم من الثنتين، ثم يقوم ويأتي بواحدة وحدها، هذا هو الأفضل، وإن أوتر بخمس أو بسبع أو بأكثر من ذلك، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة، هكذا كان النبي يفعل في الغالب، كان يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة، وكان في الغالب يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة، عليه الصلاة والسلام، وربما صلى ثلاثا جميعا، سردها سردا حتى يجلس في آخرها، وربما صلى خمسا جميعا، يسردها حتى يجلس في آخرها، كل هذا لا بأس به. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 145 س: إذا صليت فريضة صلاة العشاء والسنة الراتبة هل أصلي الوتر قبل صلاة قيام الليل، أم بعد صلاة قيام الليل؟ (1) ج: الوتر يكون هو الأخير بعد قيام الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (203). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 145 قال: «اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)» فالسنة أن تكون صلاة الوتر هي الأخيرة، يتهجد، يصلي ما بدا له مثنى مثنى، ثم يختم بواحدة وهي الوتر، هذا هو السنة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 146 49 - كيفية التسليم في الوتر س: هل يشترط لصلاة الوتر تسليمتان، أم تسليمة واحدة تكفي؟ (1) ج: بل تسليمتان مثل بقية الصلوات، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم بتسليمتين، في النافلة والفريضة عليه الصلاة والسلام، يصلي ركعتين ويسلم، ثم يأتي بواحدة، هذه السنة والأفضل، وإن سرد الثلاث فلا بأس، ويسلم بعد الثالثة تسليمتين.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (216). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 146 50 - كيفية صلاة الوتر في النهار لمن نام عنها س: كيف تكون صلاة الوتر في النهار، إذا نام الإنسان عنها؟ (1) ج: إذا نام الإنسان عن صلاة الوتر أو نسيها، أو أصابه مرض شغله عنها يصلي من النهار ما تيسر، والأفضل أن يصلي بعددها، لكن لا يوتر، يل يشفع، فإذا كانت عادته خمسا صلى ست ركعات، يسلم من كل ثنتين، وإذا كانت عادته في الليل سبعا صلى بالنهار ثمانيا، يسلم من كل ثنتين، وهكذا تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله نوم، أو مرض عن الوتر صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (2)» وكانت عادته صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة من الليل، فإذا شغل عنها بنوم أو مرض زاد ركعة، وصلى ثنتي عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (216). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 147 س: أبو عمار يسأل ويقول: أنا أصلي من الليل إحدى عشرة ركعة؛ بعد العشاء ركعتين، وركعتين سنة الوضوء قبل صلاة الليل، وثلاث ركعات وترا، فهل صلاتي صحيحة؟ (1)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (433). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 147 ج: الوتر مشروع بما يتيسر، ولو واحدة في الليل بعد صلاة العشاء وسنتها كفى، فإذا أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع، أو بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة كله طيب، والأفضل إحدى عشرة إذا تيسر، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، وإن أوتر بثلاث سردا، أو سلم من كل ثنتين، أو أوتر بخمس سردا، والسنة أن يسرد الخمس، لا يجلس فيها إلا في الخامسة، وإلا يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، أو أوتر بسبع سردا، أو جلس في السادسة للتشهد الأول، ثم قام أو أوتر بالتسع، وجلس في الثامنة في التشهد الأول ثم قام، كله لا بأس به، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (1)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 148 51 - حكم الصلاة في آخر الليل لمن أوتر في أوله س: يقول هذا السائل: سماحة الشيخ، هل يصح أن أصلي الوتر في أول الليل، ثم أكمل هذا الوتر في آخر الليل؟ (1)   (1) السؤال الواحد والستون من الشريط رقم (433). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 148 ج: الأمر واسع، إذا أوترت في أول الليل تصلي في آخر الليل ما تيسر، لكن من دون وتر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1)» تصلى ركعتين أو أربع ركعات، أو ست ركعات أو أكثر، تسلم من كل ثنتين، ويكفيك الوتر الأول، ولكن الأفضل أنك تؤخر الوتر وتجعله في آخر الليل، فإذا صليت ما يسر الله لك توتر بواحدة، هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)» هذا هو المشروع.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 149 52 - مسألة في صلاة الوتر س: هل صحيح أن المداومة على صلاة الشفع تؤدي إلي أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لمن يؤديها؟ (1) ج: ما أعرف في هذا شيئا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (265). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 149 المؤمن يصلي شفعا في النهار والليل، هذا هو السنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1)»، وليست صلاة وتر إلا الوتر في الليل، ركعة واحدة يوتر بها، أو في صلاة الخوف، بعض أنواع صلاة الخوف يصلون ركعة، أما السنة فالصلاة ينتهون شفعا أبدا دائما، إلا المغرب فإنها وتر ثلاثا، أما الظهر والعصر والعشاء والفجر فكلها شفع، وهكذا النوافل كلها تسمى شفعا، ثنتين ثنتين، إلا الوتر فإنه يصلى واحدة، وهكذا في بعض أنواع صلاة الخوف، صلى واحدة عليه الصلاة والسلام عند لقاء الأعداء، أما حديث يشفع النبي صلى الله عليه وسلم لمن يفعل هذا فلا أعرف له أصلا.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 150 53 - حكم صلاة قيام الليل بعد الوتر س: غالبا ما أوتر قبل أن أنام ظنا مني أني لن أستطيع قيام الليل، ولكن يحدث كثيرا أن أقوم الليل، علما بأني قد أوتر قبل أن أنام، هل هذا جائز؟ وهل يمكن أن أوتر ثانية عند قيام الليل؟ وكم عدد ركعات قيام الليل؟ وهل يمكن أن أجهر بالقنوت؟ جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (371). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 150 ج: لا حرج أن يصلي ما تيسر، إذا قام آخر الليل يصلي ما تيسر ويكفيه ما أوتر أولا؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1)» الوتر الأول يكفي، وإذا تيسر قيام تصلي ركعتين أو أربعا أو أكثر، تسلم من كل اثنتين، يقرأ طويلا ويجهر إذا أحب الجهر، ويدعو الله في السجود كثيرا، والحمد لله، هذا من فضل الله عز وجل.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 151 س: تقول السائلة: هل تجوز صلاة النوافل، ما بين صلاة العشاء والوتر وصلاة الفجر؟ لأنني أسمع من البعض يقولون: لا يجوز صلاة بعد الوتر حتى الفجر. والبعض يقولون: النوم يفصل بينها. وأحد الشيوخ في بلدنا قال: يمكن الصلاة قبل الفجر، ما بين الأذانين الأول والثاني للفجر. والبعض يقول: لا يجوز. وإنني غالبا ما أستيقظ قبل الفجر، وأريد أن أصلي، ولا أدري هل يجوز أم لا؟ (1) ج: نعم، لا بأس بالصلاة بعد الوتر، إذا أوتر الإنسان أول الليل، أو في وسط الليل، ثم يسر الله له القيام آخر الليل فإنه يشرع له أن يصلي ما   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (121). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 151 كتب الله له، ركعتين أو أكثر من ذلك، ويكفيه الوتر الأول، لا حاجة إلى وتر ثان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1)» فإذا استيقظ المؤمن أو المؤمنة في آخر الليل، وقد أوتر في أول الليل فإنه يشرع له أن يصلي ما كتب الله له، ولا يعيد الوتر إذا صلى ركعتين، أو أربعا أو أكثر، كل هذا طيب، ولا بأس به، لكن يكون مثنى مثنى؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» يعني ثنتين ثنتين، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى ركعتين بعدما أوتر في آخر الليل؛ ليعلم الناس أن الصلاة بعد الوتر جائزة، وإنما الأفضل أن يكون الوتر آخر شيء، كما قال عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (3)» فالأفضل أن يكون الوتر هو آخر شيء، لكن   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 152 إذا كان هناك سعة وصلى بعد الوتر ركعتين أو أكثر فلا حرج في ذلك، والحمد لله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 153 54 - حكم الوتر بثلاث ركعات بتسليمتين س: يقول السائل: إن بعض الناس يقولون: عندما أصلي صلاة العشاء لا بد أن أصلي ثلاث ركعات، ركعتين، ثم أصلي ركعة، ويسمون الأولى الشفع، والأخيرة الوتر، هل ما قالوه صحيح؟ وكيف توجهونني؟ (1) ج: هذا مستحب، وليس بواجب، ويسمى هذا الوتر، فيستحب للمؤمن والمؤمنة الإيتار كل ليلة بعد صلاة العشاء، ويستمر وقته إلى طلوع الفجر، فإذا صلى المسلم أو المسلمة سنة العشاء ركعتين، وأحب أن يوتر قبل النوم، أوتر بركعتين ثم ركعة، الشفع والوتر ركعتين ثم ركعة واحدة، وإن أوتر بركعة واحدة فقط أجزأته بعد سنة العشاء، وإن أوتر بخمس أو بسبع، أو أكثر فكله طيب، النبي صلى الله عليه وسلم كان في الغالب يوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، يقرأ فيها (الحمد)،   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (247). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 153 و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1)، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)» هذه سنة الوتر، وهي مستحبة وليست واجبة، وهي مستحبة لجميع المسلمين، ذكورهم وإناثهم من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فمن أحب أن يقوم آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم آخر الليل أوتر بعد صلاة العشاء، وقبل أن ينام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (3)» يعني مشهودة، يعني يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، والله ولي التوفيق.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 154 س: أرجو أن توجهوني إلى الفرق بين الشفع والوتر في صلاة الليل، وهل يجب لكل نية؟ (1) ج: الشفع كونه يصلي ركعتين، والوتر كونه يصلي واحدة، أو ثلاثا، أو خمسا أو سبعا جميعها يقال لها: وتر. والشفع كونه يصلي ثنتين   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (345). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 154 ثنتين، تسمى الأربع شفعا، والست شفعا، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، ولا يجوز له أن يجمع الأربع والست والثماني في سلام واحد، لكن يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» معناه: تصلى مثنى مثنى. لكن لو سرد ثلاثا وترا أو خمسا وترا فلا بأس، يستثنى عنه، وهكذا في النهار يصلي ثنتين ثنتين، وفي رواية أخرى: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 155 س: أصلي في الليل ركعتين، وأصلي ثلاثا وترا، هل هذا يجوز؟ (1) ج: الوتر أقله ركعة، فمن أوتر بركعة أو بثلاث أو بأكثر فقد أصاب وأحسن، وأقله ركعة، والحمد لله.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (301). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 155 س: يقول: هل أصلي الوتر بعد الأذان الأول يا سماحة الشيخ؟ (1) ج: الوتر في الليل كله من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، كل الليل محل وتر بعد الفراغ من صلاة العشاء، وسنتها الراتبة إلى قبل   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (343). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 155 الفجر، كله محل وتر، وإذا تيسر في آخر الليل فهو أفضل، وإلا فالوتر قبل النوم إذا كنت تخشى ألا تقوم، الأفضل لك أن توتر قبل النوم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 156 55 - مسائل في الوتر س: السائل من الكويت يقول: بالنسبة للوتر مرة أو مرتين، فقد حدث وأنا أصلي الوتر أن أذن الفجر، وأحيانا بعد السلام يكون الأذان في بدايته، هل علي إعادة الوتر؟ (1) ج: يكفي؛ لأن الأذان يكون على الظن، ظن الصبح، وإذا أذن والإنسان على وتر أكمله والحمد لله، ولا بأس، يكفي.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (306). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 156 س: هل يجوز الوتر بواحدة، أم لا بد من الشفع؟ (1) ج: تكفي واحدة، الوتر بواحدة لا بأس في أول الليل، أو في وسطه أو في آخره، ركعة واحدة، والأفضل يقرأ فيها (الفاتحة) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2)، وإن قرأ (الفاتحة) وحدها أو معها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون معها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4)، وإن زاد على واحدة صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر فهو أفضل.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (127). (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 156 س: هل معنى أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى: أن الأربع ركعات القبلية قبل الظهر أصليها على ركعتين ركعتين؟ (1) ج: نعم، تصلى ركعتين ركعتين في الليل والنهار، الرواتب وغير الرواتب، هذه السنة، لكن لو سرد الوتر في الليل سردا ثلاثا جميعا، أو خمسا جميعا، أو سبعا جميعا فلا بأس، لكن كونه يصلي ثنتين ثنتين هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)»؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه أوتر بخمس جميعا (3)»، «وبثلاث جميعا (4)» «وبسبع جميعا، سردها في بعض الأحيان (5)»، فلا بأس بذلك، لكن الأفضل دائما ثنتان ثنتان، هذا هو الأفضل، ثم يوتر بواحدة.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (322). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765). (4) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصولة به، برقم (1009) (3/ 31)، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/ 447). (5) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 157 56 - حكم المداومة على إحدى عشرة ركعة كل ليلة س: أصلي إحدى عشرة ركعة كل ليلة، وأجهر بالقراءة، وأدعو في الجزء: 10 ¦ الصفحة: 157 الصلاة الأخيرة أي الوتر، وأبدأ فيها من الساعة العاشرة، فهل صلاتي هذه صحيحة أم لا؟ (1) ج: هذا هو الأفضل، والوتر سنة إحدى عشرة ركعة، هذا أفضل ما يكون، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا تهجد حسن ووتر حسن، إذا فعلته هذا من السنة وأنت مأجور على هذا إن شاء الله، ولا حرج في ذلك، لكن ليس بلازم بل مستحب، ولو أوترت في بعض الليالي بخمس أو بسبع أو بثلاث فلا حرج عليك.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (29). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 158 57 - حكم قراءة المعوذتين بعد سورة الإخلاص في الوتر س: إنني عندما أوتر أصلي ركعة واحدة، وأقرأ فيها سورة الإخلاص والفلق والناس، فهل عملي صحيح؟ (1) ج: الأفضل الاقتصار على {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) هذا هو الأفضل في   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (265). (2) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 158 الركعة الأخيرة ركعة الوتر، هذا هو المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقرأ فيها بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1)، أما الزيادة في المعوذتين فالحديث فيها ضعيف.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 159 س: أنا أصلي بعد صلاة العشاء إحدى عشرة ركعة وأوتر، وأعجز بعض الأيام؛ لأنني أشتغل كل اليوم، وأصليها في الثلث الأخير، وإذا غلب علي النوم صليتها في النهار، هل تصح؟ أفيدوني (1) ج: هذا عمل طيب، هذا موافق للسنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في الغالب يوتر بإحدى عشرة ركعة، وربما أوتر في أول الليل، وربما أوتر في وسطه، وربما أوتر في آخره، ثم انتهى أخيرا في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، وكان الغالب عليه أنه يصلي في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، هذا الذي فعلته هو السنة، وإذا نمت عنها فلا حرج، إذا نمت عنها بعض الأحيان، أو ثقلت عنها، أو لم يتيسر لك   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (29). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 159 أداؤها فافعلها في النهار، صل من النهار ما تيسر، لكن من غير إيتار، صلها شفعا، صل مثلا ثنتي عشرة ركعة، أي ست تسليمات بدل إحدى عشرة ركعة إذا تيسر ذلك، وإن صليت أقل من ذلك ثماني أو ست ركعات، أو أربع ركعات كله طيب، الأفضل أن تصلي بعدد ما كنت تفعله في الليل وتزيد ركعة؛ حتى لا توتر بواحدة في النهار، تصلي شفعا، «وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل؛ من مرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (1)» كما قالته عائشة رضي الله عنها، هذا هو السنة، الذي يفوته ورده من الليل؛ من نوم أو مرض أو نحو ذلك فإنه يصلي من النهار، ولكن يكون شفعا لا وترا، وأنت بحمد الله قد وفقت للسنة، ولو أوتر الإنسان بأقل من ذلك أوتر بواحدة، أو بثلاث أو بخمس فكله سنة والحمد لله، أقله واحدة، إذا صلاها بعد العشاء أو صلاها في آخر الليل فقد فعل السنة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 160 58 - حكم تكرار الوتر في ليلة واحدة س: إذا صليت الوتر بعد العشاء وقبل أن أنام؛ خوفا من عدم القيام آخر الليل، ثم قمت آخر الليل، وأردت أن أصلي من آخر الليل الجزء: 10 ¦ الصفحة: 160 فهل يجوز ذلك، وأن أوتر في الأخير أم لا؟ (1) ج: إذا أوتر الإنسان من أول الليل احتياطا هذا حق طيب، والنبي أوصى أبا الدرداء وأبا هريرة رضي الله عنهما بالإيتار أول الليل قال بعض أهل العلم: إنما أوصاهما بذلك؛ لأنهما يشتغلان بالعلم في أول الليل، ويصعب عليهما القيام في آخر الليل، فإذا أوتر الإنسان من أول الليل، ثم يسر الله له القيام من آخر الليل فإنه يصلي ما تيسر من الركعات من دون وتر، يكفي الوتر الأول؛ لأن النبي عليه السلام قال: «لا وتران في ليلة (2)» فيصلي ركعتين أو أربع ركعات، أو ست ركعات فأكثر من دون وتر في آخر الليل، ولا حرج في ذلك، ولا بأس بذلك، وإنما يؤمر بتأخير الوتر في آخر الليل إذا كان لا يوتر في أول الليل، وإذا تيسر القيام في آخر الليل، فهذا يوصى بأن يكون وتره في آخر الليل إذا تيسر له ذلك؛ لأن آخر الليل أفضل، فإذا يسر الله للعبد أن يوتر في آخر الليل فهذا أفضل، أما إذا خاف وخشي ألا يقوم من آخر الليل فليأخذ بالحزم، فيوتر في أول الليل، وإذا رزقه الله القيام في آخر الليل   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (28). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 161 صلى ما تيسر من دون وتر، كما جاءت به السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر ركعتين (1)»؛ يبين للناس أن الصلاة بعد الوتر جائزة، ولا حرج فيها.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471)، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 162 59 - حكم تأخير الوتر لمن علم من نفسه أنه يقوم آخر الليل س: تقول السائلة: والدتي تصلي العشاء مع الوتر، ثم تنام وتصلي صلاة قبل صلاة الفجر، وكثير من الناس يقولون لها: لا يجوز أن تصلي الوتر ما دام لك صلاة قبل صلاة الفجر. فما رأي سماحتكم؟ (1) ج: الأفضل أنها تؤخر الوتر إلى آخر الليل، ما دامت تقوم آخر الليل فالأفضل أن وترها يكون آخر الليل، بعدما تصلي الصلاة التي يكتب الله لها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا (2)» هذا هو الأفضل: أن الصلاة تكون في آخر الليل وتختم بوتر   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (25). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 162 إذا تيسر ذلك، أما إن كانت تخشى ألا تقوم آخر الليل، وتريد أن تعمل بالاحتياط فتوتر في أول الليل فلا بأس، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالإيتار أول الليل قال بعض أهل العلم: لأنهما يدرسان الحديث، ويخشيان ألا يقوما آخر الليل؛ فلهذا أوصاهما بالوتر في أول الليل، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» خرجه مسلم في الصحيح، فإذا كانت المرأة تستطيع أن تقوم آخر الليل فالأفضل أن يكون وترها آخر الليل، بعدما تصلي ما كتب الله لها، ثم توتر قبل الفجر، هذا هو الأفضل، لكن إن كانت تخشى ألا تقوم، ولا تثق بذلك، فالأفضل لها أن توتر في أول الليل، وإذا قامت آخر الليل ويسر الله لها القيام تصلي ما تيسر؛ ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات من دون وتر، الوتر الأول يكفي، ولا تعيد الوتر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا وتران في ليلة (2)» فإذا كان الإنسان قد   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 163 أوتر في أول الليل، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه لا يعيد الوتر، بل يكفيه الوتر الأول، ويصلي من آخر الليل ما تيسر؛ ركعتين أو أربع ركعات، أو أكثر من ذلك بدون وتر. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 164 س: أديت صلاة العشاء وكذلك الوتر، ثم نمت وقمت بعد منتصف الليل، فهل تجوز الصلاة التي هي قيام الليل بعد الوتر؟ (1) ج: السنة للمؤمن أن يتحرى الوقت الذي يستطيعه للتهجد بالليل، إن كان لا يستطيع القيام من آخر الليل قدم، وإن كان يستطيع القيام من آخر الليل أخر تهجده إلى آخر الليل؛ لأن هذا أفضل وقت، فيه التنزل الإلهي، الذي جاء فيه الحديث الصحيح المستفيض عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2)» هذا الوقت وقت عظيم، فيه نزول الرب عز وجل، نزول يليق بجلاله سبحانه وتعالى، وفيه أنه يقول: «هل من داع فأستجيب له؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (10). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 164 مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ (1)» هذا فضل عظيم، ينبغي تحري هذا الوقت الذي هو آخر الليل الثلث الأخير؛ لهذا الحديث الصحيح في النزول، وهذا النزول وصف لربنا عز وجل كما يليق به سبحانه وتعالى، لا يكيف ولا يمثل، بل يقال في هذا: نزول يليق بجلاله لا يشابهه أحد من خلقه سبحانه وتعالى كسائر الصفات. كما نقول: استوى على العرش استواء يليق بجلاله، لا يشبه بخلقه سبحانه وتعالى، وكما نقول: إن علمه يليق بجلاله ورحمته. وهكذا وجهه، وهكذا يده، وهكذا سائر الصفات، كلها حق، وكلها ثابتة لله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق بالله جل وعلا، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (2)، أثبت لنفسه السمع والبصر، ونفى عن نفسه المماثلة سبحانه وتعالى، وهذا هو الحق الذي درج عليه أهل السنة والجماعة، وهو إثبات جميع الصفات والأسماء الواردة في الكتاب العزيز، أو السنة الصحيحة المطهرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، نثبتها إثباتا بلا تمثيل، وننزهها عن التعطيل، ونقول: إنه يجب إثبات صفات الرب وأسمائه من النزول والاستواء   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (2) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 165 والرحمة والغضب، والوجه واليد والأصابع وغير ذلك، نثبتها لله كما جاءت في النصوص إثباتا بلا تمثيل، وننزه صفاته عن مشابهة خلقه تنزيها بريئا من التعطيل، هكذا يقول أهل السنة والجماعة، فالنزول من ذلك الباب، نزول الرب في آخر الليل من هذا الباب، نثبته لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، مع العلم بعلوه فوق العرش جل وعلا، فإن صفاته لا تشابه صفات خلقه، فلا يتنافى النزول في حقه مع علوه فوق العرش سبحانه وتعالى، وهذا في حقه عز وجل، فإنه نزول لا يعلم كنهه وكيفيته إلا الله سبحانه وتعالى، فهو نزول يليق بالله، فيه هذا الخير العظيم، فيه أنه سبحانه وتعالى يقول: «هل من تائب فيتاب عليه؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من مستغفر يغفر له؟ (1)» هذا فضل عظيم، ينبغي في هذا الوقت الإكثار من الدعاء في آخر الليل مع الصلاة، مع القراءة، هكذا أرشد النبي عليه الصلاة والسلام، أما إن كان لا يستطيع ذلك، ويخشى أن ينام فإنه يوتر في أول الليل، يصلي ما تيسر في أول الليل، يوتر بثلاث، بخمس، بسبع، بأكثر أو بواحدة على الأقل لا بأس، يكفي واحدة بعد سنة العشاء، إذا صلى العشاء وصلى الراتبة ثنتين، وأوتر بواحدة كفى، وإن أوتر بثلاث فهو أفضل، وإن أوتر بأكثر   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 166 فهو أفضل، ثم إذا قام من آخر الليل، أو في أثناء الليل، وأحب أن يتهجد فلا بأس، إذا قام من آخر الليل وأحب أن يصلي ركعتين أو أربع ركعات، أو أكثر بلا وتر فلا بأس، الوتر لا يعيده، النبي عليه السلام قال: «لا وتران في ليلة (1)» لكن يصلي ما تيسر في أثناء الليل، أو في آخر الليل شفعا؛ ثنتين، أربعا، ستا، ثمانيا من دون وتر، الوتر الأول يكفي، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه كان يصلي بعض الأحيان ركعتين بعد الوتر وهو جالس (2)»؛ وهذا - والله أعلم - ليبين للناس أن الصلاة بعد الوتر جائزة غير محرمة، وإنما الأفضل أن يكون الوتر هو آخر الصلاة أن يختم صلاته بالوتر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (3)» فالأفضل أن يختم بالوتر، لكن لو قدر أنه أوتر ثم تيسر له نشاط، وقام في آخر الليل فلا بأس بذلك، يصلي ما تيسر ركعتين أو أربع ركعات، ولا حرج في ذلك، والحمد لله.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471)، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 167 س: أنا أصلي ركعات الوتر وأنام، ثم أقوم في ثلث الليل وأصلي ركعتين نفلا، فهل يجوز مثل هذا العمل، أو تنصحونني بتأخير الجزء: 10 ¦ الصفحة: 167 الوتر إلى آخر الليل؟ (1) ج: هذا عمل طيب، إذا كنت يشق عليك قيام آخر الليل فقد فعلت أمرا حسنا، وهو الإيتار في أول الليل، ثم إذا قمت في آخر الليل صل ركعتين أو أكثر من ذلك، كله طيب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» فالذي يستطيع الصلاة في آخر الليل يؤخر إلى آخر الليل، وهو أفضل؛ لأن صلاة آخر الليل مشهودة، يشهدها الله وملائكته، أما إن كان لا يستطيع فإنه يوتر أول الليل، وإذا يسر الله له القيام في آخر الليل صلى ما تيسر من دون وتر، كفى الوتر الأول، صلى ركعتين أو صلى أربع ركعات بتسليمتين، أو أكثر من ذلك، يسلم من كل ثنتين، ولكن لا يعيد الوتر، يكفيه الوتر الأول، والحمد لله.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (213). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 168 س: أنا دائما أصلي الوتر أول الليل، ثم أقوم آخر الليل وأصلي ركعتين ركعتين بما أقدر عليه، دون أن أوتر بعدها، فهل فعلي الجزء: 10 ¦ الصفحة: 168 هذا صحيح؟ وما حكم تكرار الوتر؟ (1) ج: نعم، فعلك هذا صحيح، إذا أوتر الإنسان من أول الليل، ثم يسر الله له القيام من آخر الليل فإنه يصلي ما يسره الله له، ثنتين ثنتين، ويكفيه الوتر الأول، ويكره أن يوتر ثانيا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (2)» والنبي عليه الصلاة والسلام ربما صلى ركعتين بعد الوتر؛ ليعلم الناس أنه لا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن تؤخر الوتر آخر الليل إذا تيسر لك ذلك، نقول: الوتر آخر الليل إذا تيسر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (3)» فإذا تيسر لك ذلك فهذا أفضل، وإلا تأخذ بالحزم، وأوتر من أول الليل، وإذا يسر الله لك القيام في آخر الليل فصل ما يسر الله لك من دون وتر؛ ثنتين ثنتين تسلم من كل ثنتين.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (256). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 169 س: ف. من بريدة: أصلي ركعتي السنة قبل صلاة الفرض، ثم أصلي أربع ركعات فريضة، ثم أصلي ركعتي السنة، ثم أصلي نفلا، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 169 وبعدها أصلي ثلاث ركعات الوتر، فهل ما أفعله صحيح؟ (1) ج: السنة أن يصلي المؤمن ركعتين بين الأذان والإقامة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة لمن شاء (2)» فالركعتان بعد الأذان مستحبة، بعد أذان المغرب، بعد أذان العشاء، إذا صلى الفريضة صلى بعدها ركعتي الراتبة، ثم أوتر إذا أحب أن يوتر، ثلاثا أو خمسا أو أكثر، وإذا أخر الوتر إلى آخر الليل فهو أفضل إذا كان يطمئن إلى قيامه آخر الليل، ويغلب على ظنه ذلك، وإلا فالسنة الوتر في أول الليل بركعة أو ثلاث أو أكثر آخذا بالحزم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (3)» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر أول الليل، ثم أوتر في وسط الليل، ثم استقر وتره في آخر الليل عليه   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (332). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 170 الصلاة والسلام، فهذا هو الأفضل لمن قدر، أما من يخاف ألا يقوم فإنه يوتر أول الليل، أما الظهر فإنه يصلي قبلها أربعا، السنة أربع راتبة، يصلي قبلها تسليمتين أربعا، والعصر كذلك يستحب أن يصلي قبلها أربعا بتسليمتين، وبعد الظهر أربعا بتسليمتين؛ الراتبة وركعتان بعدها، ولكن إذا صلى أربعا بعدها فهو أفضل؛ لما روى أهل السنن عن أم حبيبة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حافظ على أربع قبل الظهر، وأربع بعدها حرمه الله على النار (1)» فهذا الحديث العظيم جيد صحيح، يدل على فضل الأربع قبلها وبعدها، أما الراتبة فهي أربع قبلها وثنتان بعدها، ولكن يستحب أن يزيد بعدها ثنتين حتى تصير أربعا بعد الظهر. وقبل العصر أربع بتسليمتين، أما المغرب والعشاء فيسن قبلهما ركعتان؛ لحديث: «بين كل أذانين صلاة (2)» وإن   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 171 صلى أكثر من ركعتين فلا بأس، وبعدهما ركعتان؛ الراتبة بعد المغرب ركعتان بتسليمة واحدة، وبعد العشاء ركعتان بتسليمة واحدة، فهذا الذي يحافظ عليه النبي عليه الصلاة والسلام، ثم الوتر بعد العشاء، وبعد الراتبة، ولو صلى العشاء مع المغرب مجموعتين جمع تقديم، كالمسافر فإنه يوتر بعد صلاة العشاء، ولو في وقت المغرب؛ لأنه إذا صلى العشاء مجموعة مع المغرب جمع تقديم فقد دخل وقت الوتر؛ كالمريض والمسافر. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 172 س: نحن نعلم بأن صلاة الوتر تختم صلوات اليوم، وقد كنت يوما بالمسجد، وصليت العشاء ثم الشفع والوتر، وعند خروجي قابلني أحد الأصدقاء، وأصر على أن أصلي معه حتى يكسب أجر الجماعة، فما رأي الإسلام في ذلك؟ (1) ج: الوتر خاتم صلاة الليل، وليس خاتم صلاة النهار، المغرب هي التي تختم صلاة النهار، هي وتر النهار، وأما التهجد بالليل فيختم بالوتر ركعة واحدة، الركعة هي الختام لصلاة الليل، ولكن لا مانع أن يصلي بعدها إذا أوتر - مثلا - في أول الليل، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فلا بأس أن يصلي ما تيسر ركعتين، أو أربع ركعات أو أكثر مثنى   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (154). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 172 مثنى، ولا يعيد الوتر، يكفيه الوتر الأول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1)» وإذا صادف جماعة من إخوانه وصلى معهم، أو أخا من إخوانه وصلى معه فلا بأس بذلك ولا حرج؛ لأن هذه الصلاة جاءت لها الأسباب التي وقعت له، مثل أن طلب أخوه أن يصلي معه، مثل جماعة أحب أن يصلي معهم، ومثل سعة الوقت أحب أن يصلي ما تيسر هذا لا بأس به، المقصود أن كون الإنسان يصلي بعد الوتر في آخر الليل لا بأس بذلك، لكن لا يعيد الوتر، يكفيه الوتر الأول، والحمد لله.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 173 س: هل صحيح بأنه لا صلاة بعد الوتر؟ (1) ج: لا بأس بالصلاة، وليس بصحيح هذا القول، فله أن يصلي بعد الوتر، ليس بوقت نهي، لكن الأفضل أن يختم الليل بالوتر، أن يختم صلاته بالليل بالوتر، والنبي صلى الله عليه وسلم ربما صلى ركعتين بعد الوتر؛ ليعلم الناس أنه لا حرج في ذلك، فلو أوتر في الليل أو في وسط الليل، ثم قام في آخر الليل وصلى ما يسر الله له ركعتين، أو أربعا أو   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (396). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 173 ستا فلا بأس، المقصود أن الصلاة بعد الوتر لا حرج فيها، لكن الأفضل لمن صلى آخر الليل أن يختم بالوتر، يختم بركعته الأخيرة الواحدة، تكون هي الخاتمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (1)» متفق على صحته.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 174 س: السائلة أم خالد من الباحة، تقول: أنا أوتر قبل النوم خوفا من أن أنام، وأنا أوتر اقتداء بقوله صلى الله عليه وسلم: «أوتروا يا أهل القرآن (1)» وإذا حصل ونهضت قبل الفجر فإني أصلي أربعا أو ستا، أو ما تيسر لي من الركعات، ولكنني لا أوتر؛ لأنني أوترت قبل النوم، فهل عملي هذا صحيح؟ (2) ج: هذا العمل صحيح، الإنسان إذا خاف ألا يقوم من آخر الليل يوتر أول الليل، وإذا يسر الله القيام في آخر الليل يصلي ما تيسر ثنتين أو أربعا أو ستا، أو أكثر، يسلم من كل ثنتين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، برقم (1416)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في أن الوتر ليس بحتم، برقم (453)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر، برقم (1675)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1169). (2) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (408). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 174 يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالإيتار قبل النوم الإيتار قبل النوم من باب الحزم إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل، أما من كانت عنده الثقة، أو يغلب على ظنه أنه يقوم آخر الليل فالوتر في آخر الليل أفضل، وإذا أوتر في أول الليل ثم يسر الله له القيام آخر الليل صلى ما تيسر ثنتين ثنتين، ولم يعد الوتر، الوتر الأول كاف.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 175 س: هل يجوز للإنسان أن يصلي صلاة الليل إذا قام بعد أن صلى الوتر؛ وذلك لخوفه أن ينام فلا يصلي الوتر؟ (1) ج: هذا من الحزم، كونه يوتر أول الليل، وإذا قام في آخر الليل صلى ما يسر الله له ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات، أو أكثر كل هذا طيب، لكن يسلم من كل ثنتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (354). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 175 وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالوتر قبل النوم وقال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (1)» وجاء بين الأحاديث أن الأفضل لمن استطاع آخر الليل أن يؤخر إلى آخر الليل، ومن خاف ألا يقوم آخر الليل صلى في أول الليل أخذ بالحزم، ويدل على هذا حديث صحيح رواه مسلم في الصحيح عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» فهذا صريح في التفضيل، فصلاة أول الليل أفضل لمن خاف ألا يقوم من آخر الليل، أما من غلب على ظنه أنه يقوم، واعتاد ذلك فهذا هو الأفضل؛ أن يقوم في آخر الليل.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 176 س: مستمعة تسأل وتقول: أحفظ معنى حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (1)» أنا أنوي صلاة القيام، ولكن أخشى أن يغلبني النعاس؛ لذلك أصلي الشفع   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 176 والوتر قبل أن أنام، فهل يجوز لي أن أصلي قيام الليل بعد الشفع والوتر، أم أؤجل الشفع والوتر مع صلاة القيام؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: إذا خشيت ألا تقومي آخر الليل فصلي في أول الليل، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة أن يصلوا أول الليل قبل النوم أن يوتروا، والسبب في ذلك أنهم يخشون ألا يقوموا آخر الليل، فالإنسان إذا كان يخشى ألا يقوم آخر الليل فالسنة له أن يوتر في أول الليل، وإذا قام آخر الليل يسر الله له القيام صلى ما يسر الله له ثنتين، أو أربعا أو أكثر، يسلم من كل ثنتين، ولا يحتاج إلى وتر، الأول كاف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (2)» إذا يسر الله له القيام في وسط الليل، أو في آخره صلى ما تيسر ثنتين ثنتين، وكفاه الوتر الأول، والحمد لله.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (299). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 177 س: هل من الممكن قيام الليل بعد الوتر إذا أوتر أول الليل؟ لأنني قرأت في إحدى الكتب الإسلامية أنه لا صلاة بعد الوتر، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 177 واجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا. (1) ج: لا حرج في ذلك، السنة أن يختم تهجده بالوتر، إذا قام في آخر الليل وأوتر، ثم بان له أنه قد بقي ليل فلا بأس أن يصلي، فلا حرج والحمد لله، فليصل ما تيسر له بعد الوتر، فالليل كله محل عبادة، ومحل تقرب إلى الله عز وجل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر، ثبت عنه أنه صلى ركعتين بعد الوتر يبين للناس جواز ذلك، وأنه لا حرج في ذلك.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (355). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 178 س: صلاة الوتر هل هي بعد صلاة العشاء مباشرة، أم بعد منتصف الليل؟ ذلك لأنني أصلي الوتر الساعة الحادية عشرة بعد الانتهاء من عملي، فهل لي أن أصلي التهجد قبل طلوع الفجر؟ لأنني سمعت أناسا يقولون: لا صلاة بعد الوتر. وأنا أصلي الوتر الحادية عشرة كما قلت لكم من قبل، قبل النوم لأنني أكثر الأيام لم أستيقظ إلا وقت صلاة الفجر. أفيدوني جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (289). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 178 ج: وقت الوتر يبتدئ من حين صلاة العشاء، يدخل وقت الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا وقت الوتر، والتهجد ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وإذا أوترت في جوف الليل، أو في آخر الليل يكون أفضل، وآخر الليل أفضل؛ وقت نزول الله في الثلث الأخير، أو في الوقت الرابع أو الوقت الخامس من الليل، أي السدس وقت صلاة داود عليه الصلاة والسلام، يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة داود -يعني النبي عليه الصلاة والسلام- إنه كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (1)» أو ينام النصف الأول، ثم يقوم السدس الرابع والخامس يتهجد، يقوم من الثلث الأوسط نصفه، ومن الثلث الأخير نصفه، وإن تهجدت الثلث الأخير فهو وقت عظيم فاضل، فيه نصفه من الثلث الأخير، مما كان يصلي فيه داود، والنصف الثاني من الثلث الأخير الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، ويقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)» الخلاصة أن أفضل ما يكون التهجد   (1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 179 من مبدأ النصف الأخير إلى نهاية الليل، يعني السدس الرابع والسدس الخامس والسادس، يعني النصف الأخير؛ النصف الثاني، وإذا أوترت في أول الليل قبل أن تنام، ويسر الله لك القيام في آخر الليل فصل ما يسر الله لك، ويكفي الوتر الأول، وتصلي ما يسر الله لك ركعتين أو أكثر، تسلم من كل ركعتين، ولا تعيد الوتر، يكفي الوتر الأول، «وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس (1)»؛ ليعلم الناس أنه لا حرج في ذلك. الأفضل أن يكون الوتر آخر الليل، يختم به صلاة الليل، لكن إذا أوتر في أول الليل أو في وسطه، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه يتهجد ما يسر الله له، ويسلم من كل ركعتين، ولا يعيد الوتر، يكفي الوتر الأول والحمد لله.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471)، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 180 س: بالنسبة لقيام الليل هل صحيح أنه لا يصح للمصلي أن يصلي بعد صلاة الوتر مباشرة، ويجب النوم، ومن ثم الصلاة بعد ذلك؟ (1) ج: لا حرج في الصلاة بعد الوتر، إذا أوتر الإنسان في أول الليل أو في أوسط الليل، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه يصلي ما كتب   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (289). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 180 الله له، ويكفي الوتر الأول، لا يعيد الوتر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1)» وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه صلى بعد الوتر ركعتين (2)»؛ ليبين للناس أنه لا حرج في ذلك، فالحاصل أنه إذا أوتر في أول الليل أو في وسطه، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه يشرع له أن يصلي ما يسره الله له، ولا يعيد الوتر، بل يكفيه الوتر الأول والحمد لله.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471)، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 181 س: يسأل السائل من جمهورية مصر العربية، ويقول: أنا - والحمد لله - قبل ما أنام أصلي أربع ركعات قيام الليل، وبعدها أصلي ركعتي شفع وواحدة وترا، فهل في هذا شيء غير مشروع؟ وبالأخص بالنسبة لركعة الوتر؛ لأنه عندنا في بلدنا أكثر الناس يصلون صلاة الوتر ركعة واحدة، أفيدونا سماحة الشيخ. (1) ج: الأمر في هذا واسع، إن صليت في أول الليل أو في وسط الليل أو في آخر الليل كله طيب، النبي فعل هذا كله صلى الله عليه وسلم،   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (413). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 181 أوتر في أول الليل، وأوتر في وسطه، وأوتر في آخره، واستقر وتره في السحر، عليه الصلاة والسلام، ولك أن توتر بثلاث أو بواحدة أو بخمس أو بسبع أو بتسع، أو بإحدى عشرة أو بثلاث عشرة، لكن تسلم من كل ثنتين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1)»، يعني ثنتين ثنيتين، فإذا أوترت بواحدة مفردة كان هذا هو الأفضل، وإن سردت ثلاثا جميعا ولم تجلس في الثانية فلا بأس، ولكن الوتر بواحدة أفضل، تصلي كل ثنتين على حدة، ثم توتر بواحدة، سواء في وسط الليل أو في آخره أو في أوله، وإن صليت بعض التهجد في أوله، وبعض تهجدك في آخره كله حسن، ولا بأس به والحمد لله.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 182 س: هل الأفضل أن نصلي بعد صلاة العشاء ركعتين، ثم نوتر بواحدة، أو نصلي خمسا؟ (1) ج: كلما زدت فهو أفضل، والأفضل في البيت، تصليها كلها في البيت، تصلي الراتبة ثنتين، وتصلي ما تيسر واحدة وترا أو ثلاثا أو خمسا أو أكثر بعد راتبة العشاء، وإن أخرت إلى آخر الليل كان أفضل إذا تيسر ذلك.   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (413). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 182 س: السائل: ي. د، يقول: قال لي أحد الإخوة بأن صلاة الوتر بعد العشاء سنة، وإن تركتها لا شيء علي، وأنا بدأت أفعل ذلك، أفتونا في عملي مأجورين. (1) ج: نعم سنة إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل؛ لأن الرسول «أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والوتر قبل النوم (2)» والظاهر - والله أعلم - أن أبا هريرة رضي الله عنه يشق عليه القيام في آخر الليل؛ لأنه كان يدرس العلم في أول الليل، يدرس الحديث، فأوصاه النبي بالوتر أول الليل، وهكذا أبو الدرداء رضي الله عنه. أما من طمع أن يقوم آخر الليل فهو أفضل؛ لما جاء في الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (3)» أخرجه مسلم، هذا يدل على أنه إذا تيسر له القيام في   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (412). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 183 آخر الليل فهو أفضل، النبي صلى الله عليه وسلم أوتر من أوله، ومن وسطه، ومن آخره، كله جائز والحمد لله، لكن إذا تيسر من آخر الليل فهو الأفضل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 184 س: السائل من اليمن يقول: هل تصح صلاة الوتر بتشهد واحد، أم لازم علي أن آتي بالتشهد بعد الركعتين الأوليين، ثم أكمل بعد الثالثة؟ (1) ج: السنة في التهجد بالليل السلام من كل ثنتين، هذا هو السنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» رواه الشيخان: البخاري ومسلم في الصحيحين، فإذا أراد الوتر أوتر بواحدة مفردة قبل الفجر، يقرأ فيها (الفاتحة) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3)، هذا هو السنة، وإن أوتر بثلاث سردها فهذا هو السنة، لا يجلس في الثانية، بل يسردها كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، «ونهى النبي عن تشبيهها بالمغرب (4)» لكن يسردها لا يجلس بعد الثانية، بل يسرد الثلاث، ويجلس في   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (389). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصول به، برقم (5010) (3/ 31)، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/ 447). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 184 الأخيرة، ويتشهد في الأخيرة إذا أوتر بثلاث، ولكن كونه يسلم من الثنتين ويوتر بواحدة مفردة يكون هذا هو الأفضل والأكمل؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 185 س: السائل: إ. م، يقول: هل يوجد حديث ورد أن في الوتر صلاة تصلى مثل صلاة المغرب؟ (1) ج: لا، لم يرد، يكره، النبي «نهى عن تشبيهها بالمغرب (2)» لكن يصليها سردا ثلاثا مسرودة لا بأس، أو يوتر بواحدة وهو الأفضل، يسلم من الثنتين ثم يأتي بواحدة، هذا هو الأفضل، وإن سرد الثلاث سردا ولم يجلس إلا في الثالثة فلا بأس، أما أن يشبهها بالمغرب لا، يكره، ما ينبغي.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (420). (2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصول به، برقم (5010) (3/ 31)، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/ 447). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 185 60 - حكم تخصيص سورة الأعلى، والكافرون والإخلاص في صلاة الوتر س: هل ورد حديث في قراءة سورة (الأعلى) و (الكافرون) و (الإخلاص) في الشفع والوتر، وهذا في رمضان؟ وماذا يلزم الإمام في رمضان؟ هل يستمر في قراءة هذه السور يا شيخ؟ (1)   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (404). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 185 ج: هذا هو الأفضل، نعم، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان يقرأ في الثلاث الأخيرة بـ: (سبح)، و (الكافرون)، و: (2)» وإذا أوتر بثلاث؛ قرأ في الأولى بـ: (سبح)، وفي الثانية بـ: (الكافرون)، وفي الثالثة بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3)، هذا هو الأفضل، وإن قرأ بغيرها فلا حرج، الأمر واسع؛ لأن الله قال: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (4)، وإذا سرد الركعات، سلم في كل ثنتين، ثم أوتر بواحدة فكل ذلك حسن، وإن لم يقرأ بـ: (سبح)، المقصود أنه يصلي ثنتين ثنتين، ثم يوتر بواحدة، والأفضل في الواحدة أن يقرأ فيها بعد الفاتحة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5)؛ تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولو قرأ بغير ذلك فلا حرج؛ لعموم قوله جل وعلا: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (6)، وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء: «ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن (7)» فالأمر في هذا واسع، والحمد لله.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيما يقرأ به في الوتر، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيما يقرأ في الوتر، برقم (1173). (2) سورة الإخلاص الآية 1 (1) {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة المزمل الآية 20 (5) سورة الإخلاص الآية 1 (6) سورة المزمل الآية 20 (7) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال: عليك السلام، برقم (6251)، ومسلم كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في الركعة، حديث رقم (397). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 186 س: تقول السائلة: سمعت أن الإنسان يقرأ في الشفع قبل الوتر سورة الأعلى في الركعة الأولى، ويقرأ في الثانية سورة الكافرون، فهل ما سمعت صحيح؟ (1) ج: نعم، هذا هو الأفضل في الثلاث الأخيرة، يقرأ بـ: (سبح) في الأولى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (2)، والثانية: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (3)، والثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4)، والأفضل يسلم من الثنتين، ثم يفرد واحدة، وإن جمع الثلاث سردها كلها سردا، ولم يجلس إلا في الأخيرة، وكل ذلك سنة، لكن الأفضل أن يسلم من الثنتين ثم يوتر بواحدة.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (291). (2) سورة الأعلى الآية 1 (3) سورة الكافرون الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 187 س: الأخ: م. ف. ف، من السودان يسأل ويقول: هل في صلاة الشفع والوتر يجب أن نقرأ سورا معينة بعد سورة الفاتحة، أم أنه يجب ما تيسر من القرآن فقط؟ (1) ج: يشرع أن تقرأ ما تيسر، ولا يجب، الواجب الفاتحة فقط، أما ما زاد على الفاتحة فهو مستحب، تقرأ ما تيسر آيات أو سورا قصيرة أو طويلة، حسب ما تيسر لك في تهجدك في الليل، وفي النوافل في   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (165). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 187 النهار، ليس في هذا شيء متعين، بل المتعين الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1)، أما ما زاد عليها فهو مستحب، وليس بمتعين والحمد لله، سواء كان سورة تقرؤها، أو تقرأ بعض الآيات.   (1) سورة الفاتحة الآية 2 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 188 س: الأخ: أ. أ، من حريملاء، سوداني يقول: هل يصح قراءة (المعوذتين) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) في الوتر؟ وهل القراءة سرية أم جهرية؟ (2) ج: إذا أوتر بالثلاث مستحب: (سبح) و: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (3) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4)، يعني في ختام التهجد، إذا صلى الثلاث الأخيرة؛ الأولى بـ: (سبح)، والثانية بـ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (5)، والثالثة بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6)، هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة الجهر، لكن جهر لا يؤذي من حوله، إن كان حوله مصلون أو نيام أو قراء لا يؤذيهم جهرا خفيفا، أما إذا كان ما حوله أحد فلا بأس أن يجهر جهرا زائدا.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (423). (3) سورة الكافرون الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 (5) سورة الكافرون الآية 1 (6) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 188 61 - حكم صلاة الوتر لمن جمع المغرب والعشاء جمع تقديم س: عندما نصلي المغرب والعشاء جمعا هل نصلي الوتر مباشرة، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 188 أم لا؟ (1) ج: نعم، إذا صلى المسلمون العشاء مع المغرب جمعا للمطر أو الوحل، أو صلى المسلم العشاء مع المغرب للمرض أو للسفر فإنه يصلي بعدها الوتر، يصلي سنة المغرب، ثم يصلي سنة العشاء، ثم يصلي الوتر ويتهجد، وإن كان في البلد يصلي التراويح، إذا جمعوا لأجل مشقة المطر، أو الوحل والطين، إذا صلوا العشاء مع المغرب مقدما صلوا بعدها التراويح والحمد لله.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (382). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 189 س: السائل: ع. ع. يقول: كنت في سفر، وصليت المغرب والعشاء جمع تقديم، ثم صليت الوتر بعد ذلك، ولم يكن وقت صلاة العشاء قد حان، بين المغرب والعشاء، فهل صلاة الوتر في هذا الوقت صحيحة؟ (1) ج: نعم، إذا صلى المسافر أو المريض المغرب والعشاء جمع تقديم دخل وقت الوتر بعد صلاة العشاء، ولو كان وقت المغرب باقيا، ما دام صلى المغرب والعشاء جمع تقديم في السفر، أو في المرض فإنه يوتر   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (435). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 189 بعد ذلك ولو كان وقت المغرب باقيا. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 190 62 - حكم الإسرار والجهر في صلاة الوتر س: هل صلاة الوتر القراءة فيها سرية أم جهرية؟ (1) ج: جهرية، إلا إذا صلاها في النهار، إذا فاته الليل وصلى في النهار بدلا من صلاة الليل يسر؛ لأن صلاة النهار سرية إلا صلاة الفجر، فإنها جهرية وصلاة الجمعة جهرية، وصلاة الكسوف والاستسقاء جهرية، أما صلاة الوتر إذا قضاها فإنه يقضيها غير جهرية، كما يصلي صلاة الضحى غير جهرية، ومثلها راتبة الظهر غير جهرية، والسنة قبل العصر غير جهرية، لكن لا يصلي وترا، إذا فاته وتره من الليل، بل يصلي شفعا، هذه السنة مثل ما كان يصلي خمسا بالليل، وفاته بسبب النوم يصلي ستا في النهار بثلاث تسليمات، وإذا كان وتره سبعا صلى أربع تسليمات، والحكم واحد للرجال والنساء، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام عن وتره من الليل، أو شغله عنه مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (2)» وكان وتره في الغالب إحدى عشرة.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (226). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 190 س: هل يصلح أن يجهر بسورة الفاتحة وسورة بعدها في صلاة الوتر؟ (1) ج: السنة في صلاة الليل الجهر، في الوتر وغيره، ومن أسر فلا حرج، من جهر في الوتر وفي تهجده في الليل كان ذلك أفضل، كما يجهر في الأولى والثانية في العشاء، والأولى والثانية في المغرب، كل هذا مسنون مشروع، كان النبي يجهر عليه الصلاة والسلام وأصحابه يجهرون، فلا حرج في ذلك، لكن يكون جهرا لا يؤذي أحدا، إذا كان حوله مصلون أو حوله نيام لا يؤذيهم، بل يجهر جهرا لا يؤذي أحدا، وإذا كان سره أخشع لقلبه، وأقرب إلى تأثره بقراءته أسر، وإذا كان جهره أخشع لقلبه وأنفع له جهر، وبكل حال فالجهر مشروع والسر جائز، ولكن بشرط ألا يؤذي أحدا بالجهر.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (35). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 191 63 - حكم صلاة الوتر جماعة في غير رمضان س: مصري مقيم في حوطة بني تميم، يقول: ما حكم تأدية سنة الوتر بعد العشاء جماعة في غير رمضان؟ (1)   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (312) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 191 ج: لا حرج في ذلك، إذا أدى الجماعة صلاة الوتر في غير رمضان، لكن لا يتخذ ذلك عادة، إذا اتفقوا أو اجتمعوا في بيت أحد أو في أي مكان، وصلوا جماعة فلا بأس، أما اتخاذه عادة كل ليلة، يجتمعون لأداء الوتر هذا ليس بمشروع، إلا في رمضان، لكن إذا زار بعضهم بعضا، وصلوا في جماعة هذا حسن إن شاء الله، مثلما زار سلمان أبا الدرداء، وصلى معه جماعة في الليل رضي الله عنهما (1) ومثلما زار النبي صلى الله عليه وسلم جدة أنس، فصلى بأنس جماعة والمرأة خلفهم، كل هذا لا بأس به؛ لأنه ليس بمعتاد، أما عند الصدفة والزيارة يصلونها جماعة، لا بأس، أما اتخاذها عادة في كل شهر، أو في كل يوم، أو كل أسبوع فهذا غير مشروع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، برقم (1968) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 192 س: يقول: هل يجوز الوتر في جماعة؟ (1) ج: إذا تيسر لا بأس، لكن من غير ترتيب إذا تيسر، زارهم وصلوا جماعة وترا، أو زاروه لا بأس، قد زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء في بعض الليالي، وصلوا جماعة، وزار النبي صلى الله عليه وسلم أنس   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (384). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 192 ابن مالك وجدة أنس بن مالك رضي الله عنهم، وصلوا جماعة، فإذا كان عند الزيارات لا بأس، أو اجتمعوا ورأوا أن يصلوا ركعتين فلا بأس، أما اتخاذ هذا راتبا فهذا غير مشروع إلا في رمضان في التراويح. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 193 64 - حكم شهادة من لا يصلي الوتر س: يقول السائل: سمعت من إمام مسجد قريتنا أن من لم يصل الوتر لا تقبل له شهادة، هل هذا صحيح؟ (1) ج: ليس بصحيح؛ لأن الوتر ليس بواجب، بل سنة، يروى عن أحمد رحمه الله، أنه قال في هذا المعنى: إن من لم يواظب على الوتر لا تقبل له شهادة. لكن في هذه الرواية نظر، ولو صحت عن أحمد لا يجوز العمل بها؛ لأن أحمد عالم يقول مثل ما يقول غيره، ويخطئ ويصيب وليس رسولا، بل هو عالم من العلماء، وإذا قال هو أو غيره من العلماء: إن فلانا لا تقبل شهادته. ينظر، فإن كان قوله صوابا أخذ به، وإلا فلا، والوتر ليس بواجب، فإذا كان الرجل معروفا بالاستقامة وليس من الفساق، ولكنه لا يوتر فلا يكون فاسقا بذلك؛ لأن الوتر ليس بواجب، بل هو سنة على الصحيح، فشهادته مقبولة، إذا كان معروفا   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (255). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 193 بالعدالة والصدق فشهادته مقبولة، ولو كان يعرف بترك الوتر. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 194 65 – مسألة في الوتر س: السائل يقول: أفيدونا عن صلاة القنوت وعدد ركعاتها. ولعله يقصد الوتر. (1) ج: يقال عن صلاة الليل: صلاة الليل، صلاة التراويح. ما يقال: صلاة القنوت. القنوت دعاء يكون في الركعة الأخيرة يسمى قنوتا، الدعاء بعد الركوع في الركعة الأخيرة في الوتر يسمى قنوتا، ولا يقال له: صلاة القنوت. يقال: صلاة الليل، صلاة التراويح. المقصود صلاة الليل ليس لها حد محدود، إن أوتر بواحدة أو بثلاث أو بخمس أو بأكثر، لكن السنة أنه يسلم من كل ثنتين ثم يختم بواحدة، يوتر بواحدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (3)»   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (351). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 194 س: تقول السائلة: ما كيفية قضاء الوتر في النهار إذا نام عنه صاحبه؟ لأنه بلغنا أن بعض العلماء يقول بقضاء الوتر. (1)   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (255). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 194 ج: السنة أن يقضى الوتر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله مرض أو نوم عن وتره من الليل صلى من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن وتره مرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (1)» وكان وتره في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا شغله عنه شاغل صلى ثنتي عشرة، زاد واحدة، هذا هو السنة، أنه يقضي من النهار، ولكن شفعا لا وترا، يزيده ركعة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت عادته في الليل ثلاث ركعات تسليمة واحدة صلى من النهار أربع ركعات تسليمتين، وإذا كانت عادته خمس ركعات صلى من النهار ست ركعات ثلاث تسليمات، وإذا كانت عادته سبع ركعات من الليل صلى من النهار ثماني ركعات أربع تسليمات، وهكذا، وإذا كانت عادته إحدى عشرة ركعة، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم من النهار ثنتي عشرة ركعة ست تسليمات، وإذا كانت عادته ثلاث عشرة صلى من النهار سبع تسليمات أربع عشرة، هذا هو الأفضل، وهو سنة نافلة ليس بواجب.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 195 س: نويت أن أستيقظ في منتصف الليل لأصلي الوتر، وعندما الجزء: 10 ¦ الصفحة: 195 استيقظت مبكرا صليت قبل أن أصلي الوتر، لكن أخذني الوقت قبل أن أصلي الوتر فأذن الفجر، فهل أصلي الوتر بعد دخول صلاة الفجر، أو أصلي الفجر وأترك الوتر لما بعد الصلاة؟ (1) ج: إذا أذن الفجر ولم يوتر الإنسان أخره إلى الضحى، إلى الضحى بعد ارتفاع الشمس، ثم يصلي ما تيسر، يصلي ثنتين وثنتين، فإذا كانت عادته ثلاثا ولم يصلها صلاها الضحى أربعا تسليمتين، وإذا كانت عادته خمسا فلم يتيسر له فعلها في الليل صلاها ستا في ثلاث تسليمات، هكذا كان عليه الصلاة والسلام في الغالب؛ يوتر بإحدى عشرة، فإذا شغله المرض أو نوم صلاها من النهار ثنتي عشرة ركعة، هكذا قالت عائشة رضي الله عنها، يعني صلاها ثنتي عشرة ركعة، يعني ست تسليمات، يسلم في كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع للأمة اقتداء به عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (158). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 196 س: من فاته أن يصلي الوتر فهل يقضيه؟ ومتى يكون القضاء؟ وهل يقنت في القضاء؟ (1)   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (257). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 196 ج: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن الوتر مرض أو نوم - كما قالت عائشة رضي الله عنها - صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة شفعا (1)» وليس فيه قنوت، فإذا نام عن الوتر، أو شغله شاغل سن له أن يقضي من النهار الضحى، هذا أفضل، وإن قضاه بعد الظهر فلا بأس، يصلي ركعتين ركعتين، ولا يوتر بل يشفع، فإذا كانت عادته خمسا صلى ست ركعات ثلاث تسليمات، وإذا كانت عادته سبعا صلى ثماني ركعات أربع تسليمات، وإذا كانت عادته إحدى عشرة ركعة، فعل النبي صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة ركعة كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الغالب من وتره إحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك بتسع وسبع - صلى الله عليه وسلم - وخمس وثلاث، لكن الأكثر والأغلب كان يوتر بإحدى عشرة، ويسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأغلب من فعله صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان إذا فاته من الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ست تسليمات، هذا هو الأفضل، وليس هناك قنوت، القنوت في الليل في الوتر، في الواحدة الأخيرة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 197 س: إذا أدركني وقت صلاة الفجر ولم أوتر بعد فمتى أصلي الوتر؟ (1) ج: إذا أدرك المؤمن وقت الفجر ولم يوتر فإنه يصلي من النهار، فإذا صلى الضحى كان أحسن، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل لمرض أو نوم صلى من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: «صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (2)»؛ لأن ورده في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا كان لم يفعل ذلك في الليل لمرض، أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، يعني جبره بواحدة، يعني زاد واحدة وصلى شفعا، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وإذا كانت عادة الإنسان خمسا صلى ستا في النهار، في الضحى أو بعد الظهر، لكن إذا صلاه في الضحى قبل الظهر يكون أولى وأفضل؛ لحديث عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نام عن حزبه أو شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل (3)» فإذا كان هذا حزبا من القرآن فإن حزبه من الصلاة، وعدده   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (241). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (747). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 198 من الصلاة، إذا صلاها يكون قبل الظهر أفضل قياسا على حزبه من القرآن، وإن صلى ذلك بعد الظهر أدرك ذلك إن شاء الله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 199 س: يسأل ويقول: إنسان تعود على أن يصلي الوتر في آخر الليل، ولكن في بعض الأيام لا يستيقظ إلا أذان الفجر، فهل يصليها بعد الأذان أو متى؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: يصليها في النهار والحمد لله، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله مرض أو نوم صلى من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان صلى الله عليه وسلم إذا شغله مرض، أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (2)» وكان وتره صلى الله عليه وسلم في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا نام ولم يستيقظ، أو شغله مرض صلى من النهار ست تسليمات، ثنتي عشرة ركعة، والأفضل يكون في الضحى، هذا هو الأفضل، وإن صلاها بعد الظهر فلا بأس، وليس بواجب، هذا سنة مستحب.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (235). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 199 س: تقول السائلة: ما الحكم إذا تركت المرأة صلاة الوتر مع العشاء، على أمل أن تصليها عند قيام الليل، ولكنها أحيانا لا تقوم؟ فهل الجزء: 10 ¦ الصفحة: 199 يصح أن تصليها مع صلاة الفجر؟ علما بأنها تقدم الوتر، ثم السنة، ثم الفريضة للفجر؟ فهل هذا العمل صحيح؟ (1) ج: إذا فاتها قيام الليل وطلع الفجر تصلي من النهار بعد طلوع الشمس، تصلي الضحى ما فاتها من الورد من الليل، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل لنوم، أو لمرض صلاه من النهار (2)» فالمرأة والرجل إذا ناما عن وردهما من الليل شرع لهما أن يصلياه من النهار قبل الظهر أفضل، وفي الحديث الصحيح: «من نام عن حزبه بالليل، ثم قضاه قبل الظهر فكأنما قرأه من الليل (3)» كما في حديث عمر رضي الله عنه، وهكذا إذا كان له ورد بالليل ثلاث ركعات، خمس ركعات، إحدى عشرة ركعة، ثم نام عنها أو مرض يصليها من النهار، وإذا تيسر أن يكون ذلك قبل الظهر كان أفضل وأكمل.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (403). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (747). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 200 66 - حكم من نسي الوتر وتذكره في اليوم الثاني س: إذا نسيت أن أصلي صلاة الوتر، وتذكرتها اليوم الثاني فهل الجزء: 10 ¦ الصفحة: 200 أصليها، أم يجوز تركها؟ (1) ج: سنة فات محلها، إن ذكرتها في الضحى، صلها الضحى، أو بعد الظهر، وإن مضى اليوم فهي سنة فات محلها، ولا قضاء؛ لأنه بعد ذهاب اليوم الذي بعد ليلته.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (167). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 201 67 - حكم من نام عن الوتر ولم يستيقظ إلا بعد أذان الصبح س: إذا قمت في يوم متأخرا بعد أذان الصبح، وأنا لم أصل الوتر هل أصلي السنة أم الوتر؟ (1) ج: الوتر فات، تصلي من النهار ما يسر الله لك، فإذا كنت توتر بثلاث تصلي في النهار بتسليمتين، وإذا كانت عدد خمس ركعات تصلي في النهار ثلاث تسليمات ست ركعات، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته وتره من الليل لمرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة كما روي عن عائشة رضي الله عنها، وكان وتره في الغالب إحدى عشرة، فإذا فاته ذلك الوتر؛ إما لمرض أو نوم صلى من النهار   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (328). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 201 ثنتي عشرة ركعة، أي زاد ركعة، ست تسليمات، هكذا السنة، إذا فاته ورده من الليل يصليه في النهار والحمد لله، وإذا قمت بعد طلوع الفجر، صل سنة الفجر، ثم الفجر والحمد لله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 202 68 - حكم من نسي الوتر ولم يتذكر إلا بعد صلاة الظهر س: هذه رسالة وصلت للبرنامج من مستمع يقول: من نام عن صلاة الوتر، ولم يذكر ذلك إلا بعد صلاة الظهر كيف يقضيها؟ (1) ج: يقضيها شفعا، «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورد من الليل لمرض أو نوم قضاه من النهار شفعا (2)» كما قالت عائشة رضي الله عنها، يعني إذا كانت عادته من الليل ثلاثا يصلي من النهار أربعا تسليمتين، وإذا كانت عادته في الليل يوتر بخمس صلى من النهار ستا، يسلم من كل ثنتين، وإذا كان عادته إحدى عشر - كالنبي صلى الله عليه وسلم - صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة ست تسليمات، كما كان النبي يفعله عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وإذا لم يتيسر الضحى وصلاه بعد الظهر فلا بأس، لكن الأفضل يكون قبل الظهر.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (391). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 202 69 - الترغيب في المواظبة على الأعمال الصالحة س: أقوم أشهرا طويلة بالمواظبة على صلاة الوتر، وأصلي بالليل، ولا أترك سماع القرآن وقراءته والاستماع إلى الأشرطة الدينية، وتأتيني فترات أترك ذلك كله، أو لا أداوم عليه، وأتراخى قليلا في ديني وذلك بعد الولادة وانقطاعي عن الصلاة وقراءة القرآن فترة النفاس، ثم أصحو من غفلتي وأعود للمواظبة، فماذا أفعل حتى لا أترك المواظبة على ديني؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: هذا لا حرج فيه، لأنها نوافل، هذه لا حرج فيها، لكن نوصيك بالجد والمواظبة وسؤال الله العون والتوفيق في جميع الأحوال؛ حتى لا يكون لك فترة، جاهدي وإلا فالإنسان محل النقص، ولكل شرة فترة، لكن الإنسان يجاهد، المؤمن يجاهد نفسه، والمؤمنة كذلك في لزوم الأعمال الصالحة والاجتهاد في أعمال الخير، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل (2)» فالمداومة على فعل الخير من الوتر في الليل، والإكثار من قراءة القرآن والنوافل والتسبيح   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (364). (2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 203 والتهليل والتحميد، كل هذا مطلوب، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة العناية بهذا الأمر والاستمرار فيه، والإكثار منه، وإذا عرض بعض الفترات بعض النقص فلا حرج في ذلك؛ لأنها كلها نوافل، والحمد لله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 204 70 - بيان معنى القنوت س: تقول السائلة: ما هو القنوت؟ أي: ما معنى القنوت؟ (1) ج: القنوت له معان منها مواد الطاعة والخشوع، ومنها السكوت، لكن ورد في الوتر أن يأتي بدعوات بعد الوتر، علمها النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما إذا رفع من الركوع في الركعة الأخيرة التي يوتر بها، يقول بعد الركوع وبعد الذكر المشهور: ربنا ولك الحمد، إلى آخره. يقول: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت (2)» «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (35). (2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 204 من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (1)» هذا المشروع في قنوت الوتر سواء أوتر في أول الليل أو أوسطه أو آخره، وهذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: «أعلمك كلمات تقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت (2)» هذا نهاية خبر الحسن. وزاد في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في وتره: «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (3)» وإن زاد دعوات أخرى غير طويلة فلا بأس.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (486). (2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (486). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 205 71 - حكم القنوت في الوتر س: السائل: س. أ. يقول: ما حكم القنوت في صلاة الوتر، وهل الجزء: 10 ¦ الصفحة: 205 يجب علي شيء إذا تركته؟ (1) ج: مستحب وليس بواجب، من تركه فلا بأس، ومن فعله فهو مستحب.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (387). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 206 س: ما حكم قراءة دعاء القنوت في كل ليلة بعد الوتر؟ (1) ج: لا حرج في ذلك، دعاء القنوت سنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت، وقد علم الحسن القنوت وكلمات القنوت في الوتر، فهو سنة، فإذا قنت في ليلة فلا بأس، وإن تركت في بعض الأحيان حتى يعلم الناس أنه ليس بواجب فهذا لا بأس به، إذا ترك الإمام القنوت بعض الأحيان ليعلم الجماعة أنه ليس بواجب هذا لا بأس به، وإذا استمر فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الحسن القنوت ما قال له: عه في بعض الأحيان؛ فدل ذلك على أنه إذا استمر فيه المسلم فلا حرج.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (29). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 206 س: هل من لوازم صلاة الوتر القنوت؟ وهل ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى الوتر بدون قنوت؟ (1)   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (19). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 206 ج: ليس من اللوازم القنوت، القنوت في الوتر مستحب، فالوتر مستحب والقنوت مستحب، وقد علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، فهو مستحب وليس بفرض، ولا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم داوم على القنوت، كما لا نعلم أنه تركه تارة وفعله تارة، لكن فعله الصحابة تارة وتركوه تارة، أبي بن كعب رضي الله عنه لما أم الناس في عهد عمر كان يتركه تارة ويفعله تارة، فلا حرج في تركه لأنه نافلة، إذا تركه بعض الأحيان فلا بأس. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 207 72 - حكم الزيادة على دعاء القنوت في رمضان س: هل دعاء القنوت في رمضان محدد بدعاء معين أم تجوز الزيادة فيه؟ وما هو الأفضل في دعاء القنوت وخصوصا في رمضان؟ (1) ج: دعاء القنوت على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الحسن رضي الله عنه: «اللهم اهدني فيمن هديت (2)» ويدخل فيه من الدعوات الطيبة ما يناسب كما كان عمر رضي الله عنه وأرضاه يقنت   (1) السؤال السادس والخمسون من الشريط رقم (430). (2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 207 ويقول: «اللهم إنا نستعينك ونستهديك (1)» وكما كان يقنت في النوازل إذا دعا بدعوات مع: اللهم اهدنا فيمن هديت. كله حسن إن شاء الله، كما جرى للسلف رضي الله عنهم.   (1) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، باب القنوت، حديث رقم (4978) (3/ 114). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 208 س: تقول السائلة: ش. ع، من جدة: ما حكم دعاء القنوت في الوتر، هل هو واجب يوميا؟ (1) ج: مستحب وليس بواجب، دعاء القنوت في النوازل وفي الوتر مستحب فقط، وإذا تركه بعض الأحيان فحسن.   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 208 73 - بيان محل القنوت س: هل دعاء القنوت بعد الركعة الأخيرة أم قبلها؟ (1) ج: السنة في الركعة الأخيرة بعد الركوع   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (217). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 208 74 - بيان الحالات التي يشرع فيها القنوت، وحكم الزيادة فيه س: ما هي الحالات التي يجوز فيها دعاء القنوت وما صيغته؟ وهل الجزء: 10 ¦ الصفحة: 208 تجوز الزيادة عليه؟ (1) ج: دعاء القنوت يشرع في الوتر كل ليلة، لقد جاء في حديث الحسن بن علي رضي الله عنه بيانه وهو: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني برحمتك شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت (2)» وفي حديث آخر لعلي رضي الله عنه زيادة: «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (3)» وإذا دعا بزيادة فلا بأس، إذا دعا بدعوات طيبة بزيادة كله طيب، هذا قنوت الوتر، يسمى قنوت الوتر في الركعة الأخيرة الواحدة التي يوتر بها بعدما يرفع من الركوع، يرفع يديه ويقنت هذا القنوت، ويدعو بما يسر الله له من الدعاء، ويسمى قنوتا أيضا في النوازل كلها إذا نزل بالمسلمين نازلة، تعدى عليهم العدو، أو حصل عليهم شدائد فيدعون الله بتفريجها وإزالتها في الصلوات؛ الظهر   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (332). (2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (486). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 209 والعصر والمغرب والعشاء والفجر، أو في بعضها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب إذا نزل به أمر قنت في الفجر، وربما قنت في الفجر والمغرب جميعا، وربما قنت في الصلوات الخمس كلها، وكان يقنت في المدينة، يدعو على كفار قريش لما أخرجوه وآذوه، ويدعو للمستضعفين من المسلمين في مكة أن الله يخلصهم من شر عدوهم وينجيهم، ولما تعدى بعض الأعراب على جماعة من أصحابه قنت يدعو عليهم شهرا عليه الصلاة والسلام. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 210 75 - بيان الدليل على مشروعية القنوت في الوتر س: هل للقنوت في الوتر على الطريقة المعروفة أصل؟ وما هو الدليل؟ (1) ج: نعم القنوت سنة في الوتر من الليل، وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه، وتعليم النبي صلى الله عليه وسلم لشخص من الصحابة تعليم للأمة كلها - عليه الصلاة والسلام - فالقنوت سنة فينبغي للمؤمن إذا صلى الركعة الأخيرة الواحدة إذا رفع رأسه من الركوع أن يرفع يديه ويقنت، يدعو: اللهم اهدني فيمن هديت   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (165). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 210 وما يتيسر معه من الدعاء، ثم يسجد، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وكما فعله الصحابة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 211 س: سائل يقول: هل دعاء القنوت في الوتر واجب؟ (1) ج: دعاء القنوت مستحب ليس بواجب، فلو أوتر ولم يقنت فلا بأس، لكن كونه يقنت مستحب.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (28). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 211 76 - بيان حكم الإيتار بثلاث ركعات س: أعرض عليكم عملي هذا، وأرجو أن توجهوني، إنني أصلي العشاء، ثم أصلي بعده ركعتين، ثم أصلي ركعتين بتسليمة واحدة، ثم أصلي ركعة وأرفع يدي وأدعو بصوت مرتفع قليلا، هل ما أفعله صحيح؟ (1) ج: نعم، كله صحيح وطيب، لكن الصوت مثل ما تقدم إذا كان ما عندها رجا أجنبي فلا بأس، ارفعي الصوت بقدر ما ينشرح صدرك له ويحصل به النشاط وحركة القلب والخشوع، أما إذا كان عندك أجانب فخفضه أفضل.   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (227). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 211 77 - بيان حكم الاستمرار على القنوت في الوتر كل ليلة س: سمعت أن القنوت ليس ضروريا أداؤه باستمرار في صلاة الوتر إلا أنني أرتاح في أدائه؟ فهل يجوز ذلك أم لا؟ (1) ج: القنوت ليس بواجب، بل هو مستحب، فإذا تركه المؤمن أو المؤمنة بعض الأحيان فلا بأس، ولكن استعماله دائما أولى وأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم ابن بنته الحسن بن علي رضي الله عنهما ذلك، علمه أن يقول في الوتر ولم يقل له: في بعض الأحيان، بل علمه ما يدل على أنه يلزمه ويفعله في جميع الأوقات، وأن يقول: «اللهم اهدني فيمن هديت (2)» إلى آخره. يكون الإنسان يأتي بالقنوت في الوتر في السنة كلها، هذا طيب على أصح أقوال العلماء، ولا بأس، وإن ترك بعض الأحيان فلا حرج، المقصود أنه سنة ليس بواجب، والمحافظة عليه دائما أفضل وأولى في ظاهر حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما، والصحابة يفعلونه تارة ويتركونه تارة رضي الله عنهم، فالأمر واسع بحمد الله، لكن المحافظة عليه في ظاهر الحديث الصحيح أولى وأفضل.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (265). (2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 212 78 - بيان محل القنوت وحكم من تركه س: أنا عندما أصلي الشفع وأوتر في بعض الأحيان لا أدعو بعد الركوع من الوتر، فقط أسجد ثم أسلم، هل صلاتي صحيحة أم أن هناك غير ذلك؟ وهل يجوز لي أن أدعو بعد التشهد من الوتر بدلا من كوني أدعو بعد الركوع؟ أفتوني جزاكم الله خيرا (1) ج: القنوت مستحب في الوتر وليس بواجب، لكن يستحب لمن حفظه أن يقنت في الوتر بعد الركوع في الركعة الأخيرة الواحدة التي يوتر بها في أول الليل أو في آخره، يقنت بقوله: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت ... (2)» إلخ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علمه ابن بنته الحسن رضي الله عنه، وتعليم النبي للواحد تعليم للجميع، فإذا تيسر ذلك فهو أفضل وإلا فلا حرج والحمد لله، هذا كله ليس بواجب، وإذا دعا الإنسان بعد التشهد قبل أن يسلم فهذا مستحب، الدعاء في آخر التحيات قبل أن يسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم علم الصحابة لما علمهم التشهد قال صلى الله عليه وسلم: «ثم يتخير من   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (303). (2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 213 الدعاء أعجبه إليه فيدعو (1)» وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (2)» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته في آخر التحيات قبل أن يسلم بعد التشهد وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ويستحب أنه يقرأ التحيات ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال ثم يدعو بما يسره الله من الدعوات الطيبة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (3)» «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (4)» هذا دعاء عظيم، كذلك الدعاء مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). (3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522) والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 214 فتنة الدنيا ومن عذاب القبر (1)» كل هذا قبل السلام، مستحب قبل أن يسلم، يجتهد في الدعاء، ومن أفضل ذلك ما تقدم: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. للرجل والمرأة: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بالله من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر. ومن الدعاء أيضا في آخر الصلاة قبل السلام: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. كل هذا حسن، دعوات في آخر الصلاة قبل السلام، وأما القنوت فهو مستحب في الوتر في الركعة الأخيرة بعد الركوع، وإن ترك ذلك فلا حرج عليه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من فتنة الدنيا، برقم (6390). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 215 79 - بيان معنى الاعتداء في الدعاء س: يقول السائل: سماحة الشيخ حفظكم الله، ما معنى الاعتداء في الجزء: 10 ¦ الصفحة: 215 الدعاء وما أمثلته (1)؟ ج: الاعتداء أن يدعو بدعاء غير جائز، ومنه رفع الصوت الذي ليس بمشروع في غير القنوت، كونه يدعو بينه وبين نفسه هذا هو الأفضل، أما القنوت الذي يرفع صوته لأن وراءه المأمومين يسمعون، أما إذا كان وحده فالسنة خفض الصوت بالدعاء، والدعاء بالدعوات الطيبة، أما أن يدعو دعاء ما يجوز هذا من الاعتداء، مثل أن يقول: اللهم افعل بفلان، اللهم اقتل فلانا، اللهم أفقره، اللهم سلط عليه - بغير حق - هذا من الاعتداء.   (1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 216 80 - مسألة في سنية القنوت في الوتر والنوازل س: الأخ: ح. م. ع. د، من اليمن الشمالي، يسأل عن القنوت يقول: إن البعض يقنت لدينا في اليمن الشمالي، والبعض الآخر يقول: إنه بدعة، ما هو القول الراجح في هذا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: القنوت السنة أن يكون في الوتر، وهكذا في النوازل إذا نزل بالمسلمين نازلة، مثل نزول الكفار على إخواننا المسلمين هذا يقنت لهم بالدعاء أن الله يعينهم، وأن الله يمنحهم التوفيق، وأن الله يسدد   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (124). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 216 سهامهم، وأنه ينصرهم على عدوهم، يدعى على الأعداء بأن الله يهزم جمعهم، ويشتت شملهم، هذا يقال له قنوت النوازل، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على قريش لما صدته عن البيت، ودعا على قبائل من الكفار قتلوا بعض المسلمين، هذا لا بأس به، أما قنوت الداعي في الصبح هذا الذي ينبغي تركه؛ لأن الأصل عدم شرعيته، وإنما القنوت في صلاة الوتر أو في النوازل، هذا هو المعروف، والحجة في ذلك ما ثبت عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي رحمه الله أنه قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني محدث (1)» أخرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح. فأخبر طارق أنه محدث والمحدث بدعة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا بأس في ذلك، واحتجوا بآثار وردت في ذلك أن النبي   (1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 217 صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح، ولكنها آثار ضعيفة، ولو صحت لكانت محمولة على القنوت في النوازل لا دائما، وهذا هو الأرجح، لكن لو صليت مع إنسان يقنت فلا بأس لأنه متأول، واتبع جماعة من الأئمة رأوا ذلك، فإذا صليت معه فلا حرج في أن تقنت معه؛ لأنه له شبهة، ولأن له قولا من أقوال العلماء قد اتبعه وأخذ به فله شبهة، إذا قنت وصليت معه فلا حرج، ولكن ينصح هذا الإمام أنه لا يقنت إلا في النوازل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 218 81 - حكم التأمين على دعاء القنوت المسجل أثناء صلاة الوتر س: إذا قمت الليل ووصلت إلى الوتر، هل يجوز أن أستمع إلى القنوت المسجل على أحد الأشرطة لأحد الأئمة، وأؤمن عليه وأنا في أثناء تأدية الوتر؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة لك أن تقنت أنت، لا تسمع الشريط، تقنت أنت إذا يسر الله بما تيسر من الدعوات ولو قليلة، يكفي والحمد لله، والقنوت ليس بلازم، لو أوترت من دون قنوت لا بأس وإن قنت بكلمات قليلة: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (344). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 218 لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت. كفى، وإن زدت: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. أو زدت غير ذلك فلا بأس مما يقنت به إخوانك المسلمون، المقصود إذا دعوت بدعوات طيبة في القنوت مختصرة كفى، أما أن يعتمد الإنسان على شريط مسجل يستمع إليه فلا ينبغي هذا. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 219 82 - حكم مسح الوجه بعد دعاء القنوت س: هل من السنة الدعاء بعد الصلاة والمسح على الوجه؟ لأنني أرى بعض الناس يفعلون ذلك، وما حكم هذا العمل بعد القنوت؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: ورد في مسح الوجه أحاديث فيها ضعف حسنها جماعة من أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر، قال: إن طرقها يشد بعضها بعضا، وإنها حسنة. فإن مسح فلا بأس، أما الأحاديث الصحيحة فليس فيها مسح، وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة واستسقى ولم يمسح، وكذلك استسقى في صلاة الاستسقاء ولم يمسح، ولم ينقل أنه مسح   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (344). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 219 عليه الصلاة والسلام، وإن ترك فهو أفضل، وإن مسح فلا حرج إن شاء الله؛ لأن الأحاديث مجموعها حسن كما قال الحافظ ابن حجر. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 220 83 - حكم قول: " اللهم إنا نسألك بعزك الذي لا يرام ... " في القنوت س: السائل: ع. ع، يقول في سؤاله: كثيرا ما يردد في أدعية أئمة المساجد قولهم في دعاء القنوت: اللهم إنا نسألك بعزك الذي لا يرام، وبركنك الذي لا يضام، وبنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات. فهل هذا الدعاء جائز بهذه الصيغة (1)؟ ج: لا بأس؛ فإن ركنه لا يضام، وعزه لا يرام، كل الناس عزهم دون عزه سبحانه وتعالى، كلهم ضعفاء لديه، وهو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، ونور وجهه أشرقت له الظلمات، له نور السماوات والأرض، سبحانه وتعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (2) هو الذي نورهما، وأقام الشمس وأقام القمر نورا للعباد، وكل شيء من عنده جل وعلا، فهو منورهما، وهو مسخر الشمس والقمر ومسخر النجوم، هو الذي أعطانا مادة النور سبحانه وتعالى السراج الذي ننور به المادة التي   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (389). (2) سورة النور الآية 35 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 220 تجعل في السراج حتى ينور، كل هذا من فضله سبحانه وتعالى، فهو الذي نور العباد، ويسر لهم الأرزاق، وهو الذي بيده تصريف الأمور جل وعلا، فلا يضام عزه ولا ملكه سبحانه وتعالى، وهو القاهر فوق عباده، وكلهم تحت قهره، وكلهم تحت قدرته، وكلهم تحت عزه سبحانه وتعالى، وكلهم في قبضته. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 221 84 - بيان معنى عبارة " ولا تجعل مصيبتنا في ديننا " س: في دعاء القنوت يقول مثلا الإمام: ولا تجعل مصيبتنا في ديننا. كيف تكون المصيبة في الدين (1)؟ ج: إذا نزل بالمسلمين ما يضرهم صارت مصيبة في الدين إذا نزل به ما يضره في دينه، لتسليط الأعداء عليه، أو ابتلائه بالمعاصي والشرور، أو بالردة عن الإسلام - نسأل الله العافية - هذه المصيبة في الدين، إما أن يبتلى بولاة سوء، أو بكفرة يصدونه عن دينه، أو بهوى وشهوة تصده عن دينه، أو بجلساء سوء يصدونه عن دينه، نسأل الله العافية.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (379). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 221 85 - حكم رفع اليدين في دعاء القنوت س: في أدائي لصلاة الوتر فإنني عند دعاء القنوت أرفع يدي، فهل هذا الرفع يجوز أم لا (1)؟ ج: نعم، مستحب رفع اليدين في القنوت، مستحب فلا بأس به في حق الرجل والمرأة جميعا.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (265). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 222 86 - حكم من نسي القنوت في الوتر س: يقول السائل: في بعض الأحيان أنسى قراءة دعاء القنوت في صلاة الوتر، فهل أكمل الصلاة أم أصليها مرة أخرى (1)؟ ج: ليس بلازم، دعاء القنوت مستحب، لو رفع رأسه من الركعة الأخيرة الوتر ثم سجد ولم يقنت فلا بأس، القنوت مستحب فقط، ليس بلازم، ولو فعله بعض الأحيان وتركه بعض الأحيان فلا بأس، القنوت مستحب وليس بواجب.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (416). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 222 س: ما حكم من نسي القنوت في صلاة الوتر، وسجد قبل أن يدعو به، وهل يجبره سجوده السهو (1)؟ ج: ليس عليه شيء، من نسي قنوت الوتر فلا شيء عليه، ولا يلزمه سجود السهو، وإن سجد فلا بأس، ولكن لا يلزمه؛ لأن قنوت الوتر مستحب وليس بواجب، وإذا تركه بعض الأحيان عمدا فلا بأس كما فعله الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالأمر في هذا واسع والحمد لله.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (72). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 223 87 - بيان مشروعية القنوت في الصلوات الخمس عند النوازل س: هل القنوت بسبب النوازل يجوز في الظهر والعصر، وهل يكون جهرا (1)؟ ج: نعم، القنوت في النوازل يجوز في جميع الأوقات الخمسة، قد قنت الرسول صلى الله عليه وسلم في الأوقات الخمسة في النوازل، والغالب أنه يقنت في الفجر والمغرب عليه الصلاة والسلام، فإذا قنت في الفجر كفى، أو في الفجر والمغرب كفى، وإن قنت في الجميع فلا بأس، والنوازل هي ما يصيب المسلمين من الحروب التي تضرهم، فقد   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (329). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 223 قنت النبي صلى الله عليه وسلم على أحياء من العرب تعدوا على المسلمين، قنت عليهم شهرا يدعو عليهم ثم ترك، وقد كان يقنت قبل الفتح يدعو على أشخاص من أهل مكة، ويدعو للمستضعفين في مكة عليه الصلاة والسلام، فالقنوت في النوازل مشروع في جميع الأوقات، ولكن إذا خص من ذلك المغرب والفجر فهذا هو الغالب من فعله عليه الصلاة والسلام. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 224 88 - بيان حكم دعاء القنوت في صلاة الصبح والوتر س: إن أناسا يدعون بدعاء القنوت في الركعة الثانية من الصبح، وأناس آخرون يدعون في الركعة الثالثة من الوتر؛ لأنهم يصلون الوتر ثلاثا، ولكنهم يقولونه بعد الرفع من الركوع، فمن هم الذين على الطريق الصحيح؟ نرجو إفادتنا (1) ج: الوتر مشروع، ويشرع فيه القنوت، ومحله ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر - يعني جميع الليل من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر - هذا محل الوتر، فإذا صلى واحدة ورفع من الركوع شرع له أن   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (105). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 224 يدعو بقنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت ... إلخ. وإن صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك فإنه يصلي الركعة الأخيرة وحدها ويسلم في كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» فإذا خشي طلوع الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى، فيصلي ركعتين ركعتين ويسلم، ثم إذا أراد النهاية صلى واحدة قبل الصبح يقرأ فيها الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) ويقرأ معها: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) هذا هو الأفضل، وإن قرأ بعد الفاتحة غير: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) فلا بأس، لكن الأفضل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) ثم يركع، ثم يرفع بعد ذلك فيقول: سمع الله لمن حمده إذا كان إماما أو منفردا، ربنا ولك الحمد، ثم يقنت: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني ... إلخ. وإن كان إمام جماعة قال: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا ... إلخ. أما الفجر فلا يشرع فيها القنوت إلا لعلة، لنازل من النوازل في الفجر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت فيها وفي غيرها من الفرائض   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) سورة الفاتحة الآية 2 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 (5) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 225 في النوازل إذا وقع عدوان من بعض الناس على المسلمين، أو حصروا بلاد المسلمين، كان النبي يقنت في الفرائض يدعو عليهم، والغالب أنه يقنت في الفجر في الركعة الأخيرة بعدما يرفع رأسه من الركوع، يقنت ويدعو على العدو، وقد فعل هذا كثيرا عليه الصلاة والسلام، وربما استمر شهرا، وربما استمر أربعين يوما، وربما كان ذلك أقل، ثم يمسك ولا يستمر، فإذا دعا الإنسان أو المسلمون في صلاة الفجر أو غيرها في الركعة الأخيرة بعد الركوع، إذا دعوا للمسلمين مثل المجاهدين دعوا لهم بالنصر وعلى عدوهم بالهزيمة فلا بأس، لكن لا يستمر تارة وتارة حتى يحصل النصر، أما ما يفعله بعض الناس من الاستمرار في القنوت في الفجر دائما دائما ولو من دون نزول نازلة فهذا مكروه ولا ينبغي، بل هو بدعة على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله بصفة مستمرة، وإنما كان يفعله للأسباب التي ذكرنا، وهي وجود نازلة تنزل بالمسلمين تضرهم، ويدل على هذا المعنى ما ثبت في الحديث الصحيح في رواية سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي رحمه الله عن أبيه رضي الله عنه أنه قال لأبيه طارق: «يا أبت، صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي رضي الله عنه. قال: أكانوا يقنتون الجزء: 10 ¦ الصفحة: 226 الفجر؟ فقال له أبوه: أي بني، محدث (1)» أي بني: يعني يا بني، محدث: يعني القنوت محدث في الفجر، يعني من غير النوازل، قد رواه أحمد رحمه الله في مسنده والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بإسناد صحيح عن سعد بن طارق الأشجعي. فهذا الحديث الصحيح حجة ظاهرة على عدم شرعية القنوت في الفجر بصفة مستمرة، وإنما يشرع في الفجر وغيرها إذا وجد أمر نازل بالمسلمين فلا بأس أن يدعى، بل يشرع أن يدعى بين وقت وآخر، هذا هو المشروع، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستحب في صلاة الفجر مطلقا، وهو قول له شبهة في قنوت النبي صلى الله عليه وسلم في النوازل فظنوا أنه يستحب دائما، وتعلقوا بأحاديث ضعيفة جاءت فيه، أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا، ولكنها أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فظنها من ظن أنها صحيحة فعمل بها فينبغي ترك ذلك؛ لأن حديث سعد بن طارق عن أبيه صحيح صريح في ذلك، فينبغي للأمة في مثل هذا ألا يفعلوه إلا بصفة خاصة في النوازل.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 227 89 - حكم المداومة على القنوت في الوتر س: يقول هذا السائل في سؤاله: ما هو حكم دعاء القنوت، وهل يجب أن يواظب عليه في صلاة الوتر أم لا، وكذلك حكمه في صلاة الفجر (1)؟ ج: القنوت مستحب في صلاة الوتر وليس بواجب، قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للحسن بن علي أن يقنت في وتره، بقوله: «اللهم اهدنا فيمن هديت (2)» إلى آخره. فالقنوت مستحب وليس بواجب، فلو أوتر ولم يقنت فلا شيء عليه، أما قنوت الفجر فلا يستحب وليس بمشروع إلا إذا كان للنوازل؛ لما ثبت عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (3)» لكن ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قنت في النوازل في الفجر وفي غيرها، إذا نزل   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (397). (2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). (3) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 228 بالمسلم نازلة عدو قنت يدعو على العدو بعد الركوع في الركعة الأخيرة في الفجر وغيرها، يدعو على المشركين إذا آذوا المسلمين، قتلوهم أو قاتلوهم، فقد دعا على جماعة كثيرة من أهل الشرك، وقنت على قوم شهرا يدعو عليهم، فالقنوت في النوازل أمر مشروع ضد الكفار المعتدين، أما أن يقنت الفجر من دون حاجة ومن دون وجود نوازل لا، فلا يشرع هذا، هذا هو الصحيح، والنوازل هي ما ينزل بالمسلمين من العدو، لعدو حاصر بلد المسلمين، أو يقاتلهم، هذا يدعى عليهم في الصلوات بعد الركعة الأخيرة بعد الركوع، يدعو عليه ولي الأمر، يأمر عليهم أن يدعو عليه في المساجد والمأمومون يؤمنون: اللهم اقتلهم، اللهم اكفنا شرهم، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك. بالدعوات التي مضمونها الدعاء بالنصر للمسلمين والهزيمة للكافرين. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 229 90 - حكم القنوت في صلاة الفجر وحكم الصلاة خلف من يفعله س: السائل يقول: ما حكم الإسلام في القنوت في صلاة الفجر؟ وهل تجوز الصلاة خلف الأئمة الذين يقنتون؟ وبم نرد على من يقول: إن ذلك هو مذهب الشافعي، حيث يتهموننا بأننا نبدع الشافعي (1)؟   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (207). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 229 ج: الخلاف مشهور في القنوت، بعض أهل العلم رأى أنه يستحب في صلاة الفجر دائما، وبعض أهل العلم قال: لا يستحب إلا في النوازل، إذا حدث حادث بأن قامت حرب ضد المسلمين يقنت المسلمون في الصلاة يدعون على العدو الذي حدث ضرره على المسلمين كما قنت النبي في النوازل؛ فإنه قنت صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على رعل وذكوان، فريق من العرب اعتدوا على بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام، فالقنوت في النوازل سنة مشهورة معروفة. أما القنوت في الفجر دائما فالأفضل تركه؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصديق وعمر وعثمان وعلي أنهم كانوا لا يقنتون في الفجر. قال سعد بن طارق الأشجعي: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1)» فهذا يدل على أن السنة تركه إلا من حادث، إذا حدث حادث من الحوادث فهذا يقنت في النوازل، أما الاستمرار فالأفضل تركه، والأولى تركه لهذا الحديث الصحيح، ومن قنت من الأئمة في الفجر كالشافعية وغيرهم ممن قنت في الفجر فقد احتجوا بأحاديث   (1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 230 وردت في ذلك أنه قنت في الصبح عليه الصلاة والسلام، مثل حديث أنس وأنه داوم على ذلك، ولكنها أحاديث ضعيفة، التي فيها المداومة ضعيفة، وإنما قنت في النوازل في الفجر وغيره عليه الصلاة والسلام، وهذا هو المعتمد والأفضل ألا يقنت في الفجر إلا في النوازل، وهكذا في المغرب والعشاء في النوازل، وفي الظهر والعصر في النوازل. أما الدوام على قنوت الفجر فالأولى تركه، الذي ينبغي تركه لحديث سعد بن طارق الذي سمعت، وإذا صليت مع أناس يقنتون فلا حرج لأنهم قد تبعوا بعض الأئمة، ولهم شبهات في بعض الأحاديث التي فيها ذكر القنوت، فالأمر في هذا واسع إن شاء الله، إلا أن تركه هو الأولى، وهو الذي ينبغي عملا بالحديث الصحيح الذي سمعت وهو أنه محدث، يعني الاستمرار، أما فعله للنوازل فلا بأس، ويعلمون أن هذا ليس تبديعا للشافعيين ولكن من باب تحري الأرجح من الأقوال؛ لأن من قال: إنه بدعة، احتج بحديث طارق بن أشيم الأشجعي. ومن زعم أنه سنة ومستحب احتج بأحاديث أخرى فيها ضعف، والأخذ بالشيء الثابت الصحيح أولى وأحق عند أهل العلم مع عدم التشنيع على من قنت، فإن هذه المسألة مسألة خفيفة لا ينبغي فيها التشنيع والنزاع، وإنما يتحرى فيها الإنسان ما هو الأفضل والأقرب للسنة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 231 91 - بيان حكم القنوت في صلاة الفجر س: يقول السائل: ما حكم القنوت في صلاة الفجر (1)؟ ج: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، والأحاديث التي يذكرها بعض العلماء بأنه كان يقنت في الفجر ضعيفة، وقد حملها ابن القيم لو صحت أن المراد بذلك طول الوقوف، يعني القنوت طول القيام، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل وقفته بعد الركوع بعض الشيء في الركعة الأخيرة من الفجر، ولكن الأحاديث ضعيفة وإنما كان يقنت في الوتر في قنوت الوتر. وهكذا كان يقنت في النوازل إذا نزلت نازلة يقنت في الصبح وفي غيرها، إذا نزل مثلا حرب على المسلمين أو ناس تعدوا عليهم مثل قطاع الطريق أو غير ذلك شرع القنوت في الفجر وفي غيرها.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (288). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 232 92 - حكم المداومة على القنوت في الفجر س: يقول السائل: هل من السنة المداومة على القنوت في صلاة الفجر (1)؟   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (247). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 232 ج: السنة في صلاة الفجر عدم القنوت، لا ينبغي القنوت، لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم القنوت في صلاة الفجر، وإنما كان القنوت في الوتر خاصة في الليل، لكن يستحب القنوت في النوازل خاصة، إذا نزل بالمسلمين نازلة، فإن المسلمين إذا حدثت حادثة دعوا على المتسبب وقنتوا في مساجدهم في المغرب والفجر وغيرهما، وأجاب الله دعوتهم، وشتت شمل الأعداء، وأرغم أنوفهم بحمده وفضله، فنسأل الله أن يمن على المسلمين بشكر نعمته سبحانه وتعالى، وأن يوفق المسلمين بالقيام بحقه والثبات على دينه، والاستقامة على طاعته، وأن يشتت شمل الظالمين والقضاء على جيوشهم، وردع الظالم عن ظلمه وتبديد شمله، فهذا من نعم الله العظيمة التي يسرها للمسلمين، فالواجب شكرها والثبات على الحق، والتعاون على البر والتقوى، والواجب على جميع المسلمين في كل مكان أن يشكروا الله دائما على نعمه العظيمة، وأن يشكروه سبحانه على نعمة النصر للمظلومين على الظالمين، فإنها والله نعمة عظيمة يسرها الله جل وعلا على يد الجيوش حتى نفع الله بهم وهزم بهم الظالم وأرغم أنفه، وأخرجه مقهورا ذليلا، وفرق جمعه وشتت شمله والحمد لله على ذلك، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمن عليهم بالشكر وأن يوفق المسلمين لطاعته الجزء: 10 ¦ الصفحة: 233 والاستقامة على دينه، وشكر الله على إنعامه بفعل ما أمر وترك ما نهى سبحانه وتعالى، وأن يوفق جميع حكام المسلمين بتحكيم شريعة الله والحكم بها بين المسلمين في جميع الشؤون كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1)، ويقول سبحانه في كتابه العظيم: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (2)، ويقول جل وعلا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (3)، ويقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (4)، ويقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (5) فالواجب الحكم بشريعة الله، وعلى جميع الحكومات الإسلامية الحكم بشريعة الله، وألا يتجاوزوها إلى غيرها، فلا يجوز الحكم بالأنظمة التي وضعها الرجال، بل يجب أن يحكم شرع الله في عباد الله، وفي ذلك السعادة والنجاة في الدنيا   (1) سورة النساء الآية 65 (2) سورة المائدة الآية 50 (3) سورة المائدة الآية 44 (4) سورة المائدة الآية 45 (5) سورة المائدة الآية 47 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 234 والآخرة، وفي ذلك المصلحة العظيمة والعاقبة الحميدة للحكام والشعوب جميعا، أما الأنظمة التي لا تخالف الشرع فلا بأس، الأنظمة والقوانين الموافقة لشرع الله فلا بأس يحكم بها لأنها وافقت شرع الله، أما النظام المخالف لشرع الله فلا يجوز الحكم به ولا التحاكم إليه، ويجب على المسلمين إقامة الحدود الشرعية على مستحقيها، وإلزام الناس بأمر الله وردعهم عن محارم الله، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، هذا يجب على ولاة الأمور أينما كانوا، يجب على ولاة أمر المسلمين أن يحكموا شرع الله، وأن يستقيموا عليه، وأن يحافظوا عليه، وأن يلزموا الشعوب به، وأن يأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، وبذلك تحصل لهم السعادة في الدنيا والآخرة، والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، والفوز بالجنة والنجاة من النار، ولقد من الله على المسلمين في هذه الأيام القليلة بالنصر المؤزر، وتظهر بلاد المسلمين من رجس الظالم، وتحريرها بحمد الله، فهذه من نعم الله العظيمة، ومن شكر الله على هذه النعمة الاستقامة على طاعته والمحافظة على دينه، والتواصي بالحق والصبر عليه، والتعاون على البر والتقوى، ونسأل الله أن يجمع المسلمين على ذلك ويصلح قلوبهم وأعمالهم، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفقهم لما يرضيه ولما يقرب لديه، وأن يصلح الجزء: 10 ¦ الصفحة: 235 قادتهم ويوفق حكامهم لكل خير، كما أسأله سبحانه أن يصلح بلدان المسلمين، وأن يولي عليهم خيارهم ومن يحكم فيهم بشرع الله. نسأل الله سبحانه وتعالى، وأن يصلح البقية، ويهدي البقية لما يرضيه، وأن يجعل ما أصاب المسلمين منهم طهورا وتكفيرا، وأن يصلح من ليس بمسلم، ويهديه إلى الإسلام، ويرده إلى التوفيق والهدى، وأن يعيذنا وإياه وجميع المسلمين من كل ما يغضبه، ومن كل ما يخالف شرعه، وأن يمن على الجميع بالتوفيق والهداية وصلاح القلوب والأعمال، إنه جل وعلا جواد كريم وبالإجابة جدير سبحانه وتعالى. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 236 93 - بيان حكم القنوت ومواطن مشروعيته مع ذكر الدليل س: هل يجوز القنوت في صلاة الفجر، مع الدليل من الحديث؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يشرع القنوت في صلاة الفجر للدعاء للمجاهدين في سبيل الله لنصر دين الله عز وجل، والسلامة من شر مكائد الأعداء بصفة مؤقتة، لا مستمرة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان ربما قنت يدعو لقوم أو يدعو على قوم، وقد قنت يدعو على قبائل من العرب شهرا   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (164). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 236 عليه الصلاة والسلام، فإذا قنت المسلم لنيل أمر كان قد أضر بالمسلمين يدعو الله أن يكشفه أو نحو ذلك، هذا أصله مشروع، لكن يكون مؤقتا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما ما يفعله بعض الناس من الاستمرار في القنوت في صلاة الفجر هذا غير مشروع على الصحيح؛ لما ثبت من حديث سعد بن طارق بن أشيم قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1)» هكذا رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي بإسناد صحيح. هذا يدل على أنه ليس من عادة النبي صلى الله عليه وسلم ولا من عادة الخلفاء الراشدين القنوت بصفة مستمرة في الفجر، وإنما يقنت لعارض حادث يضر المسلمين أو بالدعاء لقوم بالنصر على الأعداء، ونحو ذلك، فالدعاء لقوم بالنصر على الأعداء، والدعاء على الأعداء بالهزيمة ونحو ذلك، كل هذا لا بأس به بصفة مؤقتة كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 237 س: الأخ: أ. س. من اليمن يقول: هل يجوز القنوت في صلاة الفجر أم لا؟ مع الدليل مأجورين (1) ج: القنوت في صلاة الفجر غير مشروع، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم القنوت في الفجر إلا في أحوال خاصة في الدعاء على المشركين في النوازل، كان يدعو في الفجر وغيرها، أما القنوت المعتاد الدائم فهذا لا أصل له، والأحوط تركه، بعض أهل العلم يراه مستحبا دائما، ولكن لا دليل عليه، والحديث الوارد في ذلك ضعيف، والأرجح أنه لا يشرع، هذا هو الأرجح، لكن إذا كان نوازل مثل عدو نزل بالمسلمين، فإذا دعا عليه المسلمون في الفجر أو غيرها فلا بأس كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (424). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 238 س: يقول السائل من اليمن: أعلم بأن القنوت في صلاة الفجر - أي المداومة على ذلك - ليس بمشروع، فنريد من سماحة الشيخ التفصيل في هذه المسألة، وما المقصود بالنوازل (1)؟ ج: القنوت في الفجر غير مشروع ولا في غيره إلا في الوتر، إلا في   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (431). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 238 النوازل إذا نزل بالمسلمين عدو، نزل بهم لحربهم فإن ولي الأمر يقنت في الصلاة في الفجر وغيرها، يدعو عليهم بالهزيمة، ويدعو للمسلمين بالنصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه النوازل، الحوادث التي تحدث من الأعداء ضد المسلمين فالمسلمون يدعون ضد عدوهم، يدعون الله بالنصر للمسلمين والهزيمة للكافرين. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 239 س: هل يلزم في صلاة الفجر دعاء القنوت (1)؟ ج: دعاء القنوت ليس بمشروع في صلاة الفجر ولا غيرها، إنما مشروع في الوتر فقط، وهو ما يصليه الإنسان في الليل بعد صلاة العشاء، أو في آخر الليل يقنت في الركعة الأخيرة إلا في النوازل إذا نزل بهم عدو فإن الإمام يقنت في الفجر، في غير الفجر بعد الركوع الأخير في الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن في النوازل إذا نزل بالمسلمين عدو أو بطرف من أطرافهم يقنتون ويدعون الله على هذا العدو بالهزيمة، ويدعون الله للمسلمين بالنصر، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا قنتوا فاقنت معهم، وبين لهم السنة، إذا كنت ذا علم؛ لقوله صلى الله عليه   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (346). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 239 وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه (1)» ولهم شبهة لأنه قال به بعض أهل العلم، قال بالقنوت في صلاة الفجر دائما، فإذا قنتوا فاقنت معهم وعلمهم السنة إن كنت تعلم، لعلهم يستنيرون منك، وهو لا يوجب الخلاف بين المسلمين؛ لأنه قال به بعض أهل العلم، لكن تركه هو السنة والأفضل والأحوط؛ لقول سعد بن طارق: قلت لأبي: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر، وخلف عمر، وخلف عثمان، وخلف علي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال طارق رضي الله عنه: أي بني، محدث (2)» فدل على أنه ليس من سنتهم القنوت في الفجر، إنما هذا عند الحاجة، إذا نزل بالمسلمين عدو يقنتون في النوازل في الفجر وفي غيرها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إقامة الصف من تمام الصلاة، برقم (722)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (414). (2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 240 س: يقول: هل هناك من دعاء ندعو به بعد القيام من الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر؟ وما هو القنوت (1)؟ ج: القنوت معروف هو قنوت الوتر وقنوت النوازل وقنوت الصلوات   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (231). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 240 الخمس، فالسنة ألا يقنت إلا في الوتر، هذا السنة، وهو الركعة الأخيرة من الوتر في الليل، وفي النهار لا يوجد قنوت، إذا صلى يصلي شفعا، إذا فاته الليل صلى في النهار شفعا، إذا كانت عادته في الليل ثلاثا صلى في النهار أربعا تسليمتين، وإذا كانت عادته في الليل خمسا وفاته بالنوم أو بالمرض صلى من النهار ست ركعات ثلاث تسليمات، وهكذا ليس بالوتر. القنوت في الليل في الركعة الأخيرة، وقد علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما، وذهب بعض أهل العلم إلى أن يقنت في الصبح دائما، وهذا قول ضعيف. الصواب أنه لا يقنت في الأوقات كلها إلا في النوازل، إذا حدثت نازلة للمسلمين مثل نازلة اجتياح الكويت من قبل حكومة العراق، هذه نازلة يقنت فيها المسلمون في الفجر وغيره، ويدعون الله على من ظلم، ويدعون الله للمظلومين بالنصر والتأييد، وأن يردهم إلى بلادهم، يدعون الله على من تعدى على المسلمين وآذاهم، هذا يسمى قنوت النوازل، فعله النبي صلى الله عليه وسلم فعله في الفجر وغيره، فإذا قنت الإمام في الفجر أو في المغرب أو في العشاء أو في الظهر أو في العصر، أو في الجميع يدعو على الظالم وعلى من ظلم المسلمين وتعدى عليهم فلا بأس بذلك، بل من مشروع. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 241 س: الأخ: ع. ص. من جدة يقول: هل هناك دعاء يقرأ في صلاة الفجر في الركعة الأخيرة بعد قراءة الفاتحة (1)؟ ج: ليس هناك شيء، إنما بعد الفاتحة يقرأ ما تيسر من القرآن في جميع الصلوات، بعد الفاتحة يقرأ ما تيسر في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، الدعاء قبل يستفتح قبل قراءة الفاتحة إذا كبر تكبيرة الإحرام، يستفتح: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك. أو بالاستفتاح الثاني: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد. وهناك استفتاحات أخرى جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما بعد الفاتحة فلا، بعد الفاتحة يقرأ ما تيسر، وإذا سكت قليلا بعد الفاتحة حتى يقرأ المأموم الفاتحة فلا بأس إن شاء الله.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (421). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 242 س: هل هناك دعاء يقرأ في صلاة الفجر في الركعة الأخيرة بعد قراءة الفاتحة وسورة بعدها؟ ما حكم هذا الدعاء (1)؟   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (421). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 242 ج: ليس له أصل، إذا فرغ من القراءة يركع ليس هناك دعاء لا بعد الركوع ولا قبل الركوع والقنوت بعد الركوع في الفجر ضعيف، قال به بعض أهل العلم ولكنه قول ضعيف، والصواب تركه، الصواب ليس فيها قنوت إلا عند النوازل، إذا نزل نوازل على المسلمين قنت الإمام في الفجر وغيرها، كأن يحيط بهم العدو فيقنت الإمام بعد الركوع في الفجر أو في الظهر أو في غيرها على المشركين ويدعو الله بنصر المسلمين أما القنوت الذي يفعله بعض الناس دائما في الفجر فهذا الصواب تركه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 243 94 - بيان عدم مشروعية القنوت في الفجر إلا في النوازل س: عندنا يقولون دعاء القنوت في صلاة الصبح بصوت مرتفع، وأنا قرأت في كتاب فقه السنة للسيد سابق أن القنوت في صلاة الصبح غير مشروع إلا في وقت النوازل، يقنت فيه وفي سائر الصلوات الخمس، ما الحكم في ذلك (1)؟ ج: الصواب مثل ما ذكرتم عن السيد سابق، السنة ألا يقنت في الفجر إلا عند النوازل، وهكذا بقية الصلوات في النوازل، إذا نزل بالمسلمين حالة حرب ونحوه يقنت الإمام والمأمومون، يسألون الله جل وعلا رفع   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (266). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 243 ذلك عن المسلمين، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في النوازل، أما المداومة على القنوت وفي قنوت الصبح من غير سبب فهذا غير مشروع، وقد ثبت عن سعد بن طارق بن أشيم أنه قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1)» رواه الترمذي والنسائي والإمام أحمد بإسناد جيد، المقصود أن هذا هو السنة، السنة ترك قنوت الفجر إلا في النوازل، إذا جاءت نازلة قنت في الفجر وفي غيرها كما فعل المسلمون في نازلة حرب الكويت لما احتلها حاكم العراق وحصل بسبب ذلك ما حصل من الفتنة قنت المسلمون في الصلوات حتى هزم الله العدو، وأذل أنفه ورد البلاد إلى أهلها، ونصر الحق وأهله، نسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 244 س: هل دعاء القنوت في صلاة الفجر بدعة أم سنة (1)؟ ج: الدعاء في صلاة الفجر دعاء القنوت ليس بمشروع إلا لأسباب،   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (250). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 244 إذا كان هناك أسباب ما يسمى من أسباب النوازل؛ يعني إذا كان هناك نازلة في المسلمين مثل حرب أو أذى في المسلمين أو عدو هجم عليهم أو على بعض قراهم يدعى عليه، أو عدو قتل منهم بعضهم كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من قتل القراء، ودعا على أهل مكة لما أمعنوا الكفر، هذا يقال له: قنوت النوازل، وهذا مشروع، أما قنوت الفجر دائما فالصواب أنه غير مشروع؛ لأن سعدا الأشجعي سأل أباه فقال: «يا أبت، صليت خلف رسول الله وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1)» وهو سعد بن طارق الأشجعي. رواه الخمسة إلا أبا دواد بإسناد جيد، وهذا يدل على أن القنوت في الفجر غير مشروع إلا للنوازل خاصة كما تقدم. وأما رواية أنه كان يقنت في الصبح حتى ما زال بها في حياته عليه الصلاة والسلام فهذا ليس بصحيح بل هو ضعيف، وفي رواية عن أنس أنه قال: «ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (2)» عليه الصلاة والسلام، ولكنه لو صح لكان واضحا لكنه   (1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 245 حديث ضعيف الإسناد، وقال بعضهم: لو صح معناه أنه كان يطيل الوقفة بعد الركوع لأن طول القيام بعد الركوع يسمى قنوتا وليس بمعنى القنوت المعروف، بل معناه أنه كان يطيل القيام بعد الركوع عليه الصلاة والسلام ويسمى قنوتا، ولكن الحديث مثل ما تقدم ليس إسناده بصحيح ولا يعتمد عليه، فالصواب أنه لا يشرع القنوت في الفجر بصفة دائمة، وإنما يشرع فيها إذا كان هناك نازلة على المسلمين أو في المغرب أو في العشاء لا بأس، أو في الظهر أو في العصر إذا كان هناك نازلة قنت فيما شاء من الصلوات الخمس، والأفضل في الفجر والمغرب. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 246 س: هل القنوت في صلاة الفجر هل هو صحيح أم لا (1)؟ ج: الصواب أنه لا يشرع في صلاة الفجر، وأنه تبع للنوازل، إذا نزلت نازلة يقنت بعد الفجر بعد الركوع في الركعة الأخيرة من صلاة الفجر، مثل الدعاء على الكفار في بلاد أفغانستان، الدعاء على الكفار في فلسطين، على الكفار في الفلبين لأنهم ظلموا المسلمين وقتلوا المسلمين وأشباه ذلك، كان النبي يقنت في الفجر وفي غيرها عند النوازل، عندما يوجد من الكفار أذى للمسلمين أو قتال للمسلمين يدعو   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (218). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 246 عليهم بعد الركوع، يقول: «اللهم قاتل الكفرة والمشركين (1)» اللهم زلزلهم، اللهم انصرنا عليهم. وما أشبه ذلك، أما ما يفعله بعض الناس من القنوت دائما في الفجر هذا غير مستحب بل ينبغي تركه، ثبت في السنن عن سعد بن طارق الأشجعي رضي الله عنه أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي رضي الله عنهم، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (2)» هذا يدل على أنه محدث، وأن السنة تركه وإن ذهب إليه بعض العلماء، واستدلوا بأحاديث ضعيفة في ذلك، والصواب أنه لا يفعل، وأن السنة تركه، هذا هو الصواب، وهذا هو السنة، وهذا هو الراجح من أقوال العلماء.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث عبد الله الزرقي ويقال: عبيد بن رفاعة الزرقي رضي الله عنه، برقم (15066)، والنسائي في السنن الكبرى، باب الاستغفار، برقم (10445) (6/ 156). (2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 247 95 - بيان الأصح من الخلاف في مشروعية القنوت في الفجر س: المستمع: ع. ع. يسأل ويقول: هل القنوت فرض علينا أثناء الجزء: 10 ¦ الصفحة: 247 الركعة الثانية في صلاة الفجر أم لا؟ لأنني رأيت إمام مسجدنا يأتي به في كل صلاة فريضة (1)؟ ج: فيه خلاف بين العلماء، بعض أهل العلم رآه مسنونا في الفجر كل يوم، والأصح أنه ليس بمستحب إلا عند النوازل مثل الحرب بين المسلمين وبين عدوهم، يقنت الإمام في الفجر وغيره من الصلوات يدعو على العدو، ويدعو للمسلمين بالنصر والتأييد يسمى قنوت النوازل، أما قنوت الصبح دائما فالصواب أنه غير مشروع، لكن بعض العلماء رآه مشروعا دائما، فإذا صليت مع الإمام الذي يقنت فلا بأس، تقنت معه والحمد لله. الأمر فيه شبهة قال فيه بعض أهل العلم فالأمر في هذا واسع لكن نصيحتي لكل إمام يقنت أن يدع ذلك؛ لأنه لا يشرع إلا عند النوازل لما ثبت في الحديث أن سعد بن طارق قال لأبيه طارق بن الأشيم رضي الله عنه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (2)» هذا الصحابي الجليل أخبر الناس بأن الخلفاء   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (272). (2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 248 الراشدين ما كانوا يفعلونه، وما كان النبي يفعله صلى الله عليه وسلم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 249 س: عند الإمام مالك القنوت في صلاة الصبح في الركعة الثانية، وعند الإمام أحمد بن حنبل القنوت في صلاة العشاء في الوتر، فما دليل كل واحد منهما؟ وشكرا (1) ج: القنوت مشروع في الليل ليس في العشاء، بل بعد العشاء إلى آخر الليل، هذا مشروع عند الجميع، عند جميع أهل العلم سنة، الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ويشرع فيه القنوت من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: «علمني الرسول صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر (2)» هذا المشروع الوتر عند الجميع، أما القنوت فلست أدري عنه الآن هل هو محل إجماع أو محل خلاف، لكنه سنة بلا شك وإن لم يكن فيه إجماع، وسنة لحديث الحسن رضي الله عنه في قنوت الوتر في الليل، أما القنوت الذي يفعله بعض أهل العلم في الصباح كالشافعية والمالكية فهو على الصحيح غير مشروع إلا في النوازل، إذا حدث نازلة بالمسلمين مثل العدو حاصر البلد يقنتون في   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (33). (2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 249 الفجر وفي غير الفجر بالدعاء عليه، أما القنوت الدائم في الفجر فهذا غير مشروع على الصحيح، وقد احتج من قال بشرعيته بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أنس رضي الله عنه أنه قال: «أما في الصبح فما زال يقنت حتى فارق الدنيا (1)» لكنه حديث ضعيف. وجاءت الأحاديث تفسره أنه يقنت - يعني في النوازل خاصة - وأن من قال: إنه لا يشرع في الصبح حجته أظهر، وهو ما رواه أحمد والنسائي وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن سعد بن طارق: قلت لأبي طارق بن أشيم: «يا أبتاه، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، هل كانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (2)» فهذا الحديث يدل على أنه محدث، وأنه لا ينبغي في الصبح إلا في النوازل أما كونه يفعل دائما فالصواب أنه محدث ولا يشرع، والذين قالوا بشرعيته لعله خفي عليهم هذا الحديث، ما بلغهم هذا الحديث حديث سعد بن طارق ولو بلغهم لقالوا به لكن لعله لم يبلغهم أو بلغهم وتأولوه على غير ظاهره،   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246). (2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 250 فالحاصل أن الصواب والأرجح أن القنوت يكون في الوتر في الليل، وفي النوازل في الفجر وغيرها، أما الاستمرار بالقنوت في صلاة الفجر، فهذا الصواب تركه، وأنه ليس بمشروع؛ لحديث طارق بن أشيم هذا الذي سمعته، والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما قام عليه الدليل، ولكن لو صلى الإنسان خلف واحد من هؤلاء فلا بأس، يتابعه في ذلك؛ لأنه له شبهة في هذا الشيء فلا حرج إذا صلى مع واحد يقنت في الفجر وتابعه لا حرج في ذلك، لكن ينصح من يفعل ذلك بأن الأفضل والأولى والأرجح ترك ذلك؛ لأن طارقا ذكر أن هذا محدث ليس من عادة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عادة أصحابه خلفائه الراشدين، وما كان كذلك فالواجب تركه، إلا إذا وجد سبب لذلك مما تقدم من النوازل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 251 س: كثر الجدال في أمور الدعاء في الركعة الثانية من صلاة الصبح بعد الوقوف من الركوع، فهل يصح جهرا، وهل يصح في جماعة؟ مع أني أسمع الدعاء جهرا عندما تنقل صلاة الفجر في بعض الإذاعات، ويختمون دعاءهم بقولهم: بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، وبسر الفاتحة. وضحوا ذلك لنا جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (136). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 251 ج: هذا يسمى القنوت بعد الركوع في الركعة الثانية من الفجر اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال: إنه يستحب هذا القنوت. ورأوه سنة مستمرة، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه سنة في حق المسلمين إذا وقعت نازلة، إذا نزل بالمسلمين نازلة كمحاصرة عدو للمسلمين أو نزول بلاء بالمسلمين فيدعو الإمام ويقنت ويؤمن عليه المأمومون. وقال بعضهم: هذا يختص بولي الأمر بالإمام الأكبر السلطان هو الذي يفعل ذلك، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في النوازل فإنه صلى الله عليه وسلم دعا على أحياء من العرب ثم ترك ذلك، وفعله مرات كثيرة عليه الصلاة والسلام في النوازل لا دائما، وهذا هو الصواب أنه يفعل في النوازل لا دائما؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت ودعا على أحياء من العرب من حديث ابن عمر، من حديث البراء بن عازب ومن حديث أبي هريرة وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أخبروا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت يدعو على أحياء من العرب، ومنهم الذين قتلوا القراء السبعين، دعا عليهم شهرا عليه الصلاة والسلام، ودعا على جماعة من قريش قبل الفتح، فهذا جائز بل مستحب إذا وجدت أسبابه. أما القنوت الدائم في صلاة الفجر بعد الركوع الثاني كما استحبه بعض أهل العلم فهذا ليس بجيد، والصواب أنه لا يستحب في الفجر الجزء: 10 ¦ الصفحة: 252 ولا في غيرها بصفة دائمة، إنما يفعل للنوازل، إذا كان هناك نازلة تضر المسلمين قنت الإمام، أما اتخاذ القنوت في صلاة الفجر بعد الركوع الثاني سنة دائمة فهذا قول بعض أهل العلم من الشافعية رحمهم الله، وجماعة معهم، ولكنه قول مرجوح الصواب أنه لا يستحب لأنه ثبت من حديث سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1)» فهذا يدل على أنه ليس معروفا في عهده صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الخلفاء الراشدين في غير النوازل ولهذا قال هذا الصحابي الجليل: إنه محدث؛ يعني الاستمرار عليه والقنوت من دون أسباب، هذا هو الراجح وهو الأقوى دليلا، لكن لو صليت خلف إمام يقنت فلا حرج؛ لأن ذلك له قول وله شبهة قد جاء في بعض أحاديث ضعيفة فلو صليت خلفه فلا حرج عليك، ولو قنت معه وأمنت معه لا حرج لأنه قنوت له شبهة قال فيه بعض أهل العلم، فالأمر فيه واسع، لكن السنة والأفضل ترك ذلك.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 253 س: وجهونا إلى القنوت في صلاة الفجر، وكيف يكون ومتى؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الصواب أن القنوت غير مشروع في صلاة الفجر ولا في غيرها إلا بسبب، أما ما يفعله بعض الناس من القنوت الدائم في الفجر فهو قول بعض العلماء، ولكنه قول مرجوح لعدم الدليل عليه، وإنما يشرع القنوت إذا كان بسبب، يسمى قنوت النوازل، فإذا كان هناك سبب مثل تعدي بعض الكفار على بعض المسلمين، فيقنت بالدعوة للمسلمين بالنصر والتأييد والدعاء على الكافرين بالخذلان والهزيمة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من دعوته على قريش ودعوته على الذين قتلوا القراء، والمقصود أن القنوت للنوازل أمر مشروع إذا اعتدي على المسلمين فيقنت المسلمون ضد العدو فيدعون للمسلمين بالنصر والتأييد والعاقبة الحميدة.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (291). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 254 س: هذا السائل من محافظة حضرموت يقول: سماحة الشيخ، بالنسبة لدعاء القنوت في صلاة الفجر وهو الدعاء المعروف: اللهم اهدنا فيمن هديت ... إلى آخره. هل ورد عن النبي صلى الله الجزء: 10 ¦ الصفحة: 254 عليه وسلم أنه قنت (1)؟ ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في النوازل، إذا نزل بالمسلمين نازلة، عدو نزل بهم، وشدة وغيرها دعا لهم في الفجر، أما اعتياد بعض الناس القنوت في الفجر من دون سبب فلا، ليس بمشروع، في الحديث الصحيح عن سعد بن طارق الأشجعي قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (2)» يعني ما كان قنوت الفجر إلا إذا حدث حادث مثل عدو حاصر البلد أو غزا المسلمين، يدعى عليه في قنوت الفجر وفي غيرها، قنوت الفجر المغرب العشاء في الظهر العصر يرفع يديه الركعة الأخيرة بعد الركوع ويدعو على العدو كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه على المشركين.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (400). (2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 255 96 - بيان لمعنى بعض ألفاظ القنوت س: من جمهورية مصر: هل ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم الجزء: 10 ¦ الصفحة: 255 في صلاة الصبح في الركعة الأخيرة بعد الركوع كان يرفع يديه يقول: «اللهم اهدني فيمن هديت (1)» كل ليلة حتى فارق الدنيا، وما معنى دعاء القنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت (2)؟ ج: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقنت في الفجر لا بقوله: اللهم اهدنا فيمن هديت ولا بغيره، إنما كان يقنت عند النوازل إذا نزل بالمسلمين نازلة من تسليط عدو أو نحو ذلك قنت يدعو على العدو في الفجر وفي غير الفجر، أما ما اعتاده بعض الناس من القنوت الدائم في الفجر: اللهم اهدنا، هذا خلاف المشروع، والذي ينبغي تركه؛ لأن الأحاديث في هذا ضعيفة، وإنما المشروع القنوت عند النوازل عند وجود التعدي من الأعداء الكفار على المسلمين يقنت المسلمون يدعون عليهم في الفجر والمغرب والعشاء والظهر والعصر لكن الفجر كان قنوته فيها أكثر يدعو على المشركين أما دائما فليس له أصل والأحاديث في هذا ضعيفة، والذي ينبغي ترك ذلك، ومعنى:   (1) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). (2) السؤال السادس من الشريط رقم (370). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 256 اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، أن الله يمن عليك بالهداية ضمن من هدى، والعافية ضمن من عافى، هذا معناه: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت. يعني: اللهم اهدنا في جملة المهديين، وعافنا في جملة المعافين، وتولنا في جملة المتولين، يعني: اعف عنا معهم، اجعلنا معهم مهتدين معافين. نعم هذا المراد. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 257 س: يقول هذا السائل: بالنسبة لدعاء القنوت هل هو وارد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وما معنى: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت (1)؟ ج: نعم، كان يقنت في النوازل عليه الصلاة والسلام، إذا نزل بالمسلمين نازلة قنت بالدعاء على العدو، وعلم الحسن دعاء القنوت: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت (2)» يعني: اللهم اهدنا في عبادك المهتدين، وعافنا في عبادك الذين عافيتهم، يسأل ربه أن يهديه مع المهديين، وأن يعافيه مع المعافين، وأن يرزقه البركة فيما أعطاه، وأن يتولاه.   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (425). (2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 257 97 - بيان درجة الأحاديث الواردة بمشروعية القنوت في الفجر س: رسالة من المستمع م. ف. من اليمن، يسأل عن القنوت في صلاة الفجر فيقول: حدثونا عن القنوت في صلاة الفجر وعن حكمه، وعن حكم تركه، وهل كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الفجر (1)؟ ج: القنوت في صلاة الفجر لم يثبت فيه حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد جاءت فيه أحاديث ضعيفة، والصحيح أنه كان يقنت في الحوادث، فإذا نزل بالمسلمين نازلة قنت في الفجر وفي المغرب وفي غيرهما، ويسمى قنوت النوازل، أما القنوت بصفة دائمة فلم يثبت عنه - عليه الصلاة والسلام، نعم جاء ذلك في بعض الأحاديث التي في إسنادها ضعف، وثبت عن سعد بن طارق بن أشيم أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (2)» وهذا يدل على أنهم ما كانوا يقنتون في الفجر إلا   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (327). (2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 258 في النوازل؛ أي عندما ينزل بالمسلمين أمر، فيقنتون عند النازلة، دعاء على العدو بالهزيمة، ودعاء للمسلمين بالنصر. إذا هجم العدو على بلاد المسلمين أو حصل بين المسلمين قتال مع عدوهم قنت المسلمون يدعون لمجاهديهم بالنصر، وللأعداء بالهزيمة، أما استمرار بعض الناس على القنوت في الفجر فهو قول ضعيف مرجوح، وإن كان قد قال به جماعة من أهل العلم، لكن الأفضل والأولى تركه لعدم الدليل الثابت عليه، إلا إذا نزل بالمسلمين نازلة، هذا هو الأرجح، وإذا صليت مع من يقنت فصل معه - والحمد لله - لأن فيه شبهة، قال به بعض أهل العلم، وفيه بعض الأحاديث التي فيها ضعف، لكن الأولى والذي ننصح به إخواننا الترك، إلا إذا وجد ما يوجب ذلك من النوازل مثل ما قنت المسلمون للمجاهدين للقتال مع عدوهم، وللمسلمين في البوسنة والهرسك وأشباه ذلك، هذا في كل النوازل، هذه وغيرها. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 259 98 - حكم القنوت عند وجود النوازل س: يسأل المستمع ويقول: الدعاء بعد الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر، الدعاء بدعاء القنوت هل هو وارد (1)؟   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (427). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 259 ج: ورد في النوازل عند نزول النوازل، إذا نزل بالمسلمين عدو، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت بعد الركوع الأخير في الفجر، وقنت في الصلوات الأخرى، يدعو على الكفار، أما القنوت الدائم في الفجر فلا، هذا ليس بصحيح، ليس بمشروع. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 260 99 - بيان محل القنوت من الصلاة س: بالنسبة للقنوت لصلاة الفجر، أين موقعه من الصلاة (1)؟ ج: بعد الركوع، هذا هو الأفضل، بعد الركوع، وإن قنت قبل الركوع فلا بأس، لكن الأفضل والغالب لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يكون بعد الركوع، وهكذا قنوت الوتر بعد الركوع.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (291). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 260 س: إذا قنتنا في رباعية، ففي أي وقت يكون وبعد أي ركوع (1)؟ ج: في الركوع الأخير من كل صلاة، في الركوع الأخير بعد الركوع في الركعة الأخيرة.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (320). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 260 100 - حكم مخالفة الجماعة بسبب مداومتهم على القنوت في الفجر س: رسالة من المستمع م. ن. ع. يسأل ويقول: علمت أن القنوت في الصلاة لا يكون إلا في النوازل فقط، وآمنت بذلك وصدقت، ولكن إذا كانت الجماعة تقنت في صلاة الفجر بالمسجد الذي أصلي فيه، فهل لي أن أخالفهم ولا أقنت معهم أم أبقى معهم (1)؟ ج: لا مانع أن تبقى معهم وتنصحهم؛ لأن بعض أهل العلم يرى قنوت الفجر، وورد في هذا بعض الأحاديث التي احتج بها بعض أهل العلم، ولكنها ضعيفة، وإنما القنوت في الفجر، حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في النوازل وفي المغرب وفي العشاء وفي بقية الصلوات، وفي النوازل عندما يقع حرب على المسلمين، أو شر عليهم، يدعو الله على من ظلم المسلمين وتعدى عليهم، ويدعو الله للمسلمين المستضعفين بالنجاة من شر أعدائهم، أما الاستمرار في قنوت الفجر فهذا خلاف الشرع، والصواب تركه، لكن إذا كنت مع قوم يقنتون وقد أفتاهم بعض أهل العلم بذلك، فاقنت معهم، وانصح الإمام أنت وإخوانك في ترك   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (320). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 261 ذلك، هذا هو المشروع لك النصيحة أنت وإخوانك، وإرشاده إلى أهل العلم الذين يعلمونه أن قنوت الفجر غير مشروع إلا في النوازل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 262 101 - حكم رفع الأيدي والتأمين خلف الإمام في القنوت س: إمامنا يدعو بالقنوت أحيانا في صلاة الفجر والمغرب والعشاء وذلك بعد الرفع من الركوع الأخير، لكن بعد القنوت يدعو أيضا بدعاء السنة ويرفع يديه، فهل هذا الدعاء بعد القنوت جائز؟ وهل نرفع أيدينا معه أم نكتفي بالتأمين (1)؟ ج: القنوت مشروع في النوازل، في الدعاء للمجاهدين والدعاء على الكافرين، فإذا قنت من أجل النوازل في بعض الأحيان في حال المجاهدين في سبيل الله إذا قام الجهاد على الوجه الشرعي يدعو لهم بالنصر، ويدعو على الكفار بالخذلان، فهذا مشروع، ويرفع يديه، وأنتم ترفعون أيديكم وتؤمنون كما في الاستسقاء، يرفع يديه في الاستسقاء لطلب الغوث، ويرفعون الناس أيديهم ويؤمنون، أما القنوت لغير ذلك فلا يستحب إلا في الوتر، إذا أوتر في الليل قنت بعد الركوع في الركعة الأخيرة، أما ما يفعله بعض الناس من القنوت في الصبح دائما، فهذا لا   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (226). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 262 ينبغي، بل الذي ينبغي تركه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما كان يفعل القنوت إلا في النوازل - يعني: إذا نزلت بالمسلمين نازلة - دعا للمسلمين، ودعا على الكافرين أوقاتا معينة، ثم يترك عليه الصلاة والسلام، فأما قنوت الصبح بصورة دائمة، فهذا الصحيح من أقوال العلماء أنه غير مشروع. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 263 102 - حكم الصلاة خلف إمام يداوم على القنوت في الفجر س: مسألة القنوت في الفجر ألاحظ أن الناس يداومون عليها، فهل تجوز الصلاة خلف من يقنت كل يوم في صلاة الفجر أم نصلي في المنزل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا حرج في الصلاة معهم؛ لأن بعض أهل العلم قال ذلك، وله شبهة فلا حرج، بل الواجب أن تصلي معهم، ولا تصلي في البيت، يجب أن تصلي مع المسلمين الفجر ولو قنت الإمام، لكن الصواب ترك القنوت، الأفضل ترك القنوت؛ لأن الأدلة الشرعية تدل على تركه إلا في النوازل، إذا نزلت نازلة بالمسلمين قنتوا للدعاء على عدوهم، أما القنوت دائما فالسنة تركه، لكن لو كان إمامك يقنت - لأن بعض أهل   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (302). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 263 العلم يقول ذلك - فلا بأس، صل معه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 264 103 - حكم رفع المأمومين أيديهم خلف من يقنت في الفجر س: يسأل السائل ويقول: إمام المسجد الذي يصلي بنا يقنت في معظم الأحيان في صلات الصبح، ونادرا ما يتركه، علما بأننا نصلي خلفه، هل للمأموم أن يرفع يديه خلف هذا (1)؟ ج: إذا قنت فلا بأس أن تقنت معه، لكن الأفضل أن يدع ذلك، السنة ألا يقنت للفجر إلا في الوتر فقط إلا في النوازل، إذا نزلت نازلة بالمسلمين؛ حرب، عدو، يدعو في صلاته بعد الركوع، يرفع يديه ويدعو، يقنت في النوازل كما كان النبي يفعل في الصبح وغيرها، أما اعتياد القنوت في الصبح دائما، فهذا خلاف السنة، والصواب تركه، لكن لو صليت مع إمام يقنت، فلا بأس أن تؤمن على دعائه، وأن ترفع يديك.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (412). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 264 104 - حكم إطلاق لفظ المبتدع على من يلزم القنوت في الفجر س: سماحة الشيخ، هذا السائل من حضرموت يقول: هل نطلق على الإمام الذي يلزم هذا القنوت نقول بأنه مبتدع؟ وأيضا سؤالنا: ما الجزء: 10 ¦ الصفحة: 264 الرد على الذين يقولون بأنه سنة، ويستدلون بقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1) الآية. وأيضا في قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) وبالحديث بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - «قنت في الفجر إلى أن فارق الدنيا (3)» (4)؟ ج: هذا يقال له بأن تركه أفضل، ما يقال بدعة، ما يقال مبتدع، لأن بعض أهل العلم يقول بذلك، بعض الأئمة كالشافعي والجماعة يرون القنوت في الفجر دائما، وهو قول ضعيف مرجوح، ولكن يعلم أن هذا هو الأفضل، أما حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (5)» فهو حديث ضعيف ليس بصحيح، وإنما قنت في الدعاء على المشركين، أما القنوت دائما في الفجر من غير حاجة فلا، ليس بمشروع، إنما يشرع عند النوازل، عند وجود العدو في الفجر وغيرها، ولكن من فعله استدلالا بالأحاديث الضعيفة، فهذا يعلم أن السنة الترك في ذلك، ويبين له بالكلام الطيب والأسلوب الحسن فقط.   (1) سورة غافر الآية 60 (2) سورة البقرة الآية 238 (3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246). (4) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (400). (5) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 265 105 - بيان ما يفعله الإمام إذا أصرت جماعته على القنوت في الفجر س: أصلي بجماعة وهم يصرون على قراءتي دعاء القنوت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح إلا أن يقيني في هذا الدعاء وحسب علمي من بعض المصادر الصحيحة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقرؤه في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح عند الابتلاءات فقط، فهل أعمل برأيهم، وأخالف السنة أم أعمل برأيي فأصيب السنة، أم أتنازل عن الإمامة تفاديا للخلاف؟ أفيدونا أفادكم الله (1) ج: عليك أن تعمل بالسنة، وأن تنبههم على هذا، ترشدهم إلى ذلك بالأسلوب الحسن، فإن القنوت دائما في الفجر ليس من المشروع بل هو محدث، ثبت في مسند أحمد رحمه الله وسنن الترمذي وسنن النسائي وابن ماجه عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي عن أبيه أبي سعد قال: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عن الجميع - أفكانوا   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (58). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 266 يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1)» فبين طارق أن هذا محدث. وثبت من حديث أنس ومن حديث غير أنس كأبي هريرة وجماعة أن الرسول كان يقنت في النوازل في الصبح وغيرها، فإذا وقع ابتلاء من عدو وقع بالمسلمين، أو نزل بالمسلمين، أو سرية قتلت للمسلمين، أو ما أشبه ذلك، يدعو أئمة المساجد في الركعة الأخيرة من الفجر بعد الركوع بقدر النازلة أياما أو شهرا أو نحو ذلك، ثم يمسكون ولا يستمرون، هذا هو السنة وعند الحاجة والنازلة يدعى ويقنت، ولكن من غير استمرار، أما الاستمرار دائما فهذا خلاف السنة، فعليك أن تقنعهم، وأن توجههم إلى الخير، فإذا لم يقنعوا ولم يحصل الاتفاق بينك وبينهم، فلا مانع من الانتقال عنهم إلى مسجد آخر، وعدم مخالفة السنة.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 267 106 - حكم القنوت خلف إمام يقنت في الفجر س: ع من اليمن: عندنا إمام مسجد يقنت في صلاة الفجر، وتحدثنا معه في ذلك، فعاند وأخذ برأي الشافعي رحمه الله، ونحن لم نقنت، هل نقنت معه أم نبقى على ذلك أم ننتقل إلى مسجد الجزء: 10 ¦ الصفحة: 267 آخر؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا مانع أن تقنتوا معه وتصلوا معه؛ لأن له شبهة وقول بعض أهل العلم، وإن تيسر مسجد آخر فهو أفضل إن كان لا يقنت، وإلا هذا الذي يقنت تمسك بمذهب الشافعي ومالك لأنه جاهل، التقليد غلب على كثير من الناس، فإذا صليتم معه فلا حرج إن شاء الله، وإن تركه فهو أفضل له، كونه يترك القنوت، إلا إذا حدث حادث على المسلمين، عدو تسلط على المسلمين، يقنت في الفجر أو غيره يدعو عليه، أما القنوت العادي في الوتر. يقنت الفجر: اللهم اهدنا فيمن هديت. الصحيح أن المشروع تركه.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (371). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 268 107 - بيان ما ينبغي فعله في مسائل الخلاف س: نحن جماعة من رعايا الدول العربية نعمل بالمملكة، ولنا مسجد في مقر عملنا، نؤدي به جميع الصلوات، ولكن إمامنا له عادة بعد الركعة الثانية من صلاة الفجر دائما يرفع يديه بالدعاء لمدة طويلة، ويرفع المأمومون أيديهم أيضا خلفه، وبعد الدعاء يسجد ليكمل الصلاة، ولما كان أكثر المصلين يتجادلون في هذا الجزء: 10 ¦ الصفحة: 268 الموضوع، وأكثرهم يعتبره غير صحيح، ولا يجوز لأنهم لم يفعلوا ذلك في الحرمين، وهما مقياس وقدوة، وعندما أخبرنا الإمام بذلك أخبرنا بأن ذلك لا يعتبر دليلا، فنرجو توضيح الحقيقة، ولا زالت الشكوك بين المصلين حول هذا الموضوع، وإمامنا يقول لنا حينما قلنا له ذلك: قال: إن المذاهب متعددة، فهي تصل إلى ألف وستمائة مذهب في الإسلام، فما رأيكم في هذا الموضوع؟ أثابكم الله (1) ج: لا ريب أن ما فعله الإمام قد قال به بعض أهل العلم، ويسمى القنوت، وهو الدعاء الذي يؤتى به بعد الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر، فذهب إليه بعض أهل العلم كالشافعية رحمة الله عليهم، وهو قول معروف في الإسلام يحتجون ببعض الأحاديث الواردة في ذلك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (2)» ولكن الصواب في هذا أنه لا يشرع إلا للنوازل، إذا نزل بالمسلمين نازلة من عدو نزل بهم، فإنه لا بأس أن يقنتوا، بل يشرع لهم القنوت مدة معينة، ثم يتركون القنوت؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (49). (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 269 يقنت في النوازل وقتا معينا، ثم يترك ذلك عليه الصلاة والسلام، قال أنس رضي الله عنه: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو على قوم، "وقنت شهرا يدعو على أحياء من بني سليم (1)» أما الحديث «أنه كان يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا (2)» فهو ضعيف كما بين أهل العلم، وقد ثبت في حديث آخر من حديث سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي: أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال له أبوه: أي بني، محدث (3)» فبين طارق - رضي الله عنه - وهو صحابي جليل، أن قنوت الفجر محدث، وأنه لا ينبغي فعله، وهذا هو الأرجح، أرجح القولين، فينبغي للمؤمن أن يتحرى في صلواته وسائر أعماله ما يوافق السنة والكتاب العزيز وأقوال أهل العلم المعتبرين، وهذا القول هو الأرجح، بأنه لا ينبغي القنوت إلا إذا دعا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم ... ، برقم (7341). (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246). (3) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 270 لقوم أو على قوم في النوازل، مثل إذا قنت يدعو للمجاهدين وعلى أعدائهم بعض الوقت ثم يترك، أما أن يستمر بالقنوت بعد الركوع في الركعة الثانية من الفجر دائما، فهذا الصواب أنه غير مشروع، وإن قال به من قال به من الشافعية وغيرهم، فالصواب أنه غير مشروع، وقد قال الله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1) وإذا رددنا هذا الأمر إلى السنة وجدنا فيها الدلالة على أن هذا غير مشروع، فينبغي للإمام ترك ذلك وعدم فعله عملا بالسنة الصحيحة، واتباعا لبقية أهل العلم في هذا الباب، ولا سيما في هذه البلاد، فإن هذه البلاد أئمتها لا يقنتون في الفجر أخذا بالسنة الصحيحة التي بينا لك أيها السائل، وأما قول الإمام إن في الإسلام ألفا وستمائة مذهب هذا الكلام فيه مجازفة وكلام لا ينبغي، فإنه ليس كل مذهب يوجد يعتبر في الإسلام، هناك مذاهب باطلة، وهذه مبالغة قبيحة لا ينبغي للإمام أن يقول مثل هذا، فليس كل مذهب يدعي صاحبه أنه مذهب إسلامي يقبل، فالمذاهب التي لا توافق الكتاب والسنة لا تعتبر، والمذاهب المشهورة أربعة: الشافعية، والحنفية،   (1) سورة النساء الآية 59 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 271 والمالكية، والحنبلية، وهم أئمة وعلماء كبار، اشتهرت مذاهبهم وانتسب إليهم علماء، فاشتهروا بذلك، ويلحق بهم أيضا مذهب الظاهرية معروف، هذه مذاهب معروفة، وما اختلفوا فيه من المسائل يعرض على الكتاب والسنة، كل واحد قد يخطئ وقد يغلط في بعض المسائل، فما اختلفوا فيه - رحمة الله عليهم - يعرض على الكتاب والسنة، فما وافق القرآن أو السنة الصحيحة وجب الأخذ به، وترك ما خالفه، سواء كان وافق مذهب مالك أو مذهب أبي حنيفة أو الشافعي أو أحمد أو الظاهرية، هذا هو الصواب، أما المذاهب الأخرى التي يشير إليها هذا الإمام، فهذه لا يعول عليها، ولا يلتفت إليها بل ينبغي للمؤمن ألا يلتفت إلى غير هذه المذاهب، وهذه المذاهب هي المذاهب المعروفة عند أهل السنة، والمعروفة بالاستقامة وتحري الحق، وعدم الزيغ والبدعة، أما المذاهب الأخرى فإن عند أهلها من البدع وعندهم من الانحراف ما يوجب الوقوف عن الأخذ بمذاهبهم، وعدم النظر فيها خوفا من شرها وبدعتها، ولكن هذه المذاهب الخمسة المعروفة الظاهرية والمذاهب الأربعة تعتني بالسنة والكتاب، وتعتني بأقوال الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وليس عندهم البدع التي عند غيرهم، فلهذا اقتنع بها أهل العلم، ورأوها مذاهب إسلامية معتبرة، ولكن ما اختلفوا فيه من الجزء: 10 ¦ الصفحة: 272 ذلك يرجع فيه إلى الكتاب والسنة، ويعرض على كلام الله سبحانه وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فما وافقهما أو أحدهما وجب الأخذ به وترك ما خالفه، وإذا عرضنا القنوت في الفجر دائما على الكتاب والسنة لم نجد فيهما ما يدل على شرعيته، بل يدل فيها ما جاء في حديث طارق بن أشيم - رضي الله عنه - على أنه لا يشرع هذا القنوت بصفة دائمة، وإنما يشرع عند النوازل في الدعاء على أعداء الله وفي الدعاء للمجاهدين في سبيل الله بالنصر في وقت معين وقت الحاجة، ثم يوقف ويمسك ولا يستمر، رزق الله التوفيق والهداية. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 273 س: في صلاة الفجر وفي الركعة الأخيرة يقوم الإمام برفع يديه والدعاء، ومن وراءه يقولون: آمين. يؤمنون على ذلك، ما رأيكم في هذا (1)؟ ج: السنة عدم القنوت في الفجر إلا في النوازل، إذا نزل نازلة مثل جدب واستغاثوا، أو الدعاء على عدو لا بأس، عدو نزل بالمسلمين، أما كونهم يتخذونه عادة في الفجر، فالصواب أنه لا يشرع، وما كان النبي يفعل ذلك إلا عند الحاجة، لكن لو صليت مع أناس يقنتون لا بأس أن   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (382). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 273 تؤمن معهم، لأن لهم شبهة، المسألة فيها خلاف بين العلماء، فإذا صليت مع جماعة يقنتون في الفجر، فلا بأس أن تصلي معهم، ولا بأس أن تؤمن على الدعاء معهم، لأن لهم شبهة في ذلك، ولأن بعض أهل العلم يرى ذلك. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 274 باب السنن الرواتب 108 - بيان عدد السنن الرواتب س: أرجو أن توضحوا لي عدد النوافل بعد وقبل كل صلاة مفروضة (1)؟ ج: النوافل التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الفرائض اثنتا عشرة ركعة، هذه يقال لها: الرواتب، ويقال لها: النوافل التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي أربعة قبل الظهر تسليمتات وركعتان بعد الظهر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الصبح، هذه الرواتب التي حافظ عليها المصطفى عليه الصلاة والسلام، والأفضل في البيت، وإن صلاها في المسجد فلا حرج، هذه يقال لها: الرواتب، وهي سنة مؤكدة في الحضر، أما في السفر فالأفضل تركها إلا سنة الفجر والوتر، فإن الوتر في السفر يصلى، وكذلك سنة الفجر، ويستحب قبل العصر أربعا، لكن ما هي براتبة، وقبل المغرب ثنتين، وقبل العشاء ثنتين، لكنها غير الرواتب، يقول النبي صلى الله   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (218). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 275 عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» ويقول: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء (2)» وقال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (3)» وهذا يشمل المغرب والعشاء، فيستحب أن يصلي قبل المغرب ركعتين بعد غروب الشمس، وقبل العشاء ركعتين بعد الأذان، يصلي قبل العصر أربعا، هذه مستحبة لكن ما هي براتبة، لم يداوم عليها النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنها مستحبة لأمره - صلى الله عليه وسلم.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 276 س: يقول السائل: ما هي النوافل التي على المرء أن يلازمها قبل وبعد الفرائض، وهل هناك عدد معين؟ ذلك أني أصلي خمس ركعات أحيانا قبل الظهر وأحيانا أربع ركعات، لذا أرجو التوجيه الرشيد، جزاكم الله خيرا (1) ج: النوافل المشروعة مع الفرائض التي كان النبي صلى الله عليه   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (132). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 276 وسلم يحافظ عليها - عليه السلام - ويلازمها اثنتا عشرة ركعة، هذه رواتب، وتسمى نوافل، كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحافظ عليها كما ثبت ذلك من حديث ابن عمر وعائشة وأم حبيبة وغيرهم - رضي الله عنهم، وهي أربع قبل الظهر تسليمتان، وثنتان بعد الظهر، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، هذه يقال لها: الرواتب، ويقال لها: النوافل المؤكدة. يقول ابن عمر رضي الله عنهما: «حفظت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح، وكانت ساعة لا يدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين (1)» «وثنتين بعد صلاة الجمعة في بيته (2)» قال: «فأما المغرب والعشاء والفجر ففي بيته (3)» وقالت عائشة - رضي الله عنها: «كان يصلي قبل   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1181). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها، برقم (937)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (882). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التطوع بعد المكتوبة، برقم (1173)، ومسلم في كتاب المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، برقم (729). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 277 الظهر أربعا، كان لا يدع أربعا قبل الظهر (1)» هذا مما حفظته عائشة وحفظته أم سلمة أيضا، فدل ذلك على أن الأكمل أربع قبل الظهر، وإن اقتصر على ثنتين كما قال ابن عمر - رضي الله عنهما - كفى ذلك، ولكن الأفضل مثل ما دل عليه حديث عائشة، وأم حبيبة رضي الله عنهما أنه يصلي أربعا قبل الظهر تسليمتين، فيكون الجميع ثنتي عشرة ركعة، هذا هو الكمال، وهذا هو المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن زاد على هذا، فصلى بعد الظهر أربعا بزيادة ثنتين بعد الظهر فهذا أيضا مستحب، تقول أم حبيبة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من صلى أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها؛ حرمه الله على النار (2)» وفي لفظ آخر: «من حافظ على أربع قبل الظهر، وأربع بعدها حرمه الله تعالى على النار (3)» يعني ثنتين ثنتين كما في الحديث: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (4)» وهكذا يستحب أن يصلي أربعا قبل العصر،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 278 وليست راتبة، ولكنها مستحبة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» وهكذا يصلي ثنتين قبل المغرب بعد الأذان، وثنتين قبل العشاء بعد الأذان، مستحبة أيضا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" ثم قال: "لمن شاء (2)» ليعلم الناس أن هذا ليس بواجب، ولكن مستحب، فهذه مستحبات وليست رواتب: ثنتين قبل المغرب، ثنتين قبل العشاء، أربع قبل العصر، كل هذه مستحبة وليست راتبة، ثنتين تكون زيادة على الراتبة بعد الظهر تكون أربعا، مستحبة كما تقدم في الأحاديث. كذلك سنة الضحى مستحبة دائما، ركعتان في الضحى هذه سنة مؤكدة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بها جماعة من أصحابه سنة الضحى، وقال في حديث أبي ذر: «يصبح على كل سلامى من الناس صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (3)» رواه مسلم في   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 279 صحيحه. فدل ذلك على أهمية الركعتين، وأنها تقوم مقام الصدقات التي على مفاصل الإنسان، وقال أبو هريرة رضي الله عنه، وأبو الدرداء كل واحد منهما يقول: «أوصاني رسول الله بصلاة الضحى. وفي لفظ آخر: بركعتي الضحى (1)» قالت عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله (2)» فالحاصل أن سنة الضحى سنة مؤكدة، الرسول - صلى الله عليه وسلم - ربما فعلها، وربما تركها لئلا يشق على أمته، لكنه أوصى بها، ووصيته آكد من فعله، فدل ذلك على أنها متأكدة بجميع الأيام من ارتفاع الشمس إلى وقوف الشمس، وإذا اشتد الضحى، واشتدت الشمس يكون أفضل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (3)» يعني حين يشتد الحر على أولاد الإبل، يعني: في علو الضحى وفي شدة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1171). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 280 الضحى تكون أفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس، فلا بأس. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 281 س: تقول السائلة: أرجو من سماحتكم بيان السنن الراتبة وغير الراتبة والنوافل، وتوضيح هذا الأمر؛ لأنه يلتبس علينا مع عدد هذه الصلوات، مأجورين (1) ج: السنة الراتبة اثنتا عشرة: ثنتان قبل صلاة الصبح، وأربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء. اثنتا عشرة، وإن صلى بعد الظهر أربعا كما صلى قبله أربعا فهو أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2)» ويستحب له أن يصلي أربعا قبل العصر تسليمتين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (3)» ويستحب أن يصلي ركعتين بين الأذان والإقامة بعد أذان المغرب، وبعد أذان العشاء ركعتين قبل الإقامة، لقوله صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" ثم قال: "لمن   (1) السؤال الحادي والسبعون من الشريط رقم (432). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 281 شاء (1)» وقال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء (2)» ويستحب صلاة الضحى ركعتين أو أكثر أو أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر، سنة صلاة الضحى، والتهجد بالليل يصلي ما تيسر من الليل: ثلاثا، أو خمسا، أو سبعا، أو أكثر، والأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (3)» وفق الله الجميع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 282 109 - بيان وقت السنن الراتبة س: يقول السائل: بالنسبة لصلاة الرواتب، ما هو عددها وما كيفية أدائها، وهل النافلة التي بعد الظهر يمتد وقتها إلى دخول أذان العصر أم لا؟ وهل بعد أذان العصر يمكن التنفل قبل الفريضة أم لا؟ كذلك بالنسبة للنافلة التي بعد صلاة المغرب هل يمتد وقتها إلى دخول أذان العشاء أم لا؟ وهل بعد أذان العشاء يمكن التنفل الجزء: 10 ¦ الصفحة: 282 قبل صلاة الفريضة أم لا (1)؟ ج: الرواتب التي شرعها الله - جل وعلا - مع الصلوات الخمس، وكان النبي يحافظ عليها - عليه الصلاة والسلام - في الحضر اثنتا عشرة ركعة: منها أربع قبل صلاة الظهر، بعد الزوال يسلم من كل ثنتين، وثنتان بعد الظهر تسليمة واحدة، هذه ست، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد صلاة العشاء، وثنتان قبل صلاة الفجر، هذه الرواتب التي كان يحافظ عليها - عليه الصلاة والسلام - في الحضر، أما في السفر، فكان يتركها - صلى الله عليه وسلم - إلا سنة الفجر، كان في السفر لا يصلي هذه الرواتب إلا سنة الفجر؛ لأنه كان يحافظ عليها سفرا وحضرا، ويشرع للمؤمن مع الصلوات الخمس سوى هذه الرواتب أن يصلي أربعا قبل العصر بعد دخول الوقت، أربع بتسليمتين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2)» وهذه ليست راتبة، «يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ربما صلى ثنتين قبل العصر، أو صلى أربعا قبل العصر (3)» لكن ليست راتبة، ولكنها مستحبة، إذا صلاها المؤمن أو   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (293). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (651)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب كيف كان تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، برقم (598)، والنسائي في كتاب الإمامة، باب الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين، برقم (874)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة وفيها، باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار، برقم (1161). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 283 المؤمنة فهو أفضل، أربع قبل العصر تسليمتين، وثنتان قبل المغرب، هذه مستحبة بعد الأذان وقبل الإقامة ثنتان، كذلك بعد أذان العشاء يصلي ركعتين قبل صلاة العشاء، أفضل وليست من الرواتب، لكن يستحب إذا أذن المؤذن وهو جالس في المسجد أن يقوم ويصلي ركعتين قبل المغرب بعد أذان المغرب، وبعد أذان العشاء، وإن صلى أكثر فلا بأس، وكذلك يستحب له أن يتهجد في الليل بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل، يتهجد بما يسر الله له ولو بركعة واحدة يوتر بها، وما زاد فهو أفضل، لو أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع، أو بأكثر، يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، والأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، وإن نقص أو زاد فلا بأس، يسلم من كل ثنتين تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ولا بأس أن يتأخر في أداء الراتبة بعد الظهر، يمتد وقتها إلى أذان العصر، يصليها قبل العصر ولو تأخر، لكن قبل العصر قبل دخول وقت العصر، وهكذا المغرب لو أخر الراتبة ولم يصلها إلا الجزء: 10 ¦ الصفحة: 284 قبل غروب الشفق إلى قرب العشاء فلا بأس، لكن الأفضل أن يبادر بها قبل أن يعرض له عارض، هذه هو الأفضل وإلا فوقتها يمتد إلى أن يغيب الشفق الأحمر من جهة المغرب - يعني دخول وقت العشاء - كما أن وقت سنة الظهر البعدية يمتد إلى دخول وقت العصر، فإذا بادر بهذه وهذه قبل دخول وقت التي بعدها، فهذا هو الأولى له، حتى لا يعرض له عارض، والأفضل في بيته، إذا صلاها في بيته فهو أفضل، وإن صلاها في المسجد فلا بأس، لكن في البيت أفضل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 285 110 - عدد الرواتب والتنبيه على أهميتها س: حدثونا عن النوافل الرواتب عن عددها وعن التنبيه إلى أهميتها، جزاكم الله خيرا (1) ج: الرواتب المحفوظة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يداوم عليها ويحافظ عليها اثنتا عشرة ركعة في الليل والنهار، هذه يقال لها: رواتب مع الفرائض: أربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد صلاة العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، هكذا جاءت الأحاديث الدالة على ذلك من حديث عائشة وابن عمر وأم   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (326). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 285 حبيبة رضي الله عنهم وغيرهم، أربع قبل الظهر تسليمتين، وركعتان بعد الظهر تسليمة واحدة، وإن صلى أربعا بعد الظهر فهو أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد حسن عن أم حبيبة رضي الله عنها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح. ذكر ذلك ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين، متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وذكر ذلك غير ابن عمر رضي الله عنهما، كعائشة رضي الله عنها وغيرها، ويستحب أيضا أن يصلي أربعا قبل العصر، جاء في الحديث «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2)» و «روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعل ذلك، وقد ثبت عنه أنه فعل ذلك في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام (3)» فالمقصود أنه يستحب أن يصلي أربعا قبل العصر تسليمتين، وهي لا تسمى راتبة، وهكذا بين الأذانين - يعني أذان المغرب - ركعتين، وبعد أذان العشاء ركعتين، هذه مستحبة، إذا أذن وهو في المسجد قام وصلى ركعتين،   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (651)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب كيف كان تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، برقم (598)، والنسائي في كتاب الإمامة، باب الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين، برقم (874)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة وفيها، باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار، برقم (1161). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 286 وهكذا بعد أذان العشاء، أو دخل المسجد بعد الأذان صلى ركعتين تحية المسجد، وإن زاد عليها فلا بأس قبل الصلاة، أما الفجر فالسنة ركعتان قبلها فقط لا زيادة، ركعتان قبل الفجر إن صلاهما في البيت فهو أفضل، وإن أتى المسجد صلى ركعتي التحية قبل الصلاة، إذا جاء والإمام لم يقم الصلاة صلى ركعتين تحية المسجد، وإن صلاهما في المسجد كفتاه عن تحية المسجد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (1)» فإن فاتته صلاهما بعد الصلاة، إن فاتتا ولم يتيسر له أداؤهما قبل الفجر صلاهما بعد الفجر أو بعد طلوع الشمس.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 287 س: يقول السائل: أرجو ذكر الرواتب والسنن التي تصلى قبل كل صلاة وبعدها (1) ج: الرواتب التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصلوات الخمس اثنتا عشرة ركعة عليه الصلاة والسلام: أربع قبل الظهر   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (238). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 287 تسليمتين، وثنتان بعد الظهر تسليمة واحدة، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح. هذه اثنتا عشرة، كان يحافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحضر، أما في السفر فكان يتركها، أما سنة الفجر كان يصليها عليه الصلاة والسلام في السفر والحضر، وكان يتهجد بالليل ويوتر بالليل في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، ويستحب أربع قبل العصر وليست من الرواتب، لكن قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» ويشرع أيضا لمن دخل المسجد أن يصلي تحية المسجد، وإذا وافقت الراتبة كفت الراتبة، مثلا من دخل بعد أذان الظهر وصلى أربع ركعات كفت عن الراتبة وعن تحية المسجد، وهكذا إذا دخل الفجر بعد الأذان وصلى سنة الفجر كفت عن تحية المسجد، وإذا نواهما جميعا فلا بأس، ويستحب أيضا بين كل أذانين صلاة، بين الأذان والإقامة، فلو كان صلى الراتبة بعد الزوال وتأخر الأذان ثم أذن شرع له أن يصلي ركعتين بين الأذانين زيادة على الراتبة التي صلاها بعد الزوال لكن قبل الأذان، وهكذا لو صلى راتبة الفجر في البيت، ثم جاء إلى المسجد شرع له أن   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 288 يصلي ركعتين تحية المسجد إذا كان وجد الإمام لم يدخل في الصلاة، وهكذا إذا أذن المؤذن وهو في المسجد بعد المغرب شرع له أن يصلي ركعتين قبل الصلاة، وهكذا إذا أذن المؤذن لصلاة العشاء، وهو في المسجد شرع له أن يصلي ركعتين قبل الصلاة، وإذا دخل بعد الأذان وصلى تحية المسجد كفت، وإن صلى زيادة فلا بأس. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 289 111 - السنن الرواتب وكيفية أدائها س: ما هي السنن الرواتب؟ وإذا كان هناك أربع ركعات مثلا قبل الظهر وقبل العصر، فهل أسلم من كل ركعتين أم كيف يكون الحال؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: السنن الرواتب اثنتا عشرة ركعة: منها أربع قبل الظهر تسليمتان، وثنتان بعدها تسليمة واحدة، وثنتان بعد المغرب تسليمة واحدة، وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، وثنتان قبل صلاة الفجر تسليمة واحدة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى ثنتي عشرة ركعة تطوعا في اليوم والليلة، بني له   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (319). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 289 بهن بيت في الجنة (1)» وجاء في حديث من الأحاديث تفسرها اثنتا عشرة بهذه الركعات الرواتب، فمن حافظ عليها فهو على خير عظيم، وفي هذا الحديث أنه موعود بالجنة إذا صلاها في اليوم تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة، وهي كما تقدم أربع قبل الظهر، يسلم من كل ثنتين، وثنتان بعد الظهر - يعني ركعتين - وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الصبح. هذه يقال لها: الرواتب، فإن صلى بعد الظهر أربعا كان أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2)» لكنها ليست راتبة أربعا بعد الظهر، الراتبة ثنتان، فإذا زاد وصلى ثنتين عملا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هذا خيرا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها، أنها سمعت النبي يقول عليه الصلاة والسلام: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى على النار (3)» ويستحب أيضا أن يصلي أربعا قبل العصر ليست راتبة، لكن يستحب أن يصليها تسليمتين لقوله صلى الله   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 290 عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» رواه أحمد والترمذي والجماعة بسند صحيح، عن ابن عمر رضي الله عنهما، ويستحب أيضا أن يصلي بين كل أذانين صلاة، بين أذان المغرب والإقامة، وأذان العشاء والإقامة ركعتين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" وقال في الثالثة: "لمن شاء (2)» وقال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال: "لمن شاء (3)» وكان الصحابة رضي الله عنهم يصلون بعد المغرب ركعتين، وبعد أذان المغرب ركعتين قبل أن تقام الصلاة، هذه سنة ليست رواتب لكن سنة، أربعا بعد الظهر سنة وليست راتبة، الراتبة ثنتان، أربعا قبل العصر تسليمتين سنة، لكن ليست راتبة. يعني: ما كان النبي يحرص ويحث عليها، لكن إذا حافظ عليها المؤمن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (4)» كان هذا أفضل، الواحد إذا حافظ عليها قبل العصر، عملا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -،   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 291 وهكذا إذا صلى بين أذان المغرب والإقامة ركعتين، وبين أذان العشاء والإقامة ركعتين كان هذا أفضل، وهكذا الضحى سنة بعد ارتفاع الشمس إلى وقوفها، يصلي ركعتين أو أربعا أو أكثر، كان النبي يفعلها - صلى الله عليه وسلم - بعض الأحيان، وأوصى بها جماعة من الصحابة، سنة الضحى، وهي مستحبة في السفر والحضر، وهكذا التهجد في الليل بعد صلاة العشاء، يصلى ما يسر الله له، ويوتر بواحدة، يصلي ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو تسعا أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، أو أكثر، يصلي ما تيسر له في أول الليل، أو في وسط الليل، أو في آخر الليل تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان يتهجد بالليل عليه الصلاة والسلام، ويوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام، وكان - صلى الله عليه وسلم - قد أوتر في أول الليل، وفي بعض الأحيان في وسط الليل، ثم استقر أخيرا اجتهاده وتهجده ووتره في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، وهو الأفضل إذا تيسر، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» وأقل هذا ركعة   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 292 واحدة، أقل شيء ركعة واحدة يوتر بها بعد العشاء، بعد سنة العشاء، وإذا أوتر بثلاث فهو أفضل، وإذا أوتر بأكثر فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغالب يتهجد بإحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة في آخر الليل، وربما صلى ثلاث عشرة يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الأفضل، وإن سرد ثلاثا جميعا ولم يجلس إلا في آخرها أو خمسا جميعا ولم يجلس إلا في آخرها فلا حرج، فقد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو من السنة، وإن سرد سبعا كذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – فعل مثل هذا، سرد سبعا جميعا في بعض الليالي، وفي بعض الليالي يجلس في السادسة يقرأ التشهد الأول، ثم يقوم يأتي بالسابعة، وإن سرد تسعا جميعا كذلك لا بأس، لكن يجلس في الثامنة، كان يجلس في الثامنة يقرأ التشهد الأول، ثم يقوم يأتي بالتاسعة، لكن الأفضل مثل ما تقدم أنه يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي إحدى عشرة في الليل، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى - يعني ثنتين ثنتين - فإذا خشي أحدكم   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 293 الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (1)» هذا هو الأفضل، وإذا خاف ألا يقوم من آخر الليل - مثل ما تقدم - يصلي أول الليل قبل أن ينام، يصلي ثلاثا أو خمسا أو أكثر، يسلم من كل ثنتين احتياطا خوفا ألا يقوم من باب الحزم، وفق الله الجميع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 294 112 - بيان وقت راتبة الظهر والترغيب فيها س: سمعت أن هناك صلاة نوافل راتبة، وهي ثنتا عشرة ركعة، ومنها قبل الظهر وبعده، وبعد المغرب، والسؤال: هل التي تكون قبل الظهر معنى ذلك أنه بعد أذان الظهر أم قبل أن أصلي أم قبل الأذان؟ أفتوني في وقتها بالذات، وعن هذه النوافل جزاكم الله خيرا (1) ج: الرواتب مثل ما ذكر السائل الصواب أنها اثنتا عشرة ركعة: منها أربع قبل الظهر، وثنتان بعد الظهر، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح. هذه يقال لها: الرواتب، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، وصح عنه عليه   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (83). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 294 الصلاة والسلام أنه قال: «من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة" وفي رواية: "تطوعا (1)» وزاد الترمذي رحمه الله: تفسير ذلك بهذه الرواتب. فالمشروع للمؤمن والمؤمنة الحفاظ على هذه الرواتب حتى يقتدي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ويتأسى به في ذلك عليه الصلاة والسلام، أربع قبل الظهر - يعني بعد الزوال - ولو قبل الأذان ما دام زالت الشمس، إذا صلاها حصل المطلوب أو صلاها بعد الأذان المشروع أن تكون قبل الفريضة تسليمتين وتسليمة بعدها، ويصلي ثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه الرواتب.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 295 س: صلاة سنة العشاء والعصر والظهر أربع ركعات، شاهدت بعض الناس في المسجد يصلون سنة العشاء والعصر والظهر أربع ركعات، أولا يصلون ركعتين، ثم يتمون ويسلمون ويمشون خطوة نحو اليمين أو اليسار أو الخلف ويصلون الركعتين الباقيتين، هل هذه الصلاة صحيحة، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفعلها أم لا (1)؟   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (40). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 295 ج: أما الظهر فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعا قبل الظهر (1)» رواه البخاري في الصحيح. وجاء أيضا في حديث أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها عند الترمذي، أنه ذكر عليه الصلاة والسلام كان يحافظ على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة، وذكر منها أربعا قبل الظهر، فأربع قبل الظهر مستحبة، والأفضل أن تكون ركعتين ركعتين؛ للحديث الصحيح: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2)» أما التقدم والتأخر والأخذ من اليمين والشمال، فهذا جاء في بعض الأحاديث الضعيفة، ولا أعلم في الباب ما يدل على السنية، وإنما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة يتقدم أو يتأخر، أو يأخذ يمينه أو شماله، قال بعض أهل العلم لأجل شهادة البقاع بهذه العبادة، ولكن لا أعلم في أنه ثبت في هذا شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذا صلى الراتبة في محل واحد فلا بأس في هذا، ولا أعلم دليلا على استحباب التحول من مكانه إلى الركعتين الأخيرتين لا عن يمين ولا عن شمال ولا عن خلف، فإن فعل فلا حرج، ولا أعلم   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 296 بأسا في ذلك، لكن لا أعلم دليلا على أن هذا مستحب، وأنه قربة وهكذا الصلوات الأخرى، إذا صلى أربعا قبل العصر فهي سنة؛؛ لأنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» أخرجه أحمد والترمذي وجماعة، ولا بأس بإسناده، أما المغرب فالسنة بعدها ركعتان فقط؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بعدها ركعتين، وهكذا العشاء السنة بعدها ركعتين راتبة، ومن صلى زيادة فلا بأس، من صلى كثيرا بعد المغرب فهي محل صلاة، لو صلى عشرا أو عشرين لا حرج في ذلك، السنة الراتبة التي كان يحافظ عليها - صلى الله عليه وسلم - ركعتان فقط بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، هذا المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام، والتي كان يحافظ عليها، وهكذا الفجر ركعتان قبل الفجر كان يركعهما في بيته، ثم يخرج إلى الصلاة عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة (2)» رواه مسلم في الصحيح، ورواه الترمذي وزاد: «أربعا قبل   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 297 الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح (1)» وهذه تسمى الرواتب، رواه ابن عمر عشرا، وذكر قبل الظهر ركعتين، وذكرت عائشة وغيرها ما يدل على أنها ثنتا عشرة ركعة، وأن قبل الظهر أربعا، وبهذا تكون الرواتب ثنتي عشرة ركعة، ولعل وجه الجمع بين الحديثين أنه - صلى الله عليه وسلم - ربما صلى قبل الظهر ركعتين كما قال ابن عمر، وتكون الرواتب عشرا، وربما صلى قبلها أربعا كما قالت عائشة وغيرها، فلا منافاة بين الحديثين ولا خلاف في الحقيقة.   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة لمن السنة ... برقم (414)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة ... ، برقم (1794)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة برقم (1140). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 298 س: السائلة م. ع تقول: ورد في الأثر أن النبي صلى الله وسلم كان يصلي أربعا ركعات قبل الظهر، وأربع ركعات قبل العصر، فهل يكون ذلك قبل الأذان أم بعده (1)؟ ج: هذا ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث صحيحة أنه كان يصلي أربعا قبل الظهر بعد الزوال - يعني بعد الأذان - تسمى راتبة تسليمتين، وبعدها ركعتين تسليمة، هذه راتبة، وإن صلى بعدها أربعا كان   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (421). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 298 أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1)» يعني بعد الزوال. وهكذا قبل العصر يصلي أربعا، جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان يصلي أربعا (2)» وفي الحديث الصحيح أنه قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (3)» يعني تسليمتين.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (651)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب كيف كان تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، برقم (598)، والنسائي في كتاب الإمامة، باب الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين، برقم (874)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة وفيها، باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار، برقم (1161). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 299 113 - حكم صلاة أربع ركعات متصلة قبل الظهر س: بالنسبة لنافلة الظهر هل لها تشهد أوسط أم تكون أربع ركعات متصلة؟ أفيدونا أفادكم الله (1) ج: السنة ركعتان ركعتان، يصلي ركعتين ثم يسلم، ثم ركعتين ويسلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2)» فأربع قبل الظهر تسليمتين، وأربع بعدها بتسليمتين، وإن صلى بعدها ركعتين فقط الراتبة فلا بأس، وإن زاد وصلى أربعا بعدها فهو   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (373). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 299 أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله عن النار (1)» وكان - صلى الله عليه وسلم - يصلي أربعا قبلها، واثنتين بعدها، هذه الراتبة، من زاد وصلى أربعا قبلها وأربعا بعدها صارت ثمانيا، قبلها أربع وبعدها أربع كان ذلك أفضل، وله هذا الخير، من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى عن النار. فيكون ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 300 114 - بيان فضل راتبة الظهر وكيفية أدائها س: المستمع يقول: أسأل عن الصلاة الرباعية التي قبل صلاة الظهر والرباعية التي بعدها، ما فضل هذه الراتبة، وإذا صليت قبل الصلاة أربعا بتسليمة واحدة هل ذلك جائز أم لا (1)؟ ج: السنة قبل الظهر أربع ركعات راتبة، كان النبي يداوم عليها - صلى الله عليه وسلم -، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها (2)» فالسنة أن يصلي أربعا   (1) السؤال من الشريط رقم (431). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 300 قبل الظهر بتسليمتين، وبعدها بتسليمة، وإن صلى بعدها أربعا فهو أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1)» هذا هو الأفضل: أربع قبلها وأربع بعدها بتسليمتين، وجمعهما في تسليمة واحدة مكروه، فالسنة أن يصلي الأربع بتسليمتين قبلها وبعدها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2)» هذا هو السنة، وهكذا قبل العصر يصلي أربعا بتسليمتين، هذا هو الأفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (3)» يعني ثنتين ثنتين. وهكذا يصلي بعد العشاء ثنتين، وبعد المغرب ثنتين؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم -، وقبل الفجر ثنتين، وإذا صلى بين العشاءين ركعات كثيرة أو في الليل فليس لها حد محدود؛ لأنه محل عبادة، محل تطوع، لكن الأفضل في الليل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل، وإن صلى أربعين أو خمسين أو مائة أو أكثر، وأوتر بواحدة فلا بأس لقوله   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 301 صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1)» ولم يحدد، لكن الأفضل الاقتصار على ما فعله - صلى الله عليه وسلم -، وهو ثلاث عشرة أو إحدى عشرة - صلى الله عليه وسلم - في رمضان وفي غيره.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 302 س: تستفسر هذه السائلة عن الصلاة بعد فريضة الظهر وقبلها، هل تجوز أربع ركعات (1)؟ ج: السنة الراتبة أربع قبلها تسليمتين، وثنتين بعدها، هذه الراتبة التي كان يحافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن إذا صلى بعدها أربعا يكون أفضل إذا صلى بعدها بتسليمتين يكون أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن أم حبيبة رضي الله عنها. أما الراتبة فأربع قبلها وثنتان بعدها، هذه الراتبة التي كان يواظب عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - تسليمتان قبلها وتسليمة واحدة بعدها، ولكن متى صلى تسليمتين بعدها كان أفضل   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (413). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 302 للحديث السابق. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 303 س: كيف تصلى الأربع ركعات قبل الظهر بسلام أم بسلامين (1)؟ ج: السنة بسلامين في الظهر وغيرها، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثتنى (2)» فيصلي أربعا قبل الظهر بتسليمتين وأربعا قبل العصر بتسليمتين، هذا هو السنة، وأربعا بعد الظهر بتسليمتين، هذا هو الأفضل.   (1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم (424). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 303 115 - حكم أداء الراتبة بعد الإقامة س: تسأل أختنا فتقول: هل السنن الرواتب لا تؤدى بين الصلاة والإقامة أم يجوز أن تؤدى بعد الإقامة كراتبة الظهر، هل يجوز أن تؤدى بعد الإقامة ثم بعد ذلك تؤدى الفريضة أم لا بد أن تؤدى الفريضة إذا تمت الإقامة؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (316). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 303 ج: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (1)» يعني أن ما بعد الإقامة ما فيه نافلة، إذا أحرم قبل الإقامة ثم أقيمت يقطع الصلاة، فالمقصود أن ما بعد الإقامة لا نافلة فيه، يتهيأ للفريضة؛ ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2)» فإذا أقيمت الصلاة وهو في النافلة فإنه يقطعها ويتهيأ للفريضة إلا إذا كان في آخرها قد انتهى من الركوع الثاني، قد ركع الركوع الثاني، كملها لأنها انتهت حينئذ.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 304 116 - حكم صلاة الراتبة قبل الأذان س: تقول السائلة: هل يجوز أن أصلي سنة قبلية قبل الأذان بنصف ساعة أو بربع ساعة أو أكثر أو أقل؟ أرجو توجيهي - جزاكم الله خيرا - ولا سيما في صلاة المغرب (1) ج: السنن القبلية تكون بعد دخول الوقت، سنة المغرب القبلية، والعصر القبلية، والظهر القبلية، والفجر والعشاء، كل هذا بعد دخول   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (134). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 304 الوقت، أما الصلاة قبل دخول الوقت فهذه من باب التطوع، فلا بأس أن يصلي الإنسان في أوقات ليس فيها نهي، كما لو صلى الضحى قبل وقوف الشمس، أو صلى قبل العصر قبل دخول الوقت، هذا يكون تطوعا، أما الصلاة قبل المغرب فهذا وقت نهي، لا يصلي تطوعا إلا لأسباب مثل صلاة الكسوف، وصلاة الطواف لمن طاف بعد العصر، أو تحية المسجد، كذلك الصلاة قبل العشاء تطوع لا بأس بها،؛ لأنه ليس وقت نهي، وإنما تكون سنة العشاء إذا كان بعد دخول الوقت بعد غروب الشفق تكون سنة العشاء القبلية، ولا تكون راتبة السنة قبل العشاء، ليست راتبة ولكنها سنة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء (1)» وقال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" قال في الثالثة: "لمن شاء (2)» فدل ذلك على استحباب الصلاة قبل العشاء وقبل المغرب لهذه الأحاديث.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 305 س: السائل الذي أرسل بهذه الرسالة والسائلة رمزت لاسمها بـ س. م. ش من مدينة تنومة تقول: هل يجوز لي أن أصلي السنن الرواتب قبل الأذان (1)؟ ج: السنة الرتبة بعد الأذان، سنة الظهر قبلها أربع، وبعدها اثنتان أو أربع، والفجر بعد طلوع الفجر سنة الراتبة ركعتان، أما المغرب والعشاء فسنتهما بعدهما بعد المغرب ركعتان، وبعد العشاء ركعتان، وإذا صلى قبل العصر يصليها بعد دخول الوقت أربع ركعات والأفضل بتسليمتين، إذا أذن المؤذن، إذا دخل وقت العصر يصلي أربع ركعات بتسليمتين أفضل، أما صلاتها قبل الوقت فلا، ما تنفع، ما تصير راتبة إذا صلاها قبل الوقت، صلاها قبل العشاء، قبل أذان العشاء تكون تبع الصلاة بين المغرب والعشاء، أو صلى قبل الظهر قبل وقت الظهر، إذا كان قبل وقوف الشمس تبع صلاة الضحى، وإن كان عند وقوف الشمس هذا وقت نهي لا يصلى فيه الصلاة العادية إلا ذوات الأسباب.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (395). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 306 س: هل يجوز أن أصلي السنة القبلية أو البعدية قبل وبعد الصلاة بنصف ساعة أو ساعة (1)؟   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (422). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 306 ج: لا حرج ما دام دخل الوقت، السنة القبلية أو البعدية في الوقت لا بأس، ولو تأخرت عن الصلاة أو تقدمت إذا كان بعد الزوال سنة الظهر وبعد الظهر قبل العصر كله طيب. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 307 117 - حكم صلاة السنن الرواتب جماعة س: السائل ف م. بالرياض يقول: هل تجوز صلاة النافلة الراتبة جماعة مثل راتبة الظهر أو العصر (1)؟ ج: المشروع أنها غير جماعية، الراتبة تصلى فردية، كل واحد يصلي عن نفسه، ما يصليها جماعة، لكن لو فعلها ناس جماعة فصحيحة، لكن السنة أن يصليها كل واحد عن نفسه، ما نحفظ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أنهم صلوها جماعة، فيصلي سنة الظهر وحده، وسنة الفجر وحده، وسنة المغرب كذلك، ما يحتاج إلى جماعة. أما صلاة الضحى فقد فعلها النبي عليه الصلاة والسلام جماعة بعض الأحيان لما زار بعض أصحابه، فلا بأس. أما السنة الراتبة: سنة الفجر، سنة المغرب، سنة العشاء، سنة الظهر، فلا أعلم أن الرسول فعلها جماعة، ولا أن بعض الصحابة فعلها جماعة، لا يحضرني في هذا   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (387). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 307 شيء، والأفضل للمؤمن أن يصليها مستقلا فردا وحده. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 308 118 - بيان فضل صلاة الراتبة في البيت س: السائل ع من المدينة النبوية يقول: أنا من سكان المدينة النبوية والحمد لله على هذه النعمة إذا أديت صلاة الفريضة في المسجد النبوي، وسؤالي عن الراتبة البعدية، فأنا في حيرة بين الحديثين: الأول «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة (1)» الحديث. والآخر: «صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة (2)» وجهونا سماحة الشيخ (3) ج: السنة للمؤمن أن يصلي الراتبة في بيته، هذا هو الأفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (4)» هكذا علم أصحابه في المدينة في مسجده الشريف،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1190)، ومسلم في كتاب الحج، باب الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، برقم (2394). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781). (3) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (389). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 308 وصلاتك في البيت أفضل من صلاتك في المسجد، لك أجر عظيم لأنك امتثلت أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأطعت توجيهه عليه الصلاة والسلام، فإذا صليت الفريضة في المسجد فالرواتب تكون في البيت أفضل إذا كانت في المسجد بألف صلاة ففي البيت أكثر؛ لأنك أطعت الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وامتثلت السنة، وهكذا في مكة، وهكذا في كل مكان، ويلحق بالمكتوبة ما شرعت له الجماعة مثل صلاة التراويح في المسجد أفضل، مثلا صلاة الكسوف، صلاة الجنازة في المساجد والمصليات أفضل من البيت. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 309 119 - حكم صلاة النافلة في المكتب س: هل النافلة في المكتب الذي يعمل فيه الموظف لمدة سبع ساعات يوميا أفضل من المسجد ويعد كالبيت أم لا؟ (1) ج: إذا كانت صلاته في المكتب لا تعطل عملا بل هو عنده فراغ فذلك مستحب، يتنفل بصلاة الضحى هذا أمر طيب، أما إن كانت صلاته قد تعطل عملا أو تنقص العمل فلا؛ يستمر في عمله ويكفي، وصلاته في مكتبه تشبه صلاته في البيت إذا كان ذلك لا يعطل عملا   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (290). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 309 ولا يضر عملا ولا ينقص عملا بل عنده فراغ، فهذا عمل طيب، انتهاز الفرص في الخير والحرص على الخير أمر مطلوب في المكتب، وفي السفر وفي الحضر، وفي كل مكان، كون المؤمن ينتهز الفرص بالتسبيح والتهليل والتحميد، وقراءة القرآن، وصلاة النافلة، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى غير ذلك، هذا هو الشيء المطلوب أينما كان بشرط أن يكون ذلك لا يضر عملا لازما له ولا يعطله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 310 120 - حكم ترك بعض السنن الراتبة س: هذه السائلة س. ص من الرياض تقول: سماحة الشيخ، نحن في المدرسة مجموعة من المعلمات نصلي تباعا على سجادتين، وعندما أريد الصلاة يكون خلفي من ينتظر لانتهائي من الصلاة، فأقوم بترك بعض السنن خاصة صلاة الظهر، وقد لا أصلي السنن حتى تستطيع الزميلات الأخريات الصلاة بعدي، فكيف أقضي هذه السنن، وهل أكون آثمة في ذلك؟ (1) ج: السنن نوافل: سنة الظهر، وسنة المغرب، والعشاء، والفجر، كلها نوافل ما فيها إثم، والحمد لله، لكن السنة المحافظة عليها، لو صليتها في   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (426). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 310 محلك كان أحسن، ثم أختك في الله تصلي مثلك، لا تعجلي، صلي الفريضة والراتبة، ثم أختك في الله تفعل مثلك، لا تعجلي، صلي الفريضة والراتبة ولا تعجلي، والوقت بحمد الله واسع بعد الظهر، هذا فيه خير عظيم، ولا يشرع التساهل في هذا، بل السنة أن تصلي قبل الظهر أربع ركعات بتسليمتين، وبعد الظهر تسليمة واحدة، وإن صليت تسليمتين بعد الظهر كان أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1)» هذا فضل عظيم، فالأفضل أن تصلي تسليمتين قبل الظهر، وتسليمتين بعدها، الرجل والمرأة، وإذا صليت في مكانك، ثم بعد ذلك تصلي أختك في الله كله طيب، والحمد لله.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 311 121 - حكم راتبة الظهر قبل صلاة الجمعة س: سنة الظهر الراتبة القبلية أربع، فهل تكون هذه الركعات الأربع الراتبة قبل صلاة الجمعة أيضا أم هي راتبة للظهر فقط، ومتى يكون وقتها، وهل في ذلك خلاف؟ نرجو ذكر الراجح مع الدليل، جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (210). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 311 ج: هذه الأربع سنة الظهر، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعا قبل الظهر (1)» وهكذا جاء عن أم حبيبة رضي الله عنها. السنة للمؤمن والمؤمنة أن يصلي كل منهما أربعا قبل الظهر راتبة تسليمتين بعد الزوال، بعد أذان الظهر يسلم تسليمتين، هذا هو الأفضل، وبعدها تسليمة واحدة، وإن صلى بعدها أربعا بتسليمتين فهو أكمل وأفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «ومن حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2)» أما الرواتب التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي ست: أربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، لكن من زاد ركعتين وصلى أربعا بعد الظهر كان ذلك مزيد خير وفضل، وأما الجمعة فليس لها راتبة قبلها، لكن يصلي المؤمن ما تيسر أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له (3)» ولم يحدد - صلى الله عليه وسلم - دل ذلك على أنه ليس لهذا حد محدود   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 312 بل يصلي ما قدر الله له: ركعتين، أو أربع ركعات، أو ست ركعات، أو ثماني ركعات، لكن السنة أن يسلم من كل اثنتين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1)» هكذا جاء في الرواية في السنن «صلاة الليل والنهار (2)» زيادة النهار وهي رواية جيدة لا بأس بها تدل على استحباب الصلاة النهارية ثنتين ثنتين كالليل.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 313 122 - الترغيب في النوافل الرواتب وغيرها س: الأخت أ. م. ع. من مكة المكرمة تقول: أفيدكم بأنني أصلي قبل العصر بحوالي عشر دقائق أربع ركعات، وقبل الظهر أيضا أصلي أربع ركعات، وبعده أصلي ركعتين، وأصلي قبل المغرب ركعتين سنة الوضوء، وآخر الليل أصلي الوتر الساعة الثانية عشرة إلى الواحدة، وقبل أذان الفجر أصلي ركعتين، والسؤال: ما حكم تلك الصلوات المذكورة؟ (1) ج: كل هذا سنة، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل   (1) السؤال الحادي والخمسون من الشريط رقم (428). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 313 العصر أربعا (1)» وكان يصلي أربعا قبل الظهر عليه الصلاة والسلام، وثنتين بعدها، وإن صلى بعد الظهر أربعا فهو أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2)» فإذا صلى بعدها أربعا وقبلها أربعا - الظهر - فهذا أفضل. أما الراتبة فثنتان تسليمة واحدة بعد الظهر، وقبلها تسليمتان، هذه الراتبة ست ركعات: قبلها أربع، وبعدها ثنتان، لكن لو صلى بعدها أربعا فهو أفضل، وبعد أذان المغرب ركعتين، وبعد أذان العشاء ركعتين، هذا أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، لمن شاء (3)» وفي اللفظ الآخر: «صلوا قبل المغرب " ثم قال: " لمن شاء (4)» دل على أنها مستحبة، وبعد العشاء ركعتين راتبة، وقبل الفجر ركعتين راتبة، يصلي قبل الفجر ركعتين بعد طلوع الفجر راتبتها.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 314 123 - بيان وقت الركعات الأربع التي قبل العصر س: السائل ح. ز. من جدة يقول: الأربع ركعات التي قبل العصر التي قال - صلى الله عليه وسلم - فيها: «رحم الله رجلا صلى قبل العصر أربعا (1)» هل هي قبل دخول وقت صلاة العصر أم قبل الإقامة لصلاة العصر؟ (2) ج: هذه الأربع بعد دخول الوقت وقبل الصلاة: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (3)» يعني قبل صلاة الفريضة، يصليها بعد دخول الوقت بعد دخول وقت العصر، يصليها قبل الإقامة أربعا، تسليمتان.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (2) السؤال الثالث من الشريط رقم (403). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 315 س: ثبت عن سيد المرسلين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» وحرم الله النار على رجل صلى أربعا قبل الظهر وأربعا بعد الظهر. أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -، فهل هذه الثمان ركعات التي قبل الظهر وبعده هي الراتبة، وهل الأربع ركعات التي قبل العصر هي التي تصلى بعد سماع الأذان وقبل الفريضة أم تصلى قبل ذلك كله؟ أرجو   (1) سنن الترمذي الصلاة (430)، سنن أبي داود الصلاة (1271)، مسند أحمد (2/ 117). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 315 إفادتنا بذلك بارك الله فيكم. (1) ج: الأربع ركعات التي قبل العصر تصلى بعد دخول الوقت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2)» فظاهر الحديث أنها قبله، يعني بعد دخول الوقت، وهذه ليست راتبة ولكنها مشروعة؛ لأن الرسول ندب إليها عليه الصلاة والسلام، ودعا لصاحبها، وهي سنة وقربة وطاعة بعد دخول الوقت، وتصلى ثنتين ثنتين، هذا هو السنة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (3)» يعني ثنتين ثنتين، هذا هو السنة، أما أربع قبل الظهر وأربع بعدها فإنه يدخل فيها الراتبة، الراتبة المحفوظة عنه - صلى الله عليه وسلم - أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، جاء ذلك من حديث عائشة رضي الله عنها ومن حديث أم حبيبة رضي الله عنها، ومن أحاديث أخرى، والمعنى: التسليمتان، وتسليمة واحدة بعدها. وجاء في حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى عن   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (230). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 316 النار (1)» فهذه الثماني تكون فيها الراتبة، الست التي فيها الراتبة داخلة فيها، فإذا صلى أربعا قبل الظهر وصلى أربعا بعدها حصل بذلك المقصود، الراتبة وزيادة ركعتين، كلها فيها فضل عظيم وخير كبير.   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 317 124 - حكم المداومة على أربع ركعات قبل العصر س: ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» هل تجب المداومة عليها للحصول على الرحمة أم لا؟ (2) ج: هذا مستحب، يدل على الاستحباب، فهو حديث جيد لا بأس به، حديث صحيح يدل على شرعية الصلاة أربعا قبل العصر تسليمتين، هذا هو الأفضل، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (2) السؤال العشرون من الشريط رقم (310). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 317 125 - حكم الصلاة بعد صلاة العصر س: يقول السائل: هل هناك سنة بعد صلاة العصر، وهل تجوز الجزء: 10 ¦ الصفحة: 317 الصلاة قبل الغروب؟ (1) ج: ليس هناك سنة بعد العصر، فقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس إلا لمن عليه فوائت، هذا يقضيها ولو بعد العصر لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (2)» فلو تذكر بعد العصر أن عليه الظهر نسيها صلاها، أو عليه الفجر نسيها صلاها، أو غير ذلك، وهكذا لو أن إنسانا دخل المسجد أو طاف بعد العصر في مكة، صلى تحية المسجد وصلى ركعتي الطواف، وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر، هذه من ذوات الأسباب تصلى بعد العصر، أما سنة راتبة بعد العصر فلا، إلا خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد صلى بعد العصر ركعتين بسبب أنه شغل عنها بعد الظهر، ثم أثبتها، وسئل عنها: هل نقضيهما؟ قال: لا. وأخبرت عائشة أنه أثبتها، كان يصليها بعد العصر،   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (249). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة ..... ، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 318 هذا شيء خاص به عليه الصلاة والسلام. وقبل الغروب ليس فيه صلاة إلا مثل ما تقدم الشيء الذي يعرض من ذوات الأسباب، كالكسوف، والطواف بمكة، وتحية المسجد. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 319 126 - حكم الصلاة قبل العصر س: إذا صليت سنة العصر أو أي فرض القبلية قبل الأذان، وعندما أذن العصر صليت أربع ركعات فرض العصر، فهل السنة القبلية تكتب لي قبلية العصر، أم يجب أن أصليها بعد الأذان؟ أرجو التوضيح. (1) ج: السنة نافلة، ما هي بفرض، يستحب أربع قبل العصر، بعد دخول وقت العصر تسليمتين، وإذا صليت قبل الأذان بين الظهر والعصر صلوات ولو مائة ركعة لا بأس، الوقت - الحمد لله – وقت واسع، ولا فيه منع، لو صلى الإنسان بعد الظهر ركعات كثيرة عشر ركعات عشرين ركعة ثلاثين ركعة، ما فيه شيء – الحمد لله - يسلم من كل ثنتين، ويستحب له بعد أذان العصر بعد دخول وقت العصر، يصلي   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (383). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 319 أربعا بتسليمتين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» مستحبة ما هي بواجبة، الواجب الصلوات الخمس: الظهر، العصر، المغرب، العشاء، الفجر. هذه الفرائض. أما سنة الظهر والعصر والمغرب، والعشاء، والضحى، والوتر كلها نوافل غير واجبة، لو تركها ما عليه إثم، لكن له أجر في فعلها، له الأجر العظيم.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 320 127 - بيان وقت سنة المغرب س: يسأل السائل ويقول: هل للمغرب سنة قبلية أم بعدية؟ (1) ج: الراتبة بعد المغرب وبعد العشاء، أما ركعتان قبل المغرب هذه سنة ليست راتبة، لكن إذا كان في المسجد يستحب له بعد الأذان أن يصلي ركعتين بعد أذان المغرب، وهكذا بعد أذان العشاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة " وقال في الثالثة: " لمن شاء (2)» فيستحب أن يصلي ركعتين بعد الأذان، أذان المغرب، وأذان العشاء، وحديث آخر: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (412). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 320 المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (1)» فدل ذلك على أنهما مستحبان وليستا واجبتين.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 321 128 - حكم صلاة النوافل بعد سنة المغرب س: هناك أناس يصلون بعد سنة المغرب ست ركعات اثنتين اثنتين، ويقولون بأنها صلاة الأوابين، فما حكمها؟ (1) ج: هذه ليس لها أصل، يسمونها مؤنسات أيضا، وهي ليس لها أصل، صلاة الأوابين صلاة الضحى، إذا اشتد الضحى سماها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الأوابين، أما الصلاة بعد المغرب إذا صلى ستا أو عشرا أو عشرين وسلم من كل ثنتين كله طيب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» إذا كان أحد يصلي بعد سنة المغرب أربع ركعات بتسليمتين، أو ست ركعات بثلاث تسليمات، أو ثمانيا أربع تسليمات، أو أكثر ما فيه شيء، لكن تخصيص ست يرى أنها خاصة لا أصل لها، ويسميها بعضهم المؤنسات.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (418) (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 321 س: السائل يقول: هناك أناس يصلون بعد سنة المغرب ست ركعات اثنتين اثنتين، يسلمون بعد كل اثنتين، ويقولون بأنها صلاة الأوابين، فما حكمها؟ (1) ج: هذا ليس له أصل، صلاة الأوابين صلاة الضحى، إذا اشتد الضحى هذه صلاة الأوابين كما جاء في الحديث الصحيح، أما بين المغرب والعشاء فالإنسان يستحب له أن يصلي ما تيسر، لكن الست التي يظنها الناس ليس لها أصل، الراتبة ثنتان، السنة أن يصلي بعد المغرب ثنتين، والأفضل في البيت، هذه يقال لها: راتبة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، وهكذا بعد العشاء ركعتين، يصلي ركعتين بعد العشاء، أما كونه يصلي ستا بعد المغرب فلا بأس يصلي ستا، أو عشرا، أو عشرين أو مائة لا حرج، يسلم من كل ثنتين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» ومن تطوع بين المغرب والعشاء وصلى ستا أو ثمانيا أو عشرا أو أكثر لا بأس، لكن اعتقاد أن هناك ستا خاصة ليس عليه دليل صحيح.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (421) (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 322 129 - فضل صلاة سنة المغرب في البيت س: أيهما أفضل سنة المغرب في المسجد أم في المنزل؟ (1) ج: الأفضل في المنزل، سنة المغرب وسنة العشاء، وسنة الفجر إذ تأكد أداؤها في البيت، وكان النبي يفعلها في البيت عليه الصلاة والسلام، وهكذا الظهر الأفضل فعلها في البيت أيضا، وهكذا جميع التطوعات فعلها في البيت أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (2)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (41). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 323 130 - حكم الصلاة قبل المغرب س: في صلاة المغرب بعض المصلين يصلون ركعتين قبل فرض المغرب، ويقولون: إنها سنة قبلية، والبعض الآخر لا يصلي سنة قبلية ويقولون: ليس هناك سنة قبل صلاة المغرب. السؤال: هل توجد سنة أم لا، وما الحكم فيما قيل؟ (1)   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (209). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 323 ج: ليس للمغرب سنة قبلية راتبة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (1)» فدل على أنها مشروعة وليست واجبة، إذا كان الإنسان جالسا في المسجد ثم أذن المغرب يشرع له أن يقوم ويصلي ركعتين لهذا الحديث الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (2)» بين الأذان والإقامة، فإذا صلى ركعتين فقد امتثل وفعل، هذا المشروع، لكن لم تكن راتبة، ولم يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي مشروعة لمن كان في المسجد حين الأذان، يقوم ويصلي ركعتين، أو دخل بعد الأذان يصلي ركعتين تحية المسجد لهذين الحديثين المعروفين، وكان الصحابة يفعلونها أيضا، كانوا يصلون، إذا أذن المؤذن قاموا وصلوا ركعتين، والنبي يراهم صلى الله عليه وسلم ولم ينههم عن ذلك بل أمر بذلك، قال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (3)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 324 131 - حكم صلاة الركعتين بعد أذان المغرب س: يسأل ع. أفيقول: كنت أصلي ركعتين قبل صلاة المغرب وبعد الأذان، وبعض الناس يقولون: إن هذا بدعة، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: صلاة الركعتين بعد الأذان مستحبة، أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (2)» وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم إذا أذن المؤذن قاموا وصلوا ركعتين، فهي سنة بعد الأذان، يسن لمن كان في المسجد أن يصلي ركعتين قبل الإقامة، ومن أنكر ذلك فقد جهل السنة.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (316). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 325 132 - حكم المداومة على ست ركعات بعد المغرب س: أنا تعودت أن أصلي نفلا بعد المغرب ست ركعات، ولكني أصليها بسورة الفاتحة فقط، هل هذا العمل يجوز أم لا؟ (1) ج: المشروع بعد المغرب ركعتان فقط الراتبة، فمن صلى بعدها   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (1). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 325 زيادة ستا أو ثمانيا أو عشرا أو أكثر فلا حرج عليه، لكن بعض الناس قد يظن أن للست خصوصية، وهذا لا أصل له، ولم يكن فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على ذلك وإن اعتاده بعض الناس، فالست ليس لها خصوصية، وليس لها أصل يعتمد عليه في الأحاديث الصحيحة، ولكن من فعلها لمزيد الخير ولمزيد العبادة صلى ستا أو ثمانيا بعد المغرب أو عشرا فلا حرج عليه، ليس فيه حد محدود، فبين العشاءين محل صلاة ومحل عبادة، ولكن الراتبة فقط ركعتان، التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ركعتان فقط، هذه الراتبة فإن زاد، إن صلى أكثر من ذلك فلا حرج عليه ولا بأس عليه، وتجزئ بسورة الفاتحة فقط، لكن الأفضل أن يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، آية أو آيتين أو سورة قصيرة هذا هو الأفضل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 326 133 - بيان وقت صلاة الرواتب لمن جمع بين المغرب والعشاء س: صلينا المغرب والعشاء جماعة في المسجد لوجود مطر وبرد، والسؤال: متى نصلي الرواتب إذا جمعنا؟ وكم يصبح عددها؟ وهل يصلى الشفع والوتر في نفس الوقت أم لا بد من تأخيره؟ (1)   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (171) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 326 ج: إذا صليت العشاء مع المغرب جمع تقديم فإنك تصلي سنة المغرب وسنة العشاء بعد ذلك، وتصلي الوتر بعد ذلك ولو في وقت المغرب؛ لأن العشاء متى قدمت دخل وقت الوتر وسنة العشاء ولو كانت مجموعة مع المغرب جمع تقديم، وهكذا الظهر والعصر إذا جمعا وأنت مقيم للمطر أو للمرض ليس في هذا صلاة؛ لأن صلاة العصر ليس بعدها صلاة لأنها وقت نهي، فإذا جمعت الظهر مع العصر فإنها تسقط حينئذ راتبة الظهر البعدية التي بعدها، لأن الأفضل أن تضم إليها العصر قبل أن تصلي الراتبة، فحيئذ تسقط الراتبة البعدية في الظهر عند الجمع في حال المرض والمطر ونحو ذلك، وتصلي الراتبة القبلية وهي أربع قبل الظهر، وتصلي العصر بعد الظهر متصلة من دون حاجز، ومن دون فصل براتبة الظهر البعدية، أما المغرب والعشاء فإنهما تقعان في غير وقت نهي، فلهذا إذا صليت العشاء تصلي سنة المغرب ركعتين، وتصلي بعدها سنة العشاء ركعتين، وإذا أردت الوتر أوترت أو أجلت ذلك إلى وسط الليل أو آخر الليل، الأمر في هذا واسع والحمد لله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 327 134 - بيان راتبة العشاء س: حدثوني عن راتبة العشاء جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (218). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 327 ج: راتبة العشاء ركعتان، هكذا كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام، وإن صلى أربعا أو ثمانيا أو أكثر فلا بأس، الليل كله محل صلاة، لكن الراتبة اثنتان، ثم يصلي ما يسر الله له في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، ثم يختم بواحدة الوتر ركعة واحدة، يقرأ فيها الحمد، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) هذا هو السنة سواء في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، يصلي ما كتب الله له ثنتين، ويوتر بواحدة، يصلي أربعا ويوتر بواحدة، يصلي أكثر ويوتر بواحدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصلي عشرا ويوتر بواحدة الحادية عشرة، وربما صلى ثنتي عشرة وأوتر بواحدة الثالثة عشرة، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، ومن صلى أكثر صلى مائة ركعة وأوتر بواحدة أو خمسين ركعة وأوتر بواحدة فلا حرج في ذلك، لكن يسلم من كل ثنتين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى - هكذا قال صلى الله عليه وسلم - فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2)» هذه السنة، يصلي ثنتين ثنتين في أول الليل أو   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 328 في وسطه أو في آخره، ثم يختم بواحدة يقرأ فيها الحمد، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) وإذا أحب أن يقنت بعد الركوع قنت بما يسر الله له بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن رضي الله عنه: «اللهم اهدني فيمن هديت (2)» وإذا زاد معه بعض الدعوات الطيبة بعد الركوع هذا هو الأفضل.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 329 135 - حكم السنن قبل صلاة العشاء س: هل توجد سنة لصلاة العشاء، أي تؤدى قبل فرض العشاء ركعتين؟ (1) ج: يشرع قبل كل صلاة ركعتان، قبل العشاء، قبل المغرب، قبل العصر، قبل الظهر، قبل صلاة الفجر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (2)» فدل على سنية الصلاة قبل المغرب ركعتين، وكان الصحابة   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (35) (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 329 يصلون ركعتين قبل المغرب، يعني بعد الأذان وقبل الإقامة ركعتين، هذا هو الأفضل، وكذلك العشاء، إذا أذن المؤذن يصلي ركعتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1)» بين الأذانين صلاة، بينها النبي صلى الله عليه وسلم، يدخل فيها العشاء، إذا أذن العشاء شرع للجالسين في المسجد أو الوافدين أن يصلوا ركعتين سنة قبل العشاء في حق الماكثين في المسجد، وسنة لمن دخل تحية المسجد، تجمع بين الصلاة بين الأذانين، وبين أنه أدى التحية، وهكذا الظهر إذا كان جالسا في المسجد وأذن يقوم فيصلي ركعتين أو أربعا وهو أفضل في الظهر؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر (2)» يعني تسليمتين، وهكذا قبل العصر أربعا، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (3)» وإن صلى ركعتين قبل العصر فحسن للحديث السابق: «بين كل أذانين صلاة (4)» وإن جعلها أربعا فهو   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 330 أفضل للحديث السابق أيضا: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» فهذه سنن قبل هذه الصلوات، الظهر ثنتان أو أربع والأفضل أربع، وقبل العصر أربع، وإن صلى ركعتين كفى، وقبل المغرب ركعتان، وقبل العشاء ركعتان، كل هذه سنن، وقبل الفجر ركعتان أيضا سنة راتبة قبل الفجر.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 331 س: الأخ ر. ع. من الجمهورية العربية السورية من دور الزور يقول: كثير من الناس في قريتنا متجادلون على سنة العشاء القبلية، بعضهم يقول: مؤكدة، والآخر يقول: إنها غير مؤكدة، فأرجو من سماحة الشيخ توضيح هذا الأمر. (1) ج: غير مؤكدة والحمد لله، من شاء صلى ومن شاء ترك، وهي بين الأذان والإقامة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، لمن شاء (2)» فمن شاء صلاها ومن شاء تركها بين الأذان والإقامة في العشاء، وهكذا في المغرب، أما بين الأذان والإقامة في الظهر فهي مؤكدة، يصلي أربع ركعات تسليمتين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (144) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 331 كان يصلي أربع ركعات قبل الظهر، يصلي ثنتين ثنتين عليه الصلاة والسلام، وهي من الرواتب، أربع ركعات قبل الظهر من الرواتب، أما العصر فهي مستحبة وليست مؤكدة، جاء في الحديث: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» والسنة أن يصلي ثنتين ثنتين لما في الحديث: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2)» قاله النبي عليه الصلاة والسلام، ولا ينبغي التجادل في هذا، هذه أمور مستحبة ونوافل لا ينبغي فيها التجادل، بل ينبغي المذاكرة والبحث بين الإخوان مع طلبة العلم حتى يستفيدوا، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (3)» فإذا صلى ركعتين بين أذان المغرب وصلاة المغرب، بين أذان العشاء وصلاة العشاء، بين أذان العصر وصلاة العصر، أو صلى أربعا، كل ذلك لا بأس به، أما الظهر فلها راتبة قبلها وهي أربع ركعات، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر (4)» يعنى تسليمتين.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 332 وأما بعد الظهر فركعتان راتبة كان يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، ومن صلى أربعا فهو أفضل بعد الظهر أيضا، وهكذا بعد العشاء ركعتين وبعد المغرب ركعتين، وقبل صلاة الفجر ركعتين، يعني يصلي ركعتين قبل صلاة الفجر، هذه كلها رواتب كان الرسول يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، فالجميع اثنتا عشرة ركعة، هذه رواتب كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يحافظ عليها، وهي أربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد صلاة العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، والأفضل فعلها في البيت، وإن فعلها في المسجد فلا بأس. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 333 136 - حكم تأخير سنة العشاء مع الوتر إلى آخر الليل س: الأخ أحمد من اليمن يقول في سؤاله: هل يصح تأخير سنة العشاء مع الوتر إلى ما قبل الفجر؟ (1) ج: الأفضل أن يصليها قبل نصف الليل، وإن أخرها صح؛ لأنه وقت ضرورة لكن الأفضل أن يصليها قبل نصف الليل.   (1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (432) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 333 س: الأخ أ. م. يقول: هل يصح تأخير سنة العشاء مع الوتر إلى ما الجزء: 10 ¦ الصفحة: 333 قبل صلاة الفجر؟ (1) ج: الأحوط البدار بها قبل نصف الليل سنة العشاء؛ لأن وقت العشاء إلى نصف الليل، فالأحوط البدار بها قبل نصف الليل، وإن صلاها بعد نصف الليل فلا بأس، لأنه وقت ضرورة، لكن الأفضل البدار بها قبل نصف الليل.   (1) السؤال الرابع والستون من الشريط رقم (431) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 334 س: يقول هذا السائل: هل يجوز أن نؤخر سنة العشاء البعدية إلى ما بعد الصلاة بساعتين أو ثلاث؟ (1) ج: لا بأس أن تؤخرها قبل نصف الليل، الأفضل أن تؤديها قبل نصف الليل؛ لأن وقت العشاء إلى نصف الليل.   (1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم (433) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 334 س: ما رأي سماحتكم فيمن يتحرى قيام الليل قبل أذان الفجر بساعة إلا ربعا لكوني إذا صليت الساعة الواحدة أو الثانية بعد منتصف الليل أحيانا أنام عن صلاة الفجر مع الجماعة؟ (1) ج: الأفضل أن توخر قيام الليل إلى آخر الليل حتى تصلي ما يسر الله   (1) السؤال السادس والسبعون من الشريط رقم (433) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 334 لك، وتحضر صلاة الفجر، أما إذا صليت في وسط الليل ثم نمت هذا قد يخشى بسببه عليك أن تنام عن الفجر، فالواجب عليك الاحتياط، وأن تحرص على ألا تفوتك صلاة الفجر؛ لأن صلاتها في الجماعة أمر لازم، فعلى الرجل أن يصلي في الجماعة صلاة الفجر كبقية الصلوات، ليس له أن يصلي في البيت، فصل آخر الليل حتى تجمع بين الأمرين. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 335 137 - بيان وقت صلاة ركعتي الفجر وفضل صلاتهما في البيت س: السائل س. ش يقول: كيف كان يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم سنة الفجر، هل هو بعد سماع المؤذن؟ (1) ج: كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن وتحقق طلوع الفجر صلاها بعد الأذان في بيته عليه الصلاة والسلام، ثم يأتي فتقام الصلاة عليه الصلاة والسلام، يصلي ركعتي الفجر ويضطجع بعدها على جنبه الأيمن بعض الشيء، ثم يتوجه للصلاة عليه الصلاة والسلام، ويقول: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم (2)»   (1) السؤال الستون من الشريط رقم (433) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان قبل الفجر، برقم (623)، ومسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم (1092) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 335 138 - بيان وقت صلاة راتبة الفجر س: هل راتبة الفجر قبل الأذان أم بعد الأذان، وإذا كان بعد الأذان فهل هي إذا دخلت المسجد والمؤذن يؤذن أو إذا انتهى من الأذان أن أصلي تحية المسجد والراتبة أم أصلي راتبة الفجر فقط؟ (1) ج: سنة الفجر تكون بعد طلوع الفجر سواء كان أذن المؤذن أو ما أذن المؤذن، إذا صليتها بعد طلوع الفجر فقد حصل المقصود في بيتك أو في المسجد، وإذا صليتها بعد الأذان كذلك قد أديت السنة، المهم أن تكون بعد طلوع الفجر، لو أذن المؤذن قبل طلوع الفجر وصليتها بعد الأذان قبل طلوع الفجر ما تكون أديت السنة، لا بد أن تكون بعد طلوع الفجر أو بعد الأذان، إذا كان المؤذن يؤذن على طلوع الفجر، وإذا جئت المسجد وأنت لم تصل الراتبة فإنك تصلي ركعتين تنوي بهما الراتبة، وتكفي عن تحية المسجد، وإذا نويتهما جميعا الراتبة وتحية المسجد فلا حرج في ذلك، ولا حاجة لتكرار الصلاة، تكفي ركعتان فقط، ركعتان تنوي بهما سنة الفجر وسنة التحية، والحمد لله.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (289) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 336 139 - حكم القراءة في سنة الفجر س: يقول السائل: نرجو أن تحدثونا عن صلاة الرغيبة - الفجر - هل نقرأ الفاتحة وسورة أخرى معها؟ (1) ج: السنة تسمى راتبة الفجر، ومن سماها الرغيبة فهو اسم لا أعلم له أصلا المقصود سنة الفجر، وهي ركعتان تفعل في البيت أفضل، وإن فعلها في المسجد فلا بأس، يقرأ فيهما الفاتحة و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (2) وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) مع الفاتحة. أو يقرأ فيهما آية البقرة في الأولى مع الفاتحة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (4) الآية، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} (5) كل هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم، هذا وهذا وهي سنة مؤكدة، لكن يشرع فيها التخفيف، وفي البيت أفضل، وإن صلاها في المسجد فلا بأس   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (249) (2) سورة الكافرون الآية 1 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة البقرة الآية 136 (5) سورة آل عمران الآية 64 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 337 وهي مشروعة للرجل والمرأة جميعا، للمسافر والمقيم، للجميع. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 338 140 - حكم الصلاة قبل سنة الفجر بعد الأذان الثاني س ما حكم الصلاة قبل سنة الفجر؟ أي بعد الأذان الثاني. (1) ج: السنة أن يصلي سنة الفجر في بيته أو في المسجد، ولا يصلي سواها، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (2)» إذا طلع الفجر يصلي سنة الفجر فقط سواء في بيته أو في المسجد، ثم الفريضة.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (422) (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 338 141 - بيان ما يقرأ في ركعتي الفجر س: تقول المستمعة: سمعت أن الأفضل لمن صلى ركعتي الفجر أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة الكافرون، والثانية بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) فهل ما سمعت صحيح؟ (2) ج: نعم هذه هي السنة للرجل والمرأة أن يقرأ في سنة الفجر بهاتين   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (291) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 338 السورتين بعد الفاتحة في الأولى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1) بعد الفاتحة، وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) بعد الفاتحة، للرجل والمرأة، والسنة أن تؤدى في البيت للرجل، وإن أداها في المسجد فلا بأس، وإن قرأ فيهما أيضا آية البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (3) الآية، بعد الفاتحة، وفي الثانية آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (4). هذا هو السنة أيضا، والنبي فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، تارة يقرأ السورتين، وهما: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (5) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6) وتارة يقرأ الآيتين: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (7) الآية في الأولى أي بعد الفاتحة. وفي الثانية: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} (8) بعد الفاتحة، كلها سنة، وإن قرأ غير ذلك فلا حرج والحمد لله، لكن كونه يقرأ هاتين الآيتين أو هاتين السورتين هذا هو الأفضل تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم.   (1) سورة الكافرون الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة البقرة الآية 136 (4) سورة آل عمران الآية 64 (5) سورة الكافرون الآية 1 (6) سورة الإخلاص الآية 1 (7) سورة البقرة الآية 136 (8) سورة آل عمران الآية 64 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 339 142 - بيان القدر الكافي من القراءة في الصلاة س: هل على من يصلي النوافل قراءة شيء من القرآن غير الفاتحة، وأنا أداوم في ركعتي الفجر خاصة على سورتي الإخلاص؟ (1) ج: المشروع لمن كان يصلي النافلة في الليل أو النهار أن يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، هذا هو الأفضل أما الوجوب فلا يجب إلا الفاتحة، هي ركن الصلاة، فإذا قرأها المصلي كفت، ولكن إذا قرأ معها زيادة آيات أو سور أخرى كان أفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ الفاتحة ويقرأ معها زيادة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» فالأصل هو الفاتحة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3)» فالسنة للمؤمن إذا قرأها أن يقرأ معها زيادة، هذا هو الأفضل، وفي سنة الفجر يقرأ معها سورتي: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (4) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) في الأولى:   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (69) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). (4) سورة الكافرون الآية 1 (5) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 340 {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1) وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) وإن قرأ مع الفاتحة آية البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (3) الآية، أو آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (4) الآية. هذا أيضا سنة، فعل النبي هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، كان يقرأ تارة: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (5) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6) وتارة يقرأ الآيتين المذكورتين آنفا. وإن قرأ غير ذلك فلا بأس أيضا، ولكن الأفضل أن يقرأ ما قرأه النبي عليه الصلاة والسلام في سنة الفجر، وهكذا في سنة المغرب كان يقرأ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (7) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (8) بعد الفاتحة، وهكذا في سنة الطواف، إذا طاف بالكعبة الأفضل أن يقرأ بسورتي الإخلاص: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (9) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (10) بعد الفاتحة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.   (1) سورة الكافرون الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة البقرة الآية 136 (4) سورة آل عمران الآية 64 (5) سورة الكافرون الآية 1 (6) سورة الإخلاص الآية 1 (7) سورة الكافرون الآية 1 (8) سورة الإخلاص الآية 1 (9) سورة الكافرون الآية 1 (10) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 341 س: يقول هذا السائل: هل تجزئ سورة الفاتحة في سنة الفجر أم الفاتحة وسورة أخرى؟ (1) ج: الفاتحة مجزئة، لكن السنة أن يقرأ معها في الركعة الأولى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (2) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) في الثانية مع الفاتحة، أو يقرأ في الأولى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (4) من سورة البقرة، وفي الثانية: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (5) من سورة آل عمران.   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (425) (2) سورة الكافرون الآية 1 (3) سورة الإخلاص الآية 1 (4) سورة البقرة الآية 136 (5) سورة آل عمران الآية 64 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 342 143 - حكم المداومة على سور مخصوصة في النوافل س: ما حكم المداومة على سور مخصوصة في نوافل مخصوصة كسورتي المسد والكافرون في ركعتي الفجر مثلا؟ جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (263) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 342 ج: لا حرج في مداومة القراءة على سور معينة إذا كان يعتقد أنه لا بأس بخلافها، لكن لكونها يحفظها أو لكونها أسهل عليه فلا بأس بذلك، أما إذا كان يعتقد أنه لا يجوز غيرها فلا يجوز، أما إذا كان يقرؤها لأنها أسهل عليه ولأنه يحفظها أو لأنها قصيرة فلا بأس بذلك ولا حرج، كان النبي صلى الله عليه وسلم في سنة المغرب، وفي سنة الفجر، وسنة الطواف يقرأ فيها: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) وهكذا كان يقرأ في سنة المغرب: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (3) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) وكان يقرأ في الوتر سبح والغاشية، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) في الثالثة الأخيرة، يقرأ بسبح في الأولى في الثلاث الأخيرة، ثم الغاشية في الثانية، ثم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6) في الثالثة بعد الفاتحة، كل هذا لا حرج فيه، والحمد لله.   (1) سورة الكافرون الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الكافرون الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 (5) سورة الإخلاص الآية 1 (6) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 343 144 - بيان أن الراتبة تكفي عن تحية المسجد س: أرى بعض المصلين يصلون أربع ركعات في صلاة الفجر، فهل هذا جائز؟ (1)   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (171) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 343 ج: السنة ركعتان تكفيه عن تحية المسجد وعن الراتبة، بعض الناس يظن أنه يجمع بين الأمرين، يصلي تحية المسجد ثم يصلي الراتبة، وهذا لا حاجة إليه؛ لأنه في الحديث «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (1)» ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتين وهي سنة الفجر، فالسنة لمن دخل المسجد وهو لم يصل الراتبة فإنه يصلي ركعتين بنية الراتبة، وإن نوى مع ذلك سنة التحية فكله حسن وتكفيه ركعتان، السنة الراتبة تقوم مقام تحية المسجد، وإذا نواهما جميعا نوى التحية مع الراتبة فلا حرج في ذلك.   (1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 344 س: الأخ م. ح. من اليمن يقول: إذا دخلت المسجد بعد أذان الفجر وصليت أربع ركعات، فقال لي بعض الناس بأن ذلك لا يجوز إلا ركعتين، فهل هذا صحيح؟ (1) ج: نعم إذا دخلت صل ركعتي السنة فقط، ويكفي، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (2)» تصلي سنة الفجر ثنتين، ثم تجلس تنتظر الفريضة.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (431) (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 344 145 - حكم تحية المسجد لمن صلى سنة الفجر في البيت س: يقول هذا السائل: أقوم قبل صلاة الفجر بنصف ساعة وأصلي في بيتي أربع تسليمات تسليمتين تسليمتين، وأذهب إلى المسجد وأصلي تسليمتين ركعتي الفجر، هل هذا جائز؟ (1) ج: صل في الليل ما يسر الله لك مثنى مثنى، ثم توتر بواحدة، وتصلي الراتبة في البيت، أو في المسجد ثنتين، ثم الراتبة إن صليتها في المسجد كفت عن تحية المسجد، وإن صليتها في البيت إذا جئت المسجد تصلي تحية المسجد ثم تجلس.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (329) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 345 س: ما حكم من دخل المسجد بعد طلوع الفجر، هل يصلي سنة تحية المسجد أم يكتفي بسنة الفجر؟ وفقكم الله. (1) ج: الأفضل أن يكتفي بسنة الفجر، وتقوم مقام التحية، كما أن الفريضة مقام التحية، لو جاء وأقيمت الصلاة صلى معهم، وصارت الفريضة قائمة مقام تحية المسجد، المشروع أنه لا يجلس إلا بعد صلاته، فإذا صلى تحية المسجد كفت، وإن جاء وتقام الصلاة كفت   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (38) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 345 الفريضة عن تحية المسجد، فإن صلاهما صلى التحية ثم صلى سنة الفجر فلا حرج، ولكن ترك هذا أولى، الأولى والأفضل أنه يصلي سنة الفجر لأنها راتبة، ويكتفي بها عن صلاة التحية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الفجر ركعتين فقط، ما كان يزيد على ركعتين بعد طلوع الفجر، وهي سنة الفجر، فالأفضل ألا يزيد على ركعتين، فإذا صلاهما بنية سنة الفجر كفتاه عن تحية المسجد، لكن لو صلى الراتبة في بيته ثم جاء إلى المسجد قبل أن تقام الصلاة فإنه يصلي تحية المسجد قبل أن يجلس لأنه حينئذ ليس عنده سنة الفجر، قد صلاها في بيته، فيصلي تحية المسجد ثم يجلس. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 346 146 - حكم من ترك ركعتي الفجر والوتر س: يقول: هل يأثم من ترك ركعتين قبل الفجر وصلاة الوتر؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: جميع السنن لا يأثم فيها، سنة الفجر وسنة الظهر والمغرب والعشاء، سنة الجمعة، كلها نوافل، لكن ترك الأفضل، فوت أجرا كبيرا، لا إثم عليه في جميع النوافل الرواتب وغيرها.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (384) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 346 147 - حكم من صلى ركعتين بنية سنة الفجر وتحية المسجد س: من صلى سنة الفجر في المسجد بنية سنة الفجر وتحية المسجد فما حكم ذلك؟ (1) ج: إذا نوى تحية المسجد كفى، لا يصلي تسليمتين، يصلي بنية الراتبة ونية التحية، لا مانع، الحمد لله.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (384) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 347 148 - حكم صلاة ركعتي الفجر لمن تأخر عن الصلاة س: إذا تأخر الواحد عن صلاة الفجر مع الجماعة بسبب نوم أو غيره، فمتى تكون ركعتا السنة قبل أم بعد الفجر؟ (1) ج: إذا تأخر الإنسان عن الجماعة في صلاة الفجر ولم يدرك الجماعة فإنه يبدأ بالسنة الراتبة، يصليها ثم يصلي الفريضة، النبي صلى الله عليه وسلم لما نام ذات ليلة عن صلاة الفجر في السفر ولم يوقظه إلا حر الشمس صلى السنة الراتبة، ثم صلى الفجر عليه الصلاة والسلام، وأمر بالأذان والإقامة كالعادة، فالإنسان إذا فاتته صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا بعد ما صلى الناس، أو جاء للمسجد وقد صلى الناس   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (6) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 347 فإنه يصلي الراتبة ثنتين ركعتين ثم يصلي الفجر، هذا هو السنة، ولو أخرها وصلاها بعد الصلاة أو بعد طلوع الشمس فلا بأس، لكن الأولى والأفضل أن يبدأ بها كما بدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته الصلاة في بعض أسفاره، وإذا صلى مع الجماعة جاء وهو يصلون صلى معهم، وهو ما صلى الراتبة فإنه يصليها بعد الصلاة إن شاء، أو يصليها بعد ارتفاع الشمس وهو أفضل؛ لأنه جاء في هذا حديث، وفي هذا حديث، فهو مخير إن شاء صلاها بعد صلاة الفجر في المسجد أو في بيته، وإن شاء صلاها بعد ارتفاع الشمس، كل ذلك بحمد الله موسع، وكل جاء فيه حديث جيد عن النبي عليه الصلاة والسلام. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 348 س: ما حكم سنة الفجر إذا قام المسلم للصلاة بعد طلوع الفجر، هل يستحب أن يؤديها أم يجب عليه أن يقضي صلاة الفجر على الفور ثم يصلي سنتها؟ (1) ج: السنة للمؤمن أن يقدم سنة الفجر فيصليها في البيت، ثم يخرج إلى المصلى إلى المسجد، فإذا جاء المسجد وهم في الصلاة دخل في الصلاة، فإن جاء لصلاة لم تقم صلى تحية المسجد ركعتين، هذا هو   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (85) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 348 السنة، فإن لم يصل في البيت بل جاء وصلى السنة في المسجد ركعتين كفتاه عن تحية المسجد والحمد لله، أما إن فاتته هذه السنة بأن نام مثلا ولم يستيقظ إلا بعد الشمس فهذا يبدأ بالسنة، وهكذا لو فاتته الجماعة وصلى وحده أو مع آخرين فالسنة أن يبدؤوا بسنة الفجر، ولو تأخروا يبدؤون بها، ثم يصلون الفريضة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1)» ولما نام النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره هو وأصحابه عن الصلاة فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، قام عليه الصلاة والسلام وأمر بالأذان وصلى سنة الفجر، ثم صلوا الفجر، فلم يتركوا السنة، هذا هو المشروع للمؤمنين مثل ما فعل نبيهم عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة ..... ، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 349 149 - حكم الراتبة القبلية لمن دخل المسجد مع إقامة الصلاة س: سائل يقول: إذا ذهبت إلى المسجد وانتهى المؤذن من الأذان وصلوا السنة القبلية، ولم أدركها معهم، بل قاموا لأداء صلاة الفرض، فهل يجوز أن أصلي السنة القبلية بعد الفرض أم أصلي الجزء: 10 ¦ الصفحة: 349 السنة البعدية وسقطت عني القبلية؟ (1) ج: المشروع لك أن تصليهما جميعا القبلية والبعدية بعد الصلاة، إذا جئت في الظهر وقد أقيمت الصلاة فإنك تصلي مع المسلمين، ثم إذا فرغت من الصلاة والأذكار تصلي السنة القبلية أربع ركعات والبعدية ركعتين، هذا هو المشروع، وقد روى الترمذي بإسناد جيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك في بعض الأحيان لم يصل القبلية إلا بعد الصلاة عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (193) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 350 150 - حكم الفصل بين الفجر وسنتها والترتيب بينهما س: هذا يسأل عن الفاصل الزمني بين فريضة الصبح وسنتها، وهل هناك أمر محذور فيما إذا قدم الفرض على النافلة؟ (1) ج: السنة أن يقدم النافلة بعد طلوع الفجر ركعتين سنة الفجر، ولو طال الفصل بينها وبين الفريضة لا يضر سواء قربت من الفريضة أو   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (301) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 350 بعدت مادام بعد طلوع الفجر، فالسنة أن يصلي ركعتين ثم يصلي الفريضة، فلو أخرها صلاها بعد الفريضة أو بعد طلوع الشمس، لكن السنة أن يقدمها، السنة على المؤمن أن يقدمها، السنة على المؤمن أن يقدم سنة الفجر كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، ثم يصلي الفريضة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 351 151 - حكم قضاء سنة الفجر إذا فاتت س: صلاة سنة الفجر إذا فاتت متى يكون قضاؤها، وكذلك الوتر؟ (1) ج: سنة الفجر إذا فاتت صلاها بعد الفجر في المسجد أو في البيت، وإن أجلها إلى طلوع الشمس وارتفاعها كان أفضل، كل هذا جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن صلاها بعد الصلاة في المسجد أو في البيت فلا بأس، وإن أخرها حتى تطلع الشمس في المسجد أو في البيت فلا بأس، كل هذا طيب جاءت به السنة.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (317) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 351 س: إذا فاتتني سنة الفجر فمتى أقضيها؟ (1) ج: إذا فاتت سنة الفجر فالمسلم مخير، وهكذا المسلمة، إن شاء   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (78) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 351 صلاها بعد الصلاة، وإن شاء صلاها بعد ارتفاع الشمس وهو أفضل، وكل هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورد عنه أنه رأى من يصلي بعد الصلاة فأنكر عليه فقال: يا رسول الله، إنها سنة الفجر. فسكت عنه عليه الصلاة والسلام، وجاء عنه الأمر بقضائها عند ارتفاع الشمس، وكل هذا بحمد الله سائغ، فمن صلاها بعد الصلاة فلا بأس، ومن أخرها حتى ترتفع الشمس فهو أفضل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 352 س: إذا لم يتمكن المصلي لضيق الوقت أن يصلي سنة صلاة الفجر فهل تجب صلاتها بعد الفرض؟ (1) ج: إذا كان منفردا أو إماما أمكنه أن يصلي الراتبة، أن يصليها قبل الفريضة، أما إذا كان المأموم فاتته صلاة الفريضة أو جاء والإمام قد أقام الصلاة فإنه يدخل معهم في الصلاة ثم يصليها بعد الصلاة، يصلي الراتبة بعد الصلاة، إن شاء أخرها إلى ارتفاع الشمس، كل هذا جاءت به السنة، والأفضل تأخيرها إلى ارتفاع الشمس، لكن قد يخشى نسيانها، فإذا صلاها بعد الصلاة، سنة الفجر، فلا بأس، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه رأى رجل يصلي بعد الفجر، فقال: «أتصلي الصبح   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (10) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 352 أربعا (1)» وفي لفظ: «أصلاة الصبح مرتين»، فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتهما الآن، قال: فسكت عنه صلى الله عليه وسلم (2)» والحديث لا بأس به، وجاء عنه الأمر بتأخيرها إلى ما بعد ارتفاع الشمس، كل هذا سنة، إن صلاها بعد الصلاة فلا بأس لئلا ينساها، وإن أخرها وصلاها بعد ارتفاع الشمس، فلا بأس، كله طيب. وهنا شيء بقيت إضافته، وهو أن الإنسان قد ينام ولا يستيقظ إلا قرب طلوع الشمس، فإنه في هذه الحالة يصلي الراتبة قبل ولو أنه متأخر مثل الإنسان غلبه النوم، ما سمع الساعة أو ما عنده من يوقظه، فقام وقد فاته الجماعة فإنه يصلي الراتبة، حتى ولو بعد طلوع الشمس،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، برقم (663)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (711) (2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، من حديث قيس بن عمرو رضي الله عنه برقم (23248)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من فاتته متى يقضيها، برقم (1267)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الفجر، برقم (422)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن فاتته الركعتان قبل صلاة الفجر متى يقضيهما، برقم (1154) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 353 لو ما قام إلا بعد طلوع الشمس يصلي السنة أولا ثم يصلي الفجر، وهكذا لما نام النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر في بعض أسفاره ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس قام صلى الله عليه وسلم فأمر بلالا فأذن وصلى كما كان يصنع كل يوم عليه الصلاة والسلام، صلى الراتبة ثم صلى الفريضة بالناس، هكذا السنة، إذا استيقظ النائم وفاتته صلاة الجماعة أو استيقظ بعد طلوع الشمس فإنه يصلي على حاله، المشروع يصلي السنة أولا ثم يصلي الفريضة ولا يؤخر السنة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 354 س: السائلة أم ع. من الرس تقول: بالنسبة لصلاة الفجر يا سماحة الشيخ، تفوتني حتى يخرج الناس من المسجد بسبب النوم، وأترك السنة وأصلي السنة مع صلاة الضحى، فهل يصح ذلك أم الأحسن أن أصلي السنة مع الفرض حتى لو تأخرت الصلاة؟ (1) ج: نعم السنة أن تصلي ركعتين قبل الفرض ولو تأخرت، ولو صليت بعد الناس قبل طلوع الشمس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها ولو نام عنها، في بعض أسفاره نام فلم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس، فلما استيقظوا أمر بالأذان، وأذن بلال وصلوا الركعتين سنة الفجر، ثم   (1) السؤال الثامن والستون من الشريط رقم (433) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 354 صلى الفريضة، فإذا استيقظت وتوضأت صلي السنة ركعتين ثم صلي الفريضة قبل طلوع الشمس. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 355 س: هل تصلى ركعتا الفجر بعد طلوع الشمس؟ (1) ج: مخير، من فاتته سنة الفجر مخير، إن شاء صلاها بعد الصلاة، وإن شاء صلاها بعد طلوع الشمس، جاءت السنة بهذا وهذا، فإن صلاها بعد الصلاة فلا بأس، وإن أخرها إلى طلوع الشمس فلا بأس.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (383) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 355 152 - بيان الرواتب التي يسن قضاؤها س: ما هي الرواتب التي يسن قضاؤها إذا فاتت الإنسان؟ (1) ج: الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم اثنتا عشرة في الحضر لا في السفر، اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر تسليمتان، ثنتان بعد الظهر - هذه ست - ثنتان بعد المغرب، ثنتان بعد العشاء - هذه عشر - وثنتان قبل صلاة الصبح، هذه اثنتا عشرة، كان يواظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر، وقال صلى الله   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (257) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 355 عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1)» فإذا صلى أربعا بعد الظهر، زاد ركعتين هذا أفضل، لكن ليست راتبة، الراتبة ثنتان، فإذا صلى أربعا بعد الظهر هذا فيه فضل وفيه خير عظيم. وهكذا قبل العصر يستحب أن يصلي أربعا، لكن ليست راتبة، بل مستحبة لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2)» وهكذا إذا صلى ثنتين قبل المغرب، وثنتين قبل العشاء بين الأذانين، مستحب ولكن ليست راتبة، بل يستحب بعد الأذان أن يصلي ركعتين بعد أذان المغرب، وبعد أذان العشاء يصلي ركعتين غير تحية المسجد، أما تحية المسجد فإذا دخل ولو قبل الأذان صلاها، وإن دخل بعد الأذان أذان المغرب أو أذان العشاء صلاها ركعتين التحية، وتكفي عن الركعتين بين الأذانين، أما في السفر فالمشروع أن يصلي سنة الفجر فقط، والوتر في السفر يوتر، يتهجد بالليل، ويصلي سنة الفجر فقط. أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فالأفضل تركها في السفر، لكن   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 356 سنة الفجر كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها في السفر والحضر، وإذا فاتت قضاها بعد الصلاة أو بعد طلوع الشمس، أما الرواتب الأخرى الظهر والعصر والمغرب والعشاء لا تقضى بعد الوقت، فلا يقضي سنة الظهر بعد العصر ولا سنة المغرب بعد العشاء، ولا سنة العشاء بعد الفجر، لا تقضى. أما سنة الفجر فهي تقضى، إن فعلها بعد الصلاة فلا بأس، وإن فعلها بعد طلوع الشمس وارتفاعها فهو أفضل، وأما سنة الضحى والتهجد بالليل هذا مشروع في السفر والحضر، وهكذا سنة الوضوء، يتوضأ، تستحب في السفر والحضر، وهكذا لو دخل المسجد في السفر صلى ركعتين أيضا ولو في السفر. تلخيص الإجابة: أولا الرواتب اثنتا عشرة ركعة في الحضر خاصة: أربع قبل الظهر، تسليمتان، وثنتان بعد الظهر تسليمة واحدة، وثنتان بعد المغرب تسليمة واحدة، وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، وثنتان قبل صلاة الصبح بعد طلوع الفجر. هذه الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم. أما التي تقضى فهي سنة الفجر فقط، إذا فاتت تقضى بعد الفجر أو بعد ارتفاع الشمس. وهكذا سنة الظهر القبلية تقضى بعد الظهر، لو فاتته السنة القبلية الأربع صلاها بعد الجزء: 10 ¦ الصفحة: 357 الظهر، ثم صلى ثنتين بعد الظهر، صلى ستا: أربعا الراتبة القبلية وثنتين فقط للبعدية. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 358 س: حكم من فاتته السنة القبلية، وهل توافونا بالسنن الراتبة؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: من فاتته السنة القبلية الظهر مثلا يشرع له أن يصليها بعد الصلاة، ثم يصلي السنة البعدية، والراتبة للظهر أربع قبلها تسليمتان، وثنتان بعدها كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، وإن صلى أربعا قبلها وأربعا بعدها فهو أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2)» والسنن الرواتب اثنتا عشرة ركعة: ثنتان قبل الفجر، سنة راتبة قبلها، وإذا فاتت تقضى بعدها، أو بعد طلوع الشمس، وأربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، هذه ثمان، وثنتان بعد المغرب، هذه عشر، وثنتان بعد العشاء، هذه اثنتا عشرة، يقال لها: الرواتب، وقد صح فيها حديث أم حبيبة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى ثنتي عشرة   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (314) (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 358 ركعة في يومه وليلته بنى الله له بيتا في الجنة» وفي رواية: «تطوعا (1)» رواه مسلم في الصحيح. في رواية أخرى للترمذي وجماعة تفسرها: «أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح (2)» هذه يقال لها: الرواتب، وهي سنة مؤكدة. ويسن للمؤمن أيضا صلاة الضحى ركعتان، وإن زاد فهو أفضل، بأن صلى أربعا أو أكثر فهو أفضل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله. روى ذلك مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، صلاها يوم فتح مكة ثماني ركعات في الضحى عليه الصلاة والسلام، وقال: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (3)» يعني عند شدة الضحى، أي إذا صليت حين شدة الضحى، أي قبل الظهر بساعة أو ساعة ونصف أو نحو ذلك، كان هذا أفضل. ومن ذلك التهجد بالليل، مثل النوافل التهجد بالليل، ومن جملة ذلك الوتر بركعة واحدة، سواء كان ذلك بعد العشاء قبل النوم أو في وسط الليل أو في آخر الليل، والأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك،   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة لمن السنة ... برقم (414)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة ... ، برقم (1794)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة برقم (1140). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 359 فإن خاف ألا يقوم من آخر الليل صلى في أول الليل بعد العشاء ثلاث ركعات، أو خمس ركعات، أو سبع ركعات، أو تسع ركعات، أو إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، أو أكثر من ذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصليها إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ويوتر في واحدة، ومن أوتر بواحدة فقط سواء في آخر الليل أو أوله أجزأت، وإن أوتر بأكثر فهو أفضل، كلما زاد في الخير فهو خير له، وأفضل ذلك إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ومن زاد وأوتر ثلاثا وعشرين في رمضان وغيره فكله لا حرج فيه، ولكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة لأن هذا أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، والأفضل في آخر الليل، وإن أوتر في أول الليل فلا بأس، وإن خاف ألا يقوم في آخر الليل، فالأفضل أن يوتر في أول الليل، ويسن في رمضان صلاة التراويح في أول الليل؛ لأن ذلك أنشط للناس، وخشية ألا يقوموا من آخر الليل، فإذا صلوا أول الليل فهو أفضل كما كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وكما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الليالي والصحابة ثم ترك ذلك مخافة أن يفرض عليهم، فإنه صلى بهم في ليلة إلى ثلث الليل، وفي ليلة إلى الجزء: 10 ¦ الصفحة: 360 نصف الليل، وفي ليلة إلى آخر الليل، ثم ترك ذلك خشية أن يفرض عليهم عليه الصلاة والسلام. وقال عليه الصلاة والسلام: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة (1)» هذا فضل عظيم، ويستحب للمؤمن أن يقوم مع الإمام حتى ينصرف في التراويح، وفي العشر الأخيرة يحصل له هذا الفضل العظيم، والسنة للنساء التهجد في البيت لأن صلاتهن في بيوتهن أفضل، ومن خرجت وصلت مع الناس في المساجد فلا بأس، إذا خرجت متسترة متحجبة غير متطيبة فلا بأس، وبيتها خير لها، ولكن إذا خرجت لتجديد النشاط أو لسماع المواعظ كل هذا حسن مع التحفظ والتستر، والحذر من الفتنة، ومن الطيب الذي يسبب الفتنة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا تمنعوا إماء الله   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والنسائي، كتاب السهو، باب ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان برقم (806)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (1327). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 361 مساجد الله (1)» «وبيوتهن خير لهن (2)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء؟ برقم (900)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة ... ، برقم (442). (2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5445)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (567). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 362 س: هل يجب أن نقضي الفوائت من الرواتب وذلك لأمور قد تعرض على المسلم فلا نصلي الراتبة قبل الصلاة أو بعدها؟ (1) ج: لا يستحب قضاء الرواتب إذا فاتت، فات وقتها، وإذا فات وقتها فاتت إلا الفجر فإن سنتها إذا فاتته قبل الفجر، فالسنة أن يصليها بعد الفجر، أو بعد طلوع الشمس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ذلك، وفعل ذلك لما نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، صلى الفجر مع سنتها، أما سنة الظهر إن فاتت ولم ينتبه إلا بعد خروج الوقت فإنها سنة فات محلها، لكن لو فاتته الراتبة الأولى قبل الظهر صلاها بعد الظهر والحمد لله، وهكذا سنة العشاء لو نسيها   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (327) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 362 حتى طلع الفجر سقطت، كذلك سنة المغرب لو نسيها وشغل عنها حتى غاب الشفق سقطت. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 363 س: هل يمكن قضاء السنة القبلية بعد الصلاة إن فاتتنا قبلها بسبب التأخر مثلا؟ (1) ج: نعم، إذا فاتته سنة قبلية مثل سنة الظهر فالسنة أن يصليها بعد الظهر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه فاتته سنة الظهر القبلية في بعض الأوقات وصلاها بعد الظهر عليه الصلاة والسلام (2)» صلاها ستا: أربعا السنة القبلية، وثنتين السنة البعدية، فالمقصود الذي فاتته، جاء والإمام قد أقام الصلاة إذا فرغ من الصلاة يصلي أربعا السنة القبلية، ثم يصلي ثنتين السنة البعدية، هذا هو الأفضل.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (295) (2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب منه، برقم (426)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب من فاتته الأربع قبل الظهر، برقم (1158) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 363 153 - مسألة في حكم من لم يؤد السنن الراتبة س: السنة قبل وبعد الصلاة إذا لم يؤدها المصلي هل عليه إثم؟ (1) ج: ليس عليه إثم، هي نافلة كالصلاة مع الفرائض: الظهر، والمغرب   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (286). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 363 والعشاء والعصر، والفجر، كلها نافلة، الواجب خمس صلوات فقط هي الفرائض: الفجر ركعتان، الظهر أربع ركعات في حق المقيم، والعصر أربع ركعات في حق المقيم، والمغرب ثلاث في حق المقيم والمسافر، والعشاء أربع في حق المقيم، وركعتان في حق المسافر، والفجر ثنتان في حق المقيم والمسافر، أما ما معها من الصلوات فهي نافلة، فالظهر قبلها أربع، وبعدها ثنتان، وإن صلى أربعا بعدها فهو أفضل، وسنة العصر قبلها أربع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» في تسليمتين، وسنة المغرب بين الأذان والإقامة ركعتان، والراتبة بعدها ركعتان، وسنة العشاء بعدها ركعتان، وسنة الفجر قبلها ركعتان، وما بين الأذانين من النوافل يقال لها: سنة أيضا، هذه كلها نوافل، من فعلها فله أجر، ومن تركها فلا إثم عليه.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 364 154 - حكم التساهل في السنن س: ما هو رأي سماحتكم في الشخص الذي لا يحافظ على السنن، ولا يصليها في كثير من الأحيان؟ (1)   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (295) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 364 ج: إذا كان يؤدي الواجبات، ويدع المحرمات فالحمد لله، هو بر ومؤمن، وفاته فضل المسارعة إلى الخيرات والمندوبات، هذا فضل المسابقة، هو من الأبرار من أصحاب اليمين، وليس من السابقين حتى يكون عنده نشاط المندوبات والمسارعة إلى الخيرات. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 365 س: من الملاحظ عند انتهاء الصلاة خروج بعض المصلين دون أن يؤدوا ركعتين بعد الصلاة، ويعتبرونها غير مهمة أو غير جزء من الصلاة، فما الحكم في ذلك؟ (1) ج: ليس كلا صلاة بعدها ركعتان، إنما هذا يشرع بعد الظهر وبعد المغرب وبعد العشاء، هذه الأوقات الثلاث يشرع فيها ركعتان؛ بعد الظهر ركعتان، وبعد المغرب ركعتان، وبعد العشاء، وإذا خرج من المسجد وصلاها في البيت فهو أفضل؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصليها في البيت، ويقول: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (2)» فإذا خرج وصلاها في البيت هذا أفضل، أما إن تركها بالكلية فقد ترك سنة ليست واجبة فلا شيء عليه لكنه ترك المنافسة في   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (111) (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 365 الخير، وترك هذه السنة التي حافظ عليها النبي عليه الصلاة والسلام، فالمشروع للمؤمن أن يأتي بهذه السنة، إما في المسجد وإما في البيت، وفي البيت أفضل، أما أن يتركها بالكلية فهذا لا ينبغي من المؤمن، ولا يشرع له بل المشروع له والأفضل له أن يعتني بهذه النوافل المتأكدة، وأن يحافظ عليها كما حافظ عليها المصطفى عليه الصلاة والسلام، وإن صلى بعد الظهر أربعا فهو أفضل، أما المغرب فراتبتها اثنتان والعشاء كذلك، وكلها في البيت أفضل كما تقدم. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 366 155 - بيان ما يكفي من القراءة في صلاة السنة س: الأخت: س. أ. أمن صنعاء تقول: أنا كنت أصلي ركعتين سنة بعد كل فرض، لكن قال لي بعض الأشخاص بأن صلاة السنة بعد كل فرض يجب أن نقرأ فيها آيات معينة، مثل سورة الكافرون وغير ذلك، فأرجو من سماحة الشيخ إفادتي بشروط صلاة السنة، وأيضا سنة الوتر إذ إني دائما أحب أن أحافظ على هذه السنة، جزاكم الله خيرا. (1) ج: المشروع للمؤمن والمؤمنة بعد الصلوات الخمس اثنتا عشرة   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (267). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 366 ركعة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام: أربع قبل الظهر تسليمتان، ثنتان بعد الظهر، ثنتان بعد المغرب، ثنتان بعد العشاء، ثنتان قبل صلاة الصبح، هذه الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم حال كونه مقيما في المدينة، ويشرع لكل مؤمن ومؤمنة المحافظة عليها: أربع قبل الظهر تسليمتان، تسليمة بعد الظهر، تسليمة بعد المغرب، تسليمة بعد العشاء، تسليمة قبل صلاة الصبح، والأفضل في البيت، وإن فعلها في المسجد فلا بأس، وإن صلى أربعا بعد الظهر كان أفضل لكن ليست راتبة، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1)» فإذا صلى أربعا بعد الظهر كان أفضل، وقبل العصر أربعا، تسليمتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2)» لكن ليست راتبة، ما كان النبي يحافظ عليها صلى الله عليه وسلم، لكنها مستحبة قبل العصر تسليمتين، ويقرأ فيها الفاتحة وما تيسر، ليس فيها قراءة معينة، الفاتحة تكفي، وتقرأ معها ما تيسر آيات أو سورا قصيرة، ما فيه بأس، ولا يتعين فيها سور معينة، ولا آيات معينة، يقرأ ما تيسر، والله   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 367 يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (1) والواجب الفاتحة - الحمد - والزائد سنة. إذا قرأ آيات أو بعض السور بعد الفاتحة كله سنة، لكن بعد العصر ما يصلي بعدها، بعد الفجر لا يصلي بعده، وأنت أيتها السائلة لا تصلي بعد العصر ولا بعد الفجر، لأنه وقت نهي. وفي السفر تسقط هذه الرواتب، إن كان الإنسان مسافرا أو المرأة مسافرة الأفضل عدم صلاة الرواتب، هذه كلها إلا سنة الفجر، المسافر حال سفره الأفضل له ألا يصلي هذه الرواتب حال السفر إلا سنة الفجر فإنه يصليها، كان يصليها في السفر والحضر عيله الصلاة والسلام، سنة الفجر ركعتان قبلها، وهكذا الوتر السنة أن يصليه في السفر والحضر جميعا، كان النبي يحافظ عليه صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر، وأقله ركعة واحدة، وإن صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر كله طيب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصلي إحدى عشرة يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، وربما صلى ثلاث عشرة في بعض الأحيان، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، ومن صلى أقل أو   (1) سورة المزمل الآية 20 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 368 أكثر فلا بأس. يسن أيضا صلاة الضحى في السفر والحضر، صلاة الضحى سنة ركعتان أو أكثر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها في بعض الأحيان وأوصى بها بعض أصحابه، فصلاة الضحى سنة دائما بعد ارتفاع الشمس إلى وقوفها قبل الزوال بقليل تترك، والأفضل عند شدة الضحى يعني بارتفاع الضحى - وهي صلاة الأوابين، وفق الله الجميع. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 369 156 - حكم الفصل بين الفريضة والنافلة س: الأخت ف. ع من الأردن تسأل وتقول: أنا أصلي الصلاة المفروضة - أي الفرض - والسنة، وبعد الانتهاء من الصلاة المفروضة فإني أصلي أربع ركعات أو ما زاد عنها مثلا: في كل صلاة مباشرة، فهل تصلح صلاة النفل بعد الانتهاء مباشرة من الصلاة المفروضة؟ وقد ورد في كتاب فقه السنة استحباب الفصل بين الفريضة والنافلة بمقدار ختم الصلاة، نرجو توضيح ذلك مع الشكر (1) ج: السنة فصل النافلة عن الفريضة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم فلا يصل بصلاة حتى يتكلم أو يخرج (2)»   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (259) (2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (883) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 369 فالأفضل للمسلم والمسلمة بعد الصلاة من الفريضة يقول: أستغفر الله - ثلاثا - اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يأتي بالذكر الشرعي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا مستحب بعد كل الصلوات الخمس: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، للرجل والمرأة جميعا. ويستحب مع هذا أيضا أن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة المغرب، هذه زيادة خاصة بهاتين الصلاتين، ويستحب له بعد ذلك في الخمس الصلوات كلها أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة. الجميع تسع وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. جاء في الحديث أن العبد إذا قالها غفرت خطاياه ولو كانت مثل الجزء: 10 ¦ الصفحة: 370 زبد البحر، وهذا فضل عظيم، يشرع للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك. ويستحب بعد هذا أن يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (1) هذه آية الكرسي، هذه آية واحدة، يستحب للمؤمن والمؤمنة أن يأتي بها بعد كل صلاة، ويستحب له أيضا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين بعد كل صلاة؛ الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويكررها ثلاثا بعد الفجر وبعد المغرب، ويكررها ثلاثا عند النوم بعد ما يضطجع على فراشه، يقرأ التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة، ويختم بـ: الله أكبر تمام المائة مرة، تمامها: الله أكبر، أربع وثلاثون تكبيرة، ثلاث وثلاثون تحميدة، وثلاث وثلاثون تسبيحة عند النوم، بدل: لا إله إلا الله في آخرها: الله أكبر، يكمل مائة بـ: الله أكبر، أما بعد الصلاة فيكملها بـ: لا إله إلا الله. أفضل، وإذا أحب أن يصلي بعد الذكر نافلة فلا بأس، لا يقوم مباشرة بعد أن يسلم، لا، بعد الذكر يأتي بالنافلة، والأفضل بعد   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 371 الظهر أربع، وإن صلى ثنتين راتبة كفت، وإن صلى أربعا بعد الظهر كذلك فيه فضل عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1)» وهذا فضل كبير، أما الراتبة فهي أربع قبل الظهر، بتسليمتين وثنتان بعدها، يعني تسليمتين قبلها وتسليمة واحدة بعدها، هذه يقال لها: الراتبة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، وإن زاد وصلى أربعا بعد الظهر بتسليمتين بعد الظهر فذلك فيه فضل عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2)» رواه أهل السنن بإسناد صحيح عن أم حبيبة رضي الله عنها. أما بعد العصر فليس بعدها صلاة، وبعد الفجر ليس بعدها صلاة، لا يصلي بعدها لا اثنتين ولا أربعا بعد صلاة العصر وبعد صلاة الفجر، ليس بعدها صلاة لأنه وقت نهي. أما بعد المغرب يصلي ثنتين هذا الأفضل راتبة، وبعد العشاء ثنتين راتبة، وإن صلى أكثر فلا بأس، الراتبة ثنتان تسليمة واحدة بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، للرجل والمرأة جميعا. هذه راتبة كان   (1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 372 يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى أكثر بعد المغرب أو بعد العشاء فالأمر واسع والحمد لله، يصلي ما شاء. لكن الراتبة ثنتان بعد المغرب وثنتان بعد العشاء، وإذا أحب أن يصلي بين المغرب والعشاء ركعات كثيرة كله طيب، أو بعد العشاء يتهجد طويلا كله طيب، لكن الراتبة ثنتان بعد العشاء، وثنتان بعد المغرب، والصلاة المفروضة: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، الظهر أربع في حق المقيم، وثنتان في حق المسافر، والعصر أربع في حق المقيم، وثنتان في حق المسافر، والمغرب ثلاث في حق الجميع. والعشاء ثنتان في حق المسافر، وأربع في حق المقيم، والفجر ثنتان في حق الجميع - هذه الفرائض - والجمعة ثنتان كذلك في حق المقيمين. أما النوافل فلا حصر لها، لكن الرواتب التي يشرع أن يحافظ عليها المؤمن اثنتا عشرة كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في حال الحضر والإقامة: أربع قبل الظهر تسليمتان، وثنتان بعد الظهر، هذه ست، وثنتان بعد المغرب، هذه ثمان، وثنتان بعد العشاء، هذه عشر، وثنتان قبل صلاة الصبح، هذه اثنتا عشرة. هذه الرواتب كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر، كان في السفر يترك الجزء: 10 ¦ الصفحة: 373 سنة الظهر والمغرب والعشاء، ولكن يصلي سنة الفجر في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام. وأما صلاة أربع قبل العصر فهي مستحبة، ليست راتبة لكن مستحبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» هذه مستحبة وليست براتبة، وإذا صلى قبل المغرب ثنتين أو العشاء ثنتين أيضا مستحبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (2)» إذا صلى بعد الأذان ركعتين، بعد المغرب، بعد العشاء ركعتين، أكثر، كله مستحب طيب، لكن ليس من الرواتب.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 374 157 - حكم قراءة التشهد في النافلة س: يقول السائل: إذا صليت السنة هل أقرأ التشهد الأول والأخير أم يكفي التشهد الأول؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: تقرأ التشهد الأخير، تقرأ التحيات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتقرأ الدعاء، والواجب التشهد الأول مع الصلاة على النبي   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (260) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 374 صلى الله عليه وسلم، الدعاء سنة ولكن إذا كملت بالدعاء تكون أكمل، تقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. تسأل الله من خير الدنيا والآخرة، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. تكون أكمل كالفريضة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ذهب بعض أهل العلم إلى أنها ركن، وذهب بعضهم إلى أنها واجب، وبعضهم إلى أنها سنة، فينبغي لك أن تأتي بها أيضا في الفريضة والنافلة، التشهد الأخير في الفريضة، والتشهد في النوافل، وتأتي بها في التشهد الأول مع التحيات لعموم الأحاديث في الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 375 158 - حكم الفصل بين الفريضة والسنن الراتبة س: الأخت س. م. م من الرياض تسأل وتقول: ما رأيكم في الفصل بين صلاة الفريضة والنافلة لمدة قد تزيد عن النصف ساعة للذكر ولتلبية بعض أغراض الوالدين؟ (1) ج: ليس في هذا بأس، كون الرجل أو المرأة يفصل بين الفريضة والنافلة، سواء كانت النافلة قبلها أو بعدها ليس من شرط ذلك أن   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (137). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 375 تتصل، فإذا صلى مثلا الظهر وأخر الراتبة نصف ساعة أو ساعة فلا بأس ما دام الوقت موجودا، وهكذا لو صلى سنة الفجر بعد الأذان بعد طلوع الفجر، ثم تأخر بعض الوقت لحاجات، ثم صلى الفريضة إذا كان في البيت لمرض أو امرأة، أما الرجل فإنه لا بد يخرج إلى المسجد بعد أن يصلي النافلة ويعتني بالجماعة إذا كانت النافلة قبلها، لا يتأخر عن الجماعة، مثل راتبة الظهر لو صلاها في البيت فليس له أن يتأخر حتى يفوت الفريضة مع الجماعة، لو صلاها في البيت أو صلاها في المسجد فالأمر واسع، لكن ليس له أن يتأخر تأخرا يفوته الفريضة، وهكذا في البيت المرأة، وكذا المريض ليس له أن يؤخر الفريضة تأخرا يخرجها عن الوقت، أما إن كان التأخر لا يخرجها عن الوقت بل لحاجة فلا بأس بذلك. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 376 159 - حكم تغيير المصلي مكانه لصلاة النافلة س: هل صح ما يعتمد عليه في أفضلية تغيير المكان عند كل صلاة نافلة؟ (1) ج: لم يثبت في هذا شيء، جاء في حديث ضعيف يدل على فضل   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (256) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 376 الانتقال عن مكان يصلي فيه لكنه ضعيف عند أبي داود لكن فعله جماعة من السلف، وكان ابن عمر يفعله، كان إذا صلى في مكان صلى في مكان آخر، انتقل عنه إلى مكان آخر، وكان يأمر بذلك، فإذا فعله الإنسان فلا بأس، وإن صلى في مكانه فلا بأس، فالأمر واسع والحمد لله، من صلى في مكانه الراتبة فلا بأس، ومن تحول عنه إلى مكان آخر فلا بأس، كله طيب. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 377 س: هل صحيح أن من السنة أن يغير المصلي مكانه الذي صلى فيه ليصلي النافلة؟ (1) ج: جاء في هذا حديث ضعيف، وجاء من فعل ابن عمر، فالأمر فيه واسع من فعله فلا بأس، ومن تركه فلا بأس، والأمر واسع والحمد لله.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (188) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 377 س: الأخت ف. أ. ي من الأردن، تسأل السائلة وتقول: يغير بعض الناس أماكنهم بعد الانتهاء من الصلاة لأداء السنة زعما منهم أن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 377 المكان سيشهد لهم يوم القيامة؟ (1) ج: هذا أفضل إذا تيسر وإلا ليس بلازم، إن صلى في مكانة فلا بأس، الحمد لله، ليس فيه سنة ثابتة كونه يغير المكان، لكن إذا تحول عن مكانه فلا حرج في ذلك.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (412) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 378 س: يسأل المستمع ويقول: هناك البعض من الناس بعد صلاة الفريضة في المساجد يتبادل المسلمون الأماكن حتى يصلوا السنة أو النافلة حيث يعتقد البعض أن هذا لأجل أن تشهد له الأرض، هل هذا وارد؟ (1) ج: ليس له أصل صحيح يعتمد، فيه حديث ضعيف، لكن يصلي في محله والحمد لله، يصلي الراتبة في محله والحمد لله.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (432) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 378 160 - حكم صلاة النافلة جماعة س: هل يجوز أن تؤدى صلاة النافلة جماعة؟ (1) ج: نعم إذا فعلت بعض الأحيان فلا بأس، وقد زار النبي صلى الله   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (406) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 378 عليه وسلم بعض أصحابة وصلى بهم جماعة عليه الصلاة والسلام فإذا فعل إنسان، زار إنسان بعض إخوانه وصلى بهم جماعة الضحى مثلا فلا بأس، أما اتخاذه عادة جماعة مرتبة فلا. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 379 161 - حكم الإقامة لصلاة النافلة س: يقول هذا السائل: هل صلوات السنة أو ركعات السنة هل لهن إقامة؟ (1) ج: ليس لها إقامة، الإقامة للفرائض، أما النوافل ما لها إقامة، صلاة الكسوف ما لها إقامة، صلاة الاستسقاء ما لها إقامة، صلاة العيد ما لها إقامة، الإقامة للصلوات الخمس، لها أذان وإقامة.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (418) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 379 162 - بيان معنى اتخاذ العبادة عادة س: قرأت في أحد الكتب عبارة وهي: لا تجعل من عبادة الله عادة، كيف يجعل المسلم من عبادة الله عبادة له سبحانه، وليست عادة اعتادها؟ جزاكم الله خيرا. (1)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (324) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 379 ج: المعنى: لا تصلها كعادة، صلها قربة تتقرب بها إلى الله لا من أجل العادة، يعني إذا صليت الضحى صلها لأجل التقرب إلى الله، ليس لأنها عادة، وهكذا إذا صليت التهجد بالليل صلها لأنها قربة، لأنها طاعة، لا بمجرد العادة، أو لأنها فعلها أبوك أو أمك، لا بل صل تقربا إلى الله، تصليها لأنها عبادة وطاعة لله، صلاة الضحى، صلاة الليل، النوافل مع الصلوات. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 380 163 - حكم صلاة النافلة في السفر س: هل بعد صلاة القصر سنة أم لا؟ (1) ج: الأفضل ترك السنة إذا قصر الظهر أو العصر أو العشاء، الأفضل ألا يصلي الراتبة، ولكن يصلي سنة الفجر والوتر في السفر، كل هذا سنة، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فالأفضل تركها، والنبي عليه الصلاة والسلام كان لا يصلي الراتبة للظهر والمغرب والعشاء.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (23) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 380 س: هل تسقط السنن الرواتب في السفر من غير ركعتي الفجر والوتر حيث إنني أرغب المحافظة عليها في سفري، فإذا صليت السنن الجزء: 10 ¦ الصفحة: 380 الرواتب وحافظت عليها في السفر هل في ذلك بأس (1)؟ ج: الأولى تركها في السفر إلا سنة الفجر تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي سنة الفجر معها، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء والعصر أفضل تركها لأن الله خفف على المسافر نصف الصلاة، فيترك التطوعات التي مع الفريضة، أما كونه يصلي صلاة الضحى أو سنة الوضوء أو التهجد بالليل، فهذا باق يفعله المسافر وغيره، كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد من الليل، يصلي الضحى وهو مسافر لكن سنة الظهر القبلية والبعدية، وسنة العصر قبلها، وسنة المغرب بعدها، وسنة العشاء بعدها الأفضل تركها في السفر، إذا كان محكوما بالسفر، إذا كان أذن له بالقصر، مسافة ثمانين كيلو فأكثر.   (1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (371). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 381 164 - حكم السنة الراتبة للمسافر إذا صلى خلف المقيم س: هل على المسافر سنة الراتبة إذا صلى مع الذين يتمون (1)؟ ج: إذا صلى مع المتمين فالأفضل أن يأتي بالراتبة لأنه صار له حكم المقيمين فيصلي الراتبة، وإن ترك فلا بأس، لكن إذا أتم فالأفضل أن   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (16). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 381 يأتي بالراتبة، وإن قصر فالأفضل ترك الراتبة للظهر والعشاء، أما الفجر فإن سنتها ثابتة في السفر والحضر، وهكذا الوتر المسافر يوتر ويصلي سنة الفجر، أما سنة المغرب وسنة الظهر وسنة العشاء فالأفضل تركها للمسافرين إذا قصروا. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 382 165 - بيان معنى صلاة التطوع س: ما هو الفرق بين طلاة التطوع وصلاة النفل وصلاة الراتبة (1)؟ ج: كلها تطوع، النفل والراتبة والتطوع شيء واحد، الرواتب الصلوات المشروعة مع الفرائض كسنة الظهر، وسنة العصر، وسنة المغرب، وسنة العشاء، وسنة الفجر، والوتر، كلها رواتب وكلها تطوع، صلاة الضحى تطوع، صلاة الوضوء، إن توضأ صلى ركعتين تطوعا، كل هذا يقال له: نافلة، ما عدا الخمس المفروضة فتطوع، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم سأله بعض الناس لما أخبره عن الصلوات الخمس قال له السائل: «هل علي غيرها؟ قال: "لا إلا أن تطوع (2)» فالتطوع هو النافلة وهو ما زاد على الخمس: الظهر والعصر والمغرب   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (329). (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 382 والعشاء والفجر، يقال له: تطوع، مثل صلاة الضحى، والرواتب مع الفرائض، وتحية المسجد، وصلاة الليل، الوتر، وصلاة الضحى كلها تطوع، ويلحق بالخمس صلاة العيد فهي فرض على الصحيح، أما صلاة الجمعة فهي إحدى الخمس فرض في يومها لأنها إحدى الصلوات الخمس، أما صلاة الاستسقاء فهي تطوع، صلاة الاستغاثة تطوع، تحية المسجد تطوع، صلاة الجنازة فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين، إذا قام بها ولو واحد مكلف سقطت عن الباقين صلاة الجنازة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 383 166 - بيان معنى السنة الراتبة س: ما هو الفرق بين الألفاظ التالية: راتبة، نافلة، مؤكدة (1)؟ ج: الراتبة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أو فعل ما يدل على أنها راتبة هي ما يداوم عليها صلى الله عليه وسلم، مثل سنة الظهر والمغرب والعشاء والفجر هذه يقال لها: رواتب، سنة الجمعة؛ لأن الرسول راتب عليها عليه الصلاة والسلام وواظب عليها، والنافلة هي التي غير الفريضة، تطلق على كل عبادة غير واجبة، الصوم والصلاة   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (295). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 383 والصدقات ونحو ذلك يقال لها: نافلة، كل عبادة غير واجبة يقال لها: نافلة، كسنة الضحى، والرواتب التي مع الصلوات، سنة الوتر، صوم الاثنين والخميس، صوم ستة من شوال هذه يقال لها: نوافل، الصدقة من المال غير الواجبة يقال لها: نافلة، أما المؤكدة فهي السنة المؤكدة التي ليست المطلقة، بل المؤكدة مثل الرواتب سنة مؤكدة، الوتر سنة مؤكدة، صلاة الضحى سنة مؤكدة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 384 167 - بيان الفرق بين صلاة الفرض وصلاة النافلة س: هل هناك فوارق بين صلاة الفرض والنافلة (1)؟ ج: نعم هناك فرق: النافلة مستحبة، والفرض واجب، والنافلة إذا تركها لا يأثم، لو ترك صلاة الضحى أو صلاة الوتر، أو راتبة الظهر أو الفجر أو المغرب أو العشاء لم يأثم، والفريضة يأثم إذا تركها، بل يكفر إذا ترك الفريضة وتعمد تركها، والنافلة الصلاة يجوز أن يصليها جالسا ولو كان صحيحا، والفريضة ليس له أن يصليها جالسا إلا عند العذر عند المرض والعجز، أما النافلة لو صلى جالسا فلا بأس، كما كان النبي يصلي جالسا في صلاة الليل، ويقول: «من صلى قائما فهو أفضل ومن   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (377). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 384 صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد (1)» صلى الله عليه وسلم، فإذا صلى في الليل أو في النهار جالسا في النافلة فلا حرج، أما الفريضة فلا بد أن يصلي قائما لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران: «صل قائما (2)» يقول لعمران بن الحصين رضي الله عنه: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (3)» «فإن لم تستطع فمستلقيا (4)» هذا في حق الفريضة، أما النافلة فلا حرج أن يصلي جالسا، إذا تكاسل وجلس فلا حرج.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب صلاة القاعد، برقم (1116) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائما وقاعدا، وفعل بعض الركعة قائما وبعضها قاعدا، برقم (735). (2) صحيح البخاري الجمعة (1117). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117). (4) قال الشيخ عبد العزيز بن قاسم - المعتني بإخراج حاشية سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله على بلوغ المرام -: (لم أجد هذه الزيادة من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه في سنن النسائي، ولا في غيرها من كتب الحديث المطبوعة بعد البحث والتقصي، ومن نسبها للنسائي لعله اعتمد على ما ذكره المجد في المنتقى (ص 238) والله أعلم) اهـ حاشية سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على بلوغ المرام (1/ 242). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 385 168 - مسألة في الفرق بين النافلة والسنة س: يقول هذا السائل: ما الفرق بين السنة والنافلة فقد اختلط على كثير من الأشخاص معنى كل منهما عند كثير من المسلمين (1)؟ ج: النافلة هي التي لم يفرضها الله، تسمى نافلة، مثل صلاة الضحى، والوتر والرواتب وسنة الوضوء هذه يقال لها: نافلة، أما صلاة الظهر الفريضة والعصر والمغرب فهذه يقال لها: فريضة والحج الأول يسمى فريضة، والحج الثاني للشخص يسمى نافلة، والصوم يوم الاثنين والخميس نافلة، وصوم رمضان فريضة، وهكذا، والسنة فيها تفصيل: تطلق السنة على كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريره، ويقال لها: سنة وتطلق على النافلة وتسمى صلاة الضحى سنة، وتسمى نافلة، فالسنة المرادفة للنافلة في بعض الأحيان، فتطلق على ما ليس بفرض، وهو مشروع مثل صلاة الضحى، والوتر يقال لها: سنة يعني ليس بواجب، وتطلق السنة على أفعال النبي وأقواله وسيرته عليه الصلاة والسلام، وتطلق السنة على ما يخالف البدعة يقال مثلا: صيام الاثنين والخميس سنة، تخصيص رجب بالصيام أو الجمعة بالصيام بدعة   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (401). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 386 صيام السنة كلها بدعة، والرسول نهى عنه، ليس بقربة، قال: «لا صام من صام الأبد (1)» فإذا صام ثلاثة أيام من كل شهر، وصام يوم الاثنين والخميس هذا يقال لها: سنة هذه وجوه السنة، تطلق على النافلة، وعلى ما هو مشروع وليس بواجب، وعلى ما هو ضد البدعة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب حق الأهل في الصوم، برقم (1977) ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقا .... ، برقم (1159). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 387 س: هل هناك فرق بين صلاة التطوع وصلاة النفل وصلاة الراتبة (1)؟ ج: كلها تطوع، النفل والراتبة كلها تطوع، تسمى تطوعا ما عدا الخمس الصلوات تسمى تطوعا سواء كانت ضحى أو وترا أو رواتب، كلها تسمى تطوعا.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (362). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 387 169 - حكم صلاة الفريضة في جماعتين س: إذا صليت فريضة معينة في جماعتين هل يجوز ذلك أم لا (1)؟ ج: الأولى لك فريضة واحدة، والثانية نافلة، إذا صليت فريضة   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 387 مع قوم ثم جاء آخرون فصليت معهم صارت الثانية نافلة والأولى هي الفريضة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 388 170 - حكم الشرب في صلاة النافلة س: ع. ع. م الجوف: ما حكم شرب الماء اليسير في صلاة النافلة؟ ونرجو أن يكون ذلك مدعما بالدليل (1)؟ ج: أما شرب الماء في صلاة الفريضة فممنوع، وهكذا الأكل؛ لأن الصلاة فيها شغل عن الأكل والشرب وكلام الناس، والواجب الطمأنينة فيها، والإقبال عليها، أما في النافلة فأجاز هذا بعض أهل العلم، ومنعه آخرون، وروي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان يشرب في صلاة النافلة؛ لأنه كان يطيل الصلاة والتهجد، ولا أعلم دليلا واضحا في إجازة الشرب أثناء الصلاة، والصلاة فيها شغل، فالذي يظهر لي - والله أعلم - أن ترك ذلك أولى وأحوط في النافلة كما يترك في الفريضة، والنافلة الحكم فيها كالفريضة إلا ما خصه الدليل، ولا أعلم دليلا واضحا من كتاب أو سنة يدل على جواز شرب الماء في النافلة، والذي أراه لإخواني ترك ذلك كما يترك بالفريضة، والله سبحانه وتعالى أعلم.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (7). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 388 171 - بيان ما يفعله المصلي إذا ناداه أحد أبويه س: إذا دخلت في صلاة النافلة وناداني أبي أو أمي فهل أجيب أم أستمر في الصلاة (1)؟ ج: عليك أن تقول: سبحان الله، سبحان الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه إنما التصفيق للنساء (2)» كان في شرع من قبلنا أن جريحا أمر أن يجيب أمه وعوقب لما أهملها ولم يجبها، أما في شرعنا فالله جل وعلا رخص لنا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول من نابه شيء في صلاته: سبحان الله، والمرأة تصفق. فقل ذلك حتى يعلم أبوك أو غيره أنك تصلي، فيعذرونك فإن كان حادث يوجب قطع الصلاة قطعتها إذا طلبوك لأمر، لإنقاذهم من حريق، أو من موت، أو من خطر، فاقطعها ولو فريضة، أنقذهم ثم عد للصلاة، أما إذا كان ما هناك خطر تقول: سبحان الله. والحمد لله.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (307). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول، برقم (684) ومسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم (421). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 389 172 - حكم انتظار طلوع الشمس في موضع آخر من المسجد غير الذي صلى فيه س: الحديث الذي معناه بأن الذي يصلي الفجر في جماعة ثم يجلس في مكانه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم يصلي ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة، هل معنى ذلك بأن الذي يغير المكان في المسجد في مكان أكثر راحة وهدوءا يحجب عن هذا الفضل (1)؟ ج: الظاهر أنه لا يحجب؛ لأن المسجد كله مصلى، فإذا انتقل من مكان إلى مكان ليستند على عمود أو غيره أو لأنه أريح وأبعد عن هؤلاء القراء حتى لا يشوش عليهم كله لا بأس، يحصل له الفضل إن شاء الله.   (1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (433). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 390 س: هذا الأخ ن. ع. أ. يقول: سماحة الشيخ، من صلى صلاة الفجر في المسجد في جماعة، وجلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين سنة بعد شروق الشمس هل تحسب له حجة وعمرة (1)؟   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (43). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 390 ج: نعم، جاء في الحديث ما يدل على هذا، الحديث له طرق جيدة، فإذا جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كان له حجة وعمرة تامة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 391 173 - حكم الاستمرار على قراءة سورة الكافرون في النوافل س: السائل مصري ومقيم بالمملكة يقول: أنا أحب أن أقرا سورة الكافرون باستمرار وبالذات في صلاة السنة أو الضحى، ولكن ليس دائما، ولكن في أغلب الأوقات وذلك لأنني عند قراءتها أشعر بالإيمان والتبرؤ من الكفر، فهل هذا جائز أم لا (1)؟ ج: لا حرج والحمد لله، تقرؤها متى شئت مع إحدى سورتي الإخلاص، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) في سنة الفجر، وسنة المغرب وفي سنة الطواف، كان يقرأ بهما عليه الصلاة والسلام، {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (3) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) في الثانية بعد الفاتحة، فهي سورة عظيمة، وإذا قرأت بها كثيرا فلا بأس.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (369). (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الكافرون الآية 1 (4) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 391 174 - حكم صلاة الضحى س: ما حكم صلاة الضحى؟ فقد سألت عنها شخصيا أكثر من طالب علم، فأجابوني بعدة إجابات مختلفة، فمنهم من قال: إن الأحاديث التي وردت فيها غير صحيحة، فتترك، ومنهم من قال: بل تصلى، ومنهم من قال: يصليها من شاء متى شاء، العدد الذي يريد. ومنهم من قال: تصلى يوما وتترك يوما. لذا لجأت إلى برنامج نور على الدرب أرجو أن ينير الله لنا الطريق، وأرجو أيضا ألا ألتمس الإجابة من غيره؟ وفقكم الله (1) ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة وأقلها ركعتان، وأفضلها ثمان، فإن زاد فلا بأس، عشرا أو ثنتي عشرة، أو أكثر من ذلك فلا بأس، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه صلاها ثماني ركعات يوم الفتح (2)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أوصى بذلك أبا الدرداء، وأبا هريرة فقد جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوصى أبا هريرة وأبا   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (40). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، برقم (357) ومسلم في كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه، برقم (336). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 392 الدرداء بثلاث: صلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والوتر قبل النوم وثبت في الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صدقة أهل الدثور - أهل الأموال - وأنهم سبقوا بالصدقة بأموالهم قال: «أوليس قد جعل الله ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة (1)» وفي رواية قال: «ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (2)» هذا يدل على أن ركعتين من الضحى تقوم مقام الصدقات التي يشرع للمؤمن أن يدفعها عن مفاصله وأعضائه، ودل ذلك على تأكدها وأنها صلاة عظيمة مؤكدة فيها خير عظيم، ويستحب فعلها كل يوم قال بعض السلف: إنها تفعل يوما بعد يوم، ولكن الصواب أنها تفعل كل يوم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بها وحث عليها، فدل ذلك على أنها سنة كل يوم إذا تيسر ذلك، ولكنها غير واجبة من تركها بعض   (1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب بيان اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف برقم (1006). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 393 الأحيان فلا بأس، ولو تركها دائما فلا بأس؛ لأنها سنة مؤكدة مثل الوتر، مثل رواتب الفريضة، مثل سنة الظهر والمغرب والعشاء والفجر، كلها سنن، كلها نوافل لو تركها العبد لا إثم عليه، لكن الأفضل والأولى أن يحافظ عليها، وأن يعتني بها لأن فيها أجرا عظيما، ولأنها تكمل بها الفرائض، وصلاة الضحى من ذلك فهي سنة مؤكدة في جميع الأوقات، أما كون النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يحافظ عليها فلعله فعل ذلك لئلا يشق على أمته، لأنه لو حافظ عليها لازداد تأكدها، وربما شق على بعض الناس ذلك، ولمشاغله الكثيرة عليه الصلاة والسلام، ولأن السنة لها وجوه ثلاثة تثبت بالقول وتثبت بالفعل، وتثبت بالتقرير، فالنبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأقر عليها وأوصى بها عليه الصلاة والسلام كل هذا فعله عليه الصلاة والسلام، فعلها في يوم الفتح، وفعلها في أوقات أخرى، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله (1)» رواه مسلم. وفعلها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فدل ذلك على أنها سنة مؤكدة، أقر عليها وأوصى بها وفعلها عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 394 س: ما حكم صلاة الضحى، هل هي سنة أم واجبة (1)؟ ج: صلاة الضحى سنة وليست واجبة، الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الصلوات الخمس: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، قال السائل: «هل علي غيرها؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لا. إلا أن تطوع (2)» ليس عليه إلا الخمس في اليوم والليلة إلا أن يتطوع، فصلاة الضحى والرواتب التي مع الصلوات الخمس وصلاة الليل كلها مستحبة حتى الوتر مستحب على الصحيح فإنه سنة مؤكدة وليس بواجب عند جمهور أهل العلم.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (6). (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 395 175 - حكم المداومة على صلاة الضحى وبيان وقتها س: هل صلاة الضحى تصلى كل يوم، وهل هي من السنن الرواتب أم لا (1)؟ ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، والنبي أوصى بها عليه الصلاة والسلام، أوصى بعض أصحابه، أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (30). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 395 عنهما بصلاة الضحى، وكان يصليها بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، فهي سنة مؤكدة، أوصى بها عليه الصلاة والسلام، فإذا تيسر للمؤمن والمؤمنة فعلها فهذا خير عظيم ولكن غير لازمة، لو فعلها بعض الأحيان وتركها بعض الأحيان أو تركها بالكلية فلا حرج، لكنها سنة مؤكدة مثل سنة الفجر، ومثل سنة الظهر، وسنة المغرب، وسنة العشاء كلها سنن مؤكدة فيها خير عظيم ولكنها غير فريضة لو تركها الإنسان لا يأثم، والأفضل أن تكون بعد ارتفاع النهار، إذا اشتد النهار وارتفع النهار قبل زوال الشمس بنصف ساعة، المقصود أنه إذا ارتفع الضحى أفضل، وإن صلاها مبكرا بعد ارتفاع الشمس قيد رمح حصل المقصود وإن أخرها حتى يرتفع النهار فهو أفضل، ثنتين أو أربع ركعات أو ست ركعات أو ثماني ركعات ليس لها حد لكن أقلها ركعتان وإذا صلى أكثر فلا بأس. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 396 176 - بيان تسمية صلاة الضحى بصلاة الأوابين س: ما هي صلاة الأوابين، وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يداوم على صلاتها؟ وماذا كان يقرأ فيها (1)؟   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (383). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 396 ج: صلاة الأوابين صلاة الضحى، إذا اشتد الضحى هذه صلاة الأوابين، إذا اشتد الضحى سن لكل أحد أن يصلي صلاة الضحى، ركعتان، وإن زاد فلا بأس النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة رضي الله عنه ووصى أبا الدرداء رضي الله عنه بركعتي صلاة الضحى، وقال عليه الصلاة والسلام: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (1)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فجعل ركعتين تقومان مقام هذه الصدقات، وهذه التسبيحات والتكبيرات، وربما صلى الضحى صلى الله عليه وسلم أربعا وربما صلاها ثمانيا عليه الصلاة والسلام، صلاها يوم الفتح ثماني ركعات أربع تسليمات قالت عائشة: «كان يصليها أربعا ويزيد ما شاء الله (2)» يعني بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وما كان يداوم عليها لئلا يشق على أمته، فقد يترك العمل وهو يحب أن يعمله مخافة المشقة على أمته، لكن دلت السنة القولية على أن المواظبة عليها والمحافظة عليها سنة مؤكدة، كونه   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 397 يحافظ على صلاة الضحى سنة مؤكدة من وصية النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أوصى بها عليه الصلاة والسلام. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 398 177 - بيان فضل صلاة الضحى وسنيتها س: تسأل امرأة فتقول: قرأت في كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد) أن سنة الضحى مختلف عليها، هل هي سنة أم لا؟ وقال بعضهم: إنها بدعة، فما هو الأرجح؟ جزاكم الله خيرا، وهل الأفضل أن تصلى كل يوم أو يوما بعد يوم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما، وصلاها صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله (2)» رواه مسلم في الصحيح. وصلاها يوم الفتح، الضحى ثماني ركعات يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «يصبح على كل سلامى من الناس صدقة» والسلامى المفصل «يصبح على كل   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (316). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 398 سلامى من الناس صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، والأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (1)» هذا فضل عظيم، ركعتان من الضحى تؤديان هذه الصدقات، فصلاة الضحى سنة مؤكدة كل يوم، فمن قال: إنها بدعة، أو لا تصلى إلا بعض الأحيان فقد غلط، الصواب أنها سنة، تفعل في البيت أفضل، ركعتان أقلها ركعتان، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر فكله طيب، لكن أقلها ركعتان، وإن زاد فسلم من كل ثنتين فهذا خير، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلاها أربع ركعات، وصلاها ثماني ركعات، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة المحافظة على صلاة الضحى، هذا هو السنة، وأقل ذلك ركعتان، والأفضل عند شدة الضحى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال (2)» الأوابين: يعني الرجاعين إلى الله من أهل العبادة، صلاتهم عند شدة الضحى، عند ارتفاع الضحى، إذا اشتد حر الأرض على فصال الإبل - يعني أولاد   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 399 الإبل صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال؛ يعني قبل الظهر بساعتين، ساعة ونصف، ثلاث ساعات، هذا هو الأفضل، وأول وقتها عند ارتفاع الشمس، إذا صلاها بعد ارتفاع الشمس حصل المقصود، وإذا صلاها إذا رمضت الفصال فهذا أفضل، وإن صلى في الوقتين كله خير. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 400 178 - بيان أول وقت صلاة الضحى وآخره س: متى تبدأ وتنتهي صلاة الضحى، وصلاة قيام الليل؟ والوقت بالساعة تقريبا لو تكرمتم (1)؟ ج: الضحى تبتدئ بارتفاع الشمس قيد رمح إلى اقتراب الزوال، ولكن الأفضل أن يصليها عند شدة الضحى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2)» يعني حين تشتد الرمضاء على أولاد الإبل، هذا هو الأفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس قيد رمح حصلت السنة، وإذا كان قرب الزوال وقف عن ذلك، لأنه حينئذ تقف الشمس، يسمى وقت الوقوف، وذكر النبي أنها تسجر فيها جهنم، فالحاصل أنه عند قرب الزوال لا يصلي، هذا من أوقات النهي، وهو   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (190). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 400 وقت قصير نحو ربع ساعة أو ثلث ساعة تقريبا قبل الزوال قبل أن تميل إلى جهة المغرب، يقال له: وقت الوقوف، فلا ينبغي له أن يتطوع في هذه الحالة بشيء من الصلاة، بل يمسك حتى تزول الشمس، يعني يمسك عن الصلاة التنفل حتى تزول الشمس عند قرب الزوال. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 401 س: يذكر ويطلب الوقت بالساعة تقريبا لو تكرمتم (1) ج: هذا يختلف على كل حال، الليل يختلف والنهار يختلف، فإذا كان بعد طلوع الشمس ربع ساعة تقريبا ارتفعت الشمس ربع ساعة تقريبا، تكون الشمس مرتفعة، وإذا بقي على الظهر نحو نصف ساعة ينبغي التوقف احتياطا عن الصلاة حتى تزول الشمس، أما في الليل فإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء، الشفق الأحمر للمغرب، الشفق الأحمر هذا يكون في جهة الغرب، فإذا غاب وانتهى دخل وقت العشاء وخرج وقت المغرب، وإذا صلى العشاء دخل وقت التهجد، إذا صلى العشاء ولو مبكرا ولو مجموعة مع المغرب كالمسافر والمريض، إذا صلاها جمعا في السفر والمرض دخل وقت التهجد إلى طلوع الفجر، كله وقت تهجد، وإذا صلاها في الوقت دخل وقت التهجد بعد صلاة   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (190) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 401 العشاء، وبعد السنة الراتبة يصلي سنتها ثنتين، وبذلك يدخل وقت التهجد في أول الليل وفي وسطه وفي آخره، لكن كونه يصلي في آخر الليل، في الثلث الأخير يكون أفضل حتى يوافق النزول الإلهي. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 402 س: وما هو آخر وقت التهجد (1)؟ ج: طلوع الفجر، لكن من فاته ورده في الليل شرع له أن يصليه من النهار، الضحى من النهار شفعا لا وترا، إذا كان عادته ثلاثا يصليها أربعا تسليمتين، وإذا كان عادته خمسا صلاها ثلاث تسليمات ستا، يعني يشفع بواحدة لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (2)» وكانت عادته في الغالب إحدى عشرة ركعة في الليل، إذا صلى في النهار صلاها ثنتي عشرة ركعة، يعني زاد ركعة شفعها - اللهم صل عليه - لأن النهار ليس محل وتر.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (190). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 402 س: الأخت س. ص. من مصر تسأل وتقول: ما هي الفترة الزمنية الجزء: 10 ¦ الصفحة: 402 التي يمكننا فيها صلاة الضحى (1)؟ ج: الفترة التي شرع فيها صلاة الضحى هي ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها في وسط السماء، هذا هو وقت صلاة الضحى، والأفضل إذا اشتد الضحى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2)» يعني حين تشتد الشمس وتجد الفصال وهي أولاد الإبل - حرارة الشمس، وإذا صلاها بعد ارتفاع الشمس مبكرا فقد أدرك صلاة الضحى، وله أن يصليها في جميع أجزاء وقت الضحى إلى وقوف الشمس قبل الزوال بنحو نصف ساعة أو قريبا من ذلك، هذا هو وقت وقوف الشمس في عين الناظر، وذلك إذا توسطت في كبد السماء قبل أن تميل إلى الغرب، هذا يسمى وقت الوقوف، ولا يجوز من المسلم أن يتطوع فيه بالصلاة من غير ذوات الأسباب، أما ذوات الأسباب كصلاة الكسوف وتحية المسجد وصلاة الطواف بمكة فهذه وأشباهها من ذوات الأسباب، الصواب فيها أنه لا حرج في فعلها في وقت النهي، هذا هو الأصح من قولي العلماء، فإذا طاف بعد العصر   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (156). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 403 الكعبة المشرفة أو بعد الصبح قبل الشمس فلا بأس أن يصلي ركعتين، وهكذا لو كسفت الشمس عصرا شرع للمسلمين صلاة الكسوف في أصح قولي العلماء، وهكذا إذا دخل المسجد بعد الفجر أو بعد العصر للجلوس فيه لطلب العلم أو غير ذلك، فإن السنة أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1)» ولم يستثن وقتا من وقت عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأرجح والله ولي التوفيق.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما .... ، برقم (714). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 404 س: تسأل المستمعة ع من جازان وتقول: متى يكون وقت صلاة الضحى؟ ومتى ينتهي وقته (1)؟ ج: صلاة الضحى من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها، كما بينه النبي في حديث عمرو بن عبسة: إذا ارتفعت الشمس قيد رمح يصلي ما بدا له حتى تقف الشمس، إلى وقوف الشمس، فإذا زالت دخل وقت العبادة إلى أن يصلي العصر.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (390). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 404 س: نرجو أيضا من سماحتكم أن تحددوا وقت صلاة الضحى (1)؟ ج: صلاة الضحى تبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح بعد طلوعها بربع ساعة تقريبا، تبدأ الصلاة وتنتهي عند وقوف الشمس، إذا كانت الشمس في وسط السماء لم تمل إلى الغروب توسطت السماء هذا الوقوف محل النهي عن الصلاة، وذلك الوقت تسجر فيه جهنم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فينهى عن الصلاة فيه، لكن الأفضل أن يصلي الضحى إذا رمضت الفصال، إذا اشتد الضحى، إذا ارتفع الضحى، هذا هو الأفضل، وإن كان جالسا في المسجد إلى طلوع الشمس فالأفضل أن يصلي ركعتين عند قيامه للخروج بعد ارتفاع الشمس أو في بيته إذا جلس في بيته بعد الفجر، إذا انتهى وطلعت الشمس يصلي ركعتين تكفي عن صلاة الضحى، وإن صلى بعد ذلك إذا اشتد الضحى فهذا مما يزيده خيرا وفضلا.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (319). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 405 س: ما وقت صلاة الضحى؟ وهل هناك آيات بعينها كان يقرؤها في هذه الصلاة (1)؟   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (371). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 405 ج: صلاة الضحى ما بين أن ترتفع الشمس قيد رمح إلى أن تقف قرب الظهر كله ضحى، فإذا صلاها بعد ارتفاع الشمس بعد الشروق فقد صلاها صلاة الضحى مبكرا، والأفضل أن تكون عند شدة الضحى، الأفضل أن يصليها حيث يشتد الضحى قبل الظهر بساعتين أو ساعة ونصف ساعة أكثر لا بأس هو الأفضل قبل الظهر بساعة بساعتين أفضل شدة الضحى، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس وجلس في مسجد حتى ارتفاع الشمس حصل به صلاة الضحى مبكرا، وهكذا لو كان في البيت وصلاها بعد ارتفاع الشمس، كل ذلك حسن. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 406 179 - بيان أفضل وقت لصلاة الضحى وعدد ركعاتها س: تقول السائلة: ما هو وقت صلاة الضحى بالضبط، وما هو عدد ركعاتها، وهل لها دعاء خاص بها (1)؟ ج: صلاة الضحى مستحبة، وتبتدئ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس، وأفضلها إذا اشتد الضحى لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2)» فالأفضل عند شدة الضحى قبل   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (168). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 406 الظهر بساعة أو ساعتين، هذا هو الأفضل، وإذا صلاها المسلم أول الصباح بعد ارتفاع الشمس قيد رمح أو في بقية أجزاء الضحى كل ذلك حسن والحمد لله، وأقلها ركعتان ولا حد لأكثرها، وبعض أهل العلم قال: أكثرها ثمان، ولكن لا دليل على ذلك، إذا صلى ثمانيا أو أكثر أو أقل كل ذلك لا حرج فيه والحمد لله، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى يوم الفتح ثماني ركعات عليه الصلاة والسلام، وكان يصلي ركعتين إذا زار قباء يوم السبت ضحى عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أن أقلها ركعتان، ولا حد لأكثرها، وإذا صلاها ثمانيا يسلم من كل ثنتين، هذا حسن موافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لما صلاها بمكة المكرمة حين الفتح، وإن صلى اثنتي عشرة أو صلى عشرين أو صلى أكثر فإنه يسلم من كل ركعتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1)» رواه أحمد وأهل السنن بإسناد حسن من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فالحاصل أن صلاة الضحى مشروعة وسنة، وقربة عظيمة، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، وهي سنة مؤكدة، تبتدئ من ارتفاع   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 407 الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس؛ يعني إلى ما قبل الزوال بنحو ثلث ساعة أو نصف ساعة تقريبا. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 408 180 - بيان وقت الزوال س: تقول السائلة أختكم أم عبد الرزاق: أسمع بوقت الزوال، فما هو هذا الوقت؟ وهل صحيح أن صلاة الضحى اثنتا عشرة ركعة، وأن وقت صلاة الضحى إلى ما قبل صلاة الظهر بربع ساعة (1)؟ ج: الزوال ميل الشمس إلى جهة الغرب، الشمس تسير من المشرق إلى المغرب، فإذا زالت إلى جهة المغرب هذا هو الزوال، وإذا توسطت هذا هو الوقوف، وقت النهي، وصلاة الضحى أقلها ركعتان، وليس لأكثرها حد، ووقتها ما بين وقوف الشمس وارتفاعها كله ضحى، النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بركعتي الضحى، وصلى يوم الفتح صلاة الضحى ثماني ركعات عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الخامس والسبعون من الشريط رقم (433). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 408 181 - بيان صفة صلاة الضحى وعدد ركعاتها س: سؤال عن صلاة الضحى وعن وقتها وعن عدد ركعاتها، جزاكم الجزء: 10 ¦ الصفحة: 408 الله خيرا (1) ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه، وقال عليه الصلاة والسلام: «فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (2)» فهذا يدل على تأكدها وهي ركعتان، وإن صلى أربعا أو أكثر فكله طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى ثمانيا صلاة الضحى، لما دخل مكة صلى الضحى، صلاها ثماني ركعات، يسلم كل ثنتين، فالمقصود أن سنة الضحى مستحبة ومتأكدة دائما، وإن صلاها في بعض الأوقات وترك بعض الأوقات لا بأس، ولكن الأفضل أن يحافظ عليها دائما، وأقلها ركعتان، ومن صلى أكثر فأجره أكثر، ووقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس قبل الظهر بنصف الساعة، ثلث الساعة. وقوف الشمس يعني: لأن مدة الوقوف ليست طويلة عند توسط الشمس   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (332) (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 409 في كبد السماء، هذا هو الوقوف، والأفضل إذا اشتد الحر إذا ارتفع الضحى فهذا أفضل أوقاتها، وإن صلاها مبكرا بعد طلوع الشمس بعد ارتفاع الشمس كفى ذلك، ولكن الأفضل عند اشتداد الضحى، وذلك صلاة الأوابين؛ يعني الرجاعين إلى الله، كثيري العبادة صلاتهم عند اشتداد الضحى. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 410 س: ما هي صفة صلاة الضحى وكم عدد ركعاتها وما وقتها؟ وما هي أيضا صفة تحية المسجد (1)؟ ج: صلاة الضحى ركعتان، هذا أقلها، وإن صلى أربعا أو أكثر فلا بأس، ليس لها حد محدود، وأكثر ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ثمان ركعات عليه الصلاة والسلام، صلاها يوم الفتح، هذا هو الأفضل إذا صلى ثنتين أو صلى أربعا تسليمتين، وإلا ستا ثلاث تسليمات أو صلى ثمانيا بأربع تسليمات، أو صلى عشرا بخمس تسليمات فلا بأس كله طيب، وليس لها حد محدود، قال بعض أهل العلم: إن أكثرها ثمان، ولكن ليس عليه دليل، فيصلي الإنسان ما يسر الله له، يسلم من كل ثنتين، يخشع فيها ويطمئن، ويبدأ وقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (219). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 410 إلى وقوفها قبل الزوال بنحو ربع ساعة، ثلث ساعة تقريبا، هذا وقت الضحى، والأفضل إذا اشتد الضحى قبل الظهر بساعة، ساعتين هذا هو الأفضل، وهي صلاة الأوابين حين ترمض الفصال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صلاها قبل الظهر بساعة أو ساعتين، هذا أفضل وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس كفى ذلك، وليس لها عدد محصور، يصلي ما يسر الله له، أم تحية المسجد فهي ركعتان فقط إذا دخل المسجد في أي وقت يصلي ركعتين، حتى ولو كان الإمام يخطب يوم الجمعة لا يجلس حتى يصلي ركعتين وحتى في وقت النهي، هذا هو الصواب، إذا دخل بعد العصر يريد الجلوس في المسجد لصلاة المغرب، أو للدرس صلى ركعتين، أو بعد الفجر ليحضر الدرس أو يجلس في المسجد إلى طلوع الشمس صلى ركعتين، هذا هو الصواب. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 411 182 - مسألة في عدد ركعات الضحى وبيان فضلها س: أفتونا في صلاة الضحى في عدد ركعاتها، وعن القراءة فيها، والساعة التي تؤدى فيها، وهل لها تسبيح وتهليل؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 411 ج: صلاة الضحى ركعتان، ومن زاد صلى أربعا أو أكثر كله طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة بركعتي الضحى، وأوصى أبا الدرداء كذلك بصلاة الضحى، وقال صلى الله عليه وسلم: «يصبح على كل سلامى من الناس صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (1)» رواه مسلم في الصحيح. يعني يدل على عظم الفائدة في هاتين الركعتين، وإذا صلى تسليمتين أربع ركعات أو ثلاث تسليمات ست ركعات أو أربع تسليمات ثماني ركعات كله طيب، ولو صلى أكثر كأن صلى عشرا أو عشرين أو ثلاثين يسلم من كل ثنتين كله طيب، وقت الضحى كله محل صلاة حتى تقف الشمس، والنبي صلى الله عليه وسلم قد يصلي أربعا وقد يزيد، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما يشاء (2)» وفي يوم فتح مكة صلى ثماني ركعات، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، ولو صلى أكثر فلا بأس كله طيب، إلا إذا وقفت الشمس يمسك؛ يعني   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 412 قرب الظهر قبل الظهر بربع ساعة أو ثلث ساعة عند توسط الشمس، إذا توسطت في كبد السماء قبل أن تميل إلى الغروب هذا هو وقت المنع، وقت الوقوف ولا يصلي إلا ذوات الأسباب كدخول المسجد، إذا دخل قبل الظهر يصلي تحية المسجد، أو طاف قبل الظهر بمكة بالكعبة يصلي سنة الطواف، أو كسفت الشمس قبيل الظهر يصلي صلاة الكسوف، أو بعد العصر يصلي صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب، وليس لها قراءة مخصوصة، يقرأ ما تيسر، يقرأ فيها الفاتحة وما تيسر معها والحمد لله، يسبح في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى، أما بعدها فيه شيء مخصوص. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 413 183 - بيان صلاة الشروق س: يقول هذا السائل: كم عدد صلاة الضحى، وهل هناك فرق بين صلاة الضحى وبين صلاة الشروق (1)؟ ج: صلاة الشروق هي صلاة الضحى، مبكرة والأفضل عند شدة الضحى، أن تصلى حين ترمض الفصال حين يشتد الضحى، وليس لها   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (433). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 413 عدد محصور، أقلها ركعتان، وإن صلى أكثر فلا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعض الأحيان أربعا، وربما صلى ثمانيا عليه الصلاة والسلام، وإن صلى أكثر فلا بأس لكن يسلم من كل ثنتين مثنى مثنى. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 414 184 - حكم القراءة في صلاة الضحى س: أفيدونا عن صلاة الضحى، وعن وقتها، وعدد ركعاتها، وكيف تؤدى، وهل يجب على الإنسان أن يقرأ فيها سورا معينة أم أي شيء من القرآن (1)؟ ج: صلاة الضحى سنة أوصى بها النبي بعض أصحابه / وفعلها في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وفعلها «يوم الفتح صلى ثماني ركعات الضحى يوم الفتح (2)» فهي سنة مؤكدة، ووقتها ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس، الضحى كله وقتها، ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس قبيل الظهر، فإذا صلاها في أول وقتها أو في أثنائه فقد أصاب السنة، لكن أفضلها عند اشتداد الضحى   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (351). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، برقم (357) ومسلم في كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه، برقم (336). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 414 إذا اشتد الحر ورمضت الفصال كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (1)» يعني حين يشتد حر الرمضاء على أولاد الإبل، فصلاتها في الضحى في ارتفاع الضحى أفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس فقد حصلت السنة، ويقرأ فيها ما تيسر سورا أو آيات ليس فيها شيء مخصوص، يقرأ فيها ما تيسر من الآيات أو من السور، وأقلها ركعتان بتسليمة واحدة، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر يسلم من كل ثنتين، فكله حسن، والنبي صلاها يوم الفتح صلى ثماني ركعات يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 415 185 - بيان وقت صلاة الضحى بالساعة س: يسأل عن صلاتي الضحى وصلاة الليل فيقول: ما وقت صلاة الضحى بالساعات؟ وهل يجوز أن نصلي صلاة الليل في أول الليل بعد صلاة العشاء إذا لم نستطع صلاتها في آخر الليل (1)؟   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (279). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 415 ج: صلاة النهار في الضحى وقبل الظهر كله وقت صلاة بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، نحو ربع ساعة بعد طلوع الشمس إلى زوالها، إلى وقوف الشمس قبل الظهر بنحو ثلث ساعة أو ربع ساعة، لأن وقوف الشمس وقته قصير، وتوسطها كبد السماء قبل أن تميل إلى المغرب، هذا يقال له: وقت الوقوف، وقت نهي، والضحى كله وقت صلاة، والأفضل عند شدة الضحى، إذا اشتد الضحى يكون أفضل، قبل الظهر بساعة ونصف، ساعتين هذا أفضل ما يكون لصلاة الضحى وإذا صلى بعد العشاء إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل كان هذا أفضل، النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأوصى أبا الدرداء بالإيتار قبل النوم والظاهر - والله أعلم - أنهما كانا يخشيان ألا يقوما من آخر الليل، لأنهما يدرسان الحديث في أول الليل، وإذا أوتر الإنسان أول الليل فهو أفضل إذا خاف ألا يقوم من آخر الليل، أما إذا طمع أن يقوم آخر الليل ووثق من نفسه أنه يقوم فالوتر في آخر الليل أفضل، كونه يؤخره إلى آخر الليل هذا هو الأفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الجزء: 10 ¦ الصفحة: 416 الليل فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل (1)» رواه مسلم في صحيحه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له (2)» وفي اللفظ الآخر يقول جل وعلا: «هل من تائب فيتاب عليه، هل من سائل فيعطى سؤله، هل من مستغفر فيغفر له، حتى ينفجر الفجر (3)» وهذا حديث عظيم متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو نزول الرب جل وعلا آخر الليل في الثلث الأخير، فينبغي لك يا عبد الله أن تكون ممن يعبد الله في هذا الوقت بالصلاة والاستغفار وقراءة القرآن والذكر، وقت عظيم، الثلث الأخير. وهكذا جوف الليل في السدس الرابع كان يقومه داود، يقوم نصف الليل، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، يقوم السدس الرابع، والسدس الخامس، وهذا وقت عظيم أيضا، جمع بين جوف الليل وبين أوله والثلث الأخير والله سبحانه رغب عباده في العبادة في هذا الوقت   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 417 والدعاء والضراعة إليه جل وعلا، فجدير بأهل الإيمان من الرجال والنساء أن يتحروا هذا الوقت، وأن يجتهدوا في قيام الليل ولا سيما في السدس الرابع والخامس، وفي جميع الثلث الأخير بالدعاء والضراعة، والصلاة والقراءة، والاستغفار، كما أرشد إليه سبحانه وتعالى، وهذا النزول يليق بجلال الله، ليس من جنس نزول المخلوقين، بل هو نزول يليق بالله لا يشابه خلقه في نزوله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) وقال سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (2) وقال عز وجل: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (3) فنزوله يليق به، لا يشابه خلقه، وهكذا الاستواء على عرشه، وهكذا رحمته وغضبه وضحكه، كله يليق بالله، لا يشابه خلقه سبحانه وتعالى، وهكذا جميع الصفات كلها تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى عملا بقوله جل وعلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4) وهذا قول أهل السنة والجماعة وقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، فالزمه يا عبد الله، الزم هذا القول الذي قال به   (1) سورة الشورى الآية 11 (2) سورة الإخلاص الآية 4 (3) سورة النحل الآية 74 (4) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 418 الصحابة وعلماء السلف، واحذر أقوال المرجئة المحرفين لكتاب الله، أو المؤولين لصفات الله، أو المشبهين الله بخلقه، احذر أقوالهم، وكلها باطلة، والحق قول أهل السنة والجماعة، وهو قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، وهو قول الأنبياء والرسل جميعا، وهو الإيمان بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن العظيم والسنة المطهرة الصحيحة، وإمرارها كما جاءت بغير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تشبيه ولا تمثيل، بل يجب أن نؤمن بها كما جاءت ونمرها كما جاءت مع الإيمان بها أنها حق، وأن نزوله سبحانه حق، وأن استواءه حق، وأن رحمته حق، وأن غضبه حق، وأن رضاه حق، وأن رأفته حق، وهكذا بقية الصفات، من يد وقدم وسمع وبصر، وعلمه وكذلك كلها حق كلها صفات تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، فكلامه ليس من جنس كلام خلقه، وغضبه ليس من جنس غضبهم، وضحكه ليس من جنس ضحكهم، ورضاه ليس من جنس رضاهم وهكذا. كل صفاته تليق به سبحانه وتعالى، لا بشابه فيها خلقه، لا يعرف كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، قال بعض الناس لمالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه، الإمام المشهور والعالم العظيم رحمه الله، قال له بعض الجزء: 10 ¦ الصفحة: 419 الناس: «يا أبا عبد الله، يقول الله سبحانه: فكيف الاستواء. قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة (2)» فالسؤال عن الكيفية بدعة، الاستواء معلوم هو العلو، الاستواء هو العلو فوق العرش، العلو فوق العرش معلوم وكيف استوى؟ لا نعلم كيف استوى، لا نعلم كيف يرضى، ولا كيف يغضب ولا كيف ينزل، لا نعلم هذا، لكن نؤمن بأنه ينزل، ينزل في كل ليلة في الثلث الأخير، نعلم أنه استوى على العرش، نعلم أنه يضحك ويرضى ويغضب، لكن لا نعلم كيفية ذلك، ولا نعلم حقيقة ذلك، بل نقول كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3) فله الكمال في صفاته، ولا يعلم الناس كيفية صفاته، هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير.   (1) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات، والاعتقاد في باب ما ذكر في الساق، برقم (867) (2/ 306) بلفظ: " جاء رجل فقال يا أبا عبد الله: (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟ قال: فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أرك إلا مبتدعا، فأمر به أن يخرج. واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/ 398، الأثر رقم (664). (2) سورة طه الآية 5 (1) {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (3) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 420 186 - بيان بداية ونهاية وقت الضحى والدعاء فيها س: هذا السائل ص. ن. من الإمارات العربية المتحدة يقول: متى يبدأ وقت صلاة الضحى ومتى ينتهي، وهل هناك أدعية معينة في هذه الصلوات (1)؟ ج: وقت الضحى يبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها، كلها صلاة ضحى، والأقرب والأفضل أن يصلي عند اشتداد الضحى لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2)» يعني حين يشتد الحر على أولاد الإبل، فالمقصود أن ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها هذا صلاة الضحى سواء صلاها في أول الوقت أو في آخره أو في وسطه قبل أن تميل الشمس، وليس فيها أدعية معينة، يدعو في سجوده بما يسر الله، وهكذا يدعو في التحيات قبل أن يسلم ما يسر الله، يتخير من الدعاء أعجبه إليه لقوله صلى الله عليه وسلم: «أما السجود فاجتهدوا في الدعاء (3)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (425). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 421 يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (1)» ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2)» هذا من الدعاء العظيم، ومن الدعاء الذي أرشد إليه عائشة رضي الله عنها: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (3)» ومن الدعاء الحسن: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل. ويكون في السجود أو قبل السلام بعد التحيات لقوله صلى الله عليه وسلم لما علمهم التشهد قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (4)» وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (5)» قبل أن يسلم.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513)، وابن ماجه في كتاب الدعاء باب الدعاء بالعفو والعافية، برقم (3850) واللفظ له. (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 422 س: ما هو أول وقت لصلاة الضحى وما هو آخر وقت لها؟ علما بأنني أجهلها دائما، مأجورين (1) ج: يبدأ وقتها إذا ارتفعت الشمس قيد رمح في رأي الرائي، فإنه يدخل وقت الضحى حتى تقف الشمس؛ يعني حتى تتوسط السماء، هذا الوقوف فتنتهي الصلاة حتى تزول وقد نبه النبي على هذا لعمرو بن عبسة (2) وغيره.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (425). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة، برقم (832). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 423 س: متى تبدأ صلاة الضحى، وصلاة الليل، ومتى تنتهي؟ وجزاكم الله خيرا (1) ج: صلاة الليل بين المغرب والعشاء، وبعد العشاء كلها صلاة ليل، والأفضل بعد العشاء في وسط الليل، في آخره، ثم تختم الصلاة بالوتر واحدة، يجتهد ويصلي ركعتين ركعتين مع الخشوع والطمأنينة والضراعة إلى الله والدعاء، ويختم بواحدة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (394). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 423 الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلاه (1)» وإذا صلى بين العشاءين فهو محل صلاة أيضا إذا صلى فيها ما تيسر من الركعات، هذا طيب أيضا محل عبادة، وهكذا في النهار، يتعبد في النهار في الضحى، في الظهر، صلاة الضحى سنة بعد ارتفاع الشمس، والأفضل إذا اشتد الضحى يصلي ركعتين، يصلي أربعا يصلي أكثر من ذلك كله طيب، بعد الظهر يصلي أربعا، وقبل الظهر أربعا، هذا مستحب لقول النبي: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2)» ولو صلى بين الظهر والعصر ركعات كثيرة كلها عبادة طيب، أو صلى في الضحى ركعات كثيرة كله طيب، لكن أقل شيء ركعتان في الضحى، وأقل شيء بعد الظهر أربع بعد الظهر تسليمتين.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 424 187 - حكم الزيادة في صلاة الضحى على ثماني ركعات س: أؤدي صلاة الضحى ثماني ركعات ما بين السابعة والثامنة صباحا، فهل ما فعلته صحيح (1)؟   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (327). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 424 ج: نعم، قد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى يوم الفتح سبحة الضحى ثماني ركعات، ويروى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيتي الضحى، فصلى ثماني ركعات (1)» وصلاة الضحى موسع فيها: ثمان أو عشر أو أكثر وأقلها ركعتان وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بركعتي الضحى، وكان يزور قباء في المدينة فيصلي ركعتين ضحى، فالمقصود أن صلاة الضحى سنة مؤكدة، وأقلها ركعتان، وإذا صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر فكل ذلك لا بأس به، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان الرسول يصلي الضحى أربعا أو يزيد ما شاء الله (2)» وقالت: أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها: «إني شهدت النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح سبحة الضحى ثماني ركعات (3)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، برقم (357) ومسلم في كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه، برقم (336). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 425 188 - حكم صلاة الضحى في السفر والحضر س: حدثوني عن ركعتي الضحى، وعن فضلها، وهل إذا رأيت الناس الجزء: 10 ¦ الصفحة: 425 يصلونها أنضم معهم (1)؟ ج: صلاة الضحى سنة، قد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة، كان يفعلها كثيرا عليه الصلاة والسلام، فهي سنة، أقلها ركعتان، وإن صلاها أربعا أو أكثر فلا بأس، وإن صلاها ثمانيا كما فعل عليه الصلاة والسلام صلاها ثماني ركعات كما فعل عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنها سنة في السفر والحضر، ومن تركها فلا حرج عليه، وإن واظب عليها فهو أفضل.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (328). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 426 189 - بيان صلاة الأوابين س: هل صلاة الأوابين صحيحة وهي ست ركعات بعد صلاة المغرب (1)؟ ج: هذا ليس بصحيح، وليس بثابت، لكن تستحب الصلاة بين المغرب والعشاء ولو أكثر من ست ركعات لكن ما تسمى صلاة الأوابين صلاة الأوابين صلاة الضحى، هذه صلاة الأوابين، إذا اشتد الضحى فالصلاة ذاك الوقت يقال لها: صلاة الأوابين، قال النبي عليه   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (229). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 426 الصلاة والسلام: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (1)» يعني حين يشتد الحر ضحى، هذه صلاة الأوابين، صلاة الضحى عند شدة الحر، يعني عند علو النهار قبل الزوال بساعة أو ساعتين، يقال لها: صلاة الأوابين، أما ما بين المغرب والعشاء فالحديث فيها ضعيف (2) تسميتها صلاة الأوابين ضعيفة، ولكن يستحب للمؤمن أن يصلي فيها، والمؤمنة ما يسر الله له غير سنة المغرب، أما سنة المغرب فهي مؤكدة سنة ركعتان بعد المغرب، وإذا صلى زيادة أربع ركعات أو ست ركعات أو عشر ركعات كله طيب، ما بين المغرب والعشاء كله محل عبادة ولو صلى كثيرا، وهكذا بعد العشاء كله محل تطوع والحمد لله.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). (2) أخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب مختصر قيام الليل عن محمد بن المنكدر مرسلا برقم (68). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 427 190 - حكم صلاة الضحى أكثر من ثماني ركعات س: تقول السائلة ورد في الحديث أن سنة الضحى أقلها ركعتان وأكثرها ثمان ركعات، هل يجوز لي أن أزيد عن ثمان ركعات؟ وهل إذا صليت ركعتي طلوع الشمس أحسبها مع سنة الضحى الجزء: 10 ¦ الصفحة: 427 لتكون ثماني ركعات أم أنها مستقلة (1)؟ ج: ليست محددة بثمان ركعات، وإنما هذا من كلام بعض أهل العلم، يقولون: أكثرها ثمان ركعات، والصحيح لا حد لأكثرها، تصلي ثمانيا أو عشرا أو عشرين لا بأس، أو أكثر لكن أقلها ركعتان، وقد «أوصى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة بركعتي الضحى (2)» فأقلها ركعتان، وإذا صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو عشرا أو أكثر يسلم من كل ثنتين كله طيب، كله مشروع والحمد لله.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (345). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 428 س: يقول السائل: إنني قرأت في أحد الكتب أنه من يصلي الضحى ثنتي عشرة ركعة يبنى له قصر في الجنة، فهل هذا الحديث صحيح، ومتى تكون صلاة الضحى (1)؟ ج: صلاة الضحى سنة وقربة، من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قرب الزوال إلى وقوفها، وإذا اشتد الضحى يكون أفضل، وهي صلاة الأوابين كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (285). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 428 «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (1)» أي حين يشتد الضحى، وتحتر الشمس على أولاد الإبل، وهي ثنتان فأكثر، أقلها ركعتان، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر كله طيب، ليس فيها حد محدود. وقد ورد في اثنتي عشرة ركعة حديث في سنده ضعف، أنه من صلاها بنى الله له قصرا في الجنة، لكن ليس لهذا حد محدود، من صلى عشرا أو اثنتي عشرة، أو أربع عشرة أو ست عشرة، كله طيب والحمد لله، ولو صلى مائة ليس فيها حد محدود - الحمد لله - لكن مثنى مثنى، الأفضل مثنى مثنى للحديث الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 429 س: سؤال عن صلاة الضحى كم ركعة، وماذا يقول الإنسان عندما ينوي، هل يقول: نويت أصلي صلاة الضحى أم يقول قبل تكبيرة الإحرام أي شيء آخر؟ أرشدوني جزاكم الله خيرا (1) ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (338). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 429 وحث عليها وأوصى بها جماعة من أصحابه رضي الله عنهم، وأقلها ركعتان بتسليمة واحدة، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر يسلم من كل ركعتين كله خير، لكن أقلها ركعتان، يسلم من كل ركعتين. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 430 س: هل صلاة الإشراق هي صلاة الضحى، وكم عدد ركعات صلاة الضحى بالتفصيل؟ مأجورين (1) ج: نعم صلاة الإشراق هي صلاة الضحى، أولها صلاة الإشراق وآخرها قبيل وقوف الشمس ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى أن تقف، هذا كله صلاة الضحى، والأفضل أن تكون صلاة الضحى حين ترمض الفصال حين يشتد الضحى، هذا هو الأفضل، وإذا صلاها في أول الوقت عند ارتفاع الشمس قيد رمح في المسجد أو في البيت كل ذلك حسن، وإن كرر، صلى أربع ركعات، أو ست ركعات أو ثماني ركعات أو أكثر كله خير.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (365). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 430 س: يقول: هل الركعتان التي تصلى وقت شروق الشمس تسمى بركعتي الشروق أم بصلاة الشروق (1)؟   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (392). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 430 ج: يسميها العامة صلاة الشروق، وهي صلاة الضحى، صلاة الضحى المبكرة، إذا ارتفعت الشمس تسمى صلاة الضحى لكنها مبكرة، وأفضلها عند اشتداد الضحى، هذا أفضل صلاة الضحى، وإذا صلاها بعد ارتفاع الشمس هي صلاة الضحى، ويسميها العامة صلاة الشروق. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 431 191 - حكم الجهر والإسرار في صلاة الضحى س: السائلة س. م. ص. من الأردن، تقول السائلة: هل صلاة الضحى جهرية أم سرية، وهل الجهر في القراءة فقط أم في الركوع والسجود؟ (1) ج: صلاة الضحى سرية، وهكذا الظهر والعصر كلها سرية، ولو جهرت المرأة أو الرجل في صلاة الضحى لم يضر ذلك لأن الجهر والإخفات سنة ليس محرما ولا واجبا، فالجهر سنة والإخفات سنة، فلو جهر في النهار أو أسر في الليل فصلاته صحيحة لكنه بخلاف السنة، والسنة أن يسر بالنهار صلاة الضحى والظهر والعصر، ويجهر بالليل في صلاة المغرب والعشاء في الركعتين الأوليين إلا الفجر فإنها جهرية، والجمعة جهرية ولو كانت نهارية، الجمعة جهرية، والعيدان جهرية،   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (273) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 431 وصلاة الفجر جهرية، وصلاة الاستسقاء جهرية ولو كانت في النهار، أما النوافل فهي سرية في النهار، وهكذا صلاة الظهر سرية في النهار، وهكذا العصر سرية، والمغرب والعشاء جهرية في الأولى والثانية، والفجر جهرية كما تقدم، وهكذا صلاة الجمعة جهرية، وصلاة العيد وصلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف كلها جهرية؛ لأن الرسول جهر عليه الصلاة والسلام، لكن لو أسر الإنسان في الجهرية فصلاته صحيحة سواء عامدا أو ناسيا لكنه خلاف السنة، لا يتعمد، ليس له أن يتعمد في السر في الجهرية، وليس له أن يتعمد الجهر في السرية لأنه خلاف السنة، لكن لو جهر متعمدا لم تبطل صلاته، أو أسر في الجهرية لم تبطل صلاته لكنه خالف السنة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 432 192 - حكم التعود على قراءة آيات معينة في صلاة الضحى س: لقد تعودت أن أقرأ في ركعتي الضحى آيتي الشكر: الآية من سورة النمل: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} (1) الآية، وأيضا الآية من سورة الأحقاف: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} (2)   (1) سورة النمل الآية 19 (2) سورة الأحقاف الآية 15 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 432 الآية، هل عملي هذا يا سماحة الشيخ يعد مبتدعا أم إني مخير في أن أقرأ ما أريد من كتاب الله؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: لا حرج، عليك أن تقرأ ما تيسر ما لم تعتقد أن هذا السنة خاصة، هذا لا أصل له، ولكن مثل ما قال ربك جل وعلا: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (2) فإذا قرأت ما تيسر فلا حرج عليك، أما أن تتعمد آيتين مخصوصتين ترى أنهما سنة وحدهما فهذا لا أصل له؛ لأن البدعة ليست في الشرع، ولا أحد يقول هذا سنة وهذا بدعة إلا بدليل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» فإذا كنت إنما أردت أنهما آيتان عظيمتان، فأحببت قراءتهما فلا بأس بهما أو غيرهما من دون أن تعتقد أنه سنة من دون غيرها سنة خاصة.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (297) (2) سورة المزمل الآية 20 (3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 433 193 - حكم تأخير صلاة الضحى إلى العاشرة صباحا س: هل يجوز أن أؤخر صلاة الضحى إلى العاشرة صباحا مثلا؟ (1) ج: كل الضحى محل صلاة من حين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قرب الزوال، كله محل صلاة وأفضلها عند شدة الضحى الساعة العاشرة هذه الأيام، أو العاشرة والنصف، أو الحادية عشرة، كلها محل صلاة، صلاة الضحى يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2)» يعني حين يشتد الحر على أولاد الإبل، الحاصل أن صلاة الضحى وقتها واسع من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس قبل الظهر بنحو ربع ساعة أو ثلث ساعة، كل هذا محل صلاة ضحى، وإذا كان في وقت شدة الضحى يكون أفضل.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (227) (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 434 194 - حكم صلاة الضحى قبل الظهر بعشر دقائق س: هذا السائل يقول: ما حكم صلاة الضحى إذا صليت قبل الظهر بعشر دقائق، هل هي جائزة، وكم عدد الركعات لصلاة الضحى، الجزء: 10 ¦ الصفحة: 434 ومتى يبدأ وقتها؟ (1) ج: السنة إذا اشتد الضحى قبل وقوف الشمس، هذا هو الأفضل، ودخول وقتها من حين ترتفع الشمس قيد رمح دخل وقتها إلى وقوف الشمس، فلا يصلي وقت الوقوف، والوقوف قبل الزوال بنحو ربع ساعة، ثلث ساعة، قبل أن تقف الشمس وتتوسط السماء، فيصليها عند شدة الضحى، هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2)» والفصال أولاد الإبل حين ترمض، حين تشتد عليها الرمضاء، هذا هو الأفضل، وهي سنة؛ لأن الرسول أوصى بها أبا الدرداء وأبا هريرة رضي الله عنه وفعلها عليه الصلاة والسلام، فهي سنة.   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (429) (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 435 195 - حكم صلاة الضحى بعد الأذان لأول يوم الجمعة س: تقول هذه السائلة: ما حكم تأدية صلاة الضحى بعد الأذان الأول من يوم الجمعة؟ (1)   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (396) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 435 ج: صلاة الضحى سنة في يوم الجمعة وغيره، وأداء ذلك بعد الأذان الأول لا بأس به لأن الشمس لم تقف، ويوم الجمعة الصواب أنه ليس فيها وقت نهي عند الزوال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للناس إذا دخلوا المسجد أن يصلوا ما قدر الله لهم، ولم يقل لهم: إلا إذا وقفت الشمس، فدل ذلك على أن يوم الجمعة الصلاة فيه مستمرة إلى دخول الخطيب، وليس فيه وقت نهي في وسط النهار، هذا هو الأرجح، فإذا صلى المسلم في المسجد ما يسر الله له من الركعات حتى يدخل الخطيب فلا بأس، وإذا صلت المرأة في بيتها الضحى ما يسر الله لها قبل الأذان أو بعده فلا بأس. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 436 196 - مسألة في جلوس المرأة في مصلاها بعد الفجر حتى تصلي الضحى س: تقول السائلة: من أقوال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «من صلى الفجر جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة (1)» نعرف أن هذا الحديث يخص الرجال لأنهم يجتمعون في   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، برقم (586) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 436 المساجد، فماذا على النساء في هذا الحديث؟ (1) ج: نرجو للنساء كذلك، إذا جلست بعد صلاتها في مصلاها تذكر الله، تقرأ القرآن، تدعو، ثم صلت ركعتين بعد ارتفاع الشمس يرجى لها هذا الخير العظيم، النساء كالرجال، ما ورد في حق الرجال يعم النساء، وما ورد في حق النساء يعم الرجال إلا بدليل يخص أحد الصنفين، وإلا فالأصل العموم؛ لأنهم كلهم مكلفون وكلهم مشتركون في الأوامر والنواهي، فما ثبت من تحريم أو تحليل أو وجوب أو فضل فهو يعم الجميع إلا ما خصه الدليل.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (242) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 437 س: ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قال: «من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة (1)» تذكر بأنها امرأة تريد أن تحظى بهذا الأجر، فكيف يمكنها ذلك؟ (2) ج: تبقى في مصلاها حتى تطلع الشمس، تفعل هذا وتستعين بذكر   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، برقم (586) (2) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (406) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 437 الله أو بقراءة القرآن، أو التسبيح والتهليل، فإذا طلعت الشمس صلت ركعتين حتى يعمها الحديث والحمد لله، والحديث لا بأس به حسن. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 438 س: امرأة تجلس في انتظار دخول الوقت التالي تسبح وتهلل وتصلي ما شاء الله لها، هل ينقص أجرها إذا قامت من مكانها لغرض ما كفتح الباب أو رد على التليفون أو غير ذلك؟ (1) ج: لا يضر إن شاء الله سواء تفتح الباب أو رد التليفون، هي على خير عظيم.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (414) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 438 197 - حكم صلاة الظهر بوضوء الضحى س: إذا توضأت المرأة لصلاة الضحى فهل يجوز لها أن تصلي الظهر وهي على نفس الوضوء؟ (1) ج: نعم، من توضأ الضحى لصلاة الضحى أو ليقرأ فله أن يصلي به الظهر، إذا جا وقت الظهر وهو على طهارة، ويصلي به العصر أيضا، لو توضأ الضحى لصلاة الضحى وبقي على طهارته صلى بها الظهر   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (378) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 438 والعصر والمغرب، لو بقي على طهارته صلى بها العشاء أيضا، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن صلى يوم الفتح الصلوات الخمس بوضوء واحد عليه الصلاة والسلام، وقال: «عمدا صنعته يا عمر (1)» ليعلم الناس عليه الصلاة والسلام أن الإنسان إذا كان على طهارة يصلي الأوقات الكثيرة، والحمد لله.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد برقم (277) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 439 198 - حكم قضاء صلاة الضحى س: إذا تأخر الإنسان عن صلاة الضحى ولم يصلها لظروف معينة فهل يلزمة القضاء أم لا؟ وأيضا هل لصلاة الضحى صورة معينة وأداء معين يجب الإتيان به، أم أنها عبارة عن صلاة عادية؟ (1) ج: صلاة الضحى سنة، قربة، نافلة، من صلاها فله أجر ومن تركها فلا شيء عليه، وإذا فاتت فلا تقضى، إذا صلى ثنتين أو أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر كله طيب، وقد «أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بصلاة الضحى، وفي رواية: بركعتي   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (376) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 439 الضحى، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وبالوتر قبل النوم (1)» فهذا سنة، كله سنة، كونه وتر كل ليلة، كونه يصلي الضحى، يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، كل هذا سنة، ومن ترك فلا حرج، وإذا استطاع أن يكون وتره في آخر الليل فهو أفضل لأحاديث أخرى دلت على ذلك.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 440 س: إنني أصلي سنة الضحى ولكن بعض الأيام أنسى فلا أصليها فهل علي ذنب حيث انشغالي بأمور البيت المنزلية تنسيني الصلاة في بعض الأيام؟ (1) ج: سنة الضحى سنة وليست فريضة بل نافلة، يستحب للمؤمن أن يصلي سنة الضحى ركعتين أو أكثر من ذلك كما أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، كما فعلها عليه الصلاة والسلام لكن لو تركها الإنسان عمدا أو شغل عنها فلا قضاء عليه ولا إثم عليه؛ لأنها نافلة بحمد الله، من صلاها فله أجر، ومن تركها فلا إثم عليه، ومن حافظ عليها فله أجر، ومن لم يحافظ عليها فليس عليه شيء، الأمر بهذا الحمد لله واسع.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (17) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 440 199 - حكم صلاة النوافل في حالة الجلوس س: الأخت أ. إ. م من الجمهورية العراقية تسأل وتقول: ما حكم أدائي لصلاة السنة وأنا جالسة؟ (1) ج: يجوز للمسلم والمسلمة إداء النوافل وهم جلوس، لكن على النصف من أجر القائم كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام فيجوز أن يصلي التهجد بالليل، أو سنن الرواتب أو سنة الضحى عن جلوس وإن كان قادرا، لكن يكون له نصف الأجر. أما الفرائض فلا بد أن يصليها قائما إذا كان يستطيع إلا إذا عجز لمرض فإنه لا بأس أن يصلي قاعدا، وإلا فالواجب أن يصلي قائما لقوله جل وعلا: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) يعني صلوا قياما. ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من حديث عمران بن حصين: «صل قائما، فإن لن تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (3)» «فإن   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (136) (2) سورة البقرة الآية 238 (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 441 لم تستطع فمسلتقيا (1)» هذا هو الترتيب في حق القادر، يصلي قائما وإن عجز صلى قاعدا، وإن عجز صلى على جنبه، وإن عجز صلى مستلقيا، هذا في الفريضة، أما في النفل فله أن يصلي قاعدا مع القدرة لكن يكون له النصف.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 442 س: هل يجوز أن أصلي السنة وأنا جالسة؟ (1) ج: لا حرج في ذلك، النافلة كلها لا حرج أن يصليها الإنسان جالسا، إن صلاها قائما فهو أفضل، وإن صلاها جالسا من غير عذر فلا بأس، وهو على النصف من الأجر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في آخر حياته جميع النوافل جالسا عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (204) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 442 س: ما حكم من صلى النافلة وهو جالس مع العلم أنه يستطيع أن يصلي وهو قائم، مع الدليل إن أمكن؟ (1)   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (7) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 442 ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يصلي في تهجده بالليل بعض الأحيان وهو قاعد، وفي بعض الأحيان وهو قائم عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على جواز أداء النافلة قاعدا؛ لأن الله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (1) ولأن النافلة مرغب فيها، فيها أجر عظيم، ومن رحمة الله أن وسع فيها حتى يصلي الإنسان ما تيسر، وحتى يستكمل النوافل إن قاعدا أو قائما، أما الفريضة فلا يجوز فيها إلا من عذر؛ لأن الله قال: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين لما سأله عن ذلك: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لن تستطع فعلى جنب (3)» هذا في الفريضة، هذا رواه البخاري في الصحيح. وفي رواية النسائي: «فإن لم تستطع فمستلقيا (4)» هذا حكم الفريضة، الواجب على المسلمين أن يصلوها قياما مع القدرة رجالا ونساء، ومن عجز عن ذلك لمرض صلى قاعدا، أو لسبه مرض مثل مسجون في محل ضيق، أو في مكان سقفه   (1) سورة الأحزاب الآية 21 (2) سورة البقرة الآية 238 (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117). (4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 443 قصير لا يستطيع القيام فيه ولا يستطيع الخروج منه فإنه يصلي على حسب حاله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) فإن عجز عن القعود صلى على جنبه، والأفضل الأيمن، فإن عجز على جنبه صلى مستليقا يومئ إيماء، ويأتي بالأذكار الشرعية ويأتي بالأفعال بالنية، يكبر ويستفتح ويقرأ الفاتحة، ويستفتح ويتعوذ ويبسمل، ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر ناويا الركوع وهو على حالته مستلقيا أو على جنبه ناويا الركوع، يقول: سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ثم يرفع إذا كان مفردا، ويقول: سمع الله لمن حمده ناويا الرفع من الركوع وهو على حاله مستلقيا أو على جنبه، ثم يأتي بالذكر المشروع، ثم يكبر ناويا السجود، ويقول: سبحان ربي الأعلى. إلى آخره، فيأتي بالأقوال، ويأتي بالأفعال بالنية، الأقوال بلفظها والأذكار كذلك، والدعوات ويأتي بالأفعال بالنية نية الركوع نية السجود نية الجلوس هكذا، أما النافلة فأمرها بحمد لله موسع، فإنه صلى قائما فهو أفضل، وإن قاعدا فهو على نصف من أجر القائم إذا كان قادرا وصلى جالسا في النافلة فصلاته صحيحة، ولكنه على النصف من صلاة القائم كما   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 444 جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 445 س: ما حكم صلاة التطوع للقادر جالسا، هل يجوز ذلك أم لا؟ (1) ج: نعم يجوز لكن له نصف الأجر، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى قاعدا فله نصف أجر القائم (2)» يعني إذا صلى لغير عذر، أما إذا تطوع أو صلى فريضة جالسا بعذر، مريض لا يستطيع القيام فهذا معذور له الأجر كاملا، وهكذا في التطوع إذا صلى جالسا لا حرج عليه لكن يكون له النصف إذا كان قادرا.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (288) (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب صلاة القاعد، برقم (1116) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائما وقاعدا، وفعل بعض الركعة قائما وبعضها قاعدا، برقم (735). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 445 س: هذه السائلة تقول: هل يجوز أن أقوم بصلاة السنة وأنا جالسة لأنني ربة بيت وعندي أطفال، وأشعر بالكسل في صلاة السنة من التعب؟ (1) ج: لا حرج أن يصلي المسلم النافلة جالسا ولو أنه صحيح لا بأس أن يصلي وهو قاعد، أما في الفرض لا، إذا كان يستطيع يصلي قائما،   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (411) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 445 أما صلاة الليل، صلاة الضحى، الرواتب لا بأس أن يصليها وهو جالس ولو أنه صحيح إذا كان معه كسل أو ضعف صلاها جالسا لا بأس، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي في آخر حياته يصلي النافلة جالسا (1)» عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائما وقاعدا وفعل بعضها قاعدا، برقم (732) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 446 200 - حكم استقبال القبلة والطهارة لسجود التلاوة س: حدثونا عن سجود التلاوة، وهل تشترط له الطهارة والقبلة؟ (1) ج: سجود التلاوة سنة، قربة، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر بالسجدة سجد عليه الصلاة والسلام، وليس صلاة، فلا يشترط لها الطهارة ولا القبلة، ولكن أفضل كونه يسجد إلى القبلة، وكونه على طهارة أفضل، ولهذا ذهب الأكثرون إلى أنه لا بد من الطهارة ولا بد من القبلة، لكن الصحيح أنه لا يلزم، فالخضوع لله من جنس الذكر، من جنس الذكر: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، فالإنسان يذكر الله إلى جهة القبلة وإلى غيرها، ويخضع له سبحانه وتعالى في ذكره الله وفي دعائه، ولا يشترط له القبلة ولا الطهارة، لكن لو تطهر وسجد إلى القبلة كان   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (214) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 446 هذا أكمل وأولى، وفيه خروج من خلاف العلماء، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بين أصحابة، فإذا مر بالسجدة سجد وسجدوا معه (1) ولم يكن يقول لهم: من ليس على طهارة لا يسجد، المجالس تجمع من هو على طهارة ومن هو على على غير طهارة، فلو كانت الطهارة شرطا لنبههم عليه الصلاة والسلام، والأصل عدم شرط الطهارة، هذا هو الأصل، ولأنها ليست صلاة، مجرد سجود، الطهارة إنما تجب للصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور (2)» وهذه ليست صلاة، ولكنها جزء من صلاة، وهكذا القراءة عن ظهر قلب ليست صلاة، ولا يشترط لها الطهارة، وهكذا: سبحان الله، والحمد لله، وسائر الذكر لا يشترط لها الطهارة، فسجود التلاوة من جنس ذلك، وهكذا سجود الشكر من جنسه، ولو بشر بالولد، أو فتح للمسلمين   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب سجود المسلمين مع المشركين، برقم (1071) (2) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1009)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم (61)، والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، برقم (3)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب مفتاح الصلاة الطهور، برقم (275) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 447 ونصرهم على عدوهم، وسجد شكرا لله فلا حرج عليه، وهو مأجور، ولو كان على غير طهارة، لكن الأفضل أن يكون إلى القبلة خروجا من الخلاف؛ ولأن القبلة أولى من غيرها فيسجد إلى القبلة، ويتحرى ما هو الأكمل والأفضل وإلا فليس بشرط. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 448 201 - بيان ما يقال في سجود التلاوة س: يقول السائل من اليمن: أرجو من سماحة الشيخ أن يحدثنا عن سجود التلاوة وسجود السهو ما هو الدعاء الذي يقال في كلا السجودين؟ (1) ج: سجود التلاوة وسجود الشكر يقال فيهما ما يقال في سجود الصلاة يقال فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، اللهم اغفر لي. يدعو فيهما كما يدعو في سجود الصلاة، يدعو في سجود السهو وفي سجود الشكر وفي سجود التلاوة لأن الحكم واحد، الله جل وعلا قال {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (2) والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في سجوده ويقول عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (387) (2) سورة النجم الآية 62 الجزء: 10 ¦ الصفحة: 448 ساجد، فأكثروا الدعاء (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (2)» فهذا يعم جميع أنواع السجود، وكان يقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى (3)» ويقول أيضا في الركوع والسجود: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (4)» ويقول فيهما: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح (5)» فالمشروع في سجود التلاوة وسجود الشكر مثل المشروع في سجود الصلاة. وفي سجود التلاوة والشكر لا يلزم الوضوء، أما سجود الصلاة والسهو فهو جزء من الصلاة لا بد من الطهارة، أما سجود التلاوة فهو   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التسبيح والدعاء في السجود، برقم (817)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). (5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (487). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 449 سجود مستقل إذا كان خارج الصلاة جاز أن يسجد على غير طهارة على الصحيح، وهكذا سجود الشكر لأنهما يحدثان بأسباب قد تقع والإنسان على غير طهارة، قد تأتي نعمة يبشر بها وهو على غير طهارة، قد يقرأ القرآن وهو على غير طهارة من غير مصحف، فإذا مر بآية السجود أو جاءه ما يبشره بالخير وسجد لله شكرا كل هذا طيب، في الحديث: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه أمر يسره خر ساجدا لله (1)» ولما جاء إلى الصديق خبر قتل مسيلمة خر ساجدا لله.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب سجود الشكر، برقم (2774)، والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في سجدة الشكر، برقم (1578)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر، برقم (1394). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 450 202 - حكم سجود التلاوة س: يقول السائل: ما حكم سجدة التلاوة، هل المسلم يسجد حتى لو كان يعمل وهو يسمع القرآن، وفي أثناء الصلاة عند السجدة في أثناء الصلاة الجهرية وأنا أؤم المصلين؟ ثم أسألكم عن الطريق الصحيح لسجدة التلاوة وكيف أطبقها على الوجه الجزء: 10 ¦ الصفحة: 450 الصحيح؟ (1) ج: سجود التلاوة سنة، وهي سجدات معلومة في القرآن، خمس عشرة سجدة في القرآن، أولها في آخر الأعراف، وآخرها في سورة اقرأ في آخرها، إذا مر بها المؤمن في خارج الصلاة سجد ولو كان على غير طهارة على الصحيح، لا يشرط لها الطهارة، والأفضل أن يكبر في أولها تكبيرة فقط، ثم يسجد ويقول في السجود مثلما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، يدعو بما تيسر، وليس فيها تسليم ولا تكبير ثان، هذا هو المختار، هذا هو الأرجح، وإن كان في الصلاة شرع له السجود، الصلاة الجهرية كالمغرب والعشاء والفجر والجمعة شرع له السجود، والمصلون يسجدون خلفه، إذا كان إماما يسجدون معه إذا سجد. أما في السرية وهو إمام فلا يشرع له السجود لأنه قد يشوش على الناس في السرية، إذا قرأها في القراءة السرية كالظهر والعصر والثالثة من المغرب والثالثة والرابعة من العشاء فالأفضل ألا يسجد لئلا يشوش على الناس إلا إذا كان يصلي وحده فلا بأس كالذي يصلي نافلة   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (288). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 451 أو فاتته صلاة الفجر يصلي وحده لا بأس أن يسجد في السرية لعدم التشويش، وفي الصلاة يكبر، إذا سجد يكبر، وإذا رفع يكبر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفض ورفع، يدخل في ذلك سجود التلاوة في الصلاة، وهي سنة غير واجبة لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه «قرأ عليه زيد بن ثابت رضي الله عنه سورة النجم فلم يسجد فيها عليه الصلاة والسلام (1)» فدل ذلك على عدم الوجوب. وقال عمر رضي الله عنه: «إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء (2)» فمن شاء سجد ومن شاء لم يسجد فهي سنة غير واجبة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من قرأ السجدة ولم يسجد، برقم (1073)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة، برقم (577). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من رأى أن الله عز وجل لم يوجب السجود، برقم (1077). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 452 203 - حكم الدعاء في سجود التلاوة س: تقول السائلة: ما هو الدعاء المستحب في سجود التلاوة؟ (1)   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (123). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 452 ج: مثل الدعاء في سجود الصلاة، يستحب أن يدعو بما تيسر من الدعوات الطيبة، والدعاء المأثور أفضل: «اللهم أغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (1)» «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»، «ويا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك (2)» الدعوات الطيبة المأثورة أولى من غيرها مثل: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (3)» يقولها لا على سبيل القراءة بل على سبيل الدعاء، وهكذا كونه يدعو لوالديه ولأقاربه المسلمين، يدعو لذريته، يسأل الله من فضله رزقا حلالا، أو زوجة صالحة، أو زوجا صالحا إذا كانت امرأة، وما أشبه ذلك، يدعو بما تيسر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (9139). (3) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة "، برقم (6389)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة، برقم (2690). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 453 يستجاب لكم (1)» يعني: حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (2)» رواه مسلم. هذا يدل على شرعية الإكثار من الدعاء في السجود، ولا يتعين دعاء مخصوص بل يدعو المؤمن والمؤمنة بما يسر الله لهما من الدعاء فيما يحتاجان إليه من الدعوات التي ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، دعاء مباح.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 454 س: عند قراءة القرآن يكون هناك سجدة، فكم مرة نسجد وماذا نقول، هل نقول فقط: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، أم أن هناك أدعية أخرى؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: سجود السهو مثل سجود الصلاة سواء، يقول في سجود السهو وفي سجود التلاوة مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو فيه ويقول: «اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (282). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 454 سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين (1)» كان يقول هذا في السجود عليه الصلاة والسلام، فهذا يقال في سجود التلاوة وسجود السهو وفي سجود الصلاة، مثل الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار. وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة، المقصود أن سجود السهو مثل سجود الصلاة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامة، برقم (771). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 455 س: نسأل عما يقوله الساجد في سجود التلاوة (1) ج: يقول مثل سجود الصلاة سواء بسواء؛ سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويدعو في سجوده كما يفعل في سجود الصلاة سواء بسواء.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (103). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 455 204 - بيان ما يفعله من مر بسجدة في القرآن س: ما الذي يجب علينا عمله بالضبط عندما نقابل سجدة في القرآن؟ (1) ج: السنة السجود، إذا مررت على السجدة في القرآن تكبر وتسجد وتقول: سبحان ربي الأعلى. مثل سجود الصلاة سواء، تدعو فيها، وإذا قلت: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين. هذا أيضا سنة، يقال في سجود الصلاة وفي سجود التلاوة، وهكذا: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وامح عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود عليه السلام. هذه أيضا لا بأس، ورد في بعض الأحاديث أن النبي دعا بذلك فقال: «اللهم اكتب لي بها عندك أجرا: وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود (2)» عليه الصلاة والسلام، هذا لا   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (352). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ما يقول في سجود القرآن، برقم (579)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب سجود القرآن، برقم (1053). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 456 بأس به، المقصود أنه يقول في سجوده للتلاوة مثل السجود في الصلاة، يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين. ثم يرفع مكبرا إذا كان في الصلاة، أما خارج الصلاة فيكفي التكبير الأول، وليس فيها تكبير ثان ولا سلام في خارج الصلاة، أما في الصلاة فيكبر عند السجود، ويكبر عند الرفع كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 457 205 - حكم سجود التلاوة في صلاة الفرض س: يقول هذا السائل من الإمارات: إذا صليت بالناس صلاة الفريضة، وقرأت بعد سورة الفاتحة سورة أخرى فيها سجدة كسورة النجم أو سورة العلق مثلا، فماذا أفعل، أأركع أم أسجد؟ أفيدوني بذلك (1) ج: إذا كانت الصلاة جهرية كالعشاء والفجر والجمعة تسجد إذا   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (395). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 457 مررت بآية السجدة كآخر النجم وآخر العلق تسجد، والنبي كان يسجد عليه الصلاة والسلام، تكبر وتسجد ويسجد الناس معك، أما إذا كانت سرية، قرأتها في الظهر أو في العصر فلا تسجد، لأنه يشوش على الناس، لا يدرون ما الذي أوجب لك ذلك، قد يظنون أنك ساه، فالمقصود في السرية لا تسجد إذا قرأت سجدة، أما في الجهرية فتسجد. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 458 206 - حكم التسليم والتكبير في سجود التلاوة س: هل سجود التلاوة فيه تسليمتان أم تسليمة واحدة عن اليمين؟ (1) ج: إذا كان خارج الصلاة ليس فيه تسليم ولا تكبير إلا التكبيرة الأولى عند السجود، يكبر فقط، هذا هو السنة إذا كان خارج الصلاة، ويقول في السجود: سبحان ربي الأعلى، اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحول الله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين. مثل سجود الصلاة، ويدعو فيه مثل ما يدعو في سجود الصلاة، لكن ليس فيه تكبير إلا التكبيرة الأولى عند السجود، هذا هو المشروع، أما إذا كان في داخل الصلاة   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (226). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 458 فإنه يكبر عند الهوي، ويكبر عند الرفع، لأنه صلى الله عليه وسلم «كان إذا قام كبر، وإذا سجد كبر، كان يكبر عند كل خفض ورفع في الصلاة (1)» فسجود التلاوة في الصلاة مثل سجود الصلاة، يكبر في الخفض ويكبر في الرفع إذا كان في داخل الصلاة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إتمام التكبير في الركوع، برقم (784)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة، برقم (392). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 459 207 - حكم سجود التلاوة في أوقات النهي س: كنت أقرأ القرآن بعد صلاة الصبح، ثم وصلت إلى موضع سجود، هل أسجد رغم أن الوقت وقت نهي أم لا؟ (1) ج: نعم سجود التلاوة ليس له وقت نهي، ليس بصلاة، إذا قرأت بعد العصر أو بعد الفجر تسجد لأنه خشوع لله، وذل وانكسار، هذا هو الصواب، فإذا قرأ الإنسان ومر بآية من آيات التلاوة آيات السجود سجد فإنه يسجد سواء بعد العصر أو بعد الفجر، ثم أيضا هي من ذوات الأسباب لو كانت صلاة، لكنها من ذوات الأسباب، سببها أنك قرأت   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (316). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 459 الآية التي فيها السجدة فتسجد، هذا هو السنة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 460 208 - حكم تكرار السجود للمتعلم مع تكرار آية السجود س: أثناء حفظي للقرآن قد آمر بآية فيها سجدة، فهل كلما كررت الآية أكرر السجود أم يكفي مرة واحدة؟ (1) ج: هذا الأفضل، كلما بدأ بالقراءة يتكرر السجود، وهذا الأفضل، وإن اكتفى القارئ بالسجدة الأولى فالحمد لله فلا بأس بالسجود، كله نافلة في التلاوة كله نافلة، لكن إذا كررت يكون أفضل، فإن اكتفى بالسجدة الأولى عند القراءة الأولى كفاه والحمد لله.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (321). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 460 209 - حكم اشتراط الطهارة لسجود التلاوة والشكر س: الأخ: ع. ع. س. ع. من جمهورية مصر العربية يسأل عن سجود التلاوة عل تشترط له الطهارة؟ (1) ج: سجود التلاوة تشترط له الطهارة عند الأكثرين، عند أكثر أهل العلم، والأرجح أنها لا تشترط لعدم الدليل، قد كان النبي صلى الله عليه   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (252). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 460 وسلم يقرأ القرآن فيمر بالسجدة فيسجد ويسجد معه الناس، ولم يقل لهم: من ليس على طهارة لا يسجد. فمعلوم أن المجالس تضم من هو على وضوء ومن هو على غير وضوء، فلو كانت الطهارة شرطا لقال لهم: لا يسجد معنا أحد إلا وهو على طهارة. وكان ابن عمر رضي الله عنه يسجدها على غير طهارة، وهكذا الشعبي التابعي الجليل، الصواب أنه لا يشرط، لا بأس أن يسجد من كان على غير طهارة لعدم الدليل والسجود ليس صلاة لكنه جزء من الصلاة وهكذا سجود الشكر، إذا بشر بنعمة فسجد لله لا يشترط الطهارة في سجود الشكر كسجود التلاوة سواء، أما سجود الصلاة وسجود السهو هذا لا بد له من الطهارة. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 461 س: هل الطهارة واجبة في سجدة التلاوة وسجدة الشكر، وهل هناك سجدة بعد ختم القرآن حيث إننا بعد أن نختم القرآن نسجد سجدة شكرا لله عز وجل على ختم القرآن؟ والسائل من سوريا (1) ج: الصواب أنه لا تشترط الطهارة لسجدة التلاوة والشكر؛ لأن الإنسان قد يتلو على غير طهارة، يسجد والحمد لله، قد يأتي خبر يسره   (1) السؤال السادس عشر الشريط رقم (360). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 461 يسجد للشكر، والنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه خبر يسره كان يسجد لله شكرا، وكان يقرأ القرآن بين أصحابة فإذا مر بالسجدة سجد وسجدوا معه، ولم يقل لهم: لا يسجد أحد إلا إذا كان على طهارة. معلوم أن المجالس تضم المحدث وغير المحدث، فلو كانت الطهارة شرطا لقال لهم: الذي ليس على طهارة لا يسجد. فلما سكت دل على أن الطهارة غير شرط، أما السجود عند ختم القرآن فلا أصل له، تركه أولى، ترك السجود بعد ختم القرآن أولى لعدم الدليل عليه. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 462 210 - حكم سجود التلاوة للحائض س: هل يجوز للمرأة الحائض أن تسجد سجود التلاوة؟ (1) ج: الصواب لا حرج أن تقرأ القرآن حفظا وتسجد، هذا هو الصواب، وليس قراءة من المصحف، لكن عن ظهر قلب؛ لأنها ليست مثل الجنب، الجنابة مدتها قصيرة، تغتسل وتقرأ، لا يقرأ الجنب، ولكن الحائض والنفساء مدتهما طويلة، والصواب أن لهما أن تقرآ عن ظهر قلب، فإذا مرتا بالسجدة تسجدا؛ لأن السجدة ليست صلاة في التلاوة، ليست صلاة، وإنما هي خضوع لله مثل الذكر.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (321). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 462 211 - بيان سجود الشكر س: تقول السائلة: ما هو سجود الشكر، وهل يسجد في صلاة أم بدون صلاة، وهل حكمه حكم سجود الصلاة من حيث الطهارة وستر العورة وغيرها أم لا، وما هو الدعاء المستحب فيها؟ (1) ج: سجود الشكر هو السجود من أجل نعمة عامة ساقها الله للمسلمين، أو نعمة خاصة ساقها الله للشخص، كوجود ولد له وكسلامته من حادث ونحو ذلك، ولما بلغ الصديق رضي الله عنه مقتل مسيلمة الكذاب خر ساجدا لله سبحانه وتعالى شكرا لله على نعمته بقتل الخبيث عدو الله مسيلمة الكذاب، فإذا بشر الإنسان بشيء يسره وسجد لله شكرا هذا يقال له: سجود الشكر، ويقال فيه ما يقال في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. يدعو فيه الإنسان مثل سجود الصلاة سواء، والصحيح لا تشترط له الطهارة بل هو مثل سجود التلاوة الصحيح أنهما لا تشترط لهما الطهارة بل لا مانع من السجود وإن كان على غير طهارة، فإذا صار يتلو القرآن وليس على طهارة، ومر بآيات السجدة فإنه   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (123). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 463 يشرع له السجود وإن كان على غير طهارة، وهكذا سجود الشكر ليس له شرط الطهارة، فيسجد وإن كان على غير طهارة لأنه ليس من جنس الصلاة بل هو ذل لله واستكانة وعبادة له سبحانه من جنس الذكر ومن جنس التسبيح والتهليل، ومن جنس قراءة القرآن، فليس له شرط الطهارة، كما أن القارئ من غير المصحف لا يشترط له الطهارة، فهكذا الذاكر والمسبح والمهلل والمستغفر يجوز أن يفعل هذا وإن كان على غير طهارة، هذا هو الصواب، وبعض أهل العلم قال: لا بد من طهارة كالصلاة، ولكنه قول مرجوح ليس عليه دليل. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 464 212 - حكم صلاة الشكر س: تقول السائلة: ما هي كيفية صلاة الشكر؟ (1) ج: ما نعلم صلاة يقال لها: صلاة الشكر، يقال: سجود الشكر، لكن إذا صلى الإنسان ركعتين في الضحى أو في الليل أو الظهر وحمد الله وأثنى عليه وشكره على نعمه كله طيب، الصلاة مطلوبة، كلها خير في أوقات العبادة، الضحى كله صلاة إلى وقوف الشمس، والظهر كله صلاة إلا بعد صلاة العصر، الليل كله صلاة، الحمد لله. إذا صلى   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (238). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 464 الإنسان ركعتين أو أكثر يشكر الله ويحمده فيها ويسأل ربه الخير، كله طيب، لكن ما نعلم في الشرع صلاة يقال لها صلاة الشكر، نعلم سجدة يقال لها: سجود الشكر، مثلا الإنسان بشر أن الله وهبه ولدا ذكرا أو أنثى فسجد لله شكرا على هذه النعمة، أو بشر أن الله عافى ولده، أو عافى أباه من مرض، أو أن الذين انقلبت بهم السيارة سلموا، أو تصادموا، بشر أنهم سلموا وسجد لله شكرا كل هذا طيب، أو جاء فتح إسلامي، إن الله فتح على المسلمين ونصرهم على عدوهم في حرب بين المسلمين وأعدائهم فبشر بأن المسلمين انتصروا سجد لله شكرا، كما جاء عن الصديق رضي الله عنه لما بشر بأن مسيلمة قتل في حرب اليمامة سجد لله شكرا، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه سجد لله شكرا لما بلغه قتل الأسود العنسي، المقصود أن السجود لله شكر معروف، وهو مثل سجود الصلاة سجدة واحدة يسجدها لله ويشكره على ما حصل من النعمة، يقول سبحان ربي الأعلى: سبحان ربي الأعلى. ويحمد ربه ويشكره، ويدعوه على ما حصل من النعمة التي له وللمسلمين. والصواب أنها لا تشترط لها الطاهرة، والجمهور أنها تشترط لها الطهارة لكن الصواب أنها لا تشترط لعدم الدليل لأنها خضوع لله وذكر لله سبحانه وتعالى كأشباه التسبيح والتهليل، وأشباه القراءة عن ظهر الجزء: 10 ¦ الصفحة: 465 قلب، لا تشترط لها الطهارة مطلقا، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسجد وهو على غير طهارة، وكان الشعبي كذلك فيما صح عنهما. «والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن مع أصحابه في مجالسهم فإذا سجد سجدوا معه (1)» ولم يقل لهم: من كان على غير طهارة فلا يسجد. ومعلوم أن المجالس تشمل من هو على وضوء ومن هو على غير وضوء، فلو كانت الطهارة شرطا لقال لهم عند السجود: من كان على غير طهارة لا يسجد، فلما سجد سجدوا معه في مجالسهم دل على أن الطهارة ليست شرطا، إذ لو كانت شرطا لنبههم عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله بعثه مبلغا ومعلما، والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، واجتماعهم معه في المجالس وسجودهم معه هو وقت الحاجة للبيان.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب سجود المسلمين مع المشركين، برقم (1071) الجزء: 10 ¦ الصفحة: 466 213 - بيان صفة سجود الشكر س: ما هي صفة سجود الشكر؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة، مثل سجود السهو، مثل سجود   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (289). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 466 التلاوة، سجدة واحدة، فيقول فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. يحمد الله ويثني عليه ويشكره على ما من به عليه من صحة أو ولد أو نصر للإسلام أو فتح للمسلمين، أو نحو ذلك مما يسره أو يسر المسلمين، «النبي صلى الله عليه وسلم سجد شكرا (1)» وهكذا الصديق رضي الله عنه لما جاءه فتح اليمامة ومقتل مسيلمة الكذاب سجد لله شكرا، والصحيح أنه يجوز ولو كان الساجد على غير طهارة، إذا جاءه الخبر السار سجد وإن كان على غير طهارة، وهكذا سجود التلاوة من جنس سجود الشكر سجدة واحدة عند تلاوة الآيات التي فيها السجود ولو كان على غير طهارة في أصح قولي العلماء، يقول فيه مثل ما يقول في سجود الصلاة، وسجود التلاوة وسجود الشكر وسجود السهو، كله يقال فيه ما يقال في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ويدعو فيه بما يسر الله من الدعوات الطيبة، ويشكر الله في سجود الشكر زيادة، يشكر الله على النعمة التي بلغته، ويقول في السجود أيضا: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت،   (1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، من حديث عبد الرحمن بن عوف الزهري رضي الله عنه، برقم (1665). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 467 سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، يقال هذا في سجود الصلاة، سجود التلاوة، سجود الشكر، مع: سبحان ربي الأعلى، لا بد من: سبحان ربي الأعلى، لا بد من كلمة: سبحان ربي الأعلى ولو مرة، وإذا كررها ثلاثا أو خمسا كان أفضل وأولى في جميع أنواع السجود: سجود التلاوة، سجود الشكر، سجود الصلاة، سجود السهو. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 468 س: أم ف. تسأل عن سجود الشكر كيف يكون، وما هي مشروعيته؟ جزاكم الله خيرا. (1) ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة، سجدة واحدة يقول فيها ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، يحمد الله ويثني عليه، فهو ولي النعمة التي حصلت، يدعوه جل وعلا، ويشكره هذا سجود الشكر، مثل إنسان بشر بأن الله جل وعلا رزقه ولدا، أو بشر بأن أمه شفيت من مرضها أو أباه، أو بشر بأن المسلمين فتح الله عليهم بالنصر على عدوهم فإنه يشرع له السجود شكرا لله ولو كان على غير طهارة، يقول في السجود مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (295). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 468 ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويقول: اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي، اللهم ارزقني شكر نعمتك، والحمد لله على هذه النعمة. ونحو ذلك. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 469 س: تسأل عن صفة سجود الشكر (1) ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة ومثل سجود التلاوة، إذا بشر بشيء يسره سجد لله شكرا، وقال فيه: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. وحمد ربه سبحانه وتعالى وأثنى عليه، ودعا ربه أن الله يبارك له فيما يسره الله له، ويجود عليه من فضله بما ينفعه في الدنيا والآخرة حتى ولو كان على غير وضوء، مثل سجود التلاوة لا يشترط له وضوء على الصحيح، فإذا بشر، قد يبشر وهو ليس على وضوء، وقد يقرأ وهو ليس على وضوء، يقرأ عن ظهر قلب، فإذا مر بالسجدة سجد وإن كان على غير وضوء على الصحيح، وهكذا إذا بشر بولد أو فتح للمسلمين ضد عدوهم، أو شفاء مريض وسجد لله شكرا فلا حرج عليه وإن كان على غير وضوء، ويقول في سجوده مثل سجوده في الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو ربه في سجوده، ويحمد ويثني عليه بما يسر الله له من النعمة العظيمة.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (269). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 469 س: كيف يكون سجود الشكر؟ (1) ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة، وهكذا سجود التلاوة مثل سجود الصلاة، كما تقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، وتدعوه سبحانه هكذا في سجود التلاوة، وسجود الشكر، تحمد الله في السجود بما من عليك، تقول: الحمد لله على ما أنعم به علي من نعمة كذا. أو الشكر لله تقول: سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. مثل ما تفعل في سجود الصلاة، ولكن مع هذا في سجود الشكر تزيد، وتحمد الله وتثني عليه وتشكره على ما أعطاك من النعم.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (311). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 470 214 - حكم الإكثار من السجود س: هل صحيح أن كثرة السجود لله بدعة علما بأنني كثيرا ما أتذكر نعمة الله علي فأسجد لله شكرا؟ (1) ج: السجود المفرد لا يفعل إلا عند أسبابه، فسجود التلاوة إذا صلى وقرأ الإنسان آية السجدة أو صار يتلو القرآن ومر بآية سجدة فإنه   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (320). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 470 يسجد، أو حدث نعمة جديدة فيسجد لله شكرا كأن رزقه الله ولدا، أو سمع فتحا للمسلمين ونصرهم الله على عدوهم يسجد لله شكرا، أما السجود من غير أسباب فلا أصل له بل هو بدعة، فكون الإنسان يصلي صلاة كاملة أو يصلي ركعتين أو أكثر يسلم من كل ثنتين فهذا مشروع وطيب، الصلاة كلها خير، لكن مثنى مثنى سواء في الليل أو النهار، أما السجود المفرد فإنه لا يفعل إلا لأسباب مثل التلاوة، إذا مر بآية السجدة سجد، أو للشكر مثلا إذا أراد الله به نعمة جديدة من ولد أو فتح للمسلمين أو عافية من حادث أو ما أشبه ذلك يسجد لله شكرا. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 471 215 - حكم صلاة تحية المسجد س: يسأل السائل ويقول: صلاة تحية المسجد هل يصليها الإنسان كلما يدخل المسجد - أي بعد كل صلاة - أم مرة واحدة في اليوم؟ وهذه الصلاة هل تكفي عن السنة أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة لمن دخل المسجد وهو على طهارة أن يصلي ركعتين تحية المسجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (420). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 471 فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1)» وفي اللفظ الآخر: «فليركع ركعتين قبل أن يجلس (2)» هذا السنة، في أي وقت، في الضحى، في الظهر، وفي العصر، وفي المغرب، في أي وقت، ليس لها وقت نهي على الصحيح حتى ولو بعد العصر إذا دخل ليجلس ينتظر المغرب يصلي ركعتين، أو دخل بعد الفجر لحضور حلقات العلم، أو ليجلس في المسجد يصلي ركعتين إذا كان على طهارة قبل أن يجلس، ليس لها وقت نهي، هذا هو المشروع للمسلم، وهي سنة مؤكدة، ولو دخل في المسجد مرات صلى كلما دخل لو دخل الضحى مرتين أو ثلاثا، أو الظهر أو العصر، أو الليل، كلما دخل وهو على طهارة يصلي ركعتين ولو دخل وصلى الراتبة راتبة الظهر سدت عن تحية المسجد، لو صلى راتبة الظهر ركعتين أو أربع ركعات الراتبة قبل الظهر السنة أربع بتسليمتين فإذا صلاهما سدت عن تحية المسجد، وهكذا إذا دخل الفجر وهو ما صلى الراتبة في بيته وصلى الراتبة في المسجد كفت عن تحية المسجد، ركعتا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما .... ، برقم (714). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (444)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 472 سنة الفجر تكفي عن تحية المسجد والحمد لله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 473 س: السائلة ع. س. ن. تقول في سؤالها: هل يجب على الرجل أن يصلي تحية المسجد كلما ذهب إلى المسجد للصلوات المفروضة؟ أي يؤدي تحية المسجد في اليوم خمس مرات، جزاكم الله خيرا. (1) ج: تحية المسجد سنة ليست بواجبة، فإذا وصل المسجد صلى ركعتين، إن كان الظهر يصلي الراتبة، وتكفي عن تحية المسجد، وراتبة الظهر أربع ركعات تسليمتان قبل الظهر، فإذا صلاهما كفتا عن تحية المسجد، وهكذا العصر يستحب قبله أربع بتسليمتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2)» تكفي عن تحية المسجد، سواء نواها تحية أو ما نواها تحية، وهكذا إذا جاء المسجد عند أذان المغرب أو قبل المغرب يصلي ركعتين تحية المسجد، وهكذا العشاء، إذا جاء إلى المسجد يصلي ركعتين تحية المسجد بعد الأذان أو قبل الأذان، وبين الأذانين يسن أن يصلي ركعتين لقوله صلى الله عليه   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (386). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 473 وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، لمن شاء (1)» فإذا جاء إلى المسجد بعد آذان العشاء أو بعد آذان المغرب أو قبل ذلك يصلي تحية المسجد، فإذا أذن يستحب له أن يقوم ويصلي ركعتين بين الأذانين في المغرب والعشاء، أما الفجر فراتبتها قبلها ركعتان، إذا صلاها في البيت أو في المسجد فالحمد لله، وإن صلاها في المسجد كفت عن تحية المسجد.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 474 216 - حكم تحية المسجد في أوقات النهي س: السائل أبو محمد من سوريا يقول: هل تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات وفي أوقات النهي سماحة الشيخ؟ (1) ج: نعم، تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات لأنها من ذوات الأسباب، فإذا دخل المسجد بعد العصر ليجلس حتى ينتظر المغرب أو للدروس أو لأسباب أخرى يصلي تحية المسجد، وهكذا لو جاء بعد الفجر يصلي تحية المسجد لأنها من ذوات الأسباب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (404). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 474 ركعتين (1)» وفي اللفظ الآخر: «فليركع ركعتين قبل أن يجلس (2)» وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر صلي لها لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف في مكة طاف بالكعبة بعد العصر أو بعد الفجر فإنه يصلي ركعتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (3)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما .... ، برقم (714). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (444)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714). (3) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الطواف بعد العصر، حديث رقم (1894)، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 475 217 - حكم صلاة ركعتين بنية الراتبة وتحية المسجد س: عند دخول المسجد للصلاة وأداء تحية المسجد بدون أن أنوي، هل هي تحية المسجد أم سنة الفريضة؟ مثلا أدخل المسجد لصلاة الفجر وأصلي ركعتين بدون أن أنوي، هل تدمج تحية الجزء: 10 ¦ الصفحة: 475 المسجد مع سنة الفريضة أم أن الأفضل أن أؤدي كل واحدة على حدة؟ (1) ج: إذا نويت سنة التحية وسنة الفجر كفى، وهكذا الظهر إذا نويت بالركعتين الأوليين سنة التحية وسنة الراتبة كفى، وهكذا العصر إذا صليت أربعا قبلها ركعتين ركعتين قامتا مقام التحية والحمد لله، فالنية تشمل الجميع، وإذا نوى عن سنة الفجر كفت عن التحية، وهكذا إذا صلى بنية راتبة الظهر القبلية كفت عن التحية.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (181). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 476 218 - حكم صلاة أربع ركعات بتسليمة واحدة تحية للمسجد س: رأيت بعض الناس إذا دخل المسجد يصلي أربع ركعات متواصلة بتسليمة واحدة تحية المسجد، فهل هذا صحيح أم تحية المسجد ركعتان فقط؟ (1) ج: هذا خلاف السنة، السنة ركعتان فقط، أما أن يصلي أربعا جميعا فهذا خلاف السنة، والنبي عليه السلام قال: «صلاة الليل والنهار مثنى   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (177). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 476 مثنى (1)»، فالسنة إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين، ويسلم منهما، فإذا أحب أن يصلي زيادة فلا بأس، لكن يسلم من كل ركعتين، هذا هو الأفضل في النهار وفي الليل، يتأكد ذلك، ولا يجوز أن يجمع أربعا بسلام واحد، بل يسلم من كل ثنتين.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 477 س: الأخ: ف. ح. ش، من الدمام المنطقة الشرقية يقول: رأيت بعض الناس يصلي أربع ركعات تحية المسجد متواصلة بتسليمة واحدة مع أن تحية المسجد ركعتان فقط، أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة ركعتان فقط، تحية المسجد ركعتان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس (2)» فالسنة أن يصلي ركعتين، وإن صلى أربعا فلا بأس إذا كان الوقت ليس وقت نهي، إذا دخل الضحى صلى أربع ركعات، أو في الليل لا بأس، لكن الأفضل أن يسلم من كل ركعتين، السنة أن يصلي ركعتين لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (3)» فلا   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (167). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (444)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 477 يجمع الأربع جميعا بل يسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة، وفي الليل آكد وأشد، وليس له أن يصلي أكثر من ركعتين بسلام واحد، لا يصلي أربعا بسلام واحد، ولكن يسلم من كل ثنتين، وفي النهار قد أجاز ذلك بعض أهل العلم، ولكن الصواب حتى في النهار السنة أن يصلي ركعتين ركعتين، وإذا أحب أن يزيد عن ركعتين يصلي الأربع بتسليمتين، ست ركعات بثلاث تسليمات، ثمان ركعات بأربع تسليمات في أوقات غير أوقات النهي كالضحى والليل والظهر لا بأس. أما وقت النهي فليس له أن يزيد على ركعتين إذا دخل بعد العصر أو بعد صلاة الفجر، فالصواب أنه يجوز له أن يصلي ركعتين، بل الأفضل أن يصلي ركعتين تحية المسجد قبل أن يجلس ولو كان وقت نهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، فلا يزيد على ركعتين؛ لأن المقصود حصل بذلك. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 478 219 - حكم التلفظ بالنية في تحية المسجد س: سائل يقول: إنني عندما أذهب إلى المسجد أصلي ركعتين، وأقول: أصلي ركعتين تحية المسجد، فهل يجوز؟ وهل كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يفعلون هذا؟ (1)   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (199). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 478 ج: السنة للمؤمن إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1)» حتى ولو كان الخطيب يخطب يوم الجمعة، حتى ولو كان في وقت النهي على الصحيح كالعصر أو بعد الفجر، السنة له إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين، ولا حاجة إلى أن يقول: أصلي ركعتين، يتلفظ بالنية، لا حاجة، نية القلب تكفي، والتلفظ بالنية بدعة في أصح قولي العلماء، فلا يتلفظ بالنية عند الوضوء ولا عند الصلاة، ولكن بقلبه، يصلي ركعتي التحية وهو ناو بقلبه أن هذه ركعتا التحية، وهكذا ينوي في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويكفي، ولا حاجة إلى التلفظ.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما .... ، برقم (714). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 479 220 - حكم تكرار تحية المسجد بتكرار دخول المسجد س: يقول رجل مصري الجنسية: يوجد مسجد قريب من مسكني أصلي فيه المغرب والعشاء والفجر يوميا ولله الحمد، فهل في كل مرة تجب علي تحية المسجد؟ (1)   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (303). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 479 ج: نعم، كلما دخلت المسجد فعليك التحية سواء الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، وتحية المسجد سنة مؤكدة إذا دخلت المسجد وأنت على وضوء، لكن إذا صليت الراتبة راتبة الظهر مثلا تقوم مقام التحية سنة الظهر، وكذا سنة الفجر تجزئ عن التحية، والحمد لله. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 480 221 - حكم الخروج إلى مسجد آخر لصلاة تحية المسجد س: هل يجوز أن يصلي المسلم ركعتين تحية المسجد، ثم يذهب إلى مسجد آخر ويصلي فيه ركعتين تحية كذلك؟ (1) ج: إذا كان المقصود الذهاب للمسجد للتحية هذا غير مشروع، أما إذا كان قصد المسجد لحضور حلقات العلم ليجلس فيه للصلاة، ليجلس يقرأ القرآن يصلي تحية المسجد، أما أن يذهب للمساجد يصلي فيها ركعتين فقط فهذا غير مشروع.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (295). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 480 س: هذا السائل: أ. ر. س، يقول: يا سماحة الشيخ، إذا جاء الشخص إلى المسجد وقت إقامة الصلاة في الفجر مثلا فهل يصلي تحية المسجد ركعتين، ويصلي ركعتي سنة الفجر بعد صلاة الفجر؟ (1)   (1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (429). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 480 ج: نعم يصليها بعد صلاة الفجر أو بعد طلوع الشمس، هو مخير. الجزء: 10 ¦ الصفحة: 481 222 - بيان أن الراتبة تكفي عن تحية المسجد س: رسالة من المستمع رمز إلى اسمه بالحروف: ح. ن. ش. ن. يسأل عن السنن الرواتب، فمثلا هل تجزئ السنة الراتبة عن تحية المسجد؟ (1) ج: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد؛ فالسنن الرواتب المحفوظة في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام اثكنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر تسليمتان، ثنتان بعد الظهر، ثنتان بعد المغرب، ثنتان بعد العشاء، ثنتان قبل صلاة الصبح. هذه هي السنن الرواتب، وكان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، يصلي تسليمتين قبل الظهر، وتسليمة واحدة بعد الظهر، وتسليمة واحدة بعد المغرب، وتسليمة واحدة بعد العشاء، وتسليمة واحدة قبل صلاة الصبح، وقال عليه الصلاة والسلام: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2)» فيستحب أن   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (311). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 481 يصلي قبلها أربعا في العصر، لكنها ليست راتبة، وكذلك يصلي بين الأذانين ركعتين أذان المغرب وأذان العشاء، وبين الأذان والإقامة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1)» يعني الأذان والإقامة، فهذه مستحبة وليست راتبة، بعد أذان المغرب وبعد أذان العشاء تصلي ركعتين، ومن صلى تحية المسجد حصل بها المطلوب فإذا صلى ركعتين إذا دخل المسجد حصل بها المطلوب، وهكذا السنن الرواتب، إذا صلى سنة الظهر في المسجد حصل بها المطلوب، وهكذا سنة الفجر إذا صلاها في المسجد حصل بها المطلوب وكفت عن تحية المسجد.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). الجزء: 10 ¦ الصفحة: 482 بقية باب صلاة التطوع الجزء: 11 ¦ الصفحة: 5 صفحة فارغة الجزء: 11 ¦ الصفحة: 6 بقية باب صلاة التطوع 1 - حكم صلاة سنة الوضوء س: يقول السائل: بالنسبة لركعتي الوضوء، هل تؤدى لكل وضوء مثل وضوء القرآن أم وضوء الصلاة فقط؟ ج: إذا توضأ الإنسان يستحب له أن يصلي ركعتين سواء توضأ لقراءة القرآن أو للصلاة أو لغير ذلك، إذا توضأ يستحب له أن يصلي ركعتين في أي وقت، ولا هناك أوقات نهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، فإذا توضأ بعد العصر أو بعد صلاة الفجر صلى ركعتين؛ لأنها من ذوات الأسباب. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 7 2 - جمع صلاة النوافل في ركعتين س: السائل: م. ع. له هذا السؤال، يقول: هل يجوز جمع النوافل في ركعتين، مثل أن نقول: أنوي صلاة ركعتين قبل صلاة العشاء وتحية المسجد وسنة الوضوء (1)   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (403). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 7 ج: نعم، إذا صلى ركعتين سنة تحية المسجد سدت عن الوضوء، إذا توضأ وصلى ركعتين تحية المسجد أو الراتبة حصل المطلوب والحمد لله، وكذلك الفجر لو توضأ لصلاة الفجر ثم صلى سنة الفجر سدت عن سنة الوضوء، وعن سنة الفجر. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 8 س: بالنسبة لجمع سنة الوضوء وسنة الفرض وسنة تحية المسجد في ركعتين هل يحصل على ثواب الست ركعات أم لا (1)؟ ج: نرجو أن يحصل له هذا الخير، إذا صلى ركعتين بعدما توضأ ودخل المسجد وصلى ركعتين ناويا سنة الوضوء، وسنة التحية والراتبة راتبة الظهر مثلا نرجو أن يجمع الله هذا الخير كله؛ لأن الركعتين مشروعة لتحية المسجد، ومشروعة للوضوء، ومشروعة للراتبة قبل الظهر؛ لأن الراتبة قبل الظهر أربع ركعات يسلم من كل ركعتين، فإذا نواها راتبة وتحية للمسجد وسنة وضوء نرجو أن يجمع الله له ذلك كله، ولا أعلم مانعا من ذلك.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (383). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 8 3 - بيان الأوقات التي تجوز فيها صلاة التطوع س: ما هي الأوقات المستحبة لصلاة التطوع، وهل تجوز الصلاة قبل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 8 المغرب بساعة صلاة تطوع (1)؟ ج: كل الليل والنهار محل تطوع، الله جل وعلا كما قال في كتاب--هـ العظيم: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (2) لكن يستثنى من ذلك أوقات النهي ما بين صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس هذا وقت نهي عن الصلاة، وكذلك ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس محل نهي عن الصلاة، كذلك عند قيامها قرب الظهر إذا وقفت الشمس - يعني عند توسطها في كبد السماء - وهي مدة قليلة، هذا وقت نهي أيضا، أما بقية الأوقات مثل صلاة الضحى بعد ارتفاع الشمس إلى وقوف الشمس, بعد الظهر ما بين الظهر والعصر كله محل صلاة، الليل كله محل صلاة، فصلاة الضحى متأكدة، وسنة مؤكدة، هكذا التهجد بالليل، وبين العشاءين, كله محل عبادة فيه خير كثير وفضل كبير، لكن أوقات النهي لا يصلى فيها إلا لسبب كصلاة الطواف لمن طاف بعد العصر أو بعد الصبح يصلي صلاة الطواف، مثل سنة الوضوء لمن توضأ، يصلي ركعتين سنة الوضوء ولو بعد العصر والصبح، مثل لو كسفت الشمس بعد العصر يشرع أن يصلي لها في   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (77). (2) سورة الفرقان الآية 62 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 9 أصح قولي العلماء، ومثل تحية المسجد، لو دخل المسجد لأجل الدرس بعد العصر أو أن يجلس فيه إلى الغروب، سن له أن يصلي تحية المسجد، هذا مستثنى، ويقال لها: ذوات الأسباب، هذا الصحيح أنها تستثنى، ولا بأس بها في أوقات النهي على الصحيح من أقوال العلماء. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 10 4 - بيان الأوقات التي تمنع فيها صلاة النافلة س: تقول السائلة: ما هو الوقت الذي تمنع صلاة النافلة فيه (1) ج: قد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم الأوقات التي تمنع فيها الصلاة، وهي خمسة على سبيل الإيضاح: الأول: ما بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، هذا وقت نهي، لا يفعل فيه إلا صلاة الفجر، وسنة الفجر ركعتان قبلها، فإن فاتت قبلها صلاها بعدها وهذا هو الوقت الأول. الوقت الثاني: من طلوع الشمس إلى ارتفاعها قيد رمح، وهذا وقت مضيق لا تجوز فيه الصلاة؛ لأنه وقت نهي، وحينئذ يسجد الكفار للشمس، عباد الشمس يسجدون لها عند طلوعها.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (128). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 10 والوقت الثالث: عند قيام الشمس؛ يعني عند وقوفها قبل الزوال في وسط النهار، وهو وقت قصير، فإن الشمس سائرة ولكن عند توسطها في السماء يسمى وقوفا، وهذا الوقت وقت قصير لا يصلى فيه حتى تميل إلى الغرب، تميل إلى جهة الغرب. الرابع: بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس. الخامس: بعد اصفرارها إلى أن تغيب. هذه خمسة أوقات لا يصلى فيها. لكن يستثنى من ذلك على الصحيح ذوات الأسباب من الصلوات، فإنها تصلى في هذه الأوقات، وهي صلاة الطواف، لو طاف بعد العصر، أو طاف بعد الصبح، أو طاف بعد أذان الفجر فإنه يصلي سنة الطواف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (1)» هذا مستثنى من أوقات النهي, وأيضا تحية المسجد، لو دخل الإنسان المسجد يريد أن يجلس فيه عند الغروب، أو دخله بعد صلاة الصبح يريد أن يجلس فيه إلى طلوع الشمس فإن   (1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 11 السنة أن يصلي ركعتين تحية المسجد؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1)» ولأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دخل المسجد وهو يخطب الجمعة عليه الصلاة والسلام أمره أن يقوم فيصلي ركعتين، فلولا أنها متأكدة لما أمره أن يصلي في هذه الحالة بأن يقوم ويصلي ركعتين، وقال: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما (2)» ومنها صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر أو عند طلوع الشمس شرعت صلاة الكسوف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (3)» وفي اللفظ الآخر: «فافزعوا إلى الصلاة (4)» فهذا يعم   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1170). ومسلم كتاب في الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901). (4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 12 أوقات النهي وغيرها. ومنها سنة الوضوء، إذا توضأ فإنه يشرع له أن يصلي ركعتين لصحة الأحاديث في ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (1)» متفق على صحته. فهذه الصلوات التي لها أسباب لا مانع من فعلها في أوقات النهي، وهي مستثناة ومخصوصة من أدلة النهي، والله ولي التوفيق. وكذلك قضاء الفوائت، مثلا لو نام عن الظهر والعصر فإنه يصليهما في وقت العصر ولو بعد الصلاة، وكذلك لو تذكر صلاة عليه بعد العصر صلاها بعد العصر، أو تذكرها بعد الصبح صلاها بعد الصبح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (2)» فهي مستثناة أيضا من أوقات النهي.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160)، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 13 س: ما هي الأوقات التي نهي فيها عن الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الأوقات خمسة التي نهي فيها عن الصلاة: بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، وبعد اصفرارها إلى أن تغيب، هذان وقتان، والثالث عند وقوفها وسط النهار حتى تميل إلى المغرب، وهو وقت قصير، والرابع بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والخامس بعد طلوعها حتى ترتفع قيد رمح. هذه خمسة، ويجوز اختصارها إلى ثلاثة فيقال: ثلاثة: من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، هذان اثنان، والثالث عند وقوفها قبيل الظهر حتى تزول وهو وقت قليل عند توسطها السماء قبل أن تميل.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (344). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 14 س: يسأل سماحتكم عن أوقات النهي، وماذا لو صلى أحدهم في هذه الأوقات ـ جزاكم الله خيرا ـ ولماذا نهينا أن نصلي فيها (1) ج: أوقات النهي خمسة: أولها بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، لا يصلى فيه إلا سنة الفجر وفريضة الفجر، أو تحية المسجد، الثاني بعد طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح، الثالث عند وقوفها قبل الظهر بشيء قليل عندما تقف في كبد السماء يسمى وقت الوقوف في رأي الناظر حتى تزول   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (443). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 14 إلى جهة الغرب، وهو وقت قصير ثلث ساعة أو ربع ساعة ليس بالطويل، الرابع بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، الخامس عند اصفرارها إلى أن تغيب. هذه أوقات النهي، لا يجوز للمسلم أن يصلي فيها إلا الفرائض التي تفوته فإنه يصليها في كل وقت، وهكذا فريضة الفجر يصليها مع سنتها بعد طلوع الفجر، وهكذا صلوات الأسباب مثل سنة تحية المسجد، مثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد صلاة العصر، مثل سنة الوضوء، فهذه يقال لها: ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة أو بعد الفجر صلى ركعتي الطواف؛ لأنها من ذوات الأسباب. أما لماذا نهينا أن نصلي في هذه الأوقات فربك حكيم عليم، له الحكمة البالغة فيما يأمر به وفيما ينهى عنه، وقد علل في بعض الأحاديث بأن فيه تشبيها بعباد الشمس الذين يصلون للشمس عند طلوعها وعند غروبها، فكان النهي عن الصلاة في ذلك الوقت سدا لذريعة التشبه بعباد الشمس، هذه الحكمة لكن إذا كانت الصلاة فريضة أو من ذوات الأسباب فلا حرج، وتكون هذه الصلاة مقدمة على سد الذريعة إذا كانت الصلاة مؤكدة كالفريضة، أو من ذوات الأسباب، فعلت ولم تمنع من أجل التشبه، أما كون الإنسان يبتدئ الصلاة بدون سبب فهذا الجزء: 11 ¦ الصفحة: 15 الذي يظن فيه التشبه، ويخشى عليه التشبه لأنه بدأها بدون سبب شرعي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 16 س: ما هي الأوقات التي تحرم فيها الصلاة (1) ج: تحرم الصلاة في أوقات النهي - صلاة النافلة التي ليس لها أسباب - بعد طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس إلا سنة الفجر وفريضة الفجر يصليها، وتحية المسجد لأن لها أسبابا، وهكذا بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهكذا عند وقوف الشمس قبيل الظهر، إذا وقفت، إذا صارت في كبد السماء حتى تزول، هذه أوقات النهي، ثلاثة بالاختصار، وخمسة بالبسط، خمسة: أولها طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. الثاني بعد طلوعها إلى أن ترتفع، الثالث عند قيامها وسط السماء حتى تزول، وهو وقت قصير، والرابع بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، والخامس إذا اصفرت حتى تغيب، كل هذه أوقات نهي لا يصلى فيها تطوعا إلا إذا كان له سبب مثل صلاة الكسوف، وتحية المسجد، وصلاة الطواف، فلا بأس على الصحيح.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (344). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 16 س: متى يكون وقت صلاة النافلة، وهل لها زمن محدد (1) ج: كل الليل والنهار صالح للنافلة إلا بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الفجر حتى ترتفع الشمس، وعند قيامها قبل الزوال بقليل حتى تزول. أوقات ثلاثة: بعد طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، هذا واحد. عند قيامها وسط النهار حتى تميل للغروب إلى جهة الغرب، وهو زمن قصير، وقوفها. الثالث: بعد صلاة العصر إلى غروبها، والباقي كله صلاة، الليل كله صلاة، والنهار كله صلاة ما عدا هذه الأوقات الثلاثة.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (353). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 17 5 - حكم صلاة تحية المسجد س: بعض الناس يقول: إن هناك وقتا موسعا ووقتا مضيقا في تحية المسجد مثلا فما رأيكم (1) ج: لا شك أن الوقت الموسع هو الذي بعد صلاة العصر قبل أن تصفر الشمس، فإذا اصفرت جاء الوقت الضيق، والصواب أنه لا حرج في صلاة التحية مطلقا في المضيق والموسع، وهكذا صلاة الطواف،   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (24). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 17 وهكذا صلاة الكسوف، هذا هو الصواب. ومن جلس ولم يصل ركعتين تحية المسجد فلا حرج كما تقدم؛ لقوة الخلاف، ولأنه لا ينبغي بين أهل العلم وبين أهل الإيمان التنازع في مثل هذه الأمور لأن كلا من الطائفتين معه حجة ومعه دليل. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 18 6 - حكم صلاة النافلة في وقت النهي س: يسأل المستمع أبو أحمد ويقول: ما حكم التنفل في وقت النهي (1)؟ ج: التنفل لا يجوز وقت النهي إلا إذا كان له سبب، مثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر، أو صلاة تحية المسجد، دخل المسجد بعد العصر ليجلس ينتظر المغرب يصلي تحية المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (3)» هذا جاء في أوقات النهي وغير   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (392). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 18 أوقات النهي، وهكذا الطواف، لو طاف بعد العصر، يصلي ركعتين ركعتي الطواف، أو بعد الفجر كذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (1)»   (1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 19 س: هل يجوز للمرء أن يصلي تحية المسجد ولو كانت الشمس مستوية في كبد السماء (1)؟ ج: نعم، متى دخل المسجد يصلي في وقت قيام الشمس، أو بعد العصر، أو بعد الصبح لأن هذه السنة متعلقة بدخول المسجد، ومن أسبابها دخول المسجد، فإذا دخل المسجد صلى ركعتين قبل أن يجلس مطلقا في أي وقت، هذا هو الصواب، وهكذا لو طاف بالكعبة في مكة صلى ركعتي الطواف ولو بعد العصر، ولو بعد الصبح؛ لأنه من ذوات الأسباب لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بالبيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (2)»   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (265). (2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 19 7 - حكم صلاة النافلة قبل الظهر بربع ساعة س: الأخت: ح. م. أ. من الرياض تسأل وتقول: ما حكم من يصلي قبل الظهر بربع ساعة أو عشر دقائق؟ حيث إنني سمعت من إحدى الأخوات أن هذا الوقت من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، نرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا (1) ج: لا يجوز للمسلم أن يصلي قبل الظهر في وقت وقوف الشمس لأنه من أوقات النهي، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أنه قال: «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب (2)» فالمقصود أنه قبيل الظهر لا يصلى، وهذا الوقت ليس بالطويل بل هو وقت قصير عند توسط الشمس كبد السماء يسمى وقوف الشمس،   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (158). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، برقم (831). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 20 يسمى وقت الوقوف، فلا يجوز التعبد بالصلاة ذاك الوقت حتى تزول الشمس، يعني حتى يؤذن الظهر، إذا زالت الشمس صلى الإنسان ما شاء. أما قبل الزوال فالواجب التوقف عن التطوع بالصلاة، والوقت ليس بالطويل يقارب ربع ساعة أو ثلث ساعة، وإذا احتاط الإنسان وتوقف عن الصلاة قبل الأذان بنصف ساعة تقريبا للاحتياط فحسن، فإذا زالت الشمس انتهى وقت النهي إلى أن يصلي العصر. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 21 8 - حكم صلاة تحية المسجد قرب غروب الشمس س: لقد دخلت المسجد بعد صلاة العصر بل وقرب غروب الشمس، وأخذت في تحية المسجد، فثار علي بعض الحضور - جزاهم الله عني خيرا - حتى أوشكت أن أجلس وأقطع تحية المسجد، فما رأيكم في ذلك؟ وفقكم الله (1) ج: إذا دخل المسلم المسجد بعد صلاة الفجر ليجلس فيه يقرأ أو يستريح، أو دخل المسجد بعد صلاة العصر، أو قرب المغرب لينتظر صلاة المغرب، فهو مخير على الصحيح من أقوال العلماء، إن شاء صلى التحية وهو أفضل، وإن شاء جلس، ولا ينبغي في هذا النزاع،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (18). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 21 والإنكار عليه، بل ينبغي لمن جهل أن يتعلم، وأحاديث تحية المسجد أحاديث صحيحة، وصلاة تحية المسجد من ذوات الأسباب، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1)» ولما رأى رجلا دخل يوم الجمعة جلس ولم يصلهما أمره أن يقوم ويصليهما، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فأمره أن يقوم فيصليهما، فدل ذلك على تأكدهما. وقد اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من أجاز ذلك في وقت النهي، ومنهم من كره ذلك. والصواب أنه لا حرج في ذلك، الصواب والأرجح من قولي العلماء أنه لا حرج في تحية المسجد، بل الأفضل أن يأتي بهما ركعتين، هذا هو الأفضل أن يصلي تحية المسجد ولو كان قبيل الغروب، ثم يجلس، هذا هو الأفضل، وإن جلس ولم يصلهما فلا حرج في ذلك، ولا ينبغي في هذا نزاع ولا تشديد، فالأمر واسع، الأكثرون قالوا: يجلس، وجماعة من العلماء قالوا: الأفضل أنه يصليهما للحديث الصحيح، بل للأحاديث الصحيحة في ذلك، وهذا هو الأرجح أنه يصليهما حرصا على أداء السنة، ولأنه بهذا لا يشابه الكفار، إنما صلاهما أخذا بالسنة بخلاف الذي جلس ويقوم يصلي، فلا يجوز أن   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 22 يصلي في وقت النهي، لكن هذا دخل المسجد، فيصليهما لأنهما تحية المسجد، فلا حرج عليه بل هو الأفضل، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة بالكعبة، أو طاف بعد الصبح قبل طلوع الشمس، أو عند طلوعها فإنه يصلي ركعتي الطواف لأنها من ذوات الأسباب، هذا هو الأرجح، وهكذا لو كسفت الشمس مع طلوعها أو كسفت بعد العصر، فالأفضل أنها تصلى صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم ذلك - يعني الكسوف - فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (1)» ولم يقل: إلا في وقت النهي، فدل ذلك على أن ذوات الأسباب مثل صلاة الطواف، مثل صلاة الكسوف، مثل تحية المسجد، هذه تصلى ولو في وقت النهي على الأرجح، نسأل الله للجميع التوفيق.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 23 9 - حكم صلاة النافلة بعد العصر س: هل يجوز للمصلي أن يصلي بعد صلاة العصر تنفلا (1) ج: ليس له ذلك، ما بعد العصر وقت نهي، وهكذا ما بعد الفجر، إلا إذا كان تحية المسجد، دخل المسجد بعد العصر أو دخل المسجد بعد   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (88). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 23 الفجر يريد الجلوس فيه للقراءة ولغير ذلك يصلي تحية المسجد ركعتين، ثم يجلس بعد ذلك، ليس له وقت نهي، وهكذا الطواف، لو طاف بعد العصر صلى ركعتي الطواف، أو طاف بعد الصبح صلى ركعتي الطواف، ليس لها وقت نهي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 24 10 - حكم من صلى صلاة نذر في وقت النهي س: من الأوقات المنهي عنها الصلاة بعد العصر، فأنا كان علي نذر، ثم إني صليت نذرا، وقرأت جزأين من القرآن الكريم، وصليت بعد العصر، فقالت لي أختي: إن ذلك من الأوقات المنهي عنها. فقلت لها: إن ذلك نذر، وليس قضاء صلاة مفروضة، فهل يجب علي الإعادة أو أن ما فعلته كان صحيحا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليك الإعادة؛ لأنه ليس محل صلاة، بعد العصر وبعد الفجر ليس محلا للصلاة إلا ذوات الأسباب، وهذا الصواب، كالكسوف بعد العصر، تحية المسجد، صلاة ركعتي الطواف، أما النذر فله أوقات أخرى بإمكانك أن تصلي في الليل، في الظهر، في الضحى، وإن كنت عينت الصلاة بعد العصر، إن قلت: أصلي بعد العصر، فهذا من النقص، فعليك كفارة يمين عن هذه الصلاة لأن النذر بالصلاة بعد   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (325). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 24 العصر وبعد الصبح نذر معصية؛ لأنه ليس وقت صلاة، وقت نهي، فعليك كفارة يمين، كفارة لمثل هذا النذر. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 25 11 - حكم صلاة ركعتين قبل المغرب س: هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي قبل المغرب ركعتين أم بعد الصلاة (1) ج: المعروف عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد المغرب ركعتين راتبة، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى قبلها ركعتين ولكن المشهور عنه صلى الله عليه وسلم الصلاة بعد المغرب ركعتين، هذه ثابتة عنه بعد المغرب، وثبت عن الصحابة أنهم فعلوها بأمره صلى الله عليه وسلم وبإقراره، كان الصحابة يصلون ركعتين وهو ينظر إليهم، وقد أمرهم بقوله: «صلوا قبل صلاة المغرب، صلوا قبل صلاة المغرب (2)» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (3)» فيفعلونها وهو ينظر عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على سنيتها بعد الأذان، فهي ثابتة من قوله وتقريره،   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (224). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 25 أما فعله فهو محل نظر، وإن صححه ابن حبان لكن محل نظر، لكنها ثابتة من قوله ومن تقريره للصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 26 12 - حكم تحية المسجد لمن دخله قبل أذان المغرب س: يقول السائل من اليمن: دخل شخص المسجد قبل أذان المغرب بحوالي ربع ساعة أو عشر دقائق، فهل على هذا الشخص أن يصلي ركعتين تحية للمسجد أم يظل واقفا حتى يؤذن للمغرب (1)؟. ج: السنة أن يصلي ركعتين متى دخل المسجد ولو قبيل الغروب؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2)» وهاتان الركعتان من ذوات الأسباب، ليس لهما وقت نهي، كسجود التلاوة، وكصلاة الكسوف، فإن الشمس متى كسفت صلى الناس للكسوف ولو بعد العصر، فهكذا ركعتا التحية حكمهما حكم ذوات الأسباب، ليس لها وقت نهي.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (387). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 26 س: هل يجوز لي أن أصلي ركعتين سنة المغرب قبل الأذان أم أنه يعتبر من الوقت المنهي عنه (1)   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (383). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 26 ج: الصلاة بعد الأذان بعد غروب الشمس، أما قبل غروب الشمس فوقت نهي، أما إذا كان دخل المسجد قبل غروب الشمس ينتظر المغرب فلا بأس أن يصلي ركعتين تحية المسجد، أو دخل مكة وطاف بعد العصر يصلي صلاة الطواف، أما الإنسان يصلي قبل الغروب وهو في بيته أو جالس في المسجد فلا، هذا وقت نهي، لكن إذا جاء بعد صلاة العصر ينتظر المغرب يصلي ركعتين تحية المسجد ويجلس، أو طاف بعد العصر في مكة يصلي ركعتين للطواف؛ لأنها سنة لها سبب، فلا بأس. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 27 س: في صلاة المغرب عندما يأتي المصلي لصلاة المغرب ويدخل المسجد هل عليه أن يصلي تحية المسجد أم لا، وهل يصليها بعد الانتهاء من صلاة المغرب (1)؟ ج: السنة لمن دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد سواء المغرب أو غير المغرب حتى ولو في آخر النهار قبل الغروب، تصلي تحية المسجد لأنها من ذوات الأسباب، ليس لها وقت نهي، تصلي ركعتين، ثم تجلس، هذا يقال له: تحية المسجد، إذا دخل المسجد قبل   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (298). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 27 الصلاة قبل الغروب قبل إقامة الصلاة يصلي هاتين الركعتين، أما سنة المغرب الراتبة فهي بعدها، ركعتان بعد المغرب، وهكذا العشاء ركعتان بعد العشاء، لكن تحية المسجد هي للمسجد، ليس لها تعلق بصلاة المغرب، إذا دخل المسجد في أي وقت وهو على وضوء صلى ركعتين عصرا أو ظهرا، ليلا أو نهارا، وهكذا صلاة الكسوف، إذا كسفت الشمس ظهرا أو ضحى أو عصرا، صليت صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف بعد العصر أو بعد الفجر يصلي ركعتي الطواف، لأنها من ذوات الأسباب. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 28 س: سائل يقول: نحن في قريتنا ندخل المسجد قبل المغرب، لكني ألاحظ أن الناس لا يصلون تحية المسجد قبل المغرب، فهل هذا صحيح (1) ج: الصواب شرعية الصلاة ولو كان في العصر، بعض أهل العلم يرى أن أوقات النهي لا تصلى فيها صلاة التحية، والصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عمم، قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2)» وفي اللفظ الآخر:   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (233). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 28 «فليركع ركعتين قبل أن يجلس (1)» وهذا عام لأوقات النهي وغيرها، وهكذا صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر شرعت الصلاة؛ لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا الطواف، لو طاف بعد العصر في مكة شرع له أن يصلي ركعتي الطواف؛ لأنها من ذوات الأسباب، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (2)» فالمقصود أن تحية المسجد من ذوات الأسباب، وصلاة الكسوف من ذوات الأسباب، وصلاة الطواف من ذوات الأسباب، فإذا دخل المسجد بعد العصر أو بعد الفجر ليسمع العلم أو ليجلس في المسجد ويستريح فإنه يصلي ركعتين إذا كان طاهرا قبل أن يجلس ولو كان في وقت النهي، هذا هو المعتمد لعموم الأحاديث وهي مخصصة لأحاديث النهي.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين، برقم (444)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتها، برقم (714). (2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 29 س: إذا دخلنا المسجد ونحن في انتظار أذان المغرب هل نصلي تحية المسجد قبل الأذان أم نجلس (1)؟   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (265). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 29 ج: الأفضل الصلاة، هذا هو الصحيح؛ لأنها من ذوات الأسباب، فالسنة لمن دخل المسجد ولو في وقت النهي أن يصلي ركعتين قبل المغرب وقبل طلوع الشمس، كل ذلك لا حرج فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1)» متفق على صحته، ولما دخل رجل المسجد والنبي يخطب عليه الصلاة والسلام وجلس قال: «قم فصل ركعتين (2)» مع أن النبي يخطب، فالحاصل أن السنة لمن دخل المسجد ولو في وقت النهي كالعصر أو قبل غروب الشمس السنة له أن يصلي ركعتين، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء لأنها من ذوات الأسباب بخلاف الجالس في المسجد لا يقوم يصلي بعد العصر، أو الجالس بعد الفجر لا يصلي حتى تطلع الشمس، أما إن دخل بعد صلاة العصر ليجلس فيه إلى المغرب أو يسمع الدرس، أو بعد صلاة الفجر ليسمع الدروس، هذا يصلي ركعتين قبل أن يجلس، هذا هو الصواب لعموم الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولأنه لم يقصد التشبه بالكفار، إنما صلى لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الركعتين، هذا هو المعتمد، وهذا هو الصواب.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، برقم (931) ومسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 30 وهكذا الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر صلى الناس ولو بعد العصر وقت النهي؛ لأن الكسوف من ذوات الأسباب، صلاة الكسوف من ذوات الأسباب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (1)» ثبت في الصحيح عند رؤيتها، وهذا يعم وقت النهي وغير وقت النهي، إذا كسفت الشمس بعد العصر صلوا الناس، هذا هو الصواب.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 31 س: يقول السائل: ف. س. غ. ش: إذا دخل الرجل في المسجد قبل أذان المغرب بشيء قليل هل يجوز له أن يصلي ركعتين قبل الأذان أم يجلس حتى يؤذن المؤذن أم يقف واقفا حتى يؤذن المؤذن؟ فإن البعض من الناس يقولون: ما يجوز الركوع قبل أذان المغرب، والبعض من الناس يقول: لا يجوز الجلوس حتى تصلي ركعتين تحية المسجد. نرجو الإفادة وفقكم الله (1) ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2)» ورأى رجلا جلس   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (7). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 31 يوم الجمعة ولم يصل، فأمره أن يقوم ليصلي ركعتين. هذا يدل على تأكد الركعتين في حق من دخل المسجد، واختلف العلماء فيمن دخل في أوقات النهي، مثل ما بعد العصر أو عند غروب الشمس، أو بعد صلاة الفجر، هل يصلي هاتين الركعتين أم يجلس؟ على قولين للعلماء، أصحهما وأرجحهما أنه يصليهما ولو في وقت النهي؛ لأنهما من ذوات الأسباب، ولهذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم أداءهما عند دخول المسجد، فإذا دخل المسجد بعد العصر أو بعد الصبح أو عند غروب الشمس فالأفضل أن يصليهما ثم يجلس، هذا هو الأفضل، وإن جلس ولم يصلها فلا حرج لأنهما سنة نافلة وليست واجبة عند عامة أهل العلم، هي سنة وليست واجبة، فإن جلس فلا حرج، وإن صلاهما فهو أفضل عملا بهذا الحديث الصحيح، أما أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح فعامة يستثنى منها تحية المسجد، ويستثنى منها ذوات الأسباب، مثل صلاة الطواف بمكة، إذا طاف بعد العصر لا بأس أن يصلي صلاة الطواف، ومثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر السنة أن يصلي المسلم صلاة الكسوف بعد العصر؛ لأنها من ذوات الأسباب. هذا هو الراجح، وإن جلس فلا حرج، ولا ينبغي في هذا التنازع والمخالفة بل ينبغي في هذا التسامح، فمن صلى فقد أحسن، ومن جلس فلا حرج عليه خروجا من خلاف العلماء. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 32 س: بعض الناس يؤدي ركعتين قبل المغرب مستندا على حديث: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين»، والبعض الآخر لا يصلي بل يجلس مستندا على أن هذا وقت نهي لا تجوز الصلاة فيه، نرجو أن توضحوا لنا هذا الأمر بالتفصيل ـ جزاكم الله خيرا ـ وخاصة أن المسلمين في شك من هذا الأمر وفي اختلاف (1) ج: لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2)» وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضا أنه «نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس (3)» فلهذا اختلف أهل العلم في هذه المسألة، هل يصلي تحية المسجد العصر والصبح أم لا، والصواب أنه يصليهما، وأنهما غير داخلتين في النهي، فالركعتان اللتان يأتي بهما داخل المسجد غير داخلتين في النهي، هذا هو الصواب،   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (24). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، برقم (581)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، برقم (825). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 33 وهذا هو الأرجح؛ لأن أحاديث النهي عامة مخصوصة، فقد استثني منها صلاة الجماعة لمن فاتته الجماعة وصلى في بيته ظانا أن الجماعة قد فاتته، ثم جاء، فإنه يصلي مع الناس العصر والفجر ولو كان قد صلى، وهذا مستثنى بالنص، كذلك صلاة الطواف في وقت العصر وفي وقت الصبح، الصحيح أنها لا بأس بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (1)» مثل ذلك تحية المسجد، فإذا دخل المسجد بعد صلاة العصر أو قبل الغروب فالأفضل أنه يصلي ركعتين ثم يجلس، ومن جلس فلا حرج عليه لقوة الخلاف، ولكن لا ينبغي إنكار بعضهم على بعض، بل ينبغي في هذا التساهل والتسامح، فإن صلاهما إذا دخل قبل الغروب فهو أفضل لكونها من ذوات الأسباب، ومن لم يصل ركعتين وجلس فلا حرج عليه، وهكذا الطواف إذا طاف بعد العصر أو بعد صلاة الفجر وصلى فهو أفضل، وإن أخر ركعتي الطواف حتى ارتفعت الشمس أو حتى غربت الشمس فلا حرج، وهكذا صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر أو طلعت كاسفة فالصواب أنه يشرع لها الصلاة، يشرع له أن يصلي صلاة الكسوف بهذه الحال، هذا هو الصواب، وهذا هو الأرجح، وإن ترك ذلك فلا حرج عليه لقوة الخلاف في هذه   (1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 34 المسألة، وبهذا يعلم المؤمن أن الأمر فيه سعة بحمد الله، وأنه لا ينبغي في مثل هذا التشديد والتنازع، فالأمر في هذا واسع بحمد الله، فإن صلاهما ركعتين تحية المسجد قبل غروب الشمس، أو إذا دخل بعد صلاة الفجر لا حرج عليه في ذلك، وهو أفضل لأنها من ذوات الأسباب، ولأنه في هذا الحال لا يقصد مشابهة المشركين، ومن جلس آخذا بالنهي ولم يصل ركعتين فلا حرج عليه إن شاء الله، والأمر في هذا واسع كما تقدم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 35 س: دخلت المسجد قبل صلاة المغرب فهل أصلي تحية المسجد أم أجلس (1) ج: السنة أن تصلي تحية المسجد إن كان قبل الغروب، فهذه من ذوات الأسباب، تصلي على الصحيح ثم تجلس، أما إن كان بعد الغروب تصلي تحية المسجد ثم تجلس لأنه زال وقت النهي، لكن الخلاف فيما إن دخلت قبل الغروب، هذا محل خلاف بين العلماء، هل تصلي أم لا، والصواب أنه يشرع للداخل أن يصلي ركعتين إذا دخل بعد العصر قبل غروب الشمس، ثم يجلس؛ لأن هذه الصلاة يقال لها: إنها من ذوات الأسباب، يعني لها سبب وهو الدخول، فيصليها ثم يجلس، وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر فإنها تصلى صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة صلى ركعتي الطواف بعد العصر أو بعد الصبح؛ لأنها من ذوات الأسباب.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (233). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 35 س: السائل من مصر، محافظة الغربية، أ. ر. ز. يقول: إذا دخلت المسجد قبل أذان المغرب بقليل، فهل يجب علي صلاة ركعتين تحية للمسجد وسنة الوضوء أم الصلاة مكروهة في هذا الوقت (1) ج: الصواب أنه يستحب أن يصلي تحية المسجد ولو كان دخوله قبل الغروب؛ لأن هذا وقت النهي للصلاة المجردة، أما ذوات الأسباب: تحية المسجد، صلاة الوضوء، صلاة الكسوف فلا بأس بها، فيصلي تحية المسجد.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (425). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 36 س: أرى بعض المصلين إذا دخل المسجد قبل صلاة المغرب والشمس غاربة يصلي ركعتين، فإذا قلت: لا تجوز الصلاة في هذا الوقت لأن الشمس تكون في هذه الحالة غاربة بين قرني شيطان، قال لي: إنها تحية المسجد، فهل يجوز له أن يصليها أم لا (1)؟ ج: إذا دخل المسلم المسجد العصر ليجلس حتى يأتي المغرب فالسنة له أن يصلي ركعتين، هذا هو الأفضل، وهذا هو الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2)» سنة تحية المسجد ولو في   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (43). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 36 وقت النهي، إذا دخل بعد الفجر ليجلس يقرأ أو يستريح في المسجد، أو دخل بعد العصر، فالسنة أن يصلي ركعتين، ثم يجلس، هذا هو الأفضل، وهذا هو الصواب، وإن جلس فلا حرج، لكن الأفضل أن يصلي ركعتين، وهو الصحيح من أقوال العلماء في ذلك، وهذا مستثنى، تحية المسجد، وكذلك صلاة الطواف، إذا طاف بعد العصر في مكة، أو بعد الصبح يصلي ركعتي الطواف، مستثنى، أو كسفت الشمس مثلا بعد العصر فإنه يصلي صلاة الكسوف؛ لأنها من ذوات الأسباب، ولا حرج في ذلك، أما كونك تتطوع من دون سبب وتصلي بعد العصر أو بعد الفجر من دون سبب فهذا ما يجوز، لكن من أجل بعض الأسباب مثل دخول المسجد وقت النهي، أو مثل الطواف في مكة بعد العصر، أو بعد الصبح، أو كسوف الشمس بعد العصر، هذه صلاة لها أسباب، فلا بأس بها بل هي مشروعة، وأنت إن كنت جالسا في المسجد وغابت الشمس شرع لك أن تقوم بعد الأذان وتصلي ركعتين في المسجد، إذا غابت الشمس وأنت في المسجد جالس سن لك أن تقوم فتصلي ركعتين قبل صلاة الفريضة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب " ثم قال في الثالثة: " لمن شاء (1)» وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون قبل المغرب ركعتين، والنبي صلى الله عليه وسلم يراهم ويقرهم، بل يأمرهم بهذا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 37 عليه الصلاة والسلام، هذه السنة، إذا دخل المسلم في وقت النهي صلى ركعتين تحية المسجد، وإذا كان جالسا وأذن المؤذن للمغرب شرع له أن يقوم ويصلي ركعتين بين الأذان والإقامة، وهكذا في كل صلاة يسن أن يصلي ركعتين بين الأذان والإقامة، إلا الظهر، الأفضل أن يصلي قبلها أربعا راتبة، ودخوله إذا كان بعد الغروب سنة أن يصلي ركعتين - ما فيه خلاف - تحية المسجد، وبين الأذان والإقامة، لكن الخلاف إذا كان قبل الغروب، ما غربت الشمس بعد. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 38 س: سمعت في برنامج نور على الدرب بأن الصلاة قبل المغرب مكروهة، بينوا لنا المقصود بذلك، هل هي صلاة التطوع أم هي ركعتا الوضوء (1) ج: الصلاة بعد العصر منهي عنها، وهكذا بعد طلوع الفجر إلى أن ترتفع الشمس، وهكذا بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، هذان الوقتان وقتا نهي عن الصلاة، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيهما، لكن إذا كانت الصلاة من ذوات الأسباب فلا بأس بها، كصلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر، أو تحية المسجد لمن دخل المسجد بعد العصر ليجلس فيه إلى غروب الشمس، أو يسمع حلقة العلم أو ما أشبه ذلك، يصلي تحية المسجد على الراجح، على الصحيح.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (332). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 38 وهكذا سنة الوضوء، إذا توضأ الإنسان يستحب له أن يصلي ركعتين ولو بعد العصر أو بعد الصبح سنة الوضوء، أما النوافل التي ليس لها أسباب فمنهي عنها، ولا يجوز فعلها لا بعد الفجر ولا بعد العصر حتى تطلع الشمس في أول النهار وحتى تغيب الشمس في آخر النهار، أما الفريضة فيصليها في كل حال، الفجر يصليها في كل حال، والعصر يصليها في كل حال، لو نام عن صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا عند طلوع الشمس صلاها، وهكذا لو نام عن العصر ولم يستيقظ إلا بعد العصر بعد أن اصفرت الشمس أو شغل عنها ونسيها، ثم ذكر، صلاها في أي حال، ليس لها وقت نهي؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1)» لكن لا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها عمدا لا الفجر ولا غيرها، بل يجب عليه أن يصلي في الوقت، الفجر في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، هذا واجب على المسلمين أن يؤدوا هذه الصلوات الخمس في أوقاتها، لكن لو شغل الإنسان عن ذلك حتى نسي صلاها متى ذكر، أو نام وغلبه النوم فلم يستيقظ إلا عند طلوع الشمس أو بعد طلوع الشمس صلاها، وهكذا العصر، إذا استيقظ بعد أن تصفر الشمس صلاها أيضا؛ لقوله   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 39 عليه الصلاة والسلام: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1)» وفق الله الجميع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 40 13 - حكم الصلاة عند غروب الشمس وعند بزوغها س: ما حكم الصلاة عند الغروب، وعند بزوغ الشمس صباحا ولا سيما عندما يكون نصفها ظاهرا والنصف الآخر قد اختفى، هل في هذه الأوقات الصلاة محرمة أو مكروهة، أو هل هناك شروط أخرى؟ أرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا (1) ج: أوقات النهي عن الصلاة خمسة بينها النبي عليه الصلاة والسلام: أولها من طلوع الفجر إلى أن تطلع الشمس، فلا يصلى في هذا الوقت إلا الفجر وسنتها في السفر والحضر، الثاني بعد طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح، وهذا وقت ضيق، والثالث بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، والرابع بعد اصفرارها إلى أن تغيب، والخامس عند قيام الشمس قبل الظهر، عند وقوف الشمس قبل الزوال، وهو وقت قصير إلى أن تزول. هذه أوقات النهي، لا يصلى فيها النوافل إلا ما له سبب في أصح قولي العلماء كصلاة الكسوف، أو صلاة   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (177). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 40 الطواف، إذا طاف بعد العصر أو بعد الصبح، أو تحية المسجد، فهذه صلوات لها أسباب، الصحيح من قولي العلماء أنه لا بأس بذوات الأسباب، إذا دخل المسجد بعد صلاة العصر ليجلس فيه للتعلم، أو قراءة القرآن، أو لينتظر صلاة المغرب، فإن السنة أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس؛ لأنها ذات سبب، وكذلك لو دخل بعد الفجر يصلي ركعتين، وهكذا لو طاف بالكعبة بعد العصر أو بعد الصبح يصلي ركعتي الطواف، وهكذا لو كسفت الشمس عند طلوعها، أو كسفت بعد العصر يصلي صلاة الكسوف؛ لأنها من ذوات الأسباب، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (1)» وفي اللفظ الآخر «فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (2)» ولم يقل: إلا في وقت النهي، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (3)» هذا يعم أوقات النهي وغيرها.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 41 14 - مسألة في أداء الصلاة ذات السبب في وقت النهي س: هل تحية المسجد لا تصلى في الفجر عندما يكون المؤذن قد نادى إلى الصلاة وقد صليت سنة الفجر في المنزل (1)؟ ج: لقد اختلف العلماء في الصلاة ذات الأسباب هل تؤدى في أوقات النهي كتحية المسجد، وصلاة الكسوف، وصلاة الطواف أم لا، والصواب أنها تؤدى في أوقات النهي، وأنه لا نهي عنها في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها؛ لأنها تؤدى بأسباب للمصلي، فإذا وجد السبب شرع له أن يصلي، فإذا دخل المسجد بعد صلاة الفجر أو قبل الصلاة وقد أدى صلاة الفجر في البيت فإن السنة له أن يصلي تحية المسجد ركعتين قبل الصلاة، وهكذا لو دخل المسجد بعد صلاة الفجر أو بعد العصر ليجلس فيه للراحة، أو للقراءة، أو للدرس، فإنه يصلي تحية المسجد في أصح قولي العلماء؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2)» وهذا الحديث العظيم يعم أوقات النهي وغيرها، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم في الكسوف: «إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (3)» فإنه يعم وقت العصر، لو كسفت الشمس   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (329). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 42 فتصلى صلاة الكسوف، وهكذا قوله عليه الصلاة والسلام: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (1)» والله ولي التوفيق.   (1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 43 15 - بيان معنى حديث: «إنها تطلع بين قرني شيطان (1)» " س: ما مدى صحة هذا القول: «إن الشمس تكون غاربة بين قرني شيطان (2)»؟ ج: جاء في الحديث: «إنها تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان (3)» وحينئذ يسجد لها الكفار ويعبدونها ويعظمونها عباد الشمس، نسأل الله العافية.   (1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، حديث 3032، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، وأحمد في كتاب المكثرين من الصحابة، حديث 4383. (2) السؤال السابع من الشريط رقم (43). (3) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده برقم (3273) بلفظ (ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان أو الشيطان)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه، برقم (832). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 43 16 - بيان علة النهي عن الصلاة في أوقات النهي س: السائل: أ. أ، من الأردن يقول: الأوقات المكروهة في الصلاة الجزء: 11 ¦ الصفحة: 43 ثلاثة، وسؤالي: لماذا كرهت هذه الأوقات (1)؟ ج: لأنه يسجد لها الكفار عند غروب الشمس وعند طلوعها وعند وقوفها، فالرسول نهى عن ذلك لئلا يتشبه المسلم بالكفار، لكن إذا كان لها سبب كصلاة تحية المسجد، إذا دخل بعد العصر أو بعد الفجر بعد صلاة الفجر، فإن الصواب أنه يصليها، هذا الصحيح من أقوال العلماء إذا كانت الصلاة لها سبب، مثل تحية المسجد، مثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر فالسنة أن يصلي صلاة الكسوف، هذا هو الصواب، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة، طاف بالكعبة بعد الفجر أو بعد العصر فإنه يصلي ركعتي الطواف؛ لأنها من ذوات الأسباب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت ثم صلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (3)» ولقوله صلى الله عليه وسلم في الشمس والقمر إنهما   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (409). (2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 44 «آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (1)» وفي اللفظ الآخر: «فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (2)» فهذا يعم أوقات النهي وغيرها، هذا هو الصواب أن ذوات الأسباب تفعل في وقت النهي، أما غيرها من التطوع فلا يفعل.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 45 17 - حكم قضاء تحية المسجد بعد الصلاة س: ما حكم من أتى بركعتين بعد صلاة الفجر، وهل تجب على من فاتته تحية دخول المسجد قبل الصلاة ومتى وقتها (1) ج: تحية المسجد لا تقضى، إذا جاء وهم يصلون كفته الفريضة ولا حاجة إلى أن يقضي تحية المسجد، فصلاة الفريضة تقوم مقامها، وإذا لم يصل الراتبة سنة الفجر بأن جاء والإمام قد دخل في الصلاة فإنه مخير، إن شاء صلاها بعد الصلاة، وإن شاء صلاها بعد ارتفاع الشمس كما ثبت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، يعني السنة الراتبة التي تشرع قبل صلاة الفجر وهي ركعتان، إذا فاتته بأن   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (70). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 45 جاء من بيته إلى المسجد وقد دخل الناس في الصلاة ولم يصلها في البيت فإنه يصليها بعد الصلاة إذا شاء، فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم من فعلها بعد الصلاة، وإن شاء أخرها حتى يصليها بعد ارتفاع الشمس، الأمر في هذا واسع والحمد لله، أما التحية فلا تقضى. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 46 18 - حكم تحية المسجد أثناء الأذان س: دخلت المسجد وكان المؤذن يؤذن فهل أقف أم أجلس (1) ج: تقف تجيب المؤذن، ثم تصلي ركعتين، هذا هو السنة، تجمع بين السنتين، فإن شق عليك القيام تصلي ركعتين ولو يؤذن، والحمد لله.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (223). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 46 س: إذا دخل الشخص المسجد، وقبل أن يشرع في أداء تحية المسجد أذن المؤذن، فهل يجلس حتى ينتهي الأذان ثم يقوم فيصلي أم يظل واقفا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الأفضل أن يجمع بين السنتين، يجيب المؤذن وهو   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (306). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 46 واقف، ثم يصلي ركعتين، فإن كان يشق عليه ذلك صلى ركعتين ولو كان المؤذن يؤذن، لكن إذا تيسر له الوقوف حتى يجيب المؤذن، ثم يصلي ركعتين جمع بين السنتين. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 47 19 - حكم قطع النافلة إذا أقيمت الصلاة س: يسأل السائل ويقول: إذا أقيمت صلاة الفريضة وأنا أصلي التطوع، هل أقطع التطوع بسلام أم من غير سلام (1) ج: لا يحتاج سلاما، تقطع فقط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2)» رواه مسلم في الصحيح. فإذا أقيمت بطلت الصلاة التي أنت فيها، وعليك أن تدخل مع الإمام إلا إذا كنت في آخرها في السجود، أو التحيات تكملها؛ لأنها انتهت، أما إذا كان بقي عليك ركعة اقطعها بالنية، ويكفي.   (1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (413). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 47 20 - حكم صلاة تحية المسجد في مصلى العيد س: الأخت من مدينة حائل تسأل وتقول: هل يجوز أن نصلي ركعتين تحية المسجد ونحن نذهب لصلاة العيد في مسجد العيد، أم أنها لا الجزء: 11 ¦ الصفحة: 47 تصلي الركعتين تحية المسجد في مصلى العيد (1) ج: مصلى العيد ليس له تحية، ليس له حكم المساجد، ليس له تحية المسجد، بل يجلس الإنسان، ولأنه وقت نهي، فهذا مصلى وليس مسجدا، أما إذا كانت الصلاة في المسجد المعتاد، إذا صلوا العيد في المساجد شرعت تحية المسجد ولو في وقت النهي على الصحيح؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2)» ولما رأى رجلا جلس في بعض الأيام قال: «قم فصل ركعتين (3)» عليه الصلاة والسلام، أما مصلى العيد الذي في الصحراء فهذا ليس له حكم المسجد، فإذا أتى الإنسان والشمس لم ترتفع جلس، والنبي عليه الصلاة والسلام ما كان يصلي قبلها ولا بعدها صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (305). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، برقم (931) ومسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 48 21 - بيان الأوقات التي تحرم فيها صلاة النافلة س: لي والدة كبيرة في السن، وصاحبة طاعة ولله الحمد، تصلي الفروض في أوقاتها وتحمد الله على ذلك، ولكنها تتنفل طول الوقت، فما هي أوقات النهي التي لا يجوز لها أن تتنفل فيها الجزء: 11 ¦ الصفحة: 48 وحبذا لو عرفنا ذلك بالساعات (1) ج: كل الليل والنهار أوقات نافلة ما عدا أوقات النهي من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، وعند وقوفها في كبد السماء قبل أن تميل إلى الغرب، هذا يقال له: وقت الوقوف، ليس فيه صلاة، وبعد صلاة العصر إلى غروبها. هذه أوقات النهي إلا من ذوات الأسباب، إذا كان لديها أسباب مثل صلاة الخسوف بعد العصر، تصلي تحية المسجد، لو طاف بعد العصر يصلي صلاة الطواف في مكة، هذه يقال لها: ذوات الأسباب، لا حرج على الصحيح. المقصود جميع الليل والنهار محل صلاة إلا وقتين: أحدهما من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، هذا وقت نهي لا يصلى فيه إلا صلاة الفجر وسنتها، أو تحية المسجد، والوقت الآخر الطويل ما بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهناك وقت ثالث قصير وهو عند وقوفها، وهو وقت قصير، عند وقوفها في كبد السماء حتى تزول، حتى تميل إلى الغرب.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (358). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 49 22 - حكم التذكير بتحية المسجد لمن نسيها س: هل يشرع التذكير بتحية المسجد لمن جلس ولم يؤدها ناسيا في وقت نهي مثل ما بعد صلاة الفجر (1)؟ ج: نعم، التذكير بذلك مناسب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا جلس فلم يصل أمره أن يقوم فيصلي، قال: «قم فصل ركعتين (2)» عليه الصلاة والسلام، فإذا جلس الإنسان ولم يصل تحية المسجد ولو في وقت النهي يرشد إلى الأفضل؛ لأن الصحيح أنها تشرع حتى في وقت النهي، هذا الصحيح من قولي العلماء، أما في غير وقت النهي فلا خلاف في شرعيتها، كالضحى، والظهر، والمغرب، وبعد العشاء، هذه الأوقات لا خلاف في أنها تشرع تحية المسجد، وإنما الخلاف إذا كان بعد العصر أو بعد الصبح قبل ارتفاع الشمس، والصواب أنها تشرع حتى بعد الصبح وبعد العصر، فإذا جلس يبين له أن الأفضل أن تقوم وتأتي بركعتين، هذا هو الأصح، وإذا كان طالب علم وقال: إنه يرى الجلوس، وأنه يرى قول العلماء الآخرين أولى فلا حرج، الأمر في هذا واسع في وقت النهي؛ لأن العلماء اختلفوا في   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (202). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، برقم (931) ومسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 50 فعله، فالأكثرون على أنه يجلس في وقت النهي ولا يصلي لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس (1)» والقول قول قوي لعموم الأحاديث، فالذي أخذ به وعمل به لا حرج عليه إن شاء الله، ولكن عند التأمل والنظر في الأحاديث الواردة في ذلك يتضح أن استثناء ذوات الأسباب أصح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الطواف وصلاة الطواف: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (2)» فرخص لهم في الصلاة مع الطواف وإن كان في العصر أو الصبح؛ لأنها من ذوات الأسباب. وقال عليه الصلاة والسلام في الكسوف لما ذكر كسوف الشمس والقمر، قال: «إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (3)» وهذا يعم العصر ويعم غيره، فدل ذلك على أنه لو كسفت الشمس بعد العصر فالحديث يعم ذلك لأنها سنة يفوت محلها، فإذا كسفت الشمس شرع للناس على الصحيح أن يصلوا في وقت النهي؛ لأنها صلاة لها أسباب، وليس المقصود التشبه بالكفرة في هذا؛ لأن السبب يبين أنه لم يصل للتشبه بالكفرة، وإنما صلى لأمر   (1) صحيح البخاري مواقيت الصلاة (586)، مسند أحمد (3/ 95). (2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 51 النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا تحية المسجد سواء بسواء، إذا دخل بعد العصر لينتظر المغرب، أو ليسمع حلقات العلم، أو بعد الصبح ليسمع حلقات العلم، أو ليجلس في المسجد حتى ارتفاع الشمس فإنه يصلي تحية المسجد. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 52 23 - حكم صلاة ذوات الأسباب في وقت النهي س: هل يجوز للمسلم أن يصلي نافلة في بعض الأوقات المنهي عنها مثل تحية المسجد قبل صلاة المغرب بقليل (1) ج: يجوز له إذا كانت الصلاة ذات أسباب كالدخول إلى المسجد قبل المغرب يصلي تحية المسجد لا بأس لأن ذوات الأسباب الصحيح أنه ليس لها وقت نهي، ومثل صلاة الكسوف لو كسفت الشمس بعد العصر، أما غير ذوات الأسباب فلا يجوز إذا كان جالسا في المسجد بعد صلاة العصر أو في بيته لا يصلي بعد العصر لأنه وقت نهي أو بعد صلاة الفجر وقت نهي لكن إذا كان أتى المسجد بعد العصر ليصلي المغرب جاء مبكرا يصلي تحية المسجد أو دخل المسجد بعد الفجر لأجل الدرس أو لأجل الراحة في المسجد أو لأسباب أخرى يصلي تحية المسجد.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (366). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 52 24 - حكم تحية المسجد لمن صلى ركعتي الفجر في البيت س: أكثر الأحيان أصلي ركعتي الفجر في البيت، ثم أذهب إلى المسجد لأصلي الفرض مع الجماعة، ولكنني أحيانا أصل إلى المسجد قبل أن تقام الصلاة، فهل في هذه الحالة أصلي ركعتين بنية تحية المسجد أم أجلس إلى أن تقام الصلاة (1) ج: المشروع لك أن تصلي ركعتين، إذا صليت الراتبة في البيت ثم جئت المسجد والصلاة لم تقم صل ركعتين قبل أن تجلس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2)» وهذا يعم الفجر وغيرها، فلا ينبغي لك الجلوس إلا بعد الركعتين.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (218). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 53 25 – حكم قيام صلاة الراتبة مقام سنة الوضوء س: يسأل المستمع ويقول: هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة سنة الوضوء، وما عدد ركعاتها؟ وهل إذا صلى المصلي نافلة الجزء: 11 ¦ الصفحة: 53 الظهر مثلا هل تسقط ركعتا الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى ركعتين، ثم قال: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (2)» وهذا ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عثمان، ومن أحاديث أخرى، وعدد سنة الوضوء ركعتان، وثبت أيضا أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا أمامه في الجنة لما دخل الجنة، لما عرج به إلى السماء، فسأله صلى الله عليه وسلم بقوله: «يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة، قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي (3)» رضي الله عنه، فصلاة الركعتين سنة وقربة بعد الوضوء، وإذا صلى تحية المسجد أو راتبة الظهر، أو راتبة الفجر قامت مقام سنة الوضوء وحصل بها المقصود، تكون عن هذا   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (280). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160)، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار، برقم (1149) ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل بلال رضي الله عنه، برقم (2458). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 54 وعن هذا، توضأ ثم صلى ركعتين، سنة الفجر أو تحية المسجد أو سنة الضحى، حصل بها المقصود عن هذا وعن هذا، والحمد لله. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 55 س: هذه السائلة م. ف. ع، من القصيم تقول: ما هي سنة الوضوء يا سماحة الشيخ، وكيف يسجد الرجل لسجود السهو (1) ج: الوضوء مشروع بأن يتوضأ الإنسان كما بين الله في كتابه، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (2) هكذا بين الرب للعباد، وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالسنة في الوضوء إذا قام إليه الإنسان أن يسمي الله عند بدئه، ثم يغسل كفيه ثلاث مرات، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا بثلاث غرفات، ثم يغسل وجهه ثلاثا، هذا هو الأكمل وإلا واحدة تكفي إذا عمم، لكن تكرارها ثلاثا أفضل، ثم يغسل ذراعيه ثلاثا مع المرفقين، هذا هو الكمال، وإن غسلهما مرتين أو واحدة كفى إذا عمم، ثم يمسح رأسه وأذنيه مرة واحدة بالماء، ويضع أصبعيه في أذنيه، ويمسح بإبهامه ظاهر أذنيه، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاث   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (434). (2) سورة المائدة الآية 6 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 55 مرات، وإن غسلهما مرتين أو مرة كفى إذا عم الرجلين بالغسل؛ لأن تكراره ثلاثا أفضل، وهو الكمال، وهذا كله بعد الاستنجاء، إذا كان قد بال أو تغوط لا بد من الاستنجاء قبل ذلك، وإن كان ما خرج منه إلا ريح أو مس فرجا أو أكل لحم الإبل أو ما أشبه هذا يكفيه الوضوء، يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، هذا هو المشروع، يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين (1)» هذا هو المشروع بعد الوضوء، ويستحب أيضا أن يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك اللهم وأتوب إليك (2)» إذا توضأ يستحب له أن يصلي ركعتين تسمى سنة الوضوء؛ لحديث عثمان رضي الله عنه: يقول صلى الله عليه وسلم: «من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (3)»   (1) أخرجه الترمذي، في كتاب الطهارة، باب فيما يقال بعد الوضوء، برقم (55). (2) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، باب فضل الوضوء، برقم (2754). (3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160)، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 56 26 - حكم التلفظ بالنية عند الجمع بين صلاة النافلة وسنة الوضوء س: ما الحكم إذا نوى المصلي للصلاة قائلا: نويت أن أصلي سنة كذا، مع سنة الوضوء سواء، وسواء كانت النية قلبية أم جهرية فهل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 56 يكتب له الأجر مرتين؛ مرة للوضوء ومرة لسنة الفريضة مثلا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا يقول: نويت، هذا غير مشروع، لا يتلفظ بها، بدعة لا أصل لذلك، لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة رضي الله عنهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3)» وهذا هو البدعة، لكن ينوي بقلبه، فإذا توضأ الإنسان صلى ركعتين ينويهما سنة الوضوء, وإذا دخل المسجد بعد الوضوء صلى ركعتين ينويهما سنة التحية وسنة الوضوء، يحصل له الأجر، أجر سنة الوضوء وأجر تحية المسجد والحمد لله، فضل الله واسع. وإذا صلاها بنية راتبة الظهر، توضأ ودخل المسجد ونوى سنة الظهر وسنة الوضوء وتحية المسجد حصل له ذلك والحمد لله، والأمر واسع بحمد الله.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (276). (2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 57 27 - حكم أداء سنة الوضوء في وقت النهي س: استنادا لحديث بلال رضي الله عنه: «ما توضأت إلا وصليت ركعتين بعد الوضوء» فأنا أتوضأ أحيانا في أوقات نهي، مثال ذلك بعد صلاة العصر، أو بعد صلاة الفجر، أو عند غروب الشمس، وعند طلوعها، فهل علي إثم إذا ما صليت ركعتي الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: المستحب الوضوء، والمستحب الصلاة، فإذا توضأ الإنسان يصلي ركعتين سنة الوضوء في أي وقت ولو وقت النهي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ مثل وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (2)» فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ صلى ركعتين ورغب الناس في ذلك عليه الصلاة والسلام، ويقال لها: سنة الوضوء، فلا مانع أن تصلي في وقت النهي وغيره لأنها سنة مؤكدة.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (335). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160)، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 58 س: أم أحمد من العزيزية تسأل وتقول: إذا توضأت قبل صلاة المغرب الجزء: 11 ¦ الصفحة: 58 بنصف ساعة أو ربع ساعة، وصليت ركعتين للوضوء وجلست لقراءة القرآن والاستغفار حتى يحين أذان المغرب، فهل عملي ذلك صحيح (1)؟ ج: نعم عمل طيب؛ لأن الوضوء عبادة عظيمة، وقد شرع الله لمن توضأ أن يصلي ركعتين سنة الوضوء، فإذا توضأت ولو بعد العصر وصليت ركعتي السنة، سنة الوضوء، فهذا كله طيب، وإذا انتظرت صلاة المغرب بالتسبيح والتحميد والتكبير فهذا خير عظيم، يقول الله سبحانه: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} (2) والتسبيح في آخر النهار قربة عظيمة، وهكذا في أول النهار، فيبدأ النهار بالتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار، ويختم كذلك، وفق الله الجميع.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (332). (2) سورة ق الآية 39 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 59 28 - بيان صلاة ذوات الأسباب في وقت النهي س: إذا عرض للمرء عارض، وأراد أن يصلي وصادف وقت النهي، كأن يدخل مسجدا أو أن يطوف بالبيت (1)؟   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (353). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 59 ج: ذوات الأسباب لا بأس، مثل صلاة الطواف، إذا طاف بعد العصر، أو تحية المسجد إذا دخل مثلا المسجد قبل المغرب يصلي تحية المسجد ركعتين، أو صلاة الكسوف، إذا كسفت الشمس بعد صلاة العصر؛ لأنها من ذوات الأسباب. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 60 س: سائل من البحرين: هل يجوز لي أن أصلي في وقت النهي عندما أبادر للوضوء، لقراءة القرآن، أو للدعاء خصوصا في أيام الجمعة، وذلك بعد العصر علما بأنني لا أتوضأ عمدا بنية الصلاة إنما أتوضأ للدعاء كما ذكرت (1)؟ ج: إذا توضأ الإنسان في وقت النهي يصلي سنة الوضوء، ليس لها وقت نهي، إذا توضأ بعد الفجر أو بعد العصر يشرع له أن يصلي ركعتين سنة الوضوء سواء كان رجلا أو امرأة، وهكذا لو دخل المسجد بعد العصر أو بعد الفجر شرع له أن يصلي تحية المسجد وليس لها وقت نهي. وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر شرع للمسلمين أن يصلوا صلاة الكسوف بعد العصر، وليس لها وقت نهي؛ لأن هذه كلها من   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (360). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 60 ذوات الأسباب، والصلاة التي لها أسباب تفعل في وقت النهي. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 61 29 - حكم تأخير سنة الوضوء س: تقول السائلة: سنة الوضوء هل المشروع فيها أن تكون عقب الوضوء مباشرة أم يجوز تأخيرها بسبب بعض الأشغال مع بقاء النية على تأديتها بعد الفراغ من الشغل، وما هو الأفضل في هاتين الحالتين؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الأفضل البدار بالصلاة، الأفضل بعد الوضوء أن يبادر بصلاة ركعتين، وإن شغل عنها وصلاها بعد ذلك لا بأس، كله طيب، لكن الأفضل البدار.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (345). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 61 30 - بيان صلاة الاستخارة س: سائل يقول: أرجو التفضل من سماحة الشيخ بتوضيح صلاة الاستخارة، وهل عدم تغيير نية الإنسان وعدم تغيير الظروف المحيطة يعني أن هذا الموضوع فيه خير للإنسان (1)؟ ج: الاستخارة تشرع عندما يهم الإنسان بشيء عنده فيه تردد، يهم   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (380). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 61 بالزواج، يهم بالسفر، يهم بالتجارة في أشياء معينة ويتردد، فهذا يستخير الله، يصلي ركعتين كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ربه، يرفع يديه ويقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه: اللهم إن كنت تعلم أن زواجي بفلانة بنت فلان، اللهم إن كنت تعلم أن سفري إلى البلدة الفلانية، وأشباه ذلك، يعين مطلوبه - خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري – أو قال: عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه - شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1)» هذا دعاء الاستخارة، وإذا كان ما يعرف هذا الدعاء يدعو بما عنده، يقول: اللهم إن كانت هذه الحاجة فيها خير لي، فيها مصلحة لي، فيسرها لي، وإن كان غير ذلك فاصرفه عني واصرفني عنه. المقصود يدعو بهذا المعنى بالدعاء الذي يعرف، والمعنى الذي يعرف ولا بأس، هذا مسنون   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 62 مشروع بعدما يسلم من الركعتين، وإن دعا من دون صلاة أو دعا بعد صلاة النافلة المعتادة بعد سنة الظهر أو سنة المغرب أو سنة العشاء أو غير ذلك لا بأس، أو دعا وهو جالس دعاء عاديا يسأل ربه لا بأس. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 63 31 - حكم صلاة الاستخارة س: يسأل السائل ويقول: ما حكم صلاة الاستخارة، وكيف يكون الدعاء فيها، هل هو في السجود الأخير، أم قبل السلام، أم يكون بعد نهاية الصلاة (1)؟ ج: صلاة الاستخارة سنة ندب إليها النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هم الإنسان بشيء من الأمور التي أشكل عليه أمرها وحار فيها يصلي ركعتين، ثم يرفع يديه بعد الصلاة ويستخير الله حتى ينشرح صدره لأحد الأمرين أو الأمور، وهي ركعتان يقرأ فيها الفاتحة وما تيسر، ثم بعد السلام يرفع يديه ويستخير: اللهم إني أستخيرك بعلمك. إلى آخره. فإذا اطمأن قلبه إلى أحد الأمرين أو الأمور فعل ذلك، ويستحب له أن يستشير أهل الخير وأهل النصح بعد الصلاة، يستشيرهم حتى ينشرح صدره لأحد الأمرين، أو الأمور المشكلة.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (421). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 63 32 - بيان كيفية صلاة الاستخارة س: السائلة: ف. ع، من جازان تقول في سؤالها: ما كيفية صلاة الاستخارة، وما هو دعاؤها، وفي أي وقت تصلى (1)؟ ج: صلاة الاستخارة ركعتان، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا هم أحدكم بأمر فليصل ركعتين، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه، يقول: هذا الأمر، زواجي بفلانة، أو سفري إلى محل كذا، أو شرائي كذا، أو ما أشبه ذلك. يعين حاجته: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (2)» هذه السنة، هذا دعاء الاستخارة، وإذا كان لا يعرف هذا الدعاء يدعو بما يتيسر، لو قال: اللهم قدر لي الخير، اللهم يسر لي الخير، اللهم اشرح صدري   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (396). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 64 لهذا السفر إن كان خيرا، اللهم اشرح صدري لهذا الزواج إن كان خيرا. يدعو بما يفهم، بما يعرف بعد السلام، يرفع يديه ويدعو بعد صلاة الركعتين. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 65 س: وجهوني إلى الكيفية الصحيحة لصلاة الاستخارة (1) ج: صلاة الاستخارة مثل بقية الصلوات، يستحب للمسلم إذا أراد أن يستخير يصلي ركعتين مثل بقية الصلوات، يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر مع الفاتحة، ثم يركع. إلخ، مثل بقية الصلوات، ثم بعد الفراغ يرفع يديه ويسأل ربه أن يختار له ما هو الأفضل والأنفع له من كذا وكذا، يبين حاجته التي يريد، إن كان زواجا يقول: اللهم اشرح صدري للزواج من فلانة إن كان خيرا. وإن كان سفرا: اللهم اشرح صدري للسفر إلى بلد كذا إن كان خيرا لي. وإن كان يحفظ الدعاء الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقوله، النبي صلى الله عليه وسلم علم المستخير الدعاء، يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه: زواجا أو سفرا أو معاملة، يسميه باسمه " - خير لي في ديني   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (311). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 65 ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1)» هذا هو الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم المحفوظ، إذا كنت تحفظه تقوله وإلا تدعو بما تيسر، تقول: اللهم اشرح صدري لهذا السفر، أو لهذا الزواج إن كان خيرا، اللهم اشرح صدري لمعاملة فلان أو زيارة فلان. إن كنت تشك في فائدتها أو مصلحتها وما أشبه ذلك تسمي حاجتك، تسأل ربك أن يشرح صدرك لما هو الأصلح والأحسن والأنفع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 66 س: هذا السائل الذي رمز لاسمه ب. س. ح. مصري مقيم بالمملكة العربية السعودية، يقول: ما هي كيفية صلاة الاستخارة؟ وما هو الدعاء المشروع، وهل يكون هذا الدعاء أثناء صلاة الركعتين أم بعد الانتهاء من الصلاة (1) ج: صلاة الاستخارة بينها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أنه يصلي ركعتين إذا هم بأمر وأشكل عليه يصلي ركعتين، ثم بعد الصلاة   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (357). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 66 يرفع يديه ويدعو بما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه لأمته: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه باسمه: هذا السفر، هذا الزواج، وما أشبه ذلك، شيء بين خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1)» هذا هو الدعاء الشرعي للاستخارة. ثم يرفع يديه ويقول هذا الدعاء بعد الركعتين في الضحى، في الظهر، في الليل، أي وقت لا في أوقات النهي، وقت السحر واسع، يصلي ركعتين يطمئن فيهما، ثم يقول هذا الدعاء بعد السلام، يرفع يديه ويحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، هذه السنة، يحمد الله أولا ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا من أسباب الإجابة، ثم يقول دعاء الاستخارة: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه: سفري إلى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 67 كذا، وزواجي من بنت فلان، أو شراء الأرض الفلانية، الذي أشكل عليه، شرع الاستخارة، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 68 س: ما كيفية صلاة الاستخارة، وما هو الدعاء المطلوب، وهل يكون الدعاء أثناء صلاة الركعتين أم بعد الانتهاء منهما؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: صلاة الاستخارة أن يصلي ركعتين، ثم يدعو بعدها ويستخير بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام، يرفع يديه ويسأل يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر – ويسميه؛ يعني زواجي من فلانة، سفري إلى البلدة الفلانية، تجارتي بهذا الشيء، يسمي - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (358). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 68 ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه - شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1)» هذه السنة في الاستخارة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 69 33 - بيان دعاء الاستخارة ومحله وآدابه س: السائلة: ف. ص من مكة المكرمة تقول في سؤالها: إن لاختيار الأمور دعاء، فما هو هذا الدعاء، وما هي آداب الدعاء في الاستخارة يا سماحة الشيخ (1) ج: يدعو الله بما تيسر: اللهم يسر لي كذا، اللهم أعني على كذا، اللهم يسر لي زوجة صالحة. والمرأة تقول: اللهم يسر لي زوجا صالحا، وذرية طيبة، اللهم يسر لي مالا طيبا وكسبا حلالا، وما أشبه ذلك، على حاجاته، يدعو ويطلب الله على حاجاته، وإذا استخار في أمر فيه تردد هل يسافر، هل يشتري هذا الشيء، هذا البيت، هل يتزوج هذه المرأة، هل تتزوج هذا الرجل، إذا استخارت فالاستخارة مشروعة، أن   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (391). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 69 يصلي ركعتين، ثم يرفع يديه ويقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الشيء - ويبينه باسمه: اللهم إن كنت تعلم أن سفري إلى كذا وكذا - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن سفري أو زواجي من فلانة، أو شراء هذا المال للتجارة شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به (1)» هذا هو المشروع، هذا حديث صحيح، إذا فعله الإنسان، هذا الدعاء في بعض الأمور المشكلة كالسفر للتجارة بمال كذا، أو الزواج بفلانة، أو شراء البيت الفلاني، أو ما أشبه ذلك يستخير إذا كان عنده تردد، والمرأة كذلك تستخير إذا ترددت في الزوج، أو في شراء شيء، فهذه الاستخارة مطلوبة.   (1) صحيح البخاري التوحيد (7390)، سنن الترمذي الصلاة (480). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 70 س: صلاة الاستخارة متى يكون الدعاء فيها، هل هو مثل الوتر أو بعد نهايتها (1) ج: إذا صلى ركعتين يدعو، إذا صلى وسلم من ركعتين يرفع يديه ويدعو؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يصلي ركعتين، ثم   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (165). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 70 يدعو، ويكون هذا بعد السلام. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 71 س: دعاء الاستخارة متى يكون، هل يكون في السجود أم بعد السلام من صلاة الركعتين، وهل لا بد لذلك الدعاء أن يبدأ بالحمد والثناء على المصطفى صلى الله عليه وسلم (1) ج: يكون بعد السلام، ويبدأ بالحمد والثناء على الله عز وجل، ثم بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو بعد بما شاء (2)» فالذي يستخير أولا يصلي ركعتين في وقت الصلاة ضحى وإلا في الليل، ثم إذا سلم يرفع يديه ويحمد الله، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (386). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه، برقم (23419) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481) والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3477). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 71 هذا الأمر - ويسميه باسمه: مثلا أن هذا الزواج بفلانة، أو شراء العقار الفلاني، أو سفري إلى كذا، يعين - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه - شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1)» هكذا جاء في الحديث الصحيح حديث الاستخارة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 72 س: هل يجوز أن نقرأ دعاء صلاة الاستخارة في التشهد الأخير وقبل السلام في السنن الرواتب (1) ج: دعاء الاستخارة بعد الصلاة، النبي صلى الله عليه وسلم، أمر من أراد أن يستخير أن يصلي ركعتين، ثم يستخير، ولو قرأ دعاء الاستخارة في الدعاء قبل أن يسلم، أو قرأه من دون صلاة لا حرج، لكن كونه يصلي ركعتين ثم يأتي بها هذا أفضل كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (426). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 72 س: متى يقرأ الشخص دعاء الاستخارة في صلاته، هل عندما ينتهي من الجزء: 11 ¦ الصفحة: 72 التشهد قبل التسليم أم أن ذلك من الممكن أن يكون بعد التسليم (1) ج: دعاء الاستخارة يكون بعد التسليم، يشرع له أن يصلي ركعتين، وبعد التسليم يرفع يديه ويدعو ويستخير.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (413). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 73 س: السائلة أم معاذ من المدينة المنورة تقول: دعاء الاستخارة قبل السلام أم بعد السلام من الصلاة سماحة الشيخ (1) ج: السنة أن يكون بعد السلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا هم أحدكم بأمر فليصل ركعتين ثم ليقل (2)» فجعل الدعاء بعد الصلاة.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (399). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 73 34 - حكم تكرار صلاة الاستخارة س: هل تشرع صلاة الاستخارة مكررة أم تكفي مرة واحدة (1) ج: تشرع مكررة حتى يطمئن قلبه، وينشرح صدره لما يريد، ويستشير إخوانه الثقات المعروفين الذين يعتقد منهم الخير وأنهم يحبون له الخير، يستشيرهم بعد الصلاة، يصلي ركعتين يستخير ربه بما جاء في حديث جابر رضي الله عنه، والحديث معروف موجود في رياض الصالحين وغيره، ثم يستشير بعد الدعاء، فإن انشرح صدره وإلا   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (105). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 73 أعاد الصلاة وأعاد الاستشارة، وهكذا مرتين، ثلاثا، أربعا، أكثر، حتى يحصل الطمأنينة والانشراح في الزواج، أو في شراء بيت، أو في سفر إلى بلد، أو في إقامة شركة، أو ما أشبه ذلك من الأمور التي تشتبه عليه، فيستخير الله فيها، ويستشير إخوانه الطيبين، ثم يعمل ما يطمئن إليه قلبه، وينشرح له صدره بعد الاستخارة وبعد الاستشارة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 74 35 - حكم رفع اليدين في دعاء الاستخارة س: يسأل الأخ: م. أ. أمن ليبيا فيقول فيه: محل الدعاء في صلاة الاستخارة هل هو قبل السلام أم بعده، وهل يجوز رفع اليدين أثناء ذلكم الدعاء (1) ج: دعاء الاستخارة يكون بعد الركعتين؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «فليصل ركعتين، ثم ليدع (2)» فالصلاة أولا، يصلي ركعتين، ثم يدعو بدعاء الاستخارة، وإذا رفع يديه فهو من أسباب الإجابة، رفع اليدين من أسباب الإجابة كما في الحديث الصحيح: «إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (3)» فيستحب له أن يرفع يديه، ويدعو ويلح في   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (162). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). (3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه، برقم (23202) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء، برقم (3865). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 74 الدعاء، ويرجو ربه الإجابة سبحانه، ويحسن ظنه بربه عز وجل. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 75 س: تقول السائلة: ما هي صلاة الاستخارة، وهل هي حقا إذا صليتها عرفت كيف أختار بين شيئين (1)؟. ج: صلاة الاستخارة مشروعة لمن هم بأمر وأشكل عليه هل هو صالح أم لا، كأن يعزم على سفر إلى جهة من الجهات، أو على التزوج من بعض الأسر، أو نحو ذلك، ويكون عنده تردد في هل هذا السفر مناسب، أو هذا الزواج مناسب، يستخير الله، يشرع له أن يصلي ركعتين، ثم بعد صلاة الركعتين يدعو ربه بدعاء الاستخارة، وهو أن يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه، يعين: هذا الزواج من فلانة، أو هذا السفر إلى مكة، أو إلى المدينة، أو إلى كذا، أو إلى كذا - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (111). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 75 الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1)» هكذا جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، هذا الدعاء يقوله الإنسان بعد صلاة الركعتين، إذا صلاها يدعو بهذا الدعاء، وإذا رفع يديه حسن؛ لأن رفع اليدين من أسباب الإجابة، فإذا انشرح صدره بعد ذلك لما عزم عليه فلينفذ، وإن تردد فليستشر من يرى أنه أهل للاستشارة من أحبابه وأصدقائه، فإن لم ينشرح صدره فلا مانع من أن يعيد الاستخارة مرة ثانية أو ثالثة حتى ينشرح صدره للفعل أو الترك، ويشرع له استشارة أهل الخير، وأهل الصدق وأهل المحبة له، ومن يعرفهم بالثقة والخبرة والصدق يستشيرهم، فإذا انشرح صدره للأمر بعد الاستخارة وبعد المشاورة نفذ ما انشرح صدره له، وإن لم ينشرح الصدر ترك ذلك ولا بأس، والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 76 36 - بيان علامة قبول صلاة الاستخارة س: يسأل المستمع ويقول: ما هي علامة صلاة الاستخارة؟ فلقد صليت صلاة الاستخارة قبل خطبتي وبعد عام ونصف فسخت الخطبة، فهل ذلك يعني أن ما حدث لي هو خير لي، أم أصلي صلاة الجزء: 11 ¦ الصفحة: 76 الاستخارة مرة ثانية (1) ج: صلاة الاستخارة سنة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، إذا هم الإنسان بأمر وأشكل عليه هل يقدم عليه أم لا لأسباب اقتضت ذلك، كالسفر، أو الزواج من بنت فلان، أو معاملة فلان، أو ما أشبه ذلك، فإنه يصلي ركعتين، يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن، ثم بعد السلام يرفع يديه ويستخير الله، فيقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه: هذا الأمر زواجي بفلانة، أو سفري إلى كذا، أو ما أشبه ذلك - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (2)» هذا دعاء الاستخارة، ثم بعد هذا إذا تيسر أن يستشير من يعلم أنه أهل نصح ومحبة له وأهل خبرة يستشيرهم بعد الاستخارة، فإذا مال قلبه إلى أحد الأمرين أخذ بذلك، وإن بقي التردد أعاد الاستخارة وأعاد المشاورة حتى يطمئن قلبه إلى أحد الأمرين.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (408). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 77 37 - بيان أسباب صلاة الاستخارة س: صلاة الاستخارة هل تصلى في حالة عزم الشخص على أمر معين أم في حالة أنه لم يستقر على أي الأمرين يفعل ويستخير؟ أرجو التوضيح (1) ج: صلاة الاستخارة إذا احتار عنده أمر، تردد في أحد الأمرين أيهما أصلح، فهذا هو وقت الاستخارة، كأن يتردد هل يتزوج فلانة أو ما يتزوجها، وهل يسافر إلى كذا أو لا يسافر، وهل يتجر مع فلان أو يشارك فلانا أم لا، ونحو ذلك، فيصلي ركعتين ثم يدعو بعد ذلك ويسأل ربه أن يختار له ما هو أصلح بالدعاء المشهور والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه بعينه: أن هذا الأمر يعني أن هذه الزوجة فلانة، أن زواجي بها - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله -   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (136). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 78 فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1)» هذا هو دعاء الاستخارة، فيقول هذا ثم يستخير، ثم يستشير من يرى أنه أهل للاستشارة في أحد الأمرين سواء كان زواجا أو سفرا أو اشتراكا أو غير ذلك من الأمور التي تهمه، ولا يجزم فيها بشيء بل يتردد، فهذا محل الاستخارة، وهي سنة، والسنة معه في ذلك بأن يستشير أيضا من يراه أهلا للاستشارة بعد ما يستخير، فإذا انشرح صدره إلى أحد الأمرين فعل ذلك، وإن لم يزل معه التردد أعاد الاستخارة مرة ثانية وثالثة، وهكذا حتى ينشرح صدره لأحد الأمرين.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 79 38 - بيان الأمور التي تشرع لها الاستخارة س: هذا السائل يقول: بخصوص صلاة الاستخارة كيف تكون علامات انشراح الصدر، وهل يجوز أن أستخير الله عز وجل في كل الأمور أو أمور معينة؟ وجهونا يا سماحة الشيخ (1) ج: صلاة الاستخارة في الأمور التي يشتبه عليك أمرها هل من المصلحة فعلها أو تركها، هذا محل الاستخارة، أما الشيء المعروف أنه طيب ما فيه استخارة، هل تصلي أو لا تصلي ما فيه استخارة، الصلاة   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (371). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 79 فريضة مطلوبة مشروعة، كذلك الزكاة، الصيام، الحج، صيام الاثنين، وصوم الخميس ما فيه استخارة هي من السنن المعروفة، لكن شيء مستجد مثل إذا أردت أن تتزوج بنت فلان وعندك تردد تستخير، أو السفر، تحب أن تسافر إلى محل معين وعندك تردد هل من المصلحة السفر أو لا؟ تستخير، عندك تردد هل تتجر في الملابس؟ وهل تتجر في العقار؟ عندك تردد تستخير، وهكذا الشيء الذي فيه تردد تستخير ربك، إذا صليت الاستخارة وسألت ربك فاعمل بما يميل إليه قلبك، ينشرح صدرك إلى أحد الأمرين افعل، ويستحب لك أن تستشير، يستحب لك أن تشاور الناس الطيبين الذين تثق بهم مع الاستخارة، وبعد الاستخارة تشاور إخوانك، وأصدقاءك ووالديك، تستشير من تثق به وترى أنه أهل للاستشارة حتى يساهم في هذا الشيء، وإذا انشرح صدرك فافعل. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 80 39 - مسألة في الرؤيا بعد الاستخارة س: تسأل المستمعة وتقول: لقد سمعت أن من صلى صلاة الاستخارة لغرض معين فإنه يرى في منامه إذا كان خيرا له، هل ما قيل صحيح (1) ج: لا أعرف لهذا صحة من جهة الرؤيا، ولكن صلاة الاستخارة   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (272). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 80 سنة، إذا هم الإنسان بأمر أشكل عليه أمره أو عاقبته يستخير ربه، يصلي ركعتين، ثم يدعو ربه بعد الصلاة، ويرفع يديه ويدعو ربه، وليستخر بما جاء في دعاء الاستخارة، وهو: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كان هذا الأمر. ويسميه بعينه كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، مثل زواج، مثل سفر، مثل معاملة إنسان يشك الإنسان في معاملته، أو شبه ذلك من الأمور التي يحصل فيها بعض التوقف، ويقول في دعائه: اللهم إن كان هذا الأمر - يعني زواجي بفلان - للمرأة - أو الرجل يقول: زواجي بفلانة، أو سفري إلى كذا، أو معاملتي لفلان - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كان ذلك - يسميه باسمه - شرا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1)» هذا دعاء مشروع، ثم بعد ذلك يستشير من يرى من أهل الخير من أقربائه وأصدقائه، يستشيرهم، فإذا انشرح صدره لأحد الأمرين يمضيه، وإن استمر معه التردد أعاد الاستخارة ثانيا وثالثا وهكذا، حتى يطمئن قلبه وينشرح صدره لأحد الأمرين من الفعل أو الترك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 81 س: السائلة أم معاذ من المدينة المنورة تقول: هل يجوز رفع اليدين أثناء دعاء الاستخارة (1) ج: نعم سنة، رفع اليدين من أسباب الإجابة.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (399). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 82 40 - حكم صلاة الاستخارة كل يوم س: هل صلاة الاستخارة واجبة في كل شيء أم تترك في بعض الأحيان، وما حكم من يصلي صلاة الاستخارة في كل يوم إذا عزم على أمر معين (1) ج: صلاة الاستخارة مستحبة عند الحاجة إليها، إذا هم بأمر وأشكل عليه هل هو رشد أم لا؟ كزواج بفلانة، أو سفر إلى فلان استخار ربه، فلا يفعلها إلا عند الحاجة.   (1) السؤال الثامن والستون من الشريط رقم (431). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 82 س: هل المشروع أن أرفع يدي أثناء الاستخارة (1) ج: نعم، إذا صلى ركعتين يرفع يديه ويدعو، هذا هو الأفضل؛ لأن رفع اليدين من أسباب الإجابة.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (417). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 82 41 - حكم صلاة الاستخارة للغير س: تسأل أختنا: هل يجوز أن أصلي صلاة الاستخارة لغيري، وأغير صيغة الدعاء بحيث يأتي على هذا النمط: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر هو خير لها أو له في دينه أو دنياها وهكذا (1) ج: لا أعلم في هذا دليلا، إنما جاءت السنة لمن أراد الشيء، فالحديث: «إذا هم أحدكم بأمر فليصل ركعتين، ثم يقول: اللهم (2)» إلى آخر الدعاء، والسنة لمن هم بالأمر وأشكل عليه أن يستخير، أما فلان يستخير لفلان لا أعلم لهذا أصلا، لكن الرجل أو المرأة كل منهما يستخير لنفسه، يدعو بالدعاء الذي يفهم، الذي يعرف، إذا كان ما يعرف الدعاء الوارد في الحديث يسأل ربه يقول: اللهم يسر لي الأصلح، اللهم اشرح صدري للأصلح، الأحب إليك بما فيه نفعي وصلاحي. يدعو بالدعوات التي تناسبه، والحمد لله.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (345). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 83 42 - حكم صلاة الحاجة وما ورد فيها س: يسأل عن حكم صلاة الحاجة، ويطلب التوجيه بخصوصها، وهل ما الجزء: 11 ¦ الصفحة: 83 ورد فيها يعتبر من الصحيح (1) ج: هذه معروفة، بها بعض الأحاديث التي جاءت في التوبة وصلاة الاستخارة، ويقال لها: صلاة الحاجة. صلاة التوبة هي تصلي ركعتين، ويرفع المصلي يديه ويدعو ربه تائبا نادما من ذنوبه، هذه من أسباب المغفرة. هكذا صلاة الاستخارة إذا هم بشيء وأشكل عليه هل المصلحة الإقدام عليه، فإنه يستحب له أن يصلي ركعتين، ثم يدعو بعدهما، ويستخير بعدهما، يرفع يديه ويستخير يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه، مثل: زواجي من فلانة، أو شراء السلعة الفلانية، أو السفر إلى البلدة الفلانية، يبينه: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر، ويسميه - خير لي في ديني، ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (2)» يأتي بهذا الدعاء أو بما يدل على معناه إذا كان لا يعرف   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (330). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 84 هذا الدعاء، ويسأل ربه أن يشرح الله صدره لهذا الأمر إن كان خيرا، أو يصرفه عنه إن كان شرا، هذه يقال لها: صلاة الاستخارة، يصلي ركعتين، ثم يدعو ربه بعد السلام، يرفع يديه بالشيء الذي يشك هل يفعله أم لا؛ لأنه يشك في مصلحة شراء بيت، عنده إشكال فيه، شراء سيارة، عنده تردد فيها، زواج من فلانة، عنده تردد، سفر إلى بلاد معينة، عنده تردد، يستخير الله في ذلك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 85 س: ما حكم صلاة الحاجة يا سماحة الشيخ (1) ج: صلاة الحاجة ما ورد في هذا شيء، وإنما صلاة الاستخارة وصلاة التوبة الذي نعلم، إذا أراد أن يتوب من ذنب، وصلى ركعتين، ثم سأل ربه أن يتوب عليه وأن يغفر له، هذا لا بأس به، جاء في الحديث الصحيح عن الصديق أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين، فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له (2)» وليس   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (399). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (57) وأبو داود، في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1521) والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة عند التوبة، برقم (406) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أن الصلاة كفارة، برقم (1395). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 85 من شرط ذلك الصلاة، إذا تاب وندم وأقلع تاب الله عليه، إذا صدق في ذلك، وإذا صلى ركعتين وتاب بعدها هذا زيادة خير، من باب أسباب صحة التوبة وكمالها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 86 س: ما حكم صلاة الحاجة؟ لأنني سمعت من بعض الإخوة بأنها سنة للحديث الوارد عنه صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجلا أو مؤخرا (1)» (2) ج: لا أعرف في هذا إلا صلاة التوبة، وصلاة الاستخارة، صلاة التوبة إذا أذنب ذنبا وتطهر وصلى ركعتين وسأل ربه أن يغفر له وعده الله بالمغفرة، وصلاة الاستخارة إذا هم بأمر وأشكل عليه يستخير ربه، يصلي ركعتين، ثم يستخير بعد السلام، يرفع يديه ويقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه: زواج، أو سفر، أو نحوه - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه،   (1) مسند أحمد (6/ 443). (2) السؤال العاشر من الشريط رقم (409). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 86 واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1)» هذا هو المعروف في صلاة الاستخارة، أما في كل حاجة فلا أذكر في هذا شيئا ثابتا.   (1) صحيح البخاري الجمعة (1166)، سنن الترمذي الصلاة (480)، سنن النسائي النكاح (3253)، سنن أبو داود الصلاة (1538)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1383)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 344). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 87 س: يسأل حامد من الأردن ويقول: هل هناك صلاة تسمى بصلاة الحاجة (1) ج: لا أعلم إلا صلاة التوبة وصلاة الاستخارة، إذا كان الإنسان قد فعل ذنبا وجبت عليه التوبة، وإذا تطهر وصلى ركعتين وتاب كان أكمل وأقرب إلى النجاح، وهكذا صلاة الاستخارة، إذا هم بأمر وأشكل عليه، يصلي ركعتين، ثم يستخير الله.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (392). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 87 43 - حكم الصلاة لتفريج الهم س: هل هناك صلاة لتفريج الهم، وتكون بركعتين ثم يدعو الإنسان بدعاء: اللهم فارج الهم، وكاشف الغم، أجب دعوتي. أو: أجب دعوة المضطر إذا دعاك (1) ج: لا أعلم في هذا شيئا بصلاة خاصة، لكن مثل ما قال الله جل وعلا {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (2) فإذا استعان   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (380). (2) سورة البقرة الآية 45 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 87 بالصلاة صلى وسأل ربه في سجوده، وفي جلسته للسلام بعد التحيات فهذا طيب، ومن أسباب الخير، الله جل وعلا أمر بالاستعانة بالصبر والصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، فإذا صلى الإنسان ركعتين، الضحى، أو في الليل، ودعا ربه في سجوده وفيما قبل السلام، إذا فرغ من التحيات أو بعد الصلاة، ثم رفع يديه ودعا كله من أسباب الخير ومن أسباب التوفيق. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 88 س: السائلة: خ. من الجزائر تقول: سماحة الشيخ، هل من الأفضل لمن أراد تحقيق شيء معين أن يصلي ركعتين حتى يقضي الله حاجته، أو أن الدعاء وحده أفضل (1) ج: من أراد حاجة يحمد ربه أولا، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو، يرفع يديه بعد الصلاة، أو يدعو في السجود، كل ذلك طيب، أو في خارج الصلاة، يرفع يديه ويدعو ويلح في الدعاء، هذا هو المشروع؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميده ربه والثناء عليه، ثم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدع بما شاء (3)» فيبدأ بالتحميد   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (426). (2) سورة غافر الآية 60 (3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه، برقم (23419) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481) والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3477). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 88 والصلاة على النبي سواء كان في السجود أو خارج الصلاة، ثم يدعو ويرفع يديه، إذا كان خارج الصلاة يدعو لأن هذا من أسباب الإجابة، وليحذر الموانع، من أكل الحرام والغفلة عن الله وعدم المبالاة في حقه سبحانه، وهكذا الحذر من المعاصي، نسأل الله للجميع التوفيق. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 89 س: هل هناك من صلاة تسمى الأولى صلاة التوبة والأخرى تسمى صلاة الحاجة، وما حكمهما في الشرع؟ مأجورين (1) ج: صلاة التوبة هي إذا عرف أنه أذنب وأراد أن يتوب فهو مخير، إن شاء تاب من دون صلاة خاصة، بل يتوب إلى الله ويندم ويكفي، وإن صلى صلاة قصد بها التوسل لقبول التوبة فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من أذنب ذنبا ثم تطهر وصلى ركعتين، ثم استغفر ربه غفر الله له، فصلاة الركعتين ثم يدعو ربه ويستغفره ويتوب إليه هذا من أسباب المغفرة، هذه يقال لها: صلاة التوبة، وصلاة الحاجة هي صلاة الاستخارة.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (358). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 89 س: نرجو التحدث عن صلاة الحاجة هل هي مشروعة، وما كيفيتها، وهل وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا أعلم في صلاة الحاجة حديثا يعتمد عليه، وإنما جاء الحديث   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (303). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 89 في صلاة التوبة، صلاة الاستخارة، إذا هم الإنسان أمر واشتبه عليه الأمر يستخير الله عليه، ويصلي ركعتين، ثم يسأل الله ويستخيره، يدعو الله ويستخيره بالدعاء المشروع: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك (1)» إلخ. الحديث , وهكذا صلاة التوبة، إذا كان عنده ذنوب فالواجب أن يتطهر ويصلي ركعتين، ثم يتوب إلى الله توبة صادقة، والتوبة ليس من شرطها الصلاة، لكن هذا مستحب، إذا تطهر وصلى ركعتين وتاب توبة صادقة فذلك أقرب إلى القبول، ولو تاب وهو يمشي أو في الطريق أو في البيت أو تاب وهو مضطجع، وعلى أي حال التوبة مقبولة إذا تمت شروطها، إذا ندم على الماضي، وأقلع عن السيئة، وعزم ألا يعود فيها فالله يقبلها منه سواء كان ماشيا أو واقفا، مضطجعا في البيت، أو في الطريق، أي مكان آخر، لكن إذا توضأ وأحسن الطهور، ثم صلى ركعتين، ثم أناب إلى ربه يسأله أن يمن عليه بالتوبة هذا أكمل وأحسن.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 90 44 - حكم صلاة التسابيح س: ما حكم صلاة التسبيح حيث إننا قرأنا في مجلة مدرسية يقول كاتبها باختصار: أيها القارئ الكريم، ألق سمعك وأنت شاهد لما قال صلى الله عليه وسلم لعمه وابن عمه جعفر رضي الله عنهما عن الجزء: 11 ¦ الصفحة: 90 عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب: «يا عماه، ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل بك عشر خصال؟ إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته، عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة فقل وأنت قائم سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمس عشرة مرة، اركع وقل وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقول عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في كل أربع ركعات، فإن استطعت أن تفعلها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تستطع ففي كل سنة مرة، فإن لم تستطع ففي عمرك مرة (1)» وقال الكاتب: رواه أبو داود وابن ماجه وابن خزيمة وإبراهيم بن الحكم والطبراني، وقال: تغفر ذنوبك وإن كانت مثل رمل عالج وعدد زبد البحر. ويقول الكاتب: إذا علمنا صحة هذا   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة التسبيح، برقم (1297)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة التسبيح، برقم (1387). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 91 الحديث فعلينا عدم تركها بل علينا أن نفعل بها ولو مرة واحدة في العمر. ويقول أيضا الكاتب: وقد فعلت أنا هذه الصلاة عدة مرات ووجدت من الفرج ولذة المناجاة وطمأنينة النفس وانشراح الصدر ما لا أقدر ولا أتمكن من التعبير عنه، فجرب يا أخي تجد إن شاء الله ما وجدت، وما عند الله خير وأبقى. نرجو توضيح هذه الصلاة وصحة حديثها وموقف المسلمين منها وقد ضاعت، علما بأنها بدأت تنتشر بين الأوساط في مجتمعنا في المملكة بفضل هذا الكاتب الذي أحياها وفقه الله، وشكرا لكم (1) ج: فهذه الصلاة المنوه عنها في هذا السؤال قد اختلف أهل العلم في صحتها، في صحة حديثها على قولين، والأرجح في ذلك أنه غير صحيح، وأنه موضوع، وليس صحيحا عن النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو المعتمد في هذه الصلاة، وجميع الأحاديث الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في بيان صلاة التطوع والحث عليها والترغيب فيها كلها تخالف ما جاء في هذا الحديث، وتدل على أنه منكر وليس له صحة، هذا هو المعتمد عند المحققين من أهل العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه ولا ليلة واحدة أنه فعلها عليه الصلاة والسلام، ولم تحفظ أيضا عن بقية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم،   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (40). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 92 ولو كان النبي عليه الصلاة والسلام قال هذا لانتشرت هذه الصلاة بين الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولعرفها الصحابة ورووها، فالمقصود أن هذه الرواية عند المحققين من أهل العلم غير صحيحة، وحديثها موضوع كما نبه على ذلك جماعة من أهل العلم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 93 س: هل صلاة التسابيح واردة في السنة النبوية، وما الحكم في قائل يقول: عليه الطلاق من دينه (1) ج: هذا على كل حال كلام منكر، أما صلاة التسابيح فقد اختلف فيها العلماء، منهم من صحح حديثها، ومنهم من ضعف أحاديثها، والصواب أنها ضعيفة، وأنها لا تشرع ولا تستحب، هذا الصواب في صلاة التسبيح، وأما هذا الذي قال: عليه الطلاق من دينه ما يفعل كذا وكذا، معناه: عليه الخروج من دينه، وهذا كلام منكر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال (2)» المقصود أن هذا يجب عليه أن يتوب إلى الله ويحذر مثل هذا الكلام، لا يقول: عليه الطلاق من دينه، أو هو كافر، أو هو يهودي، أو   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (104). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قاتل النفس، برقم (1364)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وأن من قتل نفسه عذب في النار، برقم (110). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 93 نصراني ما يفعل كذا، أو سوف يفعل كذا، أو ما أشبه ذلك، لا، بل عليه أن يستعمل غير هذا، يقول: والله لأفعلن كذا، أو: والله ما أفعل كذا. يكفي هذا، أما أن يقول: هو يهودي أو نصراني، أو عليه الطلاق من دينه عندما يفعل كذا، كل هذا غلط ومنكر لا يجوز، وتعريض لدينه للذهاب والضياع والردة عن الإسلام - نعوذ بالله - يجب الحذر والتوبة من هذا، نسأل الله العافية. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 94 س: من عمان، من المملكة الأردنية الهاشمية، المرسل أ. س يسأل ويقول: ما هي صلاة التسابيح، وما عدد ركعاتها، وما هو حكمها، وكيف تؤدى، وما هو ثوابها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: صلاة التسابيح غير ثابتة، جاءت من طرق كلها ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشرع العمل بها، ولا الدعوة إليها، ومن صحح حديثها فقد غلط، الواجب على المسلم أن يتمسك بالسنة المعروفة والعبادة الثابتة، ويترك ما خالف ذلك، قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جميع ما فعله من الصلوات النافلة والفريضة فلم يصل صلاة التسابيح، ولم ينقل عنه أحد أنه صلى صلاة التسبيح لا في الضحى ولا في الليل، ولا في السفر ولا في الحضر، فالواجب الإعراض عنها وترك العمل بها.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (355). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 94 س: الأخ هـ م ف من مكة المكرمة يقول في رسالته: أرجو من سماحتكم أن تبينوا لي حكم صلاة التسابيح، هل هي صحيحة أم غير ذلك؟ كما جاء في كتاب وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا كانت صحيحة أرجو من سماحتكم توضيح عدد الركعات وعدد السجدات، جزاكم الله خيرا (1) ج: صلاة التسبيح قد تأملناها كثيرا، وتأملناها أيضا مع اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ورأينا جميعا عدم صحتها، إن صلاة التسبيح ليست صحيحة، وطرقها كلها ضعيفة، ومتنها منكر مخالف للأحاديث الصحيحة، ومخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في عباداته، فالواجب عدم التعلق بها وعدم فعلها؛ لأنها من البدع المحدثة في الدين، وصدرت الفتوى في بيان ذلك مني ومن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، المقصود أن صلاة التسبيح التي اشتهرت بين الناس لا أساس لها من الصحة.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (200). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 95 س: مستمعة تسأل عن صلاة التسابيح تقول: أنا أصليها يوميا بعد صلاة العشاء وقبل الذهاب إلى النوم، فهل هذا الوقت مناسب (1) ج: الصحيح أنها غير صحيحة، صلاة التسابيح الصحيح أنها غير   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (259). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 95 صحيحة، صلي كما كان النبي يصلي عليه الصلاة والسلام، صلي الركعات على القاعدة الشرعية، تقرئين الفاتحة وما تيسر معها، ثم تركعين وتأتين بسبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ثم ترفعين: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. ثم تسجدين، وإن زدت بعد الركوع: أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. فذلك أفضل إذا تيسر ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله بعض الأحيان، المقصود أن صلاة التسبيح غير صحيحة، هذا هو الصواب فيها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 96 س: ما هو قولكم - وفقكم الله - في صلاة التسابيح، هل نؤديها أم نكف عن أدائها (1) ج: صلاة التسابيح جاء فيها أحاديث ضعيفة، والصواب أنها لا تشرع، وإنما يصلي الإنسان كالصلاة العادية التي يعرفها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، أما صلاة التسابيح وما يسبح فيها ما يقارب خمس عشرة مرة يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (261). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 96 أكبر. وإذا ركع سبح عشر مرات، وإذا رفع سبح عشر مرات، وإذا سجد كذلك -- إلى آخره - هذه غير مشروعة؛ لأنها غير ثابتة، الصواب أن طرقها كلها ضعيفة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 97 45 - بيان أقوال العلماء في صلاة التسابيح س: قرأت في كتاب تنزيه الشريعة المرفوعة: صلاة التسبيح وهي أربع ركعات، ويقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة صغيرة، ثم يسبح في الركعة الأولى خمسا وسبعين تسبيحة في القيام وفي الركوع والسجود، وفي الركعة الثانية هكذا، وفي الأربع الركعات ثلاثمائة تسبيحة، هل هذا حديث صحيح، وما رأيكم فيما أورده صاحب ذلك الكتاب (1) ج: صلاة التسبيح مشهورة عند أهل العلم، وقد تنازع العلماء في صحتها، فمن أهل العلم من عمل بها وصححها لما في ذلك من الأجر العظيم الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وغفران السيئات، ومن أهل العلم من ضعف الرواية ولم يصححها، وذكر أنها رواية شاذة، وحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، وهذا القول الثاني هو الأصح بأن صلاة التسبيح حديثها شاذ غير صحيح، وأن المعتمد قول   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (118). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 97 من قال: إنها غير صحيحة، وإنها موضوعة لا أساس لها من الصحة، وأسانيدها كلها معلولة، ومتنها شاذ منكر، مخالف للأدلة الشرعية الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن الصلاة في الليل والنهار محفوظة عنه عليه الصلاة والسلام، وقد رواها الثقات والأثبات في الصحيحين وغيرهما، ولم يحفظ عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى هذه الصلاة، فوجب على أهل الإيمان أن يردوا ما خالف الأدلة المعروفة إلى الأدلة المعروفة، فالأدلة المعروفة الثابتة دالة على صفة صلاته عليه الصلاة والسلام، وأن ليس فيها هذه التسبيحات المذكورة، بل هذه انفردت بها هذه الرواية، فالصواب أنها شاذة المتن ضعيفة الأسانيد، فلا ينبغي التعويل عليها ولا العمل بها وإن صححها بعض المتقدمين وبعض المتأخرين، لكن العمدة في هذا أن كل متن يخالف الأحاديث الصحيحة وإن صح سنده فإنه يعتبر شاذا، فكيف إذا كان السند معلولا قد قال الأئمة في مصطلح الحديث: إن الأحاديث المختلفة يرجع فيها أولا إلى الجمع إذا تيسر الجمع، فإذا أمكن الجمع جمع بينها وقبلت كلها، فإن لم يتيسر الجمع ولم تتوافر شروطه رجع إلى النسخ إذا علم النسخ، فإذا علم الأخير من المتقدم صار الأخير ناسخا للمتقدم عند تعذر الجمع، فإذا لم يعلم المتأخر من المتقدم، ولم تتوافر شروط النسخ، ولا شروط الجمع انتقل إلى أمر ثالث وهو الجزء: 11 ¦ الصفحة: 98 الترجيح، وهذه الصلاة ليس فيها ما يدل على التاريخ، وأنها متأخرة عن غيرها، وليس فيها ما يدل على أنها سنة استعملها النبي صلى الله عليه وسلم سابقا ولاحقا، وليس فيها ما يقتضي الجمع بينها وبين غيرها، فتعين الأمر الثالث وهو أنها غير صحيحة، وأنها شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفة لسنته المعروفة عنه عليه الصلاة والسلام في ليله ونهاره مدة حياته عليه الصلاة والسلام، فلم يحفظ عنه أنه فعلها مرة واحدة عليه الصلاة والسلام، ولم يعرف عنه عليه الصلاة والسلام ما يدل على أنها سنة متبعة لأحاديث صحيحة، فعلم بذلك أنها شاذة وأنها مختلقة، وأنه لا أساس لها في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومثلها صلاة الخامس عشر من شعبان مائة ركعة، ويقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب عشر مرات. إلى آخر ما ذكروا عنها، فهذه أيضا بدعة لا أساس لها من الصحة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 99 46 - بيان حكم حديث صلاة التسابيح س: ما رأيكم في صلاة التسابيح، هل الرسول صلى الله عليه وسلم صلاها، وكيف كان يصليها؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (218). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 99 ج: صلاة التسابيح غير صحيحة عند أهل التحقيق، قد تأملنا طرق أحاديثها فهي ضعيفة غير صحيحة، ومخالفة للصلاة الشرعية، فالسنة للمؤمن أن يتطوع بالصلاة الشرعية التي يفعلها في نوافله في صلاة الضحى وفي الرواتب وفي الفريضة، يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، يقرأ في القيام الفاتحة وما تيسر معها، ويركع ويسبح: سبحان ربي العظيم، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس. مثل بقية الصلوات، أما الصلاة الواردة في صلاة التسبيح التي يروى عنه أنه علمها عمه العباس فهذه لا صحة لها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 100 س: الأخت ش. من جمهورية مصر العربية تقول: هل صلاة التسابيح لا تصلى؛ لأن حديث هذه الصلاة مرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أم يصح لنا أن نصليها؟ ولقد صليت ذلك، وأنا في المسجد الحرام، فهل أستمر في صلاتي أم أتوقف عن ذلك؟ مأجورين (1) ج: صلاة التسابيح حديثها ضعيف، فلا ينبغي لك أن تفعليها، حديثها ضعيف لا يصح، وصلي كالصلاة العادية من غير زيادة بالفاتحة وما تيسر من الآيات والركوع والسجود كما تفعلين في الفرائض.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (432). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 100 س: صلاة قضاء الحاجة هل تصلى بالدعاء المذكور أم هي بدعة؟ وما هو التناسب بين صلاة الحاجة وحديث الرسول صلى الله عليه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 100 وسلم بأنه إذا أخذه أمر لجأ إلى الصلاة؟ وهل تصلى قضاء للحاجة (1) ج: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة (2)» كما قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (3) فإذا صلى الإنسان واستعان بربه في سجوده أو في آخر الصلاة على الحاجات التي تهمه كله طيب، ولا أعلم حديثا صحيحا باسم صلاة الحاجة، لكن هذا يظهر من قوله جل وعلا: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (4) ومن الحديث: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى (5)» {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (6) وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور، ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له (7)» فالمقصود أنه إذا استعان بالصلاة في طلب ربه   (1) السؤال الثامن والستون من الشريط رقم (432). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22788) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، برقم (1319). (3) سورة البقرة الآية 45 (4) سورة البقرة الآية 45 (5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22788) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، برقم (1319). (6) سورة البقرة الآية 45 (7) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (57) وأبو داود، في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1521) والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة عند التوبة، برقم (406) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أن الصلاة كفارة، برقم (1395). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 101 الحاجة أو في التوبة إلى الله، كان هذا من أسباب المغفرة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 102 س: هل هناك صلاة تسمى صلاة التسبيح، وإذا كان الجواب بنعم ما هي صفة هذه الصلاة حيث إنني قرأت أنها أربع ركعات، أهي ركعتان أم أكثر؟ هل هي متصلة مع بعضها أم لا؟ أفتونا مأجورين (1) ج: صلاة التسبيح بدعة، حديثها غير صحيح، فلا يجوز الاشتغال بها، يصلي الإنسان على ما شرع الله كما هو معروف، إذا أحب التمتع بالصلاة المعروفة يقرأ بالفاتحة وما تيسر معها، ويركع ويسجد ويسلم من كل ركعتين في الليل والنهار، هذا هو المشروع، أما صلاة التسبيح فحديثها ضعيف لا يصح.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (406). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 102 س: تسأل المستمعة أم معاذ من المدينة المنورة وتقول: ما حكم صلاة التسبيح، وهل هي واردة أم لا (1) ج: صلاة التسبيح غير ثابتة، حديثها ضعيف، ولا يجوز استعمالها لأنها خلاف الصلاة المشروعة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحديثها غير صحيح.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (399). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 102 47 - بيان بدعية صلاة التسابيح س: سمعت أن هناك صلاة تسمى صلاة التسبيح، والمؤدي لهذه السنة له أجر كبير ومغفرة للذنوب، وقرأت دليلا على ذلك مما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن بعض الناس يقولون بأنها بدعة، فأرجو من سماحتكم بيان صحة القول، جزاكم الله خيرا (1) ج: صلاة التسبيح الأصل فيها أنها غير جائزة وغير مشروعة، وأحاديثها ضعيفة من جميع الطرق، ولا ينبغي للمؤمن أن يستعملها، وإن بعض إخواننا من طلبة العلم قد صححها لكن الصحيح أنها ضعيفة وغير صحيحة، حديثها ضعيف وشاذ ومنكر، ومخالف للأدلة الشرعية، فلا يجوز استعمالها، ولا الدعوة إليها، ولا يعتقد أنها سنة، بل هي بدعة مخالفة للأحاديث الصحيحة، ومخالفة لما شرعه الله عز وجل.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (299). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 103 48 - بيان الفرق بين صلاة التسابيح وصلاة الحاجة س: ما الفرق بين صلاة التسابيح وصلاة الحاجة، وهل هما مشروعتان (1)؟ ج: صلاة التسبيح غير صحيحة، ورد فيها أحاديث كثيرة غير   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (34). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 103 صحيحة، أما صلاة الحاجة ففيها تفصيل: إن كان أراد بذلك صلاة الاستخارة فهي صحيحة، أو أراد بذلك صلاة التوبة، الذي يذنب ثم يتطهر ويصلي ركعتين ويتوب هذا صحيح، أما إن كان أراد شيئا آخر فعليه أن يبين مراده. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 104 س: السائل م ف س: في صلاة التسبيح هل هي صلاة رباعية، وهل لهذه الصلاة مواعيد معينة تصلى فيها أم يمكن أن تصلى في أي وقت، وهل بعد قراءة التشهد الأول أسلم أم آتي بالركعتين الأخيرتين وأسلم (1) ج: صلاة التسبيح غير ثابتة وغير صحيحة وغير مشروعة، هذا هو الصواب، تصلي كما يصلي المسلمون، أما صلاة التسبيح فهي غير ثابتة وغير مشروعة.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (275). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 104 س: الأخ: ع. يسأل عن صلاة التسابيح (1) ج: صلاة التسابيح غير ثابتة، هي أربع ركعات يسبح فيها ثلاثمائة تسبيحة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لكنها غير ثابتة، حديثها غير صحيح.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (351). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 104 س: الأخت أ. ع. تسأل عن صلاة التسبيح، وهل هي جائزة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: صلاة التسبيح غير صحيحة، وغير ثابتة بل هي موضوعة وكذب، هذا هو الصواب عند المحققين من أهل العلم أنه لا أساس لها من الصحة، وإنما يصلي الإنسان الصلاة المعروفة بقراءة الفاتحة وما تيسر معها - إلى آخره - بكل ركعة.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (342). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 105 س: هل هناك صلاة تسبيح كما يقال (1) ج: ورد حديث عن صلاة التسبيح ليس بصحيح بل هو موضوع ليس بصحيح على الصحيح الذي عليه المحققون من أهل العلم أنه حديث غير صحيح، والصلاة المشروعة هي الصلاة المعروفة التي كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام، أما صلاة التسبيح التي فيها أنه يسبح في القيام خمس عشرة مرة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وفي الركوع عشر مرات، وفي الرفع عشر مرات، وفي السجود عشر مرات، وما بينهما عشر مرات، والسجود عشر مرات، وهكذا في كل ركعة خمس وسبعون مرة، يصلي أربع ركعات إلى ثلاثمائة، هذا ليس بصحيح.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (332). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 105 س: هذه رسالة من السائل: ي. ح، سوداني يقيم بالمملكة يقول: يا سماحة الشيخ، موضوعي هو عن صلاة التسابيح، ما حكمها، وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤديها (1) ج: صلاة التسابيح غير صحيحة، وغير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (425). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 106 49 - بيان بدعية الصلاة التي تدعى بالنافلة س: سائلة تقول: وجدت في كتاب تنبيه الغافلين صلاة تدعى بالنافلة وتصلى بعد العشاء، وهي أربع ركعات، تبدأ الصلاة بقراءة الإقامة، ثم سورة الفاتحة وسورة قصيرة، وبعد ذلك قول: سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله - ثلاث مرات - ثم تكبر خمس عشرة تكبيرة عند الركوع، وخمس عشرة تكبيرة عند التسبيح، وخمس عشرة عند السجود، وفي الركعات الأربع تستمر على ذلك الحال، وخمس عشرة تكبيرة عند التشهد الأخير، وبهذا تصير خمسا وسبعين تكبيرة، فهل هذه الصلاة كان يصليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل علينا ذنب لأنا قمنا بتطبيقها لمدة شهرين؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (284). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 106 ج: هذه الصلاة بدعة لا أصل لها، فلا يجوز فعلها ولا الدعوة إليها، وعليك التوبة إلى الله مما سلف؛ لأن هذه الصلاة التي ذكرت ليس لها أصل في الشرع المطهر بل هي بدعة مخترعة لا أساس لها، فالواجب تركها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 107 50 - حكم من نذر أن يصلي ركعتين قبل كل فريضة س: هذه السائلة من الطائف: س. ع تقول: سماحة الشيخ، كنت فيما سبق نذرت لله عز وجل بالصلاة ركعتين شكرا لله تعالى قبل كل صلاة إذا قضى الله لي أمرا معينا، فلما قضي هذا الأمر بفضل من الله عز وجل بدأت في الوفاء في نذري، وبعد فترة أفتى لي البعض من الإخوة وهم ليسوا من أهل العلم بأنه لا يوجد ما يسمى بصلاة الشكر، ولكن يوجد فقط سجدة شكر، فبدأت في أدائها، فهل تكفي في الوفاء بنذري؟ وما حكم الفترة التي كنت أسجد فيها سجدة الشكر فقط (1) ج: الواجب أن توفي بنذرك، وأن تصلي ركعتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه (2)» وصلاة الركعتين طاعة لله، وسجود الشكر غير الصلاة المنذورة، الصلاة المنذورة يجب   (1) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم (425). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 107 الوفاء بها، وسجود الشكر شيء آخر، عليك أن توفي بنذرك بالصلاة، أن تصلي ركعتين قبل كل صلاة من أجل نذرك، وتعرفي الأيام التي تركت الصلاة فيها فتقضيها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 108 باب صلاة الجماعة 51 - حكم اشتراط الجماعة لصحة الصلاة س: هل الصلاة مع الجماعة شرط لصحة الصلاة أم لا؟ نرجو ذكر الدليل إن أمكن، وفقكم الله (1) ج: اختلف العلماء في هذه المسألة، فقال قوم: إن أداء الصلاة في الجماعة شرط، وإن من صلى وحده بدون عذر بطلت صلاته. وقال آخرون: بل واجبة، تجب الصلاة في الجماعة، ويجب السعي إليها، وأن تؤدى في المساجد. وهذا أعدل الأقوال. وقال قوم: إنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي صار أداؤها في حق الباقين سنة. وقال آخرون: سنة. ولكن الصواب من هذه الأقوال وأعدلها وأصحها قول من قال: إنها واجبة. إن أداء الصلاة في الجماعة واجبة وفي المساجد بالذات، يجب أن تؤدى في المساجد مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: وما   (1) السؤال الثالث من الشرط رقم (8). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 109 العذر؟ قال " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1)» خرجه ابن ماجه والحاكم وجماعة بإسناد جيد. قال الحافظ في (البلوغ): على شرط مسلم. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رجلا أعمى قال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (2)» فهذا أعمى ليس له قائد يلائمه، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب، ولم يجد له رخصة. وفي رواية قال: «لا أجد لك رخصة (3)» فصرح النبي صلى الله عليه وسلم أن الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة في ترك   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 110 الصلاة في الجماعة في المساجد، وثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على من تخلف عن صلاة الجماعة بيوتهم، قال: «ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم - وفي لفظ: إلى رجال - لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (1)» فلولا أنهم فعلوا منكرا لما هم بتحريق بيوتهم؛ لأنه لا يهم إلا بالحق عليه الصلاة والسلام، فلولا أنهم أتوا جريمة توجب هذه العقوبة لما هم بأن يتخلف عن الصلاة، ويستخلف من يصلي بالناس، ثم يذهب إليهم في وقت الصلاة؛ حتى لا يتعذروا ويقولوا: قد صلينا أو كذا أو كذا. يأتي إليهم وقت الصلاة؛ حتى تكون الحجة قائمة. ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (2)» فهذا كله يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة، أما الشرط فلا، ليست بشرط على الصحيح؛ لأنها لو كانت شرطا لأمر الناس بالإعادة، وقال:   (1) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة برقم (2420) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة الجماعة برقم (651) واللفظ له. (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 111 من صلى في بيته فليعد، ومن صلى في غير جماعة فليعد. فلما لم يأمرهم النبي بالإعادة عليه الصلاة والسلام، وإنما توعدهم وأمرهم بالحضور دل على الوجوب؛ لأن الأصل في الأوامر الوجوب، والأصل في الوعيد الدلالة على وجوب ما توعد عليه، هذا هو الحق؛ أنها تجب الصلاة في الجماعة في المساجد، في بيوت الله لا في بيته، بل يصلي مع الجماعة في مساجد الله، هذا هو الواجب، وهذا هو الحق والله المستعان، ومن المصائب العظيمة تساهل كثير من الناس اليوم في الصلاة وهي عمود الإسلام، وهي أول شيء يحاسب عنه الإنسان يوم القيامة هذه الصلاة، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام،   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 112 وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (1)» فالواجب على جميع المسلمين العناية بهذا الأمر على النساء والرجال، فيجب على النساء المحافظة عليها في الأوقات، وأن تؤدى بطمأنينة وإخلاص لله وإقبال عليها، مع الطمأنينة الكاملة في ركوعها وسجودها وقراءتها، وفي الجلسة بين السجدتين، وفي الوقفة بعد الركوع، كل هذا يجب أن يعتنى به، وأن يكون المصلي مطمئنا سواء رجل أو امرأة، هذا أمر عظيم، فيجب على النساء والرجال العناية بهذا الأمر، وعلى الرجال أداؤها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانهم المسلمين، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما فعل أصحابه رضي الله عنهم؛ وتنفيذا لأمره عليه الصلاة والسلام، وطاعة له صلى الله عليه وسلم. ومن المعلوم أن الصلاة في البيت فيه تشبه بالمنافقين، وفيه عصيان للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو وسيلة إلى تركها، متى تساهل بها وصلاها في البيت، فقد يغفل عنها وقد يؤخرها كثيرا، وقد يتركها   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21563) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616)، وابن ماجه في كتاب الفتن باب كف اللسان في الفتنة، برقم (3973). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 113 بالكلية، إذ لو كانت لها أهمية لما صلاها في البيت، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق - يعني الصلاة في الجماعة - ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف (1)» من حرص الصحابة رضي الله عنهم على الصلاة في الجماعة كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين، يعضدون له حتى يقام في الصف، هذا من عناية الصحابة بالصلاة، وأنها تهمهم كثيرا، ومن المصائب أيضا تساهل كثير من الناس بصلاة الفجر خاصة، فإنها يتساهل بها أكثر من غيرها مع أنهم في بيوتهم، لكن بأسباب السهر الكثير يتخلفون عن صلاة الفجر في الجماعة في المساجد، وربما أخروها إلى ما بعد طلوع الشمس إلى أن يذهبوا إلى أعمالهم، وهذه من المصائب العظيمة، ومن المنكر العظيم، فيجب على المسلم أن يحذر ذلك، وألا يسهر سهرا يضره، ويسبب تخلفه عن الصلاة في الجماعة في المساجد، ولو كان سهره في أعمال مباحة، أو مستحبة كقراءة القرآن، أو التهجد بالليل، أو ما أشبه ذلك لا يجوز له أن يسهر سهرا يجعله يتخلف عن صلاة الفجر في الجماعة، ويتثاقل عنها، فكيف إذا كان سهره في معاصي الله؛ في سماع الأغاني وآلات الملاهي.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 114 52 - حكم صلاة الجماعة س: هل صلاة الجماعة واجبة أم سنة؟ وما هو تفسير قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (1) وكثير من الناس يتساهلون في صلاة الجماعة وهم يسمعون النداء وقريبون من المسجد، ما الحكم في هذا؟ وهل تقبل صلاة من يسمع النداء ولم يذهب إلى المسجد (2) ج: صلاة الجماعة فريضة، والواجب على من سمع النداء أن يجيب المؤذن، وليس له أن يصلي وحده، ولا في البيت ولو جماعة في البيت، ليس لهم ذلك، بل الواجب أن يصلوا مع المسلمين في مساجدهم، في بيوت الله عز وجل، كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (3)» وسأله عليه الصلاة والسلام رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة   (1) سورة البقرة الآية 43 (2) السؤال السابع من الشريط رقم (102). (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 115 والسلام: " فهل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (1)» أخرجه مسلم في صحيحه. وفي الرواية الأخرى: «لا أجد لك من رخصة (2)» وثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام «أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم (3)» فدل ذلك على أن أداءها بالمساجد مع المسلمين أمر مفترض، وليس له أن يصلي وحده ولا في بيته، بل عليه أن يشارك إخوانه المسلمين، ويجيب المنادي، ومن ترك ذلك فقد أشبه المنافقين في هذا العمل. قد اختلف العلماء رحمة الله عليهم، في: هل تصح صلاته؟ على قولين: فالأكثرون على أنها تصح مع الإثم. وقال بعض أهل العلم: إنها لا تصح؛ لكونه يصلي وحده، ويدع الجماعة. فالواجب على المؤمن أن يحذر التخلف، وأن يصلي مع إخوانه المسلمين، وأن يبتعد عن مشابهة المنافقين. والله المستعان.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). (3) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة برقم (2420) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة الجماعة برقم (651) واللفظ له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 116 53 - حكم الصلاة مع الجماعة س: هل الصلاة مع الجماعة واجبة، أم أنها سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها؟ فكثير من الرجال يحتجون بأن الصلاة مع الجماعة أفضل منها الجزء: 11 ¦ الصفحة: 116 في البيت بسبع وعشرين درجة، ولكنهم لم يأثموا لو صلوها في البيت، فماذا ترون يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: الصلاة مع الجماعة واجبة مع الفضل المذكور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وجاءه رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم. قال: " فأجب (3)» وقال صلى الله عليه وسلم: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (4)» ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (5)» فكون صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (430). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 117 لا يقتضي جواز الصلاة في البيت، هي أفضل ومع ذلك فهي واجبة في الجماعة، ولا يجوز فعلها إلا من عذر كالمرض. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 118 س: ما حكم صلاة الجماعة في المسجد، وعقاب من يتخلف عن الجماعة في المسجد (1) ج: الجماعة في المسجد متعينة في أصح قولي العلماء، وليس للناس أن يصلوا في بيوتهم، بل يجب عليهم أن يصلوا في المساجد، وأن يجتمعوا على ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس في مسجده، ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» وهو مفسر لقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (3)، ولأنه عليه الصلاة والسلام أمر بالإجابة للمؤذن، وقال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (4)» ولما استأذنه رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (184). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (3) سورة البقرة الآية 43 (4) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 118 بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (1)» رواه مسلم في الصحيح. وفي رواية أخرى قال: «لا أجد لك رخصة (2)» فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة، فمن باب أولى أن يكون الصحيح السليم البصر ليس له رخصة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 119 54 – عقوبة من يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد س: ما عقاب من يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد (1) ج: يستحق أن يعزر ويؤدب من جهة ولي الأمر، أو من جهة الحسبة التي عنيت بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من جهة المحكمة إذا كان تخلفه بدون عذر للتساهل؛ لأنه ترك واجبا تشبه بأهل النفاق، فالواجب أن يؤدب، وإذا رأى ولي الأمر أن يكتفي بتوبيخه في المرة الأولى حتى لا يعود، فإن عاد فهو يستحق التأديب بجلدات، أو سجن حتى لا يعود، وهذا العمل متوعد بما يتوعد به أهل المعاصي؛ لأنه متشبه بأهل النفاق، نسأل الله العافية والسلامة.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (184). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 119 55 - بيان ما يشرع من الذكر عند الخروج إلى الصلاة س: ماذا يقول المسلم إذا خرج من بيته للصلاة في المسجد (1) ج: يشرع له أن يقول: «باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله (2)» «اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي (3)» هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويستحب للخارج إلى المسجد أو إلى غير المسجد , كالسوق أو غيره أن يقول هذا عند خروجه من بيته إلى السوق، أو إلى زيارة أحد إخوانه، أو إلى المسجد يقول: «باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي (4)»، ويستحب أيضا أن يقول في قصده للمسجد مع هذا يقول: «اللهم   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (110). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته، برقم (5095) والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء ما يقول إذا خرج من بيته برقم (3426)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الضلال، برقم (5486) وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا خرج من بيته، برقم (3885). (3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم (26076) وأبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته برقم (5094) واللفظ له، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3427)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الضلال، برقم (5486)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به إذا خرج من بيته، برقم (3884). (4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم (26076) وأبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته برقم (5094) واللفظ له، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3427)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الضلال، برقم (5486)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به إذا خرج من بيته، برقم (3884). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 120 اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وفي لساني نورا، وفي شعري نورا، وفي بشري نورا، وفي عظمي نورا، وفي لحمي نورا، وفي دمي نورا، اللهم اجعل أمامي نورا، وخلفي نورا، وعن يميني نورا، وعن شمالي نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، اللهم أعطني نورا، وزدني نورا، وأعظم لي نورا (1)» كل هذا جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وهذا الدعاء الأخير رواه البخاري في الصحيح، وهو دعاء عظيم عند قصد العبد الصلاة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب الدعاء إذا انتبه بالليل برقم (6316) بلفظ " اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا وفوقي نورا وتحتي نورا وأمامي نورا وخلفي نورا واجعل لي نورا، قال كريب وسبع في التابوت فلقيت رجلا من ولد العباس فحدثني بهن فذكر عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشري وذكر خصلتين "، وأخرجه مسلم كذلك مع اختلاف في الألفاظ في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامها برقم (763). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 121 56 - حكم التهاون في أداء صلاة الجماعة س: هل صحيح أن عدم ذهاب الرجل للصلاة مع الجماعة سبب في نزع البركة من حاله وماله؟ وما الدليل على ذلك (1) ج: لا ريب أن الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الواجبات   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (77). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 121 والفرائض بعد الشهادتين، وقد دل على ذلك آيات كثيرة وأحاديث صحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فمن ذلك قوله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (1)، وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2)، وقوله سبحانه: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (3)، وقوله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (4) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (5) إلى أن قال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (6) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (7) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (8)، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (9)، فجعلها قرينة التوحيد قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} (10)   (1) سورة البقرة الآية 238 (2) سورة البقرة الآية 43 (3) سورة العنكبوت الآية 45 (4) سورة المؤمنون الآية 1 (5) سورة المؤمنون الآية 2 (6) سورة المؤمنون الآية 9 (7) سورة المؤمنون الآية 10 (8) سورة المؤمنون الآية 11 (9) سورة البينة الآية 5 (10) سورة البينة الآية 5 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 122 هذا هو التوحيد، هذا هو معنى: (لا إله إلا الله)، ثم قال بعده {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} (1) وقال سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا} (2) يعني: من الشرك {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (3)، فدل على عظمتها وأنها قرينة التوحيد، قال سبحانه {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (4)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله (5)» ومن أهم واجباتها وأعظم واجباتها أداؤها في الجماعة في حق الرجل، حتى أوجبها الرب سبحانه في حال الخوف، قال جل وعلا   (1) سورة البينة الآية 5 (2) سورة التوبة الآية 5 (3) سورة التوبة الآية 5 (4) سورة التوبة الآية 11 (5) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)، حديث رقم (25) ومسلم في كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. .، برقم (22). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 123 {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (1) الآية. فأوجب صلاة الجماعة في حال الخوف وفي حال مصافة المسلمين لعدوهم الكافر، فأمرهم أن يصلوا جماعة، وأن يحملوا السلاح لئلا يحمل عليهم العدو، وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وأتاه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال المصطفى عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (3)» خرجه مسلم في صحيحه. فهذا رجل أعمى لم يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم في التخلف عن الجماعة، وفي اللفظ الآخر: قال: «لا أجد لك رخصة (4)» فصرح أنه ليس له رخصة وهو أعمى،   (1) سورة النساء الآية 102 (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 124 ليس له قائد يلائمه، يعني: يحافظ على الذهاب معه. فإذا كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يعتني به ويحافظ عليه ليس له رخصة، بل عليه أن يذهب ويتحرى ويجتهد حتى يصل المسجد فكيف بحال القوي المعافى؟ فالأمر في حقه أعظم وأكبر، ثم التخلف عن صلاة الجماعة من أعظم الوسائل في التهاون بها، وتركها بعد ذلك؛ فإنه اليوم يتخلف وغدا يترك، ويضيع الوقت؛ لأن قلة اهتمامه بها جعلته يتخلف عن أدائها في الجماعة، وفي المساجد التي هي بيوت الله، التي قال عنها سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (1)، وهي المساجد، وهذا أمر مجرب، فإن الذين يتخلفون عن الجماعة يسهل عليهم ترك الصلاة بأدنى عذر وبأقل سبب، ثم بعد ذلك يتركونها بالكلية؛ لقلة وقعها في صدورهم، ولقلة عظمتها في قلوبهم، فيتركونها بعد ذلك، فترك الصلاة في الجماعة وسيلة قريبة وذريعة معلومة إلى تركها بالكلية، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» خرجه الإمام أحمد في المسند، وأبو داود والترمذي والنسائي   (1) سورة النور الآية 36 (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 125 وابن ماجه بإسناد صحيح، عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وخرج مسلم في الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» وهذا يدل على أنه كفر أكبر، هذا الكفر والشرك، فأتى بالكفر المعرف والشرك المعرف، وهذا الذي عليه أن المراد به كفر أكبر، ويمكن أن بعض أهل العلم رأى أنه كفر دون كفر إذا كان غير جاحد لوجوبها، بل يعلم أنها واجبة ولكن تساهل، وقد ذهب جمع كبير من أهل العلم وحكى بعضهم قول الأكثرين: إنه كفر دون كفر، وإنه لا يكفر كفرا أكبر. لكن الصحيح الذي قامت عليه الأدلة أنه كفر أكبر، وهو ظاهر إجماع الصحابة قبل من خالفهم بعد ذلك، وقد حكى عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل الثقة «عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة (2)» فعندهم الصلاة تركها كفر، ومرادهم كفر أكبر؛ لأن هناك أشياء عملها كفر، لكن ليس هو كفرا أكبر، مثل الطعن في الأنساب والنياحة على الأموات، سماها النبي كفرا، والصحابة يسمونها كفرا، لكنها كفرا أصغر، فلما أخبر عنهم أنه لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2622). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 126 علم أنهم أرادوا بذلك الكفر الأكبر، كما جاء به الحديث. وأما كون هذه المعصية تسبب محق البركة، وتسبب أيضا شرا كثيرا عليه في بدنه وفي تصرفاته هذا لا يستغرب، فإن المعاصي لها شؤم كثير، ولها عواقب وخيمة في نفس الإنسان، وفي قلبه، وفي تصرفاته، وفي رزقه، فلا يستغرب هذا، فقد دلت الأدلة على أن المعاصي لها عواقب وخيمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن العبد ليحرم الرزق بذنب يصيبه (1)» ومعلوم أن المعاصي تسبب الجدب في الأرض، ومنع المطر، وحصول الشدة، وهذا كله من أسبابه المعاصي كما قال عز وجل {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (2)، وقال سبحانه {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (3)، هذا أمر معلوم بالنصوص وبالواقع، فجدير بالمؤمن أن يحذر مغبة المعاصي وشرها، وأن يتباعد عنها، وأن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه، وعلى المسارعة إلى   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث ثوبان رضي الله عنه، برقم (21907) وابن ماجه في كتاب الفتن، باب العقوبات، برقم (4022). (2) سورة الشورى الآية 30 (3) سورة النساء الآية 79 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 127 الطاعات، فهي خير في الدنيا والآخرة، والمعاصي شر في الدنيا والآخرة، رزق الله الجميع العافية والسلامة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 128 57 - حكم من ترك الصلاة في المسجد لكراهة أحد المصلين س: من يترك الصلاة في المسجد لكي لا يرى من لا يحب، ما رأيكم (1)؟ ج: هذا ليس بعذر، بل يجب عليه أن يصلي في المساجد مع المسلمين وإن رأى من لا يحب، الأمر في هذا واسع وما يضره، عليه أن يجيب الله ورسوله، فيفعل ما أمر الله به ورسوله وإن رأى بعض الناس الذين لا يحبهم، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» خرجه ابن ماجه والدارقطني والحاكم وجماعة بإسناد جيد، وقال عليه الصلاة والسلام لما سأله ابن أم مكتوم رضي الله عنه، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم،   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (75). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 128 قال: فأجب (1)» رواه مسلم في الصحيح، هذا أعمى ليس له قائد يلائمه، فقال له: أجب، وفي اللفظ الآخر يقول صلى الله عليه وسلم «لا أجد لك رخصة (2)» فإذا كان أعمى لا يجد له رخصة، ليس له قائد يلائمه فكيف بحال الرجل الصحيح السليم المعافى البصير. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا يؤم الناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم (3)» هذا يدل على عظم الأمر. وفي مسند أحمد قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (4)» فالحاصل أن الأدلة واضحة قائمة على وجوب الصلاة في الجماعة في المساجد، وليس لمن تأخر عنها؛ لئلا يرى بعض الناس الذين لا يحبهم، ليس لهم عذر في ذلك، بل عليه أن يتقي الله ويراقب   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). (3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 129 الله، ويصلي مع المسلمين ولو رأى من لا يحب. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 130 58 - حكم الصلاة في مصلى العمل مع وجود مسجد بالجوار س: في موقع العمل لدينا مكان خاص للصلاة، نصلي به صلاة الظهر، ويوجد بجوارنا مسجد، فهل تجوز لنا الصلاة في مسجد إدارتنا، أم لا بد أن نصلي في المسجد الذي بجوارنا (1) ج: الواجب عليكم الصلاة في المسجد الذي بجواركم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وقد جاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (3)» وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام «أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم (4)»، يعني لتخلفهم عن صلاة الجماعة في المسجد، فالواجب على المؤمن، وعلى جميع المؤمنين الصلاة في المساجد إذا كانت قريبة منهم، أما إذا كانت بعيدة لا يسمعون صوت   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (335). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (4) صحيح البخاري الأذان (644)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651)، سنن الترمذي الصلاة (217)، سنن النسائي الإمامة (848). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 130 المنادي، صوت المؤذن في الأوقات المناسبة الهادئة فإنهم لا تلزمهم الصلاة في المسجد البعيد، يصلون في محلهم لا بأس، أما صوت المكبر فيسمع من بعيد، لكن إذا كان المسجد قريبا إذا أذن المؤذن في الأوقات المعتادة، وسمعوه فإنه يلزمهم أن يصلوا فيه، ويخرجوا إليه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 131 59 - حكم اتخاذ مصلى بسبب بعد المسجد س: إننا نبعد عن مسجد القرية، ولكننا نصلي جماعة في مكان اتخذناه مصلى لنا، فهل علينا شيء في عدم الذهاب إلى المسجد (1) ج: إذا كنتم تسمعون النداء بالصوت المجرد من دون مكبر؛ لقربه منكم فإنه يلزمكم الذهاب والصلاة معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (3)» فالواجب عليكم أن تصلوا مع الجماعة في المسجد إذا كنتم تسمعون   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (149). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 131 النداء، وتستطيعون الذهاب إليه، أما إذا كان بعيدا منكم، يشق عليكم الذهاب إليه لبعده، أو لأن أهل محلكم مرضى أو عاجزون لكبر السن ونحو ذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، الحاصل أن الواجب عليكم الصلاة مع الجماعة، ما دام تسمعون النداء العادي عند هدوء الأصوات تسمعون النداء، فعليكم السعي، أما إذا كان بعيدا عنكم عرفا يشق عليكم السعي إليه، ولا تسمعون النداء فلا مانع أن تصلوا في محلكم، ولا حرج في ذلك.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 132 60 - بيان حكم حديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» س: يحصل أحيانا أن نبتعد عن المسجد لبعض المناسبات، فهل لنا أن نؤذن ونقيم، ونصلي حيث نحن، أم لا بد من الصلاة في المسجد؟ حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (1)» (2) ج: الحديث هذا ضعيف، ولكن روي عنه أحاديث صحيحة، مثل   (1) أخرجه الحاكم في المستدرك ج 1/ 373 في باب التأمين، برقم (898) والدارقطني في سننه، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر، برقم (41 ج- 1/ 499) والبيهقي في سننه موقوفا على علي رضي الله عنه، باب ما جاء من التشديد في ترك الجماعة، برقم (4721). (2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (294). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 132 قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر»، قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1)» ومثل قوله صلى الله عليه وسلم للأعمى لما سأله، قال: «ليس لي قائد يقودني للمسجد؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة»؟ قال: نعم، قال: «فأجب (2)» فالصلاة للجماعة في المساجد أمر واجب إلا من عذر شرعي، فإذا كنتم في محل تسمعون النداء وجب عليكم أن تصلوا مع الناس، فإذا كنتم بعيدين لا تسمعون النداء العادي بالصوت العادي غير المكبر فلا حرج عليكم أن تصلوا في محلكم جماعة لبعدكم؛ لأن صوت المكبر قد يسمع من بعيد، فإذا كان بالإمكان حضوركم، والصلاة مع الجماعة لقرب المسافة وجب عليكم أن تحضروا في المسجد، أما إن كانت المسافة بعيدة، قد تذهبون تفوتكم الصلاة لبعد المسافة، حيث لا تسمعون النداء لو كان النداء بغير مكبر لبعد المسافة فلا حرج عليكم أن تصلوا جماعة.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 133 61 - حكم الصلاة في مسجد لا يؤذن فيه س: مسجد يصلى فيه جميع الأوقات ولا يؤذن فيه، هل تجوز الصلاة فيه أم لا (1) ج: نعم، تجوز الصلاة فيه، والواجب أن يؤذن أحدهم، يجب أن يعلموا حتى يؤذن أحدهم، والصلاة فيه جائزة إذا كان ما هناك مسجد آخر يغني عنه، إذا كانوا محتاجين الصلاة فيه، أما إن كان عندهم مسجد آخر كفاهم، لكن إذا كان فيه حاجة لهذا المسجد يصلى في هذا، ويؤذن فيه أحدهم.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (369). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 134 62 - وجوب بناء المساجد لأداء صلاة الجماعة س: في قريتنا لا يوجد مسجد لأداء الصلوات في الجماعة، ولكننا نقوم لأداء صلاة المغرب والعشاء في الجماعة بالقرب من مساكننا، فهل يجوز ذلك (1) ج: نعم، هذا الواجب عليكم، تصلون جماعة في منزل أحدكم، أو في قرب منازلكم، حتى يتيسر مكان لكم للصلاة، والواجب عليكم أن تتعاونوا في إيجاد مسجد ولو بالشراء، شراء الأرض للتعمير، بناء المساجد واجب على المسلمين، فالواجب عليكم إذا كان ما عندكم مسجد قريب أن تعمروا مسجدا على حساب أنفسكم، أو بأيديكم في   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (220). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 134 المكان المناسب المتوسط بينكم، وإذا استعنتم بالله ثم ببعض إخوانكم الأثرياء فلا حرج في ذلك، أما تساهلكم هذا فلا يجوز، لكن ما دام المسجد لم يقم تصلون جميعا في أي بقعة من الأرض تناسبكم، تجتمعون فيها أو في بيت أحدكم، إذا لم يتيسر مكان مناسب - والحمد لله - حتى يقام المسجد. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 135 63 - حكم الذهاب إلى المسجد قبل الأذان س: رسالة من البحرين مرسلها: أ. ح. ر. يقول: هل الأفضل أن يؤذن المؤذن للصلاة وأنا في المسجد منتظرا للصلاة، أم أنتظر الأذان في بيتي لأصلي النوافل في بيتي وأذهب للمسجد بعد ذلك لأداء الصلاة جماعة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: كل ذلك خير، إن ذهبت للمسجد قبل الأذان فلا بأس، وإن جلست في بيتك حتى يؤذن المؤذن ثم تتوجه إلى المسجد كله طيب، لكن يجب عليك عندما يؤذن حين سمعت: (حي على الصلاة) المبادرة والإسراع إلى الصلاة، أما قبل ذلك فأنت مخير، إن رأيت مصلحة التوجه حذرا من العوائق التي تعوق عن الصلاة فهذا من الحيطة، ومن المشروع أيضا، وإن كان هناك أسباب تقتضي التأخر، وهي أصلح في حقك في أعمال تنفعك، أو في أعمال بيتك تنفعك، أو   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (314). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 135 تنفع أهل بيتك فلا بأس، فإذا أذن المؤذن فبادر وسارع إلى المسجد، وأبشر بالخير العظيم، المقصود أن التقدم قبل الأذان هذا فيه تفصيل، إن كانت هناك مصلحة التقدم قبل الأذان فبادر بذلك لتحقيق المصلحة، كالخوف أن يمنعك أحد للتقدم للمسجد، أو يعوقك عائق للخروج بعد الأذان للمسجد، أو أسباب أخرى تخشى منها، أما إذا ما كان هناك أسباب فالمشروع لك أن تبادر إذا سمعت الأذان تبادر للصلاة، وفي بيتك تعمل ما ينفعك وينفع أهلك. وإجابة النداء بالذهاب إلى المصلى والتبكير يدخل في الأفضلية أيضا، وهذا من باب المسارعة إلى الصلاة والمسابقة إليها، مثل ما في قول-هـ ج-ل وع-لا: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (1)، وقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} (2)، هذا من باب المسارعة للخيرات والمسابقة إليها، لكن «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول (3)» هذا مقصوده في النداء، يسعى للنداء، أما الصف الأول، المسارعة إلى الصلاة؛ حتى يكون في الصف الأول، يعني يبكر حتى يفوز بالصف   (1) سورة آل عمران الآية 133 (2) سورة البقرة الآية 148 (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب الاستهام في الأذان برقم (615) ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول برقم (437). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 136 الأول، وأما إذا تأخر قد لا يحصل له إلا الصف الثاني أو الثالث، إذا كان المسجد كبيرا فيه ناس كثير، لكن ما يتعلق بالأذان معناه أنهم يتنافسون فيه حتى إن كل واحد يقول: دعوني أنا الذي أؤذن. وقد يحتاجون للقرعة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 137 64 - وجوب نصيحة تارك الصلاة . س: هذا السائل يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ حفظكم الله، كثير في هذه الأيام من يقوم بترك الصلاة، فما دور الأئمة والمؤذنين في تنبيه أولئك ونصيحتهم، وأمرهم بالصلاة مع الجماعة (1) ج: الواجب على الأئمة والمؤذنين وأعيان الجماعة النصيحة لمن يعرف بالتخلف عن الصلاة، ينصحه جيرانه، ينصحه الإمام والمؤذن وأعيان الجماعة، المسلمون إخوة، الله سبحانه يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2)، ويقول سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (3) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (4) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5) ويقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (6)   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (430). (2) سورة المائدة الآية 2 (3) سورة العصر الآية 1 (4) سورة العصر الآية 2 (5) سورة العصر الآية 3 (6) سورة التوبة الآية 71 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 137 هذا هو الواجب، ولو زاروه في البيت كل هذا من الواجبات والمهمات العظيمة، ولا يجوز الغفلة أبدا، بل يجب التناصح والتعاون على البر والتقوى، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة»، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (1)» ويقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه الصحابي الجليل: [«بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم (2)»] متفق على صحته.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55). (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين.، برقم (57) ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (56). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 138 65 - حكم صلاة الفريضة في البيت س: السائل أحد المستمعين يقول: ما حكم الصلاة في البيت، ولا سيما إذا كان المسجد بعيدا، وليس له وسيلة مواصلات؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الصلاة في البيت صلاة الفريضة لا تجوز إذا كان يقدر على الصلاة في المسجد، يجب عليه أن يصلي مع الناس؛ لقول النبي صلى   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (63). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 138 الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر. قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم للأعمى لما سأله: هل يصلي في بيته؟ قال صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة»؟ قال: نعم، قال: «فأجب (2)» ولأنه صلى الله عليه وسلم توعد بالنار من تخلف عن الصلاة في الجماعة، فالواجب على المكلف أن يحضر الصلاة في الجماعة مع المسلمين في المساجد، إلا إذا كان بعيدا عن المسجد لا يسمع النداء، فلا حرج عليه إذا كان بعيدا عنه المسجد، لا يسمع النداء فلا حرج يصلي في البيت، وإن صلى في المسجد ولو مع المشقة كان أفضل وأكثر ثوابا، ولكن لا يلزمك إذا كان بعيدا لا تسمع النداء بالصوت المعتاد لا بالمكبر، أما المكبر فقد يسمع من بعيد، وليس كل أحد يستطيع المشي إلى ما يسمع، فالحاصل أنه لا يلزمك السعي إلى المسجد إذا كان بعيدا لا تسمع النداء بالصوت المعتاد عند عدم الأصوات، ولكن إذا سعيت وصبرت على المشقة كان أفضل.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 139 66 - حكم الصلاة في البيت من غير عذر س: ما حكم الصلاة في البيت من غير عذر، اللهم إلا خوفا من أن يقال: بأنه ذهب إلى المسجد ليعرف الناس أنه يصلي (1) ج: الواجب على المسلم أن يصلي في المسجد مع إخوانه المسلمين؛ امتثالا لقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2)، وقوله عز وجل: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (3) {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} (4)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر»، قالوا: ما العذر؟ قال «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (5)» وكون الإنسان يخاف أن يقال: إنه ذهب يصلي ليقال: إنه يصلي. هذا ليس بعذر والحمد لله، إذا مدحوه أنه يصلي هذا خير له ولا يضره ذلك، بل هو منقبة له أنه يصلي مع المسلمين، وخلق كريم،   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (211). (2) سورة البقرة الآية 43 (3) سورة النور الآية 36 (4) سورة النور الآية 37 (5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 140 فلا ينبغي أن يمنعه ذلك من الذهاب إلى المسجد، ولو اتهمه بعض الناس بالرياء لا يضره ذلك، إثمهم عليهم، عليه إخلاص النية لله، وأن يذهب إلى المساجد طاعة لله ولرسوله، ولا يضره قول الناس: إنه مراء، أو إنه أراد كذا وكذا، لا يضره، عليه أن يعامل ربه بالإخلاص، وأن يتابع رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يضره بعد ذلك ما يقول الناس من تهمته بالرياء أو غيره. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1)» هذا أعمى ليس له قائد يقوده إلى المسجد، ومع هذا يقال له: أجب، فكيف بحال البصير القادر، فالواجب عليه أعظم، فاتق الله وحافظ على الصلاة في الجماعة ولا تبال بقول الناس، وفقك الله للحق وإيانا والمسلمين.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 141 67 - حكم الصلاة في البيت مع قرب المسجد س: الأخ: ح. م. م. من العراق، يقول: هل تجوز الصلاة في البيت؟ علما بأن المسجد ليس ببعيد عن بيتي، ولكني أذهب لصلوات الجزء: 11 ¦ الصفحة: 141 الجمعة وأصلي التراويح، وأذهب بعض الأوقات، فهل صلاتي صحيحة (1) ج: لا يجوز للمسلم أن يصلي في البيت وهو قادر على المسجد ويسمع النداء، بل عليه أن يجيب ويصلي مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي ولم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له المصطفى عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3)» وفي رواية: قال: «لا أجد لك رخصة (4)» فإذا كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة، فكيف بالصحيح البصير؟ المقصود أن الواجب على المسلمين من الرجال الصلاة في المساجد، وعدم الصلاة في البيوت. واختلف العلماء هل تصح أم لا تصح إذا صلى في البيت؟ فالأكثرون   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (193). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 142 على أنها تصح مع الإثم، وقال آخرون: لا تصح؛ لأن من شرطها أن تؤدى في الجماعة مع القدرة. فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على أدائها في الجماعة في بيوت الله عز وجل، وأن تحذر التساهل بذلك. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم (1) وما ذاك إلا لشدة الجريمة. فاحمد الله يا أخي على ما أعطاك من العافية، وبادر وسارع إلى أداء الصلاة في الجماعة ما دام المسجد قريبا تسمع النداء، لو كان النداء بالصوت العالي لا بالمكبر فإنه يلزمك الحضور، أما بالمكبر فإن المكبر يسمع من بعيد، إذا كان بعيدا عنك يشق عليك الحضور، وربما فاتت الصلاة إذا خرجت بعد الأذان، وربما فاتت الصلاة لبعده فلا يلزمك، بل تصلي أنت وجيرانك في محل آخر، حتى يبنى لكم مسجد، أما ما دمت تسمع النداء فالواجب عليك أن تذهب إليه، وإذا كان السماع بالمكبر واستطعت أن تذهب فهذا خير عظيم، وإن شق عليك ذلك جاز لك أن تصلي وحدك، حتى يتيسر لك جماعة أو مسجد قريب؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، والنبي   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 143 صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء (1)» وأنت لا تسمع النداء لولا المكبر، أما إذا كنت تسمعه لو كان هناك نداء بدون مكبر، تسمعه لقربه فإنه يلزمك الصلاة مع إخوانك.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 144 68 - وجوب صلاة الجماعة وفضلها س: هل تصح الصلاة في المنزل إذا سمعت الأذان في المسجد ولم أذهب إلى المسجد، أم لا بد أن تكون الصلاة في المساجد (1) ج: الواجب أن تؤدي الصلاة في المساجد مع إخوانك المسلمين؛ لأن الرسول قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3)» هذا أعمى ليس له قائد يلائمه، ومع هذا أمره النبي بالإجابة ولم يرخص له، فكيف بحال القادر البصير؟ فاتق الله أيها   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (220). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 144 السائل، واحذر من التساهل ومشابهة أهل النفاق. وقد اختلف العلماء هل تصح في البيت؟ على قولين: أحدها: أنها تصح مع الإثم. وهذا هو الصواب، تصح مع الإثم. والثاني: أنها لا تصح، وأن عليه أن يصلي في الجماعة، ولا تصح صلاة بدون جماعة. ولكن القول الأول أصح، أنها تصح، ولكن بإثم وعليه التوبة إلى الله، وأن يستقيم على أدائها في الجماعة، والله المستعان. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 145 69 - حكم ترك صلاة الجماعة س: سائل يقول: لي أخ لا ينشط كثيرا لصلاة الجماعة، بل يصلي في البيت منفردا، بماذا تنصحوني تجاهه؟ وقد أديت له النصح أكثر من مرة (1) ج: الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي في الجماعة؛ لأن الصلاة في الجماعة في بيوت الله أمر لازم، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم. وقد دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» وفي صحيح مسلم عن   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (210). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 145 النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأذن رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1)» ولم يأذن له في ترك الصلاة في المسجد وهو أعمى، ليس له قائد يقوده، فكيف بحال البصير القوي القادر؟ أمره أشد وأخطر، فالواجب على كل مؤمن أن يصلي في الجماعة، وأن يتقي الله ويبادر، وعليك أيها السائل أن تنصحه دائما، وأن تجتهد في توجيهه إلى الخير وتحذيره من مشابهة المنافقين، لعل الله يهديه بأسبابك فيكون لك مثل أجره، ولا تمل ولا تيأس واستعن على ذلك بغيرك، كأبيك وإخوانك الآخرين، وبعض جيرانك حتى ينصحوه حتى يعينوك عليه. نسأل الله لنا ولكم وله الهداية.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 146 70 - حكم من يصلون في البيت مع سماع الأذان س: يوجد كثير من الناس يسمعون النداء للصلاة، فلا يصلون في المسجد ويصلون في بيوتهم، وليس لهم أي عذر شرعي، فهل صلاتهم صحيحة (1) ج: هذا الذي يفعله بعض الناس من الصلاة في البيت، مع سماعهم   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (137). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 146 النداء هذا منكر في أصح قولي العلماء، لا يجوز لهم الصلاة في البيت مع سماع النداء وقرب المسجد، بل الواجب على كل مسلم ذكر أن يصلي في المسجد إذا استطاع ذلك، ولم يمنعه مرض ولا خوف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هو وأصحابه رضي الله عنهم يصلون في المسجد ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» عليه الصلاة والسلام، ويقول: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» إذا كان مريضا لا يستطيع فهو معذور، أو يخاف؛ لأن البلد غير آمنة، أو لأنه يراقب لقتله أو ضربه فهو معذور، ويقول صلى الله عليه وسلم لعبد الله ابن أم مكتوم لما استأذن في الصلاة، وكان رجلا أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء للصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3)» أخرجه مسلم في صحيحه، فإذا كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له عذر فكيف بالمعافى البصير غير المعذور؟ والمقصود أن الواجب على الرجال أن يصلوا في المساجد مع الجماعة، وأن يحذروا طاعة الشيطان في الصلاة في البيت.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 147 وقد دل القرآن العظيم والسنة المطهرة على أن هذا العمل من أعمال المنافقين؛ لأنهم ليس عندهم حسبة، وليس عندهم إيمان، فالمقصود أنه من عمل المنافقين؛ ولهذا يقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1) ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها – يعني في المسجد - إلا منافق معلوم النفاق (2)» فالواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يبادر بالصلاة في المسجد، وأن يحذر مشابهة المنافقين في ترك الصلاة في المساجد، وليس هذا خاصا بوقت دون وقت، بل في جميع الأوقات: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء. يجب على الرجال جميعا أن يصلوا في المساجد، وأن يحذروا غضب الله وعقابه، وأن يبتعدوا عن مشابهة أهل النفاق. ومن المصائب العظيمة أن كثيرا من الناس الآن لا يبالي بهذا الأمر، وهذا وسيلة إلى ترك الصلاة بالكلية، فإنه متى تخلف عنها في الجماعة وصلى في البيت تمادى به الهوى والشر والكسل حتى يدعها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كيف يرضى المؤمن لنفسه بأن يشابه   (1) سورة النساء الآية 142 (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 148 النساء؟ فيصلي في البيت، أو يتشبه بالمرضى العاجزين، والله قد عافاه وأنعم عليه، فالواجب البدار والمسارعة إلى الصلاة في المسجد، وأن يخاف الله ويراقبه سبحانه وتعالى، وألا يتشبه بالنساء والمرضى والمنافقين. نسأل الله السلامة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 149 س: يقول السائل: أنا - والحمد لله - أحب أن أصلي الصلاة في وقتها، وإذا أذن المؤذن قد لا أتمكن من الذهاب إلى المسجد لأمر ما، فهل أصلي بعد فراغ المؤذن، أم أنتظر حتى تقام الصلاة (1) ج: الواجب عليك الذهاب إلى المسجد إذا كنت سليما، أما إذا كان هناك علة لمرض، أو لأنك ممنوع من الخروج من بيتك كالسجين وما أشبه ذلك فإنك تصلي بعد الأذان، وليس لك تعلق بالإمامة والإقامة، تصلي إذا دخل الوقت سواء قبل الناس أو بعد الناس، لست مربوطا بإقامة الصلاة، بل تصلي قبله أو بعده إذا كنت عاجزا عن الذهاب للمسجد لمرض أو نحوه، أما إذا كنت قادرا فالواجب عليك أن تجيب المؤذن، أن تصلي مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» ولأنه صلى الله عليه   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (244). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 149 وسلم لما جاءه رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1)» رواه مسلم في صحيحه، وفي رواية أخرى لغير مسلم: «لا أجد لك رخصة (2)» فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة فكيف بغيره؟ فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على الصلاة في الجماعة، وإذا كنت معذورا عذرا شرعيا فأنت بحمد الله تصلي قبلهم، أو بعدهم لا حرج عليك.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 150 71 - حكم تأخير صلاة العشاء س: الأخ: إ. م. ح، من السودان، يقول: إنني أؤخر صلاة العشاء في أكثر الأوقات. ولكن أصليها قبل أن يخرج الوقت: فهل علي إثم؟ (1) ج: الواجب عليك يا أخي أن تصلي مع الجماعة مع المسلمين، في بيوت الله في المساجد، وليس لك أن تصلي في البيت، بل الواجب عليك أن تخرج إلى المسجد كما فعل المسلمون مع نبيهم صلى الله   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (272). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 150 عليه وسلم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1)» وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (2)» فلم يرخص له وهو أعمى ليس له قائد يقوده، فكيف بالبصير القوي؟ فالأمر عليه أعظم، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (3)» هذا وعيد عظيم يدل على أن الحضور في المساجد والصلاة مع الناس أمر واجب. قال ابن مسعود رضي الله عنه في الحديث الصحيح: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق - يعني: الجماعة - ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف (4)»   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 151 لكن من فاتته مع الجماعة يصلي في الوقت، لا بد أن يصليها في الوقت، أو كنت مريضا عليك أن تصلي في الوقت، أو سجينا عليك أن تصلي في الوقت, العشاء أو غير العشاء، لا بد أن تصلي في الوقت، ليس لك أن تقدمها، وليس لك أن تؤخرها، بل يجب وجوبا أن تصليها في الوقت، وفي أوله أفضل. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 152 72 – حكم تأخير الصلاة بدون عذر س: هل علي إثم في تأخير صلاة العشاء بدون عذر؟ (1) ج: إذا كنت صحيحا فالواجب عليك أن تصلي مع الناس في المسجد، هذا هو الواجب عليك؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» فيجب عليك أن تصلي مع الناس، ولا يجوز لك التأخير ولا الصلاة في البيت مطلقا، أما إن كنت مريضا فلك أن تؤخر قبل نصف الليل، لا تؤخر بعد نصف الليل، صلها عندما ينتصف الليل أو ما يقارب هذا لا بأس، وهذا أفضل إذا كان ما فيه مشقة، ولكن ليس لك أن تؤخر بعد نصف الليل، هذا لو كنت مريضا معذورا، وأما إذا كنت قادرا فإنك تصلي مع الناس في المسجد، ولا يجوز لك التأخير.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (336). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 152 73 - حكم الصلاة في البيت مع سماع النداء س: هل يمكن أن أصلي في البيت؟ مع العلم أنني صحيح وقادر، ومع العلم أنني أسمع النداء وأسمع الإقامة، أفيدوني بذلك (1) ج: لا يجوز لك أن تصلي في البيت، يجب أن تصلي مع الناس، من سمع النداء وجب عليه أن يصلي مع الجماعة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ - وهو أعمى - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3)» أعمى ليس له قائد يقال له: أجب. ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (4)»   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (369). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 153 فالواجب على المسلم القادر أن يصلي مع الجماعة، ما دام يستطيع يسمع النداء في محله حيث يسمع النداء يلزمه، أما إذا كان بعيدا يشق عليه، ما يسمع النداء وهو بعيد فإنه يصلي في محله مع جماعته. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 154 74 - حكم من استيقظ من النوم ولم يدرك الصلاة في المسجد س: هل واجب علي إذا سمعت أذان صلاة الفجر عندما أستيقظ من النوم، لم ألحق بالصلاة إلا نادرا فهل يجب علي عندما أعلم أنني لم ألحق بالجماعة، أن أصلي في البيت، أم ألحق بالمسجد كيفما كان الحال (1) ج: الواجب عليك السعي إلى المسجد، والبدار بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3)»   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (266). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 154 فأنت عليك أن تجيب وتبادر، وإذا كانوا يبكرون بادر، تأهب للصلاة قبل الأذان؛ حتى تدركها مع إخوانك، ما دام تسمع النداء والمسجد قريب فعليك أن تبادر وأن تصلي مع إخوانك، وتحذر الكسل. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 155 75 - حكم من لا يصلي في المسجد وهو جار المسجد س: رجل لا يصلي في المسجد علما بأنه جار المسجد، وهو رجل متدين ويصلي في المنزل مع أولاده، وحجة هذا الرجل أن الناس الذين يصلون في المسجد قلوبهم فيها حسد وبغض أو غيظ، فما حكم ذلك؟ وفقكم الله (1) ج: هذا الرجل قد أتى منكرا؛ إن الصلاة في البيت لا تجوز، والواجب على المؤمن أن يصلي مع الناس في المساجد في الجماعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» هذا وعيد شديد. وقال عليه الصلاة والسلام لرجل أعمى سأله، قال: «يا رسول الله، هل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3)»   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (1). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 155 أخرجه مسلم في الصحيح، فإذا كان أعمى ليس له قائد يلائمه ويقال له: أجب. ويمنع من الصلاة في البيت فكيف بالصحيح القادر. وقد هم عليه الصلاة والسلام أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، ويروى عنه عليه السلام أنه قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (1)» فالخلاصة أن هذا لا يجوز له أن يصلي في البيت، بل عليه أن يصلي مع الجماعة، ولو كان هناك في الجماعة من زعم أن فيهم حسدا أو كذا، لا يمنع هذا أن يحضر معهم ويصلي معهم، وإذا علم إنسانا أن فيه شرا ينصحه ويوجهه إلى الخير، أما أن يتخلف عن الجماعة فهذا لا يجوز، الواجب عليه أن يحضر الجماعة. وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه في الحديث الصحيح: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق (2)» هذا نوع من النفاق، التخلف عن صلاة الجماعة من غير عذر نوع من النفاق، كما قال عبد الله بن مسعود، فينبغي أن ينصح هذا ويوجه إلى الخير، ويحذر من عمله السيئ، وهو تخلفه في البيت عن صلاة الجماعة، والله المستعان.   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 156 76 - حكم الصلاة في البيت لمن أصيب بحالة نفسية س: من مكة المكرمة رسالة بعث بها المستمع: س. ع. يقول: أنا أبلغ من العمر ثلاثين عاما، ومتمتع بصحة جيدة والحمد لله، توفي والدي منذ ست عشرة سنة، وبسبب وفاته أصابتني حالة نفسية سيئة، اعتزلت الناس على أثرها، ولم أعد أخرج من المنزل أبدا، وأنا دائم المحافظة على الصلاة في وقتها، لكني أصلي في المنزل. وسؤالي: هل يجوز لي الصلاة في البيت، وحالتي الصحية ما ذكرت؟ وهل علي ذنب إذا صليت في البيت؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يلزمك الصلاة مع المسلمين في المساجد إلا بعذر شرعي؛ كالمرض الذي يمنعك من الصلاة، وإلا فتذكر موت فلان أو موت فلان: أبيك أو غيره فلا يمنع، الواجب عليك أن تصلي مع المسلمين في المساجد، وإذا صار لك الدعاء لأبيك بالمغفرة والرحمة فالحمد لله، وعليك التوبة مما فعلت، التوبة إلى الله والندم.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (345). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 157 77 - بيان أدلة وجوب صلاة الجماعة س: رجل قارب من العمر الثلاثين عاما، ويصلي في المنزل غالبا، إلا أنه يحضر الجماعة في بعض الأوقات وفي الجمعة، ولكن لا يبدو عليه الحرص على ملازمة الجماعة، ووالدته تلح عليه في لزوم الجزء: 11 ¦ الصفحة: 157 الجماعة، وهناك من اقترح عليها أن تظهر غضبها عليه، وألا تجالسه لعله يرجع، ولكنها تخاف عليه وتقول: أنصحه. أريد توجيها مفصلا لهذا الرجل حول أدلة وجوب الجماعة، وما ينبغي للمسلم من طاعة الله وشكره على ما أنعم على الإنسان من نعم صالحة، ونعمة الصحة والشباب والعافية وسعة الرزق ولله الحمد. وما هو الحكم الشرعي في مجالسته ومؤاكلته، والحالة هذه؟ ونصيحة أخرى نرجو أن تتفضلوا بتوجيهها للأم، وتوصيتها بأي أسلوب تستعمله مع هذا الشاب لعله أن يرجع (1) ج: لا ريب أن الصلاة في الجماعة مع المسلمين في بيوت الله من أهم الفرائض، ومن شعائر الإسلام، فالواجب على كل مكلف أن يعتني بذلك، وأن يبادر ويسارع إلى إقامة الصلاة مع الجماعة مع المسلمين، وأن يتباعد عن مشابهة أهل النفاق. قال ابن مسعود رضي الله عنه: «من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (146). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 158 وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل - يعني: من الصحابة - يؤتى به يهادى بين الرجلين - يعني: مريض أو كبير السن - حتى يقام في الصف (1)» وفي رواية: «ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم (2)» من شدة حرصهم على أداء الصلاة مع الجماعة رضي الله عنهم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (3)» يعني: خوف إذا خرج من بيته أن يقتل أو يسجن أو يضرب؛ لأن البلاد غير آمنة، أو مرض يمنعه من ذلك. وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟»، قال: نعم. قال: «فأجب» (4)» رواه مسلم في صحيحه، وفي الرواية الأخرى لغير مسلم: «لا أجد لك رخصة (5)» فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يجد رخصة لأعمى ليس له قائد يلائمه أن يصلي في بيته، بل   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم (550). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 159 عليه أن يصلي في المسجد مع الناس، فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة فكيف بحال الصحيح المعافى البصير؟ الأمر أعظم، وقد هم صلى الله عليه وسلم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، كما في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة - يعني: في المساجد - فأحرق عليهم بيوتهم (1)» هكذا يقول عليه الصلاة والسلام، وفي رواية لأحمد: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (2)» المقصود أن الصلاة في الجماعة في بيوت الله أمر مفترض، أمر لازم ومن شعار المسلمين وشعار أهل الحق، والتخلف عن ذلك في البيوت من شعار المنافقين، فلا ينبغي للمسلم أن يرضى بمشابهة أهل النفاق الذين قال الله فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} (4)، ذكرهم سبحانه   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (3) سورة النساء الآية 142 (4) سورة النساء الآية 143 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 160 بخمس؛ صفات المنافقين: إحداها: أنهم يخادعون الله والذين آمنوا، ما عندهم نصيحة ولا أمانة، عندهم المكر والخديعة والكذب في معاملاتهم. والثانية: أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، ما عندهم نشاط لعدم إيمانهم، إنما هو رياء. الثالثة: أنهم لا يذكرون الله إلا قليلا، تغلب عليهم الغفلة. الرابعة: أنهم أهل رياء يراؤون الناس بأعمالهم، ليس عندهم إخلاص، الغالب عليهم في أعمالهم الرياء والسمعة وطلب المحمدة، وليس عندهم إخلاص لله سبحانه وتعالى. والخامسة: أنهم مذبذبون، ليس عندهم ثبات، وليس عندهم هدف مستقيم، بل هم تارة مع المؤمنين، وتارة مع الكافرين، ليس عندهم قاعدة ولا دين ثابت، ولا إيمان صادق، بل إن ظهر المؤمنون ونصروا صاروا مع المؤمنين، وإن ظهر الكفار على المسلمين صاروا مع الكفار. هذه حال المنافقين، فكيف يرضى المؤمن أن يتشبه بهم في التخلف عن الصلاة مع الجماعة؟ والوالدة التي نصحت ولدها بأن يصلي مع الجماعة قد أحسنت، وهذا هو الواجب عليها، الواجب عليها أن تستمر في ذلك، وأن تنصحه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 161 دائما وتهجره إذا امتنع ولم يمتثل، تستعين عليه بالله، ثم بمن ترى من أقاربه كأبيه وأخيه الكبير وعمه ونحو ذلك، إذا كان له أقارب صالحون تستعين بهم، والحاصل أن من يعرف بالتخلف عن الجماعة يستحق الهجر ويستحق التأديب من ولاة الأمور؛ حتى يستقيم وحتى يحافظ على الصلاة في الجماعة، ثم من أعظم المصائب أن التخلف عنها في الجماعة من أعظم الأسباب لتركها بالكلية، نعوذ بالله؛ لأن هذا المرض الذي في القلب الذي أوجب هذا التخلف سيجره في الغالب إلى الترك، وعدم المبالاة؛ فتارة يصلي، وتارة لا يصلي، هذا يحمله على الرياء، إن رأى من يستحي منه صلى، وإن خلا له الجو ترك، وهذه حال المنافقين نعوذ بالله، فالواجب الحذر، والواجب على الوالدة وعلى أقارب الرجل، وعلى أصدقائه أن ينصحوه، وأن يعينوا والدته عليه، وأن يهجروه إذا استمر في باطله وتخلفه، نسأل الله الهداية للجميع. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 162 78 - حكم مجالسة الابن الذي لا يصلي س: تسأل هذه الوالدة عن مجالسة ولدها الذي لا يصلي، ما هو توجيه سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: تعمل ما هو الأصلح، إن رأيت أن مؤاكلته ومجالسته مما   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (146). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 162 يعينه على أدائه الواجب، والحفاظ على الصلاة فعلت ذلك واجتهدت، فإن لم ينفع ذلك ولم يؤثر فيه هجرته؛ فلم تجالسه، ولم تؤاكله، واستحق منها الغضب بأن تغضب عليه، وأن تستعين بمن ترى من أقاربه وأهل الخير في هدايته أو ردعه. نسأل الله السلامة، لا بد من الحضور للجميع والعناية بالجميع، أعني: الجمعة والجماعة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 163 79 - حكم من لا يصلي في المسجد إلا الجمعة س: رجل بلغ من العمر ستين عاما وهو لا يصلي الصلوات الخمس إلا في بيته، ما عدا الجمعة يصليها في المسجد، فهل تقبل صلاته علما أن المسجد بجوار البيت (1) ج: هذا قد فعل منكرا عظيما، وخالف الشرع، فإن الشرع يلزمه بالحضور في جماعة المساجد؛ جماعة المسلمين، لكن الصلاة صحيحة في أصح قولي العلماء، الصلاة صحيحة ليس عليه الإعادة، ولكن عليه التوبة إلى الله من تأخره عن المسجد، وعن ترك الجماعة، وصلاته في البيت من غير عذر هذا لا يجوز، فعليه أن يتقي الله، وأن يصلي مع الناس، وأن يتوب إلى الله مما سلف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (301). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 163 «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1)» وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (2)» هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب، ليس لك رخصة. فالواجب على المؤمن الذي يستطيع الحضور للمسجد أن يحضر للمسجد، ويصلي مع الناس، وليس له التخلف والصلاة في بيته.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 164 80 - حكم تقديم الأكل عند النداء للصلاة س: يقول السائل: إن بعض أفراد عائلتي يصلون في البيت دون المساجد، وفي بعض الأوقات وأحيانا يكون هناك مناسبة غداء، فيحين وقت الصلاة متزامنا مع وقت الغداء، فماذا نفعل؟ أنقدم الأكل أم الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (363). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 164 ج: الواجب تقديم الصلاة إذا كان الأكل ما قدم، تقدم على الصلاة، ثم ترجعون يعني صلاة العصر أو صلاة الظهر، أما إذا قدم الأكل بين أيديكم فابدؤوا به؛ لكن كونكم تتحرون الوقت هذا، ثم يقدم، لا، ابدؤوا بالصلاة، لكن لو كان قدم بين يديكم، ثم أذن مؤذن فابدؤوا به، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب (1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان (2)» فإذا قدم الطعام فالمشروع الابتداء به، أما إذا كان ما قدم فابدؤوا بالصلاة ثم اطلبوا الطعام بعد ذلك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة.، برقم (672). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله، برقم (560). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 165 81 - حكم ترك صلاة الجماعة بسبب شدة البرد س: يبعد المسجد عني أنا وجاري بحوالي ستمائة متر، نذهب له في جميع أوقات الصلاة، ولكن في فصل الشتاء أعاني من شدة البرد، حيث الجو عندنا بارد جدا - كما تعلمون - هل يجوز أن نبني بالقرب منا مسجدا أنا وجاري، ونصلي فيه ولا سيما في فصل الشتاء؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (295). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 165 ج: ننصحكم ألا تبنوا، وتصلوا مع إخوانكم في الشتاء والصيف، وأبشروا بالخير، اصبروا وصابروا، طريق الآخرة يحتاج إلى صبر، فالواجب على مثلكما الصبر والاحتساب؛ لأن صلاتكما مع الجماعة فيها خير عظيم، وستمائة متر ليست بكثيرة، وليست بالطويلة، فاصبروا وصابروا واحتسبوا. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 166 82 - حكم من صلى الفرض في بيته وهو يسمع نداء الصلاة في المسجد س: رجل صلى العصر في منزله، وذهب إلى السوق، ووجد الناس يصلون العصر في الجامع، هل يصلي معهم مرة أخرى، أم تكفي الأولى؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليه أن يصلي مع الجماعة، وليس له أن يصلي في البيت، بل يجب أن يصلي مع الجماعة، ويحذر صفات المنافقين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (334). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 166 الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1)» هذا رجل أعمى ليس له قائد، ومع هذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب. فمن صلى في بيته، ثم جاء مسجدا يصلون شرع له أن يصلي معهم، وإلا صلاته مجزئة مع الإثم مع كونه آثما حين ترك الجماعة بدون دليل، بدون عذر، لكن إذا صلى معهم تكون نافلة، كما أقر بهذا النبي عليه الصلاة والسلام، فقد أمر من صلى صلاته، ثم حضر صلاة أخرى أن يصلي معهم، فإنها نافلة تكون له نافلة   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 167 83 - حكم من صلى في بيته وله عذر س: السائل أحد المستمعين: أنا سكني بجوار المسجد - والحمد لله وأواظب على أوقاتي الخمسة في المسجد، ولكن في بعض الأوقات يحصل لي بعض الأزمات، من الصعب جدا الذهاب للمسجد لأصلي صلاة الجماعة، فهل صلاتي مقبولة إذا صليتها في البيت؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (263). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 167 ج: إذا كانت الأزمة عذرا شرعيا كالمرض المفاجئ فأنت معذور، إذا كان أمرا واضحا يشق عليك معه الحضور للجماعة كالمرض المفاجئ فأنت معذور، أما الأمور الأخرى كالتساهل من أجل الأولاد أو الزوجة فهذا ليس بعذر، فالواجب عليك أن تتقي الله، وأن تبادر إلى صلاة الجماعة لما سمعت من الأحاديث السابقة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «الخوف أو المرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1)» وهكذا السجن، المسجون الممنوع معذور، وهكذا المقعد؛ لأنه كالمريض؛ لأنه يشق عليه الذهاب إلى المسجد. وسمعت حديث الأعمى، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال للأعمى: «أجب». ولم يرخص له الصلاة في البيت؛ لأنه أعمى ليس له قائد، قال: «أجب»، وفي رواية: «لا أجد لك رخصة (2)» فالواجب عليك يا عبد الله أن تصلي في الجماعة، وأن تحذر التساهل والأسباب التي لا وجه لها، بل بادر وسارع إلى الصلاة في الجماعة، واتق الله وراقب الله واحذر التشبه بالمنافقين المتخلفين، قال تعالى في حق المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3).   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). (3) سورة النساء الآية 142 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 168 احذر يا أخي التشبه بأعداء الله، وكن نشيطا في الصلاة حريصا عليها مؤديا لها في الجماعة في جميع الأوقات، وفق الله الجميع. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 169 84 - موقف الإسلام من المتخاذلين والمتكاسلين في الصلاة س: ما موقف الإسلام من المتخاذلين والمتكاسلين عن الصلاة (1) ج: موقف الإسلام أنهم متهمون بالنفاق في هذا، إذا عرفوا بالتساهل عن الصلوات فهذه علامة النفاق، موقف الإسلام منهم ذمهم وعيبهم على هذا، وأن الإنسان يذمهم إن تخلفوا عن الصلوات وتثاقلوا عنها، وصف الله بهذا المنافقين، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (2) فليفتش الإنسان عن عيوبه، وعليه أن يتوب إلى الله منها، فإن كان من عيوبه التكاسل عن الصلاة فليعلم أن هذا من صفات أهل النفاق، وأن يبادر بالتوبة إلى الله من ذلك، وليحذر من التخلق بأخلاقهم، وهكذا إن كان من عيوبه التدليس والغش للناس، فهذا من   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (304). (2) سورة النساء الآية 142 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 169 أعمال المنافقين أيضا، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (1) يقول عليه الصلاة والسلام: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان (2)» هذه من صفات المنافقين نعوذ بالله منهم وعملهم، ومن صفاتهم قلة ذكر الله، ومن صفاتهم الغفلة، قال تعالى: {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)، ومن صفاتهم الرياء في أعمالهم فيرائي، يقرأ يرائي، يتكلم بالخير يرائي، فالواجب الحذر من صفاتهم، وأن نقوم بأعمال مخلصة لله، نبتغي وجهه الكريم، لا رياء ولا سمعة.   (1) سورة النساء الآية 142 (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، برقم (33) ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان خصال المنافق برقم (59). (3) سورة النساء الآية 142 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 170 85 - بيان صفات من يؤم جماعة المصلين س: ما حكم من يصلي في حجرته، وبجانبه عمارة فيها قاعة يصلي فيها الطلبة، اتخذوا منها مسجدا، وليس لهم إمام محدد، وعذرهم أن الإمام يؤمهم وقد يكون حالقا للحيته، كما أنهم يطولون الصلاة أكثر من اللازم (1) ج: يلزم الجميع أن يصلوا في المساجد إذا كان قربهم مساجد،   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (349). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 170 يسمعون الأذان، أما إذا كان ما في قربهم مساجد فإن هذا الرجل يصلي معهم، يصلي مع الجماعة الطلبة وغير الطلبة، ويقدمون أفضلهم وأقرأهم، ولا يقدم حالق اللحية ولو كان أستاذا، ولو كان مدرسا، يقدم من هو أقرؤهم ممن وفر اللحية، وعرف بالخير من المدرسين أو غيرهم، ويلزم من كان حولهم أن يصلي معهم في الجماعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1)» والجماعة واجبة، وقد هم أن يحرق على أناس بيوتهم لما تخلفوا عن الجماعة.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 171 86 - حكم مجالسة من يصلي الفروض في بيته س: لي زميل ساكن معي وأعلم أنه يصلي، ولكن ليس في المسجد، وهو أعلم مني في أمور الدين، وأنا أصلي في المسجد، فهل علي شيء تجاه هذا، أو يلحقني شيء من إثم في بقائي معه (1) ج: عليك أن تنصحه في الله، وأن تعلمه أن الصلاة في الجماعة واجبة، وأنها من أهم الفرائض الصلاة، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (13). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 171 قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1)» فهذا الرجل الأعمى ما رخص له النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته مع أنه أعمى وليس له قائد، وفي رواية أنه شاسع الدار؛ بعيد الدار، ومع هذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الجماعة. فيجب على المسلمين جميعا من الرجال أن يصلوا في الجماعة، يصلوا في المساجد، كما فعل النبي وأصحابه، كانوا يصلون في المسجد عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم، وأمر بالصلاة في المساجد، وأخبر أن «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)»؛ كالمرض ونحوه. فعليك أن تنصح هذا، وأن تخوفه من الله عز وجل، وأن تقول له: يا أخي، اتق الله، صل في جماعة، ولا تدع صلاة الجماعة. فإن أصر على ترك الجماعة ولم يصل مع الناس فإنه يستحق الهجر، يستحق أن تهجره وتتباعد عن صحبته؛ لئلا يعديك   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 172 فتتأخر عن الجماعة؛ لأن المعاصي مثل الجرب، أصحابها قد يعدون، يعدون الناس، قد يسببون مرضا؛ بانتقال مرضهم إلى غيرهم، فالذي يتظاهر بالمعصية، ولا تنفع فيه النصيحة يستحق أن يهجر، ولا يتخذ جليسا ولا صاحبا، ولا تجاب له دعوة إلى وليمة ونحوها؛ حتى يعلم بشاعة ما فعل، وأنه جدير بأن يهجره إخوانه المستقيمون إذا أظهر المعصية، ولم يبال بالناس، كالذي يتظاهر بترك الصلاة في الجماعة في المساجد، أو يتظاهر بشرب الخمر، أو يتظاهر بحلق اللحى، ولا يبالي ولا يقبل النصيحة، أو يتظاهر بعقوق والديه وعدم برهما، أو يتظاهر بإسبال الثياب وجرها ولا يقبل النصيحة، أو يتجاهر بالتدخين، والتدخين من أقبح الأمراض، وهو شر كبير، فالواجب على من يتعاطاه التوبة إلى الله منه، كما أن السكر حرام ومنكر وكبيرة، فالتدخين فيه من الشر العظيم والبلاء الكبير ما فيه، فيجب ترك هذه المعاصي والحذر منها، ولا مانع، بل يشرع هجر أهلها إذا لم يستقيموا ولم يدعوا ما هم عليه، إلا إذا كان الهجر قد يزيد في الشر، وقد يجرهم إلى شر فينبغي تركه، وأن يعتاض عنه بالنصيحة الدائمة والتوجيه الدائم لهؤلاء؛ حتى يهديهم الله هم وأشباههم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 173 87 - حكم معاملة الوالد الذي يصلي الفروض في البيت س: يسأل المستمع ويقول: والدي هداه الله لا يصلي في المسجد، وإنما يصلي في البيت، نصحته كثيرا، فهل علي إثم تجاه والدي؟ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 173 وبماذا تنصحوني أن أفعل مأجورين (1) ج: عليك أن تنصحه بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، ولا تقطع الزيارة؛ لأن حقه عظيم، قال الله في حق الولد مع الكافرين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (2)، حق الوالد عظيم، تزوره وتدعو له بالتوفيق والهداية، وتوصيه بالصلاة في المسجد، وأبشر بالخير ولا تفعل شيئا يؤذيه؛ من كلام سيئ أو وجه معبس، لا، انبسط إليه، وتكلم معه وانصحه وادع له بالهداية والتوفيق، ولا تقطع زيارته، الوالد والوالدة حقهما عظيم.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (405). (2) سورة لقمان الآية 15 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 174 88 - حكم معاملة الزوج الذي ينهى عن إيقاظه للصلاة س: السائلة: أم سارة، من المدينة المنورة، تقول: زوجي أحيانا لا يؤدي بعض الصلوات في المسجد مع الجماعة، ولكنه يصليها في المنزل، وخاصة صلاتي الفجر والعصر، ويعلم الله بأنني حاولت معه كثيرا ولكن دون جدوى، فكنت دائما أحرص على إيقاظه لأداء الصلاة في المسجد، وكان يستجيب لذلك في أول الأمر، وبعد ذلك أصبح يرفض الاستيقاظ، وينبهنا على ذلك قبل نومه، ويقول: لا توقظوني، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 174 ولكنني أوقظه للصلاة رغبة في الأجر، وتحريا في الأجر، فأصبحنا على خلاف دائم بسبب ذلك الأمر، وتعبت تعبا نفسيا من كثرة الخلافات الزوجية والنقاش عند استيقاظه. وإذا طلبت من إحدى بناته أن توقظه فإنه يزجرهم وينهاهم عن ذلك؛ لذلك فإني في الأشهر الأخيرة تقريبا تركت إيقاظه تماما، فإذا استيقظ على الوقت صلى في المسجد، وإلا فإنه يصلي في المنزل. أرجو من سماحة الشيخ أن يبين لي هل علي إثم في عدم إيقاظه، وذلك لكثرة الخلافات الزوجية، وقد تسبب لي الإحراجات؟ وجهوني مأجورين، حيث تركت تأثيرا على صحتي وعلى نفسيتي. ج: الواجب على كل مؤمن ومؤمنة إنكار المنكر على من فعله، سواء كان زوجا أو غير زوج؛ لقول الله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1)، ولقوله عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (2)، ولقوله سبحانه: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (3) {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (4)،   (1) سورة التوبة الآية 71 (2) سورة آل عمران الآية 110 (3) سورة المائدة الآية 78 (4) سورة المائدة الآية 79 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 175 فلعنهم سبحانه على أعمالهم الخبيثة التي منها عدم التناهي عن المنكر. الواجب عليك إيقاظه والصبر على ما يحصل من بعض الأذى، وأبشري بالخير والأجر العظيم، وإذا كان يؤخر الصلاة إلى طلوع الشمس ويتعمد ذلك، أو يؤخر العصر إلى غروب الشمس هذا كفر أكبر؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها عمدا كفر أكبر على الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» أما إذا كان يقوم، ويصلي في الوقت، لكن لا يصلي في الجماعة هذه معصية، والواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك. وعليك أن تنكري عليه المنكر، وأن تجتهدي في ذلك وتصبري، وعلى بناته وعلى أمه إن كانت موجودة، وعلى أبيه إن كان موجودا أن يساعدوا في هذا؛ لأن الواجب التعاون على البر والتقوى، كما قال الله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (3)   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (3) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 176 وعليك مع ذلك أن تسألي الله له الهداية، احتسبي الأجر، واسألي الله له الهداية في سجودك وفي آخر صلاتك وفي غير ذلك من الأوقات، تقولين: اللهم اهد فلانا، اللهم أصلح قلبه وعمله، اللهم من عليه بالتوبة النصوح. لعل الله يهديه بأسبابك، وأبشري بالخير والأجر العظيم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 177 89 - حكم الزوج الذي يصلي بعض الفروض في البيت س: الأخت السائلة: أم أحمد، من الزلفي تقول: زوجي - هداه الله - لا يصلي، وقد ناصحته كثيرا، فهو يترك بعض الأوقات، ويصلي بعض الأوقات في البيت، هل من توجيه من سماحتكم حفظكم الله (1) ج: الواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يصلي الصلوات الخمس كلها في الجماعة في المساجد، ولا يجوز له ترك شيء منها، ولا الصلاة في البيت هذا منكر، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» وجاءه   (1) السؤال الحادي والستون من الشريط رقم (1429). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 177 رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (2)» هذا لا يجوز للمؤمن أن يصلي في البيت، بل يجب أن يصلي مع الناس، والذي يترك الصلاة كافر، نسأل الله العافية. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4)» فإذا كان لا يصلي بعض الأوقات اتركيه، اذهبي إلى بيت أهلك، لا تجلسي عنده؛ لأن ترك الصلاة كفر، نسأل الله العافية. فإذا كان هكذا ولم يسمع منك ولم يقبل النصيحة اتركيه، واذهبي إلى أهلك حتى يهديه الله أو يطلق.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 178 90 - حكم من يجمع الصلوات ويصليها في وقت واحد س: زوج أختي يصلي في البيت، ولا يصلي الصلوات في وقتها، بل يقوم بجمعها ويصليها أثناء العودة من العمل (1) ج: هذا منكر، لا يجوز هذا العمل، لا بد أن يصلي مع الجماعة، ويصلي الصلاة في وقتها، وليس له تأخيرها عن وقتها، بل يجب أن يصلي الصلاة في وقتها، ويجب أن يصليها في الجماعة أيضا مع إخوانه المسلمين؛ لأن الله وقت المواقيت، وقال جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (2)، يعني: مفروضا في الأوقات. وقال سبحانه: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (3) الآية. لا بد أن تقام الصلاة في وقتها، وليس له أن يؤخرها عن وقتها، وعليه أن يؤديها في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (4)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (361). (2) سورة النساء الآية 103 (3) سورة الإسراء الآية 78 (4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 179 المسجد، هل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1)» فأمره أن يجيب مع أنه أعمى ليس له قائد، فكيف بحال البصير؟ الوجوب عليه أشد وأعظم. وتأخير الصلاة عن وقتها كفر أكبر عند جمع من أهل العلم فإذا أخر الفجر حتى تطلع الشمس عمدا، أو أخر العصر حتى تغرب الشمس عمدا فهذا قد أخر الصلاة عن وقتها، فيكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» خرجه مسلم في صحيحه. فالواجب الحذر من التساهل بهذا الأمر. نسأل الله العافية والسلامة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 180 91 - حكم قبول الهدية من الذي يجمع الصلوات في وقت واحد س: وتقول أيضا: هل يجوز لنا أن نأكل مما يهديه لنا هذا الرجل؛ من أكل وخضروات وغيرها أم لا (1) ج: الهدية لها شأن آخر، إذا كان مكسبه طيبا لا بأس، الهدية تقبل حتى من الكافر إذا لم يكن هناك موجب لردها، الهدية أمرها أوسع،   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (361). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 180 لكن إذا أراد ردها هجرا له وتعزيزا له من باب التنبيه على خطئه، إذا رد هديته وهجره حتى يتوب يكون أصلح من باب التأديب، ومن باب الحث على إقامة الصلاة وأدائها، فإذا لم يقبل هديته ولم يزره وهجره هذا مشروع إذا كان فيه مصلحة، أما إذا كان قبولها والمجيء إليه مقابل الصلاح، ولأجل أن يستفيد فلا بأس. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 181 92 - حكم من يصلي في البيت بسبب الخجل الشديد س: السائل: خ. س، من مكة المكرمة، يقول: لي أخ شديد الخجل من الناس، إلى درجة أنه لا يصلي في المسجد، حيث إنه يصلي في المنزل بسبب هذا الخجل، فما حكم صلاته في مثل هذه الحالة (1) ج: الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي مع الناس، علموه ووجهوه إلى الخير، هذا الخجل لا وجه له، هذا ضعف وعجز وكسل لا يجوز، بل يجب عليه أن يبادر ويصلي مع الناس، ولا يجوز له أن يصلي في البيت.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (417). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 181 93 - الواجب على أفراد العائلة أن يصلوا جماعة إذا فاتتهم في المسجد س: نصلي في البيت أحيانا الصلاة المكتوبة أنا وإخواني ووالدي، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 181 ولكننا نصليها كل واحد لوحده، ولا نصليها مع إمام واحد منا على شكل جماعة، هل علينا إثم في ذلك إذا تركنا الجماعة في نفس البيت (1) ج: نعم، لا يجوز لكم ذلك، الواجب أن تصلوا جماعة، صلاة الجماعة واجبة، وأداؤها في المسجد واجب، كل هذا من الواجب، فالواجب عليكم أن تصلوا في جماعة، إذا لم يتيسر الصلاة في المسجد وجب أن تصلوا جماعة، يؤمكم أقرؤكم وأحسنكم يؤمكم، وإن استطعتم أن تذهبوا إلى المسجد وجب عليكم الذهاب إلى المسجد، إذا كنتم تسمعون النداء يجب الذهاب إلى المسجد، والصلاة مع المسلمين؛ لما تقدم من الحديث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (3)» فالواجب على المؤمن أن يصلي مع الجماعة، وأن يحرص ولا يصلي في البيت، إلا إذا بعد فلا يسمع النداء فلا بأس، ولكن يجتهد في أن يقيم هو وجيرانه مسجدا حولهم؛ حتى يصلوا   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (378). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 182 فيه، يلزمهم إذا قدروا أن يقيموا مسجدا حولهم ويصلوا فيه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 183 94 - دعوة وإرشاد لتارك الصلاة مع الجماعة س: أنا من أسرة تتكون من أكثر من عشرين فردا، وعندما أحثهم على الصلاة جماعة لا يستجيبون، فأصلي في بيتي وحدي، وجهوني ماذا أفعل معهم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: عليك أن تأمرهم بالمعروف، وأن تنهاهم عن المنكر، ومن المعروف أن يؤدوا الصلاة جماعة في المساجد مع المسلمين، ومن المنكر تركهم ذلك، فعليك أن تنكر عليهم ذلك، وأن تأمرهم بالمعروف، وأن تنصحهم دائما، وتخبرهم أن هذا منكر لا يجوز، وأن هذه مشابهة لأهل النفاق، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (2). والله أوجب على الرجال أن يصلوا في الجماعة في المساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (3)» والعذر هو المرض والخوف الذي يمنع الخروج.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (322). (2) سورة النساء الآية 142 (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 183 ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم لشخص استأذنه أن يصلي في بيته، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1)» أعمى ليس له قائد يلائمه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (2)» فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يؤمر بالإجابة والتوجه إلى المسجد فالبصير القادر من باب أولى، وعليك أنت أن تصلي في الجماعة، لا تصل في بيتك، عليك أن تصلي في الجماعة، وأنت تنصحهم دائما الذين معك في البيت أن يصلوا في الجماعة؛ لأن هذا هو الواجب على الجميع.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 184 95 - حكم من يلعب الورقة ويؤخر الصلاة س: في بعض الأحيان أبي يلعب الورقة، ويؤخر الصلاة، فهل في ذلك إثم (1) ج: نعم، يجب عليه أن يصلي مع المسلمين، ويحذر التساهل في ذلك، فإن الجماعة واجبة على المسلم، فإذا سمع النداء وجب عليه أن يجيب النداء، وأن يذهب ويصلي مع الناس، فإذا صلى وحده أثم،   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (213). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 184 الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي مع المسلمين، وألا يتساهل في الجماعة، لا بلعب الورق ولا غيره، ولعب الورق منكر؛ لأنه من آلات الملاهي، والواجب ترك اللعب والقيام إلى الصلاة، هذا هو الواجب على أبيك وعلى غيره، وعليك أن تنصحه كثيرا، وتستمر في ذلك وتصبر على النصيحة، لعل الله يهديه بأسبابك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 185 96 - حكم معاملة الجيران الذين لا يصلون في المسجد س: لي جيران هداهم الله لا يصلون مع الجماعة في المسجد، مع أن بيتهم قريب جدا من المسجد، وقد نصحهم الإمام عدة مرات فلم يستجيبوا، ماذا نفعل حيالهم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: عليكم النصيحة لهم بالحكمة والكلام الطيب، ولا تيأسوا، كرروا النصيحة؛ لأن الصلاة في الجماعة واجبة، والنبي عليه السلام قال: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» وجاءه رجل أعمى يستأذنه صلى الله عليه وسلم في الجماعة، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في   (1) السؤال الواحد والخمسون من الشريط رقم (350). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 185 بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «أجب (1)» فإذا كان هذا للأعمى وليس له قائد يقال له: أجب. كيف بالبصير الذي قد عافاه الله، وهو يسمع النداء؟ يجب أن يحضر الصلاة مع الجماعة، فإذا لم تنفع النصيحة وجب رفع أمره إلى الهيئة، أو إلى الإمارة والمحكمة حتى يؤدب.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 186 97 - حكم السكنى مع من لا يصلي الفجر س: إنني أسكن مع مجموعة من الناس، وعند أذان الفجر أنبههم بحلول وقت الصلاة، فلا يقومون لأدائها، فماذا علي في ذلك؟ جزاكم الله خيرا. ج: الواجب عليك نصيحتهم وتحذيرهم من هذه المعصية، فإن استجابوا وإلا فاتركهم واهجرهم، واترك النوم معهم؛ لأن ترك الصلاة في الجماعة معصية، وتركها في الوقت أعظم وأكبر، فالواجب عليك نصيحتهم والإنكار عليهم، فإن استجابوا وقاموا لصلاة الفجر في وقتها وإلا عليك أن تهجرهم وتغادر المكان، لا تكن صاحبا لهم، ولا مجالسا لهم؛ لئلا يجروك إلى شرهم. نسأل الله العافية والسلامة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 186 98 - حكم الاكتفاء بأذان المسجد المجاور إذا كانوا جماعة س: إنسان في جماعة وسمع الأذان، هل يجب عليه أن يؤذن، أو يكفيه الأذان الذي سمع (1) ج: الإنسان الذي في جماعة إذا سمع الأذان في أي مسجد فإن الواجب عليه، وعلى الجماعة أن يجيبوا الأذان، وأن يتوجهوا إلى المسجد، ولا يصلوا في محلهم، ولا حاجة إلى الأذان ولا غيره، بل يتوجهون إلى المسجد الذي سمعوا أذانه وهو قريب منهم، حيث يمكنهم الوصول إليه والصلاة معهم، إذا كان الأذان بالصوت الطبيعي فإن الغالب يكون المسجد قريبا، أما إذا كان بالمكبر قد يكون بعيدا، ووصلهم الصوت من بعد، فالحاصل أن الواجب عليهم التوجه إلى المسجد إذا أمكن، أما إن كان بعيدا لا يتيسر لهم الوصول إليه إلا بعد فوات الصلاة لبعده؛ ولأن الصوت سمعوه بواسطة المكبر؛ هو يأتي من بعيد فإنهم يكتفون بالأذان هذا، وتكفي الإقامة؛ لأن المقصود سماع الأذان ووجود ما يدعو الناس إلى الصلاة، ويعلمهم بالوقت وقد حصل المقصود. تكفيه الإقامة، إذا كان ما يتيسر له أن يصلي مع الناس لمرض، أو كونه حارسا، أو ما أشبه ذلك يكفيه الأذان ويقيم؛ يأتي بالإقامة فقط. أما إذا كان في محل قريب بحيث يستطيع الوصول إلى   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (1). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 187 محل الأذان، ويصلي مع الناس فالواجب على هؤلاء السامعين للأذان أن يجيبوا للحديث: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1)» هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام. فالواجب على من سمع الأذان أن يجيب المؤذن ويتوجه للمسجد، أو محل المسجد محل إقامة الجماعة؛ حتى يكثروا السواد، وحتى يحصل الاجتماع على طاعة الله عز وجل، وحتى يحصل الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لحضور الجماعة، لكن إذا كان هناك مانع من مرض أو خوف أو كونه حارسا لمال عنده لا يستطيع التوجه، أو لأن المكان بعيد سمعوا الصوت من بعيد بسبب المكبر، ولا يستطيعون الوصول إليه إلا وقد فاتتهم الصلاة فيصلون في مكانهم، ويكتفون بالأذان، إن أذنوا أذانا ثانيا فلا حرج؛ لأنه خير بلا شك، لا سيما مع البعد، وإن اكتفوا بالأذان فإنه كاف والحمد لله، وعليهم أن يقيموا فقط. أما الذي يتخلف لمرض أو خوف أو ما أشبه ذلك فعليه أن يقيم الصلاة، ويكتفي بالأذان.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 188 99 - حكم صلاة من سمع النداء بمكبرات الصوت لبعد بيته س: هل علي إثم إذا لم أصل الصلاة المكتوبة في المسجد؟ علما بأنني لا أسمع النداء إلا بمكبرات الصوت، أي أن المسافة بيني وبين المسجد هي كيلو متر واحد تقريبا، وأنا أجد مشقة في المحافظة الجزء: 11 ¦ الصفحة: 188 على حضور الصلوات الخمس في المسجد (1) ج: الواجب على من سمع النداء أن يجيب المؤذن، وأن يصلي مع الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3)» هذا أعمى ليس له قائد، مع هذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيب إذا كان يسمع النداء بالصوت العادي بدون مكبرات، أما إذا كان لا يسمع النداء إلا بمكبر فهو معذور، إذا صلى في بيته، أو صلى مع جيرانه في بيت أحدهم، حتى يوجد عندهم مسجد، يكون صوت المؤذن يسمعونه بدون مكبر، أما إذا كان لا يسمع إلا بمكبر فهو بعيد إذا شق عليه الذهاب إليه، لكن إن تجشم المشقة وصبر بالذهاب بالسيارة، أو على رجليه هذا خير عظيم وفضل كبير، لكن لا يلزم إذا كان فيه مشقة، إذا كان بعيدا لا يسمع صوت المؤذن إلا بمكبر فهو لا   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (378). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 189 يلزمه، لكن إذا تجشم المشقة وصبر وأحب المشاركة في الخير، هذا فيه خير عظيم. في الصحيح «أن رجلا كان أبعد الناس عن المسجد، وكان يأتي إلى المسجد ماشيا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له بعض الناس: لو اشتريت حمارا؛ فتركبه في الرمضاء، أو في الليلة الظلماء، فقال الرجل: إني أحب أن يكتب الله لي أثر خطاي ذاهبا وراجعا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «قد جمع الله لك ذلك كله (1)» جمع له أثر خطاه ذاهبا وراجعا وكان بعيدا، لكن صبر على التعب لحرصه على الأجر، لكن من كان لا يتحمل ويشق عليه ذلك لا بأس أن يصلي في بيته، أو مع جماعة له، إن كان عنده جماعة يصلي في بيت أحدهم، وإن استطاعوا أن يعمروا مسجدا وجب عليهم أن يعمروا مسجدا ويصلوا فيه فيما بينهم في حارتهم؛ لأن بناء المساجد أمر واجب على المسلمين مع القدرة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (663). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 190 100 - حكم أكل ذبيحة من لا يصلي في المسجد س: السائل يقول: ما حكم الشرع في نظركم في رجل لا يصلي في المسجد إلا يوم الجمعة؟ ما حكم أكلنا لذبيحته (1)   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (393). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 190 ج: يجب على المسلم أن يصلي جميع الصلوات في المسجد، والذي لا يصلي في المسجد ينكر عليه، ويعلم ويوجه إلى الخير، ولا يتشبه بالمنافقين، وإن عاند ولم يقبل استحق أن يهجر، ولا تقبل عزومته، ولا تأكل معه حتى يتوب، أما إذا أرشدتموه وقبل وصلى مع الناس فالحمد لله. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 191 101 - حكم التعامل مع الولد الذي لا يصلي إلا في البيت س: تقول السائلة: إن ولدها لا يصلي إلا في البيت، إلا في يوم الجمعة، فما هو توجيه سماحتكم (1) ج: هذا لا يجوز، والواجب على المكلف أن يصلي في المسجد مع المسلمين، ولا يجوز للمكلف أن يصلي في البيت، ولا لمن بلغ العشر، بل يصلي مع الناس، ويضرب على ذلك إذا تأخر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» ولما ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء للصلاة؟» قال: نعم.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (305). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 191 قال: «فأجب (1)» هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب. وفي رواية أخرى: «لا أجد لك رخصة (2)» فالواجب على كل مسلم مكلف أن يتقي الله، وأن يصلي مع الجماعة في المساجد، ولا يجوز له أن يصلي في بيته، بل هذا مخالف للأمر، وتشبه بالمنافقين، فالواجب الحذر من ذلك.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 192 102 - حكم من يصلي في البيت بحجة أنه يحث النساء على الصلاة س: ما حكم من يصلي الصلوات الخمس في بيته مع أولاده البنين والبنات؛ بحجة أن النساء يتساهلن في أداء الصلوات في غيابه، إذا ذهب إلى المسجد مع أنه يسمع النداء؟ وما حكم الأولاد الذكور الذين يمنعهم من الذهاب إلى المسجد، مع رغبتهم في صلاة الجماعة، ولكن يخافون من أبيهم (1) ج: الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي في المسجد هو وأبناؤه، وأما النساء فيعلمهن أن يصلين قبله أو بعده قبل أن يذهب، أو بعد أن يعود من المسجد، الأمر واسع بحمد الله، بإمكانهن أن يصلين بعد   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (312). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 192 مجيئه من صلاة الجماعة، الوقت واسع، أو في حال ذهابه إلى الجماعة، المقصود أن هذا ليس بعذر، النساء يعلمن، ويؤكد عليهن في أداء الصلاة، وهذا واجبهن، والصلاة عمود الإسلام في حق الجميع، وفي حق الرجال والنساء، من تركها كفر، نسأل الله العافية. والواجب عليه هو أن يصلي في المسجد وأولاده الذكور، هذا هو الواجب عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1)» وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد للمسجد يقودني، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2)» وفي رواية: «لا أجد لك رخصة (3)» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الأعمى: «لا أجد لك رخصة (4)». ويقول: أجب. فكيف بالبصير المعافى؟ وقد ثبت في الصحيحين أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). (4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 193 الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (1)» وهذا يدل على عظم الأمر، وأن التاركين لصلاة الجماعة جديرون بالعقوبة، ووصيتي لهذا الرجل وأبنائه أن يتقوا الله ويصلوا مع الجماعة، وأن يحذروا من عقاب الله وغضبه.   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 194 103 - حكم من يصلي في بيته لمتابعة صلاة أبنائه س: هنالك رجل يصلي بأبنائه في بيته، ونحن ننصحه كثيرا بأن يصلي في المسجد هو وأبناؤه، وهو يصلي في بيته، ويقول: للاطمئنان على أنهم صلوا. فهل عمل هذا الرجل صحيح، أم لا بد من صلاته في المسجد؛ بعد ذلك يأتي ويصلي بأولاده؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليه وعلى أولاده الصلاة في المسجد، عليهم جميعا الصلاة في المسجد مع الجماعة، وعليه أن يحاسبهم، وأن يستعين بالله عليهم حتى يصلوا معه في المسجد؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر (2)» فهو يجتهد في هذا، ويحرص حتى يذهبوا معه إلى   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (303). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 194 المسجد، ولا يجوز له أن يصلي في البيت، ومن تخلف منهم إن كان من عشر فأكثر أدبه، وإن كان من سبع فأكثر إلى العشر فلا تأديب عليه، لكن بالكلام الطيب، بالنصيحة والتوجيه، حتى إذا بلغ العشر استحق أن يضرب حتى يستقيم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 195 104 - حكم من يحافظ على الصلاة في المسجد ولا يأمر أولاده بالصلاة س: من أسئلة هذا السائل يقول: في كثير من البيوت أولاد بالغون، والآباء يذهبون إلى المسجد للصلوات، وهؤلاء الأولاد البالغون في البيوت إما نياما أو مشغولين، ولا يأمرونهم بالصلاة، فهل من كلمة لمثل هؤلاء يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: هذا لا يجوز، بل الواجب على آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم الكبار أن يأمروهم ويلزموهم بالصلاة ويضربوهم أيضا، حتى يصلوا مع الناس في المساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر (2)»   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (429). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 195 فإذا كان فوق العشر كان أشد وأشد، فالواجب على الآباء أن يأمروهم وأن يحرضوهم وأن يعاقبوهم أيضا، وهكذا إخوتهم الكبار. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 196 105 - واجب الآباء تجاه الأبناء في حثهم على أداء صلاة الجماعة س: السائل من الكويت يقول: كيف تكون المعاملة الصحيحة مع الأبناء حتى يكونوا ملتزمين بأمور دينهم الحنيف؟ فهل علي أن أجبرهم على الذهاب إلى المسجد في كل فرض؟ علما بأنهم في كثير من الفروض يصلونها في المسجد، إلا أن النوم في بعض الأحيان يأخذهم، وأنهم في بعض الأوقات يؤخرون الصلاة عن وقتها، بعضهم وصل إلى سن البلوغ. وكيف أحببهم في الدين الإسلامي الصحيح وبالصحبة الصالحة (1) ج: الواجب عليك أن تأمرهم بالصلاة، وأن تلزمهم بذلك حتى يصلوا مع الناس، ولا يصلوا في البيت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (2)» فكيف إذا بلغ الحلم؟ الأمر أعظم. المقصود أن الواجب عليك أن تأمرهم، وأن تلزمهم بالصلاة في الجماعة، وأن تؤدب من تخلف، ولا تضعف في هذا،   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (406). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 196 وعليك أن تنصحهم وتعظهم وتذكرهم بالقرآن والحديث، وتحثهم على صحبة الأخيار والطيبين حتى يساعدوك بهذا، ولا تغفل عن هذا الشيء، ولا تتساهل فالأمر عظيم وهم في ذمتك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 197 106 - واجب الأب تجاه أبنائه الذين لا يصلون س: إن كثيرا من الآباء لا ينصحون أبناءهم لتأدية الصلاة، فهل يأثم الأب (1)؟ ج: نعم، يأثم الأب الذي لا يأمر أولاده بالصلاة، وهكذا أخوهم، وهكذا عمهم وخالهم وأمهم كلهم يأثمون إذا تركوهم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، فيجب عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من واجب المؤمنين، والله سبحانه يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (2). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه (3)» فهم يقدرون على الإنكار بالكلام، فالأم تنكر، والأب والأخ الكبير والخال والعم   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (353). (2) سورة التوبة الآية 71 (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 197 وغيرهم، هذا من باب التعاون على البر والتقوى، الله سبحانه وتعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1)، ويقول سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4)، لا بد من التعاون على البر والتقوى، ولا شك أن الإنكار على من ترك الصلاة من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب الدعوة إلى الله عز وجل.   (1) سورة المائدة الآية 2 (2) سورة العصر الآية 1 (3) سورة العصر الآية 2 (4) سورة العصر الآية 3 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 198 107 - حكم الأبناء الذين لا يستجيبون لأداء الصلاة س: سؤال من المذيع: سماحة الشيخ، إذا تعب الأب في هذا الموضوع، ولم يستجب الأبناء الاستجابة المرجوة، فهل يطردهم من البيت (1)؟ ج: يطردهم أو يرفع أمرهم إلى ولاة الأمور حتى يتأدبوا، فإذا لم يتيسر ذلك يطردهم من بيته، يطردهم حتى تبرأ ذمته - نسأل الله العافية - إلا إذا استطاع تأديبهم من جهة ولاة الأمور. المذيع: إذا خشي أن يقعوا في مصائب أخرى سماحة الشيخ؟ سماحته: ليس هناك ذنب أكبر من الكفر، هو أعظم الذنوب.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (353). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 198 108 - حكم من يتساهل في حث أولاده على أداء الصلاة س: هذا السائل: م. أ. أ. من الدمام، يقول في سؤاله: كثير من أولياء الأمور - هداهم الله - لا يحرصون على حث أولادهم على أداء الصلوات المفروضة، فهم يتساهلون كثيرا معهم في ذلك، هل من كلمة - سماحة الشيخ - حول هذا الموضوع؟ وهل يأثمون في ذلك (1)؟ ج: نعم، الواجب على جميع المسلمين العناية بالصلاة وتوجيه أولادهم إليها، الواجب على الآباء والأمهات والإخوة العناية بهذا الأمر، فالأب يوجه أولاده، والأم كذلك، والأخ الكبير والعم، كلهم يتعاونون على البر والتقوى؛ لأن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2)، ويقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (3)، ويقول جل وعلا: {وَالْعَصْرِ} (4) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (5) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (6). فإذا تساهلوا يأثمون، والله جل وعلا يقول: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} (7)،   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (391). (2) سورة المائدة الآية 2 (3) سورة التوبة الآية 71 (4) سورة العصر الآية 1 (5) سورة العصر الآية 2 (6) سورة العصر الآية 3 (7) سورة طه الآية 132 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 199 ويقول سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (1)، ويقول سبحان: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (2). فالواجب على الآباء والأمهات والإخوة وغيرهم التعاون في هذا، وأن يستقيموا على الحق، وأن يلزموا أولادهم بالصلاة والمحافظة عليها، وأن يؤدبوا من تخلف.   (1) سورة التحريم الآية 6 (2) سورة آل عمران الآية 110 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 200 109 - وجوب تعليم الأطفال حرمة المسجد والصلاة س: أنا لي إخوان متعلمون، ولكنهم عند الصلاة لا يهتمون بها، ويصلون وهم يلعبون بالصلاة، وعندما أفرغ من الصلاة آمرهم بإعادة الصلاة فيرفضون ويهربون، وعندما أضربهم على ذلك تغضب الوالدة، فبماذا أتخلص من هذه المشكلة؟ علما أن أصغرهم عمره 10 سنوات، وأكبرهم عمره 15 سنة (1)   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (334). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 200 ج: الواجب عليك ما فعلت من تأديبهم والقيام عليهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين (1)» فإذا كان الوالد غير موجود فأنت في محل الوالد، فإن كان الوالد موجودا فيجب عليه أن يقوم بهذه المهمة، وعلى الوالدة أن تساعده في ذلك، وأن تعينك في هذا الأمر، وأن تتكلم عليهم وتزجرهم على ذلك، حتى تكون معك في هذا الأمر؛ لأن الله جل وعلا يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2)، فلا بد من التعاون بينك وبين الوالدة على البر والتقوى، وعليك أن تشرح لها الأمر بالعبارة الحسنة والأسلوب الحسن، وأن هذا شيء واجب حتى تعلم الحق وتستجيب للحق إن شاء الله. وإذا تيسر اصطحابهم للمسجد فهذا طيب، وإلا فالواجب سوقهم للمسجد سواء معه أو قبله أو بعده، لا بد من حضورهم لصلاة الجماعة، يصلون مع الناس في المساجد ولو بالضرب، ولو بالرفع إلى الهيئة إذا دعت الحاجة للهيئة؛ حتى يساعدوه على ذلك؛ لأن هذا أمر لازم. أما صلاة البيت فلا يصلوا في البيت، بل يجب أن يصلوا مع الناس، ويجب عليه أن يقوم عليهم بما يستطيع من الضرب والتوبيخ وغير ذلك.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له. (2) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 201 110 - حكم إمامة المرأة للأطفال في الصلاة س: إن والدي لا يهتم بإخوتي من حيث الصلاة، وأنا أصلي بهم من حيث تعويدهم، وأحيانا أصلي بهم وإن كنت معذورة شرعا؛ لئلا يتبين لهم عذر النساء، فما رأيكم (1) ج: الواجب على أبيهم العناية بهم، إن كانوا ذكورا يلزمهم بالصلاة مع الجماعة في المساجد ولو بالضرب حتى يستقيموا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (2)» فالوالد مسؤول عن أولاده، وعليه أن يجتهد في إقامتهم الصلاة، وصلاتهم مع الناس في المساجد حتى يعتادوها ويستقيموا عليها، أما إن كان الأولاد بنات فإنه أيضا يقوم عليهن، ويلزمهن بالصلاة ويؤدبهن إذا تكاسلن عن الصلاة، أما أنت فلا مانع أن تصلي بهن، إذا كن بنات تعلمينهن وتقفين وسطهن وتعلمينهن الصلاة؛ لأنهن بنات، أما الأولاد الذكور يلزمهم الخروج إلى المسجد، وليس للمرأة أن تصلي بهم، المرأة ما تصلي بالرجال، ولكن تقومين عليهم وتوجهينهم إلى الصلاة في المسجد ولو بالتوبيخ إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ولو بالضرب إذا كنت أنت الكبيرة   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (224). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 202 وهم الصغار إذا أهملهم أبوهم، ولا تصلي بهم أبدا إذا كانوا ذكورا، ولكن تأمرينهم وتجاهدينهم حتى يصلوا في الجماعة، وتشجعين الوالد على القيام عليهم، وتطلبين منه العناية بهم من باب التعاون على البر والتقوى، أما البنات فلا بأس أن تصلي بهن، وتعلميهن حتى يعتدن ذلك، والإمامة تكون وسط النساء لا قدامهن، أما أن تصلي بهم وأنت في الحيض لا يجوز هذا، هذا منكر، ليس لك أن تصلي بهن وأنت حائض أو نفساء ولو قصدت الخير، الحائض لا تصلي، ولا تستعمل أعمال الصلاة، ولا تصلي النفساء، ويحرم عليها هذا العمل، هذا شر عظيم ومنكر، نسأل الله السلامة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 203 111 - كيفية تعليم الأولاد وتربيتهم على أداء الصلاة س: سماحة الشيخ حفظكم الله، سائل يقول: كيف تكون تربية الأولاد؟ وكيف يتم تعليمهم عند الصلوات إذا كانوا قد نشؤوا نشأة غير صالحة (1) ج: بالمجاهدة يجاهدهم والدهم أو أخوهم الأكبر حتى يستقيموا على طاعة الله، يجاهدهم بالكلام الطيب والتأديب حتى يستقيموا على الصلاة، وعلى الأخلاق الطيبة، يحتاجون إلى مجاهدة وصبر، يقول جل   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (430). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 203 وعلا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (1)، ويقول جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته (3)» فلا بد من الصبر.   (1) سورة العنكبوت الآية 69 (2) سورة التحريم الآية 6 (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، برقم (893)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، برقم (1829). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 204 112 - حكم الصلاة في الدكاكين مع وجود المساجد س: السائل: م. ع. من السودان، يقول: ما حكم الصلاة جماعة في الدكاكين، مع وجود المساجد؟ هل تصح أم لا (1) ج: الواجب على المسلمين الصلاة في المساجد، الصلاة مع الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» ولأنه عليه الصلاة والسلام أمر الرجل   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (187). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 204 الأعمى الذي سأله، قال: «ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (1)» فأمره أن يجيب مع أنه أعمى وليس له قائد يلائمه. فالواجب على المسلمين أن يصلوا في المساجد في الجماعة، لكن لو صلى في دكانه أو صلى في بيته صحت مع الإثم، يكون آثما وعليه التوبة إلى الله، وعليه البدار بصلاة الجماعة في المستقبل، والصلاة صحيحة عند جمهور أهل العلم، لكنه قد أثم وأخطأ، وهكذا من صلوا في دكاكينهم كل هذا خطأ، الواجب عليهم أن يصلوا مع الناس في المساجد، وليس لهم أن يصلوا في الدكاكين، بل عليهم أن يقفلوها ثم يصلوا مع الناس ثم يرجعوا، حق الله مقدم وأوقات البيع والشراء ممتدة وطويلة، لكن نعوذ بالله من طاعة الهوى والشيطان.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 205 113 - حكم الصلاة في المتجر س: السائل من الأردن، يقول: أنا أعمل في بقالة طول النهار، ويؤذن للصلاة ولا أتمكن من الذهاب إلى المسجد؛ لأنني أعمل وحدي، وأجد صعوبة في إغلاق البقالة، والمسجد يبعد عنا ما يقارب من نصف كيلو، أي إن الرجل لو نادى بأعلى صوته لا يسمع، فما الجزء: 11 ¦ الصفحة: 205 حكم صلاتي في المحل أو بقالتي (1)؟ ج: الواجب عليك الصلاة مع الجماعة وإغلاق البقالة، كلما جاء الوقت، ولا ينبغي التساهل في هذا الأمر؛ لأن الله أوجب عليك الصلاة في الجماعة، فالواجب عليك البدار بذلك طاعة لله ورسوله عليه الصلاة والسلام، والله يقول: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} (2)، ويقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (3)، ويقول صلى الله عليه وسلم لما جاءه رجل أعمى، وقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (4)» فالواجب عليكم وعلى أمثالكم البدار بالصلاة في الجماعة وإغلاق المحل التجاري، سواء دكان أو بقالة أو غير ذلك حتى تصلوا مع إخوانكم، وتؤدوا ما أوجب الله عليكم من أدائها في الجماعة، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (410). (2) سورة البقرة الآية 238 (3) سورة البقرة الآية 45 (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 206 114 - حكم الصلاة في محل العمل س: أرى كثيرا من الناس يصلون في محل أشغالهم، ويقولون: إن هذا الشغل معهم يضطرون إلى العمل ثم يصلون فيه، ما حكم فعلهم هذا؟ جزاكم الله خيرا، إذ إني سمعت حديثا معناه: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له (1)» ج: الواجب على الرجال في كل مكان أن يصلوا في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر " قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (3)» ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة،   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 207 فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (1)» وهذا يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة، فالواجب على جميع الرجال القادرين أن يصلوا في الجماعة في المسجد، لا في موضع العمل إذا كان المسجد قريبا يسمعون النداء، أما إذا كان بعيدا لا يسمعون النداء فإنه لا حرج يصلون في مكانهم جماعة، يعني: سماع النداء دون الصوت بالمكبر. أما المكبر فيسمع من بعيد.   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 208 115 - حكم صلاة الطبيب والممرض داخل المستشفى س: هناك مسجد بالمستشفى للصلاة، ولكبر المستشفى ووسعه فإنه في أوقات الصلاة تتجمع فيه فئة قليلة، ويكون من بينهم إمام للصلاة، ويتركون المسجد، وهناك كذلك فئة غير كثيرة تصلي بالمسجد، ونحن الأطباء كلنا نتجمع وراء طبيب مصري يصلي بنا في ممر من ممرات المستشفى، وبعد مدة اكتشف الأطباء أن هذا الإمام الطبيب رجل ينقل الفتنة، ويتكلم في حق الناس وينقل النميمة، فهل لي أن أستمر بالصلاة وراءه أو أذهب للمسجد؟ وبالفعل انتقلت إلى المسجد، وهل أنا ملزم بإعادة الصلاة التي صليتها وراءه؟ أرجو الإفادة (1)   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (9). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 208 ج: الواجب على من في المستشفى ممن يستطيع الصلاة في المسجد أن يصلي في المسجد الذي بقرب المستشفى؛ سواء كان طبيبا أو ممرضا أو عائدا أو مريضا يستطيع الحضور في المسجد، الواجب عليهم أن يصلوا في المسجد؛ لأن الله جل وعلا شرع عمارة المساجد لتقام فيها الصلاة، كما قال سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (1). فالحاصل أن الواجب على من في المستشفى؛ الذي يقدر على الوصول إلى المسجد أن يصلي في المسجد، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» خرجه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما بإسناد جيد، وكذلك سأله أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (3)» فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: أجب. ولم يأذن له أن يصلي في بيته مع أنه كفيف، وليس له   (1) سورة النور الآية 36 (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 209 قائد يلائمه، وفي رواية: «شاسع الدار (1)» فدل ذلك على وجوب أداء الصلوات في المساجد، ولا فرق بين أهل المستشفى وغيرهم، والذين يصلون في بعض المستشفى قد خالفوا السنة وتركوا الواجب. أما الصلاة خلف الطبيب الذي ينقل النميمة ويحصل منه بعض الأذى، هذا الصلاة معه صحيحة، الصلاة خلف العاصي صحيحة، ولكن ينبغي ألا يؤم الناس إلا خيارهم، عليهم أن يلتمسوا الأمين والخير في الإمامة. فينبغي أن يختار للإمامة أفضل الناس؛ أقرؤهم ثم أعلمهم بالسنة إلى آخره، فقد ورد في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (2)» يعني: أقدمهم إسلاما. فالحاصل أنه يختار للإمامة الأحسن والأفضل فالأفضل، ولا يؤم الناس من هو معروف بالنميمة أو غيرها من الفسق، بل مثل هذا يجب على المسؤولين أن يبدلوه ولا يقروه، بل يلتمس غيره من هو أفضل منه إذا تيسر ذلك، ولو صلوا خلفه صحت الصلاة؛ لأنه من صحت صلاته   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو بن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (552)، وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (792). (2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 210 لنفسه صحت الصلاة خلفه، لكن ينبغي ألا يقر في الإمامة إلا من هو معروف بالعدالة والاستقامة، وأما الكافر فلا تصح الصلاة خلفه، من حكم بكفره لا تصح الصلاة خلفه، وإنما هذا في شأن الفاسق العاصي الذي ليس بكافر، وإذا لم يتيسر له إمام أصلح منه صلى خلفه، ولو صلى خلفه أيضا لحاجة إلى ذلك، أو لبعد المساجد الأخرى، أو ما أشبهها فلا بأس. المقصود أن الصلاة خلفه صحيحة، ولكن إن تيسر من هو أولى منه وأفضل منه فالصلاة خلفه أفضل وأحسن؛ خروجا من خلاف العلماء القائلين بعدم صحة الصلاة خلف الفاسق. وقد صلى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما خلف الحجاج في الحج، وكان الحجاج من أفسق الناس ومن أظلمهم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 211 116 - حكم الصلاة في المزرعة رغم قرب المسجد س: المستمع: ح. م. ع، بعث يقول: نحن جماعة في مزرعة، والمسجد يبعد عنا شيئا بسيطا، ونجتمع على فرش ونصلي، هل صلاتنا جائزة؟ ونحن نسمع النداء من المسجد، جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليكم أن تصلوا مع الجماعة، إذا كنتم تسمعون   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (348). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 211 النداء العادي بدون مكبرات، النداء العادي، تسمعون النداء بالصوت المعتاد في وقت الوجوب فعليكم أن تصلوا مع الناس، أما إذا كان بعيدا ما تسمعون النداء لبعده فلا يجب إلا إذا تيسر لكم الذهاب ولو بالسيارة، فهو أفضل لكم، كونكم تصلون مع الجماعة أفضل لكم، لكن ما يلزمكم إلا إذا كان قريبا منكم، تسمعون صوت النداء بغير مكبر في الأوقات الخالية من الأشياء التي تمنع الصوت. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 212 117 - حكم الصلاة في المزرعة جماعة لبعد المسجد س: هذا سائل من جمهورية مصر العربية، يعمل في مزرعة، يقول: نحن مجموعة من المسلمين يبلغ عددنا سبعة أفراد، نصلي صلاة الجماعة في المزرعة؛ لأن بيننا وبين المسجد حوالي عشرة كيلو، ولأن السائق يكون في الرياض يوميا للذهاب بالخضار، ويوجد سيارة في المزرعة، ولا يوجد سائق بديل يوصلنا إلى المسجد، نرجو من سماحتكم الرد على سؤالنا (1) ج: إذا كان الواقع كما ذكرتم من بعد المسجد وعدم تيسر السيارة فلا حرج أن تصلوا في المزرعة، إنما تجب الجماعة إذا كان الناس يسمعون النداء، ويستطيعون الوصول إلى محل المسجد، أما إذا كان   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (386). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 212 بعيدا إنما يسمعونه بالمكبر، أو كان لهم عذر كالمرضى لا يستطيعون الوصول فلا حرج عليهم، والحمد لله. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 213 118 - حكم الصلاة في السكن جماعة مع قرب المسجد س: إننا مجموعة من العمال نصلي في السكن، بينما المسجد يبعد عنا ما يقرب من كيلو متر فقط، هل صلاتنا صحيحة أم لا (1) ج: الصلاة صحيحة، لكنكم قصرتم في ترك الجماعة، والواجب عليكم أداؤها في جماعة في بيوت الله عز وجل، كما قال الله سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (2)، وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (3)» فالواجب عليكم أن تبادروا إلى أدائها في الجماعة في بيوت الله، أما ما مضى فالصلاة صحيحة، وعليكم التوبة والاستغفار إذا كنتم تسمعون النداء، إذا كانت الأصوات هادئة وسمعتم النداء العادي من المئذنة، ولكن بكل حال فينبغي لكم أن تسارعوا إلى أدائها في الجماعة، والحذر من   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (83). (2) سورة النور الآية 36 (3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 213 التساهل في أدائها في السكن، والغالب أن الكل يسمع النداء إذا كانت الأصوات هادئة، والمؤذن ذو صوت جيد، فالغالب أنه يسمع صوته من هذه المسافة، والله المستعان. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 214 119 - حكم فوات صلاة الظهر أو صلاة الجمعة بسبب العمل س: السائلون في هذا السؤال يقولون: نحن مجموعة من الشباب من جمهورية مصر العربية، نقيم بالمملكة، ونعمل لمدة ما يقارب من اثنتي عشرة ساعة - فترة مسائية - من السابعة مساء وحتى السابعة صباحا، في بعض الأوقات تفوتنا صلاة الظهر خاصة يوم الجمعة، وهذا الدوام الليلي بصفة مستمرة، مما يترتب عليه النوم بالنهار لفترات طويلة، ماذا نعمل في ذلك؟ وهل نأثم بتركنا صلاة الجمعة وصلاة الظهر (1) ج: نعم، عليكم أن تصلوا الجمعة وأن تصلوا الظهر مع الناس، ولا يجوز لكم الموافقة على عمل يمنعكم من ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف (2)»   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (410). (2) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 214 فالواجب عليكم أن تصلوا الجمعة، وأن تصلوا مع الناس، وعلى صاحبكم أن يسمح لكم بذلك، وأن تكون فترات الصلاة مستثناة، يجب عليكم وعلى صاحبكم، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، بل يجب أن تعتنوا بهذا الأمر، وأن تشترطوا عليه أن أوقات الصلاة مستثناة؛ لأنها فرض على الجميع، فالله يقول جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (1)، ويقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (3)» وجاء رجل أعمى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: «ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (4)» أعمى ليس له قائد أمره أن يجيب، يلتمس من يقوده حتى يوصله إلى المسجد.   (1) سورة البقرة الآية 238 (2) سورة البقرة الآية 43 (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 215 120 - حكم صلاة العامل إذا منع من الذهاب إلى المسجد س: يسأل السائل ويقول: بالنسبة لصلاة الجماعة في المسجد، يقول هذا السائل: إذا كان الشخص يسمع النداء ولا يذهب للصلاة في المسجد؛ وذلك لأن أصحاب العمل لا يعطونه إذنا بالذهاب فهل عليه إثم؟ وهل يواصل معهم هذا العمل بالرغم من ذلك (1) ج: ليس له أن يوافقهم، عليه أن يشترط ذهابه إلى الصلاة في المسجد، ولا يجوز له طاعتهم؛ لأن الرسول يقول: «إنما الطاعة في المعروف (2)» صلى الله عليه وسلم. فعليه أن يبين لهم أنه لا بد من الذهاب إلى المسجد والصلاة مع الجماعة، سواء كان العمل حكوميا أو غير ذلك، يعلم أن الصلاة لا بد منها في الجماعة.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (412). (2) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 216 121 - توجيه العناية بوجوب أداء صلاة الجماعة س: يقول السائل: مع الأذان للصلاة أكلف بالعمل، وتعبت كثيرا من هذه التكاليف في وقت الأذان، وكثير من المرات خرجت عن صوابي وضاق خلقي؛ لأنهم لا يكلفون بالعمل إلا مع الأذان، أو وقت الصلاة، وكنت دائما أشكو لهم هذا، وأبين لهم أن الصلاة لها الجزء: 11 ¦ الصفحة: 216 فضل كبير إذا كانت مع الجماعة، ولا يجوز تأخيرها لغرض من الأغراض التي يمكن تأخيرها؛ لم يستجيبوا لي. وجهوني ووجهوا أمثال هؤلاء جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم. والواقع أمامي رسالة أخرى سماحة الشيخ تعرض نفس الغرض، فما توجيهكم؟ وفقكم الله وجزاكم خيرا (1) ج: لا شك أن الواجب على المسلمين العناية بالصلاة، وأن تؤدى في وقتها من الرجال والنساء جميعا؛ لأنها عمود الإسلام وأعظم الأركان بعد الشهادتين، ولأنها أول شيء يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت له الصلاة صلح له بقية عمله، وإن ردت عليه صلاته رد عليه باقي عمله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالواجب على أهل البيت وعلى الموظفين في أي دائرة أن يتقوا الله في ذلك، وأن يتعاونوا على أداء الصلاة في وقتها في الجماعة، وأن يجيبوا المؤذن، وألا يشغل بعضهم بعضا بأشياء تعوقهم عن الصلاة مع الجماعة، أو عن الصلاة في وقتها، هذا يعم الرجال والنساء، فالواجب على أهل البيت أن يجتهدوا في أداء الصلاة في وقتها، والحرص على ذلك، وعلى الرجال أن يصلوها في الجماعة، إذا سمعوا النداء بادروا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا:   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (291). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 217 ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2)» خرجه مسلم في الصحيح. فإذا كان أعمى ليس له قائد يقال له: أجب. هذا يصلي في الجماعة في المسجد فكيف بغيره من الناس؟ فالواجب على جميع الرجال المستطيعين أن يصلوا في المسجد ويجيبوا المؤذن، وأن يخرجوا من بيوتهم ومنازلهم ودوائرهم إلى المساجد، إلا من عذره الله كالمريض، فالمريض يصلي على حسب حاله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3). يقول ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (4)» ولا يجوز لمدير دائرة أو رئيس الدائرة، أو صاحب البيت أن يشغل أولاده أو الموظفين بأعمال تمنعهم عن صلاة الجماعة، تعوقهم عن صلاة الجماعة، بل يجب أن يكونوا   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (3) سورة التغابن الآية 16 (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 218 متعاونين على المبادرة في أداء الصلاة في الجماعة، وعلى تأجيل الأشغال الأخرى التي قد تعوق إلى ما بعد الصلاة، أو تقديمها قبل الصلاة بوقت، أما أن يشغل الموظفون بها وقت الصلاة حتى يتخلفوا عن صلاة الجماعة فهذا منكر عظيم، فالواجب تركه والحذر منه، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 219 122 - حكم التكليف بالعمل وقت الصلاة س: ما على العامل أو السائق أو الخادم إذا جوبه بمثل هذه القضية سماحة الشيخ (التكليف بالعمل وقت الصلاة) هل له ذلك، أو تنصحونه بأن ينتقل إلى جهة أخرى تمكنه من تأدية صلاة الجماعة (1) ج: الواجب على السائق والعامل، وكل موظف أن يقدم حق الله، يصلي في جماعة، يوقف السيارة ويصلي في الجماعة والحمد لله، والعامل يوقف العمل يصلي مع المسلمين أوقات الصلاة مستثناة، ليست داخلة في العمل إلا إذا كان حارسا، يصلي في محل حراسته ولا يهمل محله، أو المريض فهو معذور، أو معه في السيارة ما يخشى عليه فلا بأس أن يؤديه إلى جهته، ويحرص مستقبلا على أن يحتاط لهذا   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (291). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 219 الأمر في جميع الأوقات. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 220 123 - حكم العمل في جهة لا تمكن العاملين من الصلاة في وقتها س: من كان عمله في الإمكان أن يؤجل إلى ما بعد الصلاة، كيف تنصحونه (1)؟ ج: يجب عليه أن يؤجل، وإذا كانت الجهة المسؤولة لا تمكنه ينتقل إلى جهة أخرى، يستقيل ويطلب جهة أخرى، والله يسهل أمره، يقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (2)، ويقول عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (3)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل (4)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «إنما الطاعة في المعروف (5)» فالرئاسة التي تمنعه من صلاة الجماعة، أو الإدارة أو رئيس   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم 491. (2) سورة الطلاق الآية 2 (3) سورة الطلاق الآية 4 (4) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (1098). (5) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 220 العمل أو ما أشبه ذلك لا يجوز أن يطيعه في ذلك، أو رئيس العائلة: «إنما الطاعة في المعروف (1)» ليس للمكلف أن يطيع أحدا في معصية الله عز وجل.   (1) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 221 124 - حكم تأخير الصلاة عن وقتها بسبب منع صاحب العمل س: يقول: أعمل سائقا لدى صاحب مصلحة، وصاحب العمل لا يسمح لنا بالصلاة في وقتها، ويهددنا بالفصل إذا تركنا العمل وذهبنا للصلاة، علما بأنه مواظب على أداء الصلوات في أوقاتها، فأفيدونا ماذا علينا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليكم الصلاة في الجماعة، والواجب عليه أن يسمح لكم بذلك، ولا يجوز له أن يمنعكم من ذلك، ليس له حق في ذلك، الواجب عليكم عدم طاعته في هذا: «إنما الطاعة في المعروف (2)» نسأل الله لنا ولكم وله الهداية.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (292). (2) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 221 125 - حكم صلاة الحارس في المتجر إذا خيف من السرقة س: السائل هذا مصري، ومقيم في المملكة، يقول: أنا أعمل حارسا الجزء: 11 ¦ الصفحة: 221 على معدات في شركة لوحدي في المحل، ويوجد جامع صلاة يبعد عن محلنا ثلاثة كيلو مترات، هل أترك المحل أو محل عملي وأذهب للصلاة في الجامع، أم أصلي في محلي ظهرا (1) ج: إذا كنت مأمورا بالحراسة وتخشى على المحل لا تذهب، صل في المحل، أما إذا كان المحل ما عليه خطر، في محل يغلق تذهب وتصلي وتعود، تذهب وتصلي مع الناس، أما إذا كان المحل عليه خطر وأنت مأمور بالحراسة دائما حتى وقت الصلاة فأنت معذور، تصلي في محلك.   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (421). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 222 126 - حكم الصلاة في البيت لمن لا يسمع نداء الصلاة لبعد المسجد س: يقول الأخ: إنه يبعد عن المسجد حوالي ثلث ساعة، ولا يسمع الأذان إلا في أوقات الهدوء، وذلك عبر مكبرات الصوت، هل صلاتي في البيت مقبولة؟ علما بأنه لا يوجد ما يخيفني (1) ج: إذا بعد الإنسان عن المسجد حيث لا يسمع النداء المعتاد فإنه لا يلزمه، النبي عليه الصلاة والسلام قد قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (424). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 222 صلاة له إلا من عذر (1)» وقال للأعمى: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2)» فإذا كان في محل بعيد لا يسمع النداء المعتاد إلا بمكبرات الصوت فإنه لا يلزمه، لكن إذا احتسب الأجر وصبر وذهب إلى المسجد فهذا خير له، فيه فضل عظيم.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 223 127 - مسألة في حكم الصلاة بالمزرعة لعدم سماع الأذان بالمسجد س: أبو معاذ يقول في هذا السؤال: بأنه يعمل في مزرعة، ومتزوج ولا يوجد معه أولاد، ويبعد عن المسجد مسافة من اثنين إلى ثلاثة كيلو مترات، فهل تجوز الصلاة في المزرعة؟ علما بأن المزرعة منعزلة عن القرية التي بها المسجد (1)؟ ج: لا بأس، إذا كان لا يسمع النداء كيلوين أو ثلاثة يصلي وحده، وإن صبر وذهب إلى المسجد فهذا خير عظيم وفضل كبير، وإن صلى وحده فلا بأس؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من سمع النداء (2)» فإذا كان يسمع النداء لو هدأت الأصوات، يسمع النداء بغير مكبر يلزمه، أما إذا كان في محل بعيد لا يسمع النداء فإنه لا يلزمه.   (1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (414). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 223 128 - حكم صلاة من كان عمله في الصحراء س: بحكم طبيعة عملي في الصحراء، وبعدي عن المدينة فإنني أصلي دائما في مكان عملي طوال الأسبوع، وقراءتي للقرآن ليست بالشكل الصحيح المضبوط، أفيدوني وفقكم الله (1) ج: ليس عليك حرج، ما دمت بعيدا عن المدن لا تسمع النداء تصلي في مكانك، وعليك أن تجتهد في قراءة القرآن وإقامة الحروف ولو في المصحف، وأهم شيء الفاتحة، لا بد أن تقيمها؛ لأنها ركن الصلاة، وما سواها مستحب، لكن عليك أن تجتهد حتى تقيم الفاتحة، وتقرأها على من هو أعرف منك حتى تقيمها وتحفظها جيدا.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (354). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 224 129 - حكم من حلف أنه لا يصلي خلف إمام معين س: يقول السائل: حصل بيني وبين عمي نقاش، وقد كان يصلي بنا، وأنا حلفت بالله لا أصلي خلفه، وفي أيام رمضان أنا تقدمت إماما، وحينما بدأت أكبر قال لي: ارجع في الصف. وأنا رجعت وصليت وحدي قرب الصف؛ لأنني حلفت بالله، هل يجوز ما فعلت؟ جزاكم الله خيرا، وما الحكم إذا ما أردت الصلاة خلفه (1)   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (264). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 224 ج: الواجب عليك أن تصلي في الجماعة، ولا تصلي وحدك، وعليك كفارة اليمين، عليك أن تكفر عن يمينك بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، أما أن تصلي وحدك فهذا لا يجوز، والجماعة واجبة عليك وعلى غيرك من المسلمين في مساجد الله مع إخوانك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له المصطفى عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2)» إذا كان رجل أعمى يجب عليه أن يجيب كيف بغيره؟ وهو ليس عنده قائد أيضا، بل يحتاج إلى طلب الناس ليقودوه، فاتق الله واحذر وتب إلى الله مما فعلت، وكفر عن يمينك، وصل مع الناس، واقتد بالإمام، واستغفر ربك مما فعلت سابقا، وتب إليه، وعليك كفارة يمين؛ وهو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم كل واحد له نصف الصاع، تمر أو أرز من قوت بلدك، نصف صاع (كيلو ونصف) من قوت بلدك، أو كسوة تجزئه للصلاة كإزار ورداء أو قميص.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 225 130 - حكم التخلف عن صلاة الجماعة إذا كان المسجد بدون إمام س: بقربي مسجد، ولكنه بدون إمام، فهل يجب علي أن أصلي فيه؟ وإذا كان لهذا المسجد إمام فهل علي إثم إن صليت في بيتي (1) ج: الواجب الصلاة في جماعة، وليس لك أن تصلي في بيتك، وإن كان المسجد ليس فيه إمام فإنهم يقدمون أحدهم، يقدمون أقرأهم وأفضلهم يصلي بهم، وليس لك أن تصلي في البيت، وإذا قدموك؛ لأنك أقرؤهم وأفضلهم فصل بهم، ولا يجوز لك ولا لغيرك الصلاة في البيت وترك الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» والعذر هو: المرض والخوف ونحوهما، مما يمنع الإنسان من الذهاب إلى المسجد، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاء رجل أعمى، «جاء إلى النبي رجل أعمى يستأذن: هل يصلي في بيته؟ وذكر له أنه ليس له قائد يقوده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ "، سأله النبي: هل تسمع النداء؟ يعني: الأذان. قال: نعم. قال: " فأجب (3)» فإذا كان   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (298). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 226 الأعمى الذي ليس له قائد يؤمر بالإجابة فكيف بغيره ممن عافاهم الله؟ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 227 131 - حكم بناء مسجد مع وجود جامع قريب منه يصلى فيه س: عندنا قرية يوجد بها مسجد جامع يبعد عنا حوالي ثلاثمائة متر، ولكننا لا نصلي فيه رغم أننا نسمع الدعاء، ولا يصلي فيه أحد إلا أصحابه، ثم قام أبي طالبا الأجر والثواب ببناء مسجد إلى جوار بيتنا، وصرنا نصلي فيه جماعة كل فرض، أنا وأبي وإخوتي وأولادهم، ولكن بعض الناس قالوا: إن هذا المسجد لا تجوز فيه الصلاة؛ لأن الجامع قريب منا. والسؤال: هل نهجر هذا المسجد الصغير الذي بناه والدي ونذهب إلى الجامع - وليس في ذلك شيء - أم نصلي فيه كل فرض جماعة؟ مع العلم يا سماحة الشيخ أننا نصلي الجمعة في الجامع، أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليكم أن تصلوا في الجامع؛ لأنه قريب منكم، فإذا كان هناك أسباب أخرى بينكم وبينه؛ شارع يضركم، يعني: فيه خطر. فلا بأس، أما ما دامت الطريق سليمة، والمسافة التي بينكم مثل ما ذكرتم: ثلاثمائة متر، وليس هناك مانع فإن عليكم أن تصلوا في الجامع، وأن تهدموا هذا المسجد؛ لأنه في حكم الضرار، لا حاجة إليه، فالواجب   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (186). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 227 عليكم أن تصلوا الجمعة والجماعة مع إخوانكم في هذا الجامع القريب منكم، إلا أن يكون هناك مانع يمنعكم، أو طريق كثير المرور يخشى عليكم منه فهذا لكم عذر في الفرائض خاصة دون الجمعة، أما ما دام الطريق سليما وليس بينكم أخطار، ولا ما يوجب عدم الصلاة معهم فالواجب عليكم أن تصلوا معهم، وأن تكثروا سوادهم؛ لأن المطلوب في الجماعة تكثير المسلمين، وتجميعهم في بيوت الله، والتعاون على البر والتقوى، والحرص على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، لا ينبغي التفرق. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 228 132 - حكم الصلاة في المسجد البعيد طلبا للأجر س: رجل يصلي في المسجد المجاور له، مراعيا في ذلك حق الجوار، ورجل يصلي في الجامع الكبير البعيد عن بيته تاركا هذا المسجد المجاور له؛ بقصد كثرة الثواب نظرا لكثرة الناس فيه، وأنه كلما كثرت الخطى كثر الأجر، فنسأل الآن من هو صاحب الأجر الأكثر (1)؟ ج: لا شك أن الذي يطلب المسجد البعيد، ويصبر على التعب يكون له الأجر أكثر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى (2)» لكن إذا كانت الصلاة في   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (336). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (651)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (662). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 228 المسجد القريب تجمع الناس، ويعظهم ويذكرهم ويحصل بذلك النفع لهم فصلاته معهم أولى، أما إذا كان لا يفقد ولا يتأثر المسجد به فالمسجد البعيد يزيد به أجر الخطوات، وهو على خير إن شاء الله بلفظ الحديث: «أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى (1)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (651)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (662). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 229 133 - حكم السفر إلى بلاد غير إسلامية ولا يوجد بها مساجد س: ما حكم من يسافر إلى بلد غير إسلامي للدراسة، أو للعمل لعدد من السنوات؟ هل يختلف الحكم إذا كانت المدينة التي يقيم فيها مدينة كبيرة؛ يوجد فيها مساجد ومراكز إسلامية وآلاف المسلمين، أو كانت مدينة صغيرة لا يوجد بها مساجد، وقد لا يوجد بها مسلمون؟ وهل يعذر من صلاة الجماعة في هذه الحالة؟ نرجو من سماحتكم الإجابة (1) ج: ينبغي للمؤمن ألا يسافر إلى مثل هذه البلاد التي فيها كفر؛ لا للعمل ولا للدراسة إذا وجد فسحة حتى يتعلم في غيرها، أو يعمل في غيرها؛ لأنه على خطر من خلطتهم، ولكن إذا كانت البلدة فيها مراكز إسلامية ومسلمون يستطيع ينضم إليهم، ويتعاون معهم في الخير، هذا أسهل من البلاد التي ليس فيها أحد من المسلمين، أما إن كان عنده   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (358). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 229 علم وعنده بصيرة، وسافر إلى الدعوة إلى الله والتعلم فلا بأس، أما الطالب الذي مازال ليس عنده علم يصونه من شبهاتهم فهو على خطر، ينبغي أن يتعلم في بلاده أو يلتمس بلادا سليمة حتى يتعلم فيها، ولا يذهب إلى بلاد الكفر، وهكذا للعمل لا يذهب للعمل في بلاد الكفر؛ لأنه على خطر أن يجروه إلى دينهم. في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين (1)» فإذا كان بينهم هو على خطر من شرهم ومكايدهم، إلا إذا كان عنده علم وأظهر دينه.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، برقم (2645) والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، برقم (10604). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 230 باب أحكام الإمامة 134 - حكم قراءة الفاتحة لمن لم يدرك مع الإمام تكبيرة الإحرام س: ماذا على المصلي إذا لم يدرك مع الإمام تكبيرة الإحرام؟ بل وجد الإمام يقرأ في السورة الثانية بعد الفاتحة مثلا، هل يبدأ بالاستفتاح أم بالفاتحة (1) ج: يكبر ويقرأ الفاتحة إذا كان يخشى ركوع الإمام، أما إن كان يعرف من حال الإمام وقراءته أنه يمكنه يستفتح ويأتي بالفاتحة فلا بأس، لكن الأقرب - والله أعلم - أنه لا يستفتح خصوصا إذا كانت جهرية؛ لأنه مأمور بالإنصات، لكن الفاتحة مستثناة، يأتي بالفاتحة ولا يستفتح، أما إذا كانت سرية ويظن أنه يمكنه أن يقرأ، ويستفتح فإنه يستفتح ثم يقرأ الفاتحة.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (284). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 231 135 - حكم قراءة دعاء الاستفتاح والإمام يقرأ س: إذا جاء الرجل إلى المسجد والإمام يقرأ هل يكبر ويستمع، أم الجزء: 11 ¦ الصفحة: 231 يقرأ دعاء الاستفتاح ثم الفاتحة ثم يستمع (1) ج: إذا كبر يستمع، لكن يقرأ الفاتحة، أما الاستفتاح فيستحب، يسقط، لكن يقرأ الفاتحة ثم ينصت، إذا كان الإمام لا يسكت.   (1) السؤال السادس والخمسون من الشريط رقم (431). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 232 136 - حكم من أدرك الركوع ولم يقرأ الفاتحة س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الركوع وقد أدرك الركوع، لكنه لم يقرأ الفاتحة (1) ج: إذا أدرك الركوع أجزأته الركعة على الصحيح، وهو قول جمهور أهل العلم؛ لأنه ثبت من حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه، «أنه أتى ذات يوم والنبي راكع - عليه الصلاة والسلام - فركع معه، ركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " زادك الله حرصا، ولا تعد (2)» ولم يؤمر بقضاء الركعة، خرجه الإمام البخاري في الصحيح، وهذا يدل على أن الإنسان إذا فاته القيام أجزأته الركعة قبل الرفع من ركوعها، وسقطت عنه الفاتحة؛ لأنه معذور لكونه لم يحضر القيام، هذا هو الصواب، وعليه الأئمة الأربعة   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (262). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 232 رحمهم الله؛ لحديث أبي بكرة هذا. وقال جماعة من أهل العلم: إن القراءة على المأموم ليست واجبة، أعني قراءة الفاتحة. ونقل هذا عن الجمهور أن القراءة ليست واجبة على المأموم؛ قراءة الفاتحة، ولكن الأرجح أنها واجبة عليه؛ لعموم الأحاديث، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ " قلنا: نعم. قال: " لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» فهو حديث جيد، لكن إذا فاته القيام وأدرك الركوع أجزأه الركوع؛ لحديث أبي بكرة الذي تقدم، وهكذا لو نسي الفاتحة أو جهل الحكم يحسب أنه لا حرج عليه، فإن ركعته تجزئه، فالقراءة في حق المأموم واجبة، تسقط بالنسيان والجهل، وعدم إدراك القيام، بخلاف قراءة الفاتحة بحق الإمام فإنها ركن لا بد منه وهكذا في حق المنفرد ركن، لا تصلح الصلاة بدونها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» واتفق العلماء على صحته.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب برقم (823). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. . .، برقم (394). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 233 137 - بيان ما ينبغي من التكبيرات لمن أدرك الإمام راكعا س: من أدرك الإمام راكعا فهل تلزمه تكبيرة أو تكبيرتان؛ تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع (1) ج: نعم، إذا أدرك الإمام راكعا فإنه يكبر أولا وهو واقف تكبيرة الإحرام، ثم يكبر حين ينحني للركوع، هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو الأصل، الأصل أن يكبر تكبيرتين؛ الأولى: وهي تكبيرة الإحرام، وهي فرض عند الجميع لا بد منها. والثانية: فرض عند بعض أهل العلم، وهي تكبيرة الركوع. وذهب الأكثرون أنها سنة، وذهب الإمام أحمد وجماعة من السلف والخلف إلى أنها فريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر وأمر بالتكبير، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» في الركوع والسجود، فدل ذلك على وجوب التكبيرات، تكبيرات النقل تأسيا به صلى الله عليه وسلم، وتنفيذا لأمره، أما تكبيرة الإحرام وهي الأولى فهذه فريضة عند الجميع، لا يدخل الصلاة إلا بها، من دخل الصلاة بالنية ولم يكبر لم تنعقد صلاته، فلا بد من التكبير في أول الصلاة، وهي التكبيرة التي يقال لها: تكبيرة الإحرام. وهي المذكورة في   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (75). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 234 قوله - صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم (1)» يعني: التكبير الأول. لكن إذا جاء والإمام راكع فقد يضيق الوقت، فإن ترك تكبيرة الركوع صح عند جمع من أهل العلم لضيق الوقت، ولكن إذا أتى بهما فهو الأحوط، وفيه خروج من الخلاف، فينبغي له أن يأتي بها على الأصل، يكبر وهو واقف التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام، فيكبر الثانية عند انحنائه وانخفاضه للركوع متى تيسر ذلك، فهذا هو الأحوط والأولى، ومتى ترك الثانية للضيق أجزأته الركعة - والحمد لله - في أصح قولي أهل العلم.   (1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1009) وأبو داود في كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم (61) والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، برقم (3) وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب مفتاح الصلاة الطهور، برقم (275). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 235 138 - بيان عدد التكبيرات لمن أدرك الإمام في حال الركوع س: كم تكبيرة يكبرها المأموم عندما يأتي والإمام في حال الركوع؟ أرجو التفصيل في هذه المسألة (1) ج: يكبر تكبيرتين؛ إحداهما: وهو واقف، وهذه التكبيرة الأولى،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (227). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 235 وهي تكبيرة الإحرام، وهي ركن لا بد منه، ولا تنعقد الصلاة إلا بها. ثم ينحط مكبرا للركوع، فإن خاف أن تفوته الركعة اكتفى بالأولى، وكفت عن تكبيرة الركوع في أصح قولي العلماء؛ لأنهما عبادتان اجتمعتا في محل واحد، فاجتزئ بالعظمى منهما؛ وهي تكبيرة الإحرام، لكن شرط أن يؤديها وهو واقف قبل أن يركع بنية التكبيرة الأولى، وإذا أمكنه أن يأتي بالثانية وهو في هويه إلى الركوع كان هذا هو الأكمل، فإذا لم يتيسر ذلك لضيق الوقت كفته التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 236 139 - بيان كيفية التكبير لمن أدرك الإمام في حال الركوع أو السجود س: لو أتيت والجماعة في الركوع، أو السجود فهل تكفي تكبيرة الركوع أو السجود، أم لا بد من تكبيرة قبلها للإحرام، ثم تليها تكبيرة الركوع أو السجود (1) ج: إذا جاء والناس ركوع فإن الواجب عليه أن يكبر تكبيرة الإحرام أولا، ثم إن تيسر له أن يكبر عند انحنائه للركوع فإنه يكبرها، وإن لم يتيسر ذلك أجزأته التحريمة؛ تكبيرة الإحرام تجزئه على الصحيح، ولكن إن أتى بهما جميعا فهذا هو الأفضل والأكمل؛ خروجا من خلاف   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (42). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 236 العلماء، ثم يركع مع إمامه وتجزئه الركعة هذه، وليس عليه قضاء الركعة، بل تجزئه هذه الركعة التي أدرك الإمام فيها في حال الركوع، وأما إن جاء وهو في السجود فإنه يكبر تكبيرة الإحرام فقط وهو واقف، ثم ينحط ساجدا بدون تكبير، ولا تجزئه هذه الركعة؛ لأنه فاته ركوعها وقيامها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 237 140 - حكم من أدخل تكبيرة الإحرام مع الركوع س: ما حكم من وجد الإمام راكعا في الهوي، فكبر تكبيرة الإحرام ثم أدخل تكبيرة الركوع فيها؟ هل تصح صلاته أم لا (1)؟ ج: من أدرك الإمام راكعا تجزئه التكبيرة الأولى في أصح قولي العلماء؛ لأنها هي الفريضة العظمى، وهي كالركن الأعظم، ولا تنعقد الصلاة إلا بها، أما تكبيرة الركوع فهي قيل بوجوبها وقيل بسنيتها، فهي أدنى من التكبيرة الأولى، فإذا ضاق الوقت أجزأت التكبيرة الأولى، وهي العظمى وهي الركن، عن التكبيرة الثانية؛ تكبيرة الركوع، وإن أتى بهما جميعا فذلك أفضل وأحوط، ثم يركع يكبر الأولى وهو قائم، ثم يكبر منحطا للركوع، وهذا هو الكمال، وإن لم يكبر الثانية واقتصر على الأولى أجزأه ذلك على الصحيح.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (39). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 237 141 - حكم من أدرك الركوع ولم يقرأ بفاتحة الكتاب س: من اليمن أ. ف، يقول: سماحة الشيخ، هل من أدرك الإمام راكعا فقد أدرك الركعة وإن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) ج: نعم، إذا أدرك الإمام راكعا أدرك الركعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر له أبو بكرة أنه أدركه وهو راكع أمره ألا يعود؛ لأنه ركع دون الصف، ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل على إجزائه، قال: «زادك الله حرصا ولا تعد (2)» لما ركع دون الصف، خاف أن تفوته الركعة.   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (426). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 238 س: إذا دخلت المسجد، ووجدت الإمام راكعا أو ساجدا هل لي أن أستفتح الصلاة في هذه الحالة، أم يكفيني استفتاح الإمام (1) ج: إذا وجدته راكعا أو ساجدا فكبر وادخل معه، وليس هناك حاجة إلى الاستفتاح، كبر وادخل معه في الركوع، كبر وادخل معه في السجود، والحمد لله، وليس هناك حاجة إلا إذا كان قائما تكبر وأنت قائم ثم تستفتح، ثم تقرأ الفاتحة.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (164). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 238 142 - بيان كيفية إدراك الركعة مع الإمام س: رجل دخل المسجد والإمام راكع وكبر للركوع، وفي خلال نزوله للركوع كان الإمام يرفع من الركعة، هل يكون الرجل قد أدرك الركعة، أم لا؟ وإذا كان لم يدركها فمتى تتحقق الركعة (1) ج: إن استوى راكعا قبل أن يرفع إمامه فقد أدرك الركعة، إذا وصل إلى حد الركوع قبل أن يرفع إمامه فقد أدرك الركوع، أما إن شرع الإمام رافعا قبل أن يصل حد الركوع فيعتبر غير مدرك، ويقضي هذه الركعة التي لم يدرك فيها الإمام في حالة الركوع، وهكذا لو شك، يقضي هذه الركعة؛ لأنه لم يتحقق أنه أدرك هذا الركن مع إمامه، أما إذا علم أنه أدرك الركوع؛ يعني وصل إلى حد الركوع مع إمامه فإنه يعتبرها، ولو كان تسبيحه وطمأنته بعد ذلك، ما دام وصل إلى حد الركوع والإمام لم يرفع.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (188). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 239 143 - بيان وقت إدراك الركعة مع الإمام س: يقول السائل: أنا دخلت والإمام راكع، ثم كبرت تكبيرة الإحرام والإمام راكع، فرفع قبل أن أركع معه، هل أدركت الصلاة أم لا (1)؟ ج: إذا دخل الإنسان والإمام راكع، وكبر تكبيرة الإحرام، ثم رفع   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (25). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 239 الإمام قبل أن يهوي بالركوع قبل أن يستوي راكعا فإنه قد فاتته الركعة، لا يدركها، وإنما يدركها إذا استوى راكعا قبل أن يرفع، إذا انحدر راكعا قبل أن يرفع إمامه أدركها ولو ما سبح إلا بعد ذلك، أما إذا كبر بالإحرام ثم رفع الإمام قبل أن يستوي راكعا فإنه يعتبر غير مدرك لهذه الركعة، وعليه أن يقضيها. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 240 144 - بيان كيفية إدراك الركوع مع الإمام س: إذا دخل شخص والإمام قد ركع، ثم ركع على رفع الإمام (1) ج: إذا أدرك الركوع قبل أن يرفع اعتد بها، وإن رفع الإمام قبل أن يستوي راكعا لا يعتد بها، يقضيها، أما إذا استوى راكعا قبل أن يرفع الإمام فإنه يعتد بها، ولا يضره رفع الإمام، أما إذا كان هذا قبل الهوي والإمام رافع لا يعتد بها، يقضيها.   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (409). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 240 145 - حكم المسبوق إذا وجد الإمام في السجود س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الحالات التالية: في السجود مثلا، هل يسجد معهم مكبرا، أم ينتظر إلى أن يقوموا أو يجلسوا (1) ج: السنة له أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف، ثم يسجد معهم؛ لما   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (262). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 240 جاء في بعض الأحاديث: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا (1)» ولما جاء في الحديث: أن السنة للمأموم إذا جاء والإمام على حال أن يصلي معه على حاله التي هو عليها؛ إن وجده راكعا ركع وإن وجده قائما وقف معه، وإن وجده ساجدا سجد، وإن وجده في التحيات جلس معه في التحيات. هذا هو الأفضل، ولو فاتته الركعات كلها ولو هو في التحيات؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2)» قوله: «فما أدركتم فصلوا (3)» يعم من أدرك الصلاة كلها أو بعض الركعات، أو أدرك الإمام وهو في التشهد يعمه الحديث.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع، برقم (893). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 241 146 - بيان كيفية إتمام من أدرك ثلاث ركعات في الصلاة الرباعية س: إذا أدرك ثلاث ركعات في صلاة الظهر أو العصر فكيف يتم صلاته قولا وعملا (1)   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (262). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 241 ج: عليه إذا سلم الإمام أن يقوم فيأتي بالركعة التي بقيت عليه، يقرأ فيها الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل، أما جلوسه مع الإمام ولم يتم صلاته فمتابعة، يقرأ فيها التحيات، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الإمام متابعة له أفضل، ثم يقوم ويأتي بالركعة الرابعة التي بقيت عليه، يقرأ فيها الفاتحة؛ لأنها الرابعة في حقه، ولو قرأ زيادة لا يضر، لكن الأفضل أن يقرأ الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل؛ لأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة في صلاة الظهر والعصر بفاتحة الكتاب، وصلاة المغرب والعشاء بالفاتحة؛ يقرأ في الثالثة من المغرب الفاتحة، والثالثة والرابعة من العشاء الفاتحة، ثم يجلس بعد أن يصلي الركعة، يسجد سجدتين ثم يجلس، ويأتي بالتشهد كاملا مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومع الدعاء، ثم يسلم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 242 147 - بيان كيفية إضافة الركعة الرابعة في الصلاة الرباعية س: إذا وجدت جمعا في الفروض ذوات الأربع ركعات، وقد فاتتني الركعة الأولى، ثم لحقت معهم الركعة الثانية ثم التشهد، ثم الركعة الثالثة والرابعة، فأصبح ثلاث ركعات، كيف أضيف الركعة الرابعة (1)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (2). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 242 ج: إذا فات الإنسان ركعة من الرباعية؛ الظهر والعصر والعشاء فإنه إذا صلى مع الإمام ثلاث ركعات التي أدركها، وسلم الإمام من الركعة الأخيرة الرابعة فإنه يقوم هو ويأتي بركعة واحدة فقط تكميلا لصلاته، يقرأ فيها بالفاتحة فقط؛ لأنه ما أدرك هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، فإذا سلم الإمام قام وقرأ الفاتحة، ثم ركع ثم رفع ثم سجد سجدتين، ثم قرأ التحيات بكمالها، ثم سلم هذا الواجب عليه، أما جلوسه مع الإمام وقراءته التحيات فذاك ليس بلازم قراءته التحيات، إنما جلس متابعة جلس مع الإمام في الركعة الأخيرة، جلس معه متابعة فقط، ولا يلزمه فيها قراءة التحيات، لكن إذا قرأها وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم لا يضره ذلك لا بأس به، أما التحيات اللازمة له فإنما تكون بعد قضائه الركعة الفائتة، فإذا قضاها قرأ التحيات وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا ثم سلم هذا هو المشروع له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 243 148 - حكم قراءة التشهد الأول لمن لم يدرك الركعة الأولى مع الإمام س: إذا حضر المأموم الصلاة مع الإمام بعد أن صلى ركعة من صلاة الظهر فهل يقرأ التشهد الأول عند جلوس الإمام، والمأموم لم يصل إلا ركعة واحدة (1)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (14). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 243 ج: لا يلزمه ذلك؛ لأن هذا ليس بتشهد، إذا أدرك ركعة واحدة مع الإمام الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر فإنه لا يلزمه قراءة التشهد، إذا جلس مع الإمام في الركعة الثانية هو محل تشهد لمن صلى مع الإمام من أول الصلاة، أما هذا فمحل تشهده يأتي في الركعة الثانية، فإن قرأه فلا حرج إن شاء الله، وفي هذه الحالة يسكت، أو يقرأ مثله، لكن لا يلزمه أن يقرأ؛ لأن هذا ليس محل قراءة، ولكن كونه يقرأ في التشهد الأول ويأتي به فهو خير له من السكوت؛ لأنه فضل، ولأنه ذكر، فإتيانه به خير. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 244 149 - بيان كيفية إكمال الصلاة الرباعية لمن أدرك الركعتين الأخيرتين س: أسألكم عن شخص أدرك مع الإمام الركعتين الأخيرتين في صلاة العصر، ثم إنه بعد انتهاء التشهد الأوسط، وقيام الإمام للركعتين الأخيرتين، كيف يكمل صلاته؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا سلم إمامه يقوم يأتي بالركعتين، وتكون الركعتان الأخيرتان اللتان يقضيهما هما آخر صلاته، وأولها ما أدركه مع الإمام، الركعتان اللتان أدركهما مع الإمام هما أول صلاته، فإذا تيسر أن يقرأ مع الفاتحة   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (299). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 244 زيادة، إذا كان الإمام أطال الوقوف فهو مشروع؛ لأنهما أول صلاته، والقاعدة أن ما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخر صلاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1)» فالإسلام يوجب عليه القضاء، فالركعتان اللتان يقضيهما لمن فاتته الركعتان الأوليان تكونان هما آخر صلاته.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 245 150 - حكم من فاتته الركعتان الأوليان من صلاة العشاء س: إذا فاتت المصلي الركعتان الأوليان من صلاة العشاء أو العصر أو الظهر، عندما يقوم لقضائها هل يصلي ركعة ثم يقرأ التشهد الأول ثم يصلي الركعة الأخرى، أم يصليهما بدون تشهد؟ وكذلك إذا فاتته ثلاث ركعات من الرباعية فما الحكم (1)؟ ج: إذا فاته اثنتان من المغرب فإنه إذا قام يأتي بواحدة، ثم يجلس للتشهد الأول؛ لأن السنة في المغرب أن يجلس بعد الثنتين للتشهد الأول، فإذا قضى واحدة ضمت إلى ما أدرك مع الإمام، وصار الجميع ثنتين، فيجلس للتشهد الأول، ثم يقوم فيأتي بالثالثة منفردا، يسر فيها في القراءة في المغرب، أما في العشاء فإذا فاته اثنتان فإنه يأتي بالثنتين   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (188). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 245 متتابعتين؛ لأنه لا جلوس فيهما إلا في الأخيرة منهما، وهو الجلوس الأخير كما هو معلوم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 246 151 - حكم قراءة التشهد ثلاث مرات في المغرب للمسبوق س: رجل يدرك الركعة الثانية مع الإمام في المغرب، وربما الثانية في الفجر، وعلى هذا سوف يكون صلى ثلاث مرات للتشهد في المغرب، ومرتين في الفجر، فماذا يفعل في الجلسة الزائدة؟ وكيف يكون تفصيلها؟ وما حكم من قرأ التشهد فيها (1)؟ ج: هذه الجلسة متابعة للإمام، الجلسة التي يجلسها بعد الركعة الأولى التي أدركها؛ وهي الركعة الثانية في حق الإمام هذه الجلسة تابعة لمتابعة الإمام، يجلس متابعة لإمامه، وهكذا في المغرب، وهكذا إذا أدرك ركعة من الظهر أو العصر أو العشاء فإنه يجلس بعدما يصلي الركعة الأولى، التي يقضيها؛ يجلس للتشهد، ثم يقوم فيصلي الثنتين اللتين فاتته، الحاصل أن هذه الركعة التي أدركها مع الإمام في الفجر، وفي المغرب يجلس فيهما جلسة مع الإمام تبعا للإمام، وإذا قرأ فيها التحيات: التشهد الأول والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تبعا للإمام فلا حرج عليه، ولو لم يقرأ لا حرج عليه؛ لأن هذه ما هي   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (215). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 246 الجلسة في حقه، ليست التشهد الأول، ولا التشهد الأخير، لكن إذا قرأ تبعا للإمام هذا حسن إن شاء الله ولا يضره، وإنما الواجب عليه في الجلسة الأخيرة التي بعد قضاء الركعة التي فاتته في الفجر، وبعد قضاء الركعتين في المغرب، عليه التشهد الأخير، والتشهد الأول بعدما يأتي بركعتين في المغرب، يتشهد الأول، وجلوسه مع الإمام إنما هو متابعة، وإنما الجلسة التي تلزمه بعدما يقضي ركعتين من المغرب يجلس للتشهد الأول، ثم يصلي الثالثة ويجلس للتشهد الأخير، وفي الفجر يقضي الركعة التي عليه، ويجلس للتشهد الذي يجب عليه، وهو التشهد الذي فيه السلام، هذا واجب عليه، أما جلسته مع الإمام هذه لا تلزمه إلا متابعة الإمام، يجلس متابعة للإمام، ولا يلزمه فيها قراءة التشهد، لكن إذا قرأه فلا حرج. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 247 152 - بيان كيفية إتمام صلاة من أدرك ركعة واحدة من صلاة المغرب س: في حالة إدراك المأموم ركعة واحدة من صلاة المغرب، فكيف يتم صلاته (1) ج: إذا سلم الإمام يقوم فيأتي بركعة، ثم يجلس للتشهد الأول،   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (262). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 247 ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقوم ويأتي بالركعة الثالثة التي يقرأ فيها الفاتحة، وهذا هو المشروع؛ لأن المغرب فيها تشهد أول بعد الثنتين، والتشهد الأخير بعد الثالثة، وتشهده الذي مع الإمام ليس هو التشهد المطلوب منه، بل هو تابع، إنما جلس متابعة لإمامه بعد الأولى، وإلا الجلوس الذي في حقه هو بعد الثانية، فلهذا إذا أتى بالثانية يجلس ويقول التشهد الأول. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 248 س: السائل يقول: إذا أدركت الركعة الأخيرة من صلاة المغرب فهل يجوز أن أقرأ في الركعة الأخيرة سورة مع الفاتحة أو لا (1) ج: إذا كنت تقضي تقرأ في الركعة التي تبدأ بها في القضاء الفاتحة وسورة معها أفضل، ثم الركعة الأخيرة الفاتحة فقط، وهي الثالثة في حقك، وإن قرأت معها زيادة فلا حرج، ثبت عن الصديق رضي الله عنه أنه كان يقرأ بعد الفاتحة في الثالثة في المغرب: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (2) (3) وثبت أن بعض أمراء الأنصار الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بأصحابه بعد الفاتحة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) الله في كل ركعة مع الزيادة عليها في الركعة الأولى والثانية.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (254). (2) سورة آل عمران الآية 8 (3) والحديث أخرجه مالك في الموطأ برقم (174). (4) سورة الإخلاص الآية 1 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 248 153 - حكم قراءة ما زاد عن الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة س: إذا دخل المصلي صلاة الجماعة في الركعة الثالثة أو الرابعة فهل عليه أن يقرأ فيهما عدا سورة الفاتحة (1) ج: الفاتحة تكفي، ولكن إذا تيسر له قراءة زيادة عليها فلا بأس؛ لأنها أول صلاته، المسبوق في أول صلاته وما يقضيه هو آخرها، فإذا كان الإمام تأخر بعد الفاتحة قرأتها هذا أفضل، فإن لم يتيسر كفت الفاتحة والحمد لله، ثم تقضي ما فاتك.   (1) السؤال الستون من الشريط رقم (434). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 249 154 - بيان كيفية إكمال صلاة المغرب لمن أدرك الركعة الأخيرة س: يقول السائل: في صلاة المغرب حضرت الركعة الأخيرة مع الجماعة، كيف آتي بالباقيات؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا سلم إمامك تأتي بركعة تجهر فيها بالقراءة، تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم تجلس وتأتي بالتشهد الأول، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تنهض وتأتي بالثالثة، هذا هو المشروع لك والواجب عليك.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (245). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 249 155 - إذا أدرك المصلي مع الإمام ركعة فأكثر فهي أول صلاته س: أرجو تفصيل هذه المسائل الهامة في نظري، كيف يفعل المسبوق الجزء: 11 ¦ الصفحة: 249 بركعة أو ركعتين في العشاء أو المغرب؟ هل يقرأ سرا؟ أم كيف يعمل؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا سبق بركعة إذا سلم الإمام يقوم ويأتي بالركعة التي سبق فيها، ويقرأ فيها الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل؛ لأن ما يقضيه هو آخر صلاته، وما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، هذا هو الصحيح، والسنة أن يجهر بالقراءة في المغرب والعشاء، يقرأ الفاتحة فقط، وإن قرأ زيادة فلا حرج سرا، أما الفجر فيقرأ فيها جهرية في الركعة التي يقضيها الفاتحة وزيادة معها، كما كان يقرؤها، لكنه في حال قضائه ليس مع الإمام فيقضيها ويقرأ مع الفاتحة ما تيسر جهرا، لا يؤذي من حوله.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (286). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 250 156 - ما أدرك المصلي مع الإمام فهو أول صلاته س: يقول السائل: إذا أدرك المصلي الإمام في الركعة الثانية، أو الثالثة فأي الركعات يأتي بها بعد السلام (1) ج: إذا أدرك الإمام في أثناء الصلاة فما أدركه يعتبر أولها على الراجح، وما لم يدرك فهو آخرها، الذي يقضي هو آخرها، والذي يدرك مع الإمام هو أولها، حتى لا تتنافى الصلاة وتختلف، فإذا أدرك الإمام   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (25). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 250 وقد صلى ركعتين فالركعتان اللتان أدركهما أول صلاته، والركعتان اللتان يقضيهما من الظهر أو العصر أو العشاء هي آخر صلاته، وهكذا الفجر، وهكذا المغرب؛ ما أدركه مع الإمام هو أولها، يقرأ فيه الفاتحة وما تيسر معها، وما يقضيه هو آخرها وهو الأرجح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1)» وفي حديث آخر: «فاقضوا (2)» ومعنى (اقضوا): أتموا. القضاء بمعنى التمام، هذا هو الحجة في هذا الباب؛ ولأن هذا هو الذي يليق بالصلاة ويتناسب معها؛ لأن ما أدركه هو أولها، وما يقضيه هو آخرها، وهذا في جميع الفرائض.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209)، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861)، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 251 س: إذا أدرك الإنسان عددا من الركعات في أي صلاة مع الجماعة وهو مسبوق هل الركعات التي يأتي بها تكون هي التي لم يدركها، أم هي التي أدركها ويكمل صلاته (1)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (304). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 251 ج: تقدم في بعض الأجوبة أن ما أدركه هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1)» وفي رواية: «فاقضوا (2)»، فمعنى قضائه: الإتمام. فالذي يقضيه هو آخر صلاته، والذي يدركه مع الإمام هو أول صلاته؛ فإذا أدرك مع الإمام ركعتين فيقرأ الفاتحة، وإن تيسر أن يقرأ معها زيادة فليقرأ زيادة مع الفاتحة، ثم إذا قام يقضي يقرأ فاتحة ثانية فقط؛ لأنها آخر صلاته.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209)، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861)، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 252 س: عندما أكون مسبوقا، وأدرك الجماعة في أي صلاة هل الركعات التي أصليها بعد تسليم الإمام أعتبرها هي التي سبقتني، أم هي التي أدركتها مع الإمام وآتي بالتي سبقتني؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الصواب أن ما أدركه المسبوق هو أول صلاته، ما أدركه مع الإمام هو أولها، يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، وما يقضيه هو آخرها، هذا هو الصواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2)» فهو إتمام للصلاة.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (303). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 252 157 - حكم الجهر إذا فات المصلي الركعتان الأوليان من الصلاة الجهرية س: إذا فات المصلي الركعتان الأوليان من الصلاة الجهرية، وقام بعد تسليم الإمام لقضائهما فهل يجهر فيهما بالقراءة أم لا؟ وهل صلاة من لم يجهر فيهما بالقراءة صحيحة (1)؟ ج: الصواب أن ما يدركه مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخر صلاته، فإذا أدرك مع الإمام ركعتين فهما أول صلاته، يصليهما مع الإمام ساكتا؛ لأن الإمام ساكت غير جاهر، وإذا قام يقضي كذلك، يقضيهما على أنهما الركعتان الأخيرتان فلا يجهر فيهما، هذا هو الصواب؛ لأنهما آخر صلاته كمثل العشاء، وهكذا المغرب إذا فاتته واحدة فإنه يقضيها وتكون بالنسبة إليه هي الأخيرة، ولا يجهر فيها، هذا هو السنة حتى لا تتناقض الصلاة.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (188). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 253 158 - بيان كيفية إتمام صلاة العشاء س: رسالة من مكة المكرمة، مستشفى الملك عبد العزيز بالزاهر، وباعثها المستمع أخوكم في الله: ب. م. ع، يسأل ويقول: مصل دخل مع الإمام في صلاة العشاء في الركعة الرابعة، كيف يتم هذا المصلي صلاته؟ هل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 253 يقرأ سورة مع الفاتحة؟ وهل يقرؤها سرا أم جهرا (1) ج: المسبوق ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته في أصح قولي العلماء، وما يقضيه هو آخرها، فإذا أدرك ركعة واحدة من الظهر أو العصر، أو المغرب أو العشاء، أو الفجر يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم إذا قام يقضي يقرأ الفاتحة وما تيسر معها؛ لأن الثانية هي أول صلاته، ثم الثالثة والرابعة يقتصر على الفاتحة أفضل، تكفيه الفاتحة، وإذا أدرك مع الإمام ثنتين قرأ فيهما ما تيسر إن أمكن، ولو ركع الإمام ركع معه، تكفيه الفاتحة، وإذا قام يقضي يقضي بالفاتحة فقط للثنتين؛ لأن السنة في الثالثة والرابعة الاقتصار على الفاتحة، كما في حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة بفاتحة الكتاب (2)» عليه الصلاة والسلام، وذكر عنه في الثالثة والرابعة في الظهر بعض الأحيان بالزيادة على الفاتحة فحسن؛ لأنه جاء ما يدل على هذا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند مسلم، لكن في الأغلب يكون بالفاتحة فقط في الثالثة والرابعة في الظهر وغيرها.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (311). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب، برقم (776)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، برقم (451). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 254 س: حضرت مع الإمام في صلاة العشاء، وذلك في الركعتين الأخيرتين وهما سر، فماذا أفعل في الركعتين اللتين فاتتا؟ فهل أقرأ فيهما سرا أم جهرا (1) ج: الصواب أن ما أدركه المأموم مع الإمام فهو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، هذا هو الصواب، وهو الأصح من قولي العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2)» وفي اللفظ الآخر: «فاقضوا (3)» بمعنى: أتموا. فالقضاء هنا بمعنى التمام، جمعا بين الروايتين؛ ولأن رواية التمام أكثر ومعناها أظهر، وهذا معنى قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} (4)، يعني: أتممتموها. ويقول سبحانه: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} (5) يعني: أتممتم. فإذا أدرك ركعتين من العشاء - مثلا - أو ركعتين من المغرب فإنه يقضي الباقي على حسب الحال، فإن كان المغرب قضى   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (69). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209)، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861)، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602). (4) سورة النساء الآية 103 (5) سورة البقرة الآية 200 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 255 الثانية بجهر، والثالثة بغير جهر، وإن كان العشاء فإنه يقضيهما سرا من دون جهر، ويكتفي بالفاتحة فقط؛ لأنهما آخر صلاته. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 256 س: السائل: ع. م. ع. من السودان، يقول في هذا السؤال: إذا أدرك المصلي الركعتين الأخيرتين من صلاة العشاء – مثلا - فهل يقرأ ما فاته سرا، أم جهرا؟ وهل يكمل ما فاته بسورة الفاتحة فقط؟ أفيدونا بذلك (1) ج: الصواب أن ما أدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2)» يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم بالسكينة، فما أدركتم - أي: مع الإمام - فصلوا، وما فاتكم فأتموا (3)» وفي لفظ: «فاقضوا (4)» يعني: أتموا. معنى القضاء: التمام. وهذا يفيد أن ما أدركه الإنسان مع الإمام هو أول صلاته، فإذا أدرك مع الإمام ركعتين   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (368). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209)، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861)، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 256 من العشاء فإنها تكون أول صلاته، فإذا سلم الإمام يقوم ويأتي بالركعتين الأخيرتين؛ يقرأ فيهما الفاتحة سرا؛ لأنها آخر صلاته، وهكذا إذا أدرك واحدة من المغرب فإن الثنتين الأخيرتين هما آخر صلاته، فالأولى يقرأ فيها الفاتحة والسورة أو آيات، ويجهر بعض الشيء جهرا لا يشوش على من حوله، والأخيرة يقرؤها سرا، يسر يقرأ فيها الفاتحة سرا؛ لأنها هي المكملة لصلاته. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 257 159 - بيان الواجب على المأموم إذا علم أن الإمام زاد في الصلاة س: رجل صلى مع جماعة فريضة، وهذا الرجل فاتته ركعة واحدة من الفريضة، فسها الإمام وصلى ركعة زيادة على المكتوبة، هل الرجل المتأخر يسلم مع الجماعة، أو يكمل الركعة التي فاتته (1)؟ ج: هذا الرجل لا يقوم في الزيادة، إذا كان يعلم أنها زيادة لا يقوم ويجلس مع الناس، وهكذا الجماعة لا يقومون، ينبهون: سبحان الله، سبحان الله. ولا يقومون معه، فإن رجع فالحمد لله، وإن لم يرجع صبروا حتى يسلم؛ لأنه قد يعتقد أنه مصيب، فإذا سلم سلموا معه، إذا كانوا يعتقدون أنه مخطئ لا يقومون معه، وهكذا الذي فاتته ركعة لا يقوم معه، إذا كان يعلم أنها زائدة، فإذا سلم إمامه قام وقضى الركعة التي   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (206). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 257 فاتته؛ لأن القضاء إنما يكون بعد سلام الإمام، وإذا قام معه جاهلا ما درى عنها أنها زيادة فإنها لا تجزئه على الصحيح، وإنما يقضي بعد ذلك، إذا سلم إمامه قضى، هذا هو الصواب. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 258 160 - حكم قول: إن الله مع الصابرين للإمام أثناء الركوع س: اعتاد بعض الناس عندما يدخل المسجد ويجد الإمام راكعا أن يقول: إن الله مع الصابرين. يقصدون بذلك بقاء الإمام راكعا حتى يدركوا الركعة معه، وبعض الأئمة ينتظرونهم مع أن هذا فيه مشقة على بعض المصلين، فما حكم قولهم هذا؟ وما حكم انتظار الإمام لهم (1)؟ ج: لا أعلم أصلا لقولهم: إن الله مع الصابرين. ولا نعلم في ذلك منكرا ولا محذورا، وأما الإمام فيستحب له أن يتأنى قليلا حتى يدرك من دخل على وجه لا يشق على المأمومين، وقد نص جمع من أهل العلم على ذلك، وقالوا: يستحب له انتظار الداخل ما لم يشق على المأموم، فإذا كان انتظاره يسيرا لا يشق على المأمومين فلا حرج في ذلك، بل يستحب له ذلك مراعاة للداخلين حتى يدركوا الركعة، وهم يستحب لهم عدم العجلة والخشوع، فإن أدركوا فالحمد لله، وإلا   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (168). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 258 قضوها، ولا ينبغي لهم العجلة، أما كلمة: اصبروا، أو: إن الله مع الصابرين، فلا أعلم لها أصلا في الشرع، ولا أعلم ما يمنعها من باب التنبيه للإمام، لا نعلم في ذلك مانعا. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 259 س: أثناء الصلاة يجيء أحد المصلين، وحتى ينبه الإمام ليلحق الركعة فإنه يقول: إن الله مع الصابرين، أو يحدث أصواتا، فهل هذا جائز (1)؟ ج: لا أعرف لهذا أصلا، بل يأتي، إن أمكنه ركع مع الإمام، وإلا قضى ما فاته والحمد لله، ولا حاجة إلى أصوات، ولا حاجة أن يقول: إن الله مع الصابرين، ليس عليه دليل، ولكن يمشي وعليه السكينة حتى يستقيم في الصف، فإذا أدرك الركوع فالحمد لله، وإلا سجد مع إمامه وقضى ما فاته.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (329). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 259 س: أصلي إماما بالناس، وأسمع بعض القادمين للصلاة، فأطيل الركوع حتى يلحق المتأخر بالجماعة، هل هذا يصح أم لا (1)؟ ج: هذا هو السنة، إذا سمعت أثرا للقادم ألا تعجل في الركوع، لكن بشرط ألا تطيل إطالة تشق على من معك، بل تكون إطالة خفيفة لا تشق على المأموم.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (110). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 259 161 - حكم الاستعجال في المشي إذا كان الإمام راكعا س: ما حكم الاستعجال في المشي إذا كان الإمام يقرأ للركوع الأول (1)؟ ج: السنة أن يمشي على سكينة وتواضع ووقار، ولا يعجل ولو ركع الإمام الحمد لله، إذا فاتته الركعة يقضي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون (2)» وفي اللفظ الآخر: «وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (3)» فالامتثال لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، والتأدب بالآداب التي وجه إليها هذا هو المشروع للمؤمن أن يتأدب بالآداب الشرعية، وألا يعجل ولو فاتته الركعة والحمد لله.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (133). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 260 162 - حكم الركض إلى الصلاة س: هل الركض إلى الصلاة جائز (1)؟ ج: ما ينبغي ومكروه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (295). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 260 سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1)» ولا ينبغي الركض ولا العجلة، بل يمشي وعليه السكينة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 261 163 - حكم من أدرك الصلاة مع الإمام في التشهد الأخير س: إذا دخل المصلي المسجد لصلاة الفجر، ووجد الإمام في السجود بعد الركعة الثانية فدخل معه، وقضى ما عليه بعد سلام الإمام، ولما انتهى من صلاته وجد جماعة أخرى، فهل يدخل معهم، وتكون الركعتان اللتان صلاهما سنة، أم لا يجوز هذا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: صلاته أجزأته فريضة والحمد لله، وإذا صلى مع الناس الحاضرين صارت له نافلة كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: «إنه يكون بعدي أمراء يميتون الصلاة، فصل الصلاة لوقتها، فإن صليت لوقتها كانت لك نافلة، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك (2)» فهي تكون نافلة مع الآخرين، وهكذا «لما صلى في منى   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (203). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار، حديث رقم (648). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 261 عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، وسلم رأى رجلين لم يصليا معه، فدعا بهما فجيء بهما إليه، فقال: " ما منعكما أن تصليا معنا؟ " قالا: قد صلينا في رحالنا - يعني: في مخيمنا - قال: " لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة (1)» فالمؤمن إذا صلى في المسجد أو في محل آخر، ثم أدرك جماعة يصلون فصلى معهم كانت له نافلة.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث يزيد بن الأسود العامري رضي الله عنه برقم (17020)، وأبو داود في كتاب الصلاة باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم، برقم (575)، والترمذي في كتاب الصلاة باب ما جاء في الرجل يصلي وحده يدرك الجماعة، برقم (219)، والنسائي في كتاب الإمامة، باب إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده، برقم (858). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 262 164 - حكم دخول المصلي مع الإمام بعد الرفع من الركعة الأخيرة س: يقول السائل: إذا دخلت المسجد، وكان الإمام قد رفع من الركوع للركعة الأخيرة فهل أدخل مع الجماعة، أم أنتظر حتى يأتي رجل فأصلي معه جماعة أخرى بعد تسليم الإمام الراتب (1)؟ ج: إذا دخلت مع الإمام فكمل، إذا سلم الإمام تقضي الصلاة كلها، إلا إذا أدركته في الركوع قبل أن يرفع فقد أدركت الركعة الأخيرة، أما   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (393). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 262 إذا رفع قبل أن تدركه في الركوع فإنك ما أدركت شيئا، فعليك أن تقضي الصلاة كلها بعد سلامه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 263 165 - حكم إقامة جماعة أخرى والإمام يوشك أن يسلم من الصلاة س: إنني جئت لأداء الصلاة المكتوبة وقت صلاة العصر، فوجدت الإمام في التشهد الأخير على نهايته، وقدم معي بعض الرفاق يريدون ما أريد، وطلبت منهم أن نقيم جماعة جديدة حيث الإمام يوشك أن يسلم من الصلاة فوافقوني، وأقمنا الصلاة؛ جماعة أكثر من ثلاثة أو أربعة، ولكن الإمام وبعض الإخوة المصلين الرفاق بعد أداء الصلاة احتجوا علينا، وطلبوا منا أداء الصلاة معهم حتى ولو كان الإمام في التشهد الأخير، محتجين بالحديث الذي معناه: " ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا "، فأخبرتهم بأن معلوماتي في هذا الحديث هو أنه إذا جاء الرجل إلى المسجد فعليه بالسير بسكينة ووقار، والاقتداء بالإمام فيما أدرك وقضاء ما لم يدرك، ومن جهتي أخبرتهم أن الذي لا يدرك الركعة الأخيرة من الفرض المكتوب فإنه يكون حاصلا على ثواب الجماعة، وأما الصلاة فإنه لا يدركها، وأنه إذا أتمها فإنه يتمها منفردا، أما نحن فقد أدركنا - والحمد لله - فضل الفريضة جماعة، وفضل جماعة الصلاة. أرجو أن تبينوا لنا الأمر حسب أمر الله فيه ورسوله، والله نسأل لكم الجزء: 11 ¦ الصفحة: 263 التوفيق والسداد، حفظكم الله (1) ج: لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام، يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2)» ومقتضى هذا الحديث أن من جاء والإمام في التحيات أنه يدخل معه؛ لأنه أدركه في الصلاة، لكنه لا يدرك فضل الجماعة إلا بركعة؛ لأن في الحديث الآخر: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3)» أما كونه يدخل معه حيثما وجده فهو ظاهر الحديث ولو في التحيات، فدخول الداخل مع الإمام في الصلاة قبل أن يسلم هذا هو الأفضل والأقرب لظاهر العموم، لكن لو صلوا جماعة ولم يدخلوا معه فلا أعلم في هذا حرجا؛ لأن فضل الجماعة قد فاتهم، ولم يبق إلا جزء يسير من الصلاة، لكن تأدبا مع السنة، ومع ظاهر السنة احتياطا للدين الذي أراه وأفتي به أن الأولى بالمؤمن إذا جاء في مثل هذه الحال، والإمام في   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (131). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 264 التشهد أنه يدخل معه ولو كانوا عددا، يدخلون معه ويجلسون ويقرؤون ما تيسر من التحيات التي تمكنهم، ثم ينهضون بعد السلام ويقضون ما عليهم، هذا هو الأحوط والأظهر؛ للعمل بعموم الحديث، لكن من صلى جماعة ولم يدخل مع الإمام لا أرى التشديد عليه؛ لأن له شبهة؛ لأن الصلاة قد انتهت، ولم يبق منها إلا اليسير، فلا وجه للتشديد في هذا. والله المستعان. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 265 166 - حكم من أدرك الإمام في التشهد الأخير من الصلاة س: الأخ: خ. ح، من فلسطين، غزة، يقول: إذا دخل مجموعة من المصلين، والإمام في التشهد الأخير ما هو التصرف الصحيح في ذلك (1)؟ ج: الأمر في هذا واسع، إن صلوا وحدهم فلا بأس، وإن صلوا مع الإمام فلا بأس؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «فما أدركتم فصلوا (2)» هذا يعم إدراك التشهد، وإن صلوا وحدهم جماعة فلا حرج إن شاء الله، الأمر في هذا واسع إن شاء الله.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (427). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 265 167 - حكم من وجد الإمام جالسا للتشهد الأول س: إذا جئت إلى المسجد، ووجدت الإمام جالسا للتشهد الأول فهل أكبر ثم أجلس، أم أنتظر حتى يقوم (1)؟ ج: الأفضل أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس؛ لما جاء في عدة أحاديث من الأمر بأن يفعل المسبوق ما يفعله إمامه، وأنه لا ينتظر، بل إذا أتى والإمام على حال فإنه يفعل كما يفعل الإمام، فإذا أتاه وهو ساجد سجد، وإذا أتاه وهو راكع ركع، وإذا أتاه وهو جالس جلس، هذا هو السنة، يكبر وهو واقف التكبيرة الأولى - تكبيرة الإحرام - ثم ينحط جالسا، وإذا جئت إلى المسجد ووجدت الإمام ساجدا، أو سيسجد فإنك تكبر مع الإمام التكبيرة الأولى، ثم تنحط ساجدا.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (5). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 266 168 - بيان ما تدرك به صلاة الجماعة س: بم تدرك صلاة الجماعة (1)؟ ج: بركعة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2)» ومن فاتته الركعة الأخيرة فاتته صلاة   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (262). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 266 الجماعة، إلا أن يكون معذورا بأن حرص على أن يحضر، ولكن منعه مانع من مرض، أو حدث به حادث من الطريق منعه، أو حدث به حادث البول أو الغائط فيحتاج إلى قضاء حاجته فإن له فضل الجماعة؛ لأنه معذور، له فضل الجماعة وإن فاتته الجماعة، كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (1)» رواه البخاري في الصحيح، يعني: بنيته الأعمال الصالحة لولا السفر والمرض. كذلك الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم "، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: " وهم بالمدينة، حبسهم العذر (2)» وفي لفظ آخر «إلا شركوكم في الأجر (3)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996). (2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 267 169 - حكم الدخول مع الإمام في التشهد الأخير س: إذا دخل شخص والإمام في التحيات الأخيرة هل يجلس، أو ينتظر جماعة أخرى (1)؟ ج: الأفضل أن يدخل معهم ولا ينتظر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2)» هذا عام يعم ما أدركه في الركعة الأخيرة أو في التشهد، يدخل معه والحمد لله.   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (404). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 268 170 - حكم صلاة من جلس للتشهد ولم يكبر تكبيرة الإحرام س: إذا دخلت المسجد ووجدت المصلين في التشهد الأخير، وجلست معهم حتى التسليم فهل يلزمني حينئذ أن أعود لأقيم الصلاة، علما بأني لم أكبر تكبيرة الإحرام؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كنت لم تكبر تكبيرة الإحرام، جلست من دون تكبير فلا صلاة لك، وعليك أن تكبر حين تبدأ الصلاة، لكن الأفضل لك إذا جئت وهم في التشهد الأخير أن تكبر - وأنت واقف - تكبيرة الإحرام،   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (322). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 268 ثم تجلس معهم وتأتي بالتشهد، ومتابعة الإمام أفضل، ثم إذا سلم الإمام قمت تؤدي صلاتك كاملة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ثوب بالصلاة فلا يسع إليها أحدكم ولكن ليمش وعليه السكينة والوقار، صل ما أدركت واقض ما سبقك (1)» فالسنة لمن جاء والإمام جالس في التشهد الأخير أن يدخل معه في الصلاة، ويكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس، وإن كبر حين الجلوس فهذا لا بأس به، فإذا تشهد ثم إذا سلم الإمام قام وصلى بقية صلاته.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 269 171 - بيان ما يدرك به فضل الجماعة س: يقول السائل: إذا أدركت صلاة الجماعة وهم في التشهد الأخير فهل أكون بهذا قد أدركت فضل صلاة الجماعة، أم يجب علي انتظار بعض المصلين المتأخرين لنصلي جماعة، ليتم لنا فضل صلاة الجماعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (249). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 269 فاتكم فأتموا (1)» فقوله: «فما أدركتم فصلوا (2)» يعم من أدركها، أو أدرك الإمام في التشهد. ولكن لا تدرك الجماعة إلا بركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3)» فهي تدرك بركعة الجماعة، ولكن إذا كان معذورا حين تأخر يكون له فضل الجماعة ولو ما أدركها بالكلية، إذا تأخر عن عذر شرعي لقضاء حاجة الإنسان؛ لما أراد الذهاب إلى المسجد نزل به حاجة الإنسان من بول أو من غائط فتأخر من أجل ذلك، أو غير ذلك من الأعذار الشرعية فله فضل الجماعة، ولكن لا تدرك الجماعة بغير عذر بإدراك التشهد، ولكن بركعة فأكثر، وإذا كانوا جماعة وصلوا وحدهم فلا بأس، وإن دخلوا مع الإمام في التشهد فلا بأس، الأمر واسع، إن دخلوا معهم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «فما أدركتم فصلوا (4)» فلا بأس، صلوا وحدهم؛ لأن الصلاة ما بقي منها إلا التشهد فلا حرج.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 270 172 - بيان ما يقوله المصلي إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير س: يقول السائل: بالنسبة للمصلي المسبوق في تشهده الأخير هل يذكر النصف الأول من التشهد، أم كله؟ وإذا كان نصف التشهد فماذا عن الوقت الذي يسكت فيه حتى يسلم الإمام (1)؟ ج: يأتي بالتشهد وهو معه تبعا للإمام، ثم إذا سلم قام وقضى ما عليه، يأتي بالتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء، ثم يقوم بعد ما يسلم الإمام، يقول صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» «إنما جعل الإمام ليؤتم به (3)» فهو يقرؤه تبعا للإمام وإن كان لا يجزئه، لكن يقرؤه تبع الإمام، مثل: لو جاء وقد صلى ركعة يجلس معه في الركعة الثانية في التشهد الأول، وهو ليس في محل تشهده، هو ما صلى إلا ركعة، لكن يتابع الإمام، فالمقصود أن هذا متابعة الإمام والحمد لله.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (427). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689) ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 271 173 - حكم صلاة من يصعب عليه تلاوة القرآن بأحكام التجويد س: يقول هذا السائل: في الصلاة السرية يصعب علي تلاوة القرآن بالأحكام، أي بأحكام التجويد كما في الصلاة الجهرية، ما الحل؟ وهل أنا ملزم في ذلك (1)؟ ج: الأمر في هذا واسع، اتباع الأحكام التجويدية ليس بلازم، إنما هو مستحب، فلا بأس أن تقرأ بغير الأحكام التجويدية، إذا قرأته باللسان العربي الحمد لله.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (427). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 272 174 - بيان ما يفعله المصلي إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير س: ما الحكم إذا دخل المأموم مع الإمام والإمام في التشهد الأخير، هل يتشهد مع الإمام، أم يلزم الصمت حتى يسلم الإمام ويقوم يتم صلاته (1)؟ ج: إذا دخل المسبوق مع الإمام في التشهد فالأفضل له أن يأتي بالتشهد؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به،   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (38). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 272 فلا تختلفوا عليه (1)» فالأفضل أن يأتي بهذا، ولا يظهر لي أنه لازم له؛ لأنه ليس في محله، والأظهر أنه غير لازم، لكن لو فعل ذلك وأتى به؛ لأنه ذكر، ولأنه خير، وأن فيه متابعة للإمام فهذا أفضل وأولى، لكن لا يلزمه لكونه ليس في محل تشهده؛ لأن التشهد يكون بعد ركعتين، أو بعد الأخيرة، وهذه الركعة ليست الأخيرة له، بل هي لا تعتبر له شيئا، يجلسها متابعة فقط، ثم إذا قام يأتي بركعتين، ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يأتي بما بقي عليه: المغرب واحدة، والظهر والعصر والعشاء ركعتين، وإن كان الفجر صلى ركعتين، هذا يدل على أن هذا الجلوس ليس معتدا به بالنسبة إليه، فإذا قرأ التحيات؛ لأنها ذكر ومتابعة للإمام فهذا حسن، أما اللزوم فلا يظهر أنه يلزمه.   (1) أخرجه الدارمي في كتاب الصلاة، باب فيمن يصلي خلف الإمام والإمام جالس برقم (1256). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 273 س: يقول السائل: دخلت المسجد فوجدت المصلين في التشهد الأخير، هل أجلس معهم، أم أنتظر جماعة أخرى (1)؟ ج: إذا دخلت فاجلس معهم، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2)» فإذا جئتهم وهم جالسون   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (435). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 273 للتشهد فاجلس معهم، وبعد السلام تقوم وتقضي الصلاة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 274 175 - بيان كيفية الدخول في الصلاة إذا وجد المصلين في الجلوس س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الجلوس؟ هل يجلس بدون تكبيرة الإحرام ويأتي بها بعد القيام معهم؟ أم ماذا (1)؟ ج: يكبر أولا - وهو واقف - تكبيرة الإحرام، ثم يجلس، يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس معهم.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (262). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 274 176 - حكم الصلاة مع جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى س: هل تعتبر الصلاة بعد صلاة الجماعة الأولى مع عدة أشخاص يزيدون عن الثلاثة، هل تعتبر صلاة جماعة إذا صلينا بعد الجماعة الأولى (1)؟ ج: إذا حصلت جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى، وصليت معهم فأنت مأجور، وإذا كان واحدا صليت معه حتى يحصل له الجماعة فأنت مأجور والحمد لله.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (434). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 274 177 - حكم صلاة الاثنين إذا لم يدركا مع الإمام سوى الجلسة الأخيرة س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الجلوس الأخير ومعه آخر؟ هل يجلسان معهم أفضل، أم ينتظران ثم يصليان جماعة هما الاثنان (1)؟ ج: الأمر واسع إن شاء الله، إن دخل معهم الصلاة فلا بأس لعموم: «فما أدركتم فصلوا (2)» وإن صليا جماعة وحدهما فلا حرج إن شاء الله.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (262). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 275 178 - حكم الانضمام إلى الإمام في الصلاة في الحالة التي يدرك عليها س: أرى بعض المصلين حينما يدخلون المسجد والجماعة في التشهد لا يشرعون في دخول الصلاة؛ حتى يتأكدوا من التشهد هل هو الأول أو الثاني؟ فإن كان الأول دخلوا مع الجماعة، وإن كان الثاني صلوا منفردين. أرجو منكم الإجابة الواضحة، وهل يجب على من دخل المسجد ووجد الناس في الصلاة أن يدخل معهم في أي حال؟ وكم تكبيرة يكبر لو وجدهم في الركوع أو السجود؟ وهل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 275 يقرأ دعاء الاستفتاح قبل الركوع أو السجود (1)؟ ج: السنة لمن دخل والإمام في الصلاة أن ينضم إليهم ويصلي معهم؛ لأنه قد جاءت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تدل على أن من جاء والإمام في حال فإنه يصنع ما يصنعه الإمام، فإن وجده قائما صف معه، وإن وجده راكعا ركع، وإن وجده ساجدا سجد، وإن وجده جالسا جلس. وقال في هذا عليه الصلاة والسلام: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2)» فيكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف، ثم يقرأ الفاتحة إن أمكنه، ثم ينصت لقراءة إمامه إن كانت جهرية حتى يركع فيركع معه، وإن كانت سرية كالظهر والعصر قرأ معه الفاتحة، وقرأ ما تيسر معها في الأولى والثانية؛ لأنها سرية، وإن جاء وهو راكع كبر وركع معه، كما فعل أبو بكرة رضي الله عنه، فإنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3)» يعني: لا تعد إلى الركوع دون الصف. فدل ذلك على أن ركعته مجزئة،   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (170). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 276 وأن صلاته صحيحة، ولكنه لا ينبغي له أن يدخل في الصلاة منفردا، بل ينضم إلى الصف، إن أمكنه أن يركع معهم ركع، وإلا قضى ما فاته، والمشروع أن يكبر تكبيرتين؛ الأولى: تكبيرة الإحرام، هذه فرض لا بد منها، والثانية: تكبيرة الركوع، إذا أراد أن ينحط للركوع، وأمكنه فإنه يكبر الثانية؛ لأنها واجبة عند جمع من أهل العلم ومستحبة عند الجمهور، فينبغي الإتيان بها إذا أمكنه، فإن خشي فوات الركوع كفته التكبيرة الأولى؛ وهي تكبيرة الإحرام تكفيه عند جمع من أهل العلم والحمد لله؛ لأن العبادتين إذا اجتمعتا وإحداهما أكبر من الأخرى دخلت الصغرى في الكبرى، كهذه الحالة. وأما بالنسبة لدعاء الاستفتاح في هذه الحالة فإنه يستحب دعاء الاستفتاح إذا جاء والإمام واقف، وفي سعة أن يستفتح: بـ: " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ". أو بأي نوع من أنواع الاستفتاحات الصحيحة، ثم يقرأ الفاتحة، أما إن كان الوقت ضيقا ويخشى أن يركع فإنه يشتغل بالفاتحة ويسقط الاستفتاح؛ لأنه سنة، والفرض أهم، والفاتحة أهم فيبدأ بها حتى يركع الإمام. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 277 س: يسأل ويقول: إذا دخلت المسجد مع جماعة وكان الناس يصلون في التشهد الأخير، أيهما أفضل: أنصلي جماعة أخرى، أم نلحق الجزء: 11 ¦ الصفحة: 277 معهم ما تبقى من الصلاة (1)؟ ج: هذا أمر واسع إن شاء الله، لكن الأقرب - والله أعلم - الدخول مع الإمام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2)» ولم يستثن شيئا، هذا يدل على أنهم إذا أدركوا الركعة الأخيرة بعد الركوع، أو في السجود أو في التشهد دخلوا معه. وإن صلوا جماعة وحدهم فلا حرج في ذلك إن شاء الله، الأمر واسع؛ لأن الجماعة إنما تدرك بالركعة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3)» فإذا جاؤوا في الركوع في الركعة الأخيرة فاتتهم الجماعة، فإن صلوا معه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا (4)» فهذا مناسب أخذا بالعموم، وإن صلى الداخل مع غيره جماعة جديدة فهذا إذا كان بعد السلام يكون أفضل، أما إذا كان قبل السلام فهم مخيرون؛ إن دخلوا معه فهو أقرب؛ لعموم الحديث: «فما أدركتم فصلوا (5)» وإن صلوا جماعة وحدهم فلا حرج إن شاء الله.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (239). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (5) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 278 179 - بيان كيفية الحصول على أجر صلاة الجماعة س: شخص دخل في الصلاة والناس جلوس في التشهد الأخير، وجلس معهم، وبعد تسليم الإمام أكمل صلاته، هل يحصل على أجر الجماعة؟ وإذا لم يحصل على أجر الجماعة فما هو أجره على ذلك (1)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2)» فالمشروع له إذا جاء وهم جلوس في التشهد الأخير أن يدخل معهم ويجلس معهم؛ يكبر وهو واقف تكبيرة الإحرام، ثم يجلس ويقرأ التحيات معهم، فإذا سلم الإمام قام وقضى صلاته كلها، أما يحصل له أجر الجماعة؟ فهذا فيه تفصيل: إن كان معذورا بأن تأخر لعذر شرعي كقضاء الحاجة التي نزلت به فذهب يتوضأ، أو شغله شاغل لا حيلة له فيه فله أجر الجماعة؛ لأن المشغول والمعذور بالعذر الشرعي حكمه حكم من حضر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (3)»   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (86). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 279 ولقوله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا وهم معكم ". قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم العذر (1)» وفي لفظ: «حبسهم المرض (2)» وفي لفظ آخر «إلا شركوكم في الأجر (3)» فدل ذلك على أن من حبسه عذر شرعي يكون له أجر من عمل العمل على الوجه الشرعي، أما إن كان تأخر عن تساهل فإنه لا يحصل له فضل الجماعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (4)» فإذا أدرك ركعة أدرك فضل الجماعة، وإن لم يدرك الركعة لم يدرك فضل الجماعة إذا كان عن تساهل وعدم عذر شرعي، والله المستعان.   (1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض برقم (1911). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911). (4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 280 180 - بيان ما تدرك به صلاة الجماعة س: هل من كبر تكبيرة الإحرام قبل أن يسلم الإمام يدرك الجماعة أم لا (1)؟ ج: قد دلت سنة النبي عليه الصلاة والسلام أن الصلاة في الجماعة إنما تدرك بالركعة، قال عليه الصلاة والسلام: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2)» ففضل الجماعة يدرك بإدراك الركعة فأكثر، لكن إذا كان له عذر بسببه فاتته الصلاة فإن أجر الجماعة يحصل له وإن لم يصل في الجماعة؛ كالمريض الذي حبسه المرض، ثم وجد نشاطا فرجا أن يدرك الجماعة فلم يدركها، وكإنسان توجه إلى الجماعة فحدث له حادث يمنعه من ذلك؛ كالغائط أو البول فذهب يتوضأ، أو ما أشبه من الأعذار الشرعية، فهذا يرجى له فضل الجماعة إذا لم يفرط، لكن من جاء والإمام في التشهد فإنه يدخل معه وله فضل في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (3)» هذا عام يعم ما أدركه المأموم من صلاة الإمام ولو التشهد، فإنه يدخل معه، فإذا سلم قام وقضى ما فاته، ولكنه لا يدرك فضل الجماعة إلا   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (155). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 281 بإدراك الركعة كما تقدم، والواجب على المؤمن أن يسارع إلى الصلاة، وأن يبادر بعد سماع الأذان حتى يدرك الصلاة كاملة، وحتى يؤدي ما شرع الله قبلها من راتبة الظهر، أو ما يسر الله من الركعات قبل العصر أو المغرب أو العشاء، هكذا ينبغي للمؤمن أن يبادر ويسارع إلى هذه الفريضة العظيمة عند سماع الأذان، أو قبل الأذان عند قرب الأذان؛ حتى يتمكن من الوصول إلى المسجد بهدوء، وحتى يصلي ما يسر الله له قبل الصلاة، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، بل واجب عليه؛ حتى لا تفوته الجماعة، وهكذا صلاة الفجر. المقصود أنه يجب عليه أن يبادر ويسارع في الوقت الذي يظن إدراكه الصلاة من أولها، وإذا تيسر له فضل وقت حتى يصلي قبل الصلاة ما يسر الله من تحية المسجد، أو الراتبة فهذا خير عظيم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 282 س: أنا أصلي في المسجد، وأحيانا لا أدرك الصلاة كاملة، فإذا أدركت التشهد الأخير فقط هل أعتبر قد أدركت صلاة الجماعة (1)؟ ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2)» فالواجب   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (303). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 282 المسارعة إلى الصلاة في جماعة، والحرص على المبادرة بعد سماع الأذان؛ حتى لا يفوتك شيء من الصلاة، فإن قدر أنه فاتك شيء فإنك تقضي ما فاتك، ولا تكون مدركا للجماعة إلا إذا أدركت الركعة الأخيرة، أما إن جاء والإمام في التشهد الأخير فإنه يصلي معهم، لكن فاتته الجماعة، لكن يصلي معهم؛ يجلس ويصلي معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1)» فعمم عليه الصلاة والسلام: «أدركتم (2)» هذا يعم الركعة الأخيرة أو التشهد الأخير أو السجود، يعمه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 283 س: هل إذا أدركت الإمام في التشهد الأخير أكون قد أدركت الجماعة (1)؟ ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2)» فإذا لم تدرك إلا التشهد الأخير فقد فاتك فضل الجماعة، وعليك أن تبادر دائما - إن   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (322). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 283 شاء الله - إلى المسجد في أول الوقت؛ حتى لا تفوتك الجماعة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 284 س: إذا لم يدرك المصلي مع الإمام صلاة الجماعة إلا التشهد الأخير فهل تحسب له صلاة الجماعة (1)؟ ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2)» لكن إذا كان معذورا حبسه مرض، حبسه عذر شرعي فله أجر الجماعة ولو لم يحضرها.   (1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (337). (2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 284 181 - بيان ما يشرع لمن دخل المسجد بعد انقضاء الصلاة س: أريد أن أعرف حكم الإسلام في إنسان أتى إلى المسجد لكي يصلي مع الجماعة، ولكنه حينما أتى وجد الجماعة قد انقضت، فما الحكم في ذلك؟ هل يصلي منفردا، أم يكون هو ومن يجده في المسجد جماعة أخرى؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا حضر الإنسان المسجد والناس قد صلوا، وتيسر له وجود ناس يصلي معهم؛ فإنه يصلي جماعة ثانية، هذا هو المشروع؛ يصلي   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (262). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 284 جماعة ثانية، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل رجل بعدما صلى الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1)» وفي الحديث الآخر: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده (2)» فالمشروع لمن دخل وقد صلى الناس أن يلتمس من يصلي معه، فإن وجد وإلا شرع لمن حضر أن يقوم بعضهم فيصلي معه؛ حتى تحصل له الجماعة للحديث السابق. أما قول بعض العلماء: إنه يصلي وحده ويرجع إلى بيته. هذا قول ضعيف مرجوح. الصواب أنه يصلي جماعة مع من تيسر، ولو قام بعض الجماعة الذين قد صلوا وصلوا معه نافلة لهم فهذا أفضل، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه، وقال: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (3)».   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الجمع في المسجد مرتين، برقم (574). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (554)، والنسائي في كتاب الإمامة باب الجماعة إذا كانوا اثنين برقم (843). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الجمع في المسجد مرتين، برقم (574). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 285 س: م. م. ش، يقول: تخلف رجل عن صلاة الجماعة، أي: حضر بعد سلام الإمام، فماذا يفعل؟ هل يلتحق بمن جاء متأخرا ويتم معه؟ أم ماذا يفعل (1)؟   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (360). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 285 ج: نعم، إذا فاتته الصلاة مع الجماعة؛ وجد أحدا صلى معه، وإلا صلى وحده والحمد لله، وإن وجد جماعة ولو واحدا صلى معه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 286 182 - حكم من يصلي السنة وقد أقيمت الصلاة س: إذا أقام المؤذن الصلاة، وأنا ما زلت في صلاة السنة فهل أسلم من الصلاة، أم أكمل الصلاة ثم ألحق بهم (1)؟ ج: الأرجح من أقوال العلماء أنك تقطعها؛ تنوي قطعها وتلحق بالصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2)» رواه مسلم. ولما رأى صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي، وقد أقيمت الصلاة أنكر عليه، عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه إذا أقيمت الصلاة وأنت تصلي فاقطعها، وادخل مع الإمام ولا تكملها؛ فالفريضة أهم. وقال بعض أهل العلم: إنه يتمها خفيفة. ولكن الصواب أنه لا يتمها، بل يقطعها، ولا تحتاج إلى سلام، بل يقطعها بالنية ويكفي. والحمد لله.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (223). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 286 183 - حكم قطع المصلي السنة ليدرك تكبيرة الإحرام س: من أسئلة هذا المستمع يقول: ما رأي سماحتكم إذا قطع المصلي الركعة الأخيرة من السنة، وذلك إذا أقام المؤذن للصلاة ليدرك تكبيرة الإحرام (1)؟ ج: هذا الواجب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2)» إذا أقيمت وهو باق عليه ركعة يقطعها ويدخل مع الإمام، أما إذا أقيمت وقد انتهى ما بقي إلا السجود أو التحيات يكمل.   (1) السؤال السابع والسبعون من الشريط رقم (433). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 287 184 - بيان فضل صلاة الجماعة س: فضلت صلاة الجماعة عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، هل هذا الفضل يشمل صلاة الإمام والمأمومين، أم للمأمومين خاصة (1)؟ ج: هذا فضل يشمل الجميع، هذا الفضل للإمام والمأمومين جميعا، صلاة الجماعة تفضل عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، هذا للإمام والمأمومين جميعا من فضل الله ورحمته سبحانه وتعالى.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (34). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 287 185 - بيان فضل الصلاة في المسجد الحرام وداخل حدود الحرم س: يسأل المستمع ويقول: أيهما أفضل: الصلاة في المسجد الحرام، أم الصلاة داخل حدود الحرم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة أفضل، وهي بمائة ألف صلاة للحديث الصحيح، والصواب أنها تضاعف الصلاة أيضا في بقية الحرم على قول بعض أهل العلم، أما الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة فهذا أمر متفق عليه أنها تضاعف، فإذا تيسر للمسلم الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة فذلك أفضل وأكمل، وإن صلى في مسجد من مساجد مكة نرجو له هذا الفضل على الصحيح، وإن الحديث يعم الحرم كله حتى لو صلى في بيته النافلة يعم هذا الفضل؛ لأن صلاة النافلة في البيت أفضل فيعمه الفضل، وهكذا صلاة النساء في بيوتهن، ويعمهن هذا الفضل في مكة المكرمة، لكن الفريضة يجب أن تصلى في المساجد مع الجماعة، وإذا تيسر للمؤمن أن يصلي في المسجد الذي حول الكعبة كان ذلك أكمل وأفضل لأنه محل إجماع.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (267). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 288 186 - بيان فضل مضاعفة الصلاة في المسجد النبوي س: الأخ: م. ح. من المدينة المنورة، يسأل ويقول: هل صلاة النافلة في المسجد النبوي تعدل ألف صلاة، أم أن مضاعفة الصلاة مختصة بالفريضة فقط؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: المضاعفة عامة للفرض والنفل في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المسجد الحرام، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يخص الفريضة، بل قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام (2)» وقال صلى الله عليه وسلم: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم (3)» يعني: بمائة ألف في المساجد الأخرى. وهذا يعم النفل والفرض، لكن النفل في البيت أفضل، ويكون الأجر أكثر، والمرأة في بيتها أفضل ولها أجر أكثر، وإذا صلى الرجل في مسجد النبي صلى الله   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (290). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1190) ومسلم في كتاب الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، برقم (1394). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما برقم (15685). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 289 عليه وسلم فرضا، أو نفلا فله أجر المضاعفة، لكن - ومع هذا - المشروع له أن يصلي النافلة في البيت سنة الظهر وسنة المغرب وسنة العشاء وسنة الفجر في البيت أفضل، وتكون له المضاعفة أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للناس: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (1)» يخاطبهم وهو في المدينة عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن صلاتهم في بيوتهم صلاة النافلة أفضل، وتكون مضاعفتها أكثر، وهكذا في المسجد الحرام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل برقم (731). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 290 187 - بيان وتوجيه حول الجلوس في الروضة الشريفة س: الواقع - سماحة الشيخ - أن كثيرا من الناس يحرص على البقاء في الروضة هذه البقعة المباركة، ويجلس لقراءة القرآن الكريم لساعات، ما هو توجيه سماحة الشيخ (1)؟ ج: ننصح إذا كان فيه أذية للمصلي يصلي ويمشي، يروح لجهات أخرى حتى يوسع للناس الذين يريدون أن يفعلوا مثل ما فعل؛ أن يصلوا فيه، وكذلك لا يصلي فيها وقت الفرائض، بل يذهب إلى الصف   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (355). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 290 الأول يكمل الصفوف، ولا يترك الصف الأول أو الصف الثاني، بل عليه أن يكمل الصف الأول فالأول، ولو كان خارج الروضة لا يجلس فيها، بل عليه أن يعتني بالصف الأول فالأول، إن الذين يجلسون في الروضة الشريفة لقراءة القرآن الكريم في الروضة الشريفة لا ينبغي، إذا كان قد يمنع أحدا ويشق على أحد، بل ليجلسوا في مكان آخر. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 291 188 - فضل الصلاة في مسجد قباء س: يقول عبد الرحمن من الرياض: الصلاة في مسجد قباء هل هو بأجر عمرة، أم يشترط الخروج من البيت متوضئا بنية الذهاب إلى قباء، وصلاة ركعتين للعمرة (1)؟ ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور مسجد قباء، ويصلي فيه كل سبت، ويقول: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه كان له كأجر عمرة (2)» وإذا خرج من بيته قاصدا قباء يكون هذا أجمل، يتطهر في   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (393). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه، برقم (15551) والنسائي في كتاب المساجد، باب فضل مسجد قباء والصلاة فيه، برقم (696). وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء برقم (1412). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 291 بيته ويقصد مسجد قباء ويصلي فيه، وإن مر عليه من أي جهة وصلى فيه قربة وطاعة، لكن إذا تطهر في بيته يكون أكمل، ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه ركعتين يكون كعمرة، كما قال عليه الصلاة والسلام. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 292 س: هل من السنة أن يذهب من يسكن في المدينة المنورة كل أسبوع إلى مسجد قباء، أم أن هذه مقولة لا دليل عليها (1)؟ ج: هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ كان يزور قباء كل سبت، يعني: كل أسبوع، والأفضل لمن كان في المدينة أن يزور قباء في الأسبوع مرة، يعني: في يوم السبت أو غيره، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ويصلي فيه ركعتين أو أكثر، ثم ينصرف اقتداء بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (290). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 292 189 - أحكام المصلى س: يقول السائل: هل للمصلى تحية كتحية المسجد، أم أنها خاصة بالمسجد فقط؟ وهل يعتبر المصلى يأخذ حكم المسجد للبيع والشراء فيه، أم أنه ليس كذلك (1)؟   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (387). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 292 ج: ليس للمصلى حكم المساجد، فلا تشرع الركعتان لدخوله، ولا حرج في البيع والشراء فيه؛ لأنه موضع للصلاة عند الحاجة وليس مسجدا، وإنما المسجد ما يعد للصلاة وقفا تؤدى فيه الصلاة كسائر المساجد، أما المصلى المؤقت فتصلي فيه جماعة الدائرة، أو جماعة نزلوا لوقت معين ثم يرتحلون، فهذا لا يسمى مسجدا، فلا حرج أن يباع فيه ويشترى، وليس له تحية المسجد، وإنما التحية لما أعد مسجدا وقفا لله عز وجل لإقامة الصلاة فيه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 293 س: لدينا - يا سماحة الشيخ - في الكلية مصلى ندخل فيه، ونجلس فيه متى ما نشاء ونفطر فيه أيضا، وقد ينام البعض فيه، وقد يدخل الطالب وهو على غير وضوء، ما رأيكم في هذا (1)؟ ج: الواجب عليكم أن تصلوا في المساجد التي بقربكم، الذي تسمعون نداءه، فإذا لم يتيسر ذلك لبعد المساجد عنكم فإنكم تصلون في المصلى الذي تعينونه، وليس له حكم المسجد؛ إذا نام فيه أحد أو دخله ليس له حكم المساجد، فله أن ينام فيه - والمسجد ينام فيه لا بأس - وللحائض أن تدخله، وللجنب أن يدخله لا حرج؛ لأنه ليس بمسجد، المصلى ليس بمسجد.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (433). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 293 س: السائلة من الرياض، تذكر في سؤالها وتقول: في مسجد الحي يوجد مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم خاصة بالنساء، وهي موجودة في الجزء الخلفي من المسجد، ومفصولة عنه بجدار بينهما باب مغلق، وهذه المدرسة تدرس فيها الطالبات حتى ولو كن حيضا بحكم انعزالها عن المسجد. والسؤال هو: أنه إذا مات أحد الأقارب قامت النساء بالصلاة على الجنازة؛ مقتديات بالإمام في صلاة الجنازة وصلاة الفرض معها في هذا المكان أي المدرسة، فما حكم هذا الفعل؟ وهل الصلاة تصح (1)؟ ج: ما دمن يرين الإمام والمأمومين لا بأس، تصح الصلاة؛ لأنها ليست تبع المسجد، فلا حرج أن يحضرها النساء الحيض وغير ذلك ما دامت خارجة عن سور المسجد، وإذا صلى فيها النساء تتبع الإمام على جنازة، أو في الفريضة وهن يرين الإمام أو المأمومين، أو بعض الصف لا حرج، والحمد لله.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (406). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 294 190 - حكم دخول المرأة المصلى وعليها العذر س: تسأل السائلة وتقول: أختي لها سؤال، فهي طالبة في الثانوية، وقد وضعت المدرسة - مشكورة - فصلا للتلميذات، تعقد فيه ندوات الجزء: 11 ¦ الصفحة: 294 ومحاضرات بين آونة وأخرى، وتطلب المعلمة من الجميع الدخول للاستماع إلى تلك الندوات، فهل يجوز الدخول في هذا المكان لمن عليها العذر (1)؟ ج: نعم، ليس هذا مسجدا، هذا مصلى وليس بمسجد، فلا مانع من أن يدخل في هذا المحل الحائض والنفساء، لا حرج في ذلك؛ لأن المصلى لا يسمى مسجدا؛ لأن المصلى محل عبادة مؤقت، والمساجد هي التي تبنى للعبادة، وتوقف للعبادة للصلوات الخمس، هذه هي التي لا تجلس فيها الحائض والنفساء ولا الجنب، أما المصليات التي في الدوائر فليس لها حكم المساجد، وهكذا المصلى الذي في المدرسة، وليس بمسجد كغرفة يصلون فيها، أو ممر أو فسحة يصلون فيه ليس له حكم المسجد.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (280). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 295 191 - حكم دخول الحائض للمسجد للضرورة س: تقول هذه السائلة: نزل أثناء وجودنا في المدرسة مطر غزير، فاستدعى الأمر أن ندخل في مسجد المدرسة وأنا حائض، هل علي شيء؟ وهل المسجد في المدرسة يأخذ حكم المصلى؟ وفقكم الله (1)   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (422). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 295 ج: إذا دخلت المرأة الحائض أو النفساء في المسجد للضرورة فلا بأس؛ كأن تخشى على نفسها إذا كانت خارج المسجد، أو لأسباب أخرى للضرورة فلا حرج، أما مسجد المدرسة إذا كان مصلى ليس له حكم المساجد، لها أن تجلس فيه؛ لأنه ليس له حكم المساجد، فللحائض أو النفساء أن تجلس في المصلى لسماع الخطبة، أو سماع الدرس أو الفائدة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 296 192 - حكم أخذ غرامة مالية بسبب تأخير إرجاع الكتب المعارة س: يقول أ. م، في آخر أسئلته من الأردن: في بعض المساجد إعارة الكتب؛ بشرط أن من يتأخر في إرجاع هذه الكتب عن المدة المحددة يدفع عن كل يوم غرامة معينة من المال تنفق على المسجد، أو لمصلحة المسجد، هل يجوز هذا يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: نعم؛ لأن هذا من باب الإجارة، إذا تأخر فقد استمر بالأجر أجرة المثل يعني استمتاعه بالكتاب عن المدة المحددة، ولا أعلم في هذا بأسا لحث الناس على القيام بالشروط والوفاء بها، وعدم التساهل ببقائها عند المستعير، فإذا حجز خمسة أيام أو ستة أيام أو غيرها، وزاد فعليه كذا وكذا عن تأخير الكتاب، لا حرج إن شاء الله في هذا، والمصلحة كبيرة.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (368). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 296 193 - حكم استعارة الكتب من المسجد س: هل الاستعارة من المساجد جائزة أو لا (1)؟ ج: ليس له أن يستعير، أما من المكتبات فلا بأس إذا سمح مدير المكتبة، والقائم عليها بالإعارة فلا بأس، أما ما وضع في المسجد من الكتب، أو من المصاحف فلا يستعار، بل يطالع وهو في المسجد.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (229). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 297 194 - حكم أخذ الكتاب الموقوف على المسجد س: هل يجوز أخذ أي كتاب سواء كان قرآنا، أو أي كتاب آخر كتب عليه: وقف، هل يجوز أخذه من المسجد (1)؟ ج: لا يجوز أخذه من المسجد، بل يترك في المسجد، ينتفع به من كان في المسجد من قراء يطالعون فيه، يستفيدون منه؛ لأن الواضع الذي وضعه في المسجد، أو في مكتبة المسجد قصده نفع الناس، فلا تأخذ المصحف الذي في المسجد ولا الكتاب الذي في المسجد.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (228). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 297 195 - حكم أخذ المصحف من المسجد واستبداله بآخر س: يقول السائل: هل يجوز أخذ المصاحف والكتب من المسجد، واستبدالها بغيرها من المصاحف؛ كأن يأخذ الشخص مصحفا من الجزء: 11 ¦ الصفحة: 297 المسجد ويضع غيره من طبعة أخرى ولون آخر (1)؟ ج: لا يجوز لأي مسلم أن يأخذ من مصاحف المسجد، أو كتب المسجد شيئا؛ لأن الذي وضعها قصد أن ينتفع بها المسلمون في هذا المسجد، فليس لأحد أن يأخذها من المسجد، ولا من مكتبته، بل تبقى لأهل المسجد ومراجعي المكتبة، وإذا أحب أن يزيد ويضع كتبا أخرى ومصاحف أخرى فجزاه الله خيرا، أما أن يأخذ مصحفا؛ لأنه أنسب له لحسن طبعته أو لكبر حروفه، ويأتي بمصحف آخر أو كتاب آخر فلا. بل يترك ما بالمسجد للمسجد ولأهل المسجد وفي مكتبة المسجد، وإذا كان هناك فضل في المصاحف لا مانع من نقلها لمسجد آخر، إذا كان هناك فضل فيها وعدم حاجة لبعضها تنقل إلى مسجد آخر محتاج، وهكذا إذا كان في المكتبة كتب كثيرة، وهناك مكتبات تابعات لمساجد أخرى تحتاج إليها وتنقل بعضها إلى هناك فلا بأس، إلا أن يكون صاحب الكتاب نص على هذه المكتبة المعينة؛ ليبقى فيها فيبقى فيها.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (281). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 298 س: يقول السائل: هل يجوز للإنسان أن يأخذ مصحفا من المسجد لنفسه، أو يستبدل مصحفا له (1)؟   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (431). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 298 ج: ليس له ذلك، لا يجوز له أن يأخذ من المسجد شيئا لا لنفسه ولا يبدله، بل يجب ترك ما في المسجد للمسجد للمسلمين. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 299 س: هل يجوز أخذ المصاحف والكتب من المسجد، أو استبدالها بغيرها من المصاحف، كأن يأخذ الشخص مصحفا من المسجد ويضع غيره (1)؟ ج: لا يجوز أخذ شيء من المساجد؛ لا من المصاحف ولا من الكتب، ولا من الفرش ولا من اللمبات ولا غير ذلك، هذه من الأوقاف، يجب تركها وعدم التعرض لها، فليس لأحد أن يأخذ المصاحف من المسجد، ولا من كتب المسجد، بل يقرأ فيها إذا كان في المسجد ثم يدعها في محلها، وليس له أن يأخذ شيئا منها، هذا ظلم لا يجوز، بل تبقى في المسجد لانتفاع المصلين والزوار للمسجد بالكتب والمصاحف.   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (271). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 299 س: الأخ: م. ص. ع. يسأل ويقول: دخلت أحد المساجد ومعي مصحف، ورأيت في المسجد مصاحف ذات طباعة واضحة وقمت باستبدال مصحفي بواحد من تلك المصاحف الموجودة في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 299 المسجد، هل يحق لي ذلك، أم لا (1)؟ ج: ليس لأحد أن يأخذ من أوقاف المسجد شيئا لا من المصاحف ولا من غيرها، إلا إذا كانت موضوعة للتوزيع، إذا كان وضعها الواضع للتوزيع فلا بأس بذلك. إذا قال له الإمام أو المؤذن: هذه للتوزيع. فلا بأس، أما إذا كانت وضعت لينتفع بها المصلون والقراء في المسجد فليس لأحد أن يأخذ منها شيئا، ولا أن يضع بدلها ما هو دونها؛ لأنها وقف على القراء في المسجد، ولأن وجود ما هو أصلح ينبغي أن يبقى للقارئ الذي أراده الموقف، فلا يأخذ الطيب ويدع ما هو دونه، بل يبق الطيب لأهل المسجد؛ حتى لا يخلو المسجد من المصاحف ذات الطباعة الجيدة. وهذا هو المطلوب.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (187). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 300 س: هناك بعض الناس يأتون بمصاحف قديمة، ويضعونها في المساجد ويستبدلونها بمصاحف جديدة من نفس المسجد، فهل هذا جائز (1)؟ ج: ليس لأحد أن يأخذ من مصاحف المسجد شيئا، المصاحف التي في المسجد يجب أن تبقى بالمساجد، وليس لأحد أن يأخذ منها شيئا أو يبدلها، بل الواجب تركها في المساجد؛ لأن أهلها أرادوا أنها وقف ينتفع بها المسلمون في المسجد.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (229). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 300 196 - حكم قبول المصحف المأخوذ من المسجد س: يقول السائل: لقد أعطاني صديق لي مصحفا، وهذا المصحف أخذه من المسجد وقبلته منه، فهل هذا العمل جائز؟ وماذا علي إذا كان غير جائز؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: عليك أن ترده إلى المسجد؛ لأنه لا يجوز أن يأخذ من المسجد بنفسه ولا بغيره، بل مصاحف المسجد تبقى في المسجد للمصلين والقارئين، وليس لأحد أن يأخذ من المسجد المصاحف التي فيه ويعطيها الناس، أو يستعملها في بيته، لا تستعمل إلا في المسجد فقط، وعليك أنت أن ترد هذا المصحف للمسجد الذي أخذه منه، وتعلم صاحبك ألا يأخذ من المسجد.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (443). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 301 197 - حكم أخذ المصحف إذا كان مكتوبا عليه هدية س: لقد ذهبت أنا وإخوان معي إلى العمرة، وعند عودتنا مررنا بالمدينة، وأخذنا مصاحف كتب عليها: هدية إلى حجاج بيت الله الحرام، بموافقة أحد العاملين، وقال: لا بأس إذا لم يكتب عليها: وقف لله تعالى، وعند عودتنا إلى الكويت قيل لنا: ما كان يجب أن تأخذوها، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 301 فأصحابها قد تركوها لكي تقرأ ويكتب لهم الأجر، فما رأي سماحتكم؟ أنردها؟ أم ماذا ترى؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانت المصاحف مكتوبا عليها: هدية، فلا بأس من أخذها، أما إذا كانت مكتوبا عليها: هدية للقراء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في المسجد الحرام، أو في مسجد كذا، فلا تؤخذ، بل تبقى للقراء في المسجد، أما إذا كتب عليها: هدية للحجاج، ولم يذكر المسجد فلا حرج في ذلك، ولا حرج في أخذها، والله أعلم.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (198). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 302 198 - حكم التبرع بالمصاحف في المساجد س: يقول هذا السائل من الكويت: هل يجوز وضع المصاحف في المساجد؟ وهل يكون لمن وضعها أجر على كل حرف يقرأ من هذا المصحف؟ ووضع هذا المصحف بنية أن يكون أجر القارئ للمتوفى، فهل هذا مشروع (1)؟ ج: وضع المصاحف في المساجد مشروع؛ لأنه يعين من جاء بنفسه للقراءة، وصاحبه له أجر، يرجى له أجر كبير؛ لأنه ممن أعان على الخير، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «والله في عون العبد ما   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (406). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 302 كان العبد في عون أخيه (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (2)» وإذا سبل مصاحف لأموات، أو كتب علم فلهم أجر في ذلك، وإذا نوى هذا الوقف لأبيه أو أمه فله أجر في ذلك، وللموقوف له أجر في ذلك، أما إهداء المصحف فهو طيب من باب التعاون على البر والتقوى، إذا أهديته إليه فأنت مشكور ولا بأس.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699). (2) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه برقم (2442) ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 303 199 - حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد س: ما هو رأي سماحتكم في اصطحاب الأطفال إلى المسجد؟ وهل هذا حرام أو مكروه أو جائز؟ علما بأني أسمع على ألسنة كثير من الناس حديثا، يقولون: إنه مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم (1)» (2) ج: يستحب، بل يشرع الذهاب بالأولاد إلى المساجد إذا بلغ الولد   (1) أخرجه ابن ماجه، في كتاب المساجد والجماعات، باب ما يكره في المساجد، برقم (750). (2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (169). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 303 سبعا فأعلى، ويضرب عليها إذا بلغ عشرا؛ لأنه بذلك يتأهل للصلاة ويعلم الصلاة، حتى إذا بلغ فإذا هو قد عرف الصلاة واعتادها مع إخوانه المسلمين. أما الأطفال الذين دون السبع فالأولى ألا يذهب بهم؛ لأنهم قد يضايقون الجماعة، ويشوشون على الجماعة ويلعبون، فالأولى عدم الذهاب بهم إلى المسجد؛ لأنه لا تشرع لهم الصلاة. وأما حديث: «جنبوا مساجدكم صبيانكم (1)» فهو حديث ضعيف، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يؤمر الصبيان بالحضور للصلاة إذا بلغوا سبعا فأكثر حتى يعتادوا الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (2)» فهذا فيه تشريع للمؤمنين أن يحضروا أولادهم معهم حتى يعتادوا الصلاة، وحتى إذا كانوا بلغوا الحلم قد اعتادوا، حتى إذا بلغوا فإذا هم قد اعتادوها وحضورها مع المسلمين، فيكون ذلك أسهل وأقرب إلى محافظتهم عليها.   (1) أخرجه ابن ماجه، في كتاب المساجد والجماعات، باب ما يكره في المساجد، برقم (750). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 304 س: ما حكم اصطحاب الأطفال للمساجد؟ هل هو سنة كما يقول الجزء: 11 ¦ الصفحة: 304 البعض، أم أنه غير جائز لما يسببه الأطفال من إزعاج للمصلين، كما يقول البعض الآخر (1)؟ ج: استصحاب الأطفال فيه تفصيل: إذا كان الطفل قد أكمل السبع السنين فهو مأمور بالصلاة، فيستصحبه أبوه وأخوه؛ حتى يتمرن على الصلاة ويعتادها، أما إن كان أقل من السبع فلا حاجة إلى ذلك، ولا يشرع استصحابه؛ لأنه قد يؤذي المصلين، وقد يشوش عليهم بلعبه وكلامه، فالأولى عدم اصطحابهم لما في ذلك من الإيذاء للمصلين.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (168). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 305 س: ما رأي سماحكتم في الذين يأتون بأطفالهم إلى المساجد لأداء الصلاة، علما بأن الأطفال لا يقرؤون، ولا يحفظون من القرآن حتى سورة الفاتحة؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: إذا تيسر بقاؤهم في البيت هذا طيب حتى لا يؤذوا أحدا، وإذا لم يتيسر؛ لأن الطفل أو الأب يحب أن يصلي مع الناس، أو يسمع الدرس أو الفائدة أو الخطبة فلا حرج ولو كان معهم صبية صغار؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر في الحديث الصحيح أنه يدخل الصلاة ويريد التطويل، ثم يسمع صياح الصبي ويخفف؛ لئلا يشق على أمه، فدل ذلك   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (229). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 305 على أنهم يصلون ومعهم الصبيان، ولم ينههم عن إحضار الصبيان الصغار، وكذلك في الحديث الصحيح، لما تأخر في بعض الليالي عن صلاة العشاء قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، رقد النساء والصبيان (1) فدل على أن الصبيان يحضرون، الحاصل أن حضور الصبيان مع أمهاتهم، أو مع آبائهم أمر لا بأس به، وإذا كان ليس من أهل الصلاة وقد جاءت به، وأنها تريد أن تطمئن عليه حتى تصلي مع الناس، وحتى تسمع الخطبة والفائدة فلا بأس بذلك، وإن تيسر من يحفظه في بيتها حتى لا تتأذى، ولا تؤذي به أحدا فهذا أولى وأفضل إذا تيسر ذلك.   (1) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، برقم (7239). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 306 س: الأخ: ف. ع. م، من حوطة بني تميم، يسأل عن الأطفال في المساجد وتشويشهم وبم توجهون الناس؟ ولا سيما أنهم يمتثلون للتوجيه، ثم يستمرون أياما ويعودون إلى حالهم السابق، جزاكم الله خيرا (1) ج: الأطفال قسمان: قسم بلغ سبعا فأكثر، فهذا يوجه إلى الصلاة والخشوع فيها، ويفرقون في الصفوف حتى لا يلعبوا إذا كان اجتماعهم قد يسبب اللعب، يفرقون بين الرجال الكبار, ويكون من يتعاهدهم   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (272). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 306 المؤذن أو غير المؤذن، يتعاهدونهم حتى لا يشوشوا ولا يلعبوا، أما إن كان الأطفال دون السبع فمثل هؤلاء بقاؤهم في البيوت أولى، يبقون في البيوت عند أهليهم، ومن حضر بولده منهم فليحرص عليه حتى لا يشوش على الناس، وإلا فليبقه في البيت حتى لا يشوش على أحد، والإمام والمؤذن وأهل المسجد يتولون هذه الأمور، فينصحون الناس ويوجهونهم إلى الخير؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 307 200 - حكم صلاة الصبي المميز في الصف الأول س: ما رأيكم في صلاة الصبي المميز في الصف الأول؛ لأن الكثير من الناس - هداهم الله - يطردونهم إلى الصف الأخير، مما يسبب اجتماعهم وعبثهم في المسجد (1)؟ ج: ينبغي أن يشجع الصبي على الصلاة، وألا ينفر منها، فإن تقدم للصف الأول يبق في الصف الأول، وهكذا إذا تقدم في الصف الثاني، ولا ينبغي تجميعهم في محل واحد؛ لأن هذا أولا ينفرهم من التقدم للصلاة، وثانيا: يسبب لعبهم وإشغالهم المصلين، فلا ينبغي لأهل المسجد أن يفعلوا ذلك، بل ينبغي لأهل المسجد أن يلاحظوا تفريقهم،   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (38). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 307 وأن يكونوا في المواضع؛ يبعد بعضهم عن بعض حتى لا يعبثوا وحتى لا يؤذوا المصلين، ومن سبق منهم للصف الأول فإنه يقر؛ لأنه سبق إلى شيء ما سبق إليه أحد فهو أحق. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 308 201 - حكم صلاة الأطفال دون السابعة في الصفوف الأمامية س: ما حكم صلاة الأطفال دون السابعة في الصفوف الأمامية ويزاحمون المصلين؟ وهذا مما يجعل دائما فرجة في الصفوف، وأن يحدثوا بعض الحركات في الصلاة (1)؟ ج: الأطفال الذين هم دون السبع ليس لهم صلاة، ولا يؤمرون بالصلاة، والمشروع لآبائهم إبقاؤهم في البيوت؛ حتى لا يشوشوا على المصلين، هذا هو المشروع، لكن لو وجد أحدهم بين الصفوف لم يضر الصف، وعلى من حوله أن يرشده للهدوء؛ حتى لا يؤذي أحدا، أما آباؤهم فالمشروع لهم أن يحفظوهم في البيوت، وألا يحضروهم إلى المساجد؛ حتى لا يشوشوا على الناس، ولا يقطعوا الصفوف، ومتى وجد أحد منهم في الصف الأول ودعت الحاجة إلى إبقائه فإنه لا يضر الصف، ويكون بمثابة الكرسي أو العمود أو ما أشبه ذلك، إذا دعت الحاجة إلى وجوده في الصف.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (325). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 308 س: كثير من الناس حينما يحضر إلى الصلاة في المسجد وهي مقامة يجدون أطفالا يصلون، بعضهم أقل من السابعة، وبعضهم أكثر من السابعة، فيقومون بإزاحتهم إلى طرف الصف، ويصفون في مكانهم، وإذا كانوا في طرف الصف يؤخرونهم إلى الصف الذي يليه؛ مما يؤدي إلى قطع صلاتهم، فهل في عملهم هذا شيء؟ وماذا يجب علينا حين نشاهد مثل ذلك؟ وهل يجوز تأخير الذين أعمارهم أقل من السابعة من صفهم إلى الصف الذي يليه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: أما من كان بلغ السابعة فالمشروع تركه، ولا يجوز تأخيره؛ لأنه سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو أولى بمكانه، وفيه تشجيع له على المحافظة والمسارعة إلى الخير، فلا يؤخر، أما من كان دون السبع فهذا محل نظر، إن يترك فلا بأس؛ لئلا يحصل عليه مضرة إذا أخر، ولئلا يعبث أو يذهب إلى محل آخر يضره، فتركه في مكانه أولى وأحوط؛ حتى لا يحصل عليه ضرر، أو يحصل منه عبث يضر أحدا من الناس بتأخيره بالتشويش عليه، والصغار لهم مراعاة؛ لئلا يقع شر عليهم إذا أخروا في الصلاة، فقد يذهبون إلى جهات تضرهم، وقد يعبثون عبثا   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (301). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 309 يضرهم ويضر غيرهم، ثم أيضا في تركهم في الصف تمرين لهم على المجيء والحرص على الصلاة؛ حتى إذا كملوا السابعة إذا هم قد تمرنوا. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 310 202 - بيان كيفية توجيه الأطفال إذا لعبوا أثناء الصلاة س: لو التفت الطفل وهو في الصف، أو تحرك حركة ربما تكون زائدة، ما هو توجيه سماحتكم (1)؟ ج: يشيرون له بالهدوء؛ حتى يهدأ بالإشارة ما دام في الصلاة بالإشارة، والصغار يوجهون حتى يعتادوا الخير.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (301). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 310 203 - حكم من يتخذ مكانا واحدا للصلاة في المسجد س: ما حكم من يتخذ مكانا واحدا للصلاة في المسجد (1)؟ ج: قد نص جمع من أهل العلم على كراهة اتخاذ مكان معين في المسجد لا يصلي إلا فيه، وجاء في بعض الأحاديث التي لا تخلو من مقال، فالذي ينبغي للمؤمن ألا يتخذ مكانا معينا في المسجد، بل متى جاء يحرص على القرب من الإمام، ولا يتخذ مكانا معينا، هذا هو الذي   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (76). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 310 ينبغي، فينبغي أن يكون هناك مسابقة ومسارعة إلى الخير، فإذا أمكنه أن يكون خلف الإمام هذا هو الأفضل، وإذا لم يتيسر ذلك غالبا، أما أن يتخذ عمودا سارية يصلي عندها، أو جدارا أو محلا معينا هذا خلاف المشروع، فالمشروع له أن يسابق، وأن ينافس في الخير، وأن يتقدم، فإن أمكنه الصف الأول صار في الصف الأول، وإن أمكنه القرب من الإمام صار قريبا من الإمام، فإن عجز يكون في الصف الثاني وهكذا، أما أن يتخذ سارية يصلي عندها، أو محلا يصلي عنده لا يجاوزه ولو كان هناك ما هو أقرب منه إلى الإمام هذا غلط، خلاف السنة، وأقل أحواله الكراهة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 311 س: هل الصلاة في المسجد في مكان واحد؛ الفرض والنافلة، يعد ذلك محذورا أو لا (1)؟ ج: نعم، اعتياد ذلك لا ينبغي، كونه اعتاد مكانا معينا يكره له ذلك، بل السنة أن يسابق إلى الصلاة، ويحرص على الصف الأول والقرب من الإمام، أما أن يتخذ محلا معينا يجلس فيه ولو بكر ووجد ما هو أفضل منه فهذا خلاف المشروع، فالسنة في المؤمن أن يسابق ويسارع إلى الصلاة، وأن يحرص على الصف الأول، وعلى قربه من الإمام،   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (102). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 311 وألا يتخذ له مكانا معينا يصلي فيه، ويترك ما هو أفضل منه، والله المستعان. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 312 س: الأخ: عبد الله من الرياض، يقول: قرأت حديثا ما معناه: بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نقر كنقر الغراب، وافتراش كافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير، السؤال يا سماحة الشيخ: عند دخول المسجد لأداء الصلاة أجلس دائما في مكان خاص ومعين في جميع الأوقات، فهل الحديث المذكور يشملني ويشمل تصرفي هذا (1)؟ ج: نعم، الأفضل لك أن تنتهي حيث انتهى الصف، ولا تجعل لك مكانا معينا، إذا جئت والصف الأول تام تصف في الثاني، وإذا كان الصف الأول ما تم تصف في الصف الأول، ولا تبق في طرف الصف هكذا، ولا تنقر صلاتك؛ اطمئن، وعدم العجلة في الصلاة، ولا تفرش يديك مثل السبع، إذا سجدت ارفع ذراعك واعتمد على كفيك فقط، والذراعان مرفوعان، كان السبع يبسط ذراعيه والكلب كذلك، والسنة للمؤمن أن يرفع ذراعيه، بل ويعتمد على كفيه فقط في السجود.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (426). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 312 204 - حكم أكل الثوم قبل الذهاب إلى المسجد س: تقول هذه السائلة: ما حكم من يكثر من أكل الثوم لرغبته فيه وحبه له؟ هل يذهب إلى المسجد للصلاة فيه، أو يكفيه الصلاة في المنزل ويتعذر بذلك (1)؟ ج: من يأكل الثوم أو البصل أو الكراث لا يجوز له الذهاب إلى المسجد؛ لأنه يؤذي الناس بذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، أو قال وليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته (2)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإخراج من تعاطى هذه الأمور من المسجد، وقال: «فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم (3)» فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى الكراث أو الثوم أو البصل، وأن يصلي مع المسلمين؛ لأنه يؤذيهم بذلك، وإذا كان ليس هناك حاجة لهذا فليترك ذلك حتى لا   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (397). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث، برقم (855) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، برقم (564). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، برقم (564). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 313 يحرم الصلاة مع المسلمين، أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لجوع أو مرض فلا حرج، أما أن يعتاد ذلك كشهوة فالذي ينبغي له ترك ذلك؛ حتى لا يحرم الصلاة مع المسلمين، وإذا قصد بذلك التخلف عن الجماعة؛ يتحيل بهذا لترك الجماعة فهذا منكر ولا يجوز، نسأل الله العافية. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 314 205 - حكم ذهاب شارب الدخان إلى المسجد س: هذا سائل من الجبيل، يقول في هذا السؤال: علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى من أكل منا ثوما أو بصلا عن قرب المصلين، أو المصلى في جماعة المسجد، وذلك حسب علمي حتى لا يؤذي الملائكة والمصلين، فما رأي سماحتكم فيمن امتلأت رئتاه برائحة الدخان، حتى ولو أنه لم يشربه قبيل قدومه للصلاة في المسجد، والمعروف أن رائحة الدخان كريهة، وأنا أقول: بأنها تزعجني في صلاتي بجانب صاحب هذه الرائحة، والنهي جاء في الحلال؛ الثوم والبصل، فما الحكم في الدخان؟ هل هو محرم؟ وهل ينطبق الحديث على شاربه (1)؟ ج: نعم، الدخان محرم، ولا شك فيه أنه محرم؛ لما فيه من المضرة العظيمة، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك، ولا سيما إذا كان   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (374). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 314 مجيئه إلى المسجد قرب شرب الدخان، فإن هذا يؤذي الناس وقد يكون أذاه أشد من الثوم والبصل لمن لم يعتده، فالواجب على المؤمن أن يحذره؛ لأنه محرم، وفيه مضار كثيرة، وفيه أيضا إيذاء للناس لمن شربه عند مجيئه للمسجد ولم يتحفظ فإنه يؤذي من حوله، والله المستعان. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 315 206 - حكم الذهاب إلى المسجد بملابس غير نظيفة س: يقول السائل: هناك جماعة يشتغلون في ورشة لإصلاح السيارات، وإذا حان موعد الصلاة ذهبوا إلى المسجد بملابس الشغل، وتكون ملابسهم متسخة بطبيعة الحال بالزيوت والبويا والمعجون وما أشبه ذلك، فبماذا توجهونهم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الصلاة صحيحة، فلا حرج عليهم، ولكن الأفضل أن يعدوا للصلاة لباسا حسنا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (2)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال (3)» ولئلا يتأذى منه   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (253). (2) سورة الأعراف الآية 31 (3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، برقم (91). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 315 إخوانه، ولئلا يؤذي من يجاوره بهذه الملابس، السنة لهم - والذي أنصحهم به - أن يلبسوا ملابس حسنة للصلاة يعدونها، إذا جاء وقت الصلاة خلعوا هذه الملابس ولبسوا ملابس حسنة، هذا هو الذي ننصحهم به. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 316 س: إنني أشتغل في ورشة، وأسمع الأذان وأنا في الورشة، وكنت في بعض الأيام أصلي في المسجد، ولكن خطب الخطيب في يوم الجمعة، وقال: لا يصح للعامل أن يأتي من عمله ليصلي في المسجد؛ لأنه يؤذي المصلين بالملابس المتسخة، وأصلي أنا وأخي وزميلي في الورشة جماعة، هل صلاتنا صحيحة في العمل القريب من المسجد (1)؟ ج: هذا الذي قاله الخطيب غلط وجهل، بل يجب على العمال أن يحضروا الصلاة ويعتنوا بالصلاة مع الجماعة، ولا يغتروا بخطبة الجاهلين، بل يجب على العمال أن يصلوا مع الناس، ويحضروا مع الناس وإن كان في ثيابهم زيت أو غيره، لكن يحرصون على النظافة، وألا يكون عندهم روائح كريهة كالدخان والصنان (2) يحرصون على أن يتوضؤوا، وأن يتنظفوا مما يؤذي إخوانهم المصلين، ولا يجوز لهم   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (223). (2) رائحة العرق. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 316 التساهل في هذا الأمر، فإذا حضرت الصلاة ترك كل منهم الشغل وبادر إلى الصلاة، وتعاطى الأسباب التي تعينه على حضورها مع الجماعة، وعدم إيذائهم؛ لا بدخانه ولا بغيره من الأذى. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 317 س: أنا أعمل ميكانيكيا، ماذا أعمل إذا حضرتني الصلاة وأنا في العمل؟ هل لي أن أصلي بملابس العمل، وملابس العمل هذه فيها زيت وغاز؟ وبعض الناس يقولون: لا تجوز فيها الصلاة. ولا يتسع لي الوقت بتبديلها، ماذا أعمل وأنا أريد صلاة الجماعة؟ أفيدونا أفادكم الله (1) ج: الواجب عليك أن تصلي مع إخوانك المسلمين في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)»؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام لما أتاه رجل أعمى يسأله ويقول: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: " فأجب (3)» هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يأمره أن يجيب المؤذن ويحضر الصلاة، وعليك يا أخي أن   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (283). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 317 تغير الملابس التي يتأذى منها إخوانك إذا كان فيها رائحة تؤذيهم، أما إذا كان لا تؤذيهم؛ لا فيها رائحة تؤذيهم فصل فيها والحمد لله؛ لأنها طاهرة، أما إن كان فيها روائح تؤذيهم، أو أوساخ تنتقل إليهم إلى من بجوارك؛ تنتقل إليه الأوساخ فبدلها، أعد ثيابا، إذا أذن المؤذن تلبسها وتذهب إلى الصلاة فيها، وعليك أن تتقي الله في ذلك، هذا أمر عظيم، هذه عمود الإسلام، الصلاة عمود الإسلام، فلا بد من العناية بها، أعظم واجب وأهم واجب بعد الشهادتين هذه الصلاة، يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (1)» ويقول فيها عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2)» هذا وعيد عظيم له، يحشر من تركها مع هؤلاء الكفرة؛ لأنه من ضيعها من أجل الرئاسة والملك صار شبيها بفرعون والعياذ بالله؛ فيحشر معه في النار يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة صار شبيها بهامان وزير فرعون؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21563) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616)، وابن ماجه في كتاب الفتن باب كف اللسان في الفتنة، برقم (3973). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6540)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب في المحافظة على الصلاة برقم (2721). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 318 ضيعها بأسباب المال والشهوات صار شبيها بقارون؛ تاجر بني إسرائيل الذي حمله كفره وبغيه على ترك الحق؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ترك الصلاة من أجل التجارة والبيع والشراء صار شبيها بأبي بن خلف؛ تاجر أهل مكة الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد كافرا؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة. فالواجب على العامل ميكانيكيا أو غيره، الواجب عليه أن يصلي مع المسلمين في الجماعة، وأن يلبس الملابس - التي لا تؤذي الناس - الطيبة السليمة، ويبتعد عن الروائح الكريهة، إذا كان يتعاطى الثوم أو البصل أو التدخين يحذر ذلك؛ حتى لا يكون فيه روائح كريهة وقت الصلاة، وحتى يأتي لها في ملابسه وهي نظيفة لا أوساخ تؤذي الناس، أما إن كان لا يؤذي الناس فلا بأس أن يصلي فيها إن كانت طاهرة، ولكن كونه يلبس ثيابا حسنة وجميلة للصلاة هذا هو الأفضل، يقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (1)، يعني: عند كل صلاة، فالمشروع للمؤمن عند الصلاة أن يلبس ملابس حسنة، يتوجه للمسجد بملابس حسنة مع إخوانه، لا من يقوم بين يدي الله بما فيه أذى للمصلين، نسأل الله للجميع التوفيق.   (1) سورة الأعراف الآية 31 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 319 س: هل من كلمة - سماحة الشيخ - لأولئك الذين يصلون بثياب العمل المتسخة وغيرهم (1)؟ ج: نعم، نوصي الجميع بتقوى الله، وأن يصلوا كما شرع الله، وأن يحذروا التساهل في ذلك؛ لا من جهة السترة، ولا من جهة البقعة، تكون البقعة نظيفة، وتكون الملابس نظيفة سليمة من النجاسات، والواجب عليهم أن يصلوا في الجماعة، يجب على أهل العمل أن يصلوا في الجماعة في المساجد، ثم يعودوا إلى أعمالهم، نسأل الله للجميع الهداية.   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (392). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 320 س: يسأل هذا المستمع: ح. من الأردن، ويقول: هل تجوز الصلاة في المسجد منفردا بلباس العمل؛ كالجزار مثلا: على ثوبه دم، والمهن الأخرى؟ حدثونا في ضوء هذا السؤال، ونرجو كلمة (1) ج: الواجب على المؤمن ألا يصلي إلا في ملابس طاهرة، الجزار لا يصلي في ملابس فيها دم؛ لأن الدم نجس، وهكذا غيره، كل صاحب مهنة يجب أن تكون ثيابه طاهرة سليمة عند الصلاة، لا يصير فيها نجاسة؛ لأن من شرط الصلاة أن تكون ثياب المصلي طاهرة وبقعته   (1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (392). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 320 طاهرة، فليس للجزار ولا غيره أن يصلي في الملابس التي فيها الدماء، أو فيها البول أو غيره من النجاسات، بل يجب أن يصلي في ثياب طاهرة وبدن طاهر. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 321 207 - حكم أداء الصلاة في المسجد منفردا لعذر س: إذا دخل الإنسان المسجد لأداء صلاة العشاء، ثم لاحظ في ثوبه شيئا من البقع، قال في نفسه: أصلي العشاء قبل أن يجتمع الناس. ثم صلى وخرج، هل هذا عذر مقبول؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا يجوز هذا ما دام في المسجد، ويصلي مع الناس ولو كان في ثوبه بقع، إلا إذا أمكن أن يذهب إلى حمام حول المسجد، وكان بيته قريبا إذا أمكن ويزيل البقعة فلا حرج في ذلك، هذا إذا كانت البقعة غير نجاسة، أما إذا كانت نجاسة فيلزمه أن يذهب ويزيل النجاسة ويبدل الثوب وإذا فاتته الجماعة يلزمه أن يذهب إلى بيته ويزيل النجاسة بالغسل، أو إبدال الثوب بثوب آخر. أما إذا كانت بقعا وسخا وليست نجاسة فيصلي فيه والحمد لله، ولو كان فيه جماعة يلزمه أن يصلي مع الجماعة، وفي إمكانه بعد ذلك أن يبدل الثوب أو يغسل الوسخ.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (325). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 321 208 - حكم الصلاة بالبنطال س: سماحة الشيخ: ما حكم لبس البنطلونات بالنسبة للعمال في المساجد (1) ج: لا بد أن يكون اللباس ساترا ما بين السرة والركبة، والبنطلون إذا كان ما فيه تشبه بالكفرة، إذا كان من لباس المسلمين، وستر ما بين السرة والركبة أجزأ مع ستر المنكبين أو أحدهما بالرداء.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (395). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 322 س: هل يجوز دخول المسجد بالحذاء وخصوصا الأطفال (1) ج: نعم، إذا كانت الحذاء نظيفة لا بأس، وعلى صاحب الحذاء، أو ولي الطفل التأكد من ذلك، فإذا كانت الحذاء نظيفة لا حرج في ذلك.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (330). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 322 س: كيف يكون رأي سماحة الشيخ بعد أن أصبحت المساجد مفروشة، وأصبح الدخول بالأحذية عليها مقززا للنفس؟ ما هو توجيه سماحتكم في هذا (1)؟ ج: الأولى في مثل هذا أن يخلعها ويضعها عند باب المسجد، أو في   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (330). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 322 مكان لا خطر فيه؛ حتى لا يغير الفرش على الناس؛ لأن الإنسان قد يتساهل عند دخول المسجد في تفقد ما عليه، وقد يؤذي من حوله، فالذي أراه في مثل هذا أن خلعها أولى؛ حرصا على مصلحة المسلمين، وعلى جمع الكلمة، وعدم الشحناء والفرقة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 323 209 - حكم رفع الصوت في المساجد س: علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع الصوت في المساجد ولو بقراءة القرآن، وقد لاحظت أن معظم الإخوة المسلمين في بلدي يرفعون أصواتهم بقراءة القرآن، وخاصة في الأوقات بين الأذان والإقامة لدرجة تجعلني في كثير من الأحيان لا أحسن الوقوف بين يدي الرحمن، فما العمل؟ وأرجو الله إن كان في تصرف هؤلاء الإخوة ما لا يجوز أن ينبهوا على ذلك كثيرا؛ فإن الأمر عم جميع المساجد، حتى إنك إذا أخبرت أحدهم بما في هذا الأمر فإما أن يتعجب مما تقول، وإما أن يستمع إليك ثم لا يتوقف عن فعل ذلك العمل (1) ج: لا شك أن هذا واقع في بعض المساجد، ولا شك أن الأفضل عدم الجهر بالصوت، وعدم رفع الصوت في الصفوف في المساجد،   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (146). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 323 وأن من سيقرأ وهو خافض صوته؛ حتى لا يشوش على من حوله من القراء والمصلين هذا هو السنة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم إلى الناس في المسجد وهم يقرؤون قد رفعوا أصواتهم، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (1)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن السنة جاءت بمراعاة من حوله من المصلين، وألا يجهر بقراءته؛ فيشوش عليهم، ولكن يقرأ قراءة منخفضة ليس فيها تشويش بينه وبين نفسه، أو يجهر قليلا لا يتعدى الضرر إلى غيره، لكنه رفع قليل. فالحاصل أنه ينبغي له أن يراعي شعور المصلين، فلا يجهر جهرا يشوش على المصلي، أو على قارئ. أما لو قدر أن من حوله يسمعون وينصتون له، وليس فيها أذى لأحد فلا بأس بالجهر الذي ينفع من حوله، ولكن في الأغلب أنه يكون حوله مصل، وحوله قارئ، فالذي ينبغي له أن يخفض صوته، وأن يكون بقدر لا يؤذي أحدا ممن حوله.   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 324 210 - حكم قراءة القرآن في المسجد بصوت عال س: ما حكم قراءة القرآن في المسجد بصوت عال قبل الصلاة، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 324 وبحضور كثير من المصلين كل يقرأ على حدة (1) ج: السنة عدم الرفع، فلا ينبغي الرفع، يكره الرفع أو يحرم؛ لأنه يؤذي، فالذي في المسجد السنة له أن يخفض صوته؛ حتى لا يتأذى به مصل ولا قارئ؛ لأن الناس كل قد يحب أن يقرأ أو يصلي، فإذا كان من حوله يرفع صوته بالقراءة شوش عليه صلاته، وشوش عليه قراءته، فالسنة أنه يخفض صوته خفضا لا يضره ولا يشوش على من حوله؛ خفضا مناسبا، يقرأ بقراءة مناسبة ليس فيها تشويش على من حوله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم على الناس، وهم في مسجده وهم يصلون في الليل، وبعضهم يرفع صوته على بعض، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (2)» هذا معناه: اخفضوا أصواتكم، لا يؤذ بعضكم بعضا برفع الصوت، وهذا شيء مشاهد وشيء معقول، إذا كان يليك من يرفع صوته شوش عليك قراءتك وصلاتك، فإما أن تنصت له، وإما أن تشوش أنت في صلاتك وفي قراءتك؛ فلهذا الواجب على من يقرأ في الصفوف - أكرر هذا الواجب وأؤكد - ألا يجهر، بل   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (141). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 325 يخفض صوته ولا يجهر حال قراءته في الصف؛ حتى لا يتأذى به من حوله من المصلين والقارئين، أما إذا كان عنده جماعة محدودة يرضون بذلك ويستمعون فلا بأس، إذا كانوا جماعة قليلة في المسجد ينتظرون ما هناك من يصلي ويقرأ، ويحب أن يسمع صوته فلا بأس، أما إذا كان هناك من يصلي ومن يقرأ فلا يرفع صوته. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 326 س: ما حكم الذين يقرؤون بصوت مرتفع، ويحرمون الناس من قراءة القرآن في المسجد (1) ج: لا ينبغي هذا، في المسجد يقرأ قراءة منخفضة لا يؤذي بها المصلين ولا القراء، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة على الناس في المسجد، وهم يصلون جماعات يتهجدون يرفعون أصواتهم، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل، فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (2)» فالسنة أن كل واحد يخفض صوته في الصف؛ حتى لا يؤذي غيره من المصلين ولا من القراء، وهذا في الجمعة وفي غيرها.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (176). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 326 س: أرجو التوجيه لبعض الناس الذين يقرؤون القرآن بصوت مرتفع، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 326 والناس من حولهم يصلون بعض السنن من الصلاة (1) ج: نعم، ننصح القراء في المساجد ألا يرفعوا أصواتهم رفعا قد يشغل المصلين والقراء الذين حولهم، بل يقرؤون قراءة سرية لا تؤذي من حولهم من المصلين أو القراء، هذا هو السنة، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى المسجد، والناس يصلون أوزاعا، ويرفعون أصواتهم، فقال عليه الصلاة والسلام: «فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (2)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فينبغي للمؤمن أن يتحرى عدم إيذاء أخيه المصلي أو القارئ، فيقرأ قراءة يخفض فيها الصوت خفضا لا ينبغي معه تشويش على مصل ولا قارئ.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (212). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 327 س: هل يجوز رفع الصوت بقراءة القرآن في المسجد، وهناك بعض المصلين يصلون في المسجد انتظارا لإقامة الصلاة؟ وجزاكم الله خيرا (1) ج: لا يرفع الصوت حتى يشوش عليهم، يقرأ بصوت منخفض، ولا يشوش على القراء والمصلين حوله.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (430). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 327 211 - حكم تلاوة القرآن قبل الأذان عبر مكبر الصوت في المسجد س: ما حكم تلاوة القرآن مسجلة قبل أوقات الصلاة بربع ساعة مثلا؟ هل تجوز في مكبر الصوت في المسجد (1)؟ ج: في المسجد لا يفعل، كل يقرأ على حسب حاله في المسجد، ولكن إذا فعلوه في بيوتهم، أو في السفر، أو ما أشبه ذلك فلا بأس. أو اجتمعوا في المسجد بعض الأحيان، وسمعوا القرآن مسجلا لا بأس، أما أن يشغلوا الناس وقت انتظارهم للصلاة، ولا يدعون الناس الذي يقرأ والذي يصلي فيلهونهم؛ بكونه يشغل المكبر بقراءة القرآن فإن تركه أولى. ولا أعلم لهذا أصلا، وفيه أيضا مشغلة للناس، هذا قد يحب أن يقرأ، وهذا يصلي تحية المسجد، أو يصلي الراتبة.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (219). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 328 س: م. ع. من الهند، بعث يسأل ويقول: هل يجوز سماع القرآن الكريم في أجهزة تسجيل في المسجد أو لا (1)؟ ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، إذا كان ما فيه تشويش؛ جماعة مجتمعون وحضروا التسجيل يسمعونه لا بأس، أما إذا كان فيه   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (353). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 328 تشويش على المصلين أو القراء فلا، لكن إذا كانوا جماعة مجتمعين وحضروا التسجيل ليسمعوا القرآن فلا حرج في ذلك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 329 212 - حكم قراءة القرآن بواسطة المذياع عبر مكبر الصوت بالمسجد قبل الأذان س: الأخ: م. م. ز، من جمهورية مصر العربية، يقول: بجوار بيتنا مسجد، وأنا بفضل الله تعالى أقوم بفتح هذا المسجد في صلاة الفجر كل شهور السنة، ما عدا شهر رمضان يقوم شخص آخر يتولى فتح المسجد؛ نظرا لأنه هو المعين من قبل وزارة الأوقاف، وعندنا في مصر يقرأ القرآن في المساجد قبل صلاة الفجر وبصوت مرتفع في مكبرات الصوت؛ بحجة أن ذلك يوقظ الناس للصلاة، وأنا أعلم أن ذلك بدعة من البدع، وإذا لم أقم بتشغيل الراديو على القرآن في المكبر يقول الناس: إنك متشدد ومتزمت. وغير ذلك من الكلمات التي يطلقونها على المتمسكين بدينهم، أرجو توجيهي في هذا الموضوع جزاكم الله خيرا (1) ج: أنت مصيب يا أخي، وأنت وافقت السنة والحمد لله، ولا يضر   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (144). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 329 قول الناس، فإذا طلع الفجر فأذن والحمد لله، يكفي الأذان، وأما إعلان القراءة من المكبرات قبل الأذان في آخر الليل فهذا لا أصل له، وقد يؤذي الناس، وقد يشق على النوام ويزعجهم، فالحاصل أن هذا غير مشروع، ولم يكن يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ما كانوا يرفعون أصواتهم بالقرآن كالأذان؛ حتى يوقظوا الناس، إنما كان الأذان كافيا في عهده صلى الله عليه وسلم، وفي عهد أصحابه، إذا طلع الفجر فإن المؤذن أو نائب المؤذن يرفع الأذان في المكبر؛ حتى يوقظ الناس وحتى ينبه الناس، ويدعوهم إلى الصلاة في المسجد، والله المستعان. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 330 213 - حكم قراءة القرآن بصوت عال داخل المسجد من أجل الموعظة س: رجل له صوت جميل، ويريد أن يقرأ القرآن الكريم للناس في المساجد أو في غيرها؛ من أجل أن يدخل الرقة في قلوبهم، هل هذا يعد من الرياء؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس من الرياء، إذا قصد الخير وأراد أن يسمعهم القرآن لترق قلوبهم ويستفيدوا لا حرج، أما إذا قصد الرياء فلا يجوز.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (291). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 330 س: إذا كان هناك مسجدان قريبان من بعضهما، والبعض يشوش على البعض الآخر، فما توجيه سماحة الشيخ في هذا الموضوع؟ إذ لا يبعد المسجد عن أخيه إلا بما يقرب من خمسين مترا (1) ج: الواجب العناية بعدم التشويش، كل واحد يخفض الصوت؛ صوت المكبر حتى لا يشوش أحدهما على الآخر، حتى يسمعوا من الداخل، ولا يكون فيه سماعة من الخارج تشوش، يكون الصوت خفيفا من الخارج؛ حتى لا يشوش هذا على هذا، ولا هذا على هذا، وفي الحقيقة أن هذا قرب غريب، لماذا صار هذا القرب؟ الواجب أن تكون المساجد متباعدة بحسب الحاجة، لا تكون متقاربة، التقارب هذا لا وجه له، فلعل هذا التقارب له أسباب شرعية لا نعلمها.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (302). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 331 214 - بيان الحكمة في بناء المساجد متباعدة س: السائل: ف. ش. ك. من حوطة بني تميم، يقول: في حارتنا ثلاثة مساجد قريبة من بعضها البعض، يبعد الواحد منها عن الآخر تقريبا مائة وخمسين مترا، علما بأن الحارة يكفيها مسجد واحد الجزء: 11 ¦ الصفحة: 331 لجمع المصلين، فما نصيحتكم؟ وما الواجب علينا في ذلك (1) ج: عليكم مراجعة المحكمة تنظر في الأمر إن شاء الله، ولا ينبغي القرب في المساجد بعضها من بعض، بل ينبغي أن تكون كل حارة لها مسجد يخصها إذا كانت متباعدة، أما إذا كانوا متقاربين فالأفضل كثرتهم في المسجد وتعاونهم، وأن يكونوا كثيرين، لكن إذا كانت الحارات متباعدة كل حارة لها مسجد؛ حتى لا يشق على أهلها، أما إذا كانوا متقاربين ما بين كل مسجد ومسجد مائة متر، أو مائتين أو ما أشبه ذلك ينبغي ترك ذلك، لكن قد تكون هناك أسباب؛ إما شحناء أو أسباب أخرى ينظر فيها الحاكم، ينظر فيها ولي الأمر.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (405). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 332 215 – حكم قول: استعنا بالله بعد قراءة الإمام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1) س: عندما يقول الإمام: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2) يقول المأموم: استعنا بالله. فما الحكم في هذا القول (3)   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة الفاتحة الآية 5 (3) السؤال التاسع من الشريط رقم (85). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 332 ج: لا أعلم ما يدل على شرعيته، والأولى من المأموم أن ينصت، ولا يقول هذه الكلمة: استعنا بالله؛ لأنه لا دليل عليها، فالأولى والأفضل له أن يسكت عن ذلك، ولا يقول هذا الكلام، ولو قاله لم يضر صلاته، صلاته صحيحة، لكن ترك ذلك هو الأولى؛ لأنه لا دليل على شرعية ذلك من المأموم، وإنما المشروع له أن ينصت لإمامه، ويتدبر ما يقوله إمامه حتى يستفيد؛ لقول الله سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا قرأ فأنصتوا (2)»   (1) سورة الأعراف الآية 204 (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 333 216 - حكم قول اللهم اغفر لي ولوالدي بعد قراءة الإمام {وَلَا الضَّالِّينَ} (1) س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، نسمع البعض من المصلين في الصلاة الجهرية حين يقول الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} (2) عند ذلك يقول هذا المصلي داعيا: اللهم اغفر لي ولوالدي ولأموات المسلمين. ثم يقول مع الإمام: آمين. فهل هذا من السنة؟ خصوصا بأنه يرفع الصوت ويشوش على المصلين (3)   (1) سورة الفاتحة الآية 7 (2) سورة الفاتحة الآية 7 (3) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (434). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 333 ج: هذا غير مشروع، المشروع بعد {وَلَا الضَّالِّينَ} (1) أن يقول: آمين. أما قول: اللهم اغفر لي ولوالدي. فليس بمشروع، هذا هو المشروع للمأموم.   (1) سورة الفاتحة الآية 7 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 334 217 - حكم صلاة المأمومين على النبي عليه الصلاة والسلام عند ذكره في قراءة الإمام يقول السائل: أسمع في بعض المساجد الكثير من المصلين يرفعون أصواتهم حين يقرأ الإمام: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (1) الآية. ويقولون: صلى الله عليه وسلم. وكذلك في آخر سورة التين يقولون بصوت مرتفع: بلى، ونحن على ذلك من الشاهدين. أفيدونا بهذا مأجورين (2) ج: السنة الإنصات وعدم رفع الصوت؛ لا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ولا بـ: بلى. السنة للمأمومين الإنصات وعدم الصوت بشيء؛ لأن الله يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3)، ولم ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم كانوا يرفعون أصواتهم معه صلى الله عليه وسلم، فالمشروع الإنصات والتدبر والتعقل وعدم رفع الصوت بقولهم عند قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (4)   (1) سورة الفتح الآية 29 (2) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (366). (3) سورة الأعراف الآية 204 (4) سورة الفتح الآية 29 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 334 صلى الله عليه وسلم؛ أما بينه وبين نفسه فالأمر أوسع، بينه وبين نفسه الأمر سهل، لو تركه كان الأفضل، وإن فعل فلا بأس، لكن لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في الفريضة أنه كان يقف يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أو يدعو، إنما كان هذا في التهجد، كان يفعله بالتهجد بالليل. وهكذا قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (1) لا يقول: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين؛ لأن الحديث ضعيف (2) ولكن يقول: سبحانه وبحمده. أو: سبحانه وتعالى. بينه وبين نفسه لا بأس، كذلك الآية الكريمة آخر القيامة: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (3)، هذا ورد فيه حديث صحيح، فإذا قال: بلى. فلا بأس؛ لأنه حديث صحيح (4) في آخر القيامة يقول ذلك، وأما آخر التين وآخر المرسلات فلم يثبت فيها حديث، ولكن ينصت ويستمع ويحضر قلبه ولا يتكلم، فهذا هو الأفضل؛ لأن الصحابة كانوا ينصتون، والله أمر بهذا بقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (5)، لكن لو سبح بينه وبين نفسه، أو دعا بينه وبين نفسه فالأمر في هذا إن   (1) سورة التين الآية 8 (2) أخرجه الترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة التين، برقم (3347). (3) سورة القيامة الآية 40 (4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، برقم (884). (5) سورة الأعراف الآية 204 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 335 شاء الله لا حرج فيه؛ لفعله له صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 336 218 - حكم قول بلى بعد قراءة الإمام: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (1) س: الأخ يسأل ويقول: عندما أصلي في المسجد يقرأ الإمام سورة التين، وعندما يصل إلى قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (2) أسمع الناس يرددون من خلفه: بلى، ونحن على ذلك من الشاهدين. فهل هذا مشروع (3) ج: جاء في حديث ضعيف أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا قرأ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (4) قال: " نحن على ذلك من الشاهدين " وإذا قرأ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (5) من آخر المرسلات قال: " آمنا بالله ". وإذا قرأ آخر القيامة: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (6) قال: " سبحانك، بلى ". ولكنه ضعيف، إلا ما ورد في القيامة فهو ثابت، عند قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (7) يقال: بلى، سبحانك بلى. هذا مشروع، أما عند آخر سورة التين والمرسلات فهو ليس بمحفوظ.   (1) سورة التين الآية 8 (2) سورة التين الآية 8 (3) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (253). (4) سورة التين الآية 8 (5) سورة المرسلات الآية 50 (6) سورة القيامة الآية 40 (7) سورة القيامة الآية 40 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 336 219 - حكم قول: بلى بعد قراءة الإمام {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (1) س: بعض المصلين يقولون أثناء الصلاة، وعندما ينتهي الإمام من قراءة آية يبين فيها الله عز وجل قدرته العظيمة مثل قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (2) يقولون: بلى. فما الحكم في هذا (3)؟ ج: هذا ورد في حديث خاص عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال القارئ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (4) يقول: بلى سبحانك (5) فـ (بلى) هذا مشروع، ولا بأس يقوله الإمام والمأموم والمنفرد.   (1) سورة القيامة الآية 40 (2) سورة القيامة الآية 40 (3) السؤال السابع من الشريط رقم (274). (4) سورة القيامة الآية 40 (5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، برقم (884). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 337 220 - حكم جهر المأموم بقول: ربنا ولك الحمد بعد قول الإمام سمع الله لمن حمده س: ماذا يجب على المأمومين إذا قال الإمام: الله أكبر، وسمع الله لمن حمده. هل يردون بصوت ظاهر أو بسر، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية (1)   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (414). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 337 ج: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. يقول المأموم: ربنا ولك الحمد. ولا حاجة إلى الجهر بها، يقول كلاما يسمع به نفسه: ربنا ولك الحمد. لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد (1)» هكذا أمر صلى الله عليه وسلم، الإمام يقول: سمع الله لمن حمده. أما المأموم فيقول عند الرفع: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: ربنا لك الحمد. كله واسع. الحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة برقم (734)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 338 221 - حكم الأناشيد الدينية في المساجد س: عندنا جماعة دينية لا داعي لذكر اسمها تبيح الأناشيد الدينية في المساجد وبصوت مرتفع، ما هو توجيهكم (1) ج: الأشعار العربية والأناشيد العربية الإسلامية التي فيها فائدة في مقام العلم والتعليم لا بأس بها، إذا كان في المسجد حلقة علم، أو واعظ يعظ الناس ويذكر الناس، ويقرأ عليهم بعض الأشعار المفيدة والأناشيد الشرعية الطيبة المفيدة لا حرج في ذلك. فقد كان حسان رضي الله عنه ينشد الشعر   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (144). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 338 في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام يهجو الكفرة في مسجده صلى الله عليه وسلم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اهجهم أو هاجهم وجبريل معك (1)» «فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل (2)» ويقول أيضا: «اللهم أيده بروح القدس (3)» فإنشاد الأشعار في المساجد؛ الأشعار الإسلامية المفيدة النافعة، والأناشيد الطيبة في حلقات العلم أو في المواعظ، كل هذا لا بأس به، أما الأغاني المنكرة، أو الأشعار المنكرة، أو الأناشيد المنكرة فلا تجوز لا في المساجد، ولا في غيرها.   (1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة برقم (3213)، ومسلم كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، برقم (2486). (2) أخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج، باب استقبال الحج، برقم (2893). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الشعر في المسجد برقم (453)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، برقم (2485). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 339 222 - حكم إنشاد الضالة داخل المسجد س: هل يجوز النداء على الأشياء المفقودة داخل المسجد (1) ج: لا يجوز ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (193). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 339 رجلا ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك (1)» ينشد يعني: يطلب ضالة. يقول: من يعرف كذا، من يدل على كذا. لا يجوز هذا في المساجد، لم تبن لهذا، ولكن يقف عند المسجد عند باب المسجد في الخارج، وينادي لا بأس، المقصود إذا وقف عند الباب في الخارج ونادى كفى، أما من داخل المسجد فلا يجوز.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 340 223 - شرح معنى حديث «لا رد الله عليك ضالتك (1)» س: حين ذهب رجل يبحث عن شيء ضاع منه في المسجد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ردها الله عليك (2)» لماذا؟ أرشدوني أفادكم الله (3) ج: المساجد لم تبن لنشد الضوال وطلب الحاجات المفقودة، المساجد بنيت لما بنيت له من ذكر الله، وقراءة القرآن، وإقامة الصلاة، وحلقات العلم، والاعتكاف، ولم تبن للبيع والشراء، ولا لأن ينشد فيها الضوال واللقط التي تذهب من الناس؛ ولهذا حذر من هذا النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: «من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد   (1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (568)، سنن الترمذي البيوع (1321)، سنن أبي داود الصلاة (473)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (767)، مسند أحمد (2/ 420)، سنن الدارمي الصلاة (1401). (2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (568)، سنن الترمذي البيوع (1321)، سنن أبي داود الصلاة (473)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (767)، مسند أحمد (2/ 420)، سنن الدارمي الصلاة (1401). (3) السؤال الثامن من الشريط رقم (123). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 340 فليقل: لا ردها الله عليك (1)» ولما سمع من يقول: من يدل على كذا؛ على جمل له ضاع، قال: «لا وجدته (2)» وهذا من باب التحذير، ومن باب الزجر؛ حتى لا يتساهل الناس بنشدان الضوال في المساجد، ويتخذوها محلا لنشدان الضوال، أو لبيعهم وشرائهم، ولهذا في الحديث الآخر: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك (3)» والمقصود الزجر والتحذير، ليس المقصود العداء للشخص أو كراهة أن يجد راحلته، لا، المقصود بهذا التحذير والزجر؛ لئلا يعود الناس لهذه الأمور في المساجد، ولئلا يعتادوها، فأتى بهذه العبارة: «لا وجدت (4)» «لا ردها الله عليك (5)» للزجر والتحذير؛ حتى يبتعد الناس عن هذا الأمر، والله جل وعلا أباح لرسوله عليه الصلاة والسلام أن يزجر الناس عما يضرهم، وهكذا العلماء بعده خلفاء الرسل يحذرون الناس مما يضرهم ولو بالزجر، ولو بالدعاء في   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (569). (3) أخرجه الترمذي في كتاب البيوع، باب النهي عن البيع في المسجد، حديث رقم (1321)، والدارمي في كتاب الصلاة، باب النهي عن استنشاد الضالة في المسجد، برقم (1401). (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (569). (5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 341 بعض الأحيان للزجر والتحذير. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 342 224 - حكم السلام على المصلين قبل أداء تحية المسجد س: ما الحكم فيمن يلقي السلام على الموجودين في المسجد، وذلك قبل تأدية صلاة تحية المسجد (1)؟ ج: هذا هو السنة، أنه إذا دخل والجماعة في المسجد يسلم عليهم ولو أنهم يصلون، يقول: السلام عليكم. وإن قال: ورحمة الله وبركاته. هذا طيب، فالذي في صلاته يردون بالإشارة، هكذا بيده إشارة له، والذين خارج الصلاة يردون: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ولا بأس بهذا، ولا يكره هذا، بل مشروع، كان الصحابة يسلمون على النبي وهو يصلي عليه الصلاة والسلام، ويرد عليهم بالإشارة عليه الصلاة والسلام، أما قول بعض العامة إنه لا يسلم على الذي يصلي فهذا غلط، خلاف السنة، بل يسلم عليهم، ويردون عليه ولو كانوا يقرؤون، يقول: السلام عليكم. وإذا سمعوا الصوت يقولون: وعليكم السلام. يردون مثل قوله أو أزيد؛ لأن الله سبحانه قال: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} (2)، فإذا قال: السلام عليكم.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (41). (2) سورة النساء الآية 86 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 342 قالوا: وعليكم السلام. وإن زاد: ورحمة الله. كان أفضل لهم، وإن زادوا: وبركاته. كان أفضل لهم. أما إذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيلزمهم أن يقولوا مثل ذلك حتى يردوا عليه تحيته، ويقفوا عن القراءة ثم يشتغلوا بالقراءة، وإن كانوا في الصلاة ردوا بالإشارة، ولو كانوا يصلون الفرض، ومن حوله يردون بالإشارة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 343 225 - بيان كيفية السلام على قوم في المسجد س: ما حكم السلام في المسجد؟ وذلك أن يقول الإنسان للجالسين عند دخوله المسجد: السلام عليكم. ويردون عليه: وعليكم السلام. جزاكم الله خيرا (1) ج: حكم السلام أنه سنة وقربة لمن دخل على قوم في المسجد، أو في أي مكان يسلم عليهم: السلام عليكم. وإن زاد: ورحمة الله وبركاته. هو أفضل، وهم يردون عليه مثل ما قال أو يزيدونه، قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (2)، فالرد واجب مثل التحية، والزيادة مستحبة، فإذا قال: السلام عليكم. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام. فإن زادوه: ورحمة الله. فهو أفضل، وإن زادوه:   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (283). (2) سورة النساء الآية 86 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 343 وبركاته، كان أفضل، وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله. وإن زادوه: وبركاته. كان أفضل، فإن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يعني: رده، هذا ردها، الله قال: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (1)، وهذه هي النهاية في السلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فعليهم أن يردوها، فإذا زادوه بعد ذلك: كيف حالك؟ بارك الله فيك، كيف أولادك؟ كل هذا طيب، هذا من الزيادة الطيبة.   (1) سورة النساء الآية 86 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 344 س: إذا دخل الإنسان المسجد هل يسلم (1)؟ ج: يسلم على من في المسجد، فإذا كان فيه أحد يسلم عليه قبل أن يشرع في الصلاة، يسلم ثم يشرع في تحية المسجد أو في الراتبة، كما في الظهر والفجر، فراتبتها قبلها وبعدها، والفجر راتبتها قبلها، فهو يبدأ بالسلام ثم يشرع في الصلاة أو في الفريضة. ولو كان من في المسجد مشغولين فيسلم عليهم، وإن كانوا يقرؤون، فالذي يقرأ يمسك عن القراءة، ويقول: وعليكم السلام. ثم يعود للقراءة.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (304). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 344 226 - حكم السلام على من كان يصلي أو يقرأ القرآن داخل المسجد س: إذا دخلت المسجد والناس كلهم مشغولون بقراءة القرآن فهل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 344 أسلم أو لا (1)؟ ج: المشروع لمن دخل المسجد والناس يصلون، أو يقرؤون أن يسلم، فالمصلي يرد بالإشارة، والقراء يردون بالسلام، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في أصحابه، فرأى رجلا قد أساء صلاته، فلما سلم جاء الرجل وسلم عليه، ورد عليه النبي صلى الله عليه وسلم السلام وقال له: «ارجع فصل، فإنك لم تصل (2)» وكانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فيرد عليهم بالإشارة عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (329). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (757)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 345 227 - حكم التحدث في أمور الدنيا داخل المسجد س: ما حكم التحدث في المسجد - أي: السواليف -؟ مثل: أرى صديقا أو قريبا في المسجد قبل الصلاة، أو بعدها وأسلم عليه: كيف الحال؟ وكيف الصحة؟ وتفضل معنا. وغير ذلك من الكلام (1) ج: التحدث في المساجد إذا كان في أمور الدنيا، والتحدث بين الإخوان والأصحاب في أمور دنياهم إذا كان قليلا لا حرج فيه إن شاء   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (27). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 345 الله، أما إن كان كثيرا فيكره؛ لأنه يكره اتخاذ المساجد محل أحاديث الدنيا، فإنها بنيت لذكر الله وقراءة القرآن والصلوات الخمس وغير هذا من وجوه الخير؛ كالتنفل والاعتكاف وحلقات العلم، أما اتخاذها للسواليف في أمور الدنيا فيكره ذلك، لكن الشيء القليل الذي تبدو له الحاجة عند السلام على أخيه الذي اجتمع به، وسؤاله عن حاله وأولاده، أو أشياء تتعلق بهذا أو بمثله، لكن بصفة غير طويلة، بل بصفة قليلة فلا بأس بذلك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 346 س: هل تجوز المحادثة بين الناس قبل الصلاة في المسجد، إذا كانت المحادثة في أمور الدنيا (1) ج: المساجد بنيت لذكر الله وقراءة القرآن والصلاة والاعتكاف ودراسة العلم، ولم تبن لأحاديث الدنيا، فلا ينبغي لأهل الإيمان أن يتخذوا المساجد لأحاديث الدنيا، لكن إذا كان شيئا قليلا لا حرج، الشيء القليل لا حرج فيه، كأن يسأل عن حاجة دنيوية أو نحو ذلك لا تأخذ وقتا، أو متى يسافر؟ أو هل قدم فلان؟ أو ما قدم فلان؟ كيف أولادك؟ كيف حالك؟ كيف مزرعتك؟ لعلها سليمة. الشيء القليل الذي تدعو له الحاجة، كهذه الأشياء.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (362). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 346 228 - حكم السوالف والضحك داخل المسجد س: هناك أشخاص بما فيهم مؤذن المسجد يتحدثون في روضة المسجد في غير أمور الدين، وأحيانا يقهقهون بصوت مسموع يؤذي المصلين، وعند نصحي أخذوا يجاهرون، هل هذا جائز (1)؟ ج: لا ريب أن المساجد لم تبن للقيل والقال، وأحاديث الدنيا والسوالف الباطلة والقهقهة ونحوها، إنما بنيت لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن وبيان العلم، فالذين يجلسون في المساجد سواء في الروضة، أو في غيرها الواجب عليهم أن يتأدبوا بالآداب الشرعية، وأن يتباعدوا عما خالف الذي بنيت له المساجد، لكن إذا كان التحدث بالقليل من أمور الدنيا فلا كراهة في القليل، أما إذا كثر فيكره، أقل أحواله الكراهة، وهكذا القهقهة، إذا كانت قليلا أو تبسما فلا بأس، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يتحدثون مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد في أمور الجاهلية، وربما ضحكوا وتبسم عليه الصلاة والسلام، فالضحك إذا كان لأمر شرعي أو لأمر يتعجب منه من أمور الجاهلية، أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي توجب الضحك في غير لعب وفي غير امتهان للمساجد، بل لأمر عارض للأحاديث التي تعرض بين الناس للتاريخ ونحوه هذا لا بأس به. أما أن يتخذ المسجد موضعا للقيل   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (30). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 347 والقال، والسوالف والقهقهة، وإنما أقل أحواله الكراهة، أما الشيء العارض فلا بأس به، قهقهة عارضة لمرور شيء يتعجب منه في تاريخ أو غيره، أو تحدث بينهم فيما يدعو إلى الضحك هذا لا حرج فيه إذا كان قليلا. أما مجاهرتهم بعدما نصحتهم فإن هذا غلط، بل الواجب أن يشكروك ويدعوا لك، ويقولوا: أحسنت. ونحو ذلك، ولا يقابلونك بالإساءة، ولكن الجهل قد يوقع أهله في أشياء من الشر بسبب قلة بصيرتهم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 348 229 - حكم تحدث النساء في أمور الدنيا داخل المسجد الحرام س: ألاحظ أن النساء إذا اجتمعن في المساجد وخاصة في البيت الحرام فإنهن يتحدثن في أمور الدنيا، فما توجيهكم (1)؟ ج: هذا مكروه، التحدث في المساجد يكره للرجال والنساء، يعني: التحدث في أمور الدنيا؛ لأن المساجد لم تبن لهذا، وإنما بنيت لعبادة الله وقراءة القرآن والذكر والصلاة، لكن إذا كان الحديث قليلا فلا بأس، إذا كان الحديث في أمور الدنيا ليس بكثير فيعفى عنه.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (330). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 348 230 - توجيه حول ضجيج الأطفال في المساجد س: أستمع دائما إلى نقل الأذان من المسجد الحرام، وبرغم بعد المسافة نسمع دائما عند صلاة المغرب والعشاء صريخ وضجيج أطفال في بيت الله الحرام، هل هذا يجوز في هذا المكان، أو في الجزء: 11 ¦ الصفحة: 348 أي مسجد من المساجد (1)؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن من طبيعة الطفل أن يحصل منه هذا الشيء، وكان الأطفال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسمعهم النبي، يسمع صراخهم، ولم يمنع أمهاتهم من الحضور، بل ذلك جائز، ومن طبيعة الطفل أن له بعض الصراخ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يسمع ذلك ولم يمنع، بل قال: «إني لأقوم في الصلاة، أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه (2)» وهذا يدل على أنه أقرهن على ذلك، وراعاهن في الصلاة أيضا عليه الصلاة والسلام؛ ولأن منع الأطفال معناه وسيلة إلى منع الأمهات من الحضور، وقد يكون حضورهن فيه فائدة للتأسي بالإمام في الصلاة والطمأنينة فيها ومعرفتها كما ينبغي، أو تسمع فائدة من المكبر أو من الإمام أو من أهل العلم. فالحاصل أن حضورها إلى المسجد مع التستر والتحجب والعناية وعدم الطيب فيه فوائد، فإن كانت لا تأتي إلا بالتبرج وإظهار محاسنها أو الطيب فلا يجوز لها ذلك، بل صلاتها في بيتها أولى، وبكل   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (1). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي، برقم (707). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 349 حال الصلاة في البيت أولى وأفضل، إلا إذا كان خروجها تستفيد منه فائدة واضحة؛ كالنشاط في قيام رمضان، أو في سماع العلم والفائدة، أو للتأسي بالإمام في صلاته الراكدة والطمأنينة؛ لأنها تجهل كيفية الصلاة كما ينبغي، فتستفيد صفة الصلاة والطمأنينة فيها، تستفيد سماع المواعظ والذكر، هذا قد يجعل خروجها أولى لهذه المصلحة، وإلا فالأصل أن بيتها خير لها، الصلاة في البيت أولى لها، أما خروجها متبرجة بالملابس الحسنة الفاتنة، أو بإبراز بعض محاسنها، أو إظهار الطيب الذي قد يسبب الفتنة لمن تمر عليهم كل هذا لا يجوز، يجب عليها أن تبقى في بيتها، ولا تخرج بهذه الأحوال التي تفتن الناس وتضر الناس، أما الطفل فلا بأس بوجوده معها، لكن بعد التحفظ منه، تجعله في محل محفوظ؛ حتى لا يقذر المسجد، ولا يؤذي المصلين، وإذا دعت الحاجة إلى حمله عند الحاجة فلا بأس، فقد حمل الرسول صلى الله عليه وسلم أمامة بنت زينب رضي الله عنهما، حملها وهو يصلي بالناس عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أن وجود الأطفال في المسجد وحملهم حتى في الصلاة لا حرج فيه عند الحاجة، ولكن ينبغي أن يراعى في ذلك سلامة الطفل من النجاسات؛ حتى لا يدنس أمه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 350 231 - حكم النوم في المسجد س: يقول السائل: ما حكم النوم في المسجد (1) ج: النوم في المسجد لا حرج فيه، ولا بأس به، هي بيوت الله أقيمت للعبادة، والنوم لا ينافي ذلك، فقد يكون النوم عبادة إذا أريد به التقوي على عبادة الله، وقد نام الصحابة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ونام علي رضي الله عنه في المسجد لما صار بينه وبين زوجته بعض الشيء، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم فأيقظه، فقال له: «قم أبا تراب، قم أبا تراب (2)» لما رأى التراب عليه، وكان ابن عمر رضي الله عنه ينام في المسجد بعض الأحيان، فالحاصل أنه لا حرج في ذلك.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (25). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب نوم الرجال في المسجد، برقم (441)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (2409). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 351 232 - حكم النوم في المسجد من أجل أداء صلاة الفجر س: نحن مجموعة من الشباب محافظون على أداء الصلوات الخمس في المسجد، والحمد لله، وبعد صلاة العشاء نذهب إلى منازلنا، ثم نأتي لكي نبيت في المسجد، فمنا من يصلي في الليل ومنا من يقرأ القرآن، ثم نستيقظ قبل الفجر، ونؤذن أذان التنبيه للفجر، الجزء: 11 ¦ الصفحة: 351 وسبب مبيتنا في المسجد لكي نضمن أداء صلاة الفجر خوفا من أننا إذا نمنا في منازلنا سوف تفوتنا صلاة الفجر، وبعض الناس يسخرون منا ويقولون لنا: لماذا تنامون في المسجد؟ أليس لكم بيوت أو أسرة تنامون عليها؟ ونحن نسأل: هل مبيتنا هذا جائز (1) ج: إذا كان المبيت في المسجد لهذه العلة؛ وهو خوف النوم عن صلاة الفجر فلا بأس بذلك، لكن إذا تيسر لكم من يوقظكم في بيوتكم، أو وضع الساعة المنبهة عند رأس أحدكم، وكل يبيت في بيته ويتهجد في بيته آخر الليل كان هذا هو الأفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، أما إذا لم يتيسر ذلك ونمتم في المسجد لأجل أن يوقظ بعضكم بعضا؛ حتى تصلوا الفجر مع المسلمين هذا خير عظيم، وقصد صالح، وأنتم لكم عذر في هذا، لكن لكل منكم أن يجتهد في الصلاة في بيته، وبيتوتته في بيته فهذا أفضل، والساعة بحمد الله تنفع في الغالب، إذا وقتها على وقت مناسب قرب موعد الفجر فإنها بحمد الله تنفع.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (226). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 352 233 - حكم دخول غير المسلمين المساجد س: هل يجوز لغير المسلمين وهم المشركون والشيوعيون دخول المساجد؟ فهناك من يقول: يجوز لهم دخول المساجد لعل الله الجزء: 11 ¦ الصفحة: 352 يهديهم. وهناك من يقول: لا يجوز لهم (1)؟ ج: أما المسجد الحرام فلا يجوز دخوله لجميع الكفرة؛ من اليهود والنصارى وعباد الأوثان والشيوعيين، جميع الكفرة لا يجوز لهم دخول المسجد الحرام؛ لأن الله سبحانه يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (2) الآية. فمنع سبحانه من دخولهم المسجد الحرام، والمشركون يدخل فيهم اليهود والنصارى عند الإطلاق، فلا يجوز دخول أي مشرك المسجد الحرام؛ لا يهودي ولا نصراني ولا شيوعي، بل هذا خاص بالمسلمين، وأما بقية المساجد فلا بأس بدخول المسجد للحاجة والمصلحة، ومن ذلك المدينة، وإن كانت المدينة لها خصوصية، لكن في هذه المسألة فهي مثل غيرها من المساجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط فيها ثمامة بن أثال وهو كافر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وأقر وفد ثقيف حين دخلوا المسجد قبل أن يسلموا، وهكذا وفد النصارى دخلوا مسجده عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه يجوز دخول المسجد النبوي للمشرك، وهكذا بقية المساجد إذا كان لحاجة؛ إما   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (9). (2) سورة التوبة الآية 28 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 353 لسؤال أو لحاجة أخرى أو لسماع درس يستفيد منه، أو ليسلم ليعلن إسلامه أو ما أشبه ذلك، الحاصل أنه يجوز دخوله إذا كان هناك مصلحة، أما إذا كان ما هناك مصلحة فلا حاجة إلى دخول المسجد، أو يخشى من دخوله عبث في المسجد أو فساد في المسجد أو نجاسة فإنه يمنع. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 354 234 - حكم هز المأموم رأسه عند سماع خطأ من الإمام أثناء القراءة س: إن بعض المأمومين يهز رأسه عندما يسمع خطأ من الإمام، فهل يجوز ذلك أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: لا أعلم لهذا أصلا، هز الرأس غلط، لا أعلم لهذا أصلا، فهو غلط، ولكن لا يبطل الصلاة، فهو عبث يسير لا يبطل الصلاة، لا ينبغي، بل يكره العبث اليسير إلا لحاجة، فإنه ينبغي لمثل هذا أن يفتح على الإمام بأن يقرأ الآية التي غلط فيها، أو ما بعدها أو ما قبلها حتى ينتبه للقراءة، ولا حاجة إلى هز الرأس، ولا حاجة إلى أشياء أخرى، ولا يأتي بشيء من الأفعال، بل مثل هذا الفتح تنبيه للقراءة؛ حتى ينتبه له الإمام فيما غلط فيه.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (7). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 354 235 - حكم الدوران على المصلين لجمع التبرعات لصالح المسجد في يوم الجمعة وغيره س: لنا صندوق خيري لصالح المسجد، ويوجد رجل متخصص لهذا الصندوق، يدور به على صفوف المصلين قبل الصلاة وخاصة يوم الجمعة، فما حكم هذا العمل؟ علما بأن بعض المصلين يجد شيئا من الحرج (1)؟ ج: هذا فيه نظر؛ لأن عمله هذا معناه سؤال للمصلين، وقد يحرجهم ويؤذيهم في ذلك، فسوف يطوف عليهم ليسألهم حتى يضعوا شيئا من المال في هذا الصندوق لمصالح المسجد، فإن ترك هذا فهو الأحسن، وإلا فالأمر فيه واسع، إذا قال الإمام: إن المسجد في حاجة إلى مساعدتكم وتعاونكم. فلا بأس؛ لأن هذا مشروع خيري، لكن كونه يطوف بالصندوق عليهم في صفوفهم قد يكون فيه بعض الأذى بعض الإحراج، فالذي أرى أن تركه أولى، ويكفي أن يعلموا بهذا أن الصندوق هذا لمصالح المسجد، فمن شاء وضع فيه ومن شاء تركه، ولا يطف به عليهم ولا يؤذهم بذلك، هذا هو الأحوط والأقرب إلى السلامة.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (262). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 355 236 - حكم إخبار المصلين في المسجد عن إقامة حفل زواج س: السائل: س. س. ع، يمني مقيم بالمملكة: يوجد في قريتنا مسجد يصلي فيه الناس، وكذلك يجتمع فيه الناس من القرى المجاورة لأداء صلاة الجمعة، ولكن هناك عادة اعتاد الناس عليها: وهي إذا نوى أحدهم إقامة زواج أخبر الناس بذلك في المسجد بعد صلاة الجمعة، فهل هذا جائز (1)؟ ج: لا نعلم بأسا في ذلك، هذا ليس من نشدان الضالة، هذه دعوة إلى الوليمة، وقد وقع مثل هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل له بعض الصحابة يدعونه، فقال للحاضرين: توجهوا إلى فلان يدعوكم إلى وليمة، ولم ينكر ذلك على من دعاه، أرسل أبو طلحة أنسا في بعض الأيام يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى وليمة، فقال للحاضرين: «قوموا إلى دعوة أبي طلحة (2)» فالمقصود أن هذا لا بأس به، إذا قال شخص من الحاضرين: تفضلوا للعشاء أو للغداء. لا حرج في ذلك.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (275). (2) أصل الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم (3578) ومسلم في كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، برقم (2040). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 356 237 - حكم دعوة المصلين بعد الصلاة في المسجد لشرب القهوة س: نحن في القرية نصلي بالمسجد الجامع بالقرية، وبعد أن نختم الصلاة بالتسبيح والتحميد والتكبير، وفي بعض الأوقات يدعو أحد المصلين لشرب القهوة في داره، وهذه الدعوة داخل المسجد، فهل تصح داخل المسجد، أم أنها مكروهة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، لا حرج أن يدعو إلى قهوة أو إلى وليمة غداء أو عشاء، لا بأس بذلك، وليس هذا من جنس البيع والشراء، بل هو معروف وخير وإحسان.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (110). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 357 238 - حكم بناء المحراب في المسجد س: هل المحراب بدعة في المسجد أم لا (1)؟ ج: ليس المحراب بدعة، بل فعله السلف الصالح من آخر القرن الأول إلى يومنا هذا، وفيه فوائد منها: توضيح أن هذا مسجد يوضح القبلة يستفيد منه الناس في معرفة القبلة، وقد يحتاج إليه في زيادة صف إذا دخل فيه   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (11). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 357 الإمام عند الحاجة، وعند الضيق فليس ببدعة، وفيه فوائد طيبة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 358 239 - حكم بناء مساجد مدورة البناء س: يقول الأخ: ع. غ: هناك مساجد مدورة البناء مثل الكرة، تجد الصف الأول خمسة من المصلين، والذي بعده أطول وهكذا حتى تعود الصفوف الأخيرة إلى مثل عدد الصفوف الأولى. ويسأل: هل هذا الطراز من البناء جائز بالنسبة للمساجد؟ أو كيف توجهون الناس لو تكرمتم (1)؟ ج: لا أعلم لهذا البناء أصلا في المساجد، لا أعلم له أصلا، والمشروع أن تكون المساجد واسعة مستوية؛ حتى تكون الصفوف معتدلة، وحتى يكون ذلك أوسع للمصلين وأنفع لأهل البلد، فينبغي أن تكون المساجد مربعة أو مستوية، هذا هو الأولى والأفضل، أما كون هذا حراما أو غير جائز فهو محل نظر، لكنه خلاف الأولى، وخلاف المعتاد في بناء المساجد، لكن كونه حراما محل نظر، فإن المسجد قد يكون واسعا لا يضره هذا، قد يكون واسعا وتكون الصفوف الأولى قليلة والأخيرة قليلة والوسطى واسعة، فيحصل بها المقصود، لكن كون هذا هو الأفضل أو ليس بالأفضل؛ الذي يظهر لي هو أن الأفضل أن   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (80). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 358 تكون الصفوف متساوية، ويكون المسجد مربعا؛ حتى تكون صفوفه الأولى والثانية والأخيرة كلها متقاربة، هذا هو الأفضل والأنفع للمسلمين، والله جل وعلا أعلم. أما إذا كان في ذلك شبه ينبغي تجنبه، إذا كان فيه تشبه بالكنائس فالواجب تجنبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم (1)» فلا يجوز أن تبنى المساجد على هيئة كنائس، ولا يجوز للمؤمن أن يتشبه بأعداء الله في كنائسهم، ولا في غيرها.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، برقم (4031). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 359 س: الذي يعرف - يا سماحة الشيخ - بالنسبة لطراز المساجد أن تبقى مربعة أو مستطيلة، فما حكم الأشكال الدائرية التي عرفت أيضا (1) ج: المقصود ألا يكون هناك فيها شبه للكنائس والبيع التي لليهود والنصارى، بل تكون على طريقة المسلمين في مساجدهم؛ سواء كانت متساوية من جهة الطول، أو من جهة القصر، المقصود تكون بصفوفها متساوية متقاربة إلا لعلة عارضة؛ مثل: أن تكون الأرض ضيقة في أسفلها أو في مقدمها. أما إذا كان من أجل الطراز المعماري أو الفن الهندسي هذا هو محل البحث، ينبغي أن يراعى في ذلك الفن الذي سار عليه المسلمون في مساجدهم، والحذر من التشبه بأعداء الله في كنائسهم.   (1) السؤال من الشريط رقم (8). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 359 240 - حكم بناء المسجد على شكل رباعي أو سداسي س: هل يجوز أن يكون المسجد على شكل رباعي أو سداسي (1) ج: ما نعلم في هذا شيئا، المهم أن يكون على هيئة المساجد الواضحة بمحرابه، والشكل الذي يناسب الصفوف لا يكون فيها اعوجاج، ولا يكون فيها مضايقة، تكون الصفوف كاملة ومستقيمة، أما أشكال البناء فأمرها واسع، لا نعلم لشكل البناء شيئا خاصا، المهم أن تكون البناية واسعة للمصلين، والصفوف تكون منتظمة مستقيمة على سمت واحد؛ بحيث إذا رآه الناس أو دخله الناس عرفوا أنه مسجد، يعني واضحا، بناية مسجد واضحة يعرف في البلاد، وبطريقة البلاد التي فيها مساجد.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (19). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 360 241 - حكم الصلاة في المسجد الموجه إلى غير القبلة س: يسأل المستمع ويقول: يوجد لدينا مسجد، وهو موجه إلى غير القبلة، فهل يجوز أن نصلي فيه أم لا (1) ج: يجب أن يعدل، إذا كان قويا كبيرا يجب أن يعدل، أما إن   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (431). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 360 كان الميل يسيرا يعفى عنه، أما إذا كان ميله كبيرا فإنه يجب أن يعدل ولو بتعديل الصفوف؛ حتى يعمر مرة أخرى، أما إذا كان الميل يسيرا يعفى عنه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 361 242 - حكم منع أحد المصلين توسعة المسجد لضرر يصيب بيته س: الأخ: ع. م. ص. يسأل ويقول: رجل يصلي معنا وفي الصف الأول وهو جار للمسجد، ولكنه يقف ضد توسعة المسجد، ويدعي بأن ذلك ضرر عليه، وليس هنالك أي ضرر عليه، ولكن لا ندري لماذا؟ والسؤال: كيف نتعامل مع هذا الرجل؟ وكيف نتصرف معه؟ مع أنه يفعل هذا الشيء منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهو رجل قد بلغ الستين، أفتونا يا سماحة الشيخ (1) ج: السؤال فيه إشكال، ليس بواضح، إن كان المقصود من هذا أنه يعارض في توسعة المسجد والمسجد ضيق، ويراد توسعته وهو يعارض فلا ينظر فيه، ينظر الإمام والجماعة، فإذا تيسر توسيعه من أحد الجوانب وسعوه، ولا يلتفت إلى قوله، أما إن كان المقصود أنه ما يصلى في التوسعة، المسجد واسع ولا يصلى في التوسعة هذا غلط منه، عليه أن يصلي في الصف الأول ولو كان فيه توسعة، التوسعة إنما   (1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (427). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 361 جاءت لتوسيع المسجد، فإذا كان المراد يعني أنه يتورع عن الصلاة في التوسعة، ويصلي في مسجد قديم هذا غلط، بل إذا صف الناس في التوسعة صف معهم؛ سواء كانت التوسعة في جنوب المسجد أو شماله أو غربه أو شرقه، المقصود التوسعة يصلى فيها، السؤال فيه إشكال ما هو بواضح. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 362 243 - حكم أخذ المال الذي خصص لمصلحة المسجد س: السائل أ. م، مقيم في الإمارات، يقول في سؤاله: يذكر بأنه إمام لأحد المساجد، ومدرس في الصباح والمساء، يقول: أعمل بلا راتب، وجاء أحد المحسنين وأعطاني مبلغا باسم المسجد، فهل حرام علي أن أستعمل هذا المال لنفسي (1)؟ ج: إذا كان أعطاك إياه لمصلحة المسجد في تعمير أو فراش أو للفقراء فلا تأخذ منه شيئا، أما لك، أعطاك إياه لك، قال: هذه مساعدة مني لك. فلا بأس، أما إذا أعطاك إياه لمصلحة المسجد من فراش أو تعمير أو سراج أو غيرها من مصالح المسجد فليس لك أن تأخذ منه شيئا، بل يصرف في مصالح المسجد، أما إذا أعطاك إياه قال: تصدق به، اصرفه فيما تراه من وجوه الخير. فاعمل به في وجوه الخير، لا تأخذ   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (395). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 362 منه شيئا لك أنت، بل تصرفه في وجوه الخير التي أشار إليها؛ لأنك وكيل. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 363 244 - حكم الصلاة في مسجد فيه قبر س: سؤال من مجموعة من الشباب: ما حكم الصلاة في مسجد به قبر؟ ولماذا أصبح قبر الرسول صلى الله عليه وسلم داخل مسجده؟ نرجو بهذا التوجيه مأجورين (1) ج: الصلاة في المساجد التي فيها قبور لا تصح، ولا تجوز، ولا يجوز الدفن في المساجد، بل هذا من عمل اليهود والنصارى، والرسول صلى الله عليه وسلم لعنهم على هذا العمل، وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا مشابهتهم، وأن تكون قبورهم خارج مساجدهم في مقابر خاصة، أما المسجد فلا يجوز الدفن فيه، ولا يصلى في المسجد الذي فيه قبور؛ لأن وجود القبر في المسجد   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (356). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 363 وسيلة للشرك، وسيلة أن يدعى من دون الله ويستغاث به، فلا يجوز للمسلمين الدفن في المساجد، بل يجب على المسلمين أن يدفنوا موتاهم خارج المساجد في مقابر خاصة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، كانوا يدفنون في البقيع، ودفن الشهداء في محل قتلهم في أحد. أما قبره صلى الله عليه وسلم فهو في بيته، ليس في المسجد، دفنه الصحابة في بيت عائشة خوفا أن يغلى فيه إذا كان في البقيع بارزا، فدفنوه في بيته خشية أن يحصل فيه غلو، وأن يتخذ قبره مسجدا، فدفنوه في البيت، ثم لما وسع المسجد أدخل في المسجد البيت نفسه في الحجرة، لما وسعه الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين في زمانه على رأس المائة الأولى من الهجرة، وأدخل الحجر وحجر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخلت حجرة عائشة من ضمنها، وكان علماء وقته قد نصحوه بألا يدخله، لكنه رأى أن إدخاله لا يضر؛ لأنه معلوم أنه في بيته، والتوسعة تدعو إلى ذلك، وقد أساء في هذا يعفو الله عنا وعنه وعن كل مسلم. فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم دفن في بيته وليس في المسجد، وإنما البيت أدخل في المسجد، وهو الآن في بيته لا في المسجد، ولا يجوز أن يقتدى بذلك؛ أن نقول: ندفن في المسجد؛ لأن قبر النبي في المسجد، لا، قبر النبي صلى الله عليه وسلم في بيته صلى الله عليه وسلم، ولكن أدخلت الحجرة برمتها في المسجد من الجزء: 11 ¦ الصفحة: 364 أجل التوسعة، فالواجب على المسلمين أن يحذروا الدفن في المساجد، وأن يمتثلوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» فالمساجد لا يدفن فيها، بل تكون القبور خارج المساجد، المساجد معدة للصلاة والعبادة والقراءة، فلا يكون فيها قبور.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 365 245 - حكم الصلاة في المساجد التي تحتها قبور س: الأخوة: س. أ. د. ر. من ليبيا، يسألون ويقولون: ما حكم الصلاة في المساجد التي تحتها قبور، وإن كنت لا تنوي أن الصلاة لمن في القبر؟ نرجو أن تفيدونا، هل الصلاة مقبولة بسبب هذا الولي الفلاني أو لا (1)؟ ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تجوز، بل هي باطلة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» متفق على صحته، من حديث عائشة رضي الله عنها، قاله في مرض موته عليه الصلاة والسلام في آخر   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (171). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 365 حياته. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1)» أخرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، فلا يجوز للمسلم أن يقيم مسجدا على قبر، أو يدفن في المساجد، أو يصلي في المساجد التي فيها القبور. بل يجب التواصي بترك ذلك والتناصح، ويجب على ولاة الأمور في أي بلد إسلامي، يجب على ولاة الأمور أن يمنعوا ذلك، فلا يدفن في المساجد أموات، ولا تبن المساجد على القبور، لا هذا ولا هذا، يجب أن تكون المقابر على حدة، والمساجد على حدة، ولا يقبر فيها، لا من يسمى وليا ولا غيره، والولي هو المؤمن، ولي الله هو المؤمن، فلا يدفن فيها لا مسلم ولا غيره، بل تكون المساجد خالية من القبور، وهذا هو الواجب الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، والعلة في ذلك والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم؛ أن وجود القبور في المساجد من وسائل عبادتها من دون الله، إذا بنيت المساجد على القبور كان هذا من وسائل الغلو في الميت، ودعائه من دون الله، والتبرك بقبره، وطلبه الشفاعة، وطلبه الغوث والمدد؛ فلهذا حرم الله بناء   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 366 المساجد على القبور، وحرم الله الدفن في المساجد سدا لذريعة الشرك، وحسما لمادة الشرك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بما يوجد في بعض الأمصار وبعض الدول الإسلامية؛ من وجود القبور في المساجد، لا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك، هذا غلط، والغلط لا يقتدى به، والواجب على حكام المسلمين في كل مكان أن يزيلوا هذا الأمر؛ لا في الشام ولا في مصر ولا في العراق ولا في غيره، الواجب على حكام المسلمين أن ينزهوا المساجد من القبور، وأن تكون المساجد خالية من القبور، وإذا كان فيها قبر ينقل إلى المقبرة العامة، وإذا كان المسجد بني عليه والقبر هو السابق يهدم المسجد، وتبقى القبور خالية ليس فيها مساجد. فالحاصل أنه إذا كان القبر هو الأول يهدم المسجد وتبقى الأرض للقبور، وإن كان المسجد هو الأول ودفن فيه ينبش القبر وينقل إلى المقبرة، ولا يصلى في المساجد التي فيها القبور، هذا بدعة ولا يجوز، والصلاة باطلة، أما إن كانت الصلاة للميت؛ أنه يصلي للميت، ويتقرب إليه بالصلاة، أو بالسجود كان شركا أكبر، كانت المصيبة أعظم، وهكذا لو طلبه المدد؛ كأن يقول: يا سيدي المدد المدد. أو: يا ولي الله المدد المدد. أو: يا سيدي البدوي المدد المدد. أو: يا حسين المدد المدد. أو: يا شيخ عبد القادر المدد المدد. أو: أغثني. أو: انصرني. كل هذا من الشرك الجزء: 11 ¦ الصفحة: 367 الأكبر. قال الله عز وجل {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1). وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2). وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (4). سبحانه وتعالى، فسمى دعاءهم لغير الله شركا. قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (5). فسمى دعوتهم للأموات واستغاثتهم بالأموات شركا به سبحانه وتعالى، وسماه في الآية الأخرى كفرا، قال: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (6). الآية من سورة المؤمنون. وقال جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (7)، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (8)، وقال عليه الصلاة   (1) سورة الأنعام الآية 88 (2) سورة المؤمنون الآية 117 (3) سورة فاطر الآية 13 (4) سورة فاطر الآية 14 (5) سورة فاطر الآية 14 (6) سورة المؤمنون الآية 117 (7) سورة الجن الآية 18 (8) سورة يونس الآية 106 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 368 والسلام: «الدعاء هو العبادة (1)» وقال لابن عباس: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله (2)» فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذا الشرك، والتحذير منه والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر، وأن يرشدوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وأن يعلموهم أنواع الشرك حتى يحذروها، والواجب على الحكام أن يزيلوا آثار الشرك، وأن يزيلوا القبور من المساجد التي فيها القبور إذا كانت القبور حادثة، فإن كانت المساجد بنيت على القبور فالواجب أن تزال المساجد وأن تهدم، وأن تبقى القبور على حالها مقبرة ليس عليها مساجد، وهنا أمر قد يغتر به بعض الناس، وهو وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه في المسجد النبوي، فيقولون: هذا قبر النبي في المسجد. وهذا غلط؛ لأن الرسول لم يدفن في المسجد، دفن في بيت عائشة رضي الله عنها، وهكذا صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما دفنا معه في بيت عائشة رضي الله عنها، ولم يدفنوا في المسجد، ولكن الوليد بن عبد الملك لما وسع المسجد في   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم (17888)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1479) والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3372) وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء، برقم (3828). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2758) والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه برقم (2516). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 369 آخر المائة الأولى أدخل القبر في المسجد من أجل التوسعة، وهذا غلط منه، فلا ينبغي أن يغتر بذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه لم يدفنوا في المسجد، بل دفنوا في بيت عائشة، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة على القبور، وقال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (1)» ولعن المتخذين المساجد على القبور، فالمعول على تشريعه وأمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، أما عمل الناس إذا غلطوا؛ إذا غلط الوليد أو غير الوليد فلا يعول عليه، فينبغي التنبيه في هذا الأمر، وينبغي لأهل العلم أن ينبهوا من حولهم من الناس على هذا الأمر؛ حتى تعم الفائدة، وحتى يتبصر المسلم، وحتى يعلم الحقيقة، فلا يقع في الشرك وهو لا يشعر، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 370 س: هل تجوز الصلاة في الجامع الذي فيه قبر (1) ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تصح، كل جامع فيه قبر أو مسجد فيه قبر ولو كان ليس بجامع، المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، ولا تصح الصلاة فيها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)»   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (152). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 370 وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1)» رواه مسلم في صحيحه، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين، وأم سلمة أم المؤمنين أيضا ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور، فقال: «أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (2)» فجعلهم بهذا العمل من شرار الخلق عند الله، وهو بناؤهم المساجد على القبور وتصويرهم فيها، فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ذلك، وألا يبنوا على القبور، وأن لا يتخذوها مساجد، وألا يجعلوا عليها بناء ولا قبة، بل تكون ضاحية مكشوفة، ليس عليها بناء بالكلية، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب. أما البناء عليها أو اتخاذ القباب عليها أو المساجد فكل هذا منكر، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 371 والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)» فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور، ولعن من فعل ذلك، فدل على أن هذا من الكبائر من كبائر الذنوب، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، فساد الصلاة عند القبور وفي المساجد المبنية عليها. وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (3)» وفي حديث جابر عند مسلم في صحيحه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (4)» فنهى عن هذا، ونهى عن التجصيص للقبور، وعن البناء عليها، وعن القعود عليها. فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ما حرم الله، وما نهى عنه   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). (4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 372 رسوله عليه الصلاة والسلام، وليس لهم أن يصلوا في المساجد التي اتخذت على القبور؛ لأن الرسول نهى عن ذلك، ولعن من فعله عليه الصلاة والسلام، والصلاة عندها اتخاذ لها مسجدا، ولو لم يبن المسجد الذي يصلي فيه عند القبور معناه أنه اتخذها مسجدا. ولا ريب أن الصلاة عندها والدعاء عندها، وتحري الدعاء عندها، وتحري القراءة عندها كل هذا من أسباب الشرك، ومن وسائله، فالواجب الحذر من ذلك، وإنما تزار؛ يزورها المسلم ويدعو للميتين ولنفسه معهم، يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، يغفر الله لنا ولكم. ونحو هذا الدعاء يدعو لهم ولنفسه معهم، نسأل الله لنا ولكم العافية، ثم ينصرف لا يجلس عندها للقراءة أو للدعاء عندها، ولا يطوف بها هذا منكر، والطواف عند القبور بقصد التقرب للميت هذا من الشرك الأكبر؛ مثل الدعاء كما لو قال: يا سيدي أغثني، المدد المدد، انصرني، اشفني. هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر. وكثير من الدول الإسلامية يوجد فيها قبور قد اتخذ عليها مساجد، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب على ولاة الأمر أن يزيلوا ذلك، وأن تبقى القبور ضاحية مكشوفة ليس عليها أبنية، كما كان الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، وفي بقية مقابر المسلمين الجزء: 11 ¦ الصفحة: 373 في البلاد الإسلامية، وإنما حدث هذا بعد ذلك في القرن الثاني وما بعده؛ بسبب الرافضة والغلاة الذين غلوا وتشبهوا بالرافضة في ذلك؛ حتى وقع ما وقع من اتخاذ المساجد على القبور، واتخاذ القباب، وحتى وقع الشرك في الموتى وسؤالهم والاستغاثة بهم والنذر لهم بسبب هذا الغلو. نسأل الله للجميع العافية والسلامة والهداية. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 374 246 - حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور س: ما حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور؟ مع العلم أنني أعيش في بلد تكثر فيه هذه الظاهرة، أرجو توجيهي ولا سيما إذا لم يكن حولي وقريبا مني مسجد واحد خال من القبور (1) ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)». قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3)» ونهى   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (97). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 374 عن الصلاة إلى القبور، فدل ذلك على أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فإذا بني المسجد على قبر أو على قبرين أو أكثر فلا يصلى فيه، بل يصلى في المساجد الخالية من ذلك التي ليس فيها قبور، وإذا لم يجد شيئا صلى في بيته، أو مع إخوانه في بيوتهم، أو إن وجدوا مسجدا ليس فيه قبور صلوا فيه، ولا يجوز بقاء القبور في المساجد، بل يجب نبشها وإبعادها عن المساجد؛ إذا كانت بعد بناء المسجد دفن في المسجد فإنه ينبش وينقل رفاته إلى المقابر العامة، وتبقى المساجد سليمة من ذلك، أما إن كان المسجد هو الأخير بني على القبور فهذا المسجد أسس على غير التقوى، أسس على باطل فيجب هدمه، يجب على ولاة الأمور أن يهدموه ويزيلوه؛ لأنه بني على قبر، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذهم القبور مساجد، الواجب على ولاة الأمور أن يعنوا بهذا الأمر في أي مكان في أي دولة إسلامية، الواجب على ولاة الأمور أن ينزهوا المساجد من القبور، فإن كان القبر هو الأخير نبش ونقل إلى المقبرة العامة، وإن كان القبر هو القديم وبني عليه المسجد هدم المسجد وأزيل طاعة لله ولرسوله، عليه الصلاة والسلام، وعلى المسلمين أن ينتبهوا لهذا، وأن يحذروا الصلاة في المساجد التي فيها القبور؛ لأن الصلاة فيها وسيلة للشرك، وسيلة للشرك بأهل القبور ودعائهم من دون الله، كما قد وقع ذلك في بلدان كثيرة، ولا حول ولا قوة الجزء: 11 ¦ الصفحة: 375 إلا بالله. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 376 س: ما حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور (1) ج: المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» ولقوله عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان من قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3)» فحسب ما قال عليه الصلاة والسلام، فقد نهاهم عن اتخاذها مساجد، ويذم الماضين الذين فعلوا هذا الأمر، يقول عليه الصلاة والسلام: " ألا وإن من كان قبلكم "، يعني: من الناس من اليهود والنصارى وغيرهم، " كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ". يعني: يصلون عندها ويصلون حولها، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك "، فنهاهم عنها من وجوه ثلاثة؛ من جهة ذم الماضين على فعلها، ومن جهة قوله: " لا تتخذوا " ومن جهة قوله: " فإني أنهاكم عن ذلك " ثلاث جهات كلها محل نهي، تحذير فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على القبور قبة، ولا مسجدا،   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (318). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 376 ولا يصلوا عند القبر لا فرضا ولا نفلا، إلا صلاة الجنازة إذا مات وأحضروه عند القبر أو بعد دفنه، وصلى عليه بعض الناس لا بأس، أو صلى عليه من لم يحضر فصلى على القبر لا بأس، قبل موعد شهر أو عند موعد شهر لا بأس، يعني: يصلي عليه خلال موعد شهر، وما حوله، فالحاصل أن الصلاة في المقبرة لا تجوز، والبناء على القبور لا يجوز، لا مسجد ولا غيره، وما وقع في بعض الأمصار وبعض الدول من البناء على القبور كله خطأ، والواجب على حكام المسلمين أن يزيلوا ذلك؛ أن يزيلوا البناء على القبور، وأن يمنعوا الناس من دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، هذا هو الشرك، كونه يأتي ويقول: يا سيدي، اشف مريضي، أو انصرني، أو اقض لي حاجتي، أو أخبرني عما مضى عن كذا وكذا. هذا من الشرك الأكبر؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، الأموات لا يعلمون الغيب، ولا يقضون الحاجات، فهم مرتهنون بأعمالهم، فالذي يسألهم قضاء الحاجة وشفاء المريض، والنصر على الأعداء قد أتى منكرا عظيما وشركا أكبر، فالله سبحانه يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، ويقول سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2)،   (1) سورة الجن الآية 18 (2) سورة فاطر الآية 13 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 377 القطمير: اللفافة التي على النواة {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (1)، سمى الله عملهم هذا شركا، {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (2)، سبحانه وتعالى، فأخبرنا سبحانه أن الأموات لا يسمعون دعاءنا وهكذا الأصنام والأشجار والأحجار، ولو سمعوا ما استجابوا على سبيل الفرض، لو سمعوا ما استجابوا، ما عندهم قدرة، ويوم القيامة يكفرون بهذا الأمر، ينكرونه ويتبرؤون منه، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3)، سماهم كفرة ويقول عز وجل: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (4)، رد الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (5)، سمى الله عملهم شركا، وقال عز وجل في أول سورة الزمر: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (6)،   (1) سورة فاطر الآية 14 (2) سورة فاطر الآية 14 (3) سورة المؤمنون الآية 117 (4) سورة يونس الآية 18 (5) سورة يونس الآية 18 (6) سورة الزمر الآية 3 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 378 سماهم كذبة كفرة؛ لأن الأموات ما يقربون إلى الله زلفى، الأموات مرتهنون بأعمالهم، يقول سبحانه: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (1)، لا يملكون شيئا مما عليهم، لا يقربون إلى الله من دعاهم، ولا ينصرونه ولا يشفون مريضه، قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} (2) {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} (3)، فالأموات لا يملكون شيئا لداعيهم، ولا يستطيعون نصر داعيهم، ولا نصر أنفسهم، فكيف يدعون مع الله؟ كيف يستغاث بهم؟ والأصنام من الحجارة أو غيرها من باب أولى، لا تسمع ولا تملك شيئا؛ صم، بكم ما يسمعون، وهكذا الأشجار، وهكذا الأحجار، وهكذا الكواكب والنجوم، وهكذا الشمس والقمر، كلها لا تعبد من دون الله، من عبدها فقد أشرك بالله، وما يقع في بعض الأمصار من دعوة الأموات؛ كدعوة البدوي أو الحسين أو الشيخ عبد القادر، أو أبي حنيفة أو الشافعي رحمة الله عليهما أو غيرهم كل هذا باطل، الحسين رضي الله عنه يبرأ ممن عبده، وهكذا علي بريء ممن عبده، وهكذا بقية الأنبياء والصالحين برآء ممن   (1) سورة الطور الآية 21 (2) سورة الأعراف الآية 191 (3) سورة الأعراف الآية 192 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 379 عبدهم، نبينا محمد بريء ممن عبده، وهكذا الأنبياء كلهم برآء ممن عبدهم، وهكذا الصالحون مثل علي رضي الله عنه، ومثل الحسين ومثل الحسن ومثل نفيسة ومثل زينب، كلهم برآء ممن عبدهم من دون الله، لا يرضون بذلك، وعبادتهم شرك بالله عز وجل، وهكذا الشيخ عبد القادر الجيلاني والإمام أبو حنيفة هم برآء ممن عبدهم من دون الله، وعبادتهم شرك بالله فمن دعاهم أو استغاث بهم أو نذر لهم، أو سألهم شفاء المريض فقد أشرك بالله، وهكذا من دعا غيرهم من الأموات في أي بلد في الجزيرة العربية، أو في مصر أو في الشام أو في العراق، أو أفريقيا أو أمريكا أو في كل مكان، لا تجوز عبادة غير الله أبدا، العبادة حق لله وحده، يقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، يعني: أمر وأوصى. ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا} (2) يعني الناس، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3)، ويقول عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (4)، ويقول جل وعلا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (5)،   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة البينة الآية 5 (3) سورة البينة الآية 5 (4) سورة البقرة الآية 21 (5) سورة النحل الآية 36 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 380 ويقول سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (1)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (2)» ويقول جل وعلا في كتابه العظيم: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3)، فالواجب على جميع المسلمين التواصي بالحق والتحذير من هذا الشرك، والواجب على العلماء أينما كانوا أن يتقوا الله، وأن يعلموا الناس دين الله وتوحيد الله، وأن يحذروهم من عبادة القبور وأهل القبور، أو عبادة الأصنام والأشجار والأحجار أو النجوم أو غير ذلك، هذا واجب العلماء في كل مصر، وفي كل بلد وفي كل دولة، يجب على العلماء أن يعلموا الناس، وأن يرشدوا الناس إلى توحيد الله، فالعبادة حق الله والدعاء لله: يا رب اغفر لي، يا رب انصرني يا رب اشف مريضي، يا الله يا رحمن يا رحيم، أنت سبحانك المالك لكل شيء، أنت القادر على كل شيء. أما أن يقول: يا سيدي عبد القادر، أو يا سيدي الحسين، أو يا   (1) سورة النساء الآية 36 (2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله برقم (1978). (3) سورة الجن الآية 18 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 381 سيدي البدوي، اشف مريضي. فهذا هو الشرك الأكبر، أو: يا فلان، أو يا سيدي عبد القادر، أو يا سيدي أبا حنيفة. هذا كله منكر كله شرك أكبر، ومن المصائب العظيمة وقوع شيء مثل هذا البلاء؛ هذه من المصائب العظيمة. فالواجب على أهل العلم أن ينكروا هذا الشرك، وأن يعلموا الناس، وأن يرشدوهم، والواجب على ولاة الأمور والحكام من المسلمين أن ينبهوا عن هذا الأمر، وأن يزيلوا المساجد التي على القبور والبناء الذي على القبور، وأن يجعلوا القبور مكشوفة ظاهرة مثل القبور في البقيع مكشوفة، كما كانت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعهد الصحابة مكشوفة: لا بناء عليها ولا مسجد ولا غيره، هذا هو الواجب على المسلمين في كل مكان؛ في الدول الإسلامية وفي غيرها، الواجب أن تكون القبور مكشوفة ليس عليها بناء، ولا يجوز أن تعبد مع الله، ولا أن تدعى مع الله، ولا أن يستغاث بها، ولا يطاف بها، ولا يعكف عندها ولا يصلى عندها، ولكن تزار، يزار قبر المسلم، يسلم عليه، يدعى له لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت (1)» وكان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا زاروا القبور   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، برقم (976). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 382 أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (1)» وفي رواية «ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (2)» وإذا زار القبور التي في المدينة يقول: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر (3)» هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه، يزور ويدعو للميت (الموتى). ويقول صلى الله عليه وسلم السلام المأثور عنه (الذي ذكرنا). أما إن كان الزائر لأموات كفار وزارهم فإنه لا يدعو لهم، بل للعبرة مثل ما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، ولم يستغفر لها فقد نهاه الله أن يستغفر لها، لكن زارها للعبرة، فإذا كانت قبور كفار نصارى وغيرهم ومر عليهم ووقف للعبرة والتذكر للآخرة، تذكر الموت تذكر النار والجنة للعبرة لا بأس، يزورهم للعبرة لا يسلم ولا يدعو، أما قبور المسلمين فيسلم عليهم ويدعو لهم وفق الله الجميع وهدى المسلمين جميعا لما يرضيه، ووفقهم في الدين   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (975). (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 383 ووفق علماء المسلمين لكل ما فيه صلاح المسلمين وبراءة الذمة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 384 س: الأخ: ب. د، من كركوك بالعراق، يسأل ويقول: أسألكم عن الصلاة في المساجد التي فيها قبور، هل يجوز ذلك أو لا؟ وما هو السبب؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إن المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» فلعنهم على الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد، فدل ذلك على أن الصلاة عندها معصية كبيرة، والشيء الذي لعن الرسول فاعله لا يصح، يكون معصية، ما يصح، ولا يقبل، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والأول أخرجه الشيخان في الصحيحين. فالرسول صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذها مساجد، ونهى   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (231). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 384 عن اتخاذها مساجد والصلاة عندها، فعلم بذلك أن الصلاة غير صحيحة؛ لأن الرسول لعن من فعلها ونهى عن فعلها، والعلة في ذلك أن هذا وسيلة للشرك، اتخاذ المساجد على القبور والصلاة عند القبور وسيلة للشرك؛ وسيلة لعبادة أهلها من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم، فيقع الشرك الأكبر؛ فإنه إذا بنى عليه مسجدا غلا فيه العامة، وقالوا: هذا ما بني عليه مسجد إلا لأنه كيت وكيت، إلا لأنه ينفع المريض، ويقضي الحاجة، يشفع لنا عند ربنا في كذا، فيدعونه من دون الله، وهكذا الصلاة عند القبور ولو من غير بناء، الصلاة عندها أيضا من اتخاذها مساجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (1)» فمن قصد أن يصلي عند القبر فقد اتخذه مسجدا، فالقبر يسلم عليه ويدعى لصاحبه، لكن لا يتخذ محلا للصلاة، ولا محلا للقراءة، ولكن يزور المؤمن أخاه المؤمن في المقبرة ويسلم عليه ويدعو له، لكن لا يصلي عند قبره، ولا يبني عليه مسجدا ولا قبة، كل هذا منكر، يقول عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما بكنيسة رأتاها في ديار الحبشة، وما فيها من الصور، قال: «أولئك - يعني: النصارى - إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار   (1) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا. . .) الآية، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (523). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 385 الخلق عند الله (1)» فأخبرنا أنهم شرار الخلق بأسباب بنائهم على القبور، واتخاذها مساجد والصلاة عندها، ثم قد يصورون الصور ويجعلونها فوقها زيادة في الفتنة، يصورون صورة صاحب القبر ويجعلونها على قبره وفي مسجده؛ حتى تكون فتنة أعظم، والصور قد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم من فعلها، في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ «أنه لعن صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور (2)» هكذا روى البخاري في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه لعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور (3)». وقال عليه الصلاة والسلام: «أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون (4)» وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (5)» فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا البناء على القبور   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528). (2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من لعن المصور، برقم (5962). (3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من لعن المصور، برقم (5962). (4) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب عذاب المصورين يوم القيامة، برقم (5950)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير الحيوان. . . برقم (2109). (5) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون)، برقم (7557)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان. . . برقم (2107). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 386 واتخاذها مساجد، أو تجصيصها أو جعل القباب عليها، كل هذا منكر، تجعل ضاحية شامسة في المقبرة لا يبنى عليها شيء، ولا تجصص ولا يتخذ عليها ستور ولا قبة، بل ضاحية كما كانت قبور الصحابة في المدينة هكذا، وفي مكة هكذا، هذا هو الواجب، أما ما أحدثه الناس من البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها هذه بدعة منكرة ومحرم، والواجب هدمها، الواجب على ولاة الأمور إذا كانوا منقادين للشرع أن يهدموها ويزيلوها، والواجب على كل مسلم أن يعبد الله وحده، وأن يخصه بالعبادة دون كل ما سواه جل وعلا. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 387 247 - حكم الصلاة في مسجد بني محرابه فوق قبر س: هل تجوز الصلاة في مسجد بني محرابه فوق قبرين قديمين (1)؟ ج: لا يجوز بناء المسجد على القبور، لا محرابه ولا غيره، يجب أن يفصل القبران عن المسجد ويكونا خارج المسجد، ويكون محل الإمام داخل المسجد، ولا يجوز الصلاة في هذا المحراب، بل يجب أن يهدم هذا المحراب ويزال، ويكون القبران خارجين عن المسجد؛ لأن الرسول لعن اليهود والنصارى، قال: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» قال عليه الصلاة   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (166). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 387 والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1)» فهو صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ المساجد على القبور، ونهى أن يصلى عندها، فالصلاة عندها اتخاذ لها مساجد، فهذا المسجد مثلا إذا ثبت أن المحراب على القبرين يهدم المحراب، ويكون القبران خارج المسجد، أو ينبش القبران وتنقل رفاتهما إلى المقبرة، فإذا نبشا صار المحراب في محلهما فلا حرج في ذلك. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بنى مسجده في محل قبور وخراب ونخل، فأمر صلى الله عليه وسلم بالقبور من قبور المشركين أن تنبش، الخرب أن تسوى، وبالنخل أن يقطع، ثم بنى مسجده عليه الصلاة والسلام. فإذا دعت الحاجة إلى محل فيه قبور نبشت القبور، ونقل رفاتها إلى المقبرة العامة، أو إلى محل آخر، وبني المسجد عند الحاجة إلى نبش القبور، ولا سيما إذا كانت قبورا غير مسلمة، قبور مشركين تنبش، أما قبور المسلمين فلا تنبش، يلتمس مكان مناسب ليس فيه قبور ويبنى فيه مسجد، لكن لو دعت الحاجة إلى نبش بعض القبور لتوسعة المسجد؛ لأن مكانه مناسب، وليس هناك مكان أنسب منه، وفي حاجة إلى نبش بعض القبور فلا مانع أن تنبش، وتنقل رفاتها إلى المحل المناسب، إلى المقبرة العامة لتوسعة المسجد.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 388 248 - حكم الصلاة في المساجد التي فيها أضرحة س: ما حكم الصلاة في مسجد فيه ضريح؟ مع العلم بأن هذا الضريح خلف المصلين وليس أمامهم، وبين المصلين وهذا الضريح حاجز من لوح من الزجاج (1)؟ ج: المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ سواء كان القبر قدام المصلين أو عن يمينهم أو عن شمالهم أو خلفهم، جميع المساجد التي تبنى على القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3)» فلا يجوز الصلاة فيها بالكلية، فالصلاة فيها باطلة، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك في أي بلد كان كل مسجد بني على قبر لا يصلي فيه مطلقا، أما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبن على قبر، النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته، ليس في المسجد، لكن لما وسع الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين ذاك الوقت، في آخر المائة   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (352). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 389 الأولى أدخل الحجرة التي فيها القبر، أدخلها في المسجد، فهي ليست من المسجد، ولم يدفن في المسجد عليه الصلاة والسلام، وإنما دفن في بيته، فأدخلت الحجرة في المسجد بسبب التوسعة، ثم جعل عليها ما يميزها عن المسجد، ويخرجها عن المسجد، فلا يضر المصلين في المسجد وجودها في المسجد؛ لأنه في بيته مجاور للمسجد، وليس في المسجد، فالصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا محذور فيها، ولا بأس بها، أما ما يوجد من القبور التي تدفن في المسجد عمدا، أو يقام عليها المسجد فهذه محل النهي ومحل التحذير، وهي التي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابها. نسأل الله العافية. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 390 س: مسجد فيه قبر صاحبه محاط بسلك، هل تجوز الصلاة فيه؟ وما حكم من تعمد ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: جميع المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، والصلاة فيها باطلة، وإذا كان المسجد هو القديم ثم دفن فيه صاحبه ينبش المدفون، ينبش وينقل رفاته إلى المقبرة العامة، ويصلى في المسجد، أما إن كان القبر هو القديم، وبني عليه المسجد فالمسجد يهدم ويزال؛ لأنه أسس على ضلالة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «قاتل الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» وفي لفظ آخر:   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (291). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (437)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . . برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 390 «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)» فقالت له أم سلمة وأم حبيبة لما هاجرتا إلى الحبشة: إنهما رأتا كنيسة في الحبشة فيها تصاوير. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (3)» فأخبر أنهم شرار الخلق؛ بأسباب بنائهم على القبور واتخاذهم التصاوير عليها. نسأل الله العافية. فالمقصود أن الواجب عدم البناء على القبور؛ لا قباب ولا مساجد ولا غير ذلك، يجب أن تكون مكشوفة ليس عليها بناء، كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، تكون مكشوفة ولا يزاد عليها غير ترابها، ثم ترفع قدر شبر تقريبا؛ حتى يعرف أنها قبور، ولا يصلى بينها ولا إليها، ولا يبنى عليها قباب ولا حجر ولا مساجد   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 391 ولا تستر، كل هذا منكر، وكله من وسائل الشرك، كل هذا من وسائل الشرك، الواجب الحذر من ذلك، وكل مسجد فيه قبر لا يصلى فيه، لكن إن كان القبر هو الجديد ينبش ويوضع في المقابر، ويصلى في المسجد، فإن كانت القبور هي القديمة وبني عليها المسجد فالمسجد يهدم ولا يصلى فيه. أما هذا السلك المحيط بالقبر فإنه يقطع إذا كان مقصودا به تعظيم الميت، أو إشارة إلى قبره، أو ما أشبه ذلك؛ يزال، المقصود فلا حاجة ولا سبب لوجود السلك، يجب إزالة السلك الذي يعتقدون فيه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 392 س: هذا السائل يقول: مسجد فيه قبر وحضرت الفريضة فهل أصلي فيه؟ مع العلم بأنه لا يوجد أي مسجد آخر ليس فيه قبر في المنطقة التي أعمل بها، أين أصلي (1)؟ ج: لا يجوز لك الصلاة في المسجد الذي فيه قبور، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)»   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (406). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 392 ونهى عن الصلاة إلى القبور، فدل ذلك على أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فإذا بني المسجد على قبر أو على قبرين أو أكثر فلا يصلى فيه، بل يصلى في المساجد الخالية من ذلك التي ليس فيها قبور، وإذا لم يجد شيئا صلى في بيته، أو مع إخوانه في بيوتهم، أو إن وجدوا مسجدا ليس فيه قبور صلوا فيه، ولا يجوز بقاء القبور في المساجد، بل يجب نبشها وإبعادها عن المساجد؛ إذا كانت بعد بناء المسجد دفن في المسجد فإنه ينبش وتنقل رفاته إلى المقابر العامة، وتبقى المساجد سليمة من ذلك، أما إن كان المسجد هو الأخير بني على القبور فهذا المسجد أسس على غير التقوى، أسس على باطل فيجب هدمه، يجب على ولاة الأمور أن يهدموه ويزيلوه؛ لأنه بني على قبر، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذهم القبور مساجد، الواجب على ولاة الأمور أن يعنوا بهذا الأمر في أي مكان في أي دولة إسلامية، الواجب على ولاة الأمور أن ينزهوا المساجد من القبور، فإن كان القبر هو الأخير نبش ونقل إلى المقبرة العامة، وإن كان القبر هو القديم وبني عليه المسجد هدم المسجد وأزيل طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وعلى المسلمين أن ينتبهوا لهذا، وأن يحذروا الصلاة في المساجد التي فيها القبور؛ لأن الصلاة فيها وسيلة للشرك، وسيلة للشرك بأهل القبور ودعائهم من دون الجزء: 11 ¦ الصفحة: 393 الله، كما قد وقع ذلك في بلدان كثيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 394 س: نصلي مع جماعة من القبوريين؛ يعتقدون في الأموات بأن لهم صلاحية الضر والنفع والبركة، والمكان الذي نصلي فيه توجد به قباب مدفون فيها كثير من الناس من هؤلاء الذين يسمونهم بالصالحين والأولياء، ومكان المصلى لا يبعد كثيرا عن المكان الذي نصلي فيه، فهل الصلاة في هذا المكان جائزة؟ وهل هذا المكان من حرم المقابر لوجود هذه القبور داخل القباب بالقرب منه، أو لصيقة بالمكان، والمسجد أيضا في نفس المكان؟ وهل يعتبر من حرم المقابر؟ وهل الصلاة فيه جائزة؟ ولا يوجد مسجد آخر في القرية إلا هذا المسجد، أفيدونا أفادكم الله (1) ج: هذا المكان لا يصلى فيه والعياذ بالله، هذه مقابر, الصلاة فيها باطلة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3)» خرجه مسلم في الصحيح.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (324). (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 394 وقال عليه الصلاة والسلام: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» متفق على صحته. فلا يجوز أن تأتي إلى هذا المكان من القبور، ولا بناء المسجد فيها، ولا بينها، بل يجب أن تكون المساجد في محلات بعيدة عن القبور، لا تكون في ظل المقبرة، بل بعيدة عن المقبرة؛ أمامها أو خلفها وعن يمينها وشمالها، وأن تستر عنها المقبرة، ولا يجوز الصلاة في المقبرة، ولا بناء المسجد فيها، كل هذا منكر وباطل - نسأل الله العافية - ومن الشرك، ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر، والنذر لهم من الشرك الأكبر عند جميع أهل العلم. فيجب على المسلم أن يحذر هذا، يجب على من يأتي القبور لهذا الأمر أن يتوب إلى الله؛ لأنه من الشرك الأكبر ومن عمل الجاهلية، دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والذبح لهم هذا من عمل المشركين؛ لقول الله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2)، وقال أيضا سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (3)؛ لشركهم وكفرهم. نسأل الله العافية. فالواجب على جميع المسلمين في كل   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (2) سورة الأنعام الآية 88 (3) سورة الفرقان الآية 23 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 395 مكان أن تكون مساجدهم بعيدة عن القبور، وألا يصلوا في القبور، وألا يجلسوا عليها، ولا يبنوا عليها. بل تكون مكشوفة ليس عليها بناء، ولا يصلى حولها، ولا يبنى عندها مسجد، كل هذا منكر أنكره النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه، فيجب هدمه وإزالته، وأن تقام المساجد في محلات بعيدة عن القبور، وليس لها صلة بالقبور، وعلى المسلمين أن يصلوا في محل بعيد عن المقابر، ولو ما بني، في أرض طاهرة يصلون فيها، ولو في خيام حتى يعينهم الله على البناء، وإذا جعلوا فوقها خيمة أو شيئا من الجريد أو من سعف النخل، وهذا هو الواجب، وهو أفضل من مسجد فيه قبور، المسجد الذي فيه قبور هذا باطل منكر لا يجوز. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 396 س: جميع مساجد قريتنا فيها قبور، كما أنها تسمى بأسماء هؤلاء الموتى، ولا يفصل بين المكان الذي تقام فيه الصلاة والقبور سوى جدار واحد فقط، فهل تجوز الصلاة في هذه المساجد؟ علما بأن أئمتها يؤمنون بأن أصحاب القبور هم أولياء صالحون، ويشركونهم في دعائهم (1) ج: المساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها، إذا كان القبر داخل سور المسجد فلا يصلى فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (212). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 396 والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» متفق على صحته؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)» فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، والصلاة عندها، إذا بني عليها للصلاة فلا يجوز الصلاة عندها، ولا يجوز أيضا اتخاذها مساجد بالبناء؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)» أما إذا كان القبر خارج المسجد عن يمين المسجد أو شماله أو أمامه؛ مفصول بالجدران فلا حرج، أما في داخل المسجد فلا يجوز. وإذا كان القبر هو الذي جعل في المسجد فالواجب نبشه، ينقل الرفات إلى المقابر العامة ويصلى في المسجد، أما إن كان القبر هو القديم والمسجد مبني عليه تعظيما له فالمسجد هو الذي يهدم، ولا يصلى فيه وتبقى القبور على حالها بدون مساجد، ولا يصلى فيها ولا عندها؛ لأن الرسول لعن من فعل هذا عليه الصلاة والسلام، وحذر من ذلك، والحكمة في ذلك أن الصلاة عندها واتخاذها مساجد من وسائل الشرك بأهلها، ودعائهم من دون الله، واتخاذهم آلهة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 397 من دون الله، فلهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك سدا لذريعة الشرك، وحسما لوسائله، ولا يجوز أن يصلى خلف الأئمة الذي يدعون أصحاب القبور، ويستغيثون بهم ويعظمونهم، هؤلاء مشركون، إذا كانوا يدعون أصحاب القبور ويستغيثون بهم، وينذرون لهم هؤلاء يكونون مشركين، لا يصلى خلفهم، وإنما يصلون خلف الأئمة المستقيمين على دين الله، المعروفين بالتوحيد والإيمان لا بالشرك، نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 398 س: عندنا مسجد في السودان، وهو المسجد الوحيد بالقرية، وبداخله خمسة من القبور، فقد سألت بعض العلماء, فمنهم من قال: لا تجوز الصلاة فيه. ومنهم من أجازها، نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (1) ج: جميع المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، فقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3)» فنهاهم عن اتخاذ القبور مساجد، واتخاذها مساجد   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (205). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 398 للصلاة فيها؛ لأنه إذا صلى في الأرض فقد اتخذها مسجدا، يقول عليه الصلاة والسلام: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (1)» فليس للمسلم أن يصلي في مسجد فيه قبور ولو قبرا واحدا، ولا يجوز للمسلمين أن يفعلوا ذلك، بل يجب عليهم أن تكون قبورهم خارج المساجد في مقابر مستقلة، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، ما كان يقبر في المساجد، المقبرة معروفة وحدها في البقيع، وهكذا المسلمون في كل مكان، المقابر وحدها مستقلة؛ لأنه لا يجوز الدفن في المساجد، ولا يجوز بناء المساجد على القبور أيضا؛ لا هذا ولا هذا، لا يبنى مسجد على قبر، ولا يدفن الميت بعد بناء المسجد، لا هذا ولا هذا، الواجب أن تكون القبور خارج المساجد، ولا تكون في المساجد، وكل مسجد فيه قبور لا يصلى فيه، ولا تصح الصلاة فيه؛ لأن هذا فيه مشابهة اليهود والنصارى في أعمالهم القبيحة؛ ولهذا لعن الرسول عليه الصلاة والسلام من فعل هذا، وهذا يدل على بطلان الصلاة، لما ذمهم النبي وعابهم على هذا الفعل دل على بطلانها، نسأل الله السلامة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا. . .) الآية، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (523). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 399 249 - نصيحة في تحريم دفن الموتى داخل المساجد س: من المستمع أ. س. غ من عدن رسالة وضمنها قضية يقول: مسجدنا جامع كبير إلا أنه مبني على قبر، والناس يصلون في هذا المسجد، وقد أجريت الجزء: 11 ¦ الصفحة: 399 توسعة لهذا المسجد لكن القبر لا زال داخل المسجد، كيف تنصحوننا وتنصحون الناس لدينا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب ألا يدفن في المسجد قبور، والواجب أن تكون القبور خارج المساجد في مقابر خاصة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون في البقيع وغير البقيع، أما الصلاة في المساجد التي فيها القبور فهذه لا تجوز ولا تصح، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3)» والرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن تتخذ مساجد، واتخاذ المساجد للصلاة فيها والاعتكاف فيها، فلا يجوز هذا الأمر لهذا العمل، بل يجب أن ينبش الموتى الذين في المساجد، ويدفنوا في خارج المساجد في المقابر العامة، إذا كان القبر حدث أخيرا بعد بناء المسجد وجب أن ينبش، وينقل الرفات إلى مقبرة عامة، في حفرة مستقلة، يساوى ظاهرها في القبور؛ حتى يسلم المسجد حتى يصلى فيه، ولا يجوز   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (250). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 400 التساهل في هذا الأمر؛ لأن الرسول لعن من فعل ذلك، وهو من سنة اليهود والنصارى، فلا يجوز التشبه بهم في هذا الأمر، والصلاة باطلة في المسجد الذي فيه قبور، تكون صلاته باطلة سواء كان في عدن، أو غير عدن، وإذا كان المسجد هو الأخير، أو بني على القبور وجب هدمه، وألا يبقى؛ لأنه أسس على الباطل، فالأول منهما يبقى؛ إن كان الأول القبر يبقى القبر ويهدم المسجد، وإذا كان أوله مسجدا وقبره الحالي ينبش القبر ويزال، ولا يجوز للمسلم أن يصلي في المساجد التي فيها قبور، والصلاة فيها غير صحيحة؛ لأن الأحاديث الصحيحة جاءت بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما ذكرت له أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما كنيسة رأتاها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور قال: «أولئك إذا مات منهم رجل صالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور (1)». ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أولئك شرار الخلق عند الله (2)» سماهم شرار الخلق؛ بسبب عملهم السيئ؛ وهو البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وتصوير الصور عليها. فالواجب الحذر، والواجب على المسلمين في أي مكان الحذر من هذا العمل السيئ، يجب على المسؤولين في مصر والشام واليمن وغيرها، يجب عليهم أن يزيلوا القبور إذا كانت وجدت المساجد هي الأخيرة، أما إن كانت المساجد   (1) صحيح البخاري الصلاة (434)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (528)، سنن النسائي المساجد (704)، مسند أحمد (6/ 51). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 401 بنيت عليها هي الأصل وهي الأساس، ولكن بنيت عليها المساجد يجب أن يهدم المسجد، ولا يبقى مسجد على القبور؛ لأن هذا من سنة اليهود والنصارى، فلا يجوز التشبه بهم، وهو من وسائل الشرك؛ فإن البناء على القبر واتخاذ المسجد على القبر، ووضع الصور في المساجد من أسباب الشرك، من أسباب الغلو فيه، والدعاء من دون الله، والاستغاثة به، والنذر له والذبح له، هذا من الشرك الأكبر؛ أن ينذر الإنسان له ويسأله قضاء الحاجة، أو شفاء المريض، أو النصر على الأعداء، أو ينذر له أو يقول: الغوث الغوث، أو النصر النصر. أو ما أشبه ذلك، كل هذا شرك أكبر، وعبادة لغير الله سبحانه وتعالى، فالواجب على أهل الإسلام التواصي بإزالة هذا المنكر، والواجب على أمراء المسلمين إنكار هذا المنكر، والواجب على العلماء أن يوجهوا الناس، وأن يعلموا الأمراء والناس؛ حتى يزيلوا هذه المنكرات من هذه المساجد؛ وحتى يبعدوا الناس عن الشرك بالله عز وجل. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 402 250 - حكم الصلاة في المسجد إذا كان حوله قبور س: عندنا مسجد في القرية، وحوله من ناحية الشمال خمسة قبور، وكلما مات أحد من مشايخهم دفن داخل السور، وعندما أكون موجودا في القرية لا أذهب للصلاة معهم حتى صلاة الجمعة؛ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 402 نسبة للاعتقاد الذي يعتقدونه في المشايخ. فهل ما أقوم به من ناحية الصلاة، وأيضا صلاة الجمعة صحيح أو غير ذلك؟ أرجو من سماحتكم التوجيه جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانت القبور في المسجد فلا يجوز الصلاة فيه؛ لا الجمعة ولا غيرها، وأنت محسن لعدم الصلاة معهم، أما إذا كانت القبور خارج المسجد؛ تحت سور المسجد وليس في المسجد، أو خارج المسجد فإنه واجب عليك أن تصلي معهم الجمعة وغيرها. المقصود أنه لا يجوز البناء على القبور، ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا يجوز دفن أحد في المسجد، فإذا كان المسجد فيه قبور فلا يجوز الصلاة فيه؛ لا الجمعة ولا غيرها، وليس لك أن تصلي معهم أيضا، أما إذا كانت القبور خارجة: شرق المسجد أو جنوبه أو غير ذلك؛ يعني: ليست داخل المسجد فإنك تصلي معهم، ويلزمك ذلك الجمعة وغيرها، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (295). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 403 وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1)» وقد نهى عن اتخاذ القبور مساجد، لا يصلى عند قبور، ولا يدفن في المسجد أحد.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 404 س: مسجد تصلى فيه الصلوات والجمع والأعياد، وحوله عدد من القبور، ما هو توجيهكم حول هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: كونها حوله لا يضر؛ سواء كانت أمامه أو يمينه أو عن شماله لا يضر، أما المنهي عنه أن تكون في داخله، أما إذا كانت خارجه فلا يضره ذلك ولا يضر المسلمين، إذا كان بينهم وبين القبور حاجز من جدار يحجزهم، أو طريق أو واد أو نحو ذلك مما يدل على بعدها، وأنها غير مقصودة، القبور غير مقصودة بالمسجد الموجود، المقصود أن وجودها قرب المسجد لا يضر المسجد، ولا يضر المصلين.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (291). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 404 251 - حكم الصلاة في مسجد بني على قبر س: هل تجوز الصلاة في مسجد بني على قبر أحد الصالحين؛ حيث إن الناس يأتون بالذبائح، ويذبحونها عند هذا القبر الذي هو بجانب الجزء: 11 ¦ الصفحة: 404 المسجد مباشرة؟ ج: لا يصلى فيه؛ مسجد بني على القبور، إذا كان مسجد في وسطه قبر، بني على قبر لا يصلى فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد لعن اليهود والنصارى لاتخاذهم القبور مساجد. وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد - يعني: مصلى - ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)» الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا وحذر منه، فإذا كان في المسجد قبر أو أكثر فإنه لا يصلى فيه، فإذا كان يذبح عنده هذا الشرك الأكبر، أعوذ بالله. الحاصل أنه لا يصلى في المساجد التي فيها قبور سواء ذبح لأهلها، أو ما ذبح لأهلها، ولكن إن كان يذبح لهم للتعوذ من شرهم فهذا الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. فالواجب حينئذ هدم المسجد، يجب على ولاة أمر المسلمين أن يهدموا المسجد وجميع القبور، وأن تكون مكشوفة ليس عليها بناء ولا يصلى عندها، ولو ما كان عندها بنيان لا يصلى عندها، ولا تتخذ مصلى حتى ولو   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 405 كانت بغير بناء. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 406 س: يقول هذا السائل؛ مصري مقيم في المملكة: ما حكم الصلاة في المسجد الذي ليس فيه قبر، لكنه بني على قبر؟ هل تصح الصلاة، أم أن ذلك باطل؟ ج: كل المساجد التي تبنى على القبور لا يصلى فيها، الصلاة فيها باطلة، إذا كان القبر موجودا في المسجد سواء المسجد كان هو الأول، أو القبر هو الأول، لكن إذا كان المسجد هو الأول ينبش القبر وينقل إلى القبور، أما إذا كان المسجد هو الأخير؛ بني على القبر يهدم المسجد ولا يبنى على القبور. يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)» ونهى صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، أو أن يقعد عليها، وأن يبنى عليها.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 406 س: السائل: م. يقول: يوجد في قريتنا مسجد، وهذا المسجد بداخله قبر، فهل نقوم بإلغاء المسجد، أو بإلغاء القبر من المسجد؟ وهل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 406 الصلاة في مسجد يوجد فيه قبر صحيحة (1) ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تجوز ولا تصلح، ولا يجوز البناء على القبور، وبناء المساجد على القبور لا يجوز، ولا يجوز اتخاذ القباب عليها ولا الستور، كل هذا لا يجوز، بل هو من أسباب الشرك، فالمسجد الذي فيه قبر لا يصلى فيه، والصلاة فيه غير صحيحة، لكن إذا كان المسجد قديما وقبر فيه قبور تنبش، تنقل إلى مقبرة، ويصلى في المسجد لا بأس، إذا كانت القبور هي القديمة، ثم بني عليها يهدم ولا يجوز بقاؤه، بل يهدم، وبكل حال فالمسلم لا يصلي في المساجد التي فيها قبور، بل صلاته غير صحيحة؛ لأن بناء المساجد على القبور والصلاة عند القبور وسيلة للشرك؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (3)» وقال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (4)» فالمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (360). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 407 المساجد على القبور، وعن الصلاة عند القبور، وعن الجلوس عليها، فلا يجوز للمسلم أن يطأ عليها، ولا يجلس عليها، ولا يصلي إليها، ولا يبني عليها بناء ولا مسجدا ولا قبة، ولا تجصص؛ نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن تجصيصها، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها عليه الصلاة والسلام، كل هذا من عمل أهل الشرك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 408 س: السائل: هـ، م من الهند يسأل ويقول: مسجد في أحد أركانه الخلفية أربعة قبور، هل تجوز الصلاة فيه؟ وهل يفوت الإنسان الجمعة والجماعة ولا يصلي في هذا المسجد؟ أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: كل مسجد فيه قبور سواء في أمام، أو يمين أو شمال أو خلف لا يصلى فيه، ولا تصح الصلاة فيه؛ لأن وجود القبور فيه من وسائل الشرك، وتعمه الأحاديث الصحيحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (3)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (268). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 408 عن ذلك (1)» فالمسجد الذي يتخذ على القبر قد يكون القبر في المقدمة، وقد يكون في اليمين، أو في الشمال أو في الخلف، فالواجب نبش هذه القبور، ونقلها إلى المقابر العامة إذا كانت القبور متأخرة، أما إذا كان المسجد بني عليها لتعظيمها والتبرك بها فهو يهدم، فالمسجد يهدم وتبقى القبور على حالها، والمسجد يهدم ويزال ويكون محله المقبرة، أما إذا كانت القبور جديدة والمسجد قديما فالقبور يجب نبشها وإزالتها وإبعادها إلى المقابر العامة، ويصلى فيه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 409 س: الأخ: م. ح. ع، من الدمام، يقول: أنا من جمهورية مصر العربية، ويوجد بالبلدة التي أعيش فيها مسجد به قبر في غرفة بطرف المسجد، يفصل بينهما باب، أصلي بهذا المسجد أحيانا، أنكر علي بعض الأشخاص، وقال: لا تصل في هذا المسجد؛ لأن فيه قبرا. أستشيركم في هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان القبر خارج أسوار المسجد فلا يضرك الصلاة في المسجد، ولكن ينبغي مع هذا إبعاده عن المسجد إلى المقبرة؛ حتى لا يحصل تشويش على الناس. أما إذا كان في داخل المسجد فإنك لا   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (171). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 409 تصل في المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» متفق على صحته. ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)» أخرجه مسلم في صحيحه. والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد، فليس لنا أن نتخذها مساجد، سواء كانت القبور للأنبياء أو للصالحين، أو لغيرهم ممن لا يعرف، فالواجب أن تكون القبور على حدة في محلات خاصة، وأن تكون المساجد سليمة من ذلك، لا يكون فيها قبور، ثم الحكم فيه تفصيل: فإن كان القبر هو الأول أو القبور، ثم بني المسجد فإن المسجد يهدم، ولا يجوز بقاؤه على القبور؛ لأنه بني على غير شريعة الله، فوجب هدمه، أما إن كانت القبور متأخرة والمسجد هو السابق فإن الواجب نبشها ونقل رفاتها إلى المقبرة العامة، كل رفات قبر توضع في حفرة خاصة، ويساوى ظاهرها كسائر القبور حتى لا تمتهن، وتكون من تبع المقبرة التي دفن فيها الرفات؛ حتى يسلم المسلمون من الفتنة بالقبور، والرسول صلى الله عليه وسلم حين نهى عن اتخاذ القبور مساجد   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 410 مقصوده عليه الصلاة والسلام سد الذريعة التي توصل إلى الشرك؛ لأن القبور إذا وضعت في المساجد يغلو فيها العامة، ويظنون أنها وضعت لأنها تنفع، ولأنها تقبل النذور، ولأنها تدعى ويستغاث بأهلها؛ فيقع الشرك. والواجب الحذر من ذلك، وأن تكون القبور بعيدة عن المساجد بأن تكون في محلات خاصة، وتكون المساجد سليمة من ذلك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 411 252 - حكم الصلاة في مسجد بجانبه قبر س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، يوجد ولي بجانب المسجد، ولا يزال بعض الناس يزورون هذا الولي، هل تجوز الصلاة في هذا المسجد (1)؟ ج: إذا كان خارج المسجد لا يضر، يسلم عليه ويدعى له إذا كان من المسلمين، لكن إبعاده إلى المقبرة أولى وأبعد عن الشبهة، ينقل إلى المقبرة حتى لا تقع الفتنة، أما إذا كان في داخل المسجد فلا يصلى في المسجد، ويجب أن يهدم المسجد؛ لأن المسجد بني عليه، أما إن كان هو الذي الجديد والمسجد قديم ينبش وينقل إلى المقبرة.   (1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم (433). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 411 253 - حكم الصلاة في المسجد الذي أقيم على أنقاض مقبرة س: في قريتنا يوجد مكان لمقبرة قديمة، وقد أزيلت هذه المقبرة منذ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 411 خمسة وعشرين أو ثلاثين عاما، وبني على أرضها مسجد كبير، ما صحة صلاتنا في هذا المسجد (1)؟ ج: إذا كان قد أزيلت بوجه شرعي وفتوى شرعية، أو أزيلت القبور نبشت وحولت إلى مكان آخر فلا بأس إذا كان عن وجه شرعي، فقد كان موضع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيه قبور، فلما أراد أن يبني المسجد أمر بالقبور، فنبشت من قبور المشركين وأزيلت، وكان فيها حفر وخرائب فسويت، وكان في محله نخيل فقطعت، ثم بنى مسجده عليه الصلاة والسلام، فإذا كانت المقبرة في محل غير مناسب، ورأى ولي الأمر من العلماء نبشها، ونقل القبور إلى محل مناسب فلا بأس أن يبنى عليها مسجد، أو بيوت للمصلحة الشرعية.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (195). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 412 254 - الفرق بين صلاة الفرض والنافلة في المسجد الذي فيه قبر س: هل هناك فرق بين صلاة النافلة وصلاة الفرض إذا صليت في المسجد الذي فيه قبر (1)؟ ج: لا فرق في ذلك، لا يجوز ولا تصح سواء كانت نافلة أو فريضة.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (223). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 412 255 - حكم الصلاة في المساجد التي فيها بدع س: الأخ: ط. م. ص، من السودان، يسأل ويقول: عندنا في السودان قل أن تجد مسجدا لا توجد فيه بدعة، وأحيانا تجد بنيانا مزعوما لولي، أو قبورا في فناء المسجد، فماذا أفعل حيال هذه المنكرات؟ أأصلي في مثل هذه المساجد (1)؟ ج: نعم، إذا كنت في مسجد فيه بعض البدع صل مع الناس، وأنكر البدعة، إذا كان فيه بدعة أنكرها، قل: يا إخواني، هذا ما يجوز هداكم الله. وتعاون مع العلماء والأخيار في إزالتها، ومع المسؤولين من الأمراء وغيرهم، تعاونوا على البر والتقوى. أما المسجد الذي فيه قبور فلا تصل فيه، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى، قال: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» فالمسجد الذي فيه قبر لا تصل فيه، التمس مسجدا ليس فيه قبر. وأما إذا كان فيه بدعة، وأنت تجد مساجد ما فيها بدعة فصل في المساجد التي ما فيها بدعة، وإذا لم تجد أو استطعت أن تنكر البدعة فصل معهم، وأنكر البدعة، وعلمهم ووجههم حتى تكون هاديا مهديا، وحتى تنقذهم من هذه البدعة، فإن لم   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (204). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 413 يستجيبوا لك، ووجدت مسجدا ليس فيه بدعة فاعتزلهم، وصل في المسجد الآخر، وإلا فصل معهم، واستقم على إنكار البدعة وتعليمهم ولا تيأس، والله يعينك ويوفقك لهذا الخير. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 414 س: أرجو أن توجهوا المسلمين لكي يخلو مساجدهم من البدع، لأنني قرأت أن كثيرا من المساجد لا تخلو من البدع، جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب على المسلمين أن يطهروا مساجدهم من كل ما حرم الله من البدع، أو المعاصي، ومن البدع بناء المساجد على القبور، ودفن الميت في قلب المساجد، والتلفظ بالنية: نويت أن أصلي كذا وكذا. هذه من البدع التي يجب تنزيه المساجد عنها، ولا يجوز أن يصلى في المقبرة ولا في مسجد بني على قبر، بل يجب هدمه؛ لأنه منكر وبدعة، ومن وسائل الشرك.   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (295). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 414 256 - نصيحة لمن توجد في مساجدهم قبور س: يوجد عندنا مسجد جامع، ولكن هناك غرفة ملاصقة لصحن المسجد، وبداخلها قبران، ويقدمون لها النذور العينية والمالية، ويعتقدون أن المقبورين من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم، ما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وأيضا داخل السور توجد أمكنة كمصلى للأوقات، ما حكم الصلاة أيضا في ذلك المكان؟ علما بأنني أريد أن أدعو هؤلاء إلى الله عز الجزء: 11 ¦ الصفحة: 414 وجل، ولكن لوجود القبرين توقفت عن الدعوة في هذا المسجد، ماذا أفعل؟ أرجوكم وجهوني، جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان القبران خارجين عن سور المسجد فلا بأس أن يصلى في المسجد، وينبغي السعي لجماعة المسجد والمسؤولين في نقل رفاتهما إلى المقبرة العامة؛ حتى يسلم المسجد من الشبهة التي يحصل بها توقف بعض الناس عن الصلاة فيه. وإنما الممنوع إذا كانا في المسجد، بني عليهما المسجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» فإذا كان القبران خارجين عن المسجد يمينا أو شمالا أو غربا أو شرقا، ليسا في داخله فلا بأس بالصلاة فيه، أما إذا كانا في داخل المسجد، وفي داخل سور المسجد فلا يجوز الصلاة فيه، إذا كان المسجد بني عليهما لتعظيمهما. أما إذا وجدا بعد البناء فإنهما ينبشان، وهكذا لو كان أكثر فإنها تنبش وتنقل إلى المقبرة، ولا تبقى في المسجد، ويصلى في المسجد، أما إذا بني على القبور فهو الذي يهدم وتبقى القبور ضاحية شامسة، ليس فيها مسجد ولا يصلى حولها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (191). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 415 ذلك وقال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (1)» وقال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)» وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)» فالواجب على أهل الإيمان الحذر من ذلك، وألا يبنى على المساجد، لا يتخذ عليها قبور، ولا يدفن الأموات في المساجد، بل يجب أن يكون الأموات مع إخوانهم في المقابر، ويجب أن تكون المساجد خالية من ذلك، بعيدة عن الشبهة، هذا هو الواجب على المسلمين، ولكن الصلاة صحيحة إذا كان القبر خارج المسجد خارج سور المسجد، أما إن كان في داخل المسجد فلا يصلى فيه ولا تصح الصلاة، والدعوة في هذا المسجد، إذا جاء يدعوهم إلى الله لا بأس ما دام القبران خارج المسجد، أما إذا كانا في داخل المسجد فإنه يدعوهم إلى ترك الصلاة في المسجد، يدعوهم إذا كان بني على القبر، يدعوهم إلى هدمه والاتصال بالمسؤولين حتى يزال، أما إذا كان القبران محدثين في المسجد وهو السابق المسجد   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 416 فإنهما ينقلان، وهكذا لو كان أكثر من قبرين تنبش وتنقل إلى المقبرة العامة، ويصلى في المسجد بعد ذلك ولا حرج؛ لأنها حادثة في المسجد، هي فلا حكم لها بل تنبش. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 417 257 – حكم الصلاة في المسجد الذي يفصل بينه وبين القبر حائط س: عندنا مسجد وحيد في القرية التي أسكنها، ولكن بجواره من جهة القبلة ضريح، ويفصل بينهما حائط، ولا يوجد باب بين الضريح والمسجد، فهل الصلاة في هذا المسجد جائزة أو لا (1) ج: لو كان المسجد ليس في المقبرة، ولم يبن على المقبرة، وعلى قبور فالصلاة فيه صحيحة إذا كان مفصولا عن القبور محجوزا بينهما بالجدار. أما إذا كانت القبور أمام المصلي فلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (2)» فالواجب أن يكون مفصولا بينهما بالجدار؛ حتى لا يصلى إليها، وإذا كان مبنيا على طرف منها لتعظيم القبور وجب هدمه، وأما إذا كان مبنيا في أرض سليمة ليس فيها قبور، أو كانت القبور حادثة قدامه فلا يضر، ولكن   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (141). (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 417 ينبغي للمؤمن أن يبتعد عن أسباب الفتنة مهما أمكن، فإذا كان يخشى أن يظن ظان أن هذا المسجد من أجل القبور، فيجعله في محل آخر بعيدا عن أسباب الفتنة؛ لأن بعض الناس عنده جهل كثير، وربما ظن أن المسجد بني من أجل القبور التي حوله، فينبغي في هذا للمؤمن وأهل الخير أن يحتاطوا، وأن تكون المساجد بعيدة عن القبور؛ حتى لا يظن ظان أنها بنيت من أجل القبور. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 418 س: رسالة وصلت من السودان ط. م، يقول: لنا مسجد جوار المقابر بحوالي خمسين مترا، فأحد المصلين امتنع عن الصلاة في هذا المسجد نسبة للحديث الذي يقول: لا تجعلوا مساجدكم مقابر. نرجو منكم الإفادة (1) ج: إذا كان المسجد في أرض ليس فيها قبور، وبينها وبين القبور فاصل؛ طريق أو جدار فلا بأس الحمد لله، المقابر لا تتخذ مساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (375). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 418 تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (1)» فإذا كان خارجا عن المقبرة وليست قبلته، بل بينه وبينها جدار أو طريق فلا حرج في ذلك.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 419 س: الأخ: ب. ع. أ، من السودان، مديرية النيل، يسأل ويقول: ما حكم الصلاة خلف المقابر إذا كانت المقابر أمام المصلين مقدار ثلاثين مترا تقريبا؟ هل يجوز ذلك (1) ج: إذا كان المسجد خاليا منها، المسجد لم يبن عليها، بل خال منها، وهي خارج عن المسجد فلا بأس، تصح الصلاة في المسجد، وأما إذا كان المسجد بني على القبور فلا يصلى في المساجد التي فيها القبور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3)» فإذا كان المسجد قد بني على القبور، أو جعلت فيه القبور فلا يصلى فيه، أما إذا كانت خارج المسجد يمينا أو شمالا أو قدامه، لكن ليست فيه ولا مبنيا   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (169). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 419 عليها فلا حرج في ذلك، وأما وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده فهذا ليس في المسجد، بل في بيت عائشة، دفن في بيت عائشة هو وصاحباه؛ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، لكن لما وسع المسجد، وسعه الوليد بن عبد الملك بن مروان أدخل الحجرة في المسجد، وصار شبهة لبعض الناس الذين لا يفهمون، وهذا غلط، غلط من الوليد، ولا ينبغي أن يحتج به في ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم ليس في المسجد، بل مدفون في بيته، ولكن أدخلت الحجرة في المسجد، فلا يحتج بذلك على الدفن في المساجد، ولا يحتج بذلك على البناء على القبور واتخاذها مساجد، كل هذا مخالف لشرع الله. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 420 س: المستمع: ع. يسأل ويقول: إذا كان المسجد ملحقا به قبر، والقبر خارج المسجد، وليس بداخله، فهل تجوز الصلاة فيه؟ وهل إذا دعت الحاجة إلى الصلاة فيه فهل أصلي أم لا (1) ج: إذا كان القبر خارج المسجد فلا مانع أن يصلى فيه، وينبغي نقل القبر إلى المقبرة العامة إبعادا للشبهة؛ ولئلا يغلى فيه لا سيما إذا كان منسوبا للصلاح، وينبغي للمسؤولين أن ينقلوا رفاته إلى المقبرة العامة، وإذا كان يخشى من الفتنة يخفى بدفنه في الليل، ويخفى ولا يعرفه أحد إلا الخواص الذين دفنوه، كما فعل عمر في قبر دانيال لما خاف الفتنة؛   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (223). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 420 حفر له ثلاثة عشر قبرا بالليل ودفنه في واحد منها، وسواها كلها حتى يخفي أمره، فالمقصود أن القبر الذي حول المسجد ينبغي نقله إلى المقبرة العامة؛ حتى لا يفتن به الناس إذا تيسر ذلك، وهذا يتعلق بالمسؤولين من العلماء والأمراء، فإذا تيسر نقله من دون فتنة نقل، وإلا بقي، ولكن لا يجوز أن يدعى من دون الله، ولا أن يطاف به ولا يستغاث به، ولا أن يتمسح به، ولا يمنع من الصلاة في المسجد إذا كان خارج المسجد، لا يمنع من الصلاة في المسجد، أما إذا كان في داخل المسجد فإنه ينبش ويبعد عن المسجد إلى المقبرة العامة، أما إذا كان قديما والمسجد بني عليه فالمسجد هو الذي يهدم؛ لأنه أسس على غير هدى، إذا بني على القبر وصار هو جديدا فإنه يهدم؛ لأنه أسس على غير تقوى. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 421 س: المستمع: أ. م، يسأل ويقول: ما رأي الشرع في الصلاة في مسجد تحيط به المقابر من كل الجهات (1) ج: إذا كان المسجد ليس فيه قبور فلا حرج، لكن إذا كان بعيدا عنها، يمينها وشمالها أو أمامها يكون أبعد عن الشبهة، أما إذا حدثت القبور بعد ذلك فلا يضر، لكن إذا تيسر أن يكون بعيدا عنها، أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها؛ حتى لا يتوهم أحد أن الصلاة لها هذا يكون   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (356). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 421 أطيب وأبعد عن الشبهة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 422 س: يوجد بقريتنا مسجد جامع، وهذا المسجد يقع وسط المقابر التي تحيط به من الشمال والجنوب، والمسافة بينه وبين الجهة الشمالية متران، وكذلك الجنوبية متران، وإن تلك المقابر في طريقها للتوسع، كما أن بعض المصلين - هداهم الله - يجعلون تلك المقابر مواقف لسياراتهم. أخبرونا جزاكم الله عنا كل خير في الحكم في مثل ذلك، ولكم جزيل الشكر والتقدير (1) ج: الظاهر أنه لا يضر ذلك شيئا؛ لأن هذا عادة جارية في كثير من البلدان، يدفنون حول المساجد، فلا يضر ذلك شيئا، المقصود أن من عادة بعض الناس في بعض البلدان يدفنون حول المساجد؛ لأنه أسهل عليهم إذا خرجوا من المسجد يدفنون موتاهم حول المسجد، فلا يضر ذلك شيئا، ولا يؤثر في صلاة المصلين، لكن إذا كان في قبلة المسجد شيء من القبور فالأحوط أن يكون بين المسجد وبين المقبرة جدار آخر غير جدار المسجد، هذا هو الأحوط والأولى؛ ليكون ذلك أبعد عن استقبالهم للقبور، أما إن كان عن يمين المسجد وعن شماله، عن يمين المصلين وعن شمالهم فلا أرى في ذلك شيئا؛ لأنهم لا يستقبلونها، أما   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (9). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 422 إذا كان في القبلة فلا بد أن يكون هناك جدار آخر غير جدار المسجد إذا تيسر ذلك؛ لأن هذا أبعد عن استقبالها وعن شبهة الاستقبال. أما إيقاف السيارات فلا يجوز إيقافها على القبور، بل تكون بعيدة عن القبور، تكون في الأراضي السليمة التي ليس فيها قبور، أما كونهم يمتهنون القبور ويوقفون السيارات على القبور فهذا أمر منكر لا يجوز، بل الواجب أن يبعدوها عن القبور، وأن تكون في محلات سليمة ليس فيها قبور. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 423 س: يوجد عندنا مسجد وبخارجه قبور، وهو المسجد الوحيد في القرية، وقد توقفت عن الصلاة في هذا المسجد من أجل هذه الأضرحة التي بخارجه، أفيدوني هل أنا على صواب (1) ج: إذا كانت في خارج المسجد فلا حرج من الصلاة فيه، إذا كانت القبور خارجة عن المسجد. ولست على صواب، بل صل في المسجد، أما إذا كان القبر في داخله فلا يصلى فيه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» فالرسول حذر من اتخاذ القبور مساجد، لا يصلى عندها،   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (303). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 423 وكل مسجد فيه قبور لا يصلى فيه، ويجب نبش القبور، إذا كانت موضوعة فيه، وهو المسجد السابق فإن القبور تنبش وتنقل لمكان المقبرة، أما إذا كان بني عليها وهي السابقة، ولكن بني عليها المسجد فإنه يهدم ولا يجوز بقاؤها؛ لأن الرسول لعن من فعل ذلك عليه الصلاة والسلام. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 424 س: في قريتنا مسجد وخلفه قبر لأحد الصالحين وبينهما جدار، ولكن هناك باب مفتوح في المسجد من هذا الضريح، فما حكم الصلاة في ذلكم المسجد (1) ج: الصلاة صحيحة؛ لأن المسجد لم يبن عليه، ما دام أنه خارج المسجد فالصلاة صحيحة، لكن ينبغي إبعاد هذا القبر إلى المقابر؛ حتى لا يكون فتنة للناس ولا يغلى فيه، الواجب إبعاده وأن ينقل إلى المقبرة العامة، وأما المسجد إذا كان ليس القبر في داخله، بل هو خارجه فالصلاة صحيحة.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (341). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 424 س: مسجد في قرية كان به قبر من ناحية القبلة، ولكن أهل القرية عندما علموا أن هذا لا يجوز أخرجوا القبر خارج المسجد؛ وذلك الجزء: 11 ¦ الصفحة: 424 بتحويل الحائط الذي على القبلة إلى الداخل؛ بحيث يكون القبر خارج المسجد، ولكن في جهة القبلة، فهل هذا يكفي (1) ج: نعم يكفي، لكن لو نقلوه إلى المقبرة العامة كان هذا أحسن وأكمل، وإلا فإذا أخرجوه من المسجد عن يمين المسجد، أو شماله أو قدامه أو خلفه كفى؛ لأنه حينئذ يكون المسجد سليما من القبر.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (226). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 425 س: يسأل المستمع وهو يمني، مقيم في الرياض، ويقول: يوجد عندنا مسجد صغير وهو قديم، وهو مبني على كتلة صغيرة، وفي مكان مهم بالنسبة للقرية، وبعد المسجد مباشرة وباتجاه القبلة توجد مقبرة مسورة، بطول ثمانية أمتار وعرض أربعة أمتار، هل الصلاة - سماحة الشيخ - في هذا المسجد جائزة، أو من الأفضل أن نغير هذا المكان (1) ج: لا حرج في الصلاة فيه، ما دام المقبرة خارج المسجد وبينها وبينه حاجز سور، المسجد له سور خارج المقبرة فلا حرج، المقصود المسجد الذي أمامه المقبرة محجوزة ومسورة لا يضر والحمد لله، الذي لا يجوز أن تكون القبور في المسجد، هذا هو المنكر، أما كونها مقبرة   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (404). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 425 خارجية والمسجد محجوز عنها فلا يضر ذلك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 426 س: يوجد عندنا مسجد في الأردن بجواره قبر، وقد سمي هذا المسجد باسم صاحب هذا القبر، ويقوم إمام المسجد ونفر من الناس بالذهاب إلى هذا القبر، وإقامة أدعية لا تفهم، ويقومون بقرع الدف، فما حكم الصلاة في هذا المسجد مأجورين (1) ج: إذا كان القبر خارج المسجد، والمسجد سليم منه فلا بأس، أما كونه يقف عند القبر ويأتون بأدعية مجهولة، ويضربون الدف هذا بدعة، هذا من خرافات الصوفية بدعة، لا يجوز، إنما يسلم على القبور بالسلام الشرعي بصوت معروف، يزور القبور ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية. كان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (2)» هذا الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما كونه يسلم عليهم بصوت مجهول هذا يتهم صاحبه، ولا يجوز   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (418). (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 426 هذا، وكذلك ضرب الدف عند السلام هذا بدعة لا أصل له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 427 258 - حكم الوصية بالدفن في المسجد الذي بناه س: يوجد في بلدنا مسجد، هذا المسجد بناه أحد سكان القرية، وأوصى عند موته بأن يدفن فيه، والآن هو مدفون في المسجد، فما حكم ذلك؟ وهل تجوز لنا الصلاة في هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا لا يجوز، هذا جهل منه، الواجب نبشه وإبعاده إلى المقابر، الواجب أن ينبش ويدفن في المقابر مع الناس، ويصلى في المسجد كأنما دفن في فلاة، ولا يصلى في المسجد حتى ينبش ويبعد وينقل إلى المقبرة العامة؛ لأنه لا يجوز الدفن في المساجد، إذا دفن أحد في المسجد فينبش وينقل، أما إذا كان قديما ثم بني المسجد عليه فالمسجد هو الذي يزال، يهدم ويزال، أما ما دام بنى المسجد وعمره هو ثم دفن فيه فإنه ينقل، ينبش وينقل إلى المقبرة العامة والحمد لله.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (335). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 427 259 - بيان الأفضلية في الصلاة بالمسجد القريب أو المسجد البعيد س: يوجد عندنا مسجدان في القرية، أحدهما: قريب للمنزل، والآخر: بعيد بعض الشيء علما بأن المسجد الأول لا يجتمع فيه الناس الجزء: 11 ¦ الصفحة: 427 المجاورون له، ولا يخرجون للصلاة فيه جماعة، والمسجد الآخر يجتمع فيه عدد لا بأس به من الناس، وأنا أقوم بالصلاة في المسجد القريب أنا وأحد الإخوة وبصفة دائمة، فبماذا تنصحوننا؟ هل نصلي في هذا المسجد القريب أنا وأخي في الله القائم على هذا المسجد، أم أتركه وأذهب إلى المسجد البعيد، حيث يجتمع عدد كبير من الناس، ويبقى المسجد الأول لا يصلي فيه إلا شخص واحد؟ أفيدونا مأجورين. وبماذا تنصحون إخواننا المجاورين للمسجد والذين لا يؤدون الصلاة فيه جماعة (1) ج: الصلاة في المسجد البعيد الذي فيه جماعة كثيرة أفضل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم فأبعدهم ممشى (3)» والمسجد القريب لا بد له من علة، لم يتركوه إلا لعلة، فلا بد أن يسألوا عن علة الترك له، إما لأنه صغير أو لأنه ليس فيه خدمات متوفرة، أو   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (377). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (554)، والنسائي في كتاب الإمامة باب الجماعة إذا كانوا اثنين برقم (843). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (651)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (662). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 428 لأسباب أخرى لا بد أن تعرف، وإذا كان المسجد القريب قد توافرت فيه الشروط فلماذا يتركه جيرانه؟ لا بد أن توضح الأسباب للعالم الذي عندكم أو للمحكمة، فالحاصل أن المسجد البعيد والأكثر جماعة هو الأفضل. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 429 س: أنا في جوار مسجد صغير يجتمع الناس فيه على فريضة العصر والمغرب، وبعد ذلك لا يجتمع فيه سوى اثنين أو ثلاثة، هل يجوز لي أن أذهب إلى مسجد آخر توجد به جماعات كبيرة وترك الأذان والإقامة في هذا المسجد الصغير (1) ج: الأقرب - والله أعلم - أنك تبقى في المسجد؛ لأن هذا من أسباب جمع الناس والصلاة في المسجد وعدم إهماله، إذا كنت أنت المؤذن فتؤذن فيه، وتقيم فيه لمن حضر مع الإمام والحمد لله، إلا إذا كان هناك مساجد والتي فيها تتجمع جماعة كثيرة، ولا حاجة لهذا المسجد فلا مانع من إغلاقه، والمساجد التي حوله التي فيها جماعة كثيرة، فإن إيجاد هذا المسجد لا محل له، فعليك أن تراجع الأوقاف وأهل العلم في بلدك حتى ينظروا في الأمر.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (326). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 429 س: بجوار بيتنا مسجد لا يصلي فيه إلا نحن أو من يزورنا، فهل تلزمنا الجزء: 11 ¦ الصفحة: 429 الصلاة فيه دائما (1) ج: نعم تلزمكم الصلاة في المسجد المعد للصلاة، تصلون فيه ومن يزوركم، أو من يمر عليكم.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (246). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 430 260 - حكم الذهاب إلى مسجد بعيد لحسن قراءة إمامه س: هل يجوز التخير في المساجد؟ فالحي الذي أنا فيه يوجد به مسجد، ولكنني أذهب للحي الثاني للصلاة بمسجد آخر؛ لحسن قراءة إمامه، وارتياحي معه في الصلاة، فهل يصح أم لا؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: لا حرج في ذلك أن يلتمس مسجدا يكون أكثر جماعة، أو يكون إمامه أحسن قراءة أو أتقى لله، أو فيه حلقات العلم، أو ما أشبه ذلك من المصالح الإسلامية، لا حرج وإن كان بعيدا عنه.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (167). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 430 261 - حكم الصلاة في مسجد مهجور س: هذا السائل يقول: هل تجوز الصلاة في مسجد يهجر أكثر من أربعة أشهر؟ وماذا علينا لو كانت صلاتنا غير صحيحة؟ وهل نعيد الجزء: 11 ¦ الصفحة: 430 صلاة الجمعة؟ أم ماذا نفعل (1) ج: على أهل الحي أن يصلوا في المسجد المناسب لهم، إذا كان مسجد مهجور وهو مناسب لهم وقريب منهم، وليس فيه محذور يصلون فيه، الحمد لله، المقصود أن سكان الحي المعين عليهم أن يقيموا مسجدا لهم، يعمروا مسجدا لهم إن استطاعوا، وإن لم يستطيعوا صلوا في محل معين اتخذوه مصلى لهم، يصلون فيه ويجمعون فيه؛ لأن الصلاة في الجماعة أمر لازم، أوجب الله الصلاة في الجماعة، وأوجبها رسوله عليه الصلاة والسلام، والله سبحانه يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2)، وفي صلاة الخوف قال: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} (3)، فأمر بالجماعة حتى في صلاة الخوف، لكن إذا كان عندهم مسجد مهجور وصالح فإنهم يصلون فيه والحمد لله، يجتمعون فيه ولا يهجرونه، وإذا كان بعيدا عنهم وتيسر لهم مسجد أقرب منه يعمرونه، ويجمعون فيه فذلك طيب وحسن. المقصود أنهم يعملون الشيء الذي   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (389). (2) سورة البقرة الآية 43 (3) سورة النساء الآية 102 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 431 يجمعهم ويعينهم على أداء الصلاة جماعة؛ سواء كان مسجدا مهجورا أو غير مهجور، إذا كان بعيدا عليهم ويشق عليهم عمروا مسجدا بينهم متوسطا بينهم؛ حتى يجتمعوا فيه ويصلوا فيه جميعا. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 432 262 - حكم الصلاة في مسجد لا يصلي فيه إلا المارة س: تقول السائلة: نعيش في بلدة نائية بها مسجد لا يصلي به أحد إلا المارة، ليس لهذا المسجد مؤذن؛ لأنه مسجد خاص بناه أحد الناس، لا تصلى فيه التراويح في رمضان، ويذهب أحيانا زوجي يؤذن ويقيم ويصلي وحده، وقد نصحنا بعض الإخوان بالصلاة فيه، ولكن دون فائدة، هل يستمر زوجي في الصلاة فيه وحده؟ أم ماذا علينا؟ وهل يجب أن يصلي في المنزل بمفرده (1) ج: هذا الذي عمله زوج السائلة عمل طيب، وهو مشكور عليه، ونوصيه بالاستمرار بأن يذهب إلى المسجد ويؤذن؛ لعل الله يأتي بمن يصلي معه من المارة، أو من السكان، فإن لم يأت أحد صلى لوحده والحمد لله، نوصيه بأن يستمر وألا يصلي في البيت؛ لأن المساجد عمرت لهذا، وعلى المؤمن أن يذهب إلى المسجد، فإن وجد أحدا وإلا صلى وحده والحمد لله، لا يجوز الصلاة في البيت والمساجد موجودة،   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (408). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 432 وكونه قد لا يصلي معه أحد لا يضره ذلك، يكون له الأجر العظيم أن يؤذن، وله فضل الأذان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة (1)» فضل عظيم، ثم هو بهذا يدعو الناس إلى إقامة صلاة الجماعة، يكون له مثل أجورهم؛ لأنه دعاهم إلى الخير، فيكون له مثل أجور من صلى معه، «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2)» فنوصي زوجك بالاستمرار والعمل الطيب، والذهاب إلى المسجد، وأن هذا هو الواجب عليه، وإن تخلف عنه الجيران أو غيرهم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم (609). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 433 263 – بيان شروط من يؤم جماعة المصلين س: السائل: م. أ. يقول: يوجد بجوار بيتنا مسجد بلا إمام معين، ويؤم الصلاة أي واحد من المصلين إذا كان موجودا، إلا أن الأغلبية العظمى منهم لا يجيدون القراءة الصحيحة للقرآن، وطلبوا مني الإمامة، لكنني رفضت مع أنني طالب علم لعدم تواجدي بصفة مستمرة، هل علي إثم في ذلك (1)   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (367). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 433 ج: إذا كنت أقرأهم فالمشروع لك أن تجيب؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا (1)». . احتسب وقت حضورك وتقدم، وإذا غبت فأنت معذور، وانصح لهم فيما ترى أنه أولى أن يتقدم، تجتهد في أن يتقدم للإمامة من هو من أهل السنة والجماعة، وإذا كنت حاضرا فتقدم وأحسن وأبشر بالخير.   (1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 434 264 – حكم اتخاذ مصلى آخر بخلاف مسجد القرية س: السائل من السودان يقول: إذا كان الناس بقرية يغلب عليهم الجهل بالدين هل يجوز أن يتخذوا مصلى آخر خلاف مسجد القرية؟ وإذا كانت مداومة الصلاة فيه تؤدي إلى الفتنة عند مناصحتهم ما حكم ذلك (1) ج: الواجب على أهل القرية أن يصلوا جميعا في مسجد واحد، وأن يتعاونوا على البر والتقوى؛ لأن صلاتهم في المسجد تعينهم على الخير والتعارف والتواصي بالحق والنصيحة، والذي يريد نصيحتهم يتيسر له   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (396). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 434 أن ينصحهم جميعا، أما إذا كانت القرية كبيرة، تباعدت أطرافها وجعلوا مسجدين للتباعد فلا بأس، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (1). إذا كان في ذلك مشقة يجعل في جانبها مسجد والآخر مسجد، أو في شرقها مسجد وغربها مسجد، إذا كانت متباعدة يشق عليهم الاجتماع في مسجد واحد فلا حرج، والواجب عليهم التعاون على البر والتقوى والتواصي والتناصح، والحذر من أسباب الشحناء والله المستعان.   (1) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 435 265 – حكم الصلاة مع جماعة يجمعون الظهر والعصر بدون عذر س: الأخ: م. إ. ف. م، من السودان، ومقيم في المملكة، يقول: هناك مكان نعمل فيه، ويوجد به عدد من الناس يقيمون صلاة الجماعة، لكني لا أكون معهم للأسباب الآتية: أولا: أنهم يجمعون صلاة الظهر والعصر دائما فهل تصح الصلاة معهم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس للمسلم أن يجمع بين الصلاتين في الحضر من دون علة؛ كالمرض أو الاستحاضة للمرأة، بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (165). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 435 في وقتها، ولا يجوز الجمع بين الصلاتين من دون علة شرعية، وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في المدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا، يعني: الظهر والعصر والمغرب والعشاء هذا عند أهل العلم لعلة، قال بعضهم: إنه كان هناك وباء؛ مرض فشق على المسلمين، وجمع بينهم عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام، لم يحفظ أنه فعل إلا مرة واحدة، لم يحفظ أنه كان يفعل هذا في أوقات متعددة أو دائما، إنما جاء هذا مرة واحدة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام. وقال آخرون: إن الجمع صوري، وليس بحقيقي، وإنما صلى الظهر في وقتها في آخره، والعصر في أوله، والمغرب في آخره، والعشاء في أوله. وهذا رواه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء (1)» فسمي جمعا، والحقيقة أنه صلى كل صلاة في وقتها، وهذا جمع منصوص في الرواية من الصحيح عن ابن عباس، فيتعين القول به، وأنه جمع صوري، فلا ينبغي لأحد أن يحتج بذلك على الجمع بغير عذر.   (1) أخرجه النسائي في كتاب المواقيت باب الوقت الذي يجمع فيه المقيم، برقم (589). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 436 أما أنت أيها السائل فلك أن تصلي معهم الظهر والمغرب في وقتها، أما العشاء فلا تجمعها مع المغرب، ولا تصل معهم العصر ولا العشاء، هذا إذا كانوا من أهل السنة، أما إن كانوا من غير أهل السنة فلا تصل معهم حتى تعلم أنهم ليسوا يتعاطون شيئا من الشرك، كالذي يدعو البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس هذا يعتبر من الشرك الأكبر: يا سيدي المدد المدد!! اشف مريضي!! انصرني، أغثني. هذا من الشرك الأكبر، فهؤلاء لا يصلى خلفهم، ولا يصلى معهم، بل ينصحون ويوجهون ويعلمون، فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يتحرى في صلاته، وألا يصلي خلف من يظن به الشرك أو البدعة المكفرة، وأن يتحرى الأئمة الطيبين المعروفين بالاستقامة، والسير على مذهب أهل السنة والجماعة من أهل التوحيد والإيمان؛ حتى يحتاط لدينه ويحتاط لصلاته، ولا يصلي خلف القبوريين الذين يعرفون بالغلو في القبور ودعاء أهلها، كالذين يغلون في البدوي أو غير البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس، ويطلبونهم المدد، يطلبون منهم الغوث، هذا كفر أكبر لا يصلى خلف صاحبه نسأل الله السلامة، لكن يدعى إلى الله، ويعلم وينصح ويوجه إلى الخير؛ لأن: «الدين النصيحة» (1) والله يقول سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2).   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55). (2) سورة النحل الآية 125 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 437 ويقول سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1). ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2)» ويقول عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (3)» هؤلاء يدعون إلى الله، ويعلمون ولا يصلى خلفهم؛ حتى يتوبوا إلى الله من الشرك، وحتى يدعوا ما عندهم من البدع المكفرة، نسأل الله للجميع الهداية.   (1) سورة فصلت الآية 33 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893). (3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام. . . برقم (2942)، ومسلم كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (2406). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 438 266 – حكم الصلاة في مسجد يوجد فيه بدع وأمور محدثة س: يقول السائل: يوجد بالقرب من بيتنا مسجد، وأنا مواظب - والحمد لله - على الصلاة وصلاة الجماعة، ولكن هذا المسجد الجزء: 11 ¦ الصفحة: 438 يوجد فيه الكثير من البدع والأمور المحدثة، فما حكم صلاتي فيه؟ هل أتجنبه، أم أصلي في بيتي؟ وكذلك صلاة الجمعة هل تجوز معهم، أم أبحث عن مسجد آخر بعيدا جدا عن منزلي؟ وجهوني لذلك (1) ج: نعم، عليك أن تصلي معهم، وتنكر حسب طاقتك، تنكر البدع حسب طاقتك، إذا كانت البدعة غير مكفرة فعليك أن تنكر حسب طاقتك، وتنصح الناس، وتصلي معهم الجمعة والجماعة والحمد لله، فإن أجابوا فهذا هو الواجب، وإن لم يجيبوا فلك أن تنتقل إلى مسجد آخر ليست فيه بدعة، لكن صلاتك مع هؤلاء فيها مصالح بالإنكار عليهم، ودعوتهم إلى الخير، وإنكار البدعة عليهم على الإمام والمأمومين، على الذي يفعل البدعة بالأسلوب الحسن، بالأسلوب الذي يرجى فيه القبول، فإن لم يستجيبوا وأمكنك الانتقال إلى مسجد آخر فهذا حسن.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (367). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 439 267 - حكم الصلاة في مسجد قد نبشت القبور التي فيه س: لقد سمعت من بعض الأشخاص أن الصلاة في مسجد العباس الموجود في مدينة الطائف لا تجوز؛ بحكم أن تحته قبور وأمامه الجزء: 11 ¦ الصفحة: 439 قبور، فهل هذا صحيح أم لا؟ أفتونا في ذلك (1) ج: ليس هذا بصحيح؛ لأن مسجد العباس قد نبشت القبور التي فيه، وهيئ للصلاة، وقام بهذا ولاة الأمور، وأمرهم عليه العلماء، فلا حرج في ذلك، فالصلاة فيه لا حرج فيها والحمد لله.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (67). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 440 268 - حكم الصلاة في مسجد بني من مال حرام س: الأخ: س. ع. ف. ش، من الرياض، يسأل ويقول: ما حكم الصلاة في مسجد بناه رجل بمال أكثره من الحرام؟ هل يشمله حكم الصلاة في الأرض المغصوبة؟ فإن لم يكن يشمله فلماذا؟ نرجو أن تتفضلوا بمعالجة هذه القضية، جزاكم الله خيرا (1) ج: المساجد التي تبنى بمال حرام، أو بمال فيه حرام لا بأس بالصلاة فيها، ولا يكون حكمها حكم الأرض المغصوبة؛ لأن الأموال التي فيها حرام، أو كلها من حرام تصرف في المصاريف الشرعية، ولا تترك ولا تحرق، بل يجب أن تصرف في المصاريف الشرعية؛ كالصدقة على الفقراء وبناء المساجد وبناء دورات المياه، ومساعدة المجاهدين وبناء القناطر وغير هذا من مصالح المسلمين، ولا يكون لها حكم   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (235). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 440 الغصب؛ لأن الغصب مأخوذ بالقوة والظلم، أما هؤلاء دخلت عليهم الأموال من طرق غير شرعية، فالواجب عليهم صرفها في وجوه شرعية مع التوبة إلى الله من ذلك سبحانه وتعالى، والمال الذي صرف في هذه الجهات الشرعية يكون قد سلم صاحبه من أذاه مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ويكون نفع به المسلمين بدلا من إتلافه وإحراقه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 441 269 – الصفات الواجب توفرها في الإمام س: سماحة الشيخ، إني أحبك في الله، وأسأل الله أن يحشرني وإياك ومن أحب في جنات النعيم. سماحة الشيخ، ما الصفات التي يجب أن تتوفر فيمن أراد أن يصير إماما في مسجد يؤم المصلين (1) ج: أولا: أحبك الله الذي أحببتنا له، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في (2)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (3)» أما الصفات التي ينبغي أن تكون في الإمام فقد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (323). (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه برقم (21525). (3) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الحب في الله برقم (2566). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 441 بقوله: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا (1)» وفي رواية: «أقدمهم إسلاما (2)» فعليك يا أخي أن تجتهد في إتقانك للقرآن والعناية به، وحفظ ما تيسر منه، والتفقه في الدين، والتعلم حتى تعرف أحكام صلاتك، وأحكام سجود السهو، ونحو ذلك مما يعرض للإمام مع تقوى الله، والاستقامة على دينه والحذر من معصيته سبحانه وتعالى، فإذا اجتهدت في ذلك فأنت صالح للإمامة، وأهم شيء للإمامة التفقه في الدين والعناية بالقرآن الكريم، وحفظ ما تيسر منه مع الاستقامة على طاعة الله، والحذر من معاصيه سبحانه وتعالى.   (1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 442 270 - حكم صلاة الإمام إذا جهر في الصلاة السرية س: إمام صلى بنا صلاة سرية، ولكنه قد جهر فيها، فما هو توجيهكم (1) ج: لا شيء عليه، بل يسجد للسهو، ولكن لا يلزمه شيء؛ لأن الجهر والإسرار سنتان، ولو جهر بالسر، أو أسر بالجهر فلا شيء عليه والحمد لله.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (323). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 442 271 – حكم وضع شروط لا أصل لها من الشرع لإمامة المسجد س: بعض القرى عندنا تشترط شروطا غاية في الغرابة في الإمامة؛ إذ في هذه القرى لا بد من معرفة أصل الإمام، وأنه من سكان القرية الأصليين؛ بصرف النظر عن حفظه للقرآن وأهليته للإمامة، فهل هذان الشرطان لازمان للإمامة، أم إنهما بدعة؟ نرجو النصح والتوجيه جزاكم الله خيرا (1) ج: هذان الشرطان لا أصل لهما، المهم أن يكون معروفا بعدالته واستقامته وإجادته للقراءة، أما كونه من أهل البلد، أو من غير أهل البلد ليس بلازم، ولو كان غريبا إذا عرف صلاحه واستقامته فالحمد لله، المهم أن يكون صالحا للإمامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة (2)» الحديث. ويقول صلى الله عليه وسلم: «ليؤمكم قراؤكم (3)» فالإمام يكون من خيرة الناس، سواء كان من أهل البلد الذين هم مستوطنون في البلد، مولودون فيها، أو ممن ورد إليها ونزل بها واستقر فيها، وإن كان ليس من أهلها إذا كان صالحا للإمامة.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (212). (2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (590) وابن ماجه في كتاب الأذان والسنة فيه، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين برقم (726). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 443 272 – حكم الصلاة خلف إمام غير عربي س: أفيد سماحتكم بأننا في أحد الأعمال الواقعة في شرق مناطق أرامكو بالمنطقة الشرقية، ويوجد عندنا عدة مساجد، وأحدها مسجد جمعة، وأكثر من يؤدي الصلاة فيه جماعة من العجم؛ نظرا لقلة العرب، ولكن هؤلاء العجم يكتفون بالدعاء بعد الصلاة ولا يسبحون، ومع ذلك يسلمون مع الإمام مباشرة، وهل يجوز لنا نحن العرب أن نصلي معهم، وأكثر الأئمة منهم وخاصة إمام مسجد الجمعة، ولم يوجد إمام عربي يقوم بأداء الصلاة وخاصة الجمعة؟ أرجو إفادتنا، جزاكم الله عنا خير الجزاء (1) ج: ليس شرط الإمامة أن يكون الإمام عربيا، المهم أن يكون الإمام سليم العقيدة موحدا صاحب عقيدة طيبة، فإذا كان الإمام صاحب عقيدة طيبة، سواء كان عربيا أو عجميا لكن ينطق بالعربية، إذا كان صاحب عقيدة حسنة فإنه يجعل إماما ويقتدى به، وإذا صليت مع قوم إمامهم الذي يصلي بهم، وأنت لا تعرف حاله فصل معهم، ولا تترك الصلاة، صل معهم الجمعة والجماعة؛ لأن المسلمين شيء واحد، والواجب أن تقام هذه الشعائر، وأن يؤيد من قام بها، وإذا ظهر لك بعد   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (12). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 444 ذلك أنه لا يحسن أن يكون إماما فينبغي لك أن تسعى في إبداله بغيره من أهل العقيدة الطيبة، وأن تتشاور مع أعيان المسجد، ومع أعيان الجماعة حتى يوجد من هو خير منه وأفضل منه في العقيدة والعلم، وتلتمس من توافرت فيه الشروط؛ شروط الإمامة من أي جنس كان من المسلمين فإنه يكون إماما، ويصلى خلفه، وأما ما ذكرت من جهة أنهم لا يذكرون الله، بل يدعون بعد السلام هذا خلاف السنة، السنة بعد السلام أن يقول: أستغفر الله. ثلاث مرات، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يقوله الإمام والمنفرد والمأموم بعد صلاة الفريضة، ثم ينصرف الإمام للمأمومين بعد ما يقول هذا، وهو مستقبل القبلة بعد هذا ينصرف إلى المأمومين، ويستقبلهم كما جاء في حديث عائشة عند مسلم، وجاء معنى ذلك في حديث ثوبان «أن النبي عليه السلام كان إذا سلم استغفر ثلاثا، وقال: " اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (1)» رواه مسلم في الصحيح. وذكرت عائشة رضي الله عنها «أن النبي كان يمكث مستقبل القبلة قدر ما يقول: " اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 445 الجلال والإكرام " ثم ينصرف إلى الناس (1)» رواه مسلم أيضا. ثم بعد ذلك يشتغل بذكر الله، فقد كان النبي يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (2)» «اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (3)» وإن دعا بعد ذلك فلا بأس بينه وبين نفسه، والأفضل أن يقول بعد هذا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، هكذا جاءت السنة، ويختم المائة بقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير (4)» كل هذا صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، من قوله وتوجيهه عليه الصلاة والسلام، وكذلك جاء عنه صلى الله عليه وسلم شرعية أن يقول: «سبحان   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (592). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (594). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته رقم (597). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 446 الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمسا وعشرين مرة (1)» فالذكر بعد الصلاة أنواع منها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. خمسا وعشرين مرة، الجميع مائة. ومنها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة فقط، ولا يزيد عليها، تصير تسعا وتسعين، كما علمها النبي فقراء المهاجرين. ومنها أن يقول: سبحان الله، والحمد لله. ستا وستين، والله أكبر. أربعا وثلاثين، الجميع مائة، ومنها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة تصير تسعا وتسعين، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. كل هذا جاء في الحديث الصحيح. فينبغي للمؤمن أن يستعمل ذلك، وأن يلازم ذلك، وإذا أتى بهذا تارة وهذا تارة كله حسن. وأما كونه يسلم مع الإمام فالأفضل خلافه، السنة أن يكون بعد الإمام، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه برقم (21090) والترمذي في كتاب، الدعوات، باب منه برقم (3413) والنسائي في كتاب السهو باب نوع آخر من عدد التسبيح برقم (1351). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 447 بالانصراف (1)» فالسنة أن يسلم الإمام أولا، ثم يتبعه المأموم، إذا سلم الإمام سلم المأموم بعد التسليمتين، يسلم الإمام تسليمتين أولا، ثم يتبعه المأموم فيسلم، وإن سلم بعد الأولى سلم الأولى بعد الأولى، وسلم الثانية بعد الثانية فلا حرج، لكن الأفضل أن يقف، وألا يسلم حتى يفرغ الإمام من التسليمتين، فإذا فرغ الإمام من التسليمتين سلم المأموم، هذا هو الأفضل، وهذا هو الموافق لظاهر السنة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (426). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 448 273 - بيان معنى حديث (أفتان أنت يا معاذ) س: سائل يقول: ذكر ابن القيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر على معاذ لقراءته سورة البقرة، فقال: «يا معاذ أفتان أنت؟ (1)» فتعلق الناقرون بهذه الكلمة، ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها. ما المقصود بقوله: ما قبلها وما بعدها؟ ومن هم الناقرون؟ جزاكم الله خيرا (2) ج: النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الأئمة إلى أن يرفقوا بالناس،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (705)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465). (2) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (363). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 448 فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف المريض (1)» فالواجب على الإمام أن ينظر في الأمر، وألا يشق على الناس، وقدوتنا الرسول، وأن يأخذوا القدوة من الرسول - عليه الصلاة والسلام - في أفعاله كلها؛ لقوله سبحانه وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2). فالنبي عليه الصلاة والسلام يصلي صلاة وسطا ليس فيها إطالة تشق على الناس، فالواجب على الأئمة أن يتأسوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يقتدوا به في الصلوات الخمس كلها؛ حتى لا ينفروا الناس، وحتى لا يشجعوهم على ترك الصلاة جماعة، فإذا صلى صلاة وسطا ليس فيها مشقة على الناس سمع الناس، وصلوا جماعة ورغبوا في الصلاة، وتواصوا بأدائها في المساجد؛ ولهذا قال عليه والسلام: «يا أيها الناس، إن منكم منفرين - يعني: منفرين في صلاة الجماعة - فمن أم الناس فليخفف (3)» ولهذا قال لمعاذ: «أفتان يا معاذ؟ (4)». فقال بعدها: «هلا قرأت " و: و:   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذ صلى لنفسه فليطول ما شاء، برقم (703) ومسلم في كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام برقم (467) واللفظ له. (2) سورة الأحزاب الآية 21 (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (704). (4) صحيح البخاري كتاب الأذان (705)، صحيح مسلم الصلاة (465)، سنن النسائي الإمامة (835)، سنن أبو داود الصلاة (790)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (986)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 308)، سنن الدارمي الصلاة (1296). (5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465). (6) سورة الأعلى الآية 1 (5) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (7) سورة الليل الآية 1 (6) {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} الجزء: 11 ¦ الصفحة: 449 و (2)» هذا من بعده، اللهم صل عليه وسلم، قبلها: «أيكم أم الناس فليخفف (3)». ثم أردف: «هلا قرأت " و:،. (8)» يعني: في أوسط الأمور، فقد كان عليه الصلاة والسلام يقرأ بها في العشاء والظهر والعصر، أما في الفجر فكان يقرأ أكثر من ذلك؛ فيقرأ في الفجر بـ: {وَالطُّورِ} (9) {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} (10) و: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} (11) و: {الْوَاقِعَةُ} (12) وما أشبهها عليه الصلاة والسلام، فالفجر يطول فيها بعض الطول، وفي الظهر والعصر والمغرب والعشاء يقرأ بأوسط السور، والمغرب في بعض الأحيان بالقصار ويطول فيها بعض الأحيان، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لكن الأغلب القصار.   (1) سورة الشمس الآية 1 (7) {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (2) سورة العلق الآية 1 (1) {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (3) صحيح البخاري الأذان (703)، صحيح مسلم الصلاة (467)، سنن الترمذي الصلاة (236)، سنن النسائي الإمامة (823)، سنن أبي داود الصلاة (795)، مسند أحمد (2/ 537)، موطأ مالك النداء للصلاة (303). (4) صحيح البخاري الأذان (705)، صحيح مسلم الصلاة (465)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (836). (5) سورة الأعلى الآية 1 (4) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (6) سورة الانشقاق الآية 1 (5) {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} (7) سورة الشمس الآية 1 (6) {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (8) سورة الشمس الآية 2 (7) {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} (9) سورة الطور الآية 1 (10) سورة الطور الآية 2 (11) سورة القمر الآية 1 (12) سورة الواقعة الآية 1 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 450 274 - بيان كيفية التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة س: يسأل أخونا عن عبارات ابن القيم عليه رحمة الله، فيقول: قال ابن القيم: التخفيف أمر نسبي يرجع فيه إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لا إلى شهوات المأمومين. ما المقصود بالأمر النسبي؟ وما المقصود بشهوات المأمومين (1)   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (363). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 450 ج: ما تقدم إذا تأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في التخفيف، فيقرأ كما كان يقرأ النبي، ويركع كما ركع، ويسجد كما سجد، يكون متوسطا لا مطيلا ولا ناقرا، بين النقر وبين الإطالة التي تشق على الناس، هذا هو التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولا يتأس بالنقارين الذين يسرعون في الصلاة؛ حتى لا يتمكن الناس من أداء المشروع، ولا يتأس بالمطولين المنفرين، ولكن بين ذلك، والأسوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» وقال الرب جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2). والتأسي بالنبي هذا هو التوسط.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (2) سورة الأحزاب الآية 21 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 451 275 – توجيه بشأن إطالة الإمام للصلاة س: سائل يقول: حصل خلاف بيني وبين صديق لي في العمل، صلى ذات مرة خلفي ويقول: إنك أطلت الصلاة. علما بأن صحته جيدة، ولا يشكو من أي شيء، فما هو توجيهكم لي ولأمثالي؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: عليك أن تراعي المأمومين، السنة للمؤمن إذا كان إماما أن يراعي المأمومين؛ حتى لا يشق عليهم، فيصلي صلاة متوسطة ليس فيها طول   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (263). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 451 يشق على الناس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض (1)» فالمشروع للإمام أن يراعي المأمومين؛ لأنه يكون فيهم المريض وكبير السن وصاحب الحاجة، فلا يعجل فيخل بالصلاة، ولا يطول فيشق عليهم، ولكن بين ذلك صلاة معتدلة، يقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الأولى والثانية، ويقرأ في الأخيرتين الفاتحة، ويطمئن في الركوع والسجود، وبين السجدتين أيضا ويطمئن ولا يعجل، وهكذا عند قيامه في الركوع والوقوف وبعد الركوع، لا يعجل يطمئن ويعتدل هكذا، لكن لا يطيل إطالة تشق على الناس.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (704). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 452 276 - حكم إطالة الصلاة على المأمومين س: ما حكم الإسلام في الإمام الذي يطيل في الصلاة زيادة عن اللازم؟ نصحناه إلا أنه رفض النصح، وعندما نشير إلى إطالته يقول: بإمكانكم الصلاة في مساجد أخرى (1) ج: هذا ينصح، يبين له ما جاءت به السنة، يعطى كتاب الصلاة لابن القيم، كذلك ما يوجد في الكتب التي تبين صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لعله يقنع إن شاء الله، المقصود أنه ينصح ويوجه من أهل   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (356). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 452 العلم، من الأخيار الذين يقدرهم ويعرف فضلهم وعلمهم، يشار عليهم أن ينصحوه إذا كان يطيل وينفر الناس، أما النصيحة من العامة ما تفيده، لكن يشار على أهل العلم، ويطلب منهم أن ينصحوه إذا كان عمله منفرا وفيه طول كثير؛ حتى يستفيد إن شاء الله من إخوانه. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 453 277 - حكم الصلاة خلف الصبي المميز س: السائل: ع. م. من الجبيل: في الفقه المالكي، وفي كتاب فتح الباري على صحيح البخاري: لا تجوز صلاة الصبي إلا لمثله في الإمامة، وكذلك لا تجوز الصلاة خلف متنفل أو مسبوق. فما هو الحكم في ذلك؟ وما هو توجيهكم حيال ما ورد (1) ج: لقد صحت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ بأن الصبيان مأمورون بالصلاة إذا بلغوا سبعا، ويضربون عليها إذا بلغوا عشرا. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى بالناس عليه الصلاة والسلام صلاة الخوف ركعتين فرضه وفرض الجميع فرض من خلفه، وصلى بطائفة أخرى ركعتين نافلة له، وهي لهم فريضة، فدل ذلك على أنه لا حرج أن يصلي المفترض خلف المتنفل. وثبت عن معاذ رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (325). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 453 فرضه، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فهي له نافلة، ولهم فرض. وفي صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه أنه كان يؤم جماعته وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا (1)» وكان عمرو أكثرهم قرآنا، فكان يصلي بهم، فدل ذلك أنه لا حرج أن يؤم الصبي الكبار إذا كان ابن سبع سنين فأكثر، وكان يعقل الصلاة، وكان أكثرهم حفظا للقرآن؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما (2)» وفي لفظ: " فأكبرهم سنا " (3) وفي حديث عمرو بن سلمة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا (4)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302). (2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (3) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (4) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 454 فالمقصود أن الصبي إذا كان أكثر من غيره قرآنا، وكان يعقل الصلاة، ويؤديها كما ينبغي فلا حرج أن يؤم الكبار؛ لما جاء في هذا الحديث الصحيح في قصة عمرو بن سلمة، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1)» الحديث.   (1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 455 س: يقول السائل: هل تجوز إمامة الصبي الذي عمره ثلاث عشرة سنة؟ وهل يجوز أن يخطب يوم الجمعة (1) ج: لا حرج في إمامة الصبي إذا كان جيد القراءة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2)» وهذا يعم الصبي ويعم غيره. وقد ثبت في الصحيح من حديث عمرو بن سلمة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا (3)» قال: فقدموني وأنا ابن سبع سنين؛ لأني كنت أكثرهم قرآنا. هذا من الأدلة أنه إذا كان الصبي يقرأ القرآن ويجيد القراءة فإنه يقدم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (4)» إذا   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (288). (2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302). (4) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 455 كان يعقل الصلاة من سبع فما فوق. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 456 س: إذا دخلت المسجد وقد فاتتني الصلاة، ووجدت أولادا صغارا يصلون في جماعة، وإمامهم عمره عشر سنوات تقريبا، هل أصلي معهم (1) ج: نعم صل معهم، يجوز أن يكون الإمام ابن عشر سنين أو أقل أو أكثر، فقد ثبت أن عمرو بن سلمة الصحابي الجليل صلى بأصحابه وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا، فلا بأس أن يكون الإمام دون البلوغ كابن عشر، وابن ثمان وابن إحدى عشرة ونحو ذلك، وليس من شرط الإمامة التكليف، المهم أن يكون يحسن الصلاة ويحسن القراءة، فإذا وجدت إماما دون التكليف يصلي بالناس صل معهم، ولا تقل: هذا صغير. فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه؛ أنه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا (2)» قال: فنظروا - نظر قومه - فلم يجدوا أحدا أكثر مني قرآنا، فقدموني وأنا ابن ست أو سبع سنين. والرواية تحمل على أنه كان ابن سبع؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر (3)» فأقل   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (106). (2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 456 شيء يكون فيه الإمام ويؤمر به في الصلاة بوضوء هو السبع، وهذا الحديث حجة في ذلك. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 457 س: يسأل ويقول: أنا تلميذ في الصف الثالث الإعدادي، وأبلغ من العمر الخامسة عشرة، وأحيانا أصلي بوالدي وبعض الأصدقاء إماما، فهل في هذا شيء؟ علما بأنهم غير متعلمين ولا يعرفون القراءة (1) ج: لا حرج في ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2)» فإذا صليت بهم النافلة أو بالليل أو الفجر، إذا فاتتك مع المسجد فلا حرج أن تؤمهم، كان عمرو بن سلمة يؤم جماعته وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أقرأهم، فالمقصود أنك إذا كنت أقرأهم فأنت أولى بالإمامة، لكن ليس لك أن تصلي في البيت، بل يجب أن تصلي مع المسلمين في المسجد، وعلى أبيك وعلى أهل البيت من الرجال يجب عليهم أن يصلوا في المساجد، لكن صلاة النافلة وصلاة الليل وصلاة الضحى إذا صليت بهم أحيانا، وإذا قدر أن الصلاة فاتتك في المسجد وصليت بهم فلا بأس.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (443). (2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 457 س: هل يجوز لي أن أصلي بالناس ووالدي موجود (1)؟   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (364). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 457 ج: نعم إذا كنت أقرأهم تصلي بالناس، ولو كان أبوك موجودا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (1)» يعنى: إسلاما. وفي اللفظ الآخر: «فأكبرهم سنا (2)» فإذا كنت أعلم من أبيك فأنت تؤمهم.   (1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 458 278 - حكم اشتراط الزواج لمن يؤم المصلين س: هل يجوز أن أصلي أنا وأخي جماعة؟ علما بأنه غير متزوج؛ إذ إنه في بلدنا يقولون: يجب أن يكون الإمام متزوجا، فهل هذا صحيح (1)؟ ج: لا أصل لهذا الشرط، فيجوز أن يكون الإمام متزوجا أو غير متزوج، ولا حرج في ذلك، هذا قول باطل، الإمام ليس من شرطه أن يكون متزوجا، وإذا صليت مع أخيك صلي خلفه لا تصفي معه، المرأة لا تصف مع الرجال، إذا صليت معه في الليل مثلا في تهجد الليل تقفين خلفه، وهو لا يصلي في البيت الفرائض، بل يلزمه أن يصلي مع الناس في الفريضة ولا يصلي في البيت، وإذا صلى في البيت بأن فاتته الصلاة؛ بنوم أو نحوه أو صلاة النافلة بالليل، وصليت معه فلا بأس،   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (328). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 458 لكن لا تقفي عن يمينه ولكن خلفه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر النساء أن يكن خلف الرجال، وصلت معه أم سليم مع ابنها أنس، فصف أنس معه صلى الله عليه وسلم وصفت خلفهم. وفي الحديث الآخر: صف أنس واليتيم خلف النبي، وهي من ورائهم. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 459 279 - حكم الجهر بالبسملة س: لدينا بعض الأئمة يجهرون في صلاة الفرض بالبسملة، فما حكم ذلك؟ وهل هو مكروه؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجهر بها كما يقال، ولم ينبه عنها، وهل يأثم من اقتدى بالإمام؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الجهر بالبسملة خلاف السنة، السنة أن يسر بالبسملة، هذا هو المحفوظ عن النبي عليه الصلاة والسلام، كما رواه أنس وغيره عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن إذا جهر بها بعض الأحيان للتعليم والفائدة؛ حتى يعلم الناس أنها تقرأ فلا حرج في ذلك، أما استمراره عليها ومداومته على الجهر فهو خلاف السنة، وأقل أحواله الكراهة، فينبغي أن ينصح من فعل ذلك ويوجه إلى الخير.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (67). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 459 280 - حكم الصلاة خلف من يجهر بالبسملة س: ما حكم الصلاة وراء من يبسمل قبل الفاتحة عند الصلوات الجزء: 11 ¦ الصفحة: 459 الجهرية؟ هل تجوز الصلاة وراءه (1)؟ ج: لا بأس بذلك؛ لأن بعض أهل العلم يرى شرعية الجهر بها، فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل الإسرار بها، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر بها في الجهرية عليه الصلاة والسلام، وروي عن بعض الصحابة الجهر بها، فإذا جهر بها بعض الناس يصلى خلفه؛ لأنه قول معروف لبعض أهل العلم.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (185). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 460 281 - بيان كيفية الحذر من الوساوس في الصلاة س: الأخ: س. ع. م سوداني، يعمل في اليمن، يقول: هل يؤثر الوسواس في صلاة المؤتم (1) ج: المشروع للمؤمن سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا أن يعتني بصلاته، وأن يقبل عليها بقلبه وقالبه، وأن يخشع فيها، وأن يحذر الوساوس التي تشغله عنها، كما قال الله سبحانه بوصف لأهل الإيمان: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3). فالمؤمن يقبل على صلاته، وينظر إلى موضع سجوده، ويشتغل بها في أداء ما أوجب الله فيها وما شرع من القراءة والأذكار الشرعية في الركوع والسجود،   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (193). (2) سورة المؤمنون الآية 1 (3) سورة المؤمنون الآية 2 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 460 وفي حال الاعتدال، وفي حال الجلوس بين السجدتين، يعني: يشتغل فيها بما شرع الله، ويقبل عليها بقلبه، ويجمع قلبه عليها؛ حتى لا يشغل بغيرها. هكذا ينبغي للمؤمن والمؤمنة الإقبال على الصلاة والعناية بها وإحضار القلب فيها، والخشوع فيها والسكون وعدم العبث، وأن يعنى بجميع ما شرع الله فيها، وأن يستحضر أنه بين يدي الله، وأن الله جل وعلا يشاهده، وأنه بين يدي ربه سبحانه وتعالى، فليستحضر ذلك، وأنه كأنه يشاهد الله، كما في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (1)» فالمؤمن يستحضر كأنه يشاهد الله؛ حتى يجمع قلبه على الصلاة، وحتى يخشع، فيها فإن لم يتم له ذلك فليعلم أن الله يشاهده، وأن الله يراه وأن الله يقبل على عبده المصلي ما دام المصلي يقبل عليه سبحانه؛ حتى لا يشغل عنها بالوساوس، لكن لو عرض له وسواس ما يضر صلاته ما يبطلها، لكن ينقص أجرها، كلما زادت الوسوسة نقص الأجر.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي عليه السلام، برقم (50) ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (9). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 461 282 - بيان كيفية الخشوع في الصلاة س: ما هو السبيل في عدم الشعور بالصلاة والخشوع فيها، حيث إنني أكون إماما لأهل الحي في الصلوات الخمس ولله الحمد، ولكن كل الجزء: 11 ¦ الصفحة: 461 محاولاتي لحفظ القرآن وتجويد القراءة أثناء الصلاة أشعر بأنني أرائي الناس فيها، خاصة الصلوات الجهرية، حيث إنني أحسن من الصوت وإطالة القراءة؛ حتى يخيل إلي أني أفعل ذلك من أجل إشعار الناس بأنني أهل للإمامة، ما حكم ذلك؟ ثم إذا كان هذا دأبي فهل تصح صلاتي؟ وهل بإمكاني التخلي عن إمامة الناس في الصلاة؟ مع أنني أكثر من التعوذ من الرياء في السجود، وأدعو الله كثيرا في سجودي أن يجعل عملي وصلاتي خالصة لوجه الله تعالى، ماذا تنصحونني سماحة الشيخ؟ جزاكم الله خيرا وبارك فيكم (1) ج: عليك يا أخي أن تستمر في عملك هذا من سؤال الله التوفيق والإخلاص، والحرص بالتعوذ بالله من الرياء، وأبشر بالخير، ودع عنك الوساوس التي يمليها الشيطان بأنك تقصد الرياء وتحسين صوتك لأجل مدح الناس، أو ليقولوا: إنك أهل للإمامة. دع عنك هذه الوساوس وأبشر بالخير، وأنت مأمور بتحسين الصوت في القراءة؛ حتى ينتفع بك المأمومون، ولا عليك شيء مما يخطر من هذه الوساوس، بل حاربها بالتعوذ بالله من الشيطان، وسؤال الله التوفيق والهداية والإعانة على الخير، وأنت على خير عظيم، واستمر   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (163). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 462 في الإمامة، وأحسن إلى إخوانك واجتهد في تحسين الصوت، فقد جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به (1)» يعني: يحسن صوته بالقراءة؛ لأن تحسين الصوت بالقراءة من أعظم الأسباب للتدبر والتعقل والفهم للمعنى، والتلذذ بسماع القرآن. وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به (2)» يعني: ما استمع سبحانه لشيء كاستماعه لنبي، والاستماع الذي يليق بالله لا يشابه صفة المخلوقين، فإن صفات الله عز وجل تليق به سبحانه، لا يشابهه فيها خلقه جل وعلا، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3)، ولكن يدلنا هذا على أنه سبحانه وتعالى يحب تحسين الصوت بالقراءة، ويحب أن القراء يجتهدون في تحسين أصواتهم؛ حتى ينتفعوا وحتى ينتفع من يستمع لقراءتهم. وما يخطر ببالك من الرياء فهو من الشيطان، فلا تلتفت إلى ذلك، وحارب عدو الله   (1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) برقم (7527). (2) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع الكرام البررة ... ، برقم (7544) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن برقم (792). (3) سورة الشورى الآية 11 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 463 بالاستعاذة بالله منه والاستمرار في تحسين صوتك، والإحسان في قراءتك مع الخشوع في ركوعك وسجودك وسائر أحوال الصلاة، وأنت على خير إن شاء الله، ونسأل الله لك التوفيق والثبات على الحق. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 464 283 - حكم الصلاة خلف من لا يحسن قراءة القرآن س: ما حكم الصلاة خلف من لا يحسن قراءة القرآن، ويلحن في سورة الفاتحة (1) ج: إن كان لحنه يحيل المعنى لم تصح الصلاة خلفه إلا بمثله، يعني: يحيل المعنى أمي، أما إن كان لا يحيل المعنى مثل أن يقول: الحمد لله. ينصب الدال، أو: الحمد لله. يجر الدال، أو يقول: الرحمن الرحيم. أو: الرحمن الرحيم. هذا ما يضر، أو: إياك نعبد. أو: نعبد. على لغة بعض البادية ما يضر هذا. لكن إذا قال: إياك. هذا يضر، أو قال: أنعمت. أو: أنعمت. هذا يضر؛ لأنه يحيل المعنى، يعلم فإن لم ينفع التعليم لا يصلي خلفه إلا واحد مثله، ما فيه حيلة، يعجز عامي مثله أمي هذا يصح أن يصلي بمثله، أما أن يصلي بواحد يعرف فلا يجوز، وهو إن كان يستطيع الإصلاح ما يجوز، يلزمه أن يغير لسانه، يلزمه أن يتعلم، حرام عليه أن يتكلم بما يحيل المعنى، والغالب أن الإنسان ما يمكن أن   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (232)؟ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 464 يقول: إياك نعبد. أو: أنعمت. إلا غلطانا، ثم إذا نبه تنبه؛ لأن معناها واضح، ما يكلفه أن يقول: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (1). يخاطب ربه، أما كونه يقول: أنعمت. يخاطب المرأة. أو: أنعمت. يعني نفسه هذا لحن فاحش، كل إنسان يستطيع أن يغير لسانه ويتعلم. أو: إياك. يخاطب المرأة ما يصلح، كل إنسان يستطيع أن يغير لسانه، إذا علم يتعلم أما كونه لحنا لا يحيل المعنى، ولا يغير المعنى مثل ما يقرأ بعض الناس: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم , ما يضر، هذا لحن ما يخل بالمعنى.   (1) سورة الفاتحة الآية 7 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 465 284 - حكم الصلاة خلف الإمام الذي يلحن في قراءة الفاتحة س: مستمع يسأل عن حكم الصلاة خلف الإمام الذي يلحن في قراءة الفاتحة لحنا جليا، مثل أن يقرأ: {نَسْتَعِينُ} (1) بالضم، يقرؤها: نستعين. بالكسر أو الفتح، ومثل أن يقرأ {الْمَغْضُوبِ} (2) وهي بالكسر، فيقرؤها: المغضوب. بالفتح وهكذا، هل تبطل صلاته وصلاة من خلفه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (3) ج: هذا اللحن لا يغير المعنى، فالصلاة صحيحة، صلاته وصلاة من   (1) سورة الفاتحة الآية 5 (2) سورة الفاتحة الآية 7 (3) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (297). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 465 خلفه بمثل هذا اللحن من الإعراب لا يغير المعنى، وقل أن يسلم منه العامة وغير العامة، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب العالمين. أو قال: إياك نعبد وإياك نستعين. أو ما أشبه ذلك. أو غير المغضوب عليهم. كل هذا لا يضر ليس بمخل للمعنى، ولا يغير المعنى، الذي يغير المعنى لو قال: صراط الذين أنعمت عليهم. أو: أنعمت عليهم. هذا الذي يغير المعنى. أو قال: إياك نعبد وإياك نستعين. يعني الخطاب للمرأة، هذا يغير المعنى. أما الضم والفتح والكسر إذا كانت لا تغير المعنى مثل ما تقدم فإنه لا يبطل الصلاة، لكن يعلم ويوجه، يعلمه إخوانه ويرشدونه بعد الصلاة. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 466 285 - حكم الصلاة خلف الإمام الذي لا يجيد قراءة القرآن س: هل تصح الصلاة جماعة مع إمام راتب وهو لا يجيد القراءة، ومن المأمومين من يجيد القراءة أحسن منه (1) ج: لا مانع من أن يصلى معه وإن كان لا يجيد القراءة إجادة كاملة، إذا كان يؤدي قراءة مجزئة في الفاتحة وفي غير الفاتحة لا بأس، وإن كان غيره أجود منه، إذا كانت قراءته ليس فيها لحن من حيث المعنى فلا بأس أن يصلى معه. وإذا تيسر من هو خير منه، وتيسر أن يعين بدلا منه فهذا أحسن من دون تشويش، أما إذا كان بتشويش أو فتن فلا، أما إذا كان لا يجيد القراءة؛ كأن يلحن لحنا يحيل المعنى فهذا لا يجوز   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (176)؟ الجزء: 11 ¦ الصفحة: 466 تنصيبه، ولا الصلاة خلفه إلا بأجناسه وأمثاله من الأميين الذين لا يحسنون القراءة، بل يجب أن يعزل ويلتمس من يقوم مقامه، فالذي – مثلا - يقول {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1) أهدنا. من الإهداء هذا لحن يحيل المعنى، أو يقول إياك نعبد وإياك نستعين. أو يقول: أنعمت. أو: أنعمت. هذه كلها لحن من حيث المعنى، نسأل الله السلامة، فمثل هذا ما يترك إماما، ويعلم حتى يعرف كيف يقرأ، ولو كان مأموما يعلم حتى يعرف القراءة الشرعية، لكن لا يجوز أن يكون إماما في مثل هذا، بل يجب أن يفصل ويلتمس من يؤم الناس من هو أصلح منه.   (1) سورة الفاتحة الآية 6 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 467 س: سائل يسأل ويقول: نحن في قرية في مصر، وقريب من بيتنا مسجد صغير، لكن إمام المسجد لا يقرأ القرآن على الطريقة الصحيحة، كثيرا ما نبهناه إلى ذلك، ولكن لا فائدة، هل يجوز أن نصلي في منازلنا طالما أنه يخطئ في قراءة القرآن الكريم (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان اللحن لا يغير المعنى فالواجب عليكم أن تصلوا معه، تؤدوا الجماعة، أما إن كان يغير المعنى فالواجب تنبيهه حتى يستقيم، أو يعزل، يجتمع الجماعة على عزله والتماس من هو خير منه، فإذا كان لحنه في مثل: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (254). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 467 العالمين. ما يضر، المعنى صحيح، وله وجه من العربية. أو: الرحمن الرحيم. أو: الرحمن الرحيم. أو ما أشبه ذلك من اللحن الذي لا يغير المعنى فلا بأس، لا يضر هذا. أو قال: اهدنا الصراط المستقيم. أو: الصراط المستقيم. ما يغير المعنى، لكن لو غير المعنى وجب تنبيهه حتى يستقيم مثل: إياك. هذا يغير المعنى. أو: صراط الذين أنعمت عليهم. هذا للمتكلم، لا يصلح. أو: أنعمت. هذا خطاب للمرأة ما يصلح يغير المعنى، هذا يجب أن ينبه عليه حتى يغير الإمامة حتى يستقيم لسانه؛ لأن هذا لحن يغير المعنى، لا تستقيم معه القراءة، لا بد أن يعيد القراءة بالوجه الشرعي، فيعيد: {أَنْعَمْتَ} (1)، ويعيد {إِيَّاكَ} (2) بالفتح؛ حتى تستقيم القراءة، وإذا لم يستطع يبدل يعزل، وهكذا في الآيات الأخرى خارج الفاتحة يراعى فيها المعنى، فإن كان اللحن لا يغير المعنى فالأمر في هذا واسع، وغيره أفضل منه ممن يقيم الألفاظ، أما إذا كان يغير المعنى فإن الواجب عزله وإبداله بمن يصلح للإمامة، ولا يجوز لكم الجلوس في البيت والصلاة في البيت، بل يجب أن تصلوا في المسجد، وأن تعملوا ما يلزم من إصلاح وضعه أو إبداله بغيره.   (1) سورة الفاتحة الآية 7 (2) سورة الفاتحة الآية 5 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 468 286 - حكم الصلاة خلف من يقع في اللحن الجلي س: سائل يصف بعض الأئمة بقوله: يقع أكثرهم في اللحن الجلي؛ كإبدال حرف مكان حرف، أو حركة مكان حركة، أو ترك المد الطبيعي، أو المد الواجب، وعدم الإظهار في موضع الإظهار، وكذلك عدم الإدغام في موضعه. وقد قرأنا لأهل العلم أن من يقع في اللحن الجلي لا تنبغي الصلاة خلفه. أفتونا رحمكم الله، هل نصلي خلف هؤلاء، أم يكون ذلك عذرا يبيح لنا الصلاة في بيوتنا، حتى لو أديناها فرادى؟ وقد نصحنا لهم كثيرا، ولكن لا سامع منهم ولا مجيب (1) ج: اللحن قسمان أيها السائل، وأيها المستمع: لحن يحيل المعنى فهذا ينبه عليه الإمام حتى يعتدل في القراءة، مثل أن يقرأ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (2) أنعمت بضم التاء، أو أنعمت بكسر التاء، هذا غلط عظيم ينبه حتى يعدل القراءة. أو يقرأ: {إِيَّاكَ} (3) بكسر الكاف، يخاطب المرأة، يعدل ينبه حتى يعدل القراءة. أما اللحن الذي لا يحيل المعنى مثل: إظهار في محل إخفاء أو في محل إدغام، أو إدغام في محل إظهار هذا ما يضر، ما يحيل المعنى، ولا يستوجب التخلف عن الصلاة، بل هذا من باب تحسين القراءة،   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (248). (2) سورة الفاتحة الآية 7 (3) سورة الفاتحة الآية 5 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 469 كذلك المد المتصل والمد اللازم، إن مد فهو أكمل للقراءة، وإلا ما يضر ولا يخل بالمعنى، وينبغي لك أيها السائل ألا تتشدد في الأمور، وألا تغلو، فالتجويد في هذه المسائل من باب تحسين القراءة، وليس من باب الإلزام، ولكن من باب التحسين للقراءة، وتجويدها وتقويتها، وإذا قرأ قراءة عربية ليس فيها ما يغير المعنى فلا بأس، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين. ما يضر، رب العالمين له معنى في الإعراب، يعني: هو رب العالمين مقطوع. أو قرأ: (الحمد لله رب العالمين). له معنى في العربية، معناها: أعني رب العالمين. منصوب بتقدير فعل محذوف، وإن كانت القراءة المتبعة {رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) نعت لما قبلها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ} (2)، هذه هي القراءة المعلومة، والذي ينبغي للقارئ أن يلاحظها، لكن لو رفع أو نصب ما يضر، ما يخل بالمعنى، أو قال في قراءته: اهدنا الصراط المستقيم. أو: الصراط المستقيم. ما يضر بالمعنى. أو أظهر في محل الإدغام، أو أدغم في محل الإظهار، أو أظهر في محل الإخفاء لا يضر ذلك في المعنى، ولا يخل بالمعنى، فلا ينبغي للمؤمن أن يتشدد في هذه المسائل، بل يجتهد في توصية أخيه بأن يحسن القراءة، يجودها حتى تكون قراءة حسنة جيدة ماشية على الطرق المتبعة والقواعد المعمول بها.   (1) سورة الفاتحة الآية 2 (2) سورة الفاتحة الآية 2 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 470 287 - حكم الصلاة خلف إمام يقع في أخطاء كثيرة عند قراءته للقرآن س: الأخ: خ. ع. د. من الأحساء، يقول: أسأل عن حكم الصلاة خلف إمام عليه أخطاء كثيرة في قراءته لسورة الفاتحة، وسور أخرى من القرآن الكريم، مع أن هناك أناسا يحفظون أكثر منه. وجهونا في ضوء ذلك (1) ج: الأفضل أن يتقدم بالناس أقرؤهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2)» يعني: أجودهم قراءة، هذا هو السنة، هذا هو المشروع، لكن إذا كان لحنه خفيفا صحت صلاته، إذا كان لحنه لا يغير المعنى صحت صلاته، مثل إذا قرأ: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب العالمين. أو: الرحمن الرحيم. أو: مالك يوم الدين. ما يضر هذا، ما يغير المعنى، أما إذا كان يغير المعنى مثل: إياك نعبد. أو: صراط الذين أنعمت. أو: أنعمت عليهم. هذا لا يجوز، لا يؤم الناس. أما إذا كان لحنا خفيفا ما يغير المعنى مثل الحمد لله رب العالمين و: الحمد لله رب العالمين. أو: الرحمن الرحيم أو: (الرحمن الرحيم). هذا لا يضر، لكن الأفضل أن يختاروا من هو أجود، أهل المسجد   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (423). (2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 471 يقدمون من هو أجود في القراءة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1)» وهكذا المسؤول عن الإمامة يقدم في الإمامة من هو أقرأ.   (1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 472 288 - حكم الصلاة خلف إمام لا يجيد قراءة الفاتحة س: هل يجوز أن يتقدم إمام بمأمومين وهو لا يجيد قراءة الفاتحة وبعض السور الصغار جيدا، ويوجد من هو أحسن منه في القراءة (1) ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (2)» أي: إسلاما. وفي رواية أخرى: «أكبرهم سنا (3)» فالسنة في مثل هذا أن يتقدم من هو أفضل وأقرأ على من دونه، فإذا تقدم المفضول صحت الصلاة، أما إذا كان يقيم الفاتحة يقيم الصلاة فلا بأس، لكنه خالف السنة، الأفضل والأولى أن يقدم من هو أفضل منه،   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (27). (2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (3) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 472 من هو أقرأ منه، إذا تفاوت تفاوتا بينا فالسنة أن يقدم الأقرأ ثم من يأتي بعده، هذا هو السنة، ولا يقدم المفضول مع وجود الأفضل، هذا هو الأفضل إلا أن يكون إمام الحي، الإمام الراتب فلا بأس أو السلطان، فالحاصل أنه إذا كان يقيم الفاتحة؛ يعني: يجيدها ولا يلحن لحنا يحيل المعنى فإن صلاته صحيحة، إذا كان يقيم الصلاة ولا ينقرها نقرا، ولا يأتي بما يبطلها فلا بأس، ولكن كونه يقدم في الصلاة من هو أولى منه حسب ما قاله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الذي ينبغي للمسلمين؛ أن يقدموا من قدمه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يؤخروا من أخره عليه الصلاة والسلام، هذا هو الذي ينبغي في هذه المسائل. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 473 س: يوجد في أكثر من مسجد في قرى الباحة وغيرها أئمة مساجد لا يجيدون القراءة، ويقعون في أخطاء كثيرة وخاصة في التشكيل وطريقة القراءة والإلقاء، مع العلم بأنه يوجد من هو أحسن منهم علما وفقها وإلقاء، وخاصة أن الإمام هو القدوة للمصلين في كل شيء. فنرجو إيضاح ذلك، وهل يجوز لمن ذكرنا أنهم أحسن علما وفقها وإلقاء ترك هذه المساجد أم لا (1)؟ ج: الرجل الذي يحصل منه بعض الأغلاط في القراءة له أحوال،   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (41). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 473 تارة غلطه يكون لا يؤثر في المعنى، لا يحيل المعنى، هذا أمره أوسع، وتارة غلطه يحيل المعنى، وتارة يكثر وتارة يقل، فالسنة في هذا أن يتولى الإمامة الأقرأ والأجود، هذا هو السنة كما قال صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1)» السنة أن يؤمهم أقرؤهم، أجودهم قراءة وأكثرهم قرآنا، وهذا يأتي لولاة الأمور الذين لهم الحل والعقد في المساجد، والأئمة عليهم أن يولوا الأفضل فالأفضل في قراءته وعلمه ودينه وعدالته، وإذا وجد أهل المسجد أن إمامهم يلحن كثيرا ففي إمكانهم أن ينصحوه، أن يستقيل أو يعلموه لعله يستفيد ويزول لحنه ويستقيم، أو يتكلموا مع المسؤولين في الأوقاف حتى يزيلوه ويعينوا غيره، وبكل حال على أهل المسجد أن يعنوا بالموضوع، وألا يتساهلوا، وإذا أمكن تفقيه الرجل وإرشاده وتعليمه من أهل العلم حتى يفقه القراءة الطيبة، وحتى يزول ما به من خطأ فالحمد لله، وإذا أصر على لحنه وغلطه فإن كان غلطه يحيل المعنى وجب عزله، ولا تصح صلاته، إذا كان في الفاتحة إذا كان يقرأ: صراط الذين أنعمت عليهم. هذا لحن فاحش. أو يقرأ: أنعمت عليهم. لحن فاحش تبطل معه الصلاة إذا تعمده. لكن إذا كان يغلط جهلا يعلم ويوجه ولو في الصلاة، فإذا اعتدل وقرأها {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (2). واستقام صحت. أو إذا قال:   (1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (2) سورة الفاتحة الآية 7 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 474 (إياك). وعلموه وقالوا: {إِيَّاكَ} (1)، فقرأ كما قالوا واعتدل فلا بأس. أما إذا كان ما يعرف إلا: أنعمت. أو: أنعمت. هذا يعزل ولا تصح قراءته، ولا تصح صلاته بهم، أو هو في نفسه. فإن عجز ثبت، ولكن عليه أن يتعلم وأن يجتهد؛ حتى يؤدي الرسالة، وحتى يستقيم في قراءته، أما اللحن الخفيف مثل لو قال: (الحمد لله رب). أو قال: (الحمد لله رب العالمين). هذا ما يضر. أو قال: (الحمد لله رب العالمين). أو (الرحمن الرحيم). هذا لا يضر المعنى، لكن يعلم ويوجه، فإن استقام الحمد لله، وإلا أمكن أن يقولوا للمسؤولين يغيروه، أو يصطلح الجماعة إذا كان المسجد ما يتبع الأوقاف، يصطلحون على إنسان أفضل منه، وإذا احتيج الإنسان الأفضل ما ينبغي له أن يأبى، وينبغي له الموافقة، وقد تجب عليه الموافقة إذا احتيج إليه.   (1) سورة الفاتحة الآية 5 الجزء: 11 ¦ الصفحة: 475 289 - حكم صلاة الإمام إذا تجاوز آية من القرآن سهوا س: يقول السائل: ما الحكم في حالة انتابتني، وكنت أصلي بمجموعة من الزملاء، فأخطأت وتجاوزت آية من القرآن، ولم يفتح علي أحد فتذكرت بعد انتهاء الصلاة (1) ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا كانت الفاتحة أديتها كما يجب   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (288). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 475 فالقراءة الزائدة عن الفاتحة مستحبة، إذا سقط منها آية أو نسيتها فلا حرج. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 476 س: إنني والحمد لله مستقيم، وأحفظ بعض سور القرآن الكريم، وأتقدم أصلي بالناس في أكثر الأحيان، إلا أنني أخطئ ولا أجد من يفتح علي، فما هو توجيهكم (1) ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا كانت الفاتحة قد أتقنتها وأديتها فالغلط في بعض السور الأخرى أو الآيات الأخرى لا يضر، ولا يضركم عدم وجود من يفتح عليك.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (294). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 476 290 - حكم الصلاة خلف إمام لا يفرق بين الصاد والسين س: السائل: ص. س. من أبها، يقول: يوجد عندنا إمام نصلي وراءه، وعندما يقرأ سورة الفاتحة نجده لا يفرق في النطق بين الصاد والسين في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1)، فينطق الصاد سينا، فهل علينا حرج (2) ج: لا حرج في ذلك، ليس فيه حر ج: السراط المستقيم. ولو ما أفصح كثيرا؛ لأن السين تنوب عن الصاد، فالأفضل أن يعتني بهذا، وإذا صار فيها شيء من الخفاء واشتبهت الصاد بالسين فلا يضر.   (1) سورة الفاتحة الآية 6 (2) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (404). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 476 291 - حكم الصلاة خلف إمام لا يحفظ من القرآن إلا الفاتحة س: يقول السائل: هل يجوز لرجل لا يحفظ إلا الفاتحة أن يكون إماما (1) ج: يجوز أن يكون إماما، لكن غيره أفضل منه، الذي يحفظ زيادة وعنده علم وعنده سور أخرى أفضل وأولى، وإلا فالفاتحة هي الركن، تجزئ وتصح الصلاة معه من الإمام والمنفرد والجماعة، لكن وجود إمام يحفظ زيادة على الفاتحة ويصلي بإخوانه أفضل وأولى إذا كان مستقيما عدلا. أما إذا لم يوجد من هو مستقيم إلا من يحفظ الفاتحة فقط صلى بجماعته، ولكن بحمد الله الأمر ميسر له أن يقرأ زيادة ويحفظ زيادة من السور القصيرة والآيات، إذا اجتهد يسر الله أمره، وإذا لم يقرأ إلا الفاتحة أجزأه ذلك والحمد لله، لكن يلتمسون من يكون له حفظ زيادة على الفاتحة من أهل الخير؛ لأن ذلك أولى حتى يسمعهم ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وبعلماء المسلمين بعد ذلك، هكذا السنة.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (245). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 477 292 - حكم الصلاة خلف إمام لا يحفظ إلا عددا قليلا من السور س: إذا كان الإنسان لا يحفظ إلا شيئا يسيرا من القرآن؛ كالفاتحة والمعوذات هل يجوز له أن يكون إماما (1)؟   (1) السؤال لخامس والعشرون من الشريط رقم (250). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 477 ج: يجوز أن يكون إماما ويقرأ بها، لكن إذا تيسر من هو أقرأ منه يكون أفضل، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1)» لكن إذا ما تيسر في الجماعة إلا هو فالحمد لله يؤمهم، وإذا وجدوا من هو خير منه وأقرأ منه قدموه والله المستعان.   (1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 478 س: السائل من اليمن يقول: هل الصلاة خلف من لا يحسن القراءة - أي: قراءة الفاتحة - هل هو مكروه (1)؟ ج: إذا لم يتيسر غيره لا حرج صل معه، إذا كان لحنه ما يحيل المعنى، إذا كان لحنا خفيفا لا يغير المعنى فلا بأس أن تصلي معه، أما إذا كان يحيل المعنى فلا بد وأن يزال، لا بد وأن يعزل عن المسجد، إذا لم يفهم ولم يتعلم يزال عن المسجد، يرفع أمره إلى الجهات المسؤولة حتى يبدل بإنسان يحسن القراءة.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (385). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 478 س: أحيانا يغيب الإمام ويتقدم بنا رجال لا يعرفون القراءة، وإنما هم يحفظون بعض السور، وأنا متأكد أنني أقرؤهم حيث إنني أحفظ عددا من الأجزاء يقارب ستة، ولكنني أخجل من التقدم وأرتعش، فهل على المصلين أو علي ذنب إذا تقدم بنا رجل، وفي المأمومين الجزء: 11 ¦ الصفحة: 478 من هو أقرأ منه (1)؟ ج: لا حرج إن شاء الله، لكن ينبغي للمأمومين إذا عرفوا واحدا أقرأهم يقدمونه، أما لو تقدم واحد وصلى بهم، وكانت قراءته مستقيمة في الفاتحة فلا يضر ذلك، لكن من حيث السنة ينظرون ويتأملون، فإذا عرفوا أن واحدا موجودا هو أقرؤهم قدموه، إذا كان عدلا طيبا مستور الحال، وأما إذا تقدم من لا يحسن الفاتحة، ولا يجيد قراءتها، ويلحنها لحنا يحيل المعنى فإنه يعلم حتى يعتدل، وإلا يعزل عن الصلاة، ويتقدم من يجيد القراءة حتى يصلي بالناس، وأما كونك تحرج فلا حرج عليك بذلك، ولا سيما تصيبك رعشة فلا تتقدم، بل يتقدم غيرك من الذين عندهم الثبات وعندهم الاعتدال.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (29). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 479 293 – بيان كيفية الطريقة الصحيحة في الفتح على الإمام س: أنا أحفظ القرآن وأصلي كثيرا خلف أئمة يخطئون في القراءة كثيرا، وأخاف أن أرد عليهم إذا لم يفتح عليهم أحد، فأريد من سماحتكم أن تبينوا لي الطريقة الصحيحة في ذلك. جزاكم الله خيرا (1) ج: عليك أن تفتح على من غلط، تفتح عليه وأنت في الصلاة، تقرأ الآية التي غلط فيها أو وقف عندها؛ حتى يتنبه والحمد لله.   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (334). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 479 294 – حكم الصلاة خلف إمام كثير اللحن س: أصلي خلف إمام لكنه كثير اللحن، ولا يتقن التجويد، فهل تجوز الصلاة خلفه (1)؟ ج: نعم تجوز الصلاة خلفه، وإن كان ما أتقن التجويد، أو يقرأ بلحن غير مخل بالمعنى فصلاة هذا جائزة، أما إذا كان لحنه يخل بالمعنى يقرأ قراءة فيها خلل بالمعنى فلا ينبغي، وأيضا فلا داعي أن يجعل إماما، بل يستبدل ولا يصلى خلفه.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (336). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 480 س: من المملكة الأردنية الهاشمية باعثها يقول: أنا أصلي بمجموعة من الناس إماما في أحد المساجد، لكنى أعترف أنني لا أجيد قراءة القرآن بشكل جيد، فهل أكون آثما؟ علما بأنه لا يوجد غيري إماما لهؤلاء الناس، وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كنت تقيم القراءة ولو كنت غير مجود فالتجويد ليس بواجب، بل مستحب، إذا كنت تقيم القراءة، تقيم الحروف، تخرجها فلا بأس بذلك ولو كنت لم تقرأ التجويد، ما دمت تقرأ الآيات باللغة العربية قراءة واضحة، والحروف واضحة فلا بأس عليك والحمد لله.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (308). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 480 س: ع. ب، من بادية الزهرة، يقول: إنني أعمل بالبادية مع كفيلي، ولكنه أمي وحافظ عددا من قصار السور، ولكنه لا يتقن قراءتها. وسؤالي: أنه يصر على أن يكون إماما، بينما أشعر أنني في القراءة أحسن منه، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا حرج إذا كان يتقن الفاتحة، وإذا كان لا يتقن الفاتحة فانصحوه حتى يقدم من هو أقرأ منه، انصحه أنت ومن معك من الإخوان، تنصحونه، أما إذا كان يتقن الفاتحة فالحمد لله، ولو حصل منه بعض الغلط في السور الأخرى.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (325). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 481 295 – حكم الصلاة خلف إمام يكبر راكعا إذا نسي آية ولا يمهل من خلفه للفتح عليه س: إمامنا في المسجد يقرأ سورة بعد الفاتحة، ولكن إذا نسي آية يكبر راكعا؛ حيث لا يعطي المأمومين فرصة لتذكيره، وكذلك يقف أحيانا في وسط الآية ويكبر، وفي إحدى المرات قرأ آية طويلة ولم يكملها، فهل عمله هذا صحيح (1)؟ ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، وإن وقف حتى يذكر فلا بأس، لا حرج في ذلك، ولا سيما إذا كان الذي اعتاد عليه في أول القراءة فإن   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (312). الجزء: 11 ¦ الصفحة: 481 السنة أن يأتي بقراءة مناسبة بعد الفاتحة، كل صلاة على حسب ما يناسبها في الشرع؛ الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، إذا لم يركع واستفاد من المأمومين بأن يذكروه فهذا حسن، أما إذا كان قد قرأ قراءة كافية فالحمد لله. الجزء: 11 ¦ الصفحة: 482 انتهى بحمد الله تعالى الجزء الحادي عشر ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الثاني عشر القسم السابع من الصلاة وأوله تكملة باب أحكام الإمامة الجزء: 11 ¦ الصفحة: 483 بسم الله الرحمن الرحيم الجزء: 12 ¦ الصفحة: 3 صفحة فارغة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 4 بقية باب أحكام الإمامة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 5 صفحة فارغة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 6 بقية باب أحكام الإمامة 1 - حكم صلاة الإمام إذا نسي آية بعد الفاتحة س: إمام لم أصل معه قبل ذلك، فصليت معه فريضة الجمعة، والإمام المذكور بعد الفاتحة قرأ السورة الثانية ونسي فيها آية، ولم ينبهه الذين كانوا بالقرب منه، فهل على المأموم شيء؟ وما هو الحكم (1)؟ ج: نسيان الآية لا يضر، والصلاة صحيحة ولا يضر، المهم الفاتحة، إذا كان قد كمل الفاتحة الحمد لله قراءة السورة مندوبة، وإذا ترك منها شيئا فلا حرج.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (23). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 7 س: إذا أخطأ الإمام في الصلاة في قراءة سورة ما، ولم يرد عليه أحد من المأمومين فماذا يفعل (1) ? ج: لا شيء عليه، إذا كانت الفاتحة سليمة وقرأها سليمة فالباقي لا يضر.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (182). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 7 2 - حكم الصلاة خلف إمام يسقط بعض الحروف أثناء القراءة س: بالنسبة للإمام إذا كان يسقط بعض الأحرف لتعب في لسانه، ما رأيكم في هذا (1) ? ج: إذا كانت الفاتحة سليمة، ولا يضيع منها شيء فلا بأس؛ لأن قراءة غيرها ليس بواجب، بل مستحب، وإنما الواجب قراءة الفاتحة وهي الركن، فإذا كانت الفاتحة سليمة يؤديها كما ينبغي، فصلاته صحيحة ولا بأس بإمامته، وإن كان لا يستطيع ذلك فلا يكون إماما، بل يصلي مع الناس مأموما.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (75). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 8 3 - حكم الصلاة خلف إمام يحيل الآيات القرآنية إلى غير معانيها س: في بيت من بيوت الله عز وجل صليت وراء شخص وكان يرتل الآيات، لكنه يغير بعض الكلمات، مثلا في سورة النور: {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} (1). يقول كلمة دري ينطقها: دريع. وبعد الفراغ من الصلاة سألت بعض المصلين عن سبب قراءة هذا الإمام، فقال: إن هذه لهجته. فمن كانت لهجته على هذا النحو هل   (1) سورة النور الآية 35 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 8 تجوز الصلاة خلفه (1) ? ج: يعلم والصلاة صحيحة، ما دام في خارج الفاتحة الصلاة صحيحة؛ لأنه جاهل، تكلم بكلمة يجهلها فيعلم، وإذا علم وفهم ثم تكلم بكلمة غير الكلمة القرآنية عامدا ذاكرا بطلت الصلاة؛ لأنه تكلم في الصلاة عمدا، أما إذا كان جاهلا أو ناسيا وتكلم بكلمة غير الكلمة القرآنية فإنها لا تضر الصلاة إذا كان في غير الفاتحة.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (184). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 9 4 - حكم قراءة الإمام في الصلاة بغير ترتيب المصحف س: كنت أؤم المصلين في صلاة المغرب، وفي الركعة الأولى قرأت الفاتحة وسورة الماعون، وفي الركعة الثانية قرأت الفاتحة وسورة الضحى، وبعد الانتهاء من الصلاة قال لي أحد المصلين: لا تقدم سورة الماعون على الضحى. علما بأنني في وقت صلاة وليس في وقت قراءة قرآن، وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ? ج: الأصل مثل ما قال لك أخوك، أن ترتب القراءة مثل ما في المصحف، تقرأ الضحى في الأولى ثم الماعون في الثانية، لا تعكس،   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (309). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 9 لكن لا حرج، فعلك هذا لا حرج فيه إن شاء الله، كونك قرأت الماعون ثم الضحى لا حرج، لكنك تركت الأفضل والأولى؛ لأن الصحابة رتبوا القرآن كما نزل في اللحظات الأخيرة على النبي عليه الصلاة والسلام، فاقرأ القرآن أنت وغيرك كما في المصحف، تبدأ من الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران ثم النساء ثم المائدة، وهكذا إلى آخره، فلا تعكس، فإذا قرأت الماعون فاقرأ بعدها: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (1)، أو غيرها مما بعدها، ولا تقرأ التي قبلها: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} (2)، أو: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ} (3)، أو: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (4)، أو: {وَالضُّحَى} (5)، هذا هو الأفضل، لكن لا حرج والحمد لله.   (1) سورة الكوثر الآية 1 (2) سورة قريش الآية 1 (3) سورة الفيل الآية 1 (4) سورة الهمزة الآية 1 (5) سورة الضحى الآية 1 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 10 س: أخبرنا شيوخنا أن السنة أثناء تلاوة القرآن في الصلاة السرية والجهرية هي قراءة سور القرآن بترتيب المصحف، فلا يجوز تنكيس القرآن، وذلك مثلا: يقرأ سورة الكافرون في الركعة الأولى، وسورة الزلزلة في الركعة الثانية، لكن - للأسف - كثيرا من الإخوة الذين يتقدمون للإمامة في حالة غياب الإمام المؤهل لا يلتزمون بهذه النقطة، فما هو الصواب في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (364). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 10 ج: الأفضل للقارئ في الصلاة وغيرها أن يلتزم بالمصحف، وأن يرتب قراءته على ما في المصحف، هذا هو الأفضل، وهذا هو المشروع؛ حتى لا يقع الاختلاف، كما رتبه الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، لكن لو قرأ سورة قبل سورة لا حرج في ذلك، إنما الأفضل والأولى أن يرتب على ما في المصحف، يقرأ البقرة ثم آل عمران ثم النساء إلى آخره، هذا هو الأفضل، لكن لو قرأ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1) في الأولى، ثم قرأ في الثانية {وَالضُّحَى} (2) أو {وَالتِّينِ} (3) أو ما أشبهه فلا حرج في ذلك؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في بعض الليالي البقرة ثم النساء ثم آل عمران، قدم النساء على آل عمران. وثبت عن عمر أنه قرأ في إحدى الركعتين النحل، وقرأ في الثانية سورة يوسف، فالحاصل أن هذا لا حرج فيه، لكن الأفضل أن يتقيد بترتيب الصحابة، هذا هو الأفضل؛ حتى لا يقع اختلاف في ترتيبه في القراءة كما رتب في المصحف.   (1) سورة الكافرون الآية 1 (2) سورة الضحى الآية 1 (3) سورة التين الآية 1 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 11 5 - حكم الصلاة خلف إمام يكرر سور القرآن في الصلاة س: إذا كان الإمام يكرر السور في الصلاة فهل لي الصلاة في مسجد آخر في نفس الحي أحيانا؛ لأنني أحب تدبر ما يقوله الإمام من الجزء: 12 ¦ الصفحة: 11 القرآن؟ ج: لا حرج في تكرار السور، يكرر في بعض الصلوات السورة، يقرأ مثلا في المغرب سورة، ويعيدها في العشاء، أو يعيدها في الفجر لا حرج في ذلك الحمد لله، وأنت مخير؛ إن صليت في هذا المسجد، أو في هذا المسجد , انظر ما هو أصلح لقلبك، وما هو أنفع لك فافعله، إلا إذا كان ذهابك عن هذا المسجد الذي حولك قد يسبب تهمتك، وأنك لا تحضر الجماعة، فينبغي لك ألا تذهب حماية لعرضك وظن السوء بك، وصل مع الناس الذين حولك حتى يعرفوا أنك تصلي في الجماعة، وحتى تصون عرضك عن هتك الناس له، وعن تهمتك بالسوء، أما إذا كان لا يترتب على صلاتك في المسجد الآخر محذور، وأنت ترى أن صلاتك مع الإمام الثاني أنفع لك، وأخشع لقلبك فلا حرج في ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 12 س: يقول السائل: إذا قرأ الإمام في الركعة الأولى سورة بعد الفاتحة، ثم قرأ نفس السورة في الركعة الثانية، وقال أحد المصلين: سبحان الله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 12 فماذا على الإمام أن يفعله؟ وهل يسجد للسهو (1)؟ ج: لا ما يسجد للسهو، لو كررها فلا بأس والحمد لله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كرر السورة في ركعتين لا بأس، إذا قرأها في الأولى والثانية ولو ساهيا ما عليه سجود السهو؛ لأن هذا أمر مشروع.   (1) السؤال الخامس والستون من الشريط رقم (431). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 13 س: يقول هذا السائل: إذا قرأ الإمام في الركعة الأولى سورة بعد الفاتحة، ثم قرأ نفس السورة في الركعة الثانية، فقال له أحد المصلين: سبحان الله. ماذا على الإمام أن يفعل؟ وهل يسجد للسهو؟ ج: لا حرج أن يكررها في الركعتين، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كرر سورة: {إِذَا زُلْزِلَتِ} (1) في الركعتين، فلا حرج أن يقرأ سورة ويكررها في الركعتين أو آيات.   (1) سورة الزلزلة الآية 1 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 13 6 - حكم الصلاة خلف المسبل إزاره وحالق لحيته س: هل يجوز أن أصلي وراء إنسان حالق اللحية والشارب وإزاره الجزء: 12 ¦ الصفحة: 13 طويل، وحافظا للقرآن الكريم؟ هل تجوز الصلاة وراءه أم لا (1)؟ ج: حلق اللحى معصية، وقصها معصية، وهكذا الإسبال معصية، والإسبال هو إرخاء الملابس تحت الكعب في حق الرجل، كل هذا معصية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (2)» متفق على صحته. ويقول صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (3)» أخرجه البخاري في الصحيح. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس (4)» معنى أعفوا، معنى أرخوا، معنى وفروا، يعني: اتركوها على حالها وافرة معفاة مرخاة، هكذا يكون المسلم طاعة لله جل وعلا، وطاعة لرسوله عليه الصلاة والسلام، وابتعادا عن مشابهة المشركين من المجوس وغيرهم، ولو وفروها ما نقصها نحن، نوفرها ولو وفروها، لكن الغالب عليهم قصها وحلقها، لكن لو قدر أن المسيحيين وفروها ما نخالفهم بالقص، لا   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (349). (2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، برقم (5892)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259) واللفظ له. (3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، برقم (5892)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259) واللفظ له. (4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (260). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 14 بل نبقيها وافرة، إذا شابهونا لا بأس، نحب منهم أن يدخلوا الإسلام أيضا ويصلون معنا ويصومون معنا، والحاصل أن علينا أن نخالفهم ولا نخالف ديننا من أجلهم، بل نبقى على ديننا، وإن وافقونا في إرخائها نرخيها ونوفرها، وهكذا لا نقصها قصا، بل نعفيها لا نقص ولا نحلق، وهكذا الإسبال لا نرخي الإزار ولا السراويل ولا القمص ولا الجبة ولا البشت ولا العباءة ولا غير ذلك، يجب أن تكون كلها لحد الكعب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (1)» فما جاوز الكعب هو الإسبال مطلقا، وإذا كان معه نية التكبر صار أعظم في الإثم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (2)» لكن إذا كان من دون خيلاء يكون الذنب أخف مع أنه محرم مطلقا، هذا هو الصواب، محرم وإن لم يقصد التكبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (3)» رواه البخاري في الصحيح. ولم يشترط   (1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). (2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا، برقم (3665)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء، برقم (2085). (3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 15 أن يكون عن تكبر. ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «إياك والإسبال؛ فإنه من المخيلة (1)» جعل الإسبال من المخيلة من التكبر؛ لأنه وسيلة إلى التكبر وإن لم يقصد ذلك. وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله، يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار - قال أبو ذر رضي الله عنه: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب (2)» رواه مسلم في الصحيح. هذا وعيد عظيم يدل على أن الإسبال كبيرة من كبائر الذنوب، ذكر الإزار هنا لأن غالب العرب يلبسون الأزر، وإلا فالمقصود إسبال الثياب مطلقا، إزار أو قميص أو سراويل أو بشت أو غير ذلك. وأما المنان فيما أعطى فهو الذي يمن بالعطية، يعطي ويمن يقول: أعطيتك. يمن عليه. والمنفق سلعته بالحلف الكاذب معناه: لترويج السلع، يمشيها بين الناس بأيمانه الكاذبة والعياذ بالله حتى يشتروها، يقول: والله إني صادق. وهو يكذب، والله إنها علي بكذا. حتى تشترى منه بأكثر   (1) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال الإزار، برقم (4084). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية، برقم (106). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 16 من الثمن نسأل الله العافية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 17 7 - حكم الصلاة خلف إمام يشرب الدخان س: السائل يقول: ما حكم الصلاة خلف إمام يحلق لحيته، أو خلف إمام يشرب الدخان؟ أفيدونا أفادكم الله (1) ج: إذا تيسر لك لا تصل خلف هذا ولا خلف هذا فهو أولى، لا تصل خلف المدخن ولا خلف الحليق إذا تيسر لك إمام آخر في مسجد آخر؛ لأن هذا أسلم لصلاتك وأسلم لدينك، ولكن الحليق إثمه أظهر؛ لأنها معصية ظاهرة، والمدخن قد تختفي معصيته، قد يكون هناك أسباب تخفيها من التنظف والتطيب؛ حتى لا يظهر ريح الدخان، أما اللحية فهي معصية ظاهرة ومجاهرة بما حرم الله عز وجل، فإثمه أظهر وأكبر وشره أعظم، وإن كان كلاهما محرما هذا وهذا، التدخين محرم وفيه مضار كثيرة، ولكن صاحبه قد يختفي به، أما حلق اللحية فلا حيلة في الاختفاء فيها؛ لأنها معصية ظاهرة وتشبه بالمشركين وبالنساء، فيجب الحذر من هذا، ومن هذا جميعا، والواجب على المسؤولين عن المساجد ألا يولوا من كان بهذه الصفة، وأن يختاروا للإمامة أهل   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (63). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 17 الاستقامة الذين لا يتظاهرون بالمعصية، وذلك بإعفاء اللحية وبالبعد عن التدخين، وهكذا غير هذا من المعاصي الظاهرة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 18 8 - بيان أن العقيدة الصحيحة شرط في تولي إمامة الصلاة س: السائل يقول: كثير من إخواننا أصبحوا يشتكون من أئمة مساجد كانوا معروفين بأنهم من القبوريين، وآخرون يشتكون من أئمة يعرفون أنهم ينتسبون لفرقة كذا؛ كالأشاعرة مثلا، وهلم جرا، يشتكون كثيرا من هذه الأمور نريد كلمة حول هذا لو تكرمتم (1). ج: الواجب على وزارة الحج والأوقاف والمسؤولين فيها أن يخافوا الله عز وجل، وأن يحذروا التساهل في هذا الأمر، وأن يبذلوا قصارى جهدهم في اختيار الأئمة، وألا يولى إلا المعروف بالعقيدة الصحيحة السلفية، وألا يولى إلا من هو بالمظهر الشرعي، قد أعفى لحيته وترك الإسبال؛ حتى يكون إبراء للذمة، هذا هو الواجب عليهم، يجب على ولاة الأمور ومنهم وزارة الحج والأوقاف والمسؤولين، الواجب عليهم أن يتحروا الأئمة، وهكذا المؤذنين، لكن الإمام   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (63). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 18 أعظم فيجب أن يتحروا فيه، ألا يولوا إلا من هو صالح للإمامة في عقيدته، وفي مظهره الشرعي، والعقيدة أهم وأعظم، الواجب على المسؤولين في الأوقاف أن يعنوا بهذا الأمر، وأن يتقوا الله وأن يتعاونوا مع المحاكم، ومع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، ومع الهيئة ومع كل من يظنون فيه الخير أن يختار لهم الإمام، وأن يعينهم وأن يدلهم ويرشدهم على الأئمة، والواجب على أهل العلم من المدرسين والقضاة أن يستجيبوا للإمامة؛ حتى يسدوا هذا الفراغ العظيم الذي أحوج الأوقاف إلى أن تستورد من لا يرضى في دينه، ولا في خلقه، الواجب على القضاة وعلى العلماء أن يشاركوا في الإمامة، وأن يحتسبوا الأجر، وأن يصبروا حتى يسدوا فراغا عظيما في هذه المسألة، وهنا عزم من الدولة في إيجاد معاهد للأئمة والخطباء، هذا متى تحقق إن شاء الله سد هذه الثغرة، وسد هذا الفراغ، وقد تمت الموافقة على افتتاح معهد للأئمة والخطباء في الرياض، ونرجو أن يفتتح مثله في المدينة ومكة، وهكذا في المدن الأخرى؛ كالقصيم وحائل وأبها ونحو ذلك؛ حتى يسد هذا الفراغ، للضرورة الداعية إلى هذا الأمر، فنسأل الله أن يوفق الدولة للبدار لهذا الأمر، وهذا المعهد سيكون عن طريق جامعة الإمام محمد بن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 19 سعود، وهي أهل لهذا الأمر، فنسأل الله أن يسهل افتتاحه في هذا العام، وقد تمت الإجراءات فيما بلغني ولم يبق إلا الشيء اليسير، ونرجو أن يتم هذه الأيام حتى يفتح، ثم يفتح بعده إن شاء الله معاهد أخرى في مكة المكرمة، وفي المدينة المنورة وغيرهما من المدن التي ينبغي أن يفتح فيها هذا الشيء؛ لأن الحاجة ماسة بل لضرورة لهذا الأمر، وهذا لا يعفي العلماء من المدرسين وغيرهم، ولا يعفي القضاة من الاستجابة، بل عليهم فيما أعتقد أن يستجيبوا، وأن يؤموا المساجد المحتاجة، وأن يحتسبوا الأجر؛ حتى يوجد من يقوم مقامهم ويسد عنهم هذا الفراغ، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 20 9 - حكم الصلاة خلف من يضرب بالدف عند القبور ويطوف بها س: هل تجوز الصلاة خلف من يحلق لحيته ويضرب بالدف عند قبور الأولياء، ويطوف حولهم ويدعو الناس لهذا العمل؟ وهل صلاة من صلى خلفه صحيحة أم لا؟ ج: هذا فيه تفصيل؛ العاصي لا بأس بالصلاة خلفه، وهي صحيحة خلفه، الذي يحلق لحيته ولكنه مسلم ما يدعو القبور، ولا يستغيث بالقبور الجزء: 12 ¦ الصفحة: 20 مسلم، لكنه يحلق لحيته، أو يسبل ثيابه، أو يطول شواربه، هذا الصلاة خلفه صحيحة؛ لأنها معصية، والصواب أن الصلاة خلف العاصي تصح، وصلى بعض الصحابة خلف الأمراء المجرمين كالحجاج، كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي خلفه، وهو من أشد الناس فسقا قتال سفاك للدماء، المقصود الصلاة خلف الفاسق صحيحة، والذي يحلق لحيته من جنس الفاسقين، إذا أصر وهو يعلم أن الله حرم هذا عليه، يعلم ذلك ويتساهل يكون فاسقا، كذلك الذي يسبل ثيابه وهو يعلم، وقد أخبره العلماء أن هذا ما يجوز، ثم أسبل ثيابه، ولا يبالي يكون فاسقا، والصلاة خلفه صحيحة، ولكن ما ينبغي أن يتخذ إماما، فينبغي أن يزال عن الإمامة، إذا أصر على هذا ينبغي لولاة الأمور أن يزيلوه عن الإمامة، لكن الصلاة صحيحة. أما الذي يدف على القبور، يدعو القبور، يدعو الأموات يطوف بالأموات هذا مشرك، ما يصلى خلفه، إذا كان يتقرب إليهم بالطواف، أو يدعوهم من دون الله، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يذبح لهم هذا كافر لا يصلى خلفه. أما الذي يضرب بالدف يحسب أن الدف جائز، لا يدعوهم ولا يستغيث بهم، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 21 لكنه مر على المقبرة ودف عند المقبرة، وإلا فإنه لا يدعوهم ولا يستغيث بهم، مجرد أن يضرب بالدف فقط هذا معصية، والصلاة خلفه صحيحة، والذي يطوف حول القبور يحسبه مشروعا، يحسبه مثل الكعبة، يطوف حولها يطوف لله ليس لهم هذا بدعة منكر، أما الذي يطوف لهم ويتقرب إليهم هذا شرك أكبر، نسأل الله العافية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 22 10 - حكم الصلاة خلف إمام يرتدي البنطلون وخلف من يأخذ أجرا على الوعظ والإمامة س: السائل: ع. إ. س. من جمهورية مصر العربية: هل تجوز الصلاة خلف إمام حالق للحيته ومسبل، وكذلك خلف إمام يرتدي البنطلون والقميص؟ وهل تجوز الصلاة خلف إمام يأخذ أجرا على الوعظ، وعلى الإمامة وعلى إرشاد الناس إذا لم يجد موردا غير هذا الرزق؟ وجزاكم الله خيرا (1) ج: الصلاة خلف هؤلاء صحيحة، إذا كان كل واحد منهم مسلما، ولكن عنده هذه المعصية، فإذا كان يحلق لحيته، أو يسبل ثيابه هذه معصية، والمعصية لا تمنع صحة الصلاة، فصلاته صحيحة وصلاة من   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (263). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 22 خلفه صحيحة، لكن يشرع للمسؤولين أن يبدلوه، وألا يجعلوا في الإمامة، إلا من هو معروف بالخير والاستقامة الظاهرة؛ لأنه قدوة، أما الصلاة فهي صحيحة خلف من يحلق لحيته، أو يسبل ثيابه، أو يتعاطى أجرة على قيامه بالإمامة من الأوقاف، أو من أهل البلد مثل أن يساعدوه على حاجاته وأمور بيته فلا بأس بهذا، فصلاته صحيحة ولا حرج عليه في أخذ المساعدة من بيت المال، أو من إخوانه المسلمين؛ حتى يقوم بالصلاة فيهم والقيام على مسجدهم؛ لأن هذا يعين على طاعة الله، لكن إذا تيسر له الاستغناء عن ذلك؛ لأنه مليء فالحمد لله، والأخذ من بيت المال حق للمسلمين، وإذا قاموا بالأعمال صار ذلك عونا لهم على أعمالهم من الإمامة، أو الأذان أو القضاء أو غير ذلك، وهكذا من يرتدي البنطلون إذا كان ساترا للعورة فإن صلاته صحيحة، وإذا كان البنطلون فيه مشابهة للكفار، وهو من زيهم فلا يجوز له لبسه، لكن الصلاة صحيحة، لكن إذا كان لباسا مشتركا بين المسلمين وغيرهم فلا حرج عليه في ذلك، فقد صلى ابن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو من أظلم الناس ومن أشدهم معصية، والقاعدة أن العاصي تصح صلاته بنفسه، وتصلح إمامته، وأما الكافر فلا، إذا كان كافرا لا تصح إمامته ولا الصلاة خلفه، إذا عرفت أنه كافر، أما العاصي فلا حرج في ذلك، ولكن ينبغي إبداله؛ لأنه يشرع للمسؤولين عن الإمامة ألا يولوا في الإمامة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 23 إلا من هو معروف بالخير وظاهره الاستقامة؛ لأنه يقتدى به، ولا يولى من ظاهره المعصية؛ كحلق اللحى أو الإسبال ونحو ذلك، والواجب نصيحة من فعل ذلك، فالواجب على إخوانه أن ينصحوه، وأن يوجهوه إلى الخير حتى يستقيم، سواء كان إماما أو ليس بإمام. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 24 11 - حكم الصلاة خلف إمام يحلق لحيته ويسبل إزاره وهو حافظ للقرآن س: مستمع يسأل ويقول: هل تجوز الصلاة خلف إنسان مسبل وحالق للحيته؟ وضحوا لنا هذا الأمر جزاكم الله خيرا (1) ج: مثل هذا لا يصلى وراءه، ينبغي ألا تصلي وراءه إلا إذا دعت الحاجة، ولم يتيسر للإنسان من يصلي وراءه، فلا يصلي وحده، يصلي مع الجماعة، لكن إذا تيسر للمسؤولين أن يزيلوه ويعينوا مكانه من أهل الخير كان هذا هو الواجب، وفيما ذكرت عنه من حلق اللحية والشارب، المقصود أن الواجب على المسؤولين عن المسجد أن يقدموا من هو مرض لله ومن هو الأقرأ، المتصف بصفات الخير والمظهر الإسلامي؛ من الذي قد أعفى لحيته ولم يسبل ملابسه، المقصود يتحرون لهذا المسجد الإمام الصالح المستقيم على شريعة الله , ويزال، لكن إذا بليتم أنتم وغيركم بالإمام الحليق أو المسبل، ولم يتيسر عزله فلا تصلوا وحدكم، صلوا مع الجماعة،   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (280). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 24 وانصحوا له بالكلام الطيب والتوجيه الحسن، لعل الله يهديه بأسبابكم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 25 12 - بيان كيفية النصيحة س: سماحة الشيخ، هل تكون النصيحة خفية أو معلنة (1)؟ ج: إذا كان قد أعلن هذا الأمر تكون معلنة، وإذا نصحه بينه وبينه لعل ذلك ينفع فهذا طيب، أو نصحوه جماعة في المسجد، قالوا: يا عبد الله، اتق الله، ارفع ثيابك. يعبرون بلسان واحد، وإذا نصحه واحد فلا بأس، وإن رأوا بعضهم نصيحته سرا يزورونه في البيت، أو يقوم له واحد في محل الإمام بينه وبينه ينصحه كل هذا طيب، يفعلون ما هو الأصلح.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (349). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 25 13 - مسألة في حكم الصلاة خلف إمام مسبل وحالق لحيته س: هل يجوز لي أن أصلي خلف إمام لا يقصر ثوبه، ولا يطلق لحيته، وكذلك تخرج زوجته وبناته كاشفات الوجوه والشعور والساقين والأيدي؟ ج: الصلاة صحيحة خلفه إذا كان مسلما، لكن إذا تيسر الصلاة خلف غيره ممن هو خير منه وأفضل فهو أولى وأكمل؛ لأن هذا عاص، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 25 والصلاة خلف العاصي صحيحة في أصح قولي العلماء إذا كان مسلما، وينصح ويوجه حتى يوفر لحيته، حتى يرفع ثيابه، وعلى إخوانه وأصحابه أن ينصحوه ويوجهوه، ويلحوا عليه حتى يستقيم، وكذلك من جهة أهل بيته ينصحونه من جهتهم، فالمسلم أخو المسلم، والله يقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (1). الواجب التناصح والتواصي بالحق في كل شيء، والإمام الذي يؤم الناس ينبغي أن يكون قدوة في كل خير، وإذا قصر فيجب على ولاة الأمور أن يختاروا خيرا منه، يبدلوه حتى يستجيب للنصيحة، عليهم أن يلتمسوا من هو خير منه؛ حتى يكون قدوة في الخير، وحتى ينتفع به المسلمون المصلون خلفه، وإذا تناصح المسلمون وتواصوا بالحق كثر الخير، وقل الشر، وإذا تساكتوا يكثر الشر ويقل الخير، نسأل الله السلامة.   (1) سورة التوبة الآية 71 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 26 س: ما حكم الإمام الذي يدخن ويسبل الثياب ويحلق لحيته، أو يقص اللحية إلا قليلا منها كعلامة تدل على اللحية؟ ما حكم إمامته للناس؟ أرجو الإفادة له ولنا ولكل أمثالنا (1)   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (323). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 26 ج: هذه المسائل معاص، حلق اللحية معصية وقصها كذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «قصوا الشوارب وأعفوا اللحى (1)» «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (2)» «خالفوا المجوس (3)» وهكذا التدخين لا يجوز؛ لما فيه من مضار عظيمة، وهكذا الإسبال تحت الكعب لا يجوز للرجل، كل هذه معاص يجب الحذر منها، ولا يجوز للإمام ولا لغير الإمام تعاطيها، وإذا كان يتعاطاها كان حقا على المسؤولين عن المسجد أن يلتمسوا غيره إذا لم يتب، والصلاة صحيحة، الصلاة خلفه صحيحة، لكن ينبغي للمسؤولين عن المسجد أن يلتمسوا من هو أصلح منه، والواجب عليه التوبة إلى الله من شرب الدخان، ومن حلق اللحية، من الإسبال. النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار (4)» فالإسبال خطره عظيم ومنكر كبير، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله، يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم فقرأها رسول   (1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7092). (2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، برقم (5892)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259) واللفظ له. (3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (260). (4) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 27 الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار قال أبو ذر رضي الله: عنه خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب (1)» رواه مسلم في صحيحه. ويقول صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (2)» إذا كان خيلاء كان أعظم في الإثم، وإن جره وما قصد خيلاء كان محرما ومن وسائل الكبر، ولكن إثمه أخف من إثم المتكبر، وكله محرم كله منكر، وهذا هو الصواب، ولو ما قصد الخيلاء لا يجوز له أن يسبل ثيابه، وهذا من وسائل الخيلاء، ومن الإسراف، ومن تعريض الثياب للنجاسات فلا يجوز. والتدخين شره عظيم، فالواجب تركه والحذر منه. وفق الله الجميع.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية، برقم (106). (2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا، برقم (3665)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء، برقم (2085). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 28 س: هل تصح الصلاة خلف شارب الدخان إذا لم يوجد من يقرأ القرآن إلا هو؟ وكثيرا ما نرى بعض الناس يتدافعون ويقولون: صل أنت، لا صل أنت. وأنا أشرب الدخان. نرجو الإفادة وفقكم الله؟ ج: ينبغي أن يقدم في الإمامة أصلح الموجودين وأقرؤهم؛ لقول النبي الجزء: 12 ¦ الصفحة: 28 صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (1)» وفي رواية: «فأكبرهم سنا (2)» الواجب أن يعنى بهذا الأمر، ويقدم الأفضل فالأفضل، فإن تقدم بعض العصاة كشارب الدخان أو العاق لوالديه أو من يتهم بغير ذلك صحت الصلاة، الصلاة تصح خلف الفاسق وخلف العاصي على الصحيح من أقوال العلماء، ولا تصح خلف الكافر، من عرف كفره لا تصح الصلاة خلفه، أما العاصي فتصح الصلاة خلفه، سواء كان شاربا للدخان أو عاصيا بشيء آخر؛ كالعاق لوالديه وقاطع الرحم، ومن يتعاطى الربا ولا يستحله إلى غير ذلك، العصاة في أصح أقوال العلماء تصح الصلاة خلفهم، فقد صلى ابن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج بن يوسف وكان من أفسق الناس ومن السفاكين للدماء، وصلى كثير من الصحابة خلف بعض الأمراء الفسقة، فدل ذلك على أن الصلاة صحيحة خلف   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 29 الفاسق، ولكن إذا تيسر المستقيم العدل فهو الأولى، وهو الذي يجب أن يقدم، وعلى المسؤولين عن الإمامة أن يقدموا الأفضل فالأفضل، وألا يقدموا الفسقة حسب الإمكان وحسب القدرة، وإذا اجتمع قوم في مكان وقت الصلاة قدموا أفضلهم، قدموا أحسنهم واجتهدوا في ذلك، هذا الذي ينبغي لهم عملا بالسنة وتعظيما لها. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 30 س: السائل: ح. أ. ر. سوداني مقيم في محافظة الأحساء، يقول: عندي في قريتي جامع وإنني إنسان متعلم، ولكنني أشرب الدخان وآكل التنباك، هل يجوز لي أن أكون إماما في هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا ينبغي لك أن تؤمهم وأنت بهذه الصفة؛ لأن الإمام يقتدى به، فإذا كنت تتعاطى التنباك والتدخين فلا ينبغي أن تؤمهم، بل ينبغي أن يلتمسوا من هو خير منك، ومن هو لا يتعاطى شيئا من المعاصي الظاهرة، والواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من الاستمرار في هذه المعصية، وأن تترك التنباك والتدخين وسائر المعاصي، وأن تستعين بالله على ذلك، وأن تصحب الأخيار؛ لأن صحبة الأخيار تعينك على الخير،   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (282). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 30 والتوبة تجب ما قبلها، لكن لو صليت بهم فالصلاة صحيحة؛ لأن الصحيح من أقوال أهل العلم أن إمامة العاصي صحيحة، والصلاة صحيحة، ولكن لا ينبغي أن يتخذ إماما من عرف بمعصية ظاهرة، والواجب على المسؤولين أن يلتمسوا للمساجد أئمة صالحين مستورين، لا يظهر منهم شيء من المعاصي؛ لأنهم قدوة وهم أئمة الناس في هذه العبادة العظيمة، وهي الصلاة عمود الإسلام. نسأل الله لنا ولك الهداية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 31 14 - حكم الصلاة خلف إمام يبيع القات س: رأيت شخصا كنت أعتقد أنه له منزلة أكبر من المنزلة التي رأيته عليها؛ وهي بيعه للقات، وذلكم الرجل إمام لمسجد، فأسأل عن الحكم وعن الصلاة خلف ذلكم الرجل؟ ج: ينبغي تنبيهه ونصيحته؛ لأن القات كثير من علماء اليمن يبيحونه ويتعاطونه، فهذا الإمام قد يكون له شبهة، يكون ممن يرى إباحته، أو يقلد من يرى إباحته من علماء اليمن، فالذي نرى نصيحته والمشورة عليه بتركه، وألا يبيعه وألا يشربه، والصلاة خلفه صحيحة والحمد لله؛ لأن الصحيح من أقوال العلماء أن الصلاة خلف الفاسق صحيحة، وإنما الجزء: 12 ¦ الصفحة: 31 تبطل إذا كانت خلف الكافر، أما العاصي فالصلاة خلفه صحيحة، لكن يشرع لك يا أخي نصيحة هذا أو التماس من ينصحه ممن هو فوقك؛ حتى يقدره ويقبل منه، وأنت في هذا على أجر، وصلاتك صحيحة والحمد لله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 32 15 - حكم الصلاة خلف إمام يأكل القات س: الأخ: م. ع. م. مدرس مصري يعمل في اليمن، يسأل ويقول: ما حكم الدين في القات، وفي متناوله، وصلاة المأمومين خلف إمام يأكل القات (1)؟ ج: القات ثبت عندنا بشهادة الثقات العارفين به من علماء اليمن وغيرهم أنه مضر، وأن فيه أضرارا كثيرة، وبذلك يكون حراما لا يجوز تعاطيه. ونوصي من يتعاطاه بأن يتركه ويحذره؛ حفظا لصحته وحفظا لماله، وسلامة من أضراره. وبعض إخواننا في اليمن يتوقفون بذلك، وبعضهم يتساهل في ذلك، ولكن الذي ثبت عندي بشهادة الثقات العارفين به أنه مضر ضررا كثيرا، وأن الواجب تركه. فنسأل الله أن يهدي إخواننا في اليمن، وفي غيره إلى تركه، والسلامة من شره. ونوصيك أيها السائل بالحذر منه. أما الإمام   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (172). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 32 الذي يأكل القات فلا بأس بالصلاة خلفه؛ لأنه معصية، وقد يكون متأولا يظن أنه جائز، فالصلاة خلفه جائزة، إذا كان الإمام يتعاطى القات فالصلاة خلفه صحيحة، ولكن ينصح في تركه لعله يستجيب، وإذا تيسر أن يكون الإمام غير من يتعاطى القات فهو أولى وأحوط. وحكمه أنه لا يجوز؛ لأنه معصية، لكن من تعاطاه واستعمله باعتقاد أنه جائز، أو أفتاه من العلماء من يراه جائزا لا يكون فاسقا، ولا يكون عاصيا لاعتقاده؛ لأنه يعتقد أنه جائز له، لكن من علم خبثه، ومن علم تحريمه إذا تعاطاه وأصر عليه يكون عاصيا، كالذي يشرب الدخان ويصر عليه وهو يعلم تحريمه يكون عاصيا، فالتدخين وتعاطي القات وكل ذلك مما يجب تركه؛ لأنه مضر جدا، وفي تعاطيه خسارة في المال وضرر على الأبدان، وتعاط لما حرم الله عز وجل. فالله يهدينا جميعا وسائر إخواننا من ترك ما حرم الله سبحانه وتعالى. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 33 16 - حكم الصلاة خلف إمام يتعامل بالربا س: يقول: صلينا مدة كبيرة وراء رجل يرابي، وبعدها تاب إلى الله تعالى، لكنه لم يرد المال الذي اكتسبه زيادة على أصحابه، ما هو الجزء: 12 ¦ الصفحة: 33 توجيهكم في صلاتنا السابقة والآن؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الصلاة صحيحة والحمد لله، والتوبة صحيحة، من تاب تاب الله عليه، إذا تاب توبة صادقة وإذا كان حين رابى جاهلا فله ما سلف، أما إن كان يعلم ويتساهل فيتصدق بما دخله من الربا، يعطيه الفقراء والمساكين؛ لأن الله يقول جل وعلا: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} (2). فإذا كان حين جاءته موعظة حين علم التحريم تاب إلى الله فله ما سلف، ولا يرد المعاملات السابقة، أما إذا كان قد علم ولكن تساهل واستمر فإن ما دخل عليه من الربا لا يجوز له، بل يجب عليه أن يصرفه في وجوه البر والخير؛ بالصدقة على الفقراء والمساكين والمشاريع الخيرية، ولا يبقيه لنفسه.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (361). (2) سورة البقرة الآية 275 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 34 17 - حكم الصلاة خلف إمام مكشوف الرأس س: الأخ: إ. م. س. ع من اليمن، يقول: هل يجوز الصلاة جماعة بإمام بدون عمامة؟ وهل العمامة من السنة في الصلاة؟ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 34 ج: يجوز أن يصلي الإمام من دون عمامة، ليست شرطا في الصلاة، ولا سنة في الصلاة، لكن الأفضل أن يصلي الإنسان بالزينة المعتادة؛ لأن الله قال: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (1). أي عند كل صلاة، فإذا صلى بعادته المعتادة فهو أحسن وأولى؛ لأنه إذا تركها قد يستنكر ذلك، وقد يقدح في عقله أو في اتزانه أو في أخلاقه، فالحاصل أنه إذا كان من عادة أهل بلده أنهم يصلون في العمامة لا يدع العمامة، يصلي في العمامة؛ حتى لا يظن به السوء، وحتى لا يقدح فيه أنه متساهل، وأنه لا يبالي بالزي المناسب، أو ما أشبه ذلك، وإلا فليست شرطا. النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء (2)» ولم يقل: ليس على رأسه. بل قال: «ليس على عاتقيه منه شيء (3)». فالمشروع أن يصلي في إزار ورداء، أما الرأس لو صلى وهو مكشوف فلا بأس، فالسنة أن يصلي في قميص أو إزار ورداء، وإذا كانت عادة البلد أن الرأس عليه عمامة أو غترة أو طاقية أو قلنسوة فيصلي كما كانوا يصلون؛ حتى لا يظن به خلاف ما   (1) سورة الأعراف الآية 31 (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، برقم (359)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، برقم (516). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، برقم (359)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، برقم (516). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 35 ينبغي، ولو تركها لأنهم يتركونها ولا يحصل بذلك بأس فلا حرج، ولو تركها عمدا فصلاته صحيحة، لكنه ينصح بأن يفعلها؛ حتى لا يظن به خلاف الأولى. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 36 س: ما حكم من يؤذن ويصلي بالناس ورأسه مكشوف، وهو يحفظ من القرآن الكريم الشيء الكثير؟ أفيدونا أفادكم الله (1) ج: لا حرج في ذلك، من يصلي ورأسه مكشوف لا بأس في ذلك؛ لأن الواجب ستر العورة وأن يكون على عاتقه شيء، إذا ستر العاتقين كان ذلك أكمل، أما الرأس فليس من الشرط ستره، والمحرم مدة إحرامه يصلي ورأسه مكشوف، لكن إذا صلى في صفته المعتادة كان هذا حسنا، ولا سيما عند الناس؛ لقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2). فإذا صلى على العادة المعروفة بملابسه المعتادة كان هذا حسنا، وإلا فلا يضره كشف الرأس.   (1) ورد هذا السؤال بالشريط رقم (324). (2) سورة الأعراف الآية 31 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 36 س: الأخ: ح. م. م، من اليمن، يقول: هل يجوز للرجل أن يؤم الناس وهو مكشوف الرأس أم لا؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (208). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 36 ج: نعم لا حرج في ذلك، لا بأس أن يصلي وهو مكشوف الرأس؛ لأن الحديث إنما جاء في العاتق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحد منكم في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء (1)» فالمقصود ستر العاتقين، أما الرأس فلا يجب ستره؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا يصلي أحدكم في ثوب واحد ليس على عاتقه (2)» وفي اللفظ الآخر: «عاتقيه منه شيء (3)» والعاتق الكتف. ولم يقل: على رأسه. وكان صلى الله عليه وسلم في إحرامه يصلي بالناس في الرداء والإزار، وهكذا الصحابة يصلون في الرداء والإزار، وكانت عادة العرب يلبسون الأزر والأردية، والرأس ليس بشرط، قد توضع عليه العمامة، وقد لا توضع عليه العمامة، فإن وضع العمامة عليه كان أحسن؛ لأنها من الزينة، وإن لم يضعها فلا حرج في ذلك والحمد لله.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (27243). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (27243). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، برقم (359)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، برقم (516). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 37 س: ما حكم من صلى بالناس إماما وليس على رأسه غطاء؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن الرأس ليس من العورة، إنما السنة أن يصلى بالإزار والرداء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي الجزء: 12 ¦ الصفحة: 37 أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (1)» فإذا صلى مكشوف الرأس فلا حرج في ذلك، لكن إذا أخذ زينته واستكمل زينته يكون أفضل؛ لقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2)، فإذا استكمل الزينة التي اعتادها في بلاده مع جماعته، وكان من عادتهم أنهم يسترون الرؤوس فهذا أفضل، أما إذا كان في بلاده ليس من عادتهم هذا، بل من عادتهم كشف الرؤوس فلا بأس أن يصلي بهم مكشوف الرأس.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (27243). (2) سورة الأعراف الآية 31 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 38 18 - حكم الصلاة خلف الجزار وثيابه ملوثة بالدم س: هل تجوز الصلاة مع أخينا الجزار وثيابه ملوثة بالدم وهو إمام؟ ج: ليس له أن يصلي بثيابه الملوثة بالدم، ولا يكون إماما، الجزار عليه أن يتخذ للصلاة ثيابا طاهرة، أو يغسل ما أصابه من الدم قبل أن يصلي، سواء كان إماما أو منفردا أو مأموما، ليس له أن يصلي بالناس، ولا أن يصلي وحده في النجاسة، وليس لك أن تصلي خلفه، بل يجب أن تنكر عليه، وأن تعلمه حتى يطهر ثيابه، أو يتخذ للصلاة ثيابا نظيفة، أما ما دامت ثيابه نجسة فإنها لا تصح صلاته، بل يجب عليه أن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 38 يطهرها، أو يتخذ ثيابا نظيفة للصلاة، هذا هو الواجب عليه، وعلى كل من أصابته النجاسة، إلا إذا وقع في وقت ليس له القدرة على غسلها، في الصحراء مثلا ما عنده ماء، ويخشى فوات وقت الصلاة فإنه يصلي على حسب حاله، ولو في الثوب النجس وصلاته صحيحة، حتى يجد ماء يغسل هذا الثوب، أو يجد ثوبا بدله حتى يزيله، ما دام مضطرا ليس عنده إلا هذا الثوب الواحد، وهو في البرية أو سجين، ما تيسر له أن يعطيه أحد ثوبا طاهرا، ولم يستطع غسله، والله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) يصلي حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا، فإذا قدر على إبداله أو تغسيله وجب عليه ذلك.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 39 19 - حكم صلاة المأموم خلف إمام يكرهه بحق س: ما حكم إذا صليت وراء إمام مكروه عندي؟ ج: إذا كنت لا تعلم فيه مكفرا فصلاتك صحيحة، ولو كرهته , الصلاة صحيحة؛ لأنك قد تكرهه بغير حق، وقد تكرهه بشيء لا يوجب كراهته، وإن كان عنده بعض المعاصي فلا يمنع ذلك صحة الصلاة، فقد الجزء: 12 ¦ الصفحة: 39 صلى بعض الصحابة خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو من أظلم الناس، فالمعصية لا تمنع صحة الصلاة خلف الإمام إذا كان مسلما وليس بكافر؛ لأن المعاصي قل من يسلم منها لا حول ولا قوة إلا بالله. المقصود أن صلاتك خلف من تكره إذا كان مسلما صحيحة؛ لأنك أنت غير معصوم، قد تكرهه بغير حق، وقد تكرهه لشيء صحيح، لكن لا يمنع صحة الصلاة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 40 س: يسأل السائل ويقول: هل تبطل صلاة المأموم الذي يصلي خلف إمام وهو كاره له؟ ج: لا، لا تبطل صلاته، لكن إذا كان كارها له بحق وجب أن يصلي خلف غيره، فلا بأس، وإلا فالأمر واسع، إذا صلى خلف إمام وإن كان بينه وبينه شيء صلاته صحيحة، أو يكرهه؛ لأنه يتعاطى بعض المعاصي صلاته صحيحة والحمد لله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 40 20 - حكم التأخر في تكبيرة الإحرام س: ص. أ، يقول: نسأل عن أولئك الناس عندما يتوجهون إلى الصلاة، نرى أحدهم في هذا التوجه ينتظر حوالي خمس دقائق حتى يكبر الجزء: 12 ¦ الصفحة: 40 تكبيرة الإحرام، فهل هذا صحيح؟ وهل عندما يتوجه يكبر تكبيرة الإحرام حالا، أم يبدأ يقرأ التوجيه ثم يكبر تكبيرة الإحرام؟ نرجو منكم التوجيه (1) ج: المشروع للإمام أنه يعمد الصفوف بالاستواء، يأمرهم يلتفت إليهم يمينا وشمالا، يقول لهم: استووا، تراصوا، أقيموا الصفوف؛ حتى يعتدلوا، فإذا اعتدلوا واستقاموا كبر، هذا هو السنة، وليس أمام التكبير ذكر مشروع بعد الإقامة، ولكن يلاحظ المصلين، يأمرهم بالاستواء وإقامة الصفوف وعدم تقدم بعضهم على بعض، تكميل الصف الأول فالأول، ثم يكبر كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (370). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 41 21 - حكم إمامة المعذور للمأموم الصحيح س: ما حكم إمامة المعذور للصحيح مع العلم أن الصحيح لا يجيد قراءة القرآن؟ ج: هذا فيه تفصيل: المعذور عذره لا يمنع شيئا من واجبات الصلاة، ولا من أركانها، فلا بأس أن يؤم مثل إنسان مقطوع اليد، أو مقطوع بعض الجزء: 12 ¦ الصفحة: 41 الأصابع أو نحو ذلك لا بأس أن يؤم الناس، أما كون عذره يمنعه من القيام يجلس فلا يؤمهم وهو جالس، يقدمون من يؤمهم غيره، إلا إذا كان هو إمام الحي، هو الإمام الراتب فلا بأس أن يؤمهم وهو جالس، كما أم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وهو جالس لما مرض عليه الصلاة والسلام، وقال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قاعدا صلوا قعودا (1)» فإذا كان إمامهم الراتب وصلى قاعدا صلوا خلفه قعودا، وإن صلوا قياما فلا حرج أجزأهم، كما فعله النبي في آخر حياته، فإنه صلى قاعدا وصلوا خلفه قياما، ولم يأمرهم بالجلوس، فدل على الجواز، أما إذا كان ليس إمام الحي فإنه لا يؤمهم وهو جالس، بل يلتمسون من يؤمهم من غير المعذورين الذين يستطيعون أن يؤموهم قياما.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 42 22 - حكم صلاة الإمام المعاق س: يسأل أخونا ويقول: هل تجوز إمامة الشخص المعوق؟ ج: التعويق فيه تفصيل: إن كان التعويق يمنعه من الركوع والسجود الجزء: 12 ¦ الصفحة: 42 فلا، فلا تجوز إمامته، يستعمل شخص صالح سليم، أما لو كان إماما راتبا فأصابه عارض مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالسا، ولا حرج في ذلك إذا كان هو الإمام الراتب وإمام الحي، أما إنسان ليس بالإمام الراتب فلا يقدم يصلي وهو معوق، يصلي قاعدا أو لا يركع أو لا يسجد، بل يلتمس إنسان صالح يستطيع الركوع والسجود ونحو ذلك. أما إذا كان المعوق لا يمنعه ذلك فيه عوق مرض في رجله في يده، لكن لا يمنعه من الصلاة قائما وراكعا وساجدا فلا بأس، لا يضر هذا ولا حرج في ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 43 س: يسأل ويقول: يوجد لدينا رجل عاجز لا يستطيع القيام من الأرض، ويمشي على يديه ورجليه، ولكنه هو أفضل واحد فينا قراءة للقرآن الكريم؛ لأنه جلس في الحرم الشريف أكثر من عشر سنوات يحفظ القرآن الكريم، هل تجوز إمامته في الصلاة؟ نرجو الإفادة أفادكم الله. ج: مثل هذا لا يكون إماما؛ لأنه عاجز عن القيام، فالواجب أن يولى الإمامة من يستطيع القيام، لكن لو كان إمام حي راتبا، ثم أصابه علة وجلس فلا بأس أن يصلوا خلفه قياما أو جلوسا، أما أن يعين وينصب وهو عاجز فلا ينصب وهو عاجز عن القيام، ولكن يلتمس من يستطيع القيام. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 43 23 - حكم الصلاة خلف إمام مصاب بسلس البول س: السائل: ع. ب. ت. يقول: هل تجوز إمامة المعذور، كمن به سلس البول للقوم الجهال، مع العلم بأنه لا يوجد في القوم من يقوم بأداء الواجب للصلاة أحسن من المعذور؛ حيث إنه أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأعلمهم بالأمور الشرعية؟ ج: الأحوط ألا يصلي بهم، ما دام معه سلس دائم الأحوط ألا يصلي بهم؛ لأن جمعا من أهل العلم يرون أنه لا تصح إمامته، فالأحوط ألا يصلي بهم، يصلي بهم غيره ولو كان أقل منه قراءة، يصلي من هو صالح للإمامة وإن كان أقل منه علما وأقل قراءة. والذي به سلس البول له أن يصلي العشاء، ثم يصلي التراويح بدون إعادة للوضوء إذا توضأ للوقت وقت العشاء، وكذا يجوز له القيام قيام الليل؛ لأنه وقت واحد. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 44 س: يقول السائل: هل يجوز لمن به سلس بول أن يقوم بتلاوة القرآن الكريم من المصحف بعد أداء صلاة الفريضة مباشرة بدون إعادة الوضوء؟ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 44 ج: نعم، إذا توضأ للوقت يصلي ويمس المصحف؛ حتى ينتهي الوقت يتنفل، فإذا توضأ للظهر يصلي الظهر ويصلي بعد الظهر ما شاء، وإذا توضأ للمغرب يصلي بين المغرب والعشاء ما شاء، وإذا توضأ للعشاء يصلي ما شاء إلى نصف الليل إلى انتهاء الوقت. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 45 س: هل يجوز لمن به عذر كسلس البول أو غيره أن يصلي بالناس إماما؟ أي هل تجوز إمامة ذلك في الصلاة؟ ج: فيها خلاف بين أهل العلم، والأولى ألا يؤم الناس ما دام معه سلس؛ لأن طهارته ناقصة، فالأولى والأحوط ألا يؤمهم، يؤمهم غيره، وإن أمهم صحت الصلاة إن شاء الله، لكن ترك ذلك أحوط؛ خروجا من خلاف العلماء. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 45 س: سائل يقول: أنا مصاب بمرض سلس البول، هل يجوز أن أؤم الناس في الصلاة؟ ج: ينبغي ألا تؤم الناس؛ لأن جملة من أهل العلم نبهوا على هذا؛ لأن حدثه دائم، فالأولى بك ألا تؤم الناس، أن تصلي مأموما وتتوضأ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 45 لكل صلاة مثل المستحاضة، وتصلي في الوقت، وتمس المصحف حتى ينتهي الوقت؛ لأن هذه الطهارة ضرورة، فأنت تصلي مع الإمام، ولا تصل إماما هذا هو الأحوط، وفيه الأخذ بما قاله أهل العلم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 46 س: يسأل: ما حكم صلاة من به سلس البول إماما؟ ج: الأحوط له ألا يصلي بالناس إذا كان إماما وبه سلس، الأحوط له أن يعتذر، وإن صلى بهم صحت صلاته إن شاء الله، يتوضأ لكل صلاة، ولكن الأحوط أنه يعتذر؛ لأن بعض أهل العلم قالوا: لا تصح صلاته إماما. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 46 س: السائل: أ. ع. ز، من الأردن، يقول: هل يجوز للمعذور؛ من به سلس بول أو رياح غليظة في بطنه هل يجوز له الوضوء قبل دخول وقت الصلاة المفروضة؛ لكي يستطيع التبكير إلى المسجد، وإدراك تكبيرة الإحرام والركعة الأولى، وكذلك لكي يستطيع السنة القبلية للفرض إذا كان المسجد بعيدا؟ وجهونا في ضوء ذلك (1) ج: الواجب على من به الحدث الدائم ألا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: «ثم توضئي   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (423). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 46 لكل صلاة (1)» فإذا كان فيه سلس البول أو الريح فالوضوء يكون بعد دخول الوقت بعد الزوال في الظهر، وبعد أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الزوال، في العصر إذا أذن المؤذن للعصر، بعد غروب الشمس في المغرب، بعد غروب الشفق في العشاء، بعد طلوع الفجر في الفجر، لا يتعجل ويمديه إن شاء الله، يمديه يصلي ولو فاتته تكبيرة الإحرام، ولو فاته الركعة الأولى لا يضر، والحمد لله إذا كان المسجد بعيدا.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 47 س: السائل: يقول: من به سلس بول هل يجوز أن يكون إماما في الصلاة؟ ج: فيه خلاف بين العلماء، والأحوط له ألا يكون إماما؛ خروجا من الخلاف، الأحوط أن يكون مأموما؛ خروجا من خلاف من منع عن ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 47 24 - حكم من صلى بالناس وفيه جرح س: ما حكم من صلى بالناس جماعة وفيه جرح؟ ج: إذا كان الجرح عليه شيء من الجبائر يمسح عليه، أو تيمم عنه؛ لأنه لا جبيرة عليه، وتوضأ وضوءه الشرعي، ثم تيمم عن محل الجرح فصلاته صحيحة والحمد لله، ولا يضر ذلك. النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه وقد أصابه ما أصابه يوم أحد عليه الصلاة والسلام؛ من الجراحات وهو إمامهم عليه الصلاة والسلام، عالجها وصلى بهم عليه الصلاة والسلام. وهكذا جحش شقه في المدينة، وسقط عن دابته، وجلس في بيته مدة وهو يصلي بأصحابه عليه الصلاة والسلام، فلا حرج في ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 48 س: السائل يقول: ما حكم الصلاة خلف إمام به جرح وعليه ضماد؟ ج: إذا كان هناك ضماد يمسح عليه، وإن كان مكشوفا لا يستطاع لا ضماد عليه ولا جبيرة فإنه يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يتيمم بالنية عن محل الجرح، وإذا كان ينزف يعالج حتى يمسك، والأولى ألا يؤم الناس إذا كان ما وجد حيلة لا جبيرة ولا شيئا يمسك الدم، هو الجزء: 12 ¦ الصفحة: 48 مثل صاحب السلس، الأحوط له ألا يؤم الناس، أما إذا كان واقفا وعليه جبيرة، أو عليه ضماد، أو ليس عليه شيء لكنه واقف فإنه يتيمم عنه إذا كان ما عليه شيء، وإذا كان عليه جبيرة مسح عليه وكفى عن التيمم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 49 س: السائل يقول: من جرح وصلى بالناس وجرحه ينزف، وليس عليه جبيرة فما حكم صلاته؟ ج: صلاتهم على الراجح صحيحة، ولا يلزمهم الإعادة والحمد لله، لا الإمام ولا المأموم. {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1).   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 49 25 - حكم الصلاة خلف إمام متيمم بمتوضئين س: هل يجوز للمتيمم أن يؤم الجماعة المتوضئين؟ ج: نعم، لا بأس أن يؤم المتيمم الناس المتوضئين، إذا كان له عذر شرعي أجاز له التيمم فإنه يصلي بالناس المتوضئين، ولا حرج في ذلك والحمد لله؛ لأن التيمم طهارة شرعية، فإذا كان مريضا لا يستطيع استعمال الماء، وتيمم فإنه يصلي بهم وإن كانوا متوضئين، أو في السفر خرجوا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 49 متوضئين، ثم قدر أنه أحدث وليس عندهم ماء فتيمم فإنه يصلي بهم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 50 س: هل يجوز للمتيمم أن يصلي إماما لعدم من يصلي بالناس إماما غيره؟ ج: يجوز أن يصلي المتيمم بالمتوضئين إذا تيمم لعذر شرعي عن الحدث الأصغر أو الأكبر، جاز أن يؤم الذين تطهروا بالماء ولا حرج في ذلك ولا بأس، ولو وجد من يصلح للإمامة إذا كان صالحا للإمامة وأمهم فلا بأس بذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 50 26 - حكم مداومة الإمام على قراءة سورة الإخلاص في كل صلاة س: السائل يقول: ألاحظ أن الأئمة يقرؤون سورة الإخلاص في الركعة الثانية بشكل دائم، فهل ذلك مشروع؟ ج: الأمر في هذا واسع، والسنة تحري صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يقرأ الإمام كما كان النبي يقرأ عليه الصلاة والسلام، يطول في الفجر وفي الظهر، ويخفف في العصر وفي المغرب تارة وتارة، تارة يطول وتارة يخفف في القراءة، والعشاء يتوسط فيها كالظهر والعصر، إلا أن الظهر أطول وهي أقرب إلى الفجر، هكذا جاءت السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يتحرى قراءته صلى الله عليه وسلم، فيقرأ في الفجر بمثل الجزء: 12 ¦ الصفحة: 50 {ق} (1)، و {وَالذَّارِيَاتِ} (2)، و {وَالطُّورِ} (3) وأشباهها من طوال المفصل، وفي الظهر أقل من ذلك، وفي العصر أقل من الظهر، وفي المغرب تارة وتارة، قرأ فيها النبي صلى الله عليه وسلم بـ: {وَالطُّورِ} (4) وقرأ فيها {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} (5)، والغالب أنه يقرأ فيها بقصار المفصل عليه الصلاة والسلام، مثل: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (6)، و {وَالضُّحَى} (7)، و {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (8)، و {إِذَا زُلْزِلَتِ} (9)، و {الْقَارِعَةُ} (10)، وإذا طول بعض الأحيان كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا من السنة، والعشاء بأوساط المفصل مثل: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (11)، و {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} (12)، و {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} (13)، و {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} (14) وأشباه ذلك، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا بذلك عليه الصلاة والسلام.   (1) سورة ق الآية 1 (2) سورة الذاريات الآية 1 (3) سورة الطور الآية 1 (4) سورة الطور الآية 1 (5) سورة المرسلات الآية 1 (6) سورة الشمس الآية 1 (7) سورة الضحى الآية 1 (8) سورة الليل الآية 1 (9) سورة الزلزلة الآية 1 (10) سورة القارعة الآية 1 (11) سورة الغاشية الآية 1 (12) سورة البروج الآية 1 (13) سورة الطارق الآية 1 (14) سورة الانفطار الآية 1 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 51 27 - حكم قراءة بعض السورة في الصلاة س: السائل يقول: الذين يقرؤون بعض السورة في الصلاة هل في هذا شيء؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن الله يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (1)، فإذا   (1) سورة المزمل الآية 20 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 51 قرأ بعض سورة أو آخر سورة فلا حرج في ذلك، وإذا قرأ بعض الأحيان في الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1)، أو قرأها مع غيرها فلا بأس، فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن بعض أئمة الأنصار يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) مع قراءته الأخرى. فسأله النبي عن ذلك، فقال: إني أقرأ بها؛ لأني أحبها؛ لأنها صفة الرحمن، وأنا أحبها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «حبك إياها أدخلك الجنة (3)» وفي لفظ قال: «أخبروه أن الله يحبه (4)» يعني: كما أحبها. فإذا قرأها مع غيرها فلا بأس، أو قرأها وحدها بعد الفاتحة فلا بأس، ولكن تحري سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والسير على منهجه في القراءة أولى وأولى.   (1) سورة الإخلاص الآية 1 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (12024). (4) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، برقم (7375)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل (قل هو الله أحد) برقم (813). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 52 س: السائل يقول: ألاحظ أنهم يقيمون الصلاة بعد الأذان مباشرة في صلاة المغرب دون صلاة ركعتين، فهل هذا صحيح؟ ج: الأفضل عدم العجلة قليلا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يبكر الجزء: 12 ¦ الصفحة: 52 في المغرب أكثر من غيره عليه الصلاة والسلام، وكان لا يجلس بعد الأذان إلا قليلا بقدر ما يصلون ركعتين، فالسنة أن يصلي ركعتين بعد الأذان، ثم يقيم الإمام بعد ذلك، لا يعجل، يتأنى شيئا حتى يدرك الذي في الطريق الصلاة، والذي يتوضأ يدرك الصلاة، ولكن لا يكون مثل الظهر والعصر والعشاء والفجر، لا بل يتقدم بها أكثر، يعني يسرع بها أكثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يتأخر فيها إلا قليلا، وكان الناس يصلون ركعتين ثم يقيم عليه الصلاة والسلام. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 53 28 - حكم الصلاة خلف من يلزم الناس بالصلاة خلفه س: عندنا رجل يؤمنا في الصلاة، ويفرض نفسه علينا دون أن يشاور أحدا في الأمر، رغم أن خلفه من هو أقرأ للقرآن منه وأعلم بالسنة منه، فما حكم الصلاة خلف هذا الرجل؟ ج: الواجب على هذا الرجل ألا يفرض نفسه على الناس، بل يشاورهم، إن أرادوه تقدم بهم، وإن لم يريدوه ترك، والواجب أيضا أن يقدر من خلفه، فإذا كان من خلفه أقرأ منه وأعلم منه فالواجب أن يكونوا مقدمين عليه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «يؤم الجزء: 12 ¦ الصفحة: 53 الناس أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا (1)» وفي رواية: «سلما (2)» فلا يجوز له أن يفرض نفسه عليهم، بل يجب عليه أن يدع هذا، الأمر شورى بينهم، فإذا رأى أعيان الجماعة وخواصهم تقديمه تقدم، وإن رأوا تقديم غيره ممن هو أفقه منه أو أقرأ منه فذلك هو الأولى والأفضل، وليس له أن يفرض نفسه على الناس، وإذا كان المسجد له مسؤول من الأوقاف، أو غير الأوقاف فالمسؤول هو الذي بيده الأمر، الأوقاف تنظر أو المسؤول نفسه الذي هو الوكيل عليه والقائم عليه؛ لكونه هو الذي بناه وعمره، المقصود إذا كان له مسؤول فالمسؤول ينظر في الأمر، وإذا كان ليس له مسؤول فالجماعة ينظرون في الأمر، ويختارون من هو أفضل في دينه وتقواه وأفضل في علمه وقراءته، ولا يقبلون لأحد أن يفرض عليهم نفسه، والصلاة صحيحة إذا صلى بهم، لكنه على خطر؛ لأنه جاء الوعيد في حق من أم قوما وهم له كارهون، فلا ينبغي له   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 54 أن يؤم قوما يكرهونه، وهو على خطر والصلاة صحيحة، لكن قد خاطر بنفسه، فينبغي له الحذر والبعد عن مثل هذا الأمر إلا برضا الجماعة وتقديمهم له. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 55 29 - حكم إمامة الناس بدون الاستئذان منهم س: السائل: هـ. هـ. و. س، من منطقة الكامل، يقول: إنه يؤم أناسا دون أن يستأذن منهم، فهل عمله هذا صحيح؟ ج: إذا قدموه وصلى بهم فليس من اللازم أن يستأذن الجميع، إذا قدمه أعيانهم أو قدمه ولاة الأمر في هذا المسجد فلا حرج. أما إذا كانوا يكرهونه من أجل خصومة بينه وبينهم وشحناء، أو من أجل بدعته، أو من أجل أنه عنده معاص ظاهرة فلا ينبغي له أن يؤمهم، وجاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة (1)» وذكر منهم: «من تقدم قوما وهم له كارهون (2)» قال العلماء: يعني: إذا أمهم بغير حق، إذا كرهوه بحق فإنه لا يؤمهم، يكرهونه لبدعته أو لشحناء بينه وبينهم لا يؤمهم، أما إذا كان هو مستقيما ومن أهل السنة وليس به بأس، ولكن كرهوه؛   (1) سنن أبي داود الصلاة (593)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (970). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون، برقم (593). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 55 لأنه يدعوهم إلى الله، لأنه يعلمهم، لأنه يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فلا، هذا لا يعتبر بكراهتهم، يؤمهم ولا يعتبر بكراهتهم، لكن إن كرهوه بحق؛ لأنه صاحب خصومة بينه وبينهم وكذلك شحناء، أو لأنه صاحب بدعة، أو يرون منه معاصي ظاهرة كالإسبال وحلق اللحية فلا يؤمهم؛ لأنه هو أخذ بهذا، فالذي يحلق لحيته أو يقصها أو يسبل ثيابه لهم الاعتراض عليه، إما أن يستقيم، وإما أن يعتزلهم، وهكذا لو كان معروفا ببدعة؛ ممن يدعو إلى الموالد ويحتفل بالموالد، أو يدعو للاحتفال بليلة السابع والعشرين ليلة الإسراء والمعراج، أو ممن يتهم بأشياء أخرى تعرف منه أماراتها ودلائلها مما هو بدعة أو معصية ظاهرة، فالحاصل إذا كان عليه أمر واضح، يكرهونه بحق لبدعته أو لدعوته إلى الباطل أو إظهاره المنكر أو ما أشبه ذلك مما هو عذر لهم في كراهتهم له فإنه لا يؤمهم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 56 30 - نصيحة للأئمة الذين يتأخرون عن صلاتي الفجر والعصر س: يلحظ بعض الإخوة على بعض الأئمة أنهم يتأخرون عن صلاتي الفجر والعصر، وإذا ما نصح بعضهم قال: إن هذا من الابتلاء والامتحان. فما هو توجيه سماحتكم لكل من الأئمة والمأمومين؟ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 56 جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب على الإمام أن يحضر للصلوات الخمس كلها، على الإمام وعلى كل مسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها، وعلى الإمام أن يحافظ حتى لا يعطل الناس، لا يعجل ولا يتأخر، بل يتحرى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويتحرى ما عين من إدارة الأوقاف من أوقات، وما يقابلها حتى لا يؤذي المصلين لا بالعجلة ولا بالتأخير، يتحرى الأوقات التي عينت له ووضحت له، يتحرى فيها صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا المأموم يسابق إلى الصلاة كلها، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر كلها ولا يتأخر، الفجر والعصر كذلك، يجب أن يعتني بهما كبقية الأوقات، لا يجوز التساهل في ذلك لا للإمام ولا للمأموم، يجب على الجميع العناية بالأوقات والحرص على أن يصليها في جماعة.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (306). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 57 31 - بيان واجب الإمام تجاه جماعة المسجد س: ما هو واجب إمام المسجد في حيه وتجاه جماعته في المسجد؟ ج: الواجب عليه تفقدهم وملاحظتهم ونصيحتهم، وألا يشق عليهم الجزء: 12 ¦ الصفحة: 57 بالتأخير ولا بالتبكير، تكون صلاته وسطا حسب التوجيهات التي إليه من المسؤولين عن الصلاة، يصلي حسب التوجيه، يحذر من التأخير الذي يضرهم أو التقديم الذي يضرهم، يكون مراعيا للأوقات التي حددت له، والتقدم اليسير أو التأخر خمس دقائق أو كذا لا يضر، المهم أنه لا يتأخر شيئا يضرهم، أو يتقدم شيئا يخالف التعليمات، بل يكون متحريا للتعليمات، وإذا تأخر قليلا عن التعليمات خمس دقائق أو نحوه كل هذا لا حرج فيه، يراعي المصلحة في ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 58 32 - بيان أن الواجب على الأئمة أن يصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم س: بعض الأئمة لهم الصفات التالية: إذا قرأ أحدهم في الصلاة الجهرية فهو يطيل قراءته ويعطيها حقها فيما يجهر فيه من الصلاة، وأما باقي الصلاة - أعني: الجزء الذي يسر فيه، وكذلك جميع الصلوات السرية - فإذا أردت أن تعطي القراءة حقها، كما وردت صفة القراءة في صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام فلا تستطيع أن تكمل الفاتحة، وخاصة في الركعتين الأخيرتين؟ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 58 ج: الواجب على الأئمة أن يصلوا كما صلى النبي عليه الصلاة والسلام، فيقول عليه الصلاة والسلام: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» فعليهم الطمأنينة والعناية بالقراءة وإيضاح القراءة، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته، فقال له لما رآه لم يتم صلاته قال له: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة وكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (2)» فالواجب على الأئمة أن يعتنوا بالصلاة، وأن يكملوها ويوضحوا القراءة؛ أن تكون القراءة واضحة ليس فيها نقص وليس فيها إسقاط حروف، بل يقرأ قراءة واضحة ينتفع بها من خلفه، فالجهرية الأولى والثانية في المغرب والعشاء، وفي صلاة الفجر وصلاة الجمعة يجهر جهرا ينفع المصلين ولا يعجل، والأفضل الترتيل، الأفضل أن يرتل، وأن يقف على رؤوس الآي، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة برقم (631). (2) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 59 يفعل حتى ينتفع المصلون بقراءته، والمأموم يستمع وينصت إلا أنه يقرأ الفاتحة، المأموم يقرأ الفاتحة، ولو كان إمامه يقرأ لم يسكت يقرؤها ثم ينصت؛ لأنه مأمور بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» وهذا عام في الجهرية والسرية، لا بد أن يقرأ المأموم، لكن لو جاء المأموم والإمام راكع أجزأه الركوع، وسقطت عنه القراءة، أو نسي فلم يقرأ أو كان جاهلا، ما يعرف الحكم الشرعي، يحسب أن المأموم ليس عليه قراءة فصلاته صحيحة، بخلاف الإمام والمنفرد فإن عليهما قراءة الفاتحة ركنا لا بد منه، لا يسقط لا جهلا ولا سهوا، بل عليهما أن يقرآ الفاتحة، أما المأموم فأمره أوسع، يلزمه أن يقرأ، فإن تركها جاهلا أو ناسيا أو ما أدرك إلا الركوع أجزأته الركعة والحمد لله، وعلى الإمام أيضا في الثالثة والرابعة من العشاء وفي الظهر والعصر، والثالثة من المغرب عليه أن يطمئن أيضا ولا يعجل؛ حتى يقرأ المأموم الفاتحة، لا يعجل، عليه أن يقرأ قراءة مرتلة متأنية؛ حتى يتمكن من خلفه من القراءة؛ لأن الناس أقسام، يختلفون في سرعة القراءة وعدم سرعتها، فالإمام يراعي المأمومين ويرفق بهم ولا يعجل، وعلى المأموم أن يعتني أيضا بالقراءة؛   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 60 حتى يقرأ قراءة تامة متصلة حتى لا تفوته الفاتحة، بعض الناس قد يقرأ قراءة مقطعة، يقف ويسكت سكتات طويلة، هذا لا وجه له، وعليه أن يقرأ قراءة متصلة حتى يتمكن من القراءة قبل أن يركع الإمام. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 61 33 - بيان كيفية دعاء الإمام في سجوده س: يقول: إذا كان الإنسان إماما فهل يجوز له الدعاء في سجوده، مثل: رب اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله أوله وآخره. وغير ذلك. كذلك الدعاء بعد التشهد الأخير، مثل قوله: " أعوذ بالله من عذاب جهنم، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال "؟ وهل يستحب للإمام وغيره في الصلاة المفروضة الدعاء في السجود وبعد التشهد الأخير، والزيادة في التسبيح في الركوع والسجود، أم أنه يقتصر على أدنى الكمال؟ ج: المشروع للجميع الإمام والمنفرد والمأموم، يشرع للجميع الدعاء في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 61 أي: حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في الصحيح. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1)» أخرجه مسلم في الصحيح أيضا. فالسنة للجميع الإمام والمنفرد والمأموم والرجل والمرأة الإكثار من الدعاء في السجود، ومن دعائه صلى الله عليه وسلم في السجود: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2)» رواه مسلم في الصحيح من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام. ومن الدعاء الحسن في السجود: اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. ويقول: اللهم أصلح قلبي وعملي، وارزقني الفقه في ديني. ويقول: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (3)» ومن التسبيح: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (4)» «سبوح قدوس رب الملائكة والروح (5)» ويكرر   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483). (3) أخرجه الترمذي في كتاب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (484). (5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (487). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 62 ذلك ما تيسر، ويقول في السجود أيضا: «سبحان ربي الأعلى (1)» لا يقتصر على الواجب مرة، بل يزيد ثلاثا أو خمسا أو سبعا، هذا أفضل، وهكذا في الركوع: «سبحان ربي العظيم (2)» أدنى الكمال ثلاث، وإن زاد فهو أفضل، خمسا وسبعا وعشرا هو أفضل، لكن يتحرى الإمام ألا يشق على الناس، تكون صلاته وسطا، ليس فيها تطويل يشق على الناس، ولا تخفيف يخل بالواجب، ولكن بين ذلك، ويكثر من قوله في الركوع والسجود: " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي " " سبوح قدوس رب الملائكة والروح ". تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (3)» متفق على صحته. ويقول صلى الله عليه وسلم في السجود والركوع: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح (4)». ويدعو في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم،   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (484). (4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (487). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 63 يدعو: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (1)» «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (2)» «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت (3)» ومن الدعاء المشروع: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (4)» هذا دعاء عظيم مشروع في السجود، وفي التشهد   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستفاد منه في الصلاة، برقم (588). (2) أخرجه أحمد في مسند من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه برقم (21621). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب استحباب خفض الصوب بالذكر، برقم (2705). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 64 قبل السلام. ومن الدعاء المشروع قبل السلام: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر (1)» وإن دعا بغير هذا من الدعوات الطيبة فكله حسن قبل أن يسلم، لكن إذا كان إماما لا يطول تطويلا كثيرا على الناس؛ حتى لا يشق عليهم، فأما المأموم فتبع إمامه، يدعو حتى يسلم إمامه، والمنفرد له أن يطول ما يشاء؛ لأنه ليس خلفه من يشق عليه، فله أن يصلي كيف يشاء مع مراعاة الأمر الشرعي في كل شيء.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (6365). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 65 34 - حكم استئجار الإمام لشخص ينوب عنه في إمامة المصلين س: هل يجوز للإمام أن يستأجر شخصا آخر ليقوم بالإمامة نيابة عنه (1)؟ ج: لا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء، إذا كان المستأجر صالحا لذلك، ووافقت عليه الجهة المسؤولة؛ كالأوقاف مثلا أو صاحب المسجد الذي عينه فيه إماما، لكن إذا ترك الاستئجار، وقال له: تنوب عني وأنا إن شاء الله أساعدك. يكون أحسن من لفظ الاستئجار؛ لأن كثيرا من أهل العلم يكره هذا اللفظ، ويكره هذا   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (116). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 65 الاستعمال لحديث: «اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا (1)» وسئل أحمد رحمه الله عن رجل يقول: أصلي بكم رمضان بكذا وكذا. قال: أعوذ بالله، ومن يصلي خلف هذا. أو كما قال رحمه الله. فالحاصل مثل هذه العبارات فيها شيء من النقص، فهو كونه يقول له: أنت تنوب عني، وأنا إن شاء الله لا أقصر في مساعدتك. أو: إن شاء أعطيك ما يعينك على حاجتك. أو ما أشبه ذلك أحسن من كونه يتعاقد معه إجارة.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه برقم (15836). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 66 35 - حكم الإمام الذي يتقاضى راتبا على إمامته وهو لا يصلي بجماعة المسجد س: مستمع يقول: ما رأي سماحتكم في الإمام الذي يهمل عمله، ويضع حمل العمل على الحارس، من أذان وإقامة وصلاة بالناس والقيام بشؤون المسجد؟ وهل المرتب الذي يتقاضاه حلال؟ ج: هذا من الخيانة، لا يجوز له أن يعمل هذا العمل، والواجب رفع أمره الجزء: 12 ¦ الصفحة: 66 إلى الجهة المسؤولة حتى يستقيم، أو يبدل بخير منه، هذا على الجماعة والمسؤولين أن يرفعوا أمره، نسأل الله لنا وله الهداية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 67 36 - حكم ذهاب الإمام إلى مكة في رمضان دون أن ينيب عنه أحدا س: يقول السائل: ما حكم من يذهب إلى العمرة في رمضان، وهو يعمل إمام مسجد ويترك الجماعة بدون إمام؟ ج: الواجب عليه أن يعين من يقوم مقامه، أو يبلغ الجهة المختصة حتى تعين من يقوم مقامه، وإذا أذنت له فلا بأس، أما أن يتساهل فلا يجوز، بل إما يعين من يقوم مقامه بمن هو مثله أو خير منه، أو يبلغ الجهة المختصة حتى تعين من يقوم مقامه إذا سمحت له، ولا يجوز له إهمالهم؛ لأن هذه أمانة، ولا يجوز الإخلال بالأمانة، يقول الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (1). ويقول سبحانه في وصف المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (2). فالواجب على الإمام إذا عرض له عارض؛ كعمرة أو حاجة أخرى أن يستنيب من   (1) سورة النساء الآية 58 (2) سورة المؤمنون الآية 8 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 67 يقوم مقامه ولا يتساهل، فإن كانت هناك حاجة إلى الاستئذان استأذن الجهة المختصة، أما إن كانت الحاجة خفيفة فإنه يستنيب من يقوم مقامه بمن هو مثله أو خير منه والحمد لله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 68 37 - حكم إمامة من لا يعرف معاني آيات القرآن الكريم س: سائل يقول: أحفظ كثيرا من كتاب الله، وأجيد قراءته قراءة جيدة، وأؤم المصلين في كثير من الأحيان، إلا أنني لا أعرف كثيرا من معاني الآيات، فهل تجوز الإمامة والحال ما ذكر (1)؟ ج: نعم، لا حرج في ذلك وإن كنت تجهل بعض المعاني، ما دمت بحمد الله تجيد القراءة فالحمد لله.   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (272). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 68 38 - حكم الصلاة خلف من عليه دين س: هل تصح الصلاة خلف من عليه دين، مع أنه فقير وحافظ للقرآن، ولم يأذنوا له أن يصلي بهم، يقولون له: بأنك عليك دين؟ هل تجوز الصلاة خلف هذا (1)؟ ج: نعم، تجوز الصلاة خلفه ولو عليه دين، كان النبي صلى الله عليه   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (377). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 68 وسلم أولا إذا أتي بصاحب دين قال: «صلوا على صاحبكم (1)» ثم ترك ذلك، وكان يصلي عليهم وعليهم دين عليه الصلاة والسلام، ويقضي عمن عليه دين إذا كان ما عنده وفاء، هذا من كرم أخلاقه عليه الصلاة والسلام، ومن جوده أنه إذا مات إنسان عليه دين، وليس عنده شيء لقضاء دينه لا يصلي عليه، ونسخ هذا الأمر الذي فيه ترك الصلاة، فالذي عليه دين يصلي عليه ويسعى في قضاء دينه بعد ذلك من ماله، أو غير ماله، المقصود أن ترك الصلاة كان أولا ثم نسخ، وكان يصلي صلى الله عليه وسلم على من عليه دين قبل الوفاء، اللهم صل عليه وسلم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الحوالات، باب من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع، برقم (2297)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب من ترك مالا فلورثته، برقم (1619). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 69 39 - حكم الصلاة خلف إمام مبتدع س: ما حكم الصلاة خلف إمام مبتدع، سواء كانت البدعة بمجال العبادات أو العقائد (1)؟ ج: لا يجوز اتخاذ المبتدع إماما؛ لأنها رفع لشأنه، فلا يجوز أن يتخذ إماما،   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (356). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 69 بل يتحرى في الإمامة أهل الصلاح والاستقامة، والسالمون من البدع، هذا هو الواجب على المسؤولين، أن يتحروا للإمامة الرجل الصالح صاحب العلم والفضل، البعيد عن البدع، لكن إذا وجد في المسجد إمام مبتدع بدعته غير مكفرة فالصلاة خلفه صحيحة، والواجب إزالته وإبداله بغيره، أما إن كان بدعته مكفرة كعبدة القبور، الذي يعبد القبور ويستغيث بالأموات هذا لا تصح الصلاة خلفه، لا تصح الصلاة لنفسه لكفره، فلا تصح الصلاة خلفه. أما إذا كان مبتدعا بدعة لا تخرجه من الإسلام، بدعة تجعله عاصيا فقط فالصلاة خلفه صحيحة، كالصلاة خلف غيره من الفساق الذين هم مسلمون، لكن عندهم بعض المعاصي كالغيبة والنميمة، وشرب المسكر وحلق اللحى، فالصلاة صحيحة، لكن لا ينبغي أن يتخذوا أئمة، ينبغي لولاة الأمور ألا يجعلوا إماما يتظاهر بالمعصية. قد صلى بعض الصحابة خلف الحجاج بن يوسف، وكان من أفسق الناس , سفاكا للدماء؛ لأنه مسلم. ومن البدع التي لا تخرج من الإسلام منها بدعة المولد إذا لم يكن فيها شرك، بل مجرد احتفال بالمولد، وقراءة دروس وقصائد ليس فيها شرك، هذه بدعة منكرة. أما إذا كان فيها شرك، فيها دعاء للنبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به صار ذلك شركا أكبر. ومثل بدعة ليلة المعراج ليلة الإسراء والمعراج والاحتفال بها، هذه بدعة لا تكفر إلا إذا كان فيها دعوة لغير الله الجزء: 12 ¦ الصفحة: 70 واستغاثة بغير الله، يكون فاعل ذلك كافرا باستغاثته بغير الله ودعائه الأموات والغائبين. ومثل: نويت أن أصلي كذا وكذا. هذه بدعة لفظية لا تكفر، معصية نقص على المؤمن، والصلاة خلف صاحبها صحيحة، لو قال: نويت أن أصلي الظهر، نويت أن أصلي كذا. هذا لا يجوز، لكن الصلاة صحيحة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 71 س: هل يجوز أن نصلي وراء إمام مبتدع، ويدعو إلى بدعته (1)؟ ج: الإمام المبتدع يجب الرفع عنه للجهات المسؤولة؛ حتى يزال، حتى يبعد عن الإمامة، حتى لا ينشر بدعته. أما الصلاة فلنا فيها تفصيل: إن كانت بدعته تكفره؛ يعني كافرا، من البدع الشركية فلا يصلى خلفه، ويجب عزله. وإن كانت بدعته مفسقة ليست مكفرة؛ يعني لا يكفر صاحبها فالصلاة خلفه صحيحة، لكن ينبغي السعي في إبعاده من ولاة الأمور؛ حتى يولى غيره صاحب سنة، والصلاة خلف الفاسق العاصي وخلف المبتدع الذي لا يكفر صحيحة، لكنه ما ينبغي أن يولى الفاسق، ولا ينبغي أن يولى المبتدع، بل ينبغي العدل مع الإمامة. أما إذا كان كافرا فإنه لا تصح إمامته، ولا الصلاة خلفه؛   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (298). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 71 كأن يعبد الأوثان، أو يستغيث بالأولياء، الحسين، أو بالبدوي، وبالشيخ عبد القادر، أو بغيره من الأموات، هذا كافر كفرا أكبر، وهكذا الذي يعرف بسب الدين، أو الاستهزاء بالدين الإسلامي، كافر لا يصلى خلفه، ولا يجوز أن يكون إماما. أما إذا كان بدعته أقل من ذلك ما تكفره؛ مثل الذي يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا. هذه بدعة، لكن لا تكفره، لا تمنع الصلاة خلفه، لكن ينصح ويعلم؛ لأن التلفظ بالنية بدعة، النية محلها القلب. كذلك الإنسان الذي يعرف بأنه يحضر الموالد، الاحتفال بالموالد، لكن ليس عنده شرك، بل يحضرها من دون أن يكون معروفا بدعوة الأموات، أو الاستغاثة بالأولياء، حضور الموالد بدعة، لكن ليست مكفرة، ينبغي إذا كان يدعو الأموات، ويستغيث بهم، وينذر لهم، ويذبح لهم، هذا يكون كافرا بهذا العمل السيئ، نسأل الله العافية، ولا يصلى خلفه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 72 س: يقول السائل: هل تجوز الصلاة خلف إمام مبتدع؛ يتوسل في دعائه بجاه الأنبياء والصالحين، ويقوم بأعمال شركية (1)؟ ج: هذا لا يصلح إماما، هذا يرفع أمره إلى الجهات المسؤولة؛   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (288). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 72 حتى يزال من الإمامة، لا يؤم الناس إلا رجل عدل معروف بالخير، ولا يجوز أن يؤمهم مبتدع مشرك بجاه فلان، هذا بدعة من وسائل الشرك، لكن إذا كان عنده أمور أخرى شركية؛ كونه يدعو الأنبياء يستغيث بالنبي، يستغيث بأهل البيت، يستغيث بالأولياء، يسألهم الشفاعة، هذا شرك أكبر، لا تصح صلاته، ولا يجعل إماما، المقصود أن الواجب على جماعة المسجد أن يرفعوا أمر هذا الإمام إلى الجهات المسؤولة، ويطلبوا تغييره بإنسان معروف بالإيمان والعدالة والاستقامة، حتى ولو كان غير مشرك، ما دام مبتدعا معروفا بالبدعة يزال ويسعى في إزاحته، لكن إن كان مسلما صحت الصلاة، إذا كانت بدعته لم تخرجه من الإسلام صحت الصلاة، أما إن كانت بدعته تخرجه من الإسلام؛ كالذي يدعو أهل البيت ويستغيث بهم، ويعتقد فيهم أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم معصومون، أو يسب الصحابة هذا ما يتخذ إماما، ولا يصلى خلفه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 73 س: سماحة الشيخ، الصلاة خلف المبتدع ما حكمها (1)؟ ج: الصلاة فيها تفصيل خلف المبتدع: إذا كان المبتدع ابتدع بدعة   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (396). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 73 تكفر كالجهمي هذا لا يصلى خلفه، والمعتزلة في صفات الله، والخوارج لا يصلى خلفهم. أما إذا كانت بدعة خفيفة؛ مثل أن يقول: نويت أن أصلي. أو عنده بدعة أخرى غير هذا من البدع الخفيفة؛ التي لا تفضي إلى الشرك فالأمر في هذا سهل، يصلى خلفه، ولكن إذا تيسر إزالته والتماس إمام من أهل السنة فهذا هو الواجب، ولكن إذا دعت الضرورة إلى أن يصلى خلفه، إذا كانت بدعته لا تكفره كالعاصي، كالذي يعرف بالمعاصي يصلى خلفه ما دام مسلما. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 74 س: يقول هذا السائل من كينيا: س. أ: هل تصح الصلاة خلف إمام مبتدع؛ يشتغل بأعمال الشعوذة والسحر؟ وما حكم الصلاة خلف هذا إذا كنا صلينا خلف هذا الإمام عدة صلوات (1)؟ ج: إن كانت بدعته تخرجه من الدين لم تصح الصلاة خلفه، أما إن كان بدعته ما تخرجه من الدين، بدعة منكرة لكن لا يكون بها كافرا؛ مثل بدعة المولد، ومثل بدعة النطق بالنية في الصلاة فهذا لا حرج، لكن ينبغي استخلاف غيره من أهل السنة، والصلاة خلفه صحيحة إذا كان لم يحكم بكفره، أما إذا كانت بدعة تكفره؛ كدعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله، والنذر   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (425). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 74 لغير الله، والذبح لغير الله هذا لا يصلى خلفه، هذا مشرك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 75 س: هل تجوز الصلاة خلف إمام مبتدع (1)؟ ج: هذا يختلف: إن كانت البدعة مكفرة؛ مثل المبتدع الذي يدعو إلى الشرك، ويجيز الشرك بالله، هذا لا يصلى خلفه. أما إذا كان المبتدع يؤول بعض الصفات، أو يتعاطى الموالد، ولكن ما عنده شرك فهذا يصلى خلفه إذا دعت الحاجة إلى ذلك كالجمعة، وإذا تيسر غيره فينبغي أن يصلى خلف غيره. أما إذا كانت بدعته مكفرة؛ كعبادة القبور والاستغاثة بالأموات هذا لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (182). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 75 س: يسأل سماحتكم: ما حكم الصلاة وراء إمام مبتدع؟ هل الصلاة وراءه جائزة؟ وما العمل إذا لم يكن بالإمكان إبعاد هذا الإمام عن إمامة المسجد (1)؟ ج: إذا كانت بدعته لا توجب كفره فالصلاة صحيحة، مثل قوله: نويت أن أصلي كذا وكذا. وما أشبهه من البدع، إذا كانت البدعة لا تكفره فإن الصلاة خلفه صحيحة، ولكن يلتمس من هو أولى منه وأفضل منه مع المسؤولين؛ حتى يعين من هو سليم من البدعة. أما إذا كانت البدعة تكفره   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (321). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 75 فلا يصلى خلفه؛ كالمبتدعة الذين يقولون: إن القرآن مخلوق. أو يرون دعاء الأموات والاستعانة بالأموات، فهو كفر أكبر. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 76 40 - حكم الصلاة خلف إمام صوفي س: في حينا مسجد، بناه جماعة من الصوفية بعد أن أردنا نحن - أهل السنة - بناءه، ولكنهم أصروا على بنائه وفعلوا، وهو الآن تحت إدارتهم وتصرفهم، ويقومون فيه بأشعار ومدائح، فهل يجوز لنا نحن أن نصلي فيه معهم وخلف إمامهم المبتدع، أم ماذا نفعل (1)؟ ج: إذا كان إمامهم ليس بكافر، وإنما عنده بعض البدع التي لا تخرجه من الإسلام فلا مانع من الصلاة معهم، ونصيحتهم وتوجيههم وإرشادهم والدعوة إلى الله بعد الصلوات، وفي حلقات العلم في المسجد؛ حتى يستفيدوا وينتفعوا، ويدعوا ما عندهم من البدع إن شاء الله؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب التناصح. أما إن كان إمامهم يتعاطى ما يوجب كفره؛ كالذي يستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو يدعوه من دون الله، أو يستغيث بالأموات وينذر لهم ويذبح لهم، هذا كفر وضلال، هذه أمور كفرية لا يصلى خلفه؛ لأن هذه الأمور من أمور الكفر بالله والشرك بالله عز وجل. وهكذا إذا كان إمامهم يعتقد اعتقادات كفرية؛ كأن يعتقد أن غير الله   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (43). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 76 يتصرف في الكون من الأولياء، وأنهم يدبرون هذا العالم كما تفعل بعض الفرق الصوفية، أو يعتقد ما يعتقده أصحاب أهل وحدة الوجود بأن الخالق والمخلوق واحد، وأن الخالق هو المخلوق، والعبد هو المعبود، ونحو ذلك من المقالات الخبيثة الملحدة، فهذا كافر ولا يصلى خلفه. أما إذا كان الذي لديه بدع دون الكفر فإن هذا يصلى خلفه، مثل بدعة المولد وليس فيها كفر، ومثل بعض البدع الأخرى التي يفعلها الصوفية وليست بكفر، بل دون الكفر، فلا تمنع من الصلاة خلفه. وأما الأشعار التي يأتي بها ينظر فيها، فإذا كانت أشعارا كفرية، مثل أشعار صاحب البردة في قوله: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم إن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم هذه أشعار كفرية، هذا اعتقاد ضال، فإذا كان أصحاب المسجد يعتقدون مثل هذه الأمور فلا يصلى خلف إمامهم؛ لأن الاعتقاد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، أو أنه يملك الدنيا والآخرة هذا كفر وضلال، والعياذ بالله، وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. وهكذا اعتقاد بعض الصوفية، وبعض الوثنية أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الجزء: 12 ¦ الصفحة: 77 الذي ينقذ الناس يوم القيامة، وينقذ من دعاه يوم القيامة، ويخرجه من النار، هذا كله كفر وضلال، إنما الأمور بيد الله سبحانه وتعالى، هو الذي ينجي من النار، وهو الذي يعلم الغيب، وهو المالك لكل شيء، وهو مدبر الأمور سبحانه وتعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم ليس بيده إخراج الناس من النار، بل يشفع ويحد الله له حدا يوم القيامة في الشفاعة عليه الصلاة والسلام، ولا يشفع إلا لأهل التوحيد والإيمان، كما قد سأله أبو هريرة رضي الله عنه، قال: «يا رسول الله، من أحق الناس بشفاعتك؟ قال: " من قال: لا إله إلا الله. خالصا من قلبه "، أو قال: " خالصا من نفسه (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «إني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة - إن شاء الله - من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا (2)» فشفاعته لأهل التوحيد والإيمان، لا لأهل الكفر بالله عز وجل. فالحاصل أن الإمام إذا كان عنده شيء من الكفر هذا لا يصلى خلفه، أما إذا كانت بدعته دون الكفر فلا مانع من الصلاة خلفه، ولكن إذا وجد مسجد آخر فيه أهل السنة فالصلاة خلفهم أولى   (1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحرص على الحديث، برقم (99). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته، برقم (199). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 78 وأحسن وأبعد عن الشر، ولكن مع ذلك ينبغي لأهل السنة أن يتصلوا بأهل البدعة بالنصيحة والتوجيه والتعليم والتفقيه، والتعاون على البر والتقوى؛ لأن بعض أهل البدع قد يكون جاهلا، ما عنده بصيرة، فلو علم الحق لأخذ به وترك بدعته، فينبغي لأهل السنة ألا يدعوا أهل البدع، بل عليهم أن يتصلوا بهم وينصحوهم ويوجهوهم ويعلموهم السنة، ويحذروهم من البدعة؛ لأن هذا هو الواجب على أهل العلم والإيمان، كما قال الله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1)، وقال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (2)، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.   (1) سورة النحل الآية 125 (2) سورة فصلت الآية 33 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 79 س: يقول السائل: إذا حضرت بقرية، وكان إمامها من الصوفية، ولا يقبض يديه في الصلاة، ولا يدلي بركبتيه قبل يديه إلى السجود، فهل تجوز صلاتي خلفه أم لا (1)؟ ج: إذا كان موحدا معروفا بالتوحيد ليس مشركا، وإنما عنده شيء من   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (69). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 79 الجهل أو التصوف، ولكنه موحد مسلم يعبد الله وحده، ولا يعبد المشايخ ويدعوهم من دون الله، كالشيخ عبد القادر أو غيره، بل يعبد الله وحده فمجرد كونه لا يضم يديه لا يمنع، هذا أمر مسنون، ضم اليدين وجعل اليمنى على اليسرى على الصدر هذا مستحب، فمن أرخاهما وأرسلهما فلا حرج عليه وصلاته صحيحة، وبهذا قال جماعة من أهل العلم، وهو المعروف من مذهب مالك رحمه الله عند أصحابه، لكن الصواب والمشروع أنه يضم، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، يضم اليمنى إلى اليسرى ويجعلهما على صدره، ويجعل اليمنى فوق كف اليسرى أو الرسغ والساعد، هذا هو الأفضل، وهذا هو المحفوظ عن الرسول عليه السلام، رواه أبو داود والنسائي وآخرون عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر (1) وهكذا جاء له شاهد عند أحمد رحمه الله في مسنده من حديث قبيصة بن هلب، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يضع يديه على صدره (2)» المقصود أن هذا هو الأفضل، لكن من أرسل فلا حرج، وصلاته صحيحة، وهكذا إذا قدم ركبتيه قبل يديه هذا هو الأفضل، وقال آخرون: يقدم يديه قبل ركبتيه؛ لما ورد في ذلك من   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد التكبير، برقم (401). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث هلب الطائي رضي الله عنه، برقم (21460). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 80 حديث أبي هريرة (1) والأمر في هذا واسع، فلا يضر الصلاة إن قدم ركبتيه أو قدم يديه، الأمر كله واسع، والصلاة صحيحة، ولكن الأفضل أن يقدم ركبتيه ثم يديه، هذا هو الأفضل، وهذا هو المعتمد، يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا هو الأفضل وهو المعتمد من حيث الدليل، وإن قدم يديه ثم ركبتيه فلا حرج في ذلك وصلاته صحيحة والحمد لله، ولا مانع من الصلاة خلف من يفعل ذلك.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8732). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 81 41 - حكم الاقتداء بالإمام في عدم قبض اليدين أثناء الصلاة س: إذا كان الإمام لا يضع يده اليمنى على اليسرى بل يسبلهما هل يقتدي المأموم به، أم يخالفه ويضع يده اليمنى على اليسرى (1)؟ ج: إذا أرسل يديه الإمام فقد خالف السنة، فلا يقتدى به، بل المأموم يضع يده اليمنى على اليسرى حتى يفعل السنة، ولا يقتدى بالإمام في خلاف السنة، وهكذا إذا كان لا يرفع عند الركوع أو عند الرفع منه، أو عند القيام إلى الثالثة فإن المأموم يرفع؛ لأن الرسول كان يرفع عليه الصلاة والسلام عند الإحرام، ويرفع عند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام إلى الثالثة، فالرسول هو المقتدى به، هو الإمام الأعظم عليه الصلاة   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (27). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 81 والسلام، فإذا قصر إمامك في صلاته ولم يأت بالسنة فأنت لا تقتدي به في خلاف السنة، بل تأتي بالسنة، وإن خالفت الإمام فقد وافقت الإمام الأعظم رسول الله عليه الصلاة والسلام. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 82 42 - حكم الصلاة خلف من يقر البدع س: من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره، هل ولو كان يقر البدع (1)؟ ج: نعم، إذا كانت بدعة لا تكفره، البدعة لا تكفره، البدعة تعتبر معصية، لا تعتبر كفرا أكبر، فيصلى خلفه، أما إذا كانت بدعته تكفره، كالذي يعبد الأموات ويستغيث بالأموات هذا يسمى بدعة، وهو شرك أكبر، فهذا لا يصلى خلفه، وهكذا إذا كانت بدعته تتضمن كفرا، مثل بدعة أهل وحدة الوجود؛ الذين يقولون: ليس هناك عابد ومعبود. بل يرون عين الإله المعبود هو عين المخلوق، وهذا كفر أكبر نعوذ بالله، فالحاصل: أن البدع التي لا تكفر، يصلى خلف صاحبها، وإذا هجر حتى يتوب فحسن، يهجر ويصلى خلف غيره حتى يتوب لعله يتوب، هذا طيب، لكن لو أن أحدا صلى خلفه، وهو ليس بكافر فإن الصلاة صحيحة، كما يصلى خلف العاصي، هذا في أصح قولي العلماء رحمة الله عليهم، وصلى بعض الصحابة كابن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج بن   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (100). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 82 يوسف الثقفي الظالم، وهو من أظلم الناس وأفسقهم، وصلى خلفه جم غفير من السلف الصالح في الحج، فلا بأس. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 83 43 - حكم الصلاة خلف من ينكر صفة الاستواء لله تعالى س: يسأل ط. م: من تشاد، ويقول: هناك إمام يؤمنا بالصلاة، وهو يقول: إن الله لا فوق ولا تحت، وإنه في كل مكان. فهل يجوز أن نصلي خلف هذا الإمام (1)؟ ج: هذا مبتدع ضال، لا يصلى خلفه، من قال: إن الله لا فوق ولا تحت. فهو كافر، الله فوق، يقول جل وعلا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (2)، ويقول سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (3)، ويقول: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (4)، {هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (5) {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (6)، وقال سبحانه:   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (344). (2) سورة طه الآية 5 (3) سورة الأعراف الآية 54 (4) سورة البقرة الآية 255 (5) سورة الحج الآية 62 (6) سورة غافر الآية 12 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 83 {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (1)، وقال: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (2) في آيات كثيرة، ومن زعم أن الله ليس فوق، وأنه في كل مكان فهو ضال مضل كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وعلى ولي الأمر أن يستتيبه لدى المحكمة، إن تاب وإلا قتل، نسأل الله العافية.   (1) سورة فاطر الآية 10 (2) سورة المعارج الآية 4 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 84 44 - حكم الصلاة خلف إمام يتلفظ بالنية في الصلاة س: يوجد إمام عندما يدخل في الصلاة يتلفظ بالنية قبل تكبيرة الإحرام بصوت مرتفع، يقول مثلا: أصلي فرض المغرب ثلاث ركعات مستقبل القبلة. ثم يكبر تكبيرة الإحرام، ويقول: هذا التلفظ سنة. فنرجو منكم توجيهنا جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: الصواب أن التلفظ ليس بسنة، بل بدعة، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلفظ بالنية ولا أصحابه، بل يقوم بنية الصلاة في قلبه ثم يكبر، وهكذا فعل الصحابة، فالتلفظ بالنية: نويت أن أصلي كذا وكذا. عند الإحرام هذا شيء محدث، وإن قاله بعض الفقهاء، لكنه قول ليس عليه   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (226). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 84 دليل، وأقوال الفقهاء إذا تنازعوا تعرض على الكتاب والسنة، فإن وافقت دليلا وجب الأخذ به، وما خالفهما ترك، قال الله جل وعلا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1)، وقال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (2)، وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يدل على التلفظ بالنية، ولكن المؤمن إذا قام إلى الصلاة ينوي بقلبه أنه يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهكذا المؤمنة من دون حاجة إلى التلفظ، فينبغي تعليم هذا ونصيحته حتى يعمل بالسنة، وحتى يدع البدعة، نسأل الله للجميع الهداية.   (1) سورة النساء الآية 59 (2) سورة الشورى الآية 10 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 85 45 - حكم ترك الذهاب إلى مسجد عرف أهله بالبدع س: لدينا بستان يبعد عنا حوالي عشرين إلى ثلاثين كيلو مترا، أذهب إليه بعد صلاة العصر مع أخي، ونصلي المغرب في البستان، وأكون أنا إمامه، وبعض الأوقات نكون جماعة إذا حضر بعض إخواني والأصدقاء، ولا أستطيع الذهاب إلى المسجد؛ لأن المساجد التي بقربنا لفئة معينة من أهل البدع ويصلون متأخرين، ولا يمكن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 85 الرجوع إلى منطقتنا، وكذلك لضيق الوقت وخطر الشارع الذي يكون مزدحما بالأطفال والسيارات، ولو خرجت إلى الصلاة قبل نصف ساعة لأدركت الصلاة في المسجد، ولكن هذا يضيع علي مراقبة العمال، وهم من السيخ ليس لهم ذمة، فهل الصلاة صحيحة؟ وما حكم العمال الذين على غير دين الإسلام (1)؟ ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرتم فلا حرج عليكم في الصلاة في البستان مع أخيك، ومع من حضر معكم، وأما الصلاة مع من ذكرتم من أهل البدع فلا تصلوا معهم؛ لأنهم ليسوا أهلا لأن يؤموكم، ولا يمكنكم أن تؤموهم، أما لو تيسر أن تؤموهم وتصلوا بهم فلا بأس، لكن كون الإمام يكون من أهل البدع فلا يصلح أن يكون إماما لأهل السنة، ولكن لا حرج عليكم في الصلاة في البستان أنت ومن حضر معك المغرب والعشاء؛ لبعدكم عن مساجد أهل السنة، وأما وجود السيخ عندكم عمالا فالواجب عليكم أن تستعملوا المسلمين؛ لأن بلادكم من جملة الجزيرة العربية، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراج الكفار منها، فالذي أنصحكم به أن تستقدموا المسلمين، وأن تبعدوا   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (63). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 86 الكفار من العمال من السيخ، أو من النصارى، أو من الهندوس، أو من غيرهم، الواجب إبعاد الكفار وتقريب المسلمين واستقدامهم للعمل في بلاد المسلمين، ولا سيما في الجزيرة العربية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإبعاد الكفار منها، وأوصى عند موته بإخراج الكفار من هذه الجزيرة، فالواجب عليكم أيها الإخوة في كل مكان أن تستعملوا المسلمين دون الكفار، وهذه ليست خاصة بكم، بل وصيتي هذه لجميع أهل الجزيرة: في البحرين، وفي المملكة العربية السعودية، وفي قطر، وفي الكويت، وفي دولة الإمارات، وفي اليمن، وفي كل مكان من الجزيرة، الواجب إبعاد الكفار، وأن يستقدم المسلمون للحاجة في الأعمال، وهم أولى بمنفعتكم والأولى بأموالكم من الكفار، لكن من هداه الله من الكفار وأسلم على أيديكم فلا بأس ببقائه إذا أسلم، نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 87 46 - حكم إطالة الإمام للسجدة الأخيرة في الصلاة س: سائل يقول: بعض الناس يطيل آخر سجدة في آخر ركعة، ويخصها بالدعاء دون غيرها، وقد يكون إماما، فنلاحظ نحن المأمومين أنه يطيل أكثر من غيرها، فما حكم ذلك جزاكم الله خيرا (1)؟   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (325). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 87 ج: لا نعلم دليلا يدل على شرعية إطالة السجود الأخير، لكن السنة أن يطيل في بعض السجدات، ولا يطيل على الناس في السجود، أن تكون سجداته معتدلة متقاربة، وهكذا الرسول عليه الصلاة والسلام كان قيامه يطيل في الأولى والثانية، ويعتدل في السجود، ولا يطول على الناس قدر الاستطاعة، وهكذا في الثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء يقرأ الفاتحة، ويركع ركوعا معتدلا ليس فيه طول كثير، ويعتدل بعد الركوع ليس فيه طول يشق على الناس، وهكذا السجود كله سواء، يكون فيه طمأنينة واعتدال وعدم عجلة، لكن لا يخص السجدة الأخيرة بالطول الذي لا يوجد دليل عليه، إنما هو مأمور بالطمأنينة وعدم العجلة، في قيامه يخشع في القراءة ولا يعجل، وفي الركوع يخشع ولا يعجل، واعتداله بعد الركوع لا يعجل فيه، وهكذا في السجود، وهكذا بين السجدتين فتكون صلاته متقاربة، هكذا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 88 47 - حكم قيام الإمام بالدعاء له وللمصلين عقب كل صلاة س: هل يجوز للإمام أن يقوم بالدعاء له وللمصلين عقب كل صلاة، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 88 أم يدعو في سره (1)؟ ج: السنة أن يدعو في سجوده في آخر التحيات لنفسه وللمسلمين، أما إذا سلم يرفع يده ويدعو هو وإياهم ليس له أصل، هذا ليس له أصل.   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (365). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 89 48 - حكم قراءة الإمام لسورة الإخلاص بعد كل أربع ركعات من التراويح س: يقول السائل: في قيام رمضان بعد كل أربع ركعات يجلس الإمام، ويقرأ سورة الإخلاص حتى ينتهي منها، فيقرؤها المصلون بصوت واحد، وذلك ثلاث مرات، ما حكم هذا العمل (1)؟ ج: هذا من البدع لا أصل له، نسأل الله العافية.   (1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم (431). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 89 49 - حكم قراءة الإمام عدة أحاديث بعد الصلاة كل يوم س: هذا السائل ع. ع. يقول: في بعض المساجد وخاصة بعد صلاة العصر يقرأ الإمام، أو أحد الإخوة عدة أحاديث من رياض الجزء: 12 ¦ الصفحة: 89 الصالحين في كل يوم، فهل هذا العمل من البدعة (1)؟ ج: ليس هذا بدعة، هذا من التذكير والتعليم؛ لأن هذا من باب تعليم الجماعة وإرشادهم لما ينبغي لهم في المسجد بعد العصر أو بعد العشاء، أو في أي وقت لتعليم الجماعة لتعليم الحاضرين، هذا كله مطلوب؛ لأنه من باب التعليم.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (430). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 90 50 - حكم الصلاة خلف شخص معتنق الطريقة التيجانية س: إذا كان شخص ما على الطريقة التيجانية فهل يجوز أن يصلي بالناس إماما (1)؟ ج: الطريقة التيجانية طريقة خبيثة رديئة، لا يجوز اعتناقها ولا البقاء عليها، ولا يجوز لأهلها أن يتخذوا أئمة في المساجد، ولا يصلى خلفهم، فالواجب تركها والحذر منها، وقد كتبنا في ذلك ما تيسر، وذلك المكتوب يوزع لمعرفة حقيقتها، فنصيحتي لأهلها أن يتركوها، وأن يستقيموا على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في خلواتهم خاصة وفي سائر أعمالهم، يقول الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2)،   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (215). (2) سورة الأحزاب الآية 21 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 90 فالأسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، لا بأحمد التيجاني ولا غيره، فالواجب على أهل الإسلام أن يتأسوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في أقوالهم وأعمالهم وسيرتهم، وأن يستقيموا على دينه وطريقه عليه الصلاة والسلام، وأن ينفذوا ما أمر الله به ورسوله، وأن ينتهوا عما نهى الله عنه ورسوله، أما العقيدة التيجانية فهي طريقة محدثة وبدعة منكرة، ولا يجوز أن يؤخذ منها إلا ما وافق الكتاب والسنة، منها ومن غيرها؛ لأن الاعتبار بموافقة الكتاب والسنة، وما خالف ذلك وجب طرحه وتركه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 91 51 - تعريف البدع وبيان حكمها س: سائل من ليبيا له سؤال طويل عن البدع؛ البدع الحسنة وغير الحسنة، يقول فيه: هل توجد بدع حسنة وبدع سيئة؟ مع أن بعض البدع لا بأس به، ولا تمس جوهر الدين في شيء. وهل لأصحاب المذاهب آراء في ظهور البدع؟ وهل منهم من أجاز البعض منها؟ لأننا عندما نتحدث إلى شخص، ونحاول إقناعه بأن بعض الذي يعمله بدعة، وكل بدعة ضلالة، فيقول: هذه لا بأس بها؛ لأنها لا تضر بالدين. مع العلم أن هناك من يرى الدعاء بعد الصلاة بالمصلين وهو الجزء: 12 ¦ الصفحة: 91 إمام، وكاد بعض المصلين أن يؤذيه؛ لأنه ترك الدعاء بهم، هذا إلى جانب تفشي كثير من البدع، أرجو توضيح هذه المسألة جزاكم الله خيرا، ووفقكم لأداء رسالتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (1) ج: البدع ليس فيها حسنة، كلها ضلالة، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «وكل بدعة ضلالة (2)» هذا كلام عظيم وقاعدة كلية عظيمة، قالها النبي صلى الله عليه وسلم، والبدع هي التي يحدثها الناس في الدين، عبادات ما شرعها الله يقال لها: بدعة. مثل: إحداث شيء ما شرعه الله في الصلاة؛ من رفع اليدين بين السجدتين، أو في آخر الصلاة، أو بعد السلام من الفريضة. هذه بدعة ما شرعها الله جل وعلا. مثل: إحداث الاحتفالات بالموالد، هذه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. مثل: إحداث البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، هذه من البدع أيضا، وما أشبه ذلك مما أحدثه الناس. والقاعدة أن كل ما أحدثه الناس في الدين، وسموه طاعة وقربة، وليس له أصل في الشرع يسمى بدعة. أما ما يظن بعض الناس أنه بدعة حسنة، وليس كذلك فهذا ليس من البدع، مثل: بناء المساجد بالأسمنت، هذا شيء جديد ولا يسمى   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (176). (2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 92 بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد، سواء كانت بالطين أو باللبن أو بالحجر أو بالخشب أو بالأسمنت، كله ما يسمى بدعة، مثل: المدارس المبنية والربط هذه ما تسمى بدعة ضلالة، وإن سماها الناس بدعة من جهة اللغة، من جهة أنها لم تكن - سابقة غير موجودة - لكن الرسول أمر بما ينفع الناس، أمر بالتعليم وأمر بتعمير المساجد، فإذا عمر الناس مسجدا بالأسمنت، أو عمر الناس مدرسة أو رباطا للفقراء أو للمهاجرين أو للغرباء فلا بأس، كل هذا ما يسمى بدعة سيئة، هذه من الأمور الشرعية؛ لأن نفع المسلمين والإحسان إليهم امتثال لأمر الله عز وجل؛ في الأمر بنفع المسلمين والإحسان إلى الفقراء وتعليم الجاهل، سواء كان يعلم في المسجد، أو يعلم في مدرسة، ليس هذا من البدع التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وإن سميت بدعة من حيث اللغة، كما قال عمر رضي الله عنه في التراويح: " نعمت البدعة هذه "، يعني من حيث اللغة؛ لأنه رتبهم على إمام واحد في كل ليلة، فسماها بدعة من حيث اللغة؛ لأنهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون أوزاعا، كل جماعة وحدهم، صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال ثم تركهم، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 93 وقال: «إني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل (1)» أو قال: إني أخاف أن تفرض صلاة الليل. فترك ذلك خوفا على الأمة من أن يفرض عليهم صلاة الليل، فلما كان في زمن عمر جمع الناس على إمام واحد يصلي بهم التراويح، وقال: نعم البدعة (2) يعني من حيث اللغة، وإلا فهي سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ورغب فيها عليه الصلاة والسلام. فهكذا الربط والمدارس التي يفعلها الناس للتعليم، وهكذا ما يسمى بالمعاهد، وهكذا ما يسمى بالمجامع للناس لتحفيظهم القرآن، أو ما أشبه ذلك على اختلاف الأسماء، أو خلوات على حسب اختلاف الناس في الأسماء، كل ذلك مما ينفع الناس وليس من البدع، بل هو من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب الحرص على تعليم الناس الخير، وجمعهم في أماكن تحفظهم وتحفظ أدوات التعليم، وليس هذا من باب البدع. أما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة، برقم (729)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان، برقم (761). (2) أخرجه البخاري في كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان، برقم (2010). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 94 وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء (1)» فهذا معناه إظهار السنن، يعني إظهار العبادة التي خفيت وجهلها الناس، فالذي يظهرها للناس ويسنها للناس له أجر عظيم؛ لأنه أحيا السنن، وليس معناه أنه يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله؛ لأن الله ذم من فعل ذلك، فقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (2)، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3)» فالإحداث منكر، ولكن إحياء السنن وإظهارها بين الناس عند خفائها، وعند جهل الناس بها هذه هي السنة في الإسلام، وهو معنى: «من سن في الإسلام (4)» ويدل على هذا أن الحديث سببه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرض على الصدقة، وحث الناس على الصدقة جاء إنسان بصرة في يده كادت كفه تعجز عنها فقدمها، فلما رأوه الناس   (1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار برقم (1017). (2) سورة الشورى الآية 21 (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور برقم (1718). (4) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار برقم (1017). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 95 تتابعوا وجاءوا بالصدقات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: «من سن في الإسلام سنة حسنة (1)»، يعني أظهر الصدقة وجاء بالمال، فتتابع الناس واقتدوا به في ذلك.   (1) صحيح مسلم العلم (1017)، سنن الترمذي العلم (2675)، سنن النسائي الزكاة (2554)، سنن ابن ماجه المقدمة (203)، مسند أحمد (4/ 359)، سنن الدارمي المقدمة (512، 514). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 96 52 - حكم الصلاة خلف من يتهاون بالصلاة س: ما حكم الصلاة خلف إنسان يصلي بعض الفرائض، ويترك بعضها تهاونا (1)؟ ج: هذا لا يصلى خلفه؛ لأنه قد أتى منكرا عظيما بإجماع المسلمين، وهو ترك الصلاة تهاونا، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه كافر بتركها تهاونا ولو بعضها، فإذا ترك الظهر تهاونا أو العصر تهاونا واستمر على ذلك، أو تارة يصلي وتارة لا يصلي يكون كافرا، فلا يصلى خلفه، بل يستتاب من جهة ولاة الأمور. وعلى ولي الأمر إذا ثبت لديه ذلك أن يستتيبه، فإن تاب وإلا قتل، ولا يصلى خلفه ولا كرامة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (2)»   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (233). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 96 وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» نسأل الله العافية والسلامة.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 97 53 - حكم الصلاة خلف إمام يدعو للتبرك بقبور الصالحين س: الأخ: ص. ي. من جيبوتي يقول: كنا نصلي في مسجد، فإذا بإمامه يأمر الناس بفعل ما حرم الله في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فمثلا في خطبة الجمعة أمرنا بأن نتبرك بقبور الصالحين، سواء كانوا أمواتا أم أحياء، كما أمرنا في حالة السؤال أن نقول: بجاه فلان. هل يجوز أن نصلي خلف هذا الإمام أم لا (1)؟ ج: لا يجوز الصلاة خلف هذا الذي يأمر بالتبرك بالصالحين وبقبورهم، هذا جاهل بالحكم الشرعي، وجاهل بالتوحيد، أما كلمة: بجاه فلان. فهذه الكلمة بدعة لا تكون كفرا، بجاه فلان أو بحق فلان لا تجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا ولا أصحابه، وليست من التوسل الشرعي، بل الواجب ترك ذلك، فلا يجوز للمسلم أن يقول في دعائه: بجاه محمد. أو: بجاه فلان. أو:   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (202). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 97 بجاه الأنبياء. أو: بحق الأنبياء؛ لأن هذا لم يشرع، ولم يرد في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أدعية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. أما كونه يأمر بالتبرك بقبور الصالحين فهذا كلام مجمل، التبرك بقبور الصالحين يقتضي أنه يسألهم أو يتبرك بهم، أو يتبرك بسؤالهم أو الاستغاثة بهم، وهذا كلام شديد خطير، مثل هذا يدل على جهله، ينبغي أن يعزل ولا يكون إماما، ينبغي أن يسعى لدى المسؤولين في إبداله بغيره، ولا يصلى خلفه إلا إذا علم وبين له الحق، وتاب من ذلك فلا حرج إن شاء الله إذا استقام وتاب، فالتوبة تجب ما قبلها. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 98 54 - حكم الصلاة خلف من يعتقد في التمائم من القرآن س: يسأل هذا المستمع ويقول: هل الصلاة وراء من اعتقد في التمائم التي تكتب من القرآن وتعلق، هل تجوز الصلاة خلف مثل هؤلاء؟ جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: الصلاة خلفهم صحيحة؛ لأنها مسألة خلافية، التمائم التي من القرآن بعض أهل العلم يجيزها، والصواب أنها لا تجوز؛ لأنها وسيلة لتعليق التمائم الأخرى، ولأن الأحاديث عامة في النهي عن التمائم،   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (396). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 98 مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (1)» هذا عام، فينبغي ترك التمائم كلها من القرآن وغير القرآن، فلا يعلق تميمة على ولده ولا على بنته ولا على دابته، لا من القرآن ولا من غير القرآن، بل يتوكل على الله، يسأله العافية والشفاء ويترك تعليق التمائم، سواء كانت من حديد أو من خرق، أو من آيات قرآنية أو من أحاديث أو من غير ذلك، الأحاديث عامة، والرسول يقول صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (2)»، «من علق تميمة فقد أشرك (3)» لكن الصلاة خلفه صحيحة؛ لأن المسألة خلافية بين أهل العلم، والذي ننصح به الإمام أن يدع هذا الأمر.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (16951). (2) مسند أحمد (4/ 154). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (16969). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 99 55 - حكم الصلاة خلف من يحلف بغير الله س: هل يجوز أن يصلى خلف إمام يحلف بغير الله، وإذا نصح لا يسمع النصيحة (1)؟ ج: الواجب أن يعزل هذا عن الإمامة؛ لأن الحلف بغير الله شرك، لكنه   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (262). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 99 شرك أصغر، والواجب أن يعزل عن الإمامة، ويرفع بأمره إلى الجهات المختصة، والصلاة صحيحة؛ لأنه مسلم، فالأصل أنه لا يخرج عن الإسلام، والصلاة صحيحة كما لو صلى خلف أهل المعاصي، لكن إذا تيسر عزله فالواجب إبعاده، إلا أن يتوب ويقلع ويدع هذا الشرك، كالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم أو الأمانة أو بشرف فلان أو بالكعبة، كل هذا لا يجوز، وهو من الشرك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (1)» وهو عند أهل العلم من الشرك الأصغر، إلا أن يكون في قلبه ما يجعله في تعظيم الله أو يعتقد فيه السر، وأنه يتصرف في الكون أو ما أشبه ذلك، فيكون شركا أكبر، نسأل الله السلامة، فالأصل في الحلف بغير الله أنه من الشرك الأصغر، وكان الصحابة يحلفون بآبائهم في أول الإسلام، ثم نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (2)» فإذا كان الإمام يحلف بغير الله ونصح ولم يقبل فإن الواجب عزله، وأن يولى من هو أسلم منه توحيدا وأقل شرا، وليرفع أمره إلى الجهات المسؤولة؛ لأن هذا أمره خطير، قد يكون عنده ما   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه برقم (331). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم، برقم (6646)، ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم (1646). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 100 يجعل الفتن أكبر، فالواجب لهذا العناية في الجماعة بالموضوع، وأن يرفعوا أمره إلى الجهات المختصة، وأن يجدوا في الأمر حتى يعزل. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 101 56 - حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله س: ما حكم الصلاة وراء رجل يستغيث بغير الله ويتوسل بالصالحين (1)؟ ج: الصلاة خلف مشرك لا تجوز، ولا يجوز أن يقتدى به؛ لأن من استغاث بغير الله يعتبر مشركا، فلا يصلى خلفه، سواء استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بالبدوي، أو بالحسين رضي الله عنه، أو بالشيخ عبد القادر، أو بغيرهم من الناس، فالذي يستغيث بالأموات ويسألهم الحاجات والمدد يعتبر مشركا، عليه أن يتوب إلى الله وأن يبادر بذلك، ومن تاب صادقا تاب الله عليه، لكن لا يتخذ إماما ولا مؤذنا، بل يجب أن يكون المؤذن من أهل التوحيد وهكذا الإمام، وإذا وجد في المسجد إمام مشرك يجب أن يزال، يجب على ولاة الأمور أن يزيلوه وأن يعينوا مكانه عالما موحدا بعيدا عن الشرك؛ لأن ذلك هو الواجب على أئمة الإسلام وعلى حكام المسلمين؛ ألا يقدموا في المساجد من هو مشرك بالله، فإن إمامته باطلة، وهكذا المؤذنون يجب أن يكونوا مسلمين؛ لأنهم يخبرون الناس بالأوقات   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (171). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 101 ويعتمد عليهم، فلا بد أن يكون المؤذن أمينا مسلما موحدا، نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 102 57 - حكم الصلاة خلف من عرف بدعاء غير الله س: هل تصح الصلاة خلف من عرف بدعاء غير الله؟ ما حكم من يصلي خلفه (1)؟ ج: من صلى خلف من يشرك بالله لا تصح صلاته، ما دام يدعو غير الله، يستغيث بغير الله، أو ينذر لغير الله، لا يصلى خلفه عند أهل العلم، لا يصلى خلف الكافر، ولا تصح الصلاة خلف الكافر، إنما الخلاف في الفاسق، أما الكافر فلا.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (283). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 102 س: أحد الإخوة المستمعين الأخ: أ. س. أ: يسأل ويقول: هل تصح الصلاة وراء الكاهن؟ علما بأنه هو الإمام، وكيف حكم صلاتنا خلفه (1)؟ ج: الكاهن هو الذي يدعي علم المغيبات، ويصدق الشياطين والجن فيما يقولون، فلا يتخذ إماما، ولا يصلى خلفه، فإن كنت أردت السؤال   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (34). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 102 عن شخص آخر بينه في سؤال آخر، أما الكهنة فهم الذين لهم أصحاب من الجن، يصدقونهم في علوم الغيب، ويدعون علم الغيب بأسبابه، ويأتيهم الناس يسألونهم عن حاجاتهم، هؤلاء لا يجعلون أئمة، ولا يصدقون ولا يسألون أيضا، لا يسألون ولا يصدقون ولا يجعلون أئمة، ولا يصلى خلفهم، نسأل الله العافية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 103 58 - حكم الصلاة خلف من يعتقد أنه يوجد في البشر من يعلم الغيب س: هل تجوز الصلاة خلف إنسان يعتقد بأنه يوجد في البشر من يعلم الغيب؟ وهل يؤكل ذبحه (1)؟ ج: من يعتقد أنه يوجد في الدنيا من يعلم الغيب هذا كافر، لا تؤكل ذبيحته ولا يصلى خلفه، ولا يجوز أن يكون إماما، ليس في الدنيا من يعلم الغيب، لا يعلم الغيب إلا الله، قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (2)، فعلم الغيب إليه سبحانه وتعالى، فلا يعلمه الأنبياء ولا غيرهم، فالذي يعتقد أنه يوجد في الدنيا من يعلم الغيب من جن أو إنس فهو كاذب وكافر، فعليه أن يتوب إلى الله جل وعلا.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (321). (2) سورة النمل الآية 65 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 103 59 - حكم الصلاة خلف من يعتقد في القبور س: الأخ: ع. من السودان يسأل ويقول: هل تجوز الصلاة خلف من يعتقد في القبور؟ ج: هذا السؤال فيه إجمال، فإن الاعتقاد في القبور أنواع: فإذا كان يعتقد فيها أنها تصلح أن تعبد من دون الله، وأن يستغاث بأهلها، وينذر لهم ويذبح لهم ويطاف بقبورهم هذا الشرك الأكبر، فلا يصلى خلفه؛ لأنه مشرك، والصلاة لا تصح إلا خلف المسلم، فإذا كان يعتقد أن أصحاب القبور يدعون من دون الله ويستغاث بهم وينذر لهم ويذبح لهم ونحو ذلك، كما يفعل بعض الجهلة عند قبر البدوي، أو الحسين، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم هذا من الشرك الأكبر. فالذين يعتقدون هذه الاعتقادات في أصحاب القبور ليسوا مسلمين، بل هم كفار، فعلهم فعل كفار قريش وأشباههم من جهلة مشركي العرب؛ لأن العرب كانت تعبد أصحاب القبور كاللات والعزى، ويعبدون الأصنام والأشجار والأحجار، ويستغيثون بهم وينذرون لهم ويذبحون لهم، فحكم الله عليهم بالشرك، قال جل وعلا في كتابه العظيم: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} (1)، ويقول   (1) سورة يونس الآية 18 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 104 سبحانه جل وعلا: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} (1)، فالذي يعبد الأصنام أو الأشجار أو الأحجار أو أصحاب القبور يعتبر مشركا في حكم الإسلام، ولا يصلى خلفه، أما إن كان يعتقد في أصحاب القبور أنه يستحب زيارتهم والدعاء لهم، كما شرع الله ذلك هذا أمر مشروع، أصحاب القبور من المسلمين يستحب أن تزار قبورهم، وأن يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، هذا لا حرج فيه. وهناك نوع ثالث يعتقد في أصحاب القبور أنه يصلى عند قبورهم، يقرأ عندها وأن هذا فيه بركة، لكن لا يعبدون ولا يدعون ولا يصلى لهم ولا يطاف لهم، لكن يرى أنه يصلى عند قبورهم للبركة؛ لأنها بقعة مباركة، أو يرى أنه يقرأ عندها أو يتحرى عندها الدعاء؛ دعاء الله لا دعاءهم، هذا من البدع ولا يكون مشركا بذلك، لكن من البدع، ينكر عليه ويبين له أن هذا غلط، وأن الله ما شرع لنا أن نصلي عند القبور، ولا أن نقرأ عندها، ولا أن ندعو الله عندها، يقول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)»   (1) سورة التوبة الآية 17 (2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 105 فالمساجد هي التي يصلى فيها ويدعى فيها ويقرأ فيها، أما القبور لا، تزار للدعاء لهم، تزار القبور إذا كانت قبور المسلمين، يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (1)» وكان يعلم أصحابه عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم، يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (2)» وفي حديث عائشة رضي الله عنها في مسلم كان يقول: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (3)» «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (4)». وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم زار القبور، قبور المدينة، فقال: «السلام عليكم يا   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974). (4) صحيح مسلم الجنائز (974)، سنن النسائي الجنائز (2039)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 111). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 106 أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (1)» هذه الزيارة الشرعية، المسلم يزور قبور المسلمين في بلده من غير شد رحال، ويسلم عليهم ويدعو لهم بالرحمة والمغفرة والعافية، هذه الزيارة فيها خير كثير، تنفع الميت والحي، الحي يتذكر الآخرة ويستعد للآخرة، ويدعو لإخوانه الميتين، والأموات ينتفعون بهذا الدعاء. أما إن كان الميت ليس بمسلم فإنما يزار للعبرة فقط، ولا يدعى له، كما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، وسأل ربه أن يستغفر لها فلم يؤذن له، فزارها للعبرة. فإذا زار قبور الكفار للعبرة والتذكر، تذكر الآخرة فلا بأس، لكن لا يدعو لهم؛ لأن الكافر لا يستغفر له ولا يدعى له، وهكذا من مات على حال الجاهلية على كفر الجاهلية، كأم النبي صلى الله عليه وسلم، ماتت على دين الجاهلية، فنهي أن يستغفر لها عليه الصلاة والسلام. فالحاصل أن زيارة القبور على هذا التفصيل، والاعتقاد في القبور على هذا التفصيل؛ من يعتقد فيها أنها تدعى من دون الله، وأنها يصلح أن تتخذ آلهة تعبد من دون الله، وتدعى من دون الله، ويستغاث بها، ويطاف بها كما يطاف بالكعبة للتقرب إلى   (1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 107 أصحاب القبور، يذبح لأهلها فهذا شرك أكبر، وهذا عمل الجاهلية، ودين الجاهلية من قريش وغيرهم، فلا يصلى خلف صاحبه، ولا تؤكل ذبيحته؛ لأنه ليس بمسلم. النوع الثاني: أن يعتقد في أهل القبور أنهم يزارون، وأنه يدعى لهم ويترحم عليهم من دون شد رحال، هذه زيارة شرعية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة (1)» والأموات في حاجة إلى هذه الزيارة، يدعى لهم ويستغفر لهم، ويترحم عليهم، هذا أمر مشروع فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به. النوع الثالث: أن يعتقد في القبور أن الصلاة عندها قربة ومفيدة، أو القراءة عندها، أو الدعاء عندها، هذا لا أصل له، هذا بدعة، لا تزار لأجل أن يدعى عندها، أو يصلى عندها، أو يقرأ عندها لا، هذا لا أصل له، بل هذا يكون في المساجد وفي البيوت، يصلي في المسجد، يقرأ في المسجد أو في بيته، يدعو في البيت أو في المسجد، هذا ليس من شأن القبور، القبور لا تزار لأجل هذا، لا تزار لأجل أن يجلس عندها للدعاء أو الصلاة عندها أو القراءة عندها، هذا ليس   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 108 بمشروع، بل هو من البدع، ومن وسائل الشرك، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 109 60 - حكم الصلاة خلف من يعتقد في الصالحين أنهم ينفعون أو يضرون س: هل يجوز أن نصلي خلف من يعتقد في الأولياء والصالحين، ويعتقد نفعهم ويلتجئ إليهم ويناديهم؟ جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: الذي يعتقد في الأنبياء والصالحين، ويلتجئ إليهم، ويسألهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب هذا مشرك شركا أكبر، هذا شرك الجاهلية، شرك أبي جهل وأشباهه، قال الله تعالى: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (2)، سماه كفرا. وقال في المشركين: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (3)، يعني اليهود والنصارى، عبدوهم مع الله ودعوهم واستغاثوا بهم، وبنوا على قبورهم المساجد، فكفروا بذلك. وهكذا وقع لقوم نوح لما توفي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهم   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (80). (2) سورة آل عمران الآية 80 (3) سورة التوبة الآية 31 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 109 رجال صالحون في قوم نوح، لما ماتوا في زمن متقارب حزن عليهم قومهم، ودس عليهم الشيطان أن يصوروا صورهم، وأن يرسموها في مجالسهم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، ففعلوا؛ صوروهم ونصبوا الصور في مجالسهم، فلما طال الأمد على الناس عبدوهم من دون الله، استغاثوا بهم ونذروا لهم وذبحوا لهم، فوقعوا في الشرك، فبعث الله إليهم نوحا عليه الصلاة والسلام، ودعاهم إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما، يدعوهم إلى الله إلى توحيد الله والإخلاص له، فلما استمروا في العناد أهلكهم الله بالغرق جميعا، ولم ينج منهم إلا من كان مع نوح في السفينة، كما قال تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} (1)، فالذي يدعو الأولياء، أو يدعو الأنبياء أو الملائكة أو الجن يستغيث بهم، ينذر لهم، يسألهم الشفاعة، يسألهم شفاء المريض، النصر على الأعداء، كل هذا كفر بالله عز وجل، ردة عن الإسلام، كما يفعله بعض الناس مع الحسين - رضي الله عنه - أو مع بدوي، أو مع ابن عربي في الشام، أو مع الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، أو غيرهم، أو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، أو مع الصديق أو مع   (1) سورة العنكبوت الآية 15 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 110 عمر، أو مع البقيع فهذا كفر لا يجوز دعاء الأموات والاستغاثة بهم، ولا دعاء الملائكة، ولا دعاء الجن، ولا النذر لهم ولا الذبح لهم، ولا أن يتقرب إليهم، يرجو نفعهم ودفع الضر منهم، كل هذا شرك أكبر، وكل هذا عمل الجاهلية، وإذا اعتقد أنهم ينفعون ويضرون من دون الله صار شرك الربوبية أكبر وأعظم، أعظم من شرك الجاهلية الأولى، إذا اعتقد فيهم أنهم ينفعون من دون الله ويضرون، وأن الله أعطاهم هذا يتصرفون في الكون صار هذا شركا في الربوبية، أعظم من شرك أبي جهل وعباد الأوثان من قريش وغيرهم، وهكذا إذا اعتقد في شجرة أو صنم، واستغاث به أو نذر له أو اعتقد أنه ينفع ويضر، كل هذا كفر أكبر، نسأل الله العافية، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وأن يتوب إلى الله مما قد وقع منه، هذا الواجب على جميع من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، بل على جميع أهل الأرض كلهم، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يشهدوا أنه لا إله إلا الله، وأنه لا معبود بحق سواه، ويشهدوا أن محمدا عبد الله ورسوله، ويعبدوا الله وحده دون كل ما سواه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويصوموا رمضان، ويحجوا البيت، وعليهم أن يمتثلوا أوامر الله كلها، وينتهوا عن نواهيه سبحانه وتعالى، هذا واجب على جميع أهل الأرض من جن وإنس، اليهود الجزء: 12 ¦ الصفحة: 111 والنصارى، أو الشيوعيين أو الوثنيين أو غيرهم، يجب عليهم جميعا أن يعبدوا الله وأن يشهدوا له بالوحدانية سبحانه، ولنبيه محمد بالرسالة، وأن يصدقوا الله ورسوله في كل شيء، وأن يصدقوا الرسل الماضين، وأنهم جاءوا بالحق، وأن يصدقوا بما أخبر الله به ورسوله عن الجنة والنار والآخرة، وعما يكون في آخر الزمان، إلى غير ذلك، يجب على كل إنسان أن يعبد الله وأن يدخل في الإسلام، وإذا كان مسلما فعليه أن يستقيم على الإسلام، وعليه أن يحفظ إسلامه، وأن يصونه عن أسباب الردة، وأن يجتهد في ترك ما نهى الله عنه، وفي فعل ما أمر الله به، يرجو ثوابه ويخشى عقابه، وفق الله الجميع. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 112 س: إذا كان الإمام الذي يؤم المصلين ممن يعتقدون في الأولياء والصالحين، ويجوزون الاستغاثة بهم فهل نصلي خلفه (1)؟ ج: هذا لا يصلى خلفه، هذا كافر، إذا كان يجوز الاستغاثة بغير الله ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات أو الطواف بالقبور فهذا لا يصلى خلفه ولا كرامة؛ لأنه كافر، والكافر لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية، ولكن ينصح ويعلم، ولا ييأس منه؛ لعل الله يهديه ويمن عليه بالتوبة.   (1) السؤال الرابع والعشرون الشريط رقم (204). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 112 س: بعض المسلمين يعتقدون أن للأولياء تصرفات تضر وتنفع، وتجذب المنافع، وتدفع البلاء، بينما هم ينتمون إلى الإسلام، ويؤدون شعائر الإسلام كالصلاة وغيرها، فهل تصح الصلاة خلف إمامهم؟ وهل يجوز الاستغفار لهم بعد موتهم؟ أفيدونا مشكورين (1)؟ ج: هذا قول من أقبح الأقوال، وهذا من الكفر والشرك بالله عز وجل؛ لأن الأولياء لا ينفعون ولا يضرون، ولا يجيئون بمنافع، ولا يدفعون مضار إذا كانوا أمواتا وصح أن يسموا أولياء؛ لأنهم معروفون بالعبادة والصلاح، فإنهم لا ينفعون ولا يضرون، بل النافع الضار هو الله وحده، هو الذي يجلب النفع للعباد، ويدفع عنهم الضرر، كما قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} (2)، فهو سبحانه النافع الضار جل وعلا، قال سبحانه وتعالى في المشركين: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (3)، فالله جل وعلا هو النافع الضار، وجميع الخلق لا ينفعون ولا يضرون، أما الأموات فظاهر؛ لأنهم قد انقطعت   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (9). (2) سورة الأعراف الآية 188 (3) سورة يونس الآية 18 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 113 حركاتهم وذهبت حياتهم، فلا ينفعون أنفسهم ولا غيرهم، ولا يضرون؛ لأنهم قد فقدوا الحياة، وفقدوا القدرة على التصرف، وهكذا في الحياة لا ينفعون ولا يضرون إلا بإذن الله، هم بزعمهم أنهم يستقلون بالنفع والضر وهم أحياء كفر أيضا، بل النافع الضار هو الله وحده سبحانه وتعالى، ولهذا لا تجوز عبادتهم ولا دعاؤهم ولا الاستغاثة بهم ولا النذر لهم ولا طلبهم المدد، ومن هذا يعلم كل ذي بصيرة أن ما يفعله الناس عند قبر البدوي، أو عند قبر الحسين، أو عند قبر الكاظم، أو عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو ما أشبه ذلك من طلب المدد والغوث أنه يكفر بالله، بل يشرك بالله سبحانه وتعالى، فيجب الحذر من ذلك والتوبة من ذلك والتواصي بترك ذلك، ولا يصلى خلف هؤلاء؛ لأنهم مشركون بعملهم هذا شركا أكبر، فلا يصلى خلفهم، ولا يصلى على ميتهم؛ لأنهم عملوا الشرك الأكبر الذي كانت عليه الجاهلية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان عليه أبو جهل وأشباهه من كفار مكة، وعليه كفار العرب وهو دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والأشجار والأحجار، هذا عين الشرك بالله عز وجل، والله يقول سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1). والواجب على أهل العلم أن يبينوا لهم، وأن يوضحوا لهم الحق، وأن يرشدوهم إلى الصواب، ويحذروهم من هذا الشرك بالله عز وجل. يجب   (1) سورة الأنعام الآية 88 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 114 على العلماء في كل مكان؛ في مصر والشام والعراق ومكة والمدينة وسائر البلاد أن يرشدوا الناس ولا سيما عند وجود الحجاج، يجب أن يرشدوا ويبينوا لهم هذا الأمر العظيم والخطر الكبير؛ لأن بعض الناس قد وقع فيه في بلاده عن جهل أو تقليد، فيجب أن يبين لهم توحيد الله، ومعنى: لا إله إلا الله. وأن معناها: لا معبود بحق إلا الله. فهي تنفي الشرك وتنفي العبادة عن غير الله، وتثبت العبادة لله وحده، وهذا معنى قوله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (2)، وهذا هو معنى قوله جل وعلا: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (4)، وقوله سبحانه: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (5)، فالواجب توجيه العباد إلى الخير وإرشادهم إلى توحيد الله، وأن الواجب على كل إنسان أن يعبد الله وحده، ويخصه بالعبادة وبالدعاء والخوف والرجاء وبالتوكل وطلب الغوث والصلاة والصوم وغير ذلك كله لله وحده، لا يجوز أبدا أن يعبد شيء من ذلك من دون الله سبحانه، سواء كان نبيا أو وليا أو غير ذلك، فالنبي لا يملك لنفسه   (1) سورة الإسراء الآية 23 (2) سورة البينة الآية 5 (3) سورة الزمر الآية 2 (4) سورة الزمر الآية 3 (5) سورة غافر الآية 14 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 115 ضرا ولا نفعا، لكن يتبع ويطاع في الحق، يطاع ويتبع ويحب المحبة الصادقة له، ونبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء وأشرفهم، ومع هذا لا يدعى من دون الله ولا يستغاث به ولا يسجد له، ولا يصلى له، ولا يطلب المدد منه، ولكن يتبع ويصلى عليه ويسلم عليه، ويجب أن يكون أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا وأولادنا وآبائنا وغير ذلك، هذا هو الواجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين (1)» لكن هذه المحبة لا تجوز لنا أن نشرك به، لا تسوغ لنا أن ندعوه من دون الله، أو نستغيث به أو نسأله المدد أو الشفاء، بل نحبه المحبة الصادقة؛ لأنه رسول الله إلينا، ولأنه أفضل الخلق، ولأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة، نحبه لله محبة صادقة فوق محبة الناس والمال والولد، ولكن لا نعبده مع الله، وهكذا الأولياء نحبهم في الله، ونترحم عليهم من العلماء والعباد، ولكن لا ندعوهم مع الله، ولا نبني على قبورهم ولا نستغيث بهم، ولا نطوف بقبورهم، ولا نطلبهم المدد، كل هذا شرك بالله، ولا يجوز الطواف بالكعبة إلا لله وحده، فالذي يطوف بالقبر لأجل   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، رقم (15)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين وإطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة، برقم (44). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 116 طلب الفائدة من الميت، أو طلب المدد أو طلب الشفاء، أو طلب النصر على الأعداء كل هذا من الشرك بالله عز وجل، فالواجب الحذر منه غاية الحذر. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 117 س: يقول السائل: هل الصلاة صحيحة خلف من يقول بعذر عباد القبور؟ فإنني وكثير من إخواني لا نصلي خلفهم لعدم تكفيرهم القبوريين، وإذا صليت خلفهم ارتبت في صلاتي، وصليتها من جديد (1)؟ ج: لا يصلى خلف القبوريين الذين بين المسلمين، لا يصلى خلفهم؛ لأن الصلاة لا تصح خلف المشرك، فالذي يعبد القبور لا يصلى خلفه؛ كعباد الحسين وعباد البدوي وعباد أمثالهم، وعباد الشيخ عبد القادر الجيلاني، وعباد الأصنام وغير هذا، كل من كان يعبد غير الله يدعوه أو يستغيث به، أو يطوف أو يسأله قضاء الحاجة أو يصلي له أو يذبح له، أو ما أشبه ذلك هؤلاء لا يصلى خلفهم؛ لأن ظاهرهم الكفر، فلا يصلى خلفهم، وهكذا من يدعو إلى ذلك ويجيز ذلك ويحبذه لا يصلى خلفه، وإذا صلى خلف القبوري يعيد صلاته.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (152). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 117 61 - حكم الصلاة خلف من يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم س: يسأل أخونا ويقول: ما رأيكم في الصلاة خلف إمام يتوسل بالنبي؛ كأن يدعو في آخر الدعاء بقوله: بحرمة النبي أحمد؟ هل تجوز الصلاة خلفه أم لا؟ وهل علينا إعادة الصلاة التي صليناها خلفه؟ وقد سألت عالما عندنا، فأفتى بأنه جائز التوسل بالنبي؛ لأن النبي كان يتوسل بحمزة، وعمر بن الخطاب توسل بعم النبي العباس، أفتونا في هذا بارك الله فيكم (1)؟ ج: التوسل بحرمة النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاه النبي أو بحق النبي صلى الله عليه وسلم، أو بحق الأنبياء أو بجاه الأنبياء هذا بدعة عند أهل العلم، عند جمهور أهل العلم بدعة لا يجوز؛ لأن الله ما شرعه لنا، والتوسل عبادة، فلا يجوز أن يفعل إلا ما شرعه الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز أن يقال: أسألك بحق فلان، أو بجاه فلان، أو بذات فلان، لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره. وإنما يتوسل العبد بأسماء الله وصفاته،   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (147). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 118 كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1). وكما في الحديث: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت (2)» الحديث. وكما توسل أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة، الذين دخلوا غارا بسبب مطر والمبيت، فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، ولم يستطيعوا إزالتها، فقالوا فيما بينهم: لا ينجيكم من هذا إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم. فسألوا الله بصالح أعمالهم، فأزاحها عنهم سبحانه وتعالى، وهذا ثابت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بأدائه الأمانة، والثالث توسل بعفته عن الزنى، فأزاح الله عنهم الصخرة بأسباب أعمالهم الطيبة التي توسلوا بها إلى الله عز وجل؟ أما التوسل بجاه فلان وحق فلان فهذا ليس بمشروع، ولكن تصح   (1) سورة الأعراف الآية 180 (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22456). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 119 الصلاة خلف من فعل ذلك؛ لأنه ليس بكافر، إنما هو عاص مخطئ في هذا الأمر، أتى بدعة لا تخرجه من الإسلام، فإذا صلى الناس خلفه فلا حرج في ذلك، الصلاة صحيحة، لكن وجود غيره أولى منه، وجود إنسان لا يتوسل بهذه البدعة يكون أفضل وأولى من إمامته، وينبغي أن ينصح ويعلم ويوجه. أما قول العالم الذي سألتم أنه يجوز فهذا قول خطأ، وإن كان قد قال به بعض أهل العلم، لكنه خطأ على الصحيح عند العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» والتوسل بالجاه وبالحق محدث، فلا يجوز فعله، ثم هو وسيلة إلى الغلو والشرك، فينبغي تركه، والنبي صلى الله عليه وسلم ما توسل بحمزة، ولا عمر توسل بالعباس، إنما توسل بدعائه، فهم إذا استسقوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم ليدعو لهم، يقول: يا رسول الله، قد أجدبنا، هلكت الأموال، هلكت الأنفس، فادع الله لنا. فيستغيث لهم، وهذا توسل بدعائه عليه الصلاة والسلام في حياته، وقد فعلوا ذلك في خطبة الجمعة، فاستغاث لهم وأغاثهم الله، وقد طلبوا منه   (1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم (1718). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور برقم (1718). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 120 الاستغاثة، فخرج إلى الصحراء وصلى بهم ركعتين، واستغاث لهم فأغاثهم الله. وهكذا فعل عمر لما أجدبوا في عهد عمر، قال: «اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا بنبينا فتسقينا (1)» توسلنا بنبينا يعني بدعائه ما هو بذاته، بدعائه عليه الصلاة والسلام، يدعو لهم، يتوسلون بدعائه، يعني أنه يدعو لهم، فيستغيث لهم، يرفع يديه ويدعو فيغيثهم الله، ثم إنهم توسلوا بالعباس ما هو بذاته، ما قالوا: إنا نسأل بجاه العباس، لا، إنما قالوا للعباس: ادع الله ونؤمن. فالعباس قام ودعا وأمنوا على دعائه، هذا استسقاؤهم به، فلا ينبغي أن يلتبس على المؤمن هذا الأمر، التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالعباس إنما هو بالدعاء، طلبوا من النبي أن يدعو لهم فدعا لهم عليه الصلاة والسلام، وهكذا عمر طلب من العباس أن يدعو ويستغيث، ففعل العباس ودعا وأمن المسلمون فأغاثهم الله، وفق الله الجميع.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا برقم (1010). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 121 62 - حكم الصلاة خلف المشعوذ ومن يدعي علم الغيب س: ما حكم الصلاة خلف المشعوذين ومن يدعي علم الغيب ويعمل الجزء: 12 ¦ الصفحة: 121 البخور، ومن هذا عمله (1)؟ ج: إذا كان ممن يدعي علم الغيب، أو يعرف بعبادة الجن هذا لا يصلى خلفه؛ لأنه كافر، ويجب على أهل الإيمان هجره والتحذير منه ورفع أمره إلى ولاة الأمور، إذا كان في بلاد يمكن أن يحكم عليه ويمنع، وعليهم أن يجتهدوا في القضاء عليه من طريق ولاة الأمور، ويحذر الناس منه ولا يصلى خلفه، أما إذا كان دواؤه بالدواء المعتاد، العلاج المعتاد بين الناس الذي ليس فيه عبادة الجن، وليس فيه دعوى علم الغيب، ولا يشتمل على نجاسة، وإنما هي أمور معروفة ومعتادة بين الناس، يستعملونها في علاج المرضى، فينفع الله به هذا لا حرج عليه، وإذا كان أهلا للإمامة صلي خلفه.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (185). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 122 س: هل تجوز الصلاة خلف إمام مشعوذ ودجال، علما بأن منهم من يجيد قراءة القرآن؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: إذا كان الإمام مشعوذا يدعي علم الغيب، ويقوم بخرافات من المنكرات ما ينبغي أن يتخذ إماما، ولا يصلى خلفه؛ لأنه من ادعى علم الغيب، يكون كافرا، نسأل الله العافية، يقول جل وعلا:   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (167). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 122 {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (1)، وإذا كان عنده شيء من المعاصي وليس عنده دعوى علم الغيب، ولكن عنده شيء من المعاصي فينبغي التماس غيره، وإن صحت الصلاة خلفه؛ لأن الصحيح أن الصلاة تصح خلف العاصي إذا كان ما هو بكافر، تصح الصلاة خلفه، لكن ينبغي التماس من هو أحسن منه، وأن يوظف للمسلمين الأخيار والطيبون؛ حتى يكونوا أئمة لهم، أما العصاة فلا ينبغي أن يتخذوا أئمة، لكن لو وجدوا وصاروا أئمة صحت الصلاة خلفهم؛ لأن هذا قد يبتلى به الناس، أما إذا كان كافرا يدعي علم الغيب، أو يدعو غير الله ويستنجد بالموتى، ويستغيث بهم ويطلبهم المدد فهذا لا يصلى خلفه، أو ساحر يسحر الناس، ويتعلم السحر ويعلمه الناس لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية.   (1) سورة النمل الآية 65 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 123 س: يقول السائل: لديهم إمام مسجد يعمل في أعمال الدجل والسحر وفك الأعمال، فهل تجوز الصلاة خلفه (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن كان يتعاطى أمورا كفرية من السحر أو دعاء الجن، أو الاستغاثة بالجن فهذا كفر أكبر لا يصلى خلفه، أما إن كان   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (341). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 123 عنده أمور أخرى غير الشرك الأكبر، فالصلاة خلفه صحيحة، كما يتعاطى بعض الناس التمائم من القرآن يعلقها، فهذه فيها شبهة وإن كانت لا تجوز، لكن لا تمنع عن صحة الصلاة خلفه، أما إذا كان يتهم بالشرك ويتهم بالكفر واستغاثة بالجن، ويكتب التمائم الشركية التي فيها دعوة غير الله من الشرك بالله، أو فيها تعلق بالسحر أو تصديق السحرة، أو أنهم يعلمون الغيب أو خدمة السحرة بدعاء الجن والاستغاثة بالجن ونحو ذلك، المقصود أنه إذا كان يتعاطى السحر أو الاستغاثة بالجن ونحو ذلك فذلك من الكفر الأكبر، نسأل الله العافية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 124 س: السائل: ع. د. م. يسأل ويقول: يوجد رجل يؤمنا في الصلاة، إلا أنه يعمل بعض الأعمال، فمثلا يصنع الحجاب للناس ويكتب بعض الأوردة السحرية، ويكتب ما يسمى بالمحو، وهي عبارة عن آيات يكتبها ثم يغسلها في إناء ثم يعطيها للناس يشربونها؛ زعما أن ذلك ينفعهم، ما حكم الدين في هذا الرجل؟ وهل تجوز إمامته (1)؟ ج: إذا كان الرجل معروفا بما ذكرته أنه يكتب الأحجبة، التمائم التي تعلق على الناس هذا لا يجوز، ما ينبغي أن يكون إماما؛ لأن تعليق   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (272). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 124 التمائم من الشرك، من الشرك الأصغر، ولا يجوز للمسلم فعلها ولا تشجيع الناس عليها، بل يجب تركها، وهكذا إن كان يتعاطى السحر فهو أعظم، كذلك إذا ثبت عليه أنه يتعاطى السحر فالسحر شرك أكبر لا تجوز إمامة صاحبه، بل إمامته منكرة باطلة، أما كتابة الآيات في الصحون والأوراق يسمونها المحو، إذا كان معروفا بالخير، يكتب بعض الآيات والأدعية بالزعفران فلا حرج في هذا عند أهل العلم، لكن كونه يكتب الأحجبة، التمائم التي تعلق على الناس على الأولاد والمرضى هذا منكر عظيم، ومثل هذا لا ينبغي أن يكون إماما، بل يرفع الأمر إلى المسؤولين حتى يفصل ولا يكون إماما، أما إن كان يتعاطى السحر أو يتعاطى عبادة القبور، ويستغيث بالأموات هذا لا يجوز أن يكون إماما، هذا الكفر الأكبر والعياذ بالله، بل يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، يجب على ولي الأمر والمحاكم الشرعية أن تستتيبه، فإن تاب وإلا قتل، نسأل الله العافية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 125 63 - حكم الصلاة خلف المشعوذ بعد إعلانه التوبة س: يقول السائل: يوجد لدينا إمام مسجد بالقرية التي نسكنها، وهذا الإمام يقوم بمعالجة الناس مستخدما التعامل مع الجن، وإنه طبيب الجزء: 12 ¦ الصفحة: 125 شعبي، ويقول هذا الإمام إنه تاب من ذلك التعامل، وبدأ ينهج نهجا صحيحا. برأيكم هل نستمر بالصلاة خلف هذا الإمام (1)؟ ج: هذا يحتاج إلى سؤال أهل الخبرة به من الصلحاء والأخيار والثقات، فإذا علمت توبته فالحمد لله، لا مانع من بقائه في المسجد والصلاة خلفه، أما إذا كان متهما ببقائه على عمله السيئ، واستخدام الجن فلا يصلى خلفه، بل يجب الإنكار عليه ورفع أمره إلى الجهة المسؤولة، إلى الهيئة أو إلى المحكمة؛ حتى يمنع من هذا العمل السيئ ويؤدب بما يستحق، لكن متى ثبتت توبته ورجوعه إلى الله وترك هذا العمل السيئ من طريق الثقات الأثبات، أو من طريق المحكمة فلا بأس بالصلاة خلفه.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (238). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 126 س: يقول السائل: عندنا إمام لمسجدنا ومدرس للمواد الدينية، يأتي إليه المرضى فيعمل لهم حرزا أو بيضة دجاجة يكسرها في بيت المريض في محافظتنا، هل تصح الصلاة وراءه حفظكم الله (1)؟ ج: هذا خطير ومنكر عظيم، لا يجوز أن يفعل هذا الفعل، فإن اتخاذ الحروز منكر، وهي التمائم وتسمى الحجب، ويسميها بعض الناس   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (120). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 126 الجوامع، لا تجوز، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1)» والتميمة هي الحرز وهي الجامعة، وهي الحجاب كما يسميها بعض الناس، وهي شيء يعلق على الأولاد أو على المرضى، أو على الكبار عن العين أو عن الجن، يكتبون فيها كتابات في رقاع، أو يضعون ودعا أو خرزا، أو يضعون طلاسم حروفا مقطعة لا يدرى ما معناها، يكتبونها ويجعلونها في رقع، ويربطونها على الصبيان، أو على المرضى أو على الكبار، ويزعمون أنها تدفع العين أو تدفع الجن، كل هذا باطل، كل هذا غلط ومنكر؛ لأن الرسول أنكر هذا عليه الصلاة والسلام، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن لا يفعل ذلك، وهذا من الشرك، وهو من الشرك الأصغر، لكن إذا كان صاحبه يعتقد أنها تنفع وتضر من دون الله هذا يكون شركا أكبر، نعوذ بالله، فالحاصل أنه لا يجوز تعاطي هذا الشيء، وهكذا كسر البيضة في بيت المريض، أو في البيت الذي يعتقد أنها تنفعه هذه خرافة لا أساس لها، بل هو من الدجل والكذب والخداع، ومثل هذا لا ينبغي أن يتخذ إماما، ولا يؤمن أن   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (16951). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 127 يكون عنده عقائد خبيثة أكثر من هذا، وينبغي ألا يصلى خلفه، وأن يبعد عن الإمامة ويسعى في ذلك، إلا أن يتوب توبة صادقة ظاهرة بارزة واضحة، والتوبة تجب ما قبلها، والله المستعان. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 128 64 - حكم الصلاة خلف مستور الحال س: هل تصح الصلاة خلف مستور الحال في المجتمع الذي أعيش فيه أم لا؟ والمجتمع الذي يعيش فيه السائل مجتمع فيه بدع، تكثر فيها المعتقدات الباطلة؛ من قبوريين واعتقاد في الموتى وغير ذلك من المعتقدات الفاسدة (1)؟ ج: نعم إذا كان مستور الحال، ولا تعرف عنه شيئا من الشرك وهو مسلم يتظاهر بالإسلام تصح الصلاة خلفه والحمد لله، حتى تعلم ما يوجب منع ذلك؛ من ظهور الكفر والشرك، أما ما دام مستورا مع المسلمين لا يظهر منه ما يوجب ردته فإنك تصلي خلفه والحمد لله.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (106). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 128 س: هل تصح الصلاة خلف من لم نعرف حاله (1)؟ ج: نعم من كان ظاهره الإسلام ويؤم المسلمين فإنه تصح الصلاة   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (155). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 128 خلفه، حتى يتبين منه ما يدل على أنه كافر لا تصح الصلاة خلفه، ولو بان أنه فاسق فإن الصلاة خلف الفاسق صحيحة في أصح قولي العلماء، لكن متى بان أنه كافر عند ذلك لا يصلى خلفه، ويمنع من الإمامة، ولا تصح الصلاة خلفه، كالذي يظهر أنه منافق يسب الدين ويستهزئ بالدين، أو يسب الرسول عليه الصلاة والسلام، أو ما أشبه ذلك مما يوجب ردته عن الإسلام، أو يظهر منه أيضا أنه يعبد أصحاب القبور، ويستغيث بهم وينذر لهم وما أشبه ذلك مما يدل على ردته وكفره، نسأل الله السلامة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 129 65 - حكم الصلاة خلف إمام يميل عن جهة القبلة قليلا لضعف بصره س: يقول هذا السائل: يوجد بالحي الذي أقيم فيه إمام كبير في السن، وهو إمام للمسجد ومؤذن في نفس الوقت، يأتي في بعض الأحيان للأذان في وقت متأخر؛ أي بعد الأذان بخمس دقائق أو عشر دقائق تقريبا أو أكثر، وثانيا عندما يصلي يكون اتجاهه في الركعة الثانية قد بدأ يميل خارجا عن القبلة، إما شمالا أو يمينا، ولعلمكم نظره بسيط، وقد سألناه مرة من أجل الميول، فقال: يا إخوان بأن القبلة واسعة وعريضة ولا بأس في ذلك. فهل إجابته هذه تكفي؟ أم بماذا تنصحوننا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 129 وتنصحونه سماحة الشيخ؟ ج: فإننا ننصح المذكور بأن يعتني بالأذان في وقته، وأن يؤذن مع الناس؛ حتى لا يسبب تأخر جماعة مسجده عن الحضور عن الوقت الذي ينبغي، وحتى لا يلبس على الناس، فالواجب عليه المحافظة على الوقت والعناية بالوقت، هذا هو الواجب عليه لأنها أمانة، والله يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (1)، أما القبلة فأمرها واسع كما قال صلى الله عليه وسلم: «ما بين المشرق والمغرب قبلة (2)» بالنسبة للشمال والجنوب ما بين المشرق والمغرب قبلة، وبالنسبة للمشرق والمغرب ما بين الشمال والجنوب قبلة، لكن يشرع التحري الكامل للقبلة، هذا هو الأفضل، وإلا فلا يضر الميل اليسير بالنسبة لليمين والشمال، ما يضر والحمد لله.   (1) سورة النساء الآية 58 (2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة، برقم (342). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 130 66 - نصيحة عامة لأئمة المساجد س: نصلي مع إمام ضيق الصدر ومصاب بكثير من الأمراض، ويؤخر إقامة الصلاة، ونحن على خلاف دائم معه؛ مما اضطر الجزء: 12 ¦ الصفحة: 130 بعض المصلين إلى أن يصلوا في مساجد أخرى غير ذلك المسجد، نرجو من سماحتكم نصح هذا الإمام ونصح الأئمة حتى يكونوا على وفاق مع جماعتهم، جزاكم الله خيرا (1). ج: الواجب على الأئمة جميعا أن يتقوا الله، وأن يتحروا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاتهم وفي كل شؤونهم، والواجب على الجماعة أن يتقوا الله أيضا، وأن يكونوا عونا للأئمة على فعل السنة، الإمام يتحرى السنة في صلاته، في قراءته وركوعه وسجوده حتى لا يشق على الناس، ويتحرى السنة أيضا بألا يتأخر عنهم ويحبسهم في المسجد، يأتي في أوقات محددة ويراعي الأوقات المحددة؛ حتى لا يشق على الناس ويرفق بهم، والجماعة عليهم أن يراعوا ذلك أيضا ولا يشقوا عليه، ويلجئوه إلى أن يخالف السنة، أو يلجئوه إلى أن يوكل حتى تكون الصلاة لكثير من الناس، بل يتعاونوا مع أخيهم الإمام، والجماعة يتعاونون على البر والتقوى، وعلى العناية بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ حتى يكون أداؤهم للصلاة على وجه مرضي، وإذا كان الإمام يعاندهم ولا   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (212). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 131 يعتني بالسنة يرفع أمره إلى الأوقاف، وإذا كانت الأوقاف لم تلب الدعوة، ولم تبال يرفع إلى المحكمة؛ حتى تنظر المحكمة في الموضوع، أو إلى الهيئة من باب التعاون على البر والتقوى، وإن استقام الأمر فالحمد لله، والواجب على الإمام ألا يلجئهم إلى المحكمة أو إلى القاضي، بل يتحرى السنة ويعلمهم السنة؛ حتى يعلموها، وحتى يقتنعوا بها وبأن عمله طيب، وإذا لم يقتنعوا فالمحكمة أو الهيئة ترشد الجميع، إذا كانت الأوقاف لم تقم بالواجب، نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 132 67 - حكم الاعتذار عن إمامة المصلين وتعليم الناس الخير بسبب الخجل س: إنني كثير الخجل، ولا أستطيع أن أؤم الناس، رغم أني في بعض الحالات أكون الأقرأ لكتاب الله، وإذا وجه إلي سؤال أرتعش من الخجل، ما هو الحل لقضيتي (1)؟ ج: الواجب على المؤمن وعلى طالب العلم أن تكون عنده همة عالية؛ من القوة والنشاط في إبلاغ الخير والدعوة إلى الخير، وتعليم   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (146). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 132 الجاهل وإرشاد الضال، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير (1)» لكن المؤمن القوي الذي يعلم الناس ويصلي بهم إذا احتاجوا، ويقرأ عليهم العلم ويرشدهم، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر أفضل من المؤمن الضعيف العاجز الذي لا يستطيع تعليمهم ما ينفعهم. ووصيتي لهذا السائل أن يتقي الله، وأن تكون همته عالية، وأن يؤم الناس إذا كان أفضل الموجودين، وأن يبادر بذلك، وأن يظهر علمه إن كان عنده علم، وأن يفتي السائل بما عنده من العلم عن الله وعن رسوله، وألا يخجل، فليس هذا محل خجل، الخجل للجاهل والفاعل للمعصية، أما من يعلم الناس الخير ويفتيهم بالعلم الشرعي ويسعى في مصالحهم فلا يليق به أن يخجل، ولا ينبغي له أن يجبن، ولا يليق به أن يتأخر، بل ينبغي له أن يتقدم وأن يكون في المقدمة في كل شيء؛ حتى ينفع الناس ويرشدهم ويكون إماما في الخير.   (1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله، برقم (2664). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 133 س: ما حكم الإمام الذي لا يصلي تحية المسجد (1)؟ ج: الإمام تكفيه الفريضة، إذا جاء وشرع في الفريضة كفته، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي ويبدأ بالفريضة، ما يصلي تحية المسجد، ينصى محل الإمامة فيصلي عليه الصلاة والسلام، فالإمام إذا قصد الصلاة ولم يجلس في المسجد إنما جاء ليؤدي الفريضة بدأ بها وكفت، وهكذا الذي جاء والإمام قد دخل في الصلاة وقد أقيمت الصلاة تكفيه الفريضة عن تحية المسجد.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (153). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 134 68 - حكم جلوس الإمام في بيته بعد الأذان حتى إقامة الصلاة س: إذا كان إمام المسجد ينتظر في بيته ولا يحضر إلى المسجد إلا عند الإقامة، ولا ينشغل في البيت بصلاة نافلة أو قراءة قرآن فهل الأفضل له التبكير إلى المسجد قبل الإقامة (1)؟ ج: هذا لا نعلم فيه حدا محدودا ولا سنة واضحة، بل الأمر يرجع إلى الإمام، فإن رأى أن حضوره للمسجد أصلح لقلبه وأنفع للناس ليصلي ما تيسر ويقرأ، وربما كان عالما فيفتي الناس بما يسألونه عنه ونحو ذلك كان هذا أفضل، وإن رأى أن بقاءه في البيت أصلح له، يقرأ   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (146). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 134 في بيته ويصلي الرواتب في بيته، ثم يأتي عند إقامة الصلاة كما هو الغالب من فعل النبي عليه الصلاة والسلام، والمعروف من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبقى في البيت، فإذا جاء وقت الإقامة خرج إلى الناس عليه الصلاة والسلام هذا هو الأصل؛ أن يبقى في بيته، ويشتغل بما يسر الله له من قراءة أو علم أو صلاة نافلة أو نحو ذلك، ويحرص على الرواتب التي شرعها الله من أربع قبل الظهر وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، الرواتب التي حافظ عليها النبي عليه الصلاة والسلام، فإن فعلها الإمام في البيت، وفعل ما يسر الله له من الخير؛ كقراءة القرآن أو قراءة علم، أو يحفظ شيئا ينفعه من العلم أو القرآن فكل هذا طيب، فالأصل أن الإمام يبقى في البيت اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثم يأتي وقت الإقامة فيقيم الصلاة، فإذا رأى في حالة من الحالات أو في قرية من القرى أو بلد من البلدان أن مجيئه إلى المسجد قبل الصلاة، ينتظرها مع الناس في المسجد، ويصلي ما كتب الله له مما شرع الله، ويقرأ القرآن أو يسبح ويهلل في محل من المسجد، حتى يحضر وقت الإقامة كل هذا لا بأس به، والخلاصة أن الأصل والأفضل أن يكون في البيت حتى يأتي وقت الإقامة اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، فإذا حصل له أمر آخر الجزء: 12 ¦ الصفحة: 135 يقتضي أنه يحضر في المسجد، وأن في ذلك لمصلحة راجحة على البقاء في البيت فلا أعلم في هذا بأسا، بل ينبغي له أن يتحرى ما هو أقرب إلى المصلحة والنفع للمسلمين. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 136 س: إذا كنت إماما في مسجد، وتخلفت في بعض الفروض في الشهر مرة أو مرتين لأعذار معينة فهل من حرج علي (1)؟ ج: ليس عليك حرج، لكن توصيهم بألا يتعطلوا، أو تعين من يؤمهم، أو توصيهم بأن لو تأخرت عن الوقت المعتاد يقدمون من يصلي بهم، وعليك أن تجتهد بالاستقامة بالأشياء العارضة والقليلة.   (1) السؤال التاسع والثلاثون الشريط رقم (355). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 136 69 - بيان ما يفعله الإمام إذا تذكر أثناء الصلاة أنه على غير طهارة س: الأخ: ع. س. غ. من الباحة، يسأل ويقول: إذا تذكر الإمام أثناء الصلاة أنه على غير طهارة فماذا يفعل (1)؟ ج: يستنيب من يكمل بهم، يقدم واحدا ممن حوله يكمل بهم الصلاة والحمد لله، هذا هو الصواب، يستنيب من يكمل بهم الصلاة ممن حوله من الطيبين، مثل ما فعل عمر رضي الله عنه لما طعن، قدم عبد الرحمن بن   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (253). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 136 عوف وصلى بهم، كمل بهم الصلاة، وإن استأنفوها من أولها قدموا غيره واستأنفوها من أولها فلا حرج، وإن انتظروه؛ جلسوا ينتظرونه حتى يتوضأ ثم يعود ويصلي بهم من أول الصلاة فلا بأس، ولكن الأفضل أن يستنيب حتى لا يشق عليهم، أن يستنيب من يكمل بهم والحمد لله، أما هو يعيد، يتوضأ ويعيد الصلاة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 137 70 - بيان ما يفعله المصلي إذا دخل المسجد ووجد الصف متكاملا س: إذا قدم المسلم يريد الدخول في الصلاة، ولكنه وجد الصف مكتملا هل يسحب أحد المصلين ويصلي معه، أم إنه يصلي منفردا متابعا للإمام (1)؟ ج: المشروع له أن يلتمس فرجة لعله يجد، فإن لم يجد وقف عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر ذلك انتظر ولا يسحب أحدا؛ لأن سحبه ظلم وتعد عليه وفتح فرجة في الصف، ولكن ينتظر، وإن قضيت الصلاة ولم يأت أحد صلى وحده والحمد لله معذور.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (253). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 137 س: إذا صلى الركعة الأولى منفردا مع الإمام، ثم دخل معه مصل آخر في الركعة الثانية، وبعد الانتهاء من الفرض هل يسلم مع الإمام، أم إنه يقوم فيأتي بالركعة الأخيرة (1)؟   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (253)؟ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 137 ج: إذا صلى ركعة واحدة بطلت صلاته، فعليه أن يستأنف من الجديد مع الشخص الذي جاء، يستأنف معه من أول الصلاة، وإذا استمر ولم يستأنف يعيدها؛ لأن صلاته باطلة؛ لأنه صلى ركعة وحده خلف الصف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1)» هكذا صح عنه صلى الله عليه وسلم، وصح عنه أنه أمر من صلى وحده خلف الصف أن يعيد الصلاة (2) لكن لو صلى ما ركع وحده ثم دخل في الصف، أو وقف معه آخر في السجود صحت وأجزأت والحمد لله، كما فعل أبو بكرة رضي الله عنه.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 138 71 - حكم استخلاف الإمام غيره إذا أحدث س: إذا أحدث الإمام في الصلاة كيف يكون خروجه، حتى يحل محله إمام آخر، أم يكمل الصلاة أم يعيد؟ ثم إذا لم يكن هناك أهل لمن يخلفه فكيف يكون التوجيه (1)؟   (1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (347). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 138 ج: إذا أحدث الإمام في الصلاة يقطعها، ويقول لهم: انتظروني. ويذهب ويتوضأ، ثم يستأنف الصلاة من أولها. أما إذا كان هناك من يقوم مقامه فيقول: تقدم يا فلان، أو يأخذ بيده فيقدمه، حتى يكمل بهم الصلاة، ولما طعن عمر رضي الله عنه أخذ بيد عبد الرحمن وقدمه وصلى بالناس رضي الله عنه، المقصود أنه إذا أحدث في الصلاة يقطعها ولا يكملها، ويقدم من يصلي بالناس ويكمل بهم إن تيسر، وإلا فإنهم ينتظرونه ثم يعود ويستأنف بهم الصلاة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 139 س: إذا كان الإمام في الصلاة في حالة الركوع أو السجود، وخرج منه شيء أبطل صلاته فماذا عليه؟ هل يتم الصلاة أو يقدم من الذين خلفه واحدا (1)؟ ج: إذا أحدث الإمام في الصلاة في ركوعه أو سجوده أو في غيرهما لا يستمر، ينفتل ويقدم من يصلي بالناس، لما طعن عمر رضي الله عنه قدم عبد الرحمن بن عوف، فصلى بالناس. فإذا خرج منه ريح أو بول فإنه ينفتل عن الصلاة وينصرف، ويستخلف من يصلي بالناس ممن وراءه، قدمه ليكمل بالناس.   (1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (425). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 139 س: إذا صلى الإمام ثم طرأ عليه ما يبطل صلاته كيف يعمل في هذه الجزء: 12 ¦ الصفحة: 139 الحالة (1)؟ ج: ينصرف وينبه الناس إذا طرأ عليه ريح خرجت منه أو بول يقطع الصلاة، ويقدم من يصلي بهم بقية الصلاة، يعني يستخلف من يصلي بهم بقية الصلاة، فإن انصرف ولم يستخلف يقدموا واحدا منهم حتى يصلي بالناس حتى يكمل بالناس، والحمد لله.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (356). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 140 س: إذا أصيب الإمام برعاف، وكان باب المسجد خلف المصلين فهل يقطع صفوفهم لكي يخرج من المصلى، أو ينتظر حتى يتموا صلاتهم (1)؟ ج: إذا أصابه رعاف أو انتقض وضوؤه فإنه يستنيب على الراجح، يستخلف من يكمل للناس الصلاة، ويخرج إذا استطاع الخروج ولو يشق الصفوف؛ لأنه معذور، فإذا لم يستطع جلس حتى يسهل له الخروج، ويتحفظ حتى لا يقطر الدم في المسجد، ولا بأس عليه والحمد لله، لكن الصواب أنه يستخلف حتى لا يعطلهم كما فعل عمر رضي الله عنه، فإنه لما طعن استخلف عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم، كمل بالناس الصلاة، هذا هو الصواب.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (155). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 140 س: ما حكم صلاة الإمام الذي نسي أن يتوضأ ولم يتذكر إلا وهو في الركعة الأولى؟ وما حكم صلاة المأمومين (1)؟ ج: الصواب أن الإمام إذا دخل في الصلاة، ثم تذكر أنه على غير وضوء أنه يستخلف؛ لأن عمر رضي الله عنه لما طعن استخلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فدل ذلك على أن الصواب أنه يستخلف، هذا هو الأصح، وبعض أهل العلم يقول: إنه لا يستخلف، بل يبتدئون صلاتهم وينتظرونه حتى يتوضأ ثم يرجع، أو يستخلف من يصلي بهم، ويبتدئ الصلاة من أولها، أو هم يستخلفون. ولكن الصواب أنه يستخلف ويصلي بهم بقية الصلاة، أو هم يستخلفون من يصلي بهم بقية الصلاة؛ لأن صلاتهم لم يتعرض لها شيء، هم صلوا بوضوء وطهارة، وهو دخل بغير طهارة ناسيا، فلو استمر فيها حتى سلم بهم صلاتهم صحيحة، وإنما يعيد هو، فكما أنه يعيد إذا صلى بهم وصلاتهم صحيحة فهكذا إذا تذكر أثناء الصلاة يستخلف من يصلي بهم وصلاتهم صحيحة، أو هم يقدمون من يصلي بهم إذا لم يستخلف والحمد لله، هذا هو الصواب.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (128). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 141 72 - حكم استخلاف الإمام في صلاته للمأموم المسبوق س: أنا رجل مسبوق في صلاة الجماعة بركعة، وحصل للإمام حدث، ثم خلفته لكي أكمل الصلاة، ماذا أفعل وأنا مسبوق؟ سألت أحد الناس فقال: أنت تشير للناس بأن يبقوا في هيئتهم لتأتي بما سبقت به ثم تسلمون جميعا. هل ما قاله صحيح (1)؟ ج: لا يتابعون في زيادة وتشير إليهم، إذا كنت تخشى أن يقوموا تشير إليهم أن يبقوا حتى تكمل ما عليك، ثم تسلم ويسلمون معك والحمد لله، الواجب عليك إذا كنت قد صرت الخليفة بعده أن تكمل صلاتك وهم ينتظرونك، فإذا كملت صلاتك سلمت وسلموا معك، وإذا خشيت أن يقوموا أشر لهم بيدك حتى يبقوا، لا يقوموا معك.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (294). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 142 73 - بيان الواجب على المصلين إذا خرج الإمام من صلاته لضر أصابه س: كنا خلف إمام تقدم بنا ليصلي، إلا أنه ارتبك في قراءة القرآن، فخرج من أمامنا، هل يتقدم منا أحد، أم نقطع الصلاة ونبدؤها من جديد وبإمام جديد (1)؟   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (9). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 142 ج: الصواب في هذا أن لهم الخيار، إذا انفتل الإمام أو أصابه الحدث يعني سبقه الحدث فهم بالخيار، إن شاؤوا قدموا واحدا منهم إن كان الإمام ما قدم أحدا، وإن شاؤوا قدموا واحدا وصلى بهم وبنى على الصلاة، وإن شاؤوا بدؤوها من أولها، واستأنفوها من أولها هم بالخيار، لكن الأولى والأفضل أن يقدموا واحدا يكمل بهم، القريب من الإمام يقدم ويكمل بهم الصلاة والحمد لله، هذا هو الأرجح، ولا حرج في ذلك إن شاء الله، وقد طعن عمر رضي الله عنه فاستخلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وصلى بهم بقية الصلاة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 143 س: ذهبت إلى المسجد لصلاة العشاء، فوجدت الجماعة قد سبقوني بركعتين، وبعد أن كبرت للدخول في الصلاة حصل للإمام عذر جعله يقطع الصلاة، ويجعلني إماما مكانه، فماذا أفعل في هذه الحالة وأنا مسبوق بركعتين (1)؟ ج: يصلي الركعتين اللتين أدركهما مع الإمام، ويجلس للتشهد، وإذا تشهد التشهد الأول، والأفضل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقوم ويشير لهم أن يجلسوا حتى يفرغ ويسلم بهم جميعا، يشير لهم حتى   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (47). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 143 يجلسوا ولا يتابعوه، فإذا قضى الركعتين اللتين عليه سلم بهم جميعا؛ لأنه معذور في هذه الحالة، فهو يقوم حتى يكمل صلاته، وهم ينتظرونه لأنه قام لعذر، فيسلم بهم جميعا، هذا هو المشروع، ولو أن الإمام استخلف إنسانا لم يفته شيء لكان أولى، لكن ما دام استخلفه فإن الصلاة صحيحة والحمد لله، فهو يصلي بهم ركعتين، ويتشهد بهم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على الأصح بعد الشهادتين، ثم ينهض مكبرا إلى الثالثة حتى يكمل لنفسه، فإذا كمل لنفسه سلم بهم جميعا، أما هم فلا ينهضون معه، ينتظرون حتى يسلم بهم جميعا، ولو قام معه جاهلا فصلاته صحيحة، لكن هو يشير لهم حتى يجلسوا وينبههم بعد الصلاة أن هذا هو المشروع، إذا حصل مثل هذا يجلسون وينتظرون. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 144 74 - حكم صلاة الجماعة خلف إمام صلى بهم على غير طهارة س: من المستمع: ي. أ. مقيم في المملكة يقول: ذات يوم أممت الناس بالصلاة، وفي أثناء الصلاة تذكرت بأني لست على طهارة، ولم أدر ماذا أصنع، وارتبكت فأكملت الصلاة بهم وقد أعدت الصلاة بالنسبة لي، أما بالنسبة للمأمومين فلم أخبرهم بشيء، وذلك لأنني خجلت، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 144 أفتوني جزاكم الله خيرا (1) ج: صلاتهم صحيحة؛ لأنهم لم يعلموا، فإذا صلى الإنسان ثم تذكر في الصلاة أنه محدث، وأتم الصلاة فصلاة المأمومين صحيحة، أما هو فعليه أن يعيد، والواجب عليه أن يتقي الله، وأن يقطع الصلاة ولا يتم إذا أحدث، أو ذكر أنه محدث فإنه يقطع الصلاة ويستخلف بأن يقول: تقدم يا فلان. لمن خلفه واحد منهم، يتقدم حتى يكمل بهم، وهذا هو الاستخلاف، يقول: تقدم يا فلان. فإن لم يستخلف وخرج قدموا واحدا وصلى بهم وكمل بهم؛ لأن عمر رضي الله عنه لما طعن قدم عبد الرحمن وأتم بالناس الصلاة، هذا هو الأفضل، وإن تركهم وقدموا إنسانا وصلى بهم فلا بأس، وإن أعادوها من أولها فلا بأس، الأمر واسع، الحمد لله.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (339). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 145 س: صليت بجماعة، واكتشفت بعد الصلاة أنني كنت على غير طهارة، فكيف أتصرف والحال ما ذكر؟ جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: إذا لم تعلم وتذكر إلا بعد الصلاة فلا شيء عليك، صلاتهم صحيحة، وأنت عليك الإعادة، عليك أن تتوضأ وتعيد، أما هم فصلاتهم   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (297). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 145 صحيحة، أما إن تذكرت وأنت في الصلاة فإنك تكتفي تستخلف من يتم بهم، تقول لمن وراءك: تقدم تم بهم. وإن استأنفوا وصلوا من أول الصلاة، أو انتظروك حتى ترجع وصليت بهم من أول الصلاة فلا بأس، لكن الأسهل عليهم والأرفق بهم أن تقدم من يتم بهم الصلاة، وأنت تذهب وتتوضأ وتعيد الصلاة، هذا هو الصواب في هذه المسألة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 146 س: بعدما صليت الفجر في جماعة اكتشفت بأنني جنب، فقمت بالاغتسال، ثم صليت الفجر بعد الاغتسال، فهل صلاتي قبل الاغتسال كانت صحيحة؛ لأنني لم أعرف بأنني جنب (1)؟ ج: الصلاة غير صحيحة، ما دام علمت بأنك جنب، أو على غير طهارة الصلاة غير صحيحة، لكن صلاة الذين صلوا معك وأنت لا تعلم وهم لا يعلمون صلاتهم صحيحة، أما أنت فصلاتك غير صحيحة تعيدها؛ لأنك علمت أنك على حدث، فعليك أن تعيد الصلاة كما لو صليت وأنت محدث حدثا أصغر، ثم علمت بعد الصلاة، عليك أن تعيد الصلاة، فالجنب والمحدث حدثا أصغر عليهما الإعادة إذا صليا على غير طهارة، ثم علما عليهما الإعادة، أما لو كانا إمامين ولم يعلما إلا بعد الصلاة   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (383). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 146 فإن صلاة من خلفهم صحيحة، أما هما فعليهما الإعادة، ولو تنبه وهو في الصلاة انفصل منها واستخلف من يصلي بهم ويكمل بهم، يقدم واحدا يصلي بهم، والحمد لله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 147 س: الأخ: س. خ. د. يسأل ويقول: إذا صليت خلف إمام، وأثناء الصلاة لاحظت أن بإحدى رجليه بقعة لم يصلها الماء، فنبهته بعد الصلاة فلم يبال، فأعدت الصلاة فما حكم ما فعلت (1)؟ ج: إذا صلى الإمام بالناس، ثم بان أنه محدث أو أن طهارته غير صحيحة فصلاة المأمومين صحيحة، هذا هو الصواب، صلاتهم صحيحة، وعليه هو الإعادة إذا علم أنه محدث، أو أن طهارته فيها خلل يبطلها عليه أن يعيده، وليس على الجماعة الإعادة، صلاتهم صحيحة، والواجب عليه هو أن يعيد، والمأموم إذا أعاد اعتقادا منه أن فعله صحيح فلا حرج عليه، إذا أعاد اجتهادا منه لا حرج عليه، لكن ينبغي أن يعلم الحكم الشرعي، وأنه لا إعادة عليه، فمن أعاد يظن أن عليه إعادة فهو مأجور إن شاء الله لاجتهاده.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (156). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 147 س: إذا دخل الرجل المسجد وهو يعتقد أنه على طهارة وصلى مع الجزء: 12 ¦ الصفحة: 147 الناس، وحينئذ اتضح له أنه على غير طهارة بم تنصحونه (1)؟ ج: إن كان بعد ما فرغ من الصلاة فعليه الإعادة، ولا شيء عليه، فإن ذكر في الصلاة وجب عليه الانفتال وقطعها والخروج منها، ولا يصل معهم وهو على غير وضوء، لا يكمل الصلاة.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (184). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 148 75 - حكم صلاة المفترض خلف المتنفل س: ما حكم صلاة المفترض خلف المتنفل (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، صلاته صحيحة، فلو أن إنسانا وهو متنفل أم الناس وهم مفترضون صحت صلاتهم، وقد ثبت في الصحيحين أن معاذا رضي الله عنه كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام العشاء، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فهو متنفل وهم مفترضون، ولم ينكر عليه النبي ذلك عليه الصلاة والسلام ومثل هذا لا يخفى عليه، عليه الصلاة والسلام، كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (205). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 148 أنه صلى صلاة الخوف بطائفة ركعتين (1) ثم سلم ثم صلى بآخرين ركعتين، فكانت الأولى فرضه والثانية نفلا له، وهي فرض للصحابة رضي الله عنهم، وبهذا يعلم أنه لا حرج في ذلك أن يكون الإمام متنفلا والمأموم مفترضا.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 149 س: هل يجوز لي أن أصلي مع المتنفل بنية الفرض إذا دخلت المسجد والصلاة قد انتهت، أم لا يجوز؟ وماذا أفعل إذا كنت أصلي النافلة، ودخل المسجد أحد المصلين، وصلى معي ظنا منه أنني أصلي الفرض؟ هل يجوز أن أكون له إماما، أم أدفعه بعيدا أم أبتعد عنه؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1) ج: لا حرج في أن تصلي مع المتنفل وأنت ناو الفرض؛ لأن الجماعة مطلوبة، ولا حرج أيضا أن تصلي بمن دخل معك وهو قد فاته الفرض؛ أن تصلي به وتنوي الإمامة؛ لأن الجماعة مطلوبة، هذا هو الصواب، وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا لا يصلح إلا في النافلة، والصواب أنه يجوز في الفرض والنفل، والدليل على هذا أن معاذا رضي الله عنه كان يصلي مع النبي العشاء عليه الصلاة والسلام فرضا، ثم يذهب إلى قومه ويصلي بهم   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (170). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 149 فرضهم وهو يصلي نفلا؛ لأنه قد صلى الفرض مع النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي بهم فرضهم فدل ذلك على أنه يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل. ومن ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في بعض أنواع صلاة الخوف أنه صلى بطائفة ركعتين ثم سلم، ثم صلى بآخرين ركعتين (1) فكانت الأولى له فرضا وكانت الثانية له نفلا عليه الصلاة والسلام، فهذا هو الدليل على أنه لا حرج أن يكون المتنفل إماما للمفترض.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 150 76 - حكم من فاتته صلاة العشاء ووجد الإمام يصلي التراويح س: كثيرا ما يحدث في رمضان أن تدخل جماعة أخرى وتصلي العشاء جماعة، ونحن في وقتها نصلي التراويح، فهل يجب عليهم أن يدخلوا معنا في التراويح أم يصلوا منفردين؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا صلوا منفردين فلا بأس، ولعله أولى خروجا من الخلاف، وإذا صلوا معكم التراويح وإذا سلم الإمام قاموا وكملوا فلا بأس على الصحيح، لكن إذا صلوا وحدهم فهذا أصح عند الجميع، وإذا صلوا خلف من يتنفل   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (329). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 150 ثم قاموا وكملوا أجزأ على الصحيح وصح. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 151 س: يقول السائل: في وقت رمضان وجدت الإمام انتهى من صلاة العشاء، وفي الركعة الأولى من صلاة التراويح إذا الأمر كذلك هل أصلي معه ركعتي التراويح، وبعد ما يسلم الإمام أقوم وآتي بركعتين وأسلم وأعتبرها صلاة عشاء، أم كيف أتصرف (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا أتى المسلم إلى المسجد وقد صلى الناس في رمضان صلاة العشاء، وشرعوا في التراويح ودخل معهم ناويا العشاء، ثم أتم صلاته بعد ما يسلم الإمام فلا بأس عليه، والحمد لله، ويرجى له فضل الجماعة، وهذا هو الأفضل، وإن صلى وحده أجزأه ذلك، لكن الأفضل أن يصلي معهم حتى تحصل له الجماعة بنية العشاء، إذا سلم الإمام قام وكمل صلاته والحمد لله.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (332). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 151 س: أتيت إلى المسجد لأصلي العشاء في رمضان، ووجدت المصلين يصلون التراويح، وقد انتهوا من صلاة العشاء، فهل يجوز أن أنضم إليهم بنية الفرض، على أن أكمل ركعتين بعد سلامهم ولي أجر الجماعة، أم أصلي منفردا العشاء (1)؟   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (42). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 151 ج: إن صليت وحدك فلا بأس، وإن صليت معهم لأجل الجماعة فهو أفضل، صل معهم، ثم إذا سلم الإمام تقوم وتأتي بالركعتين الباقيتين من العشاء ولك أجر الجماعة إن شاء الله، وقد ثبت في الصحيحين عن معاذ رضي الله عنه «أنه كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام العشاء فرضه، ثم يذهب معاذ فيصلي بجماعته صلاة العشاء نافلة له، وهي فرضهم، وقد أقره النبي على ذلك عليه الصلاة والسلام (1)» والحاصل أنه يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل، كما أقره النبي صلى الله عليه وسلم من فعل معاذ، وثبت أيضا أنه صلى الله عليه وسلم في بعض صلاة الخوف صلى بجماعة ركعتين؛ هي فرضه وفرضهم، ثم صلى بجماعة آخرين ركعتين، فصارت فرضا لهم وكانت نافلة له عليه الصلاة والسلام (2) هذا كله يدل على أنه لا بأس أن يصلي المفترض خلف المتنفل، كالذي جاء في التراويح في رمضان، وقد صلى الناس العشاء فإنه يصلي معهم بنية العشاء، ثم إذا سلم الإمام من إحدى تسليمات التراويح يقوم ويصلي بقية العشاء.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 152 س: يقول السائل: فاتتني صلاة العشاء مع الجماعة في رمضان، ودخلت الجزء: 12 ¦ الصفحة: 152 المسجد والإمام يصلي التراويح، فدخلت معه على نية صلاة العشاء، ولما سلم الإمام وقفت للركعة الثالثة، وقد وقف الإمام للصلاة فأكملت معه الركعتين التاليتين من صلاة التراويح، فأصبحت في حقي أربع ركعات، هل يجوز ذلك؟ وهل تعتبر حينئذ صلاتي صحيحة (1)؟ ج: كان الذي ينبغي لك لما سلم تقوم وتكمل صلاتك، إذا سلم من الثنتين تقوم أنت وتكمل صلاتك وحدك، كالذي يصلي مع إنسان فاته بعضها، فيقوم بعد سلام إمامه ويكمل، والصواب أن الصلاة صحيحة، وأن صلاة المفترض خلف المتنفل صحيحة، هذا هو الأرجح من قولي العلماء؛ أنه يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل، كما «كان معاذ رضي الله عنه يصلي بأصحابه العشاء وهو قد صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي بهم متنفلا وهم مفترضون (2)» أما هذه الحالة التي سلم إمامك ثم قمت تابعته الركعتين الأخريين حتى كملت أربعا في صحتها نظر، والأقرب - والله أعلم - أنها صحيحة ليس عليك إعادة، هذا هو الأقرب إن شاء الله، ولكن في المستقبل إذا كان مثل هذا فالأحوط لك أنه إذا سلم أن تقضي وحدك ما بقي عليك.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (245). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 153 77 - حكم تقديم صلاة التراويح قبل صلاة العشاء س: حضرت لصلاة العشاء ووجدت الناس يصلون ودخلت معهم، ثم تبين أنهم يصلون التراويح فأكملت معهم، ثم صليت العشاء، هل تجوز العشاء بعد التراويح؟ وهل تجوز التراويح قبل العشاء (1)؟ ج: على كل حال السنة التراويح بعد العشاء، قيام رمضان بعد العشاء، لكن هذا نافلة، صلاتك معهم قبل صلاة العشاء تعتبر صلاة نافلة في حقك بين العشاءين، والصلاة بين العشاءين جائزة، لكن ليست هي القيام المعروف قيام رمضان، قيام رمضان يكون بعد العشاء، فتعتبر هذه نافلة لك بين العشاءين وصلاتك بعد ذلك صحيحة، صلاة العشاء صلاة صحيحة، وإنما الأفضل والأولى أنك تبدأ بالفريضة، تبدأ بها ثم صل معهم التراويح، هذا الذي ينبغي حتى يجتمع لك فعل السنة مع أداء الفريضة، ولو أنه صلى معهم بنية الفريضة لما سلم من التراويح قام وتمم الفريضة أجزأه ذلك، لو صلى معهم الثنتين الأولى مع الإمام بنية التراويح وهو يصلي الفريضة، ثم إذا سلم قام وأتم صلاته أجزأه ذلك، فالحاصل أن هذا لا حرج فيه إن شاء الله، صلاته صحيحة وصلاته في   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (2). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 154 التراويح صحيحة، وتعتبر نافلة ليست هي التراويح، وليست هي قيام رمضان المشهور، إنما قيام رمضان يكون بعد العشاء، وهذا صلاها قبل العشاء، فتكون من النوافل التي تستحب بين المغرب والعشاء. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 155 س: إذا وجد شخص أناسا يصلون صلاة العشاء، فأحرم معهم بالصلاة، فتبين أنهم في التراويح، فما حكم صلاته هذه (1)؟ ج: إذا أحرم الإنسان مع الناس في ليالي رمضان يظنهم في الفريضة، وظهر أنهم في التراويح فإنه يصلي معهم يستمر، فإذا سلم الإمام في التراويح يقوم ويكمل صلاته ولا بأس؛ لأنه على الصحيح يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل، «وقد صلى معاذ رضي الله عنه بأصحابه العشاء وهو متنفل وهم مفترضون؛ فيصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء فرضه، ثم يأتي ويصلي بأصحابه العشاء وهو متنفل وهم مفترضون (2)» والنبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف الصلاة الأولى فرضا، وصلاة الطائفة الثانية وهو متنفل عليه الصلاة والسلام وهم مفترضون (3) فلا حرج، فإذا وجدهم يصلون التراويح   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (30). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 155 صلى معهم بنية فرضه، ثم إذا سلم الإمام قام وكمل صلاته والحمد لله، هذا هو الصواب. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 156 78 - حكم اختلاف الإمام والمأموم في النية في الصلاة س: يقول السائل: إذا اختلفت نية المأموم والإمام فهل الصلاة صحيحة (1)؟ ج: الصواب أنها صحيحة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى في الخوف ببعض المسلمين ركعتين صلاة الخوف، ثم صلى بطائفة أخرى ركعتين فصارت الأولى له فريضة والثانية له نافلة، وهم لهم فريضة (2) وكان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء صلاة الفريضة، ثم يرجع فيصلي بقومه صلاة العشاء نافلة له وهي لهم فرض (3) فدل ذلك على أن لا حرج في اختلاف النية، وهكذا لو أن إنسانا جاء إلى مسجد يصلون العصر، وهو لم يصل الظهر فإنه يصلي معهم العصر بنية الظهر ولا حرج عليه في أصح قولي العلماء،   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (249). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 156 ثم يصلي العصر بعد ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 157 س: يقول السائل: إذا اختلفت نية الإمام والمأموم فهل الصلاة صحيحة (1)؟ ج: الصواب أنها صحيحة، إذا كان الإمام مثلا يصلي العصر، وجاء إنسان ما صلى الظهر وصلى خلفه بنية الظهر صحت على الصحيح، أو كان الإمام قد أدى الفريضة وصلى بالناس الآخرين نافلة وهي لهم فريضة كذلك، كما فعل معاذ كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام فريضته، ثم يأتي لقومه فيصلي بهم فريضتهم وهو متنفل، أو كان الإمام مفترضا والمأمومون متنفلين لا حرج في ذلك.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (249). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 157 79 - حكم صلاة من صلى خلف متنفل يظنه مفترضا س: إذا دخل رجل وأنا في صلاة نفل، واعتقد ذلك الرجل أنني أصلي الفرض، فاتخذني إماما ليصلي معي الفرض، فما الحكم في هذا؟ هل أدفعه قبل البدء معي؟ مع العلم أنه قيل لي: إنه يجب أن نفرق بين الفرض والنفل؛ بأن ترفع صوتك في التكبيرات بالنسبة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 157 للفرض بخلاف النفل، فما رأي سماحتكم في ذلك (1)؟ ج: قد دلت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنه لا حرج في أن يكون المأموم مفترضا والإمام متنفلا، فإذا كنت أيها السائل تصلي نفلا فجاء رجل وصف معك ليصلي فريضته فلا بأس، ولا حرج على الصحيح، وإن كان بعض أهل العلم يرى أنه لا يصلي المتنفل بالإمام المفترض، لكنه قول ضعيف، قول مرجوح بالدليل، والصواب أنه لا حرج في ذلك، فإذا دخل معك فلا بأس أن تؤمه، وهو يصلي فرضا وأنت تصلي نفلا، لا حرج في ذلك، وليس لما قلته أصل بأنه يرفع صوته في التكبير في الفرض ويخفض في النفل، هذا لا أصل له فيما أعلم، بل التكبير فيهما سواء يكبر في صلاته الفريضة والنافلة سواء، لا نعلم في هذا شيئا إلا الإمام فإنه يكبر يرفع صوته؛ لأنه ينبه الناس ويبلغ الناس، أما المأموم والمنفرد فصوته في الفريضة والنافلة سواء، لا نعلم في هذا سنة تفرق بينهما.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (13). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 158 س: يقول: كنت أصلي السنة، فدخل أحد الأشخاص، ورآني أصلي فظن أني أصلي الفرض فائتم بي، هل ما فعل هذا الشخص صحيح (1)؟   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (311). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 158 ج: لا حرج في ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 159 80 - حكم نية الإمامة في الصلاة س: هذا السائل أ. أ. أ. من المنطقة الشرقية يقول: هل يشترط في الإمامة نية الإمامة في الصلاة (1)؟ ج: نعم، لا بد من نية الإمامة.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (357). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 159 81 - حكم الدخول في الصلاة مع من يصلي منفردا س: كنت أصلي منفردا، فجاء رجل فصلى معي بقصد صلاة الجماعة، وأنا كنت أصلي منفردا بدون قصد جماعة، فهل صلاته صحيحة أم أن الجماعة لها نية من البداية، والمنفرد له نية؟ هل هذه الصلاة تصح جماعة أم لا (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا جاء المؤمن وأخوه يصلي وحده، ثم وقف عن يمينه وجعله إماما له وصلى به أخوه لا بأس، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في الليل وحده، فجاء ابن عباس فصف عن يساره، فأداره النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه وصلى به النبي   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (203). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 159 صلى الله عليه وسلم افتتح الصلاة وحده ليس بإمام ولم ينو الجماعة، ولكن لما جاء ابن عباس وصف عن يساره جعله عن يمينه وصلى به فإذا كان الإنسان يصلي فاتته الصلاة، وجاء أخوه وصف عن يمينه وصليا جماعة لا بأس بذلك، يبتدئ النية من أثناء الصلاة؛ نية الجماعة، نية الإمامة من أثناء ما وقف معه أخوه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 160 س: هل يشرع الدخول مع شخص قد شرع في الصلاة لتكون جماعة (1)؟ ج: حسن إن شاء الله، هذا هو الأحسن؛ لأن الجماعة مطلوبة، إذا شرع يصلي وحده وجاء آخر وصلى معه فحسن إن شاء الله.   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (350). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 160 س: ما الحكم فيمن يصلي منفردا، ثم يأتي شخص آخر يصلي خلفه؟ فهل تحسب لهما صلاة الجماعة أم لا (1)؟ ج: الصواب لا حرج في ذلك؛ في كونه يأتم بهذا المنفرد لا بأس، ويحصل لهما فضل الجماعة؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «كان يصلي   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (341). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 160 وحده، فجاء ابن عباس وصف عن يساره في صلاة الليل، فأداره النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه (1)» فصلى به النبي صلى الله عليه وسلم وقد أحرم وحده، ثم جاء ابن عباس فدخل معه فأقره النبي صلى الله عليه وسلم وصلى به وجعله عن يمينه. وثبت عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه رأى رجلا دخل بعد الصلاة قد فاتته الصلاة، فقال: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (2)» فالمقصود أن يكون المنفرد الذي يقضي يكون إماما، أو جاء وقد فاتته الصلاة فكبر يصلي وحده، ثم جاء إنسان فصف عن يمينه، أو جاء جماعة وقدموه لا حرج في ذلك، الصواب لا حرج في ذلك، ومن هذا «أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده، فجاء جابر وجبار من الأنصار فصفا عن يمينه وشماله، فجعلهما خلفه وصلى بهما (3)» وكان قد أحرم وحده عليه الصلاة والسلام، فدل هذا على أن النبي أحرم وحده، ثم جاء من صف عن يمينه فلا بأس، ومن صف عن يساره فأداره عن يمينه، وإن كانوا اثنين فأكثر، فجعلهم خلفه   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016). (3) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 161 هذا هو السنة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 162 س: في كثير من الأحيان أكون في أي صلاة من أي فرض من الفروض وأصلي منفردا، ويأتي بجانبي مصل آخر وينوي الصلاة جماعة، وإذا أتى مصل آخر أتقدم للأمام خطوة ويتابعونني في صلاتي، في حين أنني نويت في الأول أن أصلي هذا الفرض منفردا، فما حكم صلاتي أنا؟ وما حكم صلاة المأمومين الذين ائتموا بي؟ أفيدوني بارك الله فيكم (1) ج: الواجب على المؤمن أن يسارع حتى يحضر الجماعة، وحتى يشارك في الجماعة في بيوت الله عز وجل، ولا يجوز له التأخير من غير عذر شرعي، بل تجب المبادرة حتى يشارك مع إخوانه المسلمين، ويحضر الجماعة مع إمام المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (86). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 162 فقال له عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء للصلاة؟ "، قال: نعم، قال: " فأجب (1)» خرجه مسلم في صحيحه؛ ولأن الجماعة فضلها عظيم فلا ينبغي لمسلم أن يحرم نفسه هذا الخير العظيم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة (2)» متفق على صحته، لكن لو قدر أن الإنسان تأخر وفاتته الجماعة وصلى وحده، فجاء بعض الناس فصلى عن يمينه وصارا جماعة فلا بأس، ولو كان عند الإحرام وحده لم ينو الإمامة، فإنه إذا جاء معه ثان فإنه ينوي الإمامة، فإن جاء معه ثالث أخرهما وتقدم كما فعلت، وقد ثبت «أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده في الليل، فجاء ابن عباس رضي الله عنهما، فصف عن يساره، فأخذه بيمينه وجعله عن يمينه وصلى به عليه الصلاة   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (645)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف، برقم (650). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 163 والسلام (1)» وهو لم ينو الإمامة أولا، كان يصلي وحده. متفق على صحته، وهكذا وقع في قصة أخرى لأنس «لما زار النبي صلى الله عليه وسلم بيت جدته، فصلى عندهم الضحى قام أنس عن يمينه، وصلى به عليه الصلاة والسلام وهو عن يمينه والمرأة خلفهما (2)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي وحده، فجاء جابر وجبار فصفا عن يمينه وشماله، فأخرهما خلفه فصلى بهما (3)» رواه مسلم في صحيحه، هذا هو الأمر المشروع، والله أعلم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير، برقم (660). (3) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 164 س: إذا دخلت المسجد أو أي محل، ووجدت شخصا واحدا يصلي فهل يجوز لي الدخول مع الإمام، وهو لم ينو أن يأتم بأحد، بل نيته أن يصلي منفردا؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: لا حرج في ذلك إذا دخلت وأنت لم تصل، ووجدت إنسانا يصلي أن يكون إماما لك، وأن تصلي معه حتى يحصل لكما فضل   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (348). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 164 الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دخل بعد انتهاء الصلاة: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1)» المطلوب فضل الجماعة، «ولأنه صلى الله عليه وسلم قام يصلي من الليل، فقام ابن عباس وصف عن يساره، فأداره عن يمينه فصلى به (2)» فدل ذلك على أن التماس الجماعة في النافلة والفريضة أمر مطلوب، تصلي الفريضة التي لك وقد فاتتك الجماعة ووجدت إنسانا يصلي أو جماعة تصلي معهم، ويكون عن يمين الإمام إذا كان واحدا تكون عن يمينه.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 165 س: إذا دخلت في صلاة الفرض أو صلاة النفل، وبعد تكبيرة الإحرام دخل رجل بجواري هل تكون صلاتي معه جماعة؟ وإذا كانت صلاتي نفلا فما الحكم أيضا جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: نعم يكون جماعة في النفل أو الفرض، إذا دخل معك واحد يكون عن يمينك وأنت الإمام يكون لك فضل الجماعة في الفرض والنفل.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (322). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 165 82 - اختلاف النية في الصلاة بين الإمام والمأمومين س: رجل صلى بجماعة بنية صلاة غير الصلاة الحاضرة فهل تبطل صلاتهم (1)؟ ج: لا، لا بأس بذلك، إذا صلى رجل بجماعة العصر، وصلى معه أناس الظهر فلا حرج، صلاتهم صحيحة على الصحيح، وقد «كان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي العشاء عليه الصلاة والسلام، ثم يرجع فيصلي بجماعته العشاء نفلا له وفرضا لهم (2)» فلا بأس أن يصلي من عليه الظهر خلف من يصلي العصر، ثم يصلي العصر بعد ذلك.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (165). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 166 83 - حكم من صلى في جماعة ثم صلى بأهله تلك الصلاة في بيته س: أصلي العشاء جماعة في المسجد، ثم أعود إلى البيت فأصلي بزوجتي العشاء محتسبا إياها نافلة لي وهي بالنسبة للزوجة فريضة، هل في ذلك شيء (1) ج: ليس في ذلك حرج، إذا كان المقصود تعليمها وتوجيهها إلى الصلاة الشرعية، فقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يصلي مع النبي   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (119). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 166 صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فتكون له نافلة ولجماعته فريضة، فلا حرج في ذلك، وفي هذا فائدة من جهة التعليم والتوجيه، ولا أعلم بهذا بأسا إن شاء الله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 167 س: السائل ع. س. س: هل يجوز أن يصلي المفترض وراء المتنفل (1)؟ ج: نعم لا حرج في ذلك، لو أن إنسانا لم يصل فريضته، وجاء إلى إنسان يصلي نافلة فصلى معه صحت، كان معاذ رضي الله عنه يصلي بأصحابه العشاء نفلا - لأنه قد صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم - وهم مفترضون، ولأنه صلى الله عليه وسلم في بعض أنواع صلاة الخوف صلى بطائفة ركعتين فرضهم، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين نفلا له ولهم فرض، فلا حرج.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (268). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 167 84 - حكم صلاة المأموم ظهرا خلف من يصلي العصر س: كنت مسافرا ووجبت صلاة العصر، ولم أكن قد صليت الظهر بعد، عندما قابلني مسجد بالطريق توضأت وصليت الظهر ونويت لها وصليت الركعة الأولى وكنت بمفردي، وفي حالة القيام للركعة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 167 الثانية حضر رجلان ودخلا معي الصلاة بنية العصر، وأنا أصلي الظهر، فهل صلاتهما خلفي صحيحة (1)؟ ج: نعم صلاتهم صحيحة، لهم نيتهم وأنت لك نيتك، هذا هو الصحيح وهو الصواب، أنت لك نية الظهر، وهم لهم نيتهم العصر، والحمد لله.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (336). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 168 س: الأخ: أ. س. ح. يسأل ويقول: إذا دخلت المسجد والجماعة يصلون العصر، وأنا لم أصل الظهر بعد، فهل أدخل مع الجماعة بنية الظهر، أم أصلي الظهر منفردا ثم ألحق الجماعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الأرجح أن تصلي معهم بنية الظهر، هذا هو الصواب، ثم تصلي العصر بعد ذلك، ولا يضر بالنية، فتدخل معهم وتصلي معهم الظهر بنية الظهر، وإذا فرغت تصلي العصر وحدك أو مع من تيسر من الجماعة الأخرى، هذا هو الصواب.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (258). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 168 85 - حكم صلاة المصلي عشاء خلف من يصلي التراويح س: في رمضان إذا دخلت المسجد والجماعة يصلون التراويح، وأنا لم أصل العشاء هل أنضم معهم أو أصلي منفردا (1)؟ ج: إن صليت منفردا فلا بأس، وإن صليت معهم بنية الفريضة، وإذا سلم تممت صلاتك فلا بأس كله طيب.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (258). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 169 س: اختلفت مع زميل لي في كيفية صلاة الجماعة لشخصين مثلا وفي وقت صلاة العصر، إذا علمنا أن أحدهم قد نسي ولم يصل الظهر، ولكنه استدرك في وقت العصر. والسؤال: هل يدخل في صلاة الجماعة مع زميله لصلاة العصر على أن ينوي هو بصلاة الظهر، ثم بعد الفراغ منها يصلي العصر أم لا؟ ثانيا: أيهما يؤم الثاني، إذا هما للجماعة وكل منهما ينوي صلاة معينة؛ كأن نوى الأول لصلاة الظهر والثاني لصلاة العصر، علما أن كلا منهما مستوف لشروط الإمامة (1)؟ ج: نعم إذا كانا هكذا فلا مانع من أن يصليا جماعة، وأيهما أم صاحبه فلا بأس، فإن أم من يريد العصر صلى خلفه من عليه الظهر بنية الظهر، فإذا   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (58). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 169 فرغا صلى العصر بعد ذلك حسب الترتيب الشرعي، وإذا أم من عليه الظهر لكونه أقرأ، أو أسن أو نحو ذلك صلى خلفه من عليه العصر في وقت العصر، صلاها بنية العصر، هكذا يجب. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 170 86 - حكم صلاة المأموم عصرا خلف إمام يصلي المغرب س: إذا كان أحدنا لم يصل العصر، ودخل وقت صلاة المغرب، وحضرت الجماعة في صلاة المغرب هل يصلي العصر أم يصلي مع الجماعة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا أمكنه أن يصلي العصر أولا بدأ بها ثم صلى معهم المغرب، فإن خشي أن تفوته معهم صلى معهم المغرب بنية العصر، فإذا سلموا من المغرب قام وأتى بالرابعة من العصر، ثم يصلي المغرب بعد ذلك، أما إذا أمكنه أن يصلي العصر وحده في المسجد قبل أن يصلي المغرب فإنه يصليها ثم يدخل معهم في المغرب، فإن لم يتيسر ذلك صلى معهم على الصحيح بنية العصر، فإذا سلموا قام وأتى بالرابعة، ثم يصلي المغرب بعد ذلك.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (351). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 170 87 - بيان كيفية صلاة المغرب خلف من يصلي صلاة العشاء س: رجل دخل المسجد ليصلي المغرب، ووجد رجلا يصلي فالتحق به، فإذا به يصلي العشاء، فماذا يفعل الرجل الذي يصلي المغرب؟ هل يكمل معهم، أم ينفصل عنه في الركعة الثالثة؟ ج: إذا دخل المسلم مع إنسان يصلي صلاة رباعية وهو قصده المغرب؛ بأن دخل معه يظنه يصلي المغرب فصار يصلي العشاء، كما قد يقع ذلك في الأسفار وفي فترة الأمطار فإنه إذا قام الإمام إلى الرابعة يجلس هو في الثالثة، ويقرأ التشهد ويدعو حتى يسلم إمامه ثم يسلم معه وتجزئه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات (1)» هذا له نيته، وهذا له نيته، «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (2)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام، وهكذا لو صلى معه العشاء وهو ناو المغرب، وهو مسافر فسلم من ثنتين فإنه يقوم ويصلي الثالثة، وصلاته صحيحة له نيته وذاك له نيته، هذا نوى المغرب وهي ثلاث، وهذا نوى العشاء مقصورة لأنه مسافر، وسلم من ثنتين، فإذا سلم قام وأتى بالثالثة الذي يصلي المغرب، وهكذا لو   (1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، برقم (1907). (2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، برقم (1907). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 171 صلى الظهر واقتدى به من يصلي العصر، جاء وهم يصلون في وقت الجمع في السفر مثلا، فظن أنهم يصلون الظهر، فصاروا يصلون العصر وهو يصلي الظهر، فإن صلاته صحيحة وله نيته ولهم نيتهم، هذا هو الصواب، الأعمال بالنيات. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 172 88 - بيان كيفية صلاة من أدرك الجماعة في صلاة العشاء ولم يصل المغرب س: رسالة وصلت من أحد الإخوة المستمعين، رمز في نهايتها لاسمه، وهو: أبو عبد العزيز ح. ب. ر. أخونا يقول: رجل تأخر ولم يصل المغرب حتى دخل وقت العشاء، فلما أتى إلى المسجد رأى الإمام يصلي بالجماعة صلاة العشاء وهو في الركعة الثانية، فدخل معهم وصلى العشاء، ثم قام بعدها وصلى المغرب، فقلت له: كان الأولى بك أن تدخل مع الإمام ونيتك صلاة المغرب، ثم تقوم بعدها وتصلي العشاء منفردا أو مع جماعة أخرى. فقال: كيف أصلي معه بنية المغرب وهو في الركعة الثانية؟ هل أسلم مع الإمام أم أقوم وآتي بالركعة التي فاتت خوفا من إنكار الذي يصلي بجواري؟ فسوف يقول لي: قم وأت بركعة، فاحترت ثم بعثت بسؤالي الجزء: 12 ¦ الصفحة: 172 إليكم، أفتونا بارك الله في أعماركم وأعمالكم وعلمكم (1) ج: المشروع لك وأمثالك إذا جئت والإمام في الصلاة؛ صلاة العشاء، وأنت لم تصل المغرب أن تدخل معهم بنية المغرب، ولا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء، فإذا كان قد صلى واحدة نويت المغرب وصليت معهم الثلاث، وتكفيك عن المغرب وتسلم معهم، وإن كنت في أول الصلاة جئتهم وهم في أول الصلاة دخلت معهم، فإذا فرغت من الركعة الثالثة جلست تنتظر الإمام حتى يسلم ثم تسلم معه، وتكفيك عن المغرب، ثم تصلي العشاء بعد ذلك وحدك إن لم يتيسر جماعة أخرى، هذا هو المشروع لك ولأمثالك، ولا حرج في اختلاف النية، أنت نويت المغرب وهم ينوون العشاء، لا حرج في ذلك؛ لأن الترتيب واجب، ترتيب بين الصلوات واجب، فالمغرب تؤدى قبل العشاء، وهكذا الظهر قبل العصر، وهكذا إذا جاء الإنسان وهم يصلون العصر وعليه الظهر يصلي معهم العصر بنية الظهر، وإذا فرغ من الصلاة معهم العصر وهي له الظهر صلى العصر بعد ذلك وحده، أو مع جماعة إن تيسر هذا، وهو الصواب في هذه المسألة، والله ولي التوفيق.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (312). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 173 س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم من صلى المغرب بعد إمام يصلي العشاء قصرا في نفس الوقت (1)؟ ج: ذا فعل مجمل، إذا قدم العشاء على المغرب لا يجوز، لا بد أن يقدم المغرب على العشاء، فعليه أن يصلي المغرب أولا، ثم يصلي العشاء بالترتيب، وليس له أن يصلي العشاء ثم يصلي المغرب، لكن إذا صلى معهم العشاء بنية المغرب إن كانوا يقصرون مسافرين، صلى معهم العشاء بنية المغرب، ثم قام بعد السلام وأتى بالركعة الثالثة أجزأ، أو كانوا مقيمين صلى معهم العشاء بنية المغرب، وجلس في الثالثة حتى سلموا ثم سلم، ثم صلى العشاء لا بأس على الصحيح.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (384). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 174 س: أفيد سماحتكم أنني وأحد الزملاء كنا راجعين من سفر مسافة قصر، فلما حان وقت صلاة المغرب ونحن نسير طلبت من زميلي أن نؤخر صلاة المغرب، ونجمعها مع صلاة العشاء، فلما وصلنا إلى الرياض سمعنا أذان العشاء، وأثناء سيرنا إلى المنزل طلب مني زميلي أن نتوقف ونصلي العشاء في المسجد، ومن ثم نصلي المغرب، إما في البيت أو في المسجد بعد صلاة العشاء، فرفضت ذلك وقلت: بل نصلي المغرب في المسجد الجزء: 12 ¦ الصفحة: 174 أولا، ثم نلحق بالجماعة في صلاة العشاء. وفعلا صليت المغرب ومن ثم لحقت بالجماعة بصلاة العشاء، أما هو فقد أصر على رأيه وصلى العشاء أولا، فلما انتهت الصلاة صلى المغرب، أينا الذي على صواب (1)؟ ج: الصواب معك؛ لأن الله أوجب الترتيب، فالواجب أن تبدأ بالمغرب ثم بعد ذلك تدخل معهم في صلاة العشاء، فقد أصبت وهو عليه القضاء، عليه أن يعيد العشاء، فإنه صلاها قبل المغرب، والله أوجب أن تصلى العشاء بعد المغرب، فعليه أن يعيد العشاء؛ لأنه صلاها في غير وقتها، وقتها بعد المغرب، وأما أنت فقد أصبت، ونسأل الله للجميع التوفيق.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (205). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 175 89 - بيان كيفية صلاة من أتى المسجد والجماعة يصلون المغرب والعشاء جمعا س: أتيت المسجد فوجدت الجماعة يصلون المغرب والعشاء جمعا لسبب ما، وقد انتهى الإمام بالجماعة من أداء فريضة المغرب، وقاموا ليصلوا فريضة العشاء عقب المغرب مباشرة، وأنا لم أصل الجزء: 12 ¦ الصفحة: 175 المغرب، فهل أصلي العشاء معهم جماعة، ثم أصلي المغرب بعد ذلك؟ أم ماذا أفعل (1)؟ ج: إذا كان الواقع مثل ما ذكره السائل فإنه يصلي معهم العشاء بنية المغرب، هذا هو الأرجح، فإذا قام الإمام إلى الرابعة جلس هو ينتظر؛ يتشهد يقرأ التحيات ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو حتى يسلم الإمام، ثم يسلم معه، ثم يصلي العشاء بعد ذلك، فله نيته والإمام له نيته، واختلاف النية في هذا لا يضر على الصحيح من أقوال العلماء، فيدخل معهم في العشاء إذا كانوا مقيمين ويصلي معهم ثلاثا، ثم يجلس والإمام يقوم للرابعة، فإذا سلم الإمام سلم معه، ثم صلى العشاء بعد ذلك، أما إن كان في سفر فإنه يصلي معهم بنية المغرب، فإذا سلم الإمام من ثنتين؛ لأن المسافر يقصر العشاء ثنتين، فإذا سلم الإمام من الثنتين قام وأتى بواحدة تمام المغرب، ثم صلى العشاء بعد ذلك، هذا هو الواجب، وإن صلى معهم العشاء نافلة، ثم صلى المغرب والعشاء وحده الفريضة فلا بأس، ولكن الأولى هو الأول حتى يحصل له فضل الجماعة في صلاة المغرب، فيصلي معهم بنية المغرب   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (43). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 176 ويجلس في الثالثة إذا كانت رباعية، إذا كانوا يصلون في الحضر في إقامة، فإذا سلم الإمام سلم معه، ثم صلى العشاء بعد ذلك، وإن كانوا في السفر صلى معهم أيضا بنية المغرب، فإذا سلموا من العشاء من ثنتين قام هو وأتى بالثالثة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 177 س: إذا كان هناك إنسان أتى من مكان بعيد ولم يستطع أن يصلي مثلا صلاة المغرب، وعندما وصل إلى البيت فإذا بصلاة العشاء تقام هل يصلي العشاء أولا، أو يصلي المغرب (1)؟ ج: يصلي معهم العشاء بنية المغرب، لا يضيع الجماعة، يصلي معهم العشاء بنية المغرب، ويجلس في الثالثة ويسلم معهم بعد ذلك، ثم يصلي العشاء حتى تحصل له الجماعة، هذا هو المختار، وهذا هو الأرجح.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (323). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 177 90 - حكم دخول المصلي مأموما مع مصل منفرد لفضل الجماعة س: شخص دخل لصلاة العصر بعد انتهاء صلاة الجماعة، وقام يصلي منفردا، وأثناء صلاته دخل شخص آخر، هل يدخل معه في الصلاة؟ هل تعتبر صلاتهما صلاة جماعة، أو لا يصح إلا مع الإمام الراتب (1)؟   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (72). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 177 ج: نعم هذا هو الأفضل، إذا قام يصلي وجاء آخر فالأفضل أن يصف معه عن يمينه، فإن كان الداخل اثنين صفا خلفه حتى تحصل لهم فضيلة الجماعة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا بعد الصلاة قد دخل وفاتته الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1)» فالسنة أن يقوم بعض الإخوان، بعض الحاضرين فيصلي مع الداخل حتى تكون له جماعة، لكن إن كان واحدا فعن يمينه، وإن كانوا أكثر من واحد صاروا خلفه، هذا هو السنة، وهذا هو المشروع، وفي هذا فضل عظيم؛ لأن الرجل يحصل له فضل الجماعة بقيام إخوانه معه ولو واحدا. أما من يرى أن ذلك لا يصح إلا مع الإمام الراتب فهو قول غير صحيح، وليس له أصل، لكن الواجب البدار بصلاة الجماعة والصلاة مع الإمام وعدم التأخر، لكن متى قدر أنه تأخر لعلة من العلل، ثم صادف من يصلي معه يرجى له أجر الجماعة لعموم الأدلة.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 178 س: صليت المغرب جماعة، وبعد الانتهاء جاء رجل للمسجد يريد الصلاة، فهل يجوز أن أصلي معه جماعة؟ ومن يكون الإمام (1)؟   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (298). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 178 ج: لا بأس أن يصلي معه جماعة، وإن كان أقرأ منك فهو الإمام، وإن كنت أقرأ منه فأنت الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دخل المسجد بعدما فرغ الناس من الصلاة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1)» فقام بعض الصحابة وصلى معه. فإذا صار صلى إماما وأنت المأموم، أو إن كنت أقرأ منه وقدمك إماما صلى معك مأموما، والحمد لله.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 179 س: دخلت المسجد فوجدت واحدا يصلي، لكني لا أعلم هل هو يصلي السنة أم الفرض، ماذا أفعل (1)؟ ج: إذا كان الجماعة لم يحضروا فانتظر، تصلي سنة التحية، وإن كانت لها راتبة قبلها كالظهر صليت الراتبة، وتنتظر الجماعة حتى يحضروا فتصلي معهم، أما إذا كانوا قد صلوا تصلي معه حتى تكون جماعة، تكون مأموما وهو إمام حتى يحصل لك فضل الجماعة، ولو كانت نافلة يحصل لك فضل الجماعة، أو تسأله تقول: هل صلى الناس؟ إذا كان المسألة فيها إشكال، تقول: هل صلى الناس؟ إن كان ما صلوا تنتظر، وإن كان قد صلى الناس تصلي معه حتى يحصل لك فضل الجماعة.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (294). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 179 91 - حكم إمامة المسبوق س: يقول السائل: هل يصح إذا دخل رجلان إلى المسجد، وقد فرغ الإمام من الركوع الأخير أن يقول أحدهما للآخر: أنت تؤم بالصلاة إذا سلم الإمام, ومن ثم يدخلان مع الجماعة الأولى ويتمان بقية الركعة، ثم يقومان لأداء الصلاة يؤم أحدهما الآخر (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، وإن صلى كل واحد لنفسه فهو أفضل، كل واحد يكمل لنفسه والحمد لله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم «لما أم عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم ذهب في حاجته، وتأخر عن الناس، فقدموا عبد الرحمن وصلى بالناس في غزوة تبوك، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ومعه المغيرة بن شعبة، فوجد الناس قد قدموا عبد الرحمن وقد صلوا ركعة، فلما رآه عبد الرحمن أراد أن يتأخر، فأومأ إليه الرسول عليه الصلاة والسلام فصلى بهم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم والمغيرة مع عبد الرحمن ما بقي من الصلاة، فلما سلم عبد الرحمن قضى كل واحد ما فاته، النبي   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (393). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 180 صلى الله عليه وسلم قضى ركعته والمغيرة قضى ركعته (1)» ما أمه النبي صلى الله عليه وسلم، ودل على أنهم إذا صلوا مع الإمام وقد فاتهم بعض الشيء كل واحد يكمل لنفسه، هذا هو الأفضل، ولا يحتاج يؤم أحدهما الآخر، ولو أن أحدهما أم الآخر صحت الصلاة، لكن كون كل واحد يقضي لنفسه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والمغيرة هذا هو الأولى، كل واحد يكمل لنفسه بعد سلام الإمام.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة باب المسح على الناصية والعمامة، برقم (274). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 181 س: السائل يقول: دخلت جماعة المسجد والإمام جالس في التشهد الأخير، ثم اشترك هؤلاء الجماعة في هذه الفريضة، وعندما سلم الإمام قام هؤلاء الجماعة وتقدم واحد منهم وأم هؤلاء وصلى بهم، نرجو منكم التوضيح هل ما فعلوه صحيح (1)؟ ج: صلاتهم صحيحة ولا بأس بذلك، لكن الأولى ترك ذلك، الأولى أن يقضي كل واحد لنفسه، هذا هو الذي ينبغي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء، وعبد الرحمن بن عوف قد صلى بالناس ركعة في غزوة تبوك صلى هو مع عبد الرحمن الركعة التي بقيت والمغيرة، فلما سلم عبد الرحمن قام النبي صلى الله عليه وسلم وقام المغيرة، وقضى   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (219). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 181 كل واحد لنفسه الركعة التي فاتتهما، فهذا هو الأفضل؛ أن كل واحد يقضي لنفسه، ولا يحتاج أن يتقدمهم واحد منهم ويصلي بهم، لكن صلاتهم صحيحة، لا نعلم مانعا من صحتها. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 182 س: هل يجوز للمسبوق أن يكون إماما (1)؟ ج: إذا ائتم به بعض الناس فلا حرج إن شاء الله على الصحيح، لو فاته مثلا ركعة أو أكثر ودخل إنسان وجعله إماما فلا حرج إن شاء الله.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (353). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 182 س: دخلنا المسجد مسبوقين، وبعد سلام الإمام قمنا بتكملة صلاتنا، وائتم بنا الشخص الذي دخل معي، هل فعله هذا صحيح (1)؟ ج: لا حرج عمله صحيح إن شاء الله، لكن لو أن كل واحد قضى بنفسه يكون أحسن ولا حاجة للإمامة، لو أن كل واحد قضى لنفسه كفى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى الصحابة في إمامة عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك، لما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأيام في صلاة الفجر قدم الصحابة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وصلى بهم صلاة الفجر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن في الثانية، فأراد أن يتأخر فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقى، فكمل عبد   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (311). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 182 الرحمن بهم، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الثانية هو والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه، فلما سلم عبد الرحمن قام النبي وقضى، والمغيرة قضى، كل واحد قضى لنفسه، ما ائتم المغيرة بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكل واحد قضى لنفسه، فهذا هو الأفضل تأسيا بفعله عليه الصلاة والسلام، لكن لو أن أحد المسبوقين ائتم بصاحبه، أو جماعة ائتموا بواحد منهم فلا حرج إن شاء الله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 183 س: هل يجوز للمأموم أن يصلي بمن جاء من ورائه، مثلا: رجل لم يلحق بالمغرب إلا بركعة واحدة، ثم قام ليكمل ما بقي، وجاء رجل آخر فهل يقتدي به أم لا؟ وما صحة ذلك مأجورين (1)؟ ج: إن اقتدى به فلا بأس، وإن صلى وحده فهو أفضل، وإن اقتدى بالمسبوق وجعله إماما له جاز، فإذا سلم المسبوق كمل ما عليه فلا حرج إن شاء الله على الصحيح.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (382). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 183 س: دخلت المسجد وقد انتهى الإمام من الصلاة، فهل يجوز لي أن أصلي خلف مأموم من الجماعة (1)؟ ج: إن صليت خلف الذي يقضي وصار إماما لك فلا بأس، وإن   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (326). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 183 صليت وحدك فلا بأس، الأمر واسع والحمد لله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 184 س: الأخ م. ك. ي. من صبيا يسأل ويقول: إذا صلى إنسان مع آخر قد لحق بعض الركعات مع جماعة سابقة فما حكم ذلك (1)؟ ج: لا مانع أن يتخذه إماما، وإن كان مأموما سابقا لا مانع أن يتخذه الأخير إماما، فيصلي معه، وإذا سلم قضى ما عليه، وإن صلى كل واحد على حدة فالحمد لله.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (329). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 184 س: إذا دخل رجل فوجد رجلا يصلي فهل يأتم به؟ وهل يشرع الائتمام بالمسبوق (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، وإن صلى وحده فلا بأس، وإن ائتم بالمسبوق وجعله إماما له ليحصل فضل الجماعة هذا حسن.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (357). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 184 92 - بيان كيفية صلاة من دخل مع الإمام بنية العشاء وتذكر أنه لم يصل المغرب س: لو أنني دخلت في صلاة العشاء مثلا وأصلي منفردا، ثم تذكرت أني لم أصل المغرب، فهل يجوز لي أن أحول نية صلاة العشاء إلى صلاة المغرب، علما بأنني لم أركع الركعة الأولى؟ وإذا كنت في الجزء: 12 ¦ الصفحة: 184 جماعة فهل أقطع صلاتي وأصلي المغرب أولا قبل العشاء، وبهذا تفوتني فضيلة الجماعة, أرجو بيان الكيفية؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا تذكرت أنك لم تصل المغرب تقطع صلاة العشاء، تنوي قطعها ثم تبتدئ بتكبيرة الإحرام ناويا المغرب، سواء كنت وحدك أو مع الجماعة، ولا بأس أن تخالف نيتك نية الجماعة، لا حرج أن تصلي خلف من يصلي العشاء وأنت ناو المغرب؛ لأنك ما صليتها، اقطع النية نية العشاء بالنية، ثم كبر تكبيرة الإحرام ناويا المغرب سواء كنت وحدك أو مع الإمام، ثم بعد الفراغ تصلي العشاء بعد ذلك، والحمد لله.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (312). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 185 93 - حكم من أحرم لصلاة منفردا ثم رأى جماعة تصلي أمامه س: كنت أصلي الظهر بمفردي، وفي أثناء الركعة الثانية وجدت صلاة جماعة تصلي أمامي، هل أنوي مع صلاة الجماعة وأنا واقف مكاني، أو أكمل الصلاة بمفردي (1)؟ ج: تقطعها وتدخل معهم من أول الصلاة، وإذا سلموا تقضي ما   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (224). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 185 فاتك؛ لأن صلاة الجماعة مطلوبة، وإن كملت فلا حرج، وإن دخلت معهم فإنك معذور لأجل فضل الجماعة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 186 94 - حكم قطع المسبوق صلاته بعد التسليم والدخول مع جماعة ثانية س: يقول السائل: دخلت المسجد ووجدت الإمام في جلوس التشهد الأخير، وبعد قيامي لإكمال الصلاة رأيت جماعة جديدة، فهل يجوز قطع هذا القيام، والانضمام إلى الجماعة الجديدة للصلاة (1)؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن هذا قطع لما هو أفضل، وهو الصلاة معهم، وإن أتممت فلا حرج، وإن قطعتها وذهبت مع الجماعة فذلك أفضل؛ لما في ذلك من أدائها جماعة.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (388). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 186 95 - حكم إمامة المسافر بالمقيم أو العكس س: ما حكم ائتمام من يقصر بمن يتم صلاته أو العكس؟ وكيف يفعلان (1)؟ ج: إذا أم من يقصر الصلاة بمن يتمها فإنه إذا سلم من صلاته ثنتين   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (46). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 186 يقوم المقيم ويتم أربعا، إذا كان الإمام هو المسافر يصلي ثنتين، ثم إذا سلم يقوم من وراءه فيصلون أربعا إذا كانوا مقيمين غير مسافرين، والمسافرون يسلمون معه، هذا إذا كان الإمام هو المسافر، أما إذا كان الإمام هو المقيم والمسافرون خلفه فإنهم يتمون معه، وليس لهم القصر، بل يتمون معه أربعا، وليس لهم القصر خلف من يتم أربعا؛ لما ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «أنه سئل عن من يصلي خلف الإمام؛ قالوا له: يا ابن عباس، ما لنا إذا صلينا خلف الإمام صلينا أربعا، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ثنتين؟ قال: هكذا السنة (1)» وهكذا رواه أحمد في مسنده بإسناد جيد، وفي صحيح مسلم، هذا يدل على أن الصلاة مع الإمام لا بد أن تكمل أربعا، صلاة المسافر مع الإمام في المسجد مع أهل البلد، أما إذا صلى خلف المسافرين فإنه من جنس المسافرين يصلي ثنتين، لكن متى صلى المسافر خلف من يصلي أربعا من المقيمين فإنه يتم أربعا، ولا يقصر خلفه وهو مقيم، هكذا السنة أن المسافر يتم خلف المقيم، أما المقيم خلف المسافر فإنه يتم صلاته إذا سلم المسافر.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 187 96 - حكم صلاة المسافر إذا صلى مع جماعة من المقيمين س: رجل جاء ومجموعة يصلون في المسجد، وهو مسافر وهم في الركعتين الأخيرتين، وهذا المسجد في الطريق بين مكة والمدينة، ولكنه لا يعلم هل هذه الصلاة قصر أو تامة؟ فهل يكمل الصلاة، أم يسلم معهم وينوي الصلاة قصرا أم تامة؟ وما هو الأفضل له في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليه أن يصلي أربعا؛ لأن أهل المسجد يصلون أربعا، فالواجب عليه أن يصلي أربعا، وإذا أدرك ثنتين يقوم ويأتي بثنتين بعد السلام؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن المسافر إذا صلى مع المقيمين يصلي أربعا ولا يصلي ثنتين (2)» بل يصلي أربعا، أما إذا علم أنهم مسافرون وصلى معهم ثنتين فلا بأس، أو كان عليهم علامات السفر فاعتقدهم مسافرين، وأصاب في اعتقاده فإن صلاته صحيحة، أما إذا لم يعلم ذلك فإن الأصل في أهل المساجد أنهم مقيمون، فيصلي معهم أربعا لا ثنتين، فإذا أدرك ثنتين وسلموا قام فأتى   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (262). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 188 بالثنتين الأخيرتين. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 189 س: كنت على سفر وأنا أقصر الصلاة، فأدركت جماعة تصلي العصر، فصليت معهم ركعة واحدة وسلم الإمام، ولا أدري هل كان قاصرا أم صلى تامة؟ فكيف تنصحونني لو تكرر الحال؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان الذين صليت معهم مسافرين فتأتي بركعة؛ لأن الظاهر أنهم مسافرون صلوا ركعتين، أما إذا صليت مع المقيمين فإنك تصلي أربعا، فإذا سلموا تقوم وتأتي بثلاث إذا كنت أدركت واحدة، وإن كنت أدركت ثنتين تقوم وتأتي بالثنتين؛ لأن الظاهر من أهل المقيمين الأربع أنهم يصلون أربعا، فالمشروع والواجب على المسافر إذا صلى مع المقيمين أن يصلي أربعا، أما إذا كنت مع مسافرين فإنك إذا أدركت واحدة تقوم وتأتي بالثانية؛ لأن الظاهر من حالهم أنهم صلوا ثنتين وأنهم مسافرون.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (263). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 189 س: ما حكم من صلى قصرا مع إمام يتم؛ أي إنه صلى ركعتين معه، ثم سلم وترك الإمام في صلاته (1)؟ ج: القصر سنة مؤكدة ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام في حق   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (17). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 189 المسافر، لكن إذا صلى المسافر خلف المقيم فإن الواجب عليه هو التمام، هذا هو الحق والصواب الذي عليه جمع من أهل العلم، وليس له أن يقصر مع الإمام المقيم، بل يتابعه ويصلي معه أربعا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ما يدل على ذلك، فإن ابن عباس رضي الله عنهما سئل قيل له: «ما لنا نصلي مع الإمام أربعا، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ركعتين؟ قال: هكذا السنة (1)» خرجه الإمام أحمد والإمام مسلم رحمه الله. وهذا يدل على أن السنة أن المسافر يصلي أربعا مع الإمام، وإذا صلى مع أصحابه المسافرين صلى ركعتين، والذي يصلي مع الإمام المتم وهو مسافر يصلي معه ركعتين يلزمه أن يعيد إذا سلم من ذلك، ولم يتابع إمامه، فقد غلط وقد أخطأ، وعليه أن يقضي هذه الصلاة التي صلاها مع الإمام وقصرها، عليه أن يقضيها ويصليها أربعا عملا بهذه السنة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 190 س: صليت العصر مع الإمام في مدينة الرياض وأنا مسافر، فأدركت معه ركعة فقط، ثم صليت واحدة وسلمت لأنني أقصر، فلما سلمت سألني بعض الإخوان: لماذا صليت ثنتين وسلمت؟ فقلت له: لأنني الجزء: 12 ¦ الصفحة: 190 مسافر، وقد صليت الظهر لوحدي ركعتين، وأدركت مع الإمام ركعة فصليت الثانية وسلمت. فقال لي: لا يجوز؛ لأنك إذا أدركت الإمام مع الجماعة فدخلت في الجماعة لا يجوز لك القصر، ويجب عليك أن تتابع الجماعة متى وجدتها. وقد امتثلت لفتواه، لكن ما الذي أصنعه في الأمور السابقة لهذه الفتوى إن كانت صحيحة (1)؟ ج: نعم هذه الفتوى صحيحة، المسافر إذا صلى وحده صلى ثنتين، أو صلى مع الجماعة المسافرين صلى معهم ثنتين، أما إذا صلى مع المقيم الذي يصلي أربعا فإنه يصلي معه أربعا ولا يقصر، وإذا أدرك معه الصلاة أدرك معه ركعة في صلاة الظهر، أو العصر أو العشاء فإنه يأتي بثلاث حتى يكمل أربعا، وإذا أدرك معه ركعة من المغرب أتى بثنتين حتى يكمل المغرب ثلاثا، وإذا أدركه بركعة في الجمعة أو الفجر أتى بركعة ثانية حتى يكملها، وهذا قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن المسافر يصلي مع الإمام، قال: يصلي أربعا، فإذا صلى مع المسافرين صلى ثنتين. فقال له السائل في ذلك، فقال: هكذا السنة. والسائل قال: «ما بالنا إذا صلينا مع الإمام صلينا أربعا، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ثنتين؟ فقال ابن عباس: هكذا   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (21). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 191 السنة (1)» خرجه مسلم في صحيحه، وخرجه أحمد رحمه الله بإسناد جيد، وهذا هو الصواب؛ أن المسافر لا يقصر إلا إذا كان وحده أو مع المسافرين، أما إذا صلى مع المقيمين الذين يصلون أربعا فإنه يصلي معهم أربعا، سواء كان من أولها أو في أثنائها، إذا جاء في أثنائها ثم سلم الإمام يكمل الأربع، هذا هو الواجب، أما الصلوات التي صليتها سابقا صليتها ثنتين وأنت مع الإمام، فهذه إن كانت قليلة فالأحوط أن تقضيها، أما إن كان لها دهر طويل فلعله يعفى عنك إن شاء الله لأجل أنك صليت بجهل، والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى المسيء في صلاته، أمره أن يعيد الصلاة الحاضرة، ولم يأمره بقضاء الصلاة الفائتة لأجل الجهل، فأنت كذلك، إذا كانت الصلوات قليلة وأعدتها فهو حسن، وإلا فلا شيء عليك؛ لأن المطلوب أن تفعل ما بلغك من العلم الشرعي، فلما بلغك العلم الشرعي وامتثلت فالحمد لله، والباقي أرجو أن يعفو الله عنك سبحانه وتعالى، والأقرب - والله أعلم - أنه ليس عليك شيء فيما مضى؛ لأنك فعلته ظنا منك أنك على الصواب والحق، ومعك شبهة ما هو المعروف في حق المسافرين من الصلاة ثنتين، فأنت لك شبهة، والله يعفو عن الجميع، وليس عليك قضاء ما فات إن شاء الله، ولكن في المستقبل إذا وافقت الأئمة المقيمين تصلي معهم   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 192 أربعا، وإن فاتك شيء فإنك تكمل أربعا. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 193 س: رسالة من المستمع من القصيم يقول: نأمل من سماحتكم إفتاءنا فيما يأتي: قوم سافروا سفر قصر، وفي أثناء سفرهم هذا مروا ببلد وقت صلاة العشاء وهم لم يصلوا المغرب، فدخلوا مع جماعة المسجد على حالات ثلاث؛ الأولى: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة العشاء، وبعد السلام صلوا المغرب. الحالة الثانية: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة المغرب، فلما قام الإمام لركعته الرابعة جلسوا حتى سلم الإمام فسلموا معه وصلوا العشاء بعد ذلك. الحالة الثالثة: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة المغرب أيضا، فلما قام الإمام لركعته الرابعة جلسوا فتشهدوا وسلموا، ولحقوا بالإمام في الركعة الرابعة له بنية صلاة العشاء لهم، وأكملوا بعد ذلك ثلاث ركعات. ولكي تتم صلاة العشاء فأي هذه الحالات وافقت الصواب؟ وهل على أحد منهم إعادة؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرا (1) ج: الطائفة الأولى الذين صلوا العشاء معه، ثم صلوا المغرب عليهم   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (307). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 193 أن يعيدوا العشاء؛ لأنهم غيروا الترتيب، الواجب عليهم الترتيب؛ يصلون المغرب ثم العشاء، وليست الجماعة عذرا في ترك الترتيب، فعليهم أن يعيدوا صلاة العشاء؛ لأنهم صلوها قبل المغرب. أما الذين صلوا مع الإمام بنية المغرب وجلسوا في الثالثة، وانتظروا حتى سلموا معه فإنهم قد أصابوا ولا شيء عليهم، والحمد لله. والثالثة جلسوا بعد الثالثة وتشهدوا وسلموا كملوا المغرب، ثم قاموا وصلوا معه الركعة الرابعة بنية العشاء، هؤلاء الأقرب والأحرى - إن شاء الله - أنها تجزئهم وأنها صحيحة، لكن الذين جلسوا حتى سلموا معه أولى وأقرب. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 194 97 - حكم ترك المسافر للجماعة ليصلي وحده قصرا س: المسافر إذا وصل إلى المدينة، وأراد أن يصلي لوحده قصرا هل يجوز له ذلك؛ علما بأنه يسمع الأذان وقريب من المسجد ويدرك الجماعة (1)؟ ج: لا يجوز له إذا كان وحده، لا يجوز له بل يصلي مع الناس؛ لأن الجماعة واجبة، أما إذا كانوا عدد اثنين فأكثر فهم مخيرون، إن شاؤوا   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (21). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 194 صلوا وحدهم قصرا، وإن شاؤوا صلوا مع الأئمة في المساجد وأتموا أربعا. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 195 س: السائل: س. س. ع. يمني مقيم بالمملكة: إذا حضر المسافر صلاة جماعة أيهما أفضل في حقه: أن يصلي مع تلك الجماعة صلاة تامة، أو ينفرد ويصلي صلاة مسافر (1)؟ ج: إذا كان مفردا ليس معه أحد فالواجب عليه أنه يصلي مع الجماعة، يصلي أربعا ولا يصلي وحده؛ لأن الجماعة واجبة والقصر سنة، ولا يترك الواجب من أجل السنة، بل يصلي مع الجماعة ويتمها أربعا، أما إن كانوا عددا اثنين فأكثر فهم بالخيار؛ إن شاؤوا صلوا وحدهم قصرا، وإن شاؤوا صلوا مع الجماعة أربعا.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (275). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 195 98 - مسألة في إمامة المسافر للمقيمين س: صلاة المسافر الذي يقصر ويجمع بالمقيمين هل تجوز أم لا (1)؟ ج: نعم صلاة المسافر بالمقيمين صحيحة، وإذا سلم يتمون إذا كان مسافرا وهم مقيمون، كأن صلى معهم الظهر ثنتين والعصر ثنتين أو   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (303). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 195 العشاء اثنتين، فإذا سلم يتم المقيمون أربعا، أما هو المسافر إذا صلى خلف المقيم فإنه يتم، هذا هو الأفضل، يصلي أربعا إذا كان المسافر مأموما والإمام مقيم، فإن المسافر يتم يصلي أربعا، هذا هو السنة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 196 س: رسالة من المملكة الأردنية الهاشمية من المرسل: س. يسأل ويقول: شخص يقصر في صلاته، هل يجوز أن يكون إماما للمقيمين؟ جزاكم الله خيرا. وإذا حصل هذا فهل له أن يقول: أتموا صلاتكم فإني أقصر الصلاة (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا صلى بهم وهو مسافر يصلي ثنتين، ويقول لهم عند الإحرام: أتموا. أو إذا سلم يقول: أتموا. كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك في عام الفتح (2) وإن أتم بهم فلا حرج؛ بأن يصلي بهم أربعا، ولو كان مسافرا فلا حرج، فقد أتم عثمان بالناس في آخر خلافته في حجاته الأخيرة رضي الله عنه وأرضاه، فالمقصود أنه إن أتم بهم فلا بأس، وإن صلى بهم ثنتين وقال: أتموا. فكله طيب وكله حسن.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (338). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب متى يتم المسافر برقم (1229). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 196 99 - حكم إقامة جماعتين في مسجد مع اختلاف الفريضة س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم إقامة جماعتين في مسجد واحد في وقت واحد، ولكنهم مختلفون في الفريضة (1)؟ ج: الواجب أن يصلوا جميعا، إذا كانوا في وقت واحد عليهم أن يصلوا جميعا، وليس لهم أن ينقسموا، عليهم أن يصلوا جميعا، أما إذا صلت الجماعة الأولى ثم جاءت جماعة أخرى صلوا وحدهم ولا حرج، لكن ما داموا جميعا وقت الصلاة الأولى عليهم أن يصلوا جميعا الوقت الحاضر، وليس لهم أن يتفرقوا، بل يجب أن يصلوا جميعا بإمام واحد.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (384). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 197 100 - حكم المرور بين صفوف المصلين س: ما حكم المرور بين صفوف المصلين حتى يجد المار مكانا يصلي فيه (1)؟ ج: لا حرج أن يمر المسلم بين المصلين، والإمام يصلي يلتمس مكانا إذا لم يجد طريقا سوى ذلك، أما إذا وجد طريقا بحيث يذهب   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (75). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 197 معه؛ حتى يتصل بآخر الصفوف فالأولى به أن يذهب مع الطريق؛ حتى لا يشوش على أحد، أما لو احتاج إلى ذلك فلا بأس؛ لأن المأموم لا يضره من مر بين يديه؛ لأنه مربوط بصلاة الإمام، فلا يضره من مر بين يديه، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «أتيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في منى وأنا على أتان، فنزلت عنها وتركت الأتان ترتع ودخلت في الصف (1)» فلم يضر ذلك صلاتهم؛ لأنهم محكومون بحكم الإمام، سترة الإمام سترة لهم، فلا يضرهم مرور الأتان، يعني أنثى الحمار، أو مرور إنسان آخر، لكن إذا تيسر أن يكون مرور الإنسان أو دابته من جهة أخرى؛ حتى لا تشوش على الصفوف فهذا هو الأولى، ولعل السبب في مرور أتان ابن عباس عدم تيسر طريق لها ذاك الوقت حتى مرت من بين بعض الصفوف.   (1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب متى يصح سماع الصغير برقم (76)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي برقم (504). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 198 101 - حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد س: ما حكم المرور أمام المصلي في المساجد؟ وهل هناك مسافة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 198 يسمح فيها (1)؟ ج: المرور بين يدي المأمومين لا بأس به ولا حرج فيه، أما المرور بين يدي الإمام أو الذي يصلي وحده فهذا لا يجوز، الرسول صلى الله عليه وسلم حذر منه، وأخبر أنه «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (2)» فلا يجوز المرور بين يدي المصلي قريبا منه ثلاثة أذرع فأقل، أو بينه وبين السترة، أما إذا كان بعيدا أكثر من ثلاثة أذرع فهذا لا حرج فيه؛ لأن رده يشق لبعده، ولأنه لا يعد بين يديه في الحقيقة، والأصل في هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى في الكعبة جعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع، هذا يدل أن محل السترة بهذه المثابة فأقل، والأولى أن يبعد أكثر من المصلي خروجا من الخلاف، أما إذا كان له سترة فلا يمر بينهما، ولكن يمر من ورائها، هذا أيضا يشمل المرأة والحمار والكلب؛ إذا مروا بعيدا منه لا يضر ثلاثة أذرع فأكثر أو من وراء السترة.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (38). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 199 102 - حكم المرور بين يدي المصلي في الحرم س: هل للمسجد الحرام والمسجد النبوي خاصية بمرور النساء والرجال أمام المصلي؛ اضطرارا ودفعا للحرج (1)؟ ج: الصواب في المسجد الحرام أنه لا تقطع فيه الصلاة، وأن من مر بين يدي أخيه لا يضره، فلا يمنع المار ولا يقطع المار الصلاة في المسجد الحرام؛ لأنه مظنة الزحمة ومشقة الدفع، والحاجة ماسة إلى المرور بين يدي المصلين في المطاف وغير المطاف، فالصواب في ذلك أن المصلي في المسجد الحرام لا يمنع المار، ولو مر بين يديه امرأة لم تقطع صلاته؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه في هذا شيء؛ أنه يمنع المار أو أنه تقطع الصلاة فيه، بل جاء عنه في بعض الأحاديث وإن كان فيها ضعف؛ «أنه ما كان يمنع المار في المسجد الحرام، وأنه كان يصلي والناس يمرون بين يديه (2)» لكن فيه ضعف. وثبت عن بعض الصحابة كابن الزبير أنه كان يصلي والناس يمرون بين يديه، ولأن المسجد الحرام مظنة الزحام، ولا سيما في أيام   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (137). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث مطلب بن أبي وداعة رضي الله عنه، برقم (26699)، وأبو داود في كتاب المناسك، باب في مكة، برقم (2016). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 200 الحج وأيام العمرة في رمضان، فقد يصعب رد المار والتحرز من المار، وتلحق بقية أيامه بذلك، أما المسجد النبوي فلم يرد فيه ما ورد في المسجد الحرام، بل ثبت عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه كان يصلي في المسجد النبوي، فأراد أحد أن يمر بين يديه فمنعه، فاشتكاه المار إلى مروان، فدعا أبا سعيد فسأله، فأخبره أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1)» فأبو سعيد رأى أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مثل غيره، ويمنع المار فيه، وهذا والله أعلم عند إمكان ذلك، أما إذا كانت الزحمة الشديدة فإنه في هذه الحال يلحق بالمسجد الحرام، وهكذا في أي مكان يكون فيه الزحمة الشديدة؛ لا يمنع المار في هذا للضرورة في أي مكان، فإذا ازدحم الناس في أي مكان واحتاج المصلي إلى أن يصلي فريضته، أو الراتبة فإن المار لا يقطع في هذه الحالة، ولا يمنع لعدم إمكان منع المار والتحرز منه، بل قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (2)،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه برقم (509)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (2) سورة الأنعام الآية 119 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 201 فالضرورات لها أحكامها وهذا منها، والله أعلم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 202 103 - بيان حكم حديث «يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب (1)» س: يشيع عند عامة الناس أن الذي يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود، وإذا مر أحد هذه الثلاثة بين يدي المصلي فإن صلاة المصلي تعتبر باطلة، هل هذا الاعتقاد صحيح (2) ج: هذا فيه تفصيل: إن كان المار امرأة أو حمارا أو كلبا أسود قطع، كما ثبت في الحديث الصحيح من حديث أبي ذر (3) وحديث أبي هريرة (4) وابن عباس (5) أما إن كان المار غير هذه الثلاث فإنه لا يقطع لكن ينقص، إذا أمكن رده وجب رده، أما إذا ما أمكن رده بل غلب المار المصلي فالإثم عليه لا على المصلي، وهذا في غير المسجد الحرام كما تقدم، وفي غير مواضع الزحمة التي لا حيلة فيها.   (1) صحيح مسلم الصلاة (511)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (950)، مسند أحمد (2/ 425). (2) السؤال السادس من الشريط رقم (137). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (511). (5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، برقم (703). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 202 104 - حكم المرور أمام المصلين فيما سوى الحرم من المساجد س: هل المرور أمام أوجه المصلين حرام في جميع المساجد، وأيضا في المسجد الحرام يحدث كثيرا؟ نرجو التوجيه وفقكم الله (1) ج: ليس للمسلم أن يمر بين المصلين أو أمامهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (2)» فليس للمسلم أن يمر بين يدي إخوانه المصلين إذا كان الإمام لم يقم الصلاة، وهم يصلون النوافل، بل عليه أن ينتظر حتى ينتهوا من الصلاة، وليس له أن يمر بها بين أيديهم وهم يصلون، بل يسلك مسلكا آخر حيث أمكن، بل يلتمس موقفا مع المصلين على طريقه، لا يمر بين يدي مصل قريب منه، إذا كان بعيدا منه ولا يضر ذلك، أو أمام السترة، بين المصلي وبينه السترة فلا بأس بذلك، وهكذا إذا كان الناس في الصلاة وقد أقيمت الصلاة فلا بأس أن يمر بين يدي المصلين وهم في الصلاة؛ لأنهم مستورون بالإمام، ولكن لا يمر بين يدي مصل فردا، ولا بين يدي الإمام، ولا يمر بينه وبين السترة أيضا، بل يكون بعيدا عن ذلك، وأن يمر وراء السترة ولا بأس للحديث السابق.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (3). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 203 105 - حكم من سبق إلى مكان في المسجد س: حضرت إلى المسجد في يوم الجمعة، ووقفت في الصف الأمامي، وقبل بداية الصلاة أمرني الإمام بالرجوع إلى الصف الخلفي لكي يقف مكاني شخص آخر أكبر مني سنا، ما هو نظر الشرع في مثل هذه المسألة جزاكم الله خيرا (1) ج: من سبق إلى مكان فهو أحق به، إذا سبقت إلى مكان في الصف الأول فأنت أحق به ممن هو أفضل منك وأعلم منك، أنت السابق للصف الأول أو الثاني أو الثالث، من سبق إلى مكان في الصف فهو أحق به، إلا إذا سمح وآثر غيره فلا بأس، إذا سمح وآثر أباه أو شيخه أو شيخا كبيرا أكبر منه أو عالما فهذا لا بأس به ولا حرج عليه، وإلا فليس لأحد أن يؤخره ويجلس مكانه، فالسابق أحق، جاء في الحديث الصحيح: «من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به (2)» المقصود أن السابقين هم المقدمون في الصف الأول والثاني، وهكذا وفي حلقات العلم.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (299). (2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب إذا قام من مجلسه ثم عاد فهو أحق به، برقم (2179). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 204 106 - حكم حجز المكان في المسجد بسجادة أو نحوها س: هل يجوز لمن حضر إلى المسجد متأخرا أن يصلي تحية المسجد أمام وجه مصل آخر؟ ويضايق المصلين في الصف؟ حتى إن بعض المصلين يخرج من الصف ويترك المكان له، وهذا كثير ما يحدث، والبعض يضع سجادة أو إحرامه ويذهب للطواف ليحجز المكان من المسجد الحرام، نرجو الإفادة عن هاتين النقطتين (1) ج: ليس للمؤمن أن يضايق أخاه في الصف، بل يصلي حيث انتهى ويقف، ويصف مع الناس حيث انتهى الصف، وليس له أن يفرق بين اثنين كما جاءت به النصوص، لكن إذا وجد فرجة تسع له فإنه لا بأس أن يدخل فيها ويسدها؛ لأن المسلمين مأمورون بسد الفرج عند تراص الصفوف، فله أن يصلي - إذا كان أمامه أحد - تحية المسجد أو الراتبة، وإن كان أمامه شخص جالس؛ الإمام ونحو ذلك فلا بأس ولا حرج عليه في ذلك، وإنما يجب أن يلاحظ عدم الإيذاء لإخوانه المسلمين؛ لأجل أن يصفوا مع الناس حيث انتهت الصفوف، ولا يؤذي الناس بمضايقة المسلمين ما لم يكن فرجة تسع له فلا بأس أن يسدها كما هو مأمور بذلك.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (3). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 205 كذلك حجز المكان، ليس له حجز المكان، ليس لأحد أن يحجز المكان يوم الجمعة ولا غيره، بل ينبغي له أن يأتي الصلاة على نية الإقامة في المسجد حتى يصلي مع الناس، أما أن يأتي ليجعل في المكان سجادة أو شيئا آخر حتى يرجع ويذهب إلى بيته أو الطواف أو إلى شيء آخر، ثم يرجع ليس له ذلك؛ لأن هذا يمنع منه المتقدمين إلى الصلاة، فالواجب على المؤمن أن يدع هذه الأمور، وأن يقصد الصلاة، يقيم في المسجد لا ليضع عمامة أو عباءة أو سجادة أو غير ذلك، ثم يخرج لحاجات أخرى. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 206 107 - حكم المكث في المسجد لغير الصلاة س: هل يجوز دخول المسجد والجلوس فيه لغير الصلاة حتى يؤذن؟ أرجو إفادتي جزاكم الله خير الجزاء (1) ج: لا بأس أن يدخل المسجد ويجلس فيه للراحة أو للنوم القيلولة أو ما أشبه ذلك، لا بأس بذلك، وقد كان بعض الصحابة ينامون في المسجد في عهده عليه الصلاة والسلام، ولكن لا ينبغي له الجلوس إلا بعد التحية إذا كان على طهارة، إذا كان على وضوء يصلي ركعتين ثم يجلس، أما إذا كان   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (3). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 206 على غير طهارة فلا حرج عليه، يجلس والحمد لله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 207 108 - حكم أداء تحية المسجد في أوقات النهي س: يقول السائل من اليمن: دخل شخص المسجد قبل أذان المغرب بحوالي ربع ساعة أو عشر دقائق، فهل على هذا الشخص أن يصلي ركعتين تحية للمسجد، أم يظل واقفا حتى يؤذن للمغرب (1) ج: السنة أن يصلي ركعتين متى دخل المسجد ولو قبل الغروب؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2)» وهاتان الركعتان من ذوات الأسباب، ليس لهما وقت نهي كسجود التلاوة وكصلاة الكسوف، فإن الشمس متى كسفت صلى الناس للكسوف ولو بعد العصر، فهكذا ركعتا التحية حكمهما حكم ذوات الأسباب ليس لهما وقت نهي.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (387). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، برقم (714). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 207 109 - بيان كيفية وقوف المصلي إذا وجد إماما يؤم رجلا عن يمينه س: يقول السائل: الأخ: إ. م. س. ع. من اليمن يسأل ويقول: إذا صلى اثنان جماعة فيكون المأموم من جهة يمين الإمام، فإذا جاء رجل آخر وهم في الركوع هل يحرم بجانب المأموم، فإذا أحرم فلا يستطيع أن يركع؟ لكن وجهونا ماذا يعمل جزاكم الله خيرا (1) ج: قد دلت سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الرجلين إذا صليا جميعا فإن الإمام يجعل المأموم عن يمينه ويصلي به، فإذا جاء آخر فإنهما يتأخران ويكونان خلفه، هذا هو السنة، ولا يقف لا عن يمين المأموم ولا عن يسار الإمام، بل يتأخران، وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي لوحده، فجاء جابر وجبار الأنصاريان فصفا عن يمينه وشماله، فأخذ بأيديهما وجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (2)» وصلى ذات يوم بابن عباس في الليل فجعله عن يمينه، وصلى بأنس فجعله عن يمينه، هذا هو السنة، إذا جاء الرجل   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (167). (2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 208 والإمام يصلي ومعه واحد عن يمينه فإنه يجره خلفه بالرفق والحكمة، ويصفان خلف الإمام، فإن خشي أن تفوت صف عن يمين المأموم أو عن يسار الإمام وركع معه، ثم تأخرا جميعا، تأخرا جميعا خلف الإمام حتى يدرك الركعة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 209 110 - حكم تقدم الإمام أو تأخر المأموم إذا دخل معهما ثالث أو أكثر س: إذا كان اثنان يصليان صلاة الجماعة، أحدهما على اليمين، ودخل عليهما الثالث يريد الصلاة جماعة هل يجوز للإمام أن يتقدم أمام الصلاة ويقرأ (1) ج: لا حرج في ذلك، يتقدم أو يؤخرهما خلفه ويبقى في مكانه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي، فجاء جابر فصف معه عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فصف عن يساره، فأخذهما وجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (2)» وبقي في مكانه عليه الصلاة والسلام، فالإمام حينئذ ينظر ما هو أنسب، فإن كان الأنسب أن يتقدم؛ لأن ما خلفه لا يتسع لهما تقدم، وإن كان ما خلفه يتسع لهما أخرهما وبقي في   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (232). (2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 209 مكانه وصلى بهما. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 210 س: إذا كان شخصان يصليان في الجماعة، ثم أردت الانضمام إليهما فهل أكبر قبل أن أقدم الإمام، أم أقدم الإمام ثم أكبر؟ وهل الأفضل تقديم الإمام، أم تأخير المأموم (1) ج: الأمر في هذا واسع؛ إن كانت السعة قدام تقدم الإمام، وإن كان السعة خلف تأخر المأمومان ويكبر سواء بعد تقديم الإمام أو تأخيره كله واحد، يكبر ويصف مع أخيه خلف الإمام، أما بالنسبة للتكبير فسواء كبر قبل تقديمه أو بعد التقديم، المهم أن يكون تكبيره بعد الإمام، لا يكبر إلا بعد تكبير الإمام، يعني كون الإمام كبر قبل أن يتقدم لا يضر، أو قبل أن يتأخر إن كان سوف يتأخر.   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (350). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 210 س: إذا دخلت مع أحد المصلين في جماعة، ودخل آخر معنا، نرجو من سماحة الشيخ الإفادة الصحيحة لما يفعله الإمام والمصلون في هذه الحالة، جزاكم الله خيرا، وكيف يتقدم (1) ج: إذا كان المصلي يصلي وحده، ثم جاء إنسان وصف معه يجعله عن يمينه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس وغيره، فإن   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (344). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 210 جاء ثان يصير ثالثا لهم أخرهم خلفه، صاروا خلفه، وهكذا لو جاء ثالث كلهم يصيرون خلفه، ولهذا «لما جاء ابن عباس للنبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وصف عن يساره جعله النبي عن يمينه (1)» وهكذا ثبت من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم زارهم وصلى في البيت وأقام أنس عن يمينه وثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي وحده، فجاء جابر وجبار من الأنصار فصفا معه، فجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (2)» هذا هو السنة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763). (2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 211 س: يقول السائل: إذا كان مع الإمام واحد أول الصلاة، ثم جاء ثالث، وكان يريد إدراك الركعة والإمام راكع هل يقف على يمين ذلك المأموم، أم يجذب المأموم الأول لديه ويبقى في الصف الثاني (1) ج: يركع مع الأول عن يمينه أو عن يسار الإمام؛ حتى لا تفوته   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (273). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 211 الركعة، ثم يتأخران جميعا خلف الإمام، إذا جاء والإمام راكع ومع واحد فهو مخير؛ إن شاء صف مع الذي عن يمينه، وإن شاء صف عن يسار الإمام؛ لأن يمينه مشغولة، ثم بعد الرفع السنة أن يتأخرا خلف الإمام، هذا هو السنة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 212 111 - حكم إجزاء مصافة الصبي في الصلاة مع رجل خلف الإمام س: إذا وجبت الصلاة ونحن جماعة ثلاثة، الثالث منا صبي عمره اثنتا عشرة سنة تقريبا، ولم يبلغ الحلم فهل نصلي بجنب الإمام، أو يصطف أحدنا والصبي خلف أحدنا؛ لكون أحدنا إماما؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانوا ثلاثة يقف الإمام أمامهم، ثم يصف الثاني مع الصبي الذي بلغ اثنتي عشرة سنة خلف الإمام، هذا هو السنة، حتى ولو كان أقل من اثنتي عشرة سنة، ابن سبع أو ثمان يصف مع الكبير، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى مع أنس ومعه اليتيم جعلهم خلفه صفا فالمقصود أنه إذا كان مع الإمام رجلان أو صبيان أو رجل وصبي فإنهم يصفون خلفه،   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (277). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 212 أما المرأة إذا كان معهم نساء يكن خلف الرجال، ولو امرأة واحدة، لا تصف مع الرجال، هذا هو المشروع، ولو صلوا عن يمينه وشماله صح، لكن السنة أن يكونوا خلفه، لما «صف معه صلى الله عليه وسلم جابر وجبار جعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (1)» ولما «صلى في بيت أنس بأنس وأخيه جعلهما خلفه (2)» وكان أخوه أصغر منه.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 213 112 - حكم قطع الصلاة لإرشاد الأولاد وتأديبهم س: ما حكم قطع الصلاة؟ وذلك لأن بعض الأولاد في الصف الثاني يسببون صخبا شديدا، ويتكلمون وينتظرون ركوع الإمام، فهل لي أن ألتفت إليهم وأقوم بإرشادهم وتأديبهم على ذلك الفعل (1) ج: لا، يكفي الإشارة، لا تقطع صلاتك استمر، تكفي الإشارة لتعاملهم بالهدوء، ولا تقطع الصلاة، استمر في صلاتك، وبعد السلام تنصحهم وتوجههم ولا تقطع الصلاة، يلزمك إذا دخلت فيها فأتمها، ولكن بالإشارة لا بأس أن تشير إليهم بيدك حتى يهدؤوا.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (383). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 213 113 - حكم دخول الأطفال في الصفوف الأول س: عندما نقيم للصلاة نجد هناك أطفالا يقفون مع الرجال في الصفوف الأول، هل نمنعهم ونقيم الصلاة ونجعلهم في آخر الصفوف؟ أم كيف تنصحوننا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانوا من أهل الصلاة فاتركوهم، وهو ابن سبع فأكثر، هؤلاء أمرهم النبي بالصلاة، وأمر آباءهم بأمرهم بالصلاة، قال عليه الصلاة والسلام: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر (2)» فإذا كانوا بهذا السن فيتركون مع الناس يصلون، إلا أن يعبثوا فيزالوا عن محل العبث، أو يفرقوا في الصف حتى لا يعبثوا، أما إذا كانوا دون ذلك فليسوا من أهل الصلاة، ولكن إذا دعت الحاجة كأن يكون جنب أبيه لئلا يضيع فلا حرج في ذلك، ولا يضر الصف، كما لو كان بين الشخصين عمود أو كرسي أو ما أشبه ذلك، فالمقصود إذا كان دون السبع فالأولى لأبيه ألا يأتي به، يبقى في البيت حتى لا يشوش على الناس ولا يعبث، أو يكون خلف الصفوف ينتظر أباه حتى ينتهي،   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (263). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 214 فإن خاف عليه وجعله مما يليه فلا حرج في ذلك إن شاء الله، إذا كان لا يعبث ولا يؤذي أحدا. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 215 114 - حكم إمامة الرجل للصبيان، وبيان كيفية وقوفهم معه س: عندي أولادي أعمارهم من إحدى عشرة سنة إلى سبع سنوات، هل الأفضل أن يصفوا خلفي في الصلاة أو إلى جانبي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة أن يصفوا خلفك ولو كانوا صغارا، إذا كانوا أبناء سبع فأكثر، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت بعض الصحابة لما زارهم الضحى، فصلى بهم صلاة الضحى، وصف أنس واليتيم خلفه عليه الصلاة والسلام، فالسنة أن يصفوا خلفك ولو كانوا صغارا، إذا كانوا أبناء سبع فأكثر، ولكن ليس لك أن تصلي في البيت صلاة الفريضة، بل يجب عليك أن تصلي في المسجد مع الناس، وتأمرهم أيضا أن يصلوا مع الناس، إذا كانوا أبناء سبع أو ثمان يؤمرون، أما إذا بلغوا عشرا فيؤمرون ويضربون إذا تخلفوا؛ حتى يصلوا مع الناس ويعتادوا الصلاة، لكن إذا صليتها في البيت في الليل، تهجدت في الليل أو صلاة   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (295). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 215 الضحى فلا بأس يصلون خلفك، أما إذا كنت في البادية فإنهم يصلون معك في جماعة في مسجدكم مسجد بادية، أنت وجيرانك إذا كان لديك جيران، لا تصل في محلك، صل مع إخوانك في مصلاكم أنت والجيران، أما إذا كان وحده فيصلي مع أولاده، ويصلون خلفه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 216 س: إذا أم إمام صبيين أو ثلاثة دون العاشرة هل يكون عن يسارهم أم أمامهم (1) ج: السنة أن يكون أمامهم، لا بأس أن يصف الصبيان خلفه، فإن لهم صفوفا إذا كانوا ابن سبع سنين فأكثر ممن يعقل الصلاة، فإنهم يصفون خلفه كالرجال، وإذا كان معهم رجال كذلك، فهم يتمون الصفوف، ويصفون خلف الإمام ولا حرج، هذا هو الصواب، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه أم أنس بن مالك ويتيما عندهم يقال له: حسن بن ضميرة. صاروا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، اليتيم وأنس (2)» «وصلى بابن عباس، صار عن يساره فأداره عن يمينه عليه الصلاة والسلام (3)» فالحاصل أن الصبيان يكونون خلف الإمام كالرجال إذا   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (19). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658). (3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 216 كانوا اثنين فأكثر، أما الواحد فيكون عن يمين الإمام كالرجل، هذا هو المشروع حتى في الفريضة، الفريضة والنافلة، هذا هو الصواب، بعض أهل العلم يرى أن هذا في النافلة خاصة، والصواب أنه جائز في النافلة والفريضة جميعا؛ لأن ما جاز في النافلة جاز في الفريضة؛ حتى يرد مسوغ يخص هذه دون هذه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 217 س: إذا فاتتني صلاة الجماعة وأنا رجل بالغ، وأردت أن أصلي، فأتى أولاد في سن العاشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة، أي من عشر إلى خمس عشرة سنة، فهل أتقدمهم، أم يكون الجميع في صف واحد معي على اليمين؟ فقد قال لي أحد الرجال: إنه لا يتقدم إذا كان كل من معك في هذا العمر أو أقل؛ لأنهم لا يضبطون صلاتهم. أفتوني جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان الواقع ما ذكره السائل فإنه يتقدم بهم ويصلي بهم، ويكونون خلفه صفا أو أكثر إذا كانوا أبناء سبع فأكثر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع (2)» فابن السبع مأمور بالصلاة ويميز، فإذا كانوا أبناء سبع فأكثر وهم اثنان فأكثر فإنهم يصفون خلف   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (199). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 217 الإمام، وقد «صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأنس واليتيم، فصارا خلفه عليه الصلاة والسلام (1)» أما إذا كان الصبي واحدا فقط فإنه يصلي عن يمين الإمام، كالرجل الكبير يصلي عن يمينه، كما «صلى ابن عباس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل (2)» وكما «صلى أنس عن يمينه لما زار صلى الله عليه وسلم جدة أنس (3)» فالمقصود أنه إذا كان واحدا ولو كبيرا يكون عن يمين الإمام، أما إذا كان المأمومون اثنين فأكثر، ولو لم يبلغوا الحلم فإنهم يصفون خلف الإمام، إذا كانوا من أهل الصلاة وهم أبناء سبع فأكثر.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 218 115 - حكم صلاة الرجل بين طفلين دون سن التمييز في الصف س: يقول السائل: هل وجود المأموم بين مجموعة من الأطفال دون سن التمييز عن يمينه وشماله في الصف يؤثر، أو يخل بصلاته (1) ج: نعم، إذا كانوا دون السبع يعتبر فردا، إذا كان ما يوجد غيرهم، ما صف معهم غيرهم يعتبر فردا ولا يصح، عليه أن يعيد الصلاة؛ لقول   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (255). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 218 النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1)» وهو حكمه حكم المنفرد إذا كانوا دون السبع.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 219 116 - حكم وقوف الصبي دون السابعة في صف الرجال س: هذا سائل للبرنامج أرسل بهذا السؤال، ولم يذكر الاسم في هذه الرسالة، يقول: هل الصبي يقطع صف الصلاة؟ حيث إن بعض الأشخاص يحضرون معهم أبناءهم الصغار جدا، ويقف الابن بجانبه، ثم يقف المصلي الآخر بجانب الطفل (1) ج: الأولى لأولياء الأطفال ألا يأتوا بهم إلى الصلاة إذا كانوا أقل من سبع، الأولى أن يبقوا في بيوتهم عند أهلهم، أما إذا كان ابن سبع فأكثر فإنه لا يقطع الصف، بل يصف مع الرجال ويعتبر، لكن إذا كان دون السبع تركه مع أهل البيت أولى وأفضل؛ حتى لا يتأذى به الناس، فلو وجد مع أبيه لا يقطع الصف ولا حرج إن شاء الله، كاللبنة بين الصفين أو العمود بين الصفين لا يضر، المقصود أنه إذا كان وجد ودعت الحاجة إليه؛ لأن أباه قد يأتي به لأنه يضر أهله لو بقي عند أهله، كما يروى «أن الحسن قد يأتي   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (395). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 219 والنبي يصلي بالناس، قد يرتحله وهو ساجد (1)» وكما صلى النبي بأمامة بنت بنته للحاجة والتعليم، يعلم الناس أن مثل هذا لا يضر، فإن دعت الحاجة إلى مثل هذا وكان أبوه لا يستطيع بقاءه عند أهل البيت، أو ما عنده في البيت أحد فيكون معذورا، ويكون مثل حجر بين الصفين، أو كرسي بين الصفين أو ما أشبه ذلك، وقد تأتي الحاجة إلى هذا الشيء، فلا يضر إن شاء الله.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث شداد بن الهاد رضي الله عنه، برقم (27100). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 220 117 - حكم الصلاة بين أعمدة المسجد س: لدينا مسجد في الحارة التي نسكن فيها، والمسجد صغير الحجم خاصة في صلاة العصر والمغرب والعشاء، وفي وسط المسجد توجد أعمدة يصلي الناس بجانبها، ويتسع حينئذ المسجد، ولكن الإمام أفتى الناس أن الصلاة بجانب الأعمدة غير مقبولة، وأخذ الناس بكلام الإمام، ولم يصلوا بجانب الأعمدة، فأصبح المسجد الجزء: 12 ¦ الصفحة: 220 حينئذ ضيقا، ما رأيكم في هذا (1) ج: لا حرج في الصلاة بين الأعمدة عند الحاجة إلى ذلك، إنما تكره عند عدم الحاجة لقطعها الصفوف، فأما إذا كانت هناك حاجة فإنهم يصلون بين الأعمدة، ولا حرج في ذلك وتزول الكراهة، كما دلت على ذلك السنة، وعمل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (184). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 221 س: سائل يقول: في بعض المساجد توجد أعمدة في بعض الصفوف تؤدي إلى قطعها وتجزئتها إلى أكثر من صف، فهل الأفضل في مثل هذه الحالة أن يصلي الإنسان بجانب العمود، ومن ثم يكون الصف منقطعا، أم الأفضل أن يكمل الصف بأن يجعل العمود من خلفه؟ مع العلم بأن الصف بهذه الحالة يكون مكتملا، ولكن مائلا لخروج المصلي قليلا عن الصف، أفتونا في ذلك مأجورين (1) ج: السنة أن تستقيم الصفوف متصلة والأعمدة خلفهم، ولا تقطع الصفوف إلا عند الضرورة، إذا ازدحم المسجد وضاق المسجد صف أناس بين السواري فلا حرج للحاجة، ولهذا كان الناس يتقون ذلك عند عدم الحاجة إلى ذلك، فالسنة أن يتقدم المأمومون   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (401). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 221 وتكون الأعمدة خلفهم، ولا يضر لو تقدم قليلا من جهة العمود ليكون خلفهم العمود، لكن ينبغي للذين بين العمودين أن يتقدموا قليلا حتى يستقيم الصف، ولا يتقدم أحد على أحد. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 222 118 - حكم صلاة الرجل بزوجته أو غيرها من النساء س: هل يمكن للرجل أن يصلي مع زوجته في البيت؟ وفي هذه الحالة أين تقف الزوجة؟ هل تقف عن يمينه أو شماله أو خلفه؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (1) ج: أما الفريضة فيلزمه أن يصلي مع المسلمين في المسجد، وليس له أن يصلي في بيته، لا مع أهله ولا مع غيرهم، يجب على المؤمن أن يصلي مع الناس في بيوت الله عز وجل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» ولأنه عليه الصلاة والسلام سأله رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " هل   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (205). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 222 تسمع النداء بالصلاة؟ "، قال: نعم، قال: " فأجب (1)» فلم يرخص له أن يصلي في البيت مع أنه أعمى، وليس له قائد يلائمه، فالواجب على المسلمين من الرجال الصلاة في المساجد في بيوت الله مع إخوانهم، ولا يجوز التخلف عنها، لكن لو صلى الإنسان مع امرأته نافلة كالتهجد بالليل أو صلاة الضحى فلا بأس، وتكون خلفه، أما الرجل الواحد يكون عن يمينه، أما المرأة تكون خلفه ولو أنها زوجته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «لما صلى في بيت أنس صلاة الضحى جعل أنسا عن يمينه، وجعل أم أنس خلفهم، وفي لفظ آخر: صلى بأنس واليتيم، وجعلهما خلفه وجعل المرأة خلفهما (2)» وهي جدة أنس، فالمقصود أن المرأة وإن كانت زوجة أو أما أو أختا لا تصف مع الرجل، ولكن تكون خلفه، سواء كان إماما أو مأموما، إن كان إماما فهي خلفه، وإن كانت صفوف صلت خلف الصفوف، هذا في النافلة، أما الفريضة فالواجب على الرجل أن يصلي مع الناس، لكن لو كان مريضا أو فاتته الصلاة في المسجد، وصلى في البيت وصلت خلفه فلا بأس صلاة الفريضة؛ لأنه بهذه الحال معذور؛ لأنه مريض، أو لأنه قد فاتته الفريضة مع الرجال.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 223 س: من مكة المكرمة رسالة، بعث بها المستمع: إ. ص. م. يقول: إذا قام الرجل يصلي هو وزوجته فهل تقف الزوجة على يمينه، أم خلفه؟ وما هو الترتيب للرجل وزوجته والأطفال الذين لم يبلغوا الرشد، بل دون التاسعة وما حولها؟ هل يكونون خلف الإمام، أم خلف النساء؟ أم كيف توجهوننا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إن صلى وحده وصلت وحدها فلا بأس، كان النبي يصلي وحده، ثم يدير عائشة لليسار، ولم يحفظ عنه فيما نحفظ أنه صلى بها عليه الصلاة والسلام ولا غيرها من النساء، وإن صلى بامرأته تكون خلفه، إذا صلى إنسان بزوجته أو بغيرها من النساء يكن خلفه، لا يقفن عن يمينه ولا عن شماله، بل تكون المرأة خلف الرجل، سواء كانت زوجته أو أمه أو غير ذلك، أما الصبيان فإن كانوا قد بلغوا سبعا يصفون خلفه سبعا فأكثر، وهكذا البنات سبعا فأكثر، كلهن خلفه، لا يصففن مع الرجال، يكن خلفه، لكن الصبيان يكونون خلفه، أما إن كان واحدا فإنه يصف عن يمينه كالرجل، كما صلى ابن عباس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وهو من هو، المقصود أن الصبيان لهم حالتان: إن كانوا اثنين فأكثر فالسنة خلف الإمام، وإن كان الصبي واحدا فإنه يصف عن يمينه كالرجل عن يمين الإمام. أما   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (347). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 224 النساء سواء كن كثيرات أو قليلات يكن خلف الإمام، وهكذا الواحدة تكون خلف الإمام، ولو كان زوجها لا تكون معه، وإذا كان الأطفال صبيانا وصبايا من السابعة حتى العاشرة تكون صفوفهم خلف الإمام، يتمون الصف الأول ثم الصف الثاني، ولو أنهم صبيان اثنان فأكثر والبنات خلفهم يصففن خلف الصبيان، والذي يلي الإمام الكبار فهم مقدمون على الصغار، فإذا صفوا جميعا فلا بأس، لكن إذا جاء الكبار وصفوا فالبنات خلفهم، وإذا اختلطوا في الصف فلا بأس، لكن النساء خلف الصبيان وإن كن كبيرات. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 225 س: إذا صلى رجل وأمه، أو أحد محارمه في غرفة واحدة منفردين، وليسوا جماعة فهل يجب أن يتقدم الرجل وتتأخر المرأة، علما بأنهما منفردان؟ نريد الإجابة مصحوبة بالدليل إذا أمكن، وفقكم الله (1) ج: إذا أراد أن يصلي بالمرأة فإنها تكون خلفه، لا تكون معه في الصف، ولو كانا زوجا وزوجة، أو مع أمه أو أخته أو بنته، المشروع أنها تقف خلفه، ولهذا لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأم سليم كانت أم سليم خلفه، صلى بأنس عن يمينه وأم سليم خلفه - أم أنس - وهكذا لما صلى بأنس والحسن صارا خلفه صفا، وصارت أم سليم خلفهما ولم   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (5). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 225 تصف معهما، ولا مع النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة في موقف النساء خلف الرجال، ولو كانت أم الإمام أو زوجة الإمام لا تصف معه، بل تكون خلفه هذه السنة، ولا يلزم ذلك أن يصلي جماعة، لو صلى وحده وهي وحدها فلا بأس، لكن إذا أراد أن تصلي معه في التهجد في الليل، أو في الفريضة مثلا: مريض لا يستطيع أن يصلي في المسجد، أو فاتته الفريضة في المسجد، فصلت معه الفريضة فلا بأس، أو التهجد فلا بأس أن يصلي بها، لكن تكون خلفه لا معه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 226 س: كيف يقوم رجل وامرأة بتأدية صلاة الجماعة (1) ج: هذا له أحوال: تارة يمكن أن يصليا جميعا في النوافل، يصلي هو وامرأته وأهل بيته بصلاة الضحى نافلة، أو التهجد بالليل أو صلاة الوتر، فيقوم هو وحده وتصف النساء خلفه، حتى ولو كانت زوجته تصف خلفه لا تصف معه، لا بأس بهذا، وهكذا في التراويح، لو صلى مع الإمام يصلين خلفه، أو صلى بهن صاحب البيت صلين خلفه، سواء واحدة أو عدد يصلين خلفه، وكذلك في الفرائض، لو جاء النساء ليصلين مع الناس في المساجد فإنهن يصلين خلف الأئمة وخلف   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (45). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 226 المأمومين، ولا تصف امرأة مع رجل، لا مع زوجها ولا مع أبيها ولا مع غيرهم، موقفهن خلف الرجال، سواء في الفريضة أو في النافلة في الليل أو في النهار، المقصود أن هذه الأنواع طريقها واحد، المرأة فيها تكون خلف الإمام أو خلف المأمومين إذا كان هناك مأمومون، ولا تقف مع الإمام ولا مع المأمومين. وإن كن نساء فقط تقف الإمامة وسطهن، لا تتقدمهن لا تتشبه بالرجال. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 227 س: أين تقف الزوجة إذا صلت مع زوجها ? (1) ج: إذا صلت مع زوجها تقف خلفه، وإن كان معها نساء يقفن معها، ولا تقف مع الرجل لا مع زوجها ولا مع غيره، هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم النساء، كان يصلي في بعض الأيام ببعض النساء لما زارهم، وكانت المرأة خلفهم، فالمرأة تصلي خلف الرجال ولو أنها واحدة، ولو أنه زوجها تصلي خلفه.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (382). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 227 س: السائل: أ. م. سوداني مقيم بحائل، يقول: كنت أنا وزوجتي نصلي في جماعة وهي في صف معي في صف واحد، وقد سمعت من بعض الإخوة بأنه لا يجوز للمرأة أن تصلي مع الرجل في صف واحد، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 227 وأصبحت أفكر كثيرا في الأيام التي كانت تصليها معي زوجتي في صف واحد، هل أعيد الصلاة ? (1) ج: ليس عليك إعادة، لكن في المستقبل تكون خلفك، النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يكن خلف الرجال، وصلى مرة في بيت أم أنس، فقام أنس عن يمينه والمرأة خلفهم؛ جدة أنس، فالمقصود أن موقف النساء يكون خلف الرجال، وحتى ولو هي زوجته تكون خلفه لا تصف معه.   (1) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم (403). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 228 119 - حكم إمامة الرجل للنساء س: هل يجوز أن يؤم رجل النساء ? (1) ج: نعم يجوز أن يؤم النساء في الصلاة في التراويح، النبي صلى الله عليه وسلم زار أنس بن مالك، وصلى خلفه أنس بن مالك ويتيم عندهم، صفا خلفه وصفت أم سليم خلفهم. وكان النساء يصلين خلف الإمام في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، فلا بأس أن يصلي النساء خلف الإمام ولو كان وحده الإمام وكلهن نساء؛ لأن الخلوة بالثنتين فأكثر لا   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (242). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 228 تحرم، إنما تحرم الخلوة إذا كانت بواحدة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما (1)» فإذا كان معها نساء أو معها رجال ما تسمى خلوة، وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم مع أنس واليتيم وأم سليم جميعا، وصلى بهم عليه الصلاة والسلام، وهكذا في رمضان لو صلى بالنساء في التراويح في البيت صلى بهم رجل كفيف فلا حرج، أو بصير لكن يتغطين عنه، ويحتجبن إذا سلم لا يكشفن، بل يتحجبن عنه عند إقباله عليهن وسلامه هذا لا حرج فيه؛ لأن المقصود هو عدم الخلوة وعدم النظر إلى العورات، فإذا كن مستورات عن البصير، أو كان الإمام أعمى وليس هناك خلوة فلا حرج في ذلك، ولكن إذا كان أعمى يكون أسلم وأبعد عن الفتنة.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم (115). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 229 120 - حكم تسوية الصفوف في الصلاة وسد الفرج س: السائل: أ. أ. أ: ما هي الأحاديث الواردة في تسوية الصفوف ? (1) ج: الأحاديث كثيرة في ذلك، منها فعله صلى الله عليه وسلم، فقد كان إذا وقف يصلي بالناس التفت يمينا وشمالا وحرضهم: «رصوا صفوفكم،   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (389). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 229 وقاربوا بينها حاذوا بالأعناق (1)» «من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله (2)» هكذا يحرضهم على تسوية الصفوف، ويقول: «سدوا الفرج، فإن الشياطين تدخل بين المسلمين في الفرج كأولاد الغنم (3)» وكان صلى الله عليه وسلم يحثهم على إقامة الصفوف وسد الفرج التي بينهم، وأن يستقيموا، ويقول: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ " قالوا: يا رسول الله، كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: " يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف (4)» هكذا قال، يعني يتمون الصف الأول فالأول، ويتراصون فيها ثم يعتنون بذلك غاية العناية، هذا ما يجب على المؤمنين أن يتراصوا في الصفوف، وأن يكملوا الصف الأول فالأول؛ عملا بأمره صلى الله عليه وسلم وتوجيهه، ويقول: «رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق (5)» وهذا يتكرر منه عليه الصلاة والسلام في كل صلاة؛ حتى ينتبه الناس، وحتى يتواصوا بهذا الأمر ويتناصحوا،   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (667). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (13324). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه برقم (21760) ولفظه " وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل بينكم بمنزلة الحذف يعني أولاد الضأن الصغار ". (4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة برقم (430). (5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (667). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 230 وحتى يبلغ بعضهم بعضا. وفي بعض الأوقات أراد أن يكبر، فرأى رجلا باديا صدره، فقال: «عباد الله، لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم (1)»   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها برقم (717). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 231 س: بخصوص تسوية الصفوف في المسجد ما حكمها؟ وهل يجب على المأموم إذا كان هناك صف متأخر أن يعدله، خاصة وأن بعض الصفوف فيها بعض الفراغات الكبيرة، أم أن هذا مختص بالإمام ? (1) ج: الواجب تعديل الصفوف وسد الخلل على الإمام والمأموم، الإمام ينبههم، وعلى المأمومين أن يفعلوا ذلك، وإذا جاء إنسان ورأى خللا سد الخلل وقارب بين الصف حتى يسد الخلل؛ لأن الرسول أمر بهذا عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (409). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 231 س: السائل: ع. من الرياض يقول: سمعت أنه يجب على المصلين في الصف الواحد أن تكون قدم كل واحد منهم ملامسة للآخر، ومن يصلي بجانبهم في الصف، فهل ورد في ذلك شيء سماحة الشيخ (1)   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (386). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 231 ج: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر برص الصفوف، أمر الصحابة أن يتراصوا في الصف، وأن يسدوا الفرج، وكان بعض الصحابة يلزق قدمه بقدم صاحبه؛ حتى لا تقع فرجة، لكن ما فيه محاكة ولا إيذاء، يكون قريبا منه حتى لا تكون فرجة، والسنة أن يكون الصف متراصا ليس فيه فرج، هذه السنة، أما كونه يحاك قدم أخيه فليس بلازم، المهم أن يسد الفرجة؛ لأن بعض الناس ما يتحمل أن يلمس الإنسان رجله، فتكون حولها من دون محاكة، ومن دون أذى لكن ما فيه فرجة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 232 س: ما هي كيفية وضع القدمين في الصلاة بالنسبة للمأمومين؟ هل يقوم بإلزاق رجله اليمنى برجل من على يمينه، ورجله اليسرى برجل من على يساره في حالة السجود ? (1) ج: يسد الخلل ولا حاجة إلى المحارشة، والمعنى سد الخلل، مثل ما أمر به صلى الله عليه وسلم، سد الخلل ما يكون بينهما فرجة، وكان الصحابة رضي الله عنهم يلصق أحدهما قدمه بقدم صاحبه لسد الخلة، فالسنة أن يسد الخلل بإلصاق قدمه بقدم أخيه من دون أذى لأخيه.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (425). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 232 س: هل من تسوية الصفوف في الصلاة أن يلصق المصلي قدمه في قدم الجزء: 12 ¦ الصفحة: 232 من في جواره ? (1) ج: نعم لا بد من سد الخلل، قال الصحابة: «يكاد أحدنا أن يلزق قدمه في قدم صاحبه (2)» فالسنة إلصاق القدم في القدم؛ حتى لا تبقى فرجة، لكن من دون إيذاء، لا يؤذ جاره، لكن يلصق قدمه بقدمه حتى لا يكون بينهما فرج.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (434). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف برقم (725). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 233 121 - حكم التفريج بين القدمين في الصلاة س: يقول: ح. أ. أ: قال لي أحد الإخوة: إذا وقفت في الصلاة لا تفرق بين قدميك، وخل بينهما شبرا أو أقل من ذلك. فهل كلامه صحيح ? (1) ج: هذا كلام متناقض، يقول: لا تفرق. ثم يقول: اجعل بينهما شبرا. السنة أنه يفرق بين رجليه، ولا يضمهما حسب التيسير، يكون بين رجليه فجوة وهو قائم، هذا هو السنة، أما التحديد فلا حاجة للتحديد.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (393). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 233 س: الأخ: م. أ. ع. من جدة، يسأل ويقول: إنه يشاهد بعض المصلين الجزء: 12 ¦ الصفحة: 233 يتكلف في المباعدة بين القدمين أثناء الصلاة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه (1) ج: السنة للمؤمن في هذا أن يقارب بين قدميه، ولا يؤذي جيرانه، وهكذا الآخر والآخر، كلهم يتقاربون ويسدون الخلل بينهم والفرج، ولا يؤذي بعضهم بعضا، فيكون قدماه في مكانهما المناسب؛ بحيث لا يؤذي من عن يمينه وشماله، وهكذا الآخر والآخر، كل واحد يلصق قدمه بقدم صاحبه؛ حتى لا يكون بينهما فرج ومن غير أذى ولا محاكة، هكذا، أما أن يفشج حتى يؤذي من حوله فلا يجوز هذا، الواجب أنه يجر صاحبه إليه، والآخر يجر صاحبه إليه حتى يسدوا الفرج، ويتقاربوا من دون أن يؤذي بعضهم بعضا، تكون مقاربة يسد بها الخلل، ولكن ليس فيها إيذاء ولا مضايقة للمصلي، كل واحد يلاحظ أخاه، ولا يضايقه ولا يؤذيه، ولكن مع هذا يسدون الخلل، يتقاربون من غير حاجة إلى أن يفشج هذا ويفشج هذا، بل يتقاربون حتى يسدوا الخلل بينهما، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (106). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 234 س: يلحظ على المصلين أن الواحد يبعد عن الثاني بما يعادل طول قدمه، ويرجو التوجيه والنصيحة جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (105). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 234 ج: الواجب على المسلمين في الصفوف التراص والتقارب، ولا يجوز ترك الفرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تراصوا (1)» كان يأمرهم عند الدخول في الصلاة أن يتراصوا وأن يسدوا الفرج، فوجب على المسلمين الامتثال وأن يسدوا الفرج وأن يتراصوا، فيلزق قدمه بقدم جاره، ويتقاربوا جميعا، حتى لا يكون بينهم فرج، وبعض الناس قد يؤذي جيرانه بأن يفشج يتوسع، ويلصق أقدامه بأقدام إخوانه، لكن يحصل بذلك بعض الأذى، فالسنة أن يستقيم في وقوفه، وأن يجذب أخاه إليه من هنا ومن هنا حتى يتراصوا، وحتى لا يؤذيهم بشيء، يستقيم ويجر أخاه إليه من هنا ومن هنا حتى يسد الفرجة، ولا يفشج ويمد رجليه من هنا ومن هنا من أجل رص قدمه بقدمهم لا، بل يعلمهم السنة بأن يستقيم في وقفته، ويجر هذا الذي على يمينه وعن شماله حتى يسد الفرجة برفق وحكمة، وحتى لا يكون هناك شقاق ونزاع، وحتى تحصل السنة التي دعا إليها النبي عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، برقم (12983). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 235 122 - مسألة في حكم المبالغة في التفريج بين القدمين س: نلاحظ أن بعض الناس يبالغ في الفتحة ما بين القدمين حتى إنه الجزء: 12 ¦ الصفحة: 235 يؤذي من بجانبه (1) ج: ينبغي لكل مصل ألا يؤذي جاره، وأن يحرص على سد الخلل من دون إيذاء، كل واحد يطلب من أخيه أن يقرب حتى يلزق قدمه بقدمه بدون محاكة ولا إيذاء، المقصود سد الخلل، فلا يفشج ويباعد بين رجليه ويؤذي جيرانه، ولا يمتنع الجيران من القرب منه، بل كل واحد يقرب من أخيه ويسد الخلل، كما أمر بهذا النبي عليه الصلاة والسلام، فإنه قال: سدوا الفرج، وقال أنس رضي الله عنه: «كان أحدنا يلصق قدمه بقدم صاحبه (2)» فينبغي لك يا عبد الله أن تلاحظ سد الخلل وسد الفرج من دون أن تؤذي جيرانك بالفشج، وهو كذلك جارك يحرص على أن يستقيم في وقفته وفي موضع قدميه؛ حتى يأخذ سد الخلل من دون الإيذاء من كل واحد لجاره.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (212). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف برقم (725). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 236 س: إذا جلس المصلي في صلاة الجماعة للتشهد هل يجب عليه أن يصف نفسه، ويقدمها بحيث يجعل ركبتيه بجانب ركبتي اللذين بجانبه، أم المهم أن يكون المظهر موازيا لزميله الذي الجزء: 12 ¦ الصفحة: 236 يصلي بجانبه؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: على كل حال نرى أنه يصلي المأموم حيال الإمام، ويلاحظ أن يكون محاذيا لقدميه، وأن تكون الأكعب متحاذية، ويكفي ولو كان ظهره أطول، المقصود أنه إذا صار قدمه حيال قدمه كفى، هذا هو السنة أن يكونا متحاذيين بالأقدام والأكعب والحمد لله، ولو كان المأموم مع الإمام وحده لا يتأخر ولا يتقدم، يكون محاذيا له، المهم بداية الصف تكون من الوسط، والمحاذاة تكون بالأقدام لا سواء مع الإمام إذا كان واحدا، أو المأمومين أنفسهم يتحاذون بالأقدام.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (302). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 237 123 - حكم قول الإمام صفوا الأقدام في طاعة الديان س: يقول هذا السائل: هل يجوز قول: صفوا الأقدام في طاعة الرحمن، صفوا الأقدام في طاعة الديان. وذلك قبل إقامة الصلوات (1) ج: لا أعلم له أصلا، ليس له أصل بهذا الكلام، ولكن يقول: استووا استقيموا، حاذوا بين الأقدام، حاذوا بين المناكب. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو السنة بهذه الألفاظ: استووا تراصوا اعتدلوا ساووا بين المناكب، ساووا بين الأقدام. لا بأس على ألفاظ   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (377). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 237 النبي عليه الصلاة والسلام. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 238 124 - حكم قول الإمام استووا، تراصوا، تقاربوا س: أرجو أن توجهوا لنا نصيحة من الكتاب والسنة بالنسبة للمصلين، الإمام يقول: تراصوا واعتدلوا. إلى آخره، ولكن للأسف الشديد لا شيء يحصل من ذلك، فأرجو أن توجهونا جميعا (1) ج: الواجب على المصلين أن يتقوا الله، وأن يرصوا الصفوف ويتقاربوا ولو ما قال الإمام شيئا، لكن الإمام يقول لهم يذكرهم، يقول: استووا، تراصوا، تقاربوا، أكمل الأول فالأول. فالواجب عليهم أن يفعلوا ذلك حتى ولو سكت الإمام، يجب عليهم أن يكملوا الصف الأول فالأول، وأن يتراصوا فيما بينهم لا يكون فرج، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تذروا فرجا للشيطان، سدوا الخلل (2)» فيتقاربوا حتى يكون قدم كل واحد يلي قدم الآخر، يلصق قدمه بقدمه من غير أذى حتى يسد الخلل، ويكونوا مستوين لا يتقدم أحد على أحد، يكون صدره مساويا صدر أخيه لا يتقدم عليه، وهكذا   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (369). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (666). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 238 كل ما تم صف كملوا الصف الثاني والثالث وهكذا، هذا الواجب على الجميع، كما أمر النبي بهذا عليه الصلاة والسلام، قال: «رصوا صفوفكم وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق (1)» وقال: «من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله (2)» وقال: «سدوا الخلل، لا تذروا فرجات للشيطان (3)» فالواجب على الجماعة في المسجد أن يتراصوا فيما بينهم، وأن يسدوا الخلل، وأن يكملوا الصف الأول فالأول، هكذا الواجب على الجميع.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (667). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (13324). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (666). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 239 س: هل من السنة عندما يقول الإمام للمأمومين في تسوية الصفوف في الصلاة: استووا اعتدلوا يرحمني ويرحمكم الله (1) ج: ما نعلم في هذا بأسا إذا دعا لهم؛ لأنه كان يأمرهم بالاستواء، يأمرهم بتعديل الصفوف، يأمرهم بسد الخلل، وإذا دعا ما أعلم في هذا بأسا، لو قال: غفر الله لنا ولكم. أو: رحمنا الله وإياكم. لا أعلم في هذا بأسا إن شاء الله.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (185). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 239 125 - حكم مساعدة المأمومين للإمام في تسوية الصفوف س: م. ع. غ الرياض: بعض المأمومين يذهبون في مساعدة الإمام في تسوية الصفوف في الصلاة، كأن يقول: تقدم يا فلان وتأخر يا فلان. وفي رص الصفوف، فما حكم تسوية الصفوف من قبل المأمومين أثابكم الله. ج: لا حرج في ذلك، هذا من باب التعاون على البر والتقوى، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر برص الصفوف وتسويتها، وقال: «فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة (1)»، إذا ساعد بعض المأمومين الإمام فيما حولهم، يلاحظونهم ويأمرونهم بالاستواء والتراص هذا كله خير، هذا من باب التعاون على البر والتقوى، ولا نعلم به بأسا.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إقامة الصف من تمام الصلاة، برقم (723). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 240 126 - حكم زيادة الصف من جهة اليمين س: رسالة من حائل باعثها مستمع رمز لاسمه بالحروف: س. ك. ج. أخونا يقول: هناك أمر قد أشكل علينا كثيرا؛ وهو استواء الصف من الجزء: 12 ¦ الصفحة: 240 جهة اليمين والشمال، فإذا كان من جهة اليمين أكثر مما هو في جهة الشمال فهل للإمام نقل من كان أكثر إلى الجهة الأخرى حتى يعتدل الصف، أو يبقيه على ما هو عليه؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس للإمام أن ينقل ما زاد في جهة اليمين إلى جهة اليسار، بل يترك الأمر على حاله؛ لأن اليمين أفضل، اليمين في كل صف أفضل، فإذا زاد اليمين فلا بأس ولو كان اليسار أقل، ولا حرج في ذلك، والإمام في الوسط في محله، ولا حرج أيضا إذا كانت الزيادة في اليسار، لكن لو نبههم كأن يقول لهم: إن الأفضل من جهة اليمين. من باب الوعظ والتذكير والترغيب.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (327). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 241 127 - بيان أن الصف يبدأ من الوسط خلف الإمام س: يمتلئ الصف الأول في المسجد، فنريد أن نكون الصف الثاني، فهل نبدأ به من خلف الإمام مباشرة بموازنة، أم من اليمين أم من اليسار؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (302). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 241 ج: الواجب البدء من وسط الصف مما يلي الإمام، يعني ما يقابل الإمام، يبدأ الصف من هذا، ثم يصفون على اليمين والشمال، البداءة من وسط الصف كالأول. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 242 128 - بيان فضل الصف الأول س: هل الصلاة في الصف الأول في المسجد لها شيء من الفضل عن باقي الصفوف، أو عن الصف الخلفي؟ أرشدوني أفادكم الله (1) ج: نعم الصف الأول أفضل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (2)» يعني لاقترعوا، فله فضل عظيم، جاء في بعض الأحاديث أنه يكون له مثل أجور من خلفه من الصفوف، يكون له أجره مقدما على غيره، ويكون له مثل أجور من خلفه؛ لأنه كالقائد لهم وكالإمام لهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من دل على خير   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (123). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الاستهام على الأذان، برقم (615)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول، برقم (437). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 242 فله مثل أجر فاعله (1)» فالصف الأول له مثل أجور من خلفه مع أجره الذي كتبه الله له سبحانه وتعالى، هذا فضل عظيم، ولما فيه من المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات والقرب من الإمام؛ حتى يشاهد حركاته، لو انقطع الصوت أو ضعف الصوت يشاهد ويرى الإمام ويقرب منه، فالحاصل أن الصف الأول له فضل عظيم؛ لما في التوجه إليه من المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات، وتحريض الناس على ذلك وتشجيعهم على ذلك.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره وخلافته في أهله بخير، برقم (1893). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 243 129 - حكم تخطي رقاب الناس للوصول إلى الصف الأول س: يقول السائل: رجل يأتي متأخرا في الصلاة، ويريد أن يدخل في الصف الأول، ويفرق بين الجالسين في الصف الأول ليفسحوا له فرجة، هل يجوز له هذا (1) ج: المشروع أن ينتهي حيث انتهت الصفوف لا يزاحم الناس، إذا كان الصف الأول انتهى يصف في الصف الثاني، وإذا انتهى الصف   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (375). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 243 الثاني فالثالث وهكذا، إلا إذا وجد فرجة ما سدوها فهم الذين أخلوا يذهب إليها، أما إذا كان ما فيه فرجة إنما يزاحمهم ويقول: تفسحوا. لا، يصف في منتهى الصف الذي وجده اثنين أو ثلاثة على حسب الحال، ولا يزاحم الناس ولا يقطع الصفوف ولا يتخطى رقاب الناس، إلا إذا كان الصف الأول ما تم وصفوا في الصف الثاني يروح للصف الأول ويكمله، أو تركوا فرجا وذهب إلى فرجة يسدها لا بأس؛ لأنهم هم الذين قصروا. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 244 130 - حكم وقوف الإمام وسط الصف لضيق المكان س: هل يجوز أن يكون الإمام داخل الصف إذا لم يسع المكان بغير صف واحد، أو أنهم يصلون كل جماعة على حدة بالتفريق (1) ج: يصلون جميعا ويقف الإمام في وسطهم، يقف الإمام وسطهم، إذا كان المكان ضيقا، لا يمكن أن يتقدم فيه الإمام صلوا جميعا وهو في وسطهم والحمد لله.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (256). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 244 131 - حكم وجود دواليب المصاحف خلف المصلين واستدبارها س: بعض المساجد نشاهد فيها الدواليب التي توضع فيها المصاحف الجزء: 12 ¦ الصفحة: 244 مفتوحة من الأمام والخلف؛ مما يسبب عند إقامة الصلاة أن تكون المصاحف خلف بعض الصفوف، هل يجوز ذلك، أم لا بد من سدها مع إحدى الجهات، وهي التي تكون في ظهور المصلين (1) ج: الأمر في هذا واسع؛ لأنهم ما قصدوا استدبارها، وإنما وضعت لينتفع بها المسلمون، فالأمر في هذا واسع، لكن لو جعل أمام المسجد قدام المصلين لكان أولى وأحسن وأبعد عن هذا الأمر، وأبعد عن مشابهة المستدبرين المحتقرين أو المستهينين، فبكل حال وجودها في مقدمة المسجد أو في جوانب المسجد يمينا وشمالا يكون أصلح وأولى، وأبعد عن هذا الشيء الذي يتوهمه السائل، فالمصلون ما قصدوا احتقارها ولا الاستهانة بها، ولكن هكذا كان وضعها في بعض المساجد، فينبغي في المسجد التي توضع فيه هكذا أن توضع في الأمام، أو على جنب المصلي عن يمينه أو شماله في جوانب المسجد، والاستهانة غير مقصودة، وإنما المقصود التسهيل للناس حتى لا يتخطوا الصفوف، والأمر في هذا واسع إن شاء الله، ولو جعلت الدواليب مفتوحة من هنا ومن هنا للتسهيل على القراء، الذي من هنا يأخذ والذي   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (41). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 245 من هنا يأخذ؛ حتى يكون أخذ المصحف متيسرا من هنا أو من هنا، وجعل الحائل ما يمنع الاستدبار، ولو سد أحد الجانبين فالاستدبار حاصل. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 246 132 - حكم وجود صناديق الأحذية بين الصفوف س: توجد في بعض المساجد صناديق تحتوي على الأحذية تتخلل الصفوف، فما الحكم في الصلاة إلى هذه الصناديق (1) ج: لا حرج في ذلك، الصناديق التي أمام الصف لا حرج فيها، إذا كان فيها نعال أو فيها غير ذلك من مصاحف أو كتب، حتى ولو فرض أن في بعضها نجاسة فلا يضر؛ لأنها في مكانها ما هي تحت المصلي، في مكان خاص، كونه أمامهم أو خلفهم لا يضر.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (46). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 246 133 - حكم صلاة المنفرد خلف الصف س: يقول السائل: ما حكم رجل صلى منفردا خلف صفوف المأمومين؟ وما الذي يترتب عليه (1) ج: إذا صلى الإنسان منفردا خلف الصف، أو امرأة خلف صف النساء   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (242). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 246 منفردة وجبت الإعادة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1)» ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة، وهذا يدل على أن من صلى خلف الصف وحده يعيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)»، لكن المرأة إذا ما كان معها نساء صلاتها صحيحة خلف الصف مستثناة، أما إذا كان معها نساء وتركت النساء وصلت خلفهن وحدها فإنها كالرجل في هذا تعيد الصلاة، أما إذا كانت خلف الرجال وليس معها أحد فإنه يجزئها ذلك؛ لأن أم سليم صلت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وحدها خلف الرجال، أما الرجل فلا، إذا صلى خلف الصفوف فإنه يقضي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (3)» «وفي حديث وابصة بن معبد أنه رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (4)»   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 247 س: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف (1)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (228). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 247 ج: لا تصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1)»، «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (2)» عليه الصلاة والسلام، ولم يسأله، ما قال: هل وجدت فرجة؟ أو: ما وجدت فرجة؟ أمره أن يعيد سدا للباب، فليس لأحد أن يصف خلف الصف، بل ينتظر إن لم يجد فرجة، أو يتقدم مع الإمام إن تيسر يصلي عن يمينه، أو يصبر حتى يجد فرجة، أو يجيء أحد يصلي معه، فإذا انتهت الصلاة صلى وحده.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 248 س: ما حكم من صلى منفردا خلف الصف (1) ج: لا تصح صلاته، من صلى خلف الصف وهو منفرد لا صلاة له، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف (2)»، «ورأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد عليه الصلاة والسلام (3)» فالواجب على المؤمن أن يلتمس فرجة حتى يقف في الصف، فإن عجز صلى مع الإمام عن يمين الإمام إذا تيسر ذلك، فإن   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (352). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 248 لم يتيسر انتظر حتى يأتي من يصف معه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 249 س: الأخوان: ع. أ. د. (و) ص. ع. م: من سوريا، يسألان عن صلاة المنفرد خلف الصف: إذا دخل الإنسان ووجد الصف قد امتلأ فهل يشرع في الصلاة؟ أم كيف يكون حاله؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: المشروع له أنه يبقى حتى يجد فرجة، يعني يلتمس فرجة في الصف حتى يدخل فيها، أو مع الإمام عن يمينه إذا تيسر ذلك، وإلا فليبق لا يصل وحده، لعله يجد أحدا من الجماعة الداخلين من جديد يصلون معه، ولا يصل وحده، إن صلى وحده ما صحت صلاته، لا بد إما أن يجد فرجة، يتأنى ويصبر حتى يجد فرجة، لا يعجل، أو يقف مع الإمام عن يمينه، فإن لم يجد مع الاجتهاد انتظر لعله يأتي أحد فيصف معه، فإن صلوا ما أتى أحد، يصل وحده، النبي عليه السلام قال: «فلا صلاة لرجل منفرد خلف الصف (2)» «ولما رأى رجلا وحده خلف الصف أمره أن يعيد الصلاة (3)» ولما ركع أبو بكرة دون الصف نهاه، وقال: «زادك الله حرصا ولا تعد (4)» فلا يركع دون الصف ثم يمشي في   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (231). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 249 الصف، ولا يصلي وحده خلف الصف ولكن عن يمين الإمام، أو يلتمس فرجة لعله يجد حتى يدخل في الصف، فإن تعذر عليه ذلك بعد الاجتهاد انتظر ولا يجذب أحدا أيضا؛ ولا ينبغي أن يجذب أحدا ليصلي معه؛ لأن الجذب تصرف فيه وتعد عليه وفتح فرجة في الصف أيضا لأجل مصلحته، والصف يجب سد خلله، والإنسان يفرح بالصف الذي قبله قبل مكانه، يعني يكون صاحب صف يحب أن يبقى في صفه، فالحاصل أنه لا يجذب، أما حديث: «ألا دخلت معهم أو اجتذبت رجلا (1)» فهذا ضعيف، الصواب أنه لا يجذب أحدا، ولكن يلتمس فرجة، فإن وجد فرجة وإلا فليصف عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر انتظر ولا حرج عليه والحمد لله.   (1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18)، وفي الأوسط برقم (8416). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 250 س: حدثونا عن الوقوف منفردا خلف الإمام عند الصلاة، كيف يكون ذلك؟ فهل هو جائز؟ وهل تصح الصلاة (1) ج: الوقوف خلف الإمام وأنت وحدك ليس بجائز، ولا تصح معه الصلاة، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «فلا صلاة لرجل فرد خلف   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (328). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 250 الصف (1)» «ورأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره عليه الصلاة والسلام أن يعيد الصلاة (2)» فليس للفرد أن يصلي خلف الإمام وحده، ولكن ينتظر حتى يجد فرجة، أو يحصل من يصف معه، أو يتقدم فيصف مع الإمام عن يمينه، أما أن يصلي لوحده لا، ولكن ينتظر أو يأتي في فرجة في الصف.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 251 س: السائل: ع. س. ج: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف (1) ج: حكمها عدم الصحة البطلان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)». «ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (3)»   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (268). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 251 س: السائل: أ. م. من الرياض يقول: ما الصحيح في أقوال العلماء في صلاة المنفرد خلف الصف؟ وهل صلاة من صلى ركعة واحدة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 251 خلف الصف منفردا، ثم اكتمل الصف بعد ذلك، هل صلاته صحيحة، أم يجب عليه الإعادة (1) ج: من صلى خلف الصف وجبت عليه الإعادة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)» «ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (3)» ولم يستفصله، فدل ذلك على أن من صلى خلف الصف وحده يؤمر بالإعادة، لكن لو جاء والإمام راكع فركع وحده، ثم دخل معه آخر قبل السجود صحت الصلاة، أما من صلى ركعة وحده فإن الصلاة لا تصح، إلا إذا استأنفها بعد الركعة، استأنف التكبير بالنسبة إلى الباقي، يعني استأنف دخوله مع إمام بعد الركعة التي انفرد فيها، اعتقد بطلانها وأتى بتكبيرة الإحرام ليصلي الركعات الباقية صحت ويقضي ما فاته، المقصود أن صلاة المنفرد خلف الصف وحده لا تصح مطلقا، سواء وجد من يصف معه أو لم يجد لا يصلي خلف الصف، بل ينتظر حتى يأتي من يصف أو يلتمس فرجة أو يصف مع الإمام عن يمينه إذا تيسر ذلك، هذا هو الواجب،   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (420). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 252 لكن مجرد أنه كبر وحده أو ركع وحده، ثم جاء من صف معه هذا صحيح. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 253 س: بالنسبة لصلاة المنفرد خلف الصف علما بأنه وجد الصف أمامه قد امتلأ تماما، ماذا يلزمه في مثل هذه الحالة (1) ج: يكون اثنين فأكثر، لا يصل وحده، يلتمس فرجة أو يقف مع الإمام عن يمينه إلا إذا وجد معه آخر لا بأس، يصير اثنان أو أكثر لا بأس خلف الصف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)» «ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (3)»   (1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (386). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 253 س: الذي يأتي والصفوف ملأى وصلى منفردا، ماذا تقولون له (1) ج: يؤمر بالإعادة، كما أمره النبي بالإعادة عليه الصلاة والسلام؛ لأن بعضنا قد يستعجل، ولو تأنى لوجد فرجة أو وقف مع الإمام عن يمينه، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)» ورأى رجلا يصلي خلف الصف لوحده، فأمره أن يعيد ولم   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (202). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 253 يستفصله، ولم يقل له: هل وجدت فرجة؟ أو: ما وجدت فرجة؟ هل حصلت أحدا؟ أو: ما حصلت أحدا؟ ولأن في هذا سدا لباب التساهل، وعلى المرء أن ينتظر حتى يأتي أحد أو يجد فرجة، إما أن يجد فرجة وإلا ينتظر حتى يجد أحدا، أو يقف مع الإمام عن يمينه، ولا يجذب أحدا؛ لأنه تصرفه في إيجاد فرجة في الصف تصرف بغير إذن شرعي، أما حديث: هلا أدخلت معهم رجلا فهو حديث ضعيف، لا تقوم به الحجة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 254 س: يقول هذا السائل: ما حكم الصلاة خلف الصف منفردا؟ نرجو من سماحتكم القول الراجح في ذلك (1) ج: الصلاة خلف الصف منفردا لا تصح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)» فالذي يصلي وحده خلف الصف صلاته باطلة، بل عليه أن يجتهد حتى يجد فرجة، أو يقف عن يمين الإمام، أو ينتظر حتى يأتي أحد.   (1) السؤال الخامس والستون من الشريط رقم (434). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 254 س: يقول هذا السائل: دخلت المسجد فلم أجد لي مكانا في الصف، وانتظرت مدة فلم يحضر أحد، هل أصلي منفردا خلف الصف (1)   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (435). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 254 ج: لا تصل منفردا، بل تقدم صل مع الإمام عن يمينه، وإلا قارب بين الصف حتى تجد فرجة، فإن لم تجد فاصبر حتى يسلم الإمام، ثم تصلي وحدك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 255 س: السائل: أ. م. من سوريا يقول: رجل صلى ركعة منفردا خلف الصف، فلما سلم الإمام أتى بخامسة (1) ج: الذي يظهر أنه لا تصح الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)» فإذا صلى ركعة فأكثر فلا صلاة له، أما لو صلى بعض الشيء؛ مثل: قام خلف الصف ثم جاء معه آخر، أو دخل في الصف، أو ركع ثم دخل في الصف، أو جاء مع آخر لا بأس، أما إذا كمل الركعة فإنها لا تصح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (3)»، وأقر أبا بكرة لما ركع دون الصف، ثم دخل في الصف ولم يأمره بالقضاء، فدل على أنه إذا كان الانفراد في الركوع أو في القيام قبل الركوع هذا يجزئ، ثم دخل في الصف أو صف معه آخر، أما إذا سجد وليس معه أحد، أو أتى بأكثر من ذلك فإن الصلاة غير صحيحة، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة،   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (404). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 255 وقال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1)».   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 256 س: هذا سائل آخر يستفسر ويقول: رجل دخل المسجد والإمام في الركعة الثانية من الظهر، ولم يجد فرجة في الصف فصلى منفردا، وفي الركعة التالية جاء البعض من الناس وأتموا الصف، فهل الركعة التي صلاها هذا الرجل منفردا صحيحة، أم عليه أن يعيد هذه الركعة فقط؟ أفيدونا مأجورين (1) ج: صلاته غير صحيحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)» فهو صلى ركعة أو أكثر، صلاته غير صحيحة، إلا إذا كان أبطلها واعتقد، وابتدأ وكبر تكبيرة الإحرام لما جاء معه أحد فهو صحيح ما أدرك بعد ذلك؛ يعني إذا جاء معه في الركعة الأخيرة، وقطع الصلاة وابتدأ كبر تكبيرة الإحرام ناويا الصلاة مع الإمام لما جاء معه شخص آخر يكون أدرك ركعة حسب ما وقع له، أما إذا كان بنى على صلاته التي هي فيها منفردا فصلاته غير صحيحة؛   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (400). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 256 لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1)» «ورأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيدها عليه الصلاة والسلام (2)» المقصود أن الصلاة خلف الصف باطلة، وعلى صاحبها الإعادة إذا كانت فريضة.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 257 س: السائل: أ. ع. من القصيم بريدة، يقول: رجل دخل المسجد والإمام في الركعة الأخيرة من الصلاة، والصف قد اكتمل في الصلاة، هل أصلي خلف الصف منفردا؟ وهل صلاتي صحيحة (1) ج: ليس لك ذلك، انتظر لعل الله يأتي بأحد يصلي معك، لا تصل وحدك خلف الصف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)» «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (3)» فأنت تلتمس فرجة أو تنتظر لعل الله يأتي بأحد، فإن لم يتيسر صل وحدك والحمد لله.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (398). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 257 134 - حكم اجتذاب أحد المصلين من الصف الأمامي ليصف معه س: يقول السائل: سمعنا من أناس كثيرين أنه إذا جاء المسلم إلى المسجد للصلاة، ووجد أن الصف مزدحم من جميع الجهات فعليه أن يسحب أحد المصلين ليصلي معه. وسمعنا أناسا آخرين قالوا: لا يجوز ذلك، بل يصلي وحده من غير أن يسحب أحدا. نرجو من سماحتكم البيان في ذلك جزاكم الله خيرا (1) ج: هذه المسألة كما ذكر السائل: بعض أهل العلم يرى أنه إذا كان الصف قد كمل، وليس فيه فرجة فلا مانع من أن يسحب أحدهم ويصف معه في الصف الذي بعده، وجاء في حديث ضعيف: «ألا دخلت معهم، أو اجتذبت رجلا (2)» ولكنه حديث ضعيف لا يعول عليه، والصواب القول الثاني: أنه لا يسحب أحدا؛ لأن ذلك يفتح فرجة في الصف، والرسول أمر بسد الخلل وسد الفرج والتراص في الصفوف، ولأنه تصرف فيمن سبقه إلى حرمانه من هذا الفضل، فلا ينبغي له ولا يجوز له أن يتصرف فيه، ولكن يلتمس فرجة، أو يقف مع الإمام إذا تيسر عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر ذلك انتظر حتى يأتي من يصف معه، فإن انتهت الصلاة ولم يأت أحد صلى وحده؛ لقول النبي   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (154). (2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18)، وفي الأوسط برقم (8416). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 258 صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1)»، ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة ولما صف أبو بكرة رضي الله عنه خلف الصف حين الركوع أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ألا يعود إلى ذلك، قال: «زادك الله حرصا ولا تعد (2)» فلا يجوز أن يصف وحده، بل يصبر حتى يأتي من يصف معه، أو يجد فرجة في الصف، أو يقف عن يمين الإمام إذا تيسر ذلك، فإن فاتت الصلاة ولم يتيسر له أحد فإنه يصلي وحده وهو معذور، وله أجر الجماعة؛ لأنه ترك الدخول معهم لعذر شرعي، فيكون له أجر الجماعة كالمريض ونحوه الذي لم يتيسر له الصلاة في الجماعة.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 259 س: إذا دخل المصلي المسجد، ووجد الصف الأول قد امتلأ، ويريد أن يدرك الركعة فماذا يفعل؟ هل يقف وحده، أم يجذب أحد المصلين من الصف الأول؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: عليه أن يلتمس فرجة، فإذا لم يجد لا يجذب أحدا، بل ينتظر حتى   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (261). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 259 يأتي أحد ولو فاتته الركعة، وإن تيسر له أن يتقدم مع الإمام ويقف عن يمينه هذا طيب، وإلا فلينتظر حتى يأتي أحد، ولا يصل وحده، ولا يجذب الناس، أما الحديث الذي تضمن جذب من يصف معه، وهو: «ألا دخلت معهم، أو اجتذبت رجلا (1)» فهذا فيه نظر؛ لأن جذب الرجل يفتح فرجة في الصف، وتصرف فيه بغير حق، والحاصل لا يجر رجلا ولا يصل وحده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)» ولكن ينتظر حتى يأتي من يصف معه، فإن لم يأت أحد صلى بعد ذلك إذا سلم الإمام، صلى وحده وهو معذور، ونرجو له أجر الجماعة؛ لأنه معذور شرعا.   (1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18)، وفي الأوسط برقم (8416). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 260 135 - حكم امتناع المصلي إذا جذبه مصل آخر ليصف معه خلف الصف س: هل يجوز السحب من الصف الأول وهو ما كمل بعد؟ وهل علي إثم إذا سحبني أحد ولم أنسحب؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (1)»، نرجو تبيين الخلاف في ذلك، وإعطاءنا   (1) صحيح البخاري الشهادات (2689)، صحيح مسلم الصلاة (437)، سنن الترمذي الصلاة (225)، سنن النسائي الأذان (671)، مسند أحمد (2/ 375)، موطأ مالك النداء للصلاة (295). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 260 الرأي الراجح، وشكرا لكم (1) ج: لا ينبغي السحب من الصف الأول ولا غيره، بل الذي يأتي يلتمس فرجة فيدخل فيها، فإن لم يجد صبر حتى يأتي أحد فيصف معه، وإن تقدم مع الإمام صلى عن يمين الإمام فلا بأس، أما أنه يسحب من الصف الأول أو من الثاني فلا، أما حديث: «ألا دخلت معهم أو اجتذبت رجلا (2)» فهو حديث ضعيف لا يلزم التعويل عليه، ولأن السحب تصرف في الناس بغير حق، فالحاصل أنه لا ينبغي السحب، ولا يلزم المسحوب أن ينسحب، بل إذا أحب أن يبقى في صفه يبقى في صفه، وليس لأحد أن يسحبه من صفه، ثم السحب من الصف يسبب خللا في الصف وفرجة في الصف، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بسد الخلل ورص الصفوف، فالذي يدخل لا ينبغي له أن يسحب أحدا، بل يلتمس إن وجد فرجة دخل فيها وسد الصف، فإن لم يجد تقدم مع الإمام وصف عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر ذلك فالمشروع له الصبر حتى يأتي أحد فيصفا جميعا، فإن فرغت الصلاة ولم يأت أحد صلى وحده بعد ذلك والحمد لله ولا حرج عليه؛ لأن النبي عليه السلام قال: «فلا   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (10). (2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18)، وفي الأوسط برقم (8416). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 261 صلاة لرجل فرد خلف الصف (1)» فلا يجوز له أن يصلي وحده خلف الصف، ولكن يصبر حتى يجد من يدخل معه، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا ما وجد أحدا يسوغ له أن يصلي وحده، ولكنه قول ضعيف مخالف لظاهر الأحاديث الصحيحة، فلا وجه للتعويل عليه، لكن المؤمن يصبر لعله يجد أحدا يصف معه، فإن وجد فرجة دخل فيها، وإن تيسر له الوقوف مع الإمام وقف مع الإمام عن يمينه، هذا هو المشروع فيما نعلم.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 262 136 - حكم الوقوف عن يمين الإمام لمن دخل بعد اكتمال الصفوف س: إذا حضر المصلي ووجد الصف الأول كاملا وليس معه أحد - ومن المعلوم أنه يأخذ معه واحدا من الصف الذي أمامه - فهل يأخذ من خلف الإمام أو من نهاية الصف؟ وكما أشاهد الكثير إذا كان الصف كاملا، وحضر قليل أشاهدهم يصفون؛ إما على يمين الإمام أو على يساره من بعد الصف، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان الصف كاملا فليس لك أن تأخذ أحدا، هذا هو الصواب، والحديث الوارد في ذلك ضعيف: «ألا دخلت معهم، أو اجتذبت   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (217). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 262 رجلا (1)» هذا ضعيف، لكن تنتظر لعله يأتي أحد يصف معك، أو تتقدم وتصلي مع الإمام عن يمينه، كل هذا لا حرج فيه، وليس لك أن تأخذ أحدا من الصف؛ لأنك تفتح فرجة في الصف، والرسول أمر بسد الخلل في الصفوف، فعليك أن تلتمس فرجة لعلك تجد، ولا تعجل فإن لم تجد فاصبر حتى يأتي أحد معك ولو فاتت الركعة، أو تتقدم وتصف مع الإمام عن يمين الإمام.   (1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18)، وفي الأوسط برقم (8416). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 263 137 - حكم الوقوف خلف الصف لانتظار من يصف معه س: يقول السائل: صلاة الفذ لا تجوز، ولكن إذا دخل المصلي ووجد الإمام راكعا هل يجر من وسط الصف أو من يمينه، أو يركع وحده على احتمال دخول آخر معه ولو بعد الركعة (1) ج: هذا، الذي ينبغي له ألا يعجل، إذا جاء والإمام راكع يلتمس المكان المناسب، فرجة يدخل فيها في طرف الصف حتى يكمل الصف، ولا يعجل ولو فاتته الركعة، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «فما أدركتم فصلوا،   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (19). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 263 وما فاتكم فأتموا (1)» ونهى عن العجلة، فالداخل لا يعجل ولا يصف وحده، بل يلتمس الفرجة أو يصف في طرف الصف، فإن لم يجد تقدم وصف عن يمين الإمام، ولا يصل وحده، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)» «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (3)» فالحاصل أنه لا يجذب أحدا؛ لأنه تصرف في الناس بغير حق، ولأن هذا يفتح فرجة في الصف، إذا جره فتح فرجة في الصف، والمطلوب سد الخلل وسد الفرج وعدم إيجاد الفرج في الصفوف، لكن ينتظر لعله يأتيه أحد، إذا كان الصف قد كمل وليس هناك محل مع الإمام ينتظر، وإلا فليتقدم فيصل مع الإمام عن يمينه، أو يقارب بين أفراد الصف حتى يجد فرجة فيدخل فيها، ولا يصل وحده.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 264 س: من المستمع: م. ن. يقول: إذا دخل المسجد للصلاة مع الجماعة، الجزء: 12 ¦ الصفحة: 264 والصف كامل هل له الصلاة خلفهم في صف ثان، أو يسحب من الصف الأول واحدا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الواجب عليه أن يلتمس فرجة حتى يدخل فيها، ولا يصلي وحده، يلتمس فرجة أو يصف عن يمين الإمام ولا يجذب أحدا؛ لأنه إذا جذب أحدا فتح فرجة في الصف، والرسول أمر بسد الخلل وعدم الفرج في الصلاة، لكن ينتظر لعله يأتي أحد ويصف معه، فإن سلموا صلى وحده وهو معذور والحمد لله، أما أن يصلي وحده خلف الصف فلا؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2)» «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (3)» ولم يسأله ليقول: هل أنت وجدت؟ أم: ما وجدت؟ بل أمره أن يعيد الصلاة لما رآه يصلي خلف الصف وحده، أمره أن يعيد الصلاة، وقال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (4)»، فليس لأحد أن يصلي خلف الصف وحده، ولكن ينتظر أو يلتمس فرجة أو يقف عن يمين الإمام، هذا هو الواجب عليه.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (320). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). (4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 265 138 - حكم من جاء في الركعة الأخيرة والصف مكتمل والإمام في الركعة الأخيرة س: أدركت الإمام في آخر ركعة، وكان الصف قد اكتمل ولم يتسع لي، ولم أتمكن من سحب شخص من الصف الأول، فهل يجوز أن أقف منفردا في الصف (1) ج: ليس لك ذلك، تصلي عن يمين الإمام، تلتمس فرجة، وإلا تصل عن يمين الإمام، ولا تصل وحدك، فإن لم تجد أحدا تصبر، فإذا سلم الإمام تصلي وحدك إن لم يأت أحد.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (432). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 266 139 - حكم صلاة من أدرك ركعة وهو منفرد خلف الصف س: دخلت إلى المسجد ووجدت أحد المأمومين يقف منفردا خلف الصفوف، ووقفت معه ودخلت في الصلاة، ثم زاد الصف طولا وانتهت الصلاة، فقلت له: يا أخي، الوقوف منفردا خلف الصف لا تصح صلاة من فعل ذلك على ما سمعت من هذا البرنامج. قال لي بأنه حاول أن يسحب أحدا من الصف الذي أمامه، لكن لم يستجب له أحد. الآن ما صحة صلاته هو؟ وما صحة ما فعلت أنا؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (171). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 266 ج: إذا كان الشخص الذي سبقك وقف في الصف، ثم جئت قبل الركوع أو بعد الركوع صحت صلاتكما جميعا، أما إذا كان مجيئك بعدما صلى ركعة أو أكثر فإن صلاتك صحيحة؛ لأنك تعتقد سلامة صلاته وصلاته غير صحيحة، عليه أن يعيدها، أما إن كنت تعلم أن صلاته باطلة حين وقفت معه فعليك أن تعيد أيضا، لكن إذا كنت لا تعتقد ذلك، وتجهل الحكم الشرعي فصلاتك صحيحة، أو كان وقوفه قبل الركوع أو بعد الركوع، لكن جئت معه قبل أن يسجد في الركعة الأولى فإن صلاتكما صحيحة أيضا؛ لقصة أبي بكرة؛ لأن أبا بكرة الثقفي رضي الله عنه جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام، فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1)» ولم يأمره بالإعادة، فدل على أن من وقف دون الصف في الركوع أو فيما بعد الركوع، لكنه أدرك السجود في الصف أو صف معه غيره فإن صلاته صحيحة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 267 140 - حكم وضع ساتر بين الرجال والنساء في المسجد س: يوجد عندنا مسجد وبه جزء للنساء يفصله عن مسجد الرجال حائط، وعند النساء سماعة من المكرفون لسماع الإمام والمدرس، فقام رجل وأراد هدم الحائط لترك النساء أمام الرجال ودليله في ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تصف الرجال ثم الصبيان ثم الجزء: 12 ¦ الصفحة: 267 النساء (1)» وحدث في ذلك خلاف شديد، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (2) ج: كل ذلك لا حرج فيه، كان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلين مع الرجال، خلف الرجال من دون حائط من دون شيء، يتسترن ويتحجبن، ويصلين مع الرجال في المؤخرة، كما في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها (3)»؛ لأن أولها قد يقرب من الرجال، فإذا صلين في أسفل المسجد خلف الرجال وتسترن فلا حرج، ولا حاجة إلى الجدار ولا لغيره، وإن جعل جدار أو ستار غير الجدار حتى يأخذن راحتهن ويكشفن وجوههن ويسترحن فلا بأس بذلك، حتى يسترحن في مصلاهن ويسمعن عن طريق المكبر، أو من طريق الإمام إذا كان يسمعنه بدون مكبر، لا حرج في ذلك الأمر في هذا   (1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير معجم الحارث أبي مالك الأشعري، شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري جـ 3 (291)، برقم (3436). (2) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (256). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها، والازدحام على الصف الأول والمسابقة إليها، وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام، برقم (440). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 268 واسع والحمد لله، وإن جعل شبك يرى منه الإمام والمأمومون، ويسمعن الصوت فلا بأس أيضا، الأمر كله واسع لا ينبغي في هذا التشديد، الجدار أو الشبك أو الستارة أو بدون ذلك كله طيب كله جائز، والحمد لله، وقد كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ليس هناك جدار ولا غيره، يتسترن ويصلين مع الناس خلف الرجال والحمد لله، فإذا جعل جدار أو شبك يسترهن، أو ستارة حتى يسترحن يضعن عبيهن، ويكشفن وجوههن ويسترحن ولا يراهن الرجال كان في هذا مصلحة لهن، وراحة لهن فقط، ولا حرج في ذلك والحمد لله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 269 س: يقول السائل: يرى الناس أن الزمان ليس كالزمان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه لا بد من وضع ساتر وحاجز حتى لا يرى الرجال النساء في المسجد (1) ج: لا بد من هذا، إذا كن لا يتسترن لا بد من هذا، إذا كن من طبيعتهن في بعض البلدان لا يتسترن لا بد من وضع جدار أو ستارة، أما إذا كن يعتنين مثل ما كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يعتنين بالحجاب ويتسترن فلا حرج، ولا حاجة للحجاب، يصلين   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (256). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 269 خلف الرجال صفوفهن خلف الرجال، وخير صفوفهن آخرها، وشرها أولها، لكن إذا كن لهن عادة في التساهل وكشف الوجوه فوجود حجاب يسترهن هذا هو الواجب؛ حتى لا يفتن ولا يفتن. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 270 141 - حكم صلاة المرأة بين صفوف الرجال س: في أحد أيام الجمعة وفي صلاة الجمعة ذهبت للصلاة مع الجماعة، وقد رأيت المسجد الجامع قد امتلأ بالمصلين، فاضطررت للصلاة مع الجماعة خارج المسجد، ولكن أثناء إقامة الصلاة كان هناك نساء فقيرات جالسات، وبعد إقامة الصلاة تقدمت إحدى النساء فصلت في أحد صفوف المصلين وهي جالسة. السؤال: هل تجوز الصلاة مع النساء، علما بأن المرأة كانت في الوسط ويوجد رجال أمامها وخلفها؟ ماذا أفعل يا سماحة الشيخ؟ ج: الصلاة صحيحة والحمد لله، وهذا يقع كثيرا في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وعند زحمة الناس وقت الحج يختلط الرجال بالنساء، فالصلاة صحيحة، ولكن يجب على النساء أن يتأخرن عن الرجال، وليس لهن أن يتقدمن بين الرجال أو أمام الرجال، لكن إذا وقع الجزء: 12 ¦ الصفحة: 270 ذلك بسبب الزحام فالصلاة صحيحة، ولا يضر ذلك والحمد لله، أما في حال الاختيار فإنها تؤخر، يقال لها: تأخري خلف الرجال. وتؤمر بذلك، أما صلاتها جالسة غير صحيحة إن كانت تقدر، إن كانت تقدر على الصلاة قائمة لم تصح صلاتها الفريضة وهي جالسة، لا الجمعة مع الناس ولا غيرها، أما إذا كانت عاجزة لا تقدر تقف فلا بأس كالرجل. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 271 142 - حكم صلاة الرجال خلف النساء س: م. ع. من المدينة المنورة: ما حكم صلاة الرجال خلف النساء، أو بجانبهن في الجهة الأخرى (1) ج: المشروع أن يكون الرجال أمام النساء، وأن يكون النساء خلف الرجال في المساجد إذا صلوا هذا هو المشروع، هذا هو الواجب، لكن لو دعا ضرورة في موسم الحج في المسجد النبوي والمسجد الحرام، وقد يقع النساء على يمين المصلين أو يسارهم أو أمامهم فلا يضر صلاة الرجال، صلاة الرجال صحيحة، أو كان النساء على يمينهم أو شمالهم أو غير ذلك، أما السنة والمشروع والواجب أن يكن خلف المصلين، هذا هو السنة.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (3). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 271 143 - حكم إمامة المرأة للنساء س: تقول السائلة: ما حكم إمامة المرأة في الشريعة الإسلامية؟ وما دليل ذلك من القرآن أو السنة، أو من اجتهاد الأئمة الأربعة (1) ج: إمامة المرأة للنساء لا بأس بها، ولا حرج فيها وهي جائزة، بل تستحب عند الحاجة إلى ذلك؛ للتعليم والتوجيه، ويعمهن قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة (2)» الحديث. وقد ثبت عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أنهما أمتا بعض النساء فإذا تيسر للمرأة القارئة الفقيهة أن تؤم نساء أهل دارها، أو إذا اجتمع عندها بعض أخواتها فتؤمهن هذا كله حسن وفيه مصالح، وقد روي عن أم ورقة أنها كانت تؤم أهل دارها (3) الحاصل أن إمامة المرأة   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (121). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة؟ برقم (673). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية، برقم (26739). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 272 للنساء لا بأس بها، ولا حرج فيها، بل هي مستحبة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وصارت الإمامة عندها علم وعندها فقه حتى تعلم أخواتها وتفقههن، وحتى يتأسين بصلاتها وبقراءتها وسجودها وركوعها، وجلستها بين السجدتين واعتدالها بعد ركوعها، هذا كله ينفع النساء كما ينفع الرجال، يستفيدونه من إمامهم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 273 144 - موقف المرأة من الصف إذا أمت النساء س: إذا صليت بالجماعة مع النساء صلاة جماعة، وكنت في وسطهن وأقمت الصلاة بنفسي، وبعد الصلاة دعوت بلسان الجميع بصوت يسمع هل يكون في ذلك حرج؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1) ج: الصلاة بهن مناسبة للتعليم، وليستفدن من عملك، ولكن لا يشرع لك الإقامة، صلاة بلا أذان ولا إقامة، الأذان يكفي الذي يصدر من الرجال، وليس عليكن إقامة، ولكن إذا قمت وسطهن كبرت تكبيرة الإحرام، ثم يكبرن معك وهكذا يتابعنك، والدعاء الجماعي لا أصل له، ولكن إذا سلمت تأتين بالأذكار الشرعية؛ أول شيء: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. بصوت مرتفع يسمعنه: اللهم أنت السلام ومنك السلام،   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (183). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 273 تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم تقولين: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وكل واحدة تقول مثلك يتعلمن من غير حاجة إلى أن يكون صوت جماعي؛ لأن الرسول كان يفعل هذا عليه الصلاة والسلام، ثبت هذا الذي ذكرته لك، ثبت عنه من حديث المغيرة بن شعبة ومن حديث ابن الزبير ومن أحاديث أخرى، فعليك أن تعلميهن ذلك بصوتك، وهن يسمعن ويتعلمن منك، ثم بعد هذا يشرع للجميع أن تقول كل واحدة: سبحان الله والحمد لله والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، تعقدها بالأصابع، ثم تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الجزء: 12 ¦ الصفحة: 274 الحمد وهو على كل شيء قدير. لأن الرسول حرض على هذا، وأخبر أن هذا من أسباب المغفرة، ويستحب أيضا مع هذا قراءة آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1)، وقراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (3) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (4) بعد كل فريضة، هذا هو الأفضل، لكن بعد المغرب وبعد الفجر تكرر السور الثلاث ثلاث مرات، هذا هو الأفضل، وفقك الله وأخواتك ونفع بكن جميعا.   (1) سورة البقرة الآية 255 (2) سورة الإخلاص الآية 1 (3) سورة الفلق الآية 1 (4) سورة الناس الآية 1 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 275 س: إذا توفر في المرأة شروط الإمامة فهل ينبغي لها أن تصلي بالنساء في جماعة أم لا (1) ج: إن صلت بهن فهو أفضل في بيتها، ولكن لا يجب؛ لأن الجماعة غير واجبة في حق النساء، لكن لو صلت بهن جماعة للتعليم والتوجيه فهذا طيب، وقد روي عن أم سلمة وعن عائشة أنهما صلتا ببعض النساء جماعة هذا من باب التعليم والتوجيه إلى الخير، ولكن لا يجب، وتصلي بهن في وسطهن.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (23). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 275 145 - حكم إقامة صلاة الجماعة بين النساء س: ما حكم صلاة الجماعة للمرأة في المدارس أو غيرها؟ آمل التوجيه (1) ج: صلاة الجماعة على النساء غير واجبة، لكنها إذا تيسرت أفضل حتى يتعلم بعضهن من بعض، وحتى يستفيد بعضهن من بعض، وقد جاء عن أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما أنهما أمتا بعض النساء فذلك يدل على أن هذا أمر معلوم عندهن في العهد الأول والقرن الأول، ومعلوم ما في هذا من الفضائل والمصالح، فإن وجود امرأة ذات علم وبصيرة تؤم النساء يستفيد منها النساء كثيرا يتعلمن كيف يصلين، كيف يركعن، كيف يسجدن، إلى غير ذلك، فصلاتهن جماعة خلف إمامة صالحة ذات بصيرة وعلم هذا لا شك فيه أنه ينفع الجميع، وهي تقف وسطهن وتجهر في الجهرية كالمغرب والعشاء والفجر، فالحاصل أنه مستحب إذا تيسر، وليس بواجب إنما تجب الجماعة على الرجال في بيوت الله عز وجل، حيث قد شرع لنا ذلك، وأما النساء فصلاتهن مفردات جائزة، وإذا تيسرت الجماعة لهن فيما بينهن فهو حسن، ولا   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (72). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 276 سيما إذا وجدت امرأة لديها علم وبصيرة؛ حتى تصلي بهن وتعلمهن الصلاة الشرعية التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «وصلوا كما رأيتموني أصلي (1)» وهذا يعم النساء والرجال جميعا، فعلى المسلمين أن يصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمرأة الفاهمة العالمة تعلم أخواتها في الله وبناتها وغيرهن الصلاة الشرعية، وإذا صلت بهن كان ذلك أكمل في التعليم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة برقم (631). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 277 س: هل فضل صلاة جماعة النساء مثل فضل جماعة الرجال (1) ج: لا أعلم ذلك، الله أعلم؛ لأن الجماعة شرعت للرجال، أما النساء فقصارى ما يقال فيهن أنه يجوز لهن أن يصلين جماعة، ويقال: إنه يجوز لهن أن يصلين جماعة. وأما هن فلسن مأمورات بالجماعة، مأمورات أن يصلين في بيوتهن، ولسن مأمورات بالجماعة، ولكن لو صلين جماعة فلا بأس، ونرجو لهن الخير في ذلك إذا كان المقصود من الجماعة الاستفادة حتى يتعلم بعضهن من بعض، ويستفيد بعضهن من بعض، فهذا طيب. وقد روي عن أم   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (151). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 277 سلمة وعائشة أنهما صلتا ببعض من النساء جماعة للتعليم والتوجيه، فلا بأس بهذا ولا حرج، أما كونها يحصل لها فضل الجماعة التي وعد الله بها الرجال فلا أعلم ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 278 س: إذا توفر مجموعة من النساء في مكان واحد فهل تجب عليهن صلاة الجماعة؟ وهل هناك إثم إذا صلت كل واحدة بمفردها ولم يصلين جماعة (1) ج: لا حرج في ذلك، ولا تجب عليهن جماعة، الجماعة من اختصاص الرجال، وجوبها في حق الرجال، أما المرأة فليس عليها جماعة، لكن لو صلين جماعة وصلت بهن إحداهن، ولا سيما من لها بصيرة وعلم حتى تعلمهن وحتى ترشدهن فهذا طيب، هذا مستحب، فقد روي عن أم سلمة وعائشة أنهما صلتا ببعض النساء فالحاصل أنه إذا وجد فيهن امرأة قارئة معلمة تفيدهن، وصلت بهن فهذا طيب ومشروع بالتعليم، تخبرهن كيف تصلي المرأة، كيف تركع، كيف تطمئن، كيف تخشع في صلاتها، وتكون إمامتهن بينهن في وسطهن كما   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (58). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 278 تقدم، وتجهر بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر كالرجل حتى يستفدن منها، وإذا رأت منهن شيئا من الخلل علمتهن، وتعظهن وتذكرهن إذا كان عندها علم، هذا شيء مطلوب، لكن لو لم يصلين جماعة فلا حرج ولو كن موجودات في البيت الواحد، إذا صلت كل واحدة لوحدها فلا حرج. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 279 س: هل إذا اجتمع النساء في وقت الصلاة في مسجد، أو في مكان طاهر يجب عليهن أن يصلين جماعة، أم تصلي كل واحدة منهن لوحدها؟ وإذا صلين جماعة فما هي صفة الإمامة لهن؟ وهل تقرأ جهرا أم سرا؟ وهل تكون صلاة الجماعة في هذه الحالة واجبة عليهن، أم مستحبة لهن (1) ج: إذا اجتمع النساء في أي مكان لم تجب عليهن الجماعة، كل واحدة لها أن تصلي وحدها ولا حرج؛ لأن الجماعة من شأن الرجال، أما النساء فليس عليهن جماعة، لكن لو صلين جماعة وأمتهن إحداهن فلا بأس، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها وأم سلمة أنهما أمتا في بعض الأحيان بعض النساء، فإذا صلت المرأة بجماعة من النساء في بيتها، أو في أي مكان فلا حرج، وإذا صلت بالنساء تقف وسطهن تكون   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (364). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 279 في وسطهن، لا تقدم مثل الرجل، تكون في وسط الصف الأول وترفع صوتها بالتكبير، وإذا كانت الصلاة جهرية كالمغرب والعشاء والفجر تجهر بالقراءة حتى تسمعهن وتفيدهن، وإذا كانت سرية كالرجل تسر بالقراءة، لكن ترفع صوتها بالتكبير وبقول: سمع الله لمن حمده. مثل الرجل حتى تسمع النساء وحتى يقتدين بها، وعليها الخشوع والطمأنينة وعدم العجلة حتى يتأسين بها. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 280 س: يقول السائل: هل صلاة النساء في جماعة أفضل من الانفراد، وذلك في أمكنة يجتمع فيها النساء كمدارس البنات والمستشفيات مثلا (1) ج: نعم إذا تيسر أن يصلين جماعة فهو خير؛ لأنه يتعلم بعضهن من بعض، ويستفيد بعضهن من بعض، وقد روي عن عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما أنهما كانتا تصليان جماعة بالنساء، فالحاصل أن وجود ذلك أمر طيب، وفيه فوائد تتعلم كل واحدة من أخواتها، والإمامة التي تصلي بهن إذا كانت طالبة علم تنصحهن وتعلمهن وتقف بينهن، لا أمامهن وهن عن يمينها وعن شمالها وخلفها، وتصلي بهن ترفع صوتها بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر، يعني في الأولى   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (245). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 280 والثانية من المغرب والعشاء، أما في السرية فتسر الظهر والعصر، والثالثة والرابعة من العشاء، والثالثة من المغرب تسر كالرجل. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 281 س: تسأل الأخت فتقول: هل من الأفضل أن تصلي المرأة وحدها، أو تصلي في جماعة النساء (1) ج: كل ذلك جائز، إن صلت وحدها فلا بأس، وإن صلت مع النساء فلا بأس، الأمر واسع في ذلك، وكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلين وحدهن، كل واحدة تصلي وحدها، فإذا تيسر الجماعة من النساء، وصلين جميعا في البيت وأمتهن خيرهن فذلك حسن، وقد روي عن أم سلمة وعن عائشة أنهما أمتا بعض النساء في بعض الأحيان فالحاصل أنه لا بأس بأن تصلي في جماعة من النساء، وتكون الإمامة وسطهن عن يمينها بعضهن، وعن يسارها بعضهن، ترفع صوتها في التكبير والقراءة في أوقات الجهر كالمغرب والعشاء والفجر، وتعمل كما يعمل الرجل، تكبر وترفع يديها إلى حذاء منكبيها أو أذنيها، وتقول بعد التكبير: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. أو تأتي بنوع من أنواع الاستفتاح الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (158). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 281 تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ثم تسمي، ثم تقرأ الفاتحة، ثم تقرأ سورة معها، وهكذا في الثانية في المغرب والعشاء، أما في الثالثة فتقرأ الفاتحة فقط، وهكذا في الثالثة والرابعة في العشاء الفاتحة فقط، وفي الفجر تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، لكن أطول من العشاء والمغرب، وهكذا في الظهر والعصر تصلي بهن سرا ليس فيها جهر بالقراءة، فالحاصل أنها مثل ما يصلي الرجل، لكنها تكون وسطهن لا تتقدم، وتركد في صلاتها وتطمئن، وتحرص أن تعلمهن السنة إذا كانت تعرف السنة؛ حتى يقتدين بها ويستفدن منها، وفي هذا لها أجر كبير لما فيه من التعليم، فإذا كانت المرأة فقيهة في دينها، وأمت من تيسر من النساء في بيتها حتى تعلمهن هذا خير عظيم، وفيه فضل كبير، ولكن ليس بواجب، بل متى صلت وحدها فلا بأس. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 282 س: رسالة من الطائف باعثها المستمع: م. ع. يقول فيها: هل يجوز أن تصلي المرأة بالنساء؟ وإذا كان الجواب: نعم. فهل لهن أجر الجماعة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا بأس أن تصلي المرأة بالنساء، فقد ورد ذلك في فعل عائشة وأم   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (320). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 282 سلمة رضي الله عنهما ونرجو لهن في ذلك فضل الجماعة وأجر الجماعة، وفيه مصالح؛ لأن إمامتها للنساء فيها فوائد من التعليم والتوجيه، فكل واحدة تتعلم من أخواتها ما تحتاج إليه في صلاتها، ولا سيما إذا كانت الإمامة متعلمة، وقد يكون فيهن أيضا متعلمات فيستفدن جميعا، فصلاتهن جماعة فيها مصالح كثيرة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 283 س: السائلة: م. ع. من الجنوب تقول: سماحة الشيخ، أنا معلمة وأقوم بإمامة الطالبات في الصلاة، ونصلي في ساحة المدرسة، علما بأنها تكون متسخة غير نظيفة؛ وذلك من إفطار الطالبات، ويصلون على بعض البسط، ولكنها تكون أيضا غير نظيفة بالتراب، وقد أخبرنا المدرسة في ذلك، ولكن لم يتم التغيير نظرا لعدم وجود إمكانية في ذلك، فما حكم صلاتنا؟ وما حكم ذلك لصلاة الطالبات مأجورين (1) ج: لا حرج في ذلك، كونها تؤمهن حتى يتعلمن ويستفدن من صلاتها لا بأس بذلك، ولا بأس بالصلاة على الفرش وإن كانت غير نظيفة ما دام ما فيها نجاسة، ووجود التراب عليها أو بعض الأوراق ما   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (425). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 283 يضر إذا كانت الأرض طاهرة والبسط، ولو كانت فيها بعض الأوساخ يصلى عليها، والطالبات يستفدن من المعلمة إذا صلت بهن، وتكون الإمامة في وسطهن. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 284 س: السائلة الأخت: أم أ. ع. تسأل: سماحة الشيخ، أنا فتاة أصلي بأمي في المنزل جماعة، هل يجوز لها ذلك؟ وهل يجوز لي أن أرفع صوتي بالتلاوة حتى تسمع أمي القراءة؟ وهل رفع صوتي بالقراءة في جميع الركعات يجوز لي ذلك (1) ج: لا بأس أن تصلي بأمها، أو ببناتها جماعة حتى يتعلمن ويستفدن، كل هذا طيب، إن كانت واحدة عن يمينها، وإن كن جماعة السنة أن تكون بينهن، وتصلي بهن حتى يتعلمن ويستفدن، ويرجى لهن فضل الجماعة فلا بأس بهذا، وترفع صوتها بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر؛ حتى تسمع أمها ومن معها كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (397). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 284 س: كيف يمكن للنساء أن يصلين في البيت جماعة إذا جاز ذلك (1) ج: إذا تيسر لهن ذلك فهو أفضل، وقد جاء عن أم سلمة وعائشة   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (348). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 284 أنهما كانتا تصليان بالنساء جماعة فإذا تيسر لصاحبة البيت أن تصلي بأخواتها أو ببناتها أو خادماتها هذا طيب، تكون وسطهن، يصففن عن يمينها وعن شمالها وهي وسطهن، ترفع صوتها بالقراءة والتكبير حتى يتعلمن؛ الجميع ويستفيد الجميع. ونوصي أم البنات إذا كان عندها علم بذلك، وإن كان من البنات من أعلم منها أن يتقدم العالم منهن، أو الأخوات، المقصود يؤمهن أقرؤهن وأعلمهن، وهذا مستحب لما فيه من الفائدة العظيمة والأجر العظيم. والصواب أنه لا بأس به؛ لعموم الأدلة ولفعل عائشة وأم سلمة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 285 146 - بيان أفضلية صلاة المرأة إذا دخلت في المسجد تصلي مع الإمام س: مررت أنا وزوجتي ونحن في السيارة بأحد المساجد، والإمام مقيم للصلاة، فدخلت زوجتي في مصلى النساء، وأنا دخلت مع الرجال، فما هو الأفضل لزوجتي: أن تصلي مع الإمام أي تأتم به، أم تصلي لوحدها (1) ج: السنة أن تصلي مع الإمام مع النساء الموجودات، تصلي معهم ما   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (365). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 285 أدركت من صلاة الإمام، وما فاتها تقضي، تصلي ما أدركت، وما فات عليها القضاء كالرجل. وإذا كان لم يوجد نساء فهي معذورة تصلي وحدها ما أدركت، ثم تقضي ما فاتها، إذا أدركت مع الإمام ركعتين إذا سلم الإمام تقوم وتقضي ركعتين، إذا كانت الظهر مثلا والعشاء والعصر، وفي المغرب إذا أدركت مع الإمام ركعتين تقوم وتصلي واحدة التي فاتتها من المغرب كالرجل. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 286 147 - بيان أن الأفضل للمرأة الصلاة في بيتها س: تقول هذه السائلة من الأردن: سماحة الشيخ، ما هو الأفضل للمرأة: أن تصلي في البيت، أم في المسجد (1) ج: أفضل لها في البيت، صلاة المرأة في بيتها أفضل مع الطمأنينة والخشوع، والعناية بالوقت والطهارة، الصلاة في البيت أفضل، وإن صلت مع الرجال متسترة محتشمة لطلب الفائدة وسماع المواعظ وسماع الأحاديث فلا بأس، الرسول نهى أن يمنعن من المساجد، لكن يخرجن وهن متسترات.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (425). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 286 س: يقول هذا السائل: أيهما أفضل للمرأة: الصلاة في بيتها، أو في المسجد (1) ج: الصلاة في بيتها أفضل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وبيوتهن   (1) السؤال الحادي والستون من الشريط رقم (425). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 286 خير لهن (1)» وأستر لهن وأبعد عن الفتنة، فالبيت أفضل.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5445). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 287 س: هل فضل صلاة المرأة في بيتها يعدل فضل صلاة الرجل في المسجد (1) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة المرأة في بيتها أفضل (2)» لها فضل عظيم، قد يكون مثل المسجد، وقد يكون أفضل، وقد يكون أقل، المقصود أن أفضل صلاتها في البيت، فإذا كان فضلها في البيت أفضل من المسجد معناه: أنه يحصل لها مثل أجر المسجد أو أكثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة المرأة في بيتها أفضل (3)» فدل على أن الأجر الذي يحصل للرجل في المسجد يحصل لها، أو ما هو أكثر منه؛ لطاعتها الله ورسوله، وقربها لأمر الله ورسوله، فهي على خير عظيم، ولأن بيتها أصون لها وأبعد عن الفتنة، فإذا أطاعت الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلت في البيت يرجى لها مثل أجر المصلين في المسجد أو أكثر.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (377). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء للمساجد، باب التشديد في ذلك، برقم (570). (3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء للمساجد، باب التشديد في ذلك، برقم (570). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 287 س: سائلة تقول: أنا أحب المساجد؛ لأنها بيوت الله، ولكن لا أذهب إليها؛ لأنني امرأة، والمرأة غير مستحب لها ذهابها إلى المساجد، فهل أكون مع السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (1) ج: يرجى لك ذلك؛ لأنك ذكرت شرعا بأن بيتك أفضل لك، فأنت لولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للنساء البيوت لسارعت إلى المساجد لحبك المساجد، فالمعذور كالمريض والمقعد ونحو ذلك إذا كانت نيته الصلاة في المساجد، ويحب الصلاة في المساجد - لولا العذر - فيكون هو مع المصلين في الأجر. وهكذا النساء اللاتي يحببن الصلاة في المساجد، لولا أن الله شرع لهن الصلاة في البيوت فهي مع المحافظين على الصلاة في المسجد في الأجر، وفي كونهن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله؛ لأنهن يفترضن فيه لولا أن الله شرع لهن الصلاة في البيت، ومن أدلة ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل مقيما صحيحا (2)» فأعطاه الله أجر الصائمين وهو لم يصم؛ لأنه منعه المرض والسفر، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (286). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 288 في غزوة تبوك: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم»، قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟! قال: «وهم في المدينة، حبسهم العذر (1)» وفي اللفظ الآخر: «المرض (2)» وفي لفظ «إلا شاركوكم في الأجر (3)» وهذا يدل على أن المعذور شرعا من فعل الشيء، وهو يحب أن يفعله - لولا العذر - أنه مع العاملين، وله أجر العاملين.   (1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911). (3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 289 س: المرأة التي تتخذ سجادة للصلاة في بيتها، هل في ذلك بأس يا شيخ (1) ج: لا حرج أن تتخذ سجادة أو حصيرا، لا حرج في ذلك، كان النبي له حصير يصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، لا بأس.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (399). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 289 148 - حكم قراءة الفاتحة للمأموم س: حدثونا لو تكرمتم بقول واضح عن حكم قراءة الفاتحة بالنسبة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 289 للمأموم (1) ج: الصواب أن المأموم تلزمه قراءة الفاتحة، ولكنها في حقه دون وجوبها على الإمام والمنفرد، ولهذا ذهب الجمهور إلى أنها لا تجب على المأموم، ولكن تستحب في السرية وفي سكتات الإمام، ولكن الصحيح أنها تلزمه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» فهو عام، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لا يقرأ بها (3)» هذا صريح في أن على المأموم أن يقرأ، وأنه لا صلاة إلا بذلك، لكن لو تركها ناسيا أو جاهلا بالحكم الشرعي فإن صلاته صحيحة؛ لأن وجوبها في حقه ليس كوجوبها في حق الإمام والمنفرد، والدليل على هذا أن الذي أدرك الإمام راكعا تجزئه الصلاة، كما في الحديث عن أبي بكرة الثقفي عند البخاري رحمه الله تعالى (4) فإنه جاء والنبي راكع، فركع دون الصف ثم دخل الصف، ولم يأمره   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (172). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 290 النبي بالإعادة، فدل على أنها أجزأته الركعة؛ لأنه لم يدرك الوقوف، ولا قراءة الفاتحة فعفي عنه، فالذي نسيها أو جهل الحكم الشرعي، وقلد من لا يوجبها من باب أولى أن يسقط عنه ذلك، كما سقطت الفاتحة عمن أدرك الإمام راكعا؛ لأنه لم يدرك الوقوف، أما من أدرك الوقوف وتمكن من قراءة الفاتحة، وهو يعلم الحكم الشرعي فإنه يلزمه أن يقرأها؛ عملا بالأدلة الشرعية وخروجا من خلاف العلماء رحمهم الله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 291 س: يقول هذا السائل: ما حكم قراءة الفاتحة على المأموم؟ وإذا كانت واجبة فكيف الجمع بينها وبين الإنصات للقرآن؟ لأنني سمعت بعض الإخوة يقول بأنه لا يجوز للإمام السكوت بعد قراءة الفاتحة، بل يواصل القراءة (1) ج: حكم القراءة للمأموم أنها واجبة، يجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة هذا الصحيح، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنها لا تجب عليه اكتفاء بالإمام، ولكن الصواب أنها تجب عليه في السرية والجهرية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (395). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 291 بها (1)» وهو حديث صحيح رواه أحمد وغيره، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» لكنها في حق المأموم واجبة، إذا تركها جاهلا أو ناسيا، أو لم يأت إلا عند ركوع الإمام فركع معه سقطت عنه، كما جاء في حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه؛ أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف ثم دخل في الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام، فقال صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3)» ولم يأمره بقضاء الركعة. أما الإمام والمنفرد فهي ركن في حقهما لا بد منها، فلو تركها الإمام أو المنفرد قراءة الفاتحة بطلت صلاته إذا تعمد ذلك، وإن نسيها في ركعة أتى بركعة بدل التي نسيها منها ويسجد للسهو. أما المأموم فهي واجبة في حقه، لو تركها ناسيا أو جاهلا صحت صلاته؛ لأنه تابع للإمام، والجمع بينها وبين النصوص التي فيها الإنصات أنها خاصة، والنصوص عامة، فيخص منها قراءة الفاتحة. وأما الإمام فإن سكت بعد الفاتحة فلا بأس، وإن واصل القراءة فلا بأس، لم   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 292 يثبت في هذا النص، جاء في بعض الأحاديث أنه لا يسكت بعد قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} (1)، وجاء في بعضها أنه يسكت بعد نهاية القراءة، فإن سكت بعد الفاتحة فلا بأس، وإن واصل القراءة فلا بأس، فالأمر واسع إن شاء الله.   (1) سورة الفاتحة الآية 7 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 293 س: الأخ: ع. ع. ع. يسأل عن حكم قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم، حيث يقول: إنه سمع حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» فعند انتهاء الإمام من قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية هل نقرأ الفاتحة؟ وهل إذا قرأنا الفاتحة، وبدأ في السورة هل نكمل قراءة الفاتحة؟ أم كيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرا (2) ج: عليك أن تقرأ الفاتحة وتجتهد؛ لأن الصحيح أنها تجب على المأموم، وإذا شرع الإمام في القراءة تكمل ولو شرع ثم تنصت لقراءة الإمام، وفي السرية تقرأ الفاتحة وما تيسر معها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام؟ قلنا: نعم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (175). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 293 قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» فتجمع بين الأمرين؛ تنصت لقراءة إمامك، وتقرأ الفاتحة ولو كان يقرأ إذا كان لم يسكت سكوتا يكفي.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 294 149 - حكم قراءة المأموم للفاتحة أثناء قراءة الإمام س: ما حكم قراءة المأموم الفاتحة أثناء قراءة الإمام؟ وماذا يعمل إذا شرع الإمام في قراءة السورة التي بعد الفاتحة؟ هل تجب عليه قراءة الفاتحة أثناء قراءة الإمام، أم ينصت للإمام، ويكفي قراءة الإمام للفاتحة عن قراءته هو (1) ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم على أقوال ثلاثة: فمن أهل العلم من قال: إن الإمام يتحمل الفاتحة ولا يلزم المأموم القراءة مطلقا، لا في السرية ولا في الجهرية. والقول الثاني: أن على المأموم أن يقرأ مطلقا في السرية والجهرية. والقول الثالث: أنه يقرأ في السرية دون الجهرية. والأرجح من الأقوال الثلاثة أنه يقرأ مطلقا فيها جميعا؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (42). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 294 الكتاب (1)» ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» هذا يدلنا على أن المأموم يقرأ في الجهرية والسرية جميعا، وإذا شرع الإمام في القراءة وهو لم يقرأ فإنه يقرأ سرا، ثم ينصت ولو كان الإمام يقرأ، أو قرأ بعض الفاتحة، ثم شرع إمامه في السورة فإنه يكمل قراءة الفاتحة، ثم ينصت لإمامه، والحاصل أن المأموم يقرأ الفاتحة مع إمامه، أو قبله أو بعده، لكن إذا كان الإمام له سكتة فإن المأموم يقرؤها في السكتة؛ حتى ينتهزها فرصة لذلك ليستمع لقراءة إمامه ولا يدع القراءة، بل يقرأ ولا بد، ثم ينصت لبقية القراءة، وهذا مستثنى من قوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (3)» ومن عموم قوله جل وعلا: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (4)، هذا مستثنى منه الفاتحة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). (4) سورة الأعراف الآية 204 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 295 س: ما حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجماعة في الركعة الثالثة والرابعة بالنسبة للمأموم إذا لم يعط الإمام للمأموم وقتا لتكملة الفاتحة (1)   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (157). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 295 ج: الواجب على المأموم أن يبادر من حين يقف يقرأ الفاتحة في الثالثة والرابعة، كما يقرؤها في الأولى والثانية، ولا يتساهل يقرؤها قراءة متصلة حتى لا تفوته، وعليه أن يبادر فإذا كبر الإمام ولم يكملها كملها إذا كان الباقي قليلا، كالآية والآيتين كملها، ثم ركع فإن خاف أن يفوته الركوع ركع وسقط عنه بقية الفاتحة؛ لأنه مأموم، مثل: لو جاء والإمام راكع ركع معه وسقطت عنه الفاتحة، كما في حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف وكمل الصلاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1)» ولم يأمره بقضاء الركعة، فالمأموم أسهل من الإمام والمنفرد، إذا أدرك الفاتحة قرأها، وإن فاتته لكونه لم يأت إلا والإمام راكع، أو عند الركوع، أو كان الإمام سريع القراءة، فركع قبل أن يتمها، ولم يتيسر له تمامها أجزأه ذلك والحمد لله، هذا هو الصواب.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 296 س: في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)»، فهل تبطل صلاة المأموم إذا لم   (1) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 296 يقرأ الفاتحة، وخاصة في صلاة الفجر (1) ج: الواجب على الجميع قراءة الفاتحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» لكن المأموم إذا فاته القيام جاء والإمام راكع أجزأته الركعة والحمد لله، أو نسي القراءة، أو جهل الحكم فصلاته صحيحة للعذر الشرعي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكرة لما جاء والإمام راكع، فركع من دون الصف ثم دخل في الصف، ولم يأمره بقضاء الركعة، بل قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3)» أي: لا تعد إلى الركوع دون الصف، بل اصبر حتى تدخل في الصف. ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل على أن من جاء والإمام راكع أو عند الركوع معذور إذا لم يقرأ الفاتحة؛ لأنه لم يبق له وقت، وهكذا لو جهل الحكم الشرعي، أو نسي قراءتها فإن صلاته صحيحة. أما الإمام فلا بد من قراءتها، فلا تسقط عنه، وكذلك المنفرد لا بد من قراءتها، وإذا نسيها في أي ركعة أتى بركعة بدلا من الركعة التي نسي فيها الفاتحة وسجد للسهو.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (320). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 297 س: يقول السائل: إذا كنت مأموما في صلاة جهرية فمتى أقرأ الفاتحة وما يتيسر من القرآن؟ هل أقرأ والإمام يقرأ؟ أم ماذا أعمل (1) ج: إذا كان له سكوت تقرأ في حال السكوت، وإن كان ما له سكوت تقرأ ولو يقرأ، تقرأ الفاتحة ثم تنصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «2 لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» هذا الحديث الصحيح يدل على أن المأموم يقرأ الفاتحة، وينصت بعدها في الجهرية، وإذا كان للإمام سكتة بعد الفاتحة قرأت في حال السكوت، أما إن كان ما له سكتة تقرأ، وإن كان يقرأ تقرأ الفاتحة ثم تنصت، وإذا كان في السرية كالظهر والعصر تقرأ زيادة مع الفاتحة في الأولى والثانية؛ تقرأ ما تيسر.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (412). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 298 150 - حكم قراءة الفاتحة في كل ركعة س: السائل: ي. ق. يقول: بالنسبة لقراءة الفاتحة في كل ركعة هل هي واجبة؟ وهل يغني عنها شيء؟ وإذا لم يترك الإمام فرصة لقراءتها هل يتحمل ذلك مأجورين (1) الواجب أن تقرأ في كل ركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (420). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 298 صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» «لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن (2)» «لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب (3)» ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها في كل ركعة، ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (4)» والمأموم يقرؤها ولو لم يسكت إمامه، يقرؤها في كل ركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (5)» يقرؤها المأموم، وإن كان إمامه لا يسكت يقرأها، يقرؤها بينه وبين نفسه ثم يسكت ثم ينصت.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث رجل من أهل البادية رضي الله عنه، برقم (20217). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة برقم (631). (5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 299 151 - حكم سكتة الإمام بعد الفاتحة س: يقول السائل: ما حكم السكتة اللطيفة من بعض الأئمة بعد الفاتحة حتى يعطي فرصة لقراءة الفاتحة (1)   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (413). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 299 ج: لا بأس، الأمر واسع، إن سكت فلا بأس، وإن لم يسكت فلا بأس، يقرؤها سواء سكت الإمام أو ما سكت الإمام، والإمام مخير إن سكت فحسن، وإن لم يسكت فلا حرج؛ لأن الأحاديث التي في السكتة ليست واضحة، وليس هناك حديث صحيح يدل على السكتة، والمقصود بالسكتة يعني بعد الفاتحة، أما السكوت بعد تكبيرة الإحرام هذا سنة، يسكت حتى يأتي بالاستفتاح، كان النبي يأتي بالاستفتاح بعد التكبيرة؛ التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام، ثم بعد هذا يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويسمي بينه وبين نفسه، ثم يقرأ الفاتحة في الجهرية جهرا وسرا في السرية، والمأموم كذلك يستفتح أيضا بعد تكبيرة الإحرام قبل أن يشرع إمامه في القراءة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 300 س: عند صلاة الجماعة الإمام يقرأ سورة الفاتحة، ويدع لنا فرصة لكي نقرأها نحن أيضا، ولكنه بعد قليل يبدأ في السورة الصغيرة ولم نكمل بعد. سؤالي هنا: هل نكمل الفاتحة بسرعة، أم نسكت ولا نكمل لكي نستمع إليه؟ جزاكم الله خيرا. وهل يكون جائزا ألا نقرأها من بعده ولو جعل لنا فرصة؛ لأنه هو قد قرأها عنا (1) ج: الواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة في السرية والجهرية في   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (282). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 300 أصح أقوال العلماء، قال بعض أهل العلم: إنه لا يقرأ في الجهرية ويقرأ في السرية. وقال بعضهم: لا قراءة عليه لا في السرية ولا في الجهرية، بل يتحملها الإمام. وكلا القولين ضعيف، والصواب أنه يقرأ في السرية والجهرية، في السرية يقرأ الفاتحة ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، وفي الجهرية كالعشاء والمغرب والفجر والجمعة، يقرأ فقط بالفاتحة ثم ينصت لإمامه، فإن كان الإمام في السكوت قرأ في سكتة إمامه، وإن بدأ الإمام القراءة ولم يكمل كملها ثم أنصت، ولو كان الإمام لا يسكت فإنه يقرؤها بينه وبين نفسه ثم ينصت لإمامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» هذا صريح في أن المأموم يقرأ الفاتحة خلف الإمام في جميع الصلوات، لكن لو سبق بأن جاء والإمام في الركوع أجزأته الركعة وسقطت عنه الفاتحة؛ لأنه لم يدرك القيام، وهكذا لو نسي أو كان جاهلا بالحكم صلاته صحيحة؛ لأن الفاتحة في حق المأموم واجبة، تسقط بالسهو والجهل بخلاف الإمام والمنفرد فإنها ركن في حقهما، لا بد منها ولا تسقط لا بالسهو   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 301 ولا بالجهل، لا بد منها، أما المأموم تسقط عنه بالسهو وبالجهل، وهكذا لو لم يدرك القيام جاء والإمام راكع سقطت عنه عند جمهور أهل العلم، وأجزأته الركعة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 302 س: إذا كنا في صلاة جهرية، وقرأ الإمام في الركعة الأولى الفاتحة، وبعد أن انتهى من قراءة الفاتحة لم يسكت بعد الفاتحة، بل واصل فهل في حق المأموم أن يقرأ الفاتحة، أم ينصت إلى الإمام؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يقرأ إذا كان ما قرأها يقرؤها، ولو كان الإمام يقرأ فعليه أن يقرأ الفاتحة ثم ينصت؛ لأن الفاتحة واجبة عليه على الصحيح. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» ومن هنا أخذ الوجوب، فيقرأ الفاتحة، ولكن إذا كان هناك سكوت للإمام طويل يقرأ في السكوت، أما إذا كان الإمام لا يسكت، أو سكوت قليل فإنه يقرأ الفاتحة ويكمل، ولو مع قراءة إمامه ثم ينصت.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (278). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 302 س: الأخ: ع. س. يسأل ويقول: إذا قرأ الإمام سورة الفاتحة جهرا وانتهى منها، وبدأ في قراءة سورة بعدها فهل يجوز للمأموم أن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 302 يقرأ سورة الفاتحة (1) ج: نعم الواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن القراءة لا تجب على المأموم، ولكن الصواب أنها تجب عليه، والواجب عليه أن يأتي بها فقط، ولو كان الإمام يقرأ ما سكت يقرؤها ثم ينصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» متفق على صحته. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (3)» هذا هو الصواب، إلا إذا لم يدرك الإمام عند القيام أدركه في الركوع أو عند الركوع، ما تمكن من القراءة فإن الصواب أنه يعفى عنه في هذه الحالة، وتجزئه الركعة.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (139). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 303 س: هل تجوز قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟ علما بأن الإمام لا يترك فرصة للمأمومين بقراءتها، بل يبدأ بقراءة القرآن بعد انتهاء المؤتمين من قول: آمين. مباشرة، فما الحكم (1)   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (79). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 303 ج: نعم يقرأ المأموم الفاتحة وإن كان الإمام يقرأ لأنه مأمور بذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» متفق عليه. ويقول صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» فعلى المأموم أن يقرأ بها، إن كان الإمام سكت فيقرؤها في حال سكوته، وإن قرأ يقرأها وإن كان يقرأ الإمام ثم ينصت؛ عملا بالأحاديث كلها، فينصت بعد قراءتها ولا حرج عليه في ذلك، وهذا هو الصواب. قال بعض أهل العلم: إنها تسقط عنه. واحتجوا بحديث ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كان له إمام فقراءته له قراءة (3)» لكنه حديث ضعيف عند أهل العلم. والصواب: أنه يقرأ المأموم في حال سكتات الإمام إن سكت، وإلا فليقرأ وإن كان يقرأ الإمام ثم ينصت. هذا هو المختار وهذا هو الصواب.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، برقم (14233). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 304 س: يقول السائل: إذا كنت مأموما في الصلاة الجهرية، وكان الإمام لا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 304 يتوقف بين قراءة الفاتحة والسورة التي بعدها فهل أقرأ الفاتحة أثناء قراءة الإمام، أم أنصت له (1) ج: عليك أن تقرأ الفاتحة ولو ما سكت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» فالواجب على المأموم أن يقرأها، وإن استمر إمامه بالقراءة يقرأ الفاتحة ثم ينصت، فإن كان جاهلا أو ناسيا صحت صلاته؛ المأموم خاصة، أما الإمام والمنفرد فلا بد من الفاتحة، ولا تصح صلاته بدون ذلك لا ناسيا ولا جاهلا، أما المأموم فهو أسهل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل أبو بكرة والنبي راكع ركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3)» ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل على أن المأموم إذا جاء والإمام راكع تجزئه الركعة قد فاتته القراءة، وهكذا لو جهل أو نسي ولم يقرأ مع الإمام كفته قراءة الإمام، لكن لا يتعمد تركها.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (418). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 305 152 - بيان أقوال العلماء في قراءة الفاتحة للمأموم س: إذا قرأ الإمام في الصلاة الجهرية بالفاتحة، ثم أتبعها بسورة، ولم يترك بينهما وقتا فهل أقرأ أنا الفاتحة، أم أسكت؟ وإذا فصل بين الفاتحة والسورة وقرأت أنا، ولكن المدة لم تكف، وقرأ هو السورة وأنا ما زلت في الفاتحة فهل أكمل الفاتحة، أم أسكت (1) ج: الواجب قراءة الفاتحة مطلقا سواء سكت الإمام أم لم يسكت الإمام، إن سكت شرع للمأموم أن يقرأها في سكتته حتى يجمع بين القراءة وبين الإنصات، ولو قرأت ثم بدأ يقرأ وأنت لم تكمل كملتها، فإن لم يسكت تقرأ وإن كان يقرأ، ثم تنصت بعد ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» هذا نص صريح في أمر المأموم بقراءتها مطلقا في الجهرية والسرية، وهكذا لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاة لم يقرأ   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (223). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 306 فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج (1)» يعني غير تمام. فالواجب على المأموم في أصح أقوال أهل العلم أن يقرأ في السرية والجهرية، والعلماء لهم أقوال ثلاثة: أحدها: أنه لا يقرأ مطلقا لا في السرية ولا في الجهرية، بل تسقط عنه بقراءة الإمام. والقول الثاني: يقرأ في السرية دون الجهرية؛ لعموم قوله جل وعلا: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (2)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (3)» والقول الثالث: أنه يقرأ في السرية والجهرية؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (4)» ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (5)» فهذا حديث صحيح يدل على أن المأموم يقرأ في السرية والجهرية الفاتحة خاصة، ثم ينصت، إذا كان في جهرية ينصت لإمامه، أما   (1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (395). (2) سورة الأعراف الآية 204 (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 307 السرية فيقرأ زيادة ولا حرج؛ لأنه ليس هناك قراءة ينصت لها، أما قوله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (1) فهذا من العام المخصوص، والسنة تخصص القرآن، هذه آية مخصوصة بغير الفاتحة، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (2)» هذا عام مخصوص بالفاتحة، والقاعدة الكلية أن السنة تخصص الكتاب، وأن الأحاديث يخصص بعضها بعضا، هذه قاعدة معلومة عند أهل الأصول، وعند أهل المصطلح، فإذا تعارضت النصوص وجب تخصيص العام بالخاص، ووجب تقييد المطلق بالمقيد، وهذا أمر معلوم عند أهل العلم، والله ولي التوفيق.   (1) سورة الأعراف الآية 204 (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 308 س: هل إذا شرع الإمام في قراءة السورة التي بعد الفاتحة، هل يجوز لي أن أقرأ الفاتحة وهو يقرأ ما تيسر من القرآن (1) ج: نعم لك أن تقرأ الفاتحة، فإذا تيسر أن تقرأها في حال السكوت فهو أولى، فإذا كان لا يسكت، أو لم يتيسر لك أن تقرأها فاقرأها ولو كان يقرأ، ثم تنصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (335). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 308 تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» فإذا تمكنت من قراءتها في حال السكوت فافعل، وإلا فاقرأها ثم أنصت، لكن من نسيها من المأمومين، أو جهل حكمها، أو جاء والإمام راكع تجزئ الركعة والحمد لله؛ لأنها من حق المأموم التي تسقط عنه بخلاف الإمام والمنفرد، فإنها ركن في حقهما، أما في حق المأموم فهي سنة عند بعض العلماء، والصحيح أنها واجبة في حق المأموم، لكن إذا نسي أو جهل سقطت عنه، أو جاء والإمام راكع ما أمكنه قراءتها أجزأته الركعة؛ لحديث أبي بكرة الذي جاء والنبي عليه الصلاة والسلام راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (2)»   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 309 153 - حكم صلاة الإمام الذي لا يطمئن في صلاته س: ما حكم صلاة الإمام الذي يسرع في صلاته؛ بحيث لا يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة؟ فهل صلاته صحيحة أم لا (1)   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (18). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 309 ج: الواجب على الإمام وعلى المنفرد وعلى المأموم الطمأنينة، فالطمأنينة من أركان الصلاة العظيمة، فلا يجوز للمؤمن أن يتساهل في صلاته سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا؛ لما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للمسيء صلاته: «اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (1)» وكان عليه الصلاة والسلام إذا ركع اطمأن حتى يعود كل فقار مكانه، وإذا رفع اعتدل؛ استوى حتى يعود كل فقار مكانه، وإذا سجد استوى واعتدل حتى يعود كل فقار مكانه، وإذا رفع وجلس بين السجدتين اعتدل حتى يعود كل فقار مكانه، هذا هو الواجب، فالإمام الذي يسرع في الصلاة ولا يطمئن لا تصح صلاته، بل تكون باطلة، فالواجب أن ينبه، فإن استقام وإلا يجب عزله ولا يصلى خلفه، لا بد أن يطمئن، ويجب أيضا أن يأتي في الركوع بالتسبيح، يقول في الركوع: سبحان ربي العظيم. والواجب مرة، والأفضل أن يكررهن ثلاثا أو أكثر، خمسا أو ستا أو سبعا، هذا هو الأفضل، وأقل الكمال ثلاث   (1) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 310 مرات، يأتي بها في الطمأنينة: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. فإذا زاد جعلها خمسا أو سبعا كان أفضل، والواجب مرة وهكذا في السجود: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. أقل الكمال ثلاث، والواجب مرة، وإذا زاد وجعلها خمسا أو سبعا أو عشرا كان أفضل، ويستحب أن يدعو في السجود أيضا، ويجتهد في الدعاء كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام. أما الإسراع والنقر فهذا لا يجوز مطلقا، بل هو يبطل الصلاة. نسأل الله العافية. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 311 154 - حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية س: هل قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم في الصلاة الجهرية جائزة أم لا؟ وهل إذا سكت الإمام بعد قراءة الفاتحة يقرأ المأمومون؟ وإذا لم يسكت هل عليه الاستماع أم القراءة؟ وعلى حسب علمي أن السكتة بعد الفاتحة قصيرة جدا، لا تسع أن يقرأ المأمومون فيها الفاتحة، فهل إذا أطالها الإمام لكي يقرؤوا تعتبر هذه بدعة أم لا؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (178). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 311 ج: القراءة في حق المأموم، يعني قراءة الفاتحة تنازع العلماء فيها، فأكثر أهل العلم يقولون: إنها سنة في حق المأموم، لا واجبة. وقال آخرون من أهل العلم: إنها واجبة. كالشافعي رحمه الله والبخاري وجماعة، وهذا القول هو الصواب لظاهر الأدلة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» متفق عليه. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» خرجه الإمام أحمد وجماعة بإسناد جيد. فهذا الحديث صريح بأنها تجب على المأموم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (3)» هذا صريح في أنها تجب على المأموم، لكن وجوبها عليه أخف من الإمام والمنفرد، ولهذا لو أدرك الإمام في الركوع أجزأه الركوع وأجزأته الركعة، وسقطت عنه الفاتحة لفوات القيام، ومثل ذلك لو سها عنها أو تركها تقليدا أو اجتهادا فإنها تسقط عنه من أجل شبهة الاجتهاد والتقليد، أو النسيان، كما تسقط   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 312 عنه إذا لم يدرك القيام، وإنما أدرك الركوع في أصح قولي العلماء، كما قاله الجمهور رحمهم الله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 313 س: يقول السائل: هل أقرأ الفاتحة خلف الإمام أم لا (1) ج: الواجب أن تقرأها خلف الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» هذا يدلنا على أنه يقرأ خلف الإمام الفاتحة ثم ينصت، ولا يقرأ زيادة عليها إلا في السرية كالظهر والعصر، يقرأ زيادة في الأولى والثانية على الفاتحة؛ لأنه لا يسمع شيئا، أما في المغرب والعشاء والفجر فإنه يكتفي بالفاتحة، ولا يزد عليها، بل يستمع لقراءة إمامه، فإن جاء متأخرا ولم يدرك إلا الركوع أجزأه ذلك - والحمد لله - على الصحيح عند جمهور أهل العلم، وهكذا لو ترك الفاتحة جهلا منه وهو مع الإمام، أو ناسيا أجزأته الركعة، كالذي جاء والإمام راكع، ويجزئه ذلك للعذر الشرعي، فهي في حقك واجبة بخلاف الإمام والمنفرد، فهي ركن بحقهما، أما في حق المأموم فوجوبها أسهل؛ ولهذا لم يأمر النبي صلى الله   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (255). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 313 عليه وسلم من أدرك الإمام راكعا أن يقضي الركعة، بل قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1)» لما ركع دون الصف، ثم دخل في الصف خوفا أن تفوته الركعة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 314 155 - ذكر اختلاف العلماء في قراءة الفاتحة خلف الإمام س: السائل: ط. أ. من غانا غرب أفريقيا يقول: اختلف العلماء في بلادنا عند قراءة الفاتحة خلف الإمام، فإن منهم من قال بأنها تجوز، ويستدلون بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)». وهي أم القرآن؛ أم الكتاب. وقال بعضهم: لا يجوز. ويستدلون بقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (2). ما هو الأصح من الأدلة في ذلك (3) ج: المسألة فيها خلاف بين العلماء؛ بعض أهل العلم يقولون: قراءة الإمام قراءة للمأموم ويكفي، ولا تلزمه القراءة لا الفاتحة ولا غيرها، ويكفيه قراءة الإمام. والقول الثاني: أنه لا بد من الفاتحة. وهذا هو الصواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف   (1) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314). (2) سورة الأعراف الآية 204 (3) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم (420). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 314 إمامكم»، قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» فنص النبي على أن المأموم يقرأ الفاتحة ثم ينصت، وفي السرية يقرؤها وما تيسر معها، وفي الجهرية يقرؤها ثم ينصت، هذا هو القول الصواب.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 315 156 - حكم صلاة من ترك قراءة الفاتحة خلف الإمام جهلا س: السائل: م. م. مقيم بجدة، يقول: عندما كنت في صلاة الجمعة قال الإمام: يجب على المأموم إذا قرأ الإمام أن ينصت لقراءته، وحتى وإن لم يقرأ الفاتحة. وبالفعل صليت عدة صلوات ليست بالكثيرة، وذلك بدون قراءة الفاتحة، وبالذات عندما لا يعطي الإمام فرصة ويقرأ مباشرة بعد الفاتحة، فأنصت له، فسألت في الأمر فعرفت أنه يجب علي أن أقرأ الفاتحة، فهل علي شيء في الصلوات الفائتة التي لم أقرأ فيها الفاتحة (1) ج: اختلف العلماء في هذا، فجمهور أهل العلم يرون أن الفاتحة لا تجب على المأموم، وأن الإمام يقوم بذلك عنه ويكفي. والقول الثاني: أنه   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (413). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 315 لا بد من قراءة الفاتحة. وهو الصواب، الصواب أنه لا بد أن يقرأ المأموم الفاتحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم»، قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» فالواجب على المأموم أن يقرأها ولو ما سكت الإمام، يقرؤها ثم ينصت هذا هو الواجب، لكن من تركها جاهلا؛ لأنه أفتوه بعض أهل العلم بأنه يتركها، أو تركها ناسيا فصلاته صحيحة، وليس عليه قضاء، ليس عليك قضاء؛ لأنك تركتها من أجل ما سمعت من بعض أهل العلم. وهكذا لو تركها المأموم ناسيا ليس عليه قضاء، وهكذا لو جاء المأموم والإمام راكع، وعند الركوع فإنه يركع معه، وتسقط عنه الفاتحة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 316 س: هل أقرأ سورة الفاتحة إذا كنت مأموما، أم لا؟ لأن بعض العلماء يقولون: يجب الاستماع والإنصات للقرآن الكريم والفاتحة أولى؛ لأن الفاتحة أم القرآن، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1).   (1) سورة الأعراف الآية 204 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 316 فوجب الاستماع والإنصات، سواء في الصلاة أو في غير الصلاة؛ لأن الذي يقول: آمين. كأنه يدعو، مثل قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} (1)، وهارون عليه السلام كان يقول: آمين. فقط. وبعض العلماء يقولون: يجب قراءة الفاتحة للإمام وللمأموم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)». ما هو التطبيق بين القرآن والحديث؟ أفيدونا بأدلة كاملة، جزاكم الله خيرا؛ لأن الأولين يقولون: حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3)» للإمام والمنفرد فقط، لا للمأموم (4) ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، فمنهم من قال: إن المأموم ليس عليه قراءة الفاتحة. كما أخبرك هؤلاء الذين أخبروك، وقالوا: إن عليه أن ينصت في حال الجهرية، وأنه يتحمل عنه الإمام القراءة، حتى في حال السرية. وبعض آخر من أهل العلم قالوا: إنه يقرأ في حال السر، ولا يقرأ في حال الجهر، بل يستمع وينصت   (1) سورة يونس الآية 89 (2) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314). (3) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314). (4) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (205). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 317 للآية الكريمة التي تلوت؛ وهي قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1)، ولحديث: «إذا قرأ فأنصتوا (2)» والقول الثالث: أنه يلزمه أن يقرأ بالفاتحة في السرية والجهرية جميعا للحديث الذي ذكرت؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3)» ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (4)» خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وجماعة بإسناد جيد وله شواهد. وهذا القول أصح الأقوال الثلاثة؛ وهو أن المأموم يقرأ بالفاتحة في السرية والجهرية مع إمامه، ثم ينصت، ويكون هذا الحديث وما جاء في معناه مخصصا للآية الكريمة: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (5)، هي عامة والحديث   (1) سورة الأعراف الآية 204 (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (5) سورة الأعراف الآية 204 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 318 يخصها، والقاعدة الشرعية: أن الخاص يقضي على العام ويخصه، وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الحديث والآية، الآية عامة والحديث بقراءة الفاتحة للمأموم خاص، والخاص يحكم به على العام، ويقضى به على العام، فنصيحتي لك ولكل مسلم أن يقرأ خلف الإمام الفاتحة مطلقا في الجهرية والسرية، ثم ينصت بعد قراءة الفاتحة لإمامه، وإذا كان للإمام سكوت قرأ في حال السكوت، وإن كان ما له سكوت قرأ ولو كان إمامه يقرأ، وإذا فرغ من الفاتحة أنصت لإمامه، وفق الله الجميع. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 319 157 - حكم قراءة السورة بعد الفاتحة للمأموم في الصلاة السرية س: نظرا للسرعة المفرطة التي يؤدي بها بعض الأئمة الصلاة، غالبا ما يضطر الإنسان معهم إلى عدم قراءة السورة بعد الفاتحة في الصلاة السرية، فهل أعيد الصلاة بعد مثل هؤلاء، والصلاة معهم ينقصها الخشوع والاطمئنان (1) ج: الواجب على الأئمة أن يتقوا الله، وأن يطمئنوا في صلاتهم في ركوعهم وسجودهم، وأن يرتلوا القراءة، ويطمئنوا في القراءة،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (46). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 319 حتى يؤدوا كلام الرب في عبارة واضحة، وألفاظ واضحة، هذا الواجب على الأئمة؛ أن يجتهدوا في الطمأنينة والخشوع في الصلاة؛ حتى يستفيدوا ويستفيد من خلفهم، وحتى يؤديها كما شرع الله، وقد قال الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2)، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته أن يطمئن، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا (3)» الحديث. فالواجب على الأئمة أن يعنوا بهذا الأمر، وأن يطمئنوا في ركوعهم وسجودهم، وبعد الركوع وبين السجدتين، وأن يعنوا بالقراءة، أن يقرؤوا قراءة واضحة بينة، ليس فيها خفي ولا إسقاط شيء من الحروف، وأن يمكنوا من وراءهم من قراءة سورة بعد الفاتحة، وإن كانت غير واجبة، لكن أفضل في السرية، يقرأ المأموم الفاتحة وما تيسر معها مع إمامه، والإمام كذلك يقرأ سورة مع الفاتحة، أو آيات في السرية وفي الجهرية، لكن في السرية يقرأ المأموم زيادة على الفاتحة، وفي الجهرية تكفي الفاتحة،   (1) سورة المؤمنون الآية 1 (2) سورة المؤمنون الآية 2 (3) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 320 وينصت لإمامه في الجهرية، تكفيه الفاتحة لكنه في السرية يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، فإذا لم يتمكن المأموم أن يقرأ مع الفاتحة شيئا؛ لأن الإمام استعجل فلا يضره، ذلك لأن الواجب الفاتحة، وما زاد عليها ليس بواجب، فلا يضر هذا بالصلاة ولا يبطلها، ولكن يجب أن يعتني بالركوع والسجود؛ من جهة الطمأنينة وبين السجدتين وبعد الركوع كذلك، هذه أمور عظيمة وفريضة لا بد فيها من الطمأنينة والاعتدال الكافي، أما القراءة الزائدة على الفاتحة فليس بواجب، وإنما هو سنة، فإن تيسر فهو الأفضل للإمام والمأموم، وإن لم يتيسر صار نقصا لا يضر الصلاة، ولا يبطلها. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 321 158 - بيان ما يفعله المأموم إذا ركع إمامه قبل أن يكمل الفاتحة س: إذا جاء إنسان والإمام والمأمومون ما زالوا قائمين في الصلاة، وكبر تكبيرة الإحرام، وعندما قرأ ثلاث آيات من سورة الفاتحة ركع الإمام فهل يركع أم يكمل السورة؟ علما بأنه إذا أكملها سوف يتأخر عن الإمام والمصلين في الركوع والسجود (1) ج: الواجب على المأموم متى وصل إلى الإمام وهو في الصلاة   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (188). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 321 الدخول معه في الصلاة، فإذا دخل معه في الصلاة وهو قائم قرأ، ويستحب له أن يستفتح ثم يتعوذ ثم يسمي ثم يقرأ الفاتحة، فإن أمكنه إكمالها فالحمد لله، وإن لم يمكنه ركع مع إمامه ولم يكملها، وإمامه يقوم مقامه في هذه الحالة، ولا يلزمه الإكمال كما لو جاء والإمام راكع، فإنه يركع معه، وتجزئه الركعة على الصحيح، ويسقط عنه واجب القراءة لما فاته القيام، هذا هو الذي عليه جمهور الأئمة من الأئمة الأربعة وغيرهم؛ لحديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه؛ أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بعدما سلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1)» المعنى: لا تعد إلى الركوع دون الصف. ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل ذلك على سقوط القراءة عنه؛ لأنه فاته محلها، وهكذا الذي جاء والإمام واقف قبل أن يركع، لكن لم يمكنه أن يكمل الفاتحة فإنه يركع معه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا ركع فاركعوا (2)» فهو مأمور بمتابعة إمامه، أما إذا ما بقي منها إلا آية،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 322 أو آيتان فيمكنه أن يقرأهما فليقرأهما، الحاصل أنه إذا أمكنه أن يكملها كملها وإلا ركع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا ركع فاركعوا (1)»، ويسقط عنه ما بقي من الفاتحة؛ لأنه مأمور بالمتابعة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 323 س: يقول السائل: م. ع. يقول: هل المأموم يقرأ القرآن عند الصلاة (1) ج: المأموم يقرأ الفاتحة في الجهرية، أما في السرية يقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الظهر والعصر، ويقرأ في الثالثة من المغرب الفاتحة، وفي الثالثة والرابعة من الظهر والعصر يقرأ الفاتحة.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (393). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 323 س: الذين يقولون: إن قراءة الإمام الفاتحة قراءة للمأموم. ما رأيك فيما يقولون سماحة الشيخ (1) ج: هذا يقوله الأكثرون، لكنه ضعيف، يقول الأكثرون إن قراءة الإمام تكفي، وإنه يكفي عن المأموم، ولكنه قول ضعيف، يحتج بحديث رواه بعض الأئمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كان له إمام فقراءته له قراءة (2)» لكنه ضعيف عند أهل العلم، والصواب أنه يقرأ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (252). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، برقم (14233). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 323 بفاتحة الكتاب (1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» فالمأموم يقرأ بها، لكن لو فاتته بأن نسي ولم يقرأ، أو جهل يحسب أنه لا قراءة عليه صلاته صحيحة، أو ما جاء إلا والإمام راكع أجزأته الركعة على الصحيح؛ لأنها في حق المأموم أسهل، ولكنها في حق الإمام والمنفرد ركن لا بد منه، أما المأموم فالأمر فيه أسهل، ولهذا الأكثرون يرونها غير واجبة على المأموم الفاتحة، لكن الأصح أنها تجب عليه مع العلم ومع الذكر، فلو نسي أو جهل سقطت، أو جاء والإمام راكع، ما أمكنه أن يقرأها قبل الركوع فإنه يجزئه ذلك؛ لأنه ثبت في حديث أبي بكرة رضي الله عنه (3) أنه أتى والإمام راكع، فركع معه ولم يأمره بقضاء الركعة عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 324 159 - حكم قراءة المأمومين الفاتحة أثناء قراءة الإمام س: سماحة الشيخ، أكثر ما يسأل الناس عن قراءة الفاتحة إذا شرع الجزء: 12 ¦ الصفحة: 324 الإمام في القراءة، وهم لم يتمكنوا بعد من قراءة الفاتحة، هل يقرؤون ولو كان الإمام يقرأ (1) ج: نعم، يقرؤون سرا ثم ينصتون، إلا إذا كان له سكتة طويلة يعرفون أنه يسكت يؤجلون القراءة حتى يسكت، ثم يقرؤون في السكتة. أما إذا كان الإمام ما له سكتة فإنهم يقرؤون ولو كان يقرأ ثم ينصتون؛ عملا بالأدلة الشرعية.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (252). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 325 160 - حكم ترك التأمين بعد قراءة الإمام " ولا الضالين " س: هل صحيح أن المأموم في الصلاة الجهرية لا يقرأ الفاتحة خلف إمامه، ولا يؤمن بعد إتمام الإمام الفاتحة حسب المذهب الحنفي؟ إذا كان الأمر كذلك فماذا عليه أن يفعل (1) ج: المذهب الحنفي هنا مرجوح، والصواب مع الجمهور؛ أن المأموم يؤمن مع إمامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمن الإمام فأمنوا (2)» وفي لفظ آخر: «إذا قال الإمام:   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (53). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب جهر الإمام بالتأمين، برقم (780)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التسبيح والتحميد والتأمين برقم (410). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب جهر المأموم بالتأمين، برقم (782). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 325 فقولوا: آمين. فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (1)» وهذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم خلافا لمذهب الأحناف، المذهب الحنفي هنا مرجوح، وكذلك يقرأ على الصحيح في الجهرية الفاتحة فقط، ثم ينصت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» فاستثنى الفاتحة عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه يقرأ الفاتحة فيما أسر إمامه، إذا أسر وإن كان الإمام ما أسر؛ يعني قرأ الفاتحة ثم شرع بعدها، ولم يكن له سكتة قرأها ولو في حالة قراءة إمامه جهرا، يقرؤها سرا في نفسه، ثم ينصت لإمامه عملا بالأحاديث الكثيرة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما في السرية كالظهر والعصر والثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء فيقرأ فيها على كل حال، يلزمه أن يقرأ الفاتحة عند الأكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه   (1) سورة الفاتحة الآية 7 (3) {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 326 وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» وللحديث السابق: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب (2)» هذا في الجهرية، أما في السرية فإنه يقرأ الفاتحة ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، ويقرأ الفاتحة في الثالثة والرابعة من الظهر والعصر، والثالثة من المغرب.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 327 161 - حكم قراءة المأموم سورة بعد الفاتحة في الصلاة الجهرية س: سمعت من بعض الإخوة بأنهم يقولون: إن الفاتحة واجبة في الجهرية. وسمعت من آخرين يقولون بأنها ليست واجبة في الجهرية؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) (2) ج: نعم القراءة واجبة في السرية والجهرية على الصحيح على المأموم، في الجهرية يقرأ ثم ينصت، وفي السرية يقرؤها. ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، والمغرب والعشاء والفجر،   (1) سورة الأعراف الآية 204 (2) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (383). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 327 يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» فدل ذلك على وجوب القراءة على المأموم في الجهرية والسرية، لكن لو فاتته القراءة جهلا أو نسيانا سقطت عنه؛ لأنها واجبة لا ركن في حق المأموم، وهكذا لو جاء والإمام راكع سقطت عنه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر أبا بكرة لما جاء والإمام راكع، ولم يأمره بقضاء الركعة، بل قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3)» لما ركع دون الصف قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (4)» ولم يقل له: اقض الركعة. التي لم يقرأ فيها الفاتحة. أما حديث: «من كان له إمام فقراءته له قراءة (5)» فهو حديث ضعيف، والصواب أن المأموم يقرأ في الجهرية والسرية، بالفاتحة فقط في الجهرية، أما في السرية يقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). (4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). (5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، برقم (14233). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 328 162 - مسألة في قراءة الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية س: هل تختلف الصلاة الجهرية عن السرية في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم (1) ج: لا، فقد أطلق الحكم سواء في الجهرية أو السرية، والحجة في هذا ما رواه البخاري في الصحيح من حديث أبي بكرة الثقفي؛ أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع معه ولم يقرأ الفاتحة، بل فاته القيام فركع دون الصف، ثم مشى دون الصف فدخل في الصف والإمام راكع، المقصود أنه جاء والإمام راكع فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف ودخل فيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (2)» ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل ذلك على أن من أدرك الإمام راكعا أجزأته الركعة، وسقطت عنه قراءة الفاتحة؛ لأنه معذور بفوات القيام، وهكذا من جهل الحكم الشرعي، أو أنسي الفاتحة وهو مع الإمام فيتحملها عنه الإمام.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (39). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 329 163 - حكم صلاة المأموم الذي لا يقرأ الفاتحة في صلاته س: ما حكم من يصلي خلف الإمام، ولا يقوم بقراءة أي شيء حتى الفاتحة لا يقرؤها، ولا يقول: آمين. عند الانتهاء من الفاتحة (1) ج: الأكثر من أهل العلم على أن صلاته صحيحة، وأن الإمام يتحمل عنه قراءة الفاتحة، ولكن ترك المشروع؛ لأن المشروع له أن يأتي بالفاتحة في السرية، أو يقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، أما في الجهرية يقرأ الفاتحة فقط، يكتفي بها هذا هو المشروع، وإذا كان للإمام سكتة قرأها في السكتة. وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، وأن الواجب عليه أن يقرأها إذا قدر، وهذا هو الصواب أن عليه أن يقرأها إذا تمكن من ذلك؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (3)» وهو حديث صحيح رواه أحمد والترمذي والجماعة   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (341). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 330 بسند صحيح. لكن لو فاته القيام مع الإمام ولم يدرك إلا الركوع أجزأه على الصحيح؛ لما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله؛ أن أبا بكرة الثقفي رضي الله عنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع قبل الصف ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1)» فلم يؤمر بقضاء الركعة؛ فدل على إجزائها؛ لأنه معذور بسبب غيابه وقت القراءة؛ وقت وقوف الإمام، وهكذا من جهل الحكم الشرعي، أو نسي فالصواب أنها تسقط عنه بالجهل والنسيان؛ لأنها في هذه الحالة واجبة في حقه، لا ركن؛ في حق المأموم؛ بدليل أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة لما فاته القيام أن يقضي الركعة.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 331 164 - حكم الإنصات بعد قراءة الإمام الفاتحة س: عندما يقرأ الإمام الفاتحة، وبعدها يقرأ سورة طويلة، في تلك اللحظات هل أسأل الله سبحانه وتعالى بعض الدعاء، أم أقرأ، أم أنصت (1)   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (92). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 331 ج: الواجب الإنصات؛ لقول الله سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (1)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأ فأنصتوا (2)» إلا الفاتحة فإنه يقرؤها، سواء سكت الإمام، أو ما سكت، إن كان يسكت يقرأها في السكتات، فإن كان لا يتابع القراءة قرأها ثم أنصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (4)» فيقرأ بها سرا، ثم ينصت لإمامه.   (1) سورة الأعراف الآية 204 (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 332 165 - حكم تكرار المأموم السورة بعد الفاتحة مرارا حتى يركع الإمام س: أنا لا أحفظ سوى بعض السور القصار، وعندما يكبر الإمام تكبيرة الإحرام أقرأ الفاتحة وسورة قصيرة، وعندما تنتهي السورة بسرعة أقع في حيرة: هل أستمر في قراءة السور القصار، أم أظل صامتا حتى يكبر الإمام تكبيرة الركوع؟ أرجو إيضاح ما يجب علي أن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 332 أفعله، جزاكم الله خير الجزاء (1) ج: السنة أن تقرأ ما تيسر معك حتى يركع الإمام، ولو كررت السورة التي تحفظها مع الفاتحة، أو كررت سورا أخرى فالحمد لله، تقرأ ما تيسر من الآيات، أو سورا قصيرة حتى يركع الإمام، ولا تسكت لما في القراءة من الفضل العظيم، حتى ولو الفاتحة إذا كنت ما عندك إلا الفاتحة، ترددها بينك وبين نفسك حتى يركع الإمام، كل حرف به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (177). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 333 س: في الركعة الثالثة أو الرابعة أكون قد انتهيت من قراءة الفاتحة والإمام لم يركع بعد، هل أعيد قراءة الفاتحة، أم أقرأ سورة أخرى (1) ج: تقرأ ما تيسر أو تسكت ولا تعيد الفاتحة، تقرأ ما تيسر آية أو آيتين، أو تسكت حتى يكبر.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (183). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 333 س: إذا صليت الظهر أو العصر وراء إمام، وأطال القراءة، وقد قرأت سورة قصيرة فهل أشرع في قراءة سورة ثانية حتى يركع، أم أبقى الجزء: 12 ¦ الصفحة: 333 منتظرا صامتا حتى يركع (1) ج: ينبغي لك أن تقرأ زيادة سورة أو آيات حتى يركع إمامك؛ لأن المأموم لا يسكت؛ إما أن يقرأ وإما أن ينصت، فإذا كان الإمام في صلاة سرية فإنك تقرأ زيادة حتى يركع إمامك.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (170). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 334 س: إذا جاء المصلي والإمام يقرأ سورة بعد الفاتحة هل يقرأ المصلي الفاتحة، أم يستمع لقراءة الإمام (1) ج: يقرأ الفاتحة ثم ينصت؛ لأنه مأمور بالفاتحة، قد أمره النبي بقراءتها عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (182). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 334 166 - حكم صلاة المأموم إذا شك في قراءة الفاتحة س: يقول السائل: إذا شك المصلي هل قرأ الفاتحة في الركعة الأولى، وهذا الشك حصل في الركعة الثانية ماذا يعمل (1) ج: إذا كان مأموما لا يضره ذلك والحمد لله، يتحملها الإمام، إذا تركها جاهلا أو ناسيا، أو شك في الأمر لا يضره، لكن لا يجوز له تعمد تركها، بل يلزمه أن يقرأها مع الإمام، هذا هو الصواب.   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (409). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 334 167 - حكم جهر المأموم بالقراءة خلف الإمام س: ما هي المواضع التي يجهر فيها المأموم بالقراءة خلف الإمام (1) ج: المأموم لا يجهر خلف الإمام، وإنما يقرأ سرا، وإنما الإمام هو الذي يجهر في المغرب والعشاء، والفجر والجمعة والعيد، يجهر في الأولى والثانية من العشاء والمغرب، ويجهر في الفجر أيضا، ويجهر في الجمعة، ويجهر في صلاة العيد وصلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء، والمأموم يقرأ سرا بينه وبين نفسه، ولا يجهر هذا هو المشروع.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (103). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 335 168 - حكم قراءة المأموم سورة بعد الفاتحة في الصلاة السرية س: هل يكتفي المأموم بقراءة الفاتحة خلف الإمام، أم يقرأ مع الفاتحة سورة قصيرة (1) ج: في الجهرية تكفي الفاتحة، أما السرية مثل الظهر والعصر لا بأس أن يقرأ زيادة في الأولى والثانية على الفاتحة؛ لأنه ليس هناك قراءة يستمعها وينصت لها.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (224). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 335 169 - حكم قراءة المأموم الفاتحة في سكتات الإمام س: السائل: ع. ح. م. المدينة المنورة، يقول: متى يقرأ المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية خلف الإمام (1) ج: يقرؤها إذا سكت الإمام، يقرأ الفاتحة الإمام فإذا سكت يقرؤها وقت سكوت الإمام، فإن كان الإمام لا يسكت يقرأها في أي وقت ولا حرج، يقرؤها المأموم، وإن كان إمامه يقرأ يقرأها، ثم ينصت سواء قبل الفاتحة أو بعد الفاتحة، لكن إن كان الإمام له عادة يسكت يقرأها المأموم في حال السكوت؛ جمعا بين المصلحتين بين قراءتها وبين الاستماع للإمام وقت القراءة.   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (360). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 336 س: ما هو حكم المصلي خلف الإمام في الصلوات الجهرية؟ هل يستمع فقط، أم يصلي الصلاة كما وجبت عليه إذا صلى منفردا؟ إذ إنني أسمع بعض المصلين يعيدون الفاتحة بعد الإمام بسرعة حيث لا يتدبرون معناها (1) ج: ليس فيها خلاف عند العلماء، والصواب أنه يقرأ في الجهرية والسرية جميعا، وإن سكت إمامه يقرأ في السكوت، وإن لم يقرأ إمامه   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (363). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 336 قرأها ثم أنصت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» وقال: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» في الجهرية والسرية، لكن يقرؤها سرا ثم ينصت.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 337 170 - مسألة في سكوت الإمام بعد الفاتحة س: هل يلزم الإمام السكوت بعد الفاتحة؟ وما مقدار السكتة (1) ج: ليس على ذلك دليل، ولا يلزمه السكوت، ومن فعل فلا بأس، ومن ترك فلا بأس، ولأن الحديث في هذا الباب ليس بثابت، واختلف العلماء في ذلك، فمنهم من رأى هذه السكتة بعد الفاتحة؛ حتى يقرأ المأمومون الفاتحة، ومنهم من لم ير ذلك، فالأمر في هذا واسع لا تلزم السكتة، إذا شرع بعد الفاتحة وقرأ فلا حرج، والمأموم يقرأ وإن قرأ إمامه، يقرأ الفاتحة بينه وبين نفسه، ثم ينصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا   (1) السؤال الخمسون من الشريط رقم (358). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 337 بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» فالمأموم يقرأ بها في السر والجهر، فإن كان هناك سكتة فتقرأ في السكتة، وإن كان الإمام لم يسكت قرأها المأموم، وإن كان الإمام يقرأ يقرأها سرا ثم ينصت لإمامه، هذا إذا كانت جهرية، أما إذا كان في مثل الظهر والعصر فيقرأ الفاتحة وما تيسر معها؛ لأنها سرية.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 338 171 - حكم دعاء الاستفتاح لمن دخل بعد قراءة الإمام الفاتحة س: يقول السائل: أبو عابد من الرياض: إذا صلى شخص هل صحيح بأنه إذا دخل المأموم والإمام يقرأ أي سورة بعدما قرأ الفاتحة، والمأموم لم يقرأ دعاء الاستفتاح فهل في ذلك شيء؟ وهل تبطل الصلاة بمثل هذه الحالة (1) ج: إذا دخل المأموم والإمام يقرأ بعد الفاتحة فإنه يقرأ الفاتحة فقط، ولا يقرأ دعاء الاستفتاح؛ لأن دعاء الاستفتاح نافلة، والمأموم مأمور بالإنصات، لكن قراءة الفاتحة لازمة، فيقرأ الفاتحة ثم ينصت لإمامه، أما دعاء الاستفتاح فلا حاجة إلى قراءته.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (386). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 338 172 - حكم صلاة من لم يكمل قراءة الفاتحة قبل ركوع الإمام س: إذا ركع الإمام وأنا أقرأ الفاتحة، ولم أكملها بعد فهل أركع معه، أم أكمل الفاتحة؟ ومتى تسقط الفاتحة عن المأموم في الصلاة (1) ج: إذا كان لم يبق إلا شيء يسير كالآية أو الآيتين يكمل، وإذا كنت تخشى أن يرفع فاركع، ويسقط عنك ما بقي، كما لو جئت والإمام قد ركع تركع، وتسقط عنك الفاتحة، مثل: جاء المأموم والإمام راكع فركع معه أجزأته الركعة، كما في صحيح البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (2)» ولم يأمره بقضاء الركعة، وهذا قول الأئمة الأربعة جميعا: أنه إذا أدرك الإمام راكعا أجزأته الركعة، وسقطت عنه الفاتحة، فهكذا إذا قرأ أولها ثم خاف أن تفوت الركعة يركع ولا يضره ذلك، وهكذا لو نسي المأموم، أو كان جاهلا سقطت عنه وأجزأته صلاته مع الإمام، بخلاف المنفرد فإنها لا تجزئه لو سها عنها أو جهلها، لا بد من قراءتها؛ لأنها ركن صلاته، أما المأموم فهي في حقه   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (223). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 339 واجبة مع الذكر ومع العلم؛ بدليل أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة الثقفي بالإعادة لما جاء والإمام راكع. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 340 173 - حكم متابعة الإمام إذا ركع ولو لم يكمل المأموم قراءة الفاتحة س: يقول السائل: أعاني من ثقل في القراءة؛ حيث يركع الإمام في الركعتين الأخيرتين، أو للثالثة في المغرب قبل أن أتمكن من إتمام الفاتحة، فإذا أتممت الفاتحة رفع، أو ربما يرفع الإمام من الركوع قبل أن أركع، لاسيما إذا صليت خلف إمام يخفف الصلاة، والسؤال هنا: هل أمضي وأتمم الفاتحة حتى ولو رفع الإمام من الركوع، أم يتعين علي متابعة الإمام حتى ولو لم أتمكن من إتمام الفاتحة في الصلاة كلها؟ حيث إنني سمعت بعض طلبة العلم يقولون: إن متابعة الإمام هي أهم وأوجب من إتمام الفاتحة في كل الركعات. فهل هذا هو الصحيح؟ ج: الواجب عليك متابعة الإمام وإن لم تكمل الفاتحة؛ لقول النبي الجزء: 12 ¦ الصفحة: 340 صلى الله عليه وسلم: «فإذا ركع فاركعوا (1)» فعليك أن تركع معه، إذا ركع تركع بعده وإن لم تكمل الفاتحة، لكن عليك أن تعتني بقراءة الفاتحة من حين التكبير، ومن حين ينهض من السجود وتستقيم واقفا، عليك أن تعتني بالقراءة ولا تتباطأ، تقرأ قراءة خفيفة حتى تدرك إكمال الفاتحة قبل الركوع، وعليك بالحذر من الوساوس، اقرأ قراءة جيدة والحمد لله ولو كنت أسرعت فيها بعض الإسراع، بعض الناس يقرأ قراءة مقطعة يتأخر، لا، عليك أن تقرأ قراءة متصلة واضحة من حين تكبر تكبيرة الإحرام بعد الاستفتاح، وهكذا في الركعات الأخرى من حين تقف تبادر بالقراءة وأنت بهمة عالية، لا بالتباطؤ ولا بالتكاسل، لكن لو فرضنا أنه ركع وأنت عليك بعض الآيات اركع معه، إلا إن كانت بقيت آية أو آيتان تكملها ثم تركع؛ لأنه يمكنك أن تكملها وتركع، أما إذا خشيت أن يرفع فاركع، ولا حرج عليك والحمد لله، كما لو جئت والإمام راكع ركعت معه وسقطت عنك الفاتحة، إذا جاء المسبوق والإمام راكع، وركع معه أجزأه وسقطت الفاتحة، كما صح ذلك من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، فإنه أتى النبي صلى الله عليه   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 341 وسلم وهو راكع فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1)» وهكذا لو أن المأموم يجهل الحكم ما قرأ الفاتحة، أو نسيها أجزأه؛ لأن القراءة في حق المأموم واجبة، تسقط بالسهو والجهل، وبعدم إدراك الإمام وهو واقف، كل هذا من أسباب سقوطها، إذا جهل الحكم أو سها عنها أو نسيها، أو جاء والإمام راكع، أو قرب الركوع ما أمكنه أن يقرأها سقطت عنه والحمد لله. هذا هو الصواب. وقال الجمهور: إنها غير واجبة على المأموم. قال أكثر أهل العلم: إنها غير واجبة على المأموم. والصواب أنها واجبة على المأموم، لكنه إذا سها عنها أو جهل الحكم، أو جاء متأخرا والإمام راكع أو عند الركوع سقطت عنه كالواجبات الأخرى، كما لو سها عن: سبحان ربي العظيم. أو: سبحان ربي الأعلى. أو: ربنا ولك الحمد. أو نحو ذلك، أجزأ وسقطت عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2)» هذا يدل على أن المأموم يقرأ خلف إمامه، وأن هذا هو الواجب عليه، لكن متى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 342 سها عن ذلك، أو جهل الحكم الشرعي سقط عنه ذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، والأصل في هذا حديث أبي بكرة (2) لما جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام ركع معه، ولم يأمره بإعادة الركعة مع أنه لم يقرأ الفاتحة؛ لأنه معذور بسبب عدم حضوره حال قيام الإمام.   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 343 174 - حكم قراءة الفاتحة للإمام والمنفرد س: إذا ترك المأموم الركن الثاني من أركان الصلاة - وأقصد الفاتحة - فهل تبطل صلاته؟ حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، إن الصلاة التي لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب هي خداج خداج خداج. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» (2) ج: أما الإمام والمنفرد فإن صلاتهما تبطل إذا لم يقرآ بفاتحة الكتاب؛ للحديثين المذكورين، وأما المأموم ففيه خلاف، فإن تعمد تركها عن علم مما جاء في السنة، ومع اعتقاده أن معناهما لا معارض   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (39). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 343 له فإن صلاته تبطل في أصح أقوال أهل العلم، أما إن ترك قراءتها؛ لأنه اجتهد، ورأى أنها في المنفرد وفي الإمام، أو جهلا منه بالحكم الشرعي فإن صلاته تكون صحيحة؛ لأنه لم يتعمد فعل ما حرم الله، ولا ترك ما أوجب الله، بل تركها إما اجتهادا، وإما جهلا بالحكم الشرعي، فهذا صلاته صحيحة. أما الذي يعرف الحكم الشرعي، ويعتقد أنها تجب عليه، ثم تركها عمدا فهذا تبطل صلاته؛ لأنه خالف اعتقاده، وخالف ما يعلم أنه حق. ولا شك أن قراءتها مهمة جدا، واختلف العلماء في وجوبها، والأرجح أنها تجب على المأموم؛ لعموم الأحاديث في ذلك، فلا ينبغي له تركها، بل الواجب عليه أن يقرأها، لكن لو تركها نسيانا أو جهلا، أو لم يدرك القيام، بل جاء والإمام راكع فإن صلاته صحيحة، والركعة تجزئه ولا يلزمه قضاء الركعة التي أدرك الإمام في ركوعها، هذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 344 175 - حكم قضاء الركعة للمأموم إذا نسي قراءة الفاتحة خلف الإمام س: السائل يقول: لقد صليت صلاة الفجر في جماعة، ولكن في الركعة الجزء: 12 ¦ الصفحة: 344 الأولى نسيت قراءة الفاتحة، وبعد تسليم الإمام قمت للركعة الأولى التي نسيت فيها الفاتحة؛ لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» أكملت صلاة الركعة الأولى، وبعد السلام ذكرت علي سجود السهو ففعلتها. المرجو من سماحتكم إفادتي في عملي، هل هو على الطريقة الصحيحة (2) ج: لا حرج في ذلك إن شاء الله، والصواب أنه ليس عليك قضاء، أما الذي فعلته فهو جار على رأي بعض العلماء، وأن من تركها يقضي. ولكن الصواب أن المأموم إذا نسيها، أو جهل الحكم الشرعي، أو حضر والإمام راكع أجزأه الركوع، وليس عليه قضاء؛ لأنها في حقه واجبة تسقط مع النسيان والجهل، ويسقط أيضا مع فوات القيام، إذا جاء والإمام راكع أجزأه أن يصلي مع الإمام، وتجزئه الركعة التي أدرك ركوعها؛ لما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله عن أبي بكرة رضي الله عنه؛ أنه جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام، فركع معه؛ ركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3)» ولم يأمره بقضاء الركعة؛ لأنه معذور بفوات القيام،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (2) السؤال السادس من الشريط رقم (257). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 345 فهكذا من نسي القراءة مع الإمام، أو جهل الحكم الشرعي، أو جاء والإمام راكع فإنها تجزئه الركعة والحمد لله، هذا هو الصواب بخلاف الإمام، لا بد من قراءة الفاتحة في حقه، وإذا نسيها في الركعة الأولى تقوم الركعتان مقامها ويأتي بركعة زائدة، وهكذا المنفرد؛ لأنها في حقهما ركن لا بد منه، أما المأموم فأمره أوضح وأسهل، ولهذا ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن المأموم ليس عليه قراءة واجبة، يتحملها الإمام، ولكن الصواب أن عليه الفاتحة إذا ذكر وعلم؛ لظاهر الأحاديث وعمومها، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» فهذا يدل على وجوبها على المأموم، لكن إذا نسيها أو جهلها سقطت، كما لو نسي التسبيح في الركوع أو السجود سقط عنه الوجوب، وهكذا إذا لم يدرك الإمام قائما، وإنما أدركه راكعا أو عند الركوع سقطت عنه؛ لحديث أبي بكرة، والأحاديث يفسر بعضها بعضا.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 346 176 - حكم ترك المأموم قراءة الفاتحة خلف الإمام عمدا أو سهوا س: إذا كان المأموم خلف الإمام، وترك قراءة الفاتحة عمدا أو سهوا، سواء الجزء: 12 ¦ الصفحة: 346 كانت الصلاة سرية أو جهرية هل في ذلك شيء (1) ج: الواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة، هذا هو المختار من أقوال أهل العلم، وقد ذهب بعض أهل العلم - وهم الأكثرون - إلى أنها لا تجب قراءتها على المأموم، وأن الإمام يتحملها عنه، ولكن الأرجح في هذه المسألة أنه لا يتحملها الإمام، بل عليه أن يقرأها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2)» وما جاء في معنى ذلك، لكن لو نسيها أو تركها جهلا، أو اعتقادا أن الإمام يتحملها فصلاته صحيحة، أما تعمد تركها فلا ينبغي، بل عليه أن يقرأها لما يراه جمع من العلماء، وإذا تعمد تركها الأحوط له أن يقضي الصلاة التي ترك فيها الفاتحة عمدا؛ من دون اجتهاد ولا تقليد منه لغيره من أهل العلم، ولا قصدا لتركها؛ لكونه يرى أنه لا تجب؛ لكونه طالب علم قد درس الموضوع، وتأمل الأدلة، فإن هذا معذور، أما الذي لا يعرف الحكم، ويعلم أنه ملزم بالقراءة في الصلاة، ثم يتعمد تركها، وقد علم أنه مأمور بقراءتها، وأن قراءتها لازمة فإنه يعيدها للخروج من خلاف العلماء، بخلاف   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (38). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 347 الذي تركها ساهيا أو جاهلا، أو عن اجتهاد أنها لا تجب، أو تابعا لمن قال: لا تجب. تقليدا له، وظنا أنه هو المصيب، فهذا ليس عليه إعادة؛ لكونه عمل باجتهاده أو تقليده لمن يرى أنها لا تجب، أو لأنه جهل الحكم الشرعي أو نسيه، فهذا ليس عليه إعادة. أما كونه يعرف الحكم الشرعي، ويدري أنه مأمور بقراءتها، وتجب عليه قراءتها، ثم يتساهل ويدعها عمدا فهذا ينبغي له القضاء، بل يجب عليه القضاء؛ لكونه خالف ما يعتقد. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 348 177 - حكم صلاة المأموم إذا ترك ركنا، أو واجبا خلف الإمام س: إذا نسيت ركنا أو واجبا مع الإمام ماذا أفعل؛ أعيد الصلاة، أو يلزمني سجود السهو (1) ج: إذا نسي المصلي - وهو مأموم - واجبا من واجبات الصلاة سقط عنه؛ مثلا: نسي أن يقول: سبحان ربي الأعلى. في السجود، أو نسي أن يقول: سبحان ربي العظيم. في الركوع، أو نسي التكبير عند الركوع أو السجود، أو عند الرفع من السجود، فإن هذا يسقط عنه، ولا شيء عليه؛ لكونه تابعا للإمام، وهكذا لو نسي التشهد الأول، شغل ولم يأت به   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (35). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 348 وقام مع الإمام، ولم يأت به ناسيا، فلا شيء عليه، يتحمله الإمام. أما الأركان وهي الفرائض العظيمة فلا بد منها، فإذا نسيها يأتي بها، ثم يلحق إمامه، فلو سها عن الركوع وكبر الإمام راكعا، ثم رفع الإمام فانتبه فإنه يركع ثم يرفع، ويتابع الإمام. وهكذا لو نسي السجدة الأولى وسجد الإمام، ثم رفع فانتبه المأموم، والإمام قد رفع من السجدة الأولى فإنه يسجد ثم يرفع، ثم يلحق الإمام في السجدة الثانية. فالمقصود أن الأركان وهي الفرائض المؤكدة لا تسقط بالسهو عن المأموم، بل يأتي بها ثم يتابع إمامه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 349 178 - بيان ما يتحمله الإمام عن المأموم في صلاته س: تقول السائلة: إذا صليت مع الجماعة، وأخطأت خطا يستوجب مني سجود السهو فما الحكم (1) ج: إذا صليت مع الجماعة من أول الصلاة، ونسيت مثلا: سبحان ربي الأعلى. أو نسيت: سبحان ربي العظيم. في الركوع، أو: رب اغفر لي. بين السجدتين فإنه ليس عليك سجود سهو، يتحمله الإمام والحمد لله، أو نسيت الفاتحة يتحمل الإمام والحمد لله.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (293). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 349 س: هذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، قمت بقراءة الفاتحة بدلا من التشهد الأخير في صلاة الظهر مع الجماعة، ولكنني أدركت بأنني أخطأت، وقرأت التشهد مرة أخرى، فهل أسجد سجدتين للسهو بعد أن ينتهي الإمام من صلاة الجماعة؟ أم ماذا أفعل (1) ج: يكفي إذا قرأت التشهد والحمد لله، وليس عليك شيء، المأموم تبع الإمام ليس عليه سهو. والحمد لله.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (425). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 350 179 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء ذكره أثناء قراءة الإمام في الصلاة س: إذا كنت أصلي صلاة جهرية مع الجماعة، وفي أثناء قراءة الإمام ورد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كمثل قوله سبحانه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (1) الآية. هل يجوز لي أن أقول: صلى الله عليه وسلم. إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (2) ج: الأفضل الإنصات، إذا كان الإمام يقرأ في صلاة المغرب والعشاء والفجر، أو الجمعة، الأفضل الإنصات، فلا تسبح عند التسبيح والتهليل،   (1) سورة الفتح الآية 29 (2) السؤال التاسع من الشريط رقم (228). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 350 ولا تصل عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (1)، فالأفضل الإنصات، ولو صلى على النبي، أو قال: سبحان الله. عند ذكر أسماء الله فلا حرج، لكن ترك هذا أفضل؛ لأن المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأ في الجهرية لا يقف عند آية الرحمة، ولا عند آية الوعيد، ولا عند آية الأسماء والصفات بل يستمر، فالأفضل لك أن تستمع ولا تقف، ولا تقل شيئا عند مرور الآيات من الإمام وهو يقرأ، ولا منك وأنت تقرأ في الفرض، أما النافلة فالأمر واسع كالتهجد بالليل ونحوه، إذا قرأت تقف عند آية الرحمة تسأل، وعند آية الوعيد تتعوذ، وعند أسماء الله تسبح الله، وعند ذكر النبي تصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، وهكذا إذا كنت خلف الإمام في مثل التراويح، أو القيام في رمضان وسكت يدعو دعوت أنت، أو إذا سكت يصلي عليه صليت عليه أنت، وإذا استمر تنصت؛ لأنك مأمور بالإنصات.   (1) سورة الأعراف الآية 204 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 351 180 - بيان ما تدرك به الركعة س: إذا أدركت الإمام راكعا وركعت فهل تكتب لي ركعة، أم الجزء: 12 ¦ الصفحة: 351 أعيدها؟ علما بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (1) ج: هذه المسألة تنازع فيها أهل العلم، فمنهم من قال: تجزئه الركعة. وهذا قول الأكثرين، وهو قول الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قالوا: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سأله أبو بكرة الثقفي عن هذه القضية، «فإن أبا بكرة جاء والإمام راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من الذي فعل هذا؟ " قال أبو بكرة: أنا يا رسول الله. فقال: " زادك الله حرصا، ولا تعد (2)» ولم يأمره بقضاء الركعة، بل نهاه أن يعود للركوع دون الصف، فالداخل ليس له أن يركع دون الصف، بل يصبر حتى يتصل الصف، ويصف في الصف، وليس له أن يركع دونه، ولم يأمره بقضاء الركعة، ولأنه معذور ما أدرك القراءة، فكان معذورا، فيكون هذا الحديث مخصصا للحديث الذي ذكره السائل، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3)» فهذا عام يستثنى منه الذي   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (131). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 352 دخل والإمام راكع، أو دخل مع الإمام ونسي قراءتها، أو يعتقد أنها لا تجب عليه، كما يقول الجمهور أنها لا تجب على المأموم، فهو مستثنى عند الجمهور، والصواب أنها تجب على المأموم، لكن إذا تركها ناسيا أو تقليدا لغيره لم يعرف الحكم الشرعي، أو لم يدرك إلا الركوع؛ بأن جاء عند الركوع، أو والإمام راكع فهذا معذور، والصواب أنها تجزئه، هذا هو الصواب الذي عليه عامة أهل العلم وأكثر أهل العلم. وذهب بعضهم إلى أنها لا تجزئه، وبه قال البخاري رحمه الله وجماعة لهذا الحديث؛ حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)» ولكنهم محجوجون بحديث أبي بكرة، فهو معذور لعدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بالقضاء، فلو كان من فاتته القراءة يقضي ولا تجزئه لأمره عليه الصلاة والسلام بذلك، فإنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فهذا وقت البيان، فلما سكت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمره بقضاء الركعة دل على أنه لا قضاء عليه، وأن هذا مستثنى.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 353 181 - حكم صلاة المأموم إذا دعا أو سبح أثناء قراءة الإمام في الصلاة س: يقول السائل سمعت شخصا وهو يصلي صلاة المغرب مع المصلين خلف الإمام، حين كان الإمام يقرأ إحدى السور، يقول: اللهم ارحمني وجميع المسلمين. جهرا، فما حكم ذلك وفقكم الله (1) ج: الواجب على المأموم أن ينصت لإمامه إذا قرأ، وألا يتكلم بشيء، بل ينصت ويتدبر ويتعقل؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (2)، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إذا قرأ يعني الإمام فأنصتوا (3)» هذا هو الواجب، ولا يتكلم بشيء، لكن لو سكت الإمام بعض السكتات، فقالها فيما بينه وبين نفسه، قال شيئا يتعلق بالقراءة لا حرج؛ كذكر الجنة أو النار، فقال في الجنة: اللهم اجعلني من أهلها. وفي النار: أعوذ بالله منها. فالسكتة التي بعد القراءة لا حرج في ذلك إن شاء الله، وأما وقت القراءة فالواجب أن يراعي الإنصات وألا يتكلم بشيء، إلا في الفاتحة يقرؤها المأموم، ولو قرأ   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (11). (2) سورة الأعراف الآية 204 (3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 354 الإمام بذلك إذا تيسر سكتة، فإذا كان الإمام لا يسكت فإن المأموم يقرأ الفاتحة مع إمامه، ثم ينصت لبقية القراءة، وأقصد به في الصلاة الجهرية على الصحيح من أقوال العلماء. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 355 182 - حكم قول آمين للمأموم والإمام والمنفرد س: هل قراءة الفاتحة في الصلاة تكون بنية القراءة، أم بنية الدعاء؟ ولماذا تؤمن على الدعاء فيها (1) ج: تكون بنية القراءة وفيها الدعاء؛ لأن الفاتحة فيها دعاء، ونؤمن على القراءة في آخر الفاتحة بقول: آمين. للإمام والمأموم والمنفرد، لأن القارئ يدعو بقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (2)، فهو يؤمن ويؤمن أيضا المأمومون على قراءة الإمام، بأن يدعو الله أن يهديه إلى الطريق المستقيم؛ وهو الإسلام، وأن يباعده عن طريق المغضوب عليهم وهم اليهود، والضالين وهم النصارى.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (331). (2) سورة الفاتحة الآية 6 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 355 183 - حكم التبليغ وراء الإمام للحاجة س: ما حكم التبليغ وراء الإمام؟ وهل هو يلزم في كل صلاة، أم يكون الجزء: 12 ¦ الصفحة: 355 عندما لا يسمع الإمام جميع من يؤمهم؟ وأطلب عدد المرات التي بلغ فيها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (1) ج: التبليغ مشروع عند الحاجة إليه؛ حتى يتمكن المأمومون من الاقتداء بالإمام، أما إذا لم يحتج إليه لكون الإمام يسمعهم فلا حاجة إلى التبليغ، وهكذا لما يسر الله مكبرات الصوت استغنى الناس عن التبليغ بسبب المكبرات، إلا إذا كان المسجد كبيرا، وله نواح كثيرة يخشى ألا يسمعوا الإمام فلا مانع من التبليغ كما في المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ لأنهم قد يخفى عليهم صوت الإمام في بعض الجهات، فالحاصل أن التبليغ مشروع عند الحاجة إليه، وإذا انتفت الحاجة لم يشرع سواء انتفت الحاجة بوجود المكبر، أو لأن الجماعة قليلون يسمعون فلا حاجة إلى التبليغ. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في مرضه الأخير قاعدا، وصلى أبو بكر عن يمينه قائما، وصلى الناس خلفهما قياما (2) وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يصلي بالناس، وأبو بكر يبلغ عنه؛   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (232). (2) أخرجه البخاري في كتاب المرضى، باب إذا عاد مريضا فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعة، برقم (5658). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 356 لأن صوته بسبب المرض لا يسمعهم، فكان أبو بكر يبلغ عنه فهذه الحادثة المحفوظة، الذي بلغ فيها عنه صلى الله عليه وسلم فيما نعلم، والحكم يعم كل حادثة بعده، متى وجدت الحاجة فإن التبليغ يشرع، ومتى انتفت الحاجة لم يشرع التبليغ. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 357 س: ما حكم التبليغ للإمام بالتكبير في الصلاة خلفه بصوت عال، مع العلم أن الجميع يسمعون الصوت؛ تكبيره وتحميده (1) ج: إذا كان الجماعة يسمعون صوت الإمام، ولا يخفى عليهم فلا حاجة إلى التبليغ، أما إذا كان قد يخفى على بعضهم كالصفوف المؤخرة فإنه يستحب التبليغ، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم في مرضه عليه الصلاة والسلام، وكان صوته ضعيفا، وكان الصديق يبلغ عنه عليه الصلاة والسلام، فهذا لا بأس به، إذا احتيج إلى التبليغ من سعة المسجد وكثرة الجماعة، أو لضعف صوت الإمام؛ لمرض أو غيره فإنه يقوم بعض الجماعة بالتبليغ. أما إذا كان الصوت واضحا يسمعه الجميع، ولا يخفى على أحد في الأطراف، بل معلوم أنه يسمع الجميع فليس هناك حاجة إلى التبليغ، ولا يشرع التبليغ.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (45). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 357 س: هل يجب على الإمام إذا انقطع صوته لأي سبب أن يتأخر ويتقدم الجزء: 12 ¦ الصفحة: 357 أحد مكانه، أم يقتدى به بالحركات، ويرفع من خلفه بالصوت يسمع المأمومين (1) ج: هذا هو الأقرب، إذا حصل العارض حتى انخفض صوته أن يكون له منبه يبلغ الناس تكبيره في ركوعه وسجوده، يكون منبه يبلغ الناس والحمد لله.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (365). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 358 184 - حكم الاقتداء بالإمام والإنصات لقراءته س: يقول السائل: ما هي الأحكام التي يجب أن يقتدي بها المصلون خلف الإمام في صلاة الفجر والمغرب والعشاء؟ وهل يقرؤون الفاتحة وسورة قصيرة عندما يقرأ الإمام، أم يكتفون بقراءة الإمام (1) ج: المأموم تابع لإمامه في جميع الصلوات؛ لأن الإمام جعل ليؤتم به، فلا يختلف عليه المأموم، ولكن بعده: إذا كبر كبر، وإن ركع ركع، وإذا رفع رفع، وهكذا وينصت لقراءته في الفجر والمغرب والعشاء، ينصت إذا قرأ الإمام، وعليه أن يقرأ الفاتحة فقط في الجهرية، يقرؤها سرا وينصت بعد ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (249). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 358 تقرؤون خلف الإمام قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1)» وفي الأخيرتين من العشاء يقرأ الفاتحة فقط، وفي الأخيرة من المغرب الفاتحة فقط، أما في الظهر والعصر فيقرأ في الأولى والثانية الفاتحة وما تيسر معها؛ لأنها سرية، يقرأ فيها وفي الأخيرة يقرأ الفاتحة فقط، الثالثة والرابعة من الظهر والعصر يقرأ الفاتحة، وإن قرأ مع الفاتحة زيادة في الثالثة والرابعة مع الظهر فلا بأس، قد ورد في حديث أبي سعيد عند مسلم ما يدل على ذلك، فإنه رضي الله عنه أخبر أنهم حصروا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر قدر ثلاثين آية. قالوا: الأخريين من الظهر والعصر. قال: النصف (2) هذا يقتضي أنه كان يقرأ في الظهر زيادة في الثالثة والرابعة، لكن لعل هذا بعض الأحيان؛ لأن أبا قتادة في الصحيحين أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ في الثالثة إلا بفاتحة الكتاب، والرابعة كذلك في الظهر والعصر.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، برقم (452). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 359 185 - حكم موافقة الإمام ومسابقته والتأخر عنه أثناء الصلاة س: أشاهد في بعض الأحيان أن المصلين لا يركعون ولا يسجدون ولا يسلمون في وقت واحد، بل بعضهم يتأخر عن الآخر، أو يتقدم عليهم، هل هذا يؤثر على صلاتهم (1) ج: الواجب على المأموم متابعة الإمام متصلا، فإذا انقطع صوت الإمام بادر المأموم بالمتابعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد. وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد (2)» فقوله: إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا. إلى آخره، معناه المتابعة باتصال؛ لأن الفاء في قوله: فكبروا. عند أهل العلم معناها المتابعة بالاتصال من غير تأخر، لكن لا يركع حتى ينقطع صوت الإمام مكبرا، ولا يرفع كذلك، ولا يسجد كذلك إلا بعد انتهاء الإمام بعد انقطاع صوته، ثم يتابع، هكذا   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (188). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8297). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 360 المأموم مع الإمام لا يعجل، ولا يسابق إمامه ولا يوافقه، ولكن بعد الاتصال، فإذا تأخر يسيرا عن إمامه، كما يقع لبعض المأمومين؛ لثقله أو كبر سنه، أو لمرضه أو نحو ذلك ما يضر، المهم أنه يتحرى المتابعة وعدم التأخر، فإذا تأخر قليلا لا يضره ما دام تابعه، ركع معه وسجد معه لا يضره ذلك، وهكذا لو تأخر في التسليم قليلا ما يضره ذلك، إنما السنة أن يبادر، إذا ركع ركع، وإذا سلم سلم، وإذا كبر كبر، يكون بالاتصال من دون موافقة ولا مسابقة، لكن بعدها متصلا. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 361 س: سبق أن تفضلتم وقلتم سماحة الشيخ: إن التأخير اليسير لا يضر. مع توصيتكم بالحرص على المتابعة، لكن إذا تقدم المأموم إمامه قبل أن ينقطع صوته فما الحكم (1) ج: هذا يسمى موافقة، مكروهة، بعض أهل العلم حرمها؛ لظاهر الأحاديث، والصلاة صحيحة؛ لأنه بين آثم وبين غير آثم، لكنه قد فعل مكروها، فالواجب ألا يعجل حتى ينقطع صوت الإمام، أما المسابقة فمحرمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أما يخشى أحدكم أو لا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (188). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 361 يجعل الله صورته صورة حمار (1)» وهي مبطلة للصلاة، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا بالانصراف (2)» فالواجب ألا يسابق، السنة أن يتابع ولا يوافق، فلا يوافقه ويكون معه، ولا يسابقه ولكن بعده، فالمسابقة تبطل الصلاة، والموافقة مكروهة في الصلاة، والسنة أن يكون بعد إمامه، إذا انقطع صوت الإمام تابعه.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام، برقم (691)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (427). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (426). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 362 س: يقول السائل: ما حكم الصلاة التي رفعت فيها رأسي من السجود قبل الإمام (1) ج: إذا كنت رفعت رأسك قبل الإمام فعليك أن ترجع فتسجد ثم ترفع بعده، فإن لم تفعل جاهلا فلا شيء عليك والصلاة صحيحة، أما إن كنت تعلم الحكم الشرعي وتعمدت هذا، لم ترجع للسجود فصلاتك باطلة، تعيدها، أما إن كنت جاهلا فصلاتك صحيحة، ولا تعد   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (281). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 362 إلى ذلك، فإذا رفعت رأسك تحسب الإمام رفع، ثم علمت أنه لم يرفع ارجع واسجد، ثم ارفع بعده. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 363 س: حكم صلاة الذين لا يتابعون الإمام بدقة كافية وهم يتأخرون عنه، أو قد يسبقونه، أو قد يوافقونه (1) ج: الواجب متابعته، لا يسبقونه ولا يوافقونه، الواجب بعده، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع (2)» الحديث. فالواجب عليهم أن يكونوا بعده، لكن متصلين، لا يتأخروا ولا يسابقوه ولا يوافقوه، بل يكونوا بعده متصلين به، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (352). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 363 186 - حكم تأخر المأموم عن إمامه في الركوع حتى يرفع لانشغاله بقراءة الفاتحة س: البعض من الناس يطيلون في قراءة الفاتحة، فيركع الإمام وما زال المأموم واقفا، يقرأ الفاتحة وعندما يرفع الإمام من الركوع يبدأ الجزء: 12 ¦ الصفحة: 363 المأموم في الركوع، وقد فاتته الركعة مع الإمام، ما حكم صلاة مثل هؤلاء (1) ج: لا يجوز هذا، الواجب على المأموم إذا ركع إمامه أن يركع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا لك الحمد. وإذا سجد فاسجدوا (2)» فإذا ركع إمامه ركع وسقط عنه باقي الفاتحة، كما لو جاء والإمام راكع فإنه يركع معه وتسقط عنه الفاتحة؛ لحديث أبي بكرة في صحيح البخاري رحمه الله؛ أن أبا بكرة رضي الله عنه جاء والإمام راكع -النبي راكع عليه الصلاة والسلام- فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3)» ولم يأمره بقضاء الصلاة، فدل ذلك على صحتها؛ لأنه معذور، لما فاته القيام سقطت عنه الفاتحة، وهكذا المأموم إذا ركع إمامه قبل أن يكملها ركع مع إمامه وسقط عنه باقيها، وينبغي له أن يلاحظ ذلك حال قيامه حتى يقرأها قبل ركوع إمامه، يبدأ بقراءتها في أول   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (191). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 364 الركعة حتى يقرأها قبل إمامه قبل أن يركع، ولا يتساهل. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 365 187 - حكم صلاة من أصابه نعاس حتى فاتته ركعة من الصلاة مع الإمام س: المصلي إذا جلس مع الإمام في الجلوس الأوسط، وعندما قام الإمام للركعة الثالثة لم يقم المصلي معه؛ لأنه كان نعسان، ونام نوما خفيفا أثناء قراءة التشهد، وظل نائما حتى أتم الإمام الركعة الثالثة وهي سرية طبعا، وعندما كبر الإمام للركوع انتبه المصلي وقام واقفا، فوجد الإمام قد رفع من الركوع، كيف يكمل هذا المصلي صلاته (1) ج: إذا نعس وبقي في جلوسه حتى ركع الإمام يقوم ويركع مع الإمام، فإن سبقه الإمام يركع ثم يلحق الإمام، يسجد معه يركع ثم يرفع ثم يعتدل، ثم يلحق الإمام، ويجزئه إذا كان نعاسه خفيفا ما أزال الشعور، عنده بعض اليقظة؛ بعض الانتباه، لكن لم ينتبه للتكبير، ولم يستغرق في النوم. أما إذا كان قد استغرق في النوم فإن صلاته تبطل، يعني يستأنفها من أولها؛ لأن النوم ينقض الوضوء إذا استغرق فيه، أما   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (311). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 365 إذا كان نعاسا فقط؛ يعني نوما خفيفا، ما استغرق فإنه يتابع مع الإمام، وتسقط عنه الفاتحة؛ لأنه في هذه الحالة لم يتعمد تركها، بل أخذه النوم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 366 188 - حكم صلاة من أطال السجود حتى قضى إمامه ركعة أخرى س: ماذا يجب على الفرد إذا كان في صلاة جماعة وأطال السجود، وقام الإمام ونزل للأخرى وهو ما زال في سجدته (1) ج: هذا لا يجوز، إذا تعمد ذلك بطلت صلاته، أما إذا كان ينعس، أو ما سمع صوت الإمام فإنه يقوم ويتبع الإمام ولا يضره، أما إذا تعمد حتى فاته القيام بطلت صلاته، نسأل الله العافية، لكن إذا كان ما سمع صوت الإمام، أو ينعس فهذا يتابع الإمام، وصلاته صحيحة.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (352). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 366 189 - حكم مسابقة الإمام في تكبيرة الإحرام س: يقول السائل: صليت إماما برجلين، سمعت أحدهما كبر للإحرام أثناء تكبيري للإحرام، وقد مضيت في الصلاة مع اعتقادي بطلان صلاة الرجل المذكور، فما الحكم حفظكم الله (1)   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (255). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 366 ج: الأظهر أن صلاتك صحيحة، وصلاة الرجل الثاني صحيحة، أما هو فيؤمر بالإعادة؛ لأنه كبر مع الإمام، والواجب أن يكبر بعد الإمام، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كبر فكبروا (1)» فتأمره بعد السلام بأن يعيد الصلاة، أما أنت فأنت معذور؛ لأنك سمعته وأنت في الصلاة، والمأموم معذور حين تأخر مع صاحبه، يظن أن صلاته صحيحة وهو له شبهة، وأنت لك شبهة في عدم الإنكار عليه وقد كبرت، فالأظهر في هذا الصحة إن شاء الله، لشبهة صحة صلاته؛ بسبب أنه وقف مع المأموم الثاني، وأنت لا تستطيع الإنكار عليه في الصلاة.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8297). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 367 190 - حكم الصلاة خلف إمام يعجل في صلاته س: إذا كان الإمام سريعا في الصلاة، فهو لا يمكن المأمومين من فعل بعض المسنونات في الصلاة، هل يجوز أن يسرع المأمومون في قراءة الفاتحة والتشهد وغيرها من الأدعية (1) ج: نعم يصلون مع إمامهم حتى لا تفوتهم، وينصحونه حتى يطمئن ولا يعجل، وإلا فإنها تكفي تسبيحة واحدة، تسبيحتان في الركوع والسجود، مرة أو مرتين، لا بأس، لكن ينصح ويوجه حتى يطمئن، وحتى لا يعجل حتى   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (182). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 367 يتمكن الجماعة من فعل السنن هذا هو الذي ينبغي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 368 191 - حكم قيام المسبوق قبل تسليم إمامه التسليمة الثانية س: إذا جاء رجل في أثناء الصلاة متأخرا عن بعضها، وبعدما سلم الإمام بانتهاء الصلاة وقف المتأخر لإكمال الباقي عليه، ولكنه قام متعجلا وقبل انتهاء الإمام من التسليمة الثانية، بل قام بعد التسليمة الأولى، وهذا يتكرر من بعض الناس - هداهم الله - فما الحكم في ذلك (1) ج: إذا قام يقضي قبل تسليم الإمام من التسليمة الثانية فقد أخطأ؛ لأن الصواب أن التسليمة الثانية لا بد منها. وذهب جمهور أهل العلم أن التسليمة الأولى تكفي، ولكن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه لا بد من التسليمة الثانية، فإذا قام قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية فقد ترك أمرا مفترضا؛ وهو الجلوس حتى يسلم إمامه، والذي ينبغي أن يعيد الصلاة خروجا من الخلاف، واحتياطا لدينه؛ لأنه لما قام بطلت صلاته؛ لأنه قام قبل أن يتمم الإمام الصلاة، والمسبوق ليس له أن يقوم حتى يسلم الإمام، مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لما سلم عبد   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (346). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 368 الرحمن بن عوف حين صلى معه في غزوة تبوك، لما سلم عبد الرحمن قام يقضي عليه الصلاة والسلام، فالقضاء يكون بعد سلام الإمام، وهذا من باب الاحتياط. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 369 192 - حكم صلاة من ركع عند سجود إمامه للتلاوة س: رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى المستمعات من مكة، تقول: أنا فتاة صليت صلاة الفجر في جماعة في المسجد، وأثناء قراءة الإمام السورة التي عقب الفاتحة كبر وسجد سجود التلاوة، وأنا لم أكن أعلم أنه سجد لسجود التلاوة، فركعت حتى النساء اللاتي بجواري ركعن، ثم كبر الإمام وبدأ يكمل السورة، ثم ركع فركعت معه مرة ثانية، وبعض النساء سجدن. فما حكم تلك الصلاة بالنسبة لي، وبالنسبة للنساء أمثالي (1) ج: الحكم في هذا أن النساء اللاتي ركعن معه بعدما ركع صلاتهن صحيحة، فركوعهن الأول صدر عن جهل فلا يضر، وصلاتهن صحيحة، وركوعهن الأول الذي ركعنه وهو للتلاوة لا يضر من أجل الجهل، أما اللاتي لم يركعن، بل سجدن ثم استمررن   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (321). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 369 في الصلاة، ولم يركعن معه ولم يأتين بركعة بعد السلام فعليهن قضاء تلك الصلاة، عليهن قضاؤها الآن بالنية عن تلك الصلاة؛ لأنهن أخللن بركعة من الصلاة، وطال الفصل فعليهن أن يأتين بالصلاة كاملة، يقضينها كاملة، والله ولي التوفيق. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 370 193 - بيان كيفية صلاة المأمومين إذا نسي الإمام أن يجلس للتشهد الأول س: في صلاة العصر نسي الإمام أن يجلس للتشهد الأول، فذكره المأمومون، غير أنه أصر على القيام للركعة الثالثة دون قراءة التشهد، فتبعه الناس عدا رجلين، جلسا وقرآ التشهد، وبقيا جالسين حتى سجد الإمام سجدتي الركعة الثالثة، وقام للرابعة فقاما معه، وعليه فأصبحت للإمام ومن تبعه الرابعة، غير أنها بدون تشهد أول، وللرجلين الثالثة، وبعد التشهد الأخير سجد الإمام سجدتي السهو وسلم، وسجد جميع الناس للسهو مع الإمام بما فيهم الاثنان، غير أنهما لم يسلما معه، ولكن قاما فأتيا بالرابعة، فقال من تبع الإمام: كان عليكما -أي الرجلين - أن تتبعا الإمام وتقتديا به. وقال الرجلان: بل نتبعه إذا كنا على يقين بأننا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 370 مخطئون والإمام مصيب، أو إن كنا في شك، ولكن إن كنا على يقين بأننا المصيبون وهو المخطئ فلا يجب أن نتبعه؛ لأنه يجب البناء على اليقين، ونحن على يقين بأنه مخطئ، والإمام نفسه كان على شك من نفسه، أو قد أيقن أنه مخطئ بدليل أنه سجد للسهو. فأي الفريقين مصيب؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: هؤلاء الذين قاموا مع الإمام هم المصيبون، والشخصان اللذان بقيا هما المخطئان، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قام عن التشهد الأول، فقام الناس معه ولم يجلسوا، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم ثم سلم، عليه الصلاة والسلام، وهاتان السجدتان بدلا من ترك التشهد الأول، والتشهد الأول واجب عند بعض أهل العلم، وسنة مؤكدة عند آخرين، فتركها ينجبر بسجدتي السهو، والصواب أنه واجب لكن ليس من جنس الأركان، فإذا قام الإمام ولم يجلس فإن المأمومين يقومون معه، ينبهونه قبل أن يستتم، فإن نبهوه قبل أن يستتم وجب عليه أن يرجع، فإن لم يرجع قاموا معه؛ لأنه قد يكون جهل الحكم الشرعي، وقد يكون ما سمعهم، فالواجب على كل حال   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (221). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 371 أن يقوموا معه، ويكملوا معه، ويسجدوا معه ولا يجلس أحد منهم، هذا هو الواجب كما فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل لهم: من كان كذا فليفعل كذا. بل أقرهم، فالشخصان اللذان جلسا قد أخطآ. أما في غير هذه المسألة لو قام إلى ثالثة في الفجر، وهناك من يعلم أنه خطأ لا يقومون معه، يعني زيادة في الصلاة. أو قام إلى خامسة في الظهر لا يقومون معه، ينتظرون حتى يسلم ويسلمون معه مع التنبيه، وهكذا لو جلس عن نقص في الثالثة في الظهر، أو العصر، أو العشاء ينبهونه، فإن تنبه وإلا قاموا وكملوا صلاتهم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 372 194 - بيان كيفية صلاة المأمومين مع الإمام إذا قام إلى ركعة زائدة س: أ. ع. من السودان، يسأل ويقول: إذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية، ونحن كنا مأمومين، ولقد تمت الصلاة، لكن الإمام سها، فقلنا: سبحان الله. ولم يرجع، ثم قلنا: الحمد لله تمت الصلاة. ولم يرجع فماذا نعمل (1) ج: الواجب على الإمام إذا نبهه المأمومون عن زيادة أن يرجع، وعن نقص أن يقوم إذا كان المنبهون اثنين فأكثر، إلا إذا كان يعتقد أنه   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (210). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 372 هو المصيب وأنهم مخطئون فإنه يعمل بما يعتقد، ويستمر فيما رأى، أما المأمومون فعليهم أن يعملوا بما يعتقدون، فإذا كانوا يعتقدون أنه مصيب تبعوه، وإذا اعتقدوا أنه مخطئ في الزيادة؛ بأن قام إلى رابعة في المغرب، أو خامسة في الظهر أو العصر أو العشاء، أو قام إلى ثالثة في الفجر أو الجمعة، إذا اعتقدوا أنه مخطئ فإنهم لا يتابعونه، يجلسون وينتظرون حتى يسلم ثم يسلمون معه، أما من لا يعلم ذلك، بل عنده شك فإنه يتابع إمامه في الزيادة، يقوم معه، وهكذا من جهل الحكم، الذي لا يعرف الأحكام الشرعية وقام معه لا يضره. أما الواجب من جهة الحكم الشرعي فإن من علم أنه زائد لا يقوم معه، يجلس ولا يتابعه في الزيادة، إذا سلم سلم معه، وهكذا في النقص إذا جلس في الثالثة في الرباعية، أو في الثانية في الثلاثية، أو بعد الأولى في الثنائية فإنهم ينبهونه: سبحان الله، سبحان الله. لا يقول: تمت الصلاة. ولا: نقصت الصلاة. ينبهونه بالتسبيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فليسبح الرجال، وليصفح النساء (1)» وقال: «من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله (2)» هذا هو المشروع؛ أن يقول: سبحان الله، سبحان الله. فإذا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم، برقم (7190)، ومعنى (ليصفح أي ليصفق). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به، برقم (1218). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 373 لم يستجب وبقي جالسا فإن المأموم إذا كان يعتقد أنه ناقص يقوم، يقوم إذا كملت صلاته، يتمم صلاته والحمد لله، أما الإمام فإن كان يعتقد أنه مصيب فصلاته صحيحة، وإن كان يعتقد أنه غير مصيب فالواجب عليه متابعة المنبهين، وألا يبقى على الشك، فإذا نبهوه أنه ناقص يقوم يكمل، وإذا نبهوه أنه زائد يرجع إذا كان المنبهون اثنين فأكثر، أما إذا كان المنبه واحدا فإنه لا يلزمه الرجوع إليه، بل يعمل بما يعتقد؛ فإن كان يعتقد أنه ناقص قام وكمل، وإن كان يعتقد أنه زائد يرجع، وإن كان شاكا فليبن على اليقين، إذا كان شك في رابعة أو خامسة يجعلها رابعة ويجلس، شك في ثالثة أو رابعة يجعلها ثالثة ويكمل، فعند الشك يبني على اليقين، وإذا كان متيقنا صواب نفسه عمل بصواب نفسه، وإذا كان عنده تردد وليس عنده يقين يتابع المنبهين إذا كانوا اثنين فأكثر. هذا هو المشروع للإمام والمأمومين، أما المأموم فقد عرفت أنه إن كان يعتقد أن الإمام مصيب يتابعه، أو كان ليس عنده يقين، بل عنده شك فإنه يتابع الإمام أيضا في النقص والزيادة. أما المأموم الذي يعلم أن الإمام مخطئ فإنه لا يتابعه؛ لا في النقص ولا في الزيادة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 374 س: إذا قام الإمام بعد إتمام الصلاة وقبل السلام، وهم بأن يأتي بركعة زيادة عن الصلاة، واستدرك المأمومون ذلك، وأرادوا التنبيه عن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 374 سهوه بقول: سبحان الله. ولكنه مع ذلك أصر على الوقوف في الزيادة فما حكم ذلك؟ وماذا يعمل المأمومون بعده؟ أفيدونا أفادكم الله (1) ج: الواجب على المأمومين التنبيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء (2)» والواجب على الإمام إذا نبهوه أن يرجع، إلا إذا كان يعتقد أنه مصيب وأنهم مخطئون فإنه يعمل بصواب نفسه باعتقاده، ويستمر حتى يكمل الصلاة على اعتقاده، والذين نبهوا إن كانوا متيقنين أنه غلطان وأنه مخطئ لا يقوموا معه، بل يجلسوا يقرءون التحيات، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون وينتظرونه حتى يسلموا معه؛ لأنه معذور وهم معذورون، هم معذورون باعتقادهم أنه مخطئ، وهو معذور باعتقاده أنه مصيب وأنهم مخطئون، فكل منهم معذور باجتهاده وتيقنه بزعمه صواب نفسه، فإذا سلم سلموا معه، أما   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (58). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول، برقم (684)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم (421). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 375 إن كان ما عنده يقين فالواجب عليه أن يرجع إذا كان من نبهه اثنان فأكثر، عليه أن يرجع إذا كان ليس عنده يقين، إنما ظن فإنه يرجع كما رجع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقول ذي اليدين، لما نبهه وسأل الناس وصوبوا ذا اليدين رجع النبي صلى الله عليه وسلم، وأتم صلاته ولم يعمل بقول ذي اليدين؛ لأنه واحد، فالواحد لا يلزم الرجوع إليه، إلا إذا اعتقد الإمام أنه مصيب رجع، أما إذا كان المنبه اثنين فإنه يرجع لقولهما، ويبني على قولهما ويدع ظنه، هكذا الواجب، وأما المأمومون فإنهم لا يتابعونه في الخطأ، لا في زيادة ولا في نقص، إن كان في زيادة فيجلسون حتى يسلم ويسلموا معه، وإن كان في نقص ولم يمتثل، وجلس في الثانية من الظهر مثلا أو العشاء أو العصر، أو جلس في الثانية من الفجر أو الجمعة ولم يطعهم فإنهم يقومون يكملون صلاتهم، ويتمونها ويخالفونه؛ لأنه أخطأ في اعتقادهم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 376 س: يقول هذا السائل: إذا قام الإمام إلى ركعة خامسة في العشاء، وعندما قام قال له المصلون: سبحان الله. ولكنه لم يقعد وأكمل الركعة، وقام المصلون من خلفه فما حكم هذه الركعة؟ وما حكم الجزء: 12 ¦ الصفحة: 376 عمل هذا الإمام (1) ج: الواجب تنبيهه بالتسبيح، فإذا لم يرجع انتظروه؛ لأنه قد يعتقد صواب نفسه، فينتظرونه حتى يسلم ويسلموا معه، والذي لا يعلم أنه مخطئ يقوم معه الذي لا يعلم الحال، يقوم معه يتابع إمامه، والذي يعلم أن الإمام مخطئ يجلس حتى يسلم مع الإمام، بعدما يسلم الإمام، ومن اعتقد أنه قد أخطأ فليس له القيام بل يصبر، وأما الإنسان الذي ما عنده خبر: هل الإمام مصيب أو ما هو بمصيب؟ فإنه يتابعه؛ لأن الأصل متابعة الإمام حتى يسلم معه.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (400). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 377 س: في حال سهو الإمام وقيامه للركعة الخامسة ماذا نقول؟ هل نقول: الحمد لله. أم: سبحان الله؟ نرجو أن توجهونا (1) ج: السنة أن يقول المأموم (مما سوى الإمام) سبحان الله، سبحان الله. حتى ينتبه الإمام، وإذا كان هناك حاجة إلى آية يتلوها؛ كأن يقول إذا لم يسجد: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (2)، أو الركوع: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} (3)   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (351). (2) سورة العلق الآية 19 (3) سورة الحج الآية 77 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 377 فلا بأس، المقصود أن الأصل التسبيح: سبحان الله، سبحان الله، وإذا تلا آية من الآيات التي ترشد الإمام فلا بأس. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 378 س: إذا كان الإمام في الركعة الثالثة، والمأموم مسبوق بركعة؛ أي إنه في الثانية هل يجلس للتشهد، أم يقف مع الإمام؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يتابع الإمام ويسقط عنه التشهد، إذا أدرك ركعة مع الإمام يجلس معه للتشهد عند جلوس الإمام الثانية للإمام، وهي واحدة للمأموم لا بأس، يجلس مع المتابعة ولا يجلس بعد الثالثة بحق الإمام، التي هي الثانية بحق المأموم؛ لأن عليه حينئذ المتابعة.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (329). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 378 195 - حكم صلاة المأموم إذا قام مع الإمام لركعة وهو يعلم أنها زائدة س: يقول السائل: هل يقوم المأموم مع الإمام إذا زاد الإمام ركعة بالصلاة سهوا إذا علم المأموم أن الصلاة تامة؟ وإذا قام المأموم مع الإمام في الركعة الزائدة، والمأموم يعلم أنها زائدة هل تصح الجزء: 12 ¦ الصفحة: 378 صلاته أم لا (1) ج: إذا علم المأموم أن الإمام قد زاد ركعة لا يقوم معه ويجلس وينبهه: سبحان الله، سبحان الله. وعلى الإمام أن يرجع إذا سبحوا به اثنان فأكثر، عليه أن يرجع ويجلس ويقرأ التحيات ويسجد للسهو ثم يسلم، فإن أبى ولم يرجع لا يتابعونه، يجلسون ينتظرونه، حتى المسبوق الذي سبق لا يتابعه، يجلس لأنه خطأ، وعلموا أنه خطأ فلا يتابعونه، فإن تابعوه جهلا بالحكم الشرعي فصلاتهم صحيحة، ولو عرفوا أنها زائدة إذا جهلوا الحكم الشرعي؛ يحسبون أنه يلزمهم المتابعة فالصلاة صحيحة. أما إن كانوا يعلمون الحكم الشرعي لا يجوز لهم، ثم تابعوا تبطل صلاتهم؛ لأنهم تعمدوا الزيادة بالصلاة، أما إذا كانوا جهالا ولو علموا أنها زائدة يظنون أنها تلزمهم المتابعة فإن قيامهم معه لا يضرهم، وصلاتهم صحيحة لأنهم جهال. أما من عرف أنها زائدة وعرف الحكم الشرعي؛ أنه لا يجوز متابعته لا يقوم ولا يتابع، وإذا تابع بطلت صلاته، وهكذا في النقص؛ لو جلس في الثالثة في الظهر والعصر والعشاء، ونبهوه ولم يقم يقومون ويتركونه ويكملون   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (234). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 379 لأنفسهم، وهو إن كان في اعتقاده مصيبا صلاته صحيحة، وإن كان ما عنده اعتقاد ولم يقم بطلت صلاته؛ لأن الواجب عليه المتابعة لمن نبهه إذا كانا اثنين فأكثر، فإذا جلس ولم يكمل ونبهوه؛ سلم ولم يكمل فتكون صلاته باطلة؛ لأنه تعمد النقص إلا أنه يعتقد الصواب لنفسه، إذا كان يعتقد أنه مصيب هو وأنهم مخطئون فصلاته صحيحة، وهم على اعتقادهم، فله اعتقاده ولهم اعتقادهم، فصلاتهم صحيحة إذا اعتقدوا أنهم مصيبون، وصلاته صحيحة إذا اعتقد أنه مصيب، وعليهم جميعا في مثل هذه المسائل أن ينتبهوا حتى لا يقعوا في الباطل، المسلم إذا دخل في الصلاة يقبل عليها بقلبه، ينتبه يخشع فيها حتى لا يقع سهو، وإذا وقع السهو عمل بشرع الله، إن كان إماما نبهوه: سبحان الله، سبحان الله. إن كان بزيادة لم يتابعوه بزيادة، وإن كان في النقص لم يتابعوه بالنقص، إذا علموا أنه زاد أو نقص إذا علموا بالزيادة يجلسون ينتظرونه، وإذا علموا بالنقص يقومون ويكملون، وعليه هو سجود السهو إذا زاد أو نقص، يتابعونه بالسجود، إن كان بالزيادة كمل الصلاة وسجد للسهو، وإن كان عن نقص قام وأتى بالنقص وسجد للسهو وسجدوا معه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 380 196 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول س: إذا أطال الإمام في التشهد الأول هل نصلي على النبي بعد التشهد، أو نقرأ التشهد ونصمت حتى يقوم الإمام (1) ج: السنة أن يقرأ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا تيسر، سواء كان إماما أو منفردا أو مأموما؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ذلك بين لهم كيفية الصلاة، ولم يقل: هذا التشهد الأخير فقط. فأطلق فدل ذلك على أنه يشرع في التشهد الأول والأخير جميعا، فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد. إلى آخره، في التشهد الأول والأخير جميعا، هذا هو الأفضل وهذا هو الأرجح، وإن قام الإمام ولم يكمل قوله يقم مع الإمام، ويكفي قوله: وأن محمدا عبده ورسوله. لكن إذا تمكن يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أو كان إماما أو منفردا يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الأفضل وهو ظاهر الأحاديث الصحيحة.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (29). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 381 197 - حكم صلاة الإمام إذا قام إلى ركعة زائدة جهلا منه س: صليت المغرب مع جدي، وقد سبقني بركعة واحدة، وبدلا من أن يجلس للتشهد الأخير بعد الثالثة نهض ليأتي بركعة زائدة فأمسكته بيدي، وقلت: سبحان الله. ولكنه أصر على ذلك، وعندما جاء بهذه الركعة لم أسلم أنا ونهضت لأكمل صلاتي بركعة، هي في العدد رابعة، ولم أحتسب الركعة الرابعة له الثالثة لي، وبعدما انتهت الصلاة قلت له: لم زدت ركعة؟ قال: لكي تكمل صلاتك معي! جهلا منه. فما حكم هذه الزيادة في غير سهو، وجهل منه بحكم ذلك؟ وماذا عليه فعله الآن؟ وما حكم صلاتي أنا حيث زدت ركعة رابعة؛ إذ لم أحتسب زيادته، وأيضا سجدت للسهو جبرا للزيادة المعلومة (1) ج: أما عملك أنت فقد أصبت حين نبهته، قلت: سبحان الله. وأمسكته ليجلس؛ لأن هذا هو الواجب عليه أن يجلس إذا نبه ولا يأتي بزيادة، وأنت الواجب عليك أن تجلس وتنتظر، فإذا جلس وسلم قمت وأتيت بالركعة التي فاتتك، ولا تتابعه في الزيادة، هذا هو المشروع، إذا قام الإمام إلى رابعة في المغرب، أو إلى ثالثة في الفجر، أو إلى خامسة   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (47). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 382 في الرباعية كالظهر فإن المأموم ينبهه، يقول: سبحان الله، سبحان الله. والمرأة تصفق، ويلزمه الرجوع، يلزم الإمام الرجوع إلا إذا كان عنده يقين أنه لم يخطئ وأنهم هم المخطئون، وإلا فعليه الرجوع والجلوس حتى يكمل صلاته ثم يسلم، وعليه أن يسجد للسهو قبل أن يسلم سجدتين للسهو، فإن كان عنده يقين أنهم مخطئون وأنه مصيب كمل صلاته وتممها، أما المأمومون فهم يعملون بيقينهم، فإن كان عندهم يقين أنه زائد جلسوا وانتظروه حتى يسلموا معه، وإن كان ما عندهم يقين تابعوه وكملوا معه؛ لأنه إمامهم وعليهم متابعته، وليس لهم مخالفته إلا إذا كان عندهم يقين أنه مخطئ فهم يجلسون ولا يتابعونه في الزيادة. وهذا الذي قام لخامسة أتى بركعة زائدة جهلا منه؛ من أجل أن تكمل معه الصلاة هذا صلاته صحيحة؛ لأجل الجهل، مثل الذي قام لخامسة في الرباعية، أو ثالثة في الثنائية، أو رابعة في الثلاثية جهلا منه؛ يحسب أنه لا يرجع إذا قام واستوى قائما، بعض الناس يظن أنه إذا استوى قائما لا يرجع بل يكمل، وهذا غلط وجهل، صلاته صحيحة لجهله، ولكن ينبغي له أن يتعلم صلاته، ويتفقه في صلاته؛ حتى لا يعود لمثل هذا الجهل، والمقصود أنه إذا أتى بالخامسة، أو بالرابعة في الثلاثية، أو بالثالثة في الثنائية جهلا أو نسيانا فصلاته صحيحة، ولكن يسجد للسهو إذا كان الجزء: 12 ¦ الصفحة: 383 عن نسيان، أما لو تعمد الخامسة في الرباعية، أو الثالثة في الثنائية، أو الرابعة في الثلاثية؛ المغرب وهو يعلم الحكم الشرعي، وتعمد القيام هذا متلاعب وصلاته باطلة، لكن الغالب أن هذا لا يقع تعمدا، إنما يقع من أجل الجهل أو النسيان، وتكون الصلاة صحيحة وعليه سجود السهو للنسيان، والمأموم عليه ألا يتابعه في الخطأ، إذا عرف أنه مخطئ لا يتابعه، بل ينبهه ولا يتابعه لا في الزيادة ولا في النقص، بل المأموم يعمل بيقينه، فإن كان الإمام زائدا جلس، وإن كان الإمام ناقصا قام المأموم يكمل ما عليه إذا لم يطاوعه الإمام، هذا هو الواجب على المأموم، وهذا هو الواجب على الإمام كما سمعت. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 384 198 - بيان وجه الاختلاف بين تحريم متابعة الإمام في الركعة الزائدة وبين حديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به (1)» س: لماذا التزم الفقهاء عدم متابعة الإمام في الركعة الزائدة، بينما الحديث المرفوع يثبت متابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه في السهو؟ ومن بين ذلك ما رواه الإمامان في الصحيحين، عن أبي هريرة ما يثبت متابعة الإمام في السهو حتى في الركعة الزائدة؛ وذلك عند قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم   (1) صحيح البخاري الجمعة (1236)، سنن الترمذي الصلاة (361)، سنن أبي داود الصلاة (605)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1239)، مسند أحمد (6/ 194)، موطأ مالك النداء للصلاة (307). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 384 به، فإذا كبر فكبروا (1)» إلى آخره، والحديث الثاني: لا تختلفوا عليه ج: قد تقرر بالنص والإجماع أن الصلوات معروفة العدد ليس فيها زيادة ولا نقص، الظهر أربع في حق المقيم غير المسافر، والعصر كذلك والعشاء كذلك، والمغرب ثلاث والفجر اثنتان والجمعة اثنتان، فهي صلوات معروفة العدد، فإذا زاد الإمام ركعة فهو إما ساه وإما عامد، ولا يتصور أن إنسانا يزيدها عمدا إلا إنسانا لا يعرف الأحكام، ولا يدري عما هو فيه، وإنما الواقع أن يكون سهوا، فإذا زاد ركعة سهوا نبه، فإن انتبه ورجع وجلس فالحمد لله، وإن لم ينتبه وأصر على الزيادة فإن الواجب على من علم الزيادة ألا يتابعه؛ لأن هذه متابعة خطأ، ونحن مأمورون ألا نتابع الأئمة في الخطأ، إنما الطاعة في المعروف، الإمام نقتدي به لكن في المعروف لا في الخطأ، فالزيادة التي يزيدها الإمام سهوا تعتبر خطا وزيادة في الصلاة الشرعية، فمن عرفها وعلم أنها خطأ   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8297). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 385 لا يتابعه، بل يجلس ولا يتابعه خامسة في الظهر والعصر والعشاء، ولا في الرابعة في المغرب، ولا في الثالثة في الفجر والجمعة، بل يجلس، أما من لم يعرف أنها زائدة فإنه يتابعه عملا بالحديث الذي ذكره السائل: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع فاركعوا (1)» الحديث، هذا يتابعه، الجاهل الذي ما درى عن الزيادة، يتابعه لأن الأصل وجوب المتابعة، أما الذي عرف أنها زيادة فقد عرف أنها خطأ، فلا يتابعه في الخطأ، بل يجلس ولا يتابعه في الخطأ، ولا أعلم في هذا خلافا بين أهل العلم، وإن من عرف أن الإمام زاد ركعة فإنه ينبهه بقول: سبحان الله، سبحان الله. فإن أجاب الإمام ورجع إلى الصواب وإلا وجب على من علم أنها زائدة أن ينتظر الإمام، يجلس ولا يتابعه في الخطأ، هذا هو المعروف عند أهل العلم، وهو الموافق للأدلة الشرعية، إنما الطاعة في المعروف، وليس هناك أحد يطاع في المعاصي أبدا، ولا في الأخطاء، إذا عرفت أنه أخطأ لا تتابعه في الخطأ، أما الإمام الذي أصر ولم يرجع هو بين أمرين؛ إن كان يعتقد صحة ما فعل وأنه المصيب، وأن الذين نبهوا أخطئوا فقد أصاب وأحسن ولا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 386 بأس عليه، إذا كان يعتقد أنه مصيب يكمل صلاته على نيته وعلى اعتقاده وصلاته صحيحة، والذين اعتقدوا أنه زائد صلاتهم صحيحة أيضا، ولا حرج على الجميع، كل تراجع باعتقاده وما علم أنه الصحيح بنفسه، أما إن كان هو ليس عنده ضبط، ولكنه أصر من دون ضبط فقد غلط، ولا يجوز له ذلك؛ لأنه أصر على الخطأ، فيكون هذه الزيادة، وهو قد نبهه اثنان فأكثر من المأمومين على أنها خطأ، وليس عنده ضبط يكون عمله غير صحيح، وتكون الزيادة هذه مبطلة لصلاته؛ لأنه تعمد زيادة ركعة غير مشروعة، فيكون زاد في الصلاة عمدا ما ليس منها فتبطل الصلاة بذلك، وأما الذين انفردوا عنه وجلسوا لاعتقادهم أنها زائدة فصلاتهم صحيحة، يكملون صلاتهم ويقرؤون التحيات ويسلمون، أما هو إذا كان ما عنده بصيرة، ولكن أصر على الخطأ، ولم يطاوع من نبهه من الجماعة إذا كانوا اثنين وأكثر فإن صلاته غير صحيحة، وعليه أن يعيدها من أولها؛ لكونه استمر في الباطل والخطأ على غير هدى، وأما إذا كان يعتقد أنه مصيب، وأن الذين نبهوا أخطؤوا، هذا مثل ما تقدم صلاته صحيحة، وهو مسؤول عن اعتقاده ولا حرج عليه، وإذا استمر ولم يرجع فالأفضل لهم أن ينتظروه، وإن سلموا أجزأت صحت؛ لأنهم معذورون بالانفراد، لكن إذا انتظروه يكون الجزء: 12 ¦ الصفحة: 387 أحسن؛ لأنه قد يكون معذورا، قد يكون يعتقد هو بنفسه فيكون معذورا، فإذا انتظروه وسلموا معه يكون أحسن. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 388 199 - حكم إمامة من لا يصلي الفجر في جماعة س: هل تارك صلاة الفجر، وحالق اللحية يقدم للإمامة بالمسلمين في الصلوات (1)؟ ج: الذي لا يصلي الفجر في جماعة عاص، والذي يحلق لحيته عاص، وهكذا المدخن وشارب السكر كلهم عصاة، فلا ينبغي أن يكونوا أئمة للمسلمين، ينبغي لولاة الأمور ألا يجعلوهم أئمة، لكن لو بلي بهم الإنسان وصلى خلفهم صحت صلاته، كما صلى ابن عمر وغيره من الصحابة خلف الحجاج بن يوسف وهو من أظلم الناس سفاك للدماء؛ لأنه مسلم، وإنما الذي به معاص، الحاصل أن المعصية لا تمنع الإمامة، ولكن يكون صاحبها ناقصا الإمامة، يحسن الصلاة خلف غيره ويجب إبداله، إذا كانت معصيته ظاهرة، على ولاة الأمور الذين الشأن في الإمامة والنصب والعزل بأيديهم، عليهم أن يعزلوه ويلتمسوا الشخص السليم من هذه المعاصي حسب الإمكان، لكن إن   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (2). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 388 كان يترك الفجر بالكلية لا يصلي بالكلية هذا كافر، لا يكون إماما لهم نعوذ بالله، إذا كان لا يصليها بالكلية هذا كافر، لكن الظاهر من مراد السائل: لا يصليها في الجماعة يتكاسل عنها. فهذا عاص، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق (1)» يعني في الجماعة، الحاصل أن من ترك الجماعة سواء الفجر أو الظهر أو العصر هذه معصية، إذا تركها من دون عذر هذه معصية، ومن كان معروفا بهذا الشيء لا ينبغي أن يكون إماما، بل ينبغي أن يعزل، وأن يتخذ إمام أصلح منه وأنفع للمسلمين وأبعد عن فعل المحرمات، لكن مثل ما تقدم إذا بلي الإنسان بمثل هذه الأمور فإن صلاته صحيحة، ولا يصلي وحده، بل يصلي مع الناس، تجوز الصلاة مع إمام يحلق، مع إمام يدخن، مع إمام قد يتكاسل عن بعض الصلوات في الجماعة، فإنه يصلي خلفه، والصلاة مع الجماعة مطلوبة، وهذا العاصي مضرته على نفسه، وعلى الناصحين أن يوجهوه ويرشدوه ويحذروه من مغبة هذا العمل السيئ، والله جل وعلا لطيف بعباده سبحانه وتعالى، وقد يوفق بما نصح للتوبة، يعني بسبب نصيحة إخوانه   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 389 قد يرجع للصواب بسبب هذه النصيحة والتوجيه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 390 200 - حكم قضاء صلاة الراتبة بعد صلاة الفرض س: يقول هذا السائل: عندما أذهب إلى المسجد لصلاتي الفجر والعصر أجد المؤذن يقيم الصلاة، أو أجد المصلين قد دخلوا في الصلاة، فهل أصلي السنة بعد الفجر والعصر في هذه الحالة؟ وماذا عن تحية المسجد (1)؟ ج: إذا جئت والإمام في الصلاة، أو المؤذن يقيم فادخل معهم في الصلاة، ولا تصل تحية المسجد ولا الراتبة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2)» رواه مسلم في الصحيح. فإذا جئت والمؤذن يقيم فصف معهم وكبر معهم في الصلاة، ولا تصل النافلة؛ لا سنة الفجر ولا التحية، وهكذا إذا جاء - من باب أولى - وهم في الصلاة يدخل في الصلاة، ولا يصلي تحية ولا راتبة، وإذا فرغت من الصلاة: الظهر تصلي الراتبة القبلية ثم البعدية، والفجر كذلك؛ إذا فرغت من صلاة الفجر تصلي السنة الراتبة، ثنتين بعدها أو   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (298). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 390 بعد طلوع الشمس، أما سنة المغرب فهي بعدها، والعشاء بعدها والحمد لله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 391 201 - حكم قطع صلاة النافلة إذا أقيمت الصلاة المفروضة س: إذا أقيمت الصلاة وأنا قد شرعت في صلاة السنة هل أقطعها وكيف يتم ذلك؟ أم أن علي أن أكمل حتى لو فاتتني ركعة من صلاة الفريضة (1)؟ ج: الصحيح أنك تقطعها بالنية ويكفي، ما يحتاج سلام، تقطعها بالنية، وتشتغل بالفريضة تقف مع الإمام وتستعد لتكبيرة الإحرام؛ لأن الفريضة مقدمة، والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2)» رواه مسلم في الصحيح. فالفريضة أهم، تقطع النافلة وتشتغل بالإعداد للفريضة، وقال بعض أهل العلم: إنه يتمها خفيفة. ولكنه قول مرجوح مخالف للحديث الصحيح، لكن لو أقيمت وأنت في الركعة الأخيرة في السجود أو في التحيات تكمل؛ لأن هذا شيء بسيط لا يمنعك من القيام للفريضة، إذا كنت قد   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (177). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 391 ركعت الركعة الثانية تكمل؛ لأنه ما بقي إلا أقل من الركعة، أما إذا أقيمت وأنت في الأولى، أو في الثانية قبل الركوع فإنك تقطع، هذه السنة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 392 س: إذا شرع الإنسان في صلاة النافلة، وأقيمت الصلاة المكتوبة وأثناء تأديته للنافلة هل يتم صلاته، أم يقطعها بالدخول في الفريضة؟ وإذا قلتم بقطع النافلة فهل تصير دينا عليه أن يؤديها بعد الفريضة أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لقد شرع الله جل وعلا على المسلم إذا سمع الإقامة أن يقطع الصلاة التي هو فيها، ويشتغل بالفريضة، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2)» خرجه مسلم في صحيحه. فإذا أقيمت الصلاة والمؤمن يصلي فإنه يقطعها سواء كانت تحية المسجد، أو راتبة يقطعها ويشتغل بالفريضة، وليس عليه قضاؤها بعد ذلك؛ لأنها نافلة لا يجب عليه قضاؤها.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (248). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 392 س: إذا أقيمت الصلاة وأنا في النافلة هل أقطعها لأدرك التكبيرة مع الجزء: 12 ¦ الصفحة: 392 الإمام (1)؟ ج: هذا هو الأفضل قطعها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2)» تقطعها وتشتغل بالصلاة مع الإمام، إلا إذا كنت في آخرها بعد الركوع في الثانية تكمل، ما بقي من الصلاة إلا قليل، وأقل الصلاة ركعة، فإذا كنت قد صليت ركعتين ركعت الركوع الثاني، ما بقي إلا السجود أو التحيات فالأظهر - والله أعلم - أنه لا حرج عليك تكملها؛ لأنه ما بقي إلا جزء من ركعة.   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (228). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 393 س: أثناء صلاة الراتبة تقام صلاة الفريضة، فهل أترك صلاة الراتبة وأذهب لصلاة الفريضة، أم أكمل صلاة الراتبة؟ كيف أخرج من صلاة الراتبة (1)؟ ج: ما دمت صليت الفريضة يكفيك هذا، وإذا شرعت في صلاة النافلة كملها، وليس هناك حاجة لقطعها للصلاة مع الناس الآخرين، وإن صليت معهم قبل أن تشرع في النافلة، صليت مع الجماعة الجديدة فلا بأس، لكن هم ليسوا في حاجة إليك، وإن صليت معهم فلا بأس، فإن كان واحد صل معه حتى تكون أنت وإياه جماعة؛ لقوله صلى الله   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (356). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 393 عليه وسلم لما دخل رجل وقد صلى الناس، قال عليه الصلاة والسلام: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1)» إذا كان واحدا قد فاتته الصلاة، وقمت وصليت معه حتى تكونا جميعا جماعة هذا حسن، أما إن كانوا جماعة فأنت مخير؛ إن صليت معهم فلك أجر، وإن اشتغلت بالنافلة فلا بأس، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر أنه يأتي في آخر الزمان قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإنها لك نافلة (2)»   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار، برقم (648). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 394 س: يقول السائل: إذا أقيمت الصلاة وأنا في نافلة، ثم صار هناك فراغ بيني وبين الصف هل علي حرج أن أمشي حتى أصل إلى نهاية الصف (1)؟ ج: عليك أن تقطع النافلة، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (409). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 394 الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (1)» فعليك أن تقطعها وتدخل في الفريضة، تتقدم إلى الفرجة وتسدها، إلا إذا كنت في آخرها قد ركعت الركوع الثاني، في السجود، في التحيات تكملها، ثم تقوم وتدخل في الصف مع الإمام، أما إذا كان بقي عليك ركعة أو أكثر تقطعها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2)» أخرجه مسلم في الصحيح.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 395 202 - حكم من صلى منفردا ثم أقيمت جماعة أخرى س: ما حكم من صلى الفرض منفردا ثم أقيمت جماعة؟ هل يعيد الصلاة مع الجماعة؟ وإذا أعاد الصلاة مع الجماعة هل ينويها قضاء أو نفلا، أو يعيد الفرض نفسه الذي صلاه قبل الجماعة (1)؟ ج: يشرع لمن صلى فردا ثم جاءت جماعة أن يصلي معهم؛ اغتناما لفضل الجماعة، وتكون صلاته معهم نافلة والأولى هي فرضه، هذا هو الصواب، ومما يدل على هذا قوله عليه الصلاة والسلام لأبي ذر لما ذكر الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال: «صل الصلاة   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (5). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 395 لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإنها لك نافلة (1)» ولما دخل رجل وقد صلى الناس قال عليه الصلاة والسلام: «ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه (2)» فالحاصل أنه إذا صلى الفرض فرد، ثم جاءت جماعة شرع له أن يصلي معهم حتى يدرك فضل الجماعة، وإن كان صلى قبل الناس يحسب أنهم قد صلوا، ثم جاء الناس وجاء الإمام فيشرع له أن يصلي معهم، وتكون فرضه الأولى، والثانية نافلة سواء كان منفردا أو في جماعة، إذا صلى الأولى فرضه منفردا أو في جماعة، ثم حضر جماعة أخرى فصلاته معهم نفل لا فرض، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم لما قيل له في منى في حجة الوداع، عن شخصين إنهما لم يصليا، دعاهما فقال: «ما منعكما أن تصليا معنا؟ "، قالا: قد صلينا في رحالنا. قال عليه الصلاة والسلام: " فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكم، ثم أدركتم الإمام لم يصل فصليا معه، فهي لكم نافلة (3)»   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار، برقم (648). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11219). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث يزيد بن الأسود العامري رضي الله عنه، برقم (17025). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 396 فأمرهما أن يصليا مع الإمام إذا حضرا وهو في الصلاة، وأخبر أنها نافلة لهما، وأن صلاة الفريضة هي التي تقدمت. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 397 203 - حكم إقامة الإمام للصلاة مبكرا ولم تحضر الجماعة بعد س: إذا كان الإنسان قد أتى المسجد وهو إمام، ولم يأت أحد ليصلي، ثم صلى فحضر أناس بعدما صلى هل يصلي معهم أو بهم، أو تكفيه صلاته؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: المشروع للإمام إذا جاء للمسجد ألا يعجل، وأن ينتظر المأمومين، يتأخر عن العادة قليلا؛ لأن الناس قد يشغلون بأشغال تمنعهم التبكير، فإذا تأخروا تأخرا خلاف العادة وصلى، ثم جاءوا فإنه يشرع أن يصلي بهم فتكون له نافلة، كما كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم يرجع ويصلي بأصحابه وتكون له نافلة ولهم فريضة، فإذا صلى بهم فجزاه الله خيرا، وإن أمهم غيره ولم يصل بهم فلا حرج عليه.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (291). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 397 204 - حكم تعدد جماعات المصلين في المسجد لوقت واحد س: هل يجوز الانتقال من جماعة في المسجد إلى جماعة أخرى؟ وأي الجزء: 12 ¦ الصفحة: 397 الصلاة تكون هي الصلاة الواجبة؟ وأيها تكون السنة (1)؟ ج: إذا صلى مع جماعة فلا وجه لانتقاله إلى جماعة أخرى، إذا أحرم مع جماعة ثم جاءت جماعة أخرى فيكمل مع الجماعة التي أحرم معها، ولا نرى وجها لانتقاله لجماعة أخرى، ما دام أحرم مع جماعة يصلي معهم، ثم جاءت جماعة أخرى تصلي فإنه لا ينتقل إليها، بل عليه أن يصلي مع الناس، فإذا جاءت جماعة أخيرة تصلي مع الجماعة الأولى ولا تنفرد؛ لأن هذا اختلاف لا وجه له، وبدعة في الشرع، كونه يصلي جماعتان في المسجد أو ثلاث فلا وجه له، بل الواجب أنهم إذا جاءوا والإمام الأول لم يصل صلوا معه إذا لم يكن به مانع، أما إذا كان الإمام الأول فيه مانع؛ ككونه - مثلا - كافرا لا تصح الصلاة خلفه هذا له وجه شرعي، لكن إذا كان الإمام ممن تصح الصلاة خلفه فإنه لا تتعدد الجماعة، بل يصلون جميعا، ولا يتعدد في المسجد جماعات في وقت واحد، لكن إذا صلى الجماعة الأولى، وجاء ناس ما صلوا فإنهم يصلون جماعات، وقول بعض السلف: إنهم يصلون فرادى قول ضعيف ليس بصواب، والصواب أنهم إذا جاءوا وقد صلى الناس يصلون   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (5). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 398 جماعة لا غبار عليه؛ حرصا على فضل الجماعة وعملا بالأحاديث العامة، ومن ذلك ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده؛ وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل؛ وما كان أكثر فهو أحب إلى الله (1)» فالجماعة مطلوبة، فإذا فاتته الصلاة مع الجماعة الرسمية التي هي الجماعة الأساسية في المسجد، ثم أدرك جماعة يصلون صلى معهم جماعة، ولا يصلي وحده.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في فضل صلاة الجماعة، برقم (554)، والنسائي في المجتبى، كتاب الإمامة، باب الجماعة إذا كانوا اثنين، برقم (843). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 399 205 - حكم صلاة من سلم قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية س: الأخ: أ. ع. ن. م. ص. من الجمهورية العربية اليمنية، يسأل ويقول: صليت في بعض المساجد فوجدت لهم طريقة عجيبة في التسليم، حيث يسلم الإمام التسليمة الأولى، ويسلم المصلون خلفه، ثم يسلم الثانية ويسلمون، فهل ذلك صحيح (1)؟ ج: السنة أن يسلم الإمام التسليمتين جميعا، ثم يسلم المأمومون بعده، هذا هو السنة، ولكن هذا الذي فعله هؤلاء صحيح، صلاتهم   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (106). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 399 صحيحة، إذا سلموا الأولى بعد الأولى والثانية بعد الثانية فلا حرج في ذلك، إلا أنه خلاف السنة، خلاف الأفضل، بل السنة أن ينتظروا حتى يسلم إمامهم التسليمتين، ثم يسلموا بعده، هذا هو السنة وهذا هو المعروف من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة فيما بلغنا، لكن إذا كان سلموا بعد التسليمة الأولى، ثم سلموا بعد التسليمة الثانية صحت الصلاة، ولا شيء عليهم لأنهم لم يسابقوه، ما سبقوه بشيء. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 400 س: السائل: أبو معاذ، من الرياض، يقول: يقوم بعض الناس بالتسليم مع الإمام، والبعض الآخر يسلم بعد التسليمة الأولى للإمام، فهل صلاتهم صحيحة؟ وما الحكم في هذه الحالة (1)؟ ج: الواجب التسليم بعد الإمام، النبي صلى الله عليه وسلم أمر ألا يسلم إلا بعد سلام الإمام، فلا يجوز للمأموم أن يسلم إلا بعد سلام إمامه، وإذا سلم عامدا قبل سلام إمامه، أو قبل التسليمة الثانية بطلت صلاته، عليه أن يعيدها إذا كانت فريضة، أما إذا كان ساهيا لا، إذا كان ساهيا يعود ينوي الصلاة، ثم يسلم بعد إمامه، ولا يضر إذا كان ساهيا.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (420). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 400 س: يقول السائل: عندما يسلم الإمام من الصلاة هل يسلم المأمومون الجزء: 12 ¦ الصفحة: 400 بعد التسليمة الثانية، أو الأولى مباشرة (1)؟ ج: بعد الثانية، لا يسلمون حتى يسلم الثانية.   (1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (431). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 401 206 - حكم صلاة من سلم قبل إمامه سهوا س: ما حكم السلام قبل الإمام في حالة السهو؟ هل صلاته صحيحة أم لا (1)؟ ج: إذا سلم المأموم قبل الإمام سهوا فإنه يرجع إلى نية الصلاة، ثم يسلم بعد إمامه ولا شيء عليه، صلاته صحيحة إلا أن يكون مسبوقا، فإن كان مسبوقا بركعة أو أكثر فإنه يسجد للسهو بعد أن يقضي ما عليه، فإذا قضى ما عليه من الركعات سجد للسهو عن سلامه سهوا قبل إمامه.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (36). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 401 207 - حكم صلاة الإمام إذا كان يسلم تسليمة واحدة س: هذا السائل: ف. ص. يقول: لنا في قريتنا مسجد يصلون فيه صلاة الجماعة، ولكن الإمام بعد الانتهاء من الصلاة يسلم على جهة يده اليمنى فقط؛ أي تسليمة واحدة. هل يجوز ذلك (1)؟   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (406). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 401 ج: الصواب لا يجوز، يعلم والذي مضى مضى، ولكن يعلم بأن يسلم ثنتين؛ لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم تسليمتين، عليه الصلاة والسلام، فيعلم هذا الإمام، وما مضى يعفو الله عنه إن شاء الله، لكن لأجل جهله واعتقاده أن هذا هو المجزئ، لكن المستقبل يجاهد نفسه، ويعلم يوضح له أن الواجب عليه أن يسلم تسليمتين. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 402 208 - حكم خروج المأموم من المسجد قبل انصراف الإمام س: بعض الناس بعد انصراف الإمام للمأمومين يقول: لا يجوز للمأموم أن يفارق المسجد ما لم ينصرف الإمام إليه. هل هذا صحيح أم لا (1)؟ ج: محتمل، والأقرب أنه غير صحيح، لكن والأولى له ألا ينصرف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف (2)» والمشهور في الانصراف هنا أنه السلام، الانصراف إليهم مثل ما قال ثوبان: كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا. إذا انصرف يعني: سلم. أما انصرافه إليهم فالأولى أن يصبروا حتى ينصرف إليهم، هذا هو الأولى، ولكن لو قاموا قبل ذلك فالظاهر أنه لا   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (15). (2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (426). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 402 حرج، إنما الانصراف في الحديث المراد به السلام، هذا هو الظاهر من الأحاديث. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 403 209 - حكم صلاة المسبوق ووجه الإمام مقابل له بعد الانصراف من الصلاة س: نعلم أنه من السنة أن يلتفت الإمام بعد السلام، ولكن هناك بعض الناس يكمل صلاته، ويكون وجه الإمام مقابلا له، فماذا يفعل الإمام (1)؟ ج: لا يضره، بل يصلي ويقضي ما عليه، ولو كان أمامه الإمام.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (262). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 403 210 - حكم الاقتداء بالتليفزيون أو الراديو في الصلاة س: إذا كنت أشاهد الناس يصلون في التليفزيون، أو أسمعهم في الراديو فهل لي أن أقتدي وأصلي (1)؟ ج: لا ليس لك ذلك، تصلي وحدك إلا أن تستطيع الخروج إلى الجماعة، وإلا فعليك أن تصلي في المساجد، أما إذا كنت مريضا تصلي وحدك، إن كان معك أحد في البيت يصلي معك فليصل معك؛ كأهلك،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (221). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 403 وإلا صل وحدك والحمد لله، أما إذا كنت تستطيع فالواجب عليك أن تصلي مع الجماعة في مساجد الله، وعليك أن تحذر مشابهة أهل النفاق، أما الصلاة عن طريق الراديو أو من طريق التلفاز، تقتدي بالإمام بصوت المكبر فهذا لا يجوز. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 404 س: تقول السائلة: هل لي أن أصلي مقتدية بما أسمع في الراديو (1)؟ ج: ليس لك ذلك، صلي وحدك، ولا تقتدي بما في الراديو.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (292). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 404 س: من يسمع صوت المصلين هل يقتدي بالإمام وهو في الراديو مثلا (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن كان مقصوده أنه يصلي بموجب الراديو، والذي ينقل صوت الإمام من مسجد آخر فهذا لا يجوز أن يصلي به. أما إذا كان قصده: أنه قد يشوش عليهم الراديو إذا تحدث الراديو بكلام، أو مفتوح هذا ينبغي إغلاقه؛ حتى لا يشوش عليهم وهم يصلون. أما إذا كان المقصود أن يأتم بالراديو، ويصلي خلف الراديو الذي ينقل مثل صلاة الحرم وصلاة المدينة، أو صلاة أي مسجد فهذا لا يجوز؛ لأنه قد ينقطع فتختل العبادة، ولأنه ليس مع الصفوف في المسجد،   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (151). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 404 وهو بعيد عنهم، فليس له أن يقتدي بالراديو، بل يصلون صلاة مستقلة، ليس فيها تعلق بالراديو، وهذا هو الواجب. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 405 211 - حكم متابعة المرأة للإمام وهي في بيتها المجاور للمسجد س: الأخ: ب. م. ع: يقول: زوجتي تصلي صلاة المغرب، وهي تتابع الإمام، تصلي في البيت، فهل ما تفعل صحيح أم لا (1)؟ ج: إذا كانت ترى الإمام، أو ترى المأمومين فلا بأس، وإن كانت لا تراهم فليس بصحيح، فالواجب أن تصلي وحدها، ولكن لا قضاء عليها إن شاء الله، وقيل: إن بعض أهل العلم قال بجواز ذلك، لكن في المستقبل لا تصل مع الإمام إلا إذا كانت تراه، أو ترى بعض المأمومين، أو معهم في المسجد.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (272). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 405 212 - حكم صلاة النساء في مصلى محاذ لصفوف الرجال س: في حضرموت توجد مساجد للنساء ملاصقة تماما لمساجد الرجال، حيث تصلي فيها النساء الفرائض. والسؤال هو: هل للنساء مساجد؟ حيث وضع هذه المساجد التي في حضرموت أنها ملاصقة وموازية للرجال وليس خلفهم، ومفتوح لها باب الجزء: 12 ¦ الصفحة: 405 بالجانب إذا أقيمت الصلاة، وتكون النساء مصافات للرجال، ولكن خلف الإمام (1) ج: لا نعلم لهذا أصلا؛ أنهن يوجد لهن مساجد، وإنما المعروف أنهن يصلين خلف الرجال في مؤخرة المسجد، هذا هو الأولى، أن يكون في المؤخرة خلف الرجال، هذه السنة أن يكن خلف الرجال في مؤخرة المسجد، لكن هؤلاء إذا جعلوا عن يمين الرجال، أو عن شمال الرجال فلا بأس، يصح لأنهن لسن مخالطات للرجال، فصح أن يكن معهم في هذا، إذا كانت صفوفهن توازي صفوف الرجال عن اليمين أو الشمال، فإن الصلاة صحيحة حينئذ، ولا حرج في ذلك، لكن الأفضل والأولى أن تكون مصلياتهن خلف الرجال في مؤخرة المساجد، ويكون بينهن وبين الرجال شيء من الستر، فيكون حسنا حتى يتمكن من الصلاة من غير تعب ولا مشقة، إذا كان بينهن وبين الرجال ستر لا يمنع من رؤيتهن المأمومين، ولا يمنع من سماع صوت الإمام هذا هو الأفضل، لكن وجودهن عن يمين الصفوف، أو عن شمال الصفوف، مثل ما ذكر هنا لا حرج فيه إن شاء الله؛ لأنهن يستفدن من الصلاة مع   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (21). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 406 الإمام، ومن الخطبة ومما قد يقع من المواعظ، هذا كله لا بأس به، والنبي عليه السلام قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله (1)» لكن عليهن أن يخرجن في غير تبرج ولا طيب ولا تكشف؛ حتى لا يفتن الرجال.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء، برقم (900)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة، برقم (442). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 407 213 - حكم متابعة جماعة من المصلين خارج المسجد للإمام في صلاته س: يوجد في الحي الذي نسكن فيه مسجد، ويوجد خلفه مكان يصلي فيه النساء صلاة التراويح في رمضان، وهذا المكان منفصل عن المسجد بجدار، ويمر أمامه بعض الرجال الخارجين من المسجد، ولا نرى الإمام. هل تجوز الصلاة والحال ما ذكر؟ جزاكم الله خيرا، علما بأنا قد صلينا عدة أعوام في ذلكم المكان، جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كنتم ترون المأمومين، أو بعض المأمومين فلا بأس، وإن   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (274). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 407 كنتم لا ترون لا الإمام ولا المأمومين فلا تصلوا في هذا المكان، صلوا في بيوتكم، أو يفتح نوافذ في الجدار الذي عندكم حتى تروا المأمومين، وإلا فصلوا في بيوتكم، والماضي يعفو الله عما سلف، لا حرج في الماضي؛ لأن بعض أهل العلم يرى أنه لا بأس بهذا، لكن الصواب إذا كان المكان خارج المسجد فلا يصلي فيه أحد، إلا إذا كان يرى الإمام أو المأمومين، ولا يكتفى بالصوت سماع الصوت. أما إذا كان البناء ملحقا بالمسجد فإنه لا بأس، كالخلوة ونحوها. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 408 214 - حكم صلاة النساء في مصلى منفصل عن المسجد س: يوجد في بعض الأسواق مصلى للنساء، وهو يلتصق بالمسجد في ذلك السوق، فهل يجب على النساء اللاتي يصلين فيه أن يلتزمن بصلاة إمام المسجد، أم يصلين لوحدهن مع العلم أنهن يسمعن صوت الإمام (1)؟ ج: إن هؤلاء النسوة يصلين لوحدهن، ولا يقتدين بالإمام، وإذا كن لا يرين الإمام ولا يرين المأمومين، وإنما يسمعن الصوت، الصوت لا يكفي ما دمن خارج المسجد، ما دمن خارج المسجد يصلين وحدهن،   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (364). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 408 كل واحدة تصلي وحدها، أما إذا كن يرين الإمام أو المأمومين، أو كن في داخل المسجد فلا بأس، يكفي أن يقتدين بالإمام في هذه الحالة، أما إذا كن خارج المسجد فإنهن يصلين وحدهن إذا كن لا يرين الإمام، ولا يرين المأمومين. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 409 215 - حكم صلاة المرأة وراء الإمام وهي في غرفتها فوق المسجد س: السائلة: ن. ع. من المدينة المنورة، تقول السائلة: امرأة تسكن مع زوجها في الطابق الأعلى من المسجد، وهي تقوم بالصلاة وراء الإمام، وهي في غرفتها فوق المسجد، فهل صلاتها جائزة، أم لا؟ مع العلم أنها تقوم بمتابعة الإمام في الصلاة منذ سنتين تقريبا، فهل الصلاة جائزة وصحيحة، أم لا؟ وإذا كانت غير جائزة هل تقوم بقضائها (1)؟ ج: إذا كانت لا ترى الإمام ولا المأمومين فلا ينبغي لها أن تقتدي بالإمام، بل تصلي وحدها، وما مضى لا إعادة عليها فيه؛ لأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، منهم من رأى جواز ذلك، فنرجو ألا يكون عليها إعادة، ولكن في المستقبل ننصحها أن تصلي وحدها، لا تتابع   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (273). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 409 الإمام إلا إذا كانت ترى الإمام، أو ترى من خلفه، وإلا فإنها تصلي وحدها؛ لأن محلها ليس تابعا للمسجد، المسجد مستقل، وسطح المسجد على ما ذكرته السائلة مستقل؛ لأن الذي بنى المسجد إنما أراد الطابق الأسفل، أما الطابق الأعلى فجعله مسكنا، ليس من المسجد، ولهذا سكنه هو وأهله، فالحاصل إذا كان سطح المسجد ليس تابعا للمسجد فإن أهله ينامون فيه، ويجامع زوجته، ويقضي حاجته؛ لأنه ليس تابعا للمسجد، إنما بني المسجد الذي تحت السقف. أما إذا كان المسجد بني للعبادة، وسقفه تبع له، ناويه تبعا للمسجد فهذا لا يسكن فيه فوق للمرأة وأهلها يجامعها فيه وتحيض فيه وتقضي حاجتها؛ لأنه من المسجد، بل يصلى فيه ويحفظ ويصان؛ لأنه تابع للمسجد. أما إذا كان المسجد إنما هو الأسفل، والذي بنى المسجد ما نوى السطح تبعا للمسجد، بل نواه سكنا له أو للتأجير فهذا مستقل، ولا يكون له حكم المسجد، والساكن فيه لا يصلي فيه تبعا لإمامة المسجد، إلا إذا كان يرى الإمام أو يرى من خلفه، أو بعضا من المأمومين، وإلا فإن المرأة فيه تصلي وحدها، أو المريض الذي فيه يصلي وحده، لا يصلي مع الناس، ما دام لا يرى الإمام ولا يرى بعض من خلفه، لكن إذا كان السقف تابعا للمسجد فإنه لا يتخذ سكنا؛ بحيث يجامع الرجل فيه الجزء: 12 ¦ الصفحة: 410 امرأته، وبحيث يقضي حاجته من بول أو غيره، أو تجلس فيه الحائض؛ لأنه تابع المسجد، أما إذا كان ليس تابعا للمسجد فما تحته فهو مملوك لأهله. أما إذا كان المسجد يتكون من دورين لا يشترط على الذين في الدور العلوي أن يروا الإمام أو بعض من خلفه؛ لأنه تابع للمسجد، مثل الخلوة في المسجد، بشرط أن يسمعوا الصوت. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 411 216 - حكم الصلاة فوق سطح المسجد س: ما الحكم في الصلاة فوق سطح المسجد، علما أن السطح ينفصل عن المأمومين الذين يقعون خلف الإمام، وربما تقدمت الصفوف التي في السطح على الإمام (1)؟ ج: الصلاة في السطوح صحيحة، سطح المسجد أو سطح الخلوة، ما داموا يستطيعون متابعة الإمام بالرؤية، أو بسماع التكبير صارت صلاتهم صحيحة؛ لأنهم في المسجد ومع الإمام، لكن لا يتقدموا على الإمام، يكونون خلف الإمام أو عن يمينه وشماله، ولا يتقدموا عليه، لا يجوز التقدم عليه، بل الواجب أن يكونوا خلفه، وعند الحاجة عن يمينه وشماله، وإلا فليكونوا خلفه، مثل الصفوف التي وراءه بالأسفل،   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (41). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 411 وصلاتهم صحيحة إذا تمكنوا من المتابعة؛ برؤية الإمام أو رؤية من وراءه، أو سماع الصوت. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 412 217 - حكم الصلاة في توسعة المسجد الحرام س: هذه رسالة وصلت من مستمعة للبرنامج تقول: هل تجوز الصلاة في المكان الواسع؛ أي أمام باب السلام في مكة؛ أي خارج الحرم؟ علما بأنه يوجد أماكن واسعة داخل الحرم في صلاة الجماعة. وكذلك هل تصح الصلاة في بئر زمزم (1)؟ ج: الواجب الدخول إلى المسجد والصلاة مع الجماعة في المسجد، فإذا كان هناك صفوف في الخارج فلا حرج أن يصلي معهم، أما أن يصلي وحده في الخارج فلا، يدخل ويصف مع الناس، ولو فرضنا أن هناك صفوفا في الخارج وصفوفا في الداخل، وأمكنه الدخول فإن المشروع له والأفضل أن يدخل حتى يكمل الصفوف الأولى. ولا حرج في الصلاة في زمزم، وعلى ظهر زمزم لا بأس.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (357). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 412 218 - بيان الأعذار التي تجيز التخلف عن صلاة الجماعة س: يقول السائل: ما هي الأعذار التي تجيز للمسلم التخلف عن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 412 حضور صلاة الجماعة في المسجد (1)؟ ج: الأعذار ذكر العلماء منها عدة: منها المرض؛ مثل المريض الذي يشق عليه الخروج. ومنها: الخوف لو خرج يخشى على نفسه. ومنها: حضور أحد الخبثين: البول والغائط، كونه يتخلف لقضاء حاجته نزل به هذا، ولم يتيسر له الخروج لقضاء الحاجة، وفاتته الجماعة فهو معذور، لكن ينبغي له أن يتحرى قبل ذلك؛ ليتفرغ للجماعة، لكن لو حدث أراد الخروج فحدث به حادث البول، أو الغائط فإنه مأمور للتخلص منهما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (2)» ومنها: إذا حضر الطعام بين يديه يبدأ به، لا يتخذه عادة يقدم الطعام حتى يتخلف عن الصلاة، لكن لو قدم بين يديه في بيته، أو عند بعض من استضافهم فإنه يبدأ بالطعام ولو فاتته الجماعة، هذه الأعذار. ومنها: لو كان بعيدا لا يسمع النداء، المساجد بعيدة عنه لا يسمع النداء فهذا عذر أيضا، أما إذا كان يسمع النداء فيلزمه أن يجيب، من طريق الصوت العادي، أما من طريق المكبرات فقد يسمع   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (247). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 413 من بعيد ولا يلزمه، لكن إذا كان بالصوت العادي بدون مكبر يسمع عليه أن يجيب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1)» أو كان في البلد يجيب؛ لأن البلد لو هدأت الأصوات لسمع، عليه أن يجيب ويصلي مع الناس ولا يتأخر.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 414 219 - حكم التخلف عن صلاة الجماعة لعذر س: أعيش في منزل ليس فيه سوى والدي وزوجتي وطفلين صغيرين، وفي إحدى المرات أمرني والدي أن أصلي الفجر في المسجد، لكن زوجتي استحلفتني بالله ألا أخرج من البيت إلا بعد مجيء والدي من المسجد؛ خوفا من بقائها وحدها، وعندما عاد والدي وسألني عن عدم ذهابي إلى المسجد أخبرته، فاستحلفني بالله ألا أذهب إلى المسجد، وأن أصلي في البيت، فأخبرته أن صلاة المسجد أفضل من صلاة المنزل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد». ومع هذا أصر علي أن أصلي في البيت، وأنني إذا خرجت فسوف لن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 414 يسمح لي بدخوله مرة أخرى، فأطعته امتثالا لأمره. أفتوني في هذا جزاكم الله خيرا، ولا سيما أن الزوجة تشكو دائما من بقائها وحدها في المنزل (1) ج: إذا كان على زوجتك خطر وهي غير آمنة؛ لأن حولها من يخشى منه فلك عذر أن تصلي في البيت خوفا على زوجتك. أما إذا كان المحل آمنا، ولا شبهة فيما ذكرته الزوجة، وإنما هو تساهل منها فصل في المسجد، وأطع الله قبل والدك، عليك أن تصلي في المسجد مع المسلمين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وفي حديث آخر: قد سأله رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة إن صليت في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (3)» رواه مسلم في الصحيح. والرسول أمر أعمى ليس له قائد يلائمه أن يصلي في المسجد ولم يعذره، فأنت أولى وأولى. ولا تلزم طاعة الوالد في خلاف الشرع؛ لأن الرسول   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (164). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 415 يقول عليه الصلاة والسلام: «إنما الطاعة في المعروف (1)» ويقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل (2)» لكن إذا كانت الزوجة غير آمنة، والمحل غير آمن، والخطر موجودا فلا بأس، هذا عذر شرعي. أما حديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (3)» فهذا حديث ضعيف. ليس محفوظا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه مشهور عن علي رضي الله عنه، ولكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يغني عن ذلك؛ وهما الحديثان السابقان: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (4)» وحديث أبي هريرة في قصة الأعمى الذي تقدم ذكره، قال للأعمى: «أجب (5)» هذان الحديثان الصحيحان يغنيان عن حديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، برقم (1840). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1098). (3) أخرجه الدارقطني في سننه، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر (ج1 419). (4) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 416 في المسجد (1)». المقصود أن الواجب على المسلمين من الرجال أن يصلوا في المساجد، وأن يكثروا سواد المسلمين، وأن يخرجوا إلى المسجد، وألا يتشبهوا بالمنافقين، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني في البيت - إلا منافق معلوم النفاق (2)» وقد هم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرق على من تخلف بيته. فالواجب عليك وعلى كل مسلم قادر أن يصلي في بيته إلا من عذر شرعي؛ كالمرض والخوف. رزق الله الجميع الهداية والتوفيق.   (1) أخرجه الدارقطني في سننه، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر (ج1 419). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 417 220 - حكم صلاة العامل في محل عمله لعذر س: الأخت: خ. أ. ع. من الرياض، تقول: سماحة الشيخ، هل يجوز لمن يمنعه عمله من الصلاة مع الجماعة أن يصلي وحده إذا كان ليس معه أحد يصلي في العمل، أم يجب عليه ترك العمل (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن كان عمله يمنعه من الجماعة؛ لأنه عمل خطير، لو ذهب عنه لوقع الخطر كالحارس هذا له العذر، يصلي في محل حراسته، أما إذا كان يستطيع أن يذهب ويرجع؛ لأنه لا خطر في ذلك فإنه   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (148). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 417 يذهب ويرجع لعمله كسائر الموظفين، إذا أذن الظهر خرجوا للصلاة ثم رجعوا إلى عملهم، ليس في هذا شيء، ولا يجوز له أن يصلي وحده، بل يجب عليه أن يصلي مع المسلمين في مساجدهم، ثم يرجع إلى عمله، أما إن كان عمله يقتضي أن يلازم المحل، وألا يتعدى المحل، كالحارس مثلا ونحوه، ممن أعمالهم توجب لزومهم المكان الذي عينوا فيه؛ لأن فراقه يحصل به خلل من حراسة ونحوها فهؤلاء يصلون في محلهم، ويكون عذرا لهم هذا العمل الذي وكل إليهم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 418 221 - حكم تأخير أداء الصلاة مع الجماعة لعذر العمل س: يسأل المستمع ويقول: أنا أعمل في مدرسة كمشرف، والدوام يستمر حتى انتهاء صلاة الظهر، ولا أستطيع الخروج من المدرسة لأداء الصلاة في الجماعة الأولى، فهل يجوز لي تأخير الصلاة إلى ما بعد انتهاء الدوام (1)؟ ج: الواجب عليك أن تصلي مع الجماعة في المسجد أو في محلكم، إن كان أمكنك الخروج إلى المسجد وجب عليكم جميعا أن تصلوا في المسجد إذا كان المسجد قريبا تسمعون الأذان، فإن كان   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (384). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 418 المسجد بعيدا وجب أن تصلوا جماعة في محل العمل، وليس لأحد منكم أن يصلي لوحده؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالجماعة، وقال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1)» وقال له رجل أعمى: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2)» فالواجب على المؤمن أن يصلي مع الجماعة، إن أمكن صلى في المسجد، وإن كان المسجد بعيدا صلوا جماعة في محلهم؛ محل عملهم، وليس لأحد أن يتخلف.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 419 222 - حكم صلاة المسافر في مقر سكنه مع قرب المسجد س: كان لدي ضيوف، فحان وقت صلاة العشاء، فقلت لهم: حان وقت الصلاة في المسجد. فلم يستجيبوا لي، فكررتها عليهم عدة مرات، لكنهم ظلوا في البيت، فهل قمت بواجبي نحو أمرهم بالمعروف (1)؟ ج: إذا كانوا مسافرين فلهم أن يصلوا في البيت قصرا، إذا كانوا   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (335). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 419 مسافرين، مروا بك مسافرين، ليسوا مقيمين في البلد مدة تزيد على أربعة أيام فإن كانوا في السفر، ومروا ضيوفا وهم اثنان فأكثر فلهم أن يصلوا قصرا في البيت، وإن صلوا مع الناس صلوا أربعا. أما إذا كانوا ضيوفا من أهل البلد، أو ناوين الإقامة أكثر من أربعة أيام فعليهم الصلاة في المسجد مع الناس، والواجب عليهم السمع والطاعة، وألا يخالفوك، بل يجب عليهم أن يخرجوا إلى المسجد، ويصلوا مع الناس، وإذا أبوا أديت ما عليك، وعليك أن تصلي مع الناس، ثم ترجع إليهم، تخرج وتصلي مع الجماعة ثم ترجع. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 420 223 - حكم صلاة الحارس في مقر عمله س: أنا أقيم حاليا في الرياض، وأعمل في مزرعة بجوار المسجد، وحصلت عندنا سرقة غنم نهارا، وصاحب المزرعة منعني أن أصلي في المسجد، وأمرني أن أصلي في المزرعة كل الأوقات الخمسة؛ حتى أكون حارسا على المزرعة وما فيها، وحتى لا تتكرر السرقة. هل صلاتي والحال ما ذكر جائزة، أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (221). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 420 ج: الحراسة عذر شرعي في التخلف عن الجماعة، ولا حرج عليك في ذلك، فالحارس في المزرعة أو على دكان أو على بيت، أو نحو ذلك معذور عن حضور الجماعة؛ لمسيس الحاجة إلى الحراسة، ولا حرج في ذلك إن شاء الله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 421 س: أعمل حارسا في عمارة، ولا أتمكن من الصلاة في المسجد سوى يوم الجمعة وصلاة الفجر فقط؛ وذلك لظروف معينة، فهل يلزمني حينئذ شيء؟ وهل أكون آثما (1)؟ ج: إذا كنت حارسا، ولا يسمح لك بترك الحراسة وقت الصلاة فلا حرج عليك أن تصلي في مكان الحراسة؛ لأنك معذور في طلب الرزق، وفي حفظ مال من استأجرك، فكون الإنسان حارسا على بيت أو دكان، أو أشياء أخرى له العذر أن يصلي في مكانه، وتسقط عنه الجماعة.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (337). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 421 224 - حكم صلاة الراعي في الصحراء وحده س: أنا مقيم وأعمل بالمملكة العربية السعودية راعيا للإبل، وليس بجواري مدينة أو قرية، وأنا رجل مسلم أحب الصلاة، فماذا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 421 أفعل في هذا الأمر حيث لا أجد جماعة من المصلين أصلي معهم؛ لأنني في الصحراء أرعى الإبل؟ ج: الحمد لله، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، تصلي في مكانك مع إبلك، تصلي في مكانك الذي أنت فيه، ولا يلزمك أن تذهب إلى المساجد، ما عندك مساجد، ما عندك إلا الصحراء، تصلي في الأرض التي أنت فيها والحمد لله، ولا حرج عليك، فإذا قدمت البلد تصلي مع الناس في المساجد، وما دمت في البر ترعى الإبل، أو الغنم أو البقر تصلي في مكانك والحمد لله.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 422 225 - حكم صلاة المزارع في المزرعة لبعد المسجد س: أنا مقيم في مزرعة تبعد عن المسجد أكثر من ستة ونصف كيلو، هل يجوز لي أن أصلي في المزرعة (1)؟ ج: نعم لأنك بعيد، حتى وأنت ومن معك من العمال في المزرعة، ولك أن تهيئ مسجدا تصلي فيه أنت ومن يحضر معك، وإن تكلفت وذهبت إلى المسجد فأنت على خير عظيم.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (325). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 422 226 - حكم صلاة حارس المستودع وحده لظروف العمل س: السائل: ق. م. س. من جمهورية مصر ويعمل في الرياض طريق الخرج، يقول: أعمل حارسا في مستودع في إحدى الشركات، وظروف العمل تضطرني للتواجد أربعا وعشرين ساعة؛ حيث لا يوجد بديل غيري، والمستودع الذي أعمل فيه لا يوجد فيه أحد غيري، وأضطر للصلاة بمفردي حيث لا يوجد مسجد قريب مني، فهل تعتبر صلاتي صحيحة وحالي ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم لا بأس، صلاتك صحيحة والحمد لله، وأنت معذور حتى ولو كان قربك مسجد، إذا كان ذهابك فيه خطر على المستودع تصلي وحدك؛ لأنك معذور، أما إذا كان لا خطر، وبقربك مسجد، وتسمع الأذان وجب عليك أن تصلي في المسجد، أما إذا كان الذين جعلوك لا يرضون بهذا، ويخشون على مستودعهم فالحارس معذور إذا صلى في محله.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (327). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 423 227 - بيان أن المتخلف عن صلاة الجماعة لعذر يرجى له أجر الجماعة س: نحن في الأمن الصناعي، دوامنا ورديات، وبالطبع تمر علينا الصلوات، وأحيانا نضطر ليصلي كل واحد منا بمفرده. سؤالنا: هل تكتب لنا صلاة الجماعة وأجرها، علما بأننا نصلي أحيانا فرادى (1)؟ ج: إذا اضطر الإنسان للصلاة مفردا، وهو معذور لمرض أو حراسة يرجى له أجر الجماعة؛ لأنه معذور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيما صحيحا (2)» وفي قوله صلى الله عليه وسلم لمن تخلفوا عن غزوة تبوك في المدينة، قال عليه الصلاة والسلام: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم " قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم العذر (3)» وفي لفظ آخر: «حبسهم المرض (4)»   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (323). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996). (3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423). (4) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 424 فالمعذور له أجر العاملين إذا كان تخلف من أجل العذر الشرعي. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 425 228 - بيان من تسقط عليهم الجمعة والجماعة س: م. م. د: هل الجندي أثناء عمله ليس عليه جمعة ولا جماعة (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: الجندي إذا كان حارسا على شيء للدولة؛ كأن يكون حارسا على سجن أو حارسا على مال يخشى عليه، أو على محل من المحلات يخشى أن تنتهك هذا ليس عليه جماعة ولا جمعة، بل يصلي فردا. أما جنس الجندي إذا لم يكن حارسا على شيء، ولا مريضا فإن عليه ما على الناس المصلين؛ الجمعة والجماعة، هذا الإطلاق ليس له وجه، الجندي مثل غيره إلا إذا كان هناك عذر شرعي؛ مرض أو خوف لو خرج إلى الجماعة أو الجمعة، أو كان حارسا على شيء يخشى عليه؛ كالحارس على باب السجن أو على أموال يخشى عليها، أو ما أشبه ذلك هذا عذر.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (3). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 425 229 - حكم من حضر صلاة الجماعة وفيه رائحة كريهة تؤذي المصلين س: الرسالة وصلت إلى البرنامج من الخرطوم، يقول فيها: إنني - والحمد لله - من المواظبين على حضور الجماعة في المسجد، إلا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 425 أنه اعتراني منذ سنوات مرض أصاب حلقي، فنتج عن هذا انبعاث رائحة كريهة يتضايق منها من يقف بجانبي، وهذا يسبب لي حرجا شديدا، ويجعلني غير خاشع في صلاتي. فأرشدوني وفقكم الله ماذا أفعل؟ هل هذا من الأعذار المبيحة لترك الجماعة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أن يشهد الصلاة مع المسلمين؛ لأن ذلك يؤذي المسلمين ويؤذي الملائكة، فإذا كان هذا الذي يخرج منك له رائحة كريهة تؤذي المسلمين، وأنت لا تستطيع علاجها فلا حرج عليك في التخلف عن الجماعة، بل هذا هو المشروع لك، المشروع أن تتخلف عن الجماعة ولا تؤذي الناس، وتصلي في بيتك، إلا إذا وجدت حيلة وعلاجا لهذا الأمر الذي حصل لك فإنه يلزمك حينئذ أن تعالج لإزالة هذه الرائحة بالدواء المباح؛ لعلك تسلم من شره، وتحضر الجماعة مع إخوانك. المقصود أن المشروع لك أن تعالج هذا الداء؛ حتى تزول هذه الرائحة الكريهة، فإن لم يتيسر ذلك، أو عالجت ولم يحصل فائدة، وأنت تعلم أنه يؤذي من حولك فأنت معذور.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (308). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 426 230 - بيان العذر الشرعي للمتخلف عن جماعة المسجد س: أسكن في منطقة تكاد تكون بعيدة عن أقرب المساجد؛ مما لا يمكنني من تأدية صلاة الفجر، وأقوم بتأديتها في وقتها في المنزل، هل أنا آثم (1)؟ ج: إذا كان المسجد بعيدا لا تسمع النداء فإنك معذور، أما إذا كنت تسمع النداء لو كانت الأرض متهيئة، وما فيها أصوات تمنع ولا فيها أشياء تمنع فإنك تذهب إلى المسجد. فالمقصود صوت المؤذن بدون المكبر إذا كنت تسمع الصوت المعتاد عند هدوء الأصوات، تسمعه فعليك السعي إليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» وجاء الرسول عليه الصلاة والسلام الأعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال عليه الصلاة والسلام:   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (328). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 427 " هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (1)» هذا رجل أعمى، فأمره النبي أن يجيب، وليس له قائد يقوده، فكيف بحال البصير القادر! المقصود أن عليك الإجابة إذا كنت في محل تسمع فيه النداء، فأنت عليك الإجابة، أما إذا كنت بعيدا لا تسمع فيه النداء فلا يلزمك، وإن تجشمت المشقة وصبرت بالسيارة، أو على قدميك فأنت على خير عظيم.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 428 س: إذا كان لرجل بيت على رأس جبل، وليس بجانبه بيوت فهل له أن يصلي بأسرته جماعة؟ وكيف يكون حالهم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانت المساجد بعيدة لا يسمع النداء صلى وحده، وإن صلى بأهله فلا بأس، أو صلى بنسائه يكن معه فلا بأس، أما إن كان عنده أولاد فليصل وإياهم، أو عنده إخوة أو خدم يصل كما يصلي الناس، يكون هو الإمام ويصلون خلفه، وإذا صلى نساؤهم معهم خلفهم يكون هذا لا بأس به، أما إن كان بقربهم مساجد، يسمعون النداء فالواجب عليهم السعي إلى المسجد؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (327). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 428 سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1)» إذا كان المسجد قريبا، يسمع نداءه بدون مكبر لقربه فيلزمه الذهاب إليه، أما إن كان بعيدا لا يسمعه إلا بالمكبر لبعده فهذا لا يلزمه، وإن ذهب إليه يطلب الأجر فهذا خير وأفضل.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 429 س: هناك مجموعة من الرجال يسكنون في منزل بعيد عن الناس، فهو بعيد قليلا، وأقرب مسجد لهذا المنزل يبعد أكثر من الكيلو بقليل، وهم يسمعون النداء من مساجد تبعد أكثر من كيلوين؛ بسبب عوامل منها قوة مكبرات الصوت، ومن هؤلاء الرجال من يجيد القراءة، وقد جعلوه إماما، وجعلوا لهم مكانا مخصصا للصلاة، وهم يصلون الصلوات كلها جماعة، ويقيمون الصلاة، فهل يجوز لهؤلاء الصلاة في مسجدهم الخاص هنا، حتى ولو كانوا ثلاثة أو أربعة، مع أن وسائل النقل موجودة، وهي تصعب في بعض الأوقات؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانوا يسمعون النداء بدون المكبر، إذا استمعوا له في الأوقات الهادئة، يسمعون النداء فيلزمهم الذهاب إلى المسجد على   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (320). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 429 أقدامهم أو بواسطة وسائل النقل، أما إذا كانوا بعيدين بحيث لا يسمعون النداء إلا بالمكبر فإنه لا يلزمهم، وإذا صلوا جماعة في مكانهم كفى ذلك، وإذا صبروا وذهبوا إلى المساجد، ولو ما سمعوا النداء إلا بالمكبر، ذهبوا على الأقدام أو بواسطة وسائل النقل هذا خير لهم وأفضل وأبعد عن الشبهة، وعن التساهل بهذا الأمر العظيم، فنصيحتي لهؤلاء الصبر على بعض التعب والذهاب إلى المساجد؛ لأن الشيطان قد يزين لهم التساهل، ويقول لهم: إنكم لا تسمعون النداء. هم يسمعون النداء لو استمعوا، لكن ينبغي للمؤمن أن يتحرى الخير وأن يسارع إليه، وأن يبتعد عن الشبهة؛ حتى لا يتهم بالتساهل في أمر الله. والذهاب على الأقدام كله خير؛ لأن كل خطوة يرفعه الله بها درجة ويحط بها عنه خطيئة، ويكتب الله بها حسنة، هذا خير عظيم، وهكذا في السيارات كذلك، فنصيحتي للجميع العناية بالصلاة في الجماعة، والذهاب إلى المساجد ولو فيها بعض التعب اليسير، فالحمد لله لكن الرخصة لهم رخصة إذا كانوا لا يسمعون النداء إلا بالمكبرات، لا يسمعون النداء لبعد المسجد عنهم فلا حرج عليهم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 430 231 - حكم أداء الصلاة بحضرة الطعام س: إذا أذن المؤذن للصلاة, وأنا أتعشى فهل يصح لي ترك الطعام للذهاب إلى المسجد، وهل هذا ينطبق إذا لم أبدأ بالأكل بعد؟ أرجو الإيضاح جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم إذا أحضر العشاء عند صلاة المغرب أو العشاء أو العصر قدم الأكل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدؤوا بالعشاء (2)» في اللفظ الآخر: «إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا المغرب (3)» في اللفظ الآخر: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان (4)» المؤمن إذا حضر طعامه يبدأ بالطعام؛ لأنه إذا ذهب إلى الصلاة، والطعام قد حضر ذهب وقلبه مشغول فلا يؤديها كما ينبغي، فيبدأ بالطعام ثم يصلي الصلاة بقلب   (1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (175). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة، باب إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه، برقم (5465)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (557). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، برقم (672). (4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 431 مقبل فارغ، يخشع في الصلاة ويقبل عليها، لكن لا ينبغي له أن يجعل ذلك عادة له، ويأمرهم بإحضار الطعام وقت الصلاة، لا، بل يجب عليه أن يبدأ بالصلاة ويعتني بالصلاة ولا يقوم بإحضار الطعام، لكن لو صادف أنه أحضر الطعام فإنه يبدأ به، لكن لا يجوز أن يتخذه عادة ويحتج به لإضاعة الصلاة في الجماعة، نعوذ بالله من ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 432 232 - حكم صلاة الرجل في البيت لمشقة الطريق إلى المسجد س: رسالة من المستمع: م. ع. ح. من مكة المكرمة، له سؤال طويل يقول فيه: لقد أصبت بمرض منذ ثماني سنوات، فجعلني حبيس المنزل، وهذا المرض اكتئاب شديد، ثم إني استقلت من العمل نتيجة لذلك المرض، ولا أستطيع الخروج من المنزل أو الذهاب إلى المسجد؛ لأن المسجد في مكان مرتفع، وكما تعلمون أن معظم منازل مكة مرتفعة، ولا أستطيع الصعود إليه؛ لأنه كما سبق وذكرت أنني مريض، رغم أني أصلي صلاة الجمعة في المسجد، أما باقي الصلوات فإنني أصليها في المنزل، فهل علي إثم في هذا رغم أنني - ولله الحمد - أصلي النوافل، وأسبح الله كثيرا ولله الجزء: 12 ¦ الصفحة: 432 الحمد؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: نسأل الله أن يمنحك الشفاء والعافية، وأن يثبتنا وإياك على الهدى، والله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3)» فإذا كنت لا تستطيع الوصول إلى المسجد في الصلوات الخمس فإنه لا بأس عليك أن تصلي في البيت. أما إن كنت تستطيع فالواجب عليك أن تصلي في المسجد مع إخوانك، وأن تحذر الكسل وطاعة الشيطان، وأن تحذر أيضا التشبه بالمنافقين المتخلفين عن الصلاة في الجماعة، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (4)، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (5). فنوصيك بالجد والنشاط والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وسؤال الله   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (320). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337). (4) سورة الطلاق الآية 2 (5) سورة الطلاق الآية 4 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 433 العافية والشفاء وأنت في السجود، وفي آخر الصلاة، وفي صلاة الليل، وبين الأذان والإقامة، اسأل ربك واضرع إليه بصدق أن يعافيك، وأن يمنحك الشفاء، وأن يعينك على كل عمل يرضيه. وأبشر بالخير إذا صدقت، والله جل وعلا سوف يعينك على أداء ما فرضه عليك على الوجه الذي يرضيه سبحانه وتعالى. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 434 233 - حكم صلاة من يدافعه الأخبثان س: إذا كان الإنسان مصابا بمرض، كثير التبول، إذا دخل الخلاء وقضى حاجته ثم توضأ وذهب إلى المسجد، وبعد حوالي عشر دقائق جاء البول فهل يصلي؟ أو هل يترك الصلاة ويذهب يتبول؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خيرا (1) ج: إذا حضرت الصلاة وحضر ما يشوش عليه صلاته؛ من بول أو غيره فإنه ينفتل ينصرف من المسجد ليتوضأ؛ لأن النبي عليه السلام قال: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (2)» والأخبثان هما البول والغائط، إذا كانا يدافعانه ويشقان عليه فإنه لا   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (34). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 434 يصلي، بل يرجع إلى البيت حتى يتخلص منهما، ثم يصلي ولو في بيته، إذا كان لا يلحق على الجماعة يصلي في بيته؛ فصلاته في بيته مع الخشوع والسلامة من المدافعة أولى، وأفضل من صلاته مع الإمام وهو يدافع الأخبثين، والرسول صلى الله عليه وسلم أراد بهذا العناية بالصلاة وتعظيم شأنها؛ حتى تؤدى على خير وجه، فالمشغول بالبول أو بالغائط قد لا يؤدي الصلاة على الكمال، قد ينشغل بهذين الأخبثين فلا يؤديها كما ينبغي، لكن لو كان التأثر بهما قليلا ضعيفا، ما يشوش عليه صلاته فإنه يصلي ثم يخرج ولا يذهب إلى البيت، إذا كانت المسألة خفيفة المدافعة لا تؤثر على صلاته، ولا تخل بخشوعه؛ لأنه إنما أحس بشيء قليل لا يشق عليه فإنه يصلي. أما إذا كانت المدافعة شديدة وقوية فإنه يخرج من المسجد، بل ويقطع الصلاة حتى يتفرغ منهما. وفي مثل حالة السائل لإصابته بمرض سرعة التبول فإن الأولى ألا يعجل بحضوره للمسجد بالوضوء؛ حتى يكون مجيئه قرب إقامة الصلاة؛ حتى يتمكن من أدائها مع الجماعة، ثم يرجع سليما، هذا ما ينبغي أن يلاحظه الذي أصيب بسلس البول أو الريح أو ما أشبه ذلك، ينبغي له أن يتحرى قرب الإقامة حتى يتمكن من الأمرين: صلاة الجماعة وسلامة الطهارة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 435 234 - حكم التخلف عن صلاة الجماعة بسبب النوم س: هل النوم يعد عذرا للتخلف عن صلاة الجماعة أو تأخيرها بحيث لا يخرج وقتها، خاصة إذا كان الإنسان مجهدا في عمل معين، وذلك لحديث: «من نسى صلاة أو نام عنها (1)» وحديث: «رفع القلم عن ثلاثة (2)» وذكر منهم النائم، أرجو من سماحتكم التوضيح (3) ج: إذا كان النائم معذورا؛ يعني فعل الأسباب واجتهد وغلبه النوم فلا بأس، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (4)» فقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم مرات في السفر، ناموا عن الصلاة، فلما استيقظوا قضوا، ولكن مع الحيطة بحيث يجعل ساعة يركدها على وقت الصلاة، أو بعض أهله يوقظونه، ولا يسهر بل يبكر بالنوم، وعليه أن يتعاطى الأسباب التي   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (959). (3) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (307). (4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 436 تعينه على ذلك القيام، فإذا غلب ولم تنفع الأسباب فهو معذور، أما إذا تساهل ويسهر الليل، ثم يقول: أقوم. هذا هو الذي يتعاطى أسباب عدم القيام، فهو آثم حتى يفعل الأسباب الشرعية من عدم السهر، كأن يجعل الساعة لتعينه على ذلك، أو بعض أهله يوقظونه، المقصود لا بد من تعاطي الأسباب، فإذا تعاطى الأسباب الشرعية واجتهد ثم عاوده النوم فهو معذور. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 437 235 - حكم تخلف حارس الممتلكات عن الجمعة والجماعة س: أنا حارس على شيء مهم من ممتلكات الدولة، وحولي مسجد جمعة، ولكن أخشى بعد ذهابي على ما كلفت بحراسته، فهل يجوز لي تركه والذهاب للصلاة (1)؟ ج: لا تذهب؛ لأن الحراسة عذر، الحارس على شيء مهم يخشى عليه ليس له أن يدعه ويذهب إلى صلاة الجمعة والجماعة، عليه أن يصلي في محله، ويسقط عنه حضور الجمعة والجماعة في هذه الحال، إلا إذا وجد من ينوب عنه ممن لا جمعة عليه؛ كالمملوك والنساء وأشباه ذلك.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (33). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 437 236 - حكم صلاة الرجل في محله إذا لم يسمع الأذان لبعد المسافة س: الأخ: ع. ط. يقول: عملي يتطلب وجودي به طول الوقت، والمسجد بعيد عني بحيث لا أسمع الأذان، فهل تصح الصلاة لوحدي (1)؟ ج: إذا كنت لا تسمع الأذان مع هدوء الأصوات، ومع كون الوقت ليس فيه ما يمنع سماع الصوت فإنك لا يلزمك الحضور، أما إذا كان عدم سماع الأذان من أجل وجود أصوات، أو رياح تمنع الصوت عن جهتك، أو ما أشبه ذلك - وإلا لو كانت الأصوات هادئة والجو هادئا لسمعت - فإنه يلزمك؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وإذا اجتهدت في ذلك وتحريت الصلاة مع المسلمين - ولو كنت بعيدا - فهو خير لك وأفضل لك، وأبعد لك عن الشبهة مع الأجر العظيم في أداء الصلاة في الجماعة، لكن لا يلزمك إلا إذا كنت تسمع النداء في الوقت الذي يسمع فيه النداء، ليس هناك موانع تمنع من صوت المؤذن.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (202). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 438 س: الأخ: م. ر. ع. مصري مقيم في الأردن يقول: أنا رجل أعمل في الجزء: 12 ¦ الصفحة: 438 مزرعة وأسكن فيها، وهذه المزرعة تبعد عن المسجد حوالي أربعة كيلو أمتار، لا أملك ما أركبه، فهل يجوز لي أن أصلي مع زوجتي؟ وهل يصح معها الصلاة لو كان يصلي معي شخص آخر؟ وما هي شروط ذلك (1)؟ ج: إذا كان الأمر كما قلت فإنك تصلي وحدك، ولا حاجة إلى أن تصلي معك زوجتك، وإن صلت معك خلفك فلا بأس، لا تصلي إلى جنبك، لكن تصلي خلفك، المرأة لا تصف مع الرجال، أما أن يصلي معكما شخص آخر أجنبي فلا، أما إذا كان أخاها أو عمها أو أباها يكون عن يمينك وهي خلفكما، أما إذا كان أجنبيا فلا تصلي معكما، إلا إذا صلت وهي مستورة متحجبة، لا يرى منها شيء فلا بأس والحمد لله، كما كان النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا تصلي مكشوفة أو متساهلة، بل تصلي وحدها في محل آخر إذا كان معك أجنبي من العمال أو غيرهم، وإذا صلت خلفكم مستورة فلا حرج في ذلك والحمد لله.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (257). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 439 س: يسأل المستمع ويقول: إنني أعمل مزارعا، والمزرعة تبعد عن الجزء: 12 ¦ الصفحة: 439 المسجد، ولا أستطيع صلاة الجماعة، فبماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كنت بعيدا لا تسمع النداء فصل في المزرعة والحمد لله، وأما إذا كنت قريبا تسمع النداء العادي إذا أذن وجب عليك أن تصلي مع الجماعة، أما صوت المكبر فهذا لا يتعلق بالحكم؛ لأنه يسمع من بعيد، لكن إذا كنت تسمع النداء بغير مكبر عند هدوء الأصوات وعدم الموانع فالواجب عليك البدار، وتصلي مع الناس، إذا كنت لا تخشى على المحل الخطر بادر وصل مع الجماعة، ولا حرج عليك بترك الصلاة مع الجماعة إذا كنت لا تسمع النداء، فصل في محلك، وهكذا لو كنت في محل تخشى عليه إذا ذهبت فإنك تصلي فيه؛ حفاظا عليه وحذرا من الخطر إذا لم يكن فيه من يصونه، أما إذا كنت تستطيع إغلاق الأبواب، أو وجود من يحرسه، والمقصود أنه إذا كان لا خطر فالواجب عليك أن تصلي مع الجماعة إذا سمعت النداء؛ إذا كنت تسمع النداء في الأوقات التي ليس فيها ما يمنع صوت النداء، أما صوت المكبر فهذا قد يسمع من بعيد، ولا يتعلق بالحكم، فالحكم في الصوت العادي عند هدوء الأصوات وعدم وجود الموانع، فالواجب عليك السعي وأن تؤدي   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (346). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 440 الصلاة مع المسلمين. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 441 س: السائل رجل يقول: أعمل في المزرعة في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، وأعمل في المزرعة طوال الوقت وأصلي الفروض داخل المزرعة، وأما يوم الجمعة فإن صاحب المزرعة لا يسمح لي بالذهاب لصلاة الجمعة , فكيف تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كنت قريبا من المسجد تسمع النداء فعليك أن تذهب إلى المسجد، أما إذا كنت بعيدا لا تسمع النداء فلا حرج أن تصلي في المزرعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» ولأنه صلى الله عليه وسلم جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (3)» هذا أعمى وليس له قائد، ومع هذا أمره النبي أن يجيب عند سماع المؤذن، وأن يحضر مع الجماعة هكذا، وفي غير ذلك يلزمه أن يصلي مع الجماعة في المساجد   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (363). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551). (3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 441 إذا كانوا قريبين يسمعون النداء، وإلا صلوا في محلهم جماعة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 442 س: السائل يقول: إذا كان المسجد بعيدا عن المصلى وهو لا يملك سيارة تقوم بنقله, فهل يستأجر سيارة أو أنه لا يلزمه الذهاب إلى المسجد (1)؟ ج: ما دام لا يسمع صوت المؤذن، لو كان من دون مكبر ما يلزمه، إذا كان الصوت العادي للمؤذن العادي المعروف، لو أذن ما سمعوه في محلهم لبعدهم فلا حرج عليهم من الصلاة في البيت، لكن إذا كان في السير إليها مشقة، وصبروا وتحملوا فهذا خير لهم وأفضل.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (270). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 442 237 - مسألة في صلاة الجماعة في البيت لبعد المسجد س: سائل يقول: منزلي يبعد عن المسجد، ولكني أسمع الأذان من مكبر الصوت، ونحن مع ذلك نصلي في البيت، هل نكون آثمين حينئذ؟ وهل صلاتنا صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان المسجد بعيدا عنكم، لا تسمعون الأذان بالصوت المعتاد عند هدوء الأصوات فإنه لا يلزمكم الجماعة في المسجد، لكن لو   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (265). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 442 ذهبتم إليه ولو بالركوب، أو تحمل بعض المشقة يكون أفضل؛ لما فيه من الفضل العظيم، ومضاعفة الأجر، والاجتماع بالمصلين، والتعارف والتعاون على الخير. أما صوت المكبر فلا يثبت، ولا يلزم به الحضور؛ لأنه يسمع من بعيد، لكن من أجاب على صوت المكبر، وذهب للجماعة وصبر على المشقة فله أجر عظيم. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 443 س: سائل من المملكة المغربية يقول: المسجد بعيد عن البيت، حوالي كيلو متر واحد، ولا يسمع الأذان إلا بواسطة مكبر الصوت، فيقوم والدي ويؤذن للصلاة، ثم يقيم ويؤم جميع أفراد البيت ويصلي بهم، فهل يجوز ذلك (1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا كان بعيدا منكم المسجد لا تسمعون الأذان إلا بمكبر فلا بأس، لكن سعيكم للمسجد والصبر على ذلك على الأقدام أو السيارة أفضل وأعظم أجرا؛ لما فيه من الخير العظيم، والحضور مع المسلمين، والخطوات التي يمشيها المؤمن كل خطوة يرفع الله له بها درجة، ويحط بها عنه خطيئة، ويكتب له بها حسنة، هذا فضل عظيم، فسعيكم إلى المساجد - وإن بعدت - بالأقدام، أو بالسيارة أفضل وأعظم أجرا، وإن صليتم في البيت بأذان وإقامة فلا بأس   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (256). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 443 بذلك، عند بعد المسجد وعدم سماع الأذان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1)» فإذا كان المسجد بعيدا لا يسمع الأذان إلا من طريق المكبرات فهذا عذر شرعي.   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 444 س: يقول السائل: إذا كنت أبعد عن المسجد مسافة ربع ساعة، إلا أنني أسمع النداء بواسطة مكبرات الصوت فهل علي إثم إن صليت في البيت جماعة مع إخوتي (1)؟ ج: ينبغي لك أن تسارع إلى الصلاة في المسجد، وأن تستعين بالله بالأقدام أو بالسيارة، وأبشر بالخير العظيم؛ لأن ربع الساعة ليست بكثير بالنسبة لأصحاب السيارات وأصحاب القوة. أما إذا كنت يشق عليك ذلك؛ لكبر السن ونحو ذلك فلا بأس، والاعتبار ليس بصوت المكبر، ولكن بصوت المؤذن العادي، إذا كان صوت المؤذن العادي يسمع في مكانكم عند هدوء الأصوات، وعدم وجود مشوشات وجب عليكم السعي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (270). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 444 الصلاة التي صلى (1)» وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، يقول: «يا رسول الله، هل لي بالرخصة أن أصلي في بيتي؛ لأنه ليس لي قائد يقودني للمسجد؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2)» فالواجب عليكم أن تجيبوا وأن تحضروا المساجد إذا استطعتم ذلك، أما إذا لم تستطيعوا ذلك؛ لبعد المكان كما ذكرتم، أو لمرض أو لخوف فأنتم معذورون للصلاة في البيت. نسأل الله التوفيق للجميع.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 445 238 - بيان فضل تحمل المشقة في الذهاب إلى المسجد س: أستيقظ لأداء صلاة الفجر والحمد لله، ولكن ليس بجانبي مسجد قريب، فالمساجد بعيدة، ولكني أسمع الأذان في المساجد، وأصلي في البيت في وقت صلاة الفجر، فهل صلاتي صحيحة (1)؟ ج: إذا كانت المساجد بعيدة، إنما تسمع بواسطة مكبرات الصوت فلا حرج عليك، وإن تجشمت مشقة في السيارة أو على قدميك،   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (373). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 445 وذهبت إلى المسجد فهذا أفضل لك. أما إذا كنت تسمع الأذان بغير مكبر لقرب المسجد فإنه يلزمك أن تذهب وتصلي مع الناس، أما إذا كانت المسافة بعيدة، لا تسمع إلا بواسطة المكبر فلا حرج عليك إذا صليت في البيت، وإن ذهبت وصبرت على المشقة فهذا خير لك وأفضل. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 446 س: يقول السائل: بيتي بعيد عن المسجد ولا أسمع الأذان، وأصلي بدون أن أسمع الأذان، هل ما أفعله صحيح (1)؟ ج: لا بد من التأكد من دخول الوقت بسماع الأذان، أو بالساعات، أو بطرق أخرى تعرف بها الوقت إذا كان المسجد بعيدا عنك لا تسمع الأذان. أما إن كان المسجد قريبا تسمع الأذان فيجب عليك الصلاة في المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2)» فالواجب على المؤمن أن يتحرى الأوقات، وأن يصلي في المساجد مع المسلمين، إلا إذا بعدت عنه؛ بحيث لا يسمع النداء من الصوت المعتاد فإنه يجوز له أن يصلي في مكانه، وإن تجشم   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (216). (2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 446 المشقة وصبر وصلى في المساجد كان أفضل وأعظم أجرا، والاعتبار بالصوت المعتاد بدون مكبر؛ لأن المكبر يبلغ مداه طويلا، ولكن من لا يعلم الوقت؛ بألا يسمع الأذان لا بد من التحري وعدم العجلة؛ حتى يغلب على ظنه دخول الوقت بأي طريق يتأكد بها ذلك، أو غلب على ظنه ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 447 باب صلاة أهل الأعذار 239 - بيان كيفية صلاة المريض، وطهارته س: الأخ ف. ع. من الجمهورية العراقية، أخونا رسالته مطولة يشكو من حالة هو فيها، ذلكم أنه وقع له حادث سيارة، وأفقده السيطرة على نفسه نتيجة إصابته بالشلل النصفي، وهو في الحالة هذه يسأل سماحة الشيخ عن الوضوء وعن الصلاة وعن قراءة القرآن، كيف يكون حاله؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يعمل بقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3)» فإذا كان أصابه الشلل وأفقده القيام فإنه يصلي على حسب حاله، يصلي   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (141). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 448 قاعدا، ويركع ويسجد إذا استطاع ذلك وهو قاعد، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (1)» أخرجه البخاري رحمه الله في الصحيح، وأخرجه النسائي بزيادة: «فإن لم تستطع فمستلقيا» هذا هو الواجب، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) وإذا عجز عن الماء تعفر بالتراب، تيمم، إذا كان معه مرض يضره الماء تعفر بالتراب، يحضر له التراب، ويضرب التراب بيديه، ويمسح به وجهه وكفيه عند الحاجة، وله الجمع إذا شق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها، فله الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء كسائر المرضى. أما ما يتعلق بالحاجة بالدبر والقبل فهذا يكفيه مسحها بالمناديل ونحوها، ولا حاجة إلى الماء، فإن استعمل الماء وقدر على الماء فلا بأس، الماء أكمل وأفضل، فإذا لم يتيسر له ذلك فإنه يستعمل الاستجمار بالمناديل، أو بالحجارة، أو باللبن، والمناديل أرفق به، فيستعمل المناديل الخشنة الطاهرة، يمسح بها الدبر والذكر عن البول وعن الغائط ثلاث مرات، فإن لم تكف زاد رابعة وخامسة إلى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 449 آخره، والأفضل أن يقطع على وتر، إذا زاد رابعة وكفت يستحب أن يزيدها خامسة حتى يكون استجماره على وتر، وإذا لم تكف الخامسة زاد سادسة، وإذا كفت السادسة يستحب أن يزيد سابعة حتى يقطع على وتر، والمهم أنه يستعمل من المناديل ونحوها ما يزيل الأذى بشرط أن يكون ثلاثا فأكثر، لا ينقص عن ثلاث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يستجمر بأقل من ثلاث، فإن كفت الثلاث في إزالة الأذى عن الدبر والقبل فالحمد لله، وإن لم تكف زاد حتى يزول الأذى، والأفضل أن يقطع على وتر خمسا أو سبعا وهكذا، ولا حاجة إلى الماء، حتى ولو قدر على الماء الاستجمار يكفيه، لكن الماء أفضل، فإن جمع بينهما - يعني استطاع أن يجمع بينهما - فزال الأذى بالمنديل أو بالحجر ثم استنجى بالماء هذا خير إلى خير، هذا أكمل وأفضل، ولكن كل واحد منهما يكفي، الماء وحده يكفي، والاستجمار وحده يكفي حتى من الصحيح، يعني الذي لا مرض معه. أما كونه لا يستطيع البقاء على وضوء وليس لديه الوقت الكافي لأداء الصلاة، فإن عليه أن يتقي الله ما استطاع، يتوضأ لكل صلاة، فإذا كان معه سلس لما أصابه الشلل، انطلق الدبر، أو انطلق الذكر، وصار لا يستطيع إمساكه فإنه يصلي على حسب حاله، لكن يتوضأ لوقت كل صلاة، إذا الجزء: 12 ¦ الصفحة: 450 دخل وقت الظهر يستنجي ويتوضأ وضوء الصلاة أو يتيمم على حسب طاقته، ثم يجمع بين الصلاتين، وهكذا المغرب والعشاء. إذا شق عليه من أجل المرض وإن كان ما شق عليه فإنه يصلي كل صلاة في وقتها مثل المستحاضة وصاحب السلس، الحال واحد، العاجز عن الجماعة، حضور الجماعة مثله يصلي جمعا إذا شق عليه كل صلاة في وقتها، وهو أرفق به، وإن صلى كل صلاة في وقتها فلا بأس، أما الرجل الذي لا يصلي مع الجماعة إذا كان يستطيع فلا بد أن يصلي مع الجماعة، ويتوضأ لوقت كل صلاة. بالنسبة لقراءة القرآن فإنه إذا توضأ يقرأ القرآن من المصحف إلى الوقت الآخر، ما بين الوقتين يقرأ القرآن، وإن انتقض الوضوء، إذا كان صاحب سلس مستمر، إذا توضأ للظهر يقرأ إلى العصر، إذا توضأ للمغرب يقرأ إلى العشاء، كما يصلي لو تطوع بين الظهر والعصر، وتطوع بين المغرب والعشاء ولو خرج معه البول؛ لأنه عاجز، فهو مثل المستحاضة سواء بسواء، يصلي ويقرأ ما بين الوقتين، وهذا يسر من الله سبحانه بعباده، يقول جل وعلا في كتابه العظيم: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} (1)   (1) سورة البقرة الآية 185 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 451 ويقول عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (1) فمن رحمة الله سبحانه وتعالى أن صاحب السلس - وهو البول الدائم - أو الريح الدائمة، وهكذا المستحاضة التي معها الدم الدائم ما يقف عنها وهو غير دم الحيض، الدم الدائم يقال له: الاستحاضة، هؤلاء وأشباههم لهم الجمع بين الصلاتين، ويكفيهم الوضوء لوقت كل صلاة، وهذا من تيسير الله، وإذا دخل وقت الظهر يتوضأ لوقت الظهر، ويتوضأ لوقت العصر وهكذا المغرب والعشاء، يعني كل صلاة يتوضأ لوقتها؛ لأن حدثه دائم، سلس أو ريح أو استحاضة أو نحو ذلك، وما بين الوقتين يصلي فيه ما شاء، ويقرأ القرآن ويطوف إذا نزل مكة، ولا حرج في ذلك لأنه معذور وصار في حكم الطاهرين والطاهرات ما بين الوقتين؛ لأن الرسول أمر المستحاضة بذلك في قصة حمنة وغيرها. وكذلك ما يتعلق بالصوم يفطر ويقضي بعد ذلك، المريض إذا عجز عن الصوم وشق عليه المرض، هذا من يسر الشريعة، وهكذا المسافر يفطر في السفر ويقضي بعد ذلك، كل هذا من لطف الله، وهكذا المرضع إذا شق عليها الصيام والحامل إذا شق عليها الصيام أفطرتا وقضتا بعد   (1) سورة الحج الآية 78 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 452 ذلك. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 453 س: سائل يطلب أن توجهوه سماحتكم - جزاكم الله خيرا - إلى مشروعية الصلاة الخاصة بالمريض، هل ورد في ذلك شيء؟ ج: لا أعلم شيئا يخص المريض، المريض يتقي الله ما استطاع، والله جل وعلا يكتب له أجره، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل مقيما صحيحا (1)» والحمد لله، يعني أعماله التي يعملها في الصحة تكتب له، من صلاة الضحى، من صيام وغير ذلك، إذا منعه المرض تكتب له أجورها؛ لأنه حبسه عذر شرعي، يقول صلى الله عليه وسلم لما كان في غزوة تبوك: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا وهم معكم " وفي اللفظ الآخر: " إلا شركوكم في الأجر (2)» «قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم العذر (3)» حبسهم المرض. فالمريض له أجور الأعمال التي كان يعملها في حال الصحة، وعليه أن يصلي الفريضة حسب طاقته، وإذا صلى النافلة حسب   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996). (2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911). (3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 453 طاقته فهذا خير وأفضل. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 454 س: هل يجوز للمريض المقعد أن يصلي وهو جالس (1)؟ ج: المريض له الصلاة وهو جالس، إذا شق عليه القيام يصلي وهو جالس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لعمران بن الحصين لما اشتكى قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2)» وهذا من تسهيل الله والحمد لله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3). فالمريض من الرجال أو من النساء الذي يعجز أو يشق عليه القيام يصلي قاعدا، فإن عجز عن القعود لشدة المرض صلى على جنبه الأيمن أفضل، أو الأيسر حسب التيسير، والأيمن أفضل، فإن شق عليه ذلك صلى مستلقيا، وتكون الجهة إلى القبلة، ويصلي مستقبلها بوجهه أو وهو على ظهره، وهكذا المقعد الذي لا يستطيع القيام لشلل به يصلي قاعدا ووجهه إلى القبلة - والحمد لله - ويسجد في الأرض، ويركع في الهواء، ويسجد في الأرض، يضع وجهه على الأرض في   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (162). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (3) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 454 السجود، أما الركوع ففي الهواء إلا إذا عجز عن السجود لمرض به يشق عليه السجود ويمنعه من السجود، فإنه يسجد في الهواء كالركوع، ويكون سجودا أخفض من الركوع، يركع في الهواء ويسجد في الهواء ولكن يكون السجود أخفض من الركوع إذا عجز عن السجود على الأرض؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، ويقول عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1).   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 455 س: هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج رمز لاسمه بـ. أ. أ. أيقول: قال الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة المريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (1)» كيف يصلي المريض على جنبه وكيف يركع ويسجد مأجورين (2)؟ ج: هذا من رحمة الله جل وعلا: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3)، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4). إذا عجز الإنسان عن الصلاة قائما صلى   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (2) السؤال السادس من الشريط رقم (357). (3) سورة البقرة الآية 286 (4) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 455 قاعدا سواء قعوده متربعا أو محتبيا لا فرق في ذلك، أي قعود كان يجزيه، لكن الأفضل أن يكون متربعا، النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى جالسا صلى متربعا (1) فإن عجز عن القعود صلى على جنبه، والأفضل جنبه الأيمن إذا تيسر، وإلا على جنبه الأيسر، فإن عجز صلى مستلقيا على ظهره ورجلاه إلى الكعبة إلى القبلة، وإذا صلى على جنبه أو مستلقيا يكبر يقول: الله أكبر. بنية الصلاة تكبيرة الإحرام، ثم يقرأ الفاتحة، ثم ما تيسر معها، ثم يكبر ناويا الركوع ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ناويا الركوع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده. إذا كان إماما أو منفردا: سمع الله لمن حمده. ناويا الرفع من الركوع: ربنا ولك الحمد. إلى آخره. ثم يكبر ساجدا ويقول: سبحان ربي الأعلى. بالنية، ثم يكبر رافعا، ويبقى بعض الشيء في محل جلسته بين السجدتين: ربي اغفر لي، ربي اغفر لي. بعد رفعه من السجدة الأولى يقول: ربي اغفر لي. وهو على جنبه، ثم يكبر للسجدة الثانية ناويا السجدة الثانية ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. وهكذا تكمل الصلاة.   (1) أخرجه النسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة القاعد، برقم (1661). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 456 س: يقول السائل: أنا رجل مريض، عندي كسر في العمود الفقري، ومصاب باسترسال الحدث، كيف تكون صلاتي (1)؟ ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) صل على حسب حالك، إذا كان الحدث مستمرا صل على حسب حالك، إذا دخل الوقت تستنجي ولو بالمناديل حتى ينظف بثلاث مرات أو أكثر، ثم تتوضأ وضوء الصلاة، وتصلي على حسب حالك ولو خرج الماء، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) مثل المستحاضة التي تصلي على حسب حالها ولو خرج الدم، ما دام الدم مستمرا معها، تصلي في غير أوقات الحيض، وتدع الصلاة وقت الحيض، وتتوضأ لكل صلاة، وهكذا صاحب السلس الذي أصابه مرض أو كسر في الظهر أو ما أشبه ذلك واستمر معه البول أو الغائط يصلي على حسب حاله، لكن إذا دخل الوقت يستنجي بالخرق والمناديل أو بالماء، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يصلي ولو خرج الحدث، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4).   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (218). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة التغابن الآية 16 (4) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 457 س: يقول السائل: إذا كنت أصلي قاعدا لأنني كبير في السن وعندي آلام في الركب فهل في ذلك شيء يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) والنبي يقول صلى الله عليه وسلم: «وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3)» إذا عجز عن القيام صلى جالسا، والحمد لله.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (431). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 458 س: السائل ح. ع. من المدينة المنورة يقول: مريض الكلى كيف يصلي وكيف يصوم؟ وهل خروج الدم ينقض الوضوء؟ وهل يجوز له أن يجمع الصلوات أثناء الغسيل (1)؟ ج: الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ويقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3) فمريض الكلى مثل غيره يصلي حسب طاقته، إن استطاع يصلي قائما يصلي قائما، وإن استطاع أن يصلي قاعدا صلى قاعدا، وإن شق عليه جمع بين الصلاتين، كل ذلك لا بأس به،   (1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (430). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 458 وإذا كان يخرج منه شيء كالدماء المستمرة جمع بين الصلاتين، ويتوضأ لكل صلاة كالمستحاضة، أما إذا كان ما يخرج منه شيء ولكن تشق عليه الصلاة في كل وقت جمع بينهما كسائر المرضى، وإذا كان يغسل الكلية فاليوم الذي يغسل فيه يقضيه؛ لأنه يخرج دم ويدخل دم، (ويتوضأ لكل صلاة) ويتوضأ للصلاة بعد الغسيل. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 459 س: تقول السائلة: هل للمرأة أن تصلي وهي جالسة (بدون صوت) وبدون أي حركة إن كانت مريضة (1)؟ ج: نعم مثل الرجل، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا» تستطع فقاعدا إذا عجزت لمرض أو كبر سن صلت قاعدة - والحمد لله - كالرجل.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (431). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 459 س: تسأل مستمعة وتقول: هل يجوز لي جمع الصلاة: الظهر والعصر والمغرب والعشاء مع بعض (1)؟ ج: إذا كانت مريضة جاز لها، أو كانت عندها استحاضة - الدماء التي تمشي بين حيضتين - أو مستحاضة فيشق عليها جاز لها الجمع لكن   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (431). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 459 الأفضل أن يكون جمعا بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما جمع تقديم أو جمع تأخير، أي تؤخر الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها، وكذا المغرب في آخر وقتها والعشاء في أول وقتها، وإن صلت كل صلاة في وقتها فهو أفضل، لكن إذا دعت الحاجة إلى الجمع فلا حرج كما أفتى النبي صلى الله عليه وسلم حمنة رضي الله عنها (1)   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، برقم (287). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 460 س: يقول السائل: والدتي لا تقدر على القيام والركوع والسجود وإنما تصلي جالسة، وتعمل تلك الأركان بالإشارة بيدها، ما صحة صلاتها (1)؟ ج: الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ويقول سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3) فإذا كانت أمك لا تستطيع القيام صلت قاعدة، وإذا كانت لا تستطيع قاعدة صلت على جنبها، وإذا كانت لا تستطيع على جنبها صلت مستلقية ورجلاها إلى القبلة، هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام لما سأله بعض   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (174). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 460 الصحابة وكان مريضا عن الصلاة، قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1)» هكذا السنة، وهكذا إذا عجز عن الركوع والسجود فحسب ما يستطيع، يخفض رأسه عند الركوع قليلا وعند السجود كذلك أخفض من الركوع إن استطاع، فإن لم يستطع بالكلية نوى الركوع ونوى السجود ولا حاجة إلى الخفض {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) إذا قرأ نوى الركوع وقال: الله أكبر، سبحان ربي العظيم. وهو على حاله قاعدا أو قائما إذا كان لا يستطيع أن يحني رأسه ولا ظهره شيئا يأتي بذكر الركوع: سبحان ربي العظيم. وهو على حاله: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. إذا كان منفردا، وإن كان مأموما يقول: ربنا ولك الحمد. عندما يرفع إمامه وهو على حاله جالسا أو قائما على حسب طاقته، وهكذا في السجود ينوي السجود وهو على جلسته إذا كان لا يستطيع السجود، ينوي السجود ويخفض رأسه إن استطاع، وظهره إن استطاع، قدر ما يستطيع، فإن لم يستطع خفضا كبر على حاله قال: الله أكبر، سبحان ربي الأعلى. وهو ناو السجود: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. يدعو في السجود بما تيسر من الدعوات،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 461 ثم يرفع قائلا: الله أكبر. بنية الرفع وهو على حاله ناويا الرفع من السجود، ثم يقول: رب اغفر لي - بين السجدتين - اللهم اغفر لي وارحمني. ثم يكبر وهو ناو السجدة الثانية: سبحان ربي الأعلى. ثم يكبر ناويا الرفع من السجود في صلاته كلها، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1).   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 462 س: يصاب رأسي بصداع أحيانا، ويستمر فلا أستطيع أن أصلي إلا صلاة بالإيماء، فلا أسجد بسبب هذا الصداع الذي لا أستطيع أن أسجد وأنا مصاب به، فما الحكم، جزاكم الله خير الجزاء (1)؟ ج: الله سبحانه وتعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ويقول عز وجل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3) فمن أصيب في رأسه بمرض يشق عليه معه السجود في الأرض ويضره لا حرج عليه يومئ إيماء، ويكون إيماؤه في السجود أخفض من الركوع، ولا حرج عليه يركع ويسجد بالإيماء، ولكن يكون سجوده أخفض من الركوع، يركع في الهواء ويسجد في الهواء، ولكن يكون سجوده أخفض من ركوعه إذا كان يشق عليه مس الأرض للسجود والسجود على الأرض لمرض   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (36). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 462 في رأسه أو غير ذلك من الأمراض التي تمنعه من السجود. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 463 س: مستمع رمز لاسمه ب. ج يسأل ويقول: إنني أشكو من وجع في الظهر ويمنعني من الركوع في الصلاة، ولكني بحمد الله أؤدي جميع أركان الصلاة، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) إذا كنت لا تستطيع الركوع تركع حسب طاقتك، تحني رأسك وظهرك قليلا حسب طاقتك، ولا بأس ولا حرج، فإن لم تستطع تكبر وتنوي الركوع مع الإمام وفي النوافل وأنت واقف، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) وهكذا السجود، من عجز عنه سجد في الهواء، خفض رأسه قليلا حسب طاقته، ويقول: سبحان ربي الأعلى. {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4). ثم يرفع رأسه، المقصود أن يفعل ما يفعله المصلي لكن بغير سجود ولا ركوع حسب طاقته، فإن عجز عن الركوع كبر للركوع وقال: سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. إذا كان منفردا، وإن كان مع   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (315). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة التغابن الآية 16 (4) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 463 الإمام إذا رفع الإمام يرفع ويقول: ربنا ولك الحمد. وهكذا في السجود إذا عجز يكبر ساجدا بنية السجود، ويخفض رأسه حسب طاقته ويقول: سبحان ربي الأعلى. ويدعو ربه ثم يرفع ويكبر إن كان وحده، وإن كان مع الإمام إذا رفع الإمام وكبر رفع وكبر، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (2)» هذا عام، وهكذا الصيام، الذي لا يستطيع الصيام لكونه كبير السن، أو لمرض لا يرجى برؤه يفطر، ويطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع، كيلو ونصف عن كل يوم إذا كان كبير السن، أو عجوزا كبيرة لا تستطيع الصيام، أو مريضا مرضا لا يرجى برؤه حسب تقرير طبيب مختص، فهذا لا يلزمه الصوم، وليس عليه صوم، يطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع، مقداره كيلو ونصف تقريبا، يعطيه بعض الفقراء ولو فقيرا واحدا، أما من يستطيع القضاء إذا مرض يفطر، ثم يقضي بعد ذلك، وهكذا المسافر إذا سافر وأفطر يقضي بعد ذلك؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (3). يعني   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337). (3) سورة البقرة الآية 185 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 464 مريضا يستطيع القضاء، ومن كان لا يستطيع القضاء لكبر سنه أو عجوزا لا تستطيع القضاء لكبر سنها، لا تستطيع الصيام فإنها تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا، تجمعها وتعطيها بعض الفقراء، والرجل كذلك يعطيه بعض الفقراء، وإن وجد فقيرا مسكينا يفطر معه كل يوم؛ لأنه لا يستطيع الصوم حصل به المقصود، أو يتعشى عنده كل يوم لا بأس، لكن إذا أعطاه كفى والحمد لله. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 465 240 - بيان كيفية صلاة العاجز عن القيام لمرض أو كبر س: السائلة ع. ع. د من جازان تقول: والدي شيخ كبير في السن لا يستطيع الوقوف طويلا في الصلاة، ولا يقوى على الركوع أو السجود؛ وذلك لأنه يشتكي من آلام شديدة في مفاصله، فلا يصلي إلا وهو جالس على مقعد، وإذا أراد الركوع أو السجود لا تصل أعضاؤه إلى الأرض، وجميع الصلوات يصليها في المنزل علما بأننا إذا نصحناه أن يصلي في المسجد يجيبنا بقوله: إن الله يعلم بعجزي وضعفي يا أولادي. والسؤال: هل يعذر الوالد في صلاته بالمنزل، وهل تصح الصلاة دون أن تصل الأعضاء إلى الأرض (1)؟   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (428). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 465 ج: نعم إذا كان عاجزا تصح، يصلي في الهواء يركع في الهواء، ويسجد في الهواء، ويصلي وهو قاعد، هو أعلم بنفسه، والله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). والنبي يقول صلى الله عليه وسلم لعمران بن الحصين لما كان مريضا: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2)» فالمؤمن يصلي حسب حاله، والله جل وعلا يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3). ويقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (4). والنبي يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (5)» فإذا كان عاجزا عن السجود في الأرض وعن الركوع فإنه يفعل المستطاع، يركع للمستطاع، ويسجد للمستطاع، ويكون سجوده أخفض من الركوع.   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (3) سورة التغابن الآية 16 (4) سورة البقرة الآية 286 (5) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 466 س: بعض كبار السن يقرأ أول سورة الفاتحة وهو جالس، ثم يواصل بعد قيامه في القراءة، ما حكم هذا العمل (1)؟   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (382). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 466 ج: إذا كان عاجزا ما يستطيع القيام الكلي وإنما يستطيع بعض القيام هذا لا بأس به أن يقرأ أولها، يخاف أن يفوته، إن أخرها، أما إذا كان يتمكن من قراءتها وهو قائم فيؤجلها حتى يقرأها وهو قائم، أما إذا كان لا يستطيع وإن أجلها قد تفوته قد يركع الإمام قرأ بعضها في حال الجلوس ثم يكمل وهو قائم إذا كان عاجزا، أما إن كان عن كسل وتساهل فلا يجوز، يجب أن يبادر بالقيام ولا يحل له الجلوس، فإذا جلس بطلت صلاته، لكن إذا كان عاجزا لعذر شرعي يشق عليه القيام حالا هذا عذر له شرعي، وإذا قرأ بعض الفاتحة لأنه لا يتمكن من قراءتها وهو قائم يركع الإمام قبله فلا بأس، هذا عذر شرعي؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن عجز عن الصلاة قائما: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2)» المقصود أنه يراعي قوته وقدرته.   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 467 س: يقول السائل: إنني رجل كبير في السن ولدي آلام في فقرات الجزء: 12 ¦ الصفحة: 467 الظهر، وبعض الأحيان أؤدي الصلاة وأنا جالس، فما حكم ذلك (1)؟ ج: الله سبحانه يقول في كتابه العظيم: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2). فإذا كنت لا تستطيع الصلاة وأنت قائم فلا حرج، مثل مرض الظهر لا حرج عليك إذا كان فيه مشقة كبيرة، صل جالسا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين لما اشتكى قال له صلى الله عليه وسلم: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (3)» والله سبحانه يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (4)، والحمد لله.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (250). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (4) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 468 س: يقول السائل: يوجد رجل كبير في السن، ومصاب بالشلل النصفي، وهو يحرص على الصلاة في المسجد مع الجماعة، ويجلس على كرسي ويضع أمامه بعض الأشياء المرتفعة عن سطح الأرض ليتمكن وجهه من ملامسته أثناء السجود، فهل هذا صحيح أم أنه يكتفي بأن يكون السجود أخفض من الركوع مع الجزء: 12 ¦ الصفحة: 468 عدم وجوب ملامسة الوجه (1)؟ ج: لا يحتاج إلى ذلك، يومئ إيماء مثل ما جاء في الحديث، وهو حديث مرفوع وموقوف «أن جابرا رأى رجلا يصلي على وسادة فأمره بإبعاد الوسادة وأن يومئ بركوعه وسجوده (2)» ولا حاجة إلى وسادة يرفعها، بل يركع في الهواء ويسجد في الهواء، ويخفض سجوده عن الركوع، ويكفي والحمد لله، لكن لو سجد على شيء يرفع ويسجد عليه لا يضر، ولا حرج، لكن من الأفضل أن يكون بالإيماء إذا شق عليه السجود يسجد في الهواء بالخفض، يخفضها عن الركوع، هذا هو السنة لمن عجز عن السجود في الأرض، ولا حاجة إلى الوسادة أو الكرسي، ولا يسجد على شيء.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (375). (2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى في كتاب الصلاة، باب الإيحاء بالركوع والسجود إذا عجز عنهما، (2/ 306). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 469 س: تقول السائلة: هل يجوز للمصاب بالفشل الكلوي أن يصلي جالسا؟ لأنه يتعب إذا صلى واقفا، جزاكم الله خيرا (1) ج: هو أعلم بنفسه، إذا عجز عن القيام صلى قاعدا، إذا كان يشق   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (292). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 469 عليه شقا كبيرا صلى قاعدا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين وكان مريضا بالبواسير: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1)» والله جل وعلا يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2). والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 470 241 - كيفية صلاة الحامل إذا عجزت عن القيام س: زوجتي في شهرها الأخير حين كتبت الرسالة، ولا تستطيع الوقوف للصلاة حيث إن وضع الركوع والسجود يسبب لها آلاما كبيرة، ولا تستطيع أيضا الصلاة جالسة، فهل يجوز لها الصلاة على هيئة أخرى (1)؟ ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال لعمران بن حصين لما اشتكى: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2)» الله يقول سبحانه:   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (88). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 470 {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). فجميع بني آدم في هذا سواء الرجل والمرأة، إذا عجز الرجل أو المرأة عن الصلاة قائما أو قاعدا صلى على حسب حاله، على جنبه الأيمن، أو جنبه الأيسر أو مستلقيا حسب قدرته، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2). ويعمل الأعمال بالنية إذا كان على جنبه أو مستلقيا، يعمل بالنية نية القيام، فيستفتح الصلاة ويتعوذ بالله من الشيطان، ويسمي ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم ينوي الركوع ويكبر، فيقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ثم ينوي الرفع فيقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. إلى آخره. ثم ينوي السجود فيكبر ويسجد، فهكذا.   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 471 س: تقول السائلة ف، م. من فيفاء: إذا كانت المرأة حاملا وفي الأشهر الأخيرة ولم تستطع الصلاة واقفة فكيف تصلي (1)؟ ج: تصلي حسب حالها، الله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2). فإذا عجزت عن القيام تصلي قاعدة متربعة، أو تفترش يسراها وتنصب   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (275). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 471 يمناها، أو محتبية على مقعدتها وترفع فخذيها ورجليها على أي قعدة، فتفعل ما هو أيسر عليها، سواء كانت متربعة أو مثل جلوسها بين السجدتين، أو محتبية ترفع فخذيها وساقيها وتقعد على مقعدتها، كل ذلك واسع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران لما كان مريضا: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1)» فقوله: " فقاعدا " يعم أنواع القعود، هذا من الله توسعة سبحانه وتعالى، إذا عجزت الحامل عن القيام فإنها تصلي قاعدة على أي حال كانت من القعود ما هو أرفق بها، تفعل ما هو الأرفق بها، القعود الذي يناسبها تفعله، والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 472 س: تقول السائلة: امرأة أجريت لها عملية جراحية فلا تستطيع الوضوء ولا التيمم، وكذلك لا تستطيع الصلاة وهي قائمة أو جالسة، فكيف تكون الصلاة حينئذ (1)؟ ج: تصلي بالتيمم، إذا لم تستطع الماء تصلي بالتيمم، ييممها أخوها أو أمها أو زوجها أو بعض محارمها بالتراب، تكون ناوية وهو يمسح وجهها وكفيها بالتراب التراب الخفيف، ليس من الشرط أن تفعله بيديها   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (209). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 472 هي، إذا كانت عاجزة تيممها أمها أو أخوها أو أبوها أو زوجها أو غيرهم من محارمها، يضرب التراب، ثم يمسح وجهها وكفيها بيديه بنية الوضوء، وهي تأمرهم بذلك وتنوي ذلك، ويكفيها ذلك والحمد لله، ولا تصلي إلا بالتيمم إذا كانت عاجزة عن الماء، أما ما يتعلق بالخارج من القبل والدبر فهذا يكفيه الاستجمار باللبن أو بالحجارة أو المناديل، الخارج من الدبر والقبل من البول والغائط، المريض يتمسح بالمناديل حتى يزيل الأذى من دبره وقبله ذكرا كان أو أنثى بشرط أن يكون ثلاث مسحات فأكثر حتى يزيل الأذى، وإذا كان عاجزا فالذي يمرضه يقوم بذلك، الممرضة للمرأة والممرض للرجل، أو أمه أو أخته أو زوجته يقوم بذلك، يزيل الأذى بالمناديل، وهذه حالة ضرورة، يجوز للممرض مع المريض والممرضة مع المريضة، الرجل يتولاه الرجل، والمرأة تتولاها المرأة. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 473 242 - حكم النيابة في الصلاة عن العاجز عنها س: أفيدكم أن والدتي عاجزة عن الصلاة بعض الأوقات، هل أنوب عنها بالصلاة أم لا (1)؟   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (33). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 473 ج: الصلاة لا ينوب فيها أحد عن أحد، فإن كانت عاجزة عن الصلاة قائمة صلت قاعدة إذا كان عقلها معها، فإذا عجزت عن القعود تصلي على جنبها، فإذا عجزت عن الجنب تصلي مستلقية ورجلاها إلى القبلة، هذا هو الواجب عليها، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). أما إن كانت عاجزة قد تغير عقلها بسبب الخرف - يعني صارت كبيرة في السن لا تعي - فلا صلاة عليها، ولا تصل عنها، وهكذا لو كانت معتوهة مجنونة ليس عليها صلاة. أما العاقل فعليه الصلاة على حسب حالة العقل، المكلف يصلي على حسب حاله قائما أو قاعدا أو على جنبه أو مستلقيا، هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2).   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 474 243 - حكم ترك الصلاة بسبب المرض س: يقول السائل: إن بعض المرضى لا يؤدون الصلاة المفروضة أثناء المرض إما لعدم المقدرة لها وإما أنه يعطي نفسه الأمل بأن يقضيها بعد الشفاء، هل تصح صلاة المريض الذي لا يستطيع الجزء: 12 ¦ الصفحة: 474 القيام من فراشه بدون وضوء وأينما كان، فكيف يولي وجهه وهو على فراشه؟ نرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا (1) ج: الصلاة واجبة على المريض: صلاة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء على حسب طاقته، ويجب التقوي لمن يجب أن يصليها على حسب حاله، النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله: «صل قائما، فإذا لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (2)» أخرجه البخاري في صحيحه. هذا هو الواجب على المريض، يصلي قائما إن استطاع، فإن عجز صلى قاعدا، يركع ويسجد، فإن لم يستطع صلى على جنبه، يقرأ ويأتي بالألفاظ القولية، ويأتي بالأفعال الفعلية بالنية، الركوع بالنية، والسجود بالنية، والرفع من الركوع بالنية، والرفع من السجود بالنية، مع الأذكار الشرعية، فإذا عجز صلى مستلقيا على ظهره ورجلاه إلى القبلة، يكبر ويقرأ، ثم يكبر ويركع بالنية، ثم يقول: سمع الله لمن حمده. بالنية، رافعا من الركوع، ثم يكبر ناويا للسجود ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ثم يكبر ناويا رافعا من السجود، يجلس بين السجدتين بالنية ويقول: ربي   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (363). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 475 اغفر لي، ربي اغفر لي. ثم يكبر ناويا للسجدة الثانية، وهكذا؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). وهذه استطاعته، ليس له ترك الصلاة، فإذا عجز عن الماء تيمم بالتراب - الصعيد: التراب - يمسح وجهه وكفيه، إن لم يستطع استعمال الماء أو ليس عنده من يوضئه.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 476 س: السائل: خ. ش. م. يقول: إنني كنت أصلي وأصوم - والحمد لله - وأقرأ القرآن، ولكن الآن تركت الصلاة منذ ثلاثة أعوام، والسبب أنني أصبت بإصابتي - شلل الأطراف السفلى - ونسبة العجز مائة في المائة، ولا أستطيع أن أصلي، وليس هناك من يعينني، فبماذا توجهونني - جزاكم الله خيرا - علما بأنني أشرب في كل ساعتين نصف لتر من الماء حسب توجيه الطبيب، جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: عليك أن تصلي حسب طاقتك؛ يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، ويقول سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صل قائما، فإن   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (276). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) سورة البقرة الآية 286 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 476 لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1)» وعليك بالوضوء بواسطة من يعينك على ذلك إذا تيسر ذلك، فإن عجزت عن الماء فالتيمم، فإذا كانت يداك لا تستطيع بهما التيمم فعليك أن تستعين بغيرك من زوجة أو غيرها حتى توضئك بالماء إن تيسر، وإلا فالتيمم بالتراب، تمسح وجهك وكفيك بالتراب، بالنية عنك، تأمرها بذلك أنت تنوي وهي تفعل، أو خادم أو ولد أو أخ، تستعين بمن يتيسر من الناس حتى يقربك من الماء إن استطعت الماء، فإن لم تستطع فالتيمم، أما الخارج من السبيلين فيزال بالاستجمار، إن تيسر بالماء تزيله بالماء، فإن لم يتيسر فبالاستجمار بالحجارة أو اللبن أو بالمناديل، تزيل الأذى من الدبر أو من الذكر بالمنديل أو بالحجر أو نحوهما ثلاث مرات، تكرر ثلاث مرات أو أكثر حتى يزول أثر الغائط وأثر البول.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 477 س: والدي أجرى عملية بالمستشفى، وجلس في المستشفى أكثر من خمسة عشر يوما، ولم يصل أربعا وأربعين فرضا كانت قبل العملية، وقد اشتد عليه الوجع ولم يصل تلك الأربعة، أما الجزء: 12 ¦ الصفحة: 477 أربعون فرضا فهو كان في حالة بنج ولا يتمكن من الطهارة الكاملة التي تمكنه من أداء الصلاة؛ لذا أرجو إرشاده عن القضاء والكفارة، وفقكم الله (1) ج: إذا مات الميت وعليه صلوات لا تقضى عنه، ما شرع الله القضاء لكن ينبغي لأهل المريض أن يلاحظوا تنبيهه على الصلاة، لكي يصلي على حسب حاله قاعدا أو قائما أو على جنبه أو مستلقيا مثل ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمران بن حصين قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2)» فينبغي لأهل المريض أن يلاحظوا هذا ويشجعوا المريض ويوجهوه، ويعلموه حتى يصلي على حسب حاله في المرض، ولو كانت ملابسه نجسة إن تيسر غسلها أو إبدالها بغيرها فالحمد لله، وإلا صلى على حسب حاله؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3). وهكذا الفراش يصلى عليه وإن كان نجسا, {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4)، ولكن إذا تيسر تغيير الفراش، وتغيير الملابس بشيء طاهر فهذا هو   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (28). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (3) سورة التغابن الآية 16 (4) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 478 الواجب، فإذا ما تيسر صلى على حسب حاله ولو ما توضأ، ولو كانت الثياب فيها نجاسة، وهكذا الفراش، وإن قدر على الوضوء أو التيمم وجب عليه ذلك، فإن قدر على الوضوء يحضر له الماء ويتوضأ، وإن لم يقدر على استعمال الماء أحضر عنده بعض التراب حتى يتيمم، يتعفر على وجهه وكفيه كما هو معروف، وإذا عجز عن هذا وعن هذا ولم يتيسر صلى على حسب حاله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). ولكن كثيرا من الناس لا يبالون بهذه المسائل، يتركون المريض ربما يتأول أنه قد اشتد به المرض وأنه سوف يفعل إذا خف عنه المرض، وقد يأتيه الموت ولا يفعل، فلا ينبغي هذا، بل يجب أن المريض يصلي على حسب حاله بالماء أو بالتيمم قائما أو قاعدا أو على جنبه أو مستلقيا حسب حاله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، هذا هو الواجب. أما إذا كان شعوره قد تغير - يعني أصابه ما يغير عقله - فلا صلاة عليه، إذا تغير العقل فلا صلاة عليه، لكن ما دام عقله معه فعليه الصلاة، وإذا أخذ البنج وتأخر صحوه من البنج يوما أو يومين فهذا مثل النائم إذا استيقظ يصلي ما ترك، أما إذا كان أصابه خلل في عقله بأن اختل عقله   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 12 ¦ الصفحة: 479 بسبب المرض ومضى عليه مدة طويلة فهذا لا شيء عليه، لا قضاء عليه لو صحا بعد ذلك، وإن قضى احتياطا فحسن، لكن لا قضاء عليه على الصحيح إذا طالت المدة، أما إذا كانت المدة يوما أو يومين أو ثلاثة فيقضي بعد أن يصحو من غشيته وذهاب عقله، وهو على كل تقدير لا تقضى عنه الصلاة سواء تعمد ذلك لجهله أو لعلة من العلل، فلا تقضى الصلاة عنه، إنما يقضى الصوم، إذا مات وعليه صيام قد فرط في قضائه يقضى عنه أما إذا مات وهو عليه صيام، مات ما كمل قضاءه في مرضه، ومات ما تمكن من قضاء الصوم فلا صوم عليه، لكن بعض الناس قد يشفى ثم يتأخر فلا يقضي ما عليه من صيام رمضان، فهذا يقضي عنه أولياؤه ورثته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (1)» وسئل عدة أسئلة عليه الصلاة والسلام، قال بعض السائلين: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صيام شهر. وآخر يقول: إن أبي مات وعليه كذا. فيأمرهم بالصوم ويقول لهم: أرأيت لو كان على أبيك، لو كان على أمك، لو كان على أختك دين، أكنت قاضيه؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء. فيشبه ما عليه من الصوم بالدين،   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم، برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، برقم (1147). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 480 ويأمر أولياءهم بالقضاء، أما الصلاة فلم يأمر أحدا بقضائها عليه الصلاة والسلام. وعن الصيام هل هو خاص برمضان أو بكل صيام، فإن الصواب أنه عام، بعض أهل العلم يخص الصوم بالنذر، ويقول: هذا في النذر خاصة. لكنه قول ضعيف، والأحاديث عامة في رمضان وفي غيره، صوم رمضان، وصوم الكفارة يقضيه عنه أولياؤه. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 481 244 - حكم قضاء الصلاة للمريض بعد شفائه س: كنت مريضة لمدة ثلاث سنوات، ولم أصل في هذه الفترة إلا بعض الأوقات، أما الأوقات الأخرى فإني لم أستطع أن أصليها لأنني كنت في غيبوبة، وأيضا أسأل عن الصيام، فقد مضت سنتان لم أصم شهر رمضان فيهما من شدة المرض، وإلى الآن لم أستطع الصوم، أرجو إفادتي عن: ماذا يجب علي فعله نحو الصيام والصلاة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: أما الصيام فعليك قضاء الصيام، إذا كان تركه من شدة المرض فعليك قضاء الصيام إذا شفاك الله عز وجل؛ لأن الله قال سبحانه   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (48). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 481 وتعالى: ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر. أما إذا كان تركه عن زوال عقل، أصابك المرض الذي أزال العقل وصادف رمضان وأنت غير عاقلة، قد زال العقل منك فلا صيام عليك إذا كانت المدة التي في رمضان والعقل مفقود، فلا صيام لأن التكليف مربوط بالعقل، فإذا زال العقل زال التكليف، أما إذا كان لشدة المرض فقط فعليك القضاء، وهكذا الصلاة إن كان تركك الصلاة من أجل زوال العقل، بسبب ما أصابك من الإغماء الذي فقدت معه العقل، حتى مضى عليك سنة أو سنتان وأنت غير عاقلة، قد ذهب عقلك فلا قضاء؛ لأن من ذهب عقله فهو شبه المجنون والمعتوه لا قضاء عليهما، أما إن كان من أجل المرض مع شدة المرض وتساهلت ولم تصلي تحسبين أنه يجوز لك ذلك فعليك أن تقضي ما تركت من الصلوات التي غلب على ظنك أنك تركتها بسبب شدة المرض، تقضينها حسب الطاقة، تسردين ما ظننت أنك تركته في كل وقت، تجمعين جملة من الصلوات وتقضينها لأنك تركتها عن جهل منك، وعن غلط منك بسبب المرض، والمريض يصلي على حسب حاله، يصلي قاعدا، فإن عجز صلى على جنبه، فإن عجز صلى مستلقيا، لا يتساهل، والنبي صلى الله عليه وسلم الجزء: 12 ¦ الصفحة: 482 قال للمريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1)» هكذا يجب على المؤمن إذا مرض إن استطاع القيام صلى قائما، فإن عجز صلى وهو قاعد، ويركع ويسجد في الأرض، فإن عجز عن القعود صلى على جنبه، والأفضل على جنبه الأيمن، يقرأ ويكبر ويتعاطى ما شرع الله بالكلام، وينوي الأفعال بالنية، ينوي الركوع بالنية، ينوي السجود، ينوي الجلوس بين السجدتين بالنية، ينوي الجلوس للتحيات بالنية، ويأتي بالأقوال المشروعة من القراءة وغيرها، فإن عجز صلى مستلقيا، يستلقي ويجعل رجليه للقبلة، ويصلي وهو مستلق، يكبر ويقرأ، يكبر ويركع بالنية، يقول: سمع الله لمن حمده. بالنية ويرفع بالنية ويقول: ربنا ولك الحمد. ثم يكبر ناويا السجود، وهكذا من الرقود على جنبه، ومن المستلقي، أما إذا كنت قد فقدت الشعور، فقد فقدت عقلك فالمدة التي فقدت فيها عقلك، المدة الطويلة هذه لا قضاء فيها، أما إذا كانت المدة قليلة، اليوم واليومين التي فقدت فيها عقلك والباقي صاحية فاليوم واليومان والثلاثة تقضى، كالنائم يقضي، لكن إذا طالت المدة أكثر من ثلاثة أيام، طالت المدة بسبب فقد العقل والإغماء فلا قضاء على الصحيح، المقصود أن عليك قضاء المدة التي تركت فيها الصلاة من أجل شدة   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 483 المرض لا من أجل زوال العقل، فإذا كان من أجل شدة المرض هذا يعد تساهلا منك، وعليك القضاء مرتبا: ظهر، عصر، مغرب، عشاء، فجر. وهكذا يرتب ولو في أيام قلائل، كل وقت تصلين فيه عدة صلوات حسب ظنك وعلى غلبة ظنك تجتهدين وتصلينها إن شاء الله، هذا هو الأحوط لك والأفضل لك. والصيام كذلك، ما ترك من أجل شدة المرض تقضينه، وما كان عند زوال العقل - يعني بعد ذهاب عقلها ولم يكن معها عقل - فلا قضاء، مثل المعتوه، ولا يلزمها شيء إلا الصيام؛ لأنها معذورة. أما إذا كان تركك أيتها السائلة للصلاة عن عمد، قلة مبالاة، ما هو عن شبهة، وتظنين أن المرض عذر، قد تركتها قلة مبالاة وتساهلا بها هذا كفر وضلال، فلا تقضى بعدئذ، التوبة تكفي فقط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن ترك الصلاة كفر، قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1)» فإذا كنت تركتها عمدا لا عن شبهة ولا عن ظن أنه يجوز لك تأخيرها من أجل المرض فهذا منكر عظيم وكفر صريح، فالتوبة تكفي ولا قضاء عليك لما مضى؛ لأن تركها من غير عذر كفر وضلال وردة عن الإسلام في أصح قولي العلماء، فإذا تاب العبد من ذلك كفته التوبة فقط، نسأل الله السلامة.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 484 245 - بيان كيفية قضاء الصلاة للمريض لفترة طويلة س: يقول السائل: أنا كنت مريضا في المستشفى، حوالي أسبوع، واشتد علي المرض، لم أستطع أن أصلي، لكن بعد ما طلعت من المستشفى صليت كل الأوقات التي فاتتني في عصر، وصليتها قصرا كل وقت ركعتين ركعتين، هل صلاتي هذه صحيحة أم لا (1) ج: أولا الواجب عليك أن تصلي في حال المرض ولو أنك جالس أو مضطجع، تصلي على حسب حالك؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) والنبي صلى الله عليه وسلم قال للمريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (3)» هكذا أمره النبي عليه الصلاة والسلام. فالمريض يفعل ما يستطيع، إن استطاع قائما صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، وإن عجز صلى على جنبه الأيمن أو الأيسر، والأيمن أفضل، فإن عجز صلى مستلقيا ورجلاه إلى القبلة، هذا هو المشروع، فإذا لم يفعل وجب عليه القضاء؛ لأنه لم يفعل - بزعمه - يصلي بعد حين، أكمل، أو أنه يشق عليه حال وجود المرض، كل هذا غلط، ولكن   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (61). (2) سورة التغابن الآية 16 (3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 485 عليه القضاء؛ لأنه تركها بشبهة، فعليه القضاء والمبادرة بالقضاء إذا استطاع ذلك، ويصلي أربعا ما يصلي ثنتين، ثنتان هذه للمسافر، أما المريض فيصلي أربعا ولا يصلي ثنتين، إنما قصر الصلاة للمسافرين خاصة، أما المرضى فإنهم يجمعون فقط؛ لأن لهم الجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. أما القصر فكون المريض يصلي ثنتين فلا يجوز، لكن يغتر بعض الناس بما يسمع من بعض العامة يقول: المريض له أن يقصر، وقصدهم بالقصر الجمع، يسمي الجمع قصرا، وهذا غلط في اللغة؛ لأن جمع الظهر والعصر، وجمع المغرب والعشاء ما يسمى قصرا، يسمى جمعا لأنه جمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، فيسمى جمعا لا قصرا، أما القصر فهو كونه يصلي الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، هذا القصر، لكن بعض العامة يسمي الجمع قصرا، فنتج عن هذا أن بعض الناس قصر في المرض لما يسمع من بعض العامة أن المريض يقصر، ومراده أنه يقصر يعني يجمع، هذه لغة العامة، يسمون الجمع قصرا وهو غلط في اللغة العربية، فالجمع ما يسمى قصرا، يسمى جمعا إذا صلى الظهر والعصر جميعا في وقت الظهر أو وقت العصر، هذا يسمى جمعا ما يسمى قصرا، وهكذا إذا صلى المغرب والعشاء جمعا في وقت المغرب أو وقت العشاء، هذا يسمى جمعا لا قصرا. أما القصر فكونه يصلي العشاء الجزء: 12 ¦ الصفحة: 486 ثنتين، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين هذا القصر، وهذا خاص بالمسافرين، المسافر هو الذي يصلي ركعتين، أما المريض فعليه أن يصلي أربعا، لكن له أن يجمع بين الظهر والعصر، وله أن يجمع بين المغرب والعشاء من أجل المرض. الجزء: 12 ¦ الصفحة: 487 246 - حكم ترك المريض صلاته لعدم الطهارة س: يقول السائل: جدتي كبيرة في السن وهي تحب الصلاة حبا شديدا، والصيام أيضا، والتقرب إلى الله، ولكن لم تكن تستطيع في الشهور الأخيرة من عمرها أداء الصلاة؛ وذلك لعدم طهارتها وعدم استطاعتها أن تقرأ أو أن تفعل شيئا من أفعال الصلاة رغم أنها تملك عقلها كاملا، فهل عليها إثم في ذلك؟ وعندما نقول لها: حاولي أن تؤدي الصلاة، كانت تقول: إنني أشعر بقناعة تامة عن الصلاة، وكانت تلهث بشدة عند أي حركة تؤديها وكأن روحها ستخرج، ما هو الحكم في مثلها (1)؟ ج: الواجب عليها أن تصلي قائمة أو قاعدة أو على جنبها أو مستلقية، بالماء أو بالتيمم، هذا هو الواجب عليها، ولا يجوز لها ترك   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (213). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 487 الصلاة؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). والنبي صلى الله عليه وسلم قال لعمران لما كان مريضا، قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2)» فالمؤمن والمؤمنة هكذا يقومون بالواجب حسب الطاقة، ولا يجوز ترك الصلاة من أجل الضعف أو كبر السن، بل على المريض وكبير السن أن يصلي على حسب حاله، حتى ولو على جنبه، حتى ولو مستلقيا إذا عجز عن الجنب، يقرأ ويكبر، يقول: الله أكبر. ناويا الصلاة، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر ناويا الركوع، يقول: سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. ناويا الرفع: ربنا ولك الحمد. إلى آخره، ثم يكبر ناويا السجود، يقول: سبحان ربي الأعلى. ثم يكبر ناويا الجلسة بين السجدتين ويقول: رب اغفر لي. ثم يكبر ناويا السجدة الثانية، وهكذا بالقول إذا عجز عن الفعل، وأما هذه التي تأخرت عن الصلاة وهي تعقل فقد أثمت، وهي على خطر عظيم، ويخشى عليها أن تكون كافرة بذلك لأنها تركت الصلاة مع القدرة ومع العقل، فالحاصل أن هذا العمل عمل سيئ ومنكر، والواجب عليها أن تصلي على حسب   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 488 حالها، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) إذا كان عقلها موجودا، أما ماذا عليكم أن تفعلوا بعد وفاتها فليس عليكم شيء، أمرها إلى الله، وظاهر حالها الكفر، نسأل الله العافية؛ لأنها ضيعت الصلوات من أجل جهلها، الله جل وعلا يتولى أمرها سبحانه وتعالى، ما دام تركت الصلاة وهي عاقلة فلا تدعوا لها ولا تتصدقوا عنها؛ لأنها تركت الصلاة وهي عاقلة كما ذكرتم، وترك الصلاة مع العقل والتكليف كفر أكبر على أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» نسأل الله العافية.   (1) سورة التغابن الآية 16 (2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 489 س: يقول السائل: مرضت أمي مرضا أقعدها في المنزل، ولم تستطع أن تصلي، وماتت وهي على ذلك الحال، فبماذا تنصحوننا تجاهها، جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: إن كان ذهب عقلها فلا شيء عليها، وإلا فالواجب أن تصلي ولو على جنب إذا لم تستطع الصلاة قائمة ولا قاعدة، يقول النبي صلى الله   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (221). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 489 عليه وسلم: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1)» هكذا يجب على المريض، إن استطاع أن يصلي قائما فإذا صلى قائما، ركع وسجد، وإن عجز صلى قاعدا وأومأ بالركوع، وسجد في الأرض إن استطاع، وإلا أومأ بالركوع والسجود، وجعل السجود أخفض من الركوع، فإن عجز صلى على جنب، والأفضل على جنبه الأيمن، يصلي باللفظ والنية، يكبر ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر وينوي الركوع ويقول: سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. وهو على جنبه ناويا الرفع من الركوع ويقول: ربنا لك الحمد. إلى آخره. ثم يكبر ناويا السجود ويقول: سبحان ربي الأعلى. ويدعو ربه، ثم يكبر ناويا الرفع من السجود والجلسة بين السجدتين ويقول: رب اغفر لي. ثم يكبر ناويا السجدة الثانية، وهكذا حتى يكمل صلاته وهو على جنبه أو مستلقيا، وإذا كان مستلقيا يجعل رجليه إلى القبلة، ويرفع رأسه قليلا حتى يصلي إلى القبلة مثل ما فعل الذي على جنبه، يصلي بالنية والقول، ويرفع يديه إذا كان يستطيع عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام للتشهد الأول، إذا كان يستطيع يرفع يديه وهو على جنبه أو مستلقيا أو قاعدا.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). الجزء: 12 ¦ الصفحة: 490 بسم الله الرحمن الرحيم الجزء: 13 ¦ الصفحة: 3 صفحة فارغة الجزء: 13 ¦ الصفحة: 4 تكملة باب صلاة أهل الأعذار الجزء: 13 ¦ الصفحة: 5 صفحة فارغة الجزء: 13 ¦ الصفحة: 6 بقية باب صلاة أهل الأعذار 1 - حكم قضاء الصلاة عن فاقد الشعور لمرض أو كبر سن س: السائلة: ر، ف، ي، ل، من العراق تقول: كانت والدتي تصوم وتصلي، وقد مرضت مرضا شديدا منذ سنتين توفيت على أثره، ولم تكن تصوم ولا تصلي في وقت مرضها لعدم الاستطاعة، فهل يلزمني دفع كفارة عنها أو الصيام والصلاة عنها؟ أفيدوني بارك الله فيكم (1) ج: ما دامت ماتت وهي مريضة ما استطاعت الصيام فليس عليك صيام عنها، إذا كانت ماتت وهي في مرضها لم تستطع الصيام في المدة الطويلة فإنك لا تقضين عنها شيئا، وليس عليك إطعام أيضا، والحمد لله، أما الصلاة فقد غلطت في ترك الصلاة، كان الواجب عليها أن تصلي ولو كانت مريضة، ولا تترك الصلاة. الواجب على المريض أن يصلي على حسب حاله، إن استطاع القيام صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، فإن لم يستطع القعود صلى   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (50). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 7 على جنبه الأيمن أفضل أو الأيسر على حسب طاقته، فإن لم يستطع الصلاة على جنبه صلى مستلقيا، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه بعض الصحابة رضي الله عنهم المرض قال له: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1)» هذا هو الواجب على المريض ذكرا كان أو أنثى، يصلي قاعدا إذا عجز عن القيام سواء مستوفزا أو متربعا أو كجلسته بين السجدتين، كل ذلك جائز، فإن عجز عن القعود صلى على جنبه الأيمن أو الأيسر، والأيمن أفضل، إذا استطاع ينوي أركان الصلاة وواجباتها، ويتكلم بما يستطيع، يكبر، يقرأ الفاتحة أول شيء، يقرأ ما تيسر، ثم يكبر وينوي الركوع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ويقول إذا نوى الرفع: ربنا ولك الحمد، إلى آخره، ثم يكبر ناويا السجود، يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ثم يرفع مكبرا ناويا الجلوس بين السجدتين ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. يكررها ثلاثا، ثم يكبر ناويا السجدة الثانية، وهكذا بالنية والكلام حسب طاقته، ولا تقضي الصلاة، وإنما عليك الدعاء لها، والتراحم عليها والاستغفار لها إذا كانت مسلمة موحدة، أما إذا كانت تدعو الأموات، وتستغيث   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) بدون ذكر " فإن لم تستطع فمستلقيا ". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 8 بالأموات والقبور، تدعو غير الله، هذه لا يدعى لها؛ لأن هذا شرك أكبر، فإذا كانت في حياتها تدعو الأموات، وتستغيث بالأموات أو بأصحاب القبور أو تسأل البدوي أو عبد القادر أو غير عبد القادر الجيلاني، هذا من الشرك الأكبر، لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، كأن يقول: يا سيدي عبد القادر، اشف مريضي أو انصرني أو عافني، أو: يا سيدي فلان – من الأموات - افعل بي كذا، أو: يا رسول الله، افعل بي كذا: أو: يا سيدي البدوي، افعل كذا، أو: يا فلان افعل كذا، من الأموات، كل هذا من الشرك الأكبر، والذي يموت على هذه الحالة لا يدعى له، لأنه مات على ظاهر الشرك، نسأل الله السلامة. أما إن كانت موحدة بحمد الله لا تدعو إلا الله، بل تعبد الله وحده فيدعى لها ويستغفر لها، ولا يصلى عنها، لأن الصلاة لا تقضى. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 9 س: عندنا مريض كبير في السن لا يصلي ولا يصوم ولا يشعر بنفسه دائما، فهل نصلي عنه أم لا، وهل تصوم عنه زوجته أم لا (1)؟ ج: ليس عليه شيء، ما دام لا يشعر فقد سقط عنه التكليف والحمد لله، مثل المعتوه والمجنون والهرم، الهرم الذي زال شعوره ليس عليه صلاة ولا صوم، ولا يصلي عنه أحد ولا يصوم عنه أحد، لا زوجته ولا غيرها لأنه سقط عنه التكليف، نسأل الله للجميع حسن الختام.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (198). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 9 2 - بيان ما يجب على من به سلس البول س: أنا مصاب بسلس البول، كيف تنصحونني سماحة الشيخ كي أؤدي صلاتي على الوجه الأكمل (1)؟ ج: صاحب السلس مثل المرأة صاحبة الاستحاضة، الواجب عليه كما بين أهل العلم، أنه يتوضأ لكل صلاة، إذا دخل الوقت يتوضأ ويصلي مع الناس والحمد لله، يتحفظ بشيء من القطن أو غيره على ذكره حتى لا يتأذى بالبول في ثيابه وبدنه، كما لو استحاضت المرأة تتنظف وتتحفظ بشيء، وتصلي الصلوات في أوقاتها، وتتوضأ إذا دخل الوقت، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام للمستحاضة: «توضئي لوقت كل صلاة (2)» فصاحب السلس ومثله صاحب الريح الذي يخرج منه الريح دائما، لا يستطيع البقاء إلى وقت يؤدي فيه الصلاة، فإنه يصلي على حسب حاله، يتوضأ إذا دخل الوقت، ويصلي مع الناس، ولو خرج منه الريح أو خرج منه البول كما تصلي المستحاضة ولو خرج منها الدم، لكن يتوضأ بعد دخول الوقت ما دام الحدث دائما، وننصحهم – صاحب السلس والمستحاضة - بالتحفظ دائما، وذلك أسلم للبدن والثياب.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (201). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 10 س: أنا في السابعة عشر من عمري، مصاب بسلس البول، ولا أستطيع الجزء: 13 ¦ الصفحة: 10 أن أحافظ على صحة وضوئي حتى أتمكن من إتمام الصلاة، كيف تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: المصاب بالسلس يتوضأ إذا دخل الوقت كالمصابة بالاستحاضة، الدم الدائم، إذا دخل الوقت استنجى وتوضأ وضوء الصلاة وصلى ولو خرج منه شيء، كما تصلى المستحاضة التي معها الدم الدائم، تتوضأ إذا دخل الوقت – يعني تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة - وتتحفظ بشيء وتصلي جميع الوقت، إذا توضأت للظهر تصلي الظهر وتصلي النوافل، تقرأ القرآن من المصحف ولو خرج شيء حتى يأتي الوقت الآخر، وهكذا كلما جاء وقت تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة إذا خرج شيء، وهكذا صاحب السلس إذا دخل الوقت، إذا استنجى وتحفظ بشيء توضأ وضوء الصلاة، ثم يصلي ما بدا له من وقت مع النوافل حتى يأتي الوقت الآخر، فإذا جاء الوقت الآخر وقد خرج منه شيء يعيد الوضوء، يستنجي ويعيد الوضوء، أما لو سلمه الله ولم يخرج شيء فلا إعادة عليه، ووضوؤه صحيح، ويصلي به الوقت الآخر ولا حرج. المقصود أنه كالمستحاضة بهذا العمل، يتوضأ لكل صلاة، هكذا صاحب السلس إذا كان معه البول الدائم، وهكذا المرأة التي معها الماء الدائم من فرجها تتوضأ لوقت كل صلاة كالمستحاضة، إذا دخل وقت الفجر وطلع الفجر توضأ للفجر،   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (191). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 11 استنجى وتوضأ للفجر، وإذا دخل وقت الظهر وزالت الشمس كذلك يستنجي، ثم يتوضأ وضوء الصلاة للظهر ويصلي النوافل إلى العصر، ويقرأ من المصحف كذلك، ثم إذا دخل وقت العصر أعاد الوضوء، إذا كان قد خرج منه شيء، يستنجي ويعيد الوضوء، وهكذا المغرب، وهكذا العشاء. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 12 س: سائل يقول: هناك رجل مصاب بمرض سلس البول، وهو شيخ كبير وأكثر الأحيان وفي أغلب الأوقات يكون فراشه غير نظيف، ولا يستطيع السيطرة على نفسه، وأيضا لا يستطيع القيام من فراشه بسهولة، فهل تجوز له الصلاة على حالته هذه؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يقول الله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، فعليه أن يتوضأ لكل صلاة، يتحفظ بخرقة أو نحوها على فرجه ويغسل ما أصاب بدنه وثيابه، أو يغسله له زوجته أو أولاده، ويجزئه ذلك. كل صلاة تتوضأ، ولو خرج منه بعد ذلك في الوقت فيتوضأ للظهر ويصلي، ويقرأ القرآن من المصحف لا بأس حتى يأتي وقت العصر، فإذا جاء وقت العصر يعيد الوضوء مرة أخرى إذا خرج منه شيء، وهكذا المغرب وهكذا العشاء،   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (235). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 12 وهكذا الفجر، والفراش يطهر له، يضع عليه رداء طاهرا يصلي عليه كل صلاة، إذا كان الرداء أصابه بول يؤخر، يؤتى ببدله أو يغسل ما أصابه في كل وقت. وإذا نزل به شيء وهو يصلي ما يضره، مثل المستحاضة التي ينزل بها الدم {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، لكن في الوقت، إذا خرج الوقت يعيد الوضوء ويغسل ما أصاب ثوبه أو يبدله، وهكذا.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 13 س: إذا أصيب الإنسان بالسلس لكبر أو لمرض هل يصلي أم أن الصلاة تسقط عنه (1)؟ ج: الصلاة لا تسقط ما دام العقل موجودا، عليه أن يصلي ولكن يتوضأ لكل صلاة، إذا أصابه السلس – وهو البول المستمر - يتوضأ لكل صلاة ويصلي كل صلاة في وقتها، مثل المستحاضة التي معها الدم الدائم تتوضأ لكل صلاة وتصلي، ولا تسقط عنها ولا عن صاحب السلس الصلاة، ولهما الجمع إذا شق عليهما الأمر، لكن الرجل ينبغي عليه ألا يجمع حتى يصلي مع الجماعة، أما المرأة إذا جمعت لحاجة فلا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رخص لحمنة رضي الله عنها أن تجمع، الحاصل أن صاحب السلس يتوضأ لكل صلاة ويصلي مع الجماعة،   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (216). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 13 ويتحفظ بشيء، بخرقة يربطها على ذكره حتى لا ينتشر البول إلى الملابس، ويتوضأ لكل صلاة، والحمد لله. وإذا خرج شيء أثناء الصلاة لا يضر لا المرأة ولا الرجل، لا المستحاضة ولا صاحب السلس، لا يضرهما ما خرج في الوقت ولو في الصلاة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 14 3 - بيان كيفية طهارة من به حدث دائم س: رسالة من المستمع: م. ك. ر. صدرها بقوله: أشهد الله ثم إني أشهدكم بأني أحبكم في الله، أصبت ببلاء، وأصبحت لا أتحكم في نفسي ولا في بطني إلا بصعوبة، وقد ينتقض وضوئي في مرات كثيرة في الصلاة أو أثناء الذهاب للمسجد، وقد لا ينتقض في بعض الأوقات، وهي قليلة، أصبحت لا أعلم متى ينتقض وضوئي ومتى لا ينتقض، هل أنا بهذه الحالة من أصحاب الأعذار؟ وإذا كنت كذلك فهل لي أن أتوضأ قبل دخول الوقت لكي أدرك الجماعة؟ لأنني قرأت فتوى لابن تيمية يقول: يتوضأ صاحب العذر لكل صلاة، أو لوقت كل صلاة، فهل لي أن أتوضأ قبل دخول الوقت لإدراك صلاة الجماعة مع العلم بأنني إذا توضأت بعد دخول الوقت فإنني قد لا أدرك صلاة الجماعة؟ وهل لي أن أجمع بين صلاتين بوضوء واحد مع إمام يجمع في مطر أو في سفر؟ هل لي أن الجزء: 13 ¦ الصفحة: 14 أمسح على الجوارب وأنا بهذه الحالة؟ وهل لي أن أصلي إماما إذا لم يحضر إمام المسجد وكنت أقرأ الموجودين وأعلمهم بالسنة؟ وهل إذا صليت بهم إماما أكون آثما؟ وجهوني حول هذه الأمور جزاكم الله خيرا (1) ج: أسأل الله أن يمنحنا وإياك الشفاء والعافية من كل سوء، وأما ما يتعلق بمحبتي في الله فإن المحبة في الله من أفضل القربات، فنقول: أحبك الله الذي أحببتنا له، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أحب أحدكم أخا فليعلمه أنه يحبه (2)» وإذا أعلمه أخوه فليقل: أحبك الذي أحببتنا له، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (3)» ذكر منهم رجلين تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، وصح عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه قال: يقول الله يوم القيامة: «أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (307). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث المقدام بن معدي كرب الكندي أبي كريمة، برقم (16719)، وأبو داود في كتاب الأدب، باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه، برقم (5124). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، برقم (660)، ومسلم في كتاب الزكاة باب فضل إخفاء الصدقة برقم (1031). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 15 إلا ظلي (1)» أما ما ذكرت من جهة استمرار الحدث فإنك تتوضأ لوقت كل صلاة، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة التي حدثها دائم، قال لها: «توضئي لوقت كل صلاة (2)» رواه البخاري. فأنت تتوضأ في وقت كل صلاة، ولو خرج منك شيء في الطريق أو في المسجد أو في الصلاة لا يضرك والحمد لله، إن أنت توضأت بعد دخول الوقت فإن الحدث الذي يخرج منك في الطريق أو في المسجد أو في الصلاة أو بعد الصلاة لا ينقض وضوءك، بل لك أن تصلي في الوقت ما دمت على هذه الحال حتى يأتي الوقت الآخر، لك أن تصلي وتقرأ من المصحف وتطوف في مكة، إذا كنت في مكة تطوف، وإذا توضأت للعصر تطوف بوضوء العصر بعد العصر، إذا توضأت للظهر تطوف بوضوء الظهر، أو تصلي به، وإذا كان جمعا كفى وضوء واحد والحمد لله، توضأ وصل الصلاتين بوضوء واحد. وأبشر بالخير، ونسأل الله لك العافية والتوفيق.   (1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب في فضل الحب في الله، برقم (2566). (2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 16 4 - بيان ما يفعله من أصيب باستمرار خروج الريح س: إنني لا أستطيع الصلاة حيث إنني مريض في المعدة من الهواء، إنني أتوضأ في كل صلاة وأكثر الأحيان إنني أصلي وأنقض الوضوء من نصف الصلاة فأكمل الصلاة، هل الصلاة صحيحة أم لا (1)؟ ج: ما دام الحدث مستمرا فأنت في حكم صاحب السلس، فصلاتك صحيحة ولو خرج منك الريح مثل صاحب السلس، الريح والماء، والمستحاضة يخرج منها الدم دائما، فتتوضأ في الوقت أيها السائل، ثم تصلي على حسب حالك ما دام هذا شيئا مستمرا معك، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولو خرج في الصلاة ولو خرج في الوقت ما دمت توضأت في الوقت، ثم صليت كما أمر الله، فخروج هذه الريح منك وأنت تصلي أو قبل الصلاة أو بعد الصلاة لا يضر ما دام مستمرا، في حكم المستمر مثل خروج الدم من المستحاضة التي يستمر معها الدم في غير وقت الحيض، ومثل خروج البول من صاحب السلس إذا استمر معه وليس له حيلة هذا معذور، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2).   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (24). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 17 5 - كيفية قضاء المغمى عليه للصلوات س: أنا رجل مريض بداء السكري، وآخذ عنه علاجا، وأحيانا ينزل السكر تحت المعدل ثم أصاب بإغماء في النوم، وإذا قمت ما أدري هل أنا في اليوم الذي نمت فيه أو بعده بيوم، فأسأل عشيرتي ويخبرونني بنفس اليوم الصحيح، فأصلي مجتهدا، ولكن لا أضبط صلاتي من حيث عدد الركعات، فهل هذه الصلوات صحيحة أو أعيدها إذا صحيت جدا؟ وشكرا (1) ج: الواجب على من يصاب بالإغماء أنه إذا انتبه واستيقظ من الإغماء أن يتوضأ ويقضي إذا كان مدة الإغماء قليلة، إذا كان يوما أو يومين أو ثلاثة، فقد جاء عن بعض الصحابة أنهم أغمي عليهم كعمار وغيرهم، فقضوا الصلوات، فهو إذا انتبه وزال إغماؤه يقضي ما مضى لكن لا يعجل حتى يؤول إليه عقله، وحتى يثبت عقله، لا يعجل وهو ما بعد ثبت عقله حتى لا يميز بين الركعات، لهذا لا يعجل حتى يستقيم عقله، حتى يستطيع أن يؤدي الصلوات مضبوطة، أما إذا أداها وعقله حتى الآن ما يميز بين الركعتين والثلاث فهو حتى الآن ما بعد استقام عقله، ولا تصح صلاته إنما عليه التأني والتثبت، فإذا تم حضور عقله واستقام أمره قضى الأيام التي أخبره إخوته الذين عرفوا حاله أنه ضيعها.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (15). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 18 أما بالنسبة لصلواته التي صلاها وهو ما بعد صحا من الإغماء فإن عليه أن يعيدها، يعيد الصلوات التي صلاها بغير شعور ما ضبطها، وإذا كان لا يعلم هل هي الظهر أو العصر فإنه يتحرى، والحمد لله. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 19 6 - بيان المدة التي يقصر فيها المسافر س: يقول السائل: ح. من المدينة: المسافر كم المدة التي يقصر فيها؟ وكم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقصر في سفره إلى مكة، هل صحيح بأنه جلس عشرة أيام يقصر في السفر (1)؟ ج: في حجة الوداع عشرة أيام، قدمها صبيحة رابعة من شهر ذي الحجة، وسافر صبيحة أربعة عشر وهو يقصر، لكن استنبط العلماء من ذلك أنه يقصر في أربعة أيام، لأنه جلس من الرابع إلى يوم الثامن، ثم انتقل إلى أعمال الحج، فإذا عزم المسافر على إقامة أكثر من أربعة أيام أو أكثر فإنه يتم، أما إذا كانت أربعة أيام فأقل فإنه يقصر، أو إذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فالإتمام أحوط وأفضل، لأن الإقامات الأخرى التي أقامها ليس فيها دلالة على أنه جزء من الإقامة، كما أقام في تبوك عشرين يوما يتحرى العدو، هذا ليس فيه جزم أنه نوى الإقامة، قد يكون ما نوى الإقامة إنما جلس لأسباب ينظر فيها أمر العدو. المقصود أن أكثر أهل   (1) السؤال السابع والستون من الشريط رقم (430). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 19 العلم يقول: إذا عزم الإقامة أكثر من أربعة أيام في بلد أو في منزل أتم، إما إن كانت الإقامة أربعة أيام فأقل فلا بأس أن يقصر، هذا قول الأكثر ولا حرج، وإن كانت إقامته أكثر وهو مسافر وقصر فلا حرج، لكن تخير قول الجمهور أحوط وأولى. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 20 7 - بيان أحكام القصر للمسافر س: يرجو السائل من سماحتكم الحديث عن صلاة المسافر (1) ج: المسافر يشرع له أن يصلي ركعتين الرباعية الظهر والعصر والعشاء، هذه السنة، إذا غادر بلده وفارق بناءها صلى ركعتين حتى يرجع، فإذا أقام في أثناء السفر إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام أتم عند جمهور أهل العلم، وإن كانت الإقامة قصيرة يومين، ثلاثة، أو مثلا ما عنده علم هل تطول أو ما تطول فهذا يقصر، لأنه لا يدري هل تكون أربعة أو عشرة، ينتظر حاجته فهذا له القصر ولو طالت المدة، أما إذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فهو يتم عند جمهور أهل العلم، ومثله الصيام، له أن يفطر في السفر، إذا سافر في رمضان وليس قصده التحيل إنما سافر لحاجه فإنه يشرع له الفطر حتى يرجع، فإذا أقام في أثناء السفر إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام فإنه يصوم.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (347). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 20 8 - حكم جمع الصلوات للمسافر س: سماحة الشيخ، متى يجوز للمسافر أن يجمع (1)؟ ج: إذا جاز له القصر جاز له الجمع، لكن الأفضل إذا كان مقيما مستريحا أن يصلي كل صلاة في وقتها، مثلا نزل في محل يقيم فيه يومين أو ثلاثة لحاجة فالأفضل عدم الجمع، وإن جمع فلا حرج، والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نزل في منى لم يجمع، وجمع في تبوك وهو نازل، والأمر واسع إن شاء الله، لكن إذا كان نازلا ولا مشقة عليه فالأفضل عدم الجمع، إذا كان نازلا يومين أو ثلاثة أو أربعة الأفضل عدم الجمع، وإن جمع فلا حرج، المقصود أن الجمع تابع للقصر متى جاز القصر جاز الجمع.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (347). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 21 9 - حكم الجمع والقصر للمسافر إذا مر ببلده س: إذا كنت مسافرا وأقمت يوما أو يومين في قريتي، هل يشرع لي حينئذ القصر والجمع أم أصلي مع الجماعة (1)؟ ج: إذا كنت وحدك يلزمك أن تصلي مع الجماعة، ولا تصل وحدك، عليك أن تصلي مع الجماعة تماما، أما إذا كنتم اثنين فأكثر فأنتم مخيرون   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (347). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 21 إن صليتم وحدكم قصرتم، وإن صليتم مع الناس أتممتم أربعا، الأمر في هذا واسع. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 22 10 - بيان مدة السفر الذي يترخص فيه بقصر الصلاة وجمعها س: ما هو القصر والجمع، ومتى يكون؟ وما هو الفرسخ وما يعادله من الكيلومترات؟ وما هي مسافة السفر التي يقصر فيها الصلاة، ويفطر فيها الصائم (1)؟ ج: القصر أن يصلي الرباعية ثنتين، هذا يسمى القصر، قصر الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين بسبب السفر، لا تقصر الصلاة إلا في السفر خاصة، المريض لا يقصر، المريض له أن يجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، لكن لا يصلي الظهر ثنتين بل يصلي أربعا وإنما القصر في السفر خاصة، والجمع معناه ضم الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، هذا هو الجمع، يجوز للمسافر والمريض، وأم مسافة أهل القصر فهي عند جمهور أهل العلم يومان، مسافة سبعين كيلو، ثمانين كيلو، هذا يسمى سفرا، والفرسخ ربع بريد، والبريد نصف يوم، والمسافة أربعة برد، والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ربع بريد وثمن اليوم، فما كان يعادل يومين للمطايا فهو يعادل الآن سبعين كيلو،   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (38). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 22 ثمانين كيلو، وما يقاربها. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 23 11 - بيان الوقت الذي يبدأ فيه المسافر الجمع، والقصر للصلاة س: السائل: س. ي. من اليمن يسأل في أحكام السفر: متى يبدأ وقت الجمع والقصر (1)؟ ج: إذا غادر بلده وفارق بنيانها له قصر الصلاة وله الجمع، لكن إذا كان نازلا مستريحا فالأفضل عدم الجمع، أما إذا كان على ظهر سير يجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا سافر من صنعاء إلى مكة، ومن صنعاء إلى المدينة، من صنعاء إلى غيره مسافة طويلة، ثمانين كيلو أو أكثر فله رخص السفر يقصر ويجمع إذا شاء، والحمد لله.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (403). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 23 س: متى يجوز للمسافر أن يقصر الصلاة، هل إذا خرج من المدينة أم يجوز له أن يقصر الصلاة قبل خروجه من المدينة (1)؟ ج: إذا خرج من المدينة، إذا غادر البلد، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقصر إلا إذا غادر المدينة وصار في ذي الحليفة، إذا غادر بلده وانتقل وخرج عن دائرة البناء قصر، وهكذا إذا رجع يقصر حتى يدخل البلد ما   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (413). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 23 دام خارج البلد يقصر، وإذا كان المطار خارج البلد يقصر في المطار. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 24 س: إذا نوى الشخص السفر وهو لم يسافر، ما زال داخل البلد فهل له أن يجمع ويقصر أم لا بد أن يخرج من البلد، ثم يحق له حينئذ الجمع والقصر؟ نرجو الإجابة، جزاكم الله خيرا (1) ج: ما دام في البلد يصلي صلاة أهل البلد أربعا، لا يقصر ولا يجمع حتى يسافر.   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (351). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 24 س: نرجو الإفادة عن صلاة المسافر، ومتى يباح له القصر والجمع (1)؟ ج: المسافر يشرع له في سفره القصر، وهو أن يصلي الرباعية ركعتين الظهر والعصر والعشاء، فالمسافر يصلي هذه الصلوات الثلاث ركعتين تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، فإنه كان إذا سافر عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين حتى يرجع، أم المغرب فإنها ثلاث لا تقصر في السفر والحضر، وهكذا الفجر ركعتان لا قصر فيها، وإنما القصر في الرباعية، فإذا فارق البلد، خرج عن عمران البلد إلى المطار الذي هو بعيد عن البلد، أو على سيارته خارج البلد صلى ركعتين، أما ما دام في البلد فيصلي أربعا. فإذا غادر البلد وخرج عن بنيانها وعمارتها فإنه يصلي ركعتين في   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (157). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 24 طريقه إلى جهته التي يريد، وهكذا في البلد الذي يمر بها يصلي ركعتين، وهكذا في الرجوع يصلي ركعتين، لكن إذا صلى مع المقيمين وهذا أولى، إذا صلى خلف إمام مقيم صلى معه أربعا، هكذا السنة، «سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن صلاة المسافر مع المقيم أربعا قال: هكذا السنة»، إذا صلى المسافر مع المقيمين في المسجد الحرام أو في المسجد النبوي أو في أي مكان فإنه يصلي أربعا يقتدي بإمامه، وهكذا إذا أقام إقامة طويلة في البلد أكثر من أربعة أيام قد عزم عليها فإنه يصلي أربعا إذا نوى هذه الإقامة ونوى عليها وعزم عند جمهور أهل العلم، أما إذا كانت الإقامة أقل من ذلك ثلاثا أو أربعا أو يومين فإنه يصلي ثنتين إذا كان معه أحد أما إذا كان وحده فإنه يصلي مع الناس أربعا ولا يصلي وحده، بل يصلي مع الجماعة ويتم معهم أربعا، لكن إذا كان وحده في السفر صلى ثنتين لا بأس، أو معه جماعه ولو في الحضر صلى ثنتين؛ لأنهم مسافرون، لكن إذا كانت الإقامة قد عزموا عليها وهي أكثر من أربعة أيام فإنهم يصلون أربعا؛ لأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أقام في حجة الوداع أربعا في مكة لما نزلها في رابع ذي الحجة، أقام حتى يخرج في يوم الثامن من ذي الحجة إلى منى، هذه أربعة أيام قد عزم عليها وقصر فيها، فدل ذلك على أن المسافر إذا عزم على الإقامة أربعة أيام أو أقل فإنه يقصر، لكن إذا كان واحدا كما تقدم يصلي مع الجماعة ويتم، ولا يصلي وحده إلا إذا كان ما عنده أحد أو فاتته الجماعة يصلي ثنتين؛ لأنه الجزء: 13 ¦ الصفحة: 25 مسافر، ومثل ذلك لو كانت الإقامة غير مجزومة لا يدري هل يقيم يومين أو خمسة أو عشرة، عنده تردد فهذا يصلي ثنتين يقصر ما دام لم يجزم على مدة معلومة، فإنه يصلي ثنتين، ولو طالت المدة كالذي يطلب إنسانا ولم يجده أو له حاجة يلتمسها ولم يجدها ولا يعرف مدة إقامته فإنه يصلي ثنتين؛ لأنه في حكم المسافر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 26 12 - حكم جمع الصلاة وقصرها للمسافر المقيم في غير بلده س: هل يجوز للمسافر القصر والجمع جميعا وهو في طريقه، وهل من فعل ذلك عليه إعادة صلاته، وإذا كان لا يعلم عدد الصلوات فما الحكم (1)؟ ج: المسافر يقصر ويجمع ولا حرج عليه بل سنة، والقصر أن يصلي الأربع ثنتين، الظهر والعصر والعشاء، هذا القصر، وأما ضم العصر إلى الظهر، وضم المغرب إلى العشاء هذا يقال له: جمع، وبعض العامة يغلط في هذا ويسمي الجمع قصرا، والصواب أن الجمع ضم الظهر إلى العصر، وضم المغرب إلى العشاء، وهذا يسمى جمعا. والقصر معناه أن يصلي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، هذا يسمى قصرا، فالمسافر يشرع له أن يقصر ما دام في السفر   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (188). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 26 ولو صلاها في الوقت ولم يجمعها، هذا السنة، لكن إذا دعت الحاجة إلى الجمع جمع، كأن يعزم على الرحيل بعد زوال الشمس، فالأفضل له أن يضم العصر إلى الظهر، ويصلي جمع تقديم ثم يمشي، وكذلك لو ارتحل بعد غروب الشمس من مكانه إلى مكان آخر وهو في السفر فإن الأفضل له أن يضم العشاء إلى المغرب جمع تقديم، وهكذا بالعكس لو ارتحل قبل الزوال فإن السنة له أن يؤخر الظهر مع العصر فيكون جمع تأخير، أو ارتحل قبل غروب الشمس فإن الأفضل له أن يؤخر المغرب إلى العشاء ويصليهما جمع تأخير، هكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام، أما إذا كان مقيما مستريحا فإنه يصلي كل صلاة في وقتها، هذا هو الأفضل، ولهذا لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع صلى الصلوات في أوقاتها، ما جمع. فالحاصل أن المقيم المستريح الأفضل له ألا يجمع وإن كان مسافرا، وإن كان في أثناء السفر في البر الأفضل له عدم الجمع، لكن إذا دعت الحاجة إلى الجمع فلا حرج في ذلك. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 27 13 - حكم الجمع والقصر في الطائرة س: متى يجوز قصر الصلاة في السفر؟ أي بعد كم من الكيلومترات يتم ذلك؟ وهل هو الحال واحد سواء كان السفر في السيارة أو في الجزء: 13 ¦ الصفحة: 27 الطائرة أو في البحر؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم، المسافر يقصر سواء من طريق البر أو من طريق الجو أو من طريق البحر، ومتى غادر البلد شرع في القصر، أي تجاوز البناء صلى ثنتين، خارج البلد سواء كان في المطار أو غيره، إذا كان المطار خارج البلد أو خرج في سيارته خارج البلد، أو انتقل من البلد إلى السفينة أو الباخرة يصلي ثنتين ما دام في السفر، فإذا أقام إقامة طويلة تزيد على أربعة أيام أتم أربعا عند أكثر العلماء، أما إن كانت الإقامة أربعا فأقل فإنه يصلي ثنتين، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (220). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 28 14 - مسألة في بيان مسافة السفر التي تقصر فيه الصلاة س: ما هي المسافة التي يجوز لي فيها أن أقصر الصلاة، وما هي صفة القصر (1)؟ ج: المسافة ما تعد سفرا وهو يوم وليلة للمطية، يقدر بثمانين كيلو وما يقاربها حدا تقريبا، والقصر أن تصلي الرباعية ركعتين، تصلي الظهر ركعتين، العصر ركعتين، العشاء ركعتين، هذا هو القصر، أما الجمع فهو الجمع بين الظهر والعصر في السفر أو في المرض، والجمع بين   (1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (320). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 28 العشاء والمغرب في السفر أو في المرض، وهذا يسمى جمعا، إذا صليت المغرب مع العشاء يسمى جمعا، وإذا صليت الظهر مع العصر يسمى جمعا، أما إذا صليت الظهر ثنتين والعشاء ثنتين أو العصر ثنتين فهذا يسمى قصرا، وفق الله الجميع. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 29 15 - مسألة في بيان مسافة القصر ومدته س: هل هناك مسافة معينة ومدة معينة لقصر الصلاة (1)؟ ج: نعم، يوم وليلة للماشي والمطية، وأما بالكيلو فثمانون كيلو تقريبا إذا كانت المسافة بين البلد ثمانين كيلو، أو بين الجهة التي قصدها وبلده ثمانين كيلو فهذا سفر شرعي، ويقصر ويجمع فيه.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (425). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 29 16 - حكم الجمع والقصر في السفر للنزهة س: نحن من سكان مكة المكرمة، خرجنا في رحلة ترفيهية تبعد عن مكة بمقدار مائة كيلو، وحان موعد الصلاة، فهل يجوز لنا أن نقصر ونجمع أم نقصر فقط؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: المشروع لكم إذا كان الواقع ما ذكرتم المشروع القصر؛ لأن هذا سفر، السنة صلاة القصر ثنتان، أما الجمع فأنتم بالخيار، إن جمعتم فلا   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (295). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 29 بأس، وإن تركتم الجمع فهو أفضل إذا كنتم مستقرين لا مشقة عليكم في ترك الجمع فهو أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع لم يجمع لكونه نازلا في منى، فلم يجمع عليه الصلاة والسلام لكن إذا جمع المسافر فلا حرج، إلا أن الترك أفضل إذا كان مستريحا مستقرا. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 30 س: سائل يقول: عندنا استراحة تبعد عن الرياض حوالي تسعين كيلو مترا، ونحن نخرج لها كل نهاية أسبوع، فهل نحن تنطبق علينا أحكام السفر في ذهابنا إليها (1)؟ ج: نعم عليكم أحكام السفر إذا ذهبتم إليها والإقامة مدة يوم، يومين، أنتم مسافرون، والمدة طويلة، تسعون كيلو مدة طويلة، أما إذا كانت أقل، إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل هم مسافرون، أما إذا عزموا على الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنهم مقيمون على قول الجمهور، يصلون أربعا، أما إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل أو الخميس والجمعة ثم يرجع هو مسافر، وإن صلى أربعا فلا حرج إذا كانت المسافة ثمانين كيلو فأكثر، يوم وليلة، يعني للمطية.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (377). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 30 17 - بيان تحديد مسافة القصر بالكيلومترات س: هل مسافة خمسة وثمانين كيلو تعتبر سفرا، وهل يجوز الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء؟ وهل تترك فيها الرواتب والنوافل (1)؟ ج: مسافة ثمانين كيلو تعتبر سفرا، مسافة يومين قاصدين يعني يوما وليلة، فإذا كانت المسافة تبلغ ثمانين كيلو تقريبا فهي سفر فأكثر؛ لأنه جاء عن جماعة من الصحابة ما يدل على هذا المعنى، فما كان بهذه المسافة يسمى سفرا، تقصر فيه الصلاة، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، ويجوز فيه الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم أو جمع تأخير، وهكذا بين المغرب والعشاء جمع تقديم في وقت المغرب، أو جمع تأخير في وقت العشاء، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع في السفر وقصر في السفر عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (365). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 31 18 - مسألة في حكم الجمع والقصر للمسافر إذا كان مقيما في غير بلده س: هل يجوز إذا كنت على سفر بعيد أن أجمع صلاة الظهر والعصر؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (228). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 31 ج: المسافر له الجمع، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، كان النبي يجمع في السفر عليه الصلاة والسلام، وإذا كان مقيما قصر ولم يجمع، فإذا كان على ظهر سير جمع عليه الصلاة والسلام، كان إذا ارتحل قبل غروب الشمس أخر المغرب مع العشاء وصلى جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد غروب الشمس قدم العشاء مع المغرب وجمع جمع تقديم، وإذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر مع العصر جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد الزوال قدم العصر مع الظهر وجمع جمع تقديم، أما إذا كان نازلا مستريحا فالأفضل عدم الجمع، ولهذا في منى في حجة الوداع أيام منى قصر ولم يجمع عليه الصلاة والسلام، لأن المستريح يصلي الظهر وحدها، والعصر وحدها، والمغرب وحدها، والعشاء وحدها، هذا هو الأفضل، وفي بعض الأيام وهو في تبوك وهو نازل جمع، فدل على الجواز فلو جمع في السفر وهو نازل لا بأس لا سيما عند الحاجة، كقلة الماء أو في شدة البرد أو نحو ذلك، وإن صلى كل واحدة في وقتها فهو أفضل إذا كان نازلا، أما إذا كان على ظهر سير فالأفضل الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، تأسيا بالمصطفى عليه الصلاة والسلام. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 32 19 - بيان أقوال العلماء في تحديد مدة القصر س: تسأل المستمعة وتقول: ما الدليل على عدد أيام القصر خمسة أيام علما بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يقصر في كل سفر الجزء: 13 ¦ الصفحة: 32 سواء كان خمسة أيام أو أكثر كما قرأت؟ وهل القصر سنة أم واجب (1)؟ ج: الأكثرون قالوا: الأصل في حق المقيم الإتمام، هذا هو الأصل، فلما أقام النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أربعة أيام في اليوم الرابع مشى إلى منى في اليوم الثامن قالوا: هذه الأربعة قد عزم عليها وقصر، فنقصر، وما زاد عليها إذا كنا مقيمين نتم. وقال آخرون من أهل العلم: يشرع له القصر وإن زادت الأيام ما دام في نية السفر، وعلى حال السفر، فإذا أقام عشرا أو أقل أو أكثر وهو مسافر فإنه يقصر، لأنه ما زال مسافرا. وقال ابن عباس وجماعة: تحدد المدة تسعة عشر يوما؛ لأن الرسول أقام في مكة تسعة عشر يوما عام الفتح، وما زاد عليها يتم المسافر. وقال بعضهم، عشرة أيام، لأن الرسول أقام في حجة الوداع عشرة، قدم في اليوم الرابع وسافر إلى المدينة في اليوم الرابع عشر، صارت عشرة أيام كما قال أنس وغيره، فمن أقام عشرا وعزم عليها قصر، ومن زاد فأتم، إلا أن الأحوط للمؤمن من قول الأكثرين، إن كان أربعة أيام أو إحدى وعشرين صلاة هذا يقصر، فإذا نوى أكثر من واحد وعشرين صلاة - يعني عزم على الإقامة - فالأحوط له الإتمام؛ لأن   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (408). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 33 الأصل في حق المقيم الإتمام، هذا من باب الاحتياط، هذا قول الجمهور من باب الاحتياط. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 34 س: متى يقصر المسلم في صلاته، وما المدة التي يجوز فيها القصر (1)؟ ج: إذا سافر المؤمن سفر قصر شرع له القصر، لأن الله جل وعلا قال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (2) كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر قصر، يعني صلى ثنتين الظهر والعصر والعشاء، هذا محل القصر، أما الفجر فلا قصر فيه، والمغرب لا قصر فيها، إنما القصر في الظهر والعصر والعشاء – يعني في الرباعية - فإذا سافر ما يعد سفرا من سبعين كيلو، ثمانين كيلو أو أكثر من ذلك، وهما في العهد الأول مرحلتان للإبل يعني يومين قاصدين، فلما ذهبت الإبل وصارت السيارات، الآن سبعين كيلو، ثمانين كيلو وما يقاربها تعد سفرا، هذا هو الأحوط للمؤمن إذا كان في هذه المسافة قصر، وإذا كان في أقل منها كالخمسين والأربعين فالأحوط ألا يقصر؛ لأنها تشبه الضواحي للبلد، وتقرب من البلد بالنسبة إلى سرعة السيارات، وقد ذهب أهل العلم إلى أن السفر، كل ما يعد سفرا فإذا احتاج إلى زاد ومزاد فهذا يعد سفرا، وإن لم يبلغ سبعين كيلو ولم يبلغ يوما وليلة إذا كان   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (15). (2) سورة النساء الآية 101 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 34 يحتاج إلى زاد وإلى مزاد، إلى ماء، يعني أن ما يعد سفرا هو الذي يقصر فيه، وهو الذي يحتاج إلى الزاد - يعني الطعام - والمزاد - يعني الماء - كخمسين كيلو، أربعين كيلو، ونحو ذلك في المطية والمشي على الأقدام، أما السيارة فإن حالها غير حال الأقدام، وغير حال المطية كما هو معلوم بسبب السرعة، فلهذا إذا احتيط لهذا وصار السفر ما يعد سبعين كيلو تقريبا أو ثمانين كيلو أقرب وأحوط، وموافق لما قرره العلماء سابقا بيومين قاصدين، فإذا ذهب إلى نحو هذه المسافة قصر، صلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، وإن كانت أقل من ذلك فإنها تشبه ضواحي البلاد، فالأحوط له أن يتم أربعا ولا يقصر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 35 س: ما المدة التي يجوز فيها القصر؟ ويعني بذلك المدة التي يقيم فيها الإنسان في سفره (1)؟ ج: المدة التي يقيمها الإنسان في سفره تنقسم قسمين: مدة هو يحددها، ومدة لا يحددها، فأما المدة التي يحددها فهي أن يكون له حاجه في البلد لا يدري متى تنقضي، مثل طلب الإنسان، فإذا التمس إنسانا لعله يجده، مثل حق له على إنسان يطلبه منه، مثل خصومة يريد إنجازها، وما أشبه ذلك، ليس لها مدة معلومة بل مهمتها مثل هذه الحاجة، ولو في يوم واحد أو يومين، هذا يقصر مدة بقائه ومدة إقامته، لأنه ليس له أمد   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (15). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 35 محدود، هذا لا يزال يقصر حتى ينتهي. أما الحالة الثانية فهي حالة الإنسان إذا علم أن الأيام معلومة قد حددها، قال: أقيم عشرة أيام، عشرين يوما، أربعين يوما، أربعة أيام، خمسة أيام، هذه اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من قال: تحدد بثلاثة أيام أو محددة بأربعة أيام، أو محددة بخمسة عشر يوما، وقيل: بعشرين يوما. والأحوط في هذا أربعة أيام، إذا نوى أكثر من أربعة أيام أتم، والحجة في هذا إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع؛ لأنه أقام أربعة أيام، لأنه صبح مكة اليوم الرابع صباحا، وأقام اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع، ثم توجه إلى منى وعرفات اليوم الثامن، قال العلماء: هذه أربعة أيام قد عزم على إقامتها، فيقصر فيها الصلاة كما قصر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا نوى أكثر من ذلك أتم، لأن الأصل هو الإتمام، الواجب هو إتمام الصلاة. فقد شرع الله القصر في السفر، فهذه إقامة ليست سفرا، فيتم فيها بخلاف الأربعة أيام فأقل فإنها في حكم السفر كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ولعل هذا أحوط إن شاء الله وأقرب. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 36 20 - بيان ذكر المذاهب الأربعة في تحديد مدة القصر س: هل صحيح أن المسافر يقصر الصلاة مهما طالت مدة السفر ولو بلغت سنتين أم أن هناك زمنا محددا ينتهي فيه القصر؟ وما حكم الجزء: 13 ¦ الصفحة: 36 السفر فيمن يسافر للدراسة أو العمل خارج بلده هل الصحيح أنه يقصر حتى يرجع من الدراسة أو العمل (1)؟ ج: أما السفر فإن المسافر يقصر فيه، السنة له القصر ما دام في الرحلة، ما دام على ظهر سفر، فإذا سافر مثلا من السعودية إلى أمريكا قصر ما دام في الطريق، أو سافر من مكة إلى مصر أو من مصر إلى مكة قصر ما دام في الطريق، وهكذا إذا نزل في البلد فإنه يقصر ما دام في البلد إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، إذا عزم على إقامة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر كما قصر النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل في مكة في حجة الوداع، فإنه نزل في مكة صبيحة أربع ذي الحجة، ولم يزل يقصر حتى خرج إلى منى، وكذلك إذا كان عازما على الإقامة لكنها إقامة لا يحددها بل يقول: متى حصل لي كذا سافرت، فهو لا يدري متى تنتهي، يقول: اليوم أخرج، غدا أخرج، فهو مقيم حتى تأتي حاجته، وحاجته لا يدري متى تنتهي، كالذي يلتمس شخصا عليه دين أو له به حاجة، أو يلتمس سلعة ليشتريها ما يدري متى يجدها، أو خصومة لا يدري متى تنتهي، أو ما أشبه ذلك فإنه يقصر ما دام مقيما، لأن إقامته غير محددة، فهو لا يدري متى تنتهي هذه الإقامة، فله القصر، ويعتبر مسافرا، يقصر ويفطر في رمضان ولو مضى على هذا سنوات.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (164). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 37 أما من أقام إقامة طويلة للدراسة أو لغيرها من الشؤون وهو يعزم على الإقامة مدة طويلة فهذا الواجب عليه الإتمام، هذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم الأئمة الأربعة وغيرهم أنه يتم، فإذا أقام أكثر من عشرين ليلة، عزم على الإقامة أكثر من عشرين ليلة وجب عليه الإتمام للدراسة وغيرها، واختلف العلماء فيما إذا كانت الإقامة تسعة عشر يوما أو خمسة عشر يوما، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقصر إذا كانت الإقامة تسعة عشر يوما، جاء ذلك عن جماعة من أهل العلم، ولكن المعتمد في هذا كله هو أن الإقامة تكون أربعة أيام فأقل، هذا هو الذي عليه الأكثرون، وفيه احتياط للدين وبعد عن الخطر في هذه العبادة العظيمة التي هي عمود الإسلام، فنصيحتي لإخواني المسافرين للدراسة وغيرها أن يتموا الصلاة، وألا يقصروا وأن يصوموا رمضان، وألا يفطروا إلا إذا كانت الإقامة قصيرة أربعة أيام فأقل، أو كانت الإقامة غير محددة لا يدري متى تنتهي لأن له حاجة يطلبها لا يدري متى تنتهي كما تقدم، فإن هذا بحكم المسافر، هذا هو أحسن ما قيل في هذا المقام، وهو الذي عليه أكثر أهل العلم، وهو الذي ينبغي فيه الاحتياط للدين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (1)»   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (27819). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 38 ويقول: «فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه (1)» وإقامته صلى الله عليه وسلم في مكة تسعة عشر يوما عام الفتح محمولة على أنه لم يجمع عليها، ولكنه إنما قام لإصلاح أمور الدين، وتأسيس توحيد الله في مكة، وتوجيه المسلمين إلى ما يجب عليهم، فلا يلزم من ذلك أن يكون عزم على هذه الإقامة، فقد يحمل على أنه أقامها إقامة لم يعزم عليها، وإنما مضت به الأيام في النظر في شؤون المسلمين، وإصلاح ما يحتاج إلى إصلاح، وإقامة شعائر الدين في مكة المكرمة، وليس هناك ما يدل على أنه عزم عليها حتى يحتج بذلك على أن المدة تسعة عشر يوما كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهكذا إقامته في تبوك عشرون يوما ليس هناك ما يدل على أنه عازم عليها عليه الصلاة والسلام، بل الظاهر أنه أقام يتحرى ما يتعلق بحرب الروم، وينظر في الأمر، فليس عنده إقامة جازمة لذلك، لأن الأصل عدم الجزم، بالإقامة إلا بدليل وهو مسافر للجهاد والحرب مع الروم، وتريث في تبوك هذه المدة للنظر في أمر الجهاد، وهل يستمر في الجهاد ويتقدم إلى الروم أم يرجع، ثم اختار الله له سبحانه أن يرجع إلى المدينة، وصار الجهاد بعد ذلك على يد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (1599). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 39 المقصود أنه ليس هناك ما يدل على الجزم على أنه نوى الإقامة تسعة عشر يوما في مكة، ولا أنه نوى الإقامة الجازمة في تبوك عشرين يوما حتى يقال: إن هذه أقل مدة، إنها أقصر مدة للإقامة، بل ذلك محتمل كما قاله الجمهور في تحديد الإقامة بأربعة أيام فأقل، إذا نوى أكثر منها أتم، وفيه احتياط للدين، واحتجاج بإقامته صلى الله عليه وسلم في مكة عام حجة الوداع؛ فإنه أقام أربعة أيام لا شك أنه عازم على الإقامة فيها من أجل الحج من اليوم الرابع إلى أن خرج إلى منى. وقال جماعة من أهل العلم: إنها تحدد الإقامة بعشرة أيام؛ لأنه أقام عشرة أيام في مكة لحجة الوداع. وأدخلوا بذلك إقامته في منى وفي عرفة، وقالوا: إنها إقامة تكون المدة عشرة أيام المعزوم عليها، وهذا قول له قوته وله وجاهته، لكن الجمهور جعلوا توجهه من مكة على منى شروعا في السفر لأنه توجه إلى منى ليؤدي مناسك الحج، ثم يسافر إلى المدينة، وبكل حال فالمقام مقام خلاف بين أهل العلم، وفيه عدة أقوال لأهل العلم، ولكن أحسن ما قيل في هذا وأحوط ما قيل هو ما تقدم من قول الجمهور، وهو أنه إذا نوى الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام أتم، وإن نوى أقل قصر، وإذا كان ليس له نية محدودة، يقول: أسافر غدا، أسافر بعد غد، لأن له حاجة يطلبها لا يدري متى تنتهي فإن هذا في حكم السفر، والله ولي التوفيق. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 40 والمسافر للدراسة أو في دورة تدريبية مثل ما تقدم ننصحه بالإتمام، يتم الصلاة ولا يقصر، ولا يفطر، وهكذا السفراء في أي بلاد؛ لأن حكمهم حكم المقيمين إلا أن تأمرهم الدولة بالرجوع، فهم حكمهم حكم المقيمين يتمون ويصومون، وهكذا المسافر للدراسة أو لدورات يعلم أنها تطول مدتها فإنه في حكم المقيم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 41 21 - بيان القول الراجح في مدة القصر س: اختلف العلماء في المدة التي يجوز للمسافر القصر فيها فمنهم من قال: أربعة أيام فأقل، ومنهم من قال: لم يحدد الرسول صلى الله عليه وسلم مدة معينة، فما الأصح الذي عليه الدليل (1)؟ ج: هذه المسألة مثل ما قال السائل فيها خلاف بين أهل العلم، والذي عليه الفتوى وهو الأقرب التحديد بأربعة أيام، فإذا كانت النية أربعة أيام فأقل فله القصر كما أقام النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام في مكة قبل ذهابه إلى منى وهو يقصر في حجة الوداع، قال العلماء: وهذه إقامة متيقنة، قصر فيها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن المسافر إذا عزم على الإقامة أربعة أيام أو أقل فإنه يقصر، يصلي ثنتين الظهر والعصر والعشاء، أما إذا كانت المدة أكثر فإن الواجب أن يتم، لأن الأصل هو   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (188). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 41 الإتمام، هذا هو الأصل في صلاة المقيم، فالواجب أن يتمسك بالأصل فيصلي أربعا، وهذا هو الذي قاله الجمهور، وهو الذي نفتي به لما فيه من الحيطة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 42 س: نرجو توضيح مسألة صلاة القصر في السفر، هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتم الصلاة في السفر؟ وهل تخضع صلاة السفر للمسافة والمدة؟ نرجو توضيح هذه المسألة مع الأدلة من الكتاب والسنة، جزاكم الله خيرا (1) ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر يصلي الرباعية ركعتين: الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين حتى يرجع من سفره، هذا هو المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام. وروي عنه أنه كان يقصر في الصلاة ويتم، ولكنه ليس بمحفوظ، والمحفوظ عنه في الأحاديث الصحيحة أنه كان في السفر يقصر حتى يرجع، أما المغرب فإنه يصليها على حالها ثلاثا سفرا أو حضرا، وهكذا الفجر كان يصليها ثنتين سفرا أو حضرا، ويصلي مع الفجر سنتها القبلية ركعتين خفيفتين، أما سنة الظهر وسنة المغرب وسنة العشاء فكان يتركها في السفر عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن أن يفعل ما كان يفعله عليه الصلاة والسلام في السفر. والسفر عند أهل العلم هو ما بلغ من   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (149). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 42 المسافة يوما وليلة – يعني مرحلتين - هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، ويقدر ذلك بنحو ثمانين كيلو تقريبا لمن يسير في السيارة، وهكذا الطائرات، وفي السفن والبواخر، هذه المسافة وما يقاربها تسمى سفرا، وتعتبر سفرا في العرف السائد بين المسلمين، فإذا سافر الإنسان على الإبل أو على قدميه أو في السيارات أو في الطائرات أو في المراكب البحرية هذه المسافة أو أكثر منها فهو مسافر. وقال بعض أهل العلم: إنه يحد بالعرف ولا يحد بالمسافة المقدرة بالكيلومترات، بل ما يعد سفرا في العرف يسمى سفرا ويقصر فيه، وما لا فلا، والصواب ما قرره أهل العلم أنه يحدد بالمسافة، هذا هو الذي عليه أهل العلم، فينبغي الالتزام بذلك، وهو الذي جاء عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم أعلم الناس بدين الله، وهم أعلم الناس بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 43 س: السائل: ش. ع يقول: كنت أقصر الصلاة في السفر بعدة المدة التي قضيتها في المنطقة التي ذهبت إليها وهي ما يقارب من شهرين أو ثلاثة على حد علمي بمدة القصر، فما حكم صلاتي التي صليتها قصرا في سفري وما يجب علي (1)؟   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (431). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 43 ج: صلاتك صحيحة، وليس عليك إعادة، لأنه ذهب جمع من أهل العلم إلى أن المسافر يقصر ولو طالت مدته لظاهر بعض الأحاديث، وهو قول قوي، ولكن الأحوط للمؤمن إذا كان واثقا إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام في بلدة من البلدان أو قرية أو في البر أن يتم إذا عزم على إقامة أكثر من أربعة أيام هذا هو الأحوط الذي عليه الجمهور، ولكن لو قصر أخذ بالقول الثاني فلا إعادة عليه ولا حرج عليه. لكن السنة أن يتحرى ما هو الأحوط له، فإذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام في منزله في البر أو في قرية أو بلد من البلدان فالأفضل له أن يصلي أربعا. هذا هو الأحوط له، فينبغي تحري ذلك، ولا يصلي وحده بل يجب أن يصلي مع الناس أربعا في المساجد، لا يصلي وحده، إذا كان في بلد وجب عليه أن يصلي مع الناس أربعا. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 44 س: المسافر أكثر من أربعة أيام وهو يعرف ذلك هل يقصر الصلاة من أول يوم أو بعد انتهاء اليوم الأول أم يقصر أربعة أيام متوالية (1)؟ ج: إذا أقام المسافر إقامة يعزم عليها أكثر من أربعة أيام فإنه يصلي أربعا إذا عزم عزما جازما على أنه يقيم في بلدة معينة: مكة، المدينة، أو غير ذلك أكثر من أربعة أيام فإنه يتم، هذا عند جمهور أهل العلم أما إذا ما كان عنده جزم يحسب بعد يومين بعد ثلاثة، بعد أربعة بعد خمسة، عنده   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (330). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 44 تردد فهذا يقصر الصلاة، وله الجمع حتى يجزم على أكثر من أربعة أيام، إذا جزم أمسك من حين يجزم يصلي أربعا صلاة الجمع إذا كان معه أحد، أما إذا كان وحده فيصلي مع الجماعة لا يصلي وحده، يصلي مع الجماعة؛ لأن الجماعة واجبة، والقصر سنة، فهو لا يترك الواجب من أجل السنة، يعني يلزمه أن يصلي مع الناس ويتم، لكن لا بأس أن يصلي قصرا ويجمع في مكان إقامته أربعة أيام فأقل، وهكذا في أثناء السفر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 45 س: متى يحق للمسافر القصر والجمع وكم المدة؟ وإذا نوى الشخص السفر وجمع وصلى الظهر والعصر جمعا، ثم وصل إلى البلد الذي يريده هل يحق له الجمع والقصر على الرغم من أن مدة بقائه في هذا البلد لا تزيد عن أربعة أيام؟ وهل إذا زادت عن الأربعة أيام يجوز له القصر والجمع أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: السفر بينه العلماء والصحابة رضي الله عنهم أنه مسافة يوم وليلة للمطية، فإذا سافر إلى كل من بلد أو قرية هذه المسافة يوم وليلة، أي مطية مدة أربع وعشرين ساعة هذا سفر يقصر فيه الصلاة، وله الجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وإذا نزل في بلد ويريد القرار بها يوما أو يومين أو ثلاثة أو أربعة فله القصر وله الجمع إلا أن يكون واحدا فيصلي مع الناس أربعا ولا يقصر، لأن الجماعة واجبة، فعليه أن يصلي.   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (325). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 45 مع الناس جماعة ويكون معهم، لأن المسافر إذا صلى مع المقيم يجب عليه الإتمام، أما إذا كانا اثنين أو أكثر فله أن يصلي وحده جمعا أو قصرا، وله أن يصلي مع الناس ما دامت المدة أربعة فأقل، فإن كانت أكثر من ذلك نوى الإقامة أكثر من ذلك فإنه يصلي أربعا. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 46 22 - حكم الأذان والإقامة في الجمع بين الصلاتين . س: من أسئلة هذا المستمع يقول: سماحة الشيخ، ما الصواب في هاتين المسألتين: الجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، الجمع بينهما بأذانين وإقامتين (1)؟ ج: السنة بأذان واحد وإقامتين، هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، وفي أسفاره، يؤذن للمغرب والعشاء أذانا واحدا، وللظهر والعصر أذانا واحدا، ويقيم لكل واحدة، هذا هو السنة إذا صلى المغرب والعشاء جمعيا، أو الظهر والعصر جميعا في السفر، وهكذا في الحج أذان واحد وإقامتان كما ثبت ذلك من حديث جابر رضي الله عنه ومن أحاديث أخرى.   (1) السؤال التاسع والخمسون من الشريط رقم (430). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 46 23 - مسألة في الجمع والقصر س: الأخ: س. م. م. ع. مصري مقيم في العراق، يسأل ويقول: هل يجوز لإنسان أن يصلي قصرا لمدة ثلاثة أيام أم هل هناك مدة محددة بالنسبة لصلاة القصر (1)؟ ج: المسافر يقصر أربعة أيام على الصحيح، الذي قاله جمهور أهل العلم، إذا كان أراد الإقامة أربعة أيام فأقل، يعني أراد الإقامة جازما بها أربعة أيام فأقل في أي محل، في سفره، مثلا قد سافر إلى العراق لحاجة وعزم أن يقيم في العراق، في بغداد أو في البصرة أو نحوهما أربعة أيام أو أقل، له أن يقصر، يصلي الرباعية ثنتين: الظهر ثنتين، العصر ثنتين، العشاء ثنتين. أما إن كانت النية أكثر من ذلك، قد عزم أن يقيم خمسة أيام أو عشرة أيام هذا يصلي أربعا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام في حجة الوداع أربعة أيام يقصر في حجة الوداع في مكة، قدمها في الرابع من ذي الحجة، وتوجه إلى منى في الثامن، فصارت إقامته أربعة أيام وهو يقصر عليه الصلاة والسلام، فإذا كانت إقامته مثل ما أقام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فإنه يقصر، أما إذا أقام إقامة طويلة خمسة أيام فأكثر - يعني أكثر من أربعة أيام - فهذا إذا عزم عليها يصلي أربعا، وهكذا ما يكون في   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (176). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 47 الإقامات العارضة في الطريق وهو مسافر، يقصر يوما، يومين، ثلاثة في الطريق، كلما أقام يقصر، يصلي ثنتين. أما الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فالأفضل تركه إذا كان مقيما، أما إذا كان في حاجة إلى الجمع يجمع، والحمد لله، أو كانت الإقامة يسيرة نزل في محل إقامته يسيرة، ثم ارتحل بعد زوال الشمس يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم، أو ارتحل قبل غروب الشمس فإنه يؤخر المغرب مع العشاء جمع تأخير، أو ارتحل قبل الزوال يؤخر الظهر مع العصر جمع تأخير، لأنه أرفق به فلا بأس بذاك. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 48 24 - مسألة في تحديد مدة السفر لجمع الصلاة وقصرها س: إذا كانت الإقامة في السفر أكثر من أربعة أيام يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: إذا كانت الإقامة، إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام يتم، وبعض أهل العلم يقولون: ما دام في نية السفر له القصر ولو طالت المدة. لما جاء في الأحاديث من إطلاق، ولأنه قصر والمدة أكثر من أربعة أيام أقام في مكة تسعة عشر يوما وهو يقصر، وأقام في تبوك وهو يقصر عليه الصلاة والسلام، قالوا: هذا يدل على أن المسافر ما لم ينو الإقامة المطلقة، فإنه يقصر، واحتجوا بهذا، والجمهور يقولون: إنه صلى الله   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (411). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 48 عليه وسلم أقام في مكة وفي تبوك إقامة لم ينوها، لا يدري متى يتيسر له السفر هذا يقصر، فإذا الإنسان نزل منزلا ولا يدري متى يرتحل، ينتظر جماعة يفدون إليه، أو ينتظر شيئا آخر ولا يدري متى يرتحل فهذا يقصر ولو أقام شهورا، لأنه لا يدري متى يرتحل، وهذا هو الذي حمل عليه الجمهور إقامة النبي في تبوك وفي مكة، لأنه أقام لإزالة أثر السيل في مكة، وأقام في تبوك على نية غزو الروم، ثم اختار الله الرجوع ولم يمض، فحمله الجمهور على أن هذه الإقامة لم يعزم عليها بل هو متردد وينتظر شيئا. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 49 25 - حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر إذا نوى الإقامة شهرا س: يسأل المستمع: ص. ع. من الأردن ويقول: أسافر إلى بلد أجنبي، والمدة من شهرين إلى أربعة أشهر، وأنا لا أحدد المكوث هناك، فمثلا أسافر يا سماحة الشيخ إلى هذه البلدان في إحدى المرات وبنية أن أمكث شهرا واحدا لظروف قاهرة فأمكث ثلاثة أشهر فبالنسبة للصلاة الجمع والقصر كيف تكون في مثل هذه الحالة (1)؟ ج: إذا أجمعت الإقامة أكثر من أربعة أيام فالذي عليه جمهور أهل العلم أنك تتم، مكثت شهرا أو شهرين أو عشرة أيام فجمهور أهل العلم على   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (392). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 49 أنك تصلي أربعا، أما إذا كانت الإقامة التي أجمعتها أربعة أيام فأقل فلا مانع أن تصلي ركعتين قصرا إلا أن تكون وحدك فعليك أن تصلي مع الجماعة أربعا، لا تصلي وحدك، لأن الجماعة واجبة، فعليك أن تصلي مع الجماعة وتتم أربعا، أما إذا كان معك أصحاب تصلون جميعا قصرا فلا بأس ثنتين إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، أما إذا عزم المسلم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فالأكثرون من أهل العلم على أنه يتمها أربعا ولا يجمع، واحتجوا في هذا بقصة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فإنه صلى الله عليه وسلم أقام أربعا يقصر الصلاة حين قدم مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة، وقصر الصلاة حتى توجه إلى منى اليوم الثامن، وهذه الأيام قد أقامها ومع هذا قصر فيها، فإذا أقام المسافر أربعة أيام فله أن يقصر، وإذا أقام أكثر، نوى إقامة أكثر فإنه يتم، هذا هو الأصل، الأصل في المقيمين الإتمام، فإذا نوى أكثر من أربعة أيام أتم ولم يقصر ولم يجمع، أما إن كانت إقامته ما هي محددة، لا يدري هل يقيم ثلاثة أو خمسة أو شهرا، لحاجة لا يدري متى تنقضي، فهذا له حكم السفر، له أن يقصر وله أن يجمع، له حكم المسافر؛ لأنه لم يجمع الإقامة إذا كان معه أصحاب، أما إذا كان وحده فإنه يصلي مع الناس ولا يقصر، يصلي مع الناس في الجماعة في المساجد، يصلي أربعا؛ لأن الجماعة واجبة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 50 س: نقوم بالسفر من المحافظة التي نوجد بها إلى المحافظة الأخرى التي تبعد مسافة سبع ساعات بالقطار السريع، حوالي ثلاثمائة وخمسين كيلو مترا، وفي هذا السفر نجلس بالشهر الكامل لكي نحضر المحاضرات بالجامعة، وفي هذه المدة نقصر الصلاة ونجمع في الصلاة، فهل هذا صحيح يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: إذا كنتم تجلسون مقيمين ناوين الإقامة شهرا فالذي عليه الجمهور أنكم تتمون لا تقصرون، لأنكم قد أقمتم إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام، جمهور أهل العلم أن الإقامة إذا زادت عن أربعة أيام ونوى أكثر من أربعة أيام فإنه يتم، لأن الأصل في حق المقيم أن يتم، هذا هو الأصل، وإنما السفر عارض، فإذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نوى الإقامة إقامة أربعة أيام في مكة في حجة الوداع، لما قدم صبيحة رابعة ذي الحجة نوى أربعة أيام، ثم خرج إلى منى وعرفات في اليوم الثامن والأصل في حق المقيم أنه يتم الصلاة، هذا هو الأصل في حق المقيم وذهب بعض أهل العلم إلى أن المسافر يقصر ما دام في السفر ولو طالت إقامته حتى يرجع إلى بلاده، هو قول قوي، ولكن الأحوط في حق المؤمن في مثل هذا أن يتم، إذا نوى أكثر من أربعة أيام يتم أخذا بالحيطة وأخذا بالقول الأكثر من أهل العلم.   (1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (359). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 51 26 - مسألة في جمع وقصر الصلاة في بلد غير مسلم س: يسأل م. ح. فيقول: كنت في صحة جيدة، وكنت دائما أسافر لطلب الرزق في بلاد غير إسلامية، وكان الظهر يؤذن ولا أستطيع الصلاة لعدم وجود أماكن للوضوء فكنت أصل إلى الفندق وأتوضأ وأصلي الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، والفجر أصليه حاضرا، فهل علي شيء فيما كنت أفعل (1)؟ ج: أولا ننصح الأخ بعدم السفر إلى بلاد الكفرة، وأن تكون التجارة في بلاد إسلامية لا يظهر فيها الشرك والشر، جاهد نفسك في ذلك، واحذر لعلك تسلم، لعلك تنجو، وإذا كنت مسافرا لأي بلد فلك أن تجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير ما دمت في حال السفر، إذا كان السفر لا تتخلله الإقامة الطويلة، أما إذا وجدت إقامة طويلة فإنك لا تجمع بل تصلي أربعا، وتصلي الصلاة في وقتها إذا كانت الإقامة التي عزمت عليها في البلد تزيد على أربعة أيام قد عزمت عليها، فالذي عليه أكثر أهل العلم أنك تصلي أربعا ولا تجمع، أما إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، أو كنت مترددا لا تدري هل تقيم أربعة أو أكثر أو أقل فإنه لا حرج عليك أن تصلي قصرا، وتجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (329). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 52 والقصر معناه أن تصلي الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، يعني هذا القصر. والجمع معناه: تضم المغرب إلى العشاء، والظهر إلى العصر، هذا هو الجمع. وإذا كان حولك مسلمون فصل معهم جماعة في الحجرة التي أنت فيها، في الفندق، في أي مكان، أحرص على الجماعة إذا تيسرت، وإذا كان هناك مسجد فصل معهم، لا تصل وحدك، صل معهم وأتم أربعا، لأن الجماعة لازمة، أما إن كنتم اثنين أو ثلاثة فلا بأس أن تصلوا وحدكم قصرا في حال السفر، وإن صليتم مع الجماعة فصلوا أربعا، وفق الله الجميع. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 53 27 - حكم الترخص برخص السفر للطلاب المبتعثين أثناء إقامتهم للدراسة . س: هذا الطالب: إ. أ. يقول في هذا السؤال الذي بعثه من أمريكا يقول فيه: الذاهبون للدراسة من الطلاب يا سماحة الشيخ هل يأخذون حكم المسافر في قصر الصلاة وفي الإفطار في رمضان وغيرها حتى ولو امتدت مدة الدراسة إلى زمن طويل (1)؟ ج: قد تنازع العلماء في هذه المسألة كطالب العلم المسافر لطلب العلم، أو السفير الذي يقيم مدة في البلد ثم يرجع، أو التاجر يذهب بتجارة ثم   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (391). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 53 يرجع على قولين للعلماء: أحدهما: أن من سافر فله القصر مطلقا حتى يرجع وإن طالت المدة سنة أو سنتين أو أكثر ما دام لم يرد الإقامة إنما أقام لحاجة من تجارة أو طلب أو سفارة أو ما أشبه ذلك. والقول الثاني: الذي عليه الجمهور أنه إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام يتم ولا يجمع، وهذا هو الذي عليه العمل ونفتي به، لأنه الأحوط والأقرب لقواعد الشرع، فمن أقام مدة تزيد على أربعة أيام ناويا لها فإنه يتم الصلاة أربعا سواء كان طالبا أو تاجرا أو سفيرا أو غير ذلك، ولا يجمع بين الصلاتين، له حكم المقيمين؛ لأن الأصل وجوب الإتمام، والأصل في حق المقيم أن يتم، هذا هو الأصل، صار في هذا في إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، أقام أربعة أيام لانتظار القيام بأعمال الحج، وهي الرابع والخامس والسادس والسابع، ثم خرج يوم الثامن إلى منى، ثم بعدها عرفة، فصارت الإقامة التي يجزم بها أربعة أيام، ثم خرج إلى أداء المناسك، وهذا الخروج بدء للسفر عند الجمهور لأنه بإنهاء أعمال الحج سافر صباح يوم الرابع عشر، وقال قوم: عشرة أيام؛ لأن الرسول أقام عشرة أيام في حجة الوداع، وهي الأربعة أيام التي قبل الحج وأيام الحج، الجميع عشرة من الرابع إلى الرابع عشر. وقال قوم: تسعة عشر يوما. قاله ابن عباس رضي الله عنهما؛ الجزء: 13 ¦ الصفحة: 54 لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام في مكة تسعة عشر يوما. قال: فإذا أقمنا تسعة عشر يوما قصرنا، وإذا زدنا أتممنا. ولكن القول الراجح والأقرب والأحوط أنه متى أقام أكثر من مدة أربعة أيام فإنه يتم ولا يجمع احتياطا للدين وعملا بالسنة كلها. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 55 س: السائل يقول: إنه في منطقة القصيم، وجاء إلى الرياض للدراسة لمدة ثلاث سنوات، هل يجوز أن أقصر الصلاة هذه المدة، وهل يجب علي أن أفعل السنن الرواتب (1)؟ ج: الواجب أن يصلي مع الناس، يصلي مع الناس أربعا في المساجد ما دام نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام عند جمهور أهل العلم، يجب عليه أن يصلي مع الناس أربعا، ويسن له أن يصلي الرواتب قبل الظهر أربعا تسليمتين، وبعدها ركعتين، وإن صلى بعدها أربعا كان أفضل، يصلي أربعا قبل العصر هذا أفضل، ليست راتبة لكنه أفضل، يصلي أربعا قبل العصر تسليمتين للحديث الصحيح: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2)» بعد المغرب تسليمة ركعتان، بعد العشاء تسليمة ركعتان، قبل   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (366). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5944)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر برقم (430). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 55 الفجر تسليمة ركعتان، كل هذه رواتب، السنة أن يصليها ولا يقصر بل يتم مع الناس، لأن هذه المدة طويلة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 56 28 - مسألة في حكم صلاة الطلاب الذين تبعد عنهم المدرسة مسافة قصر س: أنا طالب جامعي أدرس في جامعة تبعد عن مدينتي مائة وخمسين كيلو مترا، وأرجع إلى مدينتي كل أسبوع أو أسبوعين، وأثناء الدراسة أسكن في المدينة الجامعية، فهل أعتبر نفسي مسافرا وأقصر الصلاة، وأحرص فقط على ركعتي الفجر والوتر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحرص عليهما في السفر؟ أفيدوني عن ذلك (1) ج: الواجب عليك أن تصلي صلاة المقيم لأنك مقيم، فعليك أن تصلي صلاة مقيم أربع ركعات، ولست بمسافر، وعليك أن تصوم مع الناس رمضان، لأن المسافر هو الذي يقيم إقامة محدودة أربعة أيام فأقل، فإذا كانت الإقامة أكثر من ذلك عند جمهور أهل العلم فإنه يلزمه الإتمام ويلزمه الصوم، ولا يكون له حكم المسافر، وهذا القول فيه احتياط للدين وبعد عن التساهل، والأخذ بالرخص التي يسعى لها بدون دليل واضح فنوصيك بأن تصلي مع الناس أربعا، وتحافظ على صلاة الجماعة، وتصوم   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (201). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 56 مع الناس رمضان، وألا تعتبر نفسك مسافرا، لأنك مقيم إقامة طويلة لأجل الدراسة وهكذا عند زيارته لأهله ما دام نيته الإقامة عند أهله إذا فرغ من الدراسة، إنما أقام من أجل الدراسة، هذا بلد له ووطن له، أما إذا نوى الانتقال إلى بلد الجامعة وترك وطنه فإذا جاء إلى أهله زيارة فله القصر إذا كانت المدة أربعة أيام فأقل، ولا يصلي وحده، لأن الجماعة متعينة، فيصلي مع الناس أربعا، لكن لو فاتته الجماعة صلى ثنتين، هذا إذا كانت الإقامة محدودة، أربعة أيام فأقل، إذا كان ما عنده نية الإقامة مع أهله إذا انتهى من الجامعة، أما إذا كان إنما أقام من أجل الدراسة ولكن نيته العودة إلى وطنه والبقاء في وطنه فهذا لا يزال وطنيا في وطن أهله. ومن الأدلة على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم انتقل من مكة إلى المدينة وكان مستوطنا بالمدينة، ولما رجع إلى مكة صلى ثنتين، لأنه مسافر قد انتقل من مكة واعتبرها غير وطن له، واعتبر المدينة هي الوطن، فلما رجع إلى مكة في حجة الوداع لم يتم بل قصر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 57 29 - حكم صلاة من أقام في مجتمع غير مسلم س: أنا طالب أحضر الدراسات العليا في الهندسة في مجتمع غير مسلم في أيرلندا، هل يجوز لي الجمع والقصر في الصلاة (1)؟   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (177). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 57 ج: إذا كنت مقيما في الدولة هذه إقامة معينة فليس لك القصر وليس لك الجمع بل تصلي أربعا، وتصلي كل صلاة في وقتها ما دمت قد نويت الإقامة أكثر من أربعة أيام، تصلي الظهر أربعا، والعصر أربعا، والعشاء أربعا، كل واحدة في وقتها والمغرب في وقتها والفجر في وقتها. هذا هو الواجب عليك، أما لو كنت مقيما إقامة لا تدري متى تنتهي هل هي يومان أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر – يعني إقامة ما تعلم مداها - فهذه لا تمنع من القصر، ولا تمنع من الجمع، لك أن تقصر ولك أن تجمع، وهكذا لو كانت الإقامة محدودة بأربعة أيام أو أقل فإنك تقصر فيها إذا شئت وتجمع ولا حرج في ذلك، أما إذا عزم الإنسان على أكثر من أربعة أيام للدراسة أو غير الدراسة أو لحاجة من الحاجات فإنه يكمل أربعا ولا يجمع. أما إذا كانت الدراسة مثلا سبع سنوات فلا يجمع ولا يقصر، ولا يفطر أيضا بل يصوم مع الناس. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 58 30 - حكم جمع وقصر الصلاة لمن أقام في غير بلده للوظيفة س: أنا مدرس أردني في سلطنة عمان، أسافر لأهلي هناك للتدريس وأبقى سنة أو اثنتين، وأعود إلى وطني في الأردن، فهل في هذه المدة يحق لي قصر الصلاة الرباعية أم أصليها تامة أربع ركعات في هذه المدة رغم أنني لم أتخذ من عمان وطنا لي للإقامة طوال حياتي (1)؟   (1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (256). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 58 ج: الواجب عليك وعلى أمثالك أن تصلي أربعا ما دمت عزمت الإقامة مدة التدريس، فعليك أن تصلي أربعا، تصلي مع الجماعة، ولا تجمع بين الصلاتين بل تصلي في كل وقت وتصلي أربعا، وهكذا كل إنسان يقدم بلدا لحاجة ويعزم على الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام فإنه يصلي أربعا ويصلي مع الجماعة أربعا، ولا يصلي وحده إذا كان ليس معه إخوة بل يصلي مع الجماعة ويتم معهم أربعا ما دام نوى الإقامة أربعة أيام، أما إذا كانت الإقامة يسيرة يومين ثلاثة، أربعة أو ما عنده جزم ما يدري متى يسافر إنما قدم لحاجة يطلب غنيمة أو يلتمس سلعة يشتريها ليس عنده إقامة معلومة، فهذا له القصر مدة إقامته ما لم يجمع الإقامة أربعة أيام فله القصر لأنه حينئذ مسافر ليس له نية معلومة، لكن يصلي مع الناس أربعا إذا كان وحده وهناك جماعة يصلي مع الجماعة أربعا، ولا يصلي وحده، لأن الجماعة واجبة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 59 31 - مسألة في حكم صلاة المسافر س: سمعت عن صلاة المسافر وأن عليه القصر في الصلاة، ونحن مسافرون ونقيم، لكن زوجاتنا في بلداننا الأصلية حدثوني عن صلاة السفر تلك، لأني لم أسمع بها من قبل؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (209). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 59 ج: صلاة السفر ركعتان في الظهر والعصر والعشاء كما قال الله جل وعلا: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (1). والضرب: السفر، وقوله سبحانه: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (2). هذا عند أهل العلم منسوخ، وليس بشرط لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قصر وهو آمن، فدل ذلك على أنه ليس بشرط إنما هو وصف الأغلب أو منسوخ كما قال جماعة من أهل العلم وليس بواجب، القصر مستحب، فلو صلى أربعا وهو مسافر فصلاته صحيحة كما صلى عثمان الخليفة الراشد بالمسلمين في آخر حياته في حجاته، صلى تماما، فلا حرج في ذلك لكن القصر أفضل، فإذا كان مسافرا فإنه يصلي ثنتين حال سفره، وهكذا لو مر ببلاد وأقام بها يوما أو يومين أو ثلاثة أو أربعة قصر أيضا. فإن عزم على إقامة في البلد أكثر من أربعة أيام فإنه يتم عند جمهور أهل العلم وأكثرهم، أما إذا أقام إقامة لا يعرف متى تنتهي، مر بالبلد وله حاجة، يلتمس إنسانا، أو له خصومة لا يدري متى تنتهي، أو له ضالة ينشدها أو لقطة ينشدها لا يدري متى يجدها فإنه يقصر ولو طالت مدته ما دام لا يدري متى ينتهي، أما إذا عزم على إقامة معلومة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر، فإن عزم على إقامة معلومة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم عند أكثر أهل العلم.   (1) سورة النساء الآية 101 (2) سورة النساء الآية 101 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 60 32 - حكم جمع وقصر الصلاة لمن سفره دائم س: إذا كنت أعمل في سيارة كبيرة ودائما طول السنة في السفر، وأقل مسافة بين مكة وجدة حوالي خمسة وسبعين كيلو مترا، هل يجوز لي الصوم وعدم تقصير الصلاة وأداء السنن الراتبة، وما هي أقل مسافة بالكيلو مترات التي تقصر فيها الصلاة ويفطر فيها الصائم، وإذا أتى على مسجد فهل يصلي معهم (1)؟ ج: السنة في السفر القصر والفطر، ومن أتم في السفر أو صام في السفر فلا حرج عليه، إذا أتم وإذا صام لا حرج عليه ولكن الأفضل أنه في السفر يفطر ويقصر، ويصلي الرباعية ركعتين، هذا هو السنة التي كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام وأصحابه، وكان يصوم في السفر وربما أفطر عليه الصلاة والسلام في السفر، وهكذا كان أصحابه يسافرون ومنهم الصائم ومنهم المفطر، وقد دلت السنة على أن الإفطار أفضل ولا سيما مع شدة الحر، فالفطر أفضل والقصر أفضل بكل حال إذا سافر يقصر ركعتين، والسفر الذي تقصر فيه الصلاة هو ما يعد سفرا عرفا هذا هو السفر هو الذي يحتاج إلى الزاد والمزاد، يحتاج إلى الماء، يحتاج إلى الطعام، إذا سافر الإنسان في الطريق الذي ما فيه قهاوي ولا فيه شيء يحتاج فيه إلى الزاد والمزاد هذا هو السفر، وحده الأكثرون   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (16). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 61 بمسافة يومين قاصدين نحو سبعين كيلو، ثمانين كيلو، هذا سفر، إذا كانت المسافة سبعين كيلو، ثمانين كيلو وما يقارب ذلك هذا يعد سفرا، ويحتاج إلى الزاد والمزاد إذا كان في جهة ليس فيها قهاوي في الطريق، فإن العاقل لا يسافر إليه إلا باحتياط، معه ماء، معه طعام لئلا يتعطل في الطريق، أما الطرق التي فيها القهاوي وفيها المطاعم فالناس لا يحتاجون فيها إلى زاد ومزاد، بوجود ما يكفيهم في الطرقات فلا تعتبر هذه، فالحاصل أن ما كان مسافته من الطريق ما يساوي ثمانين كيلو، سبعين كيلو مثل ما بين الطائف ومكة، وجدة ومكة، كل هذا يعتبر سفرا، وهكذا ما أشبه ذلك يعتبر سفرا لكن لا ينبغي للمؤمن أن يصلي وحده بل يصلي مع الناس إذا وجد مسجدا يصلي معهم، إذا كان جماعة موجودين يصلي معهم أربعا إذا كانوا مقيمين، لا يصلي وحده ثنتين؛ لأن الجماعة واجبة، فالمسافر إذا صادف جماعة مقيمين صلى معهم أربعا، ولا يصلي وحده فإن لم يجد صلى وحده ثنتين لأنها السنة، أو كان معه جماعة مسافرون يصلي هو وإياهم جميعا ثنتين الظهر والعصر والعشاء، أما المغرب فتصلى ثلاثا دائما لا تقصر، والفجر على حالها ثنتان لا تقصر، إنما القصر في الظهر والعصر والعشاء، هذه الصلوات الثلاث هي محل القصر، والله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 62 س: يقول السائل: أنا أسمع برنامجكم كثيرا ولدي بعض الأسئلة التي الجزء: 13 ¦ الصفحة: 62 تحيرني، أرجو أن تتفضلوا بالإجابة عليها، أنا سائق شاحنة وعلى سفر دائم، وسؤالي هو: صلاتي هل أصليها قصرا أم أصليها في وقتها (1)؟ ج: المشروع لك أن تصليها قصرا، كل واحدة لوحدها إذا كنت نازلا في السفر، الظهر ثنتين والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، أما المغرب فتصلى على حالها ثلاثا ما تقصر، وهكذا الفجر تصلى على حالها ثنتين لا تقصر، فإذا كنت نازلا في السفر للراحة فصل في منزلك كل صلاة في وقتها، وإن شق عليك ذلك جمعت بين الثنتين: بين المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر، أما إذا كنت على ظهر سير وأنت في السفر وارتحلت بعد زوال الشمس فالأفضل أن تصلي الظهر والعصر جميعا جمع تقديم، وهكذا المغرب إذا ارتحلت بعد غروب الشمس من منزلك في السفر تجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم، تقدم العشاء مع المغرب. أما إن كنت ارتحلت من منزلك قبل الظهر فإن الأفضل أن تؤجل الظهر مع العصر جمع تأخير حتى تستمر في السير، وإذا ارتحلت من منزلك في السفر قبل الغروب تؤجل المغرب مع العشاء جمع تأخير، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام كما رواه ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، أما إذا كنت نازلا، نزلت الضحى ولن ترحل إلا في الليل   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (255). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 63 فالأفضل أن تصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، وهكذا إذا كنت مقيما في الليل تصلي المغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، وإن جمعت بينهما فلا حرج، إن جمعت بين الظهر والعصر وأنت نازل بين المغرب والعشاء وأنت نازل في وقت إحداهما فلا بأس، قد جمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو نازل في تبوك عليه الصلاة والسلام، وفي منى في حجة الوداع لم يجمع في أيام منى، صلى كل صلاة في وقتها وهو نازل في منى عليه الصلاة والسلام. أما إذا كنت في بلدك التي أنت مقيم فيها فلا تصل قصرا ولا تجمع، صل مع الناس أربعا إذا كنت في البلد التي أنت اتخذتها مقاما لك، أنت مثلا في جدة، في المدينة، في دمشق، في بغداد، في أي مكان، المدينة التي أنت مقيم فيها تصلي أربعا ولا تجمع، صل مع الناس في المساجد، فإذا ارتحلت من المدينة مسافرا في سيارتك، وجاوزت البنيان فحينئذ تبدأ في القصر والجمع بعدما جاوزت البنيان من محل إقامتك، خرجت من المدينة وجاوزت بناء المدينة تقصر وتجمع إذا شئت، إذا خرجت من الرياض وجاوزت بناء الرياض تقصر وتجمع إذا شئت، خرجت من القاهرة من دمشق وجاوزت البنيان تقصر وتجمع، وهكذا من بغداد، وهكذا من لاهور، وهكذا من أي بلاد إذا فارقت بنيانها، وصلت إلى البرية الصحراء تعمل برخصة السفر من القصر والجمع، والفطر في رمضان، والمسح الجزء: 13 ¦ الصفحة: 64 ثلاثة أيام بلياليها على الخفين، أحكام السفر، أما ما دمت في البلد التي أنت مقيم فيها أو هي بلدك وطنك فهذه لا تجمع فيها ولا تقصر، بل صل أربعا مع الناس، وكل صلاة في وقتها مع الناس، وامسح يوما وليلة على الخفين، ولا تجمع، ولا تفطر في رمضان وأنت مقيم في البلد إلا إذا كنت مارا بها غير مقيم فيها، وأنت مسافر تقيم فيها يوما أو يومين أو ثلاثة وأنت مسافر، أو أربعة لك أن تفطر وتقصر إذا كنتم جماعة، أما إذا كنت وحدك لا تقصر، صل مع الناس أربعا، فإن عزمت في البلد أن تقيم أكثر من أربعة أيام فصل أربعا مع الناس، ولا تفطر في رمضان، لأنك الآن صرت في حكم المقيمين بهذه النية عند جمهور أهل العلم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 65 س: ماذا عن الرجل المسافر على الدوام كأن يكون سائقا بين المدن، هل الأفضل له القصر أم الإتمام، وعلى هيئتها بقية الرخص في السفر (1)؟ ج: المسافر الذي من شأنه السفر مثل سائق التكس أو الجمال، إن كان يسافر على الإبل مثل ما مضى من الزمان له القصر مدة السفر، وله الجمع مدة السفر، فإذا وصل إلى بلده لم يقصر ولم يجمع، وإذا وصل إلى بلد يريد أن يقيم فيها أكثر من أربعة أيام لم يقصر ولم يجمع، أما ما دام في السفر أو في حكم السفر ولو أن طبيعته السفر، ولو أنه دائم الأسفار،   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (256). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 65 فالحاجة تعمه بنص القرآن والسنة، كلاهما يعمه ويعم غيره، فالإنسان الذي من عادته السفر لأنه جمال، لأنه صاحب تكس، له أن يقصر في سفره، وفي مدة إقامته في البلد التي يمر بها إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، إلا أنه لا يصلي وحده إذا لم يكن معه ركاب وعنده جماعة يصلي مع الجماعة، ويتم معهم إذا كانوا متمين كما تقدم في السؤال السابق. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 66 33 - حكم جمع وقصر الصلاة والإفطار لمن يجتاز مسافة القصر يوميا من أجل عمله س: السائل يقول: الذي يخرج كل يوم إلى عمله بالمدينة التي يقيم فيها إلى مدينة أخرى تبعد عنها أكثر من مائة كيلو متر ويرجع في نفس اليوم، هل يجوز له القصر والجمع في الصلاة والإفطار في رمضان؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا يجوز له القصر في طريقه وفي محل العمل لأنه مسافر، إذا كان لا يقيم يرجع فهو مسافر لكن لا يصلي وحده، يلزمه أن يصلي مع الجماعة ويتم، أما إذا كانوا جماعة وصلوا قصرا فلا بأس، أما إذا كان واحدا فلا يصلي إلا مع الجماعة ويتم، ولا يجوز له القصر لا في الطريق ولا في البلد التي يعمل فيها إذا كان وجد معه شخص آخر فأكثر فإنهم   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (368). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 66 يصلون جماعة، فإن كان الإمام مسافرا قصر معه، وإن كان مؤتما أتم معه، والواحد لا يصلي وحده إذا كان عنده جماعة آخرون يتمون وجب أن يصلي معهم ويتم، فإن صلى خلف إمام يقصر في الطريق أو في البلد التي يعمل فيها قصر ولا بأس، المسافر مشروع له القصر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 67 34 - حكم قصر الصلاة لمن ذهب إلى أطراف البلد س: يسأل السائل ويقول: ذهبنا لتوصيل أحد الإخوان إلى مطار الملك خالد في الرياض فأخبرنا أحد الإخوة بأنه يجوز لنا القصر مع أننا لسنا بمسافرين، فصلينا العشاء قصرا وصلى معنا المسافر أيضا قصرا، فهل عملنا صحيح، وهل علينا إعادة علما بأن المطار يبعد عن منزلنا حوالي ستين كيلو مترا (1) ج: الذهاب إلى المطار مطار الرياض أو مطار جدة أو ما أشبههما ما يسمى سفرا، هذا من باب التنقل في البلد وأطراف البلد، لا يسمى سفرا، المسافر الذي يرتحل له أن يقصر في المطار قبل أن يركب الطائرة، أما الذي يشيعه المشيعون سيرجعون إلى البلد هؤلاء ليسوا مسافرين في مطار جدة أو مطار الرياض أو ما أشبههما، هذه أشياء تبع البلد ما يسمى صاحبها مسافرا، من ذهب إليها لا يسمى مسافرا، وليس له القصر ولا الجمع.   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (421). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 67 35 - حكم من قصر الصلاة في أقل من مسافة قصر س: السائل: س. ي. من اليمن يقول: أعمل في مدينة صنعاء، وأحيانا أقوم بزيارة أقاربي في مدينة تبعد حوالي خمس وأربعين إلى خمسين كيلو، وأنا أنوي أن أعود في نفس اليوم فهل أجمع الظهر مع العصر وأقصر الرباعية؟ وهل يكون الجمع جمع تقديم أو جمع تأخير جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: الصواب في هذا أنه ليس بمسافر، إذا خرج من صنعاء إلى بلد تقل عن ثمانين كيلو فهو ليس بمسافر، لأن السفر يوم وليلة بالمطية، كما كان في السلف الصالح، ثم جاءت السيارات، فإذا كانت المسافة ثمانين كيلو وما يقاربها فهذا سفر، وإن كان أقل من ذلك فإنه يعتبر نفسه غير مسافر، إذا ذهب إلى القرى التي تبعد عن صنعاء أو غيرها خمسين، أربعين، ستين وما أشبه ذلك هذا ليس بسفر، هذا هو الأرجح عند الأكثر، فلا يقصر ولا يجمع.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (403). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 68 س: يسأل السائل ويقول: هل يحوز للإنسان أن يجمع الصلوات إذا كان يمشي مسافة من عشرين إلى خمسة وعشرين كيلو وهو على دابة (1)؟ ج: ليس له الجمع بل يجب أن يصلي كل صلاة في وقتها إلا إذا كان   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (423). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 68 مسافرا، هذا ليس بسفر، إذا كان مسافرا له أن يجمع، أما مسافة عشرين كيلو، خمسة وعشرين كيلو ليس هذا سفرا، السفر ثمانون كيلو فأكثر، هذا هو المعتمد، ثمانون كيلو فأكثر، يوم وليلة للمسافر، يعني يوما وليلة للمطية، فمقدارها ثمانون كيلو تقريبا، فإذا كان بهذه المسافة أو أكثر يقصر ويجمع، أما إذا خرج لنزهة أو لأسباب أخرى عشرين كيلو، ثلاثين كيلو، أربعين كيلو، خمسين كيلو، هذا لا يقصر ولا يجمع، يصلي كل صلاة في وقتها، ويصليها أربعا. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 69 36 - حكم صلاة من سار مسافة قصر ولم يقصر الصلاة س: من السائل: ع. ع. ج. من معهد البريد بالرياض يقول: ذهبنا إجابة لدعوة أخ لنا في مدينة تبعد عن الرياض حوالي مائة وثلاثين كيلو مترا، وفي أثناء الطريق توقفنا لأداء صلاة الظهر، فاختلفنا هل نصليها قصرا أم كاملة علما بأننا لم نكن ننوي أن نصلي معها العصر لأننا سنصلي مع الشخص الذي دعانا صلاة العصر، ماذا يجب علينا؟ أفتونا مأجورين (1) ج: هذا سفر، ولكم أن تصلوا في الطريق جمعا وقصرا، لأن السفر ثمانون كيلو فأكثر سفر قصر، فإذا قصر المسافر في الطريق أو جمع فلا حرج في ذلك، والحمد لله.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (372). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 69 37 - حكم قصر المرأة للصلاة في بيت والدها إذا كان يبعد عن بيت زوجها مسافة قصر س: هل يجوز للمرأة قصر الصلاة إذا أرادت زيارة بيت والدها الذي يبعد عن بيت زوجها مسافة قصر أم لا؟ وفقكم الله (1) ج: نعم، إذا أرادت السفر لزيارة بيت أبيها أو غيره في مسافة قصر فإنها تقصر الصلاة سواء عند أبيها أو عند غير أبيها ما دامت ساكنة في محل آخر عند غير زوجها، فإذا رجعت إلى أبيها تزوره أو إلى أمها أو أخواتها فإنها تقصر، إذا كانت المسافة مسافة قصر وهي يوم وليلة في المشي على الأقدام، على الإبل ونحوها، أما اليوم فهي بمقدار ثمانين كيلو.   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (230). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 70 38 - حكم الترخص برخص السفر في سفر النزهة س: الأخ: ع. م. أ. س، من جدة يسأل ويقول: إذا ارتحل الإنسان للنزهة في مكان ما أو بلد معين وأقام الصلوات منفردا طوال إقامته في ذلك البلد لتعذر إيجاد الجماعة، فهل عليه إثم في ترك الجماعة في هذه الحالة؟ وهل صحيح أنه لا يأخذ برخص القصر والجمع لأنه مسافر من أجل النزهة (1)   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (187). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 70 ج: السفر من أجل النزهة لا يمنع الأخذ بالرخص على الصحيح، فإذا سافر للنزهة في الصحراء لأجل الراحة أو التمتع بالأعشاب والنعمة التي تكون من آثار المطر هذا كله يسمى سفر نزهة، ولا بأس أن يترخص برخص السفر إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، يصلي ركعتين، ويجمع بين الصلاتين لا بأس. أما إن كانت الإقامة أكثر من أربعة أيام بل عزم عليها فالذي عليه جمهور أهل العلم أنه يتم، يصلي أربعا، والواجب عليه إذا كان واحدا أن يصلي مع الجماعة، وليس له الترخص بل يجب عليه أن يصلي مع الجماعة ويصلي معهم أربعا، أما إذا كان معه آخر أو كانوا جماعة أكثر فيصلون قصرا وجمعا، ولا حرج عليهم إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل قد عزموا عليها، أما إن كانت الإقامة أكثر من ذلك قد عزموا عليها فإنهم يصلون أربعا ويصلون مع الناس في الجماعة. أما إنسان ما يدري عن الإقامة، ليس عنده عزم فهذا يصلي أبدا قصرا، لأنه لا يعلم مدة الإقامة فهو في سفر، فإذا كان لا يدري يمشي اليوم يمشي غدا بعد غد، ما عنده شيء يوجب عزما على مدة معلومة، مثلا إنسان يطلب رجلا في البلد لعله يدركه، أو له خصومة ما يدري متى تنتهي، أو له حاجة لا يدري متى تنتهي، فهذا له حكم السفر ما دام بهذه الحالة ولو طالت المدة، فإذا صلى وحده صلى ثنتين، وإذا صلى مع الجزء: 13 ¦ الصفحة: 71 المسافرين صلى ثنتين، وإذا صلى مع المقيمين صلى أربعا لأنه في حكم السفر إلا إذا صلى مع المقيمين أو تغيرت النية بأن عزم بعد ذلك على الإقامة أكثر من أربعة أيام، فإنه بتغير النية وبحصول هذا العزم يصلي أربعا، ولو كانت معه زوجته وأطفاله لا يتغير الحكم، الحكم معلق بنيته هو وعزمه هو؛ لأنهم تبع له. وبالنسبة لصلاة الجماعة إذا صلى بهم جماعة يكون قد أدى الواجب. ولا يكون له عذر بأن يصلي بهم جماعة. فالحريم يصلون وحدهم لكن هو يصلي مع الرجال. ولا يكون عذره أن يصلي بهم بل يصلي مع الرجال في مساجد الله، يصلي معهم أربعا، لكن ولو فاتته ولم يدركها مع الجماعة صلى ثنتين إذا كان على ما ذكرنا، إما ليس له مدة معلومة بل لا يدري متى يرتحل، أو له مدة معلومة لكنها أربعة أيام فأقل، وإذا لم يجد جماعة ما عليه شيء: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). المهم إذا وجدت جماعة يصلي فيها.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 72 س: رسالة من الأخ: ي. ع. ي. من المنطقة الشرقية يقول: أسأل فضيلتكم عن الموضوع: كثيرا ما نشد مع البدو الرحل من منطقة الربع الخالي متجهين شمالا ونحن في السيارات وكل يوم نمشي مسافة عشرين كيلو وما فوقها قليلا، وأحيانا ننزل قبل منتصف النهار، الجزء: 13 ¦ الصفحة: 72 فهل يجوز لنا القصر مع العلم أن الرحلة سوف تستغرق شهرا؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كانت الرحلة إلى مكان بعيد ثمانين كيلو مترا فأكثر فإن هذا سفر، ولو نزلتم في أثنائه بعض المنازل إذا كان النزول لا يستغرق أكثر من أربعة أيام فإن الجميع مسافرون، فإذا كانت الرحلة فيها نزول في موضع الرعي، مواضع الخير لكن تكون الإقامة أربعة أيام فأقل، ثم ترتحلون وهكذا، وهذا كله سفر ما دام النهاية ثمانين كيلو فأكثر، إذا يجوز لهم القصر والحال ما ذكر. نعم في منازلهم إذا كان المنزل لا يستغرق أكثر من أربعة أيام، يومين، ثلاثة، أربعة، ثم يرتحلون، يعني أن نزولهم لا يزيد على أربعة أيام ثم يرتحلون إلى المحل الثاني، وهكذا.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (347). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 73 39 - حكم صلاة العيدين بالنسبة للبدو الرحل س: سائل يقول: نحن في حالتنا هذه يأتينا أي من العيدين ونؤدي صلاته كصلاة المقيمين، فهل عملنا هذا صواب (1)؟ ج: صلاة العيد والجمعة في حق المقيمين، ليس على الرحل عيد، أنتم   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (347). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 73 البدو الرحل والمسافرون ليس عليهم عيد ولا جمعة بل يصلون صلاة المسافرين، وليس عليهم عيد. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 74 40 - بيان الإقامة التي تقطع حكم السفر س: إذا خرجت من سلطنة عمان إلى دولة الإمارات، وتبعد دولة الإمارات عن سلطنة عمان أربعمائة وخمسين كيلو مترا، هل يجوز أن أصلي صلاة حضر أم سفر، وأنا أخرج لمدة ستة أشهر أو سنة؟ أجيبوني جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كنت في الطريق تصلي صلاة مسافر ركعتين، الظهر والعصر والعشاء، وإذا نزلت في الإمارات أو غيرها وأنت تقصد الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنك تصلي أربعا ما دمت مقيما في الإمارات أو غيرها. أما إذا كنت مقيما في الإمارات إقامة غير معينة لا تدري متى ترجع لك حاجات، لا تدري متى تنتهي ولم تعزم على البقاء أربع ليال ولا أكثر ولا أقل فإنك تصلي ثنتين إذا صليت وحدك، وإن صليت مع المقيمين صليت أربعا. وإذا كنت وحدك فالواجب عليك أن تصلي مع الناس في المساجد ولا تصلي وحدك، تصلي معهم أربعا. فإن صليت وحدك صليت ثنتين إذا كنت لم تقصد الإقامة إلا أربعة أيام فأقل، أو كنت لا تقصد إقامة معينة لا   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (181). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 74 تدري ما عندك يقين هل تقيم ثلاثة أو عشرة أو أكثر أو أقل، إذا كان ليس عندك نية معلومة فإنك تصلي ثنتين إلا مع الحضر المقيمين فإنك تصلي أربعا، وعرفت أنه يجب عليك أن تصلي معهم إذا كنت واحدا؛ لأن الجماعة واجبة، فالواجب عليك أن تصلي معهم وتكمل أربعا؛ لأن المأموم يتبع الإمام في ذلك، هكذا جاءت السنة، إذا صلى المسافر مع المقيمين فإنه يصلي معهم أربعا كما ثبت هذا في صحيح مسلم ومسند أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه سئل عن هذا فقال: هذا هو السنة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 75 س: رجل يعمل في جدة، وأهله بمن فيهم زوجته يسكنون في أبها، أي إن له في جدة بيتا وفي أبها بيت آخر، هل يجوز له القصر فيما إذا سافر من جدة إلى أهله في أبها؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1) ج: لا، ليس له القصر لأنه متأهل في جدة وفي أبها، فإذا كان في جدة لا يقصر، وإذا كان في أبها كذلك ما دام مقيما في جدة للعمل مثلا أو لديه زوجة في جدة فهو مقيم، يصلي صلاة المقيمين، وإذا رجع إلى أهله في بلده أبها أو في بلده الخميس، أو في جيزان أو غيرها فإنه لا يقصر أيضا لأنه في بلده، بل يصلي أربعا.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (179). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 75 أما في الطريق فلا بأس، ما دام في الطريق فهو مسافر، لا بأس أن يصلي ثنتين وأن يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء لأنه في الطريق بينهما مسافر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 76 41 - حكم جمع وقصر الصلاة لركاب السفينة س: أنا رجل أعمل في القوات البحرية في جدة، أسأل وأقول: نحن بحارة نطلع في السفينة من الميناء إلى البحر لمدة ثلاثة أيام أو أربعة، فهل يجوز لنا قصر الصلوات وجمعها علما بأن طلوعنا لا يبعد عن المدينة كثيرا بل لبعض الأعمال؟ أرجو أن تفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: راكب السفينة أو راكب الأنواع الأخرى من المراكب البحرية مثل راكب السيارة بالبر والقطار في البر، إن كانت المسافة مسافة سفر قصر وجمع، وإلا فلا إذا كانت السفينة حول الميناء حول الساحل ما تذهب بعيدا عشرة كيلو عشرين كيلو أو نحو ذلك هذا لا يقصر، وليس له حكم السفر، أما إذا كانت تذهب بعيدا مما يسمى سفرا كسبعين كيلو، ثمانين كيلو، مائة كيلو أكثر، هذا سفر، لأهلها القصر ولأهلها الفطر والجمع بين الصلاتين؛ لأنهم مسافرون، كالذي خرج إلى البرية لمسافة نحو   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (83). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 76 ثمانين كيلو، سبعين كيلو، تسعين كيلو، مائة كيلو، سبعين كيلو، تقريبا يوم وليلة للمطية سابقا. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 77 42 - حكم جمع وقصر الصلاة لركاب الطائرة في المطار قبل الركوب س: الأخ من القصيم: أ. أ، يقول: بالنسبة للصلاة في الطائرة إذا كانت ستقلع قبل الظهر، ما هي أحكام قصر الصلاة في مثل هذه الحالة؟ هل أصلي الظهر والعصر وأنا في المطار أم أنتظر حتى أصل (1)؟ ج: إذا كنت في المطار خارج البلد لا بأس أن تصلي الظهر والعصر جمع تقديم إذا صار الوقت قد دخل، مثل مطار الرياض ومطار جدة خارج البلد تصلي في المطار، تجمع بين الصلاتين ولا بأس - والحمد لله - إذا كان قد دخل وقت الظهر أو وقت المغرب.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (429). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 77 43 - حكم الصلاة في الطائرة س: يقول السائل: هل تجوز الصلاة في الطائرة (1)؟ ج: إذا دعت الحاجة إليها أو نافلة، أما الفريضة إذا تيسر أنه يصلي قبل أو بعد فهو الأحوط حتى يصلي قائما. أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك بأن صار السفر طويلا يصلي على حسب حاله ولو الفريضة، لكن يصلي إلى   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (427). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 77 القبلة، يدور مع القبلة حيث دارت ولو صلى جالسا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). لكن إذا تيسر له في الطائرة أن يصلي قائما ويركع ويسجد وجب عليه ذلك، ويدور مع الطائرة في الفريضة خاصة، أما النافلة فلا بأس أن يصلي قاعدا، ويصلي بجهة سيره كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل على ناقته، يصلي إلى جهة سيره في النافلة.   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 78 44 - كيفية أداء الصلاة في الطائرة س: كيفية الصلاة بالطائرة أو القطار ذلكم أن الراكب يتعرض لأشياء كثيرة من الاهتزاز والانحراف يمينا وشمالا عن القبلة، وجهوا الناس حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان السفر قصيرا صلى الإنسان في البلد الذي قصده، إن كان سفره قبل دخول الوقت، وإن كان سفره بعد دخول الوقت صلى قبل أن يسافر في المطار أو غيره، أما إن كان السفر طويلا فإنه يصلي في الطائرة، أو في القطار - والحمد لله - ولا يترك الصلاة حتى يخرج الوقت يصليها على حسب طاقته إلى القبلة، ويدور مع القطار، ويدور مع الطائرة حيث دارت، ويصلي قائما إن استطاع، فإن لم يستطع صلى   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (168). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 78 جالسا، يدور مع القبلة مثل صاحب السفينة، صاحب الباخرة، كل منهم مأمور بطاقته، فالله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1). فإذا استطاع أن يقوم في وسط الطائرة، وفي وسط الباخرة، وفي وسط القطار أو في أي مكان منه قام وصلى قائما، وركع وسجد، وكمل صلاته مستقبل القبلة، فإذا كانت الطائرة أو القطار أو الباخرة تدور دار معها إلى القبلة في الفريضة، وهكذا في النافلة في القطار أو الطائرة، لأنه يشق أن يدور معها في النافلة، ولأنه صلى الله عليه وسلم في النافلة كان يصلي على راحلته حيث كان وجهه في النافلة، وكان إذا أراد الإحرام كبر إلى القبلة، ثم صلى إلى جهة سيره على الراحلة، لكن ذكر بعض أهل العلم أن الدوران مع القبلة على الراحلة يصعب لأن وجهه إلى جهة سيره يدبر الدابة، فيصعب عليه أن يلتفت إلى القبلة عليه أن يلتفت إلى القبلة، لكن في القطار وفي الطائرة وفي السيارة الأمر بيد غيره، ليس هو الذي يصرف القطار أو الطائرة، فبإمكانه يدور مع الطائرة ولو في النافلة، فليس مثل راكب البعير أو البغل أو الفرس أو الحمار في السفر، بل هو أقدر على الدوران مع القبلة حتى في النافلة، فإذا دار في النافلة لأنه يستطيع ذلك فعل ذلك كما يفعله في الفريضة، أما إن لم يستطع ذلك الدوران ويخاف أن تفوته النافلة التي يجب أن يصليها كصلاة الضحى والتهجد بالليل في   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 79 الطائرة ونحو ذلك فلعل في الأمر سعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى جهة سيره في النافلة، وقد يشق ملاحقة القبلة في الطائرة في حالة التهجد بالليل ونحو ذلك، قد يشق عليه ذلك، فلعله إذا صلى إلى جهة سيره في النافلة خاصة لعله يعفى عنه إن شاء الله إلحاقا للطائرة بالبعير ونحوه الذي كان يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهة سيره، لكن إن أمكنه أن يستقبل ويدور في النافلة فعل ذلك خروجا من الخلاف وعملا بما قاله بعض أهل العلم في هذا الباب، أما الفريضة فلا بد من الدوران فيها، إذا لم يتيسر له أن يصليها في الأرض قبل السفر أو بعد السفر بأن كانت الرحلة طويلة، ولا يتمكن من صلاتها في الأرض فإنه يصليها في القطار أو في الطائرة، لكن يدور مع القبلة في الفريضة، وإن قدر قائما صلى قائما، وإن لم يستطع صلى جالسا {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1).   (1) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 80 س: أرجو أن تعطوني فكرة عن الصلاة في الطائرة، وأيهم أفضل الصلاة في الطائرة أم تأجيل الصلاة إلى حين الوصول إذ نصلي جمع تقديم أو جمع تأخير حسب الأحوال (1)؟ ج: تجوز الصلاة في الطائرة أو في الباخرة أو في السفينة أو في القطار أو   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (336). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 80 في السيارة إذا دعت الحاجة إلى ذلك. ويصلي إلى القبلة في الفريضة، يدور في الطائرة وفي الباخرة مع القبلة، يسأل عن اتجاهها ولا يصلي إلى غير القبلة ويدور إليها حتى يصلي إلى القبلة وهو في مكانه، أما النافلة فيصلي إلى جهة سيره، والأفضل أن يحرم إلى القبلة عند الإحرام ثم يصلي إلى جهة سيره في الباخرة، في السفينة، في الطائرة، لكن إذا كان في الطائرة، إذا كانت مدتها قليلة بحيث يمكن أن يصلي في الوقت أجل الصلاة إلى وقت النزول، إذا كان مثلا يمكن أن تصل الطائرة قبل خروج وقت العصر – أي قبل أن تصفر الشمس - فإنه يؤجلها حتى يصلي في المطار صلاة كاملة، هذا أفضل له، وهكذا إذا كانت صلاة المغرب يمكن أن تنزل الطائرة قبل غروب الشفق – آخر وقت المغرب - لا بأس، وهكذا في العشاء يمكن أن يؤخر المغرب والعشاء حتى تنزل الطائرة قبل نصف الليل، فتأخيرها أفضل ويصليهما جمعا. أما الطيران الطويل لمدة طويلة فإنه يصلي في الطائرة على حسب حاله، كالمتوجه إلى أمريكا وإلى بلاد بعيدة فإنه يصلي في الوقت حسب طاقته، وإذا كان يستطيع القيام يقوم، إن كان لا يستطيع يصلي وهو جالس –والحمد لله - لكن يتابع القبلة، هذا في الفريضة، أما النافلة يصلي جهة سيره والحمد لله، إلا إذا تيسرت القبلة صلى إلى القبلة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 81 س: السائل أبو عبد الله يقول: إذا كان الإنسان مسافرا لجدة، وأقلعت الجزء: 13 ¦ الصفحة: 81 الطائرة قبل أذان العصر بربع ساعة، فهل يصلي بالطائرة أم يصلي عندما يصل إلى جدة مع العلم بأن المسافر قد يصل بعد غروب الشمس (1)؟ ج: الواجب عليه أن يصلي في الطائرة، ولا يؤخر الصلاة عن وقتها، فإن استطاع أن يقف صلى واقفا قائما، وإن لم يستطع صلى جالسا إلى القبلة، القبلة أمامه ما دام متوجها إلى جدة، القبلة أمامه فيصلي إلى القبلة، ويصلي قاعدا إذا لم يستطع قائما، صلى قاعدا، وإن استطاع القيام وجب عليه القيام، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد الوقت إلى أن تصفر الشمس.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (421). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 82 45 - حكم قصر الصلاة للمسافر في المطار س: كنا في رحلة طلابية، وقبل أن تقلع الطائرة صليت العصر قصرا، وعند العودة صليت العشاء قصرا قبل دخول وقت العشاء فما حكم عملنا هذا، وهل صلاتنا صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان المطار خارج البلد خارج البنيان وقد عزمتم على السفر فالصلاة في المطار قصرا في الرباعية لا بأس به؛ لأنكم باشرتم السفر،   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (251). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 82 وقد قصر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي الحليفة وهو في طريق المدينة بعدما غادر المدينة عليه الصلاة والسلام، فإذا كان المطار مثل المطار الجديد هنا في الرياض خارج البلد فلا بأس أن يقصر المسافر فيه الصلاة عند القدوم، والمسافر القادم ما بعد وصل للبلد فله أن يصلي في المطار العشاء أو الظهر أو العصر قصرا، والذي سافر وخرج من البلد وانتظر الإقلاع وصلى الظهر قبل أن يقلع أو العصر أو العشاء قبل أن يقلع قصرا ركعتين لا بأس بذلك، أو جمع بين المغرب والعشاء كذلك لا حرج، لأنه باشر السفر بوصوله إلى المطار الذي هو خارج البلد. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 83 س: رسالة بعث بها أحد الإخوة المستمعين يسأل سماحتكم عن حكم من سافر إلى مكة وفي أثناء الطريق وافق صلاة العصر والمغرب ثم العشاء علما بأنه في الطائرة، وفي بعض الأوقات كان في المطار وكان مشغولا بأمور هامة ولم يستطع تأديتها لوجود النساء معه، فهل يأثم على تأخيرها أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: أما العصر فيصليها في المطار قبل السفر، أما المغرب والعشاء فلا مانع من تأجيلهما، إذا سافر قبل الغروب يؤجل المغرب مع العشاء جمع تأخير، أما إذا كان في المطار فيصلي والحمد لله، يصلي العصر في وقتها، والمغرب في وقتها والحمد لله، فإن ارتحل قبل الغروب جمع جمع تأخير.   (1) السؤال الخمسون من الشريط رقم (338). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 83 46 - حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر س: يقول السائل: نحن نسافر في نزهة في بعض الأيام، هل لنا يا سماحة الشيخ أن نقصر ونجمع مع أننا في نزهة برية نجتمع وليس لنا شغل؟ هل نقصر فقط الصلاة ونصلي كل فريضة في وقتها أم نقصر ونجمع (1)؟ ج: الأفضل عدم الجمع، تصلون كل صلاة في وقتها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لما نزل في منى صار يقصر ولا يجمع؛ لأنه مقيم مستريح، فالإنسان إذا كان مستريحا فالأفضل له عدم الجمع وهو مسافر، يصلي كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء، هذا هو الأفضل، وإن جمع فلا حرج؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك وهو نازل عليه الصلاة والسلام، لكن في السفر الذي فيه راحة كونه لا يجمع وهو مستريح، تصلي كل صلاة في وقتها هذا أفضل وأولى، وإن جمع فلا حرج، والحمد لله.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (421). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 84 47 - بيان أحكام السفر س: يقول السائل: حدثونا عن أحكام السفر سماحة الشيخ، جزاكم الجزء: 13 ¦ الصفحة: 84 الله خيرا (1) ج: السفر له أحكام منها الفطر في رمضان، ومنها قصر الصلاة في السفر، والجمع بين الصلاتين في السفر، كل هذا من أحكام السفر، والمسح على الخفين ثلاثة أيام بدل يوم وليلة في الإقامة، هذا كله في السفر، يمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن على خفيه، وعلى عمامته المحنكة، إذا سترت رأسه ولبسها على طهارة، يصلي قصرا ثنتين، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، ويجوز له الجمع وهو نازل، كل هذا من أحكام السفر، وله أن يفطر في رمضان.   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (421). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 85 48 - حكم اقتران جمع وقصر الصلاة في جميع أحوال السفر س: رجل سافر ولم يكن يعلم كم سيبقى في البلدة التي سافر إليها، فجمع وقصر صلواته حتى ارتحل إلى منطقة أخرى ليست أيضا محل إقامته، والسؤال: هل الجمع والقصر مقترنان على الدوام؟ وهل يستمر الرجل في القصر والجمع معا أم يكتفي بالقصر دون الجمع؟ أفيدونا رعاكم الله، وأرجو أن يكون ذلك مفصلا (1) ج: القصر سنة من سنن السفر، سنة مؤكدة، وهو أن يصلي ركعتين، الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، هذا يسمى القصر،   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (186). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 85 كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصر يصلي ركعتين عليه الصلاة والسلام حتى يرجع، فالذي قصد قرية ولا يعلم ماذا يقيم فيها هل يقيم فيها يومين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر هذا السنة أن يقصر اثنتين للرباعية، الظهر والعصر والعشاء إذا كان وحده؛ أما إذا كان هناك جماعة فإنه يصلي مع الناس أربعا، ولا يصلي وحده؛ لأن الجماعة واجبة، أما إذا كان معه أصحاب فإنه يصلي ثنتين، وإن صلوا مع الجماعة صلوا أربعا ما داموا لا يعلمون مدة إقامتهم، أما الجمع فهو رخصة ليس مثل القصر، إن احتاج إليه فعله وإلا تركه، فإذا كان على ظهر سير مسافر جمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، أما إذا كان مستريحا نازلا فالأفضل أن يصلي الظهر وحدها، والعصر وحدها، والمغرب وحده، والعشاء وحدها، كل صلاة في وقتها، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي كل صلاة في وقتها كما فعل في منى في حجة الوداع، كان يصلي كل صلاة في وقتها، وهكذا في غالب أسفاره إذا أقام يصلي كل صلاة في وقتها، أما إذا دعت الحاجة إلى الجمع لكونه على ظهر سير أو لأجل المشقة في عدم الجمع فإنه يصلي الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، إذا دعت الحاجة إلى ذلك لبرد أو قلة ماء أو ما أشبه ذلك من الأسباب. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 86 49 - حكم جمع الصلوات الخمس في السفر س: هل يجوز للمسلم إذا كان مسافرا سفر طويلا أن يجمع الصلوات الجزء: 13 ¦ الصفحة: 86 الخمس في آخر اليوم (1)؟ ج: هذا منكر عظيم لا يقوله أحد من أهل العلم، يجمع الصلوات الخمس؟ لا، ليس له ذلك وإنما يجمع بين الظهر والعصر فقط في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، أما الفجر فلا تجمع إلى غيرها، تصلى في وقتها دائما في السفر والحضر قبل طلوع الشمس، أما الظهر والعصر فلا مانع من جمعهما قبل أن تصفر الشمس، يصلي الظهر مع العصر بعد دخول وقت العصر، لكن قبل أن تصفر الشمس لا يؤخر أو يقدم العصر معها في السفر جمع تقديم، وهكذا المغرب والعشاء، أما أن يقدم العشاء مع المغرب فيصليهما بعد دخول الوقت، أو يؤخر المغرب ويصليها مع العشاء بعد غروب الشفق وقبل نصف الليل هذا هو المشروع للمسلمين، أما جمع الجميع في آخر النهار فهذا لا يجوز.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (76). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 87 س: هل يجوز جمع الصلوات الخمس وأنا مسافر ولا يوجد عندي ماء للوضوء (1)؟ ج: جمع الصلوات الخمس لا يجوز بإجماع المسلمين، كل صلاة في وقتها، يجب أن يصلي كل صلاة في وقتها في الحضر والسفر إلا المغرب   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (256). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 87 والعشاء، والظهر والعصر له جمعهما، أما الفجر فتصلى في وقتها، ولا يؤخر العصر إلى الليل، ولا الظهر إلى الليل، ولا تؤخر المغرب والعشاء إلى نصف الليل، المقصود أن على المؤمن المسافر وغير المسافر أن يصلي الصلوات كما شرع الله، كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، لكن يجوز للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وهكذا المريض يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وهكذا في المطر الذي يشق على الناس الخروج فيه إلى المساجد يجمع المغرب والعشاء من أجل المطر والدحض، وهكذا بين الظهر والعصر إذا كان مشقة بسبب المطر والدحض على الأصح من أقوال العلماء، أما جمع الخمس في وقت واحد فهذا لا يقوله أحد من أهل العلم، بل هو باطل، والذي يجمع الخمس في وقت واحد هذا منكر عظيم لا يجوز عند أحد من أهل العلم، وإنما يجوز ما ذكرنا من التفصيل. والتيمم هذا عند عدم الماء، إذا لم يجد الماء في السفر أو كان في حضر محبوس عن الماء ممنوع من الماء فليتيمم، يقول الله سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (1). إذا كان ما حوله ماء ولا عنده   (1) سورة النساء الآية 43 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 88 ماء يتيمم، والحمد لله. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 89 50 - حكم جمع وقصر الصلاة في السفر الطويل س: نحن قناص بالصقور، ويأتي علينا وقت نمشي فيه طويلا، ووقت آخر نمكث عدة أيام، فهل يجوز لنا القصر أو الجمع مع العلم بأننا نقصر وقت المكوث لعدة أيام، وأصدقائي يجمعون، فما هو توجيهكم (1)؟ ج: إذا كنتم مسافرين سفرا طويلا، ثمانين كيلو أو حولها من بلدكم أو ما يقارب ذلك فأنتم مسافرون، لكم القصر والجمع إلا إذا عزمتم على الإقامة أربعا، ولا تجمعون إلا إذا عزمتم على الإقامة أكثر من أربعة أيام في محل معين من أجل الصيد، أما إذا كنتم لا تجزمون – يعني لا تدرون هل تقيمون يومين أو ثلاثة أو أربعة على حسب الصيد ما عندكم جزم – ولو أتممتم مدة طويلة ما عندكم جزم فالسنة لكم القصر والجمع، أنتم بالخيار، إن شئتم جمعتم وإن شئتم تركتم الجمع، وتركه أفضل إذا كنتم مقيمين بالغين، وترك الجمع أفضل، وكل صلاة في وقتها أفضل، وإن جمعتم فلا حرج ما دامت الإقامة أربعة أيام فأقل، أو غير مجزومة، ما جزمتم عليها ولا طالت فلكم القصر والجمع جميعا.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (322). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 89 51 - حكم قصر صلاة من سافر مسافة قصر إلى مزرعته للنزهة س: لي مزرعة تبعد عن الرياض ثمانين كيلو مترا، وكنت أذهب إليها مع محارمي وأولادي، وأقصر الصلاة بينها وبين الرياض وأجمع، وإذا كنت فيها أقصر الصلاة إلا أنه من مدة يسيرة جاءني زوار ورأوني أقصر في مزرعتي، فقالوا: إنها مزرعتك ولا يجوز أن تقصر فيها؟ أرشدوني وفقكم الله (1) ج: لا ريب أن هذا سفر، وأنه إذا ذهب إليها له أن يقصر، وله أن يجمع في الطريق هو ومحارمه، أما إذا نزل بها فإن كانت إقامته يومين أو ثلاثة أو أربعة فله القصر والجمع، فإن كانت إقامته أكثر من أربعة أيام ففي المسألة خلاف مشهور بين العلماء، والأحوط ألا يقصر ولا يجمع إذا كانت نيته الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم أربعا ولا يجمع، هذا هو الأحوط له والخروج من الخلاف، أما إذا كانت إقامته في المزرعة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر ويجمع إذا شاء ولا حرج عليه، والقصر أفضل، وهكذا في الطريق قبل أن يصل إليها، إذا صلى في الطريق قصر الصلاة ثنتين، وإن أحب أن يجمع بين الظهر والعصر في الطريق، وبين المغرب والعشاء فلا بأس بلا شك ولا ريب كما دلت عليه السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (19). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 90 52 - مسألة في حكم جمع وقصر صلاة من تكرر سفره لمسافة قصر من أجل عمله س: م. ع. ك. يقول: أنا موظف حكومي، عملي بعيد عن أهلي علما أني أقوم بزيارة أهلي بعد كل أسبوعين، وذلك بعد انتهاء دوام يوم الأربعاء وإن هذه المسافة تستغرق أربع ساعات ونصفا تقريبا، وأرجع إلى مقر عملي يوم الجمعة، المطلوب: هل يصح لي قصر الصلاة وجمعها مثل الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، أم القصر فقط، أم الجمع بدون قصر، أم أصلي كل صلاة على وقتها ولا تشملني رخصة المسافر، وذلك لكثرة تكراري السفر لقصد عملي الأصلي ومكان أهلي علما أنني أمتلك سيارة في حال ذهابي وإيابي وتحت تصرفي الخاص؟ أفيدوني وفقكم الله (1) ج: المسافر إذا سافر إلى أهله أو لحاجة يقصر ويجمع ولا حرج عليه ولو تكرر هذا منه، ولو يذهب كل أسبوع أو كل أسبوعين إلى أهله في محل بعيد، إذا كان السفر في محل يعد سفر فلا بأس أن يقصر، يصلي ركعتين الظهر والعصر والعشاء، ولا بأس أن يفطر في رمضان في الطريق إذا كان السفر طويلا، لا بأس عليه في ذلك ولا حرج، فله الجمع وله القصر، وله الإفطار في السفر، إذا كانت المسافة تعد سفرا كالذي يعمل في   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (3). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 91 الرياض ويسافر إلى القصيم أو يسافر إلى حائل، أو إلى الوشم، إلى شقراء إلى كذا وكذا، هذا كله سفر، ما دام في سفر فله الإفطار إلا إذا تعمد السفر من أجل الفطر، إذا قصد من أجل الفطر فلا يجوز هذا لأن هذا تحايل، أما إذا كان السفر لحاجته لزيارة أهل أو لأجل حاجاته فلا حرج في ذلك، وله أن يصلي الظهر ركعتين إذا كان في سفره، الظهر في سفره، والعصر في سفره، وله أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، لا بأس بذلك لكن إذا سافر أول النهار مفطرا ثم وصل إلى أهله في النهار فإنه يمسك، لأنه وصل إلى وطنه، يمسك ويقضي هذا اليوم الذي أفطر فيه، وإن صام في الطريق حتى لا يقضي ولم يفطر فلا حرج، الصوم جائز، والفطر جائز والحمد لله، المقصود كل ما يسمى سفرا فله القصر وله الفطر، لكن إذا كان يصل في أثناء النهار لبلده فإن صام حتى لا يتكلف القضاء فالصوم أحسن له وأولى له من تكلف القضاء، وإن أفطر وأمسك في بلاده إذا وصل فهذا هو الواجب عليه، ويقضي اليوم الذي أفطر فيه، وهكذا الصلوات يقصر الظهر والعصر والعشاء ثنتين، وله الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، يفعل ذلك في كل ما يعد سفرا، ثمانين كيلو، سبعين كيلو، وما يقاربها، كل هذا يسمى سفرا. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 92 53 - حكم الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير سبب س: هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع من غير الجزء: 13 ¦ الصفحة: 92 مرض أو مطر (1)؟ ج: نعم، «ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه جمع من غير خوف ولا سفر ومن غير مطر (2)» قال بعض أهل العلم: جمع لعلة أوجبت ذلك إما مرض أو غيره من العلل التي توجب الجمع. وقال بعضهم: إن هذا منسوخ، كان في أول الإسلام ثم نسخ، والمقصود أنه لا يجوز الجمع إلا لعلة. أما الحديث المذكور صحيح لكنه محمول على أنه جمع لعذر أو كان جائزا في الأصل ثم نسخ. قال الترمذي رحمه الله: إن العلماء أجمعوا على عدم العمل به، هذا الحديث، يعني مع عدم العذر، لا يجوز الجمع إلا لعذر كالمرض، كالمطر، كالدحض في الأسواق، الزلق في الأسواق بسبب المطر، يجمع بينهما، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، أو كان مسافرا، إذا كان في السفر.   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (421). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 93 س: سائل يقول: في بعض المساجد يجمعون بين صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر، ويزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بينهما أربعين يوما في المدينة تخفيفا على أمته، نرجو التوجيه في الجزء: 13 ¦ الصفحة: 93 ذلك، جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم صح عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه صلى الظهر والعصر جميعا في المدينة، والمغرب والعشاء جميعا في المدينة من غير خوف ولا مطر ولا سفر (2)» لكن لم يحفظ هذا عنه إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام لا أربعين. فالقول بأنه فعلها أربعين هذا باطل لا أساس له من الصحة، وإنما المحفوظ أنه فعل هذا مرة واحدة، قال بعض أهل العلم: لعله كان لوجود دحض في الأسواق من آثار المطر، أو لوجود مرض عام ووباء عام، أو لأسباب أخرى. قال ابن العباس: لئلا يحرج أمته ويحملها المشقة عنهم. فإذا حصل ما يشق عليهم من مرض، أو دحض - هو آثار المطر في الأسواق - أو ما أشبه ذلك مما فيه مشقة جاز هذا الجمع، أما من غير عذر فالواجب ألا يفعل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت في المدينة للناس، ووقتها له جبريل في مكة عليه الصلاة والسلام. وقال صلى الله عليه وسلم: «الصلاة فيما بين هذين الوقتين (3)»   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (106). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (10856)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، على النبي صلى الله عليه وسلم برقم (149). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 94 وكان يصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، هذا هو المحفوظ عنه في المدينة عليه الصلاة والسلام، فالواجب على المسلمين أن يصلوا كل صلاة في وقتها، وألا يجمعوا إلا من عذر شرعي، وهذه المرة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم محمولة على أنها كانت لعذر شرعي أراد به دفع الحرج عن أمته عليه الصلاة والسلام بسبب ذلك العذر الذي لم يذكر في الحديث، والواجب على الأمة أن تأخذ بالأمور المحكمة الواضحة، وأن تدع المشتبهات، يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} (1). فلا يجوز للمؤمن أن يأخذ بالمتشابه الذي ليس فيه وضوح، ويدع المحكم الواضح البين الذي هو صلاته، كل صلاة صلاها في وقتها في حياته صلى الله عليه وسلم في المدينة مدة عشر سنين عليه الصلاة والسلام، وقد وضح للأمة ذلك، وقال: «الصلاة بين هذين الوقتين (2)» وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (3)» فلا يجوز أن نأخذ بشيء لم يتضح سببه يخالف الأحاديث الصحيحة والعمل المستمر في حياته صلى الله عليه   (1) سورة آل عمران الآية 7 (2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (10856)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، على النبي صلى الله عليه وسلم برقم (149). (3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 95 وسلم، بل هذا من اتباع المتشابه الذي لا يجوز لأهل الإيمان، فإذا وجدت علة تسوغ الجمع فلا بأس كالمرض والمطر والسفر ونحو ذلك، فلا بأس بذلك كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام في أسفاره، ورخص للمستحاضة أن تجمع لعذرها، والمريض كذلك معذور، فلا بأس بذلك للعذر الشرعي. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 96 س: يقول هذا السائل: سماحة الشيخ، هل يجوز الجمع بين صلاة الظهر والعصر بدون سفر لأي سبب آخر (1)؟ ج: لا يجوز، فقد كان يجوز في الأول، ثم شرع الله الأوقات، فوجب أن تفعل الصلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها إلا لعلة كالسفر يجوز الجمع، أو مرض، أو مطر والدحض يجوز الجمع كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (401). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 96 54 - حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة س: يسأل السائل: م. ح، ويقول: سماحة الشيخ، يقولون بأنه لا يجوز أن نجمع صلاة العصر مع أي صلاة، وبعضهم يقول: الأفضل ألا نجمعها مع الصلوات الأخرى. فما رأي سماحتكم في ذلك (1)؟   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (413). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 96 ج: العصر تجمع مع الظهر في حق المريض والمسافر جمع تقديم وجمع تأخير، لكن لا تجمع العصر مع الجمعة يوم الجمعة، إذا صلى مع الناس الجمعة لا يصلي معها العصر، يصلي العصر في وقتها. إذا صلى الجمعة مع الناس خارج البلد وصلى معهم الجمعة وهو مسافر يصلي العصر في وقتها. وأما في غير الجمعة يجمع العصر مع الظهر لا بأس إذا كان مريضا يشق عليه عدم الجمع، أو مسافرا لا بأس. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 97 55 - حكم الكلام بين الصلاتين أثناء الجمع س: السائلة أم خالد تقول: بالنسبة لصلاة الظهر والعصر إذا كان الإنسان مسافرا وصلى صلاة الظهر ركعتين، هل يجوز له مثلا أثناء الفصل بين صلاة الظهر والعصر إذا تكلم هل يجوز له، أو عمل شيئا فصل بين الصلاتين (1)؟ ج: ما يضر لو تكلم أو قام لحاجة أو شرب أو أكل ما يضر شيئا.   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (420). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 97 56 - مسألة في جمع وقصر الصلاة في السفر س: السائل: ح. س. ع. من سوريا: هل يجوز لي إذا كنت على سفر بعيد ما يقارب أربعمائة كيلو متر هل يجوز أن أجمع صلاة الجزء: 13 ¦ الصفحة: 97 الظهر والعصر (1)؟ ج: المسافر يشرع له القصر، يصلي ركعتين، الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، هذا هو الأفضل، هذا هو السنة إذا سافر وله الجمع، يجوز له الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء لكن تركه أفضل إذا كان نازلا ليس عليه مشقة، تركه أفضل، أما إذا كان فيه مشقة وهو نازل يجمع، النبي صلى الله عليه وسلم جمع في أسفاره وترك، تارة يجمع وتارة يترك عليه الصلاة والسلام، في حجة الوداع لم يجمع وهو نازل في منى صلى كل صلاة في وقتها وهو في منى، فإذا كان الإنسان نازلا يومين ثلاثة في السفر فالأفضل عدم الجمع إلا إذا كان عليه مشقة، وهو مع أصحابه فلا بأس من الجمع. أما القصر فسنة ولو نازلا يصلي ركعتين إذا كان نزوله أربعة أيام فأقل فإذا عزم على أكثر، عزم على أكثر من أربعة أيام فإنه يصلي أربعا عند جمهور أهل العلم. أما إذا كان لا يدري متى يسافر، ما عنده جزم، قد يقيم يومين أو ثلاثة أو أكثر، ما عنده جزم فهذا يقصر. ولو طالت المدة، يصلي ركعتين، وله الجمع ولو طالت المدة ما دام ما عنده يقين متى يسافر، لأن له حاجه ينتظرها، ما يدري متى يدركها، فهذا حكمه حكم السفر، والسفر يقدر بثمانين كيلو، إذا كانت المسافة ثمانين   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (275). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 98 كيلو وما يقاربها فهذا سفر، وليس السفر أربعمائة كيلو، ولو ثمانين كيلو أو ما يقاربها هذا سفر، إذا كان خارجا عن بلده ثمانين كيلو وما يقاربها، مثل سفر أهل الرياض إلى الخرج، إلى الحوطة، إلى شبه ذلك، كل هذا سفر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 99 57 - مسألة في الجمع والقصر س: إذا سافرت لمسافة تزيد عن مائة وخمسين كيلو مترا وأدركني وقت الظهر، ولظروف ما أخرته إلى وقت العصر، فهل يجوز لي الجمع والقصر في وقت العصر، أم لا يصح ذلك، وإنما الجائز الجمع فقط دون قصر؟ أرجو توضيح ذلك ولكم الشكر (1) ج: المسافر يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، ويقصر الظهر والعصر والعشاء، هذا من سنة السفر أن يقصر، يصلي الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، أما المغرب فيصليها ثلاثا تماما، والفجر كذلك ثنتين، وله أن يجمع بين الظهر والعصر ما دام في السفر ويصليهما في وقت الأولى وهي الظهر، أو في وقت الثانية وهي العصر، أو بينهما، وله أن يجمع بين المغرب والعشاء، فيصليهما في وقت المغرب جمع تقديم، أو في وقت العشاء جمع تأخير، أو بين الوقت في   (1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (63). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 99 آخر الوقت الأول وأول الوقت الثاني، كل هذا لا بأس به والحمد لله، الأمر واسع. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 100 58 - حكم قضاء صلاة السفر في الحضر س: يسال المستمع ويقول: لقد سافرت مسافة تقدر بتسعين كيلو مترا، وحضرت صلاة الظهر أثناء الرحلة فأخرتها إلى العصر، ولكن صلاة العصر صليتها في بيتي فنسيت الظهر ولم أذكر ذلك إلا عند النوم، فقمت وصليت الظهر والعصر جمعا وقصرا، هل عملي هذا صحيح (1)؟ ج: لا، ليس بصحيح، عليك أن تصلي أربعا لما ذكرت في البلد بعدما عدت عليك أن تصلي الظهر التي نسيتها، تصليها أربعا، أما العصر إذا كنت صليتها في الطريق قصرا ما تعيدها لأنك ناس، قدمتها على الظهر ناسيا فلا عليك شيء، أما الظهر فإنك تصليها أربعا لما ذكرتها، وإذا كنت صليت العصر في البيت ثنتين فعليك أن تعيدها، أما إذا كنت صليتها في الطريق طريق العودة ثنتين ناسيا الظهر فالصلاة صحيحة، والحمد لله.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (424). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 100 59 - حكم سفر الشخص وحده دون جماعة س: مستمع يسأل ويقول: أردت الخروج من مكة قبل صلاة العصر وبعد الجزء: 13 ¦ الصفحة: 100 صلاة الظهر مع الجماعة في الحرم، صليت وحدي العصر ثم سافرت، فهل فعلي هذا صحيح (1)؟ ج: الواجب عليك أن تصلي مع الجماعة، إذا أدركت الجماعة العصر وأنت موجود تصلي معهم. أما إذا سافرت قبل العصر وصليت وحدك في سفرك فلا حرج إذا كان معك أحد، لكن يكره السفر وحدك أو اثنين، السنة أن يكون السفر ثلاثة فأكثر، أن يكون المسافرون ثلاثة فأكثر لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «الراكب الشيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب (2)» إذا تيسر أن يكون معك رفيقان هذا هو الواجب، أما إذا كان ضرورة فلا حرج.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (391). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم (6709)، وأبو داود في كتاب الجهاد، باب في الرجل يسافر وحده، برقم (2607)، والترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده، برقم (1674)، ومالك في كتاب الجامع، باب ما جاء في الوحدة في السفر، للرجال والنساء برقم (1831). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 101 60 - مسألة في حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة س: ذهبنا إلى مكة لأداء العمرة وكنا عازمين – إن شاء الله - بعد صلاة الجمعة أن نسافر إلى بلدنا، فأشار علينا أحد الإخوة أن نصلي الجزء: 13 ¦ الصفحة: 101 العصر قصرا بعد صلاة الجمعة مباشرة حيث إننا مسافرون مع أننا لم نجلس في مكة سواء ثلاثة أيام، فهل عملنا هذا صحيح؟ وإذا كان غير ذلك ماذا يجب علينا أن نعمل (1)؟ ج: جمع العصر بعد الجمعة لا نعلم له أصلا، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وقد نص العلماء على أنه لا يجوز، فالواجب أن يقضي العصر الذي جمعه مع الجمعة، الواجب عليه قضاؤها إذا نبه قبل العصر يقضيها بعد العصر، وإذا نبه بعد ذلك يقضيها لأنه جمعها في غير وقتها، قدمها على وقتها، ولا نعلم لهذا أصلا، قال بعض الشافعية وبعض الناس: إنه لا بأس، لكن لا دليل على ذلك، والصواب أن العصر لا تجمع مع الجمعة، وأن من جمعها مع الجمعة فعليه الإعادة، وإن تأخر فيقضيها متى علم أنها تقضى.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (380). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 102 61 - حكم تقديم صلاة العشاء مع المغرب للمسافر إذا كان قد صلى المغرب خلف مقيم س: مسافر صلى مع الجماعة المغرب، فهل يقوم حال التسليم ليصلي العشاء جمعا (1)؟   (1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (350). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 102 ج: إذا كان مسافرا تلك الساعة صلى العشاء وإلا أخر وصلى مع الناس أفضل له أربعا، لا يصلي وحده، يصلي مع الناس، يجب أن يصلي مع الناس، أما إن سافر الآن، وليس جالسا إلى العشاء يصلي العشاء ثنتين بعد المغرب، والحمد لله. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 103 62 - حكم صلاة الجماعة للمسافرين س: هل يجوز للمسافر ترك الجماعة إن تيسرت، كأن يكون في مدينة أقام فيها فترة وجيزة (1)؟ ج: ليس للمسافر أن يترك الجماعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» فالواجب عليه أن يصلي مع الجماعة ويتم أربعا إذا كانوا مقيمين، أما إن كان مسافرا معه غيره اثنين فأكثر فلهم أن يقصروا؛ لأنهم مسافرون ولهم القصر، وليس عليهم أن يصلوا مع المقيمين إذا كانوا جماعة، والاثنان جماعة فأكثر، أما الواحد فليس له أن يقصر وحده، بل عليه أن يصلي مع الناس ويتم أربعا، لكن لو فاتته مع المقيمين صلى ثنتين لأنه مسافر.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (256). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 103 س: بالنسبة إلى الشخص إذا كان في مكان تقام فيه الصلاة لكن لديه مثلا أناس مسافرون مثله، هل يذهب للمسجد أو يقيم صلاته مكانه (1)؟ ج: هم مخيرون، إن صلوا وحدهم صلوا ثنتين، وإن صلوا مع الناس صلوا أربعا، هذه السنة، المسافر إن صلى مع المقيم صلى أربعا، وإن صلى وحده مع أصحابه المسافرين صلوا ثنتين، وهم مخيرون، والقصر أفضل لهم.   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (16). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 104 س: هل يمكن للجماعة المسافرة أن تصلي الظهر مثلا قصرا وهم في جماعة (1)؟ ج: إذا كانوا مسافرين السنة أن يصلوا الظهر ثنتين، فإن صلوا مع الناس مع المقيمين صلوا معهم، دخلوا معهم في الصلاة، وجب عليهم الإتمام، يصلون أربعا، لكن المسافر إذا صلى خلف المقيم يلزمه أن يصلي أربعا. هكذا جاء في السنة، أما إذا صلوا وحدهم وهم مسافرون الظهر أو العصر أو العشاء فإنهم يصلون ثنتين، هذا هو الأفضل لهم، وإن صلوا أربعا فلا حرج.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (298). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 104 س: السائل: ش. ع. ب، يقول: بالنسبة للمسافر إذا قصر وجمع وأتى المسجد في وقت الصلاة ووجد من كان قبله قد أقاموا الصلاة الجزء: 13 ¦ الصفحة: 104 وصلوا وهم مقيمون، ماذا يفعل، هل يصلي معهم أم ينتظر جماعة أخرى (1)؟ ج: عليك أن تصلي معهم وتتم، تصلي معهم وتكمل الصلاة أربعا إذا كان ظهرا أو عصرا أو عشاء، ولا تنتظر، صل مع الجماعة، والحمد لله.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (412). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 105 س: سائلة تقول: سافر رجل من بلد إلى بلد، ووصل إلى البلد قبل صلاة الظهر، ولما أذن للصلاة لم يصل بقصد الجمع بين الظهر والعصر، وجلس في البلد، ولما أذن العصر جمع بين الصلاتين وهو في البلد، وبعد الصلاة ذهب إلى بلده، فهل صلاته صحيحة (1)؟ ج: الصلاة صحيحة إن شاء الله، لكنه قد أخطأ وأساء حين صلى وحده، فالواجب عليه أن يصلي مع الناس، لأنه حضر في البلد، ولا يصلي وحده لأن الجماعة فرض، والواجب على من قدم البلد وهو وحده فرد أن يصلي مع الناس ويتم أربعا إذا كان جاء من بلدة بعيدة تعتبر سفرا فإنه يصلي مع الناس أربعا، وليس له أن يصلي وحده، لكن لو فاتته الصلاة مع الناس صلى وحده ثنتين إذا كان جاء من بلاد بعيدة يعتبر سفره منها سفرا شرعيا، أما كونه يصلي وحده فلا يجوز، بل الواجب عليه أن يصلي مع الجماعة ويتم أربعا، لكن لو كان معه صاحب أو أكثر فصلوا ثنتين   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (22). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 105 وجمعوا فلا حرج في ذلك. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 106 س: ما حكم الجمع لمن مر بمدينة ولبث فيها يوما أو يومين (1)؟ ج: المسافر إذا مر بمدينة أو قرية ونيته الإقامة فيها يوما أو يومين أو ثلاثة لا حرج أن يقصر ويجمع؛ لأنه مسافر، وهكذا لو نوى أربعا كذلك إلا إذا نوى أكثر من أربع وعزم على الإقامة في البلد التي مر بها أكثر من أربعة أيام فإنه لا يقصر ولا يجمع عند جمهور أهل العلم. ولكن لا يصلي وحده، الواجب عليه أن يصلي مع الجماعة، يصلي أربعا إذا صلى مع الجماعة، لأن الواجب على الفرد أن يصلي مع الجماعة، لا يصلي وحده، وهكذا الواجب على المسافر إذا صلى مع المقيمين أن يصلي أربعا، هكذا السنة، لكن لو كانوا جماعة وصلوا جميعا وقصروا فلا بأس بذلك، وجمعوا لا بأس ما داموا مسافرين ولم يريدوا الإقامة مدة تزيد على أربعة أيام بل يومين، ثلاث لا بأس بذلك أن يقصروا ويجمعوا، أما الواحد فالواجب عليه أن يصلي مع الناس، ويصلي معهم أربعا إذا كانوا مقيمين، ولا يقصرها وحده، ولا يصلي وحده.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (256). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 106 63 - حكم المسافر إذا صلى جمعا وقصرا ثم وصل البلد س: إذا كنت مسافرة وجمعت صلاة المغرب والعشاء، ولكن بعد ذلك الجزء: 13 ¦ الصفحة: 106 توقفت في بلدة ما، وحان فيها وقت صلاة العشاء، فهل أعيدها أم يكفيني ما صليت قصرا (1)؟ ج: ليس عليك الإعادة ولا على الرجل إذا صلى جمعا في المغرب والعشاء، ثم قدم البلد والناس لم يصلوا العشاء فليس عليه أن يصلي معهم، فإن صلى معهم فهي نافلة، وهكذا المرأة إذا صلت جمعا في السفر، ثم قدمت البلد التي هي بلدها أو بلد أخرى فلا يلزمها أن تصلي مع الناس؛ لأنها أدت الفريضة، والحمد لله.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (202). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 107 س: إذا جمع المسافر والمغرب والعشاء، ثم وصل بلد الإقامة فهل إذا سمع النداء للعشاء هل عليه جماعة (1)؟ ج: لا، إن صلى معهم فهو نافلة، وإلا فقد أدي الفريضة، وهكذا لو جمع الظهر والعصر ثم جاء البلد مثل العصر لا يلزمه حضور الظهر والعصر، قد صلاها، لكن إن حضرها مع الناس فهي نافلة.   (1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم (355). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 107 س: إذا كان الشخص في سفره وهو قد جمع العصر مع الظهر وقصر أو العكس، أو جمع العشاء مع المغرب أو العكس، فهل له إذا ركب الراحلة أن يقول الذكر المشروع بعد الصلاة مثل أن يستغفر الله ثلاث مرات إلى آخره، ويسبح ويحمد ويكبر الله كلا ثلاثا الجزء: 13 ¦ الصفحة: 107 وثلاثين، ويختم بالمائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ويقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين وهو على راحلته، أو يكتب له الأجر بدون ذكرها؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا صلى الجمع وهو في سفره، ثم ركب الدابة أو السيارة يأتي بالأذكار الشرعية، إذا أتى بها في الأرض فالحمد لله، وإن ركب لأن الحاجة ماسة إلى السرعة فإنه يأتي بها وهو في السيارة أو على الراحلة، والحمد لله.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (351). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 108 64 - حكم أذكار الصباح والمساء للمسافر س: إذا حضر وقت صلاة المغرب هل يجوز أن يقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين وهو قد نوى أن يجمع المغرب مع العشاء، وهل يكتب له أجر أذكار الصباح والمساء وهو لم يذكرها أم لا بد من ذكرها؟ نرجو الإجابة مفصلة، جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة أن يأتي بالأذكار الشرعية والدعوات الشرعية الصباح والمساء سواء جمع المغرب مع العشاء أو لم يجمع، السنة أن يأتي بالأذكار   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (351). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 108 الشرعية قبل الصلوات أو بعد الصلوات، يأتي بها في العصر، يأتي بها في الليل، أو بعد صلاة الجمع، الأمر واسع بحمد الله. إذا صلى المغرب جمع معها العشاء، إذا كان في حاجة إلى الجمع لأنه على جناح سير، أما إذا كان مقيما نازلا فالأفضل عدم الجمع، يصلي المغرب، يأتي بالأذكار بعدها الشرعية، يصلي العشاء في وقتها، ويأتي بالأذكار الشرعية، وهكذا الظهر والعصر، أما إذا دعت الحاجة إلى الجمع فإنه يجمع، ثم يأتي بالأذكار الشرعية بعد الثانية، أذكارها، وتسقط أذكار المساء ويأتي بالأذكار الشرعية بعد الثانية، وهكذا، ما يتعلق بالورد، أذكار المساء يأتي به إما قبل الجمع وإلا بعد الجمع، وهكذا في الصباح يأتي بالأذكار الشرعية بعد صلاة الفجر أو بعد طلوع الشمس. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 109 65 - حكم السنن والرواتب للمسافر س: السائل: أ. ع. يقول: أيهما أفضل بالنسبة للمسافر، أن يؤدي السنن الرواتب أو يتركها، وكذلك النوافل (1)؟ ج: المسافر السنة له أن يدع الرواتب، لا يأتي بها كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، فإنه كان عليه الصلاة والسلام إذا سافر يترك سنة الظهر وسنة المغرب وسنة العشاء، أما سنة الفجر فكان يأتي بها عليه   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (388). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 109 الصلاة والسلام، كان يصلي الفجر ويصلي راتبتها سفرا وحضرا، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فكان يترك ذلك عليه الصلاة والسلام في السفر، أما العصر فليس لها راتبة، لكن كان يصلي قبلها أربعا بعض الأحيان، وربما صلى قبلها ثنتين بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، ويقول صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1)» فالأفضل في السفر تركها؛ لأنها تشبه الراتبة، أما النوافل الأخرى فالأفضل فعلها مثل سنة الضحى، التهجد بالليل، الوتر، هذا سنة في السفر والحضر، سنة الوضوء، إذا توضأ، هذه نوافل مشروعة في السفر والحضر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سنة الضحى في السفر، وصلاها عام الفتح ثمان ركعات عليه الصلاة والسلام، وكان يتهجد بالليل في السفر ويصلي على بعيره بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام النافلة في السفر، ويوتر على بعيره أيضا عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5944)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر برقم (430). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 110 66 - حكم صلاة النافلة للمسافر بعد الجمعة س: أ. ع. من الرياض يقول: إذا صلى المسافر الجمعة هل تسقط عنه الراتبة، وإذا وصل هذا المسافر إلى بلد آخر هل تسقط عنه الرواتب (1)؟   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (360). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 110 ج: إذا صلى المسافر الجمعة يصلي معها أربعا، السنة أربع ركعات تسليمتين، وإذا صلى قصرا فليس لها راتبة، يصلي ثنتين فقط الظهر قصرا، كان صلى الله عليه وسلم لا يصلي راتبة الظهر ولا المغرب ولا العشاء في السفر، الفجر فقط، أما إذا صلى الجمعة وباقي الأوقات مع الناس صلى الرواتب معهم، وبالنسبة إذا وصل المسافر إلى بلد آخر على حسب الحال، إذا بقي فيها أربعة أيام فأقل يصلي ثنتين إلا إذا كان واحدا يصلي مع الناس أربعا، لا يصلي وحده، الجماعة واجبة، لكن إذا كانوا جماعة اثنين أو أكثر وصلوا قصرا سقطت عنهم الرواتب إلا سنة الفجر والتهجد في الليل والوتر، أما إذا كان واحدا يصلي مع الناس، لا يصلي وحده ولو أنه مسافر، إذا كان عنده جماعة يصلي جماعة، يصلي أربعا، لكن إذا كانوا جماعة مسافرين إن صلوا قصرا سقطت عنهم الرواتب، الأفضل تركها إلا سنة الفجر، وإلا التهجد بالليل، فإن صلوا مع الناس جماعة مع المقيمين صلوا أربعا، وصلوا الرواتب. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 111 67 - حكم الجمع بين الصلاتين للمقيم لأجل العمل س: ما حكم من يجمع بين الصلاتين من أجل العمل؟ وهل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين (1)؟   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (384). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 111 ج: ليس له الجمع من أجل العمل، بل كل صلاة في وقتها، وإنما جمع النبي صلى الله عليه وسلم لأسباب، إما السفر وإما المرض، أو الدحض والزلق والمرض، أما الجمع بدون سبب ما كان يجمع عليه الصلاة والسلام، وما ورد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر (1)» فهذا محمول على عذر آخر كالدحض والزلق أو المرض، قد استقرت الشريعة على أنه لا يجوز إلا لعذر شرعي.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 112 س: الأخ: م. ص. ن، من مكتبة المستمع بالخبر يسأل ويقول: ما رأيكم في النساء اللائي يجمعن بين الصلوات نظرا لانشغالهن بأمور البيت (1)؟ ج: لا يجوز هذا، ليس لهن الجمع، والواجب عليهن أن يصلين كل صلاة في وقتها مثل الناس، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والعشاء في وقتها، والمغرب في وقتها، وهكذا شرع الله سبحانه لعباده.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (142). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 112 68 - مسألة في صلاة أهل الأعذار س: هل يجوز للمرأة أن تجمع بين صلاة العصر والظهر أو أنه لا يجوز؟ وهل يجب عليها أن تؤدي السنة قبل الصلاة (1)؟   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (168). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 112 ج: الرجل والمرأة في هذا الباب سواء، على كل منهما أن يصلي الصلاة لوقتها، فالظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، على الرجل والمرأة جميعا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت مواقيت، وقال عليه الصلاة والسلام: «الصلاة فيما بين هذين الوقتين (1)» فعلى المرأة أن تصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، ولا تجمع بينهما، وهكذا المغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، ولا تجمع بينهما كالرجل، وهكذا الفجر في وقتها إلا بعذر شرعي كالمسافر لا بأس أن يجمع بين الصلاتين، والمريض من الرجال والنساء لا بأس أن يجمع بين الصلاتين، وهكذا في المطر الذي يتأذى به المسلم لا بأس أن يجمع المصلون في المساجد عند وجود الأمطار والدحض في الطرق ما يحصل به الأذى، يشرع لهم الجمع بين المغرب والعشاء، وهكذا بين الظهر والعصر في أصح قولي العلماء تيسيرا من الله عز وجل لعباده، ورحمة لعباده، وهو سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته، وهكذا المرأة إذا كانت مستحاضة كما في حديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لها في تأخير الظهر وتعجيل العصر والجمع بينهما، تأخير المغرب وتعجيل العشاء والجمع بينهما من أجل   (1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (10856)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، على النبي صلى الله عليه وسلم برقم (149). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 113 استحاضتها، من أجل استمرار الدم معها. فهذا عذر أيضا، أما امرأة سليمة معافاة ليست مسافرة فليس لها أن تجمع، وهكذا الرجل ليس له أن يجمع إلا بعذر شرعي. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 114 69 - حكم الجمع بين الصلاتين للسائق س: السائل: أ. أ. م. من جمهورية مصر العربية، يقول السائل: عملي سائق، وفي بعض الأوقات أجمع الصلاتين الظهر والعصر، وهذا لكوني مجبرا بذلك، لأني أعمل ثماني ساعات أو عشرا يوميا، فهل يجوز ذلك (1)؟ ج: ليس لك الجمع وأنت مقيم، بل عليك أن تصلي مع الناس كل صلاة في وقتها، أما إذا كنت مسافرا في طريق إلى بلد من البلدان فلك الجمع مثل غيرك من المسافرين، أما ما دمت في البلد بين بيتك وبين محل العمل فليس لك أن تجمع بل عليك أن تصلي مع الناس، وليس لك أن تطيع غيرك في معصية الله، بل تصلي مع الناس الظهر في جماعة، والعصر في جماعة ولا تجمع، وهكذا المغرب والعشاء، إذا كان العمل في الليل تصلي مع الناس، وهكذا أصحابك عليهم أن يصلوا في الجماعة، ولا يجوز أن يصلوا جمعا.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (273). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 114 70 - حكم جمع وقصر الصلاة للمريض س: هل يجوز للمريض أن يقصر الصلاة ويجمعها (1)؟ ج: المريض ليس له قصر الصلاة، إنما هو في حق المسافر خاصة، أما المريض فلا يقصر لكن له أن يجمع الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، يصلي الظهر أربعا، والعصر أربعا جمعا، يصلي المغرب ثلاثا والعشاء أربعا جمعا، وليس له القصر، القصر من خصائص السفر.   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (386). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 115 س: من بريدة يقول السائل: هل للمريض أن يجمع في الصلاة، وإن كان كذلك فهل الذي انكسرت رجله وجبست له أن يجمع في الصلاة؟ أفتونا مأجورين (1) ج: نعم، المريض له أن يجمع بين الصلاتين، والمجبس مريض له أن يجمع - ولا حرج - بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وإن لم يشق عليه صلى كل واحدة لوحدها، والحمد لله.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (367). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 115 س: عندي والد كبير السن، ويجمع صلاة المغرب وصلاة العشاء، يصلي المغرب ثم العشاء، وإذا نصحته قال: إنه لا يستطيع أن يبقى على الوضوء، ولا يستطيع أن يقوم في وقت العشاء، فما رأيكم؟ الجزء: 13 ¦ الصفحة: 115 جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان والدك عاجزا عن الصلاة في وقتها فلا بأس أن يجمع بين الصلاتين، كالمريض وكالشيخ الكبير العاجز الذي حكمه حكم المريض إذا احتاج إلى الجمع فلا بأس، أما إن كان يستطيع أن يقوم العشاء في وقتها والمغرب في وقتها من دون مشقة كبيرة فإنه لا يجمع، وإذا استطاع أن يصلي مع الناس في المساجد وجب عليه أن يصلي مع الناس في المساجد، أما إن كان عاجزا لا يستطيع الصلاة في المسجد ولا يستطيع الصلاة في الوقت الثاني - يعني العشاء - فإن يجمع ولا حرج في ذلك كما يجمع المريض والمسافر.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (132). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 116 س: طلب مني والدي أن أبعث إليكم بهذا السؤال ذلك بأنه يجمع الصلوات، فمثلا يصلي المغرب والعشاء في وقت واحد، فهو يصعب عليه أن يصليها في وقتها، لأنه ضخم الجسم حيث يبلغ وزنه مائتين وعشرين كيلو، وهو يقول: عندما أقف على أقدامي فهي تؤلمني كثيرا، فبماذا تنصحونه؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2). ويقول النبي صلى الله   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (118). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 116 عليه وسلم لما اشتكى إليه بعض المرضى: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (1)» فإذا كان لا يستطيع القيام يصلي قاعدا، ويصلي كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها والعشاء في وقتها، ومجرد كونه عاجزا عن القيام لا يجعله يجمع بين الصلاتين، أما إذا كان معه مرض يشق عليه تفريق الصلاتين وصلاة كل واحدة في وقتها لمرضه وآلامه هذا شيء آخر، المريض له أن يجمع إذا كان مريضا يتألم بقيام كل واحدة لوجود أمراض معه من حمى أو غيرها من الأمراض التي يحصل بها مشقة عليه بإفراد كل صلاة في وقتها فلا بأس، قد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة أن تجمع لأن معها نوع مرض، فالمرض الذي معه آلام حمى أو غيرها له أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، أما الفجر فتصلى في وقتها، ولا تجمع إلى غيرها لا قبلها ولا بعدها، وعليه مع ذلك أن يلاحظ قيامه في الصلاة ولو خفيفا، يقرأ الفاتحة وما تيسر معها ولو قليلا وهو قائم، لأنه مأمور بالقيام فإن عجز وشق عليه ذلك صلى قاعدا، والحمد لله.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) بدون ذكر " فإن لم تستطع فمستلقيا ". الجزء: 13 ¦ الصفحة: 117 س: السائل س. امرأة كبيرة في السن لا تضبط نفسها من حيث الطهارة، هل لها الجمع بين الصلوات (1)؟   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (268). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 117 ج: نعم، لا بأس أن تجمع كالمريض لأنها مريضة، فلا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 118 71 - حكم الصلاة في البيوت حال المطر س: م. د. ع. ي، يسأل سماحتكم عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا في رحالكم (1)» متى يصلي الإنسان في رحاله؟ وهل هذا القول منسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم (2)؟ ج: نعم، هذا صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أوقات المطر والدحض، يقول المؤذن: صلوا في رحالكم. عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح. يقول: صلوا في رحالكم، صلوا في بيوتكم، أو بعد الأذان: صلوا في بيوتكم. إذا هناك مشقة على الناس من جهة المطر أو الزلق في الأسواق، هكذا فعله ابن عباس رضي الله عنهما في الطائف، أمر المنادي أن ينادي، وأخبر أن النبي فعل ذلك عليه الصلاة والسلام، هذا من باب الرحمة بالمسلمين والشفقة عليهم.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (632)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الصلاة في الرحال في المطر، برقم (697). (2) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (306). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 118 72 - حكم الجمع بين الصلاتين في المطر س: رسالة من المستمع س. ف. غ، من الأحساء من العيون: أخونا يناقش في قضية فيقول فيها: سماحة الشيخ، أرجو إجابتي على هذا السؤال: هل يجوز الجمع بين الظهر والعصر في أوقات نزول الأمطار أو اشتداد البرد القارص الذي يؤثر على كبار السن؟ لاحظنا في الشتاء وفي بعض المساجد أنها تجمع بين الظهر والعصر، وبعضها لا يجمع إلا بين المغرب والعشاء، وهل هذا ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أما ما بين الظهر والعصر فالبعض يقول: فيه رخصة. والبعض الآخر يقول بعدم الجمع أولى. نريد الإجابة الشافية في هذا الموضوع. جزاكم الله خيرا (1) ج: يجوز الجمع في الصحيح من قولي العلماء بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في السفر أو في المرض أو في المطر، كل هذا جائز، وفي الحديث الصحيح «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر (2)» وفي لفظ آخر: «من غير خوف ولا مطر (3)» فدل ذلك على أن الجمع من المطر أمر   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (326). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 119 معلوم ولا حرج فيه، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم ترك الجمع لغير عذر كان يصلي كل صلاة في وقتها، فاستقرت الشريعة على أن الصلاة في وقتها، وأنه لا جمع إلا من عذر، ولهذا علمهم الرسول صلى الله عليه وسلم الأوقات حتى يصلوا الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، لكن إذا عرض عارض الإنسان من مطر يشق عليه الذهاب إلى المسجد فيجمع الإمام بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في الأصح، وبعض أهل العلم أجازه بين المغرب والعشاء، ولم يجزه بين الظهر والعصر، والصواب جوازه فيهما جميعا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، للمرض أو للسفر أو للمطر، إذا نزل مطر واشتد على الناس يشق عليهم، أو دخلوا في الأسواق يشق عليهم السير فيها. والصواب أنه لا حرج في الجمع. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 120 س: في مساء أحد الأيام كنت في مجلس عند رجل، وقد اجتمع ما يزيد على خمسة عشر رجلا لوجود عرس عنده، وكل واحد منا ينوي يسهر يتعلل في هذا المكان، كانت السماء تمطر مطرا متقطعا ليس مستمرا أو وسطا، لا هو بالشديد الغزير ولا هو بالخفيف، وحالة الطقس متوسطة البرودة، وعندما جاءت صلاة المغرب صليناها جماعة في نفس المكان، فقال بعضهم: يجب أن نجمع صلاة العشاء مع المغرب؛ لأن السماء تمطر والطقس بارد علما أننا سنمكث إلى ما بعد صلاة الجزء: 13 ¦ الصفحة: 120 العشاء، فهل يجوز الجمع والناس في أماكنهم أم لا؟ وفقكم الله (1) ج: إذا كان الواقع كما ذكر فلا مانع من الجمع لأنه عذر، وإن صلوا المغرب وحدها وتركوا العشاء لوحدها فلا بأس، المقصود ما دامت السماء تمطر والطقس كما قال شديد البرودة، فبكل حال فالمطر عذر مطلقا ما دام متصلا وليس بخفيف، بل يبل الثياب ويؤذي من يخرج من بيته إلى الطرقات، فهذا عذر شرعي بالجمع بين الصلاتين حتى ولو كانوا في مكانهم؛ لأن الرخصة تعمهم. وإن أجلوا العشاء في وقتها فحسن.   (1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (38). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 121 س: ما حكم جمع صلاة الظهر والعصر في حال المطر (1)؟ ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، هل يجمع بين الظهر والعصر في حال المطر والدحض أم لا؟ على قولين. والصواب أنه لا بأس كالمغرب والعشاء، فلا بأس أن يجمع الإمام بالناس في الظهر والعصر من أجل المطر الذي يؤذيهم أو الدحض في الأسواق والزلق في الأسواق؛ لأن الله جل وعلا يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} (2). ويقول سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (3). «والنبي صلى الله عليه   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (227). (2) سورة البقرة الآية 185 (3) سورة الحج الآية 78 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 121 وسلم جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر (1)» وفي رواية: «من غير خوف ولا سفر (2)» فدل ذلك على أن المطر مما يسوغ الجمع، وهكذا آثاره من الدحض في الأسواق والطين في الأسواق مما يتأذى به المصلون، هو عذر شرعي أيضا.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 122 73 - حكم جمع الظهر والعصر من أجل العمل س: أنا عندي عمل مجبرة عليه، أذهب في الثانية والنصف بعد الظهر حتى الساعة الخامسة والنصف أو أكثر، والمسافة التي تقطعها السيارة حوالي اثني عشر كيلو ونصف تقريبا، وفي هذا الوقت تضيع مني صلاة العصر، فأضطر إلى جمعها مع الظهر، وذلك بأن أؤخر صلاة الظهر إلى زوال الشمس ثم أجمعها جمع تقديم بدون قصر، فهل علي إثم في هذا أم أن عملي صحيح؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا يجوز الجمع في هذه الحالة بل تصلي الصلاة في وقتها، العصر في وقتها، والظهر في وقتها، لأن هذا ليس بسفر، عليك أن تصلي العصر في وقتها، والظهر في وقتها؛ فإذا تقدمت للعمل قبل العصر فصلي في الطريق؛ انزلوا وصلوا في الطريق صلاة العصر، وإلا فتأخروا في الرحيل   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (338). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 122 إلى أن تصلوا صلاة العصر، الفريضة مقدمة على الأعمال، لا بد من التحري لما أوجب الله، فإما أن تنزلوا، تصلوا العصر، وإما أن تصلوا قبل السفر، ويكون السفر بعد دخول وقت العصر ليس بسفر الذهاب نعني بذلك. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 123 74 - بيان الضابط في الجمع والقصر عند نزول المطر س: ما هو الضابط في جمع الصلوات عند نزول الأمطار؟ وجهونا بذلك سماحة الشيخ (1) ج: الجمع رخصة عند نزول المطر وعند السفر كذلك، والله جل وعلا يحب أن تؤتى رخصه، فإذا نزل بالمسلمين مطر يشق عليهم معه أداء الصلوات في وقتها، العشاء مع المغرب، أو العصر مع الظهر فلا بأس أن يجمع كما يجمع في السفر، المسافر يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فهكذا المسلمون في القرى والأمصار إذا نزلت بهم الأمطار فصارت الأسواق فيها الدحض والزلق والسيول فإنهم يجمعون بين المغرب والعشاء جمع تقديم لئلا يشق عليهم الخروج للعشاء مع وجود المطر المتتابع، أو الزلق في الأسواق، والدحض والطين في الأسواق، والظهر والعصر في الجمع بينهما خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا حرج في الجمع بينهما عند وجود العذر الشرعي، جاز   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (379). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 123 الجمع كما جمع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر وفي الخوف والمرض، يجوز الجمع ولا بأس، والنبي صلى الله عليه وسلم حث الأمة على ما فيه الرفق وما فيه الخير لها، وقال: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته (1)» قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر (2)» وفي رواية: «من غير خوف ولا سفر (3)» قيل لابن عباس: ما أراد؟ قال لئلا يحرج أمته؟ (4) يعني لئلا تقع أمته في الحرج، فإذا كان هناك مطر أو خوف أو مرض جاء الحرج فلا بأس أن يجمعوا، والحديث هذا قال جماعة من أهل العلم: إنه منسوخ. ولكن الصواب أنه غير منسوخ لكنه محمول على أنه جمع لعذر شرعي. لأنه غير الخوف وغير المطر وغير السفر كالدحض، فإن الدحض عذر شرعي أيضا. إذا كانت الأسواق فيها زلق وطين حول المسجد ويؤذي بعض الجماعة فإن هذا عذر. لو أن بعض الجماعة ما عليهم مشقة لكن بقية الجماعة عليهم مشقة من الطين ومناقع الماء هذا عذر شرعي، وإذا ترك الجمع بين الظهر والعصر خروجا من الخلاف، وصبروا على بعض   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، برقم (5832). (2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (4) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 124 المشقة فهذا حسن إن شاء الله، لكن الدليل يقتضي الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء عند الحاجة والمشقة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 125 س: ما حكم جمع الصلوات جمع تقديم في المطر، وما الضابط في ذلك؟ مأجورين (1) ج: إذا كان المطر يشق على الناس ويكون فيه زلق وطين - دحض - يجمع جمع تقديم المغرب والعشاء، وهكذا الظهر والعصر على الصحيح، لو كانت الطرقات فيها مضرة على المصلين من شدة المطر فإنه يجمع أيضا على الصحيح جمع تقديم؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (2). وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجمع في الحضر من غير خوف ولا مطر ولا سفر، ثم ترك ذلك عليه الصلاة والسلام فصار الجمع إنما هو للعذر، وجمع الصحابة لعذر رضي الله عنهم وأرضاهم في الدحض والمطر.   (1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم (418). (2) سورة الحج الآية 78 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 125 س: أحد الإخوة المستمعين بعث رسالة يسأل فيها، فهو يقول فيها: عند هطول المطر وخاصة في المساء يؤذن لصلاة المغرب، وبعد تأدية الصلاة تقام صلاة العشاء جمعا، وذلك رأفة بالمصلين من أجل المطر، هل يجوز ذلك مع أن الوقت تغير عن الماضي وأصبح كل الجزء: 13 ¦ الصفحة: 125 شيء مجهزا لدى البعض مثل المواصلات وما أشبه ذلك (1)؟ ج: الجمع رخصة من الله، فإذا كان وقت المطر لا بأس بالجمع رخصة، يستحب الجمع من أجل الرحمة بالناس والتيسير عليهم، وعدم إلجائهم إلى التأذي بالخروج، ولو لم يجمعوا جاز للإنسان أن يصلي في بيته، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالصلاة في البيوت عند وجود المطر، قال: «صلوا في رحالكم (2)» فالحاصل أنه إذا صار في وقت مطر أو دحض في الأسواق أو زلق أو طين فإن السنة الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ومن لم يجمع أو شق عليه الخروج فله الصلاة في بيته، وهو عذر لترك الجماعة.   (1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (299). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (632)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الصلاة في الرحال في المطر، برقم (697). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 126 س: في إحدى المرات كنا عند بعض الجماعة فنزل المطر، وكان ذلك وقت صلاة المغرب، وبعد أن صلينا المغرب قال: أحدهم أقيموا صلاة العشاء. فجمعنا العشاء مع المغرب، ولم أكن أعرف شيئا عن ذلك، ولما سألته قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا نزل خير فاجمعوا. ولم أذكر بالضبط نص الحديث فهل صلاتنا صحيحة؟ وهل ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (171). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 126 ج: الجمع في المطر وفي المرض مشروع، وهو من الرخص التي جاء بها الإسلام. وأما الحديث الذي ذكره لك الشخص: إذا نزل خير فاجمعوا. فهذا لا نعلم له أصلا. ولا يعرف في السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه من عمل السلف الصالح الجمع في المطر، وهكذا دل الحديث على ذلك حيث قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إن النبي جمع صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء، والظهر والعصر في غير خوف ولا مطر ولا سفر (1)» فدل ذلك على أن الجمع للمطر أمر معلوم كما أن الجمع للسفر أمر معلوم، فإذا كان هناك مطر يشق على الناس أو دحض في الأسواق وزلق في الأسواق يشق على الناس شرع الجمع من باب التيسير على المسلمين والتسهيل عليهم. وقبول رخص الله سبحانه وتعالى، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته (2)» وهكذا المريض يجمع إذا وجدت المشقة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، برقم (5832). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 127 س: الأخ: ق. يقول: في وقت المطر في الليل متى تجمع صلاة العشاء والمغرب علما أن السكن في حي به إزفلت وإنارة (1)؟   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (169). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 127 ج: تجمع الصلاة في وقت المطر إذا كان هناك مشقة على الجماعة في الطرقات، ولو فيه إزفلت إذا كان فيه مشقة، لأن المطر يمطر، والطرق فيها الماء يؤذي المشاة، فإنه لا بأس بالجمع، بل يشرع لهم الجمع لما فيه من التيسير على الجماعة وعدم إخراجهم في وقت العشاء في وقت الأذان من الدحض والمطر، فأما إذا كان ما هناك مشقة تصلى المغرب وحدها، ولا يجمع العشاء معها، المعول على المشقة، فإذا كان هناك مشقة فالله جل وعلا دفع المشقة بجواز الجمع، أما إن كان المحل لا مشقة فيه ولا شيء عليهم لأن المطر هادئ واقف، والماء ذهب في الطرقات، وليس فيها شيء للمصلين فلا وجه للجمع، لكن ما دام المطر يمطر وهم في الصلاة فلا حرج أن يضم العشاء إلى المغرب دفعا للمشقة عن المصلين في الحارة. س: أخونا يذكر إنارة الشوارع وزفلتتها، لا أدري ما تعليقكم على هذا سماحة الشيخ؟ ج: النور والزفلتة لا يدفع المشقة إذا كان المطر موجودا، فإن الماء الذي يجري في الأسواق يشق على المصلين، والمطر الذي ينزل يشق على المصلين لخروجهم ورجوعهم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 128 75 - حكم قول المؤذن في المطر: صلوا في رحالكم س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الصلاة عند المطر، هل يقول المؤذن: صلوا في رحالكم، وهل يجمعون (1)؟ ج: إذا كان فيه مشقة وقال: صلوا في رحالكم. فلا بأس، وإن جمعوا فلا بأس في الظهر والعصر، والمغرب والعشاء إذا كان في المطر وفيه مشقة أو دحض في الأسواق، مشقة في الأسواق، كل هذا جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) السؤال الرابع والخمسون من الشريط رقم (431). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 129 76 - حكم إعادة صلاة العشاء لمن جمعها مع صلاة المغرب جمع تقديم من أجل المطر س: يقول هذا السائل: نحن نتعلم في المسجد في كل ليلة بين صلاة المغرب والعشاء، وأحيانا نجمع بين الصلاتين لأجل المطر، فإذا بقينا للدراسة بعد الجمع وقد أدركنا وقت صلاة العشاء هل نعيد الصلاة أم يكفينا ما صلينا مع الإمام (1)؟ ج: لا تعاد الصلاة، يكفيكم ما صليتم مع الإمام، وإذا جلستم للمذاكرة والتعلم ودراسة القرآن والعلم كله طيب، والصلاة مضت والحمد لله، صليتم مع الناس، لا تعيدوا شيئا، صلاتكم مع الناس كافية، والحمد لله.   (1) السؤال الستون من الشريط رقم (430). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 129 77 - حكم من صلى المغرب ثم انتقل إلى مسجد آخر ليجمع العشاء مع المغرب من أجل المطر س: إذا كان فيه مطر كثير، وصليت في مسجد لم يجمع، ولما خرجت سمعت الإقامة لصلاة العشاء، هل يجوز أن أجمع معهم (1)؟ ج: ينبغي ألا تجمع؛ لأنك فرقت بينهما تفريقا كثيرا بين المغرب والعشاء، صار الفصل طويلا، فينبغي أن تدع ذلك خروجا من خلاف العلماء، تصلي مع أصحابك العشاء إن شاء الله، ولا تصلي مع هؤلاء لأنك فرقت بينهما فرقا طويلا.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (382). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 130 78 - بيان كيفية صلاة الخوف س: أرجو أن توضحوا لي وتفيدوني عن صلاة الحرب الخاصة بالعسكريين المتواجدين في ساحة المعركة، هل أن العسكري يصلي دائما صلاة القصر، أو إذا استقر بعض الشيء عن ساحة المعركة يصلي صلاة الحضر مع بقية النوافل والسنن؟ وإذا كانت له الرغبة في ذلك فأيهما أفضل؟ وفقكم الله (1)؟ ج: صلاة الحرب مختلفة، إن كان مسافرا ليس في بلده فإنه يصلي صلاة   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (22). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 130 قصر، يصلي ثنتين، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين كسائر المسافرين، والسنة لهم أن يصلوها كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، يصلونها جماعة، والواجب أن يصلوها جماعة مع القدرة بإمام، فيصلي بهم ركعتين، وإذا كان العدو في القبلة يصلي بهم جميعا ويركع بهم جميعا، ثم يسجد بالصف الأول، ويبقى الصف الثاني يراقب لئلا يهجم العدو، فإذا قام الصف الأول من السجود سجد الصف الثاني كما فعله الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يتقدم الصف الأول ويتأخر الصف الثاني، ويصلي بهم جميعا ويركع بهم جميعا، ثم يسجد بالصف الأول الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى، ويقف الصف الثاني الذي هو مقدم في الأولى، يقف ينتظر وينظر ويحرس، فإذا قام الصف الأول من سجوده سجد الصف الثاني، ثم سلم بهم جميعا. هذا نوع من صلاة الخوف، وهناك أنواع أخرى في صلاة الخوف ينبغي أن يراعيها الإمام الذي يصلي بهم. ومنها أنه يصلي بهم، يصلي بطائفة ركعة، ثم تصلي لنفسها الركعة الثانية، وتسلم وتذهب للحراسة، وتأتي الطائفة الأخرى فتصلي معه الركعة الثانية، فإذا فرغ من السجود قامت وقضت ما عليها من الركعة، ثم سلم بها. هذا نوع آخر فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك أنواع أخرى تعرف في كتب أهل الحديث، مثل بلوغ المرام، ومثل منتقى الأخبار، ومثل صحيح البخاري، ومثل صحيح مسلم، ومثل السنن الأربع موضحة فيها أنواع صلاة الخوف، ويجوز أن الجزء: 13 ¦ الصفحة: 131 يصلي ركعة واحدة، هذا على قول المختار أيضا، ويجوز أن تصلي كل طائفة ركعة واحدة، أو يصلي بهم جميعا ركعة واحده فلا بأس، الحاصل أن صلاة الخوف أنواع معروفة، فينبغي للإمام أن يصلي بهم ما تيسر من الأنواع، التي يستطيعها، فإذا لم يستطيعوا صارت الحرب شديدة، والاختلاط بين العدو وخصمه، فإنهم يصلون رجالا وركبانا ولو بالإيماء، كل يصلي لنفسه مستقبل القبلة، وغير مستقبلها عند الضرورة كما قال الله جل وعلا: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (1). وأما إن كان الحرب في الحضر في بلد الإقامة فإنه يصلي أربعا كسائر المقيمين، ولا يصلي ثنتين، إنما هذا في السفر خاصة أما الذي يحارب في البلد فيصلي أربعا، ولا يصلي ثنتين، في السفر يصلي صلاة السفر ثنتين ثنتين، في الظهر والعصر والعشاء، لا يصلي أربعا، الأفضل أن يقصر الصلاة ثنتين ثنتين، هذا هو الأفضل في السفر، وهذا هو السنة، وفي السفر الأفضل ترك الرواتب، يصلي ثنتين فقط، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثنتين فقط، ولا معها الرواتب لا قبلها ولا بعدها في السفر، يعني إلا سنة الفجر، إذا استطاع صلاها في السفر، وهكذا الوتر إذا استطاع يوتر بركعة أو ثلاث ركعات أو أكثر من ذلك وترا في الليل بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا محل الوتر إذا صلى، إذا كان عنده فرصة في صلاة   (1) سورة البقرة الآية 239 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 132 الضحى، وإذا تهجد في الليل كله طيب، المعنى لا يتركه، يصلي التهجد بالليل إذا كان عنده فرصة، الضحى يصلى لا بأس ولو في السفر. س: في الحرب إذا كان في المعركة وهو على دبابته أو ما شابه ذلك على أي حال يصلي (1)؟ ج: يصلي على حاله بالإيماء إذا لم يقدر على غيره، وإن قدر أن يركع أو يسجد في محله الذي يصلي فيه فعل، وإلا صلى بالإيماء، وإن استقبل القبلة فالحمد لله، وإلا إلى أي جهة عند الضرورة.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (22). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 133 باب صلاة الجمعة 79 - بيان أول جمعة في الإسلام س: يسأل ويقول: أين أقيمت أول جمعة في الإسلام؟ ومن الذي خطب الخطبة فيها وصلى بالناس (1)؟ ج: أول جمعة في المدينة، وصلى بهم أسعد بن زرارة رضي الله عنه، وكان ذلك قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جمع الناس وصلى بهم في الخاضمات - موضع معروف في المدينة - وأول جمعة في غير المدينة بجواثى - قرية في مجمع البحرين - وهذا هو المعروف في السير وكتب الحديث، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وصار يقيمها في مسجده عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (200). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 134 80 - حكم ترك الجمعة لعدم وجود جامع بجواره س: يقول السائل: في قريتنا لا يوجد جامع، وفي إحدى القرى المجاورة لها جامع، وأهل قريتنا لا يذهبون ليصلوا صلاة الجمعة، ما حكمهم (1)؟ ج: يجب عليهم أن يصلوا مع إخوانهم في الجامع الثاني، وإن كان بعيدا عليهم وجب عليهم أن يصلوا في محلهم، أما تركها فلا يجوز، هذا منكر عظيم، نعوذ بالله من ذلك، بل تقدم ما يدل على أنه ردة ترك الصلاة بغير عذر شرعي، يقول صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها طبع على قلبه (3)» فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يصلي الجمعة، وأن يحافظ عليها إذا كان مقيما غير مسافر، وإذا كانت قريته ليس فيها جمعة لصغرها   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (234). (2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم (865). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي جعد الضمري رضي الله تعالى عنه، برقم (15072)، وأبو داود في كتاب الجمعة، باب التشديد في ترك الجمعة، برقم (1052)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر، برقم (500)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الجمعة من غير عذر، برقم (1125). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 136 وبجانبها قرية فيها جمعة صلى مع إخوانه في القرية الثانية، وإن كان فيه مشقة أقام الجمعة في محله في القريتين، هذه فيها جمعة، وهذه فيها جمعة، لكن إذا كانتا متقاربتين جدا كالقرية الواحدة صلوا جمعيا في مسجد واحد إذا كان المسجد يسعهم وإلا صلوا في مسجدين كما لو تباعدت القرى يصلي كل واحد في مسجده، ولا يصح لأهل القرية أن يهملوها، إما أن يصلوا وحدهم إذا كانوا بعيدين، وإما أن يصلوا مع إخوانهم الذين تقام عندهم الجمعة، ولا يجوز التساهل في هذا التهاون، بل يجب البدار بالصلاة مع إخوانهم الذين يصلون الجمعة، أو يجمعون جمعة عندهم، يسألون المحكمة عندهم أو المفتي إذا كان في بلادهم مفت حتى يوجههم للحكم الشرعي، وحتى يبين لهم ما يجب عليهم، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، وإن كان السائل في السعودية فلا مانع أن يكتب لنا حتى ننظر في الموضوع، حتى إذا كانتا القريتان متقاربتين وأمكن صلاتهم جميعا الحمد لله، وإلا كل قرية تقيم جمعة لوحدها. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 137 81 - حكم التخلف عن الجمعة بسبب صعوبة ظروف العمل س: الأخ يسأل ويقول: نحن نعمل بمنطقة جبلية، وليس بها مساجد، والمساجد القريبة منا يصعب الوصول إليها لظروف عملنا، ونحن جماعة قليلون، فكم عدد المصلين التي تصح بهم صلاة الجمعة (1)؟   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (161). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 137 ج: الواجب عليكم السعي للجمعة إذا كنتم تسمعون النداء وتستطيعون الإجابة على الأقدام أو بالسيارة؛ لأن الجمعة جامعة، تجمع أهل القرية، تجمع أهل المحل، فالواجب عليكم السعي إليها، والصلاة مع المسلمين في القرية التي أنتم فيها، وليس لكم الترخص، وأن تقيموا الجمعة وحدكم إلا إذا كانت المسافة بعيدة، فعليكم أن تستفتوا وتقدموا إلى دار الإفتاء إذا كنتم في المملكة، ودار الإفتاء تنظر الأمر وتكتب إلى المحكمة في طلبكم حتى تعرف الحقيقة، ثم تصدر الفتوى بذلك، لكن مهما أمكن المؤمن أن يسعى إلى الجمعة ويشارك إخوانه في الجمعة فهذا هو الخير العظيم، وله في خطواته أجر كبير، وحط السيئات، فينبغي لهم أن يشاركوا في الخير، وأن يحرصوا على الجمة ولو بعدت لكثرة الأجر، ولاجتماعهم بإخوانهم، وتكثير سوادهم، واطلاعهم على أحوالهم، وتعرفهم عليهم حتى يتعاون الجميع على البر والتقوى، ويتساعد الجميع على ما فيه الخير، فإذا كان هناك مشقة بينة فلا مانع من إرسال استفتاء إلى دار الإفتاء وهي تنظر في الأمر إن شاء الله. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 138 82 - حكم الذهاب إلى الجمعة مع بعد المسافة وصعوبة الطريق س: نحن نسكن بقرية لا يوجد فيها مسجد، فهل يجب علينا الذهاب إلى مسجد في قرية تبعد عنها مسافة اثنين كيلو متر لصلاة الجمعة؟ وهل تجب على من يجد صعوبة في الوصول إلى المسجد الموجود في الجزء: 13 ¦ الصفحة: 138 تلك القرية حيث إن الطريق جبل وعرة، فما حكم من يصليها ظهرا في منزله (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان المسجد بعيدا لا يسمعون النداء كما ذكره السائل ويشق عليهم الذهاب إلى المسجد لم يلزمهم ذلك، وعليهم أن يصلوا ظهرا في محلهم إن لم يتيسر لهم إقامة الجمعة، فإن تيسر لهم إقامة الجمعة أقاموها في قريتهم ولا حاجة إلى ذهابهم إلى القرية الأخرى، إذا كانوا ثلاثة أو أكثر وجب عليهم في أصح أقوال أهل العلم أن يقيموا الجمعة، وليس من شرطها أربعون على الصحيح، هذا القول ضعيف، فإذا وجد في القرية ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو عشرة أقاموا الجمعة، وخطب بهم أحدهم وصلى بهم. وخطب بما تيسر مما فيه عظة وذكرى للحاضرين والحمد لله. يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويتشهد الشهادتين، ويعظ إخوانه ويذكرهم لما تيسر، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب الثانية ويذكر إخوانه مثل ما فعل في الأولى، ثم يصلي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة كما هو معلوم، ولا يلزمهم الذهاب إلى المسجد البعيد، فإن الكيلوين فيهما بعد ومشقة ولا سيما إذا كانت الأرض فيها وعورة، فالمقصود أنهم يقيمون الجمعة في محلهم ويكفي، أما إذا تيسر لهم أن يذهبوا مع إخوانهم ويكثروا جمعهم ولا   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (72). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 139 مشقة عليهم فذهابهم مع إخوانهم هناك وصلاتهم معهم أفضل، كلما كان هناك وكلما تجمع المسلمون كان خيرا لهم وأفضل، ولكن ما يلزمهم والحال ما ذكر، فلهم أن يقيموا جمعة في محلهم، وأن يصلوا في محلهم، والحمد لله. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 140 83 - حكم صلاة الجمعة خارج المدن والقرى س: ما هو قولكم في صلاة الجمعة خارج القرية أو المدينة علما بأن الذين صلوا الجمعة خارج القرية أو المدينة كانوا قد خرجوا للنزهة أو ذهبوا إلى رحلة كما يقال، وقد جاؤوا بأدلة تثبت صلاة الجمعة خارج القرية، ونحن نعلم أن لصلاة الجمعة شروطا، فما هو قولكم (1)؟ ج: الواجب أن تصلي الجمعة مع المسلمين في المدن والقرى، أما صلاتها خارج البلد في أسفار النزه فلا، يصلون ظهرا لا جمعة، وإنما تصلى الجمعة في المدن والقرى خاصة، هكذا جاءت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولم يأمر البوادي التي حول المدينة ولا المسافرين أن يصلوا جمعة، وقد وافقت حجته صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في يوم عرفة ولم يصلها جمعة، صلى ظهرا عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (221). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 140 84 - حكم صلاة الجمعة في مسجد لا يقام فيه غيرها من الصلوات س: ما هو رأيكم في مسجد لا تقام فيه من الصلوات إلا صلاة الجمعة (1)؟ ج: إذا كانت الحاجة ماسة لذلك فلا حرج في ذلك، أما إن كان هناك مساجد تغني عنه تقام فيها الجمعة فلا حاجة إلى إقامتها فيه، أما إذا كانت بعيدة وجيران المسجد يحتاجون إلى إقامة الجمعة فيه فلا حرج في ذلك، وهذا يراجع قاضي محكمة البلد حتى ينظر في الأمر؛ لأن هذا مقام يحتاج له عناية، لماذا لا يصلي فيه إلا جمعة؟ فعلى السائل أن يراجع المحكمة في البلد أو يكتب إلينا في الموضوع حتى نكتب للمحكمة بذلك.   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (337). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 141 85 - حكم تكلف الذهاب للجمعة من مسافة بعيدة س: نحن في قرية بعيدة عن القرية الكبيرة بما يقرب من عشرين كيلو مترا، وأهل القرية لا يؤدون صلاة الجمعة، ولا نملك وسيلة نقل إلى القرية المجاورة لنا حتى إننا لا نستطيع إحضار ماء الشرب إلا بالكلفة، نرجو أن تفتونا في موضوعنا؟ جزاكم الله خيرا (1)؟ ج: عليكم أن تصلوا ظهرا. لأن المسافة طويلة، فلا يلزمكم الذهاب إلى   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (83). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 141 هناك والتكلف، ولكن ينبغي لأهل القرية التي أنتم فيها أن يقيموا صلاة الجمعة في قريتهم، ولو كانوا أقل من أربعين فليس شرط أربعين شرطا معتبرا على الصحيح، فعليهم أن يقيموا صلاة الجمعة، وأن يطلبوا من الجهة الدينية ومن جهة المحكمة تعيين الإمام الذي يصلي بهم، وفي إمكانهم الاتصال بإدارة الأوقاف حتى تؤمن لهم الإمام، فالحاصل أن الواجب على أهل القرية أن يصلوا جمعة ولو كانوا عشرة، ولو كانوا عشرين، حتى ولو كانوا ثلاثة على الأقل، أقل عدد تجب عليه الجمعة ثلاثة في أصح أقوال أهل العلم، فإذا كانوا في قرية مستوطنين وجبت عليهم الجمعة، ولا يجوز لهم أن يصلوا ظهرا والإمام بالإمكان تحصيله بواسطة الأوقاف الجهة المسؤولة، أو بواسطة المحكمة، أو بواسطة الأخيار الطيبين الذي يعرفون حالهم، فيمكن أن يتوجه إليهم بعض طلبة العلم حتى يصلي بهم، فالمقصود أن هذا واجب عليهم ليس لهم التساهل فيه، وأنت أيها السائل من جملتهم، إذا أقاموا الجمعة صليت معهم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 142 86 - حكم ترك المسجد القريب إلى مسجد آخر يوم الجمعة س: سماحة الشيخ، نفيدكم بأننا نذهب أنا وبعض الأشخاص يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة في مسجد جامع في قرى مجاورة بالرغم من وجود مسجد جامع لدينا وبه خطيب، فهل يجب أن يصلي الشخص في الجامع الموجود في قريته أم أنه يصلي الجمعة الجزء: 13 ¦ الصفحة: 142 في أي جامع آخر؟ والسلام عليكم (1) ج: لا حرج على المسلم أن يصلي في أي جامع لا سيما إذا كان الجامع الذي يقصده خطبة صاحبه أحسن وأنفع، أو صلاته أركد، أو جماعته أكثر، لا بأس إذا ترك المسجد الذي حوله لمصلحة شرعية، وإن صلاها في مسجد قربه فلا بأس - الحمد لله - لكن إذا ترك المسجد الأقرب لمصلحة شرعية من أجل كثرة الخطا أو من أجل أن خطيب ذاك المسجد أكثر فائدة أو صلاته أكمل أو لأسباب أخرى فلا بأس. أما إذا ترك المسجد القريب على وجه يشق على أهله تركه لهم أو يوجب أنهم يتهمونه بأنه غير راض عن الإمام، أو يتهم الإمام، ينبغي أن يدفع عن نفسه الشيء الذي يخشى منه، ينبغي أن يصلي مع هذا تارة ومع هذا تارة حتى لا تكون هناك شكوك وأوهام، إذا كان إمام المسجد الذي حوله طيب ولا شبهة فيه يصلي معهم بعض الأحيان حتى لا يظنوا به أنه ظن به السوء، أو أنه لا يصلح، المقصود إذا كانت صلاته في المسجد البعيد لا يترتب عليها شيء من المضار فلا بأس ولا سيما إذا كان تجاوز هذا المسجد قد يسبب ظنا بإمامه، وأنه ليس أهلا للإمامة فينبغي أن يصلي فيه بعض الأحيان حتى تزول هذه الشكوك.   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (378). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 143 87 - حكم الجمعة لمن ابتعد عن المدن والقرى س: الأخ: س. ع. مصري، يقول: نحن اثنان نعمل في مزرعة، وتبعد كثيرا عن المدينة، وليست لدينا سيارة، ولذلك فقد تأخرنا عن صلاة الجمعة لمدة أربعة أشهر، ما حكم ما فعلنا؟ (1) ج: ليس عليكم جمعة ما دمتم بعيدين عن المدن، ليس عليكم إلا الظهر، لأنكم في حكم المسافرين، أو في حكم غير المقيمين، فالحاصل أن الإنسان الذي يقيم في مزرعة بعيدة وليس مستوطنا فيها ليس عليه جمعة، لأنه عامل ليس بمستوطن، أما إذا أقام أهلها فيها مستوطنين فإنهم يقيمون الجمعة فيها، يصلون صلاة الجمعة فيها، أما العمال الذي يقيمون فيها للعمل ثم ينتقلون عنها فهؤلاء ليس عليهم جمعة، وإنما عليهم الظهر.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (187). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 144 88 - حكم صلاة المنفرد لوحده ظهرا يوم الجمعة لبعد الجامع عنه مسافة طويلة س: أنا أعمل في مزرعة، والمسافة بين المزرعة والمسجد ثمانية كيلو مترات، وعندما أذهب إلى صلاة الجمعة أذهب ماشيا على الأقدام وأرجع ماشيا، ولكن المشوار يؤثر علي في العمل، ولم أكمل في هذا اليوم عملي، لأني أحس بالتعب والإرهاق، هل علي ذنب في الجزء: 13 ¦ الصفحة: 144 هذا العمل أم أصلي في المزرعة خوفا من الله؛ لأني قصرت في عملي في هذا اليوم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فلا يلزمك الذهاب إلى المسجد الذي يبعد عن المزرعة هذه المسافة ثمانية كيلو، ولك أن تصلي في المزرعة ظهرا، وهكذا بقية الأوقات إذا كان ما حولك مسجد، وإذا كان جماعة صل مع الجماعة، ولا تصل وحدك، ولا تلزمك الصلاة في المسجد البعيد الذي ذكرت؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» وهذه المسافة لا يسمع معها النداء، أما سماعة بالمكبر فلا يترتب عليه الحكم، المقصود سماعه بالسمع المعتاد والصوت المعتاد والأذان المعتاد، أما المكبرات فقد تسمعها من بعيد فلا يتعلق الحكم بها.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (290). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 145 89 - حكم تخلف العامل عن صلاة الجمعة والجماعة وهو يسمع النداء س: مستمع رمز لاسمه بحروف: أ. ل. من جمهورية مصر العربية، يقول: أعمل في داخل المملكة في مزرعة، وأصلي كل أوقاتي في المزرعة، ولكن لا أصلي صلاة الجمعة في المسجد؛ لأني حينئذ الجزء: 13 ¦ الصفحة: 145 في العمل، وصاحب المزرعة لا يسمح لي بالخروج من المزرعة، والمسجد يبعد عني قرابة كيلو ونصف، فما هو توجيهكم (1)؟ ج: أما الجمعة فعليك أن تصلي صلاة الجمعة، ولا يجوز لصاحبك أن يمنعك من الجمعة إلا إذا كان هناك خطر على المال الذي أنت حارس له، فالحراسة عذر، أما إذا أمكن أن تصلي والعمل ليس هناك خطر على من تحت يديك فإنك يلزم أن تصلي جمعة، لأن المسافة المذكورة لا تمنع سماع النداء، وهكذا الصلوات الخمس، عليك أن تصلي مع الجماعة إلا إذا كنت حارسا على أموال تخاف عليها لو ذهبت، فأنت في حكم الحارس المعذور.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (348). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 146 90 - حكم إقامة الجمعة في المزارع س: يسأل السائل ويقول: نحن مجموعة عمال عددنا خمسة عشر عاملا، نعمل في الحراسة في المزارع أو الاستراحات، وليس حولنا جوامع تقيم الجمعة إلا بعيدا، ويوم الجمعة نعاني كثيرا حيث إن الجامع يبعد عنا مسافات طويلة يصعب علينا الذهاب إليه، فهل نقيم الجمعة في محلنا وعددنا كما ذكرت خمسة عشر؟ ويؤمنا ويخطب فينا أحد الإخوة ممن عندهم علم شرعي؟ (1)   (1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (419). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 146 ج: ليس لكم إقامة الجمعة بل تصلون ظهرا، وإن تيسر لكم الصلاة في الجوامع الموجودة فالحمد لله، وإلا صلوا ظهرا إذا كنتم إنما أقمتم للحراسة، لستم مستوطنين في محل سكن استيطان إنما إقامتكم مؤقتة للحراسة، فليس عليكم جمعة، عليكم أن تصلوا ظهرا إلا إذا تيسر لكم الذهاب إلى الجوامع، تصلون فيها ولو بعدت، صليتم معهم الجمعة، وإذا صبرتم وصليتم في الجوامع هذا خير لكم عظيم، نسأل الله لنا ولكم العون والتوفيق. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 147 س: نحن عشرة، ونعمل في مزرعة، ونبعد عن أقرب مسجد لنا حوالي أربعة كيلو مترات، فقام فرد فينا نحن العشرة وحضر خطبة الجمعة، وخطب فينا في نفس مكان العمل، هل ما فعلنا صحيح؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كنتم ساكنين في محل فلا بأس أن تقيموا صلاة الجمعة، لأنكم بعيدون عن الجوامع، أما إذا كنتم إنما تأتون للمزرعة لبعض الإصلاحات فليس لكم أن تصلوا الجمعة فيها، بل عليكم أن تسعوا إلى الجمع، فإن لم تسعوا صلوها ظهرا في محلكم، لأنكم بعيدون، وليس عليكم جمعة، وإن سعيتم وصليتم مع الناس فذلك أفضل لكم. وإن كنتم بعيدين فالسيارات - والحمد لله - توصلكم، المقصود أن المحل هذا إذا   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (301). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 147 كان فيه مستوطنون مقيمون شتاء وصيفا فإنه تقام بينهم الجمعة، وأنتم معهم تصلون الجمعة، أم إذا كان لا يقيم فيه أحد إنما فيه عمال غير مستوطنين، وأنتم تزورون المحل زيارة فقط فليس لكم أن تصلوا جمعة في المحل هذا، ولكن تصلون مع الناس الجمعة، وإن صادف يوم الجمعة وأنتم هناك وصليتم ظهرا فلا بأس للبعد. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 148 س: نعمل في مزرعة تبعد عن المدن بحوالي خمسة كيلو مترات، وعدد الرجال خمسة عشر رجلا، فهل يصلح لنا صلاة الجمعة أم لا؟ أنا أجيد الخطبة والحمد لله، وأجد معي من القرآن جزء عم وبعض الأحاديث الدينية وبعض الدعاء، نرجو إفادتنا هل نقيم جمعة أم لا (1)؟ ج: إذا كانت المزرعة يستوطنها أهلها، ويقيمون فيها صيفا وشتاء، وهم ثلاثة فأكثر وجب عليهم أن يقيموا الجمعة، ومن حضر صلى معهم، أما إذا كانت عارضة يقيمون فيها أياما أو مدة للزراعة، ثم يذهبون للبلد، وليست محل استيطان وليست محل إقامة فهذه لا تقام فيها الجمعة، لأنها ليست وطنا وليست محل استيطان، وهم بعيدون عن مسجد تقام فيه الجمعة وهم بعيدون عن الجمعة لبعدهم، فيصلون ظهرا، أما إذا كانوا مستوطنين يقيمون فيها شتاء وصيفا قد عمروا فيها مساكن واستقروا فيها   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (33). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 148 فيصلون الجمعة إذا كانوا ثلاثة فأكثر. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 149 91 - حكم صلاة حارس بوابة المزرعة للجمعة داخل غرفته س: السائل: ع. ف. ر. مصري الجنسية، يقول: أعمل في مزرعة بمدينة الرياض حارسا على بوابة، وقد طلب مني ألا أترك البوابة يوم الجمعة ما دام صاحب المزرعة موجودا، وأنا أصلي صلاة الجمعة داخل غرفتي المجاورة للبوابة مع العلم بأن المزرعة بها مسجد، ولكن سيغضب هذا الشخص صاحب هذه المزرعة عندما أذهب إلى المسجد البعيد، فهل يجوز لي أن أصلي داخل الغرفة (1)؟ ج: عليك أن تصلي ظهرا، لك عذر شرعي؛ لأن الحارس معذور، فيصلي ظهرا ولا يصلي جمعة، يصلي الظهر أربعا، ولا يصلي جمعة.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (379). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 149 92 - بيان الحكم فيمن ترك الجمعة لبعده عن الجوامع بسبب الرعي س: أنا راعي غنم، ولي سنة ونصف لم أصل الجمعة مع الجماعة لأنني في الصحراء وراعي غنم، وليس عندي ما يوصلني، ومقيم في رعاية الغنم، نرجو الإفادة (1) ج: ليس عليك جمعة، إذا كنت بعيدا عن البلد لا تسمع النداء في غنمك   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (256). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 149 في الصحراء فليس عليك جمعة، تصلي ظهرا، والحمد لله. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 150 93 - حكم صلاة الرعاة للجمعة س: إذا كنت راعيا للغنم، فهل تسقط عني صلاة الجمعة (1)؟ ج: إذا كنت بعيدا عن البلد لا تسمع الأذان بعيدا فإنك تصلي ظهرا، أما إذا كنت تسمع النداء قريبا من البلد فعليك أن تصلي الجمعة.   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (316). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 150 س: يقول السائل: أنا إنسان مشغول بالإبل والأغنام، وأكثر الأوقات لا أصلي الجمعة، فهل علي إثم مع العلم أن المسجد يبعد عني قرابة خمسة عشر كيلو مترا (1)؟ ج: هذا بعيد، أنت معذور، هذا بعيد، لكن إذا كنت قريبا تسمع النداء عند هدوء الأصوات وعند هدوء الرياح، تسمع النداء يلزمك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» أما البعيد مثل خمسة عشر كيلو أو عشرة كيلو أو أشبه ذلك هذا بعيد، صل مع من معك.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (362). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 150 94 - حكم تخلف الراعي عن صلاة الجمعة وهو يسمع النداء س: رسالة بعث بها أحد الإخوة يقول: أنا شاب عمري خمسة وعشرون عاما، أعمل راعيا للغنم، وبعيدا عن المدينة؛ ولذلك فإني لا أصلي صلاة الجمعة، فماذا يترتب علي؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كنت بعيدا لا تسمع الأذان لبعدك فإنه لا يلزمك الجمعة، وعليك صلاة الظهر فقط، أما إذا كنت قريبا تسمع النداء الأذان المعتاد فيلزمك إذا كان عند الغنم من يحفظها، أما إذا كنت تخشى عليها فلا يلزمك، وأنت معذور.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (443). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 151 س: يقول هذا السائل: أنا أعمل راعيا في البر، ولم أصل الجمعة حتى أعود إلى بلدي وذلك لمدة سنتين، ولا يوجد مسجد عندنا فما الحكم في ذلك؟ ج: إذا كان بعيد عن المساجد ولا يسمع النداء ما عليه من جمعة، إذا كان بعيدا في البر مع الإبل أو مع البقر أو مع الغنم راعيا ليس عليه جمعة، يصليها ظهرا، أما إذا كان في البلد يصلي مع الناس جمعة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 151 95 - حكم تخلف الابن عن صلاة الجمعة لانشغاله بالرعاية لوالديه الكبيرين س: الأخ: أ. ع. ع. من اليمن يقول: أنا شاب أدرس في الثانوية، ولدي الجزء: 13 ¦ الصفحة: 151 أب وأم، ويوجد لديهم غنم، يوم العطلة وهو يوم الجمعة أذهب لرعي الغنم، وذلك خارج إرادتي، فهل أرفض أمر أبي أمي وأذهب إلى صلاة الجمعة أم أبقى مع الغنم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: إذا كان والداك في حاجة إليك، والغنم في حاجة إليك، لا يوجد من يرعاها فلا مانع من مساعدة والدك وبره، وأن تذهب للرعي، ويكون عذرا لك في صلاة الجمعة، تصلي ظهرا إذا لم يكن هناك أحد يكفيك الرعي حتى تصلي الجمعة إذا كنت قريبا من مساجد الجمعة، أما إن كنت بعيدا، الغنم بعيدة عن مساجد الجمعة ما تسمع النداء، بعيدة، فليس عليك إلا الظهر، هذا من بر والديك، أما إن تيسر من يكفيك رعيها في وقت الصلاة وأنت قريب من الجوامع تسمع الأذان وتصلي الجمعة وترجع إليها، إذا وجدت من يكفيك من نساء ثقات، أو إنسان آخر يقوم بمقامك ليس عليه الجمعة كالمريض ونحوه فلا بأس بذلك أو صبي صغير ليس عليه جمعة تثق به في رعايتها فلا بأس، يلزمك أن تصلي الجمعة إذا كنت قريبا تسمع النداء، أما إذا كنت بعيدا فلا جمعة عليك، تصلي ظهرا والحمد لله، وتبر والديك وتساعدهما.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (193). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 152 96 - حكم طاعة العامل لصاحب العمل في التخلف عن الجمعة س: السائل: أ. أ. م. من جمهورية مصر العربية، يقول السائل: منعني الجزء: 13 ¦ الصفحة: 152 صاحب العمل من أداء صلاة الجمعة لكي أعمل وأواظب على الساعات الثمان، فماذا علي أن أفعل في ترك صلاة الجمعة (1)؟ ج: إن كنت حارسا وقت صلاة الجمعة فالحارس معفو عنه، أما أن تدع الجمعة لقول صاحبك فلا يجوز طاعته في المعصية، إنما الطاعة في المعروف، فالعمال يصلون الجمعة مع الناس، ثم يرجعون للعمل كما يصلون الأوقات الأخرى الخمس، على العامل والموظف أن يصلي الصلاة مع الجماعة في وقتها، ثم يرجع إلى عمله، إلا إذا كان حارسا على شيء، إذا خرجوا يحرس لئلا يؤخذ أو لئلا يفسد ما أمر بحراسته، فهذا الحارس له عذر، الحارس يصلي في مكانه لأنه معذور، أما إنسان ليس بحارس فعليه أن يصلي مع الناس في الجماعة، العامل وغير العامل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل (3)»   (1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (273). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها، برقم (1840). (3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3879). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 153 س: يقول السائل: أنا شاب في مكان عملي، وأثناء دوامي لا يسمح لي بالخروج من مكان العمل، وذهبت إلى صلاة الجمعة هل تصح (1)؟ ج: الأقرب - والله أعلم - أنه تصح صلاة الجمعة، لكن لا يجوز لك حتى تخبرهم بأنك لا تستطيع أن تترك الجمعة، فإما أن يسمحوا لك وإما أن يضعوا بدلك، لا تفرط في عملك إلا بإذنهم، لأن الحراسة أمرها عظيم، والخطر في تركها كبير في بعض الأحيان، فالواجب عليك أن تستأذن أو تعتذر، تقول: لا أوافق على هذا الأمر. فإن أذنوا لك صليت الجمعة وإلا فالزم الحراسة وصل في مكانك ظهرا.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (244). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 154 س: الأخ: ص. أ. ع. من اليمن، يسأل ويقول: أعمل في محطة بنزين تبعد عن المسجد ما يقرب من اثنين كيلو متر، ومنذ أن بدأت أعمل في هذه المحطة لم أصل صلاة الجمعة بل أبقى في المحطة خوفا عليها من الحريق أو من أي شيء آخر، ما رأيكم؟ هل أكون آثما في هذا العمل (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت حارسا عليها مأمورا بالحراسة لا يسمح لك فالمحاسب معذور كالحارس عند أبواب المكاتب وأبواب العمارات، والحارس في مواضع أخرى في مواضع يخشى عليها، الحارس معذور،   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (241). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 154 أما إن كان من اجتهادك فلا يجوز لك، بل تغلق الباب وتحفظ الأشياء التي يجب حفظها، وتذهب إلى الجمعة وإلى صلاة الجماعة، وهذا هو الواجب عليك إذا كان ليس هناك خطر، أما إذا كان هناك خطر وأن الحراسة لا بد منها فلا حرج عليك كما تقدم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 155 97 - حكم رفع اليدين عند التأمين على دعاء الخطيب يوم الجمعة س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، ما هو المشروع أثناء دعاء الخطيب في صلاة الجمعة، هل نؤمن على دعاء الإمام رافعين اليدين أم نؤمن على دعائه دون رفع اليدين (1)؟ ج: لا يرفع يديه ولا ترفعون أيديكم، التأمين بينك وبين نفسك، وهو يدعو ولا حاجة لرفع اليدين إلا في الاستسقاء، إذا كان يستغيث يرفع يديه، ويرفعون أيديهم. أما الدعاء العادي في الخطبة فلا يرفع يديه، لا يرفع هو ولا يرفع المأموم، لأن النبي ما كان يرفع في الخطبة خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (430). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 155 98 - حكم إصلاح مكبرات الصوت إذا تعطلت أثناء خطبة الجمعة س: يقول السائل: إذا تعطلت المايكروفونات يوم الجمعة والإمام الجزء: 13 ¦ الصفحة: 155 يخطب، فهل القيام بتصليحها يعتبر جائزا أم لا (1)؟ ج: هذا طيب ومناسب لا يضر إن شاء الله، تصليحها لا يضر لأنه في مصلحة المسلمين.   (1) السؤال الثالث والثلاثون الشريط رقم (432). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 156 99 - حكم الاقتداء بالمذياع في صلاة الجمعة س: هل يجوز أن أقتدي بما أسمع في المذياع عند نقل صلاة الجمعة (1)؟ ج: يلزمك أن تصلي مع الناس، تذهب إلى المساجد وتصلي مع الناس، ولا تكتفي بسماع المذياع بل عليك أن تسعى إلى المساجد وتصلي مع الناس، ولا تصح صلاتك بالمذياع صلاة الجمعة، ولا يحصل لك فضل الجماعة بل تعتبر صليت وحدك ولم تؤد الجماعة، ثم أيضا تكون مفردا ولا تجوز صلاة المنفرد خلف الصفوف، فالواجب عليك أن تسعى حتى تصلي مع الناس، وحتى تدخل في الصفوف، لا تكن لوحدك.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (22). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 156 100 - مسألة في اقتداء البعيد عن المسجد بالمذياع في صلاة الجمعة س: إنني أقطن بمنطقة نائية تبعد كثيرا عن المسجد، وذلكم يمنعني من صلاة الجمعة، فهل لي أن أصلي صلاة الجمعة في بيتي أثناء نقلها الجزء: 13 ¦ الصفحة: 156 مباشرة وسماعها من الراديو (1)؟ ج: إذا استطعت أن تحضر فعليك أن تحضر، إذا كنت تسمع النداء عند هدوء الأصوات فعليك أن تحضر، أو كنت في طرف البلد عليك أن تحضر مطلقا، ولو بعدت المسافة عليك أن تحضر الجمعة، أما إذا كنت بعيد خارج البلد لا تسمع النداء ويشق عليك الحضور فلا حرج عليك، تصلي ظهرا لا تصلي جمعة، عليك أن تصلي ظهرا أربع ركعات؛ لأن الجمعة تجب الصلاة في جماعة، أما الإنسان في بيته فيصلي ظهرا لمرضه أو بعده. وهكذا النساء يصلين ظهرا أربع ركعات، لا يصلين جمعة، المرأة تصلي في بيتها أربع ركعات في كل مكان، وهكذا الرجل المريض الذي ما يحضر الجمعة يصلي ظهرا أربع ركعات. وهكذا البعيد عن المساجد الذي لا يستطيع الحضور لبعده عن المساجد ولا يسمع صوت المؤذن هذا يصلي ظهرا أربع ركعات، لكن إذا تيسر لك ولو بالسيارة تحضر الخير لتشهد الجمعة هذا خير عظيم. أما إذا بعدت المسافة عنك ولو بالسيارة فلا يلزم إذا كنت بعيدا لا تسمع النداء عند هدوء الأصوات، فعدم سماعه بدون مكبر فلا يوجب الحضور إذا كنت بعيدا، لكن إذا تجشمت المشقة وصبرت وجئت هذا خير لك عظيم. سواء على رجليك أو بالسيارة أو بالدراجة، أنت على خير عظيم، لكن   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (349). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 157 لا يلزمك إذا كنت بعيدا، إنما يلزمك إذا كنت قريبا تسمع الصوت والنداء عند هدوء الأصوات، تسمعه إذا كانت الأصوات هادئة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1)» وفي الحديث الآخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، هل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (2)»   (1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 158 101 - حكم انعقاد صلاة الجمعة بثلاثة أشخاص س: هل تجوز الصلاة صلاة الجمعة لثلاثة أشخاص إذا كانوا في الصحراء أو متابعة ذلك على الراديو، وماذا يصلونها؟ مأجورين (1) ج: يصلون ظهرا ما داموا في الصحراء، وليس عليكم جمعة، أنتم في حكم المسافرين، إن كنتم مسافرين أو في حكم المسافرين كالبادية ليس عليكم جمعة، ولو كنتم غير مسافرين؛ لأن البادية ليس عليهم جمعة، يصلون ظهرا، والمسافر ليس عليه جمعة يصلي ظهرا.   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (372). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 158 102 - حكم من يتجشم حضور الجمعة من مسافة بعيدة س: هل يجب علينا أن نؤدي صلاة الجمعة ونحن نبعد عن المسجد خمسة وثلاثين كيلو ومعنا سيارة (1)؟ ج: هذا مكان بعيد لا يلزمكم فيه، لكن إن تحملتم المشقة وذهبتم إلى الجمعة فأنتم مأجورون، وإلا هذا محل بعيد لا يسمع فيه النداء ولو كان بالمكبر، قد لا يسمعونه حتى بالمكبر، لكن العبرة بالصوت المعتاد لا بالمكبر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2)» فإذا كان يسمع النداء في المكان بالأذان المعتاد بالصوت من دون المكبرات عند هدوء الأصوات وعدم الموانع يلزمه الذهاب إلى المسجد، أما إذا كان بعيدا لا يسمع النداء لو لم يكن هناك مكبرات فإنه لا يلزمه الحضور للبعد، لكن لو حضر وتجشم المشقة على دابة أو على السيارة كان أفضل.   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (231). (2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 159 103 - حكم من ترك الجمعة لوجود قبر في الجامع س: لقد انتقلت من القرية من أجل العمل في مكان صحراوي لمدة أشهر، وكان قرب هذا المكان يوجد قرية وبها مسجد وفيه قبر، الجزء: 13 ¦ الصفحة: 159 وفي بداية الأمر كنت أذهب لصلاة الجمعة إلى هذه القرية لأنها الوحيدة القريبة منا، ولكن عندما اتضح لي بأن المسجد به قبر تركت الصلاة، وطول مدة عملي في هذا المكان وأنا لا أصلي الجمعة علما بأن جميع الفروض أصليها كاملة، فهل علي ذنب لتركي الصلاة طول هذه المدة؟ وأعني صلاة الجمعة (1)؟ ج: ليس عليك بأس لأن المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، وعليك أن تعيد ما صليت في المسجد هذا الذي فيه القبر، عليك أن تعيد صلواتك، تعيدها ظهرا، وتصلي في محلك، وإذا تيسر بقربك جيران يصلون معك تصلون جماعة، فاحرص أن تجتمع مع جيرانك وأن تصلوا جماعة في بيت أحدكم، أو في مسجد تقيمونه سليم من القبور، وعليكم أن تنصحوا أصحاب المسجد، تجتمع أنت وأصحابك الطيبون بالمسؤولين عن المسجد حتى يزال القبر من المسجد، وحتى ينقل إلى القبور، ينبش وينقل إلى القبور، وحتى يبقى المسجد سليما من القبور، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان   (1) السؤال الثالث والثلاثون الشريط رقم (220). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (529). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 160 قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1)» فنهاهم عن اتخاذها مساجد، ورأى عمر أنسا أراد أن يصلي حول قبر، فقال له عمر رضي الله عنه: القبر القبر نبهه على أن هنا قبرا حتى لا يصلي حوله. المقصود أن الصلاة في المساجد التي فيها القبور، والصلاة بين القبور أو في المقبرة كلها باطلة، الواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك، وأن تكون المساجد سليمة من القبور، الواجب على العلماء أن ينبهوا الناس، الواجب على العلماء في كل مكان وفي كل دولة أن ينبهوا الناس على ذلك حتى تسلم المساجد من وجود القبور، وكل مسجد فيه قبر يجب نبش القبر وإبعاده عن المسجد إلا إذا كان المسجد بني عليه والقبور سابقة، فإنه يهدم وتبقى القبور على حالها، هذا هو الواجب على الأمراء والعلماء أن يعنوا بهذا الأمر، وألا يتساهلوا فيه؛ لأن هذا من الشعائر الظاهرة التي يجب العناية بها. نسأل الله للجميع الهداية.   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (532). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 161 104 - حكم ترك الجمعة لفترة طويلة بسبب العمل س: ما حكم الذي يترك الجمعة ثلاث مرات أو فترة كبيرة ولم يذهب علما بأني أشتغل حارسا في محل بعيد خارج عن المدينة، ولم يسمح لي صاحب العمل للذهاب من هذا المكان (1)؟ ج: الصلوات الخمس فرض على المسلمين، وهي عمود الإسلام كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت (2)» وصلاة الجمعة إحدى الخمس في يوم الجمعة، وهي فرض عظيم، وهي فرض الوقت، وقد جاء فيها نصوص خاصة، فتركها أعظم من ترك سواها من الصلوات، فالواجب على من تركها المبادرة بالتوبة إلى الله، والرجوع إليه سبحانه وتعالى، والندم على ما مضى، والعزم ألا يعود، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات - يعني عن تركهم الجمعات - أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (15). (2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (16). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 162 الغافلين (1)» وهذا وعيد عظيم لمن ترك الجمعة؛ لأنه من أسباب ختم القلب والطبع عليه، وأن يكون صاحبه من الغافلين، نعوذ بالله. وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات بغير عذر طبع على قلبه (2)» فالحاصل أن ترك الجمعة من أعظم أسباب الطبع على القلب والختم عليه. فيجب على المؤمن أن يبادر بالتوبة إذا ترك ذلك، والندم والإقلاع، والجمهور على أنه يقضي بدلها ظهرا، ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى أن تركها كفر وردة عن الإسلام. وهكذا بقية الصلوات من تركها حتى خرج الوقت - والعياذ بالله - كفر بذلك؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» فالأمر عظيم وخطير. فالواجب عليه البدار بالتوبة، والحذر من العودة إلى مثل ذلك والاستكثار من العمل الصالح لعل الله يتوب عليه سبحانه وتعالى، قال عز وجل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (4)   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم (865). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي جعد الضمري رضي الله تعالى عنه، برقم (15072)، وأبو داود في كتاب الجمعة، باب التشديد في ترك الجمعة، برقم (1052)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر، برقم (500)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الجمعة من غير عذر، برقم (1125). (3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621). (4) سورة طه الآية 82 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 163 وإذا قضى كما قال الجمهور قضاها ظهرا فلا بأس. ولكن لا يلزمه على الصحيح إذا كان كافرا أن يقضي، وإنما الواجب عليه التوبة، ومن ترك الصلاة عمدا كفر، فالواجب على من ترك ذلك أن يبادر بالتوبة، ولا يلزمه القضاء في أصح قولي العلماء. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 164 105 - حكم من تخلف عن ثلاث جمع لبعد الجامع س: إني تخلفت عن الجمعة أكثر من ثلاث جمع، وذلك لبعد الجامع عن قريتنا فأنا سوف أذهب إلى القرية الفلانية وآتي بصلاة الجمعة (1) ج: إذا صلى في إحدى القرى التي في الطريق أو حولهم فهذا طيب، إذا كان حولهم قرية يجب عليهم أن يصلوا فيها إذا كانت قريبه منهم، الأولى بكل حال أن يصلوا فيها. وهل يجوز؟ فيه نظر، لكن الأولى بكل حال أن يصلوا في القرية التي بقربهم. ويجوز للمسافر أن يؤخر الجمعة إلى صلاة العصر ويصليها ظهرا قصرا وجمعا مع العصر أو العكس، لأنه ما عليه جمعة، فإذا أخر صلاة الظهر مع العصر لا بأس؛ لأنه ليس عليه الجمعة في سفره ولو كان في يوم الجمعة، إن شاء جمع جمع تقديم، وإن شاء جمع جمع تأخير، لكن الأفضل للمسافر إذا ارتحل من مكانه في السفر   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (11). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 164 قبل الظهر أنه يؤخر الظهر مع العصر جمع تأخير، إذا ارتحل بعد دخول الوقت الأول - يعني بعد دخول وقت الظهر - الأفضل أن يقدم العصر مع الظهر ويصليهما جمع تقديم كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا كان نازلا مستريحا من الضحى مثلا ويبقى حتى تغيب الشمس أو يبيت في المحل - يعني ليس عنده العجلة - فهذا مخير، إن شاء صلى كل صلاة في وقتها، وهو أفضل إذا كان ما فيه مشقة، كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، هذا هو الأفضل، وإن جمع فلا بأس، إن جمع جمع تقديم أو جمع تأخير أو في وسط الوقت فلا باس؛ لأن المجموعتين وقتهما واحد. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 165 106 - حكم طاعة صاحب العمل في التخلف عن الجمعة س: ما حكم من ترك صلاة الجمعة مرة أو مرتين متواصلة بالرغم أنه غير راض، ولكن ذلك مغصوب بموافقة الكفيل بحجة العمل رغم أن الكفيل موجود بالمزرعة ومعه سيارة (1)؟ ج: ترك الجمعة لا يجوز، وصاحبها على خطر إذا تعمد تركها عند جمع من أهل العلم يراه كافرا إذا تعمد تركها، فالواجب الحذر، في الحديث الصحيح، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام عن ودعهم   (1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (355). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 165 الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين (1)» هذا من ترك ثلاث جمع من غير عذر طبع الله على قلبه، الحاصل يجب عليه الحذر، وأن يتوب إلى الله إذا تركها، وأن يقضيها ظهرا، ولا يجوز طاعة أحد لا رئيس العمل ولا غيره، يجب تقديم طاعة الله ورسوله إذا كان قريبا من المسجد حيث يسمع النداء، أما إذا كان في محل بعيد في الصحراء بعيد عن البلد يصلي ظهرا. ما دام قريبا من البلد يسمع النداء، يجب أن يصلي مع الناس الجمعة.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم (865). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 166 107 - حكم من بلغ سن التكليف ولم يصل الجمعة جهلا بوجوبها س: أفيدكم أنني أصلي من يوم بلغت، وإلى حد الآن لم أعرف ولم أصل صلاة الجمعة لأنني لا أعرفها، فماذا يكون؟ أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (1) ج: على السائل أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن ينيب إليه، وأن يبادر بصلاة الجمعة مع الناس، ونسأل الله أن يمن عليه بالعفو عما مضى، عليه البدار بالتوبة والإقلاع عما مضى من تركه للجمعة، وأن يحرص على حضورها كلما جاء وقتها مع المسلمين، ونسأل الله عز وجل أن يعفو عما سلف، وعليه التوبة الصادقة والندم على ما مضى منه، والعزم ألا يعود في ذلك.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (13). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 166 108 - توجيه لمن يتخذ يوم الجمعة وقتا للتنزه والفسحة س: سماحة الشيخ، الذين اتخذوا يوم الجمعة وقتا لتنزههم وفسحهم وتركهم هذا اليوم العظيم، هل من توجيه سماحة الشيخ (1)؟ ج: نعم، السنة للمؤمن ألا يترك الجمعة، ويحرص على حضورها وسماع الخطبة، ولا يفرح بالذهاب إلى النزهة، لأن هذا يفوت عليه خيرا كثيرا، فالأفضل للمؤمن أن يتحرى ويحرص على أدائها مع الناس وسماع الخطبة لما في هذا من الخير العظيم والفائدة الكبيرة.   (1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (386). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 167 109 - حكم المسافر إذا صلى الجمعة مع المقيمين س: صليت الجمعة وأنا مسافر، فهل ما فعلته صحيح، وإن لم يكن فماذا أفعل (1)؟ ج: نعم إذا صلى المسافر مع المقيم صلاة الجمعة أجزأته عن الظهر، والحمد لله.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (298). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 167 110 - بيان كيفية صلاة المسافر للظهر يوم الجمعة س: المسافر يوم الجمعة هل يصليها ظهرا أربع ركعات أو ركعتين (1)؟   (1) السؤال الثاني والعشرون الشريط رقم (399). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 167 ج: يصليها ظهرا، إذا سافر يصليها ظهرا ركعتين في السفر، إذا سافر قبل الزوال قبل الأذان الأخير يصليها في السفر ركعتين صلاة ظهر، النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع صلى يوم الجمعة ظهرا يوم عرفة، صلى الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، ما صلى الجمعة عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 168 111 - بيان المدة التي إذا أقامها المسافر لزمته الجمعة س: هل تسقط صلاة الجمعة عن المسافر؟ وهل هناك مدة محددة للسفر يكون المرء بعدها مقيما (1)؟ ج: المسافر لا تلزمه الجمعة، لكن إذا حضرها أجزأته، إذا مر بالبلد وصلى معهم أجزأته وإلا فلا تلزمه، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم الجمعة صلاة الظهر يوم عرفة، ولم يصل جمعة لأنه مسافر، صلاها ظهرا، كان يصلي في أسفاره ظهرا ولا يصلي جمعة. والمدة التي يمنع فيها الإنسان من القصر وتلزمه الجمعة أربعة أيام، فإذا نوى أكثر من أربعة أيام صلى جمعة وصلى تماما، فهذا الذي عليه جمهور أهل العلم. إذا دخل البلد ينوي الإقامة أكثر من أربعة أيام عازما عليها من أجل حاجة في البلد فإنه تلزمه الجمعة تبعا لغيره، ويلزمه أن   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (268). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 168 يصلي أربعا، أما إذا كانت النية أربعة أيام فأقل فإنه يصلي ركعتين، لكن يلزمه أن يصلي مع جماعة إذا كان ما عنده أحد، إذا كان وحده لا يصلي وحده، يصلي مع الناس جماعة لأن الجماعة واجبة، فيصلي مع إخوانه جماعة، ويصلي أربعا، لأن المسافر إذا صلى مع المقيمين صلى معهم أربعا، أما إذا كانوا جماعة من اثنين فأكثر فهم مخيرون إن شاؤوا صلوا وحدهم قصرا، وإن شاؤوا مع الجماعة أربعا. أما أولئك الذي يقولون: إن الشخص المسافر وإن أقام أكثر من أربعة أيام فإن قولهم مرجوح، وفيه خلاف بين العلماء، بعضهم يحدد بأحد عشر يوما، وبعض العلماء يحدد بتسعة عشر يوما، وبعضهم يحدد بأكثر من ذلك، وبعضهم لا يحدد. والأقرب والأظهر ما قاله الجمهور رحمة الله عليهم. الأكثرون من التحديد إذا نوى أكثر من أربعة أيام لأن الأصل في حق المقيم أن يصلي أربعا، هذا هو الأصل، والأصل في حق المسافر أن يصلي ثنتين، ومن أقام أكثر غلب عليه حكم الإقامة، ولأنه صلى الله عليه وسلم لما أقام في حجة الوداع أربعة أيام صلى ثنتين، فدل على أن الأربع لا تزيل السفر، لأنه قدم يوم الرابع من ذي الحجة ولم يزل يصلي ثنتين حتى توجه إلى منى وعرفات عليه الصلاة والسلام. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 169 112 - حكم السفر قبل صلاة الجمعة بقليل س: الأخ يسأل ويقول: لظروف عملي أسافر يوم الجمعة قبل أذان الظهر أو بعد الأذان، وأقوم بصلاة الظهر والعصر جمع تقديم وقصرا في نفس الوقت، هل هذا جائز؟ وهل يجوز لي التأخير علما بأن هذا يحدث في كل شهر مرة (1)؟ ج: إذا كان السفر قبل الأذان - أي قبل زوال الشمس - فلا حرج إن شاء الله، والأفضل لك عدم السفر حتى تصلي الجمعة، هذا هو الأفضل لك، لكن إن سافرت قبل دخول الوقت فلا حرج عليك في ذلك. ولا حرج في الجمع ما دام السفر سفر قصر كالسفر إلى الخرج أو مكة أو الحوطة أو غير ذلك، والمقصود مسافة ثمانين كيلو تقريبا، يعني: يوم وليلة للمطية سابقا، وهي الآن بالكيلو ثمانون كيلو، وما يقارب هذه المسافة تعد سفرا، لكن ينبغي لك يا أخي أن تحرص على حضور الجمعة لما فيها من الخير العظيم والفائدة الكبيرة، ولئلا تتخذ هذا عادة فيقسو القلب، ويقل الاعتناء بهذا الأمر، فأنصحك أن تجاهد نفسك حتى تصلي الجمعة ثم تسافر، لكن لا يلزمك ذلك إذا كان السفر قبل وقت الجمعة؛ يعني قبل الزوال.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (171). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 170 113 - حكم السفر لأداء صلاة الجمعة س: إني أعيش في البادية، وفي يوم الجمعة أسافر إلى أقرب قرية وأصلي الجمعة، وأعود إلى أهلي في آخر النهار، وفي أثناء الطريق يجيء وقت العصر، هل الأفضل أن أقصر العصر ركعتين أم أصلي أربعا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: لا يلزمك السفر إلى القرية حتى تصلي الجمعة، وإنما عليك أن تصليها في محلك أربعا، لكن إذا سافرت فلا بأس وصليت معهم الجمعة، أما كونك تصلي العصر في الطريق ركعتين هذا يحتاج إلى معرفة السفر، فإن كان ما بين محلك والقرية يعتبر مسافة قصر - يعني يعتبر مسافة يوم وليلة بالمطية - قدره ثمانون كيلو أو خمس وسبعون كيلو تقريبا فلا مانع أن تقصر، أما إذا كانت المسافة قريبة، ثلاثين كيلو، أربعين كيلو، عشرين كيلو تصلي أربعا، هذا ما يسمى سفرا.   (1) السؤال الثاني من الشريط رقم (295). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 171 114 - بيان كيفية صلاة من فاتته صلاة الجمعة س: إذا كان الإنسان في سفر في يوم الجمعة، وفاتته صلاة الجمعة وهو في الطريق في سفره، هل يصليها قصرا ركعتين أم أربعا ظهرا (1)؟   (1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (386). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 171 ج: يصليها ظهرا ركعتين إذا غادر البلد ضحى قبل الزوال، يصليها ركعتين ظهرا إذا كان مسافرا، لكن إذا زالت الشمس وهو موجود يصلي مع الناس الجمعة لا يخرج - يعني وجبت عليه - إلا إذا خاف فوات الرفقة فله عذر، المقصود أنه إذا حضرت الصلاة وزالت الشمس يصلي جمعة مع الناس ويسافر، أما لو خرج ضحى قبل الزوال فلا حرج عليه، ويصلي في الطريق ظهرا ركعتين. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 172 115 - حكم صلاة الجمعة للمسافر الذي لا يعرف مدة إقامته س: إنني في غير بلدي، ولا أعرف مدة الإقامة في هذا البلد، فهل تعتبر صلاة الجمعة واجبة علي، وهل أعتبر مسافرا أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1) ج: قد بين أهل العلم مقتضى ما دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الرجل إذا أقام في بلد وليس له نية معروفة لا يدري هل يقيم يوما أو يومين أو أربعا أو أكثر فإنه في حكم السفر وله القصر وله الجمع ولا تلزمه الجمعة وله حكم المسافرين، لكن إذا كان فردا ليس معه أحد فالواجب عليه أن يصلي مع الجماعة لوجوب الجماعة في الأوقات الخمسة، ويصلي معهم الجمعة من أجل وجوب الجماعة، أما إن كان   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (142). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 172 موجودا اثنان فأكثر فهم مخيرون، إن شاؤوا صلوا مع الجماعة وأتموا أربعا أو صلوا الجمعة وأجزأتهم، وإن شاؤوا صلوا ظهرا قصيرا، أما إذا أجمع الإقامة على مدة أكثر من أربعة أيام فإنه تلزمه الجمعة بغيره. ويتم الظهر والعصر والعشاء أربعا عند جمهور أهل العلم. وكذلك يصوم إذا صادف الصيام وليس له الفطر إذا كان أجمع الإقامة أكثر من أربعة أيام عند جمهور أهل العلم، وهو قول جيد، وفيه جمع بين الأقوال. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 173 116 - حكم البقاء في بلد أو عمل لا يستطيع معه إقامة الجمعة س: الأخ: ز. ع. ز. م. من اليمن الشمالي، رداع، يقول: إن عملي في الاتحاد السوفيتي ونظام العمل لا يسمح بصلاة الجمعة لأني أعمل حتى الساعة الثانية عصرا ولا أستطيع الخروج من العمل للصلاة، فماذا أعمل؟ أفيدوني أفادكم الله (1) ج: أولا الواجب عليك الخروج من هذه الدولة، لأن وجودك فيها خطير على دينك وأخلاقك، فالواجب عليك أن تغادرها وأن تذهب إلى بلاد المسلمين، إلى بلادك أو غيرها من بلاد المسلمين التي تستطيع فيها إظهار دينك وإقامة شعائر دينك، وأداء الصلاة في أوقاتها مع إخوانك، فالجلوس في بلاد الشيوعيين خطر عظيم، فالواجب عليك الحذر والبدار   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (129). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 173 بالخروج إلى بلاد المسلمين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين (1)» فنصيحتي لكل مسلم بين المشركين في أي بلاد سواء كان في بلاد شيوعية أو يهودية أو نصرانية أو غير ذلك أن يبتعد عن الخلطة مع المشركين والإقامة بين أظهرهم، إلا أن يكون من أهل علم ممن يدعوا إلى الله ويعلم الناس الخير، وتكون إقامته فيها مصلحة للمسلمين، ودعوة لهم إلى الخير مع كونه لا يخشى على نفسه في ذلك، فهذا خير عظيم. وله فضله - أي فضل الدعوة - وإلا فليحذر ولينتقل إلى إخوانه المسلمين، وليكن مع المسلمين في بلدانهم وقراهم حتى يشاركهم في الخير ويعينهم عليه، وعلى ترك الشر، أما ما دمت في الحال الذي قلت، ما دمت في هذا العمل وأنت لا تستطيع فالله جل وعلا لا يكلف نفسا إلا وسعها، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) فصل الظهر في محل عملك حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا، وتستطيع الخروج إلى الجمعة. أما إن كان المانع نقص الدراهم أو لأنه يخصم عليك بعض الشيء   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، برقم (2645)، والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، برقم (1604)، والنسائي بمعناه في كتاب القسامة، باب القود بغير حديدة، برقم (4780). (2) سورة التغابن الآية 16 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 174 هذا ليس بعذر، فعليك أن تخرج وتصلي الجمعة، ولو خصموا عليك بعض الدراهم، ولو خصموا عليك شيئا من الرواتب الأخرى، إذا كان لك رواتب أخرى غير المعاش فالحاصل أنه إذا كان المانع أنه يحصل لك نقص في المرتب أو في أمور دنياك فليس هذا بعذر، اخرج وصل صلاة الجمعة، وأبشر بالخير وبالخلف العظيم لما قد يحصل لك من النقص، ولا تتساهل في هذا الأمر من أجل المادة، أما إن كان عجزك من أجل القوة أنهم يمنعوك بالقوة فأنت معذور والحمد لله. وصل ظهرا واجتهد في الخروج من هذه البلدة إلى بلد تستطيع فيها إقامة دينك، والله المستعان. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 175 117 - بيان الأصح في العدد الكافي لإقامة الجمعة س: هل هناك عدد محدد لصلاة الجمعة، أم أنه يكفي الصلاة مهما كان عدد المصلين (1)؟ ج: في ذلك خلاف بين العلماء وأقوال، ولكن أصحها أنه يكفي الثلاثة فأكثر، إذا كان في البلد ثلاثة مستوطنين أحرار فأكثر صلوا الجمعة، فإن كانوا أقل صلوا الظهر، أما الواحد والاثنان فإنهم يصلون ظهرا، أما إذا كانوا ثلاثة أو أكثر مستوطنين فإنهم يصلون جمعة، ويعتبر الإمام واحدا والجماعة اثنين، وهكذا لو كانوا أربعة فأكثر، هذا هو المختار، وذهب   (1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (336). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 175 جماعة إلى أنه لا بد من أربعة، وآخرون يقولون: عشرة، وآخرون يقولون: أربعين، والصواب أنه يكفي الثلاثة، وهم أقل الجمع - والحمد لله - خطيب وهو الإمام، واثنان جماعة، إذا كانوا مستوطنين في البلد وهم أحرار. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 176 س: هل تصح صلاة الجمعة بأقل من اثني عشر رجلا (1)؟ ج: صلاة الجمعة في عددها خلاف كثير بين العلماء، وأرجح الأقوال ثلاثة، أقل الجماعة ثلاثة: الإمام، واثنان معه، إذا كانوا مستوطنين في قرية مقيمين بها تجب عليهم الجمعة فأكثر، أربعة، خمسة، عشرة، عشرين، أما القول بأنه لا بد من اثني عشر أو من أربعين فلا أصل له، ليس عليه دليل واضح، وأقل ما قيل في ذلك هو ثلاثة وأرجحها؛ لأنها أقل الجماعة بالنسبة إلى الجمعة.   (1) السؤال الثاني والثلاثون الشريط رقم (222). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 176 118 - بيان صحة صلاة الجمعة باثني عشر أو أقل س: الأخ: د. ع. ن. من سوريا بعث يقول: سمعت من أحد طلاب كلية الشريعة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خطب الجمعة في اثني عشر رجلا، هل هذا صحيح أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله (1)؟   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (183). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 176 ج: نعم، كان يخطب فجاءت عير من الشام، فانفتل الناس إليها فلم يبق إلا اثنا عشر رجلا، وهذا دليل على أنه يصح أن يخطب الإمام وليس معه إلا اثنا عشر، ويصح أيضا أن يصلي ولو كان الجماعة اثني عشر أو أقل، والصواب أن الجماعة تنعقد بثلاثة فأكثر إذا كانوا مقيمين مستوطنين في البلد أحرار بالغين فإنها تقام بهم الجمعة، أما من شرط اثني عشر أو الأربعين أو غير هذا فلا دليل عليه، والصواب أنها تقام بثلاثة فأكثر من المكلفين الأحرار المقيمين المستوطنين في البلد، والحديث المذكور من الدلائل على أن الجمعة تقام باثني عشر، ولا حرج في ذلك. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 177 119 - مسألة إقامة القرية للجمعة إذا كانوا اثني عشر فقط س: السائل: ي. س. ع. ج. من حضرموت، يسأل ويقول: يوجد في قريتنا مسجد يتسع لحوالي أربعين شخصا، وعدد سكان القرية لا يزيد عن اثني عشر شخصا؛ ولهذا نحن لا نصلي صلاة الجمعة في هذا المسجد وإنما نذهب إلى مسجد آخر يبعد عنا بضعة كيلو مترات، والسبب هو عدم توفر أربعين شخصا لقيام صلاة الجمعة، فهل يجوز قيام صلاة الجمعة بهذا العدد القليل وهو اثنا عشر شخصا؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (197). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 177 ج: نعم يجوز في أصح أقوال العلماء، ينبغي لكم أن تقيموا الجمعة في محلكم إذا كان عندكم إمام يصلح لذلك والحمد لله، إذا كان المسجد الذي يجمع فيه بعيدا عنكم وفيه مشقة يبعد عنكم عدة كيلو مترات تقيمون في قريتكم الجمعة والحمد لله. ولو كانوا خمسة، ولو ستة، أقل ذلك ثلاثة، إذا كانوا ثلاثة مستوطنين أحرار مقيمين في القرية جاز لهم أن يجمعوا ولو أنهم ثلاثة أو أربعة، أما اشتراط أربعين فليس بصحيح، قول ضعيف ومرجوح عند أهل العلم. فلا بأس ولا حرج عليكم أن تجمعوا في قريتكم، وإن كنتم اثني عشر أو أقل من ذلك ما لم تنقصوا عن ثلاثة، هذا هو الصواب. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 178 120 - حكم صلاة الستة للجمعة في قرية بعيدة عن الجامع س: نحن مجموعة من الأشخاص لا يزيد عددنا عن ستة، ويتعذر علينا حضور صلاة الجمعة، لأن أقرب جامع يبعد عنا خمسة وستين كيلو، فنضطر لصلاة الجمعة ظهرا، فهل علينا حرج في ذلك (1)؟ ج: لا حرج عليكم في ذلك والحمد لله، ولكن لو صليتم جمعة صح ذلك في أصح قولي العلماء، لأن الجمعة تصح بثلاثة أو أكثر إذا كنتم مستوطنين مقيمين في قرية فإنكم من أهل الجمعة على الصحيح، ولو   (1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (209). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 178 كنتم ثلاثة بدلا من ستة الصحيح أنها تنعقد فيكم الجمعة وتصح الجمعة، فينبغي أن تقيموها في محلكم هذا إذا كنتم مقيمين مستوطنين في المحل إقامة تامة في بناء في بيوت، فصلوا جمعة، هذا هو الأرجح والأولى بكم، أما الماضي فصلاتكم صحيحة والحمد لله. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 179 س: يسأل المستمع ويقول: نحن في مكان يبعد عن المسجد بمقدار أربعة كيلو متر، ولا نسمع الأذان على الرغم أن هناك خطيبا يعيش معنا، فما الحد الأدنى لعدد المصلين لإتمام صلاة الجمعة (1)؟ ج: قد اختلف أهل العلم في العدد الذي تنعقد به الجمعة على أقوال، وأرجحها وأصوبها أن الثلاثة كافية، وأنهم تقام بهم الجمعة، وتلزم بهم الجمعة إذا كانوا مستوطنين أحرارا، فإذا كنتم ثلاثة أو عشرة أو أكثر أقيموا الجمعة لبعدكم عن مساجد الجمعة، المقصود أن الثلاثة فأكثر تقام بهم الجمعة إذا كانوا مستوطنين في المحل وكانوا أحرارا لا أرقاء فإنهم تقام بهم الجمعة، هذا هو أرجح ما قيل في ذلك لما في الجمعة من الخير العظيم، في إقامتها من الخير العظيم والمواعظ والتذكير.   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (417). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 179 س: هل تجوز صلاة الجمعة بأقل من أربعين مصليا (1)؟ ج: نعم، الصواب أنه لا يشترط أربعون لعدم الدليل، المشروط جماعة   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (297). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 179 ثلاث فأكثر، الشرط أن يكون جماعة ثلاثة فأكثر، هذا هو الصحيح، إذا كانوا مستوطنين في قرية وكانوا أحرارا فإنهم يصلون جمعة ولو كانوا أقل من أربعين. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 180 121 - حكم التخلف عن الجمعة للذهاب إلى السوق س: المستمع: ي، من اليمن يقول: أعيش في قرية صغيرة، ويوجد في هذه القرية جامع، وعدد سكان القرية قرابة العشرين رجلا إضافة إلى الأطفال، وعندنا سوق وموعده هو يوم الجمعة، ونضطر في هذا اليوم إلى الذهاب إلى السوق لشراء بعض الأغراض فلا يبقى في القرية إلا عشرة أشخاص أغلبهم صغار السن، فهل يجب على هذا العدد إقامة صلاة الجمعة علما أنه من الصعوبة أن نترك السوق لأنه وسيلة لشراء مستلزماتنا وبيع ما عندنا (1)؟ ج: إذا كان في القرية ثلاثة مكلفون مستوطنون تقام بهم الجمعة والحمد لله، والباقي تبع، أما إذا كان كلهم ما فيهم ثلاثة أو ما فيهم إلا واحد كبير أو اثنان فإنهم يصلون ظهرا، أما إذا كان فيهم ثلاثة فأكثر مكلفون بالغون مستوطنون أحرار فإنهم يصلون جمعة، والباقي من الصغار تبع لهم في ذلك، وإذا تيسر تغيير يوم السوق من يوم الجمعة إلى يوم آخر فهذا طيب لأنه   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (346). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 180 جمع بين مصلحتين، يتفرغون لهذا السوق ويصلون الجمعة كاملة جميعا، فإذا تيسر تغيير يوم السوق إلى يوم الخميس أو السبت فهذا أفضل. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 181 122 - حكم الجمعة للمقيمين في الثكنات العسكرية للتجنيد س: نحن هنا في التجنيد العسكري هناك اختلافات حول جواز صلاة الجمعة في الثكنة علما بأننا نحن المصلين عددنا حوالي أربعة وثلاثين شخصا، ونبعد عن المدينة بخمسة وعشرين كيلو مترا، ومدة التجنيد سنتان، هل علينا صلاة جمعة أم لا (1)؟ ج: نعم، إذا كنتم مواطنين مستقرين في محل فعليكم صلاة الجمعة في محلكم، تصلون الجمعة في محلكم، لأن المساجد عنكم بعيدة، فتصلون الجمعة، يكون عندكم خطيب وتصلون الجمعة جميعا، أما إذا كانت الإقامة سنتين وهم ليسوا مواطنين بل يرجعون إلى بلاد أخرى فهؤلاء يصلون ظهرا، لأنهم ليسوا مستقرين، يكون الحكم مثل حكم المسافر المقيم إقامة عارضة ما تجب عليهم الجمعة بأصلهم إلا إذا كان معهم مواطنون صلوا معهم الجمعة، أما إذا كانوا هم ليسوا مواطنين بل أقاموا في المحل هذا إقامة عارضة، ثم يرجعون إلى بلادهم فهؤلاء إذا أقيمت عندهم الجمعة صلوا مع المصلين الجمعة، وإن لم تقم عندهم الجمعة صلوا ظهرا.   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (175). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 181 123 - نصيحة للمقيمين في الثكنات العسكرية بشأن الجمعة س: سماحة الشيخ، هل هناك أفضلية تنصحون بها بالنسبة لمن يقيم إقامة مؤقتة (1)؟ ج: نعم ننصحهم بصلاة الجمعة إذا تيسرت مع المساجد التي تقيم الجمعة ولو بعدت، السيارات متيسرة والحمد لله، فإذا ذهبوا وصلوا الجمعة كان ذلك خيرا، كان ذلك خيرا لهم وأفضل وأبعد عن الريبة، أما الثكنة فلا يصلى فيها إلا ظهر. إلا إذا كان فيهم مواطنون ولو قليل ولو ثلاثة فأكثر صلوا الجمعة، أو كانوا هم ليسوا خارجين من البلد بل هم من أهل البلد، لكن لهم محل معين وإلا فهم من أهل البلد، فهم يعتبرون مواطنين، ولو كان محل سكنهم بعيدا عن الثكنة عشرة كيلو، خمسة كيلو، ستة كيلو، يجتمعون فيها من أجل العمل، فهذه الثكنة إذا أقاموا فيها صلاة الجمعة فقد أحسنوا، وإن سمح لهم بأن ينتقلوا إلى مسجد آخر يصلون فيه الجمعة فلا بأس.   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (175). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 182 124 - بيان الحكم فيمن يعمل بمكان ليس فيه من يقيم الجمعة س: الأخ: ح. م. ع. مقيم في جزيرة قبرص، يسأل ويقول: إنني وحيد في جزيرة قبرص ولم أجد مسلمين أصلي معهم، ولا يوجد أي الجزء: 13 ¦ الصفحة: 182 مسجد إلا أنني أسمع الأذان عن طريق إحدى الدول العربية بالراديو، وأصلي الجمعة خلف المذياع في إحدى الدول العربية، فهل صلاتي هذه تعتبر صلاة جماعة؟ وماذا أفعل إذا وأنا أتأخر في بعض أوقات الصلاة لأنه لا بد لي من الاغتسال خوفا أن يكون عملي الذي سبق وأن ذكرته لكم وهو في مصنع للحوم الخنازير، أخشى أن يكون في عملي هذا شيء من النجاسة فأغتسل قبل الصلاة، أرجو توجيهي حيال ما سألت، جزاكم الله خيرا (1) ج: لا شك أن صلاة الجمعة واجبة على المسلمين، ولكن ليس لك أن تصلي خلف المذياع، بل الواجب عليك أن تلتمس من المسلمين من يقيم صلاة الجمعة، وعليك أن تجتهد في ذلك، فإذا تيسر لك جماعة من المسلمين في أي مسجد من المساجد تصلي معهم الجمعة ولو اثنين، وتكون أنت الثالث؛ لأن الصحيح أن الجمعة تنعقد بثلاثة، فإذا كانوا مستوطنين مقيمين في بلد ليسوا مسافرين بل هم مقيمون مستوطنون فإنكم تصلون جميعا جمعة، وإذا كانوا أكثر من ثلاثة فأحسن وأحسن، وينبغي لك وأمثالك من الإخوان الطيبين أن يسعوا في هذا الأمر، وأن يجتهدوا في إقامة صلاة الجمعة وصلاة الجماعة في المساجد الموجودة، وأن تحرصوا على فتحها، لأنه بلغني أن هناك مساجد كثيرة مغلقة، فينبغي   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (170). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 183 لك أنت وإخوانك أن تسعوا حثيثا في فتح ما تيسر منها، وأن تقيموا صلاة الجمعة فيما تيسر منها، ولا تصل خلف مذياع، لكن إذا لم يتيسر لك أحد فإنك تصلي ظهرا، تصلي أربعا ظهرا بعد زوال الشمس ودخول الوقت، ولا تصل الجمعة إلا إذا كان معك اثنان أو أكثر من الناس المستوطنين في البلد، هكذا بين أهل العلم. ونسأل الله أن يجعلك مباركا وأن يعينك على أسباب الخير، وأن يجعلك مفتاحا للخير، أما الغسل فهو سنة مؤكدة يوم الجمعة لمن يصلي الجمعة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من جاء منكم الجمعة فليغتسل (1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم (2)» وأن يستاك ويتطيب، قال جمهور أهل العلم: معنى واجب يعني متأكدا، فيسن لك الغسل للجمعة إذا كنت تصلي الجمعة، أما صلاة الأوقات فلا يشرع لها الغسل، وإن كنت تعلم أن في ثوبك نجاسة أو بدنك نجاسة من لحم الخنزير ودم الخنزير أو من بول أو غير ذلك فاغسل المحل فقط، وليس عليك   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء، برقم (894)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب، برقم (844). (2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة وهل على الصبي شهود، برقم (879)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال، برقم (846). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 184 الغسل، عليك أن تغسل ما أصابه الدم أو النجاسة من الخنزير في يدك أو رجلك أو ثوبك، أما الغسل فلا يلزمك لكن يستحب لك الغسل للجمعة، ويجب عليك الغسل للجنابة، إذا جامعت زوجتك أو أنزلت منيا بشهوة فإنك تغتسل للجنابة، نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يمنحنا وإياك الفقه في الدين والثبات عليه، ونوصيك مرة أخرى بالحرص على جمع إخوانك والتعاون معهم وأن تصلوا جميعا الجمعة والجماعة، وأن تجتهدوا في فتح المساجد وتشجيع من حولها من المسلمين أن يصلوا فيها الجمعة والجماعة، كل مسجد حوله جماعة يصلون فيه جماعة، وإذا كانت الجمعة بعيدة عنهم صلوا جمعة أيضا، وإذا كانوا متقاربين اجتمعوا في واحد من المساجد وصلوا جمعة، ولا يتفرقون بل يصلون جميعا في مسجد واحد إلا إذا تباعدت المساجد والمحلات تباعدا كثيرا، فكل حي يصلون في حيهم جمعة إذا صار بعيدا عن الحي الآخر بما يشق معه الذهاب إلى الحي الآخر، والله المستعان. وقد أوصيناه بأنه يجب عليه ترك العمل في مصنع لحوم الخنزير، يقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (1) وليس له أن يعمل في مصنع للخنزير، وليس لأحد أن يساعد صناع ما حرم الله من صناعة الخمر أو بيع لحم الخنزير أو غير هذا مما حرم الله، ليس للمسلم أن يشاركهم في   (1) سورة الطلاق الآية 2 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 185 ذلك، ولا أن يعينهم في ذلك، لأن الله يقول: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1) والنبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها، وساقيها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وآكل ثمنها، لماذا؟ لأنهم تساعدوا على الباطل ولأنهم أعانوا أهل الشر، فلهذا لعنوا، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الحذر من الإعانة على ما حرم الله عملا بقوله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (2) فالذي يعين على بيع الخمر أو بيع الخنزير أو أكل لحم الخنزير أو شرب المسكر، أو يعين على أكل الربا أو يكتب الربا أو يشهد على الربا كلهم داخلون في اللعنة، نسأل الله العافية.   (1) سورة المائدة الآية 2 (2) سورة المائدة الآية 2 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 186 125 - حكم صلاة الجمعة قبل الوقت المحدد في تقويم أم القرى س: هل يجوز أن يصعد الخطيب المنبر يوم الجمعة قبل وقت الظهر الموضح في تقويم أم القرى مثلا، ويؤذن المؤذن له عندما يصعد (1)؟ ج: يجوز على الصحيح أن يصليها قبل الزوال الساعة الحادية عشرة - يعني قبيل الزوال - لا بأس، قد جاء في الأدلة ما يدل على جواز ذلك   (1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (184). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 186 لكن الأفضل يكون بعد الزوال، لأن أكثر أهل العلم يمنعون من فعلها قبل الزوال، ولأنه الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها بعد الزوال، فينبغي للمؤمن أن يحتاط لدينه وأن يبتعد عن مسائل الخلاف التي فيها شبهة، فإذا صلى بعد الزوال كان أولى، وإن صلى قبل الزوال في الساعة الحادية عشرة - يعني في الساعة الأخيرة قبل الزوال - فلا حرج في ذلك على الصحيح. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 187 126 - حكم إقامة الجمعة في مسجد المدرسة س: يقول الأخ: يوجد في إحدى القرى مدرسة داخلية للطلبة وبها مسجد تقام به الصلوات الخمس في فترات المدرسة، هل يجوز إقامة الجمعة في مثل هذا المسجد مع العلم بأن الدراسة سوف تتعطل في فترات الإجازات (1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان المسجد حوله مساجد أخرى تقام فيها الجمعة لا يجوز أن تقام فيه، بل على الطلبة وغيرهم أن يصلوا الجمعة مع الناس في الجوامع الموجودة، أما إذا كانت القرية ما فيها جامع قريب، الجوامع عنها بعيدة في القرى الأخرى فلهم أن يقيموها في هذا المسجد إذا كان حول المسجد أناس يقيمون، ولو أنهم ثلاثة فأكثر يكونون   (1) السؤال الثالث من الشريط رقم (190). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 187 مقيمين مستوطنين فلهم أن يصلوا الجمعة، ومن حضر معهم من الناس من طلبة وغيرهم، إلا إذا كان هناك مسجد قريب يسمعون النداء لا يشق عليهم الذهاب إليه وجب عليهم أن يذهبوا إلى المسجد القريب ويكفي، لكن متى كانت المساجد بعيدة التي تقام فيها الجمعة ويشق عليهم الذهاب إليها ولا يسمعون النداء - يعني النداء بغير المكبرات - النداء العادي عند خلو الأصوات وعدم وجود ما يمنع السماع فإنهم في هذه الحالة لهم أن يصلوا الجمعة في مسجدهم إذا كان المسجد حوله ناس مستوطنون، ثلاثة أو أكثر في أصح قولي العلماء، ولا يشترط أن يكونوا أربعين ولا اثني عشر، ليس على هذا دليل، بل متى وجد ثلاثة أو أربعة أو خمسة مستقيمون مستوطنون في البلد فإنهم يصلون الجمعة إذا كان ما حولهم جوامع بعيدة عنهم. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 188 127 - حكم صلاة الجمعة في مسجد فيه قبور س: الأخ: أ. ح. ع. من السودان يقول: يوجد بقريتنا مسجد واحد وعن شماله وخلفه قباب تشد إليها الرحال، ويطاف حولها ويستغاث بها، ما حكم الصلاة في هذا المسجد وخاصة صلاة الجمعة وهذا المسجد هو الوحيد في القرية؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (190). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 188 ج: هذا المسجد إذا كان على ما ذكرت ليس في الصلاة فيه بأس، لا حرج أن يصلى فيه الجمعة وغير الجمعة، وكون قبور هناك شماله وخلفه لا يمنع من ذلك، ولكن الواجب على أهل العلم وعلى أخيار القرية أن ينكروا على الناس عملهم مع القبور من الشرك بالله والاستعانة بأهلها ودعائهم من دون الله والطواف بها، كل هذا من المحرمات العظيمة بل من الشرك الأكبر، سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر من عمل الجاهلية، من عمل أبي جهل وأشباهه، وهكذا الطواف بالقبور يتقرب إليهم بالطواف، هذا من الشرك الأكبر، أما إن كان يظن أن الطواف بالقبور عبادة لله لا يتقرب بها إلى القبر فهو بدعة ومنكر، ومن وسائل الشرك، لأن الطواف إنما يكون بالبيت العتيق بالكعبة، الطواف بالقبور إذا كان لقصد التقرب إلى أهلها كان شركا أكبر، وإن كان القصد التقرب إلى الله، يظن أنها قربة هنا فهذا كله بدعة ومنكر وباطل، لأن الطواف من خصائص البيت العتيق، يقول سبحانه: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (1) المقصود أنه لا يجوز الطواف بالقبور وإنما الطواف يكون بالبيت العتيق كما قال الله سبحانه: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (2) والواجب على أهل العلم أينما   (1) سورة الحج الآية 29 (2) سورة الحج الآية 29 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 189 كانوا أن يعلموا الناس ويرشدوهم ولا سيما في السودان وفي غيرها من البلاد التي فيها القبور التي تعبد من دون الله، يجب على أهل العلم أن يعلموهم وأن ينكروا عليهم هذا الشرك العظيم. وهكذا المساجد التي تبنى على القبور لا تجوز بل يجب هدمها وإزالتها، القبور يجب أن تكون ضاحية شامسة ليس فوقها بناء، لا قبور ولا غيرها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» ولما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما عن كنائس في الحبشة وما فيها من الصور قال عليه الصلاة والسلام: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (2)» فأخبر أنهم شرار الخلق لأنهم بنوا على القبور، واتخذوا عليها الصور، وهذا من وسائل العبادة، من وسائل عبادتها من دون الله والشرك بها، فلهذا بين عليه الصلاة والسلام أنهم شرار الخلق، وصح عن جابر رضي الله عنه «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها (3)» رواه مسلم في الصحيح.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (529). (2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (528). (3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 190 فلا يجوز أن يبني على القبور لا مساجد ولا قباب ولا غيرها، ولا أن تجصص ولا أن تدعى من دون الله، ولا أن يستغاث بأهلها، بل يجب الحذر من ذلك، إنما تزار الزيارة الشرعية بالسلام على أهلها والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، فأما البناء عليها أو اتخاذ المساجد عليها أو القباب فهذا كله منكر ومن وسائل الشرك. وأما دعاءها والاستغاثة بأهلها وطلبهم المدد فهذا من الشرك الأكبر، إذا قال: يا فلان، يا سيدي فلان، المدد المدد، الغوث الغوث، هذا من الشرك الأكبر - نعوذ بالله - كما يفعل ذلك عند بعض القبور، كقبر البدوي والحسين في مصر، والشيخ عبد القادر في العراق وغيرها من القبور التي يعبدها الجهلة، فالواجب على أهل العلم أينما كانوا بيان هذا للناس وتحذيرهم من الشرك، والله أخذ على العلماء العهد والميثاق أن يبينوا للناس، وأن ينذروهم ويعلموهم، والواجب على العامة أن يسألوا وأن يتبصروا ويتفقهوا في الدين، ولا يغتروا بعادات الآباء والأجداد، الله سبحانه ذم المشركين لما احتجوا بآبائهم حيث قال الله عنهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (1) ذمهم على هذه الحال، والواجب على المسلم أن يتبصر في دينه ويتفقه في دينه، يتعلم، يتبصر، يسأل أهل العلم   (1) سورة الزخرف الآية 23 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 191 ولا يحتج بعادات الجاهلية، ولا بعادات الآباء والأجداد التي تخالف شرع الله سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 192 128 - حكم من أدرك الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة س: م. م. من السودان يقول: سماحة الشيخ، إذا دخلت المسجد ووجدت الإمام قائما وأدركت معه الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة فكيف أتم صلاتي (1)؟ ج: تأتي بالركعة الثانية، إذا أدركت ركعة من الجمعة وسلم الإمام تقوم وتأتي بالركعة الثانية - والحمد لله - وقد أجزأتك، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (2)» والواجب على كل مسلم أن يبادر إلى الجمعة قبل الأذان الأخير، لأن الأذان الذي بعده الخطبة، فالواجب أن يبادر حتى يسمع الخطبة ويحضر الصلاة، والله جل وعلا بين لعباده أن الواجب إذا نودي لصلاة الجمعة أن نذر البيع ونترك المشاغل، فالواجب على المؤمن أن يتحرى الوقت المناسب يوم الجمعة ويفرغ نفسه حتى يبكر إليها، يصلي   (1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (414). (2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 192 ما تيسر، يقرأ من القرآن ما تيسر، حتى إذا جاء الخطيب فإذا هو قد فرغ من صلاته وقراءته التي أراد، المقصود أن المشروع للمؤمن أن يبكر ويبادر إلى الجمعة، والذي يأتي إليها في أول الوقت كمهدي بدنة، والذي يليه كمهدي بقرة، والذي يليه كمهدي كبش، والذي يليه كمهدي دجاجة، والخامس كالمهدي بيضة، فالمشروع للمؤمن أن يبادر ويسارع قبل الأذان الآخر، حتى إذا أذن الأذان الأخير فإذا هو حاضر قد استعد لسماع الخطبة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 193 س: المستمع: ص. ق، بعث يسأل ويقول: ما حكم من دخل المسجد في الركعة الأخيرة في صلاة الجمعة ولم يدرك منها إلا الركوع، هل يتمها ظهرا أم جمعة؟ (1) ج: من أدرك الإمام في صلاة الجمعة في الركوع الثاني أتمها جمعة، لما جاء في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (2)» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3)» والصلاة   (1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (320). (2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). (3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (607). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 193 تدرك بالركوع، فإذا جاء والإمام راكع ركع معه، وإذا سلم الإمام قام فأتى بالركعة الثانية، وتسقط عنه الفاتحة، لأنه فاته القيام، فصلاته صحيحة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 194 129 - بيان ما تدرك به صلاة الجمعة س: رجل تأخر عن صلاة الجمعة فأدرك التشهد، ورجل تأخر عن صلاة الجمعة فأدرك الركعة الثانية، ما العمل في كلتا الحالتين، هل نتم الصلاة أربع ركعات أم ركعتين (1)؟ ج: الذي أدرك ركعة من الجمعة هذا قد أدركها، فليضف إليها أخرى بعد سلام الإمام، يأتي بركعة ثانية، ثم بعد التشهد والدعاء يسلم وقد تمت جمعته؛ لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3)» أما الذي أدرك التشهد فقط فهذا يصلي الجمعة ظهرا، فقد فاتته الجمعة، فإذا كان قد زالت الشمس صلى ظهرا، وأما إذا كان ما زالت الشمس فإنه لا يصلي إلا بعد زوال الشمس، لأن بعض الناس قد يصلي الجمعة قبل زوال الشمس يبكر، والذي ينبغي للخطباء والأئمة أن يتأخروا حتى   (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (215). (2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). (3) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 194 تزول الشمس، لأن الجمهور من أهل العلم يرون أنها لا تجزئ إلا بعد الزوال كالظهر، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تجزئ قبل الزوال، لأدلة وردت في ذلك، لكن الأحوط للمؤمن أن يتأخر حتى يصليها بعد الزوال خروجا من الخلاف، فإذا جاء المتأخر وأدرك الإمام في التشهد وقد زالت الشمس فإنه يصلي أربعا، إذا سلم الإمام يقوم يصلي أربعا بنية الظهر، أما إذا كان ما زالت الشمس فإنه يصلي ركعتين نافلة، ويصلي الظهر بعد ذلك في بيته أو في المسجد أو في أي مكان. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 195 س: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يسأل ويقول: ماذا يفعل من دخل المسجد يوم الجمعة ووجد المصلين في التشهد، هل يدخل في الجماعة ويكمل في الصلاة ركعتين أم يصليها أربعا (1)؟ ج: إذا دخل يوم الجمعة والناس في التشهد فإنه يصلي أربعا ظهرا، لأنه فاتته الجمعة لأنها لا تدرك إلا بركعة، فإذا كان الإمام قد ركع الركوع الثاني ولم يدركهم الداخل إلا في السجود أو في التشهد فإنه يصلي ظهرا أربعا إذا كانت الشمس قد زالت، إذا كان الإمام قد صلاها في الوقت بعد الزوال، أما إذا كان صلاها قبل الزوال فإنه يصلي الظهر بعد الزوال، يتأخر لا يعجل، فإن صلى ركعتين عند دخوله نواها تحية المسجد فلا   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (170). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 195 بأس، يدخل معهم ويصلي ركعتين بنية تحية المسجد إذا كانت الصلاة التي أقامها الإمام قبل الزوال، لأن بعض الأئمة يبكر بالجمعة، والمشروع أن يكون بعد الزوال، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على جوازها قبل الزوال، ولهذا ذهب إليه بعض أهل العلم، لكن المشروع والأفضل والأحوط للمؤمن أن يصليها بعد الزوال كما قاله جمهور أهل العلم ليخرج من الخلاف، وليؤدي الجمعة بيقين، فإذا أدرك الإمام وهو في التشهد وهو بعد الزوال في وقت الظهر فإنه يصلي أربعا، يدخل معهم فإذا سلم الإمام قام وصلى أربعا بنية الظهر؛ لأن الجمعة لا تدرك إلا بركعة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 196 س: إذا لحق المصلي التشهد في صلاة الجمعة هل تكون صلاته تامة - بمعنى أنه أدرك صلاة الجمعة - أم ينويها ظهرا ويصليها أربع ركعات؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1) ج: الجمعة لا تدرك إلا بركعة، فمن لمن يدرك ركعة منها صلى ظهرا، لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (2)» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3)» فإذا كان   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (168). (2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). (3) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 196 مجيئه إلى الجمعة بعد الركوع الثاني بأن أدركه في السجود الأخير أو في التشهد فإنه يأتي بأربع، يصلي ظهرا، ينويها ظهرا، ولا تجزئه الجمعة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 197 س: يقول السائل: إذا دخلت المسجد يوم الجمعة وأدركت التشهد فقط من صلاة الجمعة، فهل أصلي ركعتين أم أصليها ظهرا أربع ركعات؟ وإذا صلى خلفي رجل آخر لم يدرك التشهد هل يصلي الجمعة أم الظهر (1)؟ ج: عليكم أن تصلوا ظهرا، لأن الجمعة ما تدرك إلا بركعة، فإذا جاء المسبوق وقد فاتته الركعتان يصليها ظهرا، ينويها ظهرا أربعا، والذي يقتدي به كذلك ظهرا، لأن الجمعة إنما تدرك بركعة واحدة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2)»   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (288). (2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 197 س: إذا جاء شخص يوم الجمعة إلى المسجد ووجد الصلاة قد قضيت، ووجد رجلا بقيت عليه ركعة، فهل يكملها ظهرا أم جمعة، ولو انضم إليه شخص آخر بعد أن قضى ركعة فهل يكملها ظهرا أم يكملها جمعة (1)؟ ج: الواجب أن يكملها ظهرا، لأن الجمعة فاتت لمن لم يدرك منها   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (45). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 197 شيئا، فاتت الجمعة، وإنما تدرك بركعة واحدة، إذا أدرك الركعة الثانية مع الإمام صلاها جمعة، أما إذا لم يأت إلا بعد السلام أو بعد الركعة الثانية في التشهد أو في حال السجود في الركعة الثانية فإنه لا يصليها جمعة، ولكن يصليها ظهرا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (1)» فمفهومه أنه إذا أدرك أقل من ركعة لا يكون مدركا للجمعة، هذا هو المشروع أن يصلي ظهرا، وإذا أدرك إنسانا يقضي يصلي معه ظهرا، ولا يصلي جمعة، وهذا يلاحظ فيه أن يكون بعد الزوال، أما إذا كانت الجمعة صلوها قبل الزوال فإنه لا يصلي الظهر إلا بعد الزوال، والجمعة يجوز أن تصلى قبل الزوال في الساعة السادسة قبل الزوال لا بأس على الصحيح، فلو كانت الجمعة صليت حين فاتته، صليت قبل الزوال فإنه لا يصلي الظهر إلا بعد الزوال.   (1) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 198 130 - بيان كيفية صلاة النوافل قبل صلاة الجمعة وبعدها س: الأخ: م، له سؤال يقول: في يوم الجمعة هل يصلي الإنسان الأربع الرواتب قبلها - أي الظهر والركعتين بعدها - أم يقتصر على ركعتين أو أربع بعد الجمعة ويترك راتبتي الظهر يوم الجمعة دون سائر الأيام (1)؟   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (431). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 198 ج: يوم الجمعة يصلي قبلها ما تيسر، أربع وإلا ست وإلا ثمان وإلا عشر وإلا أكثر، النبي ما حدد شيئا، قال: «صلى ما قدر له (1)» أما بعدها فالسنة أن يصلي أربعا تسليمتين، النبي عليه السلام قال: «إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا (2)» يعني تسليمتين، أما قبلها فحسب عمله صلى الله عليه وسلم ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له، يصلي ما تيسر قبلها ثنتين أو أربعا تسليمتين، أو ثلاث تسليمات، أو أربع تسليمات، أو خمس تسليمات، أو أكثر، ما في ذلك شيء محدود، والحمد لله.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). (2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 199 131 - بيان حكم الأذان الثاني يوم الجمعة س: من أحد الإخوة المستمعين يقول في هذا السؤال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» وقال أيضا: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من   (1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 199 بعدي (1)» وقد كان في زمان الخليفة عثمان رضي الله عنه أذان واحد، ثم زاد الأذان الثاني بصلاة الجمعة، هل هذه الزيادة تعتبر من البدع أم من السنة؟ وما هي البدع وما هي أقسامها؟ مأجورين (2) ج: هذه الأحاديث التي ذكرها السائل أحاديث صحيحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3)» حديث متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها، وفي لفظ يقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (4)» أخرجه مسلم في صحيحه، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (5)» والبدعة هي التي يحدثها الناس في الإسلام مثل الطاعات والقربات، يقال لها: بدعة، ما   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95). (2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (374). (3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (5) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 200 أحدثه الناس في التعبد يقال: بدعة، مثل الاحتفال بالمولد، مثل بدعة البناء على القبور، واتخاذ المساجد على القبور والقباب، وما أشبه ذلك مما يحدثه الناس، ومعنى الرد يعني: مردودا، لكن ما فعله عثمان من الأذان الثاني في خلافته ليس من البدع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (1)» وهو من الخلفاء الراشدين، وقد أحدث الأذان الثاني - وهو الأول - من المصلحة، لمصلحة المسلمين حتى ينتبهوا للجمعة، ولهذا أقره الصحابة في زمانه وعمله المسلمون من بعده، لأنه داخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ (2)» وهكذا ما فعل في عهده من جمع المصحف، كان الناس يحفظون القرآن في صدورهم، وفي زمانهم خافوا على الناس أن يضيع منهم القرآن، فاجتمع رأي الصحابة أنه يكتب في المصاحف حتى يبقى بين أيدي المسلمين وحتى يحفظ، وكان هذا من الأعمال الطيبة التي وفق الله الصحابة لها. وهكذا ما فعله عمر رضي الله عنه من جمع الناس على إمام واحد في التراويح في رمضان، وكانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلون أوزاعا في المسجد، كل يصلي   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 201 لنفسه أو يصلي معه اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر، ثم جمعهم عمر على إمام واحد، لأنه رأى أن هذا أولى من تفرقهم، وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بالناس في رمضان عدة ليال جماعة في رمضان، ثم قال: «خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل (1)» فأمرهم أن يصلوا في بيوتهم، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي، وأمن فرضها، فلهذا جمعهم عمر وصارت سنة عمرية، جمع الناس على إمام واحد في رمضان في التراويح والقيام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد، برقم (924)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (761). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 202 132 - بيان في تعريف البدعة س: يقول السائل: كيف نعرف البدعة وأقسامها يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: البدعة ما أحدثه الناس في الشرع ويخالف الشرع، هذا يقال له: بدعة، ما أحدث في الدين يقال له: بدعة، مثل ما مثلنا، مثل بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وبدعة بناء المساجد على القبور واتخاذ القبب عليها، هذه بدعة، كلها بدعة منكرة، مثل بدعة الجهمية في الصفات والأسماء، وبدعة المعتزلة في الصفات،   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (374). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 202 وقول المعتزلة: إن صاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، هذه البدع التي أحدثها المبتدعة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 203 133 - حكم قول: السلام على النبي في التشهد س: يقول السائل: ع. إ. ع، من جنوب أفريقيا في سؤاله في التشهد: هل يقال: السلام على النبي، أم: السلام عليك أيها النبي؟ وجهونا في ذلك (1) ج: الأفضل أن يقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، هذا هو الذي علمه النبي أصحابه، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعملون ذلك، ولم يقل لهم: إذا مت فقولوا: السلام على النبي، على أنهم يقولون: السلام عليك أيها النبي. حيا وميتا، معنى: عليك أيها النبي. من باب الاستحضار في الذهن والقلب، والسلام عليك أيها النبي ليس دعاء ولكنه دعاء له، يدعو له بالسلام والرحمة والبركة، لا يطلب منه شيئا، وإنما يدعو له بالسلامة والرحمة والبركة، ويقول: سلام الله عليك أيها النبي. يعني: أعطاك الله السلام، وأعطاك الله الرحمة، وأعطاك الله البركة، هذا هو الأفضل.   (1) السؤال العشرون من الشريط رقم (374). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 203 134 - حكم تعدد الأذان يوم الجمعة س: هل للجمعة أذان واحد أم أذانان، وهل بينهما سنة قبلية للجمعة (1)؟ ج: الجمعة لها أذان واحد، هذا هو الأصل، وهذا هو المفترض عند دخول الخطيب، وهو الواقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا دخل الخطيب أذن بلال رضي الله عنه، ثم زاد عثمان أذانا ثانيا مستحبا لتنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة قبل الأذان الأول - يعني قبل الأذان السابق الذي عند دخول الخطيب - يؤذن به قبل الوقت بنصف ساعة أو نحوها أو ساعة حتى يعلم الناس الجمعة، وحتى يستعدوا للمجيء، وقد درج السلف على هذا تأسيا بعثمان رضي الله عنه في عهد عثمان وفي عهد علي وعهد الصحابة بعد عثمان، ثم درج عليه السلف الصالح، فهذا مشروع من عمل الخلفاء الراشدين، والرسول عليه السلام قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (2)» ومعلوم أن عثمان رضي الله عنه وعليا رضي الله عنه كلهم من الخلفاء الراشدين، فالسنة أن يؤتى بالأذان الأول للجمعة للتنبيه كما فعل عثمان ومن بعده رضي الله عنهم، أما الأذان الأول الذي عند دخول الخطيب فهذا هو الموجود على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المفترض.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (365). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 204 135 - حكم الاكتفاء بأذان واحد يوم الجمعة س: عندنا أذان واحد يوم الجمعة، ثم الخطبة، هل هذا الصحيح؟ نرجو توضيح ذلك مأجورين (1) ج: هذا هو الأصل، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان أذانا واحدا بين يدي الخطيب عند دخول الخطيب ثم في عهد عثمان رضي الله عنه أمر بأذان قبل ذلك أولا يؤذن قبل دخول الخطيب، واستمر عليه العمل بعد عثمان رضي الله عنه، فإذا فعل فهو أحسن، وإلا ما يضر إذا اكتفي بأذان واحد، لا حرج في ذلك كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصديق وعهد عمر رضي الله عنهما، لكن إذا جعل أذان ثان للتنبيه على أنه يوم الجمعة حتى يستعد الناس ويتأهبوا للجمعة هذا لا بأس به، بل هو حسن وعليه العمل الآن لأن فيه فائدة كبيرة ينتبه الناس للجمعة ويستعدون.   (1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (359). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 205 136 - بيان سبب أخذ أهل السنة بالأذانين يوم الجمعة س: لاحظت في بلدكم المملكة العربية السعودية أنه يوجد أذانان للجمعة، وهذا غير صحيح إذ إنه كان إذا صعد الإمام المنبر أذن بين يديه أذان واحد، وجميع كتب السنة تؤيد ذلك، فأرجو أن تحولوا الجزء: 13 ¦ الصفحة: 205 هذا إلى الجهات المختصة كدار الإفتاء التي يرأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، ليحق الله الحق ويبطل الباطل (1) ج: نعم، هو كمال قال السائل، كان الأمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أذانا واحدا مع الإقامة، كان إذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخطبة والصلاة أذن المؤذن، ثم خطب النبي صلى الله عليه وسلم الخطبتين، ثم يقام للصلاة، هذا هو الأمر المعلوم وهو الذي جاءت به السنة كما قال السائل، وأمر معروف عند أهل العلم والإيمان، ثم إن الناس كثروا في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه في المدينة، فرأى أن يزاد الأذان الثالث - ويقال: الأذان الأول - لأجل تنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة؛ حتى يستعدوا ويبادروا إلى الصلاة قبل الأذان المعتاد المعروف بعد الزوال، وتابعه في هذا الصحابة في عهده، وكان في عهده علي رضي الله عنه، وعبد الرحمن بن عوف أحد العشرة والزبير بن العوام أحد العشرة أيضا، وطلحة بن عبيد الله، وغيرهم من أعيان الصحابة وكبارهم، وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان تبعا لما فعله الخليفة الراشد رضي الله عنه عثمان، وتابعه عليه الخليفة الراشد أيضا علي رضي الله عنه وأرضاه، وكذا بقية الصحابة، فالمقصود أن هذا حدث في خلافة عثمان وبعده   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (49). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 206 واستمر عليه غالب المسلمين في الأمصار والأعصار إلى يومنا هذا، وذلك أخذا بهذه السنة التي فعلها عثمان رضي الله عنه، لاجتهاد وقع له ونصيحة للمسلمين، ولا حرج في ذلك، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ (1)» وهو من الخلفاء الراشدين رضي الله عنه، والمصلحة ظاهرة في ذلك، فلهذا أخذ بها أهل السنة والجماعة، ولم يروا بهذا بأسا لكونها من سنة الخلفاء الراشدين عثمان وعلي ومن حضر من الصحابة في ذلك الوقت رضي الله عنهم جميعا.   (1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 207 س: يقول السائل: عندنا خلاف حول الأذان الأول من يوم الجمعة، فمنهم من يقول بأنه ليس من السنة، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا فيجب تركه. ومنهم من يصر على الاستمرار في الأذان الأول، فما السنة يا سماحة الشيخ (1)؟ ج: الأذان الأول من السنة، لأنه فعله عثمان رضي الله عنه وأقره عليه علي والصحابة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (2)» وعثمان من الراشدين وعلي كذلك، وقد فعله عثمان وأقره علي والصحابة، وفيه مصالح: تنبيه الناس   (1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (424). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 207 على أن اليوم يوم الجمعة حتى يستعدوا للتبكير إليها، فلا حرج فيه وليس ببدعة بل هو سنة، لأنه من سنة الخلفاء الراشدين، وقد أوصى بذلك النبي عليه الصلاة والسلام. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 208 137 - بيان حكم الخطبة يوم الجمعة س: هل خطبة الجمعة يا سماحة الشيخ، هل هي واجبة أم سنة أم فرض؟ وهل هي من إكمال الصلاة؟ أفيدونا مأجورين (1) ج: خطبة الجمعة شرط من شروط الصلاة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حافظ عليها، كان يخطب في الجمعة ولم يتركها مرة واحدة، فهي شرط من شروط صحة صلاة الجمعة أن يخطب خطبتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2)» وكان يخطب خطبتين عليه الصلاة والسلام.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (358). (2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 208 138 - بيان الشروط المعتبرة في خطيب الجمعة س: السائل: ط. من ليبيا يقول: ما هي الشروط الواجب توفرها في خطيب الجمعة، وكذلك للصلوات الخمس (1)؟   (1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (423). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 208 ج: كونه مسلما يجيد القراءة هذا هو المشروط فيه أما كونه أعلم الناس أو كونه عالما أو كونه سنه كذا لا يشترط، لكن إذا تيسر أنه ذو بصيرة، وأن قراءته حسنة، ويجيد الخطبة، هذا هو المطلوب، «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1)» هذا هو الأفضل أن يكون أقرأ من غيره، له قراءة جيدة وذا علم وبصيرة يستطيع الخطبة، سواء كان كبير السن أو شابا لكن يكون قد بلغ الحلم خروجا من خلاف من قال: لا يؤم المتنفل المفترض. فإذا كان قد بلغ الحلم مكلفا كان أحوط خروجا من الخلاف، ويكون ممن يجيد القراءة، يجيد الصلاة، يحسن الصلاة، ويجيد الخطبة، إذا كان في الجمعة أو الأعياد، ولا يلحن في الفاتحة بل يجيد قراءة الفاتحة المقصود أن يكون ممن يجيد القراءة التي تصح معها الصلاة، وأن يكون يجيد الخطبة حتى يعظ الناس، حتى يذكرهم في الجمعة والأعياد، والأحوط أن يكون قد بلغ الحلم خروجا من خلاف من قال: لا تصح إمامة من كان متنفلا بمن كان مفترضا، والصحيح أنه تجوز إمامة المتنفل بالمفترض، قد كان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي العشاء ثم يرجع فيصلي بأصحابه فريضتهم وهو متنفل، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف فريضة بجماعة، ثم صلى صلاة   (1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 209 الخوف بآخرين جماعة، وهي له نافلة ولهم فرض، عليه الصلاة والسلام. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 210 س: ما هي الشروط اللازمة للخطيب، وهل تصح خطبة من هو أعزب إذا لم يوجد غيره في البلد (1)؟ ج: شروط الخطيب أن يكون ذا علم وذا بصيرة، أو يخطب من كتاب مأمون قد وضعه أهل العلم والبصيرة، فيخطب منه للناس إذا كان صوته يسمع الناس، أو من طريق المكبر، وكان عدلا، أما إذا كان معروفا بالمعاصي فينبغي ألا يولى الخطابة، ينبغي أن يولى أهل العدل والخير والفضل، فالمقصود أن الخطيب إذا كان مسلما صحت صلاته، وصحت خطبته إذا حصل المقصود بها من وعظ الناس وتذكيرهم من جهة نفسه لكونه عالما. أو من كتاب يحصل به المقصود مما ألف في خطب الجمعة، فلا حرج في ذلك، وينبغي للمسؤولين ألا يولوا إلا أهل الفضل والعدالة والاستقامة، لكن لو قدر أنه ذو معصية وصلى بالناس صحت صلاتهم في الصحيح ما دام مسلما، فالمعصية لا تبطل صلاته، ولا صلاة من خلفه، لا جمعة ولا جماعة، لكن المسؤولون المشروع لهم والواجب عليهم أن يتحروا في ذلك، وأن يجتهدوا بتولية الأخيار، وألا يولوا على أمور المسلمين لا في الإمامة ولا في الأذان ولا في الخطابة   (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (215). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 210 إلا من عرف بالخير والاستقامة والأهلية للخطابة، لأنه ذو علم وبصيرة وكفؤ للإمامة، لأنه ذو فضل وبصيرة وأنه صالح للإمامة، وهكذا في الأذان، ذو أمانة وعدالة وصوت حسن، فالمسؤولون يختارون لهذه الوظائف من هو أهل لها، وإذا علموا أن هذا الرجل ليس صالحا لهذه الوظيفة أما لعي في لسانه فما يصلح أن يكون خطيبا، أو لأنه معروف بالمعاصي أو بالبدعة فلا يولى، وهكذا الإمام لا يولى إذا كان معروفا بالمعاصي، لا يولى على المسلمين إلا خيارهم وأفاضلهم ومن هو صالح للإمامة لحسن تلاوته وعدالته في نفسه، وكونه أهلا للصلاة في طمأنينته وأداء حق الصلاة، وهكذا الخطيب يكون أهلا لذلك، يحسن الخطابة، ولأنه ذو علم وفضل، أو لأنه يخطب من كتاب معروف معتمد من تأليف أهل العلم والبصيرة المعروفين بالاستقامة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 211 س: يسأل عن الشروط التي لا بد أن تتوفر في خطيب الجمعة (1)؟ ج: ينبغي أن يختار لخطبة الجمعة أهل العلم والبصيرة والتقوى، هكذا على المسؤولين في الأوقات وغيرها والمسؤولين عن تعيين الخطباء الواجب أن يتحرى فيهم العلم والفضل والتقوى والعدالة وحسن السمعة، حتى يوجهوا الناس إلى الخير، وحتى يكونوا قدوة صالحة في أخلاقهم وأعمالهم، هكذا يختار للخطبة الرجل المعروف بالعلم   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (342). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 211 والفضل والسيرة الحميدة، والسمعة الحسنة والصوت الحسن، هذا ينفع الله به الناس في علمه وفي أخلاقه وفي سيرته، يكون قدوة في أخلاقه نافعا في علمه وتوجيهاته. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 212 س: المستمع: ع. أ، من اليمن يسأل عن الشروط التي لا بد أن تتوفر في خطيب الجمعة (1)؟ ج: خطيب الجمعة يجب أن يكون ممن تتوفر فيه العدالة، ويفهم كيف يخطب الناس، وبعض أهل العلم يشترط فيه أن يكون مكلفا، ولكن لو صلى غير مكلف أجزأ، فإن إمامة غير المكلف مجزئة كما أم عمرو بن سلمة جماعته، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2)» فإذا كان قارئا يجيد الخطبة فالحمد لله، والأولى أن يكون مكلفا معروفا بالخير معروفا بالعدالة الظاهرة حتى تطمئن قلوب الجماعة، ولكن ليس شرطا أن يكون مكلفا، وليس شرطا أن يكون عالما، بل متى ما أتقن الخطبة ولو لم يكن عالما ولو من صحيفة أجزأ ذلك، وإذا كان معروفا بالعدالة والاستقامة هذا هو الواجب.   (1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (443). (2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 212 س: هل هناك شروط يجب توفرها في خطيب الجمعة (1)؟   (1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (362). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 212 ج: نعم، أن يكون ذا علم يستطيع أن يسمع الناس الخطبة، وأن يكون لها أثر في وعظهم وتذكيرهم، ينبغي أولا ولا بد من كونه مسلما، لأن الصلاة خلف غير مسلم ما تصح، وإذا كان عدلا فهو الأولى، وفي عدالته خلاف، لكن كونه عدلا معروفا بالخير هذا الذي ينبغي حتى تقبل موعظته، حتى تؤثر، ويكون من أهل العلم والبصيرة فيما أوكل إليه، وكل هذا مطلوب في الخطيب، أما كونه مسلما فهذا شرط أساسي، وجماعة من أهل العلم يقولون: لا بد أن يكون عدلا أيضا شرط، ولكن الصواب أنه ليس بشرط، لو خطب وهو عاص صحت الخطبة إذا كان مسلما ولكن إذا كان بالاختيار ينبغي لولاة الأمور والمسؤولين أن يختاروا الخطيب الرجل الطيب الصالح، الفقيه الصالح للخطبة في صوته ووعظه وتذكيره. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 213 139 - بيان المسنون لخطيب الجمعة س: أنا خطيب جمعة في أحد المساجد في بلدتي، بماذا تنصحوني، وأي الكتب أقتنيها من أجل الخطبة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: ننصحك بأن تقتني الكتب التي ألفها العلماء الأخيار، وتستفيد منها في خطب الجمعة، وننصحك بعدم التطويل، وعليك الاختصار وعدم   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (289). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 213 التطويل الذي يشق على الناس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة (1)» رواه مسلم في الصحيح من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، والكتب المؤلفة في هذا كثيرة، مؤلفة في خطب الجمعة، تقتني منها ما تيسر، وتستفيد منها وتنتفع منها، ومنها من المشايخ وأئمة الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وغيره من المشايخ، منها خطب لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وفضيلة الشيخ عبد الله بن حسن بن القعود، وفضيلة الشيخ عبد الله خياط، وكتب أخرى تستفيد منها وتنتفع بها، ولكن مثل ما تقدم تحرص على عدم التطويل الذي يشق على الناس، وتتحرى الكلمات المناسبة الواضحة، وإيضاح الأحكام التي يحتاجها الناس، ولا سيما في الأوقات التي يناسب الإيضاح والأحكام التي تناسبها.   (1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (869). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 214 140 - حكم وضع الخطيب العمامة على رأسه أثناء الخطبة س: رسالة وصلت إلى البرنامج من محافظ الفيوم من مصر، مستمع رمز لاسمه: ف. س، يسأل ويقول: هل يجب على الخطيب عندما يصعد على المنبر أن يضع شيئا على رأسه على سبيل المثال عمامة؟ وهل الجزء: 13 ¦ الصفحة: 214 يجوز للشاب غير المتزوج أن يكون خطيبا؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: السنة لكل مؤمن إذا قصد الصلاة أن يأخذ زينة، ويوم الجمعة بوجه أخص يستحب فيه أخذ الزينة، قال الله جل وعلا: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) فالسنة للخطيب وغيره أخذ الزينة يوم الجمعة ويوم العيد، ولذا إذا كان غطاء الرأس في بلده معروفا ومن الزينة شرع له ذلك، وإذا كان أهل بلده لا يعتادون ذلك فلا حرج في تركه، ولكن غطاء الرأس بالزينة المعتادة أو العمامة المعتادة يكون أفضل، وليس شرطا لأنه ليس بعورة، والشاب له أن يكون خطيبا وإن لم يتزوج إذا كان أهلا لذلك، إذا كان عنده علم وعنده بصيرة ومعروفا بالخير فلا حرج أن يكون خطيبا، ليس من شرط الإمامة والخطابة أن يكون الإمام ذا زوجة.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (443). (2) سورة الأعراف الآية 31 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 215 141 - بيان ما ينبغي مراعاته في خطبة الجمعة س: يسأل حول خطبة الجمعة فيقولون: هل يجب أن تكون خطبة مأخوذة عن النبي صلى الله عليه وسلم أم تكون الخطبة مرتجلة، لمكافحة الخطايا التي تنشأ في المجتمع؟ بمعنى: هل يجب أن تكون الخطبة معاصرة أم كيف توجهون الناس؟ جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (327). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 215 ج: الخطبة ليست توقيفية، فالإنسان يخطب بما يسر الله له، وإن لم يكن خطب بخطبة النبي عليه الصلاة والسلام، المقصود أن خطب الجمع والأعياد والمواعظ ليست توقيفية، لا يخطب الإنسان إلا بالشيء المنقول عن النبي عليه الصلاة والسلام لا، بل يخطب بما دل عليه الكتاب والسنة ولو لم يحفظ أن هذا منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب بذلك، فيخطب يوم الجمعة بما يعظ الناس وينفعهم في كل زمان، وفي كل عصر بما يناسبه، ففي الأماكن التي يكثر فيها الخمر يعظ الناس عن الخمر، ويحذرهم من الخمر، ويبين لهم أنه من الكبائر العظيمة، وما فيه من المفاسد والأخطاء، وإذا كان في بلد كثر فيه الربا يحذرهم من الربا، ويبين لهم شدة تحريم الربا، وإذا كان في بلد تكثر فيه الغيبة والنميمة حذرهم من ذلك، وإذا كان في بلد يكثر فيه الزنى واللواط حذرهم من ذلك، وإذا كان في بلد كثر فيه الإعراض والغفلة والجهل حثهم على طلب العلم والتفقه في الدين، وأرشدهم إلى حلقات العلم وإلى العلماء حتى يتعلموا، فهو يخاطب كل قوم بما يناسبهم وبما هو أنسب لحالهم ولمعلوماتهم، المقصود أنه يتحرى ما هو الأنفع في كل زمان وفي كل مكان. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 216 142 - بيان ما يقوله الخطيب عند صعود المنبر س: السائل ج. ح. يقول: ماذا يقول خطيب الجمعة عندما يصعد المنبر الجزء: 13 ¦ الصفحة: 216 في خطبة الجمعة (1)؟ ج: يسلم، يقول: السلام عليكم، ثم يجلس، فإذا فرغ المؤذن قام وخطب.   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (406). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 217 143 - حكم قول الخطيب: " فاذكروا الله. . . " في آخر الخطبة س: هل قول: فاذكروا الله يذكركم آخر الخطبة سنة (1)؟ ج: لا أعلم في هذا شيئا، استعمله الخطباء ولا أعلم أنه ورد فيه شيء، لكنه من عمل الأئمة والخطباء المعروفين من أهل السنة والجماعة، ولكن لا أعلم شيئا في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هذا معروف بين الخطباء من العلماء المعروفين من علماء السنة، ولا أعلم مانعا في قوله.   (1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (350). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 217 144 - حكم التزام الخطيب قراءة قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} (1). . . في آخر الخطبة س: ما حكم التزام الخطيب في الخطبة الثانية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (2) الآية (3)؟   (1) سورة النحل الآية 90 (2) سورة النحل الآية 90 (3) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (367). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 217 ج: ما هو بلازم إن فعلها وإلا ما هو بلازم، وإلا غيرها من الآيات، المقصود أنه يقرأ بعض الآيات. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 218 145 - حكم إمامة غير الخطيب في الجمعة س: قرأت في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة رأيا للمالكية في شروط صحة الجمعة التي من صحتها الإمام، وحتى الإمام من شروطه شرطان: أحدهما أن يكون هو الخطيب، وإذا كان من خطب غير من صلى فالصلاة باطلة إلا أن يكون هناك عذر منع الإمام، ولم أجد إشارة لهذا الشرط عند الشافعية، حيث إنني رأيت في صلاة الجمعة واحدا يخطب وآخر يصلي. فما هي الإجابة؟ هل صحيح أنه يجب على من يخطب أن يكون هو الذي يصلي؟ وإذا كنت مالكيا فكيف تكون صلاتي؟ هل هي باطلة كما ورد في رأي المالكية؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء، وفقكم الله لكل خير، ووفقنا لاتباع الرأي الصائب (1)؟ ج: المسألة مسألة خلافية بين أهل العلم، والصواب أنه لا يشترط أن يكون الخطيب هو الإمام في الصلاة، لأن الخطبة منفصلة ليس لها اتصال بالصلاة، فالصلاة منفصلة، والخطبة منفصلة، فالأفضل والسنة   (1) السؤال السادس من الشريط رقم (76). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 218 أن يتولى الخطابة من يتولى الإمامة، فيكون الإمام هو الخطيب يوم الجمعة، وهكذا العيد، لكن لو قدر أن الخطيب لم يتيسر له ذلك بأن أصابه مانع أو حيل بينه وبين ذلك فالصلاة صحيحة، وهكذا لو صلى باختياره ولم يخطب بل استناب من يخطب عنه فلا بأس، الصحيح أنه لا حرج في ذلك، لأن هذا منفصل، هذه عبادة مستقلة، وهذه عبادة مستقلة، فالذين أجازوا أن يتولى الإمامة غير الخطيب لا حرج في ذلك ولا بأس بذلك قولهم صحيح، ولكن الأفضل والأولى أن يتولاهما واحد كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده، فالسنة أن يكون الإمام هو الخطيب، لكن لو عرض عارض أو منع مانع فصلى غير الخطيب فلا بأس. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 219 س: يوم الجمعة ألقى الخطيب الخطبة، وبعد الفراغ منها أقيمت الصلاة، فتقدم شخص غير الخطيب ليؤدي صلاة الجماعة، ما حكم ما فعلوا (1)؟ ج: لا حرج في ذلك أن يكون الخطيب شخصا والمصلي شخصا آخر، ولكن الأفضل أن يتولى الصلاة من تولى الخطبة، هذا هو الأفضل، فإذا تولى الصلاة غير من تولى الخطبة فلا حرج في هذا إن شاء الله.   (1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (184). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 219 146 - حكم توزع الأذان والخطبة والإمامة بين ثلاثة أشخاص س: في يوم الجمعة أذن رجل الأذان الأول، وأذن آخر الأذان الثاني، وخطب خطبتي الجمعة رجل ثالث، وصلى بنا رجل آخر، ما حكم ذلك (1)؟ ج: ليس في هذا حرج والحمد لله، يجوز أن يتولى الأذان الأول واحد، والثاني آخر، والخطبة شخص، والإمامة شخص، كل هذا لا حرج فيه والحمد لله، لكن الأفضل أن يتولى الخطبة من يتولى الصلاة إذا تيسر ذلك، والأفضل أن الإمام هو الخطيب كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وغيرهم، هذا هو الأفضل، لكن لو خطب إنسان وصلى آخر فلا حرج.   (1) السؤال العاشر من الشريط رقم (149). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 220 س: الأخ: س. ع، من خميس مشيط يقول: صليت إحدى الجمع في أحد المساجد في إحدى القرى، وعند انتهاء الخطيب من الخطبة ونزوله للشروع في الصلاة رأيته يقدم شخصا آخر بدلا عنه، وعند الانتهاء من الصلاة قام الشخص الآخر بإلقاء موعظة لمدة عشر دقائق، وعند خروجنا من المسجد قال لي أحد المصلين بأن هذا لا يجوز، خطبة على خطبة، لذا فإنه لم يجلس للاستماع إليها، فهل هذا صحيح (1)؟   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (413). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 220 ج: لا حرج أن يصلي الجمعة غير الخطيب إذا رأى الخطيب تقديم أحد يصلي الجمعة لا بأس، وإذا وعظ إنسان بعد الجمعة فلا حرج، والذي يقول: خطبة بعد خطبة، ليس عنده علم، فإذا وعظ واعظ بعد الجمعة وذكر مذكر بعد الجمعة فلا حرج، والحمد لله. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 221 س: سماحة الشيخ، الإفتاء بغير علم يتجرأ بعض الناس ويفتون بغير علم، هل من توجيه (1)؟ ج: الإفتاء من غير علم من أعظم الكبائر والذنوب العظيمة، فيجب على المسلم أن يتقي الله، وأن يفتي إلا عن علم وعن بصيرة، يقول الله جل وعلا: {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (2) جعل القول على الله بغير علم في المرتبة العليا فوق الشرك لعظم خطره، وعظم فساده، قال تعالى في وصف الشيطان: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (3) فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وألا يقول على الله إلا عن علم.   (1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (413). (2) سورة الأعراف الآية 33 (3) سورة البقرة الآية 169 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 221 147 - حكم الاقتصار على خطبة واحدة للجمعة س: حدث أن خطب الإمام يوم الجمعة خطبة واحدة، وهو رجل صلى بالنيابة عن الإمام لغياب الإمام، وهو كبير السن، وبعد نهاية خطبته الأولى قال للناس: قوموا للصلاة. فالناس قاموا وصلوا، ثم اختلف بعد ذلك كثير من الناس، هل الصلاة صحيحة أم لا؟ وأردنا من سماحتكم الإفادة (1)؟ ج: الصلاة غير صحيحة، وعليه أن يرجع ويخطب الخطبة الثانية، ثم يعيد الصلاة فلا بد من خطبتين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهما شرط لصحة الصلاة، هذا هو الأصح، فعلى هذا الرجل أن يعيد الصلاة وأصحابه عليهم أن يعيدوا عليه وعلى أصحابه أن يعيدوا الصلاة ظهرا، وفي المستقبل لا بد من خطبتين قبل الصلاة.   (1) السؤال الرابع من الشريط رقم (328). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 222 148 - حكم ترجمة خطبة الجمعة إلى لغة غير العربية س: يوجد بالشركة التي نعمل بها عمال ينطقون بأكثر من عشر لغات، ولا يعلمون اللغة العربية، فهل يجوز خلال خطبة الجمعة أن يوجد من يترجم الخطبة؟ يعني يخطب الخطيب لمدة عشرة دقائق ثم يليه المترجم وهكذا، أرجو أن توجهونا جزاكم الله خيرا (1)   (1) السؤال الأول من الشريط رقم (134). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 222 ج: لا ريب أن تفهم الناس مقاصد الخطبة بلغتهم التي يفهمونها أمر مهم، والحاجة إليه ماسة، وكتبنا في ذلك ما شاء الله مما نرجو أن ينفع الله به الأمة، والذي نرى في ذلك أنه ينبغي للخطيب إذا كان يجيد لغة الحاضرين أن يبين لهم بلغتهم معاني الخطبة ومقاصد الخطبة حتى تتم الفائدة، وإذا كان لا يجيد ذلك فلا مانع من وجود مترجم يترجم مقاصد الخطبة للحاضرين الذين لا يفهمون اللغة العربية سواء كان ذلك في أثناء الخطبة بعد كل جملة يتكلم بمعانيها بغلتهم، أو عند نهاية الخطبة يترجم لهم مقاصدها ومعانيها ليستفيدوا من ذلك وتحصل الفائدة لهم كما حصلت لغيرهم من إخوانهم الذين يفهمون لغة الخطيب. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 223 149 - حكم ترك المسجد المجاور إلى مسجد في قرية أخرى س: من الأخ: ص. ع. ش، يقول: إنني وبعض الأشخاص نذهب يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة في مسجد جامع في قرى مجاورة بالرغم من وجود مسجد جامع لدينا وبه خطيب، فهل يجب علينا أن نصلي في ذلكم المسجد أم أنه لا مانع من أن يصلي الإنسان في الجامع البعيد منه؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: ليس هناك مانع من الانتقال من جامع إلى جامع ولو كان أبعد من   (1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (340). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 223 الجامع الذي بقربه، لا حرج أن تذهب إلى جامع آخر لمصلحة شرعية، لأن خطيبه أعلم وأفقه، أو لأنك تتأثر بخطبته أكثر، أو لأسباب أخرى شرعية المقصود أنه لا حرج، وليس من اللازم أن تصلي في الجامع الذي حولك ما لم يترتب على تركك له مضرة، فأنت بالخيار تصلي في أي جامع ولا سيما الجامع الذي يحصل لك فيه تأثر وخشوع، وللانتفاع بالفائدة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 224 س: يوجد في منطقتنا مسجدان: أحدهما قريب علينا، والآخر بعيد عنا، ولكننا غالبا ما نذهب إلى البعيد، وذلك لأن خطيبه يجيد الخطبة بدون استعمال ورقة مع بلاغته، أما المسجد القريب لنا فإن خطيبه يستعمل في خطبته الورقة مما جعل أغلب الناس يتجهون إلى ذلك المسجد البعيد ويتركون هذا المسجد، فهل هذا جائز؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ج: المؤمن يلتمس ما هو الأنفع له وما هو أكثر أثر في قلبه، فإذا كانت الصلاة مع البعيد تؤثر في القلب أكثر، وينتفع بها أكثر بحسن أسلوب خطابته، ولعنايته بالخطبة واهتمامه بها فهذا أولى سواء كان يخطب بالورقة أو عن ظهر قلب، ولا عيب على الخطيب بالورقة لأنها قد تكون أضبط لخطبته وأثبت له، فإذا كان يخطب بالورقة ولكنه يحسن الخطبة ويجيدها ويعتني بما يكتب في الورقة هذا طيب ولا لوم عليه، ولا عيب   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (143). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 224 عليه في ذلك، وبعض الناس الذين يخطبون من دون ورقة قد يغلطون كثيرا وقد يرددون الكلام على غير فائدة، فأنت يا أخي عليك أن تستعمل ما هو أصح لقلبك وما هو أنفع لك، فالمسجد البعيد فيه زيادة الخطى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم فأبعدهم ممشى (1)» وإذا كانت خطبته أنفع لقلبه وأشد أثرا فيه فلا مانع من الذهاب إليه، أما كونها بالورقة أو من غير ورقة فهذا لا ينبغي أن يكون له أثر، بل الخطبة من الورق ومن غير ورقة كلها جائزة والحمد لله، والخطيب ينظر ما هو أصلح.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة برقم (651). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 225 150 - حكم ترك المسجد المجاور إلى مسجد آخر لمصلحة شرعية س: يوجد بجوارنا مسجد ولله الحمد، وتقام فيه الجمعة ولكن للأسف الشديد الخطيب لا يحسن الخطبة ويتحدث في مواضيع لا تفيد كثيرا، فهل يجوز لنا الذهاب لمسجد آخر أبعد منه طلبا للاستماع للخطبة الجيدة والمفيدة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: نعم، الإنسان يلتمس الخطب المؤثرة ولو بعدت، يلتمس الخطب المؤثرة ويذهب إلى المساجد التي فيها الخطيب الجيد المؤثر ولو   (1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (352). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 225 بعدت، وهذا الخطيب الذي ليس عنده بصيرة تبلغ الجهات المختصة حتى تلتمس من يقوم مقامه ممن هو خير منه، الجهات المختصة تبلغ عن هذا الخطيب الذي لا يصلح حتى يلتمسوا من يقوم مقامه من أهل الخير. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 226 151 - حكم الخروج من المسجد يوم الجمعة بعد الأذان ودخول الخطيب س: يقول: كنا جلوسا قبل صلاة الجمعة في المسجد لانتظار الخطيب فإذا بخطيب أعرف عنه سابقا أنه لا يجيد الخطبة، ولا تعجبني خطبته فهل لي أن أخرج إلى جامع آخر (1) ج: لا ينبغي لك أن تخرج بعد الأذان، لا يخرج الإنسان، صل والحمد لله واستمع للفائدة، وإن رأيت خللا فانصحه بعد ذلك، وتوصيه بالخير.   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (272). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 226 152 - حكم النيابة عن الإمام في الخطبة وصلاة الجمعة س: أنا أصلي بجماعة صلاة الجمعة حيث إنني تقدمت بالصلاة بهم وقراءة الخطبة، حيث إنه لا يوجد لدى الجماعة المذكورين في سؤالي هذا - وهم من أهالي القرية - من يستطيع أن يقوم بذلك، وإنني يا سماحة الشيخ لا أريد معاشا على ذلك، وإنما أسأل هل علي ذنب من تقدمي للصلاة بهم بحيث إنهم قدموني أخطب بهم الجزء: 13 ¦ الصفحة: 226 وأصلي بهم؟ والله يحفظكم (1) ج: لا حرج في هذا، أنت محسن، إذا تقدم الإنسان بإخوانه قدمه إخوانه يصلي بهم لأن إمامهم غير حاضر، أو لأن إمامهم توفي أو مستقيل، ولم يرسل إليهم إمام وخطيب، فقدموا أحدهم وصلى بهم فلا حرج في ذلك إذا كان أهلا للإمامة والخطبة فلا بأس، وهو مشكور ومأجور، وليس من شرط ذلك أن يعطى راتبا أو يعين من جهة الحكومة وإنما الراتب للمساعدة، ليس بشرط إنما تبذل الحكومة الرواتب للأئمة والخطباء لمساعدتهم وإعانتهم على هذا الأمر العظيم وعلى المشروع الجليل، فإذا احتسب بعض الجماعة وصلى بجماعته الجمعة أو الأوقات ابتغاء ما عند الله عز وجل فله أجره عند الله سبحانه وتعالى، ولا حرج عليه.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (12). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 227 153 - توجيه لمن يرغب في الخطابة من الشباب س: أنا شاب في الخامسة والعشرين، وبعد بلوغي هذا السن وفقني الله إلى حفظ أكثر من نصف القرآن، وأجد في نفسي الرغبة في إلقاء الخطبة يوم الجمعة، أرجو التوجيه من فضيلتكم وبأسماء المراجع التي أستعين بها؟ وجزاكم الله خيرا. ج: إذا كان لديك القدرة وسمحت لك الجهات المختصة فلا بأس الجزء: 13 ¦ الصفحة: 227 بذلك، لكن أنصحك أن تأخذ بعض الكتب التي ألفها العلماء وتستعين بها في ذلك، مثل الخطب للشيخ محمد بن صالح العثيمين، والخطب للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن الشيخ، وخطب أخرى للمشايخ لا بأس بها تستفيد منها، وإذا سمحت لك الجهة المختصة وعينتك خطيبا، أو سمحت لك أن تخطب في مسجد فلا بأس أن تستعين بالكتب المؤلفة في هذا الباب، وإن كان لديك قدرة وجمعت أحاديث في الباب، وكلمات طيبة تعرضها على بعض العلماء حتى يساعدوك في هذا الشيء وتستعين برأيهم، فهذا مناسب. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 228 154 - بيان في بعض ما يقرأ في آخر الخطبة من الآيات س: هذه السائلة: د. م. م، من جمهورية مصر العربية تقول: قرأت حديثا بأن قول الإمام عند الانتهاء من خطبة الجمعة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (1) إلى آخر الآية، هذا بدعة، فهل هذا صحيح، وإن كان كذلك فكيف يقع هذا من أئمة المساجد؟ جزاكم الله خيرا (2) ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الخطبة، خطبة الجمعة، بعض الآيات عليه الصلاة والسلام، وهذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} (3)   (1) سورة النحل الآية 90 (2) السؤال الأول من الشريط رقم (395). (3) سورة النحل الآية 90 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 228 من أجمع الآيات، فلهذا كان الكثير من الخطباء يقرؤها في الخطبة، فقراءتها من أفضل القربات لأنها آية جامعة للأمر بالخير والنهي عن الشر: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (1) فهي آية عظيمة جامعة من جوامع الكلم، فلا بأس بقراءتها في الخطب.   (1) سورة النحل الآية 90 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 229 155 - حكم قول الخطيب: " أسمعونا الصلاة على النبي " س: من الأخ: م. ز. س، من شمال سيناء يقول: بعض الأئمة في خطبة الجمعة وأثناء الخطبة يقول: سمعونا الصلاة على النبي، بين الفينة والأخرى، وأكثر من خمس أو ست مرات في الخطبة الواحدة، ويقول ذلك باللهجة العامية، فهل هذا جائز؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: هذا ليس بمشروع، لا يقول: سمعونا، بل الواجب عليهم الإنصات للخطيب حتى يستفيدوا من خطبته، وإذا صلى على النبي بينه وبين نفسه عند سماع ذكره صلى الله عليه وسلم فلا بأس، ولا يرفع صوته بل بينه وبين نفسه حتى لا يشوش على غيره، والواجب الإنصات على المأمومين   (1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (340). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 229 لخطبة الخطيب يوم الجمعة، ولا يتكلمون بشيء يشوش عليهم أو على غيرهم، ولكن إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه عند مرور ذكره فهذا هو المشروع. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 230 156 - حكم التأمين والصلاة على النبي عند دعاء الخطيب س: السائل من اليمن يقول: هل تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ وقول: آمين، عند دعاء الخطيب بالنسبة للمستمعين أم يعتبر ذلك من اللغو (1)؟ ج: لا بأس بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من غير جهر يشوش على من حولك، إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم تصلي عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «رغم انف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي (2)» فإذا سمعت الصلاة على النبي تصلي عليه بينك وبين نفسك من غير جهر، وهكذا غيرك، للحديث المذكور وغيره من الأحاديث.   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (385). (2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7402)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنف رجل، برقم (3545). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 230 157 - بيان ما يشرع فعله للخطيب والسامعين أثناء الخطبة س: يقوم الخطيب بالدعاء رافعا يديه إلى السماء والناس يؤمنون على دعائه بقولهم: آمين، وقد سمعنا من خلال برامجكم أن هذا غير جائز، أي أن التأمين على دعاء الخطيب غير وارد، فالسؤال هنا: ماذا يفعل الجالسون إذا قام الخطيب بالدعاء بصوت مرتفع، هل يرفعون أيديهم معه أم ماذا يفعلون؟ وأرجو أن تفيدونا عن الأفضل للخطيب فعله في الخطبة، هل هو تطويلها أم اختصارها؟ وما هي المواضيع التي تفضلون للخطيب أن يتناولها، هل هي سرد القصص، أم بيان الأمور الفقيهة، أم فيما يخص العقيدة؟ أرشدونا إلى الصواب، وجزاكم الله عنا كل خير (1) ج: المشروع للخطيب الاقتصاد في الخطبة وعدم التطويل، قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة (2)» أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، وهذا يدل على أن السنة والأفضل أن يطيل الصلاة، ويقصر الخطبة تقصيرا لا يخل بالمقصود، ويشرع له أن يتحرى ما يحرك القلوب ويقربها من الله،   (1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (163). (2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (869). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 231 ويباعدها من أسباب غضبه، ويذكر في خطبته ما يحتاجه الناس من الأحكام الشرعية، بيان ما أوجب الله وما حرم الله، ويكون فيها تحريك القلوب بالوعظ والقصص المفيدة النافعة، والآيات القرآنية التي فيها الوعظ والتذكير، والترغيب والترهيب، ولا يرفع يديه في الخطبة إلا في الاستسقاء إذا كان يستغيث يطلب السقيا يطلب المطر يرفع يديه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما استسقى في خطبة الجمعة رفع يديه، أما الخطب العادية التي ليس فيها استسقاء فلا يشرع فيها رفع اليدين، بل يدعو من دون رفع اليدين، هكذا السنة، والمأموم إذا أمن بينه وبين نفسه على الدعاء لا حرج إن شاء الله بينه وبين نفسه كما تقدم، ولا يرفع يديه، المأموم كالإمام لا يرفع يديه إلا في الاستسقاء إذا استسقى - يعني إذا طلب الغوث من الله أو المطر - فإنه يرفع يديه كما رفع النبي يديه في الاستسقاء والمأمومون كذلك يرفعون أيديهم إذا رفع الإمام في الاستسقاء، أما خطب الجمعة العادية فإنه لا يرفع فيها، وهكذا خطب العيد لا يرفع فيها، الرفع في خطبة الاستسقاء خاصة كما ثبت ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 232 158 - حكم رفع اليدين للدعاء أو التأمين أثناء الخطبة س: ما حكم رفع اليدين بالدعاء للمأمومين في يوم الجمعة ذلك بأنني الجزء: 13 ¦ الصفحة: 232 أرى هذه الظاهرة منتشرة بكثرة؟ (1) ج: أما حال الخطبة فلا يرفع الإمام ولا يرفع المأموم، ينصتون ولا يرفعون أيديهم، ولا يرفعون في الخطبة إلا في الاستسقاء، إذا استسقى طلب الغوث طلب المطر يرفع يديه، ويرفعون أيديهم معه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لما استسقى عليه الصلاة والسلام، أما الخطبة العادية التي ليس فيها استسقاء فإن السنة أنه لا يرفع هو ولا يرفعون هم، ولو دعا يدعو لكن من دون رفع، وهكذا خطبة العيد ليس فيها رفع إلا إذا استسقى، إذا طلب السقيا طلب الغوث طلب المطر فإن السنة أنه يرفع يديه، والمأمومون يرفعون أيديهم في الجمعة وفي غيرها حتى لو كان جالسا بين أصحابه، إذا استسقى العالم بين أصحابه وهو جالس ورفع يديه يرفعون أيديهم في حلقة العلم، أو في أي مكان، وهم محتاجون للغيث، ورفع يديه وهم في حلقة قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا. ورفعوا أيديهم، كله طيب لا حرج فيه، ولا حرج في ذلك أيضا إذا رفع الإنسان يدعو ربه يسأل ربه من فضله في بعض أوقاته، في بيته، في المسجد بعد صلاة النافلة، أو في أي مكان، إذا دعا ربه ورفع يديه، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن ربكم حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما   (1) السؤال السابع من الشريط رقم (222). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 233 صفرا (1)» يعني خاليتين، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، لكن المواضع التي لم يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجدت في عهده لا نرفع فيها، يعني تركه حجة وفعله حجة عليه الصلاة والسلام، فخطبة الجمعة وخطبة العيد لم يرفع فيهما، فلا نرفع إلا إذا كان في الاستسقاء في طلب الغيث والمطر، وهكذا بعد الفريضة إذا سلم لا يرفع يديه فلا نرفع بعد الفريضة، وهكذا في دعاء آخر الصلاة قبل أن يسلم، كان يدعو قبل أن يسلم ولم يرفع يديه، وهكذا بين السجدتين كان يدعو ولا يرفع يديه، فالشيء الذي ما رفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهو موجود في عهده وقد فعله لا نرفع أيدينا فيه تأسيا به صلى الله عليه وسلم في الفعل والترك، والله المستعان.   (1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء، برقم (2865). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 234 س: ما حكم من يرفع يديه والخطيب يدعو للمسلمين في الخطبة الثانية مع الدليل؟ أثابكم الله وجزاكم خيرا (1) ج: رفع اليدين غير مشروع في خطبة الجمعة، ولا في خطبة العيد لا للإمام ولا للمأمومين، وإنما الإنصات للخطيب والتأمين على دعائه بينه وبين نفسه من دون رفع صوت، وأما رفع اليدين فلا يشرع، ولم يكن   (1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (149). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 234 النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في خطبة الجمعة ولا في خطبة الأعياد، ولما رأى الصحابة بعض الأمراء يرفع يديه في خطبة الجمعة أنكروا عليه ذلك، قالوا: ما كان النبي يرفعهما عليه الصلاة والسلام. نعم إذا كان في الاستسقاء يستغيث في خطبة الجمعة فإنه يرفع يديه في حال الاستغاثة، حال الاستسقاء طلب الغيث طلب المطر، كان النبي يرفع يديه في هذه الحالة إذا استسقى في خطبة الجمعة أو في خطبة العيد، كان يرفع يديه عليه الصلاة والسلام أما في الخطبة التي ليس فيها استسقاء فما كان يرفع عليه الصلاة والسلام. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 235 س: هل يجوز رفع الأيدي عندما يدعو الخطيب يوم الجمعة؟ لأنني سمعت أنه لا يجوز رفع الأيدي عند دعاء يوم الجمعة (1) ج: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في خطبة الجمعة، ولما رأى بعض الصحابة بعض الأمراء يرفع يديه في خطبة الجمعة أنكر ذلك، والعبادة توقيفية ليس للرأي فيها مجال، فلا ينبغي للخطيب يوم الجمعة أن يرفع يديه بالدعاء، لأن هذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان يستسقي، يعني يستغيث، يطلب من الله الغوث من الجدب والقحط فلا بأس أن يرفع يديه في خطبة الجمعة عند دعاء الاستغاثة كما فعل ذلك النبي الكريم عليه الصلاة والسلام؛ فإنه لما   (1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (143). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 235 استغاث يوم الجمعة في خطبة الجمعة رفع يديه ودعا، ورفع الناس أيديهم، أما الخطب العادية التي ليس فيها استغاثة فإنه لا يرفع يديه، لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يرفع يديه، وهو الذي يقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» والله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2) فلما كان عليه الصلاة والسلام لا يرفع في خطبة الجمعة وهكذا خطبة العيد فإنه لا يشرع لنا أن نرفع فيهما إلا في الاستسقاء أو في الجمعة أو في العيد إذا استسقى الإمام يرفع يديه كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام.   (1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (2) سورة الأحزاب الآية 21 الجزء: 13 ¦ الصفحة: 236 س: كثر السؤال سماحة الشيخ عن رفع اليدين للدعاء في يوم الجمعة، وكذلك الإمام حين يدعو بالمأمومين ويجهر بصوته، وتأمين المأموم، هل هذا صحيح أم لا؟ (1) ج: السنة للإمام يوم الجمعة في الخطبة ألا يرفع يديه، ما كان يرفع النبي يديه عليه الصلاة والسلام لا في الجمعة ولا في العيد، وهكذا الجماعة لا يرفعون أيديهم، ولكن إذا أمنوا بينهم وبين أنفسهم على دعائه، سمعوا الدعاء وأمنوا بينهم وبين أنفسهم فلا حرج في ذلك، وإنما الرفع يكون في   (1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (175). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 236 خطبة الاستسقاء، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استسقى وطلب الغيث رفع يديه واستسقى، والسنة للجماعة أن يرفعوا أيديهم أيضا كما رفع الإمام، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رفع يديه ورفع الصحابة أيديهم في الاستسقاء - يعني في طلب الغيث طلب المطر - أما الجمعة والعيد فيدعو الإمام في الخطبة، ولكن لا يرفع يديه، وهكذا الجماعة لا يرفعون أيديهم، هذا هو السنة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 237 س: بعض المساجد يوجد فيها شخص بعد صلاة الجمعة يرفع يده ويطلب الله عز وجل، والبعض من المصلين من حوله يقولون: آمين، هل هذا العمل جائز؟ (1) ج: هذا لا أصل له، هذا بدعة ليس بجائز، كل يدعو بينه وبين ربه، كل واحد يدعو بينه وبين ربه. س: هل يجوز رفع اليد عند دعاء الإمام في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة؟ (2) ج: إذا كان يستسقي، أما غير الاستسقاء لا يرفع الإمام ولا هم، لكن إذا استسقى، طلب الغيث يرفع يديه، وسن لهم أن يرفعوا أيديهم في الدعاء عند طلب الغيث في جمعة أو في غير جمعة.   (1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (359). (2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (359). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 237 159 - حكم رفع اليدين بالدعاء عند جلوس الخطيب بين الخطبتين س: سأل السائل ويقول: ما حكم الدعاء ورفع اليدين بعد استراحة الخطيب يوم الجمعة، وما هي أوقات الإجابة في ذلك اليوم؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: رفع اليدين لا أعلم أنه ورد في هذا شيء، لكن الدعاء طيب بين الخطبتين، إذا دعا ترجى الإجابة، وهكذا في سجوده في صلاة الجمعة، وفي التحيات وبعد الشهادة، وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء ترجى إجابته في آخر صلاة الجمعة قبل أن يسلم، وفي السجود كل هذا محل دعاء، وكذلك بين السجدتين إذا دعا ترجى الإجابة، أما رفع اليدين ما أعلم أنه ورد في هذا شيء في هذا الوقت، ولعل عدم الرفع أولى لعدم وروده، والأصل جواز رفع اليدين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، فإذا رفع يديه في موضع لم يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع أو ترك فلا حرج، أما الموضع الذي يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع لا يرفع، مثل خطبة الجمعة لا يرفع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع يديه في دعاء خطبة الجمعة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولا في الدعاء في التحيات، لا يرفع، ولا إذا سلم من الصلاة الفريضة لا يرفع؛   (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (420). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 238 لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع في هذه المواضع، أما إذا رفع في دعوات، إذا دعا ربه بينه وبين ربه، أو بعد النافلة رفع بعض الأحيان بعد النافلة فلا حرج، أما في دعائه بين الخطبتين هذا هو محل النظر، لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع بين الخطبتين، ولا دعا بين الخطبتين، فالأفضل الترك في هذا، يدعو بينه وبين نفسه فقط. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 239 160 - مسألة في بيان ساعة الإجابة من يوم الجمعة س: وما أرجى وقت لاستجابة الدعوة يوم الجمعة سماحة الشيخ؟ (1) ج: إذا جلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، وكذلك بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس هذا أرجى يوم الجمعة، من صعوده المنبر حتى تنتهي الصلاة وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس هذا أرجى وقت الدعوة في يوم الجمعة، ساعة الجمعة.   (1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (420). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 239 س: تقول السائلة: متى تكون ساعة الإجابة من يوم الجمعة، هل بين أذان الظهر الأول والثاني أم من صلاة العصر إلى أن يحين أذان المغرب؟ (1) ج: الجمعة كل ساعاتها مظنة الإجابة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر   (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (140). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 239 أن فيها ساعة لا يرد فيها سائل، وهي ساعة قليلة، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة الإكثار من الدعاء يوم الجمعة من أوله إلى آخره، لكن أحرى الساعات وقتان، أحراها بالإجابة وقتان: أحدهما حين يجلس الإمام للخطبة يوم الجمعة على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، جاء فيها حديث رواه مسلم في الصحيح أنها ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة، وقد أعله بعضهم بالوقف على أبي بردة، والصواب أنه متصل مرفوع، رواه مسلم في الصحيح، والوقت الثاني ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، جاء فيها حديث أيضا، هذان الوقتان هما أرجى الساعات وأحراها بساعة الإجابة، ولكن مع ذلك يستحب الدعاء في جميع أوقات الجمعة حرصا على هذه الساعة. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 240 س: ما هو أرجى وقت لساعة الإجابة في يوم الجمعة؟ جزاكم الله خيرا (1) ج: يوم الجمعة فيه ساعة لا يرد فيها سائل، من سأل الله وتضرع إليه وأخلص له وصدق في الدعاء كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، ذكر أنه فيه ساعة لا يرد فيها سائل، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن أرجى وقت لهذه الساعة وقتان: أحدهما إذا جلس الإمام يوم الجمعة على المنبر للصلاة والخطبة؛ لأن فيه حديثا صحيحا   (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (289). الجزء: 13 ¦ الصفحة: 240 رواه مسلم عن بريدة، أن هذه الساعة لا يرد فيها السؤال ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى أن تقوم الصلاة يوم الجمعة. والوقت الثاني ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، جاء في ذلك أحاديث أيضا تدل على أن هذا الوقت ترجى فيه الإجابة من يوم الجمعة، ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، هذا الوقت الثاني، وجميع أوقات الجمعة كلها محل دعاء إذا دعاء بعد صلاة الجمعة والصبح، في جزء من يوم الجمعة، هو وقت ترجى فيه الإجابة، لكن هاتان الساعتان أرجى الساعات للإجابة، وهو ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقوم الصلاة، وما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس. الجزء: 13 ¦ الصفحة: 241