الكتاب: تاريخ المدارس الوقفية في المدينة المنورة المؤلف: طارق بن عبد الله حجار الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: العدد 120 - السنة 35 - 1423هـ/2003م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- تاريخ المدارس الوقفية في المدينة المنورة طارق بن عبد الله حجار الكتاب: تاريخ المدارس الوقفية في المدينة المنورة المؤلف: طارق بن عبد الله حجار الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: العدد 120 - السنة 35 - 1423هـ/2003م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] مقدّمة الحمد لله والصلاة والسلام على سيد الخلق وخير من أوقف نبي الرحمة محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. يقول ربنا تبارك وتعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة/ 261) رسول الرحمة الرؤوف الرحيم ويؤكد ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل إلاّ الطيب فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل " 1. من خلال هذا التوجيه المبارك اندفع المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم إلى مثل هذا العمل الفاضل فقد جاء عن ابن عمر قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال يا رسول الله: " أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس منه، فكيف تأمرني به ". قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث " 2. فمن أهمية الوقف في الإسلام ، أنه نوع من أنواع الترابط والتكافل الاجتماعي وربط السلف بالخلف وخدمة طلاب العلم والعلماء وإعمار المساجد والبر بين أبناء المسلمين، فمن خلال التوجيهات القرآنية والأحاديث النبوية قام المسلمون فدفعوا أكارم وأنفس أموالهم لله تعالى ثم لأبناء المسلمين ولقد استفاد العالم الإسلامي ومازال في ظل هذه الصدقات الجارية لبناء المساجد ودور العلم والمكتبات والأربطة والمدارس الوقفية في معظم دول العالم الإسلامي.فحدود البحث في تاريخ المدارس الوقفية المنقرضة في المدينة النبوية من   1 صحيح البخاري. د - ت، 2 / 134. 2 صحيح مسلم. د - ت، 3 / 1255. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 القرن السادس إلى ما قبل عام 1340هـ. ويهدف الباحث من دراسته إلى إبراز مكانة الوقف في التربية والتعليم في ظل تطبيق تشريع الدين الإسلامي الحنيف، وإلى التأكيد على أهمية مثل هذه المشاريع الحيوية التنموية بغية الاستمرار عليها حتى تستمر الروابط بين المسلمين وذلك من خلال مسح تاريخي شامل للمدارس الوقفية المنقرضة في المدينة المنورة سيدة المدن والأنموذج في الاستفادة من هذا النظام الإسلامي في الوقف. والمنهج المناسب الذي طبق هو المنهج التاريخي الوصفي الذي يعطي صورة واضحة عن مدى حجم الأوقاف التعليمية التي انقرضت في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. الدراسات السابقة: تعددت الدراسات حول الوقف وأهميته وفوائده في المجتمع المسلم، إلاّ أن الباحث لم يتمكن من الاطلاع على دراسات ذات صلة مباشرة بموضوع دراسته الحالية. لكنه استفاد بدون شك من مجمل الدراسات التي عرضت للوقف أو لمست جانباً ممّا له علاقة بالمدارس الوقفية بدور الوقف في العملية التعليمية.ومن أهمها بحوث الندوتين اللتين عقدتهما وزارة الشؤون الإسلامية بالمدينة المنورة ومكة المكرمة عامي 1419 و 1420?، حيث كان عنوان الأولى: المكتبات الوقفية في المملكة العربية السعودية، والثانية: مكانة الوقف وأثره في الدعوة والتنمية. وسيعرض الباحث في الجزء التالي بعض الدراسات التي استفاد منها باختصار. - دراسة الدكتور محمد بن عبد الرحمن الحصين التي كانت بعنوان: دور الوقف في تأسيس المدارس والأربطة والمحافظة عليها في المدينة المنورة قد عنيت الدراسة بجانب العمارة والتخطيط، كما عنيت بذكر الجانب التاريخي لبعض المدارس الوقفية بالمدينة المنورة، وقد استفاد الباحث في تحديد بعض أسماء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 المدارس الوقفية في المدينة المنورة. - دور الوقف في العملية التعليمية لعبد الله بن عبد العزيز المعيلي المقدم لندوة مكة المكرمة، الذي تحدث عن المجالات التعليمية التي شملها الوقف في العصور السابقة ومنها الوقف على المدارس، وقد ذكر الباحث عدداً منها مثل المدرسة الصالحية بمصر والظاهرية بدمشق والسعودية ببغداد ثم انتقل لبيان حال الوقف على المكتبات حيث ساهمت أموال الواقفين من تنمية تلك المكتبات وتزويدها بما تحتاجها ويحتاجه طلاب العلم المرتادون لها، مما كان له كبير الأثر في نشر العلم والتعليم. ومكن من تلك المكتبات ما هو كائن في مدن الشام والعراق والقاهرة إضافة إلى ما عرف منها في مكة المكرمة والمدينة المنورة.ولم يهمل الباحث الحديث عن الأوقاف المخصصة للمعلمين والمتعلمين. والجيد في هذه الدراسة ما تضمنته من تصور مقترح وآلية مناسبة لتفعيل دور الوقف في العملية التعليمية. - كما إن اطلاع الباحث على دراسة الدكتور/صالح بن سلمان الوهيبي، بعنوان: دور الوقف في دعم المؤسسات والوسائل التعليمية المقدم للندوة السالفة الذكر، أفاده في زيادة معرفته بمزايا الوقف على المؤسسات التعليمية ودوره في دعمها وزيادة فاعليتها في أداء واجباتها بالشكل الذي يحقق أهدافها. وقد خصص الباحث جزءاً من دراسته لإيضاح دور الوقف في توفير المباني التعليمية والوسائل التعليمية، حيث نادى بتخصيص جزء من ريع الوقف للاهتمام بهما وتمويل احتياجاتهما لأنهما من الجوانب الهامة في العملية التعليمية. - ومن دراسات ندوة: مكانة الوقف وأثره في الدعوة والتنمية دراسة سليمان بن صالح الطفيل وعنوانها: الوقف كمصدر اقتصادي لتنمية المجتمعات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 الإسلامية، الذي حدد هدف بحثه بابراز اسهام الوقف في دعم الاقتصاد وتنمية المجتمعات الإسلامية، ومن أهم النتائج التي توصل إليها الباحث حاجة المجتمعات الإسلامية إلى إعادة الاعتبار الاقتصادي للوقف في عملية التنمية، وألاّ يقتصر الاستثمار في رأس المال فحسب، وإنما يتسع ليشمل الاستثمار في رأس المال البشري الذي يفيد أفراد المجتمع. كما يشمل الاستثمار في رأس المال الاجتماعي اللازم لمساندة التنمية ودفع مسيرتها. - ومن البحوث والدراسات التي تناولت جانب الافادة من البحث العلمي في خدمة الوقف، دراسة الدكتور ناصر بن سعد الرشيد الأستاذ بجامعة الملك سعود الذي أوضح في دراسته تسخير البحث العلمي في خدمة الأوقاف وتطويرها المقدمة لندوة مكة المكرمة، حيث أورد أسماء عدد من المدارس التي أوقف عليها كم كبير من الأموال والعقارات، وذكر أن منها مدرسة فيما وراء النهر كانت تسع ثلاثة آلاف طالب، ينفق على الدراسة فيها من أموال موقوفة لهذا الغرض. وعلى كل فإن إفادة الباحث من ندوة مكانة الوقف وأثره في الدعوة والتنمية كان مجملاً وبشكل عام إذ لم تتضمن أبحاث تلك الندوة موضوع الدراسة بشكل مباشر، بل إن الجهد المتواضع الذي بذله الباحث في تقصي الدراسات السابقة حول موضوعه أبرز عدم توفر دراسات تتصل به. والباحث يسأل الله العظيم أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه، وما أصبت فمن الله وما أخطأت فمن نفسي. وفيما يلي عرض عن الوقف في الإسلام وأثره في المجتمع المسلم ثم عرض تاريخي وصفي للمدارس الوقفية في المدينة المنورة منذ القرن السادس الهجري وحتى سنة 1340هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 الفصل الأول: الوقف في الإسلام أولاً- معنى الوقف لغة واصطلاحاً: أ - المعنى اللغوي: الحبس يقال: "وقف الأرض للمساكين وقفاً، أي حبسها"1. ب- في الاصطلاح: فقد اختلفت عبارات الفقهاء في تحديد معنى الوقف تبعاً لاختلافهم من حيث الشروط والأركان: 1- المذهب الحنفي: حبس العين على حكم ملك الله والتصدق بالمنفعة2. 2- المذهب الشافعي: تحبيس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، بقطع تصرف الواقف وغيره في رقبته، ويصرف في جهة خير تقرباً إلى الله تعالى3. 3- المذهب الحنبلي: تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة4. 4- المذهب المالكي: جعل منفعة مملوك ولو بأجرة، أو غلقه لمستحقه بصيغة مدة ما يراه المحبس5 ثانياً- مشروعيته: وقد دل على مشروعيته كل من: 1- القرآن الكريم: ورد في كتاب الله تعالى نصوص تحث وتدفع أتباعه   1 ابن منظور: لسان العرب. د - ت، 9 / 359، مادة: وقف. 2 المرغيناني: الهداية. د - ت، 3 / 13. 3 النووي: تحرير ألفاظ التنبيه، 1408?، 3 / 550. 4 ابن قدامة: المغني. د - ت، 5 / 597. 5 الدردير: أقرب المسالك. د - ت، 5 / 373. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 على البذل والإنفاق وفعل الخيرات. والوقف إلاّ جزء من أعمال البر وفعل الخير قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (آل عمران/92) . ويقول جل من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} (البقرة/67) . 2 - السنة النبوية:جاء في كتب السنة أحاديث متعددة تدل على مشروعية الوقف، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم: " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلاّ من ثلاث إلاّ من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " 1. قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: "وفيه دليل لصحة أصل الوقف وعظم ثوابه"2. 3- الإجماع: أجمع العلماء على مشروعيته، قال الرفاعي: "اشتهر إنفاق الصحابة على الوقف قولاً وفعلاً "3. كما قال الترمذي في حديث عمر رضي الله عنه الذي مرّ ذكره في المقدمة: "هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم، ولا نعلم بين المتقدمين منهم على ذلك اختلافاً في إجازة وقف الأرض وغير ذلك "4. ثالثاً - الحكمة من مشروعيته: الحكم في العبادات كثيرة ومنها على سبيل المثال: 1- الحكمة من الوضوء: قال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} (المائدة/6) .   1 صحيح مسلم: مصدر سابق. د - ت، 3 / 1255. 2 النووي: شرح صحيح مسلم. د - ت، 6 / 96. 3 الرافعي: فتح العزيز. د - ت، 6 / 240. 4 الترمذي: سنن الترمذي. د - ت، 6 / 144. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 2- الحكمة من الصلاة: قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (العنكبوت/45) . 3- الحكمة من الصيام: قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة/183) . وتكاليف الشريعة الإسلامية ترجع إلى حفظ مقاصدها في العبادة، والمقاصد ثلاثة أقسام: 1- ضرورية: فالضرورة معناها أنها لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا. 2- حاجية: والحاجيات معناها أنها يفتقر إليها من حيث التوسع، ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج، والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب. 3- تحسينية: وأما التحسينات فمعناها الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات، والوقف لا شك أنه من التحسينات والوقف من هذا الجانب يتميز عن بقية الصدقات والهبات بأمرين: الأول: الاستمرارية: 1- استمرارية الأجر والثواب وهذا هو المقصود من الوقف من جهة الواقف. 2- استمرارية الانتفاع به في أوجه الخير والبر، وعدم انقطاع ذلك بانتقال الملكية وهذا هو المقصود من الوقف من جهة انتفاع المسلمين به. الثاني: الاستقلالية: تعرضت الأمة الإسلامية في ماضيها إلى بعض الشدائد والمحن أدت إلى وقوع بعضها تحت سيطرة الأعداء، فكان الوقف الشرعي هو السبيل إلى استمرار الأعمال الخيرية واستقلالها حيث استمرت المناشط الدعوية والتعليمية والإغاثية والإنفاق على المدارس والمساجد والأربطة والمكتبات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 كما أن للوقف فوائد من الواقع الملموس والمشاهد أنه يؤدي إلى تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين أفراد الأمة الإسلامية، وفيه تحقيق لمصالح الأمة وذلك بتوفير احتياجاتهم ودعم تطورهم ورقيهم. كما أنه ربط الخلف بالسلف كما في قوله جل من قائل: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ. . .} (الآية الحشر/10) . وفيه بقاء للمال وتكفير للذنوب وغير ذلك من المصالح الإنسانية. رابعاً- أركانه وشروطه: 1- أركان الوقف: هناك اختلاف في أركان الوقف بين الفقهاء وخلاصة القول الذي أميل إليه هو ما قاله النووي:" إن أركان الوقف أربعة: الواقف والموقوف والموقوف عليه والصيغة "1. وأما الألفاظ التي ينعقد بها الوقف، فقد قسمها الفقهاء إلى قسمين: أ - الألفاظ الصريحة: وهي التي يدل عليها الوقف بدون قرينة لاستعمالها في هذا المعنى وهي الوقف والحبس والتسبيل. ب - الألفاظ الكنائية: وهي التي تحتمل معنى الوقف وغيره كلفظ الصدقة، والنذر فلا ينعقد بها الوقف إلاّ إذا اقترن بها ما يفيد معناه مثل تصدقت صدقة موقوفة أو محبسة أو سبلة على أن لا تباع ولا توهب ولا تورث2. 2- شروط الوقف: وهي شروط تتعلق بأركان الوقف كما يلي:   1 النووي: روضة الطالبين. د - ت، 5 / 314. 2 الشيرازي: المهذب في المذهب. د - ت، 1 / 442. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 أ - شروط الواقف: يشترط في الواقف: العقل- البلوغ - الحرية - الاختيار - ألاّ يكون محجوزاً عليه لسفه وفلس. ب - الموقوف: يشترط في الموقوف ما يلي: أن يكون معلوماً – أن يكون ملكاً للواقف أن يكون في عين يجوز بيعها ويمكن الانتفاع بها دائماً مع بقاء عينها. ج - الموقوف عليه: يشترط في الجهة الموقوف عليها ما يلي: أن يكون الموقوف عليه جهة بر أن يكون الجهة الموقوف عليها غير منقطعة أن لا يعود الوقف على الواقف وفيه أقوال مختلفة، ذكرها الشيرازي 1، ولموضوع الوقف من الجانب الفقهي مداخل وأبواب كثيرة لم يتطرق إليها الباحث لأنها من الأمور الخاصة بالفقهاء. بل اكتفى بأخذ ما يتناسب مع بحثه. من خلال ما تقدم وقفنا على المعنى اللغوي والاصطلاحي للوقف ومشروعيته والحكمة منه ثم أركانه وشروطه والفصل التالي من الدراسة يتناول أثر الوقف في المجتمع المسلم وذلك بعرض موجز للوقف قبل الإسلام ثم بعد ظهور الدين الإسلامي من خلال سرد بعض النماذج الوقفية.   1 الشيرازي: المهذب، مصدر سابق. د - ت، 1 / 441. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 الفصل الثاني: أثر الوقف في المجتمع المسلم أولاً- الوقف عند غير المسلمين: لقد عرفت البشرية قبل الإسلام شيئاً عن الوقف، وقد ورد أن الوقف قد عرف عند الفراعنة في مصر إذ ذكر بعض المؤرخين أنه قد عثر على صورة وثيقة تبين أن والداً وهب ولده الأكبر أعياناً وأمره بصرف غلالها على إخوانه على أن تكون تلك الأعيان غير قابلة للتصرف فيها1. كما عرف الرومان الوقف إذ ينسب لجستنيان إمبراطور الرومان أنه قال: "إن الأشياء المقدسة كالمعابد، والنذور، والهدايا، ومما يخصص لإقامة الشعائر الدينية لا تجوز أن تباع أو ترهن، ولا يجوز أن يمتلكها أحد"2. أما في العصر المتأخر فقد انتشر عند الألمان فكرة الوقف: على المعابد والكنائس، وحسب الإحصاءات التي نشرت فإن مدخرات الكنيسة في ألمانيا وميزانيتها في ازدياد، بل أنها تمثل أرقاماً عالية. فالأصل في الوقف عندهم أنه لا يباع ولا يوهب ولا تورث عينه وليس للمستحق فيه سوى المنفعة التي يتلقاها حسب ترتيب درجته في الاستحقاق3. شهدت فرنسا انتشاراً في الأوقاف على دور العبادة والملاجئ والمدارس والمستشفيات حتى أنها شملت في القرن السادس عشر في عهد لويس الثاني عشر حوالي ثلث مساحة فرنسا.وعند قيام الثورة الفرنسية اعتبرت تلك   1 يكن: الوقف في الشريعة والقانون. 1388هـ183. 2 الكبيسي: أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية. 1397، 1/25. 3 مدكور: الوقف من الناحية الفقهية والتطبيقية. 1380هـ7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 الأوقاف ضمن أموال الدولة. إلى أن صدر قانون النظام الخيري الذي وفق بين فكرة الوقف الخيري وبين المصلحة العامة. ونتيجة لذلك فقد مكّنها من غزو معظم دول العالم بنشر معتقداتها وأنشطتها التبشيرية1. الوقف عند الأمريكيين يتبع النظام الأمريكي نوعاً من التصرفات المالية يسمى The Trust وهو عبارة عن: "إقامة أمانة خاصة بمال معين تلزم الذي يجوز هذا المال بعدة التزامات تهدف إلى استغلاله لفائدة طرق أخرى"2. وقد أسهم مثل هذا الوقف بكثير من الأعمال ذات المصلحة العامة، ممثلاً في استغلال التبرعات واستثمارها لصالح الجهة المستفيدة التي لا يشترط أن تعين باسمها، بل يكفي أن تحدد بأوصافها: الفقراء، طلبة كلية معينة أو اليتامى وغير ذلك. هذا عرض موجز للأوقاف عند غير المسلمين قبل الإسلام وما بعده أما الوقف عند المسلمين وأهميته في المجتمع المسلم كما يلي: ثانياً- تطور نشأة الوقف في الإسلام وانتشاره في الوقت الحاضر: تطور الأوقاف لدى المسلمين في صورة لا نظير لها في أمم الأرض، فقد شهدت نمواً كبيراً إلى أن باتت ذات أثر رئيسي في كفاية ذوي الحاجات، وتنوعت مجالاتها، فلم تدع فئة من المجتمع تفتقر إلى العون إلاّ وشملتها بالعناية، يستوي في ذلك الأيتام والفقراء والمساكين والأرامل والمرضى والعجزة والمسنون والمعاقون وطلبة العلم وعابرو السبيل وغيرهم.   1 الكبيسي: مصدر سابق. 1397هـ1 / 26 – 27. 2 الكبيسي: مصدر سابق. 1397هـ1 / 30 – 32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 نماذج وقفية عبر العصور: 1- العصر النبوي: يُرْوَى أن أول وقف في الإسلام كان صدقة الرسول صلى الله عليه وسلم التي تمثلت في أراضي مخيريق اليهودي، الذي أعلن قبل معركة أحد أنه إذا أصيب فإن أمواله ?- وكانت سبعة بساتين بالمدينة -? لمحمد صلى الله عليه وسلم يضعها حيث أراه الله وقتل مخيريق في غزوة أحد، فأصبحت أمواله في عامة صدقات الرسول صلى الله عليه وسلم فأوقفها صلى الله عليه وسلم1. 2- عهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين: الرعيل الأول رضي الله عنهم هم أكثر ترسماً لخطوات الرسول صلى الله عليه وسلم ومتابعة لهديه. فقد حبس أبو بكر الصديق رضي الله عنه رباعاً له بمكة المكرمة وأوقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه الأرض التي أصابها بخيبر كما تقدم. وأوقف عثمان بن عفان رضي الله عنه بئراً التي اشتراها وأوقفها للسقيا. وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أوقف بستاناً على الفقراء والمساكين وفي سبيل الله وابن السبيل والقريب والبعيد في السلم والحرب. كما أوقف الزبير بن العوام رضي الله عنه دوره على بنيه لا تباع ولا تورث ولا توهب.كما أوقف معاذ بن جبل رضي الله عنه داره التي تسمى دار الأنصار.كما تبعهم سعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وجابر بن عبد الله وعقبة بن عامر وعبد الله بن الزبير وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم. وتوالت أوقاف الصحابة رضي الله عنهم، وسار على نهجهم المسلمون في كل زمان ومكان ينفقون أموالهم تقرباً لله تعالى راجين رحمته وغفرانه والجنة. 3- عهد الأمويين: لقد أمر الخليفة هشام بن عبد الملك بإنشاء إدارة للأوقاف بمصر، وكانت الأوقاف التي خصصت منفعتها للفقراء والمساكين آنذاك بأيدي واقفيها   1 الشوكاني: نيل الأوطار. د - ت، 6 / 22. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 فتسلمها منهم القاضي توبة بن نمر تولى الاشراف عليها. ثم تطورت إدارة الأوقاف حتى شملت الأراضي الزراعية والجوانب والبساتين مما أدى إلى اتساع نطاق الأحباس وجهات التصدق1. 4- عهد المماليك: نتيجة لكثر الأوقاف والأحباس في العهد المملوكي اضطرت إلى إنشاء دواوين للأوقاف منها ديوان أحباس المساجد، ديوان الأوقاف الأهلية، ديوان أحباس الحرمين الشريفين وجهات البر الأخرى كما أنشأ الفاطميون ديواناً عاماً للأوقاف بمصر2. 5- عهد العثمانيين: حين تولى العثمانيون الحكم في البلاد الإسلامية، اتسع نطاق الوقف فيها وذلك بسبب إقبال السلاطين، وولاة الأمور وأسرهم والمحسنين على الوقف ومن أجل تنظيم الأوقاف وضبط مصارفها، أقام العثمانيون إدارات خاصة بها، استمر العمل بها في معظم البلاد الإسلامية بعد انحسار الدولة العثمانية3. 6- الدولة السعودية: بعدما أتم الله الحكم للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود- رحمه الله - وبعدما وحد الدولة وأقام حدود الله وشرعه على العباد، ومن أوّل ما اهتم به هو القضاء والاهتمام بالحرمين الشريفين والأوقاف وكان ذلك حين أصدر مرسوماً ملكياً كريماً في 27/12/1354هـ يربط إدارات الأوقاف وفروعها بمدير عام مقره مكة المكرمة، وتلى ذلك تنظيمات كثيرة كلها ترمي   1 أبو زهرة: مجموعة محاضرات في الوقف. 1971م، 8. 2 أبو زهرة: مصدر سابق. 1971م، 14. 3 يكن: مصدر سابق. 1388هـ، 185. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 إلى الإصلاح من وضع الأوقاف في البلاد حتى تتم الفائدة المنشودة1. ما تقدم موجز عن تطور الوقف عبر العصور الإسلامية منذ العهد النبوي المبارك وإلى العهد السعودي الميمون. وفيما يلي عرض لأثر الوقف على متطلبات حياة المسلمين. ثالثاً- الوقف وتنمية الحياة الاجتماعية في المجتمع المسلم: لقد أسهم الوقف في المجتمعات الإسلامية في إنماء كثير من أمور حياتهم الاجتماعية والدينية والتعليمية. فقد أنشئت بأموال الواقفين مدارس ومعاهد متنوعة مجانية بل وتعطي مخصصات ومساعدات لأسر المتعلمين فيها وخصوصاً تعليم القرآن الكريم والحديث الشريف وعلوم الشريعة والعلوم المساندة وإقامة المستشفيات التي تعالج المرضى لوجه الله. كما عنى الواقفون بوقف الكتب للمكتبات العامة، والمكتبات المدرسية، وفي أروقة المساجد، التي أسهمت بحظ وافر في نشر العلم وبث المعرفة المنبثقة من الكتاب والسنة والعلوم الشرعية الأخرى بين مختلف طبقات أفراد الأمة كباراً وصغاراً ذكوراً وإناثاً وافدين ومقيمين. واتسعت المجالات وتعددت حتى شملت المجالات التالية: 1- المجال الديني: ويتمثل ذلك جلياً في إنشاء المساجد وتوسعتها وإضاءتها وفرشها والقائمين على نظافتها حتى أن هناك وقفاً اسمه وقف الكناسين للمسجد النبوي الشريف ناظره اليوم الشيخ عبد الفتاح بن أسعد حجار.   1 المنيف: دور أئمة آل سعود في وقف المخطوطات. محرم 1420 10-11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 والمساجد في الإسلام لها تاريخ عريق ومشرق وخصوصاً من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده ثم الدولة الأموية والعباسية والعثمانية حتى اليوم نرى الاهتمام بالحرم المكي والحرم المدني في عهد الدولة السعودية والتوسعة الرائعة الأخيرة ما هو إلاّ دليل على اهتمام أولياء أمور المسلمين ببيوت الله في أرضه وخلقه. ولو تتبعنا التاريخ الإسلامي للمساجد لوجدنا أن أول مسجد بني في الإسلام هو مسجد قباء ثم المسجد النبوي الشريف ثم مساجد الكوفة والبصرة والمسجد الأموي ومسجد القيروان وابن طولون وكثير جداً من أمصار العالم الإسلامي1. 2- المجال التعليمي: أ - الأربطة: كانت في بدايتها تستعمل للجند لحراسة الثغور في معظم الدول الإسلامية وبمرور الزمن ومع إقبال الناس على المرابطة، أضافت تلك الأربطة إلى وظيفتها الجهادية العسكرية وظيفة التدريس والتأليف من قبل العلماء والفقهاء المرابطين فيها، وقد حظيت باهتمام المسلمين فكثر الواقفون عليها. وخلال القرن الثالث والرابع الهجريين ازدهرت الأربطة بسبب ما وقف عليها أهل الخير من الإمداد. فقصدها طلاب العلم من كل صوب لطلب العلم ومما ساعد على ذلك وجود السكن والاعاشة ثم أخذ بعض العلماء والمشايخ والفقهاء يقيمون بها فوفد إليها من يتلقى عنهم العلم والفنون المختلفة بها. ولم تكن الربط خاصة بالرجال بل للنساء ففي عام 684 هـ، أنشئ رباط السيدة زينب في مصر2.   1 الرفاعي: من روائع حضارتنا. 1977م، 129. 2 معروف: أصالة حضارتنا العربية. 1975م، 351. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 ب- الخوانق: كلمة فارسية الأصل بمعنى البيت وتبنى على هيئة مسجد بدون مئذنة، يحيط بها عدد من الغرف، مخصصة لاستقبال الفقراء وعابري السبيل لإقامتهم بها وقد رتب فيها العلماء والمشايخ دروساً في مختلف العلوم وخصوصاً القرآن والسنة والفقه الإسلامي. ج- الزوايا: أصغر حجماً من الخانقاه وتقام على الطرق والأماكن الخالية أو في أحد زوايا المسجد وكان هناك من يقف عليها وعلى مرتاديها من الفقراء وعابري السبيل، ويخصص لها مدرس لتدريس القرآن الكريم والعلوم الشرعية المختلفة د- الخلوة: سميت بذلك لأن المعلم يخلو بطلابه. وكان يدرس بها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وعلوم الشريعة المختلفة. ويكثر استخدامها في الدول الإسلامية في إفريقيا، وخاصة السودان الذي أنشئت فيها منذ القرن التاسع الهجري وما تزال قائمة حتى الآن1. هـ- الكتاتيب الموقوفة: الكتاتيب هي المؤسسة التي تعنى بتعليم المبتدئين من الصبيان. والقرآن الكريم والقراءة والكتابة ومبادئ علوم الدين. ولما كان تعليم الأولاد يعد أمراً شرعياً وواجباً دينياً تقع مسؤولية القيام بع على عاتق الآباء. تولي أولياء الأمور والمحسنون من المسلمين أمر إنشاء الكتاتيب والانفاق عليها وشارك في هذا الفضل المعلمون الذين كانوا يقومون بمهنة التدريس احتساباً، وخاصة في العهد الأول للإسلام.   1 معروف: مصدر سابق. 1975م، 465. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 ثم انتشرت الكتاتيب العامة الموقوفة بعد ذلك عبر العصور حتى أصبح الكتَّاب في بلاد ما وراء النهر يضم الأطفال اليتامى والفقراء والمساكين حتى أصبح كتَّاب الضحاك بن مزاحم عام 105هـ يحتوي على أكثر من ثلاثة آلاف طفل. كما أصبحت بالشام كتاتيب موقوفة لتعليم أبناء المسلمين حول الجامع الأموي بدمشق. ثم تلا بعد ذلك الكتاتيب في مصر وفي عهد المماليك ثم الدولة العثمانية وخصوصاً الكتاتيب التي أقامتها في مكة المكرمة والمدينة المنورة 1، حتى جاء عهد الملك عبد العزيز فتم الاستغناء عنها بالمدارس النظامية المجانية. و المدارس الوقفية: ظهرت المدارس نتيجة للنمو العلمي ومواكبة متطلبات العصر وبصفة عامة للوقوف أمام التيارات الفكرية والإلحادية والعقيدة المنحرفة. والمدارس عبارة عن مؤسسات تعليمية مستقلة اختير للتدريس فيها العلماء الأكفياء وطلابها متفرغون ووقفت لهم المصروفات والإعاشة والانفاق فضلاً عن الدراسة والعلاج.ومن ضمن أشهر المدارس: 1- المدرسة النظامية التي أسسها الوزير نظام الملك عام 459? في بغداد. 2- المدرسة النورية التي أسسها نور الدين زنكي بالشام 2. كما انتشرت المدارس الموقوفة في مكة المكرمة والمدينة المنورة ويأتي الحديث عن المدارس الوقفية في المدينة النبوية في الفصل الثالث. 3- المجال الثقافي المكتبات: المكتبات وسيلة لنشر الثقافة والعلوم المختلفة، وقد عرفت المكتبات عبر العصور بأسماء عديدة مثل:   1 معروف: مصدر سابق. 1975م، 231. 2 رضا: أحكام الوقف. 1357هـ، 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 خزانة الكتب -بيت الحكمة - دار العلم - دار الكتب - دور الحكمة وبعضها كان في المساجد والمدارس والمستشفيات1. فالمكتبات انتشرت في الأمصار المختلفة وخصوصاً في العراق والشام ومصر. 4- المجال الصحي البيمارستانات: كلمة فارسية معناها المستشفى وهي أماكن للعلاج ودراسة الطب للمسلمين. ولقد كانت خيمة الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد والخندق أول مكان لعلاج المصابين وكانت رفيدة رضي الله عنها قائمة بخدمة المصابين ومن بينهم سعد بن معاذ رضي الله عنه. ثم توالى انتشار مثل هذه المستشفيات عبر العصور الإسلامية. من بداية عهد الوليد بن عبد الملك عام 88 هـ حتى عصرنا الحاضر2. 5- المجال الاجتماعي: قد نشط الوقف في الإسلام حتى سد حاجة المجتمع الاجتماعية التي تحتاج إليها مختلف فئات المجتمع ومن هذه: أ - وقف لختان الأولاد اليتامى. ب- وقف لرعاية الغرباء. ج - الأوقاف لتزويج الفقيرات والمكفوفين والمعوزين. د - وقف للقرض بدون فائدة. هـ - وقف السبل والآبار. فالوقف في الإسلام أسهم في تقديم الخدمات التي تحتاجها المجتمعات الإسلامية وقد اجتهد المسلمون في تلمس الاحتياجات وسد الثغرات في الحياة   1 الحموي: معجم الأدباء. 1908م، 5 / 467. 2 معروف: مصدر سابق. 1975م، 343. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 الاجتماعية في المجتمعات المسلمة. للوقف في الإسلام مكانة في التنمية والتطوير، كما يمتاز بالشمولية والحكمة والتوازن. فالإسلام وضع أصولاً وقواعد رئيسية لتنظيم الحياة الاقتصادية بين الأفراد والجماعات، وهي أصول تقوم على العدل والبعد عن المخادعة وأكل أموال الناس بالباطل خلافاً للمفهوم عند غير المسلمين. ويمكن تلخيص أهم آثار الوقف فيما يلي: 1- الإسهام في حفظ الأصول المحبسة من الاندثار. 2- حفظ أجزاء من أعيان الأموال لنفع الأجيال القادمة. 3- نفع المستحقين بإعانتهم على تلبية حاجاتهم. وخلاصة القول أن الوقف منهج متكامل دينياً وتعليمياً واجتماعياً واقتصادياً انفرد الإسلام بتشريعه والحث عليه لذا نجد معظم الأوقاف الخيرية اهتمت بتعليم الإنسان المسلم من خلال دور العلم عبر القرون. وفي الفصل التالي سوف نخصص الحديث عن المدارس الوقفية في المدينة النبوية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 المدارس الوقفية في المدينة المنورة ... الفصل الثالث: المدارس الوقفية في المدينة النبوية في هذا الفصل قام الباحث بمراجعة المراجع القديمة والمصادر الحديثة لكي يجد ما يسد موضوع البحث، غير أن المراجع القديمة لم يكن فيها ما يسد الغليل لأن المراجع جميعها لا تذكر سوى طرفٍ من تاريخ المدارس، لعلّ ما وصل إليه الباحث يحقق الهدف من البحث. كما قام الباحث بوصف ما وصل إليه من المعلومات عن المدارس الوقفية منذ القرن السادس الهجري وحتى ما قبل عام 1340هـ. وجميع هذه المدارس انقرضت إماّ بالضم أو التحويل أو بوفاة صاحبها أو انتقال الملك من أمة إلى أمة أخرى لأن هذه الفترة من بداية العهد المملوكي إلى نهاية حكم الأشراف بالمدينة المنورة وبعض ما بقي منها الآن تحول إلى مدارس لتحفيظ القرآن الكريم بنفس المسمى تحت إشراف الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة المنورة، أو رباط لسكنى المساكين. يتعذر تعيين تاريخ محدد للمدارس الوقفية بالمدينة النبوية، غير أن أول من ذكرها في قاصر علم الباحث – هو المؤرخ محمد بن أحمد المطري توفي عام 741هـ، حي أورد اسم المدرسة اليازكوجية والشهابية1، كما ذكر زين الدين أبي بكر المراغي 728 –816هـ نفس المدرستين في تاريخه2. أضاف عبد الله بن محمد فرحون المالكي في كتابه عن تاريخ المدينة المنورة 693 –769هـ المدارس التي كانت في أثناء إقامته بالمدينة المنورة وهي:   1 المطري: التعريف بما أنست الهجرة. 1374هـ، 39. 2 المراغي: تحقيق النصرة. 1374هـ، 42 و 77. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 المدرسة الشهابية، المدرسة الأزكجية، المدرسة الشيرازية، المدرسة الأركوجية1. كما أضاف السيد السمهودي 844 – 911هـ في تاريخ عن المدينة المنورة المدارس التالية: المدرسة الجوبانية، الكبرجية، الباسطية، الزمنية، الأشرفية، والمزهرية 2. فزاد السخاوي في التحفة اللطيفة على ما ذكره السمهودي المدرسة السنجارية والشهابية. وأخذت المدارس الوقفية تنتشر في المدينة المنورة في العهد العثماني حيث ذكر علي بن موسى في رسالته عام 1303هـ، أن بالمدينة المنورة عشر مدارس وأشهرها المدرسة المحمودية 3، كما ذكر إبراهيم رفعت باشا إن عدد المدارس عام 1318هـ، وصل إلى سبع عشرة مدرسة ذكر منها ثنتي عشرة مدرسة في عرضه للمكتبات في المدينة المنورة4. أما عن سبب مسميات المدارس فتنقسم إلى أربعة أقسام: 1- إما أن تحمل اسماً يدل على صفة مثل النظامية. 2- وإما أن تحمل اسم منشئ المدرسة مثل الصاقذلي. 3- وإما أن تحمل اسم المدرس في منزله مثل مدرسة الشيخ الباسطي 4- وإما أن تحمل اسم جنسية مثل الكشميرية. 5- وإما بسبب ما مثل الشفاء. وفيما يلي عرض للمدارس الوقفية حسب اسم المدرسة ومؤسسها   1 ابن فرحون: تاريخ المدينة المنورة.1417هـ، 44، 80، 118، 156. 2 السمهودي: خلاصة الوفاء. 1367هـ، 243 - 248. 3 موسى: رسائل في تاريخ المدينة المنورة. 1392هـ، 520. 4 رفعت: مرآة الحرمين. 1925م، 1 / 423. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 وتاريخ تأسيسها وموقعها ووصف لها حسب المتوفر في المراجع والمصادر. المدارس الوقفية في القرن السادس الهجري: ذكر المقريزي 766 – 845هـ بأن المدارس لم تعرف في بلاد المسلمين قبل سنة أربعمائة للهجرة1. ربما يعني المرفق الوقفي المهيأ أصلاً لتدريس العلوم الشرعية وغيرها من العلوم. أن الحركة العلمية والتعليمية في العالم الإسلامي في الفترة التي هاجم فيها المغول والتتار عليها، ظلت في حالة ركود وجمود. غير أن الله تبارك وتعالى تداركها بعونه ورحمته ولطفه فبدأت تنمو فيها الجهود حتى عادت الحركة العلمية والتعليمية إليها مرة أخرى. ولقد حظيت المدينة المنورة دار هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم الشيء الكثير ولله الحمد من أعاظم العلماء والأثرياء من المسلمين الذين استقروا فيها وقاموا بحركة التعليم والتعلم وذلك بإقامة المدارس والأربطة الوقفية. فأصبحت مهوى قلوب كثير من العلماء وطلاب العلم وكتب التاريخ والتراجم تشهد على ذلك والمدرسة في تلك العصور عبارة عن مكان للدرس وطلب العلم وسكنى للعلماء وطلاب العلم والمعتمرين والوافدين إما للزيارة أو المجاورة. لقد ذكر النعيمي أن هناك مدرسة بناها فخر الدين عثمان بن الزنجيبلي في مكة المشرفة، وله رباط بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. وكان ذلك في عام 577هـ2، ولعل هذا الرباط أول مدرسة في المدينة المنورة.   1 المقريزي: المواعظ والاعتبار. د - ت، 2 / 363. 2 النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس. 1410هـ، 1 / 404. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 المدارس الوقفية في القرن السابع الهجري: ومن المدارس التي أنشئت في المدينة النبوية المباركة في هذا القرن حسب ما وصل إلى علم الباحث من خلال المراجع والمصادر فهي كما يلي: 1- المدرسة الشيرازية: من الشيوخ المعمرين في المدرسة الشيرازية إبراهيم العريان الرومي رحمه الله، وهو المؤسس الثاني وكان أصله من الروم. فأقام بالمدينة فوق خمسين سنة على طريقة حسنة مستقراً في المدرسة الشيرازية له آثار حسنة أكثرها في المدرسة الشيرازية ولولاه لسقطت طبقاتها. أقام فيها تلك الأساطين حتى حملت السقف والرواشين وكانت المدرسة محترمة لا يدخلها إلاّ الأخيار من الناس. اشترى نخلاً وأوقفه عليها واجتهد في عمارتها بنفسه وماله توفي سنة 730هـ. ثم خلفه الشيخ سليمان الونشريسي من أصحاب ابن فرحون2. 2- المدرسة اليازكوجية الحنفية: مؤسسها بازكوج أحد أمراء الشام وعمل له فيها مشهداً دفن فيها بعد وفاته، تقع أمام باب النساء في الجهة الشرقية للمسجد النبوي في مكان دار أبي بكر الصديق رضي الله عنه كما تعرف بدار ريطة بنت أبي العباس أو زاوية السمان، وهي الآن داخلة ضمن التوسعة الجديدة للمسجد النبوي الشريف3. 3- المدرسة الشهابية: مؤسسها الملك المظفر شهاب الدين غازي الأيوبي، في مكان دار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه. وبنيت لجميع مذاهب الأئمة الأربعة كما أوقف عليها الأوقاف الكثيرة في الشام ولها في المدينة وقف من النخيل. وللمدرسة قاعتان   1 النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس. 1410هـ، 1 / 404. 2 ابن فرحون: مصدر سابق. 1417هـ، 118. 3 المطري: مصدر سابق. 1374هـ، 41. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 وفيها كتب نفسية، وبعد تولي ظهير الدين مختار مشيخة المسجد النبوي، ادخل الرعب في قلوب الشرفاء والأمراء واستخلص من أيديهم أوقافاً ومنها دار المدرسة الشهابية ومن الذين أوقفوا كتبهم عليها إبراهيم بن رجب الكلابي. ومن الذين أقاموا بها الشيخ عبد الله بن عبد الملك المرجاني صاحب كتاب: بهجت النفوس والأسرار في تاريخ دار هجرة المختار. وكذلك الشيخ علي بن الحسن الواسطي والشيخ أبو الربيع سليمان العماري، والشيخ محمد بن محمد الحيدري، والشيخ أبو عبد الله القصر والشيخ أبو عبد الله محمد بن سالم الحضرمي. وممن درّسوا بها محمد والد عبد الله فرحون، وأما عبد الله بن فرحون فكان مدرساً بها بمرسوم السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، ومن الذين أقاموا وتدرسوا في المدرسة محمد بن أحمد الجنيد، قدم من اليمن مهاجراً سنة 951هـ، وكان صوفياً فأقام بها الذكر وتربية المريدين وسميت بالزاوية الجنيدية1. 4- المدرسة الأركوجية: مدرسة ذكرت في تاريخ ابن فرحون الذي عاش بين 693 – 769هـ وقد درس فيها القاضي فخر الدين السنجاري أبو بكر توفي رحمه الله سنة 739هـ، فكان يدرس فيها على المذهب الحنفي. كما تولى التدريس على المذهب الحنفي بها شمس الدين محمد فخر الدين السنجاري وتوفي سنة 751هـ 2. 5- المدرسة الأزكجية: يقول ابن فرحون أدركت من الشيوخ الكبار علياً بن الحسن الواسطي كان من الأولياء ملازماً للصوم، كان إذا جاء المدينة المنورة سكن إحدى   1 الأنصاري: تحفة المحبين. د - ت، 158 - 159. 2 ابن فرحون: مصدر سابق. 1417هـ، 156. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 المدرستين إما الشهابية أو الأزكجية ويخدمه جمال الدين المطري توفي سنة 730هـ 1. المدارس الوقفية في القرن الثامن الهجري: شهدت المدينة النبوية في هذا القرن إنشاء مدارس عديدة حول المسجد النبوي الشريف ومن هذه المدارس: 1- المدرسة الجوبانية: مؤسسها هو جوبان أتابك العساكر عام 724هـ، في جهة الحصن العتيق عند باب الرحمة. وقد وصفت بأن ليس في المدينة المنورة مدرسة ولا رباط ولا دار أحسن بناء وأتقن وأمكن وأمتن، وأحصن منها مع شرف الجوار وقرب الديار وقرب الجدار بالجدار ولو صرف من أوقافها المعشار، لما وجدت أعمر منها، ولا أفخر ولا أشهر في جميع مدارس الأقطار2. 2- المدرسة الغياثية: مؤسسها الملك المنصور غياث الدين، ابن المظفر أعظم شاه، صاحب بنجالة من بلاد الهند، كان ملكاً جليلاً له حظ من العلم والخير. أنشأ مدرستين في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمدرسة التي بنيت في المدينة المنورة بالقرب من باب الرحمة أحد أبواب المسجد النبوي الشريف وعين لها مدرسين وجعل لها وقفاً توفي عام 814 هـ 3.   1 ابن فرحون: مصدر سابق. 1417هـ، 80. 2 السمهودي: وفاء الوفاء. 1404هـ، 1 / 702. 3 السخاوي: مصدر سابق. 1399هـ، 1 / 333. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 المدارس الوقفية في القرن التاسع الهجري: بدأ نمو وزيادة عدد المدارس الجديدة في الوقت الذي عاش فيه السخاوي في المدينة المنورة فمن المدارس إضافةً لما سبق: 1- المدرسة الكليرجية: مؤسسها السلطان شهاب الدين أحمد، سلطان كليرجة عام 838هـ، بالقرب من باب الرحمة غرب المسجد النبوي الشريف وهو موضع بيت عاتكة بنت يزيد بن معاوية رضي الله عنه1. 2- المدرسة الباسطية: مؤسسها القاضي عبد الباسط، سنة بضع وأربعين وثمانمائة من الهجرة، في موضع دار أويس، بالقرب من المدرسة المعروفة بالحصن العتيق من الناحية الشرقية من المسجد النبوي الشريف2. 3- المدرسة الزمنية: كانت دار أبي مطيع واشتراها وكيل الخواجا ابن الزمن، تقع في غربي المدرسة الباسطية3. 4- المدرسة الأشرفية أوالحصن العتيق: مؤسسها السلطان الأشرف فايتباي سلطان المماليك عام 887هـ، وتقع بين باب السلام وباب الرحمة من الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف وقد أوقف عليها الكتب المتنوعة، كما أوقف عليها الأوقاف، وخصص لطلابها مخصصات مالية4.   1 السمهودي: مصدر سابق. 1404هـ، 2/726/ السخاوي، مصدر سابق، 1/64. 2 السمهودي: مصدر سابق. 1404هـ، 2 / 722. 3 السمهودي: مصدر سابق. 1404هـ، 2 / 723. 4 السمهودي: مصدر سابق. 1404هـ، 2 / 643. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 5- المدرسة الرستمية: مؤسسها رستم باشا ابن الوزير قاسم باشا سنة 880هـ، حدث اختلاف في تاريخ إنشائها بين المحققين غير أن الباحث يميل إلى أنها أسست في القرن التاسع الهجري حيث أن ترجمة رستم باشا قد توفي عام 880هـ، يقع مبنى المدرسة في وسط حارة الأغوات أمام الفسحة التي تتوسط الطريق بين المسجد النبوي والبقيع. وهي من طابق واحد وتتكون من فناء مستطيل يحيط به ما يقارب من عشرين غرفة.وقد ذكر اسمها في سجل عام 968هـ عند تحديد أحد المواقع في حارة الأغوات1. المدارس الوقفية في القرن العاشر الهجري: 1- المدرسة المزهرية: مؤسسها الزيني كاتب السر، وهي كائنة في دار العشرة في الجهة الجنوبية من المسجد النبوي الشريف نزلها السخاوي عام 902هـ2. المدارس الوقفية في القرن الحادي عشر: 1- مدرسة قرة باش: أنشئت عام 1031هـ، في حارة ذروان في الجهة الجنوبية للمسجد النبوي الشريف في زقاق غير نافذ سمي باسمها ومؤسسها القاضي الذي عينته الدولة العثمانية في مكة المكرمة، وتتكون من عشرين غرفة من طابقين في وسطها فناء فيه نافورة وبعض النباتات وتتسع لخمسة وعشرين شخصاً، ومن الذين سكنوا ودرسوا بها الحاج محمد الأرنودي حين قدم إلى المدينة المنورة مجاوراً بها سنة   1 الحصين: دور الوقف. 1417هـ، 72. 2 السخاوي: مصدر سابق. 1399هـ، 1 / 64. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 1108هـ1. 2- مدرسة الخياري: يظهر أن هذه المدرسة من ضمن مدارس العلماء لأن عبد الرحمن بن علي ابن موسى الخياري جاء إلى المدينة المنورة. وكما قال صاحب خلاصة الأثر أن ابنه إبراهيم الخياري كان يدرس بها كما أنه أي عبد الرحمن توفى بالمدينة 1037 – 1083هـ. وللمدرسة مخصصات تأتيها من مصر2. 3- مدرسة محمد أغا دار السعادة: مؤسسها محمد أغا وهي من المدارس الوقفية التي أنشئت لاحتياجات طلاب العلم بالمدينة المنورة وتولى التدريس بها الشيخ يوسف أفندي بعد وفاة صهره فيض الله أفندي الرومي، ولم تزل في أولاده إلى أن انتزعها منهم بالفرمان السلطاني السيد جعفر البرزنجي محتجاً بأنها كانت لوالده السيد حسن برزنجي3، والله أعلم. المدارس الوقفية في القرن الثاني عشر: 1- مدرسة الشفاء: أسسها شيخ الإسلام فيض الله الهندي عام 1112هـ، وسبب تسميتها بالشفاء لأنه رحمه الله عندما زار المدينة المنورة وعاد إلى بلده مرض مرضاً شديداً ونذر إن شافاه الله أن يؤسس مدرسة في المدينة المنورة وبفضل الله تعالى شفي   1 الأنصاري: مصدر سابق. 71 / بدر: التاريخ الشامل للمدينة المنورة، 1414هـ، 3 / 92. 2 المحبي: خلاصة الأثر. 1384هـ، 1 / 25. 3 الأنصاري: مصدر سابق. د - ت، 301. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 وبعد ذلك أرسل الأموال اللازمة لإنشائها في حارة الشونة ذروان. وتضم المدرسة إحدى وعشرين غرفة واحدة للناظر، وأخرى للمكتبة وثالثة لحافظ الكتب أمين المكتبة ورابعة للمدرسين وخامسة للتدريس وست عشرة غرفة لإقامة الطلاب بالإضافة إلى مسجد ومطبخ1. 2- مدرسة الصاقزلي: أسسها السيد أحمد إبراهيم الصاقزلي الشهير بالخطاط أحد تجار الروم عام 1125هـ، ملاصقة للسور السلطاني في شمال المسجد النبوي الشريف بالقرب من دار الضيافة. أشترى الواقف جملة عقارات وبيوت وجعلها في مبنى واحد تكون من خمس عشرة خلوة خصص منها واحدة للمدرس وأخرى لحفظ الكتب الموقوفة وثالثة للمهمات ورابعة للبواب والخامسة للملازم، والعشر الباقية لكل الطلاب. يضاف إلى ذلك مجلس للتدريس وثلاثة مجالس في الطابق العلوي وستة دكاكين وبئر وبركة وحنفية وحمام وسبيل ماء عند باب المدرسة، وأوقف عدة عقارات منها: حوش عميرة وحوش بابين والمزرعة المعروفة بزمزم، ودار كائنة في الساحة، وكانت وفاته سنة 1132هـ، ولم تكن له ذرية. وآلت هذه المدرسة إلى محمد طوله زادة وصار مدرسها2. 3- مدرسة كبرلي أو المدرسة الجديدة: أسسها أحمد أفندي كبرلي عام 1150هـ، بالقرب من باب السلام، وهو أحد الميسورين في آسيا الوسطى وأشرف على البناء موسى الطرنوي، وممن درس بها أحمد أفندي الكركوكي ومحمد المسعودي. 4- مدرسة دار الحديث بشير أغا: أنشئت هذه المدرسة في عهد الخلافة العثمانية من قبل أحد المحسنين لا   1 طاشكندي: المكتبات العامة بالمدينة المنورة. 1401هـ، 5 – 7. 2 الأنصاري: مصدر سابق. 327 – 328. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 يعرف من هو ولا متى أسست، وكان معظم المنشئين لمثل هذه المدارس من أصحاب السلطة من السلاطين العثمانيين أو من الوزراء أو من كبار موظفي الدولة أو من الأثرياء.وكان يطلق عليها في ذلك الوقت اسم دار الحديث وقد جدد بناءها وأحياها السيد بشير أغا رحمه الله. وصدر بذلك صك بالموافقة على نظارة المدرسة. وكان الوقف بجوار باب السلام ملاصقاً لجدار الحرم النبوي الشريف من الجهة القبلية، وبقي في هذا الموقع منذ عهد الخلافة العثمانية حتى عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود يرحمه الله، ثم أزيل هذا الموقع عندما بدأت التوسعة السعودية الأولى للمسجد النبوي الشريف في عام 1370هـ، وتم بناء البديل بشراء قطعة أرض كبيرة في منطقة بضاعة، ويبعد الموقع الجديد عن المسجد النبوي الشريف حوالي خمسمائة متر. وهو يتكون من طابقين وهو على شكل حدوة الفرس تقريباً وتتوسطه ساحة واسعة وفيه ثلاثون غرفة، وجناح آخر من طابقين خاص بمكتبة المدرسة، إضافة إلى عمارتين بالبناء المسلح، وثمانية دكاكين، والمدرسة كانت تخص المهاجرين من ديار الروم، وعندما جدد بشير أغا هذه المدرسة أوقف ما يملكه من عقار جوار باب السلام لهده المدرسة حسبة لله وطلباً لمرضاته وخدمة لطلبة العلم من ديار الروم المجاورين. وشرط مهنة التدريس لمن أصله من تلك الديار، وخصص هذه المدرسة لتدريس العلوم الشرعية وفق جدول محدد بحيث تدرس علوم الحديث النبوي خمسة أيام من كل أسبوع ويوم للتفسير ويوم لأصول الفقه. كما وضع لها نظاماً دقيقاً ورتب لها أوقافاً من ممتلكاته وبساتينه بالشام وتركيا والتي كانت تأتي غلالها من أمناء الصرة أمين الصندوق، كل عام مع المحمل وذلك لتأمين حاجة الطلاب والمعلمين والموظفين1.   1 كاظم: مدرسة بشير أغا. 1418هـ، 5 - 7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 5- المدرسة الحميدية: مؤسسها السلطان عبد الحميد الأول، في عهده ما بين عامي 1187- 1203، وتقع في آخر حارة الساحة من جهة المسجد النبوي الشريف أمام زقاق كومة حشيفة عند حارة الخزازة. يتكون المبنى من فناء فيه شجر وبه عشرون غرفة وللمدرسة مدخلان أحدهما هو للرئيس يقع تحت السقيفة التي على طريق الساحة، والآخر يقع على طريق فرعي وليس للمدرسة واجهة على هذين الطريقين1. صورة مدارس _491_1 شكل رقم1 المدرسة الحميدية. 1- المداخل. 2-متاجر. 3-غرف الطلبة. 4- سكن الناظر. 5-دورات المياه. 6- غرفة الحارس. 7-حديقة. المدارس الوقفية في القرن الثالث عشر: 1- المدرسة المحمودية: هي استمرار للمدرسة الأشرفية التي أسسها الأشرف فايتباي عام 888هـ، ثم جدد بنائها السلطان محمود خان عام 1237هـ فأصبحت تسمى باسمه المحمودية،   1 بدر: مصدر سابق. 1414هـ، 95. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 وعندما جددها السلطان محمود أضاف لها رباطاً ومبنى بجوارها خاصاً للناظرين، وتقع المدرسة ملاصقة للمسجد النبوي الشريف بجوار باب السلام، وصفها علي ابن موسى أنها من أعظم مدارس المدينة المنورة. وتتكون هذه المدرسة من نحو أربعين غرفة، إضافة إلى سكن المدرس وحديقة صغيرة في فناء المدرسة. وقد أوقف على المدرسة العديد من الأوقاف منها منزل بحوش التاجوري العائد لمحمد بن مصطفى، كما جعل مخصصاً لمدرس المدرسة مقداره عُشرُ غلة الوقف1. 2- مدرسة كيلي ناظري: أسسها مصطفى أغا كيلي ناظري عام 1254هـ، ويتكون المبنى من ثلاثة أدوار يضم أربعاً وعشرين غرفة إحداها سكن للناظر، وأخرى للمدرس وثالثة للمكتبة والباقي لإقامة طلاب العلم، وفيها مسجد يستخدم مقراً للدراسة ومطبخ، واشترط الواقف أن يكونوا من الأحناف2. 3- مدرسة حسين أغا: أسس هذه المدرسة ناظر التكية المصرية حسين أغا كوزل أغا عام 1273هـ، وتقع المدرسة في الجزء الجنوبي من حارة الأغوات على طريق غير نافذ ينتهي بفسحة أمام المدرسة، ويتفرع من الطريق المارين المدرسة الرستمية ومنهل العين الزرقاء متجهاً جنوباً، ويتكون المبنى من دورين مشتملاً على عشرين غرفة وبها فناء داخلي وقاعتان كبيرتان عند المدخل الذي يقع في زاوية المبنى الشمالي الشرقي إضافة إلى المرافق المختلفة في الناحية الغربية منه. وكان يدرس بها أحمد أفندي البوزغاتي 3.   1 موسى: مصدر سابق. 1392هـ، 52 - 53. 2 طاشكندي: مصدر سابق. 1401هـ، 41. 3 بدر: مصدر سابق. 1414هـ، 98. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 صورة مدارس _493_1 شكل رقم 2 مدرسة حسين أغا 1- المدخل. 2-أبواب. 3-غرف الطلبة. 4- دورات المياه. 5-الفناء. 4- الاحسانية: أسسها مصطفى بن محمد عبد الرسول بن سلمان عبد الرحمن عام 1275هـ. وتقع في آخر حارة الأغوات من جهة البقيع مقابل رباط ياقوت المارداني. ويتكون مبنى المدرسة من دورين يتوسطه فناء تحيط به الغرف من جميع الجهات عند الجانب الشرقي وقد أوقف المؤسس سبع دور وخمسة عشر دكاناً على المدرسة 1. 5- المدرسة الباركوجية: مؤسسها هو باركوج التركي أحد أمراء الشام في دار ريطة قبيل نهاية القرن الثالث عشر لأن البرزنجي عاش ما بين 1250- 1317هـ، وأوقفها على   1 طاشكندي: مصدر سابق. 1401هـ، 36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 أهل المذهب الحنفي، لم تستمر طويلاً حتى تحولت إلى زاوية الشيخ عبد القادر الجيلاني، ثم عرفت بعد ذلك بزاوية السمان على الطريقة القادرية 1. المدارس الوقفية في القرن الرابع عشر حتى ما قبل عام 1340هـ: 1- المدرسة الكشميرية: أوقفها الوزير علم الدين بن عبد الله صاحب البنجابي بن عبد الله عام 1301هـ. وتقع في حارة ذروان على امتداد سقيفة الرصاص من جهة الشرق. وقد أوقفها لتكون مدرسة لقراءة وتعليم العلوم النقلية والعقلية التي يُسَوّغ الشرع الشريف الاشتغال بها من سائر الفنون، وأطلق عليها المدرسة اللعلية الجمونية المدنية. واشترط أن يكون الطلاب من أهل جمون وكشمير من سكان المدينة غير المتزوجين. وتتكون المدرسة من ثلاثة طوابق. وتشتمل على ست وعشرين غرفة، وحمامين ومطبخ وبئرين وحنفيتين2. صورة مدارس _494_1 شكل رقم3 المدرسة الكشميرية 1- المداخل. 2- غرف الدرس. 3- غرف الطلبة. 4- دورات المياه. 5- الفناء.   1 البرزنجي: نزهة الناظرين. د - ت، 90. 2 الحصين: مصدر سابق، 1417هـ، 83 / سجل المدينة المنورة، ص77، بتاريخ 26/ 5 / 1305هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 - المدرسة القازلية القازانية: أسسها عبد الستار بن جابر القازاني عام1311هـ،في زقاق جعفر. ويتكون المبنى من طابقين بهما ست وثلاثون غرفة ومكتبة ولها بيوت موقوفة على المدرسة مخصصة لسكن الشيخ والمدرس والإمام والناظر، كما تتسع لعشرين طالباً، وهي موقوفة على التتر من جهة القوقاز ثم تحولت إلى رباط 1. 3- المدرسة العرفانية: أسسها محمد عارف بن مصطفى توقادي المدرس في مدرسة بشير أغا عام 1314هـ. وتتكون المدرسة من أثنتى عشرة غرفة في الطابق الأرضي. أضاف إليها الناظر عمر عادل التركي خمس غرف في الطابق العلوي. وفيها مكتبة، ولها أوقاف تتكون من سبعة عشر دكاناً وسبع دور وقطعة أرض، ولقد رجعت إلى صك الوقفية مع الأستاذ أحمد بن الحسين لبان أحد طلاب المدرسة الصك رقم 201، صفحة 105، جلد 1، تاريخ 25/3/1315هـ، وأوقفها على طلاب الأناضول وقازان من غير المتزوجين. صورةمدارس_495_1 شكل رقم4المدرسة العرفانية /تصميم الأستاذ: أحمد حسين لبان 1- غرف الطلبة. 2-فناء ومكان للوضوء. 3-المدخل. 4-مكان التدريس 5- منزل. 6-حمامات. 7-مروش. 8-سلم.   1 رزقان: الحج قبل مائة سنة. 1413هـ، 85. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 4- المدرسة الخاسكية: أسستها امرأة تسمى خاسكي سلطان عام 1314هـ، على حافة مجرى وادي أبي جيدة مقابل بيوت الترجمان في شارع العنبرية، وتتكون من طابقين وبها أربعون غرفة مختلفة الحجم وبها مسجد يسمى مسجد بلال رضي الله عنه1. ولقد كان والدي رحمه الله يعمل في نفس المبنى حين تحول إلى دائرة الامارة والمالية لمنطقة المدينة المنورة وكنت أذهب إليها ماشياً من حارة الساحة فالمناخة ثم مسجد الغمامة حتى أصل إليها. في موقعها الآن شركة الاتصالات السعودية في المدينة المنورة. 5- المدرسة النظامية: أسسها محمد عبد الباقي اللكنوي عام 1324هـ في حوش فواز، وأغلقت بعد وفاته عام 1364هـ. المبنى أعرفه لأنه كان بجوار منزلنا في حارة الساحة، ويتكون المبنى من ثلاثة طوابق حجمه صغير2. 6- مدرسة آمان الله خوجة: أسسها آمان الله خوجة البخاري عام 1324هـ، خارج باب المجيدي، تتكون المدرسة من طابقين يحتوي الأرضي على أربعة دكاكين وحجرة كبيرة وست حجر ومنور، في وسطها بئر وحمام ودرج، والدور الأول يتكون من غرفتين كبيرتين على الواجهة يسمى في ذلك الوقت دقيسي وخمس حجرات. وقد اشترط الواقف أن الذي يسكنها هم من طلاب العلم الصلحاء من يعتقد مذهب أبي حنيفة من أهل المدينة والمجاورون بها غير المتزوجين3. 7- مدرسة نور الدين نمنكاني: أوقفها نور الدين نمنكاني عام 1331هـ بسقيفة شيخي، والمدرسة خصت   1 موسى: مصدر سابق. 1392هـ، 40. 2 كتبي: أعلام من أرض النبوة. 1414هـ، 200. 3 سجل محكمة المدينة المنورة: 72- ص39، جلد 1، تاريخ 6 /2 /1331هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 لطلبة العلوم من أهالي بلدة نمنكان وإذا لم يوجد منهم أحد فمن أهالي ما وراء النهر وكشقر، وعين الواقف السيد أسعد الحسين ناظراً على المدرسة وشرط له غرفة بها1. هذا ما وقف عليه الباحث وهذا جهد المقل. لقد بلغ عدد المدارس التي قام الباحث بالبحث والتنقيب عنها 33 مدرسة. وقد قام الباحث بوضع جدول مفصل لاسم المدرسة ومؤسسها وتاريخ تأسيسها وموقعها. وقد رتب حسب القرون، لكي يسهل للباحثين إتمام الناقص إذا بحثوا حتى يتم العمل ويكتمل وما هذا إلاّ خدمة لهذه البلدة الطيبة مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم. وإن كنت أصبت فمن الله وحده وإن كنت أخطأت فمن نفسي والشيطان. م ... اسم المدرسة ... المؤسس ... تاريخ التأسيس ... الموقع 1 ... الشيرازية ... إبراهيم الرومي ... بين السادس والسابع ... جنوب المسجد النبوي 2 ... اليازكوجين ... يازكوج أحد أمراء الشام ... القرن السابع ... شرقي الحرم 3 ... الشهابية ... الملك شهاب الدين بن أيوب ... القرن السابع ... الركن الجنوبي 4 ... الاركوجية ... لا يعرف ... القرن السابع ... غير معروف 5 ... الازكجية ... لا يعرف ... القرن السابع ... غير معروف 6 ... الجوبانية ... جوبان أتابك العساكر ... 724 هـ ... بين بابي السلام والرحمة 7 ... الغياثية ... الملك منصور غياث الدين ... القرن الثامن ... بالقرب من باب الرحمة 8 ... الكليراجية ... السلطان شهاب الدين أحمد ... 838 هـ ... بالقرب من باب الرحمة 9 ... الباسطية ... القاضي عبد الباسط ... 840 هـ ... غرب المسجد النبوي 10 ... الزمنية ... شمس الدين بن الزمن ... 886 هـ ... غرب المسجد النبوي 11 ... الأشرفية ... السلطان الأشرف قايتباي ... 888 هـ ... بين بابي السلام والرحمة   1 سجل محكمة المدينة المنورة: 72 - ص39، جلد 1، تاريخ 6 /2/ 1331هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 اسم المدرسة ... المؤسس ... تاريخ التأسيس ... الموقع 12 ... المزهرية ... الزيني كاتب السر ... 893 هـ ... دار العشرة 13 ... الرستمية ... رستم باشا ... 968 هـ ... حارة الأغوات 14 ... قرة باش ... قرة باش ... 1031 هـ ... ذروان 15 ... الخياري ... عبد الرحمن بن علي ... الحادي عشر ... غير معروف 16 ... محمد أغا دار السعادة ... محمد أغا ... 1090 هـ ... ذروان 17 ... الشفاء ... شيخ الإسلام فيض الله ... 1112 هـ ... ذروان م ... اسم المدرسة ... المؤسس ... تاريخ التأسيس ... الموقع 18 ... الصاقزلي ... أحمد إبراهيم الصاقزلي ... 1132 هـ ... شمال المسجد النبوي 19 ... كبرلي ... أحمد أفندي كبرلي ... 1150 هـ ... غير معروف 20 ... بشير أغا ... بشير أغا ... 1151 هـ ... ملاصقة لباب السلام 21 ... الحميدية ... السلطان عبد الحميد الأول ... 1187 ? - 1203 ... بداية حارة الساحة 22 ... المحمودية ... السلطان محمود خان ... 1237 هـ ... بين بابي السلام والرحمة 23 ... كيلي ناظري ... مصطفى كيلي ناظري ... 1254 هـ ... لا يعرف 24 ... حسين أغا ... حسين أغا كوزل أغا ... 1273 هـ ... حارة الأغوات 25 ... الاحسانية ... مصطفى بن محمد ... 1275 هـ ... حارة الأغوات 26 ... الباركوجية ... باركوج التركي ... بداية القرن الثالث عشر ... دار ريطه 27 ... الكشميرية ... لعل الدين صاحب البتجابي ... 1301 هـ ... زقاق الشونة 28 ... القازلية القازانية ... عبد الستار القازاني ... 1311 هـ ... زقاق جعفر 29 ... العرفانية ... محمد عارف مصطفى توقادي ... 1314 هـ ... باب المجيدي 30 ... الخاسكية ... خاسكي سلطان ... 1314 هـ ... باب العنبرية 31 ... النظامية ... عبد الباقي اللكنوي ... 1324 هـ ... حوش فواز 32 ... أمان الله خوجة ... أمان الله خوجة البخاري ... 1324 هـ ... خارج باب المجيدي 33 ... نور الدين نمنكاني ... نور الدين نمنكاني ... 1321 هـ ... سقيفة شيخي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 الخلاصة والنتائج والتوصيات: من خلال العرض التاريخي الوصفي للمدارس الوقفية التي لم يكن لبعضها ذكر الآن سوى في باطن الكتب، والتي كانت بدايتها من القرن السادس الهجري، وحتى ما قبل عام 1340هـ. أو التي ما زالت تعرف بنفس الاسم وتحول بعضها إلى مدرسة تحفيظ القرآن الكريم تحت إشراف الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة المنورة أو تحول إلى رباط لسكنى الفقراء والمساكين. خلص الباحث إلى أن جملة من الحكام والسلاطين والأمراء والعلماء الأثرياء من المسلمين كانوا يتسارعون ويتنافسون في خدمة علوم الدين الإسلامي طلابه في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم. ومن النتائج التي توصل إليها الباحث: 1- إن جزأ من المدارس بني لممارسة بعض الطرق الصوفية مثل الأحمدية والجيلانية أو القادرية. 2- إن منها ما بني لمذهب واحد من مذاهب أهل السنة والجماعة من الحنيفة. 3- أنها خصت لغير المتزوجين. 4- أنها خصت للرجال في معظمها. 5- أنها أسست لجلب المسلمين من بعض الأقطار للمجاورة أو لطلب العلم مثل سكان ما وراء النهر أو كشقر أو كشمير أو الروم أو الهند. 6- كلها اهتمت بالعلوم الشرعية وخصوصاً القرآن الكريم ولم يكن منها للمهن المختلفة وهذا يعني عدم معرفة مقاصد الدين الإسلامي الذي ربط الدين بالحياة، والدنيا بالآخرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 7- متوسط عدد الطلاب ما بين 10 40 طالباً. 8- مكتملة الحياة المعيشية والتعليمية والصحية والعبادية. ويود الباحث أن يوصي بالتالي: 1- أن تعقد ندوة خاصة لتاريخ التعليم في المدينة المنورة وسائر مدن المملكة العربية السعودية. 2- أن يبحث طلاب الدراسات العليا في بعض الكليات عن المدينة النبوية دراسة تربوية بحثية لرسائل الماجستير والدكتوراه في الجامعات السعودية. 3- وضع طريقة شاملة تبين مواقع المدارس والكتاتيب ودور العلم للنساء عبر القرون. 4- إنشاء مؤسسات وقفية متخصصة للإنفاق على التعليم ومجالات التنمية الشاملة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 مصادر ومراجع ... المراجع والمصادر 1- القرآن الكريم. 2- ابن قدامة، عبد الله بن أحمد: المغنى، مطبوعات إدارات البحوث العلمية المملكة العربية السعودية مكتبة الرياض الحديثة، الرياض،1401هـ. 3- ابن منظور، محمد: لسان العرب، دار صادر، بيروت، د – ت. 4- أبو زهرة، محمد: مجموعة محاضرات في الوقف، 1971م. 5- الأنصاري، عبد الرحمن: تحفة المحبين، المكتبة العتيقة، تونس، د -ت. 6- البخاري، محمد بن إسماعيل: صحيح البخاري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د – ت. 7- بدر، عبد الباسط: التاريخ الشامل للمدينة المنورة، بيروت، 1414هـ. 8- برزنجي، جعفر بن إسماعيل: نزهة الناظرين في مسجد سيد الأولين والآخرين، دار صعب، بيروت، د – ت. 9- الترمذي، محمد بن عيسى: الجامع الصحيح سنن الترمذي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د – ت. 10- الحصين، محمد بن عبد الرحمن: دور الوقف في تأسيس المدارس والأربطة في المدينة المنورة، 1417هـ، مجلة الملك سعود، المجلد التاسع. 11- الحموي، ياقوت: معجم الأدباء، مطبعة مرحليون، لندن، 1908م. 12- الدردير، أحمد بن محمد: أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، 1375هـ. 13- الرافعي، عبد الكريم: فتح العزيز شرح الوجيز، دار الطباعة المنيرية، القاهرة، د – ت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 14- رزقان، يغيم: الحج قبل مائة سنة، دار التقريب، بيروت، 1413هـ. 15- رضا، حسن: أحكام الوقف، مطبعة النفيض، بغداد، 1357هـ. 16- الرفاعي، مصطفى: من روائع حضارتنا، المكتبة الإسلامية، بيروت، 1977م. 17- رفعت، إبراهيم: مرآة الحرمين، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1925م. 18- الرملي، محمد بن أبي العباس: نهاية المحتاج شرح المنهاج، مطبعة مصطفى الحلبي، مصر، 1386هـ. 19- سجل محكمة المدينة المنورة: عدد 72، ص39، مجلد 1، تاريخ 6/ 2/ 1331هـ. 20- السخاوي، محمد عبد الرحمن: التخفة اللطيفة، الناشر أسعد طرابزوني الحسيني، 1399هـ. 21- السمهودي، علي عبد الله: خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى، دار إحياء الكتب الدينية، القاهرة، 1367هـ. 22- السمهودي، علي عبد الله: وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1404هـ. 23- الشوكاني، محمد علي: نيل الأوطار، مكتبة الدعوة الإسلامية، شباب الأزهر، القاهرة، د -ت. 24- الشيرازي، إبراهيم علي: المهذب في المذهب، مطبعة مصطفى الحلبي، مصر، 1396هـ. 25- طاشكندي، عباس صالح: المكتبات العامة في المدينة المنورة، بحث غير منشور، 1401هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 26- القشيري، مسلم الججاح: صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي بيروت، د – ت. 27- كاظم، موسى محمد: مدرسة بشير أغا، بحث غير منشور، 1418هـ. 28- الكبيسي، محمد عبيد عبد الله: أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية مطبعة الإرشاد، بغداد، 1397هـ. 29- كتبي، أنس: أعلام من أرض النبوة، دار البلاد للطباعة والنشر، جدة، 1414هـ. 30- المحبي، محمد أحمد: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، المطبعة الوهنية، القاهرة، 1384هـ. 31- المراغي، زين الدين بن أبي بكر: تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة، تحقيق محمد الأصمعي، المكتبة العلمية، المدينة المنورة، 1374هـ. 32- المرغنياني، علي بن أبي بكر: الهداية شرح بداية المبتدئ، مطبعة مصطفى الحلبي، مصر، د – ت. 33- مدكور، محمد سلام: الوقف من الناحية الفقهية والتطبيقية، المطبعة العالمية، القاهرة، 1380هـ. 34- المطري، محمد أحمد: التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة المكتبة العلمية، المدينة المنورة، 1412هـ. 35- معروف، ناجي: أصالة حضارتنا العربية، دار الثقافة، بيروت، 1975م. 36- المقريزي، أحمد بن علي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، دار صادر، بيروت، د – ت. 37- موسى، علي: رسائل في تاريخ المدينة المنورة، أشرف على طبعها حمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 الجاسر، دار اليمامة، الرياض، 1392هـ. 38- المنيف، عبد الرب محمد: دور أئمة آل سعود في وقف المخطوطات بحث غير منشور، ندوة المكتبات الوقفية، 1420هـ. 39- النعيمي، عبد القادر محمد: الدارس في تاريخ المدارس، دار الكتب العلمية، بيروت، 1410هـ. 40- النووي، محيي الدين: روضة الطالبين، المكتبة الإسلامية، بيروت، د-ت. 41- النووي، محيي الدين: شرح صحيح مسلم، دار الفكر، بيروت، د - ت. 42- النووي، محيي الدين: تحرير ألفاظ التنبيه، تحقيق عبد الغني الدقر، دار القلم، بيروت، 1408هـ. 43- يكن، زهدي: الوقف في الشريعة والقانون، دار النهضة، لبنان، 1388هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504