الكتاب: الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا المؤلف: د/ عفيف عبد الرحمن الناشر: دار الفكر للنشر والتوزيع الطبعة: الأولى 1987 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا عفيف عبد الرحمن الكتاب: الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا المؤلف: د/ عفيف عبد الرحمن الناشر: دار الفكر للنشر والتوزيع الطبعة: الأولى 1987 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة : بين يدي هذا البحث: لم أكن أقدِّر حينما شرعت أجمع وأوثِّق وألخِّص ما صدر حول الأدب الجاهلي أن ذلك سيوضع بين دفتي كتاب، بل كان هدفي الوقوف على تلك الدراسات متعلمًا ومتذوقًا وناقدًا. كان ذلك منذ سنوات خلت, ونشرت"المكتبة الجاهلية" ولكنني سرعان ما اكتشفت أنها ناقصة من زوايتين، من حيث الكم: فقد كثرت الدراسات في السنوات الأخيرة, كما فاتني شيء مما كان قد نشر، ومن حيث عدم كفايتها في تعريف القارئ بطبيعة المادة التي حوتها تلك المؤلفات والبحوث. وكان لا بُدَّ من معاودة النظر في كتابه بحث يختص بالتعريف بتلك الدراسات التي ينتظمها منهج معين، وبدأت أكتب، وإذا بالبحث يتسع حتى ضاق من اتساعه إمكانية نشره في دورية متخصصة، وكان لا مناص من نشره في كتاب. ولا بُدَّ من توضيح أمور قبل الولوج إلى الكتاب: أولها: أنه ليس كتابًا في تأريخ الدراسات النقدية جميعها، بل جهدت في أن أعرض لتلك الدراسات التي تبنت منهجًا معينًا, وطبقته على نصوص شعرية جاهلية. وثانيها: أنني لم أتدخل في تلك المناهج ناقدًا ومقومًا, بل تركت كل منهج يعرض ملامحه العامة, وللقارئ أن يقارن ويحكم بعد ذلك، ويختار أيضًا المنهج الذي يرتضيه. وثالثها: أنني أقِرُّ أن بعض الدراسات لم تكن في متناول يدي وإن كانت قليلة نسبيًّا، فمعذرة إن لم تنل حظها من العرض. ورابعها: نظرًا لما لاحظته من نقصٍ في كتاب "المكتبة الجاهلية", فقد ضمَّنْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 بعض مواده وأضفت إليها, ولكن طريقة العرض اختلفت بأن بوبتها تبعًا لموضوعها الأساس كما فهمته. وخامسها: لقد قمت بتوثيق ما عرضت في المتون والحواشي, ولذا أحجمت عن إعادة ذكر ثبت بالمصادر والمراجع حتّى لا يتضخم حجم الكتاب. وسادسها: لم أعرض لشيء من دراساتي, فذلك أتركه لغيري, وبخاصة تلك الدراسات التي ظهرت وستظهر خلال الأشهر القادمة حول الأمثال العربية القديمة. وبعد، فهذه محاولة، وقد تتلوها محاولات لغيري، ولا أدَّعي إلّا أنني حاولت، ولم أدَّعِ أنني أتيت بكل شيء، ولكن المحاولة أفادتني قبل أن أقدمها إلى غيري، وأرجو أن تستمر المحاولات الجادة لخدمة هذا العصر الذي يتمتع بمنزلة خاصة في نفوسنا. والله ولي التوفيق أربد، جامعة اليرموك 1985، عفيف عبد الرحمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 جهود القدماء : تقع جزيرة العرب في أقصى الجنوبي الغربي من قارة آسيا، وهي شبه جزيرة مستطيلة الشكل تحيط بها المياه من ثلاث جهات، وتتألّف بلاد العرب هذه من أقسام ثلاثة متيمزة: سلسلة جبال بركانية تحيط بها من الشرق والجنوب، وسهول ساحلية تقع بين سلاسل الجبال والبحر, تتسع وتضيق بحسب قرب الجبال من البحر، وهضبة داخلية تشمل الربع الخالي، والنفوذ الكبرى والدهناء وهضبة نجد. وهكذا, فإن موطن العرب في جاهليتهم رقعة شاسعة من الأرض، ذات بقاع متباينة في التضاريس والمناخ، وتختلف بيئاتها اختلافًا كبيرًا يخلق منها بيئات متعددة متباينة، مما اضطر العربي إلى أن ينتقل من مكان إلى آخر بحثًا عن الكلأ والماء لاستمرار الحياة. وكان العربي يعيش في خطر دائم، وفي أحضان طبيعة قاسية لا ترحم، تتهدده بكل مظاهرها، وأما الأخطار الخارجية فقد كان الأعداء يتربصون به، ولكن تلك الطبيعة القاسية على أهلها كانت خيرًا عليهم بمنعها العدو المتربص من التوغل في تلك الأصقاع، وقد حدثت محاولات باءت كلها بالفشل، ولكن هذا الفشل لم يمنع أولئك الأعداء من استخدام وسائلهم لإقامة مراكز لهم على الأطراف، أو في الداخل، وقد نجح بعضهم في احتلال أطراف منها, ولكن ذلك لم يدم طويلًا. وفي ظل هذه البيئة آمن العربي بتقاليد وقيم ظلَّ معظمها تقليدًا متوارثًا يعتز به أو ببعضه إلى يومنا هذا، ومن هذه التقاليد ما كان صارمًا كقانون العصبية وقانون الثأر وقانون الجوار، ومن تلك القيم الكرم والشجاعة وإغاثة الملهوف وحماية الجار والوفاء بالعهد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 وقد سكن الجزيرة العربية قبل الإسلام العرب بقسميهم: القحطانيين وهم عرب الجنوب، والعدنانيين وهم عرب الشمال، وقد استطاع القحطانيون إنشاء ممالك ودولًا وصلت إلينا بعض أخبارها وصورًا من معالم حضارتها. وقد اختلف في تحديد الفترة الزمنية التي وصل إلينا شعرها، ولكن الجاحظ ذهب إلى أن عمر الشعر الجاهلي الذي وصل إلى عصر التدوين يترواح بين قرن ونصف, إلى قرنين من الزمن1. وقد سقنا هذه المقدمة القصيرة لتحديد إطار البحث الذي نحن بصددهه، لتحديه زمانيًّا ومكانيًّا وبيئيًّا. أما محور البحث ودعامته فهو أدب ذلك العصر وتلك الفترة، ذلك الأدب الذي أنشده قوم من تلك البيئة متأثرين بها, ومؤثرين في أهلها وفي الأجيال العربية التي تلاحقت قرونًا عديدة. ولا يقف أمر تحديد أهمية أدب هذه الفترة عند الذي قلناه، ولكن أدب هذا العصر نال شهادات كثيرة تبيّن أهميته, صدرت في العصور الأولى. 1- جاءت في طبقات ابن سلام "وكان الشعر في الجاهلية عند العرب ديوان علمهم, ومنتهى حكمهم, به يأخذون وإليه يصيرون"2. 2- سأل الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، وقد ذكر الشعر: يا كعب! هل تجد للشعراء ذكرًا في التوراة؟ فقال كعب: أجد في التوراة قومًا من ولد إسماعيل، أناجيلهم في صدورهم، ينطقون بالحكمة، ويضربون الأمثال، لا نعلمهم إلّا العرب3. 3- عندما سمع النبي -عليه السلام- قول زهير بن أبي سلمى: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود قال: "هذا من كلام النبوة4". 4- كان أبو عمرو بن العلاء يقول: كان الشعراء في الجاهلية يقومون من العرب   1 الحيوان للجاحظ 1/ 74. 2 طبقات ابن سلام، المقدمة. 3 العقد الفريد 5/ 274. 4 المصدر نفسه 5/ 271. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 مقام الأنبياء في غيرهم من الأمم1. 5- أورد الجاحظ في خبر عن الهيثم وابن الكلبي وأبي عبيدة: فكل أمة تعتمد في استيفاء مآثرها وتحصين مناقبها على ضربٍ من الضروب, وشكل من الأشكال، وكانت العرب في جاهليتها تتحلّى في تخليدها بأن تعتمد في ذلك على الشعر الموزون والكلام المقفَّى، وكان ذلك هو ديوانها2. 6- عن ابن سيرين قال: قال عمر بن الخطاب: "كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه، فتشاغلت عنه العرب, وتشاغلوا بالجهاد وغزو فارس والروم، ولهت عن الشعر وروايته، فلما كثر الإسلام وجاءت الفتوح، واطمأنت العرب بالأمصار، راجعوا رواية الشعر, فلم يؤولوا إلى ديوان مدوّن، ولا كتاب مكتوب، وألفوا ذلك, وقد هلك من العرب من هلك مَنْ بالموت والقتل، فحفظوا أقل ذلك، وذهب منه الكثير"3. هذه بعض النصوص التي تكشف عن منزلة الشعر في تلك الفترة، ولم أشأ أن أستقصيها جميعها, فذلك ليس مجاله هنا، ولكني اكتفيت بهذا القدر. وبالإضافة إلى تلك المكانة فإنني أجد مسوّغات كثيرة لهذا البحث، سأحاول أن أذكرها في عجالة: أولها: مكانة الأدب الجاهلي التي احتلها في عصره وفيما تلاه من عصور وما زال يحتلها. وثانيها: ذلك الشطط الذي وقع فيه بعض الباحثين قديمًا وحديثًا فجنوا على الشعر وأهله. وثالثهما: عجز النقاد القدامى عن إصدار الحكم الصائب عليه, لاعتمادهم على قيم فنية انحدرت إليهم من أمم أجنبية4. ورابعهما: أن للأدب الجاهلي واقعه الخاص المميز, وله ميزاته المتفردة، وتاريخه الذي لا يشاركه فيه تاريخ آخر. وخامسها: لأن الأدب الجاهلي أكثر الآداب تأثيرًا في مجرى الأدب العربي.   1 الزينة لأبي حاتم الرازي 1/ 95. 2 الحيوان للجاحظ. 3 طبقات ابن سلام. 4 عبد الجبار المطلبي، مواقف في الأدب والنقد 31. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 وسادسها: لأن الدراسات والبحوث يكرر بعضها بعضًا بالرغم من أن كثيرًا من مجالات العصر الجاهلي ما زال بكرًا لم يبحث، وأنه بحث بسطحية. وسابعها: لأن هذه الدراسة تطمح إلى أن تقدم للباحثين وطلبة الدراسات العليا عونًا متواضعًا. وفي مقابل ذلك وغيره تواجه الباحث في الأدب الجاهلي، والشعر بصورة خاصة، صعوبات جمة منها: 1- أن النهضة الثقافية، بل البنية الثقافية لذلك العصر لم تدرس حتى الآن دراسة كافية، لقلة المصادر بل لندرتها، وقد لعبت عوامل كثيرة في طمس معالمها، فالشعوبية مثلًا قد استغلت العامل الديني فأحدثت هي والعرب تفريغًا هائلًا في المعارف الدائرة حول الحياة في العصر الجاهلي، وذلك بعد أن هزت العقيدة الجديدة القديمة، ومن هذه المعارف ما عمد المؤرخون إلى إماتته اختيارًا وتطوعًا، ومنهم من فعل ذلك تفرغًا وخلوصًا بالنفس كلها للنهوض بالرسالة الجديدة1. 2- أن أولية الشعر الجاهلي، بل أولية الأدب ليست معروفة، ولم يقطع برأي فيها حتى الآن، ويترتب على ذلك أمور كثيرة, أهمها: تطور صياغته. 3- لأننا نتطلع إلى الشعر القديم على أنه الأنموذج الأمثل، لذا نغض الطرف عمَّا فيه من هنَّات وعيوب. 4- لأننا لا نفرق بين تراثنا الأدبي وأحكام المؤرخين وآراء الناقدين له. 5- لأن هناك أناسًا يعيبون عليه دون الإفصاح عمَّا يريدون، وهم لم يقرأوه قراءة حسنة2. 6- جناية تسمية العصر بالعصر الجاهلي على الأدب نفسه. 7- تحرّج الرواة من رواية ما يتعارض مع الإسلام. 8- هذه الرحلة الطويلة التي قطعها الشعر الجاهلي وهو يُرْوَى مشافهة قبل أن يدوّن، وما تسبب عنها من مشكلات، يقول الأستاذ محمود شاكر3 بأن أكبر القضايا التي يثيرها أمر الشعر الجاهلي ثلاث هي:   1 نجيب البهبيتي، المعلقات سيرة وتاريخًا، 204. 2 مقدمة كتاب فجر الإسلام لأحمد أمين, بقلم طه حسين. 3 مجلة العرب، دار اليمامة بالرياض، ج5-6، ص322. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 أولًا: عمر الشعر الجاهلي الذي وقع إلينا، وهي قضية متفرعة عن أولية الشعر نفسه. ثانيًا: شعراء الجاهلية المعروفون, وما انتهى إلينا من أشعارهم ومقدار هذا الشعر. ثالثًا: وضع الشعر ونحله شعراء الجاهلية, أهي صحيحة أم باطلة؟ وإن صحَّت, فأين هذا المنحول فيما وصلنا من العلماء الرواة من أشعارهم؟ وهذه القضايا كما نرى متصلة بالتدوين وتأخُّرِه عن عصر الإنشاد؛ فالشعر الجاهلي وروايته مرَّ بالمراحل التالية: مرحلة الإنشاد، فمرحلة التجميع، فمرحلة التدوين، فمرحلة التحقيق، وأخيرًا مرحلة الدراسة والتحليل. 9- أن بلادهم كانت وقفًا عليهم, فلم يتمكن طامع أو دخيل من اقتحام بلادهم، وخطورة هذا الأمر أنه -أي: الباحث- لا يسعفه مصدر خارجي. 10- تطبيق المذاهب النقدية والمصطلحات الحديثة عليه، فقد ذهب الباحثون المحدثون مذاهب شتَّى في ذلك، وتباينت آراؤهم، فمن رافضٍ إلى راض إلى أن نطبقها بحذر، وسنعرض بالتفصيل لذلك الأمر فيما بعد. وأدب الجاهلية ابن تلك البيئة متأثِّر بها مؤثر فيها, وقد تأثَّر بعوامل كثيرة طبعته بطوابع عُرِفَ بها، ومن أبرز تلك العوامل الصحاري الشاسعة التي غلبت على الجزيرة حتى قيل: إن أرض العرب معظمها صحاري، وقد لعبت الصحراء دورًا بارزًا في تشكيل الحياة السياسية والاجتماعية، كما أثرت في تحديد قيم العربي وأخلاقه، وكانت تخيفه وتحميه في الوقت نفسه، ونستطيع أن نزعم بأنها تركت بصامتها على كل شيء في تلك الفترة، وتأثيرها على أدب تلك الفترة لم يبحث بشكل جدي بعد، وأرجو أن يسعفني الوقت للبحث في ذلك قريبًا. وأما العامل الثاني: فهو البنية الاجتماعية، فالقبيلة التي شكلت الوحدة السياسية آنذاك، وكانت بمثابة الدولة في أيامنا هذه، وقانون العصبية وما تبعه من ثأر وجوار، وذوبان شخصية الفرد في الجماعة، وطغيان روح الجماعة على النزعة الفردية، كل هذه أثَّرت في أدب الجاهلية وصبغته بصبغة متميزة، فلم يعرف الأدب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 العربي التزامًا في عصوره المختلفة كما عرف العصر الجاهلي، وفي الوقت نفسه لم تبرز حركة متمردة على التقاليد، كتلك التي برزت, وأعني: حركة الصعاليك نتيجة للقوانين القبلية الصارمة. وأما العامل الثالث: فهو البيئة الثقافية، وهي ذات أثر فعال في نتاج تلك الفترة، ولا يقلل من شأنها عدم معرفتنا لكثير من جوانبها بسبب الطمس والضياع، ولكن مؤشرات كثيرة توحي بأنها كانت غنية متنوعة، رفدت الشاعر الجاهلي وأغنت مضامينه، وقد رفدت عوامل تاريخية وعوامل أخرى وفادة تلك البيئة بكثير من ألوان الثقافة، فمن الأمم السابقة، ومن الأمم المجاورة للجزيرة من مراكز النصرانية واليهودية في الجزيرة نفسها كانت ترفدهم بإضافات ثقافية مهمة. وأما العامل الرابع: فهو اشتغال قطاعٍ لا بأس به منهم بالتجارة داخل الجزيرة وخارجها، وقد تحدّث القرآن الكريم عن ذلك، وبيّن أهميتها بالنسبة لهم في مواطن كثيرة1, ولولا أهميتها لما كررت، ونجد كذلك في لغتهم وأشعارهم وأمثالهم أدلة واضحة على ذلك، وتطالعنا في أخبارهم المبثوثة في بطون الكتب لطائم النعمان التي كانت سببًا في أيام مشهورة بسبب الاعتداء عليها، وتطالعنا أسواق العرب المنتشرة في بقاع الجزيرة المختلفة، تلك الأسواق التي كانت سببًا رئيسًا في توحيد اللغة واصطفاء لغة من لغات متعددة وانتشارها بين القبائل, حتى غدت لغة العرب لغة واحدة قبيل الإسلام. وأما العامل الخامس: فهو الأيام، تلك الحروب التي بلغت عدتها المئات، وألّف فيها أبو عبيدة كتابًا, بلغت عدة الأيام فيه ألفًا وأربعمائة يوم، ولا نستطيع الخوض في الأيام في هذه العجالة, فقد ألفت فيها قديمًا وحديثًا مؤلفات ودرست جوانبها. وهذه الأيام قُصِدَ بها قديمًا الحروب، ولكنها لم تكن حروبًا وحسب، بل إنها تتضمّن قيمًا اجتماعية وفكرية تأصَّلت ونمت ورسخت في ظلالها لدرجة أن هذه القيم تتضاءل أمامها وقائع المعارك نفسها2, والأيام في الجاهلية تضمَّنت أيضًا خلاصة الثقافة العربية في مهدها, ممتزجة بالأساطير والقصص الخرافي، ولكنها لم   1 القرآن الكريم: البقرة: 282، النساء: 29، التوبة: 24، النور: 37، فاطر: 29، الصف: 10، الجمعة: 11، البقرة: 16. 2 أحمد كمال زكي، دراسات في النقد الأدبي، دار الأندلس, 1980، ص157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 تصل إلينا كاملة؛ لأن الرواة والمدونين دأبوا منذ عصور مبكرة على طمسها, لما فيه من إيقاظٍ للشعور الجاهلي الذي يقوم على العصبية. وأيام الجاهلية زاخرة بإشارات ورموز حول آثار الشخوص الأسطورية والبلدان التي اندثرت من أمثال يوم اليمامة والعماليق الذين ذكروا فيه، وحرب البسوس ومعمرية، ويوم المشقر وذلك الحصن. واختلطت أخبار تلك الأيام أيضًا بالخرافات والبطولات الخارقة، ونستطيع أن نزعم أن الشعر الجاهلي لم يكن إلّا صدًى وتعبيرًا عن تلك الأيام، وامتدَّ أثرها إلى العصر الأموي في النقائض, وإن نظرة سريعة إلى المعلقات ترينا أن معظم هذه المعلقات كان صدى ليوم عظيم أو أكثر من تلك الأيام. والعالم السادس: هو منهج القدماء في دراسته، فقد كانت دراستهم قائمة على استخراج معاني الألفاظ، والاستعانة بعد ذلك بالدراسة التحليلية، وقد ظلَّ تأثير هذا المنهج قائمًا حتى يومنا هذا عن بعض الدراسين، ولذلك أثره في توجيه دراسة الشعر, وعدم الالتفات لقضايا أخرى خطيرة فيه لو تنبهوا إليها لتغيَّرَ مجرى الشعر الجاهلي. وأخيرًا فقد كان للتقاليد الفنية التي زعمها بعض نقاد القرنين الثالث والرابع وألزموا بها الآخرين, تأثير على سير ومنهج دراسة الأدب الجاهلي، وهي تقاليد صارمة كانت تخرج من يخرج عليها عن دائرة الشاعر والشعر, وقد أثبتت الدراسات المعاصرة أنها لم تكن عامة وملزمة حتى في العصر الجاهلي نفسه. ومثال ذلك: ما ذكره ابن قتيبة وغيره من بناء القصيدة, وضرورة البدء بالوقوف على الأطلال, ثم النسيب, فالرحلة فالغرض, وأثبتت الإحصائيات المعاصرة بأن الشعراء الذين التزموا بذلك من مجموع الشعر الذي وصل إلينا لا يصل إلى النصف، فإذا افترضنا أنهم كانوا يحكمون بهذا في عصر التدوين, فمعنى هذا أنهم منعوا شعرًا كثيرًا لم يلتزم بتلك التقاليد من أن يصل إلينا وإلى الذين سبقونا. وقد أثَّرت عوامل على الأدب الجاهلي بعامَّة والشعر بخاصة تأثيرًا سلبيًّا يصل إلى درجة الجناية عليه، شوَّهت صورته، وحرمت الدراسين من الوقوف على حقيقته، وما زال تأثير بعضها قائمًا إلى يومنا هذا، ولعل من المفيد إيجاز أهمها: 1- اسم العصر نفسه، مما أوقع الناس والباحثين في وهمٍ بأنه كان عصرًا بدائيًّا لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 قيم فيه، ولا تأصيل لأي فن، فهو عصر عمَّ فيه الجهل والاضطراب، وبالتالي فإن أدبه كذلك. 2- الشراح المسلمون: فلم يكن يعنيهم إلّا ألفاظه ومعانيها، وقد وقعوا تحت تأثير عقيدتهم؛ بحيث عدّوا نتاج هذه الفترة لا يرقى فكريًّا بحيث يتساوى مع نتاج العصور التالية له، ولولا حاجتهم للغته لما رووه أو دونوه، يضاف إلى ذلك تحرجهم من تدوين أيّ شيء من هذا الشعر أو ما يتصل به من أخبارٍ إذا كان يتعارض مع عقيدتهم, فضاع أكثر الشعر المتصل بالعصبية أو بالميثولوجيا والخرافات. 3- المبالغة في وصف البداوة العربية الجاهلية ونعتها بالغلظة وغير ذلك. 4- الفهم العقلي للشعر. 5- غياب التصور الدقيق عن تفاصيل التجربة الشعرية الجاهلية, وما أحاد بها من مؤثرات. 6- تواري الشعر بين ركام الأخبار وتراجم الشعراء. 7- الدراسات النقدية الحديثة لم تؤسَّس على فهمٍ دقيق للشعر الجاهلي, فتراوحت بين قطبين متنافرين. ولسنا في هذه المقدمة بصدد تفنيد أو مناقشة هذه القضايا؛ لأن لذلك مكانًا آخر من هذا البحث، ولكن من المفيد أن نورد الملاحظات التالية: 1- إن الشعر الجهالي لم يكن انعكاسًا مباشرًا لفكرة البداوة. 2- إننا نجد أنفسنا أمام مجتمع تشغله أسئلة أساسية شاقّة تتصل بمبدأ الإنسان ومنتهاه ومصيره وشقائه وعلاقته بالكون. 3- إن الشعر الجاهلي إذا أعدنا قراءته بتأنٍّ وعمق, وبلا أفكار وأحكام مسبَّقة ذو حظ وافر من العمق والثراء. 4- إن الشاعر الجاهلي، كما أسلفنا، لم يكن يتصوّر الشعر عملًا فرديًّا يعبر عن ذاته، بل يتصوره نوعًا من النبوغ في التعبير عن أحلام المجتمع ومخاوفه وآماله. 5- إن فهم طبيعة ذلك العصر ومشكلاته وآماله وطموحاته وهمومه يفرض علينا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 العودة إلى شعره ونثره, ففيهما كل الأجوبة الشافية، وفيهما حلّ لكل الألغاز التي ما زلنا حائرين في الاهتداء إلى حقائق ثابتة بصددها. سقت هذه المقدمات قبل البدء بالبحث، وهدف البحث هو تتبُّع جهود العلماء والدراسين والباحثين حول الأدب الجاهلي، وقد رأيت أن أقسِّم البحث إلى ثلاث شرائح كبرى: 1- جهود العلماء العرب القدامى. 2- جهود المستشرقين. 3- جهود العرب المحدثين. وأبدأ بجهود العلماء العرب القدامى فأقول بأن الأدب الجاهلي والشعر بوجه خاصٍّ منه لم ينقطع اهتمام العلماء به منذ انتهاء العصر الجاهلي، ففي صدر الإسلام اقتصر الأمرعلى إنشاده وروايته وحفظه من الضياع، وقد شهدنا كيف كان الخلفاء الراشدون وولاة الأمر يستمعون إلى شعر زهير وحاتم وكل شعر فيه قيمة أو فضيلة أو مَكْرُمة، وفي عصر الخلافة الأموية تطورت الأمور؛ بحيث أصبح بعض الخلفاء كالوليد بن يزيد يقتنون مكتبات خاصَّة لهم, يودعون فيها مختلف أنواع المدونات، وحدثنا بأن معاوية بن أبي سفيان طلب من وهب بن منبه أن يحدثه ويؤلف له في أخبار ملوك حمير واليمن، ونستطيع أن نستنتج من هذين الخبرين وغيرهما بأن التدوين الجزئي قد بدأ في عصر بني أمية, وواكب التدوين بدايات حركة نقدية نشأت في مجالس الخلفاء والخاصة والأسواق، وهذان العاملان التدوين الجزئي والحركة النقدية, بالإضافة إلى استمرار الرواية، هذا كله كان عاملًا في حفظ الشعر الجاهلي وإيصاله إلى عصر التدوين العام. وفي العصر العباسي فُتِحَ باب التدوين على مصراعيه، وكان لذلك دوافع أهمها: 1- رغبة العلماء في تدوين الأدب الجاهلي بعد جمعه ليغدو مادة علمية لغوية يتدراسها الناس. 2- ربط العلماء بين هذا الأدب والمادة اللغوية لتقعيد اللغة. 3- ظهور حركة مناوئة للعرب، أعني: الشعوبية، فانبرى العلماء الغيورون على اللغة للتصدي لتلك الهجمة الشرسة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 4- أحسَّ العلماء بحاجة ملحة إلى تدوين هذا الأدب للاستعانة به في كثير من العلوم المتصلة بالدين كالتفسير والسيرة وغيرهما. 5- بعض المؤلفات كانت لغرض تعليمي طُلِبَ منهم جمعها للتأديب. وفي عصر التدوين تطالعنا الأعلام التالية ومؤلفاتهم: -المفضَّل الضبي "ت1800هـ": جمع المفضليات التي ضمَّت حوالي مائة وثلاثين قصيدة معظمها جاهلي. - الأصمعي "ت216هـ": جمع الأصمعيات وضمّت قدرًا كبيرًا من الشعر الجاهلي. - ابن سلام الجمحي "ت2310": ألف كتابه "طبقات فحول الشعراء", وأورد عشر طبقات ضمّت كل طبقة أربعة شعراء, عدا شعراء القرى واليهود. - حمَّاد الراوية "ت1680هـ": ينسب بعضهم المعلقات إليه. - أبو تمام "ت2310هـ": اختار أشعار الحماسة التي سُمِّيَت باسمه. - البحتري "ت2840هـ": اختار أيضًا أشعارًا جمعها وسميت باسمه. - أبو عمرو بن العلاء "ت1540هـ": لم تصل إلينا مؤلفاته, لكنه جمع كثيرًا من الشعر الجاهلي. - الجاحظ "ت2550هـ": ضمَّن كتابيه "الحيوان" "والبيان والتبيين" كثيرًا من الشعر والنثر الجاهليين. - ابن السكيت "ت2440هـ": شرح بعض دواوين الشعر الجاهلي ودونها. - السكري "ت275هـ": شرح بعض دواوين الشعر الجاهلي ودونها. - ابن الأنباري "ت3280هـ" له شرح القصائد السبع الطوال وشرح المفضليات. - المرزوقي "ت4210هـ": شرح حماسة أبي تمام. - التبريزي "ت5020هـ" شرح حماسة أبي تمام. - القالي "ت2560هـ": ضمَّن "أماليه" كثيرًا من الشعر الجاهلي وأخبار العصر. - ابن النحاس "ت338هـ": شرح القصائد التسع المشهورات. - القرشي, محمد بن أبي الخطاب: جمع تسعًا وأربعين قصيدة في "الجمهرة". القرن الخامس. - الجواليقي "ت540هـ": شرح حماسة أبي تمام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 - الخالديان "350هـ، 380هـ": ألَّفَا كتاب "الأشباه والنظائر". - ابن الشجري "ت5420هـ" جمع مجموعة شعرية عرفت بالحماسة الشجرية. - صاحب الحماسة البصرية, صدر الدين علي بن الفرج "ت 659هـ"، وهو صاحب الحماسة البصرية. - الأعلم الشنتمري "ت476هـ": شرح بعض الدواوين الشعرية. - البطليوسي "ت6327هـ": شرح حماسة أبي تمام. - الشمشاطي "القرن الرابع": ألف كتاب "الأنوار ومحاسن الأشعار"، وضمَّنه كثيرًا من أخبار الأيام وأشعارها. - أبو الفرج الأصبهاني "ت356هـ": صاحب الكتاب المشهور "الأغاني". - ابن هذيل الأندلسي "ت753هـ": ألَّفَ حِلْيَة الفرسان وشعار الشجعان. - الآمدي "ت370هـ": ألف كتاب "المؤتلف والمختلف" وهو تراجم للشعراء. - المرزباني "ت384هـ": له "معجم الشعراء". - أبو عبيدة "ت210هـ:" له مساهمة وافرة في جمع أخبار العرب وأيامها وأشعارها, لكنها لم تصل إلينا من كتب له، كما أن له جهودًا في الأمثال. - هشام بن الكلبي "ت204هـ": له كتاب "الأصنام" وروى كثيرًا من أخبار الجاهلية وأنسابها. - ابن حبيب "ت245هـ": له شرح النقائض, وله "أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام"، و"أسماء من قتل من الشعراء". - ابن قتيبة "ت276هـ" له "الشعر والشعراء" و"المعارف". - المبرد "ت286هـ": له: "الكامل في اللغة والأدب" - البغدادي "ت1093هـ": صاحب "خزانة الأدب". أما في الأندلس، الجزء الغربي من العالم الإسلامي، فقد اهتمَّ علماؤه بالأدب الجاهلي، وإن نظرة فاحصة في فهرسة ابن خير الإشبيلي "502-575هـ" تبين لنا أنهم اطَّلعوا على ست وثلاثين ديوان شعر جاهلي، وإحدى عشرة مجموعة شعرية، وخمسة كتب في الأمثال، ولعل من المفيد إيرادها هنا والصفحات التي ذكرت فيها: اختيار المفضل والأصمعي, جمع علي بن سليمان الأخفش, ص390. الأشعار الستة الجاهلية, ص398. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 الأشعار الستة الجاهلية, شرح أبو بكر عاصم بن أيوب البلوي النحوي 398. الأشعار الستة الجاهلية, شرح أبي الحجاج يوسف بن سلمان النحوي الأعلم, ص388. ديوان الأشعار المفضليات لأبي الحسن علي بن سليمان الأخفض, ص390. أشعار هذيل, رواية الأصمعي, ص389. الأصمعيات ص391. الأمثال لأبي زيد, ص371. الأمثال للأصمعي, ص340. الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام, ص339، 344. الأمثال للمفضل بن محمد الضبي, ص384. أيمان العرب للنجيرمي, ص374. بيوت الشعر لأبي زيد الأنصاري 371. التمام في شرح أشعار الهذليين لابن جني, ص317. شعر أحيحة بن الحلاج, ص397. شعر الأسود بن يعفر, ص397، 398. شعر أعشى بكر, ص391، 395. شعر الأفوه الأودي, ص394، 396. شعر امريء القيس, ص396. شعر أوس بن حجر 396. شعر بشر بن أبي خازم 397. شعر حاتم 398. شعر الحارث بن حلزة, ص398. شعر الخنساء, ص397. شعر دريد بن الصمة, ص395. شعر زهير, ص396. شعر سحيم, ص396. شعر سلامة بن جندل, ص396. شعر السليك, ص398. شعر الشماخ, ص395. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 شعر طرفة, ص397. شعر طفيل الغنوي, ص393، 397. شعر عبد بن الطبيب, ص396. شعر عبيد بن الأبرص, ص396. شعر عدي بن زيد, ص396. شعر عروة بن الورد, ص395، 396. شعر علقمة الفحل, ص395. شعر عمرو بن معد يكرب, ص395. شعر عنترة, ص397. شعر قيس بن الحظيم, ص396. شعر كعب بن زهير, ص397. شعر لبيد, ص397. شعر المتلمس, ص397. شعر المثقب, ص397. شعر المرقش الأكبر, ص396. شعر المقرش الأصغر, ص396. شعر مهلهل وأخيه عدي, ص397. شعر النابغة الجعدي, ص396. شعر الهذليين, ص396. تفسير القصائد والمعلقات وتفسير إعرابها ومعانيها للقالي, ص355. القصائد المعلقات التسع لابن النحاس, ص396. قصيدة عمر بن كلثوم 398. قصيدة لقيط, ص348. المجلة في الأمثال عن أبي عبيدة, ص341. وكانت جهود أولئك العلماء عظيمة لا يمكن تثمينها، ولكن الأمر مختلف الآن، فحين نظر إليها الباحثون والدراسون رأوا فيها إيجابيات وسلبيات، بل إنهم رأوا أن السلبيات تطغى على الإيجابيات، ولعل السبب يكمن في أن هدف كل فريق مختلف، فبينما دوّن القدامى الشعر الجاهلي لأهداف وغايات محددة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 ذكرناها، طمح المحدثون إلى أن يحصلوا على أشياء لم تكن مجال اهتمام القدامى، وثمة أمر آخر هو أن المحدثين نسوا البعد الزمني فطالبوا القدامى بما يطلبونه الآن. وتبرز في مقدمة إيجابيات عمل القدامى من النقاد وإحساسهم الشديد بنقاء الأدب العربي، وثانيًا حرصهم على تشخيصه جيلًا بعد جيل, فقد شخَّصوه أولًا برسم الصورة المثلى للغة ممثَّلة في القرآن الكريم، وثانيًا بالإصرار على أن الأدب العربي صورة ناضجة كاملة النضج قبل أن تتصل الثقافة العربية بغيرها1. ومن الإيجابيات تضافر جهود علماء اللغة والنقاد والرواة لجمع مادة الأدب الجاهلي وتنقيتها من كل شائبة، وإسقاط المنحول، وتقويم المعوج منها والمصحَّف، وتبويبه في دواوين ومجموعات شعرية، وشرح تلك الأشعار من بعد. ولو وصل إلينا جهدهم كله لكانت الصورة مختلفة الآن، ولا يقلل من جهدهم ما غمز بعضهم به من هنا وهناك, فلا يخلو عمل من نقد بنَّاء أو هدَّام. ومن الإيجابيات أن شروحهم تضمَّنت فيما تضمنته ذكرًا لأشعار أوردوها للمقارنة أو للدلالة على معنى معين, وهذه الأشعار لشعراء ضلَّ شعرهم طريقه إلينا. ومثل ذلك ما أورده من قصص وأخبار وأعلام أفادتنا كثيرًا في استكمال صورة ذلك المجتمع. ومن هذه الإيجابيات أن كتب بعضهم لم تخل من خطرات نقدية ومقارنات أضاءت للباحثين المحدثين السبيل لاستكمال كثير من القضايا التي عرضوا لها. واستطاعوا بهذا أن يتعرفوا إلى أذواق أولئك العلماء الأوائل واتجاهات عصرهم في النقد وغيره. أما السلبيات فقد وردت على ألسنة المحدَثين، وسنحاول ذكرها ونقدها ما أمكن ذلك: 1- قصر النقد القديم عن فهم الشعر القديم؛ لأنه قام على أساسٍ من علوم البلاغة التقليدية، فقصرت عن أن تلفتنا إلى الجمال الحقيقي فيه2، وذلك أمر بدهي   1 مصطفى ناصف، قراءة ثانية لشعرنا القديم، ص11 وما بعدها. 2 محمد النويهي، الشعر الجاهلي منهج في دراسته وتقويمه، 14. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 لأنه لم يكن من أهدافهم عمل ذلك، بل كانوا يهدفون إلى الإفادة من لغة ذلك الأدب وضروب البلاغة فيه، ومع ذلك فإنَّ التفاتات النقاد ولمساتهم الخفيفة كالجرجاني وابن جني وابن حازم كانت ملفتة إلى جمال ذلك الشعر, ولو لم يفعل القدامى شيئًا إلّا تدوين ذلك الشعر وحفظه من الضياع، وتوثيقه لكان ذلك كافيًا. 2- إن شروح اللغويين القدامى للشعر الجاهلي، وهي مفاتيحنا إلى فهمه، إنما هي ثمرة عقلية إسلامية؛ لأنهم أغفلوا الحديث عن أصولها الدينية القديمة، ويتهمهم أحد الباحثين1 بأنهم ألحوا لطمس تلك الأصول، وقد عرضنا لهذه القضية في التمهيد، ولكنها ليست من عمل شخص واحد، بل إننا نزعم بأن الرواة منذ صدر الإسلام تحرجوا، ولذلك بدأت تلك الأصول تتساقط وتتناسى حتى تلاشت. 3- دأب المحدثون منذ العصر الأموي على طمس الثقافة العربية ممتزجة بالأساطير والقصص الخرافي لما فيها من إيقاظ للشعور الجاهلي الذي أساسه العصبية، وقد عرضنا لذلك أيضًا، ونضيف هنا رأيًا لباحث آخر2 يؤكِّد فيه أن كثيرًا من الشعر الجاهلي الصحيح النسبة إلى أصحابه أو إلى العصر الجاهلي قائم في الكتب الباقية بين أيدينا الآن، لكن ليس في مجاميع الشعر الجاهلي الذائعة الصيت، وإنما هذا كله يقع في كتب تدخل عندنا في مجال القصص الموضوع أو المصنوع؛ لأن القدامى وضعوها في قالب متحجر من تصور الشعر الجاهلي والتاريخ الجاهلي بحيث أصبح التاريخ الحي عندنا قصصًا، وما اندرج خلاله من الشعر مصنوعًا، ونتيجة الإهمال والتنازل عنها دخلها الضيم وطمع القاصّ فشرع يغير فيها، ومن هذه المؤلفات: فتوح الشام اللواقدي، وكتاب بكر وتغلب لمؤلف مجهول أو لابن إسحاق، وقد طبع في الهند 1305هـ، ومن المعروف أن الخرافة والأسطورة تعدَّان منبعين من منابع التاريخ. 4- ويرى أحد الباحثين3 في عجز النقاد القدامى سببًا مغايرًا للرأي السابق، فهو   1 إبراهيم عبد الرحمن محمد، الشعر الجاهلي، 9. 2 نجيب البهبيتي، المعلقات: سيرة وتاريخًا، 189. 3 عبد الجبار المطلبي, مواقف في الأدب والنقد، 31. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 يعلل عجزهم عن إصدار الحكم الصائب على الشعر الجاهلي لاعتمادهم على قيم ومعايير انحدرت إليهم من أمم أجنبية كاليونان والفرس. وقد يكون محقًّا في جزء من مقولته، لكننا لا نملك تعميمها على النقاد جميعًا، وإن الأقرب إلى الصواب أن نزعم أن العصور المتأخرة بعد القرن الثالث شهدت شيئًا من هذا التأثر. 5- ويعلل باحث آخر1 تقصير معظم الدراسات التراثية لأنها لم تعِ أن الشعر القديم إنما هو تقدير النفس والحياة، وهذا أمر بدهي؛ لأن أهدافهم من جمع الشعر وتوثيقه وشرحه تختلف عن أهدافنا نحن اليوم. 6- لم يكن نصيب القبائل من الجمع عادلًا لتدخُّل العصبية في عملية الجمع, ونحن لا ننكر دور العصبية، ولكن العلماء الذين تصدَّوا لعملية الجمع كثيرون، وقد جمعوا شعر القبائل كلها لدليل واحد نملكه على الأقل, وهو أن أبا عمرو بن العلاء وحده جمع شعر ثمانين قبيلة2, وما ذنب الرواة إن لم تكن القبائل متساوية في حجم الشعر والشعراء، أو لم يحرص رواة القبيلة على تناقل الشعر وحفظه على عصر التدوين. 7- النقد لم يواكب الشعر ولم يدرسه، بل كان جلَّ همه منصَبًّا على شرح مفرداته ونقد جزئي. 8- إن الكثير من الجهود قد ضلَّ طريقه إلينا. وخلاصة القول في هذه السلبيات أنها تحمل اللغويين القدامى حملًا لا يقدرون عليه في ظل ظروف عصرهم، ولأنه لم يكن هدفًا من أهدافهم، ولقد كانت الرواية الشفوية علمًا خاصًّا اختص به الإسلام وارتبط بالعقيدة الإسلامية؛ لأن الرواة يروون أيضًا الحديث الشريف والعلوم القرآنية، ولكن القليلين من المحدثين من مستشرقين وعرب قدَّروا هذا العلم وتلك الخاصية حق قدرهما، ولم يفهموها كما ينبغي3, وهذا النقص الذي نبحث عنه في شعرنا الجاهلي وجهود القدامى فيه سببه   1 صلاح عبد الصبور، قراءة جديدة لشعرنا القديم. 2 انظر الفهرست لابن النديم 159، وانظر أيضًا المؤتلف والمختلف للآمدي في صفحات مختلفة. 3 أوجست شبرنجر، ضمن دراسات المستشرقين حول الأدب الجاهلي، ترجمة عبد الرحمن بدوي، ص249 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 ضياع كثير من الشعر الجاهلي1، أما سبب الضياع فيمكن تلخيصه في: الرواية الشفوية، وروح الوثنية في بعضه، والنقاد الذين لم يلتفتوا إلّا إلى الشروح اللغوية فيه، وإلّا فكيف نفسِّر وصول بيت أو بيتين من قصيدة ووردودهما في كتاب لغة أو نقد؟ وللقدامى جهود كبيرة في رواية الأمثال وجمعها وتدوينها وتصنيفها وتبويبها، وهي جهود واكبت جمع الشعر الجاهلي وتدوينه، بل إن العلماء الذين رووا وجمعوا الشعر الجاهلي هم أنفسهم الذين جمعوا الأمثال، وإن الأسباب التي حدت بهم إلى جمع الشعر هي نفسها التي حدت بهم إلى جمع الأمثال، وهي اللغة والثروة اللغوية والأخبار. فمن كتب الأمثال التي وصلت إلينا وحقِّقَت ونشرت: أمثال المفضل الضبي "ت180هـ"، وأمثال أبي فيد السدوسي "ت198هـ"، وأمثال أبي القاسم بن سلام "ت224هـ"، وفصل المقال في شرح أمثال أبي عبيد للبكري "ت487هـ"، وأمثال أبي عكرمة الضبي "ت250هـ"، وجمهرة الأمثال للعسكري "ت395هـ"، وأمثال زيد بن رفاعة "ت: بعد 400هـ"، وأمثال الطالقاني "ت421هـ"، وأمثال الميكالي "ت436هـ"، والوسيط للواحدي "ت468هـ"، ومجمع الأمثال للميداني "510هـ"، والمستقصي للزمخشري "ت538هـ"، وزهر الأكم في الأمثال والحكم للحسن اليوسي "القرن الحادي عشر"، وتمثال الأمثال للعبدري "ت837هـ"، والزاهر لابن الأنباري "ت328هـ". أما ما زال مفقودًا أو لم ينشر بعد فأكثر، ولا ضرر من ذكره: -شرح الأمثال لأبي عبيد الهروي "ت414هـ", ذكره القفطي 3/ 126. - الأمثال لعلي بن معدي الأصفهاني. - الأمثال للأصعمي "ت211هـ"، ذكره ابن خير الإشبيلي 340هـ. - تفسير الأمثال لابن الأعرابي "ت231هـ", ذكره ياقوت 18/ 196.   1 انظر في: طبقات ابن سلام 21، والمؤتلف والمختلف للآمدي 83، الفهرست 117، السيرة النبوية 1/ 186. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 - الأمثال للقاسم بن محمد الأنباري "ت305هـ" ذكره ابن النديم 112، وياقوت 16/ 317. - الأمثال لأبي زيد الأنصاري "ت220هـ", ذكره ياقوت 11/ 216. - مجمع الأمثال للبيهقي "ت565", ذكره ياقوت 13/ 226. - الأمثال للتوزي "ت230هـ ", ذكره القفطي 2/ 126. - الأمثال للثعالبي "ت429هـ", موجود في المكتبة الأحمدية بتونس تحت رقم 4794. - الأمثال للجاحظ "ت255هـ", ذكره ياقوت 160/ 109، ذكر كتابًا آخر عنوانه "التمثيل" ياقوت 16/ 108. - الأمثال لعبيد بن شريه "ت81هـ", ذكره ابن النديم 90، والجاحظ في البيان والتبيين 1/ 361. - الأمثال لابن حبيب "ت245هـ", ويسمَّى "المنمَّق" وهو أمثال علي وزن "أفعل", ذكره ياقوت 18/ 155، وابن النديم 155. - الأمثال ليونس بن حبيب "ت174هـ", ذكره ابن خلكان في الوفيات 7/ 245, وياقوت 20/ 67. - الأمثال للحياني. - الأمثال للخالع الحسين بن محمد بن جعفر "ت375هـ", ذكره ياقوت 10/ 155. - الأمثال للخوارزمي "ت390هـ". - الامثال للرياشي. - سوائر الأمثال للزمخشري "ت538هـ", ذكره ابن خلكان 5/ 169. - ديوان التمثيل للزمخشري "ت538هـ", ذكره ياقوت 19/ 134. - زبدة الأمثال للزمخشري, موجود في المكتبة الأحمدية بتونس تحت رقم 5645. - الأمثال للزيادي إبراهيم بن سفيان "ت249هـ", ذكره القفطي 1/ 167، ياقوت 1/ 161، وابن النديم 86. - الامتثال لمثال المنهج في ابتداع الحكم واختراع الأمثال لابن الربيع بن سالم, ذكره القفطي 4/ 475. - الأمثال لابن السكيت "ت244هـ", ذكره ابن خلكان 6/ 400, وياقوت 20/ 52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 - الأمثال لأبي عمرو الشيباني "ت210هـ". - جوهرة الأمثال لابن عبد ربه "ت328هـ", موجود في المكتبة الأحمدية بتونس تحت رقم 4792. - الأمثال لصحار بن العياش العبدي "ت81هـ", ذكره ابن النديم 90, والجاحظ في البيان والتبيين 1/ 96. - الحكم والأمثال للعسكري، أبي أحمد "ت390هـ", ذكره ابن خلكان 2/ 84، ياقوت 8/ 236. - الأمثال لأبي عمرو بن العلاء "ت154هـ". - الأمثال للغندجاني "ت390هـ". - حكم الأمثال لابن قتيبة "ت276هـ", ذكره القفطي 2/ 146، وابن النديم 116. - الأمثال للقشيري. - شرح الأمثلة لابن القطاع "ت515هـ", ذكره القفطي 2/ 237. - الأمثال للشرقي بن القطامي "ت155هـ". - جامع الأمثال لأبي علي أحمد بن إسماعيل القمي "ت344عـ", ذكره القفطي 1/ 29. - الأمثال لعلاقة الكلافة الكلابي "كان حيًّا قبل 64هـ", ذكره ابن النديم 90، وياقوت 12/ 190. - الأمثال للنضر بن شميل المازني "ت205هـ". - الأمثال لسعدان المبارك, ذكره القفطي 2/ 55، وابن النديم 105. - فصل في كتاب "الكامل للمبرد" يضم خمسة وسبعين مثلًا. - الأمثال السائرة لأبي عبيدة "ت211هـ", ذكره ياقوت 19/ 161، وابن النديم 79. - زيادات أمثال أبي عبيد للمنذري، محمد بن أبي جعفر "ت329هـ", ذكره القفطي 3/ 71، وياقوت 18/ 99-101. - الأمثال لنفطويه "ت323هـ", ذكره ياقوت 1/ 272. - الأمثال لعلي بن الحسن بن هنده "ت416هـ". - كتاب المجلة في الأمثال لأبي عبيدة "ت211هـ", ذكره ابن خير الإشبيلي 341. - تمثال الأمثال السائرة في الأبيات الفريدة النادرة لقطب الدين المكي النهرواني "ت990هـ", ذكره بروكلمان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 المستشرقون والشعر الجاهلي ... المشترقون والشعر الجاهلي: يطلق لفظ الاستشراق على فئة من العلماء من الغرب أو الشرق, أي: من أمريكا وأوروبا وروسيا, كرَّست وقتها أو بعضه وجهدها لدراسة تراثنا وأدبنا لأغراض متعددة, وكان سبل اتصالهم بنا وبتراثنا بإحدى طرق ثلاث: الأندلس قبل سقوطها بأيديهم وبعد السقوط، والحملات الصليبية، واستعمارهم بلادنا. وقد بدأت أوروبا تتنبه إلى ذلك في بدايات القرن الرابع عشر، ففي سنة 1312م صدر قرار مجمع فينا الكنسي بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في عدد من الجامعات الغربية1, ولكن مفهوم مستشرق Orientalist لم يظهر في أوروبا إلّا في نهاية القرن الثامن عشر، ففي إنجلترا ظهر سنة 1779م، وفرنسا 1799م، وأدرج مفهوم الاستشراق في قاموس الأكاديمية الفرنسية سنة 1838م2. ونستطيع أن نعد القرنين التاسع عشر والعشرين عصر الازدهار الحقيقي للاستشراق, وكان إمام المستشرقين سلفستر دي ساسي الفرنسي "ت1838م"2. فحركة الاستشراق تعني بالنسبة لأمتنا اهتمام الأوروبيين والأمريكيين بترثانا, بكل ما تعنيه كلمة "تراث" من معنى واسع، ولما كان العصر الجاهلي يمثل فجر تاريخ أمتنا، كما يمثل عصرها الذهبي الأول، وتمثل لغة أدبه اللغة المثال لما دُرِسَ ودُوِّنَ وقعِّدَت قواعده، فقد اتجهت أنظار فريق كبير من المستشرقين إلى تناول هذا العصر من جميع الجوانب.   1 إدوارد سعيد، الاستشراق 80. 2 شاخت وبوزورث، تراث الإسلام، ترجمة محمد السمهوري 1/ 78، سلسلة عالم المعرفة 1978. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 ومن أبرز مظاهر الاستشراق: 1- إنشاء جمعيات علمية لمتابعة الدراسات الاستشراقية، ومن هذه الجمعيات: الجمعية الآسيوية بباريس 1822م، والجمعية الملكية الآسيوية في بريطانيا وإيرلندا 1832م، والجمعية الشرقية الأمريكية 1843م، والجمعية الشرقية الألمانية 1845م. 2- إصدار مجلات لنشر أبحاثهم ودراساتهم, ومن هذه المجلات والدوريات: مجلة ينابيع الشرق, أصدرها هامر برجشتال في فينا 1809-1818م. مجلة الإسلام بباريس 1895م. مجلة العالم الإسلامي, صدرت عن البعثة العلمية الفرنسية في المغرب 1916م, ثم تحولت بعد ذلك إلى مجلة الدراسات الإسلامية. مجلة الإسلام في ألمانيا 1910م. مجلة عالم الإسلام في روسيا 1912م. مجلة العالم الإسلامي في بريطانيا 1911م, أصدرها صموئيل زويمر. تلك كانت البدايات، أما اليوم فإن لهم أكثر من ثلاثمائة دورية ومجلة تصدر في مختلف جامعاتهم ومعاهدهم وجمعياتهم. أما المجالات التي عنوا بها بحثًا ودراسة فهي: 1- تحقيق الداوين والمجموعات الشعرية. 2- دراسة قصائد مفردة وتحقيقها ونشرها وترجمتها. 3- رصد ظواهر ودراستها. 4- التوثيق والرواية وتدوين الشعر الجاهلي. 5- إصدار الموسوعات والمعاجم. وسنقصر بحثنا هنا على جهودهم فيما يتَّصل بالعصر الجاهلي وأدبه؛ لأن لهم اهتمامات في كل ما يتعلق باللغة العربية وآدابها وتاريخها وفكرها في مختلف العصور. أما الدواوين الشعرية: فإنه بلغ من اهتمامهم أنهم عنوا بنشر أو ترجمة أو دراسة ما يربوا على نصف الدواوين الجاهلية؛ لأنهم أدركوا أن الشعر الجاهلي هو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 ديوان العرب وتاريخهم، وسنحاول ذكر هذه الدواوين ومحققيها وناشريها: 1- ديوان الأسود بن يعفر: حققه رودلف غاير النمساوي, ونشر بليدن 1928م "نشريات جب رقم 6". 2- ديوان الأعشى الكبير "الصبح المنير في شعر أبي بصير مع ديوان الأعشيين": حققه غاير النمساوي, ونشر على نفقة لجنة ذكرى جب 1928. 3- ديوان امرئ القيس: حققه كل من: البارون سلان الفرنسي مع جوزيف رينو 1837م، جوتفالو فازان 1861-1863م، فرديريك روزين الألماني 1924م، روكهارت الألماني الذي ترجمه إلى الألمانية 1943م. 5- ديوان أوس بن حجر: حققه رينيه باسيه "الفرنسي في المجلة الآسيوية 1912"، وردلف غاير النمساوي فينا 1892م. 6- شعر تأبط شرًّا: حققه السير تشالز ليال الإنجليزي في المجلة الآسيوية 1918. 7- ديوان حاتم الطائي: حققه شولتز الألماني، ليبزغ 1897م، ياكوبه بارت الألماني، حسون، ليدن، 1872م. 8- شعر الحادرة الذبياني: حققه أنجلمان الهولندي، ليدن 1858م. 9- ديوان الحارث بن حلزة اليشكري: حققه كرنكوف الإنجليز، بيروت، المطبعة الكاثوليكية 1922م. 10- ديوان الخنساء "أنيس الجلساء في ديوان الخنساء" حققه الأب دي جوييه الفرنسي، بيروت, المطبعة الكاثولوكية 1888م. 11- شعر أبي دؤاد الأيادي: حققه غربناوم الألماني, ونشر ضمن "دراسات في الأدب العربي", ترجمة محمد يوسف نجم وإحسان عباس، بيروت. 12- ديوان زهير بن أبي سلمى: حققه الكونت دي لنديبرج السويدي "بشرح الأعلم الشنتمري". 13- ديوان سلامة بن جندل التميمي: حققه غيار النمساوي بمناسبة تكريم زخاو 1915. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 14- ديوان السمؤال: حققه هيتتويج هيروشفيلد الألماني 1907-1910م, شرحه هيرشبرج, كركاو 1931. 15- ديوان الشنفرى: حققه غاير النمساوي بمجلة إسلاميكا Islamica 1877م. 16- ديوان طرفة: حققه أرمان كوسن دي برفال الفرنسي في المجلة الآسيوية 1841م، نولدكه الألماني، فاندينوف الألماني "أطروحة دكتوراه بجماعة برلين 1895م"، سليغسون, باريس 1901م. 17- ديوان الطفيل الغنوي: حققه كركنكوف الإنجليزي، ليدن 1928م. 18- ديوان الطهمان الكلابي: حققه يلهلم آلورد الألماني. 19- ديوان عبيد بن الأبرص: حققه هوميل الألماني 1890م، السير شالز ليال الإنجليزي 1913م، جابر ييلي الإيطالي 1940. 20- ديوان عروة بن الورد: حققه رينيه باسيه الفرنسي، الدراسات الشرقية 1926م. 21- ديوان علقمة الفحل التيمي: حققه فيتسفلد الألماني، ليدن 1858م، سوسين الألماني، ليبرغ 1867م. 22- ديوان عمرو بن قميئة: حققه السير تشارلز ليال الإنجليزي، كمبردج 1919م، نولدكه الألماني. 23- ديون عمرن بن كلثوم: حققه كرنكوف الإنجليزي، بيروت، المطبعة الكاثوليكية 1922م. 24- ديوان قيس بن الخطيم: حققه نولدكه الألماني، كوالسكي، ليبرغ. 25- ديوان لبيد بن ربيعة العامري: حققه سينكوفسكي الروسي "نقد الديوان 1844م" هوير النمساوي, "نشر جزءًا منه، فينا 1880"، بروكلمان الألماني نشر القسم الثاني من الديوان، ليدن, فون كريمر النمساوي "حول أشعار لبيد، مجلة المجمع, فينا1891م". 26- ديوان لقيط بن يعمر: حققه نولدكه الألماني, مجلة شرق وغرب 1862م. 27- ديوان المتلمس الضبعي: حققه أرمان كوسن دي برسفال الفرنسي "المجلة الآسيوية 1841م", كارل فولليرسل النمساوي، ليبزغ 1906م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 28- ديوان المسيب بن علس: حققه غير النسماوي، ليدن، 1928م. 29- ديوان النابغة الجعدي: حققه برنليوخ الألماني، مجلة إسلاميكا 24. 30- ديوان النابغة الذبياني: حققه ديرنبرغ الفرنسي، المجلة الآسيوية 1868م, وبترجمة فرنسية 1986 باريس، ونشر تكملة 1899م، ونشر منتخبات من شعره يوتيانوف الروسي 1866م. 31- فهرسة جميع الدواوين الشعرية حتى أواخر بني أمية: جوزيف هورفتش. أما المجموعات الشعرية التي حظيت بالاهتمام والدرس والتحقيق فهي: 1- العقد الثمين في دواوين الشعراء الستة الجاهليين: حققه ولهم آلورد الألماني، ط1: ليدن 1870م, وط2: باريس 1902م. 2- شرح الشعراء الستة للأعلم الشنتمري: حققه ونشره ديردف الألماني، ويلهلم آلورد الألماني. 3- مجموعة أشعار الجاهليين: حققه ونشره البارون دي سلان الفرنسي، باريس 1838. 4- ديوان الهذليين: حققه ونشره كلٌّ من: فهلوزن الألماني وترجمه إلى الألمانية 1939-1841 "المجلة الشرقية الألمانية"، ياكوب بارت الألماني، المجلة الآشورية 1912م، يوهان كوز غارتن الألماني. 5- بعض دواوين الهذليين "ديوان أبي ذؤيب": حققه هيل الألماني، برلين 1962-1933م. 7- الجزء الأول من ديوان الهذليين مع شرحه: حققه كوزيجارتن الألماني، ليدن 1845م. 8- المفضليات بشرح الأنباري ثلاثة أجزاء: حققه السير تشارلز ليال الإنجليزي، بيروت 1908م. 9- الجزء الأول من المفضليات من شرح الأنباري وشرح المرزوقي: حققه توربيكه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 الألماني، ليبزيج 1885م, درسها كاسكيل الألماني 1954، فيستنفلد الألماني في الصحيفة الشرقية بفينا. 10- الأصمعيات بشرح ابن السكيت: حققه كرنكوف الإنجليزي 1907م، ويلهلم آلورد الألماني 1902م. 11- مختارات المفضليات والأصمعيات: حققها ريشير الألماني، برلين 1911م. 12- مجموع أشعار العرب في ثلاثة أجزاء "الأصمعيات وأراجيز وديوان رؤبة": حققها ويلهلم آلورد الألماني. 13- ديوان الحماسة بشرح التبريزي: حققه فرايتاج, وترجمه إلى اللاتينية. ولم تقتصر جهودهم في مجال التحقيق على تحقيق الدواوين والمجموعات الشعرية, بل قاموا بنشر بعض كتب التراث المتصلة بالعصر الجاهلي ومنها: 1- الجزء الأول من الأغاني: نشره كوزيجارتن الألماني 1840-1843م. 2- جمهرة أنساب العرب لابن حزم: نشره بورفنسال الفرنسي، دار المعارف بمصر 1948م، ونشره أتوشيباس الألماني ضمن وثائق إسلامية غير منشورة 1952م. 3- كتاب الجوهرتين للهمداني: نشره باللغتين كريستو فرتسل، أبسالا 1968م. 4- كتاب الخيل للأصمعي: نشره هافنر النمساوي، فينا 1895م. 5- كتاب نسب فحول الخيل في الجاهلية والإسلام لابن الكلبي: نشره دلالفيدا الإيطالي، ليدن 1928م، وقد حققه حديثًا نوري حمودي القيسي وحاتم الضامن, بغداد، المجمع العلمي العراقي 1985م. 6- كتاب نسب فحول الخيل في الجاهلية والإسلام لابن الأعرابي: نشره دلافيدا الإيطالي، ليدن 1928م، وقد نشره نوري حمودي القيسي وحاتم الضامن، بغداد، المجمع العلمي العراقي 1985م. 7- كتاب نسب قريش للزبير بن بكار: نشره بروفنسال الفرنسي. 8- المؤتلف والمختلف للآمدي: نشره كرنكوف الإنجليزي. 9- معجم الشعراء للمرزباني: نشره كرنكوف الإنجليزي. 10- الفهرست لابن النديم: نشره غوستاف فلوجل الألماني، ليبزيج 1872م. 11- المحبر لابن حبيب: نشرته الزة ليشنثتر الألمانية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 12- المعارف لابن قتيبة: غوتنجن، ألمانيا 1850م. 13- طبقات الشعراء لابن سلام: نشره هل الألماني، ليدن 1913-1916م. 14- كتاب الوحوش للأصمعي: نشره غاير النمساوي. أما القصائد المفردة فقد انصبَّ اهتمامهم على قصائد معينة دون غيرها، ونستطيع أن نحصر هذه القصائد في الآتي: 1- لامية الشنفري: وقد حظيت بنصيب وافر من الاهتمام، فقد درسها أو حققها أو نقدها أو ترجمها كلٌّ من: ياكوب الألماني، وجيمس هاوس الإنجليزي، والبارون دي ساس الفرنسي، وفايل الألماني، وفرنيل الفرنسي، وجبراييلي الإيطالي، ونولدكه الألماني، وجارتن الألماني، وهامر الألماني، ورويس الألماني، وروكهارت الألماني. 2- لامية عروة بن الورد: رو الفرنسي 1904م. 3- قصيدة لامرئ القيس: جرنيني الإيطالي 1907م. 4- قصيدة لعمرو بن معد يكرب: جويدي الإيطالي، مجلة الدراسات الشرقية 1926م. 5- قصيدة لتأبط شرًّا: شولتز السويسري 1882م. 6- مرثية لتأبط شرًّا: فرايتاج الألماني 1814م. 7- قصيدة منسوبة لامرئ القيس: نشرها جريفني, وحققها غاير, وأعاد نشرها 1914م. 8- قصديتان للأعشى: غاير النمساوي، ليزيج 1905م. 9- قصيدتان لسحيم: زرستين الألماني. 10- قصيدة تأبط شرًّا في أخذ الثأر: ويلهلهم آلورد الألماني 1859م. 11- قصيدة الأعشى في مدح النبي -صلى الله عليه سلم: توركبه الألماني، ليبزيج 1875م. أي إن المستشرقين عنوا بقصائد تخص كلًّا من: امرئ القيس، والأعشى, والشنفرى، وتابط شرًّا، وعروة بن الورد، وسحيم عبد بني الحسحاس، وعمرو بن معد يكرب. وأن نظرة عجلى إلى هذه الأعلام لتشي بأن المستشرقين اهتمّوا بنماذج من الشعراء والقصائد تنفرد بشيء لا يوجد إلّا عنده، فثلاثة منهم من الصعاليك، ورابع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 منهم فارس "عمرو"، وامرؤ القيس، والأعشى، وسحيم, لهم ظروف معيشية وسلوك خاص بهم يعكسه شعرهم. ويندرج تحت القصائد المفردة المعلقات، وهي قصائد مشهورة في تراثنا تمثِّل قمة النضج في البناء، وتصور الحياة الجاهلية، وهي مليئة بأخبار الجاهلية وحروبهم وأيامهم. وقد تنوّع اهتمام المستشرقين بالمعلقات بين تحقيق ونشر وترجمة إلى لغاتهم, ونقد وتحليل ودراسة, ومنهم من اهتمَّ بالمجموع كاملًا، ومنهم من اهتمَّ بمعلقة بعينها. ومن الذين اهتموا بها مجتمعة: 1- السير وليم جونز الإنجليزي: نشرها متنًا وترجمة، لندن 1783م. 2- لهدن الإنجليزي: نشر شرح الزوزني للمعقات، لندن 1823م. 3- السير تشالز ليال الإنجليزي: نشر شرح التبريزي للمعلقات، لندن 1818-1884م. 4- ولفر دبلنت الإنجليزي: نظم المعلقات السبع من ترجمة زوجه بالشعر الإنجليزي 1913م. 5- نولدكه الألماني: ترجمة المعلقات الخمس، فينا 1899-1900م. 6- آرلولد الألماني: نشر المعلقات السبع وبذيلها الشروح والحواشي, ليبزيج 1850م. 7- جوتفالو الروسي: نشر المعلقات السبع، قازان 1861-1863م. 8- جان جاك سميث الفرنسي: نشر ترجمة جديدة للمعلقات مع تفسير لغوي وتاريخي وجغرافي. 9- روكهارت الألماني. أما من اهتموا بمعلقة مفردة فهم: 1- معلقة امرئ القيس: جان جاك دي برسفال الفرنسي 1819م، أوجست موللر الألماني مع شرح بالألمانية. 2- معلقة زهير: رو الفرنسي 1905م، وريشير الألماني 1913م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 3- معلقة طرفة: رايسكة الألماني بشرح بن النحاس، ليدن 1742م, وترجمها إلى الألمانية: فرايتاج الألماني 1829م، فولرز الألماني 1929م، فاندنوف الألماني، رسالة دكتوراه 1895م، مع ترجمة إلى اللاتينية، فولليروس الألماني بشرح الزوزني، بون، 1829م، ريشر الألماني بشرح الأنباري، القسطنطينية 1329هـ. 4- معلقة لبيد بن ربيعة: البارون دي ساسن الفرنسي 1816م، يوتيانوف الروسي 1827م، برسلو 1828م. 5- معلقة عنترة: رتشر، روما, 1914م، يوليديف الروسي، بون, 1832م. 6- معلقة عمرو بن كلثوم: شلو سنجر الألماني بشرح ابن كيسان، يونيخ 1907م، كوزيجارتن الألماني ترجمها إلى الألمانية واللاتينية وركهات الألماني. 7- معلقة الحارث بن حلزة: يوليديف الروسي 1832م، فرايتاج الألماني 1827م. 8- معلقة الأعشى: السير تشارلز ليال الإنجليزي 1922م، غاير النمساوي، ليبزيج 1905م. وفي مجال البحوث والدراسات ورصد الظواهر من أدب العصر الجاهلي نستطيع أن نميز في أعمالهم المجالات التالية: 1- دراسات تتصل بتاريخ الجاهلية او جغرافيتها أو أساطيرها وخرافاتها. 2- دراسات تتصل بالأدب الجاهلي بصورة عامة أو الشعر الجاهلي. 3- دراسات تتصل بشعراء جاهليين أو خطباء. 4- دراسات تتصل بظواهر معينة أو غرض شعري. 5- دراسات تتصل بتأثر الأدب الجاهلي بغيره. وفيما يتصل بالاتجاه الأول وهو الدراسات المتصلة بتاريخ الجاهلية تبرز الدراسات التالية: رسائل تاريخ العرب قبل الإسلام لترونل الفرنسي، وعرب الجاهلية: تاريخهم ولهجاتهم لفرنيل الفرنسي، وتاريخ الجاهلية لفرنيل الفرنسي 1836م، وتاريخ العرب في الجاهلية ديفرجيه الفرنسي 1847م, وباكورة تاريخ العرب في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 ثلاثة مجلدت لدي برسفال الفرنسي 1847م، وقد طبع أربع مرات، ونساء العرب قبل الإسلام وبعده لدي برسفال الفرنسي 1858م، وأحوال اليمن في الجاهلية لإيتالو الإيطالي 1917م، مجلة الدراسات الشرقية، وتفسير الكتابات الحميرية وأخبار التبابعة لجيرفني الإيطالي، وتاريخ اليمن قبل الإسلام لنالينو الإيطالي, مجلة السياسية الأسبوعية المصرية 1927، ومؤلفات إيطالية حديثة عن جنوب الجزيرة قبل الإسلام لنالينو 1921م، وتاريخ العرب قبل الإسلام لنالينو 1941م، وقد جمعته زوجه، وتاريخ العرب وثقافتهم لجيدي الإيطالي 1951م، والقسم الخاص بالجاهلية في تاريخ أبي الفداء لفلايشر الألماني، ليبزيج 1831م. وفيما يتصل بالأدب الجاهلي والشعر الجاهلي فإنتاجهم غزير منوع, استطعنا فرز التالي: - أصل الأدب الجاهلي للبارون دي ساس الفرنسي 1808م. - الشعر العربي قبل الإسلام لرينيه باسيه الفرنسي 1880م. - تاريخ الآداب العربية لهيار الفرنسي. - تاريخ الأدب العربي لبلاشير الفرنسي 1952م باريس، وقد ترجمه إلى العربية إبراهيم كيلان في ثلاثة أجزاء. - تاريخ الأدب العربي لنالينو الإيطالي, وقد نُشِرَ بالعربية عن دار الهلال 1915م، ودار المعارف 1962م. - موجز في تاريخ الأدب العربي لجابريلي الإيطالي، مجلة الدراسات الشرقية 1932. - الشعر العربي لماينو الإيطالي، باليرمو 1935م. - اللغة والأدب السامي لدلافيدا الإيطالي 1941م. - الأدب العربي لدلافيدا، ومجلة الدراسات الشرقية 1931م. - تاريخ الأدب العربي لجابريلي الإيطالي، ميلانو 1851، ط2: 1956. - ترجمة شعراء العرب إلى الإيطالية لجابريلي. - تراجم الشعراء القدامى والشعر الجاهلي للسير تشالز ليال الإنجليزي، لندن 1885. - الشعر الجاهلي مرجع للمعلومات التاريخية لسير تشارلز ليال، المجلة الآسيوية 1941. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 - طبيعة اللغة العربية والأدب العربي لإدوارد بوكوك الإنجليزي، 1761م. - تقويم العصر الجاهلي لكرنكوف الإنجليزي 1947م. - الشعر الجاهلي لكرنكوف، مجلة الثفافة 1931م. - المدخل إلى تاريخ الأدب العربي لهاملتون جب الإنجليزي, لندن 1926م. - الشعر القديم ونقاده للبارون روزين الروسي, 1878-1903م. - الشعر الجاهلي لياكوب الألماني, 1892م. - وصف حياة شعراء العرب قبل الإسلام حسب المصادر لياكوب, برلين 1897. - الشغر الجاهلي لياكوب, المجلة الشرقية الألمانية 1935. - عن الشعر الجاهلي لبرونلخ، مجلة الأدب الشرقية 1926، إسلاميكا 1927م، إسلامكيا 1937م. - الشعر العربي والسامي لأنوليتمان الألماني، الدراسات السامية 1924. - الأدب العربي لريشير الألماني، شتوتجارت 1952-1933م. - الشعر العربي لفايسفايلر، الدراسات الشرقية المهداة إلى ليتمان، ليدن 1935م. - الشعر العربي القديم لكوفالكسي الألماني وريانس, 1945م. - الأدب العربي للأب فرانشيسكو سيمونت الإسباني، غرناطة 1867م. - الأدب العربي لفولليروس النمساوي 1910م. - حول أصول العربية والآداب الجاهلية لبيتز النمساوي. - الشعر الجاهلي لغاير النمساوي، إسلاميكا 1107. - الشعر الجاهلي من تاريخ أبي الفداء لفرايتاج الألماني 1831م. - تاريخ الآداب العربية لفلوجيل الألماني 1834م. - أشعار العرب لفايل الألماني، شتوتجارت 1837م. - شعر العرب وشاعريتهم لولهلم آلورد الألماني، جوتنجن 1856م. - ملاحظات عامة على الشعر الجاهلي لولهلم آلورد، جرايتسفالد 1872م. - كتاب الآداب العربية والعبرية لياكوب بارت الألماني. أما دراساتهم عن الشعراء والخطباء فقد استطعنا حصر الآتي: 1- عنترة بن شداد: - قصة عنترة ليشربونو الفرنسي 1845م. - مختصر سيرة عنترة العامية, لمارسل ديفيك الفرنسي 1864م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 - عنترة ملك وشاعر لايتالو بتيزي الإيطالي 1899. - سيرة عنترة لهامر النمساوي. - عنترة لهوفين الهولندي 1950. - عنترة لأوجست موللر الألماني، دراسات إسلامية 1، 5. 2- امرؤ القيس: - تسمية امرئ القيس لفيشر الألماني، إسلاميكا 1، 379. - امرؤ القيس لفيشر، الدراسات السامية 1922م. - امرؤ القيس لأنوليتمان الألماني، الدراسات السامية 1924م. - امرؤ القيس لأوجست موللر الألماني، ليبزيج 1969م. 3- الشنفري: - الشنفري صعلوك الصحراء لجابريلي الإيطالي، مجلة الدراسات الشرقية. -تأبط شرًّا والشنفري وخلف الأحمر, لجابر بيلي 1946م. - الشنفري لجان جاك هس السويسري، المجلة الشرقية الألمانية 1915م. - الشنفري لكراتشكوفسكي الروسي 1924م. - دراسات في شعر الشنفري لياكوب الألماني، مجمع العلوم البافاري. 4- أمية بن أبي الصلت: - بحوث في العلاقة بين الشعر المنسوب إلى أمية والقرآن الكريم لكامنتسكي، رسالة دكتوراه 1911م. - وجه الشبه بين القرآن وشعر أمية لهيار الفرنسي 1904م. 5- عبيد بن الأبرص: - عبيد بن الأبرص لريكندوف الألماني، المجلة الشرقية الألمانية 1918م. - عبيد بن الأبرص لفيشر، منوعات ماسبيرو 1935-1940م. 6- تأبط شرًّا: - رد على انتقاد العرب في صحة مرثية تأبط شرًّا, لروكهارت الألمانية 1849م. 7- عمرو بن كلثوم: - جاك هس السويسري، المجلة الشرقية الألمانية 1915م. 8- النابغة الذبياني: نالينو الإيطالي. 9- الخنسا: جابريلي الإيطالي، فلورنسا 1899م. 10- عمرو بن قميئة: كراتشكوفسكي الروسي 1925م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 11- الأعشى: برونليخ الألماني، مجلة الإسلام 14، 253. - كاسكيل الألماني، الآداب الشرقية 1931م. 12- أبو ذؤيب: برونليخ الألماني، مجلة الإسلام 1929م. 13- أوس بن حجر: فيشر الألماني، المجلة الشرقية الألمانية 1910م. - فرانكيل الألماني. 14- عمرو بن معد يكرب: فيشر الألماني، إسلاميكا 1927م. 15- السموءل: هيرشبرج الألماني، الفصول اليهودية 1095م. 16- طرفة بن العبد: دراسات عن طرفة لروكارت الألماني، شتوتجارت 1837م. 18- أكثم بن صيفي: مقالة أكثم لرايسكه الألماني، ليبزيج 1758م. أما الظواهر التي عنوا بدراستها ورصدها فهي: الانتحال: - أصول الشعر الجاهلي لمارجليوث الإنجليزي، المجلة الآسيوية 1925م. الأيام "الحروب": - أيام العرب لميفوح الألماني، رسالة دكتوراه 1899-1910م. - أيام العرب لكاسيكل الألماني، الآداب الشرقية 1931م. اللهجات: - بقايا اللهجات العربية في الأدب العربي لأنويلتمان، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة 1948م. الحيوان في الأدب: - الأحاديث المثالية والروايات المتعلقة بالحيوان في الأدب العربي القديم لبروكلمان، إسلاميكا 2، 6، 19. الخرافات: - التعاويذ من الخرافات في العصر الجاهلي لهيار الفرنسي. أغراض الشعر: - غاير النمساوي، إسلامكيا 7، 110. الرجز: - مشارف الأفاويز في محاسن الأواجيز، غاير الألماني، ليبزيج 1908م. وفي مجال التأثر والتأثير نطالع: - صلات الشعر الجاهلي بالأدب اليهودي والتوراة، السير تشارلز ليال الإنجليزي، المجلة الآسيوية 1914م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 - مصادر الثقافة العربية لأوليري الإنجليزي 1952م. - الشعر العربي والسامي لأنوليتمانا لألماني، المجلة الشرقة الألمانية. واهتمَّ المستشرقون بالأمثال, فمن دراساتهم: أ- دراسات حول أمثال لقمان: - أمثال لقمان لجالان الفرنسي 1704-1708م. - ترجمة أمثال لقمان لجان جاك دي برسفال الفرنسي 1818م. - ترجمة أمثال لقمان لشربونو الفرنسي 1847م. - ترجمة أمثال لقمان لمارسيل الفرنسي 1799م. - أمثال لقمان لجوزيف ديرنبرج الفرنس، ليبزيج 1850م. - أمثال لقمان وبعض أقوال العرب لأربانيوس الهولندي. - أمثال لقمان وأمثال العرب لفريتاج الألماني 1838-1843م. ب- دراسات حول أمثال الميداني: - مجمع الأمثال للميداني لفرايتاج الألماني، بون 1838-1843م. - نخب من أمثال الميداني مع تعليقات عليها لماكيسميليان الألماني، برسلا 1826م. - منتخبات من أمثال الميداني لهنري ألبرت شولتنس الهولندي 1793م. - مجمع الأمثال للميداني لأدوارد بوكوك الإنجليزي، لندن 1773م. - منتخبات من أمثال الميداني لكاترمير الفرنسي 1837م. ج- دراسات في أدب الأمثال: - دراسة في أدب الأمثال عند العرب، لبلاشير الفرنسي، أرابيكا 1954. - الأمثال العربية لهيرو تويج هيرشفيلد الألماني 1923م. - الأمثال العربية لشتوارتز الألماني 1916م. - أمثال عربية من مجموعة سنجر لأنوليتمان الألماني 1913م. - الأمثال العربية لريتشير الألماني، المجلة الشرقية 1911م. - الأمثال العربية لجوتين الألماني، الثقافة الإسلامية 1952م. - مجموعة من أمثال العرب، لكال الدنمركي. - الأمثال الشرقية لبولخ النمساوي، دراسات تشودي 1954م. - منتخبات من الأمثال العربية، لشولتز الهولندي، كمبرج 1772م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 د- نشر مخطوطات في الأمثال: - كتاب الأمثال لأبي عبيد، زولهايم، كرونبرج 1954م. - نشر مخطوطة أمثال، الأب دي لاتوره الأسباني. - الفاخر لابن سلمة، ستوري الإنجليزي, ليدن 1915م. هـ- ترجمة الأمثال: - مجموعة من الأمثال العربية متنًا وشرحًا وترجمة، جوهن لويس بوكهارات لندن، 1830م. وقد لفتت بعض مؤلفات المستشرقين انتباه بعض العرب، فترجموها إلى العربية، وهي قليلة نسبيًّا إذا قارناها بنتاجهم الضخم، ومن هذه المؤلفات التي نقلت إلى العربية: أ- في تاريخ الأدب الجاهلي وشعره: - في الأدب العربي الوسيط: أندرواس حاموري، جامعة برنستون، نيوجرسي 1974م. - شعر القبائل العربية الشمالية في الجاهلية: فوك الألماني. - الحياة البدوية في ضوء الشعر الجاهلي: ياكوب الألماني 1897م. - النسيب في الشعر القديم: الزة ليشتنثتر الألمانية، رسالة دكتوراه. - دراسات عن الشعر الجاهلي: فالتر بروانه الألماني. - ملاحظات حول صحة الشعر الجاهلي: ويللهم آلورد الألماني، 1872م. - مشاكل عصرية في الشعر الجاهلي: فالتر بروانة الألماني، وطرابلس، لبنان، المعهد الثقافي الألماني 1963م. - تاريخ الأدب العربي: بروكلمان في ستة أجزاء، ترجمة عبد الحليم النجار "ج1-3", رمضان عبد التواب, ويعقوب السيد بكر "ج4-6". - تاريخ الأدب العربي: بلاشير في ثلاثة أجزاء: ترجمة إبراهيم الكيلاني، دمشق ط1: 1956، ط2: 1973م. - الأمثال: زولهايم. ترجمة رمضان عبد التواب، بيروت، دار الأمانة والرسالة، 1969م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 - دراسات في الأدب العربي: غوستاف غرنباوم، ترجمة: إحسان عباس ومحمد نجم، بيروت، دار الحياة 1959م. - تاريخ التراث العربي: فؤاد سيزكين، ترجمة: محمود فهمي حجازي وزملاءه, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1983، عشرة أجزاء. - العربية: يوهان فك، ترجمة: رمضان عبد التواب، القاهرة 1951م. - دارسات في تاريخ الأدب العربي، كراتشكوفسكي، موسكو 1965م. ترجمة. - تاريخ الآداب العربية حتى عصر بني أمية: نالينو, جمع وتقديم مريم نالينو، دار المعارف بمصر 1954م. - اللغات السامية: نولدكه، ترحمة: رمضان عبد التواب، القاهرة 1963م. - تاريخ اللغات السامية: إسرائيل ولفنسون، ط1: مصر 1929م. ب- في تاريخ الجزيرة وقبائلها وحضارتها وجغرافيتها: - جغرافية الجزيرة العربية القديمة: شبزنكر الألماني. - المدينة قبل الإسلام: فلهاوزون الألماني، برلين 1889م. - بقايا الوثنية العربية: فلهاوزون، برلين 1887م. - مكة وتميم: مظاهر من علاقاتهم: كستر, ترجمة: يحيى الجبوري. - ملوك كندة من بني آكل المرار: جونار أولندر الإنجليزي، ترجمة: عبد الجبار المطلبي، بغداد، دار الحرية 1973م. - تاريخ العرب مطول: فليب حتي وزميلاه, ترجمة: نبيه أمين فارس ورفاقه, بيورت، دار المكشوف ط4: 1965م. - قصة الحضارة: ول ديوانت في واحد وعشرين جزءًا، ترجمة: محمد بدران, بإشراف المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم، مصر ط2: 1964م. - التاريخ العربي القديم: دبتلف نيلسون، ترجمة: فؤاد حسنين، مصر 1958م. - حضارة العرب: غوستاف لوبون, ترجمة: عادل زعيتر، دار المعارف بمصر 1945م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 - الحضارات السامية القديمة: موسكاني, ترجمة: يعقوب السيد بكر، مصر، دار الكاتب العربي. - الأمومة عند العرب: ولكن, ترجمة: بندلي صليبا جوزي، كازان 1902م. - المناخ والجغرافيا وأثرها في التاريخ: ميرز, ترجمة: وزارة التربية والتعليم بمصر، القاهرة 1949م. وفي مجال الموسوعات والمعاجم تطالعنا الأعمال العظيمة التالية: 1- دائر المعارف الإسلامية Encyclopeia of Islam, وقد أصدرها مجموعة من المستشرقين باللغات: الإنجليزية والفرنسية والألمانية, ومن المؤسف حقًّا أن العالم الإسلامي والعربي لم يتمكن حتى الآن من إتمام ترجمتها كاملة، وهو عمل وإن شابه بعض الخطأ غير المتعمَّد وأحيانًا المتعمد، إلّا أنها تبقى عملًا متكاملًا عظيمًا, ويعاد نشر طبعة جديدة منها منقَّحة ومزيدة الآن. 2- Index Islamicus: وهو فهرس متطوِّر لم يتوقف عند عام معين، رصد فيه كل دراسة لها صلة بالإسلام واللغة العربية والأدب العربي، وما تزال تصدر ملاحق سنوية دروية لهذا العمل. 3- تاريخ التراث العربي لفؤاد سيزكين: وهو مصنوع على نمط ما فعله بروكلمان، ولكن المؤلف يزعم بأنه أوفى وأشمل من كتاب بروكلمان، وقد ترجم محمود فهمي بعض مجلداته, ثم صدر عام 1983م عن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مترجمًا بأكمله في عشرة مجلدات. وبالرغم مما قيل وكتب حول الاشتراق وأهدافه وارتباطه في بعض مراحله بالاستعمار, إلّا أن الإنصاف يقتضينا أن نكون منصفين عادلين, فحركة بعث تراثنا بشكل عام, والجاهلي بشكل خاص, بدأت منهم وفي بلادهم. وإن الإنصاف يقتضينا أن نذكر لهم ما يلي: 1- تحقيق تراثنا ونشره وتحويله من مخطوطات إلى كتب منشورة نقرؤها. 2- ترجمة بعض هذا التراث إلى لغاتهم وتعريف شعوبهم به. 3- منهج الشك في الأدب الجاهلي كان نعمة على ذلك الشعر بالرغم من كل ما حدث؛ لأنه أدَّى إلى البحث عن الحقيقة، وعمَّق صلتنا بهذا التراث. 4- أثاروا بعض القضايا ولفتوا أنظار الباحثين إليها، ولا ننكر أن بعضها جانب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 الصواب، ولكن الكثير منها كان مبنيًّا على الحقائق وربطها معًا واستنباط النتائج، وقد نحمل ذلك الخطأ على محملين: محمل الجهل وعدم الدراية بطبيعة العصر وطبيعة عقلية أهله، ومحمل التحامل والتعمّد للإساءة إلى اللغة وأهلها, ولعل في هذا الرأي الذي نسوقه لأحدهم مدافعًا عن علم الرواية الشفوية خير دليل على موضوعية بعضهم, يقول أوجست شبرنجر: "علم الرواية الشفوية خاصية اختص بها الإسلام, بيد أن القليلين جدًّا من المستشرقين قدَّروها حق قدرها, وفهموها كما ينبغي"1. 5- ومن الأمور الجيدة التي خدموا بها أدبنا تلك الدراسات المقارنة التي كشفت أبعادًا في أدبنا القديم، وإن بدا لنا فيها تحاملًَا؛ لأننا نزعم أن أدبنا ولغتنا لم تتأثر بآدابٍ أخرى ولا لغات أخرى، وأن هذا التأثير ينقص من قدر لغتنا وأدبنا. وأعني بصورة خاصة: أن معرفتهم باللغات السامية الأخرى وآدابها, وبلغات الأمم المعاصرة للجاهلية, أتاحت لهم الفرصة لتلك الدراسات المقارنة2. 6- وبالرغم من كل ما يقال, فإنهم أسهموا في خلق جيل من الباحثين العرب مسلَّح بأدوات المعرفة والبحث، هذا الجيل بدأ يؤتي أكله في الثلاثين سنة الأخيرة. وإننا نزعم أنه حتى الذين حادوا منهم عن جادَّة الصواب والموضوعية، فإن لهم الفضل في خلق فريق من الباحثين العرب نذر نفسه للرد على أولئك, والدفاع عن أدبنا ولغتنا. 7- فهرسة التراث وتحديد أماكن وجوده في مختلف أصقاع العالم، وما عمل فؤاد سيزكين الذي يقع في مجلدات عدة, وعمل بروكلمان قبله إلّا مثلان من تلك الجهود الجبارة. 8- ترجمة بعض التراث الجاهلي إلى لغاتهم وتعريف أبناء جلدتهم به، مما خلق مجموعات تهتم به وتتأثر به, تنسج بعض الأعمال على منواله، وفي ذلك كله خدمة لتراثنا. ولا يخطئ إلّا من يعمل، ولقد عملوا كثيرا في لغة ليست لغتهم، وأدب ليس بأدبهم، ولقد زاد من خطئهم عاملان: الجهل بأسرار اللغة والبيئة التي أنتجت   1عبد الرحمن بدوي، دراسات المستشرقين حول الأدب الجاهلي. 2 انظر: مقدمة Oleary: Avabia Before Mohammad. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 تلك اللغة وذلك الأدب، وولاؤهم أحيانًا للجهات التي تنفق على مشاريعهم، لذلك فإن عليهم مآخذ وعيوبًا. 1- أخذ عليهم بعض الباحثين المعالجة الوصفية للشعر الجاهلي1. 2- لم يقدّروا الرواية الشفوية التي نقل بواسطتها الشعر الجاهلي حتى وصل إلى عصر التدوين، ولكن هذا الحكم ليس عامًّا وإن غلب على معظمهم. 3- لم يفهموا الحياة العربية الجاهلية على حقيقتها بسبب بعد الشقة واختلاف العقلية، ويعترف بعضهم بذلك في كتاباته أو أحاديثه الخاصة, وبدا ذلك في بعض دراساتهم, وإنَّ بعضهم لم يقم بزيارة بلد عربي واحد بالرغم من دراساته المتنوعة الكثيرة. 4- كانت دراسات بعضهم وبحوثهم إساءة إلى العرب وأدبهم وحضارتهم وعقليتهم. 5- رأى أحد الباحثين أن دراسة الشعر الجاهلي خضعت لمتغيرات استثنائية, لعل أوضحها ما كان من بعد أثر مناهج المستشرقين في منطلقات روّاد الدراسة العربية للتراث؛ لأن المستشرقين نظروا إلى الشعر الجاهلي من خلال منظور غير مؤهل لاستشراف مضامينه الاجتماعية والحضارية، وهذا ما أعجزهم عن إقامة الأبعاد الحقيقية لخلفية فعاليته الفكرية والإبداعية2. 6- ويعلل باحث آخر قصور دراساتهم عمَّا يروم أبناء العربية، ومن غير المنطق أن نسألهم عن ذلك القصور، بعدم الشعور الانتماء الحضاري إلى ذلك التراث, وعدم الشعور بالتبعية تجاهه3.   1 عبد الجبار المطلبي، مواقف في الأدب والنقد، ص65. 2 محمود الجادر، نحو منهج عربي في دراسة القصيدة الجاهلية، مجلة الأقلام، العدد7، "1980"، ص4 وما بعدها. 3 إحسان سركيس، مدخل إلى الأدب الجاهلي، بيروت، دار الطليعة 1979م، ص7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 دراسات باللغة الإنجليزية : 1 - ABBOTT, N. - The Rise of the North Arabic Script and its Kuranic Development. UCOIP 50. Chicago: University of Chicago Press, 1939. - Studies in Arabic Literary Papyri. I Historical Texts. UCOIP 15. Xhicago: University of Chicago Press, 1957. -Studies in Aranic Literary Papyri. II. Quranic Coment ary and Tradition. UCOIP 76. Chicago: University of Chicago Press, 1967. 2 - 2- ABU- DEEB, K. - Towards a Structural Analysis of Pre- Islamic poetry: (1) The Key Poem. International Journal of Middle East Studies, 6 (1957) : 148-184. - (II) Towards a Structural nalyisis of Pre- Islamic Poetry: The Eros Vision. Edebiyat 1 (1976) : 3- 69. 3- Ahlwardt, W. - Majmu ashar al-'Arab, 11 (Diwan al-'Ajjaj wa-'1- Zufyan) , Leipzig, 1903. 4- AHMAD, SUBAYD, - Indian contribution to Arabic literature, Lahore, n.d. 5- ALQAMAH, al- Baiyyah, - With commentary by Abdullah al- Tayyib Beirut, 1969. 6- Arafat, Walid, - «An aspect of the forger's art in early Islamic poetry» , Bulletin of the Scool of Oriental and African Studies, XXVIII, 1953. - A critical introduction to the study of the poetry ascribed to Hassan ibnThabit» , University of London PH.D., 1953. - «Early critics of the authenticity of the poetry of the Sira» , Bulletin of the School of Oriental and African Studies, XXI, 1958. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 7- Alwan, M.B. -Is Hammad the Collecter of the Mu, allakat? Islamic culture, 1971, P. 263- 265. 8- Arberry, A.J. (Editor) . -Religion in the Middle East. 2 Vols. Combridge; Cambridge Univer-stiy Press, 1969. -The seven Odes: The First Chapter in Arabic Literature. London: Allen and Unwin, New Yourk: Macmillan, 1957. -New Materials on the Tabaqat al- Shu'ra of al- Jumahi. BSOAS 13 (1949- 1950) P. 7- 22, 602- 615. 9- Atiya, Aziz Suryal, -The Arabic manuscripts of Mount Sinai, Baltimore, 1955. 10- Beaston, A.F.L, -The Heart of Shanfara Journal of Semitic studies Vol. XVIII, 1973, P. 257- 258. 11- Beeston, A.F.L., «Paralleism in Aranic Prose» , Journal of Arabic Literature, 1974. - «A Sabean penal law» . Le Museon, LXIV, 1951. -Warfare in ancient South Arabia (2nd- 3rd centuries A.D.) » , Qabtan, III, 1976. 12- Beeston, A.F.L, Johnstone, T.M, Serjant, R.B and Smith, G.R. - Arabic Literature to the end of the Umayyad period. -Cambridge University Press, 1983. 13- Bateson, M.C. - Structural Continuity in poetry: A Linguistic Study in Five Pre- Islamic Arabic Odes. Paris and Hague: Mouton, 1970. 14- BEVAN, A.A. -Some Remarks on the Texto of the Tabaqat ash- Shu'ara of Muhammad ibn Sallam al- Jumahi. JRAS, 1926, P. 269- 273. 15- BLAU, J. ir The Importance of Middle Arabic dialects for the History of Arabic. (In Studies in Islamic History and Civilization) . Jerusalem: Magnes-Hebrew University, 1961. P. 206- 228. -On the Problem of the Synthetic Character of classical Arabic as against Judaeo- Arabic (Middle Arabic) . JQR 63 (1972- 73) : 29-39. 16- BLICH, A. -The Vowels of the Imperfect Preformatives in the Old Dialects of Arabic. ZDMG 117 (1967) : 22- 29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 Blunt, W.S., -The Seven golden odes of pagan Arabia, London, 1903. 18 - BRAVMANN, M.M. -The Arabic Elative: A New Approach. Leiden: Brill, 1968. 19 - V. Cantarino. -Arabic Poetics in the Golen Age. Leidin, Brill, 1975. 20 - Caskell, W. -Aiyam al -Arab. -Islamica III (1931) pp. 1 -99. 21 - Dalglish, K. -The Diwan of L -A'SHA Journal of Arabic literature, Vol. IV, 1973, 95 -111. 22 - EMENEAU, M. B. .060 Style and Meaning in an Oral Literature. Language 42 (1966) : 323 -45. 23 - Fariq, K.A. -Akhansa and Her Poetry. Islamic Culture. 1957, P. 209 -219. 24 - Ferguson, ch. -The Arabic Koine, Language 35 (1959) : 323 -45. 25 - Fischer, A. -Arab. ZDMG 59 (1905) : 807 -18. 26 - Fifty Years (and Twelve) of Classical Scholarship. -New Yorl: Barnes and Noble 1968. 27 - Gabrieli, F. -Literary Tenedencies. (In: Unity and Variety in Muslem Cizilization) . Chicago: University of Chicago press, 1955. p. 87 -105. 28 - GEYER, R. -Al -Samau'al ibn Adyiya. ZA 26 (1912) , P. 305 -318. 29 - GIBB, H.A.R. -Arabic Literature: An: Introduction. 2d edition, Oxford University Press, 1962. -Arab Oiet and Arabic Philologist. BSOAS 12 (1948) , 574 -578. 30 - GOLDZIOHER, I. -Some Notes on the Diwan of the Arabic Tribes. JRAS 1897; 325 -334. -A short History of Classical Arabic Literature. Hildesheim: Olms 1966. -Muslem Studies. New York, 2nd ed. 1977. 31 - Guillaum, A., -The Lifeof Muhammad (trans, of Ibn Ishaq. Sirah) , Oxford, 1955. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 32- Grunbaum. - Arabic Poetry. Viesbaden, 1973. 33- Von Grunebaum. - The Aesthetic Foundation of Arabic Literature. Comparative Literature 4 (1952) : 323- 340. - The Concept of Plagiarism in Arabic Theory. Jnes 3 (1944) : 234- 253. - Growth and Structure of Arabic Poetry. Princetion: N.J.: Princetion University Press, 1944. P. 121- 136. - The Nature of Arab Unity Before Islam. Arabica 10 (1963) : 5- 23. - Themes in the Meieval Arabic literature Variorum Reprints London 1981. 34- HIRSCHFELD, H. - Notes on the poem ascribes to al- Samau'al. JRAS, 1906, P. 701- 704. 35- HELL, J. - The Arab Civilization. Lahore: Sh. M. Ashraf, 1943. 36- Hograth, D.G. The penetration of Arabia. Khayats, Beirut 1966. 37- HUSAIN, S.M. - Notice of unkown anthology of ancient Arabic. Poetry. Muntaha'l- Talab min Ash'arlil- Arab. JRAS 1937 P. 433- 452. - An Unknown ancient Arabic Ode. Proceedings of the 6th Al- India Oriental. Conferance. 1930, P. 453- 466. ISFAHANI, S.M. - Arabic Poetry. JBBRAS 22 (1905- 1908) P. 1- 10. - Arabic Poetics. Indiana University Conf. On Oriental- Western Literary Relations, 1935, P. 24- 46. - The Nature of the Arab Literary effort. JNES 1 (1948) , P. 116- 122. 39- KAHLE, P. - The Quran and the Arabiya. (In: Ignace Goldziher Memorial Vo. 1. Pudapest: 1948 P. 163- 182) . 40- Khoury, R.G. Wahb b. Munabbih, Der Heidelbreger papyrus P.S.R. Heid. Arab. 23, Wiesbaden, 1972. 41- KISTER, M. - The seven Odes: Some on the Comilation of the Muallaqat. RSO 44 (1969) : 27- 36. - A Work of Ibn al- kalbi on the Arab peninsula. BSOAS 33 (1970) : 590- 591. - Studies in Jahiliyyata and Early Islam. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 - The Respones to nature in Arabic poetry. JNES 4 (1945) P. 137 -151. 42- Kister, M.J., - «The seven odes» , Rivista degli studi Orientali, XLIV, 1970. 43 - KOSEGARTEN (editor) . - The Poems of the Husailis. London: Oriental Translation Fund/Greif - swald. 1845. 44 - KOWALSKI, T. - A contribution to the problem of the authenticity of the Siwan off as - Samau'al. Arch. or. 3 (1931) P. 156 - 161. 45 - Kramer, S.N., - History begins at sumer, London, 1958. 46 - KRENKOW. - Use of writing for the preservation of Ancient Arabic Poetry, (In: A volume of oriental Studies presented to Edward G.Browne) . Cambridge: University Press. 1922. P. 261 - 168. - The Use of writing for the Preservation of zncient Browne Festschrift, 1922. P. 261 - 268. - Four Anthologies of Arabic Poetry. JRAS, 1939, P. 253 - 260. - The use off Posion by the Ancient Arabs. Islamica 4 (1931) P. 595 -601. 47 - Krenkow, F. - The Two oldest Books of Arabic Colklore Islamic Culture III (1928) , pp. 235. 48 - Krenkow, F., - The Poems of Tufail Ibn Auf al - Ghanawi and at - Tirimmab Ibn Hakim at - Tayi, London, 1927. 49 - LEON, H.M. - Ancient Arabian Poets. IC 3 (1929) P. 46 - 74, 249 - 272, 4 (1930) P. 151 - 160, 274 - 290. 50 - LECEftF, J. - The Drems in Papular Culture: Arabic and Islamic. (In DHS 365, 379) . 51 - LYALL, CH. J. - Translations of Ancient Arabian Poetry. London: Williams and No-gate, 1930. - Ancient Arabian Poetry as a sourse of Historical information. JRAS, 1912, P. 133 - 152. - The Pictoreal aspects of Arabian Poetry. JRAS, 1914, P. 61 - 73. - The relation of the old Arabian Poetry ot the Hebrew Literature of the old Testament. JRAS, 1914, P. 253 - 266. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 - Some aspects of ancient Arabic Poetry as illustrated by a little known anthology, proc. Brit. Acad., 1917- 1918, P. 365- 380. 52- LICHTENSTADTER, I. - A modern Analysis of Arabic Poetry. IC 15 (1941) , P. 429- 434. - Intraduction to Classical Arabic literature. New Yourk, Twayne Publishers, 1974. 53- MARGOLIOUTH. - The Relation Between Arabs and Israelites to the Rise of Islam. - Mohammad and the Rise of Islam. 3rd ed. London 1923. 54- MARGOLIOUTH, D.S. - Teh Origins of Arabic Poetry. JRAS (1925) : 417- 449. - Additional note on the Poem attributed to al- Samau'al. JRAS, 1906, P. 363- 371. 55- MAC DONALD, D.B. - Arabian Poetry. JRAS, 1925, P. 417- 449. 56- MATTOCK, I.N. - Repetition in the Peotry of Imru Al- Qays. Glasgow University oriental Society 1974 P. 34- 50. 57- Mitchell, J., - Writing Aramic, a practical introduction to Ruq'ah script, London, 1958. 58- NICHOLSON, R.A. - Alliterary History of the Arabs. Cambridge: Cambridge University Press, 1956. 59- Moburg, A., - The Book of the Himyatites, Lund, 1924. 60- NOLDEKE, Th. - The Samaual. ZA 27 (1912) , P. 173- 183. 61- Musil, A., - The northern Hegaz, New Yourk, 1926. 62-Parry, M., - «Studies in the epic technique of oral versemaking L: Homer and the Homeric style» , Harvard Studies in Classical philos- sophy, XLI, 1930. 63- RABIN, CH. - Arabiyya. EI 1: 561 P. 567. - Ancient West Arabian. London: Talor's Foreign Press, 1951. - The Beginnings of Classicla Arabic. SI 4 (1955) : 19- 37. 64- RINGGren, H. - The Cpncept of Sabr in Pre- Islamic Poetry and in the Qur'an. Ic 26; (1952) P. 75- 90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 65- ROBSON, J. - The meaning of the title Al- Mu'allaqat. JRAS, 1936: P. 83-36. 66- ROSENTHAL, F. - A History of Muslem Historiography Brill, Lieden 1968. 67- SANDYS, J.E. - A History of Classical Scholaship. 3rd eddition, Vol. 1: Cambridgee University of press, 1921. 68- Santoro, A.R. - Byzatium and the Arabs during the Isaurian Period. Ph. d 1978, NJR. 69- SERJEANT, R.B. - South Arabian Poetry. London: Taylor's Foreign press, 1951. 70- Serjeant, R.B. - «The Constitution of Medina» , Islamic Quarterly, VIII, 1964. - A Judeo- Arab Housedeed from Habban» , Journal of the Royal Asiatic Society, 1953. - Hud and other Islamic Prophets of Hadramawt» Le Museon, LXVII, 1954. - «Two tribal law cases» , Journal of the Royal Asiatic Soiety II, 1951. - The White Dune at Abyan: an anceint place of Pilgrimage in southern Arabia» , Journal of Semitic Studies, XVI, 1971. 71- Shahid, Irfan, - The Martyrs of Najran: new documents, Subsidia hagioraphica, 49, Brussls, 1971. 72- SMITH, S. - Events in Arabia in the bth century A.D. BSOAS 16 (1954) : 425-468. 73- SMITH, W.R. - Kinship and Marriage in Early Arabia. Poston: Beacon Press n.d. REprint of 1903 ed) . 74- STETKEVYCH, J. - Some Observations on Arabic Poetry. JNES 26 (1967) : 1- 12. 75- STETKEVYCH, SUZANNE. - The Su'luk and his poem: A Paradigm of Passage Manque. Journal of American Oriental Socirty 104. 4 (1984) , P. 661- 678. 76- Thomas, B., - Arabia felix, London, 1938. 77- Al- Tibrisi, - Commentary on ten ancient Aramic, ed. c. J. Lyall, Calculla, 1894. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 - Mishkat al- Masabih, ed. M. Naser al- Din al- Albanl, Damascus 1962, III. 78- TORREY, C.C. - Al- Asma.htm'i's Fuhulat ash- 'ara'. SOMG 65 (1911) , P. 487- 516. 79- Wahb B. Munabbih, - al- Tigan fi muluk Himyar, Hyderabad, 1347 H. 80- YUSUF, S.M. - The Original compiler of al- Lufaddaliyyat. IC 18 (1944) P. 206-208. 81- ZWETTLER, M. - Clasical Arabic Poetry Between Folk and Oral Tradition. JAOS 96 (1976) : 198- 212. - The Oral Tradition of Classical Arabic Poetry. Ohio State- University Press: Columbus, 1978, P. 310. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 الشعر الجاهلي في دراسات العرب المحدثين مدخل ... الشعر الجاهلي في دراسات العرب المحدثين: يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي في مقدمة كتاب "دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي" مشيرًا إلى عدم إفادة الباحثين العرب من بحوث المستشرقين: "والشيء المؤسف حقًّا هو أن هذه الأبحاث قد بدأت في الستينات من القرن الماضي, نمت واتسعت، بينما ظل المشتغلون بالأدب العربي في العالم العربي والإسلامي بمعزلٍ تامٍّ عنها, وفي جهل فاحش بها"1. ولقد فات الباحث أن الحملة الفرنسية على مصر كانت ناقوس الخطر الذي دعا الناس للتنبه لما هم عليه وما وصلت إليه أوروبا2, فقد حملت هذه الحملة من جملة ما حملت معها المطبعة، وحتى ذلك الوقت لم يكن العرب على علم بلغات أوروبا، وما فعله الاستشراق والمستشرقون، وحار القوم في أمرهم إلى أين يتجهون إلى الثقافة الغربية أم إلى أين؟ وقد حلّ جمال الدين الأفعاني لهم المشكلة، وكان الحل عدم الاستسلام للحضارة الغربية والاتجاه إلى التراث القديم، ففزعوا إلى تراثهم القديم في مواجهة الغزو الثقافي الغربي، ويسَّرت لهم المطبعة نشر هذا التراث الذي ظلَّ سمة النهضة في أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن3. ولا يخفى على أحد أن بداية اتصالنا بالغرب وبثقافته كانت ممثَّلة في تلك البعثات التي كان يرسلها محمد علي حاكم مصر, وهي بعثات ذات أهداف محددة،   1 عبد الرحمن بدوي، دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي، ص13. 2 إبراهيم سعافين، مدرسة إحياء التراث، بيروت، دار الأندلس، 1981م، ص16. 3 المرجع السابق ص25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وإن لم تخل من انفتاح ثقافي، ولكن هذا الانفتاح لم يكن ليحقق في بداياته اتصالًا واسعًا بما في أوربا من جهود في خدمة أدبنا ولغتنا، ومما قلل هذا الانفتاح أنَّ البعثات كانت تتجه إلى فرنسا فحسب. وحينما بدأت النهضة في عالمنا العربي كانت الجهود موزَّعة، فلم يعودوا جميعًا إلى عصر واحد أو اتجاه واحد ليكرِّسوا جهدهم فيه، بل اتجه كلٌّ إلى العمل الذي يرضى ذوقه، ولذلك لم يحظ عصر معين من عصور الأدب العربي بالجهد كله، أضف إلى ذلك أن الحضارة العربية الإسلامية قد بهرت الكثيرين, ومناهلها كثيرة ومتنوعة. ولا ننس أن التوجه كان لإحياء تراث الأمة، فلم يشغلوا بنقده؛ لأنهم كانوا بعد هذا السبات الطويل مبهورين به، فأقبلوا ينشرونه وينهلون منه, ويتداولون النصوص، ولعل الطبعات الأولى منه تلقي ضوءًا ساطعًا على ما نذهب إليه، وقد كان نشرهم لذلك التراث انتقائيًّا، فنشروا منه ما خلب لبهم أولًا، وسنرى في الصفحات التالية من البحث كيف اتسعت دائرة اهتمامهم إلى أن شملت دقائق هذا التراث. ولقد سقت ذلك كله لأبيِّن أن في مقولة الدكتور بدوي تجانيًا على أمتنا وباحثينا، فهو يعقد مقارنة بين من أوتي الأدوات والإمكانيات, وبين من نام نومًا عميقًا ثُمَّ صحا، يطالب باحثينا وندرة منهم كانت تعرف العربية جيدًا فيكف باللغات الأخرى؟ والطباعة دخلت مع الحملة الفرنسية, وعلى نطاق رسمي ضيق في بداية الأمر, ولا يفوتني أن أنوّه أن بداية التعريف بروائع الأدب الجاهلي انطلقت من سورية ولبنان على يد الآباء اليسوعيين ومطابعهم, وما تيسر لهم من إمكانات لم تتح لغيرهم. وقد كان أول ناقوس خطر دقَّ منبهًا كتاب طه حسين "الشعر الجاهلي", الذي صدر عام 1926م, تلاه كتابه المعدَّل له "الأدب الجاهلي" عام 1927م، وأستطيع أن أزعم أن هذين الكتابين وما أثاراه من مقولات كانا نقطة الانطلاق في البحث الحقيقي الجادّ في الأدب الجاهلي وما يتصل به من قضايا, بالرغم من كل ما ورد فيهما من مقولات صحيحة أو غير صحيحة. وقد نستبق النتائج حينما نقرر بادئ ذي بدء بأن عصرًا من عصور أدبنا العربي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 لم يحظ بعناية الباحثين العرب كما حظي أدبنا الجاهلي، مخالفًا بذلك الكثيرين، فقد بلغت الدراسات حوله ما بين رسالة جامعية وكتاب وبحث باللغات المختلفة، والعربية غالبة عليها، ما يقرب من ألف وأربعمائة دراسة، سنأتي على ذلك بالتفصيل في حينه. ويتساءل المرء: ما سر هذا الاهتمام وبشكل خاصٍّ في الخمسة والعشرين سنة الأخيرة؟ لقد ذهب الباحثون في تعليل ذلك مذاهب شتى, فمنهم من زعم بأن الهدف إغناء معرفتنا ورفد تجربتنا بتجارب الأجداد1، وذهب آخر إلى أن الاهتمام بالأدب الجاهلي في العصر الحديث قد نشأ بحثًا عن الذات العربية.. فقد ارتبط حركة النهضة الحديثة ببداية الحماس للشعر القومي في مقاومة السيطرة التركية على العالم العربي، ثم ارتبط ذلك كله بعد ذلك بمحاولة إحياء القديم والاهتمام بالتراث الموروث، وتأكيد الذات العربية في مواجهة الاستعمار الغربي2, ويعلل باحث ثالث إعجابنا بالشعر القديم بأنه أشبه ما يكون بتطلعاتنا إليه على أنه الأنموذج الأمثل3, ويمثل هذا الشعر جذور العربي الممدودة في الأرض4. ولو شئنا لملأنا صفحات تبيِّن مختلف الدوافع والأسباب, ولكنها جميعًا تكاد تجمع على أن الاهتمام بأدب ذلك العصر نابع من الحقائق التالية: 1- إن أدب ذلك العصر يمثّل فجر أدب أمتنا، فمَنْ يبحث فيه يبحث عن أصوله الفكرية والحضارية. 2- إن الأدب حينئذ كان يمثّل الأدب العربي النقيّ قبل أن يتأثّر بشكل واضح بآداب الأمم الآخرى التي دخلت الإسلام أو أثَّرت فيه. 3- إن أدب تلك الفترة فيه غناء لحلِّ رموز وألغازٍ ما زالت تبحث عن حلٍّ لندرة مصادر تلك الفترة، والأدب هو المصدر الذي بين أيدينا.   1 محمد على دقة، السفارة السياسية في العصر الجاهلي وأدبها، وزارة الثقافة, دمشق، 1984، ص7. 2 عفت الشرقاوي، دروس ونصوص في قضايا الأدب الجاهلي، دار النهضة العربية, بيروت 1979م، ص10. 2 فتحي أبو عيسى، من قيثارة الشعر العربي، دار المعارف بمصر، 1980م، ص5. 4 صلاح عبد الصبور، قراءة جديدة لشعرنا القديم، 1973م، المقدمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 4- لقد حدث للأمة العربية نفس ما حدث لها حين تصدت للشعوبية في العصر العباسي، فعندها فزعت إلى أدبها وتاريخها الجاهلي تدونه وتوثّقه وتشرحه وتلوذ به, وفي العصر الحديث تكرَّر ما حدث بالأمس، فمن أجل البحث عن الذات، ومن أجل تحقيقها في مواجهة محاولات طمس هذه الذات، لجأت إلى ذلك الأدب الذي يربطها بالأصول والجذور. وتشكل الدارسات التالية بدايات التنبه إلى دراسة الأدب القديم بعامَّة والجاهلي بخاصة، دراسات تختلف عمَّا كانت عليه الدراسات في العهود الماضية، وقد حاول أصحابها الإفادة بشكل أو بآخر مما تناهى إليهم من الشرق والغرب ممتزجًا برغبة الدراسات, فنميز منها: الوسيلة الأدبية للشيخ المرصفي, و"الشعر الجاهلي" و"الأدب الجاهلي" لطه حسين، و"تاريخ آداب العرب" و"تحت راية القرآن" للرافعي، و"تاريخ آداب اللغة العربية"، "وتاريخ العرب قبل الإسلام"، و"تاريخ التمدن الإسلامي" لجروجي زيدان، وما كتبه العقاد، وأولئك الذين تصدّوا للرد على طه حسين. وقد شكَّلت هذه الدراسات قاعدة انطلاق للتوجه نحو بعث التراث وتحقيقه وتنقيته من المنحول، ولفت أنظار الباحثين إلى زوايا وقضايا كثيرة لم يلتفت إليها في السابق. ونستطيع أن نفرز القطاعات الفاعلة التالية التي كان لها دور في خدمة الأدب الجاهلي: 1- الجامعات العربية في أقطار الوطن العربي: وقد تمثَّلت جهدها في دور أساتذتها في تعريف طلبتهم بالأدب الجاهلي، ومناهج دراسته المختلفة، كما تمثَّلت في بحوثهم، والرسائل الجامعية لنيل الدرجتين الماجستير والدكتوراه، وتمثَّل كذلك في الدوريات التي أصدرتها، وكذا في المؤتمرات العلمية. 2- المجامع اللغوية في كلِّ من دمشق والقاهرة وبغداد وعمان: وتمثَّلت جهودها في نظر التراث المحقق تحقيقًا علميًّا، وفي دوريات تلك المجامع، والمؤتمرات الدورية. 3- جهود فردية لا يقل أثرها عن جهد السابقين. وسنتحدث عن جهود كلٍّ بقدرٍ من التفاصيل بما يبرز دوره, ومدى ما أفاده الشعر الجاهلي منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 جهود الجامعات : أما الجامعات العربية فنادرًا ما خلت جامعة من قسمٍ للغة العربية وآدابها، وفي كثير من هذه الجامعات دراسات عليا في أقسام اللغة العربية وآدابها، وقد كان نصيب الأدب الجاهلي في نتاج هيئاتها التدريسية لا بأس به، بدأ بداية بسيطة، لكنه لم يلبث أن حظي باهتمامهم، وشغل عليهم تفكيرهم، ويتمثّل جهد الجامعات العربية في الرسائل الجامعية والمؤلفات والبحوث. وسنحاول هنا أن نلقي الضوء على الرسائل الجامعية والمجالات التي طرقها أصحابها، ويمكن حصرها فيما يلي: 1- دراسة الشعراء: - أحمد عبد الرزاق أبو فضة: سحيم عبد بني الحسحاس، ماجستير، جامعة القديس يوسف، 1982م. - أحمد محمد الشحاذ: سيرة عنترة، دراسة تحليلة وفولكلورية، دكتوراه، جامعة بغداد 1980م. - إبراهيم شحادة الخواجة: عروة بن الورد، حياته وشعره، ماجستير، جامعة القاهرة، 1972م، مخطوطة. - إسماعيل حسن جعفر: زعيم الشعراء في العصر الجاهلي، ماجستير، جامعة الأزهر، 1974. - جمال الدين رضوان: عامر بن الطفيل، حياته وشعره، ماجستير، القاهرة، دار العلوم، 1975. - خاتون البريكان: شاعرية الطفيل الغنوي، ماجستير، جامعة الملك سعود، 1405م. - سليمان حسن ربيع: أمية بن أبي الصلت، ماجستير، جامعة الأزهر، 1943م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 - سمير محمد الشاعر: كعب بن زهير، ماجستير، جامعة القاهرة، 1970م. - شحاته عوض شحاته: حياة امرئ القيس، ماجستير، جامعة الأزهر، د. ت. - صلاح مصيلحي عبد الله: الصورة الفنية في شعر لبيد، ماجستير، جامعة القاهرة، 1980. - عبد الحميد سند الجندي: زهير شاعر السلم في الجاهلية, ماجستير، جامعة القاهرة، 1945م، نُشِرَت: وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصر، 1961م. - علي حسن هلالي: زهير، ماجستير، جامعة القاهرة، 1934م. - محمد زكي العشماوي: النابغة الذبياني الشاعر القبلي، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1950م، نشرت: دار المعارف بمصر 1960م. - عمر الفاروق محمد: دريد بن الصمة، حياته وشعره "جمع وتحقيق ودراسة" ماجستير، دار العلوم، 1975. - محمود الحنفي ذهني: سيرة عنترة، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1986م، نشرت: الدار القومية بمصر، 1986م. - نافع منجل شاهين: مهلهل بن ربيعة وشعره، ماجستير، المستنصرية، 1985م. - نورة الشملان: أبو ذؤيب, ماجستير، جامعة الرياض، 1980م، نشرت: جامعة الرياض, 1980م. - يحيى وهب الجبوري: لبيد بن ربيعة، دكتوراه، جامعة القاهرة "دار العلوم"، 1966، نشرت: بغداد، 1970م، والكويت: 1981. وثمة دراسات اهتمت بظواهر معينة عند الشعراء، وهي قليلة: - زينب عبد العزيز العمري: السمات الحضارية في شعر الأعشى: دراسة لغوية وحضارية، دكتوراه، جامعة الإسكندرية، 1982، نشرت: الرياض 1983م. - عباس بيومي عجلان: عناصر الإبداع الفني في شعر الأعشى، ماجستير، جامعة الإسكندرية 1979م، نشرت، الإسكندرية 1984م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 - عبد الإله الصائغ: الصورة الفنية عند الأعشى، دكتوراه، جامعة بغداد، 1984. - ناهد أحمد السيد الشعراوي: عناصر الإبداع الفني في شعر عنترة، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1980م. 2- تحقيق الدواوين الشعرية ودراستها: - عبد الكريم إبراهيم يعقوب: شعر النابغة الشيباني, تحقيق ودراسة, دكتوراه، جامعة الإسكندرية، 1980. - عبد الكريم رمضان ربيع: شعر النمر بن تولب العكلي، ماجستير، القاهرة، 1977. - بهجة عبد الغفور الحديثي: ديوان أمية بن أبي الصلت، ماجستير, جامعة بغداد، 1973، نشرت: بغداد 1975م. - علي العتوم: ديوان حاتم، دراسة وتحقيق، ماجستير، جامعة القاهرة. - فخر الدين قباوة: ديوان سلامة بن جندل، ماجستير، جامعة القاهرة، 1964, نشرت: حلب 1986. - لطيفة العزاوي: ديوان علقمة، دراسة وتحقيق، ماجستير، جامعة القاهرة 1964، نشرت: دمشق1970م. - محمود عبد الله الجادر: شعر أوس بن حجر ورواته الجاهليين، دكتوراه، جامعة بغداد، 1978م. 3- دراسة لغوية لشعر الشعراء: - أحمد عبد الرزاق أبو فضة: سحيم عبد بني الحسحاس "دراسة معجمية" جامعة القديس يوسف، لبنان 1982. - توفيق أسعد: دراسة لغوية لديوان عبيد بن الأبرص، ماجستير، جامعة الكويت، 1977. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 - عاهد سعود الماضي، النابغة: دراسة لغوية, ماجستير، جامعة الكويت، 1976. - عبد الحميد الأقطس: الأبنية الصرفية في ديوان عنترة, ماجستير, جامعة القاهرة، 1978. - هدى جنهويشي: الأبنية الصرفية في ديوان عامر بن الطفيل، ماجستير، جامعة اليرموك، 1985. - مجهد جيحان عبد الديلمي: الجملة الخبرية في مجموعات الشعر القديم "المفضليات والأصمعيات"، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1980. - محمد محمود العلي: أعشى همدان: دراسة معجمية لشعره، ماجستير، الإسكندرية 1985. 4- المجموعات الشعرية: - أحمد جمال الدين العمري: شروح الشعر الجاهلي حتى نهاية القرن الخامس: منهاهجها واتجاهاتها، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1975م، نشرت في جزئين، دار المعارف مصر، 1981م. - محمد دروبي كعنان: المجموعات الشعرية واتجاهاتها النقدية، ماجستير، جامعة اليرموك، 1983م. - أحمد خطاب عمر: شرح القصائد التسع لابن النحاس، ماجستير، جامعة بغداد، 1971م، نشرت: بغداد 1973م. - سليمان الشطي، شروح المعلقات، دكتوراه, جامعة القاهرة، 1977، نشرت: الكويت 1980م. - عبد القدوس أبو صالح: جمهرة أشعار العرب للقرشي، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1971م. - عبد الله عبد الرحيم عسيلان: حماسة أبي تمام وشروحها، دكتوراه، جامعة الأزهر، 1979م، نشرت: القاهرة 1399هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 - عبد المحسن الناصري: التنبيه على شرح مشكلات الحماسة لابن جني، ماجستير, جامعة بغداد، 1974م. - علي أحمد علام: المفضليات وثيقة لغوية وأدبية، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1980م، مخطوطة. - علي العتوم: المعلقات العشر توثيق ودراسة، دكتوراه، جامعة القاهرة, 1980م، مخطوطة. 5- شعر القبائل: - أحمد كمال زكي: شعر الهذليين في العصرين الجاهلي والإسلامي، ماجستير, جامعة القاهرة 1951م، نشرت: القاهرة 1969م. - إسماعيل أحمد العالم: شعراء البحرين في العصر الجاهلي، ماجستير، جامعة القاهرة، 1974، تحت الطبع، الرياض، 1974م. - حسن عيسى أبو ياسين: شعراء همدان في الجاهلية والإسلام، دكتوراه, جامعة القاهرة، 1981م. - ختام سعيد سلمان: حركة الشعر في قبيلة ذبيان, ماجستير، الجامعة الأردنية، 1979. - خليل صالح أبو رحمة: حركة الشعر في قبيلة قيس، ماجستير، الجامعة الأردنية، 1976م. - رشيد بن فهد العمرو: شعر طيء في الجاهلي، دكتوراه، جامعة الإمام محمد بن سعود، 1402هـ. - رضوان محمد حسين النجار: الشعر في قبيلة عامر بن صعصعة، دكتوراه، جامعة الأزهر، 1981م. - داود غطاشة: حركة الشعر في اليمانين "فترة الجاهلية", دكتوراه، الجامعة الأردنية، 1986. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 - ساهرة عبد الكريم حافظ: الشعر في المدينة قبل الإسلام، ماجستير، جامعة بغداد، 1976م. - عبد الجواد محمد الطيب: لغة هذيل، دكتوراه، جامعة القاهرة، د. ت. - عبد الحليم حفني الكردي: شعر الصعاليك: منهجه وخصائصه، دكتوراه، جامعة الأزهر، 1967، نشرت: مصر 1979. - عبد الحميد المعيني: شعراء عبد القيس، ماجستير، جامعة القاهرة, 1976م، تحت الطبع، الرياض 1984. - عبد الحميد المعيني: شعر تميم في العصر الجاهلي، جمع وتحقيق ودراسة، دكتوراه، جامعة القاهرة 1979، نُشِرَت، الرياض. - عبد السلام محمد عبد السلام: الخصائص الفنية لشعر بني يشكر, ماجستير، دار العلوم، 1977. - عبد الرحمن إبراهيم الدباسي: الشعر في اليمامة حتى نهاية العصر الأموي، ماجستير، جامعة الرياض، 1984. - عبد السلام العبد الله العبد السلام: شعر بني يربوع حتى نهاية القرن الثاني: جمع ودراسة, ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود، 1405هـ. - عبد الله جبريل مقداد: شعر اليهود في الجاهلية وصدر الإسلام: تحقيق ودراسة، ماجستير، القاهرة، 1981م. - عبد الكريم إبراهيم يعقوب: شعراء بني عامر، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1977، مخطوطة. - علي أبو زيد: شعراء تغلب في العصر الجاهلي: أخبارهم وأشعارهم، دكتوراه، جامعة دمشق 1985. - غالب فاضل المطلبي: لهجة تميم، ماجستير، جامعة بغداد، 1978، مخطوطة. - محمد سلمان السعدي عبد القادر: شعراء اليهود في الجاهلية وصدر الإسلام، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 جمع ودراسة، ماجستير، جامعة عين شمس، 1980، مخطوطة. - محمود أحمد إسماعيل: الشعر في بني يشكر، ماجستير، الجامعة الأردنية، 1980، مخطوطة. - منجد مصطفى بهجت: شعراء يشكر في الجاهلية والإسلام حتى نهاية العصر الأموي، دراسة وجمع وتحقيق، ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1985. - المكي العلمي: شعراء هذيل: أخبارهم وأشعارهم في القرن الأول الهجري، جامعة دمشق، ماجستير 1983. - وفاء فهمي السنديوني: شعر طيء في الجاهلية والإسلام حتى نهاية القرن الأول، دكتوراه، القاهرة 1981. - يوسف خليف: الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، ماجستير، جامعة القاهرة، 1958، نشرت: القاهرة: 1959. 6- دراسة ظواهر في الشعر الجاهلي: - إبراهيم طاهر محمد: الطبيعية في الشعر الجاهلي، دراسة فنية، ماجستير، جامعة عين شمس، 1979م. -إحسان يعقوب خضر: الأسطورة والخرافة وأثرهما في الشعر الجاهلي، دكتوراه، جامعة الإسكندرية، 1985م. - إحسان يعقوب خضر: الماء في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1982، مخطوطة. - أحمد إسماعيل النعيمي: القبيلة في الشعر العربي قبل الإسلام، ماجستير، المستنصر 1985م. - أحمد محمد الحوفي: المرأة في الشعر الجاهلي، دكتوراه، دار العلوم، 1953، نشرت: القاهرة، ط2: 1963م. - أحمد محمد النجار، أساليب الصناعة في الشعر الجاهلي، دكتوراه، جامعة الإسكندرية، 1968. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 - أحمد جمال الدين العمري: الشعراء والحنفاء، ماجستير، جامعة القاهرة، 1971، نشرت: دار المعارف بمصر 1981. - شروح الشعر الجاهلي حتى القرن الخامس: مناهجها واتجاهاتها، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1975. - البسيوني أحمد منصور: الخصومة بين الجديد والقديم في النقد العربي القديم، ماجستير، جامعة عين شمس، 1970. - بشير محمود عبد البر: ظاهرة الحرب في المجتمع الجاهلي وأثرها في أدبه، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1956. - بهيج مجيد القنطار: التشابيه والاستعارات في الشعر الجاهلي، دكتوراه، جامعة القديس يوسف, لبنان، 1983م. - حامد متولي الخولي: شعر المخضرمين، دكتوراه، جامعة القاهرة، دار العلوم 1956. - حسن البنا عز الدين: التحليل البنائي للقصيدة الجاهلية: دراسة تطبيقية، دكتوراه، عين شمس، 1979. - حسن محمد الظواهري: مظهر اتصال العرب بالأمم المجاورة في الشعر الجاهلي، ماجستير جامعة الأزهر، 1944. - حياة جاسم: وحدة القصيدة في الشعر العربي حتى نهاية العصر العباسي، ماجستير، جامعة بغداد، 1971. - زكريا عبد الرحمن صيام: الشعر الجاهلي بين ملوكه وعبيده، دكتوراه، جامعة الأزهر، 1973. - سهيلة الجبوري: أصل الخط العربي وتطوره حتى نهاية العصر الأموي، ماجستير، جامعة بغداد، 1974. - سيد حنفي حسنين: مدرسة زهير في العصر الجاهلي وصدر الإسلام، ماجستير, جامعة القاهرة، 1958م. - صلاح محمد عبد الحافظ: الزمان والمكان وأثرهما في حياة الشاعر الجاهلي، دكتوراه، جامعة الإسكندرية، 1980م. - طيبة إبراهيم العثمان: مناهج دراسة الشعر الجاهلي في مصر: عرض وتحليل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وتفسير، دكتوراه، عين شمس، 1979. - عادل جاسم البيتاتي: الشعر في حرب داحس والغبراء، ماجستير، جامعة القاهرة، 1968، نشرت: بغداد, 1972م. - عادل جاسم البياتي: كتاب العرب في العصر الجاهلي لأبي عبيدة: جمع وتحقيق، دكتوراه، جامعة عين شمس، 1973، نشرت: بغداد، 1976م. - عادل بن محمد أبو عمشة: صلة دولتي المناذرة والغساسنة بالشعراء, وأثرها على الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود، 1399هـ. - عباس مصطفى الصالحي: الصيد والطرد في الشعر حتى نهاية القرن الثاني، ماجستير دار العلوم، جامعة القاهرة، 1971، نشرت: بغداد، 1974م. - عبد الإله الصائغ: الزمن عند الشعراء العرب قبل الإسلام، ماجستير، جامعة بغداد، 1982، نشرت: بغداد، 1983م. - عبد الرحمن رأفت باشا: شعر الطرد إلى نهاية القرن الثالث، دكتوراه، جامعة القاهرة 1968م نشرت: بيروت، 1974م. عبد الرحمن عثمان كرواية: الشعر ورواته، ماجستير، جامعة الأزهر، 1947م. - عبد الرشيد عبد السلام البستوني: شعر الأطلال وتطوره في الأدب العربي، ماجستير، جامعة الأزهر، 1966. - عبد العزيز محمد الخويطر: النقائض في الشعر في الجاهلية وصدر الإسلام، ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود، 1403هـ. - عبد العزيز نبوي: الشعر في حرب البسوس، ماجستير، جامعة القاهرة، 1970م. - عبد القادر حسين أمين: شعر الطرد عند العرب، ماجستير، جامعة بغداد، 1969، نشرت: بغداد، 1972م. - عبد الله محمد العتيبي: شعر السلم في العصر الجاهلي، ماجستير، جامعة القاهرة، دار العلوم، 1972م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 - عبد المقصود السعداوي: وثنية العرب وأثرها على الأدب الجاهلي، ماجستير، جامعة الأزهر، 1970. - عبد المنعم حافظ الرجبي: الحنين إلى الديار في الشعر العربي إلى نهاية العصر الأموي، دكتوراه، جامعة القارة, 1980, نشرت. - عبده محمد بدوي: الشعراء السود وخصائصهم الشعرية، دكتوراه، جامعة القاهرة، دار العلوم، 1969، نشرت: القاهرة، 1976م. - عفيف عبد الرحمن: الشعر وأيام العرب في العصر الجاهلي، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1971، نشرت: بيروت، 1983م. - علي عبد الحليم السيد: القيم الجاهلية في المجتمع الجاهلي كما صورتها المعلقات، دكتوراه، جامعة الأزهر، 1967م. - علي عبد العزيز الحنايا: البيئة والمجتمع في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود، 1405هـ. - علي كمال الدين: الأثر الحضاري في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1980. - علي الهاشمي: المرأة في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة القاهرة، د. ت. - عويس محمد: التيار الفني الجاهلي في صدر الإسلام، ماجستير، جامعة القاهرة، د. ت. - فايز القرعان: الوشم والوشي في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة اليرموك 1984. - فائزة ناجي سعدون: مظاهر جمال المرأة في الشعر الجاهلي والإسلامي، ماجستير، جامعة بغداد، 1969م. - ليلى توفيق العمري: الشعر الجاهلي في تفسير الطبري، ماجستير، الجامعة الأردنية، 1985. - محمد إبراهيم حور: الحنين إلى الوطن في الأدب العربي من العصر الجاهلي إلى نهاية العصر الأموي، ماجستير، جامعة بغداد، 1972م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 - محمود عطية السعران: الصناعة الشعرية في العصر الجاهلي من حيث الموسيقى وبنية القصيدة، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1947. - محمد بهاء الدين سعد: أدب الفروسية في العصر الجاهلي، ماجستير، جامعة عين شمس، 1982. - محمد حمودة عبد الرحمن: المذهب الفنِّي لشعراء المعلقات وأثره في القصيدة العربية، دكتوراه، جامعة الأزهر، 1973. - محمد رجب النجار: البطل في الملاحم الشعبية، دكتوراه، جامعة القاهرة 1976م، نشرت. - محمد رشاد محمد خليل: البناء الفني للقصيدة العربية، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1973م. - محمد صديق عمر: النباء الدرامي في شعر لبيد، ماجستير، عين شمس، 1985. - محمد علي دقة: السفارة السياسية في العصر الجاهلي، ماجستير، جامعة دمشق، 1982م، نشرت: دمشق 1983م. - محمد كمال أبو ريده: الأمومة عند العرب في الجاهلية، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1952. - محمد محمد الكومي: الصراع بين الإنسان والطبيعة في الشعر الجاهلي، دكتوراه، جامعة الإسكندرية، 1978، نشرت. - محمد مصطفى حسين: رمزية الطير في الأدب العربي حتى العصر العباسي دراسة فنية موضوعية، ماجستير, عين شمس، 1981م. - محمود عبد الله أبو الخير: الشعر في بلاط الحيرة، ماجستير، جامعة الأزهر، 1974. - محمود علي الحسن: الظعينة في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة اليرموك 1984. - مصطفى عبد الله جباوك: الحياة والموت في الشعر الجاهلي، ماجستير، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 جامعة الإسكندرية، 1986، نشرت: بغداد، 1979م. - منذر خلف الجبوري: أيام العرب وأثرها في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة بغداد، 1972، نشرت: بغداد، 1973م. - ناصر الدين الأسد: الشعر الجاهلي: مصادرها وقيمتها التاريخية، دكتوراه, جامعة القاهرة، 1955،نشرت: القاهرة، 1956. - ناصر الدين الأسد: القيان وأثرهن في الشعر الجاهلي، ماجستير جامعة القاهرة، 1951، نشرت: القاهرة, دار المعارف، 1955م. - نصرت صالح عبد الرحمن: الصورة الفنية في الشعر الجاهلي، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1972،نشرت عمان، 1976م. - ندى عبد الرحمن الشايع: ألفاظ الحياة الاجتماعية في الشعر الجاهلي, دكتوراه، جامعة بغداد، 1984. - نوري حمودي القيسي: الفروسية في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة القاهرة، 1964، نشرت: بيروت 1969. - الطبيعة في الشعر الجاهلي، دكتوراه, جامعة القاهرة، 1976، نشرت: بيروت 1970م. - هاشم الطعان: الأدب الجاهلي بين لهجات القبائل واللغات الموحدة، دكتوراه، جامعة بغداد، 1976، نشرت: بغداد 1978. - هناء علي الدين كشك: القيم الإنسانية والاجتماعية في الشعر الجاهلي، ماجستير القاهرة، 1974. - هنية علي يوسف الكادلي: الشعراء المخضرمون بين الجاهلية والإسلام, ماجستير, جامعة عين شمس, 1970. - وداعة محمد الحسن عكود: الحياة الدينية من الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة القاهرة، دار العلوم، 1975. - وهب أحمد رومية: الرحلة في القصيدة الجاهلية، ماجستير، جامعة القاهرة، 1974، نشرت: دمشق، 1975. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 - يحيى عبد الأمير شامي: النجوم في الشعر حتى أواخر العصر الأموي، دكتوراه, جامعة القديس يوسف، 1980، نشرت: بيروت 1983. - يحيى الجبوري: شعر المخضرمين، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1963، نشرت: بغداد، 1964م. -يوسف حسين بكار: بناء القصيدة عند القدماء في ضوء المفاهيم النقدية الحديثة، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1972، نشرت: القاهرة 1979م، ط2: بيروت 1983م. 7- الفنون الشعرية: -أحمد بن حمود الصبر: الاعتذار في الأدب العربي من أيام الجاهلية إلى نهاية القرن الرابع، ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود، 1406هـ. - بشرى محمد الخطيب: الرثاء في الشعر الجاهلي وصدر الإسلام، ماجستير، جامعة بغداد, 1971م، نشرت: بغداد 1977م. - جمال نجم العبدي: الرجز: نشأته وتطوره، ماجستير، جامعة بغداد، 1969م. - حسين عطوان: مقدمة القصيدة العربية في العصر الجاهلي، ماجستير، جامعة القاهرة، 1976م، نشرت: القاهرة 1970م. -عباس بيومي عجلان: الهجاء في الجاهلية: صوره وأساليبه الفنية، دكتوراه، الإسكندرية، 1981م. - عبد الرحمن بارود: تطور الرجز في الجاهلية إلى نهاية العصر الأموي، دكتوراه، جامعة القاهرة. -عبد الكريم محمد الشريف: الأبعاد الفنية والنفسية لصور الوصف في الشعر الجاهلي، دكتوراه، جامعة الإسكندرية، 1978. - عمر الفاروق عبد الرسول محمد: شعر الحكمة في العصر الجاهلي: إحصاء تحليل دراسة، دكتوراه، دار العلوم، 1982. -وهب رومية: قصيدة المدح حتى نهاية العصر الأموي بين الأصول والإحياء والتجديد، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1977، نشرت: دمشق 1981م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 - يوسف إبراهيم الصراف: شعر الفخر في العصر الجاهلي، ماجستير، عين شمس، 1985. 8- فنون نثرية: - أحمد حسين الربيعي: فن الخطابة: نشأتها وتطورها من العصر الجاهلي حتى نهاية القرن الرابع، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1969م. - سالم مرعي الهدروسي: حركة الخطابة في قبيلة تميم حتى نهاية العصر الأموي، ماجستير، الجامعة الأدرنية, 1981م. - عبد الرحمن محمود عبد الله: المثل في القرآن والكتاب المقدَّس، ماجستير، جامعة بغداد، 1971م. - عبد المجيد عابدين: الأمثال في النثر العربي القديم مع مقارنتها بنظائرها في الآداب السامية الأخرى، دكتوراه، جامعة القاهرة، 1952، نشرت: القاهرة 1956م. - محمد سعيد الحافظ: المثل في اللغة والأدب، ماجستير، جامعة بغداد، 1969م. - محمود عبد المالك عيد: الأمثال العربية في العصر الجاهلي، ماجستير، جامعة اليرموك، 1983م. -ياسر إبراهيم الملاح: التركيب اللغوي في الأمثال العربية القديمة، دكتوراه، جامعة الإسكندرية، 1980. 9- الحيوان والنبات: - أنور عليان أبو سوليم: الإبل في الشعر الجاهلي، دكتوراه، جامعة القاهرة 1980، نشرت: الرياض1983. - كامل سلامة الدقس: وصف الخيل في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة القاهرة، 1968، نشرت: الكويت 1975م. - محمد خالد الزعبي: صور الحيوان في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة الإسكندرية، 1981م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 - يوسف الرباعي: صورة الثور الوحشي في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة اليرموك، 1984. - زايد علي مصطفى: ألفاظ النبات في الشعر الجاهلي، ماجستير، جامعة اليرموك، 1985. - واجدة مجيد الأطرقجي: التشبيهات القرآنية والبيئة العربية، ماجستير، جامعة بغداد، 1969م. أ- أما دراسة الشعراء فقد توقفت تقريبًا في الجامعات العربية منذ منتصف الستينات، فلم تعد الجامعات تسمح لطلبتها في التسجيل لمثل هذا اللون من الرسائل, وهذا اتجاه جيد من الجامعات، وإن نظرة فاحصة لهذا اللون نرى أن الشعراء الذين درسوا من شعراء العصر الجاهلي لم يتعدَّ أحد عشر شاعرًا، ستة منهم من أصحاب المعلقات: امرؤ القيس "دراستان"، زهير "دراستان"، عنترة "دراستان"، الأعشى "ثلاث دراسات"، لبيد والنابغة الذبياني "دراسة لكلٍّ منها"، ومن هذه الدراسات ما التفت إلى خصيصة معينة فأبرزها نحو: زهير شاعر السلم في الجاهلية، النابغة الذبياني الشاعر القبلي، سيرة عنترة، عناصر الإبداع الفني في شعر عنترة، والدراسات الثلاث عن الأعشى. والملاحظ على هذه الدراسات ما يلي: 1- إنها بدأت تتطوّر نحو التعمق والعناية بالسمات الفنية والفكرية بعد منتصف الستينات. 2- إنها قليلة جدًّا حيث لم تغط إلّا أحد عشر شاعرًا، ولو أضفنا إليها ما كان من تحقيق دواوين الشعراء والدراسة اللغوية لشعر شاعر وعددهما عشر درسات, فإنها تظل قليلة بالمقارنة مع عدد الشعراء الجاهليين الذين يربو على ستمائة وتسعين شاعرًا1. 3- ولو سلَّمنا بأن هؤلاء الشعراء، وعددهم في الفئات الثلاث سبعة عشر شاعرًا, يمثلون القمة من حيث الأهمية، ألَا يستحق الآخرون الاهتمام والبحث؟ بل لم يسلم من الإهمال شاعران من أصحاب المعلقات كعبيد بن الأبرص والحارث بن حلزة.   1 انظر معجم الجاهليين والمخضرمين للمؤلف، دار العلوم، الرياض، 1983م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 4- إن هذه الدراسات الجامعية لم تغطِّ جوانب كثيرة، ولم تحل إشكالات كثيرة ما زالت غامضة، وكان الأولى بهذه الجامعات أن تصرف طلابها إليها. 5- إن هذه الدراسات عنيت بالكليات "عروة حياته وشعره مثلًا", ولم تعن بجزئية فتقتلها بحثًا ودرسًا لتخرج بنتيجة واضحة. 6- ولا أريد أن أستبق الأحداث؛ لأن نفرًا من الشعراء قد عرض الباحثون لهم من خلال حديثهم عن ظاهرة ما، أو من خلال حديثهم، أو من خلال الحديث عن شعر قبيلة ما. وقد أفادت هذه الدراسات في الكشف عن جوانب معينة، ولكنها لم تغط كثيرًا من الشعراء، أو الجوانب منهم كانت مهمة لو درست. 7- كان لهذه الدراسات أن تكون أكثر فائدة لو أنها نهجت منذ البداية نحو دراسة ظاهرة فنية عند شاعر، أو درست الصورة في شعره، كما حدث في العشرين سنة الأخيرة؛ حيث ظهرت ثلاث دراسات عن الأعشى وحده. ب- إذا انتقلنا إلى تحقيق الدواوين الشعرية فإن الصورة قائمة؛ لأن القائمة التي أوردتها، وإن كانت ليست تامة, فإنها لا تتضمَّن إلّا ستة شعراء "أمية أبن أبي الصلت, وحاتم, وسلامة بن جندل، وعلقمة، وعنترة، والنابغة الشياني", ونحن نعرف أن عدد دواوين الشعر الجاهلي أو شعر الجاهليين الذين يجمع شعرهم بعد أن فقدت مخطوطات دواوينهم، يربوا على الخمسين، إذا ما ألقينا نظرة على الدواوين الجاهلية المنشورة فإنها تتمثّل في الأنماط التالية: 1- دواوين محقَّقة رسائل جامعية, وثلاثة منها ما زالت مخطوطة. 2- دواوين محقَّقة قام بتحقيقها ونشرها أساتذة جامعات. 3- دواوين محقَّقة قام بتحقيقها علماء محترفون لديهم الدربة في التحقيق. 4- دواوين قامت بنشرها دور نشر مغفلة من اسم المحقق, وهي لا يطمأنَّ إليها لما فيها من الخطأ والتحريف, وليست مخدومة كما يجب. 5- قام نفر من أساتذة الجامعات، وخصوصًا في الجمهورية العراقية بجمع أشعار كثير من الشعراء الجاهليين من مظانِّ المصادر, وجمعوها إلى بعضها, وجهدوا جهدًا لكي تمثل ما تبقَّى من شعر أولئك النفر من الشعراء. وعلاوة على ما ذكرنا, فإن شعر بعض الشعراء الذين لم يرد تحت أي من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 الاحتمالات السابقة قد ورد ضمن أشعار القبائل, وسنتحدث عن ذلك حينما نصل إلى جهود الباحثين في جميع أشعار القبائل التي لم تصل إلى أشعار الهذليين. وإن كانت لي ملاحظات على جملة ما حقِّق ونُشِرَ من دواوين الشعر الجاهلي, أو ما جمع من أشعارهم، فإنني أوردها مجرَّدة من ذكر الأسماء لعلنا ننتفع بها ونتدراسها في أبحاثنا مستقبلًا. 1- بعض الدواوين قد صدر منه أكثر من طبعة لأكثر من محقق، وهو جهد لا أقول أنه ضائع، ولكن لو نسَّقنا لأفاد الأول من الآخر دونما حاجة إلى نشره من جديد. 2- إن كثيرًا من هذه الدواوين قام بتحقيقها ونشرها نفر من المستشرقين، ثم جاء باحث عربي فأعاد نشرها، وكنا نتوقع أن يضيف جديدًا، أو يصحِّح خطأ، أو يذكر المحقق الأول وجهده، ولكن الواقع ينفي معظم هذا كله, ولا يسلم من ذلك إلّا نفر قليل, ولا داعي لذكر الأسماء, فمن يعمل في هذا الحقل يدرك ذلك من أول نظرة. 3- إن كثرًا من هذه الدواوين ما زالت تفتقر إلى الشرح والتوثيق والأمانة العلمية وتصويب التصحيف والتحريف. 4- إن كثيرًا من الشعراء الذين فقدت دواوينهم, وجمعت أشعارهم من مظانّها، لم يستوف الباحثون المصادر، لذلك كثيرًا ما نقرأ استدراكات على هذه الدواوين من آخرين، ونلحظ التسرُّع باديًا في عمل بعضهم, ولكن هذا كله لا ينفي أعمالًا جادَّة خدم أصحابها هذا الشعر بجمعه ولَمَّ شتاته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 الدواوين الشعرية : 1- ديوان الأسود بن يعفر النهشلي: أ- طبعة ليدن 1928م. ب- صنعة نوري حمودي القيسي, بغداد، وزارة الإعلام، 1968. 2- ديوان ذي الأصبع العدواني: تحقيق عبد الواهاب العدواني ومحمد الديلمي، الموصل 1973م. 3- ديوان الأعشى الكبير، ميمون بن قيس: أ- طبعة ليدن 1928 "ديوان الأعشيين". ب- بتحقيق محمد محمد حسين، القاهرة، مكتب الآداب، 1950م، ط2: دار الكتاب العربي، بيروت، 1968م. ج- دار صادر، بيروت، 1960م. د- دار الكتاب اللبناني، 1985. 4- ديوان الأفوه الأودي: أ- جمع وتخريج عبد العزيز الميمني "ضمن مجموعة الطرائف الأدبية", القاهرة، 1937م. ب- طبعة أخرى، دار الكتب، بيروت، د. ت. 5- ديوان امرئ القيس: أ- طبعة هندية 1906م. ب- بشرح حسن السندوبي بعنوان: "أخبار المراقسة وأشعارهم", ط2: القاهرة 1929م. ج- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، دار المعارف، 1958م. د- بيروت، دار صادر، 1966م. 6- ديوان أمية بن أبي الصلت: أ- طبعة ليبزج 1911م. ب- صنعة بشير يموت، بيروت، 1934م، المكتبة الأهلية. ج- جمع وتحقيق ودراسة عبد الحفيظ السطلي، دمشق, 1974م. د- تحقيق بهجة عبد الغفور الحديثي، بغداد، وزارة الإعلام، 1975م. 7- ديوان أوس بن حجر: أ- جمع وترجمة رودلف غاير، ألمانيا، 1892م. ب- تحقيق محمد يوسف نجم، بيروت، دار صادر، 1960م. ج- تحقيق محمود عبد الله الجادر، بعنوان: شعر أوس بن حجر ورواته الجاهليين، بغداد، وزارة الإعلام، 1979م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 8- شعر بشامة بن الغدير: جمع عبد القادر عبد الجليل، مجلة المورد، مجلد6، عدد1 "1977"، ص217. 9- ديوان بشر بن أبي خازم الأسدي: تحقيق عزة حسن، دمشق، وزارة الثقافة، 1960. 10- شعر تأبط شرًّا: تحقيق سلمان الفرغلي وجبار جاسم، النجف 1973. 11- ديوان تميم بن أبي مقبل: تحقيق عزة حسن. دمشق، وزارة الثقافة، 1962م. 12- ديوان جران العود: أ- القاهرة، دار الكتاب، 1931م. ب- تحقيق نوري القيسي، بغداد، وزارة الإعلام 1982م. 13- ديوان حاتم الطائي: أ- طبعة ليدن، 1872م. ب- طبعة لبيزج، شرح شولتهس. ج- طبعة دار صادر، بيروت, 1953م. د- تحقيق إبراهيم الجزيني، بيروت, دار الكتاب العربي, 1968م. هـ- تحقيق فوزي العطوي، بيروت، 1969م. و تحقيق عادل سليمان جمال، القاهرة، مطبعة المدني، 1875م. ز- نشر في لاهور مع "فيض الحسن". 14- ديوان الحادرة: أ- تحقيق ناصر الدين الأسد، فصلة من مجلة معهد المخطوطات، القاهرة، المجلد 15، الجزء الأول 1969م. ب- تحقيق ناصر الدين الأسد، بيروت، دار صادر، 1971م. ج- طبعة ليدن, د. ت. تحقيق أنجلمان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 15- ديوان الحارث بن حلزة اليشكري: أ- نشره فريتس كرنكو, بيروت، مجلة المشرق، العدد8، أغسطس 1922م. ب- جمع وشرح هاشم الطعان، بغداد، وزارة الإعلام، 1969م. 16- شعر الحارث بن ظالم المري: جمع عادل جاسم البياتي، النجف الأشرف، 1972م، ومجلة كلية الآداب عدد 15، 1972"، ص343. 17- ديوان حسان بن ثابت: أ- برواية محمد بن حبيب، تونس، مطبعة الدولة، 1281هـ. ب- القاهرة، مطبعة النيل، 1904م. ج- دار صادر، بيروت، 1961م. د- شرح البرقوقي، بيروت، دار الأندلس، 1966م. هـ- شرح وتحقيق وليد عرفات "جزءان"، كمبردج، أمناء سلسلة جب التذكارية، 1971م. و تحقيق سيد حنفي حسنين، القاهرة، الهيئة المصرية العامة، 1974م. 18- ديوان حميد بن ثور: القاهرة، دار الكتب المصرية، 1951م. 19- ديوان الخرنق بنت بدر: أ- طبعة بيروت 1889م. ب- تحقيق حسين نصار، رواية أبي عمرو بن العلا، القاهرة, وزارة الثقافة, 1969م. 20- ديوان الخنساء: أ- طبعة دار صادر، بيروت, 1963م. ب- طبعة دار الأندلس، بيروت، 1969م. ج- طبعة دار التراث، بيروت، 1968م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 22- ديوان دريد بن الصمة. تحقيق محمد خير البقاعي، دمشق, 1981م. 23- شعر أبي دؤاد الأيادي: "فصل من كتاب: دراسات في الأدب العربي لغوستاف غرنباوم" دار مكتبة الحياة، بيروت، 1959م. 24- شعر رافع بن هريم اليربوعي، جمع وتحقيق حميد آدم تويني، بغداد. 25- شعر الربيع بن زياد العبسي: جمع وتحقيق عادل جاسم البياتي. النجف الأشرف، 1972م، كلية الآداب، عدد 14 "1971م"، ص386. 26- شعر الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهثم: جمع وشرح سعود محمود الجابر، مؤسسة الرسالة، عمَّان، 1984م، طبعة أخرى وجمع وتحقيق حميد آدم تويني، بغداد. 27- شعر ربيع بين ضبيع الفزاري، جمع وتحقيق حميد آدم تويني، بغداد. 28- شعر ربيعة بن مقروم الضبي: صنعة نوري حمودي القيسي، بغداد 1968م. 29- شعر أبي زبيد الطائي "حرملة بن المنذر": جمع وتحقيق نوري حمودي القيسي، بغداد، مطبعة المعارف، 1967م. 30- ديوان زهير بن أبي سلمى: أ- ضمن مجموعة الأعلم الشنتمري، تحقيق مصطفى السقا، القاهرة، 1929م. ب- طبعة دار الكتب المصرية، 1944م. ج- طبعة الدار القومية، مصر، 1964م. د- شرح أحمد طلعت، بيروت, 1968. هـ- تحقيق فخر الدين قباوة، بيروت، دار الآفاق الجديدة، ط1: 1970، ط3: 1980م. و ضمن مجموعة: شرح الأشعار الستة الجاهلية لأبي بكر عاصم بن أيوب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 البطليوسي، تحقيق ناصيف سليمان عواد، بغداد، وزارة الثقافة والفنون، 1979م. 31- ديوان زيد الخيل الطائي: صنعة نوري حمودي القيسي، النجف الأشرف، 1976م. 32- ديوان الزير والجرو: بيروت, مطبعة الآداب. 33- ديوان سحيم عبد بني الحسحاس: تحقيق عبد العزيز الميمني، القاهرة، 1950م. 34- ديوان سراقة البارقي: تحقيق حسين نصار، القاهرة، 1947م. 35- ديوان سلامة بن جندل التميمي: أ- تحقيق هوارت، باريس، 1910م. ب- تحقيق لويس شيخو، بيروت، 1940م. ج- تحقيق فخر الدين قباوة، حلب، المكتبة العربية, 1968م. 36- شعر السليك بن السلكة: جمع: كامل سعيد وحميد آدم، بغداد، 1984م. 37- ديوان السموءل: أ- شرح هرشبرج، كاراكاو، 1931م. ب- تحقيق عيسى سابا، بيروت، دار صادر، 1964م. ج- تحقيق الشيخ محمد آل ياسين، بغداد، مكتبة المعارف، 1975م. 38- ديوان سويد بن أبي كاهل اليشكري: تحقيق شاكر العاشور، البصرة، دار الطباعة الحديثة، 1972م. 39- ديوان الشمّاخ بن ضرار الذبياني: تحقيق وشرح صلاح الدين الهادي، القاهرة، دار المعارف، 1977م. 40- ديوان الشنفري الأزدي: 1- "ضمن مجموعة الطرائف الأدبية"، تحقيق عبد العزيز الميمني، القاهرة، 1937م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 ب- دار الكتب العلمية, بيروت، د. ت. 41- شعر ضمرة بن ضمرة النهشلي: جمع وتحقيق: هاشم طه شلاش، مجلة المورد، بغداد، المجلد العاشر، العدد الثاني 1981, ص107-124. 42- ديون طرفة بن العبد البكري: أ- تحقيق ضياء الدين الخالدي، فينا، 1880م. ب- طبعة سيلفسون، شاكون، 1900م. ج- طبعة باريس، 1901م. د- تحقيق: أحمد الأمين الشنقيطي، القاهرة 1909م. هـ- طبعة دار صادر، بيروت 1953. و تحقيق: علي الجندي، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1958م. ز- تحقيق درية الخطيب ولطفي الصقال "شرح الأعلم الشنتمري"، دمشق، مجمع اللغة العربية، 1975م. 43- ديوان الطفيل الغنوي: أ- تحقيق: كرنكو، لندن 1927م. ب- تحقيق: محمد عبد القادر أحمد، بغداد، وزارة الإعلام, 1967م. ج- طبعة أخرى للمحقق السابق، بيروت، دار الكتاب الجديد، 1968م. 44- شعراء طيء: شعرهم وأخبارهم: جمع وتحقيق وشرح: وفاء النديوبي، الرياض، دار العلوم، 1983م. 45- ديوان عامر بن الطفيل: أ- نشره: تشارلزم ليال, ليدن، 1913م. ب- بيروت، دار صادر، 1959م. 46- شعر العامريين الجاهليين. جمع: عبد الكريم يعقوب، اللاذقية، سورية، 1982م. 47- ديوان العباس بن مرداس: جمع وتحقيق: يحيى الجبوري، بغداد، وزارة الإعلام، 1968م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 48- شعر عبد لله بن الزبعري: شرح وجمع: عبد الله الجبوري، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط1: 1978، ط2: 1981م. 49- ديوان عبيد بن الأبرص: أ- تحقيق: تشارلز ليال، ليدن، 1913م. ب- تحقيق: حسين نصار، القاهرة، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1957م. ج- بيروت, دار صادر، 1958م. 50- ديوان عدي بن زيد العبَّادي: تحقيق: محمد جبار المعيبد، بغداد، مطبعة الجمهورية، وزارة الإعلام، 1965م. 51- ديوان عروة بن الورد: أ- برواية ابن السكيت, القاهرة، 1923م. ب- برواية ابن السكيت, تصحيح: الشيخ ابن شنب، الجزائر, 1926م. ج- بيروت، دار صادر، 1953م. د- تحقيق: عبد المعين الملوحي، دمشق، وزارة الثقافة، 1966م. 52- ديوان علقمة الفحل: أ- نشرت ألبرت سويسن، ليبزج، 1867م. ب- طبعة القاهرة، 1324هـ. ج- شرح الشيخ ابن أبي شنب، الجزائر، 1925م. د- تحقيق: أحمد صقر، القاهرة 1353هـ. هـ- ضمن مجموعة فيها ديوان عنترة وديوان طرفة، بيروت، 1986م. و تحقيق: لطفي الصقال ودرية الخطيب، حلب، 1969م. 53- شعر عمرو بن شأس الأسدي: جمع وتحقيق: يحيى الجبوري، النجف الأشرف، 1976م. 54- ديوان عمر بن قميئة: أ- نشره: تشارلز ليال، كمبردج، 1919م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 ب- تحقيق: حسن كامل الصيرفي، القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1956م. ج- طبعة بيروت. 55- شعر عمرو بن كلثوم: نشر: كرنكوا، بيروت، مجلة المشرق، عدد يوليو 1922م. 56- شعر عمرو بن لجأ التميمي: جمع وتحقيق: يحيى الجبوري، بغداد، 1976م. 57- ديوان عمرو بن معد يكرب: أ- تحقيق: هاشم الطعَّان، بغداد، وزارة الإعلام، 1970م. ب- تحقق: مطاع طرابيشي، دمشق، مجمع اللغة العربية، 1973م. 58- ديوان عنترة بن شداد: أ- ضمن مجموعة الأعلم، تحقيق: مصطفى السقا, القاهرة، 1929م. ب- شرح عبد المنعم شلبي، القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى, د. ت. ج- شرح: محمد عبد المنعم خفاجي. د- بيروت، دار صادر، 1960م. هـ- تحقيق: محمد سعيد مولوي، دمشق، المكتب الإسلامي، 1970م. و ضمن شرح الأشعار الستة لأبي بكر عاصم البطليوسي، بغداد، وزارة الإعلام، 1979م. 59- شعراء قشير في الجاهلية والإسلام: جمع وتحقيق: عبد العزيز محمد الفيصل، القاهرة، مكتبة الحلبي، 1978م. 60- ديوان قيس بن الخطيم: أ- نشر: كوالسكي، ليبزج، 1914م. ب- تحقيق ناصر الدين الأسد, ط1: دار العروبة، القاهرة، 1962م, ط2: دار صادر، بيروت، 1972م. ج- تحقيق: إبراهيم السامرائي وأحمد مطلوب، بغداد، 1962م. 61- شعر قيس بن زهير العبسي: جمع وتحقيق: عادل جاسم البياتي، النجف الأشرف، 1972م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 62- ديوان كعب بن زهير: الدار القومية للنشر، القاهرة، 1965م. 63- ديوان لبيد بن ربيعة العامري: أ- باعتناء المستشرق دي ساسي، باريس، 1816م. ب- باعتناء يوسف ضياء الخالدي، فينا 1880م "القسم الأول من الديوان". ج- باعتناء هربر, وتقديم بروكلمان، ليدن، 1891م "القسم الثاني من الديوان". د- بيروت، دار القاموس الحديث. هـ- تحقيق: إحسان عباس، الكويت، وزارة الإرشاد، 1962م. 64- ديوان لقيط بن يعمر الأيادي: أ- تحقيق: خليل العطية، بغداد، وزارة الإعلام، 1970م. ب- تحقيق: عبد المعيد خان، بيروت، دار الأمانة، 1971م. 65- شعر مالك ومتمم ابني نويرة: جمع وشرح: ابتسام مرهون الصغار، بغداد، مطبعة الإرشاد، 1968م. 66- شعر المتلمس الضبعي: أ- نشره: كارل فلرز, ليبزج 1903م. ب- تحقيق: حسن كامل الصيرفي، القاهرة، معهد المخطوطات العربية 1970م. 67- شعر المثقّب العبدي: أ- تحقيق: الشيخ محمد حسين آل ياسين، بغداد، 1956م. ب- تحقيق: حسن كامل الصيرفي, القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 1971م. 68- شعر المرقش الأصغر: جمع وتحقيق: نوري حمودي القيسي، بغداد 1971م، الآداب، عدد 13 "1970"، ص525. 69- شعر المرقش الأكبر، عون بن سعد بن مالك بن ضبيعة: جمع وتحقيق: نوري حمودي القيسي، بغداد، 1971م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 70- ديوان المزرد بن ضرار الغطفاني: تحقيق: خليل العطية، بغداد، مطبعة أسعد، 1962م. 71- ديوان المسيب بن علي: جمعه: جابر, وألحقه بديوان الأعشين "نشريات جيب رقم 6، لندن 1928م". 72- ديوان معن بن أوس المزني: نشره: باول سكوارز، ليبزج، 1902م. 73- ديوان النابغة الجعدي: دمشق، المكتب الإسلامي، 1964م. 74- ديوان النابغة الذبياني: أ- نشره: ديرنبرج، باريس، 1896م، ونشرت تكملته 1899م. ب- طبعة القاهرة، المطبعة الوهبية، 1923م. ج- نشر ضمن مجموعة الأعلم الشنتمري، القاهرة 1929م. د- باعتناء عبد الرحمن سلام، بيروت 1929م. هـ- تحقيق: كرم البستاني، بيروت 1953م. و تحقيق: شكري فيصل، بيروت، دار الفكر، 1968م. ز- تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، دار المعارف، 1977م. 75- ديوان النابغة الشيباني: القاهرة، دار الكتب، ط1: 1932م. 76- شعر النمر بن تولب: صنعة: نوري حمودي القيسي, بغداد، مطبعة المعارف، 1969م. 77- قصائد نادرة من: منتهى الطلب لابن المبارك: تحقيق: يحيى الجبوري، مجلة المورد، بغداد, المجلد الثامن، العدد الرابع والمجلد التاسع، العدد الأول12980م، ونشرها في بيروت. 78- شعر همدان: جمع وتحقيق: حسن أبو ياسين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 الرياض، دار العلوم، 1983م. 79- شرح لامية العرب للعبكري: تحقيق: رجب إبراهيم الشحات. دراسات عربية إسلامية "مهداة إلى محمود شاكر" القاهرة، 1982، ص243-279م. 80- دالية أمية بن أبي الصلت: تحقيق: السيد محمد عزيز شمس, مجلة المجمع الهندي، مجلد8، 1983، ص336-340. ج- أما الدراسة اللغوية "النحوية والصرفية", فإن المعلومات الواردة تدل على أن هذا الاتجاه بدأ في منتصف السبعينات وفي جامعات معينة, وهو اتجاه ظهر ونما مع نموِّ الدراسات اللغوية المعاصرة، وما لها من أثر في دراسة النص الأدبي واكتناه أسراره, وحتى لا نتفاءل كثيرًا فإن هذا الدراسات لم تصل إلى ما طمحت إليه الدراسات اللغوية، بل ظلت قائمة على حصر الأوزان التي استخدمها الشاعر، أو التراكيب اللغوية التي استعملها، ولم يتعد الأمر ذلك فيما أعلم. وثَمَّة ملاحظة أخرى أن هذه الدراسات لم تشمل شعراء كثيرين، وربما أحسَّ الذين تبنوها بأنها لم تحقق الهدف المرجوّ منها، فلم تنتشر لتعمَّ الجامعات العربية أو معظمها. وقد حلت مكانها الدراسة البنيوية وغيرها محاولة سد النقص، ولكنها ما زالت في مهدها، وإنني على يقين أن هذا اللون من الدراسات لو انتشر أفقيًّا "كمًّا" ورأسيًّا "كيفًا", وأفاد من النظريات اللغوية الحديثة، لحقَّقْنَا مزيدًا من الفائد، ولكشفنا كثيرًا من خصائص البنى اللغوية والصرفية للغة العربية وللأدب الجاهلي. د- أما المجموعات الشعرية فقد حظيت المجموعات التالية باهتمام الجامعات، ويمكن تلخيص الصورة على النحو التالي: المعلقات التسع أو الشعر "ثلاث دراسات" منها دراستان تحقيقًا وتوثيقًا ودراسة، والثالثة تناولت دراسة شرح المعلقات، جمهرة أشعار العرب "دراسة واحدة تحقيق"، حماسة أبي تمام "دراستان"، المفضليات "دراسة احدة"، ودراستان تتعلق الأولى بشروح الشعر الجاهلي حتى نهاية القرن الخامس, والثانية بالمجموعات الشعرية واتجاهاتها النقدية، ومن الملاحظ أن خمسًا من تسع من هذه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 الدراسات ما زالت مخطوطة، أي: لم يفد منها الباحث والقارئ، ومن الملاحظ أيضًا أن المجموعات التالية لم تحظ بالعناية: حماسة البحتري، والحماسة البصرية، حماسة ابن الشجري، حماسة الخالديين, وغيرها, لم تثر اهتمام الجامعيين، وإن كان بعضها قد حقق تحقيقًا علميًّا، وبعضها الآخر قد نشر، ولكنه يحتاج إلى إعادة نشر توثيق ودراسة لتكون الفائدة أكثر وأشمل وأعمق، لأن ميزة هذه المجموعات أنها حوت كثيرًا من الشعر لشعراء مغمورين أو مقلين، وبعضها قد اختاره صاحبه وفقًا لمعايير معينة, هي بحاجة إلى دراسة وكشفٍ لتبيين الاتجاهات النقدية وغيرها من خلال الدراسة المتخصصة المتعمقة. هـ- وإذا ما انتقلنا إلى شعر القبائل أو المجموعات الاجتماعية الخاصة كالصعاليك اللصوص, فإن الصورة مشجّعة، فقد أدرك أساتذة الجامعات منذ وقت مبكِّر أن دراسة شعر هذه القبائل أو المجموعات ذو أهمية بالغة في الكشف عن ظواهر كثيرة, وتوضيح بعض الأمور التي ما زالت غامضة، ومحاولة استكشاف بيئات الشعر الجاهلي، وهذا ما فعله الأوائل حينما اهتمّوا بجمع شعر القبائل وضاع كله إلّا شعر الهذليين. فمن الدراسات الأولى دراسة الدكتور أحمد كمال زكي عن شعر الهذليين "1951م"، دراسة الدكتور يوسف خليف عن الشعراء الصعاليك "1959م"، وتتعاقب الدراسات في نهاية الستينات "دراسة عن الصعاليك للدكتور عبد الحليم حفني الكردي 1967م"، وتكثر في السبعينات لنجد الدراسات حول القبائل التالية: شعراء البحرين، الشعر في قبيلة ذبيان، الشعر في قبيل قيس، الشعر في قبيلة غنى، الشعر في قبيلة عامر، شعراء عبد القيس، شعراء اليهود، الشعر في بني يشكر, شعر طيء، شعر همدان, شعر تميم، شعراء قشير. ولعدم التنسيق فإن دراستين لشعر بني عامر تظهران واحدة في الإسكندرية وأخرى في الأزهر، ونجد دراستين حول اللغة في قبيلتين "لغة هذيل، ولهجة تميم"، وهذه الدراسات تنقسم كل دراسة إلى قسمين يتناول الأول دراسة عن القبيلة ومضاربها ومياهها وتقاليدها وفرسانها وحروبها وعلاقاتها مع الآخرين، وأما القسم الثاني فيخصص لجمع شعر كل شاعر من شعراء القبيلة, يستثنى من ذلك من له ديوان مطبوع، ويتولَّى الباحث تخريج هذا الشعر وشرحه وتوثيقه، وربما عمد بعضهم إلى رصد ظواهر فنية أو خصائص في شعر القبيلة بعامة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وفي رأينا أن جهودًا أخرى ينتظرها شعر قبائل كثيرة لم يجمع شعرها أو يدرس بعد، كالشعر في الطائف، وقريش، والمدينة، والأزد، وبكر، وغطفان، وعبس، وغيرها، ومن يدري فلعلنا نعيد الصورة أو بعضها التي قصد إليها وقام بها علماؤنا الأوائل مثل أبي عمرو بن العلاء، ولعل ذلك يفتح بابًا جديدًا في دراسة لغة الشعر من جديد, والفوارق بين هذه القبائل، وقد نصل إلى نتائج جيدة لو أحسنَّا الإفادة من المناهج الحديثة. و ويبدو أن حظ هذا الاتجاه كان أوفر من سابقيه، ولعل في ذلك اتجاهًا إيجابيًّا؛ إذ انصرفت الدراسات إلى الغوص في أعماق الشعر الجاهلي، وإن بدا في بعضها السطحية والتكرار والتعميم، وإن أبرز ما يؤخذ على هذه الدراسات تلك المقدمات الطويلة التي تمهد للظاهرة, والتي تعرض للحياة الجاهلية والتاريخ الجاهلي, وغير ذلك مما يتكرر في الرسائل جميعها أو في معظمها على الأقل، وقد عنيت في تجميع هذه الرسائل تحت هذا العنوان, وسميتها: ظواهر جمع ظاهرة، وهي الشيء، أو الخصيصة المتميزة في الشعر الجاهلي، ونستطيع أن نميز الألوان التالية في الظواهر: 1- الظواهر المتصلة بالخصائص الفنية للشعر، وقد كان نصيبها خمس عشرة رسالة, أرقامها 3، 4، 6، 8، 10، 11، 24، 32، 35، 39، 45، 54، 55, وكان أبرزها دراسة شعر المخضرمين ومدرسة زهير وشعر الحنفاء، والشعراء السود. 2- دراسة ظاهرة الحرب والسلم في المجتمع الجاهلي والشعر الجاهلي، وكانت أيام العرب وأخبارها وأشعارها محور هذه الدراسات في المجتمع كله أو في قبيلة معينة، وقد كان نصيبها عشر دارسات. 3- الطلل والديار، وبالرغم من أهمية الموضوع إلّا أن نصيبه كان خمس دراسات، "18، 23، 30، 40، 52". 4- الطبيعة, وكان نصيبها قليلًا, فلم تشتغل إلّا أربع دراسات هي "1، 38، 48، 53". 5- المرأة, وقد شغلت خمس دارسات "2، 28، 31، 37، 44". 6- توثيق الشعر الجاهلي وتدوينه "9، 17، 43". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 7- القيم في الشعر الجاهلي "26، 46، 49". 8- ديانة الجاهليين "22، 51". 9- الأدب الجاهلي بين التأثر والتأثير "7، 27، 29". 10- الحياة والموت دراسة واحدة "41". 11- اللهجات دراسة واحدة "48". وهذه الدراسات لم تغطِّ العصر الجاهلي وأدبه وظواهره الفنية وغيرها، ولعل السنوات المقبلة تشهد تنويعًا وعمقًا في الدراسات، وسنناقش هذه الظواهر في موضعٍ آخر حينما نعرض للدراسات الأخرى عدا الرسائل الجامعية، وهي دراسات مكملة لهذه أحيانًا، ومكررة لبعضها أحيانًا أخرى، وجلّ الذين أسهموا فيها هم أساتذة الجامعات، ولذلك نرى أن تأجيل المناقشة ستكون أجدى حينما نضم هذه إلى تلك. ز- أما الفنون الشعرية: فكان نصيبها من الرسائل الجامعية قليلًا جدًّا، فلم يصل إلى علمي إلّا الأغراض التالية: الرثاء والرجز والهجاء، والوصف والمديح ومقدمة القصيدة، هذا إن جاز لنا أن نعتبر مقدمة القصيدة والرجز من فنون الشعر تجاوزًا. وفي ظني أن رسالة جامعية -مهما بلغت براعة صاحبها- فلن تستطيع أن تغطي الشعر الجاهلي كله في فنٍّ من الفنون, إلّا أن تسطِّحه تسطيحًا لا عمق فيه، علاوة على أن بعض الاتجاهات النقدية الآن ترفض هذا التقسيم للشعر إلى أغراض وفنون، حيث تضمّ القصيدة الواحدة شرائح مختلفة الأغرض، وأحيانًا متداخلة متشابكة، وسيتضح هذا حينما نعرض لمناهج دراسة الشعر الجاهلي فيما بعد. ج- أما النثر وألوانه: فقد كان الموقف منه الشك منذ البداية، أو الاختلاط أو الانتحال فيما وصل إلينا منه, وإن أبرز لونين منه هما الأمثال والخطابة، ولذلك حظيت الأمثال بثلاث دراسات, والخطابة بدراستين. أما الأمثال فقد اتهت واحدة من هذه الدراسات إلى مقارنة لها مع نظائرها في الآداب السامية، ولكن بكثير من المبالغة في تأثر الأمثال العربية بغيرها, مما قد يثبت عكسه إذا ما اتسعت دائرة البحث في الأمثال في المستقبل، ولا أريد الإطالة، فالأمثال تستحق من العناية أكثر مما هي عليها الآن, وقد تنبه القدماء إلى أهميتها فألفوا فيها عشرات الكتب، منها ما وصل إلينا، ومنها ما ضلَّ طريقه إلينا، وخصّت دراسة ثالثة بالتركيب اللغوي في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 الأمثال، وهي دراسة قيِّمة إذا كانت مادتها الأمثال القديمة جميعها؛ لأنني لم أطَّلع عليها, فما زالت مخطوطة، وإن دراسة التركيب اللغوي للأمثال يستحق أكثر من دراسة تتناول كل واحدة جانبًا من جوانبه لتبين سرَّ انتشاره وشيوعه في آداب الأمم وتأثيره. ط- وآخر هذه المجموعات الحيوان والنبات، وعدد هذه الرسائل خمس, موزعة بين الإبل والخيل والثور والوحش وصورة الحيوان بعامّة في الشعر، وأخيرًا دراسة لألفاظ النبات في الشعر الجاهلي. وهذا الاتجاه، وإن بدت منه لمحات بسيطة في هذه الدراسة أو تلك, إلّا أن جوانب كثيرة ما زالت تنتظر دورها، والحاجة قائمة وملحة لدراساتٍ تبين أثر هذا الحيوان أو ذلك في تشكيل الصورة الشعرية، أو بناء القصيدة، أو للكشف عن مصادر ثقافة الجاهلي وفكره ومعتقده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 الدراسات الأدبية "الكتب" أولا: في تاريخ الأدب ... الدراسات الأدبية "الكتب": بدأ الباحثون والدراسون العرب في التوجه نحو تاريخ هذه الفترة وأدبها منذ أواخر القرن التاسع عشر, وقد استطعت أن أقف على أكثر من ثلثمائة مؤلف اطلاعًا أو معرفة بمضامينها على الأقل، وهذا الرقم وإن كان لا يمثّل الرقم الدقيق تمامًا للدراسات, إلّا أنه يقترب من الحقيقة كثيرًا. إن نظرة فاحصة لهذه الدراسات تجعلنا نرى فيها -مبدئيًّا- الشرائح التالية من حيث الجهد المبذول فيها: أما الشريحة الأولى: فتمثّل المؤلفات التي كانت في أصلها مخطوطة للماجستير أو الدكتوراه، أي: أن صاحبها تقدَّم بها لنيل إحدى الدرجتين، وبعد أن حصل على الدكتوراه عمل في سلك التدريس بإحدى الجامعات نشر البحث، إما كما كان في الأصل، وهو الأغلب الأعم، وإما أن يكون قد أجرى عليه تعديلات طفيفة أو جوهرية في ضوء ما تكشَّف له من الحقائق, ولا أزعم أن الرسائل الجامعية قد نشرت, فما زال قسم كبير منها حبيس الخزائن في الجامعات ولدى أصحابها، ولم ينشر بعد. وأما الشريحة الثانية: فتخص أعضاء التدريس في الجامعات أيضًا، وهو نتاج ليس بالقليل كمًّا ونوعًا، فإذا استثنينا بعض الأعلام من الروّاد، وبعض الأعلام من الباحثين العلماء الذين لم يعملوا في سلك التدريس، إذا استثنينا هؤلاء وأولئك, كانت المحصلة أنّ معظم هذه الشريحة تعود إلى أساتذة الجامعات ممَّن كان حقل اختصاصهم الدقيق العصر الجاهلي. وأما الشريحة الثالثة: فهي ما استثنيناه من الشريحة الثانية, وهم فئة عشقت هذا العصر وتاريخه وأدبه، ونذرت عمرها له، ونشطت في التنقيب في زاوية من زواياه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 أولًا: في تاريخ الأدب 1- أحمد حسن الزيات: تاريخ الأدب العربي، القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، ط1: 1923م، ط6: 1963م. 2، 3 - بطرس البستاني: أدباء العرب"الجزء الأول" بيروت، مكتبة صادر، ط1: 1940م. الشعراء الفرسان، بيروت، دار المكشوف, ط1: 1944م. 4- بهي الدين زيّان: الشعر الجاهلي تطوره وخصائصه الفنية، دار المعارف، ط1: 1982م. 5- جورج كنعان: الآداب العربية وتاريخها، بيروت، 1931م. 6- جورجي زيدان: تاريخ آداب اللغة العربية "الجزء الأول"، القاهرة، ط1: 1911-1914م، وطبعة أخرى، دار الهلال 1975م. 7- حسين الحاج حسن: أدب العرب في عصر الجاهلية بيروت، 1984. 8- حسين المرصفي: الوسيلة الأدبية للعلوم العربية، جزءان، القاهرة، 1289-12932هـ، طبعة جديدة: الهيئة المصرية العامة، 1982. 9- شوقي ضيف: العصر الجاهلي، دار المعارف بمصر، ط1: 1960، ط2: 1965م. 10, 11- طه حسين: في الأدب الجاهلي، القاهرة، 1927م. في الشعر الجاهلي، القاهرة، 1926م. 12- السباعي بيومي: تاريخ الأدب العربي، 1948م، القاهرة. 13- حفني ناصف: تاريخ الأدب أو حياة اللغة العربية، القاهرة، 1910م. 14- عبد الحميد المسلوت: الأدب العربي بين الجاهلية والإسلام، منشورات الجامعة الليبية، 1970م. 16, 17- على الجندي، تاريخ الأدب الجاهلي "جزءان" بيروت, دار النهضة العربية، ط2: 1966م، ط3، 1969 مكتبة الأنجلو المصرية في الأدب الجاهلي، القاهرة، مكتبة الشباب، 1980م. 18- عمر فاخوري: تاريخ الأدب العربي، بيروت، دار العلم للملايين، ط2: 1969م. 19, 20- عمر فروخ المنهاج: في الأدب العربي وتاريخه، بيروت، 1959-1960م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 تاريخ الأدب العربي، دار العلم للملايين، ط1: 1965م. 21، 22- فؤاد أفرام البستاني وآخرون: الأدب العربي في آثار أعلامه "جزءان"، بيروت. الشعر الجاهلي: نشأته وفنونه وصفاته، بيروت، دار المشرق، 1969م. 32- لويس شيخو: النصرانية بين عرب الجاهلية "جزءان"، بيروت، المطبعة الكاثوليكية، ج1: 1919م، ج2: 1919م. 24- محمد أبو الأنوار: الشعر الجاهلي: مادته الفكرية وطبيعته الفنية، القاهرة، مكتبة الشباب 1976م. 25- محمد التونجي: دراسات في الأدب الجاهلي، حلب، 1980م. 26- محمد حسن درويش: تاريخ الأدب العربي، مكتبة الكليات الأزهرية، 1974م. 27- محمد حسن المرصفي: أدب اللغة العربية، القاهرة، المطبعة الحسنية المصرية. 28- محمد صبري: الشعر الجاهلي وأعلامه، القاهرة، 1944م. 29، 30، 31، 32- محمد عبد المنعم خفاجي: الأدب العربي بين الجاهلية والإسلام. لشعر الجاهلي، القاهرة، ط1: 1949م، ط2: دار الكتاب اللبناني 1973م. الشعراء الجاهليون، القاهرة، ط1: 1945م. قصة الأدب في الحجار في العصر الجاهلي "بالاشتراك". 33- محمد عثمان علي: أدب ما قبل الإسلام. 34- محمد مصطفى هدارة: الشعر العربي من الجاهلية حتى نهاية القرن الأول: الإسكندرية، دار المعارف، 1981م. 35- محمد أبو موسى: قراءة في الأدب القديم. 36- محمد هاشم عطية وإبراهيم مصطفى: الأدب العربي وتاريخه في العصرين الجاهلي والإسلامي, القاهرة، 1936م. 37- محمد يوسف دخيل: أدب العرب في العصر الجاهلي. 38- مصطفى حسين: رواية الشعر العربي، دار النهضة العربية، القاهرة. 39- مصطفى صادق الرافعي: تاريخ آداب العرب "الجزء الأول"، القاهرة 1911م، ط2: 1941م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 40- نجيب البهبيتي: تاريخ الشعر العربي حتى أواخر القرن الثالث، القاهرة، دار الفكر العربي، ط1: 1950، ط4: 1970م. 41- نوري حمودي القيسي وآخرون: تاريخ الأدب العربي قبل الإسلام، بغداد، 1979م. 42- يحيى الجبوري: الشعر الجاهلي، خصائه وفنونه، بغداد، دار التربية، 1972م. لقد حرصت على إيراد الكتب والمؤلفات التي يغلُب على مادتها أَنَّها تؤرِّخ لهذه الفترة وأدبها وتترجم لشعرائها أو بعضهم، ولم أغفل عن الأمور التالية: 1- إن هذه المؤلفات تقع بين الجدة والريادة من جهة، والتكرار والسطحية في بعض أجزائها من جهة أخرى. 2- إن بعض هذه المؤلفات كان له فضل الريادة, فقد ألف بعضها قبل قرن من الزمن أو يقل قليلًا، وليس عدلًا أن نقيسه بمقايسس اليوم بما توفره المطابع ودور النشر من دواوين ودراسات وتحقيقات واكتشافات أثرية. 3- إن قليلًا من هذه الدراسات كان له فضل التحريك والتنشيط وإثارة قضايا تستحق البحث, ما زال بعضها يتفاعل حتى يومنا هذا. 4- بعض هذه المؤلفات جَمَعَ بين الكلاسيكية في التأليف ورصد الظواهر وتحليلها وملاحقتها من بداية العصر حتى ما بعد ظهور الإسلام بفترة من الزمن, مبينًا التطور الذي أصاب الشعر الجاهلي. 5- وبعض هذه المؤلفات كان هدفه تعليميًّا صرفًا لم يتجاز هذا الهدف أو قد حقق الغاية التي من أجلها ألِّف كتابه، ولذا نراه الآن قد فقد الاهتمام به؛ لأنه ألف في فترة كانت بحاجة إلى مادته ثم انقضت تلك الفترة. 6- بالرغم من هذا كله تبقى المؤلفات التالية لها أثرها في إعطاء مادة أساسية تعليمية في الجامعات والمعاهد، وتستثير الباحثين في قضايا أثارها أصحابها، ولا يخلو بحث أو رسالة من الإشارة إلى بعضها أو كلها, وهي: أدباء العرب لبطرس البستاني، تاريخ آداب اللغة العربي لزيدان، الأدب الجاهلي لطه حسين، العصر الجاهلي لشوقي ضيف، حياة اللغة العربية لناصف، تاريخ الأدب الجاهلي للجندي، تاريخ الأدب العربي لعمر فروخ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 شعراء النصرانية لشيخو، تاريخ آداب العرب للرافعي، تاريخ الشعر العربي للبهبيتي، الشعر الجاهلي للجبوري، الشعر الجاهلي لأبي الأنوار. وهذه المؤلفات تتفاوت في المنهجية، وإثارة القضايا, والتعمُّق في البحث، لكل كتابٍ منهج التزم به صاحبه، وآراء تبناها، ويستطيع الباحث أن يفيد منها ويناقش ما لا يقتنع به, أو يراها متناقضة مع معطيات فكرية وفنية واضحة، وإذا جاز لي أن أختزل هذه القائمة, فإنني أضع الكتب التالية في مقدّمة المؤلفات التي كان لها أثر وما زال: الأدب الجاهلي لطه حسين، والرافعي، وزيدان، وشوقي ضيف، وفروخ، والبيهبيتي، والجبوري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 ثانيًا: دراسة الشعراء 1- ابتسام مرهون الصفار: مالك ومتمم ابنا نويرة اليربوعي، بغداد، مطبعة الإرشاد، 1968م. 2- إبراهيم الإبياري وآخرون: دراسة الشعراء، القاهرة، مطبعة الاستقامة، 1944م. 3- إحسان عباس: مقدّمة ديوان لبيد بن ربيعة، الكويت، وزارة الإرشاد، 1962م. 4, 5- إحسان النص: حسان بن ثابت، دمشق، دار الفكر، 1965م. زهير بن أبي سلمى، دمشق، دار الفكر، 1973م. 6، 7- أحمد الربيعي: قس بن ساعدة، حياته خطبه وشعره، النجف الأشرف، مطبعة النعمان، 1974م. ملكة وشاعران: المتجردة والمتنخل والنابغة، بغداد، 1978م. 8- أحمد محمد برانق: عنترة بن شداد، القاهرة، 1949. 9- أديب فرحات: عنترة بن شداد، بيروت. 10- اسكندر أباكاريوس: روضة الأدب في طبقات شعراء العرب، بيروت، 1858م. 11- إسماعيل القاضي: الخنساء مرآة عصرها، بغداد، مطبعة المعارف، 1965م. 12- الفريد خوري: زهير بن أبي سلمى، بيروت، دار الكتاب اللبناني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 13- إيليا حاوي: النابغة الذبياني: سياسته وفنه ونفسيته، بيروت، دار الثقافة، 1970م. 14- بشير يموت: شاعرات العرب في الجاهلية وصدر الإسلام، بيروت، 1934م. 15- بهجة الحديثي: أمية بن أبي الصلت: حياته وشعره، بغداد، وزارة الإعلام، 1975م. 16, 17- جميل سلطان: النابغة الذبياني، بيروت، دار الأنوار، 1971م. زهير شاعر أهل الجاهلية، بيروت، دار الأنوار، 1973م. 18, 19- حسن السندوبي: أخبار النوابغ وأشعارهم, ط1: 1939، القاهرة، ط2: 1954م. أخبار المراقسة, ط1: 1939، القاهرة, ط2: 1954. 20- حسن القرشي: فارس بني عبس، القاهرة، دار المعارف، ط2: 1969م. 21- حنَّا نمر: النابغة الذبياني، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1984. 22- ضرار صالح ضرار: هل كان عنترة سودانيًّا؟ جامعة الخرطوم، 1976م. 23- الطاهر أحمد مكي: امرؤ القيس، القاهرة، دار المعارف، 1986م. 24- طه حسين: حديث الأربعاء "الجزء الأول"، القاهرة، دار المعارف. 25- عائشة عبد الرحمن: الخنساء "من سلسلة نوابغ الفكر العربي"، القاهرة، دار المعارف 1970م. 26- عباس بيومي عجلان: عنصر الإبداع الفني في شعر الأعشى، الإسكندرية، دار المعارف، 1981م. 27- عبد البديع صقر: شاعرات العرب، دمشق، المكتب الإسلامي، 1967م. 28- عبد الحميد سند الجندي: زهير بن أبي سلمى شاعر السلم في الجاهلية، القاهرة, وزارة الثقافة، د. ت. 29- عبد العزيز الحلفي: أدباء الشجون "منهم طرفة وعنترة"، بيروت، دار الكتاب العربي، 1981م. 30- عبد الله عبد الرحيم عسيلان: العباس بن مرداس، الرياض، دار المريخ، 1987م. 31- عبد المتعال الصعيدي: زعامة الشعر الجاهلي بين امرئ القيس وعدس بن زيد، القاهرة, 1934م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 32- عمر الدسوقي: النابغة الذبياني، القاهرة، دار الفكر العربي، 1949م. 33- عمر فروج: خمسة شعراء جاهليين، بيروت، ط2: مكتبة ميمنة، 1951م. 34- عمر كحالة: أعلام النساء "خمسة أجزاء"، دمشق، المطبعة الهاشمية، 1959. 35- فؤاد أفرام البستاني وآخرون: سلسلة الروائع "تراجم الشعراء الجاهليين ومنتخبات شعرية لهم" بيروت. 36- لويس شيخو: شعراء النصرانية قبل الإسلام، بيروت، مطبعة الآباء اليسوعيين, ط1: 1927م. 37- محمد أدهم: توضيح البيان عن شعر نابغة بني ذبيان، القاهرة، مطبعة السعادة، 1951م. 38- محمد التونجي: الأعشى شاعر المجون والخمرة، بيروت، الشركة المتحدة، 1979م. 39- محمد جابر عبد العال: الخنساء عاشقة المجد "سلسلة أعلام العرب رقم 25"، القاهرة. 40- محمد حسن باجودة: أحيحة بن الجلاح الأوسي، الخياض، 1979م. 41- محمد حسن المرصفي: دراسة الشعراء، القاهرة، 1944م. 42- محمد زكي العشماوي: النابغة الذبياني، القاهرة، دار المعارف، 1960م، ط2: دار النهضة العربية, بيروت 180 مع دراسة للقصيدة العربية الجاهلية. 43- محمد صالح سمك: أمير الشعر في العصر القديم، القاهرة، 1932م. 44- محمد صبري: امرؤ القيس "سلسلة الشوامخ" القاهرة، دار الكتب المصرية، 1944م. 45- محمد عبد المنعم خفاجي: أبو بصير ميمون بين قيس، القاهرة، 1949م. 46- محمد عبد المنعم خفاجي: أعلام الشعر الجاهلي "بالاشتراك"، القاهرة، 1949م. 47- محمد عبد المنعم خفاجي: أعلام الشعر العربي "بالاشتراك". 48- محمد علي الهاشمي: عدي بن زيد الشاعر المبتكر، حلب، 1964م. 49، 50- محمد فريد أبو حديد: أبو الفوارس عنترة، القاهرة، 1947م. الملك الضليل، القاهرة، 1944م. 51- مصطفى الجوزو: صناجة العرب "الأعشى"، بيروت، دار الطليعة، 1977م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 52- مناحي بن ضاوي الجشمي: دريد بن الصمة، مكة المكرمة، 1399هـ. 53- نذير العظمة: عدي بن زيد، بيروت، المكتبة العصرية. 54- نصرت عبد الرحمن: الواقع والأسطورة في شعر أبي ذؤيب، عمان، دار الفكر، 1985. 55- نورا الشملان: أبو ذؤيب الهذلي، حياته وشعره، جامعة الرياض، 1980م. 56- يحيى الجبوري: لبيد بن ربيعة، بغدد، مطبعة المعرف، 1962م. وبالتدقيق في هذه المجموعات من الدراسات يتبين لنا ما يلي: 1- أنها موزَّعة بين ترجمة الشاعر بعينه، وهو اللون الغالب, وكتب تترجم لأكثر من شاعر، واللون الثاني تمثله الدراسات ذوات الأرقام 2، 10، 23، 32، 28، 34، 35، 40، 45، 46، ومؤلفات اختصت بالنساء الشواعر من العصر الجاهلي والعصور التالية "الأرقام 14، 26، 33"، ومؤلفات ترجمت لمن تتشابه أسماؤهم نحو: النوابغ وأخبارهم وأشعارهم للحسن السندوبي وأخبار المراقسة وأشعارهم للمؤلف نفسه. 2- أما الدراسات التي تناولت شاعرًا بعينه وحياته وشعره, فتستطيع أن تميز الشعراء التالية أسماؤهم: مالك بن نويرة، ومتمم بن نويرة، وحسان بن ثابت، وقس بن ساعدة, والمتنخل اليشكري، وأمية بن أبي الصلت، وطرفة بن العبد, والعباس بن مرداس، وأحيحة بن الحلاج الأسي، ودريد بن الصمة، وأبو ذؤيب الهذلي، وهؤلاء كان نصيب كلٍّ منهم دراسة. أما الباقون فهم: لبيد بن ربيعة "دراستان"، زهير "أربع دراسات"، والنابغة الذبياني "ست دراسات"، وعنترة "ست دراسات"، والخنساء "ثلاث دراسات"، وامرؤ القيس "خمس دراسات"، والأعشى الكبير "أربع دراسات"، وعدي بن زيد "ثلاث دراسات". 3- بلغت عدة الشعراء الذين درسوا بصورة مستقلة ثمانية عشر شاعرًا, ولعل ذلك يكشف نقصًا في دراسة مفصلة لكثير من الشعراء البارزين, علاوة على المغمورين، بل إن بعض أصحاب المعلقات لم يلتفت إليه كالحارث بن حلزة، وعبيد بن الأبرص، وعمرو بن كلثوم، ومن غيرهم يطالعنا قيس بن الخطيم وعلقمة الفحل والمتلمس والمرقشان وغيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 4- إن هذه الدراسات تتأرجح بين المنهجية والعمق والسطحية المفرطة التي لا طائل تحتها، وبعضها لم يستوف جوانب فنية أو فكرة في شعر الشاعر, بالرغم من أنه كانت الدراسة الوحيدة للشاعر. 5- إن الذي غطَّى قسمًا من هذا النقص هو المؤلفات ذات الطابع العام التي ترجمت ودرست أكثر من شاعر, ويشاركها في ذلك كتب تاريخ الأدب، ولكن شعراء كثيرين ما زالوا مجهولين للدارس والباحث, وأخبارهم مبثوثة هنا وهناك. 6- إن نفرًا قليلًا منهم كان رسائل جامعية في الأصل كما أسلفنا, ثم عدلت الجامعات عن هذا النمط من هذه الرسائل، ولعل هذه الفئة هي الأكثر عمقًا وشمولًَا من غيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 ثالثًا: مجتمعات جاهلية 1- إبراهيم بدران وسلوى خماش: دراسات في العقلية العربية "الخرافة" بيروت، دار الحقيقة، ط2: 1979. 2- أحمد إبراهيم الشريف: مكة والمدينة بين الجاهلية والإسلام، القاهرة، 1965م. 3- أحمد أمين: فجر الإسلام، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، ط1: 1949، ط9: 1964. 4- أحمد أمين الشنقيطي: طهارة العرب. 5- إسرائيل ولفنسون: تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهلية والإسلام، القاهرة, مطبعة الاعتماد، 1927م. 6، 7- اسكندر أباكاريوس: تزيين نهاية الإرب في أخبار العرب، بيروت، 1867م. نهاية الإرب في أخبار العرب، مرسيليا، 1852م. 8- ثابت إسماعيل الراوي: محاضرات في تاريخ العرب قبل الإسلام وحياة الرسول، بغداد، 1969م. 9- الأب جرجس داود: أديان العرب قبل الإسلام, بيروت، 1984م. 10- جامعة الرياض "الملك سعود": دراسات تاريخ الجزيرة العربية، مجلدان، الرياض، 1979م. 11- جان بيرلي: جزيرة العرب، بيروت، ط1: 1960م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 12، 13- جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام"، عشر أجزاء, بيروت، دار العلم للملايين، 1973م. تاريخ العرب قبل الإسلام: بغداد، المجمع العلمي العراقي، 1958م. 14، 15- جورجي زيدان: أنساب العرب القدماء، القاهرة، دار الهلال، 1906م. العرب قبل الإسلام، القاهرة، دار الهلال، 1908م. 16- حافظ وهبة: جزيرة العرب، مصر، 1354هـ. 17- حسين الحاج حسن: حضارة العرب في العصر الجاهلي, بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1984. 18- سعد زغلول عبد الحميد: تاريخ العرب قبل الإسلام, بيروت، دار النهضة العربية، 1975م. 19- سعيد الأفغاني: أسواق العرب، دمشق، 1960م. 20- صالح أحمد العلي: محاضرات في تاريخ العرب "الجزء الأول"، بغداد, مطبعة الإرشاد، ط3 1964م. 21- طه باقر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، بغداد، دار البيان، 1973م. 22- عادل جاسم البياتي: كتاب أيام العرب لأبي عبيدة "الجزء الأول"، بغداد، 1976م. 23- عبد الجبار المطلبي "مترجم": ملوك كندة لأولندر، بغداد، وزارة الإعلام، 1973م. 24- عبد الجبار منسي العبيدي: الطائف ودور قبيلة ثقيف، الرياض، دار الرفاعي، 1982م. 25- عبد الحميد العلوجي: المواسم الأدبية عند العرب، بغداد، 1965م. 26- عبد الرحمن الأنصاري: قرية الفاو، جامعة الرياض، 1982م. 27- عبد السلام الترمايني: الزواج عند العرب في الجاهلية والإسلام, الكويت، المجلس الوطني، 1984م. 28- عبد الله يوسف الغنيم: أقاليم الجزيرة العربية بين الكتابات القديمة والدراسات المعاصرة، الكويت، 1981م. 29- عبد الوهاب عزام: مهد العرب "سلسلة اقرأ رقم 40"، القاهرة، دار المعارف. 30- عدنان البلداوي: اللقاءات الأدبية في الجاهلية والإسلام: طبيعتها وأثرها في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 نقد النص الشعري، بغداد، 1976م. 31- عرفان حمور: أسواق العرب، بيروت، دار الشورى, 1979م. 32- عرفان شهيد: الروم والعرب، واشنطن، هارفارد، دمبانومد أداتس، 1984م. 33- علي حافظ: سوق عكاظ، بيروت، دار الرفاعي، 1985م. 34- علي مظهر: العصبية, القاهرة، 1923م. 53- عمر فروخ: تاريخ الجاهلية، بيروت، دار العلم للملايين، 1964م. 36، 37- عمر كحالة: جغرافية جزيرة العرب، مكة المكرمة، مكتبة النهضة الحديثة، ط2: 1964م. معجم قبائل العرب "ثلاثة أجزاء"، بيروت، دار العلم للملايين، 1986م. 38- غرنباوم: حضارة الإسلام، القاهرة، 1956م. 39- فؤاد حمزة: قلب جزيرة العرب، القاهرة، المطبعة السلفية، 1923م. 40- محمد رشيد العقيلي: اليهود في شبه الجزيرة العربية، عمان، الأردن، 1980م. 41- محمد بن بليهد النجدي: صحيح الأخبار عمَّا في بلاد العرب من الآثار "خمسة أجزاء"، القاهرة، مطبعة السنة المحمدية، 1951م. 42- محمد عبد الجواد الأصعمي: العرب وأطوارهم، القاهرة، 1331هـ. 34- محمد عبد القادر محمد: الساميون في الصعور القديمة، بيروت، 1968م. 44- محمد عزت دروزة: عصر النبي وبعثته وما قبل البعثة، دمشق، دار اليقظة، 1964م. 45- محمد نافع مبروك: عصر ما قبل الإسلام، القاهرة، مطبعة السعادة، ط2: 1952م. 46- محمود جلال العلامات: السبيئون وسد مأرب، الرياض، مكتبة تهامة، 1985م. 47- سعد زغلول عبد الحميد: تاريخ العرب قبل الإسلام، بيروت، دار النهضة، 1975م. 48- محمود عبد الله العبيدي: بنو شيبان ودورهم في التاريخ العربي حتى مطلع الراشد، بغداد، وزارة الإعلام، 1985م. 49، 50، 51، 52- محمود شكري الأولسي: بلوغ الإرب في معرفة أحوال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 العرب، بغداد، ط1: 1314هـ، مصر، ط2: 1924م. الضرائر، القاهرة، المطبعة السلفية، 1341هـ. عادات العرب في جاهليتهم، بيروت، 1924م. فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية "تحقيق" للإمام محمد عبد الوهاب، القاهرة، ط1: 1347هـ، ط2: 1376هـ. 53- ناجي معروف: أصالة الحضارة العربية، بغداد، د. ت. 54- نادي الطائف الأدبي: سوق عكاظ في التاريخ الأدبي، الطائف، نادي الطائف، 1975م. 55- نادية حسني صقر: الطائف في العصر الجاهلي وصدر الإسلام، جدة، دار الشروق، 1981م. 56- ناصر سعد الرشيد: سوق عكاظ في الجاهلية والإسلام وتاريخه ونشاطاته وموقعه، القاهرة، دار الأنصار، 1977م. 57- نولدكه: أمراء غسان، ترجمة: بندلي الجوزي، بيروت، المطبعة الكاثوليكية، 1933م. 58- واضح الصمد: الصناعات والحرف عند العرب في العصر الجاهلي، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1984م. 59- يحيى الجبوري: الجاهلية، مقدمة في الحياة العربية، بغداد، مطبعة المعارف، 1978م. وهذا الاتجاه من الدراسات كان ضروريًّا للدارسين والباحثين الآخرين؛ لأنه يسلط الأضواء على تاريخ الجزيرة وجغرافيتها واقتصادياتها وأديانها ومجتمعاتها, وعلاقاتها مع الدول المجاورة, وأسواقها الأدبية, وأيامها ومناقبها ومثالبها, وخرافاتها وأساطيرها, والأقليات العرقية أو الدينية التي استوطنت الجزيرة. وإن الناظر الممعن في الجزيرة العربية قبل الإسلام تتمثَّل أمام ناظريه على النحو التالي: قبائل في الحجاز ونجد والبحرين بصورة مكثفة، ودول مستقرة في الجنوب "اليمن" أبرزها مملكة كندة، ودولتا المناذرة والغساسنة في الشمال الشرقي والشمال الغربي تضطرعان فيما بينهما، واليهود في المدينة وحولها، وثقفيف في الطائف شبه مستقرة، وقريش وبيت الله الحرام في مكة، وهذه الكتل تتواصل سلمًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وحربًا، وتتجر فيما بينها، وتتحالف، وينصر بعضها بعضًا ضد الآخر. وليت الأمر وقف عند هذا الحد, فقد كان لجيرانهم خارج الجزيرة أعداء يتربَّصون بهم, ويتحرشون بهم، ويوقعون بينهم، ويرسلون لطائمهم وقوافلهم التجارية، ويدفعون لتلك القبائل التي تحمي تلك اللطائم والقوافل أموالًا. وكان الشمال أقل نضجًا ووعيًا من الناحية السياسية من الجنوب، لذلك حكم ملوك كندة قبائل من الشمال، وعندما نضجت ووعت قتلت بعض أولئك الملوك. وبالرغم من هذا العدد من الدراسات التي أوردتها إلّا أن أمورًا كثيرة ما زالت غامضة أو باهتة، تحتاج إلى مزيد من البحث لتوضيحها، ومنها علاقات مملكة الحيرة بالجزيرة العربية, وطبيعة دورها وأثرها في الحركة الشعرية في العصر الجاهلي، فنحن لا نملك إلّا نتفًا من الأخبار هنا وهناك، وهذه الأخبار إمَّا أن تكون الحقيقة ممتزجة بالخيال والمبالغة، وإما أن ينقض بعضها الآخر. وإذا كانت الحيرة لم تحتل أجزاء من الجزيرة, فكيف نفسر رهبة القبائل من سطوة ملوكها وتزلفهم لها, ومدحهم لملوكها على لسان الشعراء، فهذا التغلغل والنفوذ لا بُدَّ له من توضيح وتبرير. وما قلناه عن الحيرة ينطبق على الفرس، والغساسنة والروم, ولعل الدراسات غير العربية تجلو هذا بما لديها من مصادر غير عربية. ومن تلك الأمور الغامضة طبيعة العلاقة بين مملكة كندة وقبائل العرب الشمالية وحروبها معها وقتلها بعض ملوكها. ومنها أيضًا علاقة الحبشة بالجزيرة العربية, والتحالف مع اليمن أحيانًا، وهل لذلك علاقة بالدين, أم أن هناك احتمالات أخرى؟ ومنها أيضًا الحياة الدينية بصورة خاصة, ومعتقدات الجاهليين الأخرى بعامة، فقد كتبت في ذلك بعض الدراسات، ولكن الصورة ما زالت مشوشة، ولعل ذلك عائدة إلى تحرّج الرواة المسلمين مما يتعارض مع ما يؤمنون به. ومنها ما يصيب الدراس منها حينما يشرع في قراءة قصيدة أو ديوان شعر، فيراه مزدحمًا بأماكن وأعلام لا تعني شيئًا لديه، وقد كانت مثيرة تنبض حياة لدى الشاعر، ونفتش فلا نجد ما يسعفنا إلّا معجم استعجم، ولكن الأماكن قد درس بعضها وتغيّر اسم بعضها الآخر, وثَمَّة محاولة كانت ناجحة لو أنها عممت، وهي محاولة ابن بليهد النجدي "صحيح الأخبار", فقد حاول أن يحدد أماكن وردت في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 بعض الشعر الجاهلي على الخريطة الحديثة, أما المناطق فيصادف الباحث بلبلة في تحديدها، فالبحرين هي كذا في مصدر ما، وهي بقعة أكبر أو أصغر في مصدر آخر, وهكذا. إن هذه البلبلة تجعل الباحث في حيرة من أمره ليقرر حقيقة، أو ليصل إلى نتيجة يبنيها على هذه الرواية أو تلك. ومن أكثر الدراسات شمولًا ونفعًا للدارس من المجموعة السابقة: المفصَّل لجواد علي، وبلوغ الإرب للألوسي، ومحاضرات في تاريخ العرب قبل الإسلام لصالح العلي، تاريخ الجاهلية لعمر فروخ، وأيام العرب لأبي عبيدة لعادل البياتي، وصحيح الأخبار لابن بلهيد النجدي, وتاريخ العرب قبل الإسلام زغلول عبد الحميد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 رابعًا: فنون شعرية 1- إحسان عباس: الكفاية في البيزرة، بيروت، 1983م، "تحقيق". 2- أحمد سعيد أبو زبيد: الطير في الأدب العربي, الرياض، دار الرفاعي، 1985م. 3- أحمد محمد الحوفي: الغزل في العصر الجاهلي, القاهرة، مطبعة لجنة البيان العربي، 1953م. 4- بشرى محمد علي الخطيب: الرثاء في الشعر الجاهلي وصدر الإسلام، بغداد، وزارة الثقافة والفنون، 1977م. 5- توفيق البكري: أراجيز العرب, القاهرة نشأته, 1290هـ. 6- جمال نجم العبيدي: الرجز, نشأته وأشهر شعرائه، مطبعة الأديب، 1971م. 7، 8- جميل سعيد: تطور الخمريات في الشعر العربي من الجاهلية إلى أبي نواس، القاهرة، مطبعة الاعتماد 1945م. شعر الحرب الوصفي عند العرب، الكويت، 1957م. 9- جورج غريب: الشعر الملحمي، تاريخه وأعلامه، بيروت، دار الثقافة، د. ت. 10- حسان أبو رحاب: الغزال عند العرب، مصر، 1947م. 11- سامي الدهان: الوصف في الأدب العربي، القاهرة، 1955م. 12- شاكر الجودي: إلمامة بالرجز في الجاهلية وصدر الإسلام، بغداد، المجمع العلمي العراقي، 1966م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 13- شكري فيصل: تطور الغزل في الجاهلية وصدر الإسلام، جامعة دمشق, 1959م. 14- عادل جاسم البياتي: الشعر في حرب داحس والغبراء، النجف الأشرف، مطبعة الآداب، 1972م. 15- عباس مصطفى الصالحي: الصيد والطرد في الشعر العربي حتى نهاية القرن الثاني، بغداد، 1974م. 16- عبد الرحمن باشا رأفت: الصيد عند العرب, أدواته وطرقه وحيوانه, بيروت, مؤسسة الرسالة, 1974م. 17- عبد العظيم قناوي: الوصف في الشعر الجاهلي، القاهرة، ط1: 1949م. 18- عبد القادر حسين أمين: شعر الطرد عند العرب، العراق، النجف الأشرف، 1972م. 19- عبد الكريم العلاف: الطرد عند العرب، بغداد، مطبعة أسعد، ط2: 1963م. 20- عزّة حسن: شعر الوقوف على الأطلال، دمشق، مطبعة الترقي، 1967م. 21- عفيف عبد الرحمن: الشعر وأيام العرب في العصر الجاهلي، دار الأندلس، بيروت، 1983م. 22- علي الجندي: شعر الحرب في العصر الجاهلي، القاهرة، مطبعة الرسالة، ط1: 1958م، ط2: 1966بيروت. 23- علي النجدي ناصف: القصة في الشرع العربي إلى أوائل القرن الثاني، القاهرة، دار نهضة مصر، 1978م. 24- عناد غزوان إسماعيل: المرثاة الغزلية في الشعر العربي، بغداد، مطبعة الزهراء، 1974م. 25- لويس شيخو: رياض الأدب في مراثي العرب "جزءان"، بيروت، 1897م. 26- محمد أحمد جاد المولى ورفاقه: أيام العرب في الجاهلية، القاهرة, دار إحياء الكتب العربية، ط3: 1961م. 27- محمد أسعد طلس: كتاب البيزرة، دمشق، 1956م. 28- محمد العيد الخطراوي: شعر الحرب في الجاهلية عند الأوس والخروج، دمشق، دار القلم، 1979م. 29- محمد كرد علي: البيزرة، دمشق، 1952م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 30- محمد بن لطفي الصباغ: فن الوصف في مدرسة عبيد الشعر، بيروت، المكتب الإسلامي، 1983م. 31، 32- محمد محمد حسين: أساليب الصناعة في شعر الخمر والناقة بين الأعشى والجاهليين، الإسكندرية، منشأة المعارف، 1960م. الهجاء والهجاؤون في العصر الجاهلي، القاهرة، 1948م. 33- محمود قراعة: أدب الحرب في العصر الجاهلي، القاهرة، مطبعة وادي الملوك. 34- مصطفى عبد الشافي الشورى: شعر الرثاء في العصر الجاهلي، بيروت، الدار الجامعية, 1983م. 35- منذر خلف الجبوري: أيام العرب وأثرها في الشعر الجاهلي، بغداد، وزارة الإعلام، 1974م. 36, 37- نوري حمودي القيسي: شعر الحرب عند العرب "الموسوعة الصغيرة رقم 87"، بغداد، وزارة الإعلام، 1981م. الفروسية في الشعر الجاهلي، بغداد، مكتبة النهضة، 1968م. 38, 39- وهب رومية: الرحلة في القصيدة الجاهلية، بيروت, اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، 1975م. قصيدة المدح حتى نهاية العصر الأموي بين الأصول والأحياء والجديد، دمشق، وزارة الثقافة، 1981م. 1- إن الأغراض الشعرية التي شملتها هذه المجموعة هي: الغزل "الأرقام 2، 9، 12"، والطرد والصيد والبيزرة "1، 14، 15، 17، 18، 28"، والرثاء "3، 23، 24، 31", والرجز "3، 5، 11"، والخمر "6، 29", والحرب "7، 8، 13، 20، 25، 27، 31، 32، 33، 34"، والوصف "10، 16"، والأطلال "19"، والقصة الشعرية "22", والهجاء، "30", والرحلة "35", والمدح "36". 2- بعض هذه الدراسات كان في الأصل رسالة جامعية، قد أشرنا في الرسائل إلى ذلك. 3- إن قاعدة الدراسات التي اتصلت بالأغراض اتسعت عن حجمها في الرسائل الجامعية؛ إذ كانت محدودة. 4- يبدو من تعدد الدراسات وتنوعها حول غرض ما قد نبع من أهمية الغرض كالحرب والصيد والبيزرة والرثاء والرجز. ولكن فنونًا أخرى لم تلفت أو تثر اهتمام الباحثين. 5- إن بعض هذه الدراسات قد امتدَّ ليغطي عصرًا أو أكثر بعد الجاهلي في دراسة مقارنة ترصد تطور الفن "الأرقام 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 14،15، 17، 18، 22، 23، 26، 36". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 خامسًا: دراسة ظاهرة 1- إبراهيم عبد الرحمن: قضايا الشعر في النقد العربي، القاهرة، مكتبة الشباب، 1977م. 2- أحمد أبو حاقة: الالتزام في الشعر لعربي، بيروت، دار العلم للملايين، 1979م. 3- أحمد الربيعي: الرمزية في مقدمة القصيدة من العصر الجاهلي حتى العصر الحاضر، النجف الأشرف، مطبعة النعمان، 1973م. 4- أحمد كمال زكي: دراسات في النقد الأدبي، بيروت، دار الأندلس، ط2: 1980م. 5- أحمد جمال الدين العمري: الشعراء الحنفاء، دار المعارف بمصر، ط1: 1981م. 6- أحمد الشايب: تاريخ الشعر السياسي، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، ط4: 1966، ط5: 1976م. 7- أحمد محمد الحوفي: المرأة في الشعر الجاهلي، القاهرة، دار الفكر العربي، ط2: 1963م. 8- جعفر الخليلي: ما أخذ الشعر العربي من الفارسية والشعر الفارسي من العربية، بيروت, الجامعة اللبنانية، 1960م. 9- حسين محمد الخضر: الخيال في الشعر العربي، دمشق، 1922م. 10- جواد علي: أصنام العرب، بغداد، 1967م. 11- حياة جاسم: وحدة القصيدة في الشعر العربي حتى نهاية العصر العباسي، بغداد، وزارة الثقافة, 1972م. 12- شكيب أرسلان: الشعر الجاهلي أمنحول أم صحيح النسبة؟ تحقيق: محمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 العبدة، دمشق، دار الثقافة للجميع، ط: 1980م. 13، 14- شوقي ضيف: البطولة في الشعر العربي "سلسلة اقرأ رقم 331"، القاهرة، دار المعارف، 1963م. الفن ومذاهبه في الشعر العربي، القاهرة، دار المعارف، ط1: 1943م. 15- صلاح الدين المنجد: جمال المرأة عند العرب، بيروت، مطبعة دار الكتب، 1957، ط2: 1969م. 16- عادل البياتي: الشعر والمجتمع, وزارة الإعلام، 1974م. 17- عبد الإله الصائغ: الزمن عند الشعراء العرب قبل الإسلام، بغداد، وزارة الثقافة والإعلام، 1982م. 18- عبد الحكيم إبراهيم: موقف النقد الأدبي من حماد الرواية، مصر، مطبعة السعادة، 1980م. 19- عبد الحليم حفني: شعر الصعاليك، منهجه وخصائصه، الهيئة المصرية العامة، 1980م. الشعراء المخضرمون، الهيئة المصرية العامة، 1983م. 20- عبد الحميد المسلوت: نظرية الانتحال في الشعر الجاهلي، القاهرة، مطبعة دار القلم، 1967م. 21- عبد الحميد يونس: الأسطورة والفن الشعبي، القاهرة، المركز الثقافي الجامعي. 22- عبد الرزاق حميده: شياطين الشعراء، القاهرة، 1956م. 23- عبد الرزاق الخشروم: الغربة في الشعر العربي: دمشق، 1982م. 24- عبد الله الطيب: المرشد لفهم أشعار العرب "3 أجزاء"، بيروت، دار الفكر 1699م. 25- عبد الله عفيفي: المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها، القاهرة، دار المعارف، ط2: 1933م. 26- عثمان موافي: التيارات الأجنبية في الشعر العربي، الإسكندرية، مؤسسة الثقافة الجامعية، 1973م. 27- عدنان البلداوي: المطلع التقليدي في القصيدة العربية، بغداد، وزارة الإعلام، 1972م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 28- عز الدين إسماعيل: المكونات الأولى للثقافة العربية، بغداد، وزارة الإعلام، 1972م. 29- عفت الشرقاي: قضايا الأدب الجاهلي، بيروت، دار النهضة العربية، 1978م. 30- علي أحمد سعيد: الثابت والمتحوّل "الجزء الأول"، بيرت، دار العودة، 1974م. 31- علي شلق: نقاط التطور في الأدب العربي، بيروت، دار القلم، 1975م. 32- علي العتوم: قضايا الأدب الجاهلي، عمان، 1984م. 33- عمر الدسوقي: الفتوة عند العرب، القاهرة، مكتبة نهضة مصر، 1951م. 34- فاطمة محجوب: قضية الزمن في الشعر العربي، دار المعارف بمصر، 1980م. 35- كمال اليازجي: في الشعر العربي القديم "3 أجزاء" بيروت، دار الكتاب اللبناني، ط1: 1973م. 36- محمد بن إبراهيم الحقيل: الوحشيات والأوابد عند الشعراء في الجاهلية، القاهرة، مطابع سجل العرب، 1980م. 37- محمد أحمد الغمراوي: النقد التحليلي، القاهرة، ط1: 1927م، ط2: بيروت، 1980م. 38- محمد أبو الأنوار: من قضايا الأدب الجاهلي، القاهرة، مكتبة الشباب، 1976م. 39- محمد الخضر حسين: نقض كتاب الشعر الجاهلي، القاهرة، مطبعة السلفية، 1927م. 40- محمد رجب بيومي: موقف النقد الأدبي من الشعر الجاهلي، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، د. ت. 41- محمد زكي العشماوي: قضايا النقد الأدبي بين القديم والجديد، بيروت, دار النهضة العربية، 1979م. 42- محمد عبد المعيد خان: الأساطير العربية قبل الإسلام، القاهرة، مطبعة لجنة التأليف، 1937م. 43, 44- محمد عبد المنعم خفاجي: الحياة الأدبية في العصر الجاهلي، القاهرة، المكتبة التجارية، ط1: 1949م، ط2: 1958م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 موقف النقاد من الشعر الجاهلي: 45- محمد على دقة: السفارة السياسية في العصر الجاهلي، وزارة الثقافة بدمشق، 1984م. 46- محمد علي زين الدين الهاشمي: المرأة في الشعر الجاهلي، بغداد، 1960م. 47- محمد عوني عبد الرءوف، بدايات الشعر العربي بين الكم والكيف، القاهرة, مكتبة الخانجي، ط1: 1976م. 48- محمد الكفراوي: الشعر العربي بين التطور والجمود، القاهرة، مكتبة نهضة مصر، ط2: 1958م. 49- محمد لطفي جمعة، الشهاب الراصد، القاهرة، مطبعة المقتطف والمقطم، 1926م. 50- محمد محمد الكومي: الصراع بين الإنسان والطبيعة في الشعر الجاهلي، مصر، 1979م. 51- محمد مهدي البصري: بعث الشعر الجاهلي، بغداد، 1939م. 52- محمد نعمان الجارم: أديان العرب في الجاهلية, القاهرة, مطبعة السعادة, 1923م. 53- محمود سليم الحوت: في طريق الميثولوجيا عند العرب، بيروت، دار النهار، 1995م. 54- مصطفى الجوزو: من الأساطير العربية والخرافات، بيروت، دار الطليعة، 1977. 55- مصطفى الجوزو: نظريات الشعر عند العرب، بيروت، دار الطليعة، 1981م. 56- مصطفى صادق الرافعي: تحت راية القرآن، القاهرة، مطبعة الاستقامة، ط1: 1926م. 57- مصطفى عبد اللطيف جباووك: الحياة والموت في الشعر الجاهلي، بغداد، وزارة الإعلام، 1979م. 58، 59- ناصر الدين الأسد: القيان الغناء في العصر الجاهلي، بيروت، دار صادر، 1960م، ط2: دار المعارف بمصر 1968م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية، القاهرة، دار المعارف، ط1: 1962م. 60- نجيب البهبتي: المعلقة العربية الأولى، الدار البيضاء، دار الاستقامة، 1981م. 61- نديم الملاح: الميزان، وزارة الثقافة، عمّان، 1984م. 62، 63- نوري حمودي القيسي: الأقواء في الشعر الجاهلي، بغداد، 1965م. الأديب والالتزام، بغداد، 1979م. 64- وحدة الموضوع في القصيدة الجاهلية، جامعة الموصل، 1974م. 65- يحيى الجبوري: العمامة في الجاهلية والإسلام، قطر، الدوحة، 1985م. الزينة في الشعر الجاهلي، الكويت, دار القلم، 1984م. 66- يوسف بطرس غالي: تقاليد الفروسية عند العرب، القاهرة، دار المعارف، 1960م. وتختلف هذه المجموعة من الدراسات عن سابقاتها في أنها تجمع أكثر من اتجاه تحت هذا العنوان المرن "ظواهر"، فقد تكون ظاهرة فنية، وقد تكون ظاهرة اجتماعية، وهنا قد تتداخل مع بعض أطر الاتجاهات السابقة، وقد تكون ظاهرة دينية ... إلخ. ما هنالك من ظواهر لا حصر لها. كما تختلف بأن نسبة كبيرة منها كانت في الأصل رسائل جامعية، يثبت ذلك الإشارات التي أوردتها عند سرد الرسائل وما نشر منها. وثمة أمرآخر تتميز به هذه المجموعة, وهو أن رصد الظاهرة والبحث عن أصولها واتجاهها وما يتصل بها يحتاج إلى أن يعرج الباحث على كثير من القضايا المتصلة بها. ولدراسة ظاهرة كثيرًا ما ينطلق الباحث من منطق فكري أو نظري محدد، فيفسر الظاهرة ويعللها ويحللها من منطلق ذلك المنظور، ولذا فإنني أوثر أن أرجئ الحديث عن هذه المجموعة ريثما تكتمل الصورة, وأنتقل إلى الحديث عن مناهج المحدثين العرب في دراسة الشعر الجاهلي؛ لأن قسمًا كبيرًا من هذه الدراسات سيكون مادة ذلك الجزء مباشرة أو بطريق غير مباشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 سادسًا: لغة الشعر الجاهلي 1- أنستاس الكرملي: نشوء اللغة العربية ونموّها واكتمالها، القاهرة، المطبعة العصرية، 1938م. 2- جويدي: المختصر للغة الجنوب، ليدن، 1349هـ. 3- حسن ظاظا: الساميون ولغاتهم، القاهرة، دار المعارف، 1971م. 4- عبد الرحمن أيوب: العربية ولهجاتها، القاهرة، معهد البحوث والدراسات العربية، 1968م. 5- عبد العال شاهين: الضرائر اللغوية في الشعر الجاهلي، الرياض، دار الرياض، 1982م. 6- عمر فروخ: عبقرية اللغة العربية، بيروت، دار الكتاب العربي 1981م. 7- غالب فاضي المطلبي: لهجة تميم، بغداد، وزارة الثقافة، 1398هـ. 8- هاشم الطعان: الأدب الجاهلي بين لهجات القبائل واللغة الموحدة، وزارة الثقافة والفنون، بغداد، 1978م. 9- وسمية المنصور: أبنية المصدر في الشعر الجاهلي، جامعة الكويت، 1984م. 10- يحيى خليل نامي: دراسات في اللغة العربية، القاهرة، دار المعرفة، 1974م. وهذه مجموعة ضامرة من الدراسات، ليست بأوفر حظًّا من الرسائل التي سجَّلت ونوقشت في الجامعات في هذا المجال، بل إن قسمًا من هذه الدراسات كان في الأصل رسالة جامعية، وإذا بحثنا عن الأسباب نجد أولها عدم نضج الدرس اللغوي الحديث في العالم العربي إلّا في السنوات الأخيرة, ولذا لا نعجب إن رأينا نصف هذه المجموعة يمس لغة الشعر مسًّا خفيفًا، وثانيها: أن الذي يرغب في دراسة لغة الشعر الجاهلي أو جانبًا منها ينبغي أن يدرس الشعر الجاهلي كله، وأن يمعن النظر فيه مليًّا, بالإضافة إلى فهم عميق بالنظريات اللغوية الحديثة، وهذا ما لم يتوفر بعد في مجال البحث، أما الثالثة: فإن بعض جوانب من لغة الشعر الجاهلي قد عرض لها الدراسون في مؤلفاتهم المتصلة بتاريخ الأدب، أو ظاهرة ما، أو بفن شعري، ولكنني أزعم، وبعد قرائتي لذلك النتاج أن تلك الومضات وإن كانت نافعة في ذلك المجال, لكنها لسيت من الدراسات اللغوية التي تكشف عن خصائص الشعر الجاهلي، إن الشعر الجاهلي ينتظر من الباحثين الكثير في هذا المجال لنقف على طبيعة العلاقات اللغوية والتراكيب وقاموس الشاعر اللغوي والبنى اللغوية, وغير ذلك مما يخدم الشعر واللغة والبحث العلمي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 سابعًا: دراسة مجموعة شعرية أو ما يشبهها 1- أحمد جمال العمري: منهج أبي جعفر النحاس في شرح الشعر، دار المعارف، 1983م. شروح الشعر الجاهلي: نشأتها وتطورها "جزءان" دار المعارف، 1981م. 2- بدوي طبانة: معلقات العرب، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، ط1: 1967م. 3- حسن السندوبي: شرح ديوان امرئ القيس ومعه أخبار المراقسة وأشعارهم في الجاهلية وصدر الإسلام، القاهرة، مطبعة الاستقامة، 1939م. 4- خليل حاوي ومطاع صفدي: موسوعة الشعر العربي "4 أجزاء"، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، 1399م. 6- عبد الله عبد الرحيم عسيلان: معجم شعراء الحماسة، الرياض، دار المريخ، 1982م. 7- علي أحمد سعيد: ديوان الشعر العربي "3 أجزاء"، بيروت, دار العودة، 64-1968م. 8- علي النجدي ناصف: دراسة في حماسة أبي تمام، القاهرة، ط2: 1959م. 9- عمر فاخوري: منتخبات من الأدب العربي، بيروت. 10- محمد بدر الدين النعساني: نهاية الأدب في شرح معلقات العرب، القاهرة، مكتبة الحلبي، 1906م. 11- محمد عبد المنعم خفاجي: شرح أشعار الشعراء الستة "جزءان". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 12- نجيب البهبيتي: المعلقات سيرة وتاريخًا، الدار البيضاء, وزارة الثقافة، 1982م. 13- يوسف اليوسف: بحوث في المعلقات, دمشق، وزارة الثقافة، 1978م. وهذه المجموعة تنقسم إلى قسمين: أما الأول فهو دارسات لمجموعات شعرية، وهي دراسات حقيقية كما نلاحظ في الأرقام 1، 4، 6، 8، 10، 11, فهي دراسات متصلة كل منها بالمعلقات أو حماسة أبي تمام، والغريب في الأمر أن الدراسات الخمس انصبَّت على الحماسة والمعلقات. أما الثاني: فهو مجموعات شعرية جمعت حديثًا وفق منهج أو ذوق أو اتجاه نقدي معين، ورافق تلك الأشعار مجموعة ملحوظات نقدية أو شروح أو تعليقات لا ترقى إلى منزلة الدراسة المنهجية، وإن كان الاختيار نفسه قد تَمَّ وفق منهجٍ ارتضاه جامع الشعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 ثامنًا: شعر القبائل أو ما يشبهها 1- أحمد كمال زكي: شعر الهذليين, القاهرة، دار الكتاب العربي، 1969م. 2- حسن عيسى أبو ياسين: شعر همدان وأخبارها في الجاهلية والإسلام "جزءان"، الرياض، دار العلوم، 1983م. 3- عبد الجواد الطيب: هذيل في جاهليتها وإسلامها، ليبيا، الدار العربية للكتاب، 1983م. 4- عبد الحليم حفني: شعر الصعاليك منهجه وخصائصه، القاهرة، 1980م. 5- عبد الحميد محمود المعيني: شعر بني تميم في العصر الجاهلي، نادي القصيم الأدبي، 1982م. 6- عبد الحميد المعيني: التميميون، أخبارهم وأشعارهم، عمان، 1984م. 7- عبد العزيز محمد الفيصل: شعراء قشير في الجاهلية الإسلام "جزءان"، القاهرة، مكتبة الحلبي، 1978م. 8- عبد الكريم يعقوب: أشعار العامريين الجاهليين، سورية, اللاذقية، 1982. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 9- مراد فراج: شعراء اليهود العرب، الإسكندرية، ط2: 1939م. 10- وفاء فهمي السنديوني: شعر طيّ وأخبارهم في الجاهلية والإسلام "جزءان"، الرياض، دار العلوم 1983م. 11- يحيى الجبوري: شعر المخضرمين، بغداد، مطبعة الإرشاد، 1964م. 12- يوسف خليف: الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، القاهرة، دار المعارف، ط1: 1959م، ط2: 1966م. إن الدراسات في هذه المجموعة قليلة نسبيًّا في عددها، لكنها غنية بمضامينها، وجلها في الأصل رسائل جامعية، ولن نزيد هنا عمَّا قلناه عند تناولنا شعر القبائل في الرسائل الجامعية، وهو أن ينمو هذا اللون من الدراسات بشكل أوسعٍ وأعمق؛ لأنه يرفد الدراسات بنتائج قد تحسم أمورًا كثيرة, وتكشف عن قضايا يلُفُّها الغموض حاليًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 تاسعًا: الطبيعة والحيوان 1- أحمد محمد الحوفي: أغاني الطبيعة في الشعر الجاهلي، القاهرة، مكتبة نهضة مصر، 1958م. 2- أنور عليان أبو سويلم: الإبل في الشعر الجاهلي "جزءان"، الرياض، دار العلوم، 1983م. 3- سيد نوفل: شعر الطبيعة في الأدب العربي، دار المعارف، 1945م. 4- كامل سلامة الدقس: وصف الخيل في الشعر الجاهلي، الكويت, دار الكتب الثقافية، 1975م. 5- محمد محمد الكومي: الصراع بين الإنسان والطبيعة في الشعر الجاهلي، الهيئة المصرية العامة: 1978م. 6- مصطفى بدران "مترجم": الصحراء، تأليف: وبريل أبشتين، دار المعارف، 1961م. 7- نوري حمودي القيسي: الطبيعة في الشعر الجاهلي، بيروت، دار الإرشاد، ط2: 1970م. وهي مجموعة صغيرة لم تتجاوز سبع دراسات، خمس منها في الأصل رسائل جامعية، وإن الطبيعة الصامتة في العصر والحيوان، قد شغلا تفكير وخيال الشاعر الجاهلي، فلا يكاد يخلو نص شعري من أي منها معًا، كما ارتبطا بمعتقد الجاهلي وطقوسه الدينية أحيانًا، وبالرغم من هذا كله فإن حجم الدراسات ما زال محدودًا؛ فالصحراء مثلًا لم تحظ باهتمام الباحثين بشكل مستقل، وإنما وردت في ثنايا الدراسات أو على هوامشها، وإن مسَّها البحث الخامس مسًّا واضحًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 عاشرًا: مناهج دراسة الشعر الجاهلي ونقده 1- إبراهيم عبد الرحمن: الشعر الجاهلي: قضاياه الفنية والموضوعية، بيروت، دار النهضة العربية، 1980م. 2- إحسان سركيس: مدخل إلى الأدب الجاهلي، بيروت، دار الطليعة، 1979م. 3- أحمد سويلم: شعرنا القديم، رؤية عصرية، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، 1979م. 4- أحمد كمال زكي: الأساطير، بيروت، دار العودة، 1979م. 5- إيليا حاوي: في النقد الأدبي "الجزء الأول"، بيروت، دار الكتاب اللبناني ط1: 1962م، ط4: 1979م. 6- شوقي عبد الحكيم: الفولكلور والأساطير العربية، بيروت، دار ابن خلدون ط2: 1982م. 7- حسن فتح الباب: رؤية جديدة لشعرنا القديم، دار الحداثة، بيروت، 1984م. 8- حسن فتح الباب: رؤية جديدة لشعرنا القديم، بيروت، دار النجاح، 1973. 9- صلاح عبد الصبور: قراءة جديدة لشعرنا القديم، بيروت، دار النجاح، 1973م. 10- عائشة عبد الرحمن: قيم جديدة للأدب العربي القديم والمعاصر، القاهرة، دار المعارف، 1970م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 11- عبد الجبار المطلبي: مواقف في الأدب والنقد، بغداد، وزارة الإعلام، 1980م. 12- عبد العزيز مزروع: الأسس المبتكرة لدراسة الأدب الجاهلي، القاهرة، 1950م. 13- عبد القادر الرباعي: الصورة الفنية في النقد الشعري: دراسة في النظرية والتطبيق، الرياض، دار العلوم، 1984م. 14- علي البطل: الصورة في الشعر العربي حتى نهاية القرن الثاني، بيروت: دار الأندلس، 1980م. 15- فالتر براونه: مشاكل عصرية في الشعر الجاهلي، طرابلس، لبنان، المعهد الثقافي الألماني، 1963م. 16- فتحي أحمد عامر: في مرآة الشعر الجاهلي: دراسة فنية تحليلية، القاهرة, دار الشرق، 1977م. 17, 18- كمال أبو ديب: جدلية الخفاء والتجلي، دار العلم للملايين، 1979م، الرؤى المقنعة: دراسة بنيوية للشعر الجاهلي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986م. 19- محمد النويهي: الشعر الجاهلي: منهج في دراسته وتقويمه، القاهرة، الدار القومية، 1960م. 20- مصطفى سويف: الأسس النفسية للإبداع الفني، القاهرة، 1951م. 21, 22، 23- مصطفى ناصف: دراسة الأدب العربي، القاهرة، الدار القومية، د. ت، بيروت, دار الأندلس، ط2: 1981م. الصورة الأدبية: القاهرة، مكتبة مصر، 1958م، ط2: دار الأندلس، بيروت 1981م. قراءة ثانية لشعرنا القديم، ليبيا، كلية الآداب بالجامعة الليبية، 1975م، ط2: بيروت، 1977م، دار الأندلس، ط3: 1981م. 24- يوسف خليف: دراسات في الشعر الجاهلي، القاهرة, مكتبة غريب، 1979م. 25- يوسف اليوسف: مقالات في الشعر الجاهلي، دمشق، وزارة الثقافة، 1976م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 حادي عشر: النثر الجاهلي 1- أحمد خطاب عمر: الكتابة في العصر الجاهلي، بغداد، 1979م. 2، 3- أحمد زكي صفوت: جمهرة خطب العرب، القاهرة، مكتبة الحلبي، ط2: 1972م، جمهرة رسائل العرب, القاهرة، مكتبة الحلبي، ط2: 1972م. 4- أحمد محمد الحوفي: فن الخطابة، القاهرة، دار نهضة مصر، 1972م. 5- شوقي ضيف: الفن ومذاهبه في النثر العربي، القاهرة، دار المعارف، 1944، ط3: 1960م. 6- عبد الرحمن التكريتي: دراسات في المثل العربي المقارن، الكويت، مؤسسة الخليج، 1984م. 7- عبد الفتاح حموز: الحذف في المثل، دار العمار، عمان، 1984م. 8- عبد المجيد عابدين: الأمثال في النثر القديم مع نظائرها في الآداب السامية، القاهرة، مكتبة مصر، 1956م. 9- علي شلق: النثر العربي منذ الجاهلية حتى الثلث الأخير من القرن العشرين، بيروت، دار القلم، 1981م. 10- محمد أبو زهرة: الخطابة، أصولها وتاريخها، القاهرة، 1934م. 11- محمد عبد الغني حسن: الخطابة، مصر، 1955م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 ثاني عشر: موضوعات أخرى 1- إبراهيم سعد: جولة في حقول الأدب الجاهلي، بغداد، 1954م. 2- أحمد حسن الزيات: في أصول الأدب، القاهرة, مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1935م. 3- أحمد محمد الحوفي: التيارات المذهبية بين العرب والفرس، القاهرة، 1968م. 4- أنور الجندي: المعارك الأدبية، مطبعة الرسالة، مصر. 5- أنيس فريحة: أسماء الأشهر في العربية ومعانيها، بيروت، 1952م. 6- جواد علي: الثقافة الإسلامية والحياة المعاصرة، جمع وتقديم: محمد أحمد خلف الله، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية ومؤسسة فرانكلين، 1955م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 7- حامد عبد القادر: دراسات في علم النفس الأدبي، القاهرة، مطبعة لجنة البيان العربي، 1949م. 8- صالح أحمد العلي "بالاشتراك": الأدب العربي في آثار الدراسين، بيروت، دار العلم للملايين، 1964م. 9، 10- عباس العقاد: اللغة الشاعرة، القاهرة، مكتبة غريب، 1969م. أشتات مجتمعات في اللغة والأدب، دار المعارف، ط3: 1970م. 11- محمد عطية الإبراشي، الآداب السامية، مصر، دار إحياء الكتب العربية، 1946م. 12- مصطفى الغلاييني: نظرات في اللغة والأدب، بيروت، 1927م. 13- ياسين الأيوبي: معجم الشعراء في لسان العرب، بيروت، دار العلم للملايين، ط1: 1980م. 14- يوسف أسعد داغر: مصادر الدراسة الأدبية, بيروت، دار الكتاب اللبناني، ط2: 1961م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 الدراسات والبحوث "الدوريات" مدخل ... الدراسات والبحوث "الدوريات": أحب أن أنبه في بداية هذه المقدمة إلى أنه بسبب صعوبات جمَّة لن تكون هذه الببلوغرافيا الخصة بالمقالات والدراسات مستوفيةً لكل ما كُتِبَ عن العصر الجاهلي، وسبب هذا كله عدم وجود تنسيق بين ما ينشر في دوريات العالم العربي المختلفة، وبسبب الحواجز السياسية التي تحول دون وصول هذه الدوريات إلى الأسواق، أو المعاهد والجامعات، ولا نجد فهارس تذكر الدراسات التي تصدر كل عام أو فترةزمنية ليتسنَّى للباحث أن يتعرف على ما كتبه أو نشره إخوة له في بلد آخر أو مكان آخر, ومع هذا كله, فإنني أزعم أنني عملت جاهدًا للاطلاع على ما نُشِرَ حول العصر الجاهلي ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، استعنت بالزملاء والأخوة المنتشرين في أقطار العروبة، كما رجعت إلى المكتبات ودور الكتب التي تصدر مثل هذه النشرات، وأعانتني مكتبتي الخاصة التي حرصت على ضمِّ كل ما له صلة بالعصر الجاهلي واللغة العربية وعلومها. وإذا كان لنا من أمل في المستقبل هو أن تعنى أقسام اللغة العربية في جامعاتنا، وكذا مجامع اللغة العربية، ودور الكتب الوطنية، أن تعنى هذه جميعًا بإصدار نشرات دورية بما كتب أو صدر في حقل من حقول المعرفة الإنسانية؛ لأن هذه الخطوة تحقق الأهداف التالية: 1- تتيح لكل باحث أن يلمَّ بما كتب حول موضوعٍ ما, فيستفيد من النتائج ويبني عليها بحثه, ويبدأ من حيث انتهى غيره, فيدور في حلقة مفرغة، ولا تتقدم الأبحاث خطوة إلى الإمام. 2- إن هذه الخطوة تدفع بالبحث العلمي في عالمنا العربي خطوات كبيرة إلى الأمام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 3- قد توقف بعض السرقات الأدبية في مجال البحث إن صح التعبير. 4- تزيد من فرص التقارب الفكري بين أبناء الأمة الواحدة، وهو عامل مهم من عوامل الوحدة التي تنشدها أمتنا العربية في مستقبلها المنظور. والمقالات التي بين أيدينا جاوزت المائتين بثلاث عشرة كتبها أكثر من مائة باحث، هذا من حيث الكم، أما من حيث النوعية فهي تتأرجح بين الموضوعية والعلمية والسطحية الفجة, ولكن هذه المقالات في مجموعها يغلب عليها العمق, وقد نشر معظمها كما يتضح من الحقائق في دوريات متخصصة. ونستطيع أن نقسِّم هذه الدراسات إلى الفئات التالية: 1- مقالات ودراسات تتصل بتاريخ الجاهلية: "اثنتان وثلاثون دراسة". وتدور حول تحديد العصر الجاهلي, ودراسة بعض النقوش المكتشفة، تلك النقوش التي تلقي بعض الضوء على تاريخ الفترة التي تفتقر إلى التاريخ المدون. وحظيت نظرية الأنساب ببعض الاهتمام، كما تناولت بعض الدراسات الصلات بين عرب الجاهلية وغيرهم ممن عاصرهم كالفرس وغيرهم، واهتمت بعض الدراسات بقبيلتي قريش وكندة. وهذا النوع من الدراسة لم يستوف العصر الجاهلي بكل جوانبه، ولكن المصادر التاريخية والدراسات التاريخية المطوَّلة التي نشرت في كتب كانت وفيرة؛ بحيث وفَّت هذا المجال حقَّه. 2- دراسات متصلة بتاريخ الأدب في تلك الفترة: "تسع دراسات". وقد درات حول تدوين الشعر الجاهلي, وصلة اللغة العربية باللغة السامية، وأصل الخط العربي، غير ذلك من الموضوعات، وهذه الدراسات قليلة, لكن كتب تاريخ الأدب العربي بعامة، وكتب تاريخ الأدب الجاهلي بخاصة تسد هذا النقص, ولكن هذا لا يعفي الباحثين من استيفاء أو تعميق الكثير من الدراسات في هذا المجال. 3- دراسات متصلة بفكر الجاهلية ومعتقداتهم "إحدى عشرة دراسة": وعلى الرغم من قلة عددها إلّا أنها حاولت أن تلقي أضواء كاشفة على فكر أهل الجاهلية ومعتقداتهم، وتناولت هذه الدراسات تكوين الفكر العربي قبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 الإسلام؛ من اللغة ونصوصًا جديدة عن ديانة أهل الجاهلية، والمثل والقيم الأخلاقية الجاهلية، والتلبيات في الجاهلية. وما زال أمام الباحثين مجالات خصبة للبحث في فكر أسلافنا في فجر تاريخ أمتنا، وفي مذاهبهم ومعتقداتهم، والسبيل الوحيدة أمامهم النصوص الأدبية، ومعاجم اللغة، وذلك بسبب ما يفتقر إليه الباحث في تلك الفترة من مؤلفات ونقوش، فكل ما نقرأه عن تلك الفترة إنما دوّن بعد ثلاث قرون، ويحتاج الباحث إلى جهود مضنية لتمحيص ما يقرأ من أخبارٍ ليصل إلى الحقيقة. إن ستارًا كثيفًا من الغموض والإبهام يكتنف الفترة الجاهلية، وإن ظلمًا وتجنيًّا ما زال يحلق بتاريخ هذه الفترة وأدبها وفكرها، ولست أنكر أن جهود المستشرقين، كما سنرى في هذه الدراسة، أعمق وأوسع مما قام به الباحثون العرب، ولكنها تحتاج إلى تنقية ومناقشة، فلا يخلو بعضها من التجنّي ومجانبة الصواب. ولقد كتبت في غير هذا الموضع، وفي دراسات سابقة أن الأمَّة التي يختارها الله لتحمل مشعل الهداية للعالم لتبلغه آخر رسالة سماوية، وأن أمة تحمل هذا المشعل فتنشره في سنين قليلة في أصقاع العالم المترامي الأطراف، وأن أمة تتصل بحضارات الأمم التي احتكت بها وتتفاعل مع هذه الحضارات، إن أمة كهذه لا يمكن إلّا أن تكون أمة عظيمة في فجر حياتها, تملك طاقات مختزنة، كما تملك الكثير من الإمكانات، وإلّا لما تمكّنت من حمل الرسالة بهذه السرعة، ولما تمكَّنت من نشرها في بقاع الدنيا النائية منها والقريبة. إن مسئوليتنا كبيرة في أن نجلو ما غمض من تاريخ فكر وحضارة هذه الأمة في الفترة التي سبقت الإسلام، ولن ينقص من قيمة الإسلام إبراز حضارة الأمة التي حملته إلى العالم أجمع, وعلى سبيل المثال لا الحصر يستطيع الباحث من خلال دراسة ميدانية للأمثال أن يفرز كثيرًا من الحقائق المتصلة بحياة الأمة وتراثها وحضارتها. 4- دراسات تتصل بالشعراء "ثمان وعشرو دراسة": وتدور حول شعراء منهم: امرؤ القيس وعنترة وزهير والنابغة والمهلهل والخنساء وقيس بن عاصم. وهؤلاء الشعراء يرتبط كل منهم بوقائع وحوادث ذات طابع مميز, مما جعل المصادر القديمة تهتم بهم، وتبع الباحثون المحدثون أسلافهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 القدامى. لا ننكر أن شعراء آخرين نالوا قدرًا من الاهتمام في كتب تاريخ الأدب، ولكنهم أيضًا قلة كما أسلفنا في مكان آخر من هذه الدراسة. هناك كثير من الشعراء ممن تميزوا بمواقف خاصة، أو طُبِعَ شعرهم بطابع مميز لم ينالوا اهتمامًا كافيًا، ويبدو أن الباحث في هذا العصر يجد المادة التي يحتاج إليها وفيرة حين يبحث في شاعر مشهور فتغيره المادة فلا يهتم بالشعراء الآخرين. إن صورة العصر الجاهلي يمكن أن تختلف كثيرًا لو أننا تناولنا بالدراسة شعراء مغمورين, أو مجموعة من الشعراء لهم انتماء فكري أو طابع محلي مميز. ورب قائل يقول: إن الدراسات الجامعية والكتب التي نشرت تناولت أولئك، ولكن المقالة أو البحث المختصر المركَّز ينتشر أكثر وقرَّاؤه أكثر. 5- دارسات نقدية تناولت ظاهرة معينة "ثمان وخسمون دراسة": وهذا اللون من الدراسات أكثر خصبًا من سابقته، فقد ذكرت هذه الدراسة أكثر من خسمين بحثًا تناولت ظواهر كثيرة في الشعر الجاهلي". وقد ركزت اهتمامها على الشعر الجاهلي, ولم يحظ النثر بشيء من الاهتمام. 6- مناهج دراسة الأدب الجاهلي "خسمون دراسة": وقد صنفنا تحت هذا العنوان كل دراسة حَوَت في مضمونها اتجاهًا لدراسة الأدب الجاهلي، وإن كان عنوانها لا يشي أحيانًا بذلك, فقد تكون دراسة عن شاعر, ولكن الدراسة تنحو منحى معينًا يمكن أن يندرج تحت منهج معين, وهذا اللون من الدراسات هو الاتجاه الأحدث والأخير في دراسة الأدب الجاهلي؛ لأن الدراسات التقليدية السابقة استوفت الجوانب التاريخية والجغرافية والأدبية وغيرها المتصلة بذلك الأدب، ولأن معظم الدراسات السابقة ظل يحوم حول المشكلة وهي دراسة النص الشعري أو النثري بغير خوض مباشر فيه وفق منهج معين محدد المعالم. وبالرغم من كل ما يمكن أن يقال عن عدم وضوح الرؤيا عند بعض الباحثين من هذه المجموعة, إلّا أن المحاولة مستمرة، بعضهم قد اتضحت معالم المنهج الذي تبناه، وبعضهم قطع شوطًا كبيرًا, لكن لم تتبلور معالمه بعد. والمؤمل أن يسفر المخاض والصراع ومرور الوقت عن بلورة منهاج أو أكثر يستطيع أن يكشف عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 حقيقة النص الشعري وشحنته الفكرية، وأن تتبلور من خلال ذلك كله صورة المجتمع الجاهلي ولغته الأدبية، والدراسات التي تضمنها البند دراسات جادة أسهمت في بلورة اتجاهات دراسة الأدب الجاهلي. 7- دراسة نصوص شعرية "إحدى عشرة دراسة": وهذه متصلة بسابقتها إلّا دراستين "نوري حمودي القيسي وماهر حسن فهمي"، فقد درس أصحابها نصوصًا معينةً وفق منهج طبقة على نصٍّ شعري, والنصوص التي درست هي: معلقات لبيد وطرفة وامرئ القيس، ولامية العرب، وقصيدة لتأبط شرًّا, ولا يعني هذا أن درسة النصوص اقتصرت على هذا، بل إن نصوصًا كثيرة درست في المجموعة السابقة نماذج تطبيقية على منهج معين. 8- أغراض شعرية "ثلاث دراسات": وتناولت الأطلال والغزل والرثاء. 9- اللغة واللهجات "ثماني دراسات": وهي قليلة كسابقتها لم تغطِّ اللغة واللهجات, لكن جانبًا من اللغة واللهجات, غطتها دراسات وردت ضمن تاريخ الأدب والمناهج وغيرهما من البنود السابقة. 10- النثر الجاهلي "عشر دراسات": إن النثر الجاهلي لم ينل حظًّا وفرًا من العناية كالشعر, لا في الرسائل الجامعية ولا الكتب ولا الأبحاث، ومن هذه الدراسات ثماني دراسات قمت بها، وهي الآن قيد النشر، وهي متعلقة بالأمثال. 11- موضوعات أخرى "ثماني دراسات": الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 أولًا: تاريخ الجاهلية 1- إبراهيم مصطفى: رأي في تحديد العصر الجاهل, مجلة مجمع اللغة العربية، القاهرة. 2- أحمد عيسى: آلات الطب والجراحة والكحالة عند العرب، مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، العد5، ص253-274. 3- أحمد محمد عدوان: أضواء على الحضارة العربية قبل الإسلام، مجلة الثقافة العربية، ليبيا, مارس 1980، ص48-50. 4- أسعد حكيم: العرب وأخبارهم في التاريخ، مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، العدد5، ص428-432. 5- الأب أنستاس الكرملي: العرب قبل الإسلام في أقصى الشرق وأمريكة, مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، العدد 20، ص8-22. 6- أنيس قريحة: القيمة التاريخية لدراسة أسماء أمكنة والأعلام، مجلة الأبحاث، الجامعة الأمريكية، بيروت، العدد 4، 1951، ص38-60. 7- حمد الجاسر: المواضع الأثرية في جزيرة العرب، مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، العدد 26، ص377-397. 8- ديمتري براميكي: النقوش العربية في البادية السورية، مجلة الأبحاث، الجامعة الأمريكية، بيروت، العدد 17، 1974، ص317-346. 9- عبد الرحمن الطيب الأنصاري: أضواء جديدة على دولة كندة من خلال آثار ونقوش قرية الفاو، مجلة الدارة، الرياض، العدد 3، النسة الثالثة, سبتمبر 1977م، ص98-109. 10- عبد الوهاب حمودة: نظرية الأنساب في الميزان، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، العدد 14، الجزء الأول 1952، ص119-150. 11- عبد الوهاب عزام: الصلات بين العرب والفرس وآدابها في الجاهلية والإسلام, فصل من كتاب: نواح مجيدة من الثقافة الإسلامية، وهو هدية مجلة المتقتطف لسنة 1938م، ص125-164. 12- عدنان سكيك: معالم الحضارة العربية قبل الإسلام, مجلة الثقافة العربية، ليبيا، مايو1980م، ص51-56. 13- عيسى إسكندر المعلوف: مجامع العرب في الجاهلية، مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، العدد الأول، ص100-101. 14- فؤاد الخطيب: صلة الجاهلية بالعالم القديم "1", مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، العدد 17، ص392-500. 15- محمد عبده غانم: اليمن في الشعر الجاهلي، مجلة كلية الآداب، جامعة صنعاء، عدد 3، 1981، ص239 وما بعدها. 16- محمد أبو الفرج العش: كتابات عربية غير منشورة في جبل أسيس "1" مجلة الأبحاث، الجامعة الأميريكية، بيروت، العدد 17، 1964، ص227-317. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 17- محمد أبو الفرج العش: كتابات عربية غير منشورة في جبل أسيس "2", مجلة الأبحاث، الجامعة الأمريكية، بيروت، العدد 18 "1965", ص216-217. 18- ناصر الدين الأسد, مقدمة لدراسة القبائل العربية في الخليج قبل الإسلام, بحث قُدِّمَ إلى مؤتمر الدراسات التاريخية لشرق الجريزة العربية, الدوحة, قطر 1977م, ونشر أيضًا في دراسات عربية وإسلامية "مهداة إلى إحسان عباس"، بيروت 1980، ص32-48. 19- نجيب البهبيتي: البيئة التي نشأ فيها الشعر الجاهلي وتياراته الكبرى، مجل كلية الآداب، جامعة القاهرة، العدد14، الجزء الأول "1952"، ص89-118. 20- محمد عبد القادر محمد: العلاقات المصرية العربية في العصور القديمة: مصادر ودراسات تاريخ الجزيرة العربية، ص13-37. 21- عبد المنعم عبد الحليم سيد: الجزيرة العربية ومناطقها وسكانها في النقوش القديمة في مصر، تاريخ الجزيرة العربية، ص39-54. 22- لطفي عبد الوهاب يحيى: الجزيرة العربية في المصادر الكلاسيكية، تاريخ الجزيرة العربية، ص55-71. 23- عرفان شهيد: حملة امرئ القيس على نجران، المصادر غير العربية، تاريخ الجزيرة العربية، ص73-79. 24- عبد العزيز الدوري: كتب الأنساب وتاريخ الجزيرة العربية، تاريخ الجزيرة العربية، ص129-141. 25- إبراهيم على طرخان: الجزيرة العربية في كتب السير, أو التراجم مع دراسة تحليلية لكتاب الطبقات الكبرى لابن سعد, وأهميته مصدرًا لتاريخ الجزيرة العربية، تاريخ الجزيرة العربية، ص143-181. 26- محمد علي مختار: الأزرقي المؤرخ من خلال رواياته، تاريخ الجزيرة العربية، ص199-218. 29- محمد بهجت الآثري: مصادر تاريخ الجزيرة العربي: عرض وتقويم لدراسات عالمين عراقيين، تاريخ الجزيرة العربية، ص319-333. 30- محمد مصطفى هدارة: تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام في المصادر الأدبية، تاريخ الجزيرة العربية، ص337-362. 31- عبد الله الناصر الوهيبي: تحديد الشعراء العرب للمواقع الجغرافية, تاريخ الجزيرة العربية، ص363-375. 32- نوري حمودي القيسي: حول كتابة التاريخ, مجلة المورد، بغداد، عدد صيف 1979م. 27- سامي خماس الصقار: أهمية التواريخ المحلية كمصادر لتاريخ جزيرة العرب، تاريخ الجزيرة العربية، ص219-227. 28- حمد الجاسر: كتب المنازل من روافد الدراسات عن جغرافية جزيرة العرب، تاريخ الجزيرة العربية، ص229-244. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 ثانيًا: تاريخ الأدب 1- أحمد الحوفي: توثيق الشعر الجاهلي، محاضرة عامة، أم درمان، 1967. 2- أنيس فريحة: أصل الخط العربي, مجلة الدراسات الأدبية، الجامعة اللبنانية، السنة الثانية 1960، ص76 وما بعدها. 3- سليم الجندي: كتب الآداب القديمة: الشعر الجاهلي, مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، العدد 11، ص530-532. 4- محمد باقر علوان: من الذي جمع المعلقات؟ حوليات الجامعة التونسية، تونس، العدد 8 "1971"، ص21-28. 5- محمد عزة دورزة: نظرة في رواية الخط العربي والقراءة والكتابة إلى حياة النبي -صلى الله عليه وسلم. محاضرات مجمع اللغة العربية، دمشق، الجزء الثالث، ص279-284. 6- منير القاضي: الأدب العربي: ألوانه وتاريخه، مجلة المجمع العلمي العراقي، بغداد، العدد الثاني "1952م"، ص3-11. 7- ميشال سليم كميد: عنترة كما هو في شعره، مجلة الكلية، بيروت. 8- نوري حمودي القيسي: حول كتابه تاريخ الأدب العربي، مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، عدد 27 "1979م". 9- يوسف خليف: الشعر الجاهلي وخصائصه، مجلة عالم الفكر، الكويت المجلد 4، الجزء4، ص161-194. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 ثالثًا: فكر الجاهلية ومعتقداتها 1- إحسان عباس: نصَّان جديدان عن الدين في الجاهلية، مجلة الأبحاث، الجامعة الأمريكية، بيروت، العدد26، ص27-34. 2 الأب أنستاس الكرملي: دين امرئ القيس, مجلة الشرق، بيروت، السنة الثامنة, ص881-949. 3- صموائيل باسيليوس: السحر ظاهرة اجتماعية عند الشعوب المتخلفة، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، العدد 26 "1964م"، ص55-88. 4- عادل البياتي: نصوص التلبية قبل الإسلام، مجلة معهد البحوث والدراسات العربية، عد 11, 1982م. 5- عبد الإله الصائغ: الأسواق العربية القديمة، طقوس للتجارة والأدب، مجلة التراث الشعبي، بغداد، شتاء 1986، ص74-95. 6- عبد القادر المغربي: عرب الجاهلية في مباذلهم, محاضرات مجمع اللغة العربية، دمشق, الجزء الثاني, ص1-25. 7- لويس شيخو: مزدكية امرئ القيس, مجلة المشرق, السنة الثامنة، ص998 وما بعدها. 8- محمد أبو الأنوار محمد: هوامش حول الأساطير، مجلة الهلال، القاهرة، يناير 1975. 9- محمود سلام زناتي: الأسلاف في المعتقدات الإفريقية المعاصرة وعند العرب قبل الإسلام, مجلة التراث الشعبي، بغداد، شتاء 1986، ص67-74. 10- نصرت عبد الرجمن: حول دلالة عمرو في القسم والدعاء في الشعر الجاهلي، مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، العدد 19، 20 "1983م" ص7-30. 11- نصرت عبد الرحمن: سيدة المطرفي شعر أبي ذؤيب, مجلة دراسات، مجلد 7 عدد 1 "1980"، ص9-22. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 رابعًا: دراسة شعراء 1- إلياس طعمة: قصة عنترة، مجلة الأمالي، بيروت، العدد 43، ص24 ما بعدها. 2، 3، 4، 5 بطرس البستاني: امرؤ القيس شاعر الشخصية في ذاته وأسلوبه المشكوف، بيروت العدد 174. زهير قاضي: صلح يصدد أحكامه شعرًا, المشكوف، بيروت، العدد 176م. على هامش الشعر الجاهلي، مع النابغة على أطلال "دار نعم"، الثقافة، السنة الخامسة "1943"، العدد "420". هل النابغة صادق في مدائحه واعتذارياته؟ المكشوف، بيروت، العدد 182. 6، 7 جورجي زيدان: امرؤ القيس الكندي، مجلة الهلال، السنة الخامسة، العدد الثالث. عنترة العبسي شاعر بني عبس وفارسهم. 8- طه حسن: حياة الخنساء, مجلة السفور، القاهرة، نوفمبر 1915م. 9، 10، 11- عادل البياتي: الحارث بن ظالم المري, مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، العدد15. ربيعة بن مكدم, مجلة كلية الآداب، بغداد، 1976. أفنون التغلبي: شاعر وفارس جوال، مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد, 1976م. 12- عبد الرشيد صادق محمودي: غربة الملك الضليل. فصول، مجلد4،عدد2 "1984م" ص131-152. 13- عبد القادر المغربي: أحيحة بن الحلاج, مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، العدد الثاني، ص8-17. 14- عبد الله بوعركي حلاق: عنترة بن شداد: قصته وشعره, مجلة الضاد، السنة التاسعة، ص24-64. 15- عدنان الذهبي: الرمزية في شعر امرئ القيس, مجلة الأديب، بيروت، السنة5، العدد11. 16، 17، 18، 19- عفيف عبد الرحمن: صورة المهلهل في التاريخ والأسطورة الشعبية, مجلة أفكار، عمان، العدد المزدوج 36، 37 "سبتمبر 1977م"، ص63-72. عنترة بن شداد بين الواقع والأسطورة، مجلة الأقلام، بغداد، السنة 11, أغسطس 1976م، ص80-85. قيس بن عاصم سيد أهل الوبر, مجلة هدي الإسلام، عمان، المجلد 23، العددان 9، 10, 1979م، ص72-86. قيس بن عاصم سيد أهل الوبر, مجلة الأزهر، القاهرة، السنة 52, يونيو 1980م، ص270-795. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 20- فؤاد أفرام البستاني: عنترة التاريخ وعنترة الأسطورة، مجلة المشرق، بيروت, العدد 28، ص534 وما بعدها. 21- محمد أبو الأنوار محمد: الخنساء عاشقة المجد, مجلة الهلال, القاهرة, أغسطس 1973م، ص38 وما بعدها. 22- محمد صالح سمك - أمير الشعر العربي القديم: بيئات أمرئ القيس, مجلة المقتطف، العدد 78, ص421-481. 23- محمد عبد المنعم خفاجي: طبقات الشعر الجاهلي، مجلة الشعر، القاهرة، العدد 11 "1978م"، ص79-82. 24- محمد العلائي: النظر الفلسفي في الشعر العربي, مجلة الشعر, القاهرة، مايو 1964م، ص25 وما بعدها. 25- محمد مهدي البصري: أعشى بكر, العدد الثامن عشر من مجلة كلية الآداب, جامعة بغداد, 1974م، ص20-28. 26- مصطفى صادق الرافعي: أمير الشعر في العصر القديم, مجلة المقتطف، القاهرة، العدد77، ص418 وما بعدها. 27- نوري حمودي القيسي: الخنساء ظاهرة فنية جديدة في الشعر العربي، مجلة كلية الآداب، جامعة المستنصرية، بغداد، العدد الأول, 1976، ص218-236. 28- هاشم ياغي: شاعر من الجاهلية, مجلة رسالة المعلم، عمان، كانون الثاني، شباط، "1967". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 خامسًا: دراسة ظاهرة فنية 1- إبراهيم اللبان: الوحدة الفنية في الشعر العربي، محاضرات مجمع اللغة العربية، القاهرة، مجلد4، ص169-284. 2- إحسان هندي: مكانة السيف عند العرب, مجلة الفيصل، الرياض، أبريل 1980، ص20-26. 3- أحمد الضبيب: الطبيعة في الشعر الجاهلي, مجلة آداب الرياض، العدد2 "1971-1972"، ص339 -350. 4- أندريه ميكال: الصحراء في معلقة لبيد "ترجمة إبراهيم النجار", حوليات الجامعة التونسية، تونس، العدد 12, 1975م، ص63-88. 5- أنيس المقدسي: القضية النسائية وأثرها الأدبي، مجلة الأبحاث، الجامعة الأمريكية, بيروت، العدد4 "1951"، ص19-34. 6- بطرس البستاني: القصة عند النابغة: خصائصها وأهدافها, المشكوف، بيروت، العدد 196. 7- جليل رشيد فالح: القيم الإنسانية في الشعر الجاهلي، مجلة آداب الرافدين, جامعة الموصل، العدد7 "1976"، ص479-506. 8- جلل رشيد فالح: الليل في الشعر الجاهلي، مجلة آداب الرافدين، العدد9 "1978"، ص529-568. 9- جواد علي: تدوين الشعر الجاهلي، مجلة المجمع العلمي العراقي، بغداد، العدد 4, 1956م، ص520 -563. 10- سيرجيمس تشارلز ليال: الشعر العربي القديم مصدرًا للمعرفة التاريخية "ترجمة عبد الله أحمد مهنّا"، مجلة الشعر، القاهرة، العدد 13, يناير 1979م، ص9-20. 11- سهير القلماوي: تراثنا القديم في أضواء الحديثة، مجلة الكاتب، العدد2, 1961. 12- خالد محمد عون: شاعر القبيلة في العصر الجاهلي، مجلة آداب الرياض، العدد5, 1975. 13- حسين نصَّار: كتب الإبل, مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، العدد36، ص597-609. 14- سوزان ستتكفتش: القصيدة العربية وطقوس العبور: دراسة في البنية النموذجية, مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، مجلد 60 جزء1، 1985م، ص55-85. 15- زكي نجيب محمود: طبيعة الشعر وصلتها بالأخلاق، مجلة المعرفة، دمشق، العدد 163 "1975م"، ص55-62. 16- عادل البياتي: الطفولة ورموزها في الشعر الجاهلي، مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، عدد 23 "آب 1978"، ص539 وما بعدها. 17، 18، 19، 20، 21، 22- عادل البياتي: مثالية العرب الحربية وتقاليدها الإنسانية في التراث والأدب، مجلة آفاق عربية، عدد نيسان 1982، ص161-172. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 رمز المرأة في أدب أيام العرب, مجلة آفاق عربية، بغداد، العدد 12 "1977م". الشعر والتاريخ, مجلة الأقلام، بغداد، العدد11، "1974م". الشعر والتاريخ, مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، العدد 21، 1977م. الملاحم العربية ومقارنتها بالملاحم الكونية, مجلة الكتاب، بغداد العدد4، "1973". المنابع الثقافية الأولى للشعر الجاهلي, مجلة الكتاب، بغداد، 1974م. 23- عادل سليمان جمال: الوحدة العضوية في القصيدة القديمة، دراسات عربية إسلامية "مهداة"، "محمود شاكر" القاهرة 1982، ص313-335. 24- عبد الإله نبهان: الزمان والغناء في الشعر الجاهلي، مجلة التراث العربي، عدد 1985، ص73. 25، 26- عبد الله الطيب: رمزية الشوق والحنين في الشعر العربي، محاضرات مجمع اللغة العربية، القاهرة، الجزء الثاني، ص197-206م. طبيعة الشعر الجاهلي، محاضرات مجمع اللغة العربية، القاهرة، الجزء الثاني، ص179-206م. طبيعة الشعر الجاهلي, محاضرات مجمع اللغة العربية، القاهرة، المجلد الثالث، الجزء الأول، ص25-86. 27- عصام حسين: المرأة والشعر العربي القديم, مجلة الطليعة الأدبية، بغداد "مايو 1980م"، ص18-24. 28، 29، 30، 31- عفيف عبد الرحمن: القصصية في شعر الأيام, مجلة الثقافة العربية، ليبيا، العدد 12 "ديسمبر 1976"، السنة الثالثة، ص34- 39. المثل العليا والقيم الأخلاقية في الشعر الجاهلي، مجلة الثقافة العربية، ليبيا، السنة الثانية، العدد 9 "سبتمبر 1975م"، ص50-53. مواكبة الشعر الجاهلي لأحداث الأيام, مجلة الأزهر، القاهرة، السنة 50 "سبتمبر 1978م"، ص1315- 1325. عرب الجاهلية والحس القومي International Journal of Islamic and Abrabic studies. Indiana, 1 (2) , 1984, p. 89-113. 32- عمر محمد الطالب: صراع الحياة والموت في شعر امرئ القيس، مجلة آداب الرافدين, جامعة الموصل, المجلد 9 "1978, ص265-326. 33- عمر محمد الطالب: الغزل والظرف في شعر امرئ القيس, مجلة آداب المستنصرية، العدد9، "1984"، ص223 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 34- فؤاد حنا ترزي: القصيدة العربية وتطورها، مجلة الأبحاث، الجامعة الأمريكية، العدد12 "1959م"، ص85-97. 35- فاطمة محجوب: التكرار في الشعر, مجلة الشعر، القاهرة، العدد8 "1977م"، ص28-40. 36- كامل السيد شاهين: حول طبيعة الشعر الجاهلي، مجلة الأزهر، مجلد2 "1976"، السنة 38، ص5-10. 37- ماسينيون: المصطلحات العربية في القرى وإكرام الضيف، مجلة مجمع اللغة العربية، القاهرة، العدد9، ص165-166. 38- محمد إبراهيم أبو سنة: الشعر الجاهلي والحرية، مجلة الشورى، ليبيا، العدد 11 "1977م"، ص140-145. 39- محمد بدوي المختون: المضمون الشعري وخصائص البحور، مجلة الشعر، القاهرة، العدد 12 "1978م"، ص39-42. 40- محمد بهجت البيطار: أثر المرأة في الحروب الجاهلية والإسلامية، مجلة مجمع اللغة العربية، القاهرة، العدد 17، ص30-34. 41- محمد ثابت أبو دان: الشعراء العبيد, مجلة الثقافة، تموز 1975، ص28. 42- محمد سليمان السديس: الغضا في الشعر الجاهلي، مجلة آداب الرياض، العدد9. الأرطي في الشعر الجاهلي, مجلة آداب الرياض، العدد9. 43- محمد علي الهاشمي: الشاعر ابن العشرين طرفة بن العبد، مجلة كلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المجلد 9 "1979م"، ص463-491. 45- محمد مهدي المجذوب: التجريد في الشعر الجاهلي، مجلة آداب بغداد، العدد 24 "1979"، ص131 وما بعدها. 46- محمود طرشونة: درجات التعبير في الأدب العربي القديم، مجلة الموقف الأدبي، دمشق، العدد 71 "آذار 1977م"، ص92-98. 47, 48, 49- محمود عبد الله الجادر: البناء القصصي في القصيدة الجاهلية, مجلة الأقلام، بغداد، العدد الثالث "1981م"، ص2-13. الفن القصصي في القصيدة الجاهلية, مجلة آفاق عربية، بغداد، فبراير-مارس "1981", ص218-226. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 مدخل إلى قصيدة الحرب, مجلة آفاق عربية، عدد نسيان 1982، ص36-51. 50- محمود محمد شاكر: الشعر الجاهلي "1", مجلة العرب, الرياض, السنة العاشرة، الجزءان 5، 6 "1975"، ص321-390. 51- محمود محمد شاكر: الشعر الجاهلي "2", مجلة العرب، الرياض، السنة العاشرة, الجزءان 7، 8، "1975م"، ص492-537. 52- ناصر الدين الأسد: البطولة كما يصورها الأدب الجاهلي، بحث قُدِّمَ إلى مؤتمر الأدباء الرابع بالكويت، ونشرته مجلة الأديب البيروتية. 53- نجيب الأرمنازي: القيصر وامرؤ القيس, مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، مجلد 17، ص315-321. 54- نصرت عبد الرحمن: المطر مواضع وروده في جانب من الشعر الجاهلي, مجلة دراسات، الجامعة الأردنية، مجلد6، العدد الأول "أيار 1979م". 55- نوري حمودي القيسي: ملامح من الشعر القصصي في الأدب العربي, مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، المجلد 24 "1979م", ص131-184. 56- 57 يحيى الجبوري: الزينة في الشعر الجاهلي, حولية كلية الإنسانيات, جامعة قطر, العدد 4 "1981"، ص139-185. المنسوجات العربية في الشعر الجاهلي, حولية كلية الإنسانيات، جامعة قطر، العدد 7 "1984، 293-334. 58- مصطفى عبد الواحد: الوقوف على الأطلال عند شعراء المعلقات, من محاضرات الموسم الثقافي لكلية اللغة العربية، جامعة أم القرى ص1-31, 1983م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 سادسًا: مناهج دراسة الأدب الجاهلي 1- إبراهيم الضحيان: الصورة الشعرية عند أبي دؤاد الأيادي، مجلة الدارة، الرياض، السنة9، العدد الأول "1983م". 2، 3- إبراهيم عبد الرحمن محمد: التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي، مجلة فصول، القاهرة، العدد الثالث "1981"، ص127-140. من أصول الشعر العربي القديم, فصول، مجلد 4، عدد2 "1984م"، ص24-41. 4- أحمد شمس الدين حجاجي: الأسطورة والشعر العربي، فصول، مجلد4، عدد2، "1984م"، ص92-130. 5، 6، 7- أحمد كمال زكي: التشكيل الخرافي في شعرنا القديم, من كتاب دراسات في النقد الأدبي، دار الأندلس, بيرت، 1980، ص151-174. التفسير الأسطوري للشعر القديم, مجلة الفصول، القاهرة، العدد الثالث، 1981، ص155-126. تراثنا الشعري والتاريخ الناقص, فصول, مجلد4، عدد2، "1984"، 21-23. 8- خالد محيي الدين البرادعي: مقدمات جديدة لقراءة الشعر الجاهلي, مجلة المورد، بغداد، المجلد الرابع، الجزء الثاني "1975م"، ص54-61. 9- سهير القلماوي: تراثنا القديم في أضواء حديثة، مجلة الكاتب، عدد 1961، العدد الثاني. 10، 11، 12- عادل البياتي: أصالة الوحدة في النصوص الجاهلية، مجلة المستقبل العربي، العدد 6 "1981م"، ص34-46. البطل الأسطوري والمحلي في الأدبى العربي, مجلة آفاق عربية، بغداد، 1976م. مقدمة القصيدة الجاهلية, مجلة آفاق عربية، آب 1977. 13- عباس محمود العقاد: الشعر العربي والمذاهب الغربية الحديثة، محاضرات مجمع اللغة العربية، القاهرة، المجلد الأول، الجزء الثاني, ص25-38. 14- عبد الجبار المطلبي: قصة ثور الوحش, مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، العدد12 "1969م". 15- عبد الحكيم راضي: وحدة البيت ووحدة القصيدة, مجلة الشعر، القاهرة، العدد 8 "1977م", ص41-47. 16، 17، 18،19، 20، 21، 22، 23- عبد القادر الرباعي: معلقة زهير والبنية الاجتماعية في العصر الجاهلي, مجلة المعرفة، دمشق، العدد 218، "1980"، ص125-165. الصورة ومجالات الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي, مجلة المورد، بغداد، المجلد9، العدد3، "1980"، ص11-34. شاعر السمو زهير بن أبي سلمى، مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، عدد كانون ثاني، تموز 1980م، ص152-177. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 الصورة والرؤيا في شعر زهير بن أبي سلمى, مجلة أبحاث اليرموك. الصورة في النقد الأوربي ومحاولة تطبيقها على شعرنا القديم, مجلة المعرفة، العدد 204 "شباط 1979"، ص27-69. تشكيل المعنى الشعري, فصول، مجلد4، عدد2، 1984م، ص55-72. التشبيه الدائري في الشعر الجاهلي, ندوة المرحوم الدكتور الغول، جامعة اليرموك، 1984م. تشكيل الصورة في شعر زهير, مجلة كلية الآداب, جامعة الملك سعود، مجلد 11, عدد 2 "1984" ص599-657. 24،25- عبد الله الطيب: تأملات في مقدمات القصيدة، محاضرات مجمع اللغة العربية، القاهرة، المجلد3، الجزء الثاني, ص287-300. الشعر العربي وقضاياه، من كتاب "ثمار الفكر", 1982، ص204-219. 26- عز الدين إسماعيل: النسيب في مقدمة القصيدة الجاهلية, مجلة الشعر، القاهرة، "فبراير 1964"، ص3 وما بعدها. 27- فاطمة بركة: آراء حول القصيدة التقليدية, مجلة الشعر، القاهرة, العدد 12 "1978م"، ص99-102. 28، 29- فالتر براونة: مشكلات الشعر الجاهلي, مجلة المجلة، القاهرة، يوليو 1963م. الوجودية في الشعر الجاهلي, مجلة المعرفة، دمشق، العدد 4, 1963م. 30، 31، 32، 33- كمال أبو ديب: نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي "1", مجلة المعرفة، دمشق، العدد 195 "مايو 1978م", ص28-51. نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي "2", مجلة المعرفة، دمشق، العدد 196، "يونيو 1978"، ص72-110. معلقة امرئ القيس: تحليل بنيوي, فصول، مجلد 4، عدد2 "1984"، ص92-130. بنية الصورة الشعرية، ندوة المرحوم الدكتور الغول, جامعة اليرموك, 1984. 34- محمد عبد المطلب مصطفى: الوقوف على الطلل, فصول المجلد 4، عدد2، "1984"، 153-164. 35- محمد عويس: البناء الموضوعي للقصيدة العربية في العصر الجاهلي, مجلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 الشعر، القاهر، يناير 1978، ص92-98. 36- محمد غنيمي هلال: الوقوف على الأطلال بين الأدبين العربي والفارسي, من كتاب مهرجان الشعر الثالث بدمشق 1961، والقاهرة 1962م. 37، 38- محمد عبد الله الجادر: قراءة معاصرة في مقدمة القصيدة الجاهلية، مجلة الأقلام، بغداد، العدد 12 "1979م"، ومجلة الثقافة السورية، آذار1980م. نحو منهج عربي في دراسة القصيدة الجاهلية, مجلة الأقلام، بغداد، العدد7 "1980م"، ص4-10. 39- محمود موعد: رؤية جاك بيرك للشعر العربي, مجلة المعرفة، دمشق، العربي المعاصر، العدد 10 "1981"، ص4-20. 41- نصرت عبد الرحمن: سيدة المطرفي شعر أبي ذؤيب، مجلة دراسات، الجامعة الأردنية، مجلد 7، عدد1 "1980" ص9-22. 42- نهاد الموسى: نحو منهج في تحقيق قراءة الشعر القديم وفقًا لصورته التاريخية، مجلة دراسات، الجامعة الأردنية، مجلد6، العدد الأول "أيار 1979". 43- نوري حمودي القيسي: لوحة الناقة، مجلة كلية الآداب، جامعة المستنصرية، بغداد، العدد الرابع "1974م". 44، 45، 46، 47- يوسف خليف: قصة الشعر العربي"1", مجلة الشعر، القاهرة، العدد6، "1977م"، ص16-24. قصة الشعر العربي "2", مجلة الشعر، القاهرة، العدد 8, "1977م"، ص12-20. مقدمة الأطلال في القصيدة الجاهلية, مجلة المجلة, القاهرة، العدد100، أبريل 1965م. مقدمة القصيدة الجاهلية, مجلة المجلة، القاهرة، العدد 98، فبراير 1965م. 48، 49- يوسف اليوسف: ما الشعر العظيم؟ مجلة المعرفة، دمشق، العدد 182, "1977م"، ص49 -75. المحتويات التحتانية للمعلقات, مجلة الموقف الأدبي، دمشق، العدد 63 "تموز 1976م"، ص5-34. 50- عدنان مكارم: رمزية الناقة في القصيدة الجاهلية, مجلة المعرفة، عدد 222-223 "سبتمبر 1980م، ص173-189. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 سابعًا: دراسة نصوص 1- عبد القادر المغربي: معلقة طرفة. مجمع اللغة العربية، دمشق، العدد الأل، ص203-218. 2- فؤاد حسنين: لامية العرب. مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، العدد10، الجزء الأول، ص45-66. 3، 4، 5- كمال أبو ديب: نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي1. مجلة المعرفة، دمشق، العدد 195، "مايو 1978م"، ص28-51. نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي "2". مجلة المعرفة، دمشق، العدد 196, "يونيو 1978م"، ص72-110. معلقة امرئ القيس - تحليل بنيوي. فصول، مجلد4، عدد4 "1984م"، ص92-130. 6- محمود عبد الجادر: معادلة الميلاد والموت، دارسة لدالية دريد بن الصمة. مجلة الطليعة الأدبية، بغداد، العدد الأول 1986، ص54-63. 7- محمود محمد شاكر: قصيدة تأبط شرًّا في رثاء قريب له بعنوان: "نمط صعب ونمط مخيف". أعداد متتالية من مجلة المجلد، القاهرة، 1969-1970م. الأعداد 148 "1969" ص4-13، 150 "1969" ص4-20، 153 "1969"، 154 "1969"، 155 "1969"، 159 "1970"، 161 "1970". 8- نوري حمودي القيسي: منصفات جديدة. مجلة المجمع العلمي العراقي، بغداد، العدد 20 "1970م"، ص186-191. 9- يوسف اليوسف: تحليل معلقة امرئ القيس "1". مجلة المعرفة، دمشق, العدد 163"1975م"، ص62-91. 10- يوسف اليوسف: تحليل معلقة امرئ القيس2، مجلة المعرفة، دمشق، عدد 164 "1975", ص62 -91. 11- ماهر حسن فهمي: رؤية فنية في دراسة النص الأدبي. حولية كلية الإنسانيات، جامعة قطر، العدد 4 "1981"، ص7-29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 ثامنًا: أغراض الشعر 1- جميل صدقي الزهاوي: على أطلال الشعر الجاهلي. مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، العدد،11، ص762-764. 2- نجمة إدريس: دفاع عن الغزل الجاهلي. مجلة العربي, الكويت, تموز 1981م, ص105-113. 3- يحيى الجبوري: الرثاء في الشعر الجاهلي. مجلة كلية الآداب, جامعة بغداد, العدد 17 "1973م"، ص7-21. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 تاسعًا: اللغة واللهجات 1، 2 أنوليتمان: بقايا اللهجات في الأدب العربي "1". مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، العدد10، الجزء الأول "1948م", ص1-44. بقايا اللهجات في الأدب العربي"2". مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، العدد10، الجزء الثاني "1948م"، ص1-56. 3- جميل سعيد: لغة الشعر، مجلة المجمع العلمي العراقي، العدد 19 "1970م"، ص95-120. 4- محمد بدر الدين العلوي: العربية أم اللغات السامية. مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، العدد6، ص529-533. 5، 6- محمد رشاد خليل: تكوين الفكر العربي قبل الإسلام من اللغة "1". مجلة اللسان العربي، الرباط، العدد 14، الجزء الأول. محمد رشاد خليل: تكوين الفكر العربي قبل الإسلام من اللغة 2-7. مجلة اللسان العربي، الرباط، العدد15، الجزء الأول، ص76-109، والأعداد التالية. 7- مراد كامل: لغات النقوش العربية الشمالية وصلتها باللغة العربية. محاضرات مجمع اللغة العربية، القاهرة، المجلد الثاني، الجزء الثاني، ص179-206. 8- القاضي إسماعيل الأكوع: اللغات اليمانية القديمة وخصائصها. مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، العدد18-20 "1983م"، ص31-60. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 عاشرًا: النثر الجاهلي 1- أحمد خطّاب العمر: الكتابة العربية من العصر الجاهلي. 2- جورج صدقني: في سيكولوجية الأمثال العربية. مجلة المعرفة السورية، دمشق، الأعداد 219 "1980"، 204 "1979"، 200 "1978"، 202 "1978"، 199 "1978"، 210 "1979". 3- رئيف خوري: أكثم بن صيفي حكيم العرب. الضاد، بيروت، السنة 7، العدد 207، والعدد 237. 4- عبد الكريم اليافي: الأمثال: حقيقتها، مكانتها، منشؤها، صلتها بالحياة. مجلة التراث العربي، العدد الثاني "1985". 5، 6، 7، 8، 9، 10- عفيف عبد الرحمن: الأمثال العربية القديمة. مجلة العلوم الإنسانية، جامعة الكويت، 1983م. - الأمثال الشعرية. - صورة الحيوان في الأمثال العربية القديمة. مجلة العلوم الإنسانية، جامعة الكويت، 21 "1986"، 40- 86. - صيغة أفعل في الأمثال العربية القديمة. مجلة العلوم الإنسانية، جامعة الكويت، 19 "1985"، 44-81. - الأمثال: دراسة لغوية. - القيم والأخلاق في الأمثال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 حادي عشر: موضوعات أخرى 1- إبراهيم اللبان: الطريقة الحديثة لعرض الأدب. محاضرات مجمع اللغة العربية، القاهرة، مجلد2، جزء2، ص73-86. 2- جميل سعيد: الشعر والإنشاد. مجلة المجتمع العلمي العراقي، العدد14، 1976م"، ص56-76. 3- حمادي حمود: ملاحظات حول مفهوم الشعر عن العرب، مجلة الموقف الأدبي، دمشق، العدد 71، آذار1977م، ص71-91. 4- ديتربيلمان: صورة ألمانية للأدب العربي للعهد القديم المعاصر، مجلة المعرفة، دمشق، العدد 184، 1977م"، ص175-181. 5- رزق فرج رزق: اسكندر أباكوريوس: من روّاد مؤرخي الأدب الجاهلي في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 العصر الحديث، مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، العدد16، 1973م، ص74-91. 6- الطيب البكوش: عرض كتاب أندرية ميكال الأدب العربي. حوليات الجامعة التونسية، العدد 6 "1969م"، ص203-213. 7- نوري حمودي القيسي: التمام على ما جاء في معجم شعراء اللسان من أوهام. مجلة المجمع العلمي العراقي، المجلد 32 وما قبله 1981م. 8- وليم زلزال: تخميس حكم زهير في معلقته. مجلة المقتطف، القاهرة، العدد 31، ص397 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 خلاصة الدراسات الحديثة : قبل الخوض في قضيتين أساسيتين ينبغي علينا أن نشكّل صورةً للواقع الجاهلي، وأعني بالقضيتين مناهج دراسة المحدثين للشعر الجاهلي، وموقف هذه المناهج من قضايا أساسية في الشعر الجاهلي، وسأحاول أن أرسم صورة توضح المعالم البارزة في المجتمع الجاهلي التي كان لها حضور شبه دائم في الشعر الجاهلي. يشكل الرباعي التالي المحور الأساسي الذي تدور حوله باقي المحاور، وأعني به الفرد "الأنا", والقبيلة "نحن"، والصعلوك "الفرد المتمرد على القبيلة وتقاليدها"، والملك أو الكاهن أو رئيس القبيلة، وهذه العناصر الأربعة المكونة لهذا المحور قد تتفق وقد تتنافر، وقد تتحد. والمجموعة الثانية أو المحور الثاني: الصحراء، والطلل، والمطر، والسيل، والرحلة، والظعينة، والوشم، وهذه تربطها بالإنسان الجاهلي علاقات قد تكون إيجابية، وقد تكون سلبية، قد ينفر منها العربي ويخشاها، وقد يلوذ بها لتحميه, أو ليجد عندها الأمن والطمأنينة، يرهبها لأنه يرى فيها مستقبله الآيل إلى فناء، أو سعادته الآيلة إلى فراق، أو القبر الذي يطويه، فعلاقته بها ذات وجهين متضادين. فهي تختزن جزءًا من ماضيه أو كله, وتصور حاضره، وتخبئ مستقبله المجهول الذي لا يدري كنهه. والمحور الثالث: يمثل الحيوان، ولكن لا يكون حضوره وفاعليته في القصيدة الجاهلية بالكثافة نفسها. وتطالعنا الحيوانات التالية ممثّلة في الشعر بصورة ملفتة وهي: الناقة والفرس وحمار الوحش والكلاب. وهذا المحور أيضًا يدور في فلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 المحور الأول لا يفارقه، ولكن يظهر هذا ويختفي ذاك، والمحرك لأدواره فاعلية خفية اختلفت المناهج في تفسيرها وتأويلها, ويوصف كل حيوان بصفات تختلف من شاعر إلى آخر, بل من قصيدة إلى آخرى للشاعر نفسه, وهذا المحور أيضًا في علاقاته مع المحور الأول ينتقل من طور إلى طور مضاد وفقًا لمعطيات وعوامل أخرى. أما المحور الرابع فيتمثل في الزمن، الموت والفناء، وانتهاب اللذات من خمر ونساء، وصيد وعقر، والمرأة، والحروب "الأيام"، والصراع بمظاهره المختلفة، والخمر، والمحبوبة، والكرم. وهذه المجموعة تأتي، أو يأتي بعضها نتيجة لتصارع المحاور السابقة لتشكل فلسفة الشاعر الجاهلي المعبِّر عن مشكلاته ومشكلات أقرانه من الجاهليين الذين يعانون مثل ما يعاني، ويرغبون مثل ما يرغب، ويرهبون ما يرهب، ولا أريد أن أستبق الأمور؛ لأن ذلك سيعرض بالتفصيل عند دراسة المناهج، لكنني أستطيع أن أزعم أن المحور الرابع يقتسمه قطبان متضادان: رغبة في الخلود يرافقها رهبة من الموت وهلع وجزع، والقطب الآخر اندفاع في اتجاه مضاد يتمثل في انتهاب اللذات وتخليد النفس بعد الفناء بأعمال تبقى خالدة ما دام غير قادر على تحقيق الخلود, والاحتمالات والاختيارات هنا كثيرة، يجد الشاعر وفقًا لظرفه والمؤثرات التي تضغط عليه وسيلة للرد أو الهروب أو التصدي، أو التهلي والتناسي. وهذا المحور لا يتعامل، فيؤثر ويتأثر، بالمحور الأول فحسب، بل تتداخل المحاور الأخرى لتشكل بنية متشابكة معقَّدة, حار الباحثون أحيانًا واختلفوا في تفسيرها، وتناقضت تفسيراتهم وتأويلاتهم وفقًا لمنطلقاتهم المنهجية. وهكذا فإنني أزعم أن هذه المحاور الأربعة تشكِّل أساسيات في النص الشعري، ولكن هذا لا يعني أن كل عنصر فيها قد يكون محورًا ثانويًّا تتنامى حوله الصورة أو النص الشعري. وهكذا نتصور أن من يتصدَّى لدراسة الشعر الجاهلي ينبغي أن يضع نصب عينيه هذه الحقائق، فأين كان النقد القديم من هذا؟ لن نكرر ما أوردناه في موضع آخر من هذا البحث من أن الناقد القديم، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 دراس الشعر الجاهلي لم يكن من أهدافه ما نحن بصدده، بل كانت له أهداف أخرى. يذهب الدكتور إبراهيم عبد الرحمن في دراسة له إلى قصور النقد القديم في جوانب أهمها: إنه قصر في فهم شعرنا القديم في سياقه الأدبي ودلالاته الحضارة1. وتقول بنت الشاطئ محددة منهجها: "أريد أن أستخلص لأدبنا العربي قيمًا جديدة نابعة من تراثنا الأصيل, دون التزام بالقيم وبالأحكام التي ذهب إليها من نظروا في هذا التراث بذوق عصرهم، وحكموا عليه بعقلية زمانهم, وقوموه بموازين بيئاتهم ومجتمعهم ... "2. ويرى صلاح عبد الصبور أن مقياس دراسة الشعر تقدير النفس والحياة، ولذا فقد قصرت معظم الدراسات التراثية لعدم تعمقها لهذا الغرض الجوهري3. أما الدكتور كمال أبو ديب فيرى أن القراءة السائدة للشعر الجاهلي قراءة صلة تفقده التحليل، بل تفقده خصيصة الشعر الأولي، وهي كونه تجسيدًا لاستجابة إنسانية، ورؤيا للعالم جماعية وفردية في آنٍ واحد4. ولا نريد أن نسترسل في إيراد آراء الباحثين؛ لأن من عرضنا لهم يمثلون اتجاهات مختلفة، وكلهم أجمعوا على قصور النقد القديم عن سبر أغوار الشعر الجاهلي، أو لنقل: إن ذلك لم يكن من أهدافهم لأسباب معلنة، وأخرى غير معلنة. ولم يتوقف رفضهم لمنهج القدماء في نقد الشعر الجاهلي وتحليله, بل رفض بعضهم أيضًا منهج المستشرقين في دارسات الشعر الجاهلي، وقد سقنا بعضه في حديثنا عن جهود المستشرقين. وبالرغم من تلك الدراسات الكثيرة حول الأدب الجاهلي بعامّة والشعر   1 من أصول الشعر العربي القديم، مجلة فصول، مجلد4، عدد2، "1984"، ص24-41. 2 قيم جديدة للأدب العربي القديم والمعاصر، معهد الدراسات والبحوث العربية 1966، ص14. 3 قراءة جديدة لشعرنا القديم، بيروت، دار النجاح، 1973، المقدمة. 4 من الفصل السادس من كتاب يصدر عن المؤسسة العامة للكتاب بمصر، 1986. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 بخاصة، إلّا أن قضايا كثيرة تبرز في المقدمة، وقد أثارت هذه القضايا جدلًا كبيرًا، وتباينت الآراء حوله. ولا نرى بأسًا من ذكر أهمها: 1- عمر الشعر الجاهلي الذي وصل إلينا، وهي قضية متفرعة عن أولية الشعر نفسه، ويعدُّ "جويدي" المستشرق قصائد القرن السادس الميلادي الجديرة بالإعجاب التي تنبيء بأنها ثمرة صناعة طويلة1. 2- شعراء الجاهلية المعروفون، وما انتهى إلينا من أشعارهم، وحجم هذا الشعر. 3- وضع الشعر ونحله شعراء الجاهلية أهي صحيحة أم باطلة؟ فإن صحَّت فأين هذا المنحول فيما وصلنا عن العلماء الرواة من أشعارهم2؟ 4- صورة الشعر الجاهلي الحقيقي: ويرى الدكتور البهبيتي أن كثيرًا من الشعر الجاهلي الصحيح النسبة إلى أصحابه، أو إلى العهد الجاهلي قائم في الكتب الباقية بين أيدينا الآن، لكن ليس في مجاميع الشعر الجاهلي الذائعة الصيت، وإنما يقع في كتب تدخل عندنا، وفي اعتبارنا في مجال القصص المصنوع؛ لأن القدامى وضعوها في قالب متحجر من تصور الشعر الجاهلي والتاريخ الجاهلي، بحيث أصبح التاريخ الحيّ عندنا قصصًا, وما اندرج خلاله من الشعر مصنوعًا. وهكذا لم يبق من هذا البناء الشامخ العتيد إلّا قطعًا متناثرة هنا وهناك3. ويرى الدكتور عادل البياتي أن ملاحم الأيام وما تضمنته من فكر وثني دخلت في صدام مع الإسلام, انتهت به إلى أن يتمكَّن من تغطية جميع الملاحم الوثنية، ونزعها من الصدور بأناشيدها، بالرغم من أن كانت متمكِّنة من نفوس العرب الوثنيين يومئذ4. وهو بهذا الرأي يلتقي مع البهبيتي، من أن صورة الشعر التي نتعامل معها ليست الصورة الحقيقية الكاملة للشعر الجاهلي.   1 انظر رأيه هذا في "الفن ومذاهبه في الشعر العربي، شوقي ضيف، ط8: 1974م، ص14". 2 يرى الأستاذ محمود شاكر أن هذه القضايا الثلاث من أكبر القضايا التي يثيرها أمر الشعر الجاهلي، وانظر مجلة العرب، السنة العاشرة، الجزء 5، 6 "1975"، ص322. 3 المعلقات سيرة وتاريخًا، الدار البيضا 1982، ص189, تاريخ الشعر العربي، القاهرة، 1961م، ص107. 4 انظر أيام العرب، بغداد، 1976، الفصل الخاص بالإسلام وشعر الأيام، ص179، وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 5- أيام العرب: والجدل الذي يثور حولها ليس حدوثها أو عدمه، بل طبيعتها وما حملته من قيم ومعتقدات، ونتائجها، وطبيعة شعرها هل ينتمي إلى الملاحم أم لا؟ وهل كانت شرًّا ووبالًا على المجتمع الجاهلي أم خيرًا؟ ولم تعمد الضمير العربي طمسها فضاع مصدرها الأساسي وهو كتاب أبي عبيدة؟ هل بسبب خوفهم من أن تثير العصبية القبلية؟ أم لما تحمله من فكر وثني؟ أم بسببهما معًا؟ واختلفوا كذلك في أسباب حدوثها وكثرتها، بل ذهب بعضهم إلى أنها لا تعني حربًا فحسب، بل تعني مأثرة أو غير ذلك1, ولا أرى بأسًا من إيراد بعض آراء الباحثين فيها. فالدكتور أحمد كمال زكي يراها تراثًا نبع من الضمير الجاهلي في شتَّى تكويناته الاجتماعية، وامتلأ بالمحتوى الفكري الذي يتشكّل تشكلًا قوميًّا لم تشاركه فيه الأمم المجاورة, مع تسليمه بوجود تأثيرات متبادلة بينهما. وهي تتضمن خلاصة الثقافة العربية الأولى ممتزجة بالأساطير والقصص والخرافي، وكان المحدثون منذ العصر الأموي قد دأبوا على طمسها؛ لأن فيها إيقاظًا للشعر الجاهلي الذي أساسه العصبية2. ويرى الدكتور البهبيتي رأيًا مغايرًا للرأي السابق فهو يقول: "إنهم لم يذكروا من شعرهم إلّا ذلك الشعر الذي قاله شعراؤهم في عهدٍ لا يزيد على القرنين قبل الإسلام، بل إنهم لم يستبقوا من ذلك كله إلّا ما قيل من هذا الشعر، وكان متصلًا بتلك الحروب الأهلية، وبحركات تحرير الجزيرة"3. والأيام في رأي الدكتور عادل البياتي ليست وثيقة تاريخية، وإنما عالم ينبض بالأساطير التي تصور حياة الأمة العربية في شبه الجزيرة العربية4. ويرى الدكتور الطاهر مكي أن "الأيام موغلة في القدم، ولعلها أقدم مما تشير إليه كتب التاريخ، وإن الشعر والقصص لم يكونا بمعزل أحدهما عن الآخر"5.   1 أيام العرب، عادل البياتي، 179. 2 دراسات في النقد الأدبي، بيروت، دار الأندلس 1980، ص157. 3 تاريخ الشعر العربي حتى القرن الثالث، القاهرة, دار الفكر، ص45. 4 أيام العرب ص95, وانظر بلاشير "المترجم" ص173. 5 امرؤ القيس: أمير شعراء الجاهلية، دار المعارف ط2، 1970م، ص17. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 ولسنا في مجال استقراء ما كُتِبَ حول الأيام، فالمصادر والمراجع مثبتة في هذا البحث، ولكن خلاصة ما أراه أن صورة الأيام الحقيقة ستظل ناقصة بسبب فقدان مصادرها الأساسية، فما تبقَّى منها نتف مبثوثة هنا وهناك، وبالرغم من محاولتي جمع الأيام وشعرها وأخبارها إلّا أنني لم أظفر إلّا بأقل من أربعمائة يوم1, وأزعم كذلك أن التاريخ في هذه الأيام اختلط بالأساطير، وليس أدل على ذلك من صورتي عنترة والمهلهل وما نسج حولهما، وقل مثل ذلك في غيرهما من الفرسان والأبطال والحكماء والكهان الذين كان لهم دور بارز في تلك الأيام. 6- طبيعة الشعر الجاهلي: وتلك قضية خاض فيها الدراسون، وذهبوا مذاهب شتى, وبرزت في تبريرات أوردوها لاصطناع هذا المنهج أو ذاك؛ فبعهضم رأى أن مصدر الشعر الجاهلي هو "الإلهام"، ولكن من سوء حظه أن نظرية الإلهام لم تكد تثبت في الوجدان العربي حتى زاحمتها نظرية الصنعة في الشعر، وإن هذا الشعر نشأ من منبع متعالٍِ عن البشر، فقُرِنَ الشعراء أنفسهم بالجن2. ويذهب الدكتور مصطفى ناصف إلى أن الشاعر الجاهلي لا يتصور الفن عملًا فرديًّا، بل يتصوره نوعًا من النبوغ في تمثل أحلام المجتمع ومخاوفه وآماله، ويرى أنه ينافس أي شعر آخر إذا أحسنّا قراءته3. واختلف أيضًا في نسبة هذا الشعر إلى نوع من أنواع الشعر الثلاثة: الغنائي والملحمي والمسرحي، فرأيُ الدكتور شوقي ضيف بأن الشعر العربي نشأ نشأة غنائية4. 7- تطور الشعر الجاهلي: وتتصل هذه القضية بسابقتها، يقول الدكتور شوقي ضيف: "ومن الخطأ أن نظن أن الحياة الأدبية في العصر الجاهلي كانت ساذجة بسيطة، فقد كانت معقَّدة ملتوية شديدة الالتواء ... وكان كل شيء في العصر الجاهلي يعد لظهور هذا التكلف في الشعر أو ظهور الصنعة ... ويدلل على صحة رأيه   1 انظر: الشعر وأيام العرب في العصر الجاهلي، دار الأندلس، بيروت, 1983، للباحث نفسه. 2 صلاح عبد الصبور، قراءة جديدة لشعرنا القديم, بيروت, دار النجاح، 1973م. 3 قراءة ثانية لأدبنا القديم، ص53. 4 الفن ومذاهبه في الشعر العربي، ص41. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 بأسماء بعض الشعراء كالمهلهل والمحبر النابغة والمرقش وغيرهم"1 وهو بذلك يخالف الجاحظ في مقولته2 ويرى أن الجاحظ قد بالغ ليرد على الشعوبية3. أما غرنباوم4 فقد حاول أن يؤسس مدارس فنية في الشعر الجاهلي تضم الشعراء الذين ولدوا بين 440م -530م على وجه التقريب، وقسَّمهم إلى المدارس التالية: 1- المدرسة الأولى: في قبيلة قيس بن ثعلبة, تبدأ بسعد بن مالك وتنتهي بالأعشى. 2- المدرسة الثانية: وزعيمها عبيد بن الأبرص. 3- المدرسة الثالثة: وزعيمها امرؤ القيس. 4- المدرسة الرابعة: وهم وصَّافو الخيول ومنهم: زيد الخيل والطفيل والغنوي. 5- المدرسة الخامسة: وهم عبيد الشعر أوس بن حجر وزهير وأتباعهما. 6- المدرسة السادسة: أبو دؤاد الأيادي وأتباعه طرفة وعدي والمثقب والأعشى. ويقسِّم الدكتور يوسف خليف5 العصر الجاهلي إلى ثلاثة عصور أدبية: 1- عصر البسوس: ويمثله امرؤ القيس. 2- عصر داحس والغبراء: وطلائعه الطفيل الغنوي وأوس بن حجر، ومن هذه المدرسة زهير وعنترة والنابغة. 3- عصر ذي قار: ويمثله حسان ولبيد والأعشى. أما الدكتور سيد حنفي حسنين6 فيرى أن الشعر الجاهلي مرَّ بثلاث مراحل هي: 1- مرحلة الطبع والتلقائية, أو شعر ما قبل الاحتراف, ويمثلها أبو دؤاد وعبيد وامرؤ القيس والصعاليك.   1 الفن ومذهبه في الشعر العربي ص22. 2 البيان والتبيين 3/ 28. 3 الفن ومذاهبه في الشعر العربي, ص19. 4 دراسات في الأدب العربي, ترجمة: إحسان عباس وزميليه, ص145. 5 دراسات في الشعر الجاهلي، مكتبة غريب, القاهرة، 1981، ص213. 6 الشعر الجاهلي: مراحله واتجاهاته الفنية، دار الثقافة، القاهرة، ط2، 1981م، ص31. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 2- مرحلة الصنعة والاحتراف, أو احتراف الشعر: ويمثلها زهير وأوس وبشامة الغدير وكعب والحطيئة والنابغة والأعشى. 3- مرحلة الجمو: ويمثلها لبيد. ويحاول الدكتور بهي الدين زيان1 أن يرصد عوامل التطور قبل أن يتحدث عن التطور نفسه، فيرد هذا التطور إلى العوامل التالية: طبيعة الحياة الاجتماعية، وشخصية الشاعر ومكانته في المجتمع، والمؤثرات الفكرية والثقافية التي استهدفت تغيير الحياة في المجتمع, وينتقل بعد ذلك ليتحدث عن مجالات التطور، فيراها أولًا في تطور لغة هذا الشعر، وفي وسائل البيان، وأوزان الشعر، وفي القصيدة الجاهلية نفسها، وفي موضوعات الشعر، وتطور الاتجاهات الفنية عند بعض الشعراء، والاتجاهات الموضوعية عند الآخرين. وعندما يحاول تقييم هذا التطور فإنه يقرر أنَّ الشعر قد قطع مرحلة طويلة في تطوره، ومن ثَمَّ فإن القصائد الطويلة التي ترجع إلى حوالي مائة وخمسين سنة قبل الإسلام، ليست إلّا تطورًا أخيرًا أو صورة كاملة لهذا الشعر، وإن الشعر الجاهلي أقدم وأبعد زمنًا من تاريخ هذه القصائد. وهكذا فإن خلاصة رأيه هي أن مظاهر هذا التطور تشمل: اللغة، وصور التعبير، والشكل، والمضمون، والاتجاهات. 8- هل العرب بدائيون؟ وهذا التساؤل مثير للجدل والاستغراب، وقلَّمَا خلا بحث في الشعر الجاهلي من ذكر هذه القضية, بل نجد الباحث نفسه يتحدث في اتجاهين متضادين، يصف العرب بالبدائيين ليصل إلى نتيجة تمكنه من تطبيق منهجٍ ما على شعرهم، وفي الوقت نفسه ينفي عنهم التهمة عندما يحاول أن يبين خصائص ذلك الشعر, ولعلنا لا نعدو الحقيقة إذا قلنا أن الملابسات التالية قد أحاطت بالقضية فألبستها ثوبًا من الغموض، وحتى لا نطيل نكتفي بسردها هنا وهي: 1- تأثر واضح بالمستشرقين ومناهجهم حينما بحثوا في أولية الشعر عدوا العرب في جاهليتهم بدائيين، وقاسوا عليهم الأحكام نفسها التي قاسوها وطبقوها على   1 الشعر الجاهلي، تطوره وخصائصه الفنية، دار المعارف، 1982، ص7-52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 الشعوب البدائية والقبائل الإفريقية البدائية، كربطهم الهجاء والرثاء بالطقوس السحرية أو الدينية. 2- الخط بين البداوة والبدائية, وهما لفظتان مختلفتان معنًى على الأقل. 3- الغموض الذي اكتنف حياتهم الدينية في الجاهلية. 4- الغموض الذي اكتنف حياتهم الثقافية أيضًا. 5- خلطوا بين فترتين مَرَّ بهما العرب قبل الإسلام، الجاهلية الأولى والجاهلية الثانية, أو العرب البائدة، وعرب قبيل الإسلام، ونسوا أن الشعر الذي ندرسه ينتمي إلى فترة قبيل الإسلام، ومما دعا جويدي المستشرق وغيره إلى القول بأن الشعر الذي ندرسه ينبئ عن أنه ثمرة صناعة طويلة. 6- رغب بعض الدراسين في دراسة الشعر الجاهلي دراسة أسطورية, ووجدوا أن الأسطورة مما يخص الأمم البدائية، فذهبوا إلى نسبة العرب إلى الأمم البدائية. وصفوة القول في هذه القضية أن العرب في جاهليتهم التي بين أيدينا شعرها أو بعضه لم تكن بدائية, لأن ما وردنا من فكرها وجدلها مع المسلمين ومعتقداتها وحضارتها ينفي ذلك، بل إن الجاهلية الأولى كانت معاصرة لحضارات وادي النيل وما بين النهرين وغيرهما، ولم تكن بدائية بالمصطلح المتعارف عليه. وإذًا فنستطيع الاطمئنان إلى أنَّ جاهلية قبيل الإسلام وأهلها قد تجاوزوا الحياة البدائية بجوها الأسطوري منذ آماد طويلة1، وإذا كانت أساطير وظَّفها الشعراء الجاهليون في شعرهم, فإنما انحدرت إليهم من أسلافهم، أو من أمم أخرى وثقافات أخرى أثَّرت فيهم وتاثروا بها. 9- أثر الحضارة الأجنبية في الشعر الجاهلي: ويمكن أن نقول أيضًا عن هذه القضية "ثقافة الشاعر" أو "البنية الثقافية", وهي قضية كثر فيها القول وتضارب، فالمتعصبون للجنس العربي يرفضون الاعتراف بأي تأثر بالحضارات الأجنبية، وهم ممتدون على مدى عصور الأمة العربية، فقد رفضوا قول من قال أن القرآن الكريم تضمن ألفاظًا غير عربية دخلت العربية قبل الإسلام، بل كفَّروا القائل، وهم يرون في هذا التأثر نقيصة وسبَّة وعارًا. وفي المحدثين نسمع أصواتًا   1 هذا الرأي الأخير ذهب إليه الدكتور عبد العزيز الأهواني في "حركات التجديد في الأدب العربي" مصر، 1979، ص10. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 ترفض الاعتراف بهذا التأثير الأجنبي، يقول الدكتور محمد التونجي1: "أغلب الصور جاء وصفًا للمظاهر الخارجية شكلًا ولونًا نابعًا من معطيات فكرهم، ولا وجود فيه للتأثير بأية صورة أجنبية عن الجزيرة العربية". وثمة رأي وسط يقول: "إن التأثير كان محدودًا وضئيلًا، ولم يظهر بوضوح إلّا في شعر بعض الشعراء الذين احتكّوا بغيرهم"2 ويتفق معه في الرأي بالدكتور عثمان موافي3, فيرى بأن سبل التأثير محدودة وهي تتمثَّل في: بعض الأمثال والحكم وبعض الحوادث التاريخية، وبعض الألفاظ. ولا نجد من قال أن أبواب التأثر كانت مفتوحة على مصاريعها، وإنما وجدنا من العصر العباسي من قال بالتأثر، فقد ذكر الجاحظ4 أن أهل المدينة قد تأثروا بالفارسية بسبب استقرار بعض الجاهليات الفارسية منذ زمن سحيق. ولم أورد هذه النماذج من الآراء المتناقضة إلّا على سبيل الاستشهاد، فلم تخل دراسة إلّا وعرضت لهذه القضية. وهي متصلة بالخشية من الانتقاض من الأصالة الكمال في الوقت نفسه، ودليل ذلك أنها قديمة. ولكن المستشرقين الذين ذكرنا طرفًا من آرائهم قتلوا هذه القضية بحثًا، وكان لديهم شبه إجماع على تاكيد هذا التأثر، وقد برّروه بوجود الديانتين السماويتين في الجزيرة، ويدين بهما بعض العرب، وكذلك بوجود إمارتي المناذرة والغساسنة على الحدود, ونفوذهما السياسي والاقتصادي، وكذا وجود طرق القوافل التجارية مع وسط آسيا. ونجد بحوثًا عديدة منها مكتوبة بلغاتهم المختلفة, وربما كان لكتاباتهم ردة فعل لدى العرب، فاعتقدوا بأن المستشرقين قصدوا بيان اعتماد العرب على غيرهم، والانتقاص من عزتهم القومية، فتصدو لهم. ونتوقف قليلًا لنناقش هذه القضية، فأوّل ما نقرره أن عزلة أمة من الأمم، أو شعب من الشعوب ليس مجال فخر له، وإن عدم أخذه عن غيره أو إعطاء غيره ليس   1 دراسات في الأدب الجاهلي، حلب، 1980م، ص97. 2 جورجي زيدان، تاريخ التمدن الإسلامي، 3/ 28. 3 التيارات الأجنبية في الشعر العربي منذ العصر العباسي حتى نهاية القرن الثالث، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، 1972م، ص161 وما بعدها. 4 الحيوان بتحقيق عبد السلام هارون 1/ 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 مزية تحسب له, ولقد ثبت بالدليل القاطع بما ورد في كتب التاريخ والسير والتفسير والحديث الشريف وكتاب الله أن العرب اتصلوا بغيرهم، حتى أن بعضهم أصنامهم جلبت من البلقاء، كما ثبت أن كثيرين منهم عرفوا اللغة الفارسية والحبشية وغيرهما، وثبت أيضًا أنهم كانوا يتاجرون مع غيرهم من خارج الجزيرة العربية. وإذن فقضية الاتصال بغيرهم واضحة كل الوضوح، والاتصال يعني تأثرًا وتاثيرًا حسب الحاجة وحسب المستوى الثقافي والحضاري للشعبين المتصلين ببعضهما بعضًا. والأدب بشعره ونثره من نتاج نفرٍ من أهله يعبر عن أحاسيسهم، ومشكلاتهم، وتناقضات مجعتمهم، وأحلامهم، وهمومهم، واللغة أداته، فكيف بعد هذا كله ننكر الاتصال والتأثر والتأثير؟ كيف ننكره والمنطق السليم والشواهد والأدلة المادية تؤكده؟ ويبقى بعد ذلك فيم كان التأثر؟ ذلك سؤال لا نستطيع الإجابة عنه بجملة أو سطر أو صفحة، لأن ذلك يتطلب ما يلي: 1- يتطلب أولًا معرفة بلغة وحضارة الأمم التي اتصل بها العرب، وبعضها قد طمس. 2- ويتطلب ثانيًا مسحًا لشعر الجاهليين ونثرهم والتقاط شواهد على هذا التأثر. ولا أعتقد أن باحثًا قد قام بمثل هذا العمل بعد، ولكن ما نجده إما إشارات لدى القدماء نستدل منها على وجود تأثر، أو نستقرئ ديوانًا أو نصًّا فنستنتج التأثر. تلك هي القضايا الشائكة التي لم يتفق الباحثون على رأي موحَّد بشأنها، وإن تقاربت وجهات نظر بعضهم، لكن فجوة كبيرة تفصل بين فريقين منهم على الأقل: أحدهما في أقصى اليمين، والآخر في أقصى اليسار، ولكنها قضايا كان لها أثر فعال في تنويع دراسة الأدب الجاهلي وتعدد مناهجه، ولم تكن عاملًا معوقًا في تقدم درس الأدب الجاهلي, وبعض هذه القضايا أصبح الآن قضية ندرسها لتأريخ ذلك الأدب؛ كقضية الانتحال وعمر الشعر الجاهلي، ولكن القضايا الأخرى ما زال الجدل محتدمًا لتأييد وجهة النظر هذه أو تلك. ولكن ثمة قضايا نستطيع أن نسميها بالمصطلح المعاصر قضايا ساخنة؛ لأنها تؤثِّر في دراسة وتحليل النص الشعري الجاهلي، وتفرز نتائج تقود إلى حل كثير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 من القضايا السابقة التي ذكرناها، ولكن من وجهة نظر منهج معين، وهذه المناهج التي تحل رموز هذه القضايا هي محور بحثنا هذا كله وزبدته، وهي قضية الساعة الملحة، وعلى فهمها والتعمق في تعليلها يتوقف سبر أغوار النص الجاهلي، والوصول إلى أقرب صورة من عصره وقائله. فهدفنا الأساسي إذًا فهم النص الشعري فهمًا مغايرًا لما قصد إليه شراح الأدب القدامى من شرحه شرحًا لغويًّا، والتعريج على بعض صور التشبيه والمجاز وغيرهما من ضروب البلاغة. وفي ظنِّي أن الظواهر والقضايا التي استقطبت اهتمام الباحثين والنقاد هي: الطلل، والصعلكة، والمعلقات، وأولية الشعر الجاهلية، ومشكلة المصير "الحياة والموت"، وأيام العرب، والأمثال، والرحلة، والوحدة في القصيدة الجاهلية، ولغة الشعر، والصورة الفنية، وخصائص الشعر الجاهلي، والأسطورة، والرمز. وسنعرض لأهم الآراء التي قيلت في كل قضية أو ظاهرة، وندلي بدلونا؛ لأنها ستمهد الطريق أمام عرض مناهج دراسة الشعر الجاهلي. ولقد كان للدارسين المحدثين مآخذ على مَنْ درسوا الشعر الجاهلي؛ بعضها على الأقدمين, وبعضها على بعضهم بعضًا، وقد يكن من المفيد حقًّا أن نعرض لهذه المآخذ، حتى إذا ما عرضنا للمناهج في نهاية البحث ندرك من تجنب هذه المآخذ، ومن تناقض مع نفسه فوقع فيها, ونؤثر عرضها بغير ترتيب زمني لأسباب أهمها أن الذي يعنينا هو المآخذ، ولعدم معرفتنا أسبابهم العلمية. فطه حسين1 في معرض حديثه عن الوحدة المعنوية للقصيدة القديمة يرى أن الذين ينكرونها إنما ينكرونها لسببين هما: لعدم دراستهم الشعر القديم دراسة يتعمقون فيها أسراره ومعانيه، ويصدقون ما يقال فيه من الكلام، ولأنهم يقبلون ما يقوله الرواة في غير تحفظ ولا تحقيق، وينسون أن الشعر القديم نقل مذاكرة، فضاع ما ضاع، ولم تحسن الرواية، فكثر فيه الاضطراب، وظنَّ المحدثون أن هذا صفة الشعر القديم. ونجيب البهبيتي2 يقرر بأن جميع الفنون التي عالجها الشاعر الإغريقي   1 حديث الأربعاء، دار المعارف، 1/ 33. 2 تاريخ الشعر العربي، ص105. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 القديم عالجها الشاعر الجاهلي، غير أن اليونان وجدوا طريق الملائمة بين هذه الفنون بوضعها في إطار من القصة، ولم نجد بين أيدينا في شعر الجاهلية الباقي هذا الإطار، وهو نفسه قد رفضته الأمة العربية في عهد نضجها المتأخر ولم تقبله، لما وصلت إليه من إحساس بالواقع، يتنافى مع صياغة القصة شعرًا. ويقرّر مصطفى ناصف1 في مقدمة كتاب القيم، بأن معظم الدراسات متشابهة في بنيتها العقلية غير متعمقة في القراءة، وهناك كثير جدًّا من الحواجز القائمة بيننا وبين تراثنا القديم. أما النويهي2 فيعزو قصور النقد القديم عن فهم الشعر الجاهلي لأنه قام على أساس من علوم البلاغة التقليدية التي قصرت عن أن تلفتنا إلى الجمال الحقيقي في الأدب القديم، وإنما فعلوا ذلك لأنهم لم يفهموا ما الأدب؟ ولأنهم لم يستفيدوا مما نبه إليه اللغويون كابن جني في باب "إمساس الألفاظ أشباه المعاني". ويحاول في موضع آخر3 أن يعلل عجزنا اليوم عن فهم الأصالة عند الشعراء بأننا لم نستثر خيالنا إلى أوسع مدى حتى نحقق الصورة الكاملة الحسية والفكرية والعاطفية التي يريد الشاعر بناءها، والتي يكتفي منها بلمسات مختارة يترك لنا تتبعها واستفياءها؛ لأن الشعر الصحيح يقوم على اللغة الموجزة المكثفة والمشحونة. ويرى أحمد كمال زكي4 بأن دراساتنا التاريخية المصتلة بالشعر تعاني من النقص، وسببه قصور في القوانين الفنية التي ارتضينا حتى الآن أن نحكمه بها, لذا فإن على المؤرخ الجديد للأدب العربي أن يتحرك في إطار مفهوم يحقق التكامل الفني بين أشكال التعبير في الأدب العربي، مع الحرص على تقديم الخلفية الجاهلية بالوضوح الذي رفضه الشراح الأقدمون، وتصحيح المفاهيم التي راجت نتيجة لاستبعاد بعض الأنواع الأدبية. ويذهب عز الدين إسماعيل5 إلى أن النشاط النقدي في مجمله نقد معياري،   1 قراءة ثانية لشعرنا القديم ص5. 2 الشعر الجاهلي: منهج في دراسة وتقويمه ص14، ص21، ص70. 3 الشعر الجاهلي: منهج في دراسته وتقويمه 159. 4 ترثنا الشعري والتاريخ الناقص، مجلة فصول، مجلد4 عدد2 "1984" ص11-32. 5 مناهج النقد الأدبي المعاصر، مجلة فصول مجلد1 عدد "1981"، ص16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 وإذا كان قد تخللته حالات قليلة من العمل الوصفي فإنها لم تعد أن تكون نشاطًا جزئيًّا لا يكاد يفضي إلى نظرية متكاملة. والفرق فيما بين النقد المعياري والنقد الوصفي أنَّ الأول هو النقد الذي يصدر فيه الناقد عن مجموعة من المعايير التي يستند إليها ما ينتهي إليه من أحكام، وهي إما أن تكون متصلة بالنص الأدبي نفسه، وهي المعايير الجمالية، وإما أن تكون مستندة إلى الواقع مشتقة منه، أي: من الأعراف والتقاليد والقيم العامة السائدة, وقد كان النقد العربي القديم في تخليه عن المعيار الأخلاقي, وأحيانًا إنما كان في حقيقته تخليًّا عن المستوى السلوكي أساسًا. ويعيب إبراهيم عبد الرحمن1 على أكثر الدراسين انصرافهم إلى العناية بالجوانب التاريخية والموضوعية وحدها دون أن يفطنوا إلى حقيقة هامة، وهي أن شروح اللغويين القدامى للشعر الجاهلي هي ثمرة عقلية إسلامية شرحته من خلال دراسات لغوية معاصرة لتلك الفترة، وحرصت على الاحتفاظ له بشيء غير قليل من القداسة اللغوية والفنية, وتجلى اتجاههم هذا بوضوح في مفهومهم البلاغي للصورة في الشعر الجاهلي، فأغفلوا الحديث عن أصولها الدينية القديمة، وألحوا لطمس هذه الأصول على خلق وجوه شبه مادية وحسية بين عناصر هذه الصور، أو قل: بين أطرافها المتنافرة. ويؤكد ذلك ثانية حينما يقرر في دراسة أخرى2 أن الهدف منها الكشف عن جوانب القصور في فهم الشعر القديم في سياقه الأدبي ودلالته الحضارية، ويخصصها لفحص أصلين من أصول الشعر القديم هما: الأغراض والموسيقى, حيث تمثل الأغراض الجانب الموضوعي من أصل القصيدة القديمة، بينما تمثل الموسيقى أحد الجوانب الشكلية فيها. وينعي الدكتور لطفي بعد البديع3 على الدراسين بأن كتبهم قد طفحت بكل شيء إلّا الشعر والأدب، فقد توارى الشعر بين ركام الأخبار، وتراجم الشعراء، والأحكام التي يتناقلها الخلف عن السلف، ثم لا يكون من وراء ذلك شيء، كما   1 من أصول الشعر العربي القديم، مجلة فصول، مجلد4، عدد2 "1984"، ص24-41. 2 التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي، فصول، العدد الثالث "1981"، ص927-940. 3 الشعر واللغة، مكتبة النهضة المصرية، 1969م، ص1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 اعتدت طائفة بأطراف من نظرية "تين"، وجعلت من الثالوث الذي ركبه من الجنس والبيئة والعصر عصاً سحرية تلقف ما عداها. وأما الدكتور عبد الجبَّار المطلبي1 فتحدث ناقدًا طريقة دراسة الشعر الجاهلي في معرض دراسة حول "قصة ثور الوحش وتفسير وجودها في القصيدة الجاهلية" فيقول: "يبدو أن طريقة التسليم التي تفضي إلى قبول الأشياء كما هي من غير تساؤلٍ قاصد في أسباب وجودها، قد أغرت مؤرخي الأدب الجاهلي في البلاد العربية بسلوكها، فجاءت معالجتهم لشعر هذه الحقبة معالجة وصفية، وإن عرضت أحيانًا تحت تأثير المعنيين بالشعر الجاهلي من المستشرقين, وشكهم في صحة بعضه، لتساؤل ليست وراءه تطلعات أصيلة". يحصر الدكتور سيد حنفي حسنين2 مآخذ على الدراسات السابقة بواحد من الاحتمالات التالية. إما طغيان الجانب التاريخي على المقومات الفنية، أو وقوف الباحث عند المنهج دون التعرض للتطبيق، أو يتناول موضوعًا محددًا طرحه الشعراء كالغزال أو المرأة أو الطبيعة يستقرءونه من المادة الفنية وكأنها وثيقة تاريخية، أو اجتماعية, دون الاهتمام ببيان الطبيعة الفنية لهذا الشعر، أو لأن الدراسين نظروا إلى العصر نظرة شاملة، واعتبروه مرحلة فنية واحدة، وإن وقفوا عند بعض الظواهر الفنية المتفردة كمدرسة زهير أو شعر الصعاليك. ويحدد يوسف اليوسف3 عيب الدراسات المعاصرة بأنها لم تحل الظاهر على باطنٍ يسكنه بعمق، أي: هي لم تتعامل مع الأشكال الفنية الجاهلية من حيث هي رموز تضمِر ما لا يتبدَّى على سطحها, لذا فهي لم تشكّل قفزة في تاريخ النقد المعاصر. ويرى مطاع صفدي4 بأن من الغريب حقًّا أن يكون الشعر الجاهلي هو مصدر   1 مواقف في الأدب والنقد، بغداد، وزارة الثقافة والإعلام، 1980، ص65. 2 الشعر الجاهلي، المقدمة. 3 بحوث في المعلقات، وزارة الثقافة، دمشق، 1978م، ص35. 4 قراءة ثانية للشعر الجاهلي: الأصالة والممكن، مجلة الفكر العربي المعاصر عدد10 "شباط 1980"، ص5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 علوم اللغة والتاريخية والآثار أحيانًا، وعلوم البلاغة والبديع وغيرها، ولا يكون مصدرًا للكشف عن مقوماته الداخلية، وإذا كان النقّاد القدامى، وقد حاولوا أن يغطوا هذا النقص الذي لم يعوه بأساليبهم القاصرة؛ كالبحث عن سرقات الشاعر ومقارنته بمن سبقه أو عاصره من الشعراء، وبمواجهات تقتصر على النقد اللغوي، فإن النقاد المحدثين لم يتقدموا إلّا قليلًا عمَّا توقف عند حدوده النقد التقليدي القديم. ويصل إلى نتيجة بأن الشعر الجاهلي وتجربته كفنٍّ ومعاناة، وثقافة تكوينية وجودية، ولغة من الرموز الكثيفة عن الحياة، ومواقف العربي من مشكلاتها المختلفة ما زال مجهولًا، وعالمًا مغلقًا بكرًا لما تتناوله أقلام النقاد الجدد إلّا للمحات عابرة لا تستوعب شموله ولا تسبر أغواره. ويتهم أدونيس1 النقد العربي القديم ومعظم النقد الحديث بأنهما يقدمان صورة تفتقر إلى الدقة عن الشعر الجاهلي، فقي الشعر الجاهلي نفسه نجد بذورًا قوية لحركة إبداعية خرجت على القبيلة وقيمها السائدة "الصعاليك"، وكذلك امرؤ القيس وطرفة.. وكانت هذه الحركة تحاول أن تطرح بديلًا جديدًا. ويتهم إيليا حاوي2 النقد الأدبي الحديث أنه جرى منذ مطلع القرن على أسلوب متدنٍ متخاذلٍ يقف عند حدود النص, يتلقف منه ما يعطيه على هون ويسر، وقلَّمَا يفطن الناقد إلى أن التجربة الفنية هي تجربة ما ورائية، فالشاعر يعبر بالمعاناة والرؤيا حين تقدر له، والناقد يستنبطها ويتقصّى فيها، ويجلو ضمير هذا المكتوم والمختفي، ويكمل أحدهما الآخر. ويجد إحسان سركيس3 مصيبة التراث ببعض من تناوله من أبنائه، فهذا النفر لم يفرق بين الأوراق التي ينبغي لها أن ترث في الأرض, وبين النسغ الذي يمد الشجرة بأسباب الغذاء والنماء، فارتضى المركب السهل في ترديد ما قاله الباحثون القدامى، أو التزم تجديدًا سطحيًّا يغلب عليه التبسيط أو قصور الرؤية، حتى كاد الكثيرون أن يستشعروا نحو ذلك التراث غربة المرء في وطنه. ويقرر أحمد سويلم4 أن الشعر الجاهلي قد ظلم في نظر الكثيرين فأغفلوا   1 الثابت المتجول، دار العودة، بيروت, 1974، ص19. 2 مقدمة الطبعة الرابعة من كتابه "في النقد والأدب ج1" دار الكتاب اللبناني 1979. 3 مدخل إلى الأدب الجاهلي، دار الطليعة، 1979م، ص6. 4 شعرنا القديم، رؤية عصرية، المجلس الأعلى للثقافة، مصر، 1979م، ص33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 نماذجه الواقعية الثورية. ويتَّهم صلاح عبد الصبور1 معظم دراساتنا لتراثنا العربي بأنها دراسات قاصرة؛ لأنها لم تعمد لغرض الشعر الجوهري، وهو اكتشاف الجانب الجمالي والوجداني من الحياة والتعبير عنه بالكلمات المموسقة، فالشاعر العظيم مكتشف عظيم في عالم الجمال والوجدان؛ لأنه يرى الأشياء والأحاسيس رؤية طازجة، فنظرته ليست وليدة المنطق، وإنما وليدة الحدس، وأدواته هي الخيال الخصيب. ويعترف الدكتور يوسف خليف2 بوجود جوانب من الشعر الجاهلي ما زالت في حاجة إلى مزيد من الدراسة للكشف عمَّا يكتنفها من غموض بالرغم من كثرة الدراسات التي قامت حول الشعر الجاهلي، وبالرغم من اهتمام الباحثين بهذا الشعر. وماذا بعد؟ وإذا كان هذا العدد الكثير من الدراسين والنقَّاد قد أوردوا هذه المآخذ، وعدُّوها سبب التعثر والتخبط في دراسة الشعر الجاهلي، فما البديل الذي طرحوه أولًا؟ وبعد ذلك ما المناهج التي بلوروها وعدوها صالحة للكشف عن حقيقة الشعر الجاهلي؟ وللإجابة عن السؤال الأول سنعرض لآرائهم المختلفة في هذا الأمر. فالدكتور أحمد كمال زكي3 يرى أن المؤرخ الجديد ينبغي له أن يتحرك في إطار مفهوم يحقق التكامل الفني بين أشكال التعبير المختلفة في الأدب العربي, مع الحرص على تقديم الخلفية الجاهلية بالوضوح الذي رفضه الشراح القدامى، وتصحيح المفاهيم الرائجة نتيجة استعباد بعض الأنواع الأدبية، كما يجب عليهم أن يستغلوا الرمز في إعطاء البناء الحقيقي لحضارتنا العربية القديمة؛ لأن عدم استغلاله أفقدنا أعرافًا ومجموعات كبيرة من السلوك، واستغلق عنَّا معنى ما أبدعته الجاهلية من فنٍّ شعري عظيم. وخلاصة رأيه أنه معالجة المضمون في المحل الأول بالرغم من تقديره كل ما قدمته التشكيلات الشعرية من قيم جمالية.   1 قراءة جديدة لشعرنا القديم، دار النجاح، بيروت، 1973، ص20. 2 دراسات في الشعر الجاهلي ص4. 3 انظر دراسات في النقد الأدبي 151، تراثنا الشعري والتاريخ الناقص، فصول مجلد4 عدد 2 "1984" ص11-23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 ويطالب الدكتور إبراهيم عبد الرحمن1 الباحثين والنقاد بأن يلتفتوا إلى العناصر المتقابلة التي يجمع بينها الشاعر في الصورة المركَّزة والمتراكمة عناصر البقاء والفناء، وما يتصل بها من صور الصيد، والضوء والمطر، والحمل والولادة، مما يقودنا، لو أحسنَّا فهمها، إلى الكشف من عوالم الشعر وتفسيرها، وذلك يكشف عن أصولها الميثولوجية التي انبعثت منها. مما يبرز العلاقات الخفية التي كان يقيمها الشاعر الجاهلي بين عناصر الصورة ومكوناتها المختلفة، وبين مواقفه أو فلسفته في الحياة وظواهرها المتناقضة في بيته, ويعتقد الدكتور مصطفى ناصف2 بأن التطور هو إعادة تشكيل الماضي، وليس الماضي إلّا الأدب الجاهلي، ومن ثَمَّ كان خطر الدراسة الأدبية للعصر الجاهلي؛ لأننا ندرس منابع الأدب العربي ومقوماته جميعًا، وفكر الشاعر وثقافته في أي عصر لا يمكن أن تتضحا إلّا إذا رجعنا إلى ثقافة الشاعر الجاهلي، وثقافة الشاعر الجاهلي والنهضة الثقافية في ذلك العصر لم تدرسا حتى الآن دراسة كافية. ويعقد الدكتور النويهي3 تمهيدًا في كتاب يخصصه لكيفية دراسة الشعر العربي فيقرر فيه أن كل دراسة صحيحة للشعر العربي في أيّ عصر من عصوره يجب أن تبني على علم وثيق دقيق بطبيعة الشعر الجاهلي الذي يمثل المرحلة الأولى، ويقرر في موضع الآخر مجيبًا عن سؤالٍ: كيف نفهم الأصالة؟ بقوله: نفهمها ونحكمها بمقياسين: هل حدثت هذه التجربة لهذا الشاعر حقًّا؟ وهل تناولها الشاعر تناولًا فيه شيء جديد من نفسه، بأن عرضها من زواية مختلفة بعض الاختلاف، أو لفتنا إلى تفاصيل لم نلفت إليها من قبل؟ ويقرر بعدها حقيقة أننا عجزنا عن فهم الأصالة عن الشعراء الجاهليين، ويبرر عجزنا لعدم تبين تفاصيل التجربة الذاتية التي صوَّرها الشاعر بأصالة لبعد العهد، واختلاف الظروف وصعوبة اللغة، وموت الكثير من ألفاظها وتراكيبها، وفقدانها الكثير من ظلالها الفكرية ونبراتها العاطفية التي كان يسمعها أهلها في ذلك العصر السحيق. وأخيرًا يقرر كفية فهم الشعر الجاهلي بتضافر العوامل التالية معًا: جهد في   1 الشعر الجاهلي: ص193. 2 قراءة ثانية لأدبنا القديم, ص42 وما بعدها. 3 الشعر الجاهلي: منهج في دراسته وتقويمه، الصفحات 10، 156، 157، 159، 161، 267. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 التعاطف والمشاركة الخيالية، وتشغيل المخيلة البصرية، وتتبع التفاصيل الحركية، وأن ينشط القارئ وجدانه الكامل حتى يعايش تجربة الشاعر القديم بفكره وعقله كاملين، والإنصات إلى الشعر القديم بآذان أهله، وبذل الجهد في تعرية الألفاظ من ارتباطاتها الحديثة حتى تكون أقدر على أن نسمع فيها ما كان يسمع فيها القدامى من موسيقى، وعلى أن نتابع ما كانت تثير فيهم من معانٍ ثانية واستدعاءات فكرية وعاطفية وجمالية. أما يوسف اليوسف1 فإن يرى أن تقوم الدرسات حول الشعر الجاهلي على الإيمان بوحدة القصيدة الجاهلية، وليس هذا فحسب، بل بإحالة الظاهر على الباطن, وتوثيق الصلة بين الظواهر نفسها، ويرى فيها أشكالًا فنية لمعانٍ مترابطة من الداخل, ويقرر في كتاب آخر2 أن الشعر إفرازي اجتماعي، إضافة إلى أن القصيدة تبدعها نفس معينة لها أحوالها المعينة وحاجاتها الشخصية. ويحدد الدكتور لطفي عبد البديع3 همه وهدفه في كتابه "الشعر واللغة" قائلًا: "ونحن إذ نبحث عن اللغة في القصائد التي نعرض لها في هذه الفصول لا نبحث عمَّا فيها من لفظ مستعارٍ أو وجه من وجوه التشبيه، بل همنا الوقوف على الوجود الشعري الذي يتحقق في اللغة باعتبارها فكرًا للشعر لا يلبث الشاعر معه أن يجد نفسه وقد أحاطت به الكمات من كل جانب. أما الدكتور سيد حنفي4 فقد رأى أن يفيد مما درسه من سبقوه، ويتجنب في الوقت نفسه ما درسوه تجنبًا للتكرار، وبعد ذلك كله يتجه إلى الشعر مباشرة. ويحدد الدكتور فتحي أبو عيسى5 إطارًا عامًّا يتبناه ويدعو غيره إلى تبنيه، وهو يستند إلى منطلقين أساسين؛ أولهما: إن اهتمامنا بالشعر القديم يعني اعترافًا منا بأنه النموذج الأمثل, وثانيهما: أن هذا الإعجاب والاهتمام وإيثاره على سواه يجب ألَّا يمنعنا من الكشف عمَّا فيه من هنات. وبعد ذلك يقرر أن منظوره في القصائد يتكئ على دعامتين: الرجوع إلى المعاجم لاستخراج المعاني للألفاظ، والاستعانة   1 بحوث في المعلقات ص26. 2 مقالات في الشعر الجاهلي، وزارة الثقافة, دمشق، 1975، ص11. 3 الشعر واللغة ص6. 4 الشعر الجاهلي: مراحله واتجاهاته الفنية. 5 من قيثارة الشعر العربي: دار المعارف 1980، ص5-7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 بالدراسة التحليلية, والاتكاء فيها على بعض النظرات مما عسى أن يكون مفتاحًا إلى العالم الشعري في القصيدة. أما نقطة الانطلاق عند بنت الشاطئ1 فهي التفرقة بين تراثنا الأدبي وبين أحكام مؤرخيه وآراء ناقديه. وفي "قراءة جديدة لشعرنا القديم" لصلاح عبد الصبور2, يعرض لنا تجربة قارئ للشعر العربي يحب هذا الشعر؛ لأنه جذوره الممدودة في الأرض، ويصدر عنه فيما يكتب، يطمع أيضًا أن ينظر في هذا التراث نظرة بريئة جديدة ترى الجمال حيثما وجد بمقياسها العصري، فلا يأسرها حكم سابق، وتحاول أن تستشف ما وراء هذا الجمال من ظاهرة اجتماعية، أو تيارٍ نفسي، أو إحساس عام. ويرى الدكتور محمود الجادر3 أن المنهج المؤهل لفهم القصيدة الجاهلية باستلهام خصوصية الظرف الذي انبثقت عنه، واستقصاء الأرضية الفكرية الثقافية التي ظلَّت ترفد الأعمال الإبداعية ببعض مقوماتها، فضلًَا عن دراسة آفاق الطموح التي ظلَّ العمل الإبداعي مشدودًا إليها, فمن خلال المنافذ وحدها نستطيع أن نطل على عالم فسيح يحدد أبعاد هذه الأنماط الخالدة من الأعمال الإبداعية الملهمة في تراثنا الفكري الأصيل. وأما الدكتور كمال أبو ديب4 فقد رفد المكتبة الجاهلية ببحوث كثيرة درات كلها حول منهجه الذي ارتاده في الشعر العربي, وهو المنهج البنيوي, سنعرض له بالتفصيل في موضعه من مناهج دراسة الأدب الجاهلي, ولكنه يرى وجوب اكتناه القصيدة من حيث هي بنية كلية دالة، تفعل وحداتها المكونة بطرق يمكن اكتشافها مجسَّدة طريقة فردية في معاينة الواقع، وصورةً للعالم قائم في لحظة الخلق في وعي الشاعر.   1 قيم جديدة للأدب العربي القديم والمعاصرة ص14. 2 قراءة جديدة لشعرنا القديم، المقدمة. 3 نحو منهج عربي في دراسة القصيدة الجاهلية، مجلة الأقلام، عدد 7 "1980"، ص4 وما بعدها. 4 نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي، مجلة المعرفة، عدد 196 "1978"، ص101. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وفي دراسة أخرى1 يذكر في المقدمة أن البحث يحاول أن يموضع دراسة الشعر الجاهلي على مستوى من التحليل يرتفع عن المستويات التاريخية والتعليمية والتوثيقية, أو اللغوية والبلاغية والانطباعية التي تتم عليها معظم الدراسات له الآن. ويهدف الباحث من خلال ذلك كله إلى تطوير منهج تناول لهذا الشعر يغذيه وعي نظري عميق بالأسس التحليلية التي تطرحها الدراسات المعاصرة, وبالتصوّرات التي تنطلق منها, والإشكاليات التي تثيرها، كما يرى أن الذي يسهم في تشكيل المنظور الذي يعاني منه الشعر الجاهلي في بحثه هو تلك الإنجازات التي تحقق في خمسة تيارات بحثية متميزة في هذا القرن هي: 1- التحليل البنيوي للأسطورة كما طوره كلودليفي- شتراوس في الأنثروبولوجيا البنيوية. 2- التحليل التشكيلي للحكاية كما طوره فلاديمير بروب في دراسته للتركيب التشكيلي لحكاية الحوريات. 3- مناهج تحليل الآداب المتشكلة في إطار معطيات التحليل اللغوي والدراسات اللسانية والسيميائية وبشكل خاصٍّ عمل رومان ياكوبس والبنيويين الفرنسيين. 4- المنهج النابع من معطيات أساسية في الفكر الماركسي, والذي أولى عناية خاصة لاكتناه العلاقة بين بنية العمل الأدبي وبين البنى الاجتماعية "الاقتصادية والسياسية والفكرية", ولعل لوسيان غولديان أن يكون أبرز النقاد الذين اسهموا في تطوير هذا التناول. 5- تحليل عملية التحليل الشفهي في الشعر السردي, ودور الصيغة في آلية الخلق، كما طوره ملمان باري وألبرت لورد. أما الدكتور عبد القادر الرباعي فله دراسات عدة في الشعر الجاهلي، منها دراسة أقرب ما تكون عامة ليست مقتصرة على الشعر الجاهلي, موضوعها "الصورة في النقد الأوربي: محاولة تطبيقها على شعرنا القديم"2, وفي هذه الدراسة يقرر بأنه ملزم بالاعتماد على منهج تكاملي، ويعلل ذلك بأن البحث في الصورة معقَّد لكثرة الآراء المتضاربة حولها، وذلك ليتمكن من الانتخاب من الآراء الكثيرة المتعددة آراء صائبة، أو يعتقد صوابها.   1 دراسة قيد النشر في كتاب بالعنوان السابق، تصدر عن المؤسسة العامة 1986م. 2 مجلة المعرفة، دمشق، العدد 204 "شباط 1979م، ص27 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 وتكشف بحوثه التي نشرها أنه التزم بالمنهج التكاملي، ولكنه أفاد من المناهج كلها بنسب متفاوتة, ففي بحث له موضوعه: "مدخل إلى دراسة المعنى بالصورة في الشعر الجاهلي، بحث في التفسير الأسطوري"1 يصرح في بحثه هذا بأنه تجاوز الحسية والغرض ووحدة البيت الجزئية التي ما زالت الدراسات التقليدية تتابعها، وطرح بدائل لها أكثر شمولية, فربط الشعر الجاهلي بالتجربة الوجدانية للإنسان العربي القديم, حتى أصبح الحس روحًا، والغرض حدثًا, والوحدة الجزئية بناءً دراميًّا تتفاعل على داخله المتشابهات والمتنافرات لتشكل وحدة نموذجية جذرية, يلتقى فيها الواحد بالمتعدد, والذات بالمجموع، والخاص بالعام، ويقرر بأن الصورة الشعرية الجاهلية هي ابنة العقلية الجاهلية ذات الاستراتيجية الروحية في تعاملها مع الأشياء، لذا كانت منابعها هي المنابع الجاهلية التي شكَّلت الأصنام الوثنية والشعائر الدينية, ثم الممارسات السحرية والحكايات الخرافية. ولإحسان سركيس2 سبيل أخرى لدراسة الأدب الجاهلي, فهو يقول: "وسبيلنا المضي مع الباحثين الجادّين في ماضيهم عن قوام الذات، وعن تعبيرٍ مطابق للمرحلة التي يعيشونها, وذلك بأن تنتخل في ضوء مفاهيم العصر من تراثنا ما يعبِّر عن حقيقة حضارتنا, وما يزال يحتفظ بغنى التعبير المطابق لحقيقة ذلك الماضي والمسعف في استمراريته، وأن نضعه في إطاره التاريخي بوعي وشعور جديدين من خلاف موقف يقدر المسافة الزمنية التي تفصلنا عن الماضي والعدسة الكبيرة التي تقربنا منه.. ولا يتم ذلك إلّا بمعايشة وتحسّن عمق التجربة الحضارية والإنسانية التي رافقت المجتمعات العربية, والروح التي كانت تعمرها من خلال التعبير الأدبي الذي كان أوضح في مجاله من دنيا الفكر، وهي روح عربية كانت تعيش مخاضًا مستمرًّا لتعبر عن ذاتها اجتماعيًّا".   1 المجلة العربية للعلوم الإنسانية، المجلد2، العدد6 "ربيع 1982"، ص80، وما بعدها. 2 مدخل إلى الأدب الجاهلي، ص11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 الأدب الجاهلي والمناهج الحديثة مدخل ... الأدب الجاهلي والمناهج الحديثة: عرفنا في الصفحات السابقة منزلة الأدب الجاهلي بعامَّة والشعر بخاصة، وأنه يمثل بؤرة الشعر على مَرِّ العصور، ولقد بدأ الاهتمام به في عصر النهضة العربية في وقت مبكر، ولكن هذا الاهتمام، كما أسلفنا، مَرَّ بمراحل مختلفة, ولكن الاهتمام بتحليل نصوصه ومحاولة الدراسة الرأسية بدلًا من الأفقية بدأ منذ أواخر الستينات، ونزعم أنه اتضح في السبعينات، ومن المتوقع أن يبلغ أشدَّه وينضج في هذا العقد، بل إن بعض الباحثين اصطنع منهجًا أسماه "منجهًا عربيًّا في دراسة القصيدة الجاهلية"1. ويبدو أن بعض الباحثين قد أحسَّ بقصور المنهج القديم في استيعاب مضامين النصِّ وتحليلها ونقدها، ولذا أطلقوا على مؤلفاتهم أو بحوثهم "قراءة جديدة" أو "قراءة ثانية" أو "قيم جديدة" أو "رؤية عصرية", ونجد هذا الاتفاق عند معظمهم، واعترفوا به في اختيار عناوين مؤلفاتهم في مقدمة بحوثهم، ولكنهم اختلفوا بعد ذلك, وقد عرضنا لذلك الاختلاف أو لجزءٍ منه عند حديثنا عن المآخذ أو ملاحظاتهم على دراسة الشعر الجاهلي، ولم يتوقف الأمر عند حد اختلافهم فحسب، بل راح كل فريق ينعي على الفريق الآخر تقصيره، ويزعم أن منهجه هو المناسب لدراسة ذلك الشعر والكشف عن كنهه ومعدنه الأصيل. ولعلي لا أكون مبالغًا إذا قلت أن واحدًا منهم لم يمتدح غير منهجه، ورأى فيه المنهج الوحيد لدراسة ذلك الشعر. ونستطيع أن نلحظ اتجاهين رئيسين للمتحدثين في الدراسة، ويتفرع منهما   1 د. محمود الجادر، مجلة الأقلام، عدد 7 "1980"، ص4 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 اتجاهات ومناهج فرعية كثيرة لها مسمياتها، وهذان الاتجاهان هما: 1- اتجاه الاستقراء الموضوعي لذلك الشعر. 2- اتجاه التفسير الرمزي له. أما القضية الكبرى التي شغلت كثيرًا من الباحثين فهي محاولة الإجابة عن السؤال التالي: هل نخضع الأدب الجاهلي لمناهج ومذاهب النقد الغربي الحديث؟ ولا ضير في عرض بعض آرائهم علَّها تفيدنا في بلورة التيار العام للباحثين. فالنويهي1 يحذر من تطبيقها قائلًا: "يجب أن نحذر أقوى الحذر من تطبيق مقايس النقد الغربي, وألا نندفع إلى إقحامها على أدبنا العربي", ولكنه في الوقت نفسه لا يرى ضررًا من دراسة الآداب الأجنبية, فهي تزيدنا فهمًا لترثنا الأدبي، وتمدنا بمفاهيم جديدة نستخدمها في تطوير أدبنا المعاصر. ويرى أحمد كمال زكي2 أن "تفتح المحثين على آداب الغرب وإغفالهم أحيانًا الفروق الجوهرية بين أدبنا وغيره من الآداب العالمية, مع وجود الكلاسيكيين الذين يريدون ان يستمرَّ الناقد في الخط الذي رسمه البلاغيون, قد دفع بالنقد الأدبي إلى حالٍ من القلق شكَّكت في كثير من القيم. وإذا كان في رأيه هذا متحفظًا, فإنه في بحث آخر3 يتوجَّس شرًّا من الاستقصاء الجزئي لأي نص أدبي يقع في أيدي البنيويين؛ لأن ذلك قد يعطّل دور النص المعرفي، كما يلغي قيمته التاريخية إلغاءه لقيمته المضمونية، وأكثر من هذا ربما طولبنا ونحن نقرأه بأن نكون أصحابه المبدعين أولًا وآخرًا، فتغيب إلى الأبد ذات صاحبه بكل حدسها وتفكيرها، ولكنه يستطرد فيرى في بعض إنجازات البنيويين ما يدعم التفسير الأسطوري للشعر. ويخشى الدكتور إبراهيم عبد الرحمن4 من أن تكون الدراسات الحديثة   1 الشعر الجاهلي، ص22. 2 دراسات في النقد الأدبي ص6. 3 التفسير الأسطوري للشعر القديم، مجلة فصول مجلد1، عدد3 "1981"، ص115-116. 4 الشعر الجاهلي، ص196. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 للصورة الشعرية وآراؤهم المختلفة فيها خطورة تورطنا في فرض منهج وذوق حديثين على الصورة الشعرية القديمة. ويعترف في مقدمة بحث آخر1 بأنَّ محاولته المقترحة لقراءة الشعر الجاهلي في 2ضوء المنهج الأسطوري ليست سوى خطوة على طريق الدراسات الخصبة التي ظفر بها هذا الشعرعلى أيدي القدامى والمحدثين من النقاد، وأن عمله هو إعادة تركيب هذه العناصر وتأليفها لخلق ما يصحّ أن يسمَّى منهجًا جديدًا لدراسة الشعر الجاهلي, يفك مغاليقه، ويكشف عن كنوزه التي ظلّت خافية على الدراسين القدامى، كما لا تزال خافية على الدراسين المحدثين، على الرغم من تنوّع مناهجهم واتساع ثقافاتهم. وينعي الدكتور لطفي عبد البديع2 على طائفة من الباحثين اعتدت بأطراف من نظرية النقاد "تين"، وجعلت من الثالوث الذي ركَّبه من "الجنس والبيئة والعصر" عصًا سحرية تلقف ما عداها. أما الدكتور مصطفى ناصف3 فيشكك في مزاعم الباحثين المحدثين، فهو لا يوافقهم على أن يكون الشعر القديم انعكاسًا مباشرًا لفكرة البداوة، فهو ليس شعرًا حسيًّا غليظًا يُعْنَى بوصف المحسوسات التي يراها الشعراء أمامهم في الصحراء المفتوحة، لا أثر من أثار الفكر والعقل فيه، وفي نهاية المطاف يدعو إلى قراءة الشعر الجاهلي قراءة ممعنة لنلحظ بوضوح أنه وافر الحظ من العمق والثراء. والحقيقة أن المذاهب النقدية الغربية ليست ضررًا كلها ولا خيرًا كلها إذا أردنا وضعها في أحد القطبين، فهي قد نشأت بفعل تحولات فكرية واجتماعية وسياسية، فكل مذاهب نشأ عقب تغيير أو أكثر في المجتمع الأوروبي، وقد نشأ تعبيرًا عن ذلك الاتجاه, وليلبي حاجات جدت، وهي -أي المذاهب- لها مصطلحات نقدية وأدبية لها مدلولاتها وشحناتها الفكرية، والأدب الذي ينتج لم ينشأ من فراغ، فقد أنتجه وأبدعه أصحابه ليلبي حاجات معينة. فإذا حاولنا تطبيق هذه المناهج والمذاهب فينبغي أن نكون واعين لما نفعل، ولما نصطنع من مصلطحات.   1 التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي، مجلة فصول مجلد 1 عدد 3 "1981"، ص127. 2 الشعر واللغة، ص1. 3 قراءة ثانية لشعرنا القديم، ص48-50. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 أما الأدوات، أدوات التحليل والتذوق والنقد وإصدار الحكم على العمل الأدبي، فتلك ستكون نافعة لأدبنا، وإنني أظن أننا نظلم أدبنا العربي القديم بعامة, والجاهلي بخاصة, إن نحن أخضعناه إخضاعًا أعمى بلا قيد أو شرط وبلا تحفظ لهذه المناهج والمذاهب؛ لأننا عندئذ سنتمحك ونحاول أن نحشره أحيانًا في قوالب لا يدخل فيها ولا تناسبه، قد يفقد نكهته الخاصة المميزة. وثَمَّة أمور ينبغي للنقد الحديث والناقد أيضًا أن يتنبه إليها عند دراسة الشعر الجاهلي: 1- إن الشعر الجاهلي عميق الصلة ببنية اللغة. 2- أن يقرأ الشعر قراءة مسموعة منغمة حسب إيقاعها. 3- أن يلاحظ الرمز عند الشعراء الكبار. 4- إن الشعر هو ميثولوجيا الجاهلية. 5- أن يلاحظ الملاحم فيه. 6- أن يلاحظ الصراع الميتافيزيقي بين الإنسان والطبيعة الصحراوية. 7- أن يلاحظ معركة الشاعر مع الدهر, وأن الحماسة توكيد لا شعوري ضد الدهر. 8- أن يلاحظ التطرف في الكرم والفخر. 9- إن المبالغة هي بلاغة المعاناة الجدية. 10- الفتوة هي السبب الناتج عن هدم فتوة الإنسان بالعدم. ويخلص الدكتور عفت الشرقاوي1 القضايا التي تثار في الدراسات النقدية الحديثة بأنها: إما قضايا تتصل بقضايا الثقافة العربية التي نشأ فيها هذا الأدب, وإما قضايا متصلة بتوثيق نصوص هذا الأدب وتفسيرها تفسيرًا أدبيًّا حديثًا. وفي ندوة عدقتها مجلة "فصول"2 بعنوان: "مشكلة المنهج في النقد العربي المعاصر" اشترك فيها كلٌّ من الأساتذة: شكري عياد، وعبد المحسن بدر، وبدر الديب، وصبري حافظ، وعز الدين إسماعيل، وجابر عصفور، ومن الآراء التي طرحهات المشتركون فيها: 1 إعادة تقييم المسلمات الأدبية السائدة في فترة معينة، بحيث تتوافر لكل فترة   1 دروس ونصوص في قضايا الأدب الجاهلي، دار النهضة العربية، بيروت، 1979، المقدمة. 2 فصول، مجلد 1 العدد 3 "1981"، ص242 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 من تاريخنا الأدبي عملية بناء لا ترتكز على ما هو قائم فقط، ولكنها تتضمَّن أيضًا إعادة تقييم لسلم القيم الأدبية السائدة في لحظة تاريخية معينة. 2- من روافد عملية إرساء القيم أن يخلق النقد تيارًا من الأفكار والرؤى الجديدة، بإقامة حوار مع الثقافات الأخرى، ولا يقتصر على التراث الثقافي, بل يمتد إلى الثقافات الإنسانية، والاتجاهات النقدية المختلفة. 3- إذا كان المنهج النقدي جزءًا من واقع أدبي معين, فكيف يمكن فرضه على واقع أدبي آخر كالأدب العربي الذي له مشكلاته الخاصة؟ 4- يقف الناقد العربي موقفًا بالغ الحرج، فالصورة الغربية الملاحظة الآن أنَّ كل ناقد يقف عند المدرسة التي درسها وقت إن كان في البعثة مثلًا، ولا يستطيع بعد ذلك التعامل مع بقية المناهج المطروحة الأكثر حداثة, فمتى يتوقف الناقد, وتتكون لديه رؤية للعالم، فيعكف في وعي على تراثه، ويفحص في الوقت نفسه وبوعي أيضًا، وانطلاقًا من أرض ثابتة تلك المناهج، وأن يختار ما يجده أفضل وأكثر ملائمة لحل مشكلات الواقع الأدبي والنقدي كخطوة نحو حلّ مشكلات المجتمع بشكل عام. 5- هل يكتسب أي منهج من المناهج الأوربية طابعًا محليًّا نشأ نتيجة ظهوره استجابة لمقتضيات واقع أدبي بعينه في بيئة بعينها؟ أم أنه في اللحظة التي أصبح فيها منهجًا خرج عن حدود محلية، فأصبح أداة صالحة للاستخدام والتعامل مع أيّ أدب, في أي عصر, لدى أي شعب من الشعوب؟ 6- يعاني النقد من عدم الاستمرارية والتراكم، فكل باحث لا يحاول أن يتجاوز جهود من سبقه من الباحثين فحسب، بل إنه يسقط هذه الجهود كلية باعتبار أن الحلول التي يطرحها الواقع ومساهمات مثقفي هذا الواقع، هي أصلًا ظل للثقافة الأجنبية، فيحاول أن يأتي هو الآخر بحلول خارجية أكثر حداثة. 7- لم يحقق النقد حتى الآن متابعة جزئية للأعمال التي تصدر، ولم نستطع تحقيق ذلك خلال الخمسة والعشرين عامًا الماضية، فنحن نعاني أزمة نقد. 8- الناقد ينقل فهمه لمنهجٍِ ما من خلال ثقافته الخاصة، ومن خلال رؤيته الخاصة, فإذن ليس لدينا منهج بنيوي مثلًا، وإنما عندنا فهم مصري للبنيوية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وغيرها من المناهج الحديثة، وهذا الفهم يأتي من خلال تصوره لاحتياجات واقعه الثقافي ودوره فيه. وهذه الرؤيا لا تتكون بمعزل عن الأيديولوجيات والفلسفات الإنسانية المختلفة. 9- أَقرَّ المجتمعون أننا نعاني مشكلة منهج، ونعاني أيضًا من مشكلة الخوف من تعدد المناهج، والخوف من عدم التمثل، والخوف من عدم التكامل بين النظرية والتطبيق. 10- المثقف العربي جزء من الأزمة التي يعانيها النقد. 11- ليس هناك خوف, وإنما هناك إحساس بأزمة حضارية، وانجراف في اتجاه معين أكثر مما ينبغي، وهذا الانجراف يكاد يصل إلى حد الجذور. 12- هناك شيء ينقصنا, وهو ما يسمَّى بتاريخ الأفكار، أي: التاريخ الثقافي في الأدب العربي كله. 13- لا بُدَّ أن يكون عندي الشجاعة لأن أكون "أنا" عندما أتعلم من الغرب، أو عندما أفكر في تراثي. 14- المنهج هو الرؤية للحياة التي تجعل هذا التحلل أو ذاك صالحًا للواقع الذي نعيشه، أو يجيب عن أسئلة مطروحة في الواقع الذي نعيش فيه، أو أنه لا يجيب عن مثل هذه الأسئلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 المنهج الأسطوري : ترتبط الأسطورة دائمًا ببداية الإنسانية، حينما كانوا يمارسون السحر ويؤدون الطقوس الدينية، وذلك سعيًا وراء تفسير ظوهر الطبيعة، ولكن "ليفي برول" ينفي ذلك, ويرى أنها نشأت استجابة لعواطف الجماعة القاهرة1. والأسطورة أنواع, منها: الأسطورة الطقوسية التي ارتبطت أساسًا بعمليات العبادة، ومنها الأسطورة التعليلية, والأسطورة الرمزية، والأسطورة التاريخية2. والأسطورة ليست خيالًا كما يظن البعض, فهي واقع، وهي عقيدة تتمثل في شعائر معيشة يرتبط بها قصص مقدَّس يقوم بعملية توضيح هذه الشعائر وربطها بالاعتقاد، أما حينما يتصور إنسان ما أن الأسطورة خيال, فهذا يعني أنه اتخذ موقفًا منها هو الكفر بها ورفضها، وتحويلها إلى مجرّد قصة خيالية تستند إلى الوهم، وبذلك تخرج عن دائرة الدين المعتقد3. ولقد حدَّد لويس سبنس علم الأساطير بأنه "دراسة الدين البدائي أو شكل من أشكاله الأولى عندما كان حقيقة معيشة"4. وقد كانت الأسطورة في بدايتها الأولى أم الفنون، كما كانت بداية الشعر مع الأسطورة، وكانت علاقة الكلمة بالأسطورة شيئًا مهمًّا في دراستها، لهذا فسَّرها "رجلان" بأنها ليست شيئًا أكثر من كونها صيغة من الكلمات المرتبطة بالشعيرة"5.   1 أحمد كمال زكي، الأساطير، المكتبة الثقافية "مارس 1967، ص4. 2 المرجع السابق، ص4. 3 أحمد شمس الدين حجاجي، فصول، مجلد4، عدد2، "1984"، ص43. 4 المرجع نفسه، ص42. 5 المرجع نفسه، ص43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 بل إن أحمد شمس الدين حجاجي يذهب إلى أبعد من ذلك, فيقرر أن "الكلمة" هي نفسها الأسطورة في حالة ارتباطها بالعقيدة، وحينما تطور تفكير الإنسان ليحدد معنى الألوهية ظلّت الكلمة الصادرة عن الإله لها قداستها، ولهذا فإن كلمة أسطورة مشتقة من لفظ "Mythos" التي كانت تعني المنطوق عند اليونان. ويحدد "لويس سبنس" العلاقة بين الأسطورة والشعر بأن "بعض أشكال الشعر الأولى، وربما أنقاها، نتاج مباشر لحلقات من الانطباعات الطبيعية في ذهن الإنسان، وعلى هذا فإن الشعر والأسطورة انبثاق من الطبيعة"1, ويخالف "بريسكوت" هذا الرأي, ويرى أن الأسطورة "أدركت العقل أولًا، ثم جسّدت وعبّر عنها في النحت والشعر والملحمة والمسرحية، ومن الخطأ اعتبار هذه الفنون على أنها ذات أصل ديني فقط"2. ولقد احتفظ الشعر حين انسلخ عن المعبد، في مرحلةٍ ما من مراحل الفكر الإنساني، بعلاقته بالأسطورة، ولم يكن الشعر العربي بدعًا بين الفنون الشعرية الإنسانية، فقد ارتبط بالأسطورة أيضًا إلى حد كبير، ونحن نعلم بأن الذي بين أيدينا من الشعر الجاهلي مكتمل, ولا تعرف بداياته على وجه التحديد، كما أن هذا الشعر قد تَمَّ الفصل فيه بين كلٍّ من الكاهن والساحر والشاعر، نجد هذا واضحًا في الأخبار وفي كتب السيرة أيضًا وكتب التفسير، بل إننا نجد أن وظيفة كلٍّ منهم قد تحدَّدت، وانفصلت عن بعضها بعضًا3, ومع هذا الانفصال في وظائفهم بقيت الكلمة هي أداتهم، وهي التي ارتبطت بالأسطورة ارتباطًا تامًّا. ولقد حدَّثنا الرواة عن شياطين الشعراء، كما حدثونا عن وادي عبقر الذي يسكن فيه الجن، كما أخبرنا الشعراء أنفسهم في أشعارهم عن أسماء شياطينهم، "فلاحظ بن لاحظ" شيطان امرئ القيس، و"أبو مسحل" شيطان الأعشى، و"هبيد" شيطان عبيد بن الأبرص, "وهارد" شيطان النابغة. وبعد هذه العجالة نود أن نعرض للمنهج الأسطوري في دراسة الشعر الجاهلي ورواده، ومسوغاتهم، وكيفية الإفادة منه، وما يؤخذ عليه.   1 المرجع نفسه، ص43. 2 أحمد شمس الدين حجاجي، فصول، مجلد4، عدد2 "1984م"، ص43. 3 انظر ما ورد في كتب السيرة والتفسير حينما اتهموا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنكروا عليه النبوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 لقد نهج هذا المنهج في دراسة الشعر الجاهلي كلٍّ من الأساتذة: أحمد كمال زكي، وإبراهيم عبد الرحمن، مصطفى ناصف، وعبد الجبار المطلبي، ونصرت عبد الرحمن، وعلي البطل، وسنحاول أن نعرض لأعمال كلٍّ منهم في إيجاز. أما الدكتور أحمد كمال زكي فأعماله: "تراثنا الشعري والتاريخ الناقص"1 و"التفسير الأسطوري للشعر القديم"2 و"التشكيل الخرافي في شعرنا القديم"3. وفي بحثه الأوّل يقرر وجود نقص في دراساتنا التاريخية المتصلة بالشعر, وهذا أدَّى إلى قصور في القوانين التي ارتضينا أن نحكمه بها، ويحدد المعوقات التي حالت دون وصول الشعر الجاهلي كاملًا في ثلاثة محاور أو أربعة، ويزعم بأن شعرنا لو كان أخذ الأخذ الموضوعي، ثم نوقش المناقشات التي تخرجه عن جهد الشراح اللغويين, لعرفناه خيرًا مما عرف به، وأما المحاور فهي: إعراض أغلب الذين أرَّخوا لأدبنا عن تناول جزء من هذا الشعر تناولًا غير تقليدي، أو إعراض عن قسم من هذا الشعر متصل بالأساطير وأيام العرب، وكانت النتيجة عصفًا عاتيًا بقصائد كاملة ومقطوعات ومطولات جاهلية تدرج في سلك الشعر الأسطوري، وجاء اللغويون الرواة فبدّلوا بعض الكلمات ذات الدلالة في الشعر، وأما المحور الثاني: فتلك الأحكام الجزافية التي أطلقت على ذلك الشعر، مما ترك أثره في تصورنا المبتور لتاريخ الأدب العربي، ويرى سبل تصويب الخطأ في إطلاق النصّ الشعري من أمر الشاهد اللغوي الذي قيد النظر القديم في الشعر، وكذلك ألّا نعد أيام العرب تاريخًا, بل أدبًا جاهليًّا فيه الشعر والنثر، وأخطرها تطبيق مقاييسنا الخلقية في إطارها الإسلامي على ما أبقى عليه العلماء المتقدمون من شعر بعد تصيفيته أو تطهيره من الوثنيات. وأما المحور الثالث: فمتعلق بالمنهج وهو إبقاء الشعر، وهو الناقص كما بينا، على السطح واختفاء ما عداه، ويقرر بعد ذلك جملة حقائق هي: 1- إن مدار فكرة أي موضوع من تلك الموضوعات الوثنية كان من أهم أسباب تحول بعضها إلى الخرافات والحكايات التي تضمنتها السير الشعبية.   1 مجلة فصول، مجلد4، عدد2 "1984"، ص11 وما بعدها. 2 المرجع نفسه، المجلد1، العدد 3 "1981"، ص115-126. 3 فصل من كتاب "دراسات في النقد الأدبي" ص151-174. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 2- وعلى ذلك يمكن أن تكون أيام العرب البداية الطبيعية والصحيحة لتاريخ أدبنا. 3- إن الشعر الجاهلي لم يكن شعرًا غنائيًّا كما زعم الكثيرون. 4- أسجاع الكهان هي من أساطير الأولين، ولا بُدَّ أن تكون من فنون الشعر الملحمي الذي عرفه العرب. 5- إن العقلية العربية التي أبدعت السير هي نفسها التي أبدعت أساطير الأولين، وما رضيت الأثبات الرسمية أن تحفظه من شعر قديم. ويطرح سؤالًا في نهاية البحث: لماذا ظلَّ شعرنا إلى عهد قريب رافضًا بشكله الخليلي وبنبرته الحماسية ما يمت بصلة إلى التراث الشعبي، وما يخرج به إلى دفع ما اتهمنا به "رينان" وغيره؟ ويجيب بأن ليست للغة ولا البلاغة, وإنما لأن كتابنا ظلوا وسيظلون وراء المؤلف، وفي البحث عنه يجدون عادةً شيئًا رواغًا، حتى ليؤخذ بقاعدة الإسناد الموروثة فيرفض, وهو يرى إننا إذا عنَّ لنا تلافي هذا السوء المعياري، فلا بُدَّ من مراجعة تراثنا الأدبي التاريخي تلك المراجعات التي تجد ضالتها دائمًا في أساطير الأولين وأيام العرب. ولا نقنع بما أورده الجاحظ وابن المعتز والقزويني، فكله مبتور جاء من مبتور، ويقرر أخيرًا أنه يصبح على المؤرخ الجديد لأدبنا أن يحقق التكامل الفني بين أشكال تعبيراتنا الأدبية، من ملاحم وخرافات وقصص وأمثال، بشرط أن يقدم الخلفية الجاهلية بالوضوح الذي رفضه الشراح الأقدمون، وبالتصحيح العلمي للمفاهيم القيمة التي استفحلت في بعض الأنواع الأدبية. وفي بحثه الثاني "التفسير الأسطوري للشعر القديم" يطرح هذا التساؤل بادئ ذي بدء: أترانا نحتاج إلى التفسير الأسطوري للأدب؟ وإذا كنا نحتاج، فهل يصبح من مهمة الناقد تصور كيفية ما صدر عنه الأديب بكل تعقيداته ليطرح للفهم والتعليق، أو ليرسم الطريق الذي قطعه الأديب في الضباب الكثيف حتى طلع به علينا؟ وما قيمة الأدب في هذه الحالة, وهي جمالية في الجملة بالرغم من أنها تنطلق من المحيطين الاجتماعي والتاريخي؟ ويجيب الباحث بأن الأدب تفسير فني للكون، ومن حق الناقد أن يلجأ إلى كلِّ السبل لتحديد ذلك التفسير, بشرط ألّا يتجاوز طرفي البداية والنهاية، فيقع في سوءة الضلالة والتضليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وربما كان للرومانسية فضل التوجيه إلى حصر البنيات الأسطورية والمختفية دائمًا وراء الشكل العام للتعبير. ولوحظ أن لبعض كُتّاب لبنان ممارسات مبكرة للأسطورة داخل محيط الرمز الشعري، وفي معرض حديثه عن البنائية وتوجسه من خشية تعطيل دور الشعر المعرفي, يعترف بأن في بعض إنجازاتهم ما يدعم التفسير الأسطوري للشعر. إن الشاعر يملك القدرة الجبارة على تشكيل الصورة الشعرية من فتات التصور القديم للوجود الأول، وكلما كان الشاعر قريبًا من عصر الفطرة الجاهلية أحد أشكالها، سيطرت عليه القوة الميتافيزيقية التي تصوغ قصيدته, أو تتحكم في صياغته بنحو أو آخر. وفي رأيه أن الأسطورة ليست أدبًا، ولا يمكن أن تكون، وهي عندما ينتهي دورها في تفسير علاقة الآلهة بالموجودات، وفي إماطة اللثام عن بعض أسرار الكون والحياة، تتفتت في حكايات خرافية، وبعضها يقتحمه الخيال في الملاحم الشعبية، ثم يستغل استغلالًا أدبيًّا تتفاوت مستوياته الفنية بمقدار بما يوحي ويثير. ولكن الجزء الطقسي من الأسطورة يظل في ضمير الجماعة حيًّا ما امتد الزمن وتعاقبت آلاف السنين. ويحدد لنا بعد ذلك الأسطورة التي عناها، وهي الأسطورة التي توزَّعت في أعمال إبداعية، بعضها شعبي، واستخدمت بطريقة تبدو للنظر العادي كما لو كانت ضربًا من المجاز أو التصوير الأدبي الشائع، وعنده أن الصورة الشعرية المبتكرة ترجع من حيث هي مجاز أو كناية أو علامة سيميوطيقية إلى قدرة الشاعر على الخروج من الفكرة المتسلطة بشيء يقول شيئًا يحاور الضمير العام بكل ميتافيزيقائه. ويؤيد ما يذهب إليه بأمثلة من الشعر الجاهلي تتعلق بألفاظٍ لها دلالات أسطورية وخرافية موغلة في القدم، وقيم حضارية، ويشير في جزء من بحثه إلى أنّ الأسطورة تعني أحيانًا "الطوطمية" بكل ملابساتها، وبكل ما يوحي به اعتقاد بوجود وحدة كونية بين أنواع الزواحف والأشجار والهوام والحيوان والصخور والنجوم، ويشهد على هذا حضور ما سبق جميعًا في سلاسل النسب العربية، وهو يرى أن الحيوان عنصر وراءه رصيد هائل من الأفكار الأسطورية، ويسوق لمقولته نماذج من الشعر الجاهلي، ويختتم بحثه بأن التفسير الأسطوري للأدب، وللشعر خاصة، ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 زالت جوانب كثيرة لم يكشف عنها بعد، وإنَّ ما قدَّمه الرواد فيه شعراء ونقادًا وأنثروبولوجيين يوحي بأنّ للأسطورة اليوم دورًا قد يقلب أنواع التقويم الأدبي رأسًا على عقب. ويعقِد فصلًَا خاصًّا في كتابه "دراسات في النقد الأدبي", يتحدث فيه عن التشكيل الخرافي للشعر القديم، وهو يحدد أن ما يعنيه أولًا هو المضمون مقدرًا كل ما قدمته التشكيلات الشعرية من قيم جمالية, ويقرر بأن للأشطورة صلة بالدين, ولهذا فقد أثر تقصي المحتوى، من منطلق الخرافة التي قد تكون أساسًا للدين، وقد تكون أساسًا للأسطورة، إلّا أنها فيما يعرض بمعنى يبتعد عن المعنى الذي الذي قصد إليه. وهو يختار شعر الأيام ميدانًا لبحثه؛ لأنها وحدها تفي بأغلب ما صدر عن العصر الجاهلي، فهي تراث نبع من ضمير الجاهلي في شتَّى تكويناته الاجتماعية، وامتلأ بالمحتوى الفكري الذي يتشكّل تشكلًا قوميًّا لم تشاركه فيه الأمم المجاورة مع التسليم بوجود تأثير متبادل. والسبب الثاني: لأختيار شعر الأيام أنها تتضمن خلاصة الثقافة العربية الأولى ممتزجة بالأساطير والقصص الخرافي، لكن المحدثين منذ العصر الأموي دأبوا على طمسها, لما فيها من إيقاظ للشعور الجاهلي الذي أساسه العصبية، والسبب الثالث: لأن ملاحم الأيام زاخرة بإشارات ورموز حول آثار الشخوص الأسطورية المنقرضة والبلدان الطامسة, ثم عماليق يوم القيامة، ومعمري حرب البسوس، وأبنية يوم المشقر. ويرى الباحث أن الكاهن والإبل والثور والغزال والحيات درات حول كل منها طقوس أو خرافات، ويقرر بأن عيون الشعر القديم كأنها كانت أصداء للتكوين الشعري للأيام. أما الدكتور إبراهيم عبد الرحمن فله أعمال ثلاثة في هذا المجال هي: "الشعر الجاهلي: قضاياه الفنية والموضعية"1 و"التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي"2 و"من أصول الشعر العربي القديم"3. وفي البحث الأول الذي يتناول قضايا كثيرة متصلة بالشعر الجاهلي، ومنها   1 صدر عن دار النهضة العربية، بيروت، ط2: 1980م. 2 مجلة فصول، المجلد الأول، عدد3 "1981"، ص127-140. 3 مجلة فصول مجلد 4، عدد2 "1984"، ص24-41. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 الصورة, يرى أن الاقتصاد في اللغة ألفاظًا وأساليب قد حمل الشعراء على إيثار الأسلوب التصويري في التعبير عن معانيهم؛ بحيث صارت الصورة الشعرية أصلًا من أصول الشعر الجاهلي، وكان هدف الشاعر من بناء هذه الصورة التعبير من خلالها عن قضاياه وأحاسيسه ومواقفه من الحياة والناس من حوله، لذا فقد غلب التعبير الرمزي على التعبير المباشر، وعلا الشعر الجاهلي على الواقع الحقيقي, ليصبح من خلال هذه الصورة بناءً لغويًّا حافلًا بالرموز والمعاني، ويستشهد بمعلقة أمرئ القيس وحائية عبيد بن الأبرص. ويعتقد الباحث أننا لو أحسنّا الالتفات إلى العناصر المتقابلة التي يجمع بينها الشاعر في هذه الصور المركزة والمتراكمة: عناصر البقاء والفناء، وما يتصل بها من صور الصيد والضوء والمطر والحمل والولادة، فإن ذلك يقودنا إلى الكشف عن عوالم الشعروتفسيرها، وإن فهم الشعر الجاهلي لا يتأتى إلّا بفهم هذا الأسلوب التصويري, وتحليل صوره المركزة تحليلًا يكشف عن أمرين: أولهما: الأصول الميثولوجية التي نبعت منها، وثانيهما: يبرز تلك العلاقات الخفية التي كان يقيمها الشاعر الجاهلي بين عناصر الصورة ومكوناتها المختلفة، وبين مواقفه أو فلسفته في الحياة وظواهرها المتناقضة في بيئته. ولتحقيق الغاية من الفهم والتفسير يرى أنه ينبغي أن ندخل إلى دراسة الشعر الجاهلي خاصَّة بهذه الملاحظات العامَّة على طبيعة الأسلوب التصويري: 1- غلبة الأسلوب التصويري على موضوعاتٍ بعينها تردد في قصائده على اختلاف أغراضها. 2- في جميع صور الشعر على كثرتها تردد أو تتكرر عناصر لغوية موضوعية وروحية واحدة، كأنها كانت لدى الشعراء بمثابة الشعائر المقدَّسة التي وكِّل إليهم تلاوتها. 3- إن أطراف هذه الصورة وعناصرها المتقابلة تتداخل في الموضوعات المختلفة فيما بينها تداخلًا شديدًا. 4- هذه الموضوعات المختلفة التي استأثرت بالأسلوب التصويري هي التي تشكِّل عناصر الهيكل العام الذي حققته القصيدة الجاهلية، ومن ثَمَّ فقد جعلت من هذا الهيكل بناءً رمزيًّا متكاملًا متنوع الأدوات والوسائل والغايات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 وحين نضم هذه الملاحظات نحقق أمرين هما: 1- تحليل هذه الصور في ذاتها تحليلًا موضوعيًّا وفنيًّا يشكف عن هذا الجانب من الإبداع الفني الذي حققه الشعراء. 2- البحث عن رموز هذه الصور بردها إلى أصولها الميثولوجية التي صدرت عنها. وإن مثل هذا التحليل الميثولوجي يحتاج إلى معرفة واسعة وعميقة بحضارة الجاهليين، وثقافاتهم، وفلسفتهم في الحياة والموت, وتحديد تلك الروافد الثقافية والدينية والميثولوجية التي انتقلت إليهم من الحضارات المجاورة. ويقسّم هذه الصور إلى صور جزئية وصور كلية أو لوحات، ويرى أن عناصر الصورة هي: العنصر الزمني, وقد اتخذوه أصلًا، والمقابلة، والحركة. وفي عمله الثاني "التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي"، يعترف منذ البداية بأن البحث محاولة مقترحة "لقراءة الشعر الجاهلي في ضوء المنهج الأسطوري ليست سوى خطوة عن طريق الدراسات الخصبة التي ظفر به الشعر على أيدي القدامى والمحدثين من النقاد، وهي دراسات تنوعت مناهجها، واختلفت نتائجها، ولذا فإن عمله في هذه القراءة الجديدة يتلخص في تجميع أفكارها، والربط بين عناصرها المختلفة، وباختصارٍ, فما يقوم به إنما هو إعادة تركيب هذه العناصر وتأليفها بضمِّ ما تفرق منها, لنخلق منها ما يصح أن يسمَّى منهجًا جديدًا يفك مغاليقه، ويكشف عن كنزه التي ظلت خافية على الدارسين القدامى والمحدثين أيضًا. وعندما يشرع في تحديد خطوات المنهج الأولية يراها في ضرورة تحديد المدلولات اللغوية بعامة والشعرية بخاصة تحديدًا تاريخيًّا دقيقًا، أي: نحن بحاجة إلى معجم لغوي تاريخي، يطلب ذلك لنضع أيدينا على طبيعة الفكر العربي في صورته الصحيحة، وبذا يمكننا أن ندلف إلى حل مشكلات الشعر الجاهلي الأخرى؛ من تفسير الصورة الشعرية بالكشف عن أصولها الميثولوجية والشعبية القديمة، وفهم مغزى هذه التركيبة الموضوعية الغريبة المعروفة بالأغراض الشعرية، كما يمكننا بحل المعضلة اللغوية أيضًا الكشف عن منابع الفن والإبداع في الشعر الجاهلي، كما تعيننا أيضًا على الفصل في القضية المزمنة، قضية توثيق الشعر الجاهلي. ويؤكد الباحث وجود التخلّف اللغوي الذي لا يزال يجثم بكلكله على الدراسات اللغوية المعاصرة على المستويين العام أو الأكاديمي، ويؤكِّد أن تحليل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 التركيبة اللغوية للشعر الجاهلي في جوانبها الدلالية والنحوية والإشارية لا يتأتى للدارس إلّا بتطبيق منهجين معروفين في الدراسات اللغوية والنحوية تطبيقًا صارمًا, وهما: المنهج اللغوي المقارن، والكشف عن خبايا هذا العالم الأسطوري الذي انبثقت منه الميثولوجيا الدينية عند العرب، وهو لا يخوض في المنهج الأول لعدم الدراية الواسعة. أما المنهج الثاني: هو "الميثولوجيا الوثنية الجاهلية", فإنه يرى أننا نواجه ظلامًا دامسًا حرص القدامى جميعًا على طمسه طمسًا كاملًا، ولم يشذّ عن هذا السلوك سوى: "عبيد بن شريه" و"ابن الكلبي", ومن ثَمَّ فإنه يتجه إلى النقوش العربية القديمة التي ظفرت بعناية الدراسين الأوربيين منذ القرن التاسع عشر. وتتميّز فترتان دينيتان في الجاهلية: مرحلة الشرك، أو مرحلة عبادة الظواهر والكائنات، والثانية مرحلة التجريد, أو الاتجاه إلى التوحيد. وقد رمزوا لآلهتهم في المرحلتين بالأوثان التي تعددت واختلفت من قبيلة إلى أخرى, وعبادة الأوثان هذه انتقلت إلى العرب من الأمم المجاورة, مما يؤكد تأثرهم في عبادتهم بديانات الأمم الأخرى المجاورة. ويؤكد أن الميل إلى التوحيد أخذ يغزو العقلية العربية في أواخر العصر الجاهلي، ودليله أن نصوص الشعر الجاهلي في الفترة المتأخرة القريبة من الإسلام "عن زهير والأعشى" زخرت بعقيدة الإله الواحد، مما حدا بالرواة إلى التشكيك في صحة هذا الشعر، وعزوا ذلك إلى عمل الرواة المسلمين في تنقية الشعر من آثار الوثنية القديمة. وأما المكان الذي ظهرت فيه مثل هذه النصوص التوحيدية فهو جنوب الجزيرة العربية. وقد اتخذت عبادات الجاهليين في هذا الطور شكلًا بعينه, هو شكل ديانات الشعوب المجاورة، وهو عبادة الكواكب التي تتألف من ثالوث سماوي: القمر، الشمس، الزهرة، وقد رمز الجاهليون للقمر بالثور، وللشمس بالمرأة العارية الفرس والغزالة والمهاة والنخلة، وللزهرة بالعزى، وقد خلص الباحث إلى أن هذا العالم الأسطوري بحيوانه ونباته وإنسانه وتماثيله قد اتخذ في هذا العصر من خلال التصور الديني ثلاثة مستويات منفصلة ماديًا, ومتصلة اتصالًا وثيقًا من الناحيتين الأسطورية والروحية. 1- المستوى الأول: مادي، هو عالم النجوم البعيد، حيث تعيش هذه الآلهة التي تعبد إلهًا في أطوار مختلفة من الحياة الجاهلية الدينية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 2- المستوى الثاني: إشاري، يتمثّل في هذه العلاقات الروحية التي كانوا يقيمونها, أو يرونها بين هذه الحيوانات والنباتات وغيرها على الأرض وبين عالم النجوم في السماء. 3- المستوى الثالث: ذلك الوجود الأدبي في شعر الجاهليين، وقد اتخذ نزعة تصويرية غالبة. وقد اتخذت هذه الزعة التصويرية لعالم الكواكب الميثولوجي في الشعر مظهرين واضحين: الأول: لوحات متكاملة في وصف الطلل، والظعائن، والرحلة على الناقة، وصراع الحيوان والطير، وهي لوحات تضج بالحركة والحياة والصراع، وينبت من خلالها فيها هذه العقائد الميثولوجية. ومن أبرز هذه اللوحات وأخطرها لوحة الطلل، ولوحة الظعائن، ولوحة الصيد. والثاني: الصور الجزئية التي يؤلفها الشعراء عادة من التشبيهات، وأحيانًا من الاستعارات والكنايات، يصفون فيها جمال المرأة وصفًا مفصلًا وغامضًا، أو يشخِّصون قوة الفرس والناقة، وسرعة الظبي والظليم والحمار الوحشي، وإلى غير ذلك من صور الحيوان والطير والنبات التي حققت وجودًا فنيًّا رائعًا له أصوله ورموزه الميثولوجية والإنسانية المبثوثة فيه. ويقرر أننا نجد تطابقًا ماديًّا كاملًا بين صور الشعر الجاهلي القصصية على وجه الخصوص، وبين عالم الكوكب في صورته الجغرافية التي انطبقت في أذهان الجاهليين عنه. وهكذا فإن فهم الشعر الجاهلي لا يتأتّى، في نظره إلّا بفهم طبيعة الأسلوب التصويري فهمًا لغويًّا صحيحًا، وتحليل صوره المركَّزة، ولوحاته المركبة، تحليلًا يكشف أولًا عن أصولها الميثولوجية والشعبية التي نبعت منها، ويبرز ثانيًا تلك العلاقات الخفية التي كان الشاعر يقيمها بين عناصر الصورة، وبين مواقفه أو فلسفته في الحياة وظواهرها المتناقضة في بيئته. 1- يشكل الحديث عن المرأة العنصر الأصلي الذي تأتلف حوله وتخرج منه بقية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 عناصر القصيدة الأخرى، فهي التي توقف الشاعر على الأطلال ... 2- إن الأسلوب التصويري يغلب على موضوعات بعينها, هي تلك الأغراض النمطية التي تؤلف البناء الشكلي والموضوعي للقصيدة الجاهلية, وإن الشعراء درجوا على أن يضفوا على صورهم طابعًا مثاليًّا يجعل من الأطلال نموذجًا للخراب والموت اللذين ينزلان بحياة الإنسان، ومن الحيوان على اختلاف أنواعه، حيوانًا أسطوريًّا في جماله وحركته وقوته, ومن السحاب وما يسقطه من أمطار رمزًا على ازدهار الحياة وخصوبتها. 3- إن الشعراء حرصوا على أن يستمدوا هذه الصور من العالم الميثولوجي، عالم الكواكب على النحو الذي تصوروه وطبعوه في أذهانهم, وما كان يقابله في عالمهم المادي من حيوان ونبات وطير. وفي محاولة لتطبيق هذه المنهج فإنه يأخذ "المرأة والشاعر", وذلك لتبين تلك الصلة "الميثولوجية الوثيقة التي كانت تقوم بينها"، أو بين الحب وأغراض القصيدة الأخرى، وذلك من خلال نصوص تتوافر فيها الصور الكلية أو الصور الجزئية، وفي مجال الصور الكلية يدرس "عينية الحادرة" التي مطلعها: بكرت سمية بكرة فتمتع ... وغدت غدو مفارق لم يربع وبائية الأعشى التي مطلعها: وأصلت صرم الحبل من ... سلمى لطول جنابها؟ ويأتي بحث الدكتور عبد الرحمن الثالث "من أصول الشعر العربي القديم: الأغراض والموسيقى دراسة نصية", فيرى الباحث في مقدمة بحثه أن حرص النقاد المحدثين على تقويم التطور الذي حققه هذا الشعر بارتباطه بالشعر الإنجليزي الحديث من جهة، واتجاهات النقد الأدبي الحديث في أوربا من جهة ثانية، ويرى أن في هذه المحاولة الخصبة من التأصيل الفنِّي فائدة وخطورة في آنٍ واحد؛ لأنها ضخَّمت الدور الغربي في تطوير الشعر العربي الحديث, وقد نبعت أراؤهم من مقولة تتلخص في أن الشعر العربي القديم ظلَّ أربعة عشر قرنًا أسير صيغة تقليدية ثابتة تحقق لها شكلها وبناؤها ومقوماتها الفنية والموضوعية في العصر الجاهلي، وهي صيغة قد غلب عليها "عنصر الوحدة", الأمر الذي جعل من القصيدة في صيغتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 التقليدية الثابتة أداة فنية عاجزة عن مواكبة التطور الذي أخذ يَجِدُّ على الحياة العربية عبر عصورها المختلفة والتعبير عنه. وقد نجمت عن ذلك آثار خطيرة تمثَّلت في ظاهرتين غلبتا على حركة نقد الشعر في الأدب العربي الحديث: انصراف الدارسين المحدثين عن ملاحظة ظواهر التطور المختلفة التي أخذ الشعر القديم يحققها في مسيرته التاريخية والفنية الطويلة، والثانية: التفاتهم إلى الآداب الغربية وحدها لتفسير ما أخذ يجد على الشعر الحديث. وقد دعا هذا كله الباحث إلى العودة إلى عالم الشعر القديم للكشف عن أصوله الشكلية والفنية، ولرصد ظواهر التطور البارزة التي أخذ يحققها تباعًا بفضل ظهور الإسلام، وهو يرى أنها أصول ظلت موصولة بين القديم والحديث في حياة الشعر العربي منذ العصر الجاهلي حتى الآن، على نحوٍ يؤكد استمرار الصلة الفنية الوثيقة بين قديم هذا الشعر وحديثه، ويجعل من الصيغة الشعرية الجديدة نتاجًا حتميًّا لهذا التطور الدائب، وتلك الصلة المستمرة، بالإضافة إلى المؤثرات الأجنبية الأخرى. وينتهي إلى أن الشعراء الجاهليين، على الرغم من أنهم درجوا على بناء قصائدهم من أغراض وصور وأوزان واحدة، وقد نجحوا في أن يؤلفوا منها قصائد متنوعة الرموز والقضايا، على نحوٍ يعكس قدرة إبداعية خاصة لم يفطن إليها هؤلاء الدراسون الذين يلحون على ثبات الصيغة الشعرية القديمة وتقليديتها. وفي الجانب التطبيقي يكتفي في دراسته هذه بالوقوف عند عنصرين من عناصر القصيدة يعدهما النقاد من أصولها الشكلية والفنية الكبيرة، واستغلّ الشاعر موهبته وقدرته الإبداعية في تنويعها بغية توظيفها في الرمز، والعنصران هما: الأغراض والموسيقى، وبالنسبة للأغراض يتناول المرأة كما في بحثه السابق، ولكن من خلال "معلقة امرئ القيس", وينفذ إلى أعماق تصوره للمرأة، يرى أن التشابه بين الشخصيات الثلاث؛ لأن الأساطير القديمة يتداخل بعضها في بعض، ويخلص إلى أن شخصية الشاعر، امرئ القيس، وغيره من الشعراء، كما يستخلصها الرواة من أشعارهم، شخصيات أسطورية، وهذا يؤيد أن الأغراض الشعرية ليست أكثر من صيغ فنية خالصة يوظفها الشعراء في قصائدهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 ويتناول كذلك "الصيد" وأداته حصانه الأسطوري، من خلال معلقة "امرئ القيس"، ويتناول كذلك "المطر"، ويجعل منه مطر أسطوريًّا. ويرى الباحث أن كل شاعر من شعراء الجاهلية لديه "مقولته" التي تختلف عن مقولات غيره، وذلك بالرغم من أن الأغراض التي تتألف منها هذه القصائد لم تختلف كثيرًا في قصيدة عنها في الأخرى، وسبب ذلك أنها استحالت إلى "وسائل فنية"، يعبّر الشعراء من خلالها عن أفكارهم المختلفة. ويخصص بقية بحثه للحديث عن "الموسيقى" في الشعر, وخلاصة رأيه: 1- إن القدامى قد خلطوا بين الوزن والموسيقى من ناحية، والقافية من الناحية الأخرى, وأكدوا بما أخذوه على بعض الشعراء من أخطاء في الأوزان والقوافي، ثبات النظام الموسيقى في صورته التي استخلصها الخليل بن أحمد من ناحية أخرى, ومن ثَمَّ أخذت تتردد في كتاباتهم كلمات: الوزن والنظم والقافية دون كلمة "الموسيقى" أو "الإيقاع". 2- إن المحدثين قد اتخذوا من عيوب "علم العروض" وقصور مقاييسه عن الكشف عن أسرار الشعر الموسيقية، عيوبًا للنظام الموسيقي للشعر القديم نفسه. لقد أخذ الاتجاه النقدي الذي يربط بين الأوزان والمعنى يغزو النقد العربي الحديث منذ وقت مبكر، في كتابات المرصفي والبستاني والرافعي والنهويهي وغيرهم, وقد بالغ النويهي في تأكيد هذه الصلة بين بحر القصيدة وموضوعها في كتبه ودراساته التي خصَّصَها لتحليل نماذج من الشعر القديم، مبالغة وجعلت لكل بحر وظيفة بعينها. أما الدكتور عبد الرحمن فيرى بأنَّ اتساع الوزن الواحد لأغراض القصيدة المختلفة، وتنوع موسيقى هذه الأغراض واستجابة هذا الوزن لمذاهب الملحنين وأداتهم، وأصوات المغنيين وإمكاناتهم، وأذواق المستمعين وعواطفهم المتباينة، يؤكد ما يذهب إليه من قدرة هذه الأوزان على مواجهة عواطف الشعراء المتغيرة مواجهة موسيقية خصبة ومتغيرة أيضًا، وذلك بخلق ألوان من الموسيقى الشعرية في القصيدة الواحدة، لها القدرة على إحداث تأثيرات متباينة في قراء هذا الشعر ومستمعيه ... كما يؤكِّد زيف هذه الآراء التي تربط بين الأوزان نفسها ومعاني القصائد وأغراضها، وهو زعم يبطله تنوع أغراض القصيدة واختلاف معانيها، وتباين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 مواقف الشعراء النفسية فيها، وصياغة هذا كله في بحر واحد ينتظم القصيدة من أولها إلى آخرها. ويعترف الباحث بأن دراسته نظرية لم تعتمد على أية تجارب معملية أو مقارنات لغوية سامية، إلّا في حدود ما استقاه من بعض المصارد الحديثة, أما المطلوب فهو التدليل على وجود نظام موسيقي معقَّد للشعر القديم غير نظام الخليل العروضي، وإنه قد آن الأوان لأن يأخذ اللغويون العرب المحدثون زمام المبادرة في الحثِّ عن هذا النظام, ولا يكون ذلك إلّا بالتحليلات المعملية والمقارنات السامية, ولا يفوت الباحث أن يعترف بمحاولة جادَّة قام بها المرحوم الدكتور محمد مندور لتحليل موسيقى الشعر العربي القديم ورصد مقوماتها، عن طريق سلسلة من التجارب المعملية الدقيقة, قام بها في فرنسا في الفترة "1930-1939" ونشر مخلصًا لهذا البحث الذي لازال مخطوطًا، في مجلة كلية الآداب بجامعة الإسكندرية "العدد الأول 1943"، ثم عاد فأشار إلى النتائج في مجلة الرسالة, وفي كتابه "في الميزان الجديد". وقد تأثَّر كثيرون بهذه الدراسة, لكنهم لم يشيروا إلى صاحبها، لكن الباحث يرى أن هذه الدراسة الخصبة لم تقدِّم لنا وصفًا صوتيًّا دقيقًا كاملًا إلّا لوجه واحد من موسيقى الشعر العربي القديم هو "الموسيقى الخارجية", أما "الموسيقى الداخلية" فلم يثر اهتمام الدراسين القدامى والمحدثين إلّا في إطار بعض الملاحظات الذوقية العامة التي نقع عليها في كتاباتهم. والباحث الثالث الذي ينهج هذا النهج هو الدكتور نصرت عبد الرحمن, فينطلق في كتابه "الصورة الفنية في الشعر الجاهلي في ضوء النقد الحديث"1 من الصورة لتطبيق المنهج الميثولوجي أو الأسطوري. ويقرر في مقدمة بحثه أن الصورة من أشد القضايا خطورة في النقد الحديث, وذلك لاتصالها اتصالًا مباشرًا بنظرية المعرفة في الفلسفة، أو لارتباطها بنظرة الإنسان إلى الكون, واقتناص الحقيقة الشعرية في الصورة مطلب عسير, وبخاصة في الشعر الجاهلي, لأننا لا نعرف كثيرًا عن صانع الصورة، ولا نعرف من أمر نظرته إلى الكون إلّا أشتاتًا من المعلومات. ويقرر أيضًا أن الفصل بين صور الشعر الجاهلي والمعتقد كالفصل بين الصور   1 صدر عن مكتبة الأقصى، عمان، ط1: 1976م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 التي تملأ المعابد الفرعونية والمعتقد الفرعوني القديم، وأما منهجه في دراسة الصورة الجاهلية فيقوم على الأسس التالية: 1- إطراح شعر المخضرمين, فقد يكون هؤلاء قد غيَّروا شعرهم الجاهلي بعد إسلامهم وأدخلوا فيه نظرات إسلامية. 2- إطراح شعر الجاهليين الذي شك الباحثون فيه, مثل: شعر أمية بن أبي الصلت وعنترة والمهلهل. 3- الاعتماد كثيرًا على شعر أصحاب الدواوين. ويخصص الباحث الباب الثاني من كتابه للحديث عن الصورة في الإطار الرمزي، وفي هذا الإطار نبلغ الوجود الشعري للصورة الجاهلية, أو الدلالة الباطنية لها، ولا بُدَّ من الربط في هذا الباب بين الموجود والمعتقد الجاهلي, معتمدًا في دراسة المعتقد على كتب الميثولوجيا الحديثة، والربط كذلك بين الموجود وعبادة الأجرام السماوية, والرجوع إلى كتب الفلك؛ لأن في هذه الروابط ظهورًا للمثالية الجاهلية. ويخصص الباب الثالث لدراسة الصورة في إطارها الشكلي، ويبني هذا على نتائج الدراسة الرمزية، ويدرس الصورة في بنائها الخاص, وفي البناء الهيكلي للقصيدة الجاهلية. وتقوم دراسة كلها على ثلاث أعمدة رئيسية. 1- عدم انفصال الدراسات النقدية عن الإطار الفلسفي العام. 2- الشعر ينطلق من فلسفة وجدانية عُلْيَا، والشاعر يعبِّر عن روح الأمة. 3- ينطلق النقد من دراسة "الموجود", كي يصل إلى "الوجود الشعري". ومن النتائج التي توصَّلت إليه الدراسة أن الإنسان الجاهلي مفترى عليه في الدراسات، وأن الصور الجاهلية تزيح الظلمات التي ادلهمت الإنسان الجاهلي. ومن النتائج أيضًا أن بعض الشعراء الجاهليين شغفوا ببعض الصور دون غيرها، وقد عمَّ الباحث وجهة نظره هذه بجداول إحصائية ورسوم بيانية لموضوعات الصورة عند ثمانية شعراء جاهليين "النابغة، وامرئ القيس، زهير، الأعشى، طرفة, عبيد، أوس بن حجر، قيس بن الحطيم", ومن هذا الموجود، ومن ربطه بالديانة الوثنية يتفتَّح الوجود الشعري الديني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 ويتفق مع الدكتور إبراهيم عبد الرحمن في أنه عدَّ المرأة مفتاحًا لمغاليق القصيدة الجاهلية، ويقرِّر أن المرأة كانت رمزًا للآلهة الشمس. وعندما تحدّث عن المقدمة الطللية ألفى أنها ترمز في عمومها إلى ما تخلفه الشمس الراحلة على الخصب الزراعي، كما وجد رابطة بين صور الحيوانات "الظليم والفرس والناقة" وصور نجوم السماء, مما يدل على أن الشاعر كان يتطلع إلى هذه النماذج الحيوانية بأنها مثل موجودة في السماء, وربط بين قصة الثور الوحشي والكلاب، ومجموعة النجوم التي تسمَّى الثور والكلب الأكبر والكلب الأصغر والجبار. ويضع الباحث احتمالًا لأن تكون الرموز الدينية رموزًا وجودية؛ فالطلل يرمز إلى اليأس الوجودي، والمرأة ترمز إلى الأمل، ورحلة الصحراء ترمز إلى العمل، والناقة إلى القوة, وقصة الصراع الحيواني رمز للصراع الإنساني من أجل تحقيق آماله، وهو لا يجد بعدًا شديدًا بين الرموز الدينية والرموز الوجودية. ويرى الباحث أن الشكل تتجلى فيه الفلسفة الجاهلية الأيقونية التي تعد الزمان غير النهائي، وتعد المكان نهائيا، أما المكان فيحفظ الشاعر الجاهلي له وحدته، ويحطم الزمان، وتتجمع الأزمنة الثلاثة فيه: الماضي والحاضر والمستقبل, كما تظهر تلك الفلسفة أيضًا في التشبيه الذي يترابط فيه الحسّ والمعنى، وتتجلى أيضًا في بناء القصيدة الجاهلية العضوي، فالبناء العضوي في الشعر الذي ينبع من النظرية "الأيستمولوجية" من عامل الوحدة التي تربط بين الموجودات، وهي الرابطة العظمى في الشعر. ويرى أيضًا أن الشاعر الجاهلي لم يكن يحلل كما تقول المثالية، ولم يكن يركب كما تقول التجريبية، بل كان يحلل ويركب معًا: يحلل المثال ويركب من المادة, ولعل هذا التناقص الناتج من التقاء التحليل والتركيب نوع من التفرد امتاز به الشاعر الجاهلي والقصيدة الجاهلية. أما الدكتور علي البطل: فقد ذكر في مقدمة كتابه "الصورة في الشعر العربي حتى أواخر القرن الثاني الهجري" دراسة في أصولها وتطورها1, أن منهجه أسطوري؛ لأن بحثه "يحاول أن يكشف عن وجه للشعر العربي كان محتجبًا طيلة هذه الحقبة الطويلة من عمره, وهو وجه ارتباطه الوثيق بالحياة الدينية والأساطير القديمة التي   1 صدر عن دار الأندلس، بيروت، ط1: 1980م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 تسرب منها إليه الكثير من الصور، وكان الشعراء يحرصون على ترديدها، وكان الدارسون يرون فيها دليلًا على مادية الشعراء, وخواء الجانب الروحي في حياتهم، وساعدهم على ذلك مصطلح الجاهلية". ومحور دراسته الصورة التي أخذت تشد الباحثين في الصنف الثاني من العقد السابع من هذا القرن, ويعترف بأن دراسته هذه امتداد وتطوير من بعض الوجوه لدراسة أستاذه الدكتور إبراهيم عبد الرحمن، ويعترف أيضًا أن الدراسات التي سبقته تقترب بدرجة وبأخرى من المنابع الأسطورية؛ كدراستي الدكتور ناصف "قراءة ثانية لشعرنا القديم" و"دراسة الأدب العربي", إلّا أن الدراستين ينزع بهما صاحبها منزعًا نفسيًّا تشوبه الانطباعية, وتحفلان بالتجاوزات، ويعترف بأن أقرب الدراسات إلى منهجه دراسة الدكتور نصرت عبد الرحمن التي سبقت، ولكنه يأخذ عليها أنها اعتمدت على الأفكار الشائعة عن المعبودات المعروفة بالأصنام فقط، وأنه يلتوي أيضًا بالصور إلى الرمز الذي يفسره تفسيرًا انطباعيًّا لا يعتمد على أرض الأساطير التي يشير إليها، كما يتَّجه في بحثه عن الأساطير إلى السماء أساسًا، ويطرح بعد ذلك أسئلة لا يجيب البحث عنها. ونظرًا لانصراف الدراسات السابقة عن الصورة إلى الشكل, فقد اهتم هو بالموضوع في الغالب دون إغفال الجانب الفني، كما انصبَّ اهتمامه على بحث الأصل الديني للصورة أساسًا, ثم المضي عنها متابعين تطورها الفني والتاريخي للوصول إلى ما وصلت إليه ملامحها بتاثير التغيرات الحضارية المتتابعة للهجرة, حتى قرب نهاية العصر العباسي الأول. وقد قسَّم الباحث بحثه إلى أقسام أربعة: الأول: يتناول الجانب النظري، درس فيه مفهوم مصطلح الصورة الفنية ومنطلق الدراسة التطبيقية، ودرس أيضًا الأصول الدينية والأسطورية التي تستمد منها الصور الفنية في الشعر العربي جذورها. والثاني: يدرس صورة المرأة منذ بداية شكلها المثالي في العقيدة الدينية, إلى ما وصل إليه هذا الشكل من تطورٍ نحو الواقعية بتأثير التطورات الحضارية. والثالث: يعالج صورة الحيوان التي تنبيئ بأصولٍ أسطورية كالثور الوحشي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 وحمار الوحش والظليم والناقة والحصان، وهي من المعبودات الأساسية القديمة. والرابع: يدرس عددًا من الصور في شعر المدح والفخر والرثاء والهجاء والوصف مبينًا جذورها الأسطورية من خلال الشعر، وما بقي من الممارسات الشعائرية من روايات الإخباريين التي لم تلفت الانتباه إلى دلالاتها الطقوسية. ومن الأساسيات التي ارتكز عليها الباحث في بحثه أنه يتبنَّى المفهوم الجديد للصورة, الذي يعتبر الصورة عبارات حقيقية الاستعمال, ومع ذلك فهي تشكل صورة دالة على خيال خصب, ويستخلص من الاتحاهات الحديثة المتعددة نظرة متكاملة للمفهوم الجديد يتبناه، فالصورة تشكيل لغوي، يكوّنها خيال الفنان من معطيات متعددة، يقف العالم المحسوس في مقدمتها. ومن الأساسيات أن الصور الرمزية، أو الأنماط المتكررة من الصور، وما وراءها من ارتباطات النماذج العليا في الشعائر والأساطير هي مدار الاهتمام في بحثه. ومن النتائج التي يخلص إليها الباحث: 1- إذا كنَّا قد فقدنا الشعر فليس معنى ذلك أنه لم يوجد على الإطلاق دور للشعر في طقوس عباداتهم، وإنما علينا التماس آثاره وتقاليده الفنية التي عاشت في شعر المراحل التي وصلتنا آثارها؛ حيث تركزت الآثار في الصور الفنية. 2- لقد جمع العرب الصور المختلفة للأمومة أو الخصوبة كالمهاة والغزالة والحصان من الحيوان، والنخلة السمرة من النبات، والمرأة من الإنسان، فجعلوها رموزًا مقدَّسة للشمس - الأم. 3- لقد تخلَّفت عن عبادة المرأة - الأم, وعن ربطها بالشمس، الأم المعبودة, وجعلها نظيرًا للرموز المتعددة التي رمزوا بها للشمس كالنخلة والغزالة والمهاة، تخلفت عن ذلك صورة يمكن أن نطلق عليها: المرأة المثال أو الصورة المثالية للمرأة، وهي صورة لا تتعلق بالمرأة بعينها. 4- قد يعمد الشاعر إلى فصل عنصر من عناصر صورة المرأة، مكونًا به صورة جزئية موسَّعة تضاف إلى الصورة العامة، مثل عنصر: الدرة أو البيضة أو القطاة أو الحمامة، وهي أيضًا عناصر مستمدَّة من صور دينية قديمة، إلى جانب صور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 خاصة المرأة تصور علاقة أسطورية قديمة بين المرأة والحرب. 5- لكن الباحث يعترف بأن ليس كل تصوير شعراء ما قبل الإسلام للمرأة مقصورًا على صور المرأة المثال، فهناك صورة المرأة الواقعية, وهي القينة أو المغنية أو المهجوّة من نساء الأعداء ... إلخ, ولكن المرأة الغالبة -كما يرى- هي المرأة المثال. 6- الحيوان من بين الصور المهمة لمعبودات الإنسان القديم، فهو إما طوطم الجماعة وحدّها الأعلى، وإما معبودها الممثَّل والرمز للإله السماوي: الكوكب الذي تتوجه إليه الجماعة في صلواتها, والباحث يتناول من الحيوان الثور الوحشي وهو رمز الإله القمر، والحمار الوحشي، والظليم. 7- يرى أن ارتباط الرجل -المثال- بالقمر, شكل من أشكال التقديس التي يخلعها الذهن البدائي على العظماء، فلقد عبدت الملوك والأبطال في الديانات القديمة نتيجة وضعهم المتميز في المجتمع، لذا فقط شبه الممدوح بالبدر، وإن موقف الرجل المثال في الحرب -البطل، وهو الرمز لصورة الإله "ود" المحارب, أما الرجل المثال في السلم فهو الكريم، ولذا فإن شعر المديح يربط بين صورة الرجل المثال وبين صورتي القمر والثور الوحشي المقدستين، ويأتي هذا الربط في حالة السلم بصفة الكرم, وفي حالة الحرب بصفة البطولة، وهما صفتان ملازمتان للمدح في الشعر الجاهلي. وأما الباحث الرابع الذي نرى أنه يسلك هذا المنهج ولو جزئيًّا الدكتور مصطفى ناصف في كتابه "قراءة ثانية لشعرنا القديم"1, وخلاصة رأيه في النقد العربي القديم أنه أحسَّ بشدة بنقاء الأدب العربي، وحرص على تشخيصه جيلًا بعد جيل، فقد شخَّصه برسم الصورة المثلى للغة العربية ممثَّلة في القرآن الكريم، وثانيًا: بإصراره على أن الأدب العربي صورة ناضجة كاملة النضج قبل اتصال الثقافة العربية بغيرها من الثقافات. وفي معرض حديثه عن النهضة الثقافية في العصر الجاهلي رأى أنها لم تدرس بعد دراسة كافية، وإن فكرة شعب عربي لم تكن من الأفكار البعيدة عن   1 صدر عن الجامعة الليبية، 1975م، وصدرت طبعة ثانية عن دار الأندلس، بيروت 1977، وطبعة ثالثة عن الدار نفسها 1981م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 أذهان القبائل؛ لأن اللغة الأدبية الموحدة لم تكن لتنمو إلّا بفضل نمو الترابط الاجتماعي, ويرفض فكرة أن يكون الشعر القديم انعكاسًا مباشرًا لفكرة البداوة, بل إننا أمام مجتمع تشغله أسئلة أساسية شاقة عن مبدأ الإنسان ومنتهاه ومصيره وشقائه وعلاقته بالكون. وخلاصة رأيه في الشعر الجاهلي أنه ينافس أي شعر آخر شريطة أن نحسن قراءته، ومن أجل إثبات ذلك درس المقدمات الطللية لكلٍّ من زهير وطرفة، وقد رأى فيها ضربًا الطقوس أو الشعائر التي يؤديها المجتمع, أو تصدر عن عقل جماعي لا عن عقل ذاتي أو حالة ذاتية, فالشاعر الجاهلي لا يتصور الفن عملًا فرديًّا, بل يتصوره نوعًا من النبوغ في تمثُّل أحلام المجتمع ومخاوفه وآماله، وإنَّ كل شاعر جاهلي لا يبدأ الحديث ولا يخاطب المجتمع الذي ينتمي إليه إلّا عن طريق بعث الماضي. والشاعر الجاهلي يتخير العناصر التي لا تقبل الزوال, ويرى أن الطلل رمز الزمن الذي يتسم بالإيجابية الواضحة، والطلل يبدو وكأنه منبت ثقافة، وفكرة السفن تمضي في الماء تتعلق بفكرة الرحلة البعيدة التي تحقق المغانم, وفكرة النخيل مرتبطة بفكرة الظعائن. وهو يرى أن موضوعات الشعر الجاهلي كثيرة, ولكنها قابلة للترابط, فالشعراء أعجبوا بالربط بين السيل والفرس، والفرس والمطر جزءان مترابطان من تفكير واحد، والفرس مرسل الغيث الذي يتوقعه الشاعر دون قنوط "مفهوم الخير"، والكرم جرى العرف على اعتباره معادلًا لفكرة الماء والبحر، والناقة هي التعبير الصالح عن فكرة الثبات والقهر والصمود, والناقة أشبه بالأمومة القوية، وقد اقترنت بالنخلة في أذهان العرب، وأمومتها صابرة قادرة راغبة في استمرار الحياة، وأخيرًا هي ليست مجرد حيوان، إنها حيوان مقدَّس أحيانًا. ويربط الباحث بين فكرة الراهب وفكرة المطر، فالمطر في شعر امرئ القيس قيامة غير عادية، أو هو هزة كبرى تنسخ التجارب اليومية المألوفة، وتفصل بين جزءين من الحياة، والمطر يسوقنا إلى فكرة الكرم، وفكرة الماء الذي يهبط من السماء وثيق الصلة بفكرة المحبوبة، كما أن ثَمَّة صلة بين فكرة المطر وفكرة الناقة. أما الوشم فهو تعويذة ضد الطلل، والتشابه بينهما لا يمنع من ملاحظة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 المفارقة والتضاد. والوشم هو الجهد العقلي الذي ينتجه الإنسان في سبيل الإبقاء على الطلل والتغلب عليه أيضًا, فإذا استحالت مادة الحياة إلى وشمٍ كان في هذا بكاء للحياة وإبقاء عليها, وتعويذة الوشم هي الخطوة الأولى في سبيل الصراع ضد الطلل الشاخص. ويرى الباحث أنه يجب التفكير في: 1- الصراع بين الطلل والوشم. 2- الصراع بين الطلل والناقة. 3- الصراع بين الخمر والطلل. 4- الصراع بين المغامرة المسمَّاة بالفخر والطلل. وأما الدكتور نصرت عبد الرحمن فله البحوث التالية: "الصورة الفنية في الشعر الجاهلي في ضوء النقد الحديث"1, و"المطر: مواضع وروده في جانب من الشعر الجاهلي"2, و"حول دلالة عمرو في القسم والدعاء في الشعر الجاهلي"2. والمبحث الأول هو الذي يتصل بموضوع هذه الدراسة، وهو يقرر منذ البداية وفي مقدمة البحث أن "قضية الصورة تتصل اتصالًا مباشرًا بنظرية المعرفة في الفلسفة, أو ترتبط بنظرة الإنسان إلى الكون، وإنها تحمل في حناياها حقائق شعرية تنأى بها عن الزخرف الشعري، وصندوق الأصباغ، والبلاغة"4. وقد قسَّم بحثه إلى تمهيدٍ وأبواب ثلاثة: ففي التمهيد كان الأساس النظري الذي أقام عليه البحث، حيث حدَّد مفهوم الصورة، ووضع خطًّا أساسيًّا، وهو أن الشعر تعبير عن الوجدان الجماعي. وكان الباب الأول1 للصورة في إطار الموضوع, وفي الفصل الأول: صورة الإنسان في الشعر الجاهلي: الصورة والدين، الصورة والكتابة، الصورة والفنون   1 صدر عن مكتبة الأقصى، عمان 1976م. 2 نشرته مجلة دراسات، الجامعة الأدرنية، مجلد6، عدد2، ص101-102. 3 نشرته مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، العدد 19-20 "1983م، ص7-30". 4 الصورة الفنية، المقدمة. 5 الصورة الفنية، ص21-104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 الصورة والإنسان الصائد، الصورة والإنسان الزارع، الصورة والصانع، الصورة والتجارة، الصورة والبيت، الرجل والمرأة، الصورة والطعام، والشراب، الصورة والعطور، الصورة والألعاب، الصورة والمرض. وفي الفصل الثاني تحدث عن صورة العالم الطبيعي في الشعر الجاهلي "السماء والرياح والمطر والماء والفصول والحيوان والنبات". وفي الفصل الثالث تحدَّث عن موضوعات الصورة عند كلٍّ من: امرئ القيس والنابغة وزهير وطرفة والأعشى وعبيد وأوس وقيس بن الخطيم. وجاء الباب الثاني1 للصورة الجاهلية في الإطار الرمزي، وقد قسَّمَه إلى فصلين هما: الأول: الصورة والرمز الديني "المرأة والطلل والرحلة للمرأة وللشاعر، وأسماء النساء والرمز، والمطر والتصور". والثاني: الصورة والرمز الوجودي "اليأس والأمل والعمل". وخصص الباب الثالث للصورة في الإطار الشكلي، وجاء في فصلين: الأول: الصورة الجاهلية والشكل "المكان والزمان، والصورة والتشبيه، والشكل والحس، والتشبيه والمثل". الثاني: الصورة وبناء القصيدة الجاهلية البناء التوافقي، والبناء المفارق، والبناء المتقطع. وذلك هو بناء الكتاب آثرنا إيراده كاملًا لما فيه فائدة للباحثين والدراسين، وسنحاول إلقاء بعض الأضواء على المنهج الذي تبناه الباحث. تتصور المعاني الشعرية في عدة أنواع من الصور2 هي: أولها: التقريرية, وهي تلك لا تحوي تشبيهًا أو مجازًا. وثانيها: التشبيهية, وهي التي يتجسَّم فيها المعنى على هيئة علاقة بين حدين. وثالثها: الرمز الأيقوني, وهو الصورة التي تدل على صورة مادية بينهما علاقة تشابه، وتحمل الصورة المادية معنى.   1 نفسه 105-174. 2 الصورة الفنية 9-13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 ورابعها: الاستعارة. وخامسها: الرمز غير الأيقوني, وهو عندما يتجسَّم التصوّر في مادة دون أن يكون في المادة علاقة تشبيهية أو استعارية، وهو علاقة باطنية خارجية "رموز الصوفية". وسادسها: الكتابة وهي ضرب من الإشارة. ويرى الباحث أن دراسة الشعر ينبغي أن تسير جنبًا إلى جنب مع دراسة الفكر، ولم يضر الشعر العربي غير الفصل الحادّ بينه وبين الفكر1. كما يرى أن علماء الأنثروبولوجيا لم يكتبوا عن الإنسان البدائي أسوأ مما كتبنا عن الإنسان الجاهلي، وإن النظر إلى بدائية الجاهليين قد طاردتهم حتى في فهم أشعارهم2. ومن القضايا التي يتبناها الباحث في بحثه: 1- أن تكون كثرة الحديث عن النار في الشعر الجاهلي وشدة الاعتزاز بها، وإن تبدَّت في معرض الكرم، مظهرًا من مظاهر الديانة الفارسية "المجوسية". 2- إن دراسة الصورة الوثنية في الشعر الجاهلي تحتاج إلى منهج وصفي؛ لأن وراء هذه الصورة حياة مييثولوجية كاملة، وتختفي في ثناياها رموز ترتد إلى نظرة عرب الجاهلية إلى الكون والخلق والحياة والموت. 3- لا ترد الغزالة في شعر الصيد، وعدم صيدها له دلالة هامة. 4- الرجل في الشعر الجاهلي معنًى والمرأة صفة. 5- للقمر والشمس وللشعر قداسة عند عرب الجاهلية, لكن هذه القداسة تبدو شاحبة في الشعر الجاهلي. 6- في صورة الشمس بضعة عناصر: العنصر الزماني، والعنصر المكاني، والعنصر الجمالي، والعنصر الحيواني، والعنصر الإنساني، والعنصر الإلهي. 7- أكثر الرياح في الشعر الجاهلي هي ريح الشمال وتليها الصبا, ثم الجنوب فالدبور فالنكباء. 8- قلَّمَا نرى الشعراء يصوّرن البعير في أسفارهم. 9- ثَمَّة أمران أضرَّا بالشعر الجاهلي: القول بحسيته، والقول بوضوحه وسذاجته.   1 نفسه 15. 2 نفسه 17. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وعلة ذلك هو الفصل البنَّاء بين ذاك الشعر والمعتقدات الجاهلية. 10- إن دراسة الصور الجاهلية في ضوء الدين من أشق الأمور وأشدها عسرًا بسبب غموض الحياة الدينية. 11- التشبيه بالغزالة كثير جدًّا في الشعر الجاهلي. 12- نلاحظ في الظعائن أمورًا عدة: أ- أن المرأة فيها تخرج بأبهى حللها وكامل زينتها. ب- أن المرأة ترحل عادة إلى الأنهار والينابيع, فتطوف ما تطوف في الصحراء، ثم تحط رحالها بجانب الماء. ج- أن للرحلة صورتين تكادان تتكرران عند الجميع: تشبيه الظعائن بالسفن وبالنخيل. ويقوده هذا كله إلى الاعتقاد بأن رحلة الشمس كل يومٍ ورحلتها في الصيف والخريف والشتاء والربيع هي رحلة المرأة1. 13- يربط الباحث بين رحلة الشعراء الجاهليين وملحمة جلجامش البابلية, ففي كل ثور وحشي، وتجواب طويل، ولكن الملحمة تحدد هدف الرحلة, وهو الوصول إلى الشمس لنيل الخلود, فهل كان الشاعر الجاهلي يطمع في الوصول إلى الشمس أيضًا لنيل الخلود2؟ 14- يخلص إلى القول بأن الحصان وحمار الوحش وغيرهما من الحيوانات لها مثيل في السماء3. 15- تبدو الشمس "اللات الجاهلية" الإطار العام لرمز المرأة في الشعر الجاهلي، ويبدو أن هذا الرمز الديني العام يحوي رموزًا خاصَّة لكلّ اسم من أسماء النساء اللائي وردن في الشعر الجاهلي. ويبرر هذا كله بتكرار بعض الأسماء، وتشابه الصفات التي يسبغها الشعراء عليهن4. 16- جعل الباحث الطلل رمزًا لليأس، والمرأة رمزًا للأمل، ورحلة الصحراء رمزًا للعمل. 17- يعترف الباحث بأن الدراسات لا تخلو من تعميم يبدو منافيًا لروح النقد   1 الصورة الفنية 131. 2 نفسه 143. 3 نفسه 143. 4 نفسه 146. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 الحديث الذي يعدُّ الشعر غير خاضع لقانون, وبعد كل قصيدة ذات حياة تتميز بالتفرد والخصوص. 18- ينظر إلى الصورة على أنها من فعل التصور، فإن تشابهت الصور دلَّ ذلك على حدة التصور، وفي ظل الدين يتحد التصور. وفي معرض حديثه عن الصورة الجاهلية في الإطار الشكلي1 يؤكد على الربط بين شكل الصورة الجاهلية وبنائها ومعتقد الجاهليين، فالشكل ليس قالبًا تُصَبُّ فيه الأفكار كما يصبّ الشراب في الأكواب على حد تعبيره. ويذهب إلى أن الشعر فنّ زماني مكاني، وأن قضية المكان والزمان من أخطر القضايا في الفكر الأيقوني, إلّا أنها منبثقة عن الفكرة الثنائية التي تعتقد أن المكان محدود مادي والزمان غير محدود. والشعر الجاهلي مبني على فكرة أيقوني: فالمعبود مادي يحده المكان ولا يحده الزمان, وقد خلفت هذه النظرة آثارها في شكل الصورة الجاهلية ووسمته بميسمها2. وفي الفكر الأيقوني يكون التشبيه عمدة الصورة الفنية؛ لأنه فكر يقوم أساسًا على التشابه، ولكن الباحث يبرهن على أن الشعر الجاهلي برئ من تهمة الحسية التي رمي بها3. ويذهب الباحث إلى أن الثنائية الأيقونية تفسّر حسية الصورة الجاهلية، ففي هذه الثنائية يتداخل المثال بالواقع؛ كالتداخل الذي نراه في التصاوير النصرانية مثلًَا، حيث تبدو العذراء بالغة الحسن، ولكنه حسن مأخوذ من دنيا الواقع، ولكننا نرى مثالًا معنويًّا فوق هذه الواقعية4. ويعدد بعد ذلك الأشكال الحسية للصورة5، فأولها: الصورة البصرية، وتشكل الكثرة الغالبة من الصور الجاهلية، وأبرز سمات الصورة البصرية الحركية. ويلي الصورة البصرية في الكثرة الصورة اللمسية، وبخاصة الناعمة فيما   1 الباب الثالث من الدراسة 175. 2 نفسه 177. 3 نفسه 179. 4 الصورة الفنية 182. 5 نفسه 186-189. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 يلمس من الأشياء, ويلي ذلك الصورة الشمية، وقد يمزج الشاعر بين الصورتين اللمسية والشمية، ويلي ذلك الصورة السمعية فالذوقية. أما "الصورة وبناء القصيدة الجاهلية"1: فيتناول قضية خطيرة في النقد الحديث, وهي الوحدة في الشعر الجاهلي، وهو يرى أن العلاقة بين الذات والموضوع لم تكن موجودة وحدها في العصر الجاهلي, بل وجدت علاقة أخرى هي علاقة بالآلهة، ونتيجة لهذه العلاقة قد يتحدد الموضوع، فالفكر الجاهلي يمكن تصوره على صورة مثلث رأسه الآلهة وأحد طرفيه الإنسان والآخر عالم الأعيان, وهكذا فالفكر الجاهلي هو العلاقة بين ذات وموضوع وآلهة. وتتبدى هذه الوحدة في مواقف القصيدة الجاهلية، وهذه المواقف تتعدد وتتكون من ثلاث علاقات: علاقة الذات بالآلهة، وعلاقة الآلهة بالموضوع، وعلاقة الذات بالموضوع. وبناء القصيدة الجاهلية في رأي الباحث، بناء توافقي2 كمعلقة زهير؛ حيث كان الموضوع هو إحلال السلام بين القبيلتين، وهذا السلام جاء نتيجة لحكمة من سَعَيَا إلى دفع الديات. وثمة نوع آخر هو البناء المفارق3, وهو الذي يتعارض فيه موقف الآلهة من الموضوع مع موقف الشاعر منه. ويتبدى هذا البناء في الموضوعات القدرية التي لا يملك الإنسان دفعها كالموت والشيب والجدب, أو فيما يمكن رده إلى الآلهة، ومثاله: عينية الحادرة. والنوع الثالث: هو البناء المتطقع4، وهو أن تكون القصيدة مكونة من موقفين هما: الذات والآلهة، والذات والموضوع، ولا يظهر الشاعر موقف الآلهة من الموضوع، ومثاله: قصيدة بشر بن أبي خازم "البائية" التي مطلعها: تنعاك نصب من أميمة منصب ... كذي الشوق لما يله وسيذهب وتبدو الأبنية الثلاثة السالفة الذكر منبثقة من النظرة الجاهلية الأنتولوجية،   1 نفسه 192 وما بعدها. 2 الصورة الفنية 194 وما بعدها. 3 نفسه 200 وما بعدها. 4 نفسه 205 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 فالشاعر الجاهلي لم يكن يعتقد أنه الموجود الوحيد في هذا العالم، بل يشركه في هذا الوجود آلهة أقوى منه وأعظم، وكان عليه أن يبني شعره على وجوده1. والشاعر الجاهلي كان يحلل الصورة ويركِّبها في وقت واحد, يحللها كما نلاحظ في "المرأة والناقة والفرس"، ولكنه إلى جانب هذا التحليل كان يركب صورًا تأخذ كل واحدة منها برقاب الأخرى، ويتكون منها معنى عام، كما فعل طرفة مثلًا عندما اجتمعت صوره جميعًا لتدل على القوة, لقد كان الشاعر يحلل المثال ويركّب من المادة، ولعل التحليل والتركيب بما في التقائهما من تناقض نوعٍ من التفرد, وتمتاز به القصيدة الجاهلية2.   1 الصورة الفنية 207. 2 نفسه 214. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 المنهج البنيوي : يضطر الباحث في البنائية والمنهج البنيوي إلى الكشف عن معالمها التاريخية، على الرغم من أن البنيوية نفسها تسعى لمقاومة فكرة التاريخ في حد ذاتها؛ لأنها قامت "لترد المنظور الذي تطلق عليه الرؤية المنبثقة والذي يقوم على دراسة الأشياء في ذاتها قبل التطرق إلى أحداثها وتاريخها"1. وحجر الزاوية في النظرية البنائية مجموعة من المبادئ اللغوية الأولية لعالم سويسري هو "فرديناند دي سوسير", استطاع أن يؤسِّسَ مدرسة لغوية حديثة أصبحت تعد رائدًا للعلوم الإنسانية وقدرتها على أن تصبح علومًا دقيقة تضارع العلوم الطبيعية والرياضية في خضوعها للمنهج العلمي المضبوط، وتبلورت هذه المدرسة في العقد الأول من هذا القرن. والمبدأ الأساسي في تيار الفكر البنائي هو الرؤية الثنائية المزدوجة للظواهر، فهو من جهةٍ يعارض النزعة الجزئية الانفصالية التي تدعو إلى عزل الأشياء عن مجالها، ومن جهة أخرى يدعو إلى إدراج هذه الظواهر في سلسلة من المقابلات الثنائية للكشف عن علاقاتها التي تحدد طبيعة تكوينها، وأهم هذه المقابلات: - ثنائية اللغة والكلام. - ثنائية المحور التوقيتي الثابت والزمني المتطور. - ثنائية النموذج القياسي والسياقي. - ثنائية الصوت والمعنى.   1- صلاح فضل: نظرية البنائية في النقد الأدبي. مكتبة الأنجلو المصرية، 1977م، ص23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 وكان الرافد الثاني من روافد البنائية "مدرسة الشكلية الروسية", التي ازدهرت في العقدين الثاني والثالث، وكان انطلاقها من مجموعة من طلبة الدراسات العليا بجامعة موسكو 1915, وشكلت "حلقة موسكو اللغوية", وقد أقاموا نظرياتهم الجمالية على أساس كفاية الأثر الفني في حدّ ذاته وقابليته لأن يشرح نفسه، والبحث عن لغة جديدة للفن. وقد اتضح اتجاهان في البنائية فيما بعد: البنائية التحليلية التي يتزعمها "جاكوبسون", والبنائية التركيبية التي يتزعمها وينتهجها "شومسكي". ويصف أحد زعمائها البنائية بأنها حل الشيء لاكتشاف أجزائه، والوصول من خلال تحديد الفروق بينها إلى معناها، ثم تركيبه مرة أخرى حفاظًا على خصائصه التي توضِّح لنا أن أيَّ تعديل في الجزء يؤدي إلى تعديل في الكل. وفي عام 1928م، قامت طائفة من علماء اللغة في تشكوسلوفاكيا بتكوين حلقة دراسية ضمت في صفوفها عددًا من الباحثين الذين ينتمون إلى بلدان أخرى، وصاغوا جملة من المبادئ تقدموا بها إلى المؤتمر الدولي الأول لعلماء اللغة الذي عُقِدَ في لاهاي 1928م, تحت عنوان: "النصوص الأساسية لحلقة براغ اللغوية". وفي عام 1930 ظهرت أول دراسة منهجية في تاريخ علم الأصوات اللغوية بإعداد "جاكوبسون"، وتبلورت أعمال حلقة براغ في ثمانية أجزاء ظلّت تصدر تباعًا حتى 1938م. وعلم اللغة البنائي عند حلقة براغ يتصوّر الواقع اللغوي على أنه نظام سيميولوجي رمزي، ويحلل عملية الكلام قبل أن تصل إلى التعبير الواقعي بتتبّع مراحلها المختلفة، فيميز بين إجراءين مختلفين وإن اختلط أحدهما بالآخر في عملية الكلام البشرية, وأولهما: هو التقاط العناصر الواقعية المحددة, أو الذهنية المجردة, التي تلفت انتباه الفرد الذي سيتحدث, وإدراك إمكانية التعبير عنها بكلمات من اللغة التي يستخدمها. أما الإجراء الثاني: فيتمثل في وضع العلاقة المتبادلة بينهما وبين الرمز اللغوي الذي يشير إلى العناصر المختارة بطريقة تشكل كلًّا عضويًّا وهو الجملة. وقد كان لحلقة براغ دراسات وبحوث موسَّعة في لغة الشعر والأدب بصفة عامة، وتنمي في كثير من جوانبها الخطوط المنهجية الأولى للمدرسة الشكلية, ولا بأس من ذكر أهم معالمها: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 1- تتميز اللغة الشعرية بأنها غالبًا ما تكتسب صفة الكلام من حيث إنها تعتبر عملًا فرديًّا يعتمد على الخلق والإبداع, ويرتكز على أساسين: التقاليد الشرعية الراسخة، ولغة الحياة المعاصرة. 2- من خواص اللغة الشعرية أنها تبرز عنصر الصراع والتعديل بدرجات متفاوتة، وكلما اقتربت لغة الشعر من لغة التفاهم تعارضت مع التقاليد الشعرية. 3- المستويات اللغوية المختلفة للغة الشعر؛ من صوتية وصرفية ونحوية وبلاغية, ذات صلات حميمة فيما بينها؛ بحيث يستحيل عزل أحدها عمَّا سواه. 4- تختلف درجة معاصرة العناصر المختلفة في اللغة والتقاليد الشعرية من حالةٍ لأخرى، فالعمل الشعري إنما هو بنية وظيفية لا يمكن فهم عناصره المختلفة خارج نطاق علائقها المشتركة، ويمكن لهذه العناصر نفسها أن تلعب دورًا مغايرًا تمامًا, ووظيفة عكسية في بنية أخرى. 5- نقطة الانطلاق في وصف البنية الشعرية هي القيم الصوتية، وتشمل مقارنة استخدام الحروف المعنية بلغة التفاهم ومبادئ تجميع الحروف وتكرارها, ومشاكل الإيقاع والنغم. 6- تتميز لغة الشعر بوضوح مراتب قيمها، والإيقاع هو المبدأ المنظّم للعناصر الصوتية الأخرى, وهي بنية النغم وتشكيلات الحروف في مقامات موسيقية. 7- الوسيلة الوحيدة لدراسة جميع مستويات لغة الشعر بطريقةٍ فعَّالة تتمثَّل في رسم شبكة توازي أبنيتها المختلفة، وهو توازٍ متداخل متفاعل. 8- ينبغي بحث المعاصرة في لغة الشعر بدراسة العلاقة بين معجمه والتقاليد الشعرية ولغة التفاهم. 9- إن المبدأ الأساسي في فنِّ الشعر والذي يميزه عن أنظمة اللغة الأخرى, هو أن القصد فيه يتركز لا على الدلالة وإنما على الرمز في نفسه، على التعبير في ذاته. وقد استطاعت حلقة براغ أن تتفادى بعض نواحي القصور في النظرية الشكلية بمراجعة أهم المبادئ وتعديلها, وإنضاجها على ضوء التجربة الفكرية المثمرة، فبدلًا من قصر العمل الأدبي على جانبه اللغوي البحت, وعدم الاعتراف بأنه عنصر خارج "أدبية الأديب", أعلن "جاكوبسون" أن الاتجاه المنهجي الجديد في مدرسة براغ يدعو إلى استقلال الوظيفة الجمالية لا إلى انعزالية الأدب. وهكذا نصل إلى البنائية، فالمفهوم الاصطلاحي لكلمة البنية يؤكّد أنها تتميز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 بثلاث خصائص هي: تعدد المعنى والتوقف على السياق والمرونة1, ويقول أحد كبار البنائيين: "نظرًا لأن البنائية ليست مدرسة ولا مذهبًا أدبيًّا, فإنه لا مبرر لقصرها مقدمًا على التفكير العلمي، بل لا بُدَّ من وصفها بأكبر قدر من السعة والمرونة، على إننا لا بُدَّ أن نعترف بأن هناك بعض الكُتَّاب والفنانين ممن يمارسون البنائية، لا كمجرد موضوع للتفكير، وإنما كتجربة متميزة على مستوى الخلق تتعدى مجرد التحليل الذهني، ولهذا يمكن أن نطلق اسم الإنسان البنائي على الإنسان الذي لا نعرفه بأفكاره ولا بلغته, وإنما بخياله, أو طريقة تصوره للأشياء, ولهذا فإن البنائية بالنسبة لمن يستفيد منها إنما هي نشاط إنساني قبل كل شيء2. ويتفق الباحثون على أن البنية عبارة عن مجموعة متشابكة من العلاقات، وأن هذه العلاقات تتوقف فيها الأجزاء أو العناصر على بعضها من ناحية, وعلى علاقتها بالكلّ من ناحية أخرى, ولكن النشاط البنائي لا يعتمد على مجرَّد العمل بهذه الإيحاءات، ويؤكد "ليفي شتراوس" أن محاولات البنائية لاكتشاف النظام في الظواهر لا ينبغي أن تصبح إدخالًا للواقع في نظام جاهز مسبَّق، وإنما تقتضي إعادة إنتاج هذا الواقع وبنائه وصياغة نماذجه هو لا بأشكال تفرض عليه3. ويبحث البنائيون في الواقع الإنساني عن مظاهر الثبات والاستقرار التي يمكن أن ترتكز عليها المعرفة العلمية الحقيقية؛ فهي ليست فكرة تجريدية بالمعنى العام لهذا المصطلح الخالي من الخصائص الفردية الدقيقة، ولكنها موضوع للدراسة مستخلص من الوقائع القريبة المعقدة. يؤكد أصحاب النظرية البنائية أنها ليست مدرسة مذهبية ولا حركة فكرية, ولا ينبغي حصرها في مجرد نزعة علمية بحتة، وإنما هي نشاط قبل أي شيء آخر, أي تتابع منتظم لعدد من العلميات العقلية الدقيقة4. أما الهدف الجوهري من هذا النشام البنائي فهو إعادة تكوين الشيء بطريقة تبرز قوانين قيامه بوظائفه، فالبنية إذن في نهاية الأمر هي صورية الشيء التي تسمح   1 صلاح فضل، البنائية 177. 2 المرجع نفسه 179. 3 نفسه 180. 4 صلاح فضل: البنائية 205. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 بفهمه وإدراك تكوينه وطريقة تشغيله، والإنسان البنائي يتناول الواقع ويفكه ويحلله, ثم يقوم بتركيبه مرة أخرى، مما قد يبدو للوهلة الأولى عملًا تافهًا لا أهمية له، ولكنه في حقيقة الأمر شيء حاسم؛ إذ إنه من خلال هاتين اللحظتين في النشاط البنائي ينتج لنا شيء جديد هو قابلية الفهم"1. أما البنيوية التوليدية أو البنائية التوليدية2 فمؤسسه "لوسيان غولدمان" "1913-1970م:" وقد طوَّر الأصول التي ثقفها من "جورج لوكاش", وعمَّق دراسة أبعاد العلاقة بين الأدب والمجتمع, ومفهوم "رؤية العالم" باعتبارها بنية تتوسَّط ما بين الأساس الاجتماعي الطبقي الذي تصدر عنه، وبين الأنساق الأدبية والفنية والفكرية، فهي "كمية متجانسة" تكمن وراء الخلق الثقافي وتحكمه مثلما تتجلَّى فيه وتنكشف بواسطته. وإن الحديث عن العلاقة بين "رؤية العالم" و"عوالم الأعمال الأدبية" يعني حديثًا عن علميات بنائية تتولّد فيها أبنية أدبية هي "الأعمال الأدبية", عن أبنية فكرية هي "رؤية العالم, أو رؤى العالم" عند مجموعة اجتماعية أو طبقية. وتتجلّى منهجية البنيوية التوليدية في عملياتها الإجرائية التي تتراوح بين تفسير العمل "فهم العلاقات بين العناصر المكونة لبنيته", وشرح العمل "فهم بنيته باعتبارها وظيفة لبنية أشمل" تقع خارج العمل وتتجلى في الوقت نفسه فيه". والبنائية في حركتها المتطورة حريصة على ربط العمل الأدبي بحركة التطور في الحياة, وأما الذات التي تبحث عنها البنائية فهي ليست الذات التي يبحث عنها علم التحليل النفسي، وإنما هي ذات اجتماعية, وهي ذات قديمة وحديثة، ولا يمكن أن تعيش إلّا مع الجماعة أو من خلال الجماعة، والبنائية لا تبحث عن المحتوى أو الشكل، أو عن المحتوى في إطار الشكل، بل تبحث عن الحقيقة التي تختفي وراء الظاهر من خلال العمل نفسه, وليس من خلال أي شيء خارج عنه. وهي تُعْنَى بتوجيه العناصر نحو كلية العمل أو نظامه، وليس نظام العمل أو الشيء سوى حقيقته3. وفي معرض موقف النقاد والباحثين من البنيوية نسوق آراء ثلاثة، فالدكتور   1 نفسه 205. 2 جابر عصفور: مجلة فصول، مجلد1, عدد 2 "1981", ص84 وما بعدها. 3 نبيلة إبراهيم: مجلة فصول, مجلد1, عدد2 "1981", ص169 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 شكري عياد موقفه ليس موقف المعارض المحايد أو الرافض سلفًا، وإنما موقف الذي يحاول أن يختبر السلامة النظرية لما يقدمه منهج البنيوية, وخلاصة ما يراه: 1- إن الحديث عن البنية -أي: البناء- يصاحب كل حركة نقدية, فالكلمة ليست جديدة على النقد الأدبي. 2- إن الشبه واضح بين النقد الجديد في أمريكا في الأربعينات والخمسينات, والنقد البنيوي الذي انطلق من فرنسا في الستينات، لكن الفرق بينهما أن الاتجاه البنيوي اتجاه عقلاني يهتم بالأفكار قبل اهتمامه بالوقائع الموضوعية، بينما الآخر اتجاه تجريبي وظيفي يعتمد على الملاحظة المباشرة للعلاقات المتبادلة بين أعيان الموجودات. 3- أساس البنيوية أن موضوع الأدب هو الأدب ذاته، ومن ثَمَّ يتحول الأدب مثلما تتحول عملية القراءة, فيصبح الكل مجموعة من الموضوعات يحاور النص ذاته، وهذا يقودنا إلى خارج البنيوية، ومن ثَمَّ يربطها بوجوه الحداثة الأدبية والفنية من ناحية, وبتغيير النظرة المعرفية والأنطولوجية إلى العالم من ناحية أخرى، فنصل إلى مفهوم "الأدب-الفعل" بالذي يسعى إلى تحرير الكتابة من كل المواضعات, والعودة إلى لغة بريئة هي بثمابة اللحظة الأولى للخلق، وهو مفهوم يشف عن نزعة اشتراكية إنسانية طوبوية, تؤكد تمامًا ما اشتهر عن البنيوية بأنها معادية للتاريخ، وأنها ترفض اعتبار الإنسان محور الكون، وصانع القيم، وهو يرى أخيرًا ردَّ فعل للمذاهب الفلسفية السابقة, لكن لها جذورًا في هذه المذاهب1. أما تطبيق المنهج البنيوي على الشعر الجاهلي فقد قام به الباحثون: الدكتور كمال أبو ديب، والدكتور عدنان حيدر, والدكتور يورسلاف سسكوفتش, والدكتورة ماري كاترين باستون, وعدنان مكارم. أما الدكتور كمال أبو ديب: فقد نشر البحوث التالية ملتزمًا المنهج البنيوي: 1- Towards A Stuctureal Analysis of Pre- Islamic Poetry2 قد قدَّم في هذه   1 شكري عياد: مجلة فصول، مجلد1، عدد 2 "1981", ص188 وما بعدها. 2 نشرها في: International Journal of Middie Eastern Studies Vol. 6 "1975" P. 148-184. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 الدراسة باكورة نتاجه البنيوي, وهو دراسة معلقة لبيد بن أبي ربيعة, وسماها: "القصيدة المفتاح". 2- نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي1, وهو ترجمة للبحث الأول المنشور باللغة الإنجليزية. 3- نحو منهج بنيوي في تحليل الشعر الجاهلي "معلقة امرئ القيس" "الرؤية الشبقية"2. 4- كان قد نشر هذه الدراسة في مجلة "أدبيات" Edebiyat. Vol, No1, 1976 p.30-69. 5- الرؤى المقنعة: نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي، وهو كتاب تحت الطبع في "الهيئة المصرية العام للكتاب" يصدر هذا العام. ولست هنا, كما فعلت سابقًا، بمهاجم أو مدافع أو محلل للعمل، ولكنني أحاول أن أعرض المنهج كما تبناه أصحابه، ثم أبدي ملاحظات انطباعية حول تطبيقه على الشعر الجاهلي. وبادئ ذي بدء يقرر الباحث أن الآراء الحديثة قد صيغت في قوالب أقل مرونة, كما أنها تشي بميل أكثر حدة إلى التعميم، كما أنها أيضًا أقلّ حساسية وتبصرًا من آراء النقاد الأوائل، وهي تصدر عن درجة من المعرفة والألفة بالشعر الجاهلي أدنى من معرفة الأوائل، ويبقى مقطع ابن قتيبة المشهور الذي حاول أن يصف فيه العملية التي طوّر بها الشاعر الجاهلي قصيدته, أحد أعمق المقاطع النقدية المتعلقة بالشعر الجاهلي حساسية وتبصرًا3, ويستطرد الباحث فيرى أن التفسير المتضمّن في مقطع ابن قتيبة تفسير وظيفي أيضًا، وتكمن وظيفته في أنه يؤكد أن عملية نمو القصيدة ليست اعتباطية أو خيالية من منطق داخلي، بل عملية هادفة واعية، ترتبط بالبنية الكلية للقصيدة، وهو يرى أنها بهذا المعنى بنيوية، لأنها تعاين بنية القصيدة المفردة لا في عزلة عن, بل في إطار من, علاقتها ببنى قصائد أخرى في التراث. ويعترف بأن محاولته الأولى "دراسة معلقة لبيد" هي محاولة اقتراح الخطوط   1 مجلة المعرفة، دمشق، عدد 195 "مايو 1978", ص28-51، وعدد 196 "يونيو 1978", ص 72-110. 2 مجلة فصول, مجلد 4، عدد2 "1984", ص92-130. 3 انظر الشعر والشعراء لابن قتيبة, ص74-77. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 العامة لمنهج نقدي جديد يكون أغنى مردودًا، وأعمق قدرة على إضاءة بنية القصيدة من المناهج السابقة، وهذا المنهج يفيد من النظريات النقدية الحديثة ومن البنيوية، وبشكل خاصٍّ من منهج التحلل البنيوي للأسطورة كما طوره واستخدمه كلود ليفي شتراوس. يلي ذلك تحليل تطبيقي يمثل نموذجًا لاستخدام المنهج المطوّر لواحدة من القصائد الرئيسية في التراث هي معلقة لبيد, ويؤكد من جديد بأن التحليل الذي يقدمه يمثل عملًا في طريق الإنجاز قد يستغرق تبلور نتائجه النائية عددًا من السنين، لا آراء نهائية في صياغتها. وقد اختار معلقة لبيد لاعتقاده بأن رؤياها الأساسية للوجود تحتل مكانًا مركزيًّا في الشعر الجاهلي كله، ولكونها بينويًّا، إحدى أكثر قصائد التراث تشابكًا وتعقيدًا أو غنًى، ويعد بأنه لن يتبع منهج ليفي شتراوس بشكل أعمى، بل إنه يتبنى بعض مبادئه النظرية الجوهرية، وبعض المصطلحات، وتعدل أحيانًا تعديلًا طفيفًا, وعلى العكس من شتراوس فإن الباحث يميل إلى الاعتقاد بأن عدد كبيرًا من القصائد يمتلك وحدة خبيئة تبقى لتدرك عبر عمليات تحليل تختلف درجة عمقها، ولذا فإن ذلك يعني أن تعاين كل قصيدة مفردة معاينة مستقلة متعمقة. وفي هذه الدراسة، معلقة لبيد، يصوغ نظرية حول بنية القصيدة الجاهلية, وتوصل إليها بعد تحليل مائة وخمسين قصيدة جاهلية، وملخص هذه النظرية: إن تيارين من التجارب الجذرية يشكلان ثنائية ضدية: أ- التيار الأول: وحيد البعد, يتدفق من الذات في مسار لا يتغير، مجسدًا انفجارًا انفعاليًّا يكاد أن يكون لا زمنيًّا أو خارجًا عن السيطرة لا يكبح. ب- التيار الثاني: تيار متعدد الأبعاد, أو هو بالأحرى نقطة التقاء ومصبٍّ لروافد متعددة، لتيارت تتفاعل وتتواشج, ويكتمل التبلور النهائي لهذا النمط في سياق زمني, ويجسد عملية خلق للفاعليات المعاكسة، وتحقيق التوازن بين الأضداد في الوعي. أما التيار الأول: فيجسد في سيطرة نبض واحد وحالة انفعالية مفردة, هما خصيصتان مميزتان لأنماط شعرية مثل: الهجاء، وشعر الحب، وبعض الخمريات، والقطع الوصفية الصغيرة. وأما الثاني: فيمثل مستوى من التجربة أكثر جذرية وعمقًا في دلالاته الوجودية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 من النمط الأول، وهو مستوى الكينونة على شفار السيف التي عاناها الإنسان الجاهلي. وهنا يتواشج الاحتفاء بالحياة ويلتحم مع إحساس مأساوي بحتمية الموت, والطبيعة اللا نهائية للحياة نفسها، والعكس بالعكس، ويسمّي هذه الازدواجية بين الإيجابي والسلبي بزمن التوتر الأبدي القائم كل لحظة. ويميل التيار وحيد البعد إلى التبلور في إحدى البنيتين: بنية وحيدة الشريحة، وبينة متعددة الشرائح، أما التيار متعدد الأبعاد فيتبلور دائمًا في بنية متعدد الشرائح. ومن أجل إضاءة منهج التحليل الذي يعتبر مهمًّا في هذه الدراسة كلها, فإنه يقتصر على اكتناه وحدة الأطلال في المعلقة اكتناهًا دقيقًا, ويعلل اختياره وحدة الأطلال بعاملين هما: 1- لأنه يعتمد تصورًا مغايرًا للطرق التقليدية في تحديد القيمة الدلالية للوحدات المشكلة للقصيدة, وفي تأويل خصائصها البنيوية. 2- لأن الشروح والتعليقات على القصيدة، بل على الشعر الجاهلي كله، قاصرة قصورًا مدهشًا؛ لأنها تتحرك على المستوى اللغوي السطحي للقصيدة، وهذه طريقة ليس في مقدروها النفاذ إلى البنية العميقة للقصيدة المفتاح بشكل خاص, أو إلى بنية الشعر الجاهلي بشكل عام. والقصيدة الأساسية التي تدور حولها الدراسة هي بنية القصيدة في القصيدة الجاهلية, لإبراز التنوع في الخطوط المضمونية بروزًا واضحًا, وليتميز مشكلًا ملمحًا يسهل إدراك كونه أحد الملامح الأساسية للقصيدة، وإن أحد المنطلقات الأساسية للتأويل المقدَّم في هذه الدراسة هو التشابه المثير الذي يمكن رصده في بنية الأسطورة, وبين بنية التيار المتعددة الأبعاد, ويطرح سؤالين؛ أولهما: هل يمكن على أساس هذا التشابه أن نتحدث عن البنية الأسطورية للتيار المتعدد الأبعاد؟ والثاني: ما النتائج التي يقود إليها تطبيق منهج لفي شتراوس في تحليل الأسطورة على التيار المتعدد الأبعاد؟ ويعترف الباحث بأن هذه المرحلة الأولى من الدراسة لا تمثّل منهجًا بنيويًّا محكمًا حرفيًّا، بل منهجًا طوره خصيصًا من أجل تحليل القصيدة؛ من حيث هي نتاج لخيال خلاق يفعل ويحقق ذاته عبر اللغة، التي يختلف دورها في الشعر اختلافًا جوهريًّا عن دورها في الأسطورة. وهذا المنهج يحتاج إلى تنقية وصقل, وقد يحتاج إلى تعديل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 ويطبق منهجه على ثلاث مراحل: أولها: على وحدة الأطلال، ثم على القصيدة المفتاح كلها، ثم بطريقة مقارنة على قصيدة أخرى ذات البنية متعددة الشرائح, وهو يختار "عينية أبي ذؤيب". ونستطيع أن نستخلص بعض ملاحظاته واستنتاجاته من تلك الدراسة: 1- يرفض التفسير بأن الأطلال المدمرة تعبير عن شعور عميق بالأسى والفقدان يعانيه الشاعر عندما يرى الأطلال دارسة مدمرة. 2- يتميز قسم الأطلال بالغياب المطلق لأيّ تعبير مشحون انفعاليًّا، وتبرز الكلمة الانفعالية الأولى في نهاية هذا القسم. 3- إن الحياة موجودة في ذلك المكان المهجور إلّا أنها اتخذت صورة حيوانية لا إنسانية، وهذه الحيوانات ليست وحشية بل مسالمة "الظباء والنعام". 4- تنمو القصيدة كلها وتتقدَّم عبر ثنائيات ضدية ولفظية تنتشر خلال نسيجها كله. 5- إن القصيدة متعددة الشرائح يمكن أن تقوم على إحدى الطريقتين التاليتين من التفاعل بين شرائحها المشكلة: أ- يمكن أن ترتبط الشرائح ارتباط ثنائيات ضدية خلال القصيدة كلها. ب- يمكن أن ترتبط الشرائح ارتباط بنى مفتوحة متوازية في جوهرها ذات طبيعة تكرارية، لا لغويًّا، وإنما على مستوى العلاقات التي تتألّف منها الشرائح. 6- هنالك وفرة في المزدوجات والثنائيات الضدية على مستوى البنية اللغوية السطحية الصرف للقصيدة، "محلها ومقامها، حلالها وحرامها، جودها ورهامها، ظباؤها ونعامها، نؤيها وثمامها ... إلخ". 7- يشكل عالم الحيوان في القصيدة سلسلة من الثنائيات الضدية بين طرفي اثنتين؛ منها ما يمثل "حيوان دون أجنحة، طائر أجنحة"، "البري المتوحش: يفترس البري المسالم: يفترس", وهذه الدوائر تشير إلى: "الرحلة والبحث عن تحقيق الذات بكل أشكالها, يرافقان بالمشقات والألم والخطر والصراع ضد قوى الدمار الطبيعية والحيوانية والإنسانية، وثَمَّة ملمح مدهش هو أنها جميعًا تبدأ الرحلة, وهي تعاني من نوعٍ ما من العاهات أو النقصان أو التشويه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 فالقبيلة تبدأ بالرحلة حين يموت الخصب، والمرأة تفارق الشاعر في حالة من التوتر والصد، وحمار الوحش يرحل وقد ضرب ولطم ودكم من قبل الحمر الأخرى. 8- يقترح الباحث تطبيق الطريقة التالية على قصيدة واحدة يفترض أنها تمتلك "بنية أسطورية", وتسجل بعد ذلك في المخطط جميع اللوحات الأولية المميزة في كل وحدة مشكلة، ثم تنظم أعمدة ملائمة، خالقة هكذا "بوصفها حزمًا في العلاقات" الوحدات المكونة الإجمالية للقصيدة, وبعد ذلك ينبغي أن تحلل الوحدات الأولية وتكتنه اكتناهًا متقصيًا حذرًا من أجل أن يكشف كون أيٍّ منها تحولات لعلاقات أخرى أكثر حسية، من بين العلاقات المتعددة في القصيدة. 9- في رأي الباحث أن ثَمَّةَ مثلين واضحين على التحولات التي تطرأ في الشعر الجاهلي؛ هما موضوعا الفخر والمديح اللذان يبدوان تحولين للقوة الخالقة للحياة في التصور الجاهلي للكون, هذه القوة التي تنسب إلى عناصر أخرى في الطبيعة. 10- حينما يقارن بين معلقة لبيد وعينية أبي ذؤيب يرى أن ثَمَّة فروقًا جوهرية بينهما في الرؤيا للوجود، وللثنائية الضدية الأساسية: الحياة/ الموت, ورؤيا لبيد للحياة والموت أكثر كثافة وتشابكًا وتعقيدًا, ولبيد يرى قوى معينة تشكل توسطًا بين الحياة والموت، فالتوالد يؤكد الحياة في قلب الموت, وقد ينفي الموت ويتجاوزه عبر التناغم والحب اللذين يمكن أن يوجدا، إلّا أنه نفي مؤقت. ويتساءل الباحث: هل يمكن عزو الفرق في الرؤيا بينهما إلى السياق الثقافي والفكري والاجتماعي الذي كتبت فيه كلّ من القصيدتين وكيف؟ فهما مخضرمان، لكن لبيد نظم معلقة في الجاهلية، وأبو ذؤيب نظمها في الإسلام. أيمكن أن يفسِّر الغياب المفاجئ من قصيدة أبي ذؤيب لأي إشارات إلى وحدات أكثر من وحدة الذكر -الأنثى, والأب - الابن، وتفسر حقيقة كونه لا يتصور القبيلة أو الذات الجماعية بوصفها قوة من قوى الحفاظ على الحياة, والاستمرارية في إطار انهيار القبيلة وتفككها من حيث هي وحدة للتفاعل الجماعي، والولادات، وأنظمة الإيمان، والتصورات, والحماية المتبادلة في السنين الأولى، بعد ظهور الإسلام؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 11- لا يستعبد الباحث أنه بسبب إساءة تفسير مقطع ابن قتيبة قد اعتُبِرَت القصيدة وجودًا مفككًا لا يمتلك الوحدة, وأنَّها مؤلفة من جسم هو موضوعها الحقيقي، أو غرضها, ومن أجزاء خارجية يفرضها تراث شعري تقليدي صارم. ويرى أنه يجب اكتناه القصيدة من حيث هي بنية كلية دالة، تفعل وحداتها المكونة بطرقٍ يمكن اكتشافها مجسّدة طريقة فردية في معاينة الواقع, وصورة للعالم القائم في لحظة الخلق في وعي الشاعر. 12- يرى الباحث أن القصيدة -معلقة لبيد- لا تتحرك حركة تطور وتقدم، بل حركة تنامي عبر الانفساح والاتساع والتوازي. 13- يقرِّر الباحث بناء على استقراء للشعر الجاهلي أن القصيدة متعددة الأبعاد تتحرك دائمًا من اللحظة الأولى، أي: القبيلة أو الماضي إلى اللحظة الثانية، أي: الحاضر أو الأطلال، وهذا يقوده إلى تقرير أن البنية الكلية للقصيدة تقع بين قطبين من التطورات: التغير "تدبير الحياة والطبيعة، والقبيلة التي تشكل الحركة المعاكسة فتحفظ الحياة". وفي دراسته الثانية التي خصصها لمعلقة أمرئ القيس وسمَّاه: "ألرؤية الشبقية", يذكر في مقدمتها أنه حاول في بحث سابق نشره في "مجلة المعرفة، دمشق 1978م" أن يكتنه تطبيق التحليل البنيوي على قصائد معينة, وكانت وسيلته فصل وحدات أساسية محدّدة لأكثر من قصيدة، ونظمها في جداول على حدة، ثم حلل تلك الجداول، وساعد تحليلها أولًا في تفسير وظائف الوحدات الأساسية بوصفها عناصرللبنية، وثانيًا في تقديم بعض الصياغات النظرية عن طبيعة بناء أية قصيدة تتناولها الدراسة، كما ساعد على رؤية واقع الإنسان وعالمه الذي خلق القصيدة، وخلال البحث السابق تمت دراسة متعمقة للعلاقات الجدلية بين العناصر الأساسية للبنية، والبنية نفسها، رؤية المبدع ذاته. ويربط الباحث بين الدراستين "قصيدة المفتاح", وهذه الدراسة "الرؤية الشقبية", ويؤكد على ضرورة قراءة هذا التحليل مقرونًا بالتحليل السابق، لأن قراءته منفصلًا ستؤدي إلى فهم قاصر. وتُعَدّ معلقة امرئ القيس في نظره أشهر المعلقات وأكثرها تلقيًا للإطراء، بل أكثرها إثارة للحيرة، على الأقل فيما يتعلق بخصائصها البنيوية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 ويحدد هدفًا مزدوجًا للدراسة, فهو من جهة يحاول أن يطبِّق على قصيدة الشبق منهجه البنيوي، بل تطويعه للتوصل إلى فهم القصيدة على نحوٍ أفضل، ومن جهة ثانية يقدم البحث بعض الصياغات النظرية لطبيعة جوانب معينة للشعر الجاهلي عمومًا، والمعلقات على وجه الخصوص. وفي معرض المقارنة بين القصيدتين يرى أنهما تجسدان اختلافًا في الرؤية؛ رؤية الواقع والإنسان والكون، حيث تقدمان لنا إجابات مختلفة عن الأسئلة الرئيسية التي واجهت الإنسان في العصر الجاهلي. والقصيدة "الشبقية" تعد مثالًا آخر على البنية المتعددة الأبعاد، كما يسميها Multi dimensional structure، وبنيتها إنما تتولّد عن التفاعل بين حركتين رئيسيتين يمكن أن يطلق عليها الكليتان الأساسيتان، وتتكون كلّ منهما من عدد من الوحدات التكوينية التي يتكوّن كل منها بدوره من عدد من الوحدات الأولية, أما الوحدة الكلية الأساسية الأولى "الحركة الأولى" فتنتظمها الأبيات "1-43" في القصيدة, والوحدة الكلية الثانية "الحركة الثانية" تشتمل عليها الأبيات من "44-82". وتجنبًا للإطالة سنسوق بعض الملاحظ والاستنتاجات التي تضمنتها الدراسة: 1- إن الخاصية الرئيسية لبناء القصيدة، وهي أنها بنية تتولّد من جدل الثنائيات: الموت/ الحياة، الجفاف/ الطراوة، الصمت/ الضجة ... إلخ، ظلت دون ملاحظة عند الدراسين ولم يتطرقوا إلى مغزاها؛ فالقصيدة تقع وتتحرك داخل ثنائية ضدية لها أهمية جوهرية بالنسبة لمعناها، وبخاصة ثنائية سكون الأطلال واندثارها، في مقابل الحيوية الغامرة والجارفة في عاصفة المطر والسيل. 2- يعقد مقارنة بين خصائص وحدات الأطلال في كلتا المعلقتين, وهو يأمل أن تلقي هذه المقارنة الضوء على العلاقة بين "الرؤى الجماعية والفردية" و"بين التراث والموهبة الفردية", ويوصف ذلك كله تطبيقًا ضروريًّا على مشكلات الشفهية والتأليف بالصيغ في الشعر الجاهلي. 3- إن بدء القصيدة بفعل أمر في صيغ المثنى "قفا" إنما يحدد النغمة العاطفية في القصيدة، ويكشف عن درجة من حدة الشعور والتأكيد "للأنا" على نحو لا نجده في قصيدة "المفتاح". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 4- تدور القصيدة بين عناصر تعارض رئيسي: الزمن الحاضر مقابل الزمن المنقضي، وكل ما يتبقى من هذا الزمن المنقضي إنما هو مجرد ذكرى، هي افتراضًا ذكرى زمن السرور واللقيا، أما الزمن الحاضر فهو وقت النحيب والوحدة. 5- التعارضات والثنائيات تشكل الأوتاد التي تَشُد إليها نسيج الحركة الافتتاحية في المعلقة, فثنائية حبيب/ منزل, تعكس طبيعة العلاقات بين ثنائيةٍ من أكثر الثنائيات جوهرية في المعلقة، هي بالتحديد ثنائية الحصان/ السيل، التي تشكل تعارضًا ليس على المستوى الدلالي، أو الوظيفي, بل على مستوى حي/ غير حي. 6- ثَمَّةَ جانب يتمثَّل في أربعة تعارضات تشتمل على اتجاهات: جنوب/ شمال، شرق/ غرب, ومرتفع/ منخفض، وكلها توحي بمكان مغلق، والمعلقة تطور إلى درجة مدهشة الصور والأحاسيس ذات الطبيعة المماثلة لما تثيره فينا تلك التعارضات في الحركة الافتتاحية في المعلقة. 7- عندما يقارن بين القصيدتين يلاحظ أن إحدى الخاصيات المحلة هي: الغياب اللافت للنظر, وهو الذي يمثل اتجاه التغيير - الحياة, لأية وحدات أساسية مهمة تنتمي إلى القصيدة الشبقية. 8- إن وحدة الأطلال في هذه القصيدة محكومة بالموت والتغيير والجفاف والزوال أكثر من الوحدة المناظرة لها في القصيدة المفتاح. 9- إن رؤية الحيوان في القصيدة الشبق ليست تجسيدًا لقوى التناسل واستمرارية البقاء, بل على إنها استحضار يخلق استجابة عاطفية ذات كثافة هائلة. 10- إن الفاعلية السابقة التي تكتسبها الحياة العاطفية والحدة الشهوانية إنما تولدان الحركة الثانية للقصيدة بأكملها, تلك الحركة التي تجسّد محاولة يائسة لاستحضار لحظات أكثر حدة للزمن المنقضي، هي لحظات تشكّل الموجة المضادة أو القوة المضادة للحياة التي يمكن أن تعمل بطريقة معاكسة عند الإحساس بالفقدان والتغيير والزوال "تجربة الشاعر مع فاطمة"، وبهذا تكون الحركة الثانية في جوهرها "بحثًا عن الزمن الضائع", وهي محاولة يائسة لنفي انقضاء الزمن وطبيعته الزائلة، والطبيعة الهشَّة للعلاقات البشرية، وللتلاقي، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 وللعالم المستقر، وللتواصل العاطفي الحميم، وذلك عن طريق بعث تجارب الماضي الذي تبدو علاقته بالحاضر غامضة. 11- تبدو القصيدة كما لو كانت تتألف من موضوعات مبعثرة لا علاقة بينها، يظهر قسم يصف الليل، وقسم آخر يصف الذئب، وقسم ثالث يصف الحصان, وقسم أخير يصف السيل. فكيف نربط هذه الجملة الأصلية، النموذج؟ 12- إن الزمن الماضي غير المتجانس، فهو ليس زمن سعادة كما نتوقعه أن يكون، والباحث يقسمه إلى "الماضي1" و"الماضي2" و"الماضي3" و"الماضي4" و"الماضي5". 13- يرى خاصية مهمة من الخصائص الأساسية المحيرة في الشعر الجاهلي كله، تلك هي: خلق الثوابت، وهو يرى أن "المرأة" و"الحصان" من الثوابت في قصيدة الشبق، فالمرأة هي القوة الرئيسية التي تحدث توازنًا مضادًا للعلاقات الهشَّة الموصوفة في الحركة السابقة في القصيدة, والحصان يشكل قوة توازن للوحدتين السابقتين, وهما حدة الليل ووحدة الذئب. ومن جهة نظر الباحث يكون بناء الثوابت تجليًّا أخاذًا للحنين اليائس الذي يتوق إلى إيقاف حشاشة حياة الإنسان, وعبث ما يقوم به الإنسان من سعي وجهد. 14- لقد ولد مرور الزمن في اللا وعي عند الشاعر الجاهلي رغبة حارقة لتجميد الزمن، وتثبته ليصبح له حضور لا ينقضي أبدًا, وإن تحويل الأشياء إلى "حجر" يعد واحدًا من أهم التحولات وأكثرها تأثيرًا في خلق الحياة, وتجسيد القوة القادرة على إنكار حتمية الموت في الشعر الجاهلي. 15- يكثر ظهور الثوابت كلما لجأ الشاعر إلى تصوير طبيعة الحياة الهشَّة كما تتجسد في وحدة الأطلال. 16- إن الشاعر حينما يصوّر المرأة والحصان على أنهما من الثوابت اللازمنية يؤكد أبدية الحافز الجنسي الذي تمثله المرأة, وأما الحصان فإنه يؤكد اللازمنية الحيوية والنشاط والإثارة التي تتولد عن "مشهد الصيد", ويجسد الحصان نوعًا من التضاد الثنائي, أي: الحيوية/ السكون, الذي يتحقق على مستويين: مستوى بنية الخصائص, ومستوى لغوي خالص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 17- حينما يحلل الباحث بنية القصيدة على المستوى الشكلي يرى أنها تتولّد عن طريق ثابتين لغويين يشكلان تعارضًا ثنائيًّا يظهر في الأمر أو النداء والأداة "وربَّ", ويرى أن القصيدة كلها تقع من الناحية اللغوية بين جملتين تتضمنان فعل أمر/ منادى، تكونان الجمل التي تتولد عنهما الوحدتان التكوينيتان الأطلال/ السيل. وهو يرى أن القصيدة جملة تتألف من أربع وحدات: أ- وحدة تتحرك على مستوى الزمن الحاضر وتصف الأطلال وانحسار الحياة فيها، وتقابل بين وحدة الاستجابات العاطفية للـ "أنا" وبين المجال الوسيط، وهي استجابة تعبر عن البعد الأخلاقي للذات الجماعية "لأبيات 1-9", وتظهر لغويًّا في أفعال الأمر والنهي. ب- الوحدتان الثانية والثالثة تشكلان حجة مضادة, أي: موجة وموجة مضادة, وتكشف الواقع ومعارضاته، وتصعد جوهر الحدة، والمغامرة، والجنس، ولحظات مجابهة الموت، وتأسيس المطلقات، وتكون بهذا محاولة لإنقاذ الحياة من هشاشتها, والزمن من زواليته, وتتتماثل الوحدتان من حيث البنية النحوية الأساسية. ج- الوحدة الرابعة هي كالوحدة الأولى "خيالية من "ورب يوم" أو "بيت". 18- تتكشف في القصيدة مفارقة ضدية, هي أنه في حين أن الحدة وروح المغامرة يواجهان الهشاشة والموت ويتجاوازنهما، إلّا أنهما يحطمان الحياة، ويزيدان إبراز هشاشتها. وهذه المفارقة الضدية تتخلل القصيدة كلها وتصل إلى نقاطها الذروية في كل موضع فيها حيث تسيطر الحيوية والحدة. 19- في قصيدة الشبق تتحرك البنية المفتوحة بطريقة دائرية، فيتولد عن كل دائرة دائرة أخرى. 20- ويحلل الباحث "بنية الصور" في القصيدة, ويحاول تحديد أنواعها وهي: الجفاف/ الطراوة، الإحساس الموجي، صورة الاختراق، الإحساس بالانغلاق "الحصار"، والإحساس بالتداخل، الإحساس بالملامسة, الصور القوسية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 21- ويلاحظ أن الرؤية الشبقية تؤكد طغيانها في القصيدة كلها من طريق بثها في القصيدة نبضًا هادرًا للقوة الحيوانية في شكل صور تستمد بشكل عام من حياة الحيوان، أو تستمد من حيوانات بعينها بصورة واضحة تغني عن فحص مفصل, أما الصور المستمدة من عالم النباتات فلا تسيطر على القصيدة. 22- ويولي الباحث عنايةً للبحث في جوانب البنية الصوتية في القصيدة, ويرى أن ضدية المد/ الجزر تظهر على مستوى البنية/ الصوتية. ويذكر ملمحًا صوتيًّا يظهر في شكل "التضعيف" أو "تكرار فعلي للمصوتات, أي: الفونيمات", ويرى أن التشديد يسيطر على القصيدة سيطرة لافتة. 32- ويتناول أيضًا تحليل نظام القافية في القصيدة الشبقية لارتباطها بطريقة مباشرة بالتشديد والتكرار. ويقرر أن له مغزى بنيويًّا محددًا حيث يعكس البنية الدلالية للقصيدة, ويجسد الحالة النفسية للوجود. كما يتناول جوانب من البنية الإيقاعية, ويدلل من القصيدة بوحدتي "السيل" و"الليل", ويرى تعارضًا بين هاتين الوحدتين ملحوظًا, واختلافات دقيقة بين التأليف العروضي في كلٍّ منها بالرغم من أن البحر واحد. 24- ويلاحظ الباحث أساسيًّا آخرًا تدور حوله القصيدة, هو محور اللغة الزمن؛ حيث تكشف القصيدة على قدرة اللغة على تجاوز الزمن والهشاشة وحتمية اللا معنى, ويلخص العلاقة في وحدات القصيدة حيث تظهر على النحور التالي لغة الحوار: وحدة الأطلال: هشاشة وموت - توتر وحزن - لغة. وحدة عنيزة: صدّ - توتر - لغة. وحدة الليل: حزن أبدي - توتر - لغة. وحدة الذئب: ضياع وخمود الحيوية - توتر لغة. بينما لا تظهر في الوحدات التالية, وتغيب لغة الحوار: في يوم رحيل القبيلة ورحيل المرأة, وفي صورة الأطلال، وفي الوحدة الفرعية لأم الرباب وأم الحويرث، وفي يوم دراة جلجل، وفي زمن مع المرأة الحامل والمرضع، وفي وحدة "بيضة خدر", وفي وحدة الحصان، وفي وحدة السيل. 25- تمثل القصيدة الشبقية مهرجانًا للحيوية والحدة الشعورية قصيدة مأساوية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 تتشكل في لحظة توتر مهيمن, وتكمن هذه الطبيعة المسأوية في رؤيتها للقوة المضادة القادرة على مجاوزة الموت والتغير, ولكن هذه القدرة لا تتحقق إلّا عن طريق حدَّة العاطفة والاستجابة الحسية, فبواسطتها يستطيع الإنسان التغلب على قدره، ويستطيع بواسطة الحيوية التي تحققها الذاكرة أن يتخطَّى هشاشة التجربة. 26- أما الإنسان في القصيدة الشبقية فلا يرتبط بالإنسان عمومًا، ولا بعالم الحيوان، والحيوان رمز للحيوية المجرَّدة من أي تعاطف نحو الشاعر, أما النبات فيستخدم لتجسيد أشكال الجمال وللتعبير عن القيم الجمالية الجذابة، أو أنها تستخدم كشيء يدرك بالحواس، ويشكل عناصر تساعد على الحدة الحسية، لهذا السبب لا يصبح لها وظيفة رمزية. 27- وفي معرض المقارنة بين القصيدة الشبقية والقصيدة المفتاح من حيث مستوى التعارضات التي تتولّد عنها الرؤية المجردة في كل منهما, إلى جانب مستوى الوحدات التكوينية والبنى التي تسجد هذه الرؤية, فالمفتاح يتحرك في إطار تعارضات هي: الموت/ الحياة، الجفاف/ الطراوة، الجذب/ الخصب، العرضي/ الدائم، والانقطاع/ الاستمرارية. وتهتم القصيدة بالخصب والتناسل؛ لأنهما قوى الاستمرار والبقاء، ومن ثَمَّ اهتمَّت بالذرية القبيلة وقيمها, أما القصيدة الشبقية فعلى النقيض, فتعارضاتها: الهشاشة/ الصلابة، ما هو معرض للزمن/ لا زمني، خمود الحيوية/ الحيوية، النسبي/ المطلق, السكون/ الحركة، التأملي/ العاطفي. ولهذا السبب تغيب الذرية والقبيلة وقيمها، وتظهر الرؤية فردية إلى حد كبير. 28- والخلاصة أن القصيدتين تجسدان رؤيتين متضادتين للواقع ومتمايزتين. أما العمل البنيوي الثالث للدكتور كمال أبو ديب فهو دراسة موسَّعة شملت أكثر من ستمائة وخمسين نصًّا شعريًّا وردت في جمهرة أشعارة العرب والمفضليات والأصمعيات ودواوين الشعراء: امرئ القيس، وزهير، وطرفة، والأعشى، وعروة، وعامر بن الطفيل، وعنترة. أما مسوغاغ عمله الموسع هذا فهي: 1- ضمور العمل التحليلي في دراسة الشعر الجاهلي ومحدودية المادة التي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 استندت إليها الأحكام التي أطلقت عليه منذ ابن قتيبة حتى اليوم, فوصف ابن قتيبة لبنية القصيدة لا يصدق إلّا على عدد ضئيل من النصوص الجاهلية, وإن التصور الشائع لطغيان الأطلال في الشعر الجاهلي لا أساس له من الصحة. 2- استمرار تكرارنا أحكامًا قاصرة ورثناها عن دارسين ورثوها بدورهم في صيغتها القاصرة هذه عن أسلافهم. ويحاول الباحث في مقدمة دراسته الشاملة أن يحدد أهدافه, فيذكر أن البحث يحاول أن يموضع دراسة الشعر الجاهلي على مستوى من التحليل يرتفع عن المستويات التارخية والتعليقية والتوثيقية أو اللغوية والبلاغة والانطباعية التي تتم عليها معظم الدراسات له الآن. يهدف البحث من خلال ذلك كله إلى تطوير منهج تناول لهذا الشعر يغذيه وعي نظري عميق بالأسئلة التحليلة التي تطرحها الدراسات المعاصرة، وبالتصورات التي تنطلق منها, والإشكاليات التي تثيرها. أما الذي يسهم في تشكيل المنظور الذي يعاين منه الشعر الجاهلي في هذا البحث فهو الإنجازات التي تحققت في خمسة تيارات بحثية متميزة في هذا القرن: 1- التحليل البنيوي للأسطورة كما طوره كلود ليفي - شتراوس, في الأنثروبولوجيا البنيوية. 2- مناهج تحليل الأدب المتشكلة في إطار معطيات التحليل اللغوي والدراسات اللسانية والسيميائية وبشكل خاص عمل ردمان ياكوببس والبنيويين الفرنسيين. 4- المنهج النابع من معطيات أساسية في الفكر الماركسي الذي أولى عناية خاصة لاكتناه العلاقة بين العمل الأدبي والبنى الاجتماعية، ولعل لوسيان غلودمان أن يكون أبرز النقاد الذين أسمهوا في تطوير هذا التناول. 5- تحليل عملية التحليل الشفهي في الشعر السردي، ودور الصيغة Formula في آلية الخلق كما طوَّر ملمان باري وألبرت لوردز. ويحذر الباحث من الظن أن بحثه تطبيق لمناهج جاهز, بل إنه لا يتبنى الأطروحات النظرية لهذه المناهج جميعًا, وكل ما يعنيه أن البحث يتمّ في إطار تاريخي من الوعي النظري الدقيق لهذه المناهج بما تثيره من إشكاليات, وما تحققه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 من إنجازات, وهذه التيارات جميعًا تظل ذات حضور فعلي على مستوى الوعي النقدي في عملية التحليل التي يؤديها, وفيما يبلوره من أطروحاتٍ إما بصفة تكوينية إيجابية أو بصفة تعارضيه. ويعترف الباحث بأنعمل ليفي - شتراوس, هو الألصق بالمشروع الذي ينميه؛ لأن معطياته التحليلية ومصطلحاته قد لعبت دورًا تأسيسيًّا في تطويره للمنهج البنيوي، بالرغم من أن دراسة الباحث للشعر ودراسة شتراوس للأسطورة على درجة من التمايز تجعل المقارنة بينهما أمرًا ضروريًّا، أما عمل "بروب" فإن أهميته تنبع من إسهامه في بلورة مفهومي البنية والتحولات إسهامًا متميزًا. ويرجع الباحث صلته بالمنهج في النصف الثاني من الستينات، ثم مرت سنوات من التأمل والتطوير البطيء إلى أن تبلورت صيغة أولية للمنهج؛ حيث درس معلقتي لبيد وأمرئ القيس اللتين عرضنا لهما، ولكن العمل بدا أنه بحاجة إلى سنوات أخرى من العمل قبل أن يصل إلى صيغة مكتملة. وفي الوقت الذي يكشف عن إشكاليات في الشعر الجاهلي لم تتميزها المناهج الأخري، ويقترح حلولًا لها، فإنه يثير إشكاليات جديدة لا يسعى دائمًا إلى حلها, بل يكتفي ببلوراتها تاركًا لأبحاث أخرى في المستقبل مهمة معالجتها. والبحث بهذه الصفة مشروع مستمر لا يستعجل الوصول إلى نهاية, بل يسعى إلى تطوير وسائل التحليل وزيادتها رهافة ودقة وكفاءة, واستكمال العمل الضروري الجاد لتطوير المنهج، ولتحقيق فهم أعمق غورًا وأكثر شمولية للشعر الجاهلي, وللشرط الإنساني في الحياة الجاهلية. وهو يرفض التفكير الجزئي القاصر، والعمل الانطباعي المتعجل, والمعالجة التقليدية المتجمدة عند حدود ما قدَّمه المعلقون والشراح وغيرهم. ويبدو من استعراض فهرس موضوعات الكتاب، موضوع الدراسة هنا، أن الباحث قد ضمنه دراستيه السابقتين، وأنهما كانا كما ذكر محاولات أولية لاكتناه المنهج، وتطويره قد تَمَّ في هذا العمل الأخير. ولا أرى ضيرًا في ذكر موضوعات الكتاب؛ لأنها تلقي ضوءًا ساطعًا على منهج الباحث، وتوضح الخطوط العريضة للمنهج البنيوي الذي يتبناه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 الرؤى المقنعة "نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي" البنية والرؤيا: 1- مقدمة. 2- تمهيد لدراسة الأطر التصويرية والمنهجية: فلاديمير بروب وبنية حكايات الروايات. 3- الفصل الأول: أبعاد أولى للتحليل البنيوي. القصيدة المفتاح: 4- الفصل الثاني: الرؤية الشبقية: معلقة امرئ القيس. 5- الفصل الثالث: البنية متعددة الشرائح ذات التيار وحيد البعد, عينية أبي ذؤيب: رعب اليقين. 6- الفصل الرابع: البنية وحيدة الشريحة ذات التيار وحيد البعد. امرئ القيس: عبثية الفعل ونعمة الإياب. 7- الفصل الخامس: أن وأن لا: 1- معلقة عنترة: شرخ البطولة والجريح. 2- معلقة طرفة: السهم في لحظة الفزع. 8- الفصل السادس: تأملات في المنابع التصويرية. عينية أبي ذؤيب. قصيدة أبي زبيد الطائي " ... طول الخلود". عميرة بن جعل "المفضلية 64". 9- الفصل السابع: استجابات جذرية. 1- الفصل الثامن: البنى المولدة ومفهوم التحولاتI. البنى المولدة ومفهوم التحولات II. قصيدة المدح: اكتناه أولى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 11- الفصل التاسع: البنية المضادة. البنية المضادة I: بنية الحصار الزمني. البنية المضادة II: القصيدة خارج الزمن. البنية المضادة III: التجربة الانفجارية. 12- الفصل العاشر: البنية والزمن. زمن النص. 13- الفصل الحادي عشر: آفاق للارتياد. في مكونات النص: الصورة الشعرية. 14- الفصل الثاني عشر: إشارات ختامية: النصوص المدروسة. ملحق: الأصمعيات. المفضليات. الجمهرة، ديوان الأعشى. أما المحاولة فهي محاولة لتأسيس نمط من البحث في الشعر الجاهلي, يمكن الوثوق بالنتائج التي يصلها علميًّا والاستناد إلى ما تبلوره من معطيات, وذلك بتوسيع نطاق المادة المدروسة وإخضاعها لمنهج يجمع بين العمل الإحصائي الشامل وبين العمل التحليلي الدقيق. أما النتائج فكانت تجاوز الأحكام التقليدية التي نبعت من مادة محدودة جدًا لا تتجاوز في كثير من الأحيان المعلقات وعددًا من القصائد المشهورة للشعراء البارزين. ومن النتائج أيضًا مفهوم البنى التوليدية وعملية التحولات التي تخضع لها, ومنها التصور الجديد لوجود دائرتين متعارضتين في الشعر الجاهلي هما: دائرة الثقافة المركزية والثقافة المضادة. ولكن أهم النتائج أحداثًا للمفاجأة, ففي الوهم الذي علق بأذهاننا قرونًا طوالًا عن طغيان الأطلال في الشعر الجاهلي. وكذلك أن ثَمَّة دلالات عقائدية "أيديولوجية" وفنية لورود مثل هذه النصوص في مجموعات معينة دون أخرى, ولدى بعض الشعراء دون غيرهم. أما الدكتور عدنان حيدر فقد نشر دراسة في جزئين في مجلة Edebiyat the Mu'allaqa of Imru' al - Qays: Its Structure and Meaning في العدد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 الثاني 1977, ص227-261, وفي العدد الثالث ص51-81, وهي محاولة بنيوية جادة. وأما الباحث الثالث فهو Mary Catherine Balteson التي نشرت كتابًا بعنوان: Structural Continuity In Poetry: Alinguistic study of Five Mouton and Co the Hague, 1970. وهي دراسة غلب عليها الجانب التاريخي والتقليدي، ولم تستطع الباحثة أن تنفذ إلى العمق, بل ظلت الدراسة أقرب إلى السطحية، وربما كان ذلك بسبب عدم فهم طبيعة العقلية العربية التي أنتجت هذا الشعر، والذي أدى إلى عدم فهم العلاقات داخل النص الشعري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 المنهج الاجتماعي: إن دراسة العلاقة بين الأدب والمجتمع قديمة قدم فكرة المحاكاة عند اليونان "أفلاطون وأرسطو", لكنها دخلت في القرن العشرين آفاقًا جديدة جعلتها مدار بحثٍ بين كثير من المهتمين بالأدب ودارسيه من الذين لم يرضوا عمَّا قيل في هذا المضمار منذ أفلاطون حتى أساطين النقد الاجتماعي، بحيث التقى الناقد الخلاق بمنهجه وبصيرته وحساسيته الأدبية، بدارس التاريخ الأدبي بمعرفته الوضعية وأساليبه التصنيفية، بعالم الاجتماع بعمليته والمعايرية ودراساته الميدانية. وكان التقاؤهم ينطوي على محاولة جادة للوصول إلى فهم أعمق وأخصب للظاهرة الأدبية المعقدة بأبعادها الذاتية والمجتمعية. وإن أقدم تناول مباشر حاول رسم بناء نظري وفلسفي للعلاقة بين الأدب والمجتمع يعود إلى الفكر الإيطالي فيكون "1668-1774م" في كتابه المشهور "مبادئ العلم الجديد", الذي ضمَّنه نظريته الفلسفية والحضارية المعروفة بنظرية الدورة التاريخية، وبلوْرَ فيها فهمه النابع لدور الإنسان في خلق عالمه الاجتماعي وعلاقاته ومؤسساته, ومن ثَمَّ فنونه الإبداعية، وضرورة تحليل هذا كله بمصطلح علمي مادي وليس بمصطلح لاهوتي أو كنسي, وأقام "فيكو" على هذه الأرضية العلمية أوّل محاولة منظمة للربط بين أشكال التعبير الأدبي وطبيعة الواقع الاجتماعي. وجاءت بعده مدام دي شتال "1766-1817" فألفت كتابًا بعنوان: "تناغم الأدب مع المؤسسات الاجتماعية":1800م" استعانت فيه بمفاهيم مونتسيكو "1689-1755" الاجتماعية, وببعض آراء معاصرها الألماني هيردر "1744-1803م" التي تقول بأن "كل عمل أدبي يتغلغل في بيئة اجتماعية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وجغرافية ما، حيث يؤدي وظائف محددة بها، ومن ثَمَّ لا حاجة إلى أيّ حكم قيمي، فكل شيء وجد لأنه يجب أن يوجد". وجاء هيبوليت تين "1828-1893" ليطوّر هذه الفكرة من بعدها ويستفيد من التقدم الذي أحرزته النظرية الاجتماعية منذ مونتسكيو حتى أوجست كنت "1798-1857م". وقد جهد تين ليطور نظرية علمية كاملة للأدب، وليخضع الأدب والفن لطرائق البحث التي وظَّفت في العلوم الطبيعية حتى دفعت الكثيرين إلى اعتباره المؤسس الأول لعلم اجتماع الأدب، قد أضاف إلى بعدي العصر والواقع الاجتماعي بعدًا جديدًا هو الجنس أو العرق، وأصبح الثالوث "البيئة والجنس واللحظة التاريخية" هو الذي يفهم العمل الأدبي على أساسها فهمًا كاملًا. ويمكن تلخيص العوامل الثلاثة في عنصر جوهري واحد هو "البيئة الفاعلة المتحركة المشروطة بالزمن من ناحية, وبالطبيعة الذاتية للمبدع من ناحية ثانية". وفي الوقت نفسه كان معاصره كارل ماركس "1818-1883م" يحاول صياغة فلسفة كاملة لمفهوم البيئة، ولعلاقة الإنسان بها وموقفه منها، من منطلق مادي جدلي, وكان من الطبيعي أن تؤدي هذه الثورة الفلسفية إلى إعادة النظر في طبيعة العلاقة بين الأدب والواقع الاجتماعي من خلال منهجها الجديد في الدرس والتحليل, وكان لإعادة النظر تلك فضل كبير في صياغة الكثير من التساؤلات الجوهرية الهامة التي لا تزال حتى اليوم مدار بحث بين كثير من كُتَّاب هذه الثورة الفلسفية الجديدة، ومن المعادين لها على السواء، والتي فتحت آفاقًا ثرية من البحث والاستقراء. ومن أهم هذه التساؤلات: ما طبيعة العلاقة بين البنى الاجتماعية والاقتصادية التحتية والبنى الفكرية والإبداعية الفوقية؟ ثم حوّر التساؤل إلى: ما دور الوجود الاجتماعية في تحديد الوعي؟ وما فاعلية الوعي في عملية التغيير الاجتماعي؟ وإذا كانت معظم المحاولات المبكرة لاستكناه أبعاد العلاقة بين الأدب والمجتمع تنطلق من افتراضين أساسيين هما: أن هناك علاقة حقًّا, وأن المطلوب هو تحديد طبيعتها، وأن الأدب يزودنا بنوع معين من المعرفة أو البصيرة بالواقع الذي صدر عنه, ويركز اهتمامه على علاقة هذه المعرفة بالصور الأخرى التي تقدمها مختلف المعارف الإنسانية عن المجتمع، فإن الشكلية في جوهرها نقص لهذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 المنطلق، ورفض لأن تحكم الفرضيات المسبَّقة عملية الاستقراء النقدية المهمة تلك, فقد بدأت المدرسة الشكلية الروسية في أوائل هذا القرن بتركيز عنيد على الجوهر الداخلي للعمل الأدبي. وقد بدأ الشكليون بعزل الجوهر نفسه, وبتخليص موضوع دراستهم الخاص من مختلف الموضوعات والمناهج الأخرى، وذلك من خلال دراسة منظمة لما يدعوه جاكوبسون بالأدبية, أي: العناصر المميزة للأدب نفسه. إن علاقة الأدب بالمجتمع أكثر تعقيدًا وتركيبًا مما صورتها به التناولات التقليدية التي درات في فلك الرؤى الاجتماعية المختلفة؛ لأنها ليست علاقة قائمة على أن الأدب يعكس أو يعلق على الواقع، أو حتى بين عناصره غير المتجانسة أو المتضادة، ولكن على أن الأدب يستهدف خلق علاقة مغايرة كيفيًّا للعلاقات المألوفة بين الإنسان والعالم، علاقة تسمح بتجديد إدراك الإنسان الحسي أو الكلي لنفسه وللعالم على السواء. وهذا لا يتأتَّى دون علاقة عميقة مرهفة ومعقَّدة معًا بين الأدب والمجتمع، علاقة من نوع خاص جدًّا، يهتك ألفة الإنسان بالعالم دون أن يفقده اتساقه, أو يشعره بالغربة فيه, أو العجز من فهمه, والتعامل معه, ولكن هذه العلاقة الجديدة لم يفد منها إلّا دعاة البنائية. وقد أضاءت اكتشافات العالم اللغوي "سوسير" الكثير من الموضوعات والنشاطات الإنسانية, وتقوم على فكرة أنّ علم اللغة مفيد في الظواهر الثقافية الأخرى على مفهومين جوهريين: أولهما: أن الظواهر الاجتماعية والثقافية ليست مجرد مدركات وأحداث ذات معنى ودلالة، ليست إشارات، وثانيهما: أنه ليس ثمة جوهر لهذه الظواهر؛ لأن ما يحددها هو شبكة دقيقة من العلاقات ذات الدلالة بصورة تمكن الناقد من البعد عن التهويمات الانطباعية. وقد خلص أحد الباحثين1 إلى مفاهيم أساسية في النقد الأدبي الاجتماعي هي: 1- التعامل مع الأدب بوصفه نظامًا اجتماعيًّا. 2- جدلية العلاقة بين العمل الأدبي والواقع الاجتماعي من حيث التأثير والتأثر.   1 صبري حافظ، مجلة فصول، مجلد4، عدد1 "1983", ص77 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 3- إفساح المجال للأدب الشعبي لما يتضمنه من أبعاد اجتماعية وبواعث جماعية. 4- إقامة توازن بين الذاتي والموضوعي في النظر إلى الواقعية الأدبية. وقاده هذا إلى تحديد المداخل النظرية التالية للنقد الاجتماعي: 1- المدخل الأميريغي: ويستهدف دراسة الواقعة الأدبية بما تشتمل عليه من جوانب إنتاجية، يدخل فيها العمل الأدبي والناشر وجمهور القراء. 2- المدخل الجدلي: ويدخل من فكرة أن عملية الإنتاج الأدبي والأيديولوجي هي جزء لا يتجزأ من العملية الاجتماعية العامة. 3- المدخل البنائي التوليدي: ويتعلق بكيّف أن العناصر التاريخية والخصائص الفردية تشكل في تفاعلها وجدلها جوهر المنهج الإيجابي لدراسة الأدب والتاريخ. 4- المدخل السيميولوجي: ويقوم في إطار الحركة البنائية, فيزودها بالأسس التي يمكن عن طريقها عد العمل الأدبي محققًا لنظام من الرموز الإشارية. 5- المدخل الوظيفي: وينحو إلى تعيين العناصر الاجتماعية في العمل الأدبي على أساس مفاهيم علم الاجتماع، كما يحصر على إظهار دلالات مواقف الشخصيات وربطها بالظروف الاجتماعية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا إلى أي حد يستوعب المنهج الاجتماعي في النقد الظاهرة الأدبية؟ ويجيب الباحث نفسه بأن المنهج متمم لمناهج أخرى وليس بديلًا لها، بل هو أداة تعين على منهج نقدي أدبي متكامل. وأما مجاله فقد اتجه هذا المنهج في الأغلب الأعم إلى دراسة الأعمال الروائية, وهو يركز على محتوى الأعمال، وقد لا يتعمَّق في دراسة العلاقات اللغوية المكونة للعمل الأدبي. ومن الباحثين الذين نهجوا هذا المنهج أو قاربوه في دراستهم للشعر الجاهلي: أحمد سويلم في كتابه "شعرنا القديم: رؤية عرية"1، وإحسان سركيس في كتابه "مدخل إلى الأدب الجاهلي"2 وحسين مروة في "النزعات المادية في   1 صدر عن المجلس الأعلى للثقافة، جمهورة مصر العربية، 1979. 2 صدر عن دار الطليعة، بيروت، 1979. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 الفلسفة العربية الإسلامية ج1، ص175-326"1, ويوسف اليوسف في عملين: "مقالات في الشعر الجاهلي"2, و"بحوث في المعلقات"3. ويقرر أحمد سويلم في مدخل بحثه بأن الشعر نشاط اجتماعي بالدرجة الأولى، والشاعر بشر يعيش مع البشر، يؤثر ويتأثر بالمجتمع، ومن ثَمَّ فإن ظروف نشأة القصيدة ظروف اجتماعية، وتحمل الخبرة السابقة، وتبعث خبرة جديدة, ويكنّ الحس الاجتماعي العام في أدق الصور الذاتية للشعر4, وينعي على الباحثين أنهم جهدوا أنفسهم في تصيّد أخطاء الشعراء بدلًا من استخراج كنوز الشعر العربي الذي يتجلّى فيه الإبداع بأبعاده الاجتماعية والجمالية والتنبؤية5. ونتيجة لذلك حبس الشعر العربي في قفص الرؤية النقدية القاصرة، وحرم النظرة العادلة, وإن نظرة عادلة متأنية إلى شعرنا القديم كفيلة بتصحيح تلك المفاهيم القاصرة, ورده إلى إطارات الإبداع الفني الأصيلة، ونقله إلينا وجهًا يحمل نداء الحياة المعاندة في لهب الصحراء، مؤكدًا واقعيته الواعية والتزامه الفني المحض، ودوره الأصيل في المجتمع في مواجهته رتابة الحياة6. ويقرر هدفه من محاولته هذه ودراسته, إنما هو اكتشاف جوانب تراثنا الحقيقية المعبرة عن موقفه الفني والاجتماعي, ومجاله هو أقدم عصرين عرفهما الشرع العربي: العصر الجاهلي والعصر الإسلامي، اختار العصر الجاهلي لأنه يمثل بداية الشعر العربي، وأما العصر الإسلامي فلأنَّ النقاد أو بعضهم جعلوا منه امتدادًا للعصر الجاهلي دونما اعتراف بالتطوّر الذي طرأ عليه بسبب تغير الواقع الاجتماعي7. أما مجال دراسته: فقد كان امرأ القيس وعنترة "الشعر بين السادة والعبيد", وقد رأى أن بكاء امرئ القيس أمام الديار لم يكن بكاء يأس وموت, وإنما هو حزن   1 صدر عن دار الفارابي، بيروت، 1979. 2 صدرت الطبعة الثانية منه عن دار الحقائق بالتعاون مع ديوان المطبوعات الجامعية بالجزائر، 1980. 3 صدر عن وزارة الثقافة، دمشق، 1978. 4 شعرنا القديم: رؤية عصرية ص3. 5 المرجع نفسه، ص8. 6 المرجع نفسه، ص10. 7 شعرنا القديم رؤية عصرية ص10. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 شفاف تتجلى فيه الحياة بآلامها وآمالها، بواقعها المرير وأحلامها المنتظرة، فهو حزن مرهف مبدع عميق يهز الوجدان ويسموا بالعواطف في بيئة قلوبها صخر، ووجدانها موت وصلابة1. وأما عنترة فلم ينس أنه كان يومًا عبدًا في مجتمع السادة، ولكنه لم يترجمها عدوانًا على الذين سلبوه حريته زمانًا طويلًا، ولا حوَّلها سلبًا ونهبًا مستندًا إلى قوته، لكنه ضرب المثل للسادة أنفسهم كيف يكون السيد، وانعكس ذلك في شعره بأبيات تؤكد ذلك المسلك الكريم2. وأما المجال الثاني الذي فيه تطبيق على منهجه فهُمْ الصعاليك "شعراء متمردون"، فقد واكب الشعر تلك الأحداث الاجتماعية الكبيرة، بل عدَّه الكثيرون ثورة الفن الدائمة في مواجهة التخلف، والسجل الباقي للوعي البشري, ولم يكن الشعر العربي غريبًا عن الواقع العربي، ولم يتخاذل، ولم يعتزل متواريًا هاربًا، بل واكب عصره حساسية ونبضًا، مرتبطًا بواقعه وقضاياه، ومكثفًا الخبرة الشعورية والفنية بما بلغ التجربة الإنسانية, وأصلها في صورتها الحقيقية المؤثرة. وكان الصعاليك أول ثورة واقعية متمردة في الشعر العربي، وقد اتخذ الصعلوك الإغارة والغزو شعارًا له، غير أن هذا الشعار قد اتخذ وجهين في التطبيق، فمنهم من طبقه بهدف التغلب على واقع اقتصادي قاسٍ ساد المجتمع، ومنهم من طبَّقه بقصد السلب والنهب، والصعاليك يشتركون في دوافهم: الفقر والإحساس بالظلم وفقدان المساواة والحرية، وإن اختلفوا في الوسائل، ويتحدون في نتائج تلك الدوافع وهو رفع الظلم والانتقام من الأثرياء والمستعبدين, ويبدو أنهم أرادوا أن يشذوا عن ذلك الواقع ما داموا يرفضونه، فأحدثوا أول صدع فني قوي الأثر تجلى في ملامح شعرهم الخاصة، واتسمت قصائدهم بالقصر, وتتناول موقفًا واحدًا، فاتسمت بالوحدة الموضوعية، وجاء شعرًا واقعيًّا التزم أصحاب به3. وأما إحسان سركيس فقد قرَّرَ منذ البداية أنه لا بُدَّ من فهم تراثنا وإفهامه من مناحٍ جديدة، ولا بُدَّ من رؤيته بأعين جديدة، وذلك من أجل أن يتَّصل خيط الرسالة الحضارية والاستمرارية التاريخية، ويرى أن مصيبة تراثنا تكمن في بعض مَنْ تناوله   1 المرجع نفسه ص10. 2 شعرنا القديم: رؤية عصرية ص21. 3 شعرنا القديم: رؤية عصرية ص24-32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 من أبنائه؛ لأنهم لم يفرقوا بين الأوراق التي ينبغي لها أن ترث في الأرض وبين النسغ الذي يمد الشجرة بأسباب الغذاء والنماء1، أما دراسة المستشرقين لتراثنا فتسودها خرافات تبسيطية يمليها الشعور بالتفوق وتأكيد خصوصية حضارية معينة، مضافًا إلى ذلك أحيانًا نزعية معاكسة تميل إلى تجميد مبالغ فيه لخصوصيات الحضارة غير العربية لأهداف معينة وفق مستهدف دراساتهم بتحويل الاستشراق لديهم إلى اختصاص نوعي ينتهي أحيانًا إلى أبحاث نعيه في عمومية الإنسان2. ويبرر الباحث قصور دراسات المستشرقين عمَّا يروم أبناء العربية بعدم الشعور بالانتماء الحضاري إلى تراثنا, وعدم الشعور بالتبعية تجاهه. ويقارن بين الباحث العربي والمستشرق بأن الباحث العربي يتناول حضارته وتراثه لتكون جوابًا عن حاجة أساسية في حياته يقتضيها سياق تطوره كما تقتضيها رغبته في إيجاد مرتكز لشخصيته ووجوده كسبيل لاستعادة جوهره3. ولقد أحدث الفكر الأوربي صدمة عندما اتصل المثقفون العرب به؛ لأن الفكر العربي لم يكن يقوم على أرضية صلبة، ولذا فقد انقسم المثقفون إلى فئتين: فئة أمعنت في الاسترسال مع الفكر الأوربي التماسًا للتغلُّب على الشعور بالنقص واستعجالًا للنتائج، وفئة حاولت التغلب على ذلك الشعور بالنقص بأخذ حقنة اعتزاز تعلل النفس بها, وهذه الفئة الثانية لجأت إلى أسلحة كان لها خطرها على تراثنا؛ لأنها لجأت إلى التقريظ المفرط الذي كان له أثر في غربة الماضي عن الحاضر والمستقبل. أو تجميده في مقولة صوورية محددة سلفًا. وهكذا "ضاعت الحقيقة التي ينبغي الوقوف عندها؛ إذ لا يمكن لمجتمع أن يتجاوز تخلفه بذكر أمجاد ماضيه, بل بتحليل واعٍ لتلك الأمجاد كيف عاشت وارتقت, وكيف دبَّ الوهن فيها فتوقفت عن العطاء"4. وهكذا يحدد الباحث قصده من دراسته, فهو محاولة لتجديد الأفكار، أما السبيل فهو "المضي مع الباحثين الجادّين في ماضيهم عن قوام للذات وعن تعبير مطابق للمرحلة التي يعيشونها، وذلك بالتنخل في ضوء مفاهيم العصر من تراثنا ما   1 مدخل إلى الأدب الجاهلي ص5، 6. 2 المرجع نفسه ص6، 7. 3 مدخل إلى الأدب الجاهلي ص7. 4 مدخل إلى الأدب الجاهلي ص9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 يعبر عن حقيقة حضارتنا, والذي ما زال محتفظًا بغنى التعبير المطابق لحقيقة ذلك الماضي والمسعف على استمراريته، ومن ثَمَّ وضعه في إطاره التاريخي بوعي وشعور جديدين, من خلال موقف يقدر المسافة الزمنية التي تفصلنا عن الماضي ... لا لنتأمل حدود الزمن, بل لندخله في بناء المستقبل, ولا يتم ذلك إلّا بمعايشة وتحسس عمق التجربة الحضارية والإنسانية التي رافقت المجتمعات العربية والروح التي كانت تعمرها من خلال التعبير الأدبي الذي كان أوضح في مجاله من دنيا الفكر، وهي روح عربية كانت تعيش مخاضًا مستمرًا لتعبِّر عن ذاتها اجتماعيًّا، أي: سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا"1. ويكشف الباحث عن منهجه النظري في الفصل الثاني "سبيل هذه الدراسة"2, وخلاصته أن يربط الظاهرة الأدبية بالظاهرات الاجتماعية ربطًا غير آلي, بل يكون استجلاء للعلاقة الجدلية بين الأدب والمجتمع, ويعترف بأن للآداب والفنون قوانينها الخاصة التي تعمل جنبًا إلى جنب مع القوانين العامة عمل تكامل وتمايز؛ لأن الآداب والفنون ليست بمثابة الظلال والتوابع, وإنما هي بمثابة وجه من وجوه وعي الواقع والتعبير عنه, فهي منظومة اجتماعية كبقية المنظومات, تحدد صفاتها وسماتها تبعًا للدور المنوط بها في جملة الأدوار الاجتماعية المختلفة المتمايزة هي الأخرى، والمتكاملة. ويرى أن للأدب أكثر من تاريخ تبعًا للضوء الكاشف الذي يوجهه الباحث، ولكنه في تناوله الظاهرة الاجتماعية سيعتمد الظاهرة الأدبية من خلال التناظر بين البنيتين التحتية والفوقية، منوهًا أنه ليس ثمة تساوق تام بينهما. وفي معرض حديثه عن المناهج الأخرى والدراسات الجديدة التي تناولت التراث يقول: إنه يلتقي معها لقاء تكامل لا لقاء تنافي، ويمضي كلٍّ منهما في طريق موازٍ للآخر دون أن يلتقيا, ومبتغاه التقاط المتميز من الأعمال الأدبية لا المتشابه، وذي الرنة الجديدة والإيقاع المحدث, أما عيار الاختيار هو استهداء الأديب بما يمثله أدبه أو شعره من وعي أو إحساس مطابق للواقع المتحول. ويفرض موضوع الدراسة عليه أن يلتزم المقارنة بين واقع الأدب والأشكال الاجتماعية التي عايشها أو عاش في كنفها, واستخلاص العلائق المتبادلة فيما بينها.   1 المرج نفسه ص11-12. 2 المرجع نفسه ص13-22. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 ويقرر في ختام الفصل أنه إذا استطاع أن يؤكِّد على وجود الشعر الجاهلي وصدق تمثيله للحياة الاجتماعية والسياسية والروحية لذلك الزمن، فمن المؤكَّد أيضًا أن هذه الشجر الباسقة لم تنبت في أرض عراء، ولا بُدَّ أن يكون قد سبقها مخاض طويل تجاوز ألف عام. وفي سبيل التمهيد لمنهجه ودراسته يرفض فكرة البداوة المطلقة في المجتمع الجاهلي, ويرى أنه كانت قواعد حضارية ترسى، وقد تتوارى بين الحين والحين، وتتمثّل في تطلع سياسي إلى قيام مجتمع ودولة، يعبِّر عنهما بمحاولات دائبة, أو بمجرد الشوق المنعكس في الكلمة والطباع والمواقف1. أما اللغة وهي ظاهرة رئيسية في حضارة الإنسان تقوم على الاجتماع البشري والعمران، ولا يمكن أن يكتب لها الذيوع والاستمرار إلّا إذا كانت مواطنها بؤرة الالتقاء للتحركات المختلفة, والقطب الذي يدور حوله تجمع الناس وتلاقيهم ومبادلاتهم في إطار الأمن والاستقراء النسبي، والتي تقوم في النهاية على علاقات مادية وثقافية وروحية2. والآداب الجاهلية في نظر الباحث مرحلة انتقالية، فالشعب العربي في جاهليته كان يمر عبر جدلية المد والجزر، فيه تتبدّل بين البوادي والقرى دون أن تتمكّن واحدة منها من أن تكون محورًا لكيان واحد. وكانت بداية يقظة الذات استيعاب الموضوع من خلال اقتحام الذات لمجال موضوع وجذبه إليها؛ لأن الموضوعات بذاتها مستقلة عن الذات العارفة, وإن في وسع الذات حينما تأخذ وجهة موضوعات بعينها أن تلتزم مواقف مختلفة من خلال الأداة التي تصطعنها. وإذا كان الموضوع من خلال الموقف العملي متعذرًا في رأد يقظة الذات، فيمكن التعبير بالوسائل المتاحة لها كالوسائل الجمالية مثلًا؛ حيث تستطيع إبداع صور جديدة تحمل طابع ذاتيتها. ويزعم الباحث أن الحياة كانت ترهص للجديد الذي يترقّب اللحظة المناسبة ليخرج من القوة إلى الفعل، وهذه الحياة نفسها هي التي تفسِّر اختيار العرب للشعر كأداة تعبيرٍ عن عبقريتهم في واقع وفترة محددين، كما تفسِّر كيف أن هذه العبقرية   1 مدخل إلى الأدب الجاهلي ص24، 25. 2 المرجع نفسه ص75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 تلونت بمقومات وسمات أخرى عندما أصبح بالإمكان بعد الانطلاقة العربية الإسلامية1. وفي رأيه أن الشعر كان مرحلة في تكامل الشعب العربي, قامت قدرته على ما كان له من تأثير عام في بلورة وعي الشعب وتلاحمه، وإن كثيرًا من الباحثين لم يجدوا تعليلًا كافيًا للتأثير الذي يخلفه الشعر في نفس العربي2, ويعترف الباحث في الوقت نفسه أن الشعر لم يبلغ مبلغًا كبيرًا في الانطلاق الفكري وراء تصور الحياة وتولينها بألوانٍ من الوهم لا يكون لها وجود في الواقع كالخرافات والأساطير التي هي ثمرة من ثمار العقل الحائر ومن عجزه، لأن الحياة نفسها هي التي كانت تتحرك ضمن نطاق الدورة المغلقة. وهكذا ركز العربي دائمًا وجوده في كلمته؛ لأنها أكثر ديمومة من الصروح ومظاهر الحياة الأخرى التي تشوبها الهشاشة وعدم الثبات، وأضحى الأدب الجاهلي هو التعبير الأدبي عن نقطة التوازن الجديد بين انكفاء قسري إلى حياة القبيلة, وبين تطلع إلى كيان سياسي واجتماعي أبعد شوطًا في مطمار الحضارة, وهو صراع متوازن ومتداخل، صراع داخلي ضد الحياة القبلية دون التفريط بها, لانعدام البدليل المتحقق في الفعل, والمستقر المستمر خارج حدود الصحراء في عملية التخطي إلى عالم أرحب يمكن أن تقوم فيه الحضارة وتنمو وتزدهر. وبدون هذا التصور يظل الأدب الجاهلي في مجال التقييم يبدو أرفع مستوى مما يمكن أن تعكسه حياة قبيلة بدوية، مما يجعله قيد الشبهة الوضع اللاحق بعد قرن أو قرنين من ظهور الإسلام3. وخلاصة القول: إن الأدب الجاهلي قد عكس لنا "تأرجح العربي في تلك الفترة بين قطبين مكملين لموقفه من الحياة القبلية والحضارية, فقد كان طوع فردية تحاول أن تدفعه إلى رفع كل ضغط, وتثبيت الحقوق الدائمة للأنا الذاتية تجاه الحقوق الجماعية، وتعلق من ناحية أخرى بجماعته بصورة عميقة وذاتية، قد تصل إلى حد التضحية بالنفس"4.   1 مدخل إلى الأدب الجاهلي 96. 2 المرجع نفسه 97. 3 المرجع نفسه 99-100. 4 مدخل إلى الأدب الجاهلي 104-105. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 والشعر الجاهلي يمثل شعر شهادة على عصره، فغايته التحدّث عن الواقع ووصفه والشهادة عليه أو له، ولا يحاول الشاعر أن يرى في الواقع أكثر مما فيه, وإنما يحاول أن يراه بكل ما فيه. وهذا الشعر هو جزء هام من الأيديولوجية1, وهو يصدر عن واقع القبيلة ومناقبها وإنسانيتها في حلة شاعرية نستطيع أن نقدِّر أنها كانت مجافية لذلك الواقع رغم البرود الإشراقية التي تتلبسها, والتي تجعل الحاجة إلى الشعر أبدًا مردها أن الخليقة لم تبلغ الكمال في أي عصر. وأن شعرًا هذا شأنه "هو صنيع الإخلاص للحياة، تحدده رؤية واقعية في التماس المباشر بالعالم والإنسان على قدر ما تطيقه الحياة في تلك الحقبة التاريخية، ومن هذا التماس أخذ الواقع المأساوي شكلًا شاعريًّا ملحميًّا أو مسرحيًّا؛ لأن الحياة الصحراوية لا تستقر على حال"2. ويذهب إلى أن محاولات قد جرت لتطوير المفهوم القبلي من خلال القبيلة, والخروج على الحياة القبيلة, وأهم هذه الظواهر الدعوة إلى السلم بين القبائل المتنازعة، وكراهية الحرب الداخلية، والرضى بالتحيكم فيما يشجر من خلاف, واستشعار كل قبيلة قدرًا من التعاطف مع القبائل الأخرى. وربما كان الإحساس بضرورة الخروج من أسار مؤسسة الثأر كان يشكّل حاجة نفسية بقدر ما كان يمثل حاجة اجتماعية3. والظاهرة الثانية: هي الشعور بالحاجة إلى حكومة تسوس الناس وتمكِّن الفرد من التزام موقف شخصي لا يتضامن مع القبيلة في كل ما ترتكبه مما قد يخالف صوت الضمير أو العقل، وهذا دليل على أن حياة العرب بدأت تتطور، ولو ببطء، في مكوناتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية4. ويرى الباحث في تردد الشعراء بين القبائل أو رحلة الشاعر الضرورية إشكالية انتقالية، ويفسر ذلك بأن الشاعر المداح يبقى في نظر حاميه الدافع عن مصلحة إخوانه، ولا ينفصل عن قبيلته، ولكن الجديد أن الشاعر أخذ يخدم سيدًا ترتبط فيه بالأفضلية مصلحته وثروته5.   1 المرجع نفسه 109. 2 المرجع نفسه 113. 3 المرجع نفسه 127-129. 4 المرجع نفسه 130-131. 5 مدخل إلى الأدب الجاهلي 156-157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 وحينما يحاول الباحث تعليل هذه الظاهر وإرجاعها دواعٍ، وبواعث فإنه يراها فيما يلي1: 1- الشعور بشيء من الوحدة الفكرية أو الروحية, وبقدر من الانتساب إلى رهط أو شعب واحد, أي: الشعور بوجود رابط يسمو على الروابط القبلية أو يتعايش معها. 2- شيوع اللغة الواحدة واستقرارها كأداة للتواصل. 3- التخمر الاجتماعي والسياسي والمحاولات القائمة والمستهدفة الخروج من الحياة القبلية إلى حياة اجتماعية وسياسية متقدمة. 4- الإحساس بالانتماء إلى ما هو أكثر, أو أكثر من القبيلة. 5- نقل الصور الحضارية التي تتلامح لهم في تجوالهم وترددهم على مواطن أخذت بنصيب من التقدم والعمران. 6- قيام الشاعر برحلة ضرورية تخرجه من إطار حياة ضيقة للقاء عالم أرحب. 7- نمو فردية جديدة لدى هؤلاء الشعراء تختلف عن فردية القبيلة، وهي فردية ترهص لمجتمع جديد أو تتطلع إليه. ويختار الباحث نماذج للدراسة والتحليل والتدليل على منطلقاته، وهذه النماذج هي: الأعشى والنابغة وحسان2, وهؤلاء الثلاثة الذين اختارهم اتفقوا في أمور واختلفوا في أمور، فهم قد تجاوزوا القبيلة ورئيسها إلى مديح ملوك أو رؤساء آخرين, وهم تنقَّلوا في مناطق مختلفة وبعيدة عن مواطنهم، وهم تمثلوا خلائق وعادات ومذاهب غريبة عن محيطهم، وهم طوَّعوا أساليب خاصة بهم مختلفة عمَّا ألفه الشعر الجاهلي. وفي معرض حديثه عن "الخارجين عن القبيلة أو على تقاليدها"3 يرى أن الخروج يأخذ معنيين: معنى فردي يلتزم به فرد أوفر إحساسًا بضيق الحياة ولا معناها, فينعكس ذلك في سلوكه وشعره على شكل من الاستبطان والمشاقة اللذين يعبران عن حدَّة التشوق مع استشعار العجز عن تبديل الواقع أو تطويره، فلا يجد صاحبها   1 المرجع نفسه 157-158. 2 المرجع نفسه 158-180. 3 المرجع نفسه 181-182. 4 مدخل إلى الأدب الجاهلي 181-182. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 سوى عدم الانتماء المتمثّل في الموقف السلبي أو اللامبالي. وأما أن يتحسس المشكلة بإحساس أو بوعي، فيلمس ما بدأ يظهر من تناقض بين ظاهر تلك التقاليد وبين ممارساتها في الواقع النامي, فيدرك أن إنسانية القبيلة بدأت تخلي المكان لأشكالٍ من التمايز أو التفاوت، ويبدأ هذا الإحساس بوطأة هذه الظاهرة يقترن بوعي جديد لمشكلة تباين الناس من حيث الفقر والغنى، الوفرة والحرمان، ومن حيث تمركز السلطة أو الزعامة، وفي أيدي الأثرياء على حساب المحرومين, فيمضي في أول سعيه لإقامة حوار مع المجتمع المتمثل في القبيلة, يبدؤه بالكلام وقد ينتهي به إلى امتشاق السيف ليبتّ حبل الصلة التي ترطبه بهذا الكيان المرافق لأزلية الصحراء، وإن الخارج على القبيلة من منطلق اجتماعي لا يتمثّل نفسه منفصلًا عن واقع القبيلة فحسب، وإنما يتصور مجتمعًا آخر لا بُدّ أن تقوم به جماعة من الناس, ويظل هذا تعبيرًا عن الحلم بمكمن ما. ومن النماذج التي اختارها معبرة عن هذين النمطين من الخارجين: طرقه بن العبد، وعنترة بن شداد، وبعض شعراء الصعاليك. أما طرفة فيرى في معلقته أمرين يستحقان التوقف عندهما: شكواه من ابن عمه الذي لم يدفع إليه وإلى أخيه حقوقهما, والتشهير بالبخلاء وتحذيرهم من أن الموت إذا اصطفى الكرام فإنه يصطفي أموال البخلاء, وهو أيضًا يحاول عن طريق الحس الجمالي أن يعبر عن حقيقتين متعارضتين، الأولى: ما في إنسانية القبيلة من سجايا، والثانية: ما في الحضارة من مناعم ورفاه ومتع وتفتح فردي, ولكن الجمع بينهما مستحيل، فلدخول الناس عتبة التقسم الطبقي لا بُدّ من ثمن تؤديه أكثرية الناس1. وأما عنترة فيرى الباحث أنه يوافق طرفة من جانب ويباينه من جانب آخر، كما يرى أن الظروف قد طبعته بطابع فريد, فهو يحمل أفضل خلال القبيلة: الشجاعة وكبر النفس والعفة ورحابة الصدر، حدبًا على أمه وعطفًا عليها، فضلًا عن رقة في الطباع بالرغم من شدة بأسه، ولكن عنترة وإن ظل في رحاب القبيلة، فقد يسر له لونه إمكان الإنفكاك عنها، كما هيأ له بعدًا ذاتيًّا منها, جعله ينظر إلى نفسه ووالدته   1 المرجع السابق 186-187. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 من خلال طبقة كبيرة من الناس تستحق الرفق بها، وهو مطالب بالذود عنها وعن أصولها بالمفخارة والاعتداد بالنفس. وأما موقفه من وضعه ولونه فقد كان فيه كبرياء الرجولة والإيمان بحقيقة إنسانية سامية، ولذا كان يرد على التعريض واللمز بمزيد من الاعتزاز والفخر بهذا اللون، منطلقًا من فردية متكاملة، ومن موقف فيه رفض التقاليد التي تجعل ابن الأمة الأسود اللون دون غيره من الناس. وكانت هذه الفردية تحمل خلال القبيلة كما تحمل شوقًا إلى وضعٍ إنساني أرفع يقاس المرء فيه بمزاياه وصفاته لا بنسبه ولونه، ولكنه بالرغم من سورة التمرد المتمثلة في موقف الإباء والرجولة كان يحس إحساسًا خفيًّا بأن على المرء أن يكون بطلًا، ولكن ذلك قد جعل نفسه تنطوي على قدر كبير من المرارة إزاء يأسه من تبديل الناس ومفاهيم المجتمع، لهذا قد ينفع التحدي الفردي في طرح المشكلة, ولكنه لا يحلها كقوله: أذكر قومي ظلمم في وبغيهم ... وقلة إنصافي على القرب والبعد بنيت لهم بالسيف مجدًا مشيدًا ... فلما تناهى مجدهم هدموا مجدي وقد جعله ضيقه بالناس يخلع شيئًا من إنسانية الإنسان على جواده, فيحبوه بعض صفات الآخر ليقيم معه حوارًا. وهو يرى في شعر عنترة تميزًا قلَّ نظيره في الأدب العربي القديم, بل في الآداب العالمية القديمة1. أما الصعلكة2: فيرى أنه لا يمكن رصد الظاهرة دون تعمّق أسبابها الاجتماعية والاقتصادية، كما لا يمكن اعتبار الصعاليك ذوات متمردة على مالوف القبيلة وعاداتها وتقاليدها؛ لأن التمرد لا يمكن أن يقوم ويستمر إلّا في إطار وضع تاريخي معين، ومن البداهة أن أكثرية الصعاليك لم تكن تهمها العودة إلى القبيلة؛ لأنها لم تخرج عليها بطارئ فردي، كما أنه لم يكن بهمِّها الانتماء بالولاء أو الاستجارة إلى قبيلة أخرى؛ لأن الشعور بالدونية سيكون في الحالة الثانية أَمَرّ وأدْهَى. ويميز صورتين لأنموذجين من الصعاليك: صورة الفردية الناقمة المكابرة التي تستشعر مهانة الفقر والمكانة الاجتماعية ويمثلها الشنفري، والثانية صورة الفردية الاجتماعية التي تحسن تخلخل البنية القبلية والتفاوت في الأرزاق والظلم الذي ينزل   1 مدخل إلى الأدب الجاهلي 188-192. 2 المرجع نفسه 192-212. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 بساح الفقراء والمستضعفين, فتحمل لواء الدعوة إلى التمرد، ويمثلها عروة. وبالرغم من اختلاف الدوافع التي دفعتهم إلى حياة التصعلك, فإنهم جميعًا فقدوا توافقهم الاجتماعي، وهو الأساس الذي تقوم عليه الصلة بين الفرد والمجتمع، وهذا الفقدان ينتهي بالفرد عادة إلى أن تكون صلته بمجتمعه قائمة على أساس "السلوك الصراعي". ويفرد الباحث الفصول الثلاثة الأخيرة من كتابه للحديث عن "المصير والصيرورة"1 و"مواقف ذاتية ووجودية"2 و"تقاصر الشعر في بعض المواطن"3. ويتساءل الباحث: لماذا لا يكون للإنسان العربي، وهو يشير إلى الدهر، مصير مستمد من طبيعة بيئته وحياته، وكأنه يبثّ حوارًا مع بيئته الصحراوية من خلال حوراه مع القبيلة التي لا يستقيم بقاؤها إلّا في بيئة صحراوية, وفي نظام اجتماعي قبلي يقوم على الرعي لا الزراعة، وكأن الشاعر يودّ برغبة غامضة تبديل المجتمع, يتوافى معه في علاقة إغراءٍ كتلك التي تكون مع شخص غير راضٍ عن القيام بعمل ما، ولعل فكرة الدهر أو القدر تقترن بما انطوى عليه الشعر الجاهلي من حديث الفراق والارتحال والبكاء على الأطلال، حيث يخالط الذاتي الوجودي اندماجًا وتباعدًا ليظل له تفرده، حتى أضحت هذه الطريقة في تناول الموضوع مدرسة أدبية يغلب عليها التقليد أكثر من الإحساس الذاتي والوجداني. ولكنه يستدرك بأن شعوبًا أخرى عرفت مثل هذه الحياة دون أن يجري على السنة شعرائها مثل هذا التفجع. ويتساءل بعد ذلك: فهل أتى هذا التفجع نتيجة اندثار الحضارة الجنوبية, فارتحلت تلك القبائل تحمل معها ذكرى مواطنها, وتردد على ألسنة شعرائها, ثم لاقى ذلك هوى في نفوس القبائل الأخرى فتبنته حتى أصبح مدرسة أدبية تعبر عن الحضارة التي أفلتت من اليدين أكثر من تعبيرها عن خيمة ونؤي؟. أما المواقف الذاتية والوجودية التي عرض لها, فأولها موقف الشاعر الجاهلي من الجنس والمرأة, ويرى أن للعصر الجاهلي موقف من الجنس كله حرية وانطلاق،   1 مدخل إلى الأدب الجاهلي 213-227. 2 المرجع نفسه 228-249. 3 المرجع نفسه 250-258. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 فما كان يتحرّج من الحديث عن المرأة وعن الجنس وتضمينها للقصائد بما في ذلك المعلقات. وما دام الجاهلي يستقبي الحياة بالتقدم للقاء المخاطر، وحتى الموت، فإن إقدامه هذا أو تصوره الإقدام يؤجج فيه اللذة؛ لأن الذين يخشون الموت هم الذين يخشون اللذة، وتأتي الصحراء الممتدة أفضل بيئة لإثارة الغرائز, ولئن كانت اللذة هي الحرية في الفعل، فهي من وجه آخر تجيء عزاء عن فقدان الجواهر والحرمان الملازمين لتلك الحياة المحدودة. وفي تلك البيئة, فإن كل شيء يتغير وتظل المرأة أكثر إخلاصًا للثبات من خلال التغير، فهي كالطبيعة تظل مخلصة للتاريخ، وهي في الوقت نفسه رمز الخصب والطمأنينة، ولعل الشعور بتملكها يحمل بجانب المفهوم الأبوي في الملكية حسّ السيطرة على الطبيعة نفسها أو امتلاكها، وموقفه منها هو صورة انعكاسية لما يريده الرجل عن نفسه، ولعل من الفريد والطريف في تلك الحياة أن تتوافى جميع هذه الانعكاسات في الغزل: بداوة ورقة، قبيلة وحضارة، سبي يصل إلى حد امتهان المرأة, وسموّ يصل بها إلى حالة مثالية، معاشرة عارضة أو آنية ومفارقة, أو تسريح, ومن ثَمَّ حنين لا ينتهي، ولكن النغمية العامة قائمة على الشكوى، وثمة استحالة الأحلام بسبب معارضة الناس والقدر. وإن مثل هذه النفس القلقة لا بُدَّ أن تجنح بما لها من حسٍّ شاعري، نحو ملاذ أو ملجأ، ويظل الجنس خير ملاذ في مواجهة إشكاليات التاريخ. والموقف الذاتي الثاني: الموقف من الميسر والخمرة: وهو يرى أن شيوع الخمرة لدى العرب في الجاهلية ظاهرة تستوقف المرء، ويعطينا الشعر الذي قيل فيها شيئًا من التفسير لما مكّن لها في النفوس، فجاءت في مؤثراتها الصورة المقابلة لكلِّ ما يختلج في ضمير المجتمع عن طريق هذا الشعور بالاستقلال الذي تخلقه، وهذا المؤشِّر عون ثمين للفردية المتململة، كما أنه يمثل لحظة الانفصال عن الواقع، حامل معها الإحساس المريح المهدئ للنفس إزاء ما ينتابها من قلق وضيق. ويلخص رأيه بقوله: "إن كل أسلوب أو شكل أدبي بارز يعرض لنواظرنا نقطة اهتزاز مشع، وهي، لدى الجاهلي تتمثل في الحوار بين البطولة واللذة، بين الجبرية والمصادفة، وبين التقاليد القبلية والتطلعات الفردية. وكل ذلك يمثل في معناه البعد التاريخي والبعد الذاتي في لحظات التوقد, أية كانت الهزة أو النشوة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 وأية كانت بواعثها: في وقفة بطولة أو موعد حب أو كأس خمرة أو قدح معلى. لهذا كان الشعر الجاهلي في تعبيره عن هذه الحاجة يمضي حتى بلوغ نقطة التوازن أو التوتر أو التقابل بين المصير والصيرورة، وهذه وقفة جدية تحتفظ بكل طاقات النفس المترجمة بين حالين متعارضين. وملاحظة أخيرة أن الشعر الجاهلي خالٍ من السخرية؛ لأن السخرية تقتضي انفصالًا عن الواقع وبعدًا نفسيًّا عنه, وصيرورةً ما تمكّن السخرية منه ماضيًا, آخذ طريقه لأن يصير ماضيًا في طريق ذي اتجاه واحد1. وآخر قضية يعرض لها هي "تقاصر الشعر في بعض المواطن", ورأيه أن الخروج من الاقتصاد القبلي إلى شكل اقتصادي أرقى يجرّ معه تبدلًا في الحياة الاجتماعية والنفسية، إذ تستجد علاقات تتميز من العلاقات القبلية بكل ما تخلفه من مؤثرات في أوضاع الأفراد تعكس في شكل أوضح من التفاوت، كما تستجد روابط جديدة تحل تباعًا محل الروابط القبلية. وأما يوسف اليوسف فله دراستان: "مقالات في الشعر الجاهلي"2 و"بحوث في المعلقات"3 ففي دراسته الأولى يعلن في المقدمة أن هدفه الأساس هو عرض الشعر الجاهلي على محك المعاصرة4, وذلك لأنه يرى أن الشعر الجاهلي يقدم ميدانًا رحبًا للدراسات الأنثروبولوجية, بينما لا نجد من ألقى ولو نظرة عابرة على هذه الناحية من الشعر الجاهلي إلّا نادرًا. أما المنهج الاجتماعي والمنهج النفسي والمنهج الفلسفي فتكاد تكون عديمة الوجود. وأما الباحث فهو يقول: إنه قد وظَّف أكبر قدر ممكن من المناهج في دراسة الشعر الجاهلي، ودمجها مع بعضها, بحيث يمكن أن تتعايش جميعًا في المقال الواحد، بالرغم من طغيان هذا المنهج أو ذاك في بعض الأحيان، وذلك ما يمكن أن ندعوه منهجًا متكاملًا في النقد, وكان يمكن أن نصنِّفه مع المنهج التكاملي في النقد, لولا أنه يقرر أنه شدد على أهمية كون الشعر إفرازًا اجتماعيًّا, مع الاعتراف والأخذ بعين الاعتبار أن القصيدة تبدعها نفس معينة لها أحوالها المعينة وحاجاتها   1 مدخل إلى الأدب الجاهلي، 248-249. 2 صدرت عن دار الحقائق، ط2: 1980. 3 صدرت عن وزارة الثقافة بدمشق 1978. 4 مقالات في الشعر الجاهلي ص10. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 الشخصية1. وينطلق الباحث من مبدأ أن أنماط الإنتاج هي الحوامل الاجتماعية, وأن درجة تطور مجتمع ما تتحدد بأنماطه الإنتاجية بالدرجة الأولى، لذا فهو يشدد على الطابع التاريخي والطابع الاجتماعي. ولكن الباحث يؤكد كثيرًا ويكرر على أن المجتمع الجاهلي هو مجتمع أدنى من الحضارة المتطورة، وهو مجتمع انبثق عن البدائية, وراح يندرج في التاريخ سعيًا وراء تجاوز ذاته. والجاهلية ومن جهة نظره قطرة ضوء ممتازة, تنكشف فيها بدايات الوعي المتحضر والمتجاوز للمرحلة الوحشية من مراحل التطور البشري بأشواط مديدة، ومن جهة أخرى حضارية وتاريخية، فالجاهلية حجر الأساس في صرح الثقافة والحضارة العربيتين2. وفي "مقدمة الشعر الجاهلي"3 في دراسته الأولى يقرر الحقائق التالية: 1- إن أول انطباع تخلفه القصيدة الجاهلية على صفحة الوعي هو أنّ جدلية الذات - الصحراء, هي العلاقة الأولى التي تؤطر مجمل العلاقات, وتصنع القيم الاجتماعية والأدبية. والصحراء سمة تحايث الذات وتلازمها؛ بحيث تمتزج وإياها في وحدة عضوية لا فكاك لأواصرها، إذ الترامي الصحراوي مسئول عن الانفلات والحرية4. 2- إن العنصر الطلل هو توليف اندغامي للحظات الثلاث: التهدم الحضاري والقمع الجنسي وقحل الطبيعة، وهو ترجمة لا شعورية للرغبة في الخلاص من ظرف حضاري متهدم, والتحول إلى مرحلة حضارية أرقى5. 3- إن القصيدة الجاهلية برمتها تنطوي على العنصر الطللي بحيث يسعنا القول بأن "الضمير التعيس" وهو المضمون الأساسي للوقوف على الأطلال يباطن القصيدة الجاهلية على كافة امتداداتها وأصدائها، ويسكن معظم جزئياتها وعناصرها6.   1 مقالات في الشعر الجاهلي 11. 2 نفسه ص17. 3 نفسه ص15-80. 4 نفسه 18. 5 نفسه 19. 6 نفسه 20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 4- إن الشاعر الجاهلي حافظ على نرجسيته وغيريته في آنٍ معًا1. 5- إن القصيدة الجاهلية تراجيديا حقيقية، لا من حيث الشكل والمنهج، بل من حيث الجوهر فقط، ويتضح هذا كمًّا من خلال شعر عروة بن الورد, والشنفري "لوحة الذئاب"2. 6- التأكيد على وجود نفس ملحمي في القصيدة الجاهلية لا سيما معلقتي عنترة وعمرو بن كلثوم3. 7- إن الشاعر الجاهلي الذي يمارس البطولة الصدامية يوميًّا لا يستطيع أن يتصوّر للفروسية سوى شكل واحد هو شكله نفسه4. وهكذا فإن الممارسة الفعلية للفروسية التي يعيشها الشاعر هي التي أعاقت ظهور الشعر الملحمي؛ لأنه لا حاجة به إلى ممارستها في الخيال، فهو يعيش الملحمة صداميًّا, وبعبارة أخرى: فإن العاملين النفسي والاجتماعي هما المسئولان عن غياب الأدب الحدثي بعامَّة والملحمي بخاصة، فالملاحم الإغريقية هي نتاج تطور المجتمع التجاري وبلوغه مرحلة معينة في سلم الحضارة، وكما أن المجتمع الجاهلي أميّ يفتقر إلى الكتابة، وهي أكبر حاجز أمام إنتاج نصوص أدبية مطولة. 8- إن الأساس الاجتماعي لنفسية الشاعر وهو عدم التنازل عن الذات والإسراف في عشقها، الشيء الذي يذكرنا بحسِّ الاغتراب لدى الشاعر5, وفي مجتمع كالمجتمع الجاهلي نواجه رفضًا مزدوجًا: رفض المجتمع إنسانية الفرد، أي: استلابه وتغريبه، ورفض الفرد للمجتمع بالمقابل، ومثال هذا عنترة. 9- لقد ولدت ظاهرة الصعلكة نتيجة ذلك التغريب الذي مارسته الحياة على الفرد، فبادر إلى السلاح6.   1 مقالات في الشعر الجاهلي 21. 2 نفسه 23. 3 نفسه 23. 4 نفسه 26. 5 نفسه 30. 6 نفسه 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 10- لئن كان الإنسان طليلة حياته يمارس نفي الطبيعة عبر التأثير عليها من خلال العمل والنشاط الاجتماعي ابتغاء الانعتاق من ربقتها وإخضاعها له، بدلًا من خضوعه لها، وهذه هي الحضارة، فإن البدائية هي تقديم الولاء وكافة ضروب الطاعة للطبيعة, والانضواء تحت لوائها1. 11- الظاهرة البادية في الشعر الجاهلي أن موجودات العالم الخارجي حاضرة دومًا، وبكامل ثقلها في روح الشاعر، الأمر الذي يستدعي بدروه التعامل مع هذا الخارج تعاملًا حسيًّا مباشرًا، ويؤدي إلى تقديم صورة تجسيمية تجعلك تشمّ الأشياء الموضوعية وتسعمها وتراها وتلمسها. ومن هنا جاءت النزعة الحسية إلى الشعر الجاهلي2. 12- من مظاهر تمثل الجاهلي لبيئته الطبيعية ما يبديه من عطفٍ على الحيوان واهتمامٍ به، فالحيوان يداوم على الظهور كواحد من أبطال القصيدة الجاهلية. 13- جاءت الحكمة الجاهلية محاولة لتنفيذ الواقع في الوعي، ونزوعًا نحو تكثيف الموضع في الحس، لا تجريدًا لهذا الواقع وهذه الموضوعات، وذلك لأن البدائي يحيا في فجر الوجدان لا في ظهريته. ويرى الباحث أن سرَّ خلود الشعر الجاهلي أنه لا يكتفي بإحالة البعد العقلاني للحياة إلى بعدٍ وجداني فحسب، ولا هو الذي يعقِّلَنَّ الوجداني ويضيفي عليه التَّذَهُنَ، بل هو يملغم كلا البعدين في سياق متناغم؛ بحيث يتوحدن في كيان لا يعرف النشاز3. 14- تبدو الصورة الجاهلية في كثير من الأحيان ترتيبًا للواقعة لا للمشاعر, ونشعر حينما نقرأ القصيدة الجاهلية أن الصورة لا تعدو كونها تابعًا للواقعة، شيئًا ملحقًا بها، وليس صميمًا، بينما ينبغي في الشعر الآبد أن تكون الصورة غلافًا يغشى العاطفة ويبطنها من الداخل، بل تنحل فيها العاطفة انحلال النسغ في النبتة, وذوبان الحمرة في الوردة4. 15- نحس الخواء العاطفي في كثير من الصور الشعرية الجاهلية، هو ما يحرم.   1 مقالات في الشعر الجاهلي 41. 2 نفسه 42. 3 نفسه 51. 4 نفسه 547-58. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 هذه الصور من الشاعرية في الكثير من الحالات، ومواضعة أكثر من أن تحصى1, ويحدد أسباب في هذا الخواء في: مباشرة الحسّية، وتقديمه الموضوعات كحضور مرئي، بحيث تغدو القصيدة سيالة وقائع متلاحقة، تقرن البسيط إلى المعقد، وتلحمهما في نسيج واحد. ومن الأسباب كذلك النزعة الخبرية والوصفية, واللتان تثقلان العقل البدائي, فهو يتوخَّى الدقة في وصف الأشياء؛ لأنه يدرك الجزئيات قبل الكليات، أي: هو قليل القدرة على التعميم والتجريد2. 16- الذي أوجد واقعية الشعر الجاهلي وصدقه في الانفعال هو أن الوقائع الخارجية كثيرًا ما تظهر وكأنها امتداد لذات الشاعر، أي: إنه كثيرًا ما يلون الأشياء بروحه وأعصابه، وبذلك يحول العالم المثالي، أو عالم الروح والأعصاب، أن يتشخص في الموجودات الموضوعية، وأن ينشكف بها، أو من خلالها3. 17- إن جوهر وهن الشعر الجاهلي لا يتمثَّل في حسية صوره، وعيانية مضامينه، وتقنياته التعبيرية المباشرة، ولكن هذا الجوهر كامِن في كونه يقدِّم مشاهده الواقعية تقديمًا وصفيًّا يعترف بموضوعية الحقيقة الزمانية4. 18- يشعر المرء أن القصية الجاهلية بينة موسيقة متناسقة ومتكاملة، وصورة إيقاعية تعين القارئ على ترتيب وعيه لمحتوياتها, وأهم خصيصة لموسيقى القصيدة الجاهلية هي أنها ذات جلجلة تتناسب مع جلجلة الحرب. إنها موسيقى القوة اللازمة للجاهلي, التي تلائم موضوعات الاعتزاز والتحمس5، وكأنما الشاعر يعوّض عن تفكك أجزاء القصيدة بهذه الكلية الموسيقية التي تلمُّ شتاتها في وحدة عضوية. 19- ليست الأنثروبولوجيا العربية، أو المتفرعة عن الدراسات الجاهلية، معنية بالأسطورة فحسب، بل هي تطوي في دائرتها مسائل اجتماعية واقتصادية   1 مقالات في الشعر الجاهلي 62. 2 نفسه 63. 3 نفسه 67-86. 4 نفسه 69. 5 نفسه 73. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وعقائدية ونفسية كثيرة أيضًا، ولعل من بينها مسألة وأد البنات في العصر الجاهلي1. وفي "اللحظة الطللية في القصيدة الجاهلية"2 من كتابه يتبنى مجموعة الأفكار لا بأس من إيجازها هنا: 1- لعل اللحظة الطللية هي واحدة من الشذرات المضيئة التي يمكن أن نصل عبرها إلى إحباطات مكبوتات المجتمع الجاهلي وإلى تطلعاته وأشكال انسلابه معًا، أي: هي وسيلة من وسائل إغناء فهمنا لمجتمع معين. وإن الشاعر الجاهلي يبدع عبر الطللية ماضيه وواقعه شعرًا، ويتحفز لمعانقة مستقبله. أي: يودع في هذه الوقفة أبرز أشكال الحالات الجماعية, ويخثر عبر بضعة أبيات من قصيدته كل حاجات الجماعة، فهو يعبِّر عن الكلي الاجتماعي لا الكوني خلال ومضة وجيزة3. 2- في ميسورنا التعرف إلى الذات الجاهلية عبر تحليل المطالع الطللية للشعر الجاهلي، بوصفها رموزًا تقبل التفسير والقراءات التحتانية4. 3- إن الماضي يجب أن يفهم بوصفه مستقبلًا أرقى، لا من الحاضر وحده، بل ومن الماضي نفسه، أي: إن الماضي - المستقبل, ينبغي أن يغدو تجاوزًا ونقيضًا للماضي المنطفئ، الذي لا تستحيل استعادة نسيجه فحسب، بل الذي لا يحتاج إلى هذه الاستعادة5. 4- إن خلاصة ما يمكن أن يوجّه إلى تفسيرات اللحظة "ابن قتيبة، فالتر بروانه، عز الدين إسماعيل، يوسف خليف، حسين عطوان" يمكن إجمالها في أمرين أساسيين: قصور هذه التفسيرات لأنّ كلًّا منها أحادي النظرة، وإهمالها إلى حدٍّ كبير العامل الاجتماعي والتاريخي لتشكيل الطللية، علاوة على النظرة الخارجية المسطَّحة, وعدم الغوص في أعماق المطالع, والبحث فيها كتعبيرات عن مكبوتات   1 مقالات في الشعر الجاهلي 76. 2 نفسه 117-205. 3 نفسه 115. 4 نفسه 119. 5 نفسه 122. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 نفسانية عميقة أنتجتها وقائع فعلها في النسيج الاجتماعي1. 5- خلاصة رأيه أو نظريته في البرهة الطللية: إنها التغام لثلاث لحظات يقوم بينها تجادل تمثلي يذوب ويصهر كل واحدة في الأخرى, فيفضي إلى اندغامها جميعًا في تركيبة كلية البنية, يعسر فرز أقانيمها الثلاثة كلًّا على حدة, وهذه العناصر الثلاثة: القمع الجنسي، والاندثار الحضاري، وقحل الطبيعة. فالشاعر يوحد بين القمع الذي تتعرض له الطبيعة، وتقوم به في الوقت نفسه، بفعل القحل وانحباس المطر، وهو ما ينعكس بدوره على الفرد والجماعة، وبين الهدم الذي يصيب الحضارة من جراء ذلك القحل، وكذلك بين القهر الذي يتعرض له البدوي، بفعل الرقابة الاجتماعية الكابحة، أو بفعل ما تمارسه التقاليد من حظر وكظم عليه, فالرسم الدارس لحظة ممتازة ينكشف فيها الجدب والتدمير معًا، يحلق بالفرد مأخوذًا على أنه كلية مجردة، من احتجاز جنسي يحول دون التلبية المباشرة, وتفريغ المشحون الجنسي2. ويقدم الباحث، انطلاقًا من هذه النظرية، دراسة تطبيقية حيث يحلل طلليات كل من زهير ولبيد والنابغة3. 6- يثير قضايا طللية منها: عدم التوازن بين اللحظات الثلاث، وطللية الحضريين، وحنان الحيوانات على صغارها، وتشبيها لطلل بالكتابة، والخصيصة الإطلالية للطبيعة. وخلاصة ما يراه: إن الطللية تلقيد شعري لا يشترط أن يكون للشاعر محبوبة مهاجرة، ومما يؤكد هذا أن شعراء المدن لم يختلفوا عن شعراء البوادي من حيث الإكثار من الوقوف على الأطلال، وإن كان ثمة فارق مضموني بينهما، فشعراء البادية هم الأكثر عمقًا والأبعد غورًا في طللياتهم؛ لأنهم ألصق بالظروف التي عملت واستمرت تعمل على إفراز الشعر الطللي4.   1 مقالات في الشعر الجاهلي 122-123. 2 نفسه 140-141. 3 نفسه 147-180. 4 نفسه 183. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 أما حنان الحيوانات على صغارها, فإنها تعكس حاجات ودوافع أبوية وأمومية لدى الشاعر، وربما رأينا فيها نهجًا لفض نزعة التوالد والإخصاب1. أما الطلل والطبيعة فيرى الباحث أنه غالبًا ما يتبدَّى الطلل كأنه فعل من أفعال الطبيعة، أو نتيجة من نتائج فعلها، فعناصر الطبيعة دومًا صافعة وهادمة بالنسبة للجاهلين, وهذا في مجمله جزء من العلاقة العدائية القائمة بين الإنسان الخالي من التقنية والصناعة وبين الطبيعة, وربما كانت الطللية بمجملها لا تحمل إلا غاية واحدة هي التعبير عن اغتراب الإنسان في مملكة الطبيعة العاتية التي تعجز أدوات البدائيين عن تدجينها2. 7- وفي مجال حديثه عن اللغة الطللية وتحليلها, يرى أن "في كون الطللية تفريغًا لمقولة التضاد بين الذات وموضوعها الساحق لها، وفي اتخاذ هذا التضاد شكل قطبين متنازعين: الشاعر والواقع، يكمن العامل الاساسي الذي أملى على اللغة الطللية أن تستوعب السلب وتشعه وتعمل على تخطيه. لذا، فقد جاءت حاملة للموقفين الداخلي والخارجي، ومعبرة عنهما. ولقد عكست هذه اللغة القطب الأول للتناقض "روح الشاعر" عَبْرَ ألفاظ رقيقة ذات طابع عاطفي وعربي مشبع بمكونات الوجدان الإنساني، في حين عكست القطب الآخر عبر ألفاظ هي في الغالب إحالة إلى يبوسة الواقع وفظاظته، وإلى مذاق القحل وهمجية الطبيعة, ولهذا كانت اللغة الطللية تغالي في استقطاب المتعارضات, ولكنها لا تصهرها في وحدة تصويرية. وتتجلى هذه النثائية للفظة الطللية خير تجلِّ في أنها حين تصف الاقفرار تلجأ إلى مفردات من المعجم الغريب, في حين تلجأ إلى المعجم الفعال المألوف أو إلى المفردات الرقيقة الدالة على ليونة النفس عندما تعبِّر عن الموقف الإنساني النقيض3. ويقدم الباحث انطلاقًا من المنطلقات النظرية التي عرضنا لها آنفًا تحليلًا للامية العرب للشنفري4، وقد أسهب في تحليلها تطبيقًا على منجهه الذي تبناه, ولعل من المفيد أن نورد خاتمة تلك الدراسة الجيدة للامية، يقول: "لئن كان   1 مقالات في الشعر الجاهلي 185. 2 نفسه 187. 3 نفسه 187-188، الجاهلي 187-188. 4 نفسه 209- 293. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 المعنى الكلي والنهائي للامية العرب هو الجوع، ولمعلقة امرئ القيس هو القهر، ولمعلقة النابغة هو الخوف، ولمعلقة طرفة هو القلق، فإن الكليّ والشمولي للشعر الجاهلي هو التعبير عن حالة اللا تكيُّف مع الحياة, وبالتالي الرغبة في انتقاض التواكب مع الشروط القائمة، والانتكاث عن القبول بالمعطى. إنه الرفض وتنمية مفهوم النقض, وخير شعر يتنامى عبر هذا المفهوم هو شعر الفرسان وشعر الصعاليك، لا سيما شعر عروة. وينعكس مفهوم النقض عبر الثنائية التي يبرزها بجلاء الشعر الجاهلي، فلامية العرب تطرح الذات في وجه المجتمع، متمردة، نزاعة نحو الهدم، مظلومة، مقموعة، ولهذا فهي تثير مشاعر الشفقة دون أن تحرك فينا الشعور بالخوف"1. وفي دراسته الثانية "بحوث في المعلقات" يعرض للموضوعات التالية: المحتويات التحتانية للمعلقات ص39-94. الواقعة والمفهوم في المعلقات ص95-116. تحليل معلقة النابغة ص197-232. المرأة في المعلقات ص233-278. ويحدد الغاية الأولى التي يزعم أن دراساته في الشعر الجاهلي قد بلغتها, وهي أن "القصيدة الجاهلية، وبخاصة المعلقة، وتنطوي على مكمونات نفسانية شديدة الخفاء على النظرة الأفقية المسطحة، ولا يمكن لهذه المخبوءات أن تستسلم إلّا أمام العقل التحليلي، أي: النظرة العمودية الغارزة للغة غرزًا2". وقد حاولت بحوثه الخمسة في تلك الدراسة أن "تريق شيئًا من النور على المعلقات، ومن جهة نظر جديدة"3, ويزعم بأنه طبَّق في تحليله معلقة امرئ القيس "المنهج المتكامل على درجة لا بأس بها"4 ويرى أن "تحليل معلقة امرئ القيس" و"اللحظة الطللية في القصيدة الجاهلية" و"تحليل لامية العرب" تمثل ثلاثة   1 مقالات في الشعر الجاهلي 326. 2 بحوث في المعلقات 7. 3 نفسه8. 4 نفسه7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 نماذج تطبيقية على القصيدة التراثية تحاول أن ترى في النص الأدبي وحدة متكاملة، وأن تبحث فيه مضمرات أو مكونات مستبطنة، وأن تخضعه إلى علوم مختلفة ولا سيما الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع والتحليل اللغوي1. ومن الفائدة أن نعرض لخلاصة آرائه في المعلقات بإيجاز: 1- إن السر الكامن خلف رسوخ المعلقات واستمرارها حتى اليوم يكمن في أن الشعر الجاهلي ككل فنّ بدائي عظيم قادر على تحريض النواة البدائية للروح، وهذه النواة المدفونة تحت ركام حضاري كثيف سرعان ما تزيحه المعلقة لتنفذ إلى الأولاني الراقد فينا, وتغذيه فيتوهج2. 2- ومن أسرار خلودها أيضًا أنها تنسج الدرامي والغنائي معًا، أي: تلمهما وتدغمهما في تركيبة عضوية واحدة3. 3- من أهم المفاهيم بؤروية في الشعر الجاهلي برمته, هو أن الطبيعة تقطع الحضارة "تدمرها، تنفيها" بسبب من انقطاع الدفق الحيوي في التربة، مصدر كل حياة بشرية، وهذا يعني أن ثنائية الحضارة -الطبيعة, هي من أهم التصورات المستنبطنة في اللاوعي البدائي4. 4- إن الأزمة المركزية الفارزة لكل توتر في الشعر الجاهلي, هي عدم استقرار الحضارة الآمنة والملبية للحاجات النفسية، أي: أزمة الحياة بأبعادها الثلاثة: الحضارة، الأمن، العشق5. 5- إن معلقة امرئ القيس هي أعظم العلقات طرًا؛ لأنها أكثر قدرة على مخاطبة مكوناتنا النفسية المؤسسة بفعل القهر التاريخي المزمن6. 6- من أسباب قصور الدراسات السابقة في الشعر الجاهلي أنها "عزفت عن إحالة الظاهر على باطن يسكنه بعمق, أي: هي لم تتعامل مع الأشكال الفنية   1 بحوث في المعلقات8-9. 2 نفسه 9. 3نفسه 9. 4 نفسه 24. 5 نفسه 25. 6 نفسه 33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 الجاهلية من حيث هي رموز تضمر ما لا يبتبدّى على سطحها"1. 7- ثَمَّة ثلاث علاقات تؤلف واقع المعلقات الأعمق، هذا الواقع المنفتح على الخارج الاجتماعي والطبيعي، والعلاقات الثلاث هي: أ- حسّ الافتراس والصراع الدائر في طبيعة ماهيتها الشح من جهة، والنقض من جهة أخرى، أي: إن الجاهلي يسكنه شعور فحواه أن الطبيعة عبر قحلها تفترس الإنسان، وأن الإنسان يفترس الإنسان كذلك عبر التصاول الاجتماعي اليومي. ب- انبساط النزعة الفردية في تضخماتها واعتدالاتها، من حيث هي ردّ الفعل النفسي على الشعور باللا أمن. ج- الموقف النقدي من الحضارة وقيمتها القمعية العاملة على إقامة جدار من اللا تلبية أمام الغرائز المندفعة نحو الإشباع "معلقتا امرئ القيس وطرفة"2. 8- إن الشعر الجاهلي هو بمعنى ما مقاومة الطبيعة للتاريخ، استعصاء الإنسان على الاصطناعي وتمنعه، وبالتالي فهو صيحة أصيلة تبتغي التحرر وحماية الحياة3. 9- لئن كانت النزعة العشائرية قابلة للاختفاء في بعض المعلقات، فإن النزعة الفردية قلَّمَا تغيب عن المعلقة, بل وعن الشعر الجاهلي بوجهٍ عام, فمعلقتا امرئ القيس وطرفة تمثلان ترسيخ الخصوصية الفردية والتشبث بها ورفض التنازل عنها إزاء حركة الدغم الاجتماعية. وأما معلقة زهير فتمثل أعلى درجات الانصياع الفردية للكلية، وكذلك النزوع نحو أرقى حالات الالتئام الاجتماعي ككل, ويعكس لبيد جنوحه للسلم وإدانته للعدوان, وضرورة ارتداد الشر على البادئ, وذلك عبر قصة البقرة الوحشية. وتأتي معلقة عمرو بن كلثوم كتعبير عن النزوع الجامح نحو تأييد العشائرية والرفض المطلق للتنازل   1 بحوث في المعلقات 35. 2 نفسه 46-47. 3 نفسه 49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 عنها. وأما معلقة عنترة فهي بحث الخصوصية عن الاندماج في الكلية "الفرد في الجماعة" شريطة ألّا يتعارض هذا الاندماج مع الهوية الفردية النزاعة نحو التحقق عبر الفعل, وإن عنترة هو الفرد كما يريده المجتمع الجاهلي. وأما معلقة النابغة فتمثل الفردية في رضوخها للسلطة دون قيد أو شرط، وأما معلقة الأعشى فتمثل الفردية فيها حضورًا متكامل الثقل، ولكنها في الوقت نفسه فردية بعيدة عن الإشكالية والتنفج، وتختفي الفردية في معلقة عبيد بن الأبرص اختفاء كليًّا تقريبًا1. 10- نشعر من خلال مطالعتنا للمعلقات أن المحتوى النفساني للجاهلي يمكن تقليصه إلى مخزونين أساسين: أ- حسّ الافتراس الدائر في الطبيعة والمجتمع. ب- الشعور باضطهاد الأعراف الاجتماعية للغرائز البشرية2. 11- إن أهم ما نلاحظه على قصص حمار الوحش في الشعر الجاهلي يتبدَّى في نقطتين: أ- الربيع هو الإطار الزمني للقصة. ب- غاية حركة الحيون هي الماء3. 12- الحيوانات حوامل لخصائص بشرية محضة4. 13- ربما كان الصيد، كشكل فني، هو أقدر الأشكار الأدبية على فض ورسم صورة الصراع وتنازع البقاء5. 14- إن البرهة الدفاعية التي تخوضها البقرة هي رمز لغربة الإنسان في المجتمع، وفي المجتمع حصرًا، لأن علاقتها الآن قد تحولت عن الطبيعة الإنسان6.   1 بحوث في المعلقات 50-54. 2 نفسه 66. 3 نفسه 73. 4 نفسه 73. 5 نفسه 79. 6 نفسه 81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 15- العصر الجاهلي عصر بطولي حقًّا، فيه يغدو الموت في قبضة الإنسان مثلما أن الإنسان في قبضة الموت, ولذا غدت في هذا العصر الفروسية قيمة مثلى1. 16- الفرق الأساسي بين الشاعر الجاهلي والشاعر في أية مرحلة يكمن في أن الجاهلي يستهدف أن يخزن إنجازاته في مستودع القصيدة، بينما الآخر ينبغي أن يخزن ذاته خارج التاريخ2. 17- وأخيرًا أن موضوعات المعلقة ليست بسيطة، كما يبدو للوهلة الأولى, إنها أشبه بالأسطورة التي تبدو مجرد مادة للتسلية، ولكنها في الحقيقة صورة فنية لمعنى الغور يربض في أعماق الذاتية البدائية3. وقبل أن يشرع في تحليل معلقة أمرئ القيس يقرر منهجه بمطالبة حركة النقد الأدبية "بتحليل المورثات الجاهلية والتراثية بعامة بغية استبار المعنى الكلي المستتر في أعماق جزئياتها، وبغية ربطها بالشرط التاريخي والاجتماعي والبيئي الذي أثمرها، من أجل الوصول إلى الكيفية التي أثر بها تقدم التاريخ على مضمون الإنسان"4. ويؤكد بعد ذلك بأن "المضمون التحتاني لمعلقة هذا الشاعر هو الاستنكاف الذي أبداه الإنسان منذ الأيام الأولى لنشوء القهر واضطهاد الحرية"، وأن هذه القصيدة هي "أعظم احتجاج على الحظر قدمه الشعر الجاهلي قاطبة"5. وحتى نستوعب قيمتها كأدب مقاوم, فإن علينا "أن نربطها بالتغيرات التاريخية العميقة التي كانت قد ترسخت في المرحلة الجاهلية، والتي كانت تنحو نحو تأسيس أخلاق جماعية لها قوة إقحام التاريخي على الغرائز أو قوة إملائه"6. وتبدأ المعلقة بالبرهة الطللية حيث يتجلى "قمع العلاقات العشقية على أشده، وحيث يتبدى الألم في كلية حضوره"7, وتشغل البرهة الطللية الأبيات "1-   1 بحوث في المعلقات 105. 2 نفسه 19. 3 نفسه 115. 4 نفسه 119. 5، 6 نفسه 121. 7 نفسه 122. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 8) والشاعر الجاهلي إذ ينطلق من البرهة الطللية، إنما يتخذ قاعدة له أكثر الموضوعات الخارجية والواقعية تأثيرًا على معاصريه الذين يتحسسون فعلًا, لعل أكثر الأمور دلالة في براهة الطوفان هي "مسألة النور التي تطرح في البيتين 74، 75 عبر مجموعة كبيرة نسبيًّا من المفردات: برقًا، وميضه، لمع، يضيء سناه، مصابيح، السليط، الذبال, ولنلاحظ كذلك أن مصابيح الراهب تكرر هنا مرة ثانية"1. والملاحظ أن السيل ينبثق تمامًا عن نفس الحاجة التي انبثقت منها برهة الصيد والحصان، ومعنى هذا أن القسم الثاني من المعلقة ردٌّ غير مباشر على القهر الذي يهيمن عليه ويرضخه، والذي تجلى بوضوح في براهة الليل2. ولا يمكن للنظر الأعمق إلّا أن ترى في لوحة المطر تركيبه من عدة عناصر "موتيفات" هي3: 1- النزعة التدميرية للشاعر والطبيعة, وهنا يتوافق وعي الذات ووعي الموضوع. 2- البحث عن الوفرة والخصب كرد فعل على القحل والتدمير الذي تمارسه الطبيعة على الطلل "الحضارة". 3- حرف الجنسية عن نزعة نقض السائد من خلال الممارسة الاجتماعية, وإشباع حس النقض إشباعًا خياليًّا. وهكذا نجد في لوحة المطر جملة من الصور الذهنية المجرَّدة واللاشعورية تتناسج إضماريًّا وخفية لتؤلف شكلًا فنيًّا لبرهة المطر، وهي بهذا تتحكم بالعلاقات الأعمق لهذا الشكل، وعلاوة على ذلك نجد لحظة السيل جاءت استجابة للحاجتين الأساسيتين اللتين تتأسس عليهما المعلقة جملة, وهما: الخصب وتوكيد الذات أمام القهر عبر التدمير والإرضاخ4. ويلخص الباحث النظرة الشمولية لمعلقة امرئ القيس بأن "الخيط الناظم لها هو انقهار الذات أمام كل من الطبيعة والمجتمع، وانتصار لها من خلال توكيدها المباشر وغير المباشر"5, كما يؤكد بأن امرئ القيس هو "رافع أول صيحة تحرر في   1 بحوث في المعلقات 181. 2 نفسه 185. 3 نفسه 188. 4 نفسه 189. 5 نفسه 194. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 تاريخ الثقافة العربية، وأنه المكمل الحقيقي، مضافًا التدمير في حياتهم. فليس عبثًا أن يستهل الشاعر البيت التاسع بحرف "الكاف" الذي يحتاج إلى كثير من الانتباه، لكونه يوحي مباشرةً ودون إضمارية بأنّ الشاعر لا يعرض إلّا سلسلة من الإحباطات والإخفاقات التي مُنِيَ بها، والتي من شأنها أن تعكس المدى الذي بلغه الكبح في المرحلة الجاهلية, والمدى الذي سيبلغه في التاريخ الوسيط1. ويتضح أن البيت التاسع الذي بدأه بالكاف لربط الجزئيات اللاحقة بالبرهة الطللية التي يرغب في عبورها إلى ما يؤكد الذات ويرد على القهر, ويشغل المقطع الثاني من المعلقة الأبيات "9-33"، وفيه يتسلل الشاعر خفية لينتقل من عرض القهر إلى حالة توكيد الذات أو الرد على القهر. لذا فإن ما يمكن أن ندعوه مجون امرئ القيس، كما هو في ظاهره، لا يعدو كونه في الحقيقة محاولة لا واعية يقوم بها الشاعر لتحقيق أمرين متعارضين2: 1- توكيد ما يعانيه من القمع والاحتجاز الجنسي, مما يوثّق ارتباط هذه الأحداث بالبرهة الكلية للمعلقة. 2- توكيد الذات من خلال التبجح وتحقيق الرغبة. وتدخل المعلقة بعد ذلك "الأبيات 34-46" في برهة تنزع نحو الوصف السكوني الخالص من الحادثة والساعي نحو تقديم مثالية للمرأة كما يراها هو وكما تراها الجاهلية بعامة. وهذه البرهة في نظر الباحث "تبدو مفككة تفكيكًا داخليًّا, هي جماعية علائق تأتي من مجملها دلالة مترابطة من الداخل, وهذه الدلالة هي سعي الشاعر نحو تجسيد مثال المرأة في عيان موحّد, أو في تشخيص قائم عيانيًّا, وتبدو المرأة الآن أقرب إلى المثال منها إلى الحقيقة"3. ويذهب الباحث إلى تعليل التجسيمات المادية المحسوسة في وصف المرأة بأنها ترد إلى أمرين: النزوع الشهوي لدى الشاعر، والقداسة التي كانت يضفيها الوثنيون على المادة، فالوثنيون والبدائيون لا يملكون أن يروا المعنى مخلوعًا عن حامله المادي4.   1 بحوث في المعلقات 128. 2 نفسه 140. 3 نفسه 149. 4 نفسه 150. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وتمثل الأبيات "47-51" لوحة فنية نفسية رائعة, تنبش شعور الشاعر بالاجتياح الذي تمارسه الحياة عليه, وذلك من حيث أن الليل لم يكن ليبتليه بالهموم فحسب، وإنما هو الصورة الخارجية لحسّ الهم القابع في داخله1. ويبحث الباحث عن رابط يربط بين اللحظات السابقة من المعلقة, ويراها في أن "اللحظة الطللية اندغمت فيها عناصر ثلاثة: الحاجة إلى العشق، والانهدام الحضاري، وقحط الطبيعة، وتلا ذلك سلسلة مغامراته بمثابة توكيد على أن الحال هي دومًا هكذا "مقهورة"، وأن الماضي ميت كالحاضر تمامًا، على الرغم من أن هذه المغامرات تنطوي على تعويض واضح يؤكد رجولته وقدرته على الاجتياز"2. وفي البيت "52" يحاول الشاعر أن يشعرنا بأهميته وبرد فعله على الليل أو على البديل، القهر والحصار، إلّا أنه يسقط من جديد تحت وطأة الهموم، لكنها الآن هموم الآخرين التي ينوء تحتها كما ناء تحت حمل الليل الذي يشبه حيوانًا خرافيًّا3. وفي الأبيات التالية "53-55" يستمر الموقف عينه في البيت "53" بحيث ظلّ مثابرًا على التغطية على اتضاح الأنا وقهرها. وتأتي بعد ذلك لوحة الحصان تحرف النزوع الذي عن وجهة الشبقية, ولكن دون أن يخسر خصوصية اللذية لتوجهه إلى موضوع آخر يتسم بكونه لذيا وغير مقموع، على الرغم من أن لذيته ليست من النمط الشبقي "الأبيات 56-66". وامرؤ القيس لا يريد من حصانه إلّا أن يروي تعطشه إلى القوة, والصفة الجوهرية لحصانه هي حسّ الحياة المنطوية على الحركة والحاملة لمنازع جنسية، وهذا الحس نقيض لكل قهر. ولا تقع لوحة الحصان بمنأى عن نزعة توكيد الذات. وإن المعلقة عند لحظة الحصان تعد تحولًا جدليًّا كبيرًا بل تحقق وثبة نوعية تقلب الموقف رأسًا على عقب؛ إذ هي تنتقل من الشيء إلى ضده، أو من الدفاع إلى الهجوم4.   1 بحوث في المعلقات 155. 2 نفسه 169. 3 نفسه 161. 4 نفسه 167، 170. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 ومن أبرز تحولات هذه البرهة أو اللحظة الاستقلابية العظيمة إننا نجد عنصرًا جدليًّا هو عنصر الدم، والدم متعدد المدلولات: فهو إشارة إلى النزعة التدميرية التي ستعبِّر عن نفسها خير تعبير من خلال برهة المطر القادمة، وهو إشارة إلى الحياة التي حضرت بحضور الماء والحركة، وهو ثالثًا إشارة إلى الاخضلال والليونة اللتين يطرحهما في وجه اليبوسة والتصخر1. وتدخل المعلقة في طور جدلي أعلى، والصيد والشاعر لا يخرجان في ذلك عن الجوهر الحركي لحيوانه، ولا عن كونه حاملًا لصورة القوة، بل نجد القوة في حالة التطبيق والممارسة "الأبيات 67-73",ويلاحظ أن الشاعر أسبغ حرزًا على تلك الحيوانات العذارء، وذلك عبر وصفها "بالجزع المفصل" أي: بالخرز الأبيض والأسود، الذي من شأنه أن يصد الأذى عن حامله، ومن شأنه أن يصون قداسة العذراء التي تلبسه. ولكي يؤكد هذا التحرز والمنعة فقد شبهه بنساء لهن أعمام وأخوال يحمونهن من الاستلاب. وهذا يعني أنه الذي اعتاد انتهاك الحرمات دون أيّ إحساس بالإثم يتحول الآن إلى أخلاقي نموذجي يلتزم بأعراف عصره، وذلك بسبب من ارتباط هذه المسألة بالألوهة، بل بسبب من العلاقة اللاشعورية التي تقيمها المجتمعات البدائية والزراعية بين العذرية في النساء والخصوبة النمائية في التربة. وبما أن العذرية ذات علاقة بالقحط والخصوبة، أي: بالطعام والشراب، أول أسس الحياة، فإن أمرأ القيس الذي يبكي الجفاف وتصخر الطبيعة، لا يسعه إلى أن يقدس العذرية كأي بدائي2. وبالرغم من أن برهة الصيد تبدو بحثًا عن الوفرة، تمامًا كما هو حال المطر في اللوحة القادمة، إلّا أنه بوسعنا القول: إن هوية اللذة قد أخذت تنحل في شكل ممارسة لفعل الصيد "الافتراس", كما سبق لها أن انحلت في الحصان3. ولا تقف هذا النزعة الافتراسية عند تخوم لوحة الصيد، بل إنها تتمطى لتغمر لوحة المطر، ولكن بعد أن تتحول من هيئة الافتراس إلى هيئة تدمير "الأبيات 74-85".   1 بحوث في المعلقات 173. 2 نفسه 176. 3 نفسه 178. 4 نفسه 195. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 أما في "صورة المرأة في المعلقات"1, فإن الباحث يرى أن المرأة في المعلقة ضرورة تؤدي وظيفة تغطية حسّ الافتراس والاستجابة للتحديات، وإنها شكل فني يتخذ ذريعة للرد على التحدي الخارجي، وصورة المرأة الفنية في المعلقات في معظم الأحيان توليف من عناصر البيئة الخارجية ولا سيما عناصر الطبيعة. وحضور المرأة في المعلقات ترجح بين أكثر الأشكال إمعانًا في الفحش وبين أعمق حالات التلوع المقدس لحظة الفراق والحرمان من المرأة المنشودة التي تصورها المعلقة في بعض الأحيان تصويرًا ممعنًا في العذرية. والمرأة -حتى في شعر امرئ القيس- توليف من الغريزة الجنسية والحلم الجنسي مصاغين صياغة مادية, لها القدرة على تأسيس انفعال داخلي يسمو على ما هو شهوي، ويرتقي إلى ما فوق الحسي، وإن الصورة الفنية للمرأة في المعلقات هي الأساس الذي بني عليه الغزل الأموي الشديد الارتقاء، ولكن الفارق الجوهري بينهما أن الغزل الجاهلي تعامل مع المرأة تعاملًا وصفيًّا ينزع نحو التجسيم الحسي لجسد المرأة، بينما ينزع الغزل الأموي، إذا استثنينا مدرسة عمر بن أبي ربيعة، نحو التمركز حول الحالة الداخلية للشاعر المتفاعل مع وضعه العشقي الشديد التحجيب للجنسية, والحاذف للشبقية حذفًا تامًّا. وخلاصة صورة المرأة في المعلقات بخاصة, والشعر الجاهلي بعامة: إنها تنطوي على عنصرين أساسين: جسد المرأة منظورًا إليه من الخارج، وعلاقة الرجل بالمرأة من حيث هي الشق الآخر للوجود البشري. ولعل السمة الأكثر طغيانًا على التقنية الشعرية المتعاملة مع العنصر الأول هي النظر إلى المرأة من خلال الكائنات الطبيعية وعناصر البيئة، الأمر الذي من شأنه أن ينمّ عن علاقة من نوع ما بين الطبيعة والجنس، وأما ما يتميز به العنصر الثاني فهو تقديم مواقف الفراق واختلال العلاقات العشقية، وهو ما قد يوحي بالحرمان من الإشباع العشقي في مجتمعٍ قد ثبت أعرافًا قمعية صارمة. والشاعر الجاهلي بعامة قد جاء بصورة المرأة متطابقة تمام التطابق مع مثال المرأة في الذهن الجاهلي، وأنه دمج هذه الصورة بأشدِّ حاجاته إلحاحًا، وهي توكيد الذات. وفي ختام حديثنا عن المنهج الاجتماعي لا بُدَّ من إشارة، ولو موجزة، لباحث   1 نفسه 235 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 عرض للشعر الجاهلي من وجهة النظر هذه، وإن كان قد غلب عليه التنظير ولم يفصل في تطبيق منهجه, بل اكتفى بذكر رءوس موضوعات، ذلك هو الباحث حسين مروة في كتابه "النزعات المادية في الفلسفة العربية"1, ونورد هنا أهم ما جاء في الفصل الذي عقده للجاهلية بعنوان: "في الجاهلية". 1- إن الفارق الحضاري بين عرب الشمال وعرب الجنوب يكشف عن حقيقة "أن تاريخ العرب قبل الإسلام تعرّض لحالة من الانقطاع التاريخي في حركة تطوره, ربما كان لها أمثالها في مراحل سابقة أيضًا"2, وإن هذا الانقطاع قد نشأ إما "عند منعطفات التعاقب بين الدول التي عرفها التاريخ في القديم، وإما من أثر الصراع بين هذه الدول من جهة، وبينها وبين الدول الخارجية بأشكال متنوعة من جهة أخرى"3. 2- من أبرز الظواهر التاريخية التي تتجلى في المرحلة الجاهلية الأخيرة4. أ- ظهور علائم الانحلال في النظام البدائي للانتقال من الاقتصاد الطبيعي إلى الاقتصاد البضاعي, حتى التبادل النقدي، ومن أبرز هذه العلائم: تقلص المشاعية البدائية، وظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. ب- بداية تحوّل سلطة رئيس القبيلة عن أساسها القديم، وهو مراعاة التقاليد القبلية فقط، إلى أساس جديد هو مراعاة الوضع الاقتصادي للرئيس إلى جانب الواضع القبلي التقليدي. ج- زوال الوضع الأمومي "الطوطمي" في العلاقات العائلية وسيادة العلاقات الأبوية "البطريركية". 4- يجب النظر إلى الأهمية البالغة لوجود لغة عربية وشعر عربي في المرحلة الأخيرة للجاهلية, هي على مستوى متطور يكاد يتخطى مستوى النظام الاجتماعي القبلي في تلك المرحلة، بالرغم من كونهما يحملان انعكاسات أمنية لمختلف ظاهرات هذا النظام5.   1 صدر عن دار الفارابي، بيروت، 1979م، الجزء الأول, وقد خصص الصفحات من 175-326 للحديث عن الجاهلية. 2, 3 نفسه 180. 4 نفسه 183. 5 نفسه 184. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 5- إن الاتجاه الذي كان يتخذه التطور الاقتصادي كانت له ظاهراته المعبرة عنه، والتي تؤكد أنه أصبح الاتجاه الحتمي تاريخيًّا، وإن هذه الظاهرات كانت تحمل في أحشائها بذور تناقضات بين هذا الاتجاه للتطور الاقتصادي والبنية الاجتماعية للنظام البدائي1. 6- لم يكن الصعاليك سوى فئة من فقراء القبائل المختلفة عبَّرت بانسلاخها عن واقعين اثنين لهما دلالة واحدة: عبَّرت أولًا عن خروجها عن الانتماء الذي يلزمها الالتصاق بحياة القبيلة والانقياد لأوضاعها وأعرافها مهما لقيت من عوز واضطهاد, وعبَّرت ثانيًا عن حاجة مادية لم تستطع احتمالها في ظل القبيلة2. 7- إن دليل أهمية عامل المال عند الجاهليين فوق الاعتبارات القبلية التقليدية في تولية المناصب الرئيسية قول حاتم: يقولون لي: أهلكت مالك فاقتصد ... وما كنت -لولا ما يقولون- سيد3 8- إن العلاقة بين الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي "الفكر" علاقة موضوعية شمولية, وهي لا تختلف في بعض الشعوب أو المجتمعات عنها في البعض الآخر, ونعني بها العلاقة التي تحتم انعكاس الوجود المادي بمختلف أشكاله ومظاهره على وعي الإنسان: كل إنسان في كل زمان ومكان4. 9- إن الانقطاع التاريخي النسبي بين المراحل القديمة للتاريخ العربي الجاهلي ومرحلته الأخيرة هو الذي أحدث تلك الفجوة بين الأشكال الثقافية والبنية الاجتماعية في المرحلة المذكورة، حتى بدت الأشكال الثقافية كأنها مستقلة عن شرط وجودها "البنية الاجتماعية" استقلالًا يكاد يكون تامًّا من حيث التفاوت الهائل بين مستوى تطور كلٍّ منهما بالقياس إلى مستوى تطور الأخرى5. 10- تتميز المعرفة ببطء حركيتها، أي: بزمنيتها الخاصة التي لا تقاس بالزمن   1 النزعات المادية في الفلسفة العربية 203. 2 نفسه 209. 3 ديوانه. 4 النزعات المادية 241. 5 نفسه 242. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 الخارجي، زمن الواقع الاجتماعي نفسه, ومن هنا لا تتشكل المعرفة بأشكالٍ ثقافية معينة تنتمي إلى بنية اجتماعية معينة إلّا بعد وقت قد يتأخَّر كثيرًا عن وقت تشكل البنية الاجتماعية هذه التي تنتجها1. 11- حدد الباحث المعالم الثقافية الجاهلية بـ: المعلم اللغوي, والمعلم الشعري، ومعلم الأمثال، ومعلم المواسم الأدبية، ومعلم الخطابة، والكهانة، والمعلم الميثولوجي2. أما اللغة: فلا بُدَّ من النظر إليها على أساس ارتباطها العضوي هذا بتاريخ المجتمع الذي تنتمي إليه، وعلى أساس أن هذا الارتباط ذاته يضعها في علاقة حتمية مع ثقافية المجتمع نفسه؛ من حيث أن ثقافته هي نتاج تاريخه أولًا، ومن حيث أن لغته هي الأداة التعبيرية لهذا النتاج الثقافي ثانيًا. وأما الشعر: فالذي يعنينا من دلالاته هو ما تتضمنه تلك الدلالات من أبعاد يحدها اثنان: البعد الاجتماعي والبعد المعرفي, والظاهرة الشعرية الملازمة لتلك السمة التاريخية هي سيطرة العلاقة الاجتماعية -القبلية- على الآلية الداخلية للشعر الجاهلي سيطرة مطلقة، بحيث لا تبدو علاقته مع ذات الشاعر إلّا كمظهر تكويني لتلك العلاقة المسيطرة، لهذا سقطت الحدود داخل هذا الشعر بين ما هو صوت الشاعر في القبيلة, وما هو صوت القبيلة في الشاعر, وبمعنًى آخر: كان الشعر شعر القبيلة العربية قبل الإسلام. أما الصعاليك فقد تميز شعرهم بمفارقة من أبرز الدلالات التاريخية التي يحملها الشعر الجاهلي, فشعرهم مسكون في وقت واحد بكل مقومات شعر القبيلة العربية قبل الإسلام من جهة، وبكل مقومات الرفض لهذا العنوان من جهة أخرى، لكن هذه المفارقة لا تبلغ حد التعارض أو التناقض بين الوجهين, فهم لم يقولوا شعرهم خارج العلاقات اللغوية -الفنية لشعر القبيلة العربية في جاهليتها، ولا خارج العلاقات الاقتصادية -الاجتماعية لذلك العصر، ولكنهم قالوه في حالة لهم, هي شكل من التعبير السلوكي عن بداية التفكك التاريخي لمجمل تلك العلاقات، فكان شعرهم شكلًا من الوعي الأولي العفوي لتلك الظاهرة التاريخية، أي: ظاهرة الاهتزاز والتخلخل التي كانت قد بدأت تهز الأساس المادي للعلاقات القبلية في مجتمع شبه الجزيرة العربية آنذاك.   1 النزعات المادية في الفلسفة العربية 242. 2 نفسه 245-291. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 غير أن الطبيعة الحدسية للوعي في تلك المرحلة تختلف جدًّا عن طبيعة الحدسية في سياق المراحل المتقدمة لتطور المجتمعات البشرية, فميثولوجيا الجاهلية العربية هذه كانت التعبير التاريخي عن تطلعات هذا النموذج المعين من المجتمع القلبي إلى ما وراء المحسوس تفسيرًا لبعض الظواهر الكونية التي كان يتعذر عليهم تفسيرها بشكل آخر عقلاني في تلك المرحلة من تاريخهم. والسمة البارزة لهذه المثيولوجيا هي الطبيعة الحسّية التي يخعلونها على المعاني, أي: على غير الحسية, ولهذه السمة أساسها الواقعي المرتبط بالمستوى التاريخي لتطور الوعي؛ فوعي الجماعة القبلية الوثنية لم يكن في مستوى من التطور يرتفع به إلى درجة الاستيعاب التجريدي للمسائل الكونية، أي: لتصور المعاني والأفكار تصورًا مجردًا من علاقاتها المادية بالواقع المحسوس. وأما الظاهرة التي بدأت تبرز خلال الفترة المقاربة لظهور الإسلام واعدة بأنها ستتخطَّى تلك الظاهرة الوثنية المتجذرة، فهي ما كان يتمثّل حينذاك في ملامح جديدة للوعي العربي الجاهلي, كانت تنمو بوتيرة تثير انتباهنا الآن إلى درجة الاندهاش: ملامح تطور يعتمل في داخل البنية السائدة لهذا الوعي. وقد كان الاتجاه نحو انفجار هذه الاطر المتعددة يعني من حيث دلالته الواقعية - التاريخية, حركة ديالكتيكية تتضمّن الهدم والبناء في عملية واحدة، بمعنى: أن يتحول التعدد إلى التوحد، أي: إنه سيولد مجتمع يحتويه إطاره التوحيدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 المنهج النفسي : ينظر المشتغلون بالتحليل النفسي إليه بوصفه علمًا بالإنسان بما هو كذلك، أي: بوصفه علمصا يستمد أصوله من دراسة الإنسان في أخص أحواله, وفي مقدمة هذه الأحوال المرض، حيث تدفع الإنسان معاناته وآلامه إلى البوح بما يضمر، فإذا بالحقيقة تتكشّف شيئًا فشيئًا، وإذا بالظاهر السافر يكشف عن باطن خفي، وإذا بالساذج البسيط يفتق عن عمق أكثر اكتنازًا وتعقيدًا, وإذا وراء "الشعور" المعلن "اللاشعور" المضمر، وإذا بمظاهر الإعلان والتعبير عن هذا الشعور تنطوي على إعلان آخر، وعلى تعبير مغير, بل مناقض عن لا شعور، وإذا بالشعور الظاهر نفسه لا يعدو أن يكون إنكارًا لهذا اللاشعور ونفيًا1. والتحليل النفسي هو العلم الذي استطاع أن يكشف عن الوجه الآخر الخفي للإنسان في وحدته الجدلية بهذا الوجه الظاهر, ولم يكشف التحليل النفسي عن مضمون هذا الوجه ومحتوى هذا الباطن الخفي، بل كشف كذلك عن شكل هذا الوجه أو اللغة التي يعلن بها الوجه عن نفسه من خلف أقنعة الإنكار والنفي والتزييف، فهو قد كشف لنا عن لغة "اللاشعور", وقد أقام فرويد في كتابه "تفسير الأحلام" الدليل على أن "الحلم لغة الحالم". وإذا كان أرسطو قد عرف الإنسان بلغته بما هو عارف, فإن فرويد قد عرف الإنسان بلغته بما هو راغب، أي: إن كشف فرويد كشف لغوي بمعنى ما، وهو كشف لنحو هذه اللغة وبلاغتها ومفرداتها. ولغة الرغبة هذه هي لغة اللاشعور، لغة العمليات الأولية، حيث الرموز والعمليات الدفاعية، وحيث التعبير أكثر ما يكون   1 فرج أحمد فرج، التحليل النفسي للأدب، فصول مجلد 1, عدد2 "1981", ص26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 إمعانًا في العيانية وفي بعده عن التجريد. إنها لغة مصورة بدائية في مقابل لغة الشعور والوعي والمنطق والمعرفة والواقع في ارتقاء تجريدها ومنطقها1. وسرعان ما تعددت الصورة التي استمدت أصولها الأولى من الإنسان مريضًا لتشمل وجود الإنسان كله مريضًا وسويًّا، طفلًا وراشدًا، يقظًا وحالمًا. وهكذا تطور التحليل النفسي من نظرية وطريقة حرفية في علاج نوع محدد من المرض النفسي، وهو العصاب، وإلى نظرية عامة في أحوال النفس وخفاياها، وفي طبيعة الوجود الإنساني بأسره، وأيضًا إلى منهج وحرفيات وأدواتٍ يستخدمها المتخصصون في اختراق جدار الغموض المحيط بهذه النفس وقراءتها لغة وأسلوبًا في التعبير. ويرى أحد الباحثين, وهو فرج أحمد فرج2، أن الإبداع الفني ينطوي على شكل من أشكال الحماية من المرض النفسي, أنه البديل له. وقديمًا فطن أرسطو إلى الوظيفة "التطهيرية" للإبداع الفني، فعندما نبدع عملًا فنيًّا أو نشارك في مشاهدته والانفعال به، فإننا بذلك نتيح الفرصة لانطلاق ما هو حبيس معتقل في داخلنا من مشاعر خوف أو كره أو ندم أو عدوان. فالعمل الفني "تواصل وإعادة ارتباط بالعالم وبالآخرين", وهو ضرب من ضروب "العلاقة بالموضوع", وهو يندرج ضمن "إعادة بناء العالم" التي نجدها دائمًا في حالات المرض العقلي المستفحل عندما يشرع المريض في جمع شتاته, ويجاهد في مغالبة مرضه، والخروج من وحدته المطبقة. وبالرغم مما ينطوي عليه هذا البناء من الهم والزيف، وإن هذا الخلق لواقع بديل مجافٍ تمامًا للواقع الفعلي, فإنها تكشف في النهاية عن بداية السعي إلى العودة إلى الواقع عن طريق واقع بديل، لكن ذلك يكون الخطوة الأولى نحو الواقع الفعلي. فالحلم إذن، والفن من حيث هو شكل راق ومعقول من الحلم، هما ضربان من ضروب التواصل مع الواقع، والإعداد لمواجهته, ولعل من أخطر كشوف التحليل النفسي تلك الدراسات الحديثة التي كشفت عن "صلة الإبداع فنيًّا كان أو علميًّا بالقدرة على مواجهة مشاعر الاكتئاب", فالعمل الإبداعي في أعمق مستوياته   1 نفسه 27. 2 فرج أحمد فرج: التحليل النفسي للأدب. فصول مجلد1, عدد2 "1981", ص35. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 يستهدف قهر الاكتئاب، ودفع شبح الموت بالعمل الإبداعي، علمًا وفنًّا، يبقى بعد رحيل صاحبه حاملًا للأجيال المتعاقبة اسمه1. ويرى إيليا حاوي2 أن النقد يسير سيرًا عكسيًّا مناقضًا، حيث يتحرَّى عن الكينونة, ويعبِّر في مراحل التكوين, ويستقطب طبائع الأسلوب الخفية التي تؤثر في التجربة, وفي تجسيدها يفسر الظواهر الصامتة بأبعادها النفسية والوجودية، فتتبدَّى له التجربة الفنية وكأنها أداة كلية تتعرض للكون والطبيعة والإنسان عبر فلذاتها المجزوءة، كما يرى أن الطبيعة المبدعة هي التي تتفتق عبرها رموز الكون والنفس، وهي التي تكتنز في رحمها وأحشائها الحقائق الكبرى. والنقد الصحيح -كما يراه حاوي3- للأثر الأدبي يشتمل على كثير من التعقيد، ويستحيل في أحيان كثيرة إذا لم يكن لدى النقاد قدرة على الولوج إلى الأصقاع النفسية والفنية التي خلص إليها الشاعر في كده للتعبير عن المشاعر المظلمة التي تدلهمّ في أعماق وجدانه. وقد أجمع النقاد المعاصرون على أن الشعر ليس تعبيرًا عن الحقيقة الذهنية, بل هو ذلك السراب النفسي الذي يوهم بها، والذي لا يبرح يغرر بالإنسان ويسوقه إلى تنازع البقاء والتوغل في عبث الفكر والوجود. والشعر، من وجهة نظره غالبًا هو تعبير عن الذات المظلمة في الشاعر، تلك الذات التي تختلج في وجدانه، وراء ما يعيه ويفهمه، وما يتداول به من شعور ظاهر4. فالنقد، كما يراه5، ليس تقريرًا, وإنما هو تحليل لما يقع في "لا وعي" الشاعرن, فالنقد الصائب هو محاولة لمعانقة التجربة الشعرية في ضمير صاحبها, والحلول فيها واكتشاف أبعادها. وفي محاول تطبيق منهجه هذا على الأدب العربي, كان له كتَّابه ذو الأجزاء.   1 فرج أحمد فرج: فصول مجلد1, عدد2 "1981", ص35. 2 إيليا حاوي: في النقد والأدب5. 3 نفسه 13. 4 نفسه 15. 5 نفسه 25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 الخمسة1، كان نصيب العصر الجاهلي منها الجزء الأول، وقد بدأ ذلك الجزء بمقدمات جمالية عامة تناول فيها: وظيفة الانفعال الفني، وتمثَّلت هذه الوظيفة في: الخلق والإبداع، وبعث العالم المادي والحلول فيه، وتحرير الشاعر من الحتمية الخارجية، وإحداث ائتلاف واختلاف في حدود النفس، وتوليد الغلو وتحقيق المثال، والغلو الانفعالي, والغلو الافتعالي، والانتخاب من الواقع, والنفاذ إلى الجوهر من المظهر، والانفعال مبدع للجمال. وتناول كذلك بواعث التجربة الشعرية: البواعث النفسية العامة، والسيرة وتأثيرها في بعث التجربة الشعرية, والطبع والأخلاق، وترابط السيرة, والطبع وتفاعلها، وتأثير البيئة في بعث التجربة الشعرية، وتأثير البواعث الاجتماعية. وتناول كذلك الموضوع والثقافة وقيمتها في الأدب، والأبعاد الفنية للتجربة الشعرية، ووسائل التعبير في التجربة الشعرية، والصعوبة الداخلية ووظيفة الخيال، والعقل وحدوده في التجربة الشعرية، والعوامل المؤثرة في الأسلوب الفني2، وهو في كل ما عرض يعرضه في سياق النصوص الشعرية والشواهد لما يذهب إليه، وشواهده من الشعر العربي عبر عصوره المختلفة. ويمكننا التعر إلى أهمِّ آرائه في دراسة النص وتحليله ببيان أهم مرتكزاته النظرية وهي: 1- لئن كانت التجربة تصدر غالبًا عن باعث ذاتي, فإن وراء ذلك الباعث جذورًا خفية ترتبط بموقف الإنسان من الوجود ومن المعاني التي أنيطت بمظاهره، وتقررت فيها، دون أن تهدئ من روعه، وتوفي به إلى يقين نهائي يركن إليه, وذلك وليد ردة النفس على العقل, وسخطها على حدوده, ومنطقه القاصر الذي يغرر به الوضوح, وثورتها على حتمية العالم الخارجي وأقداره ونواميسه ولغزه الثابت الرتيب3. 2- إن التجربة الشعرية العميقة تصدر عن ذلك التوحيد الحي الذاهل بين ما تعانيه النفس في الداخل وما تبصره في الخارج, إنه نوع من فيض النفس على الوجود   1 صدر عن دار الكتاب اللبناني، بيروت ط1: 1962، وما نتعامل معها الطبعة الرابعة 1979. 2 استغرقت هذه المقدمات الجمالية 155 صفحة من الجزء الأول. 3 إيليا حاوي: في النقد والأدب 1/ 29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 وإخضاع له لقدر الحياة والموت والبعث، وذلك الشعور الحاد بمصير الزوال والعبث1. 3- إن الفن هو وليد توق الإنسان الحرية، وشعوره بها شعورًا عميقًا، يفك عقال نفسه، فينبري للأشياء يهدمهما ويبنيها من جديد2. وهذه قضية تحتاج إلى وقفة طويلة لمناقشتها, ولسنا هنا قادرين على الإطالة، ولكننا نرى أن هذه التهمة ألصقت بالشعر الجاهلي، واتهمت الشاعر الجاهلي بالمادية والحسية المفرطة, ويكفي أن نذكر بعض الحقائق لندحض هذه التهمة: أ- لم يحدد لنا هذا الباحث أو غيره ممن اتهموا الشاعر الجاهلي بالتقصير ما الذي قصدوه بالحسية والواقعية، أَلَا نجد في شعرنا الحديث، بالرغم من كل روافده الثقافية والفكرية، هذه الحسية والواقعية؟ ب- ماذا نقول في هذا السيل من الدراسات التي تذهب جميعها إلى الرمز الواضح في الشعر الجاهلي بخاصة والقديم بعامة؟ ج- وهذه المقابلة التي عدت قصورًا, أليست أداة من أدوات الشاعر في كل عصر من العصور، ألا نستطيع أن نذهب إلى أنَّ هذه المقابلة لم تكن لمجرَّد تقريب الأشياء والصور إلى السامع فحسب, بمقدار ما كانت العلاقة فكرية بين الصورتين, والأمثلة من الشعر الجاهلي وافرة, وبخاصة في المشهد الطللي وما تضمنه من شرائح صغيرة، وكذلك في مشاهد الموت. وأخيرًا فإن هذه الصورة التي ظنَّها الباحث حسية كما ظنها غيره, هي في الحقيقية رموز تعكس هموم الشاعر الجاهلي وهموم مجتمعه, وتصديه لمشكلات كانت تؤرقهم؛ كمشكلة المصير والصراع الحضاري والإحساس بالعدمية، تلك المشكلات التي لا تستطع معتقداته أن تحلها وتهدئ من روعه. 4- لقد قصر الشاعر العربي، غالبًا، عن إدراك حقيقة الشعر من هذا القبيل، فلبث يجول في حدود المادة أو حدود المعني منصرفًا إلى الغلو البصري القائم على الجزئية والحسية والواقعية التي يسبغها ويقرها المنطق: فالشعر العربي كان يتجه   1 إيليا حاوي 32. 2 نفسه 35. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 إلى المقابلة، يدني الأشياء ويقربها، بينما ينصرف الشعر الحقيقي إلى ما تستنبطنه وترمز إليه1. وهذه قضية تحتاج إلى وقفة لمناقشتها. ويحدد الباحث مفهوم الثقافة عنده, فهي القاعدة الخلقية والفكرية والمعرفية والعلمية التي يرتكز عليها سلوك الفرد الاجتماعي, ومن ذلك الكتابة التي عرفها الناس وشاعت في زمانهم القديم. وكان الشاعر معجبًا بقدرة الإنسان على ابتداعها؛ لأنه استعادها مرارًا وهو يصور معالم الأطلال، ومن ذلك أيضًا استعادته أخبار السلف وبخاصة بعض جوانب القصص الذي كان يشكّل في خيالهم قضية من قضاياهم المصيرية؛ كقصة أحمر ثمود أو عاد، ومن ذلك أيضًا الزراعة والصناعة والألعاب؛ مثل: صورة لعب الأطفال بالخذروف، ومقلاء الوليد الذي شبّه به صلابة عيره. ومن معارفهم التطيب بالعقاقير والأعشاب, ومن عاداتهم الدية وتقاسم الماء عندما يقل بحصاة تسمى حصاة القسم، وقرى الضيف وضرب الأيسار، وتسنيح الطيور، وإيقاد النار للكرم أو للحرب، ورفع اللواء في المعارك. ومن الطقوس الدينية زيارتهم للأماكن المقدسة وحلاقة رءوسهم عندها, وتقديم الضحايا والقرابين لمعبوديهم فيها. ومن مجالات التعامل بينهم التداين الذي كان يشكل عندهم قاعدة السلوك. ويخلص الباحث إلى أن الصور الثقافية في شعر زهير أعطت، على قلتها، فكرة وافية عن البنية الداخلية التي كانت تؤلف القاعدة لكل سلوك فردي واجتماعي في عصره. 5- قد ينتقل الشاعر ذاته تحت وطأة الانفعال، من يقين نفسي إلى يقين آخر ينقضه ويخالفه، متحولًا من الظلمة إلى النور، ومن أعماق اليأس إلى ذروة الأمل, ومن الاستخذاء والذل إلى الزهو والاعتداد، ذلك أن الشعر هو تعبير عن اللحظة النفسية المبرمة التي تشتد؛ بحيث تخضع قوى النفس جميعًا لمنطقها1. 6- الشعر العربي هو شعر الغلو, يسرف فيه الشاعر ويبدع له الأساليب الداخلية   1 إيليا حاوي: في النقد الأدبي 37. 2 حاوي: في الأدب والنقد 1/ 39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 والخارجية، حتى يدرك به في أحيان كثيرة الأسطورة والمتسحيل1. 7- الفن انتخاب قبل كل شيء، فهو ينظر إلى الواقع وينفعل به، ويصهره صهرًا، ثم يؤديه تأدية جديدة تبقي على كثير من الملامح في الواقع القديم، بعد أن تصقلها وتجلوها وتحررها من الهنات التي تشوه حقيقتها2. 8- الجمال الفني هو تلك الحالة الشبيهة باللحظة الصوفية التي تنفذ بها النفس إلى غيبها وغيب الحياة والعالم, فتكشف للإنسان ما لا يقوى على اكتشافه بنفسه، وما لا يستطيع أن يدركه ويحل فيه بيقينه الخاص، وذلك أن الانفعال النفسي عندما يتعمّق ويقوى يغدو قادرًا على تخطي الحدود المرسومة لفهم الأشياء، فيلتقطها في تخوم الحلم والرؤيا في حالة وجودها الروحي الأول، قبل أن تأخذ أشكال الواقع بحدوده ومراسيمه, وتذعن لمنطقه, وتتشوه بأعراضه وجزئياته3. 9- لكي ينفذ الناقد إلى البواعث الحقيقية للتجربة الشعرية لا بُدَّ له، بالإضافة إلى إلمامه بخبايا النفس البشرية، من معرفة التيارات المهمة التي تنازعت نفسية الشاعر من خلال سيرته4, وهذا يعني أن الارتياد النفسي للقصيدة مرتبط أشد الارتباط بالسيرة, شريطة أن تقتصر منها على التيارات الجوهرية البعيدة الغور, التي أثرت في بعث التنازع والتعقد والالتباس في نفسه. 10- إن معرفة أخلاق الشاعر وطبعه تسهم إسهامًا كبيرًا في كشف حقيقة العوامل التي تتدافع وتتوالد وراء ما يسفر وينجلي من معانٍ واضحة في القصيدة, فالطبع هو الذي يؤدي إلى تنازع الشاعر مع المؤثرات الخارجية5. 11- إن السيرة تمثل الحتمية الخارجية، والنفسية أو الطبيع يمثل الحتمية الداخلية، ومن تفاعلهما تتولد التجارب القلقة التي هي مادة الشعر الأولي، وهذا النزاع بين حتمية النفس وحتمية الحياة والقدر والمصير يفجر ينابيع النفس عند معظم الشعراء6.   1 حاوي: في الأدب والنقد41. 2 نفسه 44. 3 نفسه 45. 4 نفسه 52. 5 نفسه 55. 6 نفسه 62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 12- ليس في الشعر الجاهلي إلّا نبذ قليلة من القصائد التي تعالج المشكلة الاجتماعية العامة, وتعكس الهموم التي يعانيها الفرد من جرّاء اتصاله بالآخرين وقيامهم إلى جنبهم1. 13- وفي معرض حديثه عن "الموضوع والثقافة وقيمتهما في الأدب"2 يقرر جملة من الملاحظات حول الشعر الجاهلي، وهي في مجملها تحتاج إلى وقفة طويلة ومناقشة، فالباحثون اختلفوا في تفسيرها وتعليلها, ومنها قوله: "لئن كان ثمة عقدة من البواعث وراء تلك الظاهرة -ويعني بها عدم النفاد إلى الأباد الروحية والوجودية- فإن أهمها ضعف ثقافة الجاهلي، لأن البدائي يعجز عن الارتقاء إلى الكليات من ضمن الانفعال الآني العارض, لذلك ظل الطلل طلل حجارة ونؤي وأثافي, ولم يقدر الجاهلي أن يفطن إلى أن ظاهرة الطلل ليست سوى رمس, وأن آثاره ليست سوى أشلاء الحياة وهيكلها المندثر الحزين, وظل الشاعر يلتفت إليه بحسرة خارجية بدون أن يحمل فيه, فيغدو طللًا وجوديًّا نفسيًّا، بعد أن كان طللًا وصفيًّا ماديًّا". "وهو كذلك إذا أعجب بجمال المرأة وتعقد بحبها, فأخذ يجيل في الطبيعة مجسدًا انفعالاته في حدود المشاهد البصرية المتشابهة". 14- إن الأسلوب الفني يتأثر، غالبًا، بالنفسية الجماعية المسيطرة على روح العصر الذي يعايشونه, لهذا غلبت النزعة الوصفية المادية على معظم الشعراء الجاهليين، وذلك لأن النفسية البدائية هي نفسية مادية تدرك معاني الأشياء في إطارها الحسي أو في أشكالها الظاهرة، وهو يعجز عن التجريد الذي يتداول المعاني في الذهن، ويعجز أيضًا عن الرؤيا التي تصهر العالم المادي وتذيبه وتوحّد بينه وبين العالم الداخلي, لذلك قلَّمَا نشهد في شعرهم خيالًا خلَّاقًا، يبصر فيما وراء الأشياء، وإنما هناك خيال حسي حسير، يعيد الأشياء إلى ذاتها في حدود الأشكال والألوان والمظاهر3. وهذه قضية خطيرة تحتاج إلى وقفة للمناقشة.   1 حاوي: في الأدب والنقد 96. 2 نفسه 1/ 101 وما بعدها. 3 نفسه 147. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 ويتصل هذا الاتهام بما سبق، ذلك أن الشعر الجاهلي ألصقت بها ظلمًا تهمة الوضعية المادية, مدعين بأن النفسية البدائية هي نفسية مادية تدرك معاني الأشياء في إطارها الحسي أو في أشكالها الظاهرة, وقد قام هذا إلى القول بأن شعرهم خلا من الخيال الخلاق الذي يبصر فيما وراء الأشياء، وهو خيال حسي حسير يعيد الأشياء إلى ذاتها في حدود الأشكال والألوان والمظاهر. وفي ظني أن هذا الاتهام ينطلق من مفهوم البدائية وتطبيقه على المجتمع الجاهلي، وحقيقة الأمر أن هذا المجتمع لم يكن بدائيًّا كما توهم الباحثون الغربيون حين سحبوه على القبائل البدائية، بل كان مجتمعًا له قيمه ومعتقداته، وكان يختزن في رحمه طاقات هائلة كامنة استغلها الإسلام, فانطلق العرب يفتحون مشارق الأرض ومغاربها، فكيف يفعل البدائيون هذا كله خلال فترة وجيزة؟ بل كيف يؤمنون بهذا الدين وينتجون حضارة عظمى خلال قرنين من الزمان؟. أما الخيال الخلاق فلم تتفق المذاهب النقدية المعاصرة على مفهوم واحد وتعريف واحد للخيال، ولا الخيال الخلاق. ولذلك لا نستطيع أن نسبغ الحسية على الخيال عند الشاعر الجاهلي ونجعلها سُبَّة في جبين الشاعر، بل نقول: إنها كانت أحيانًا, ولكنها لم تكن عامة. ويتناول إيليا حاوي في القسم الثاني من كتابه "في الأدب والنقد الجزء الأول" قصائد جاهلية يتناولها بالتحليل والنقد, وهذه النصوص هي: لامرئ القيس: الأطلال والأحبة2 "29 بيتًا من المعلقة"، وصف الليل2 "أربعة أبيات من المعقلة". لعنترة: الفخر والحماسة3 "31 بيتًا من معلقة" تبدأ بالبيت: إن تغدفي دوني القناع فإنني ... طب يأخذ الفارس المستلئم لعمرو بن كلثوم: الفخر الملحمي4 "معلقته كاملة".   1 حاوي: في الأدب والنقد، 1/ 155-182. 2 نفسه 263-269. 3 نفسه 183-203. 4 نفسه 271-292. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 للنابغة: البائية في مدح عمرو بن الحارث الغساني1، المعلقة "نموذج من اعتذاريات النابغة"2. للأعشى: قصيدة خمرية مطلعها3: وشمول تحسب العين إذا ... صفقت وردتها نور الذبح للمهلهل: رثائية مطلعها4: اهاج قذاء عيني الأذكار ... هدوءًا فالدموع لها انهمار للشنفري: لامية العرب5. للمتلمس: هجاء عمرو بن هند6: ألك السرير وبارق ... ومبايض لك والخورنق؟ لعمرو بن معد يكرب: في سبيل لميس7: ليس الجمال بمئرز ... فاعلم وإن رديت بردا للحارث بين حلزة: شكوري8: من حاكم بيني وبين الدهر مال عليّ عمدًا لزهير بن أبي سلمى: الحكمة والخواطر9 "من المعلقة 22بيتًا": سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولًا لا أبا لك يسأم لطرفة بن العبد: آراء في الحياة والموت10 "48 بيتًا من المعلقة" تبدأ بالبيت: ولست بحلال التلاع مخافة ... ولكن متى يسترفد القوم أرفد   1 حاوي: في الأدب والنقد 293-313. 2 نفسه 315-333. 3 نفسه 335-344. 4 نفسه 345-353. 5 نفسه 355-391. 6 نفسه 393-404. 7 نفسه 405-410. 8 نفسه 411-415. 9 نفسه 204-229. 10 نفسه 230-261. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 للبيد بن ربيعة: وصف الأتان والبقرة والوحشيتين1، من المعلقة بدءًا من البيت: وأحب المجامل بالجزيل وصرمه ... باقٍ إذا ظلعت وزاغ قوامها "32 بيتات"؟ في رثاء أربد2 مطلعها: بلينا وما تلبى النجوم الطوالع ... وتبقى الجبال بعدنا والمصانع لدريد بن الصمة: رثائية لأخيه عبد الله3: أمرتهم أمري بمنقطع اللوى ... فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد لعلقمة الفحل: قصيدة مطلعها4: هل تلحقني بأولى القوم إذا شحطوا ... جلذية كأتان الضحل علكوم وقد حاول الباحث تطبيق منهجه الذي حدده في القسم الأول من كتابه، ولكنه مال إلى الإيجاز في النماذج الأخيرة، واكتفى بذكر ملاحظات عامة على النصوص المحللة. أما الدكتور محمد النويهي فله دراسة قيمة تقع مجلدين هي "الشعر الجاهلي: منهج في دراسته وتقويمه"5, وقد قرر منذ البداية أهمية العصر الجاهلي, وأن "دراسة صحيحة للشعر العربي في كل عصر من عصوره يجب أن تبنى على علم دقيق وثيق بطبيعة الشعر العربي في مرحلته الأولى مرحلة العصر الجاهلي"6, كما قرر أن "خير ما كتب عن الشعر الجاهلي وأحفله بالكشف القيم هو ما كتبه الدكتور طه حسين في حديث الأربعاء"7, ويرى أننا في أشد الحاجة إلى أن "نعيد تقدير الشعر الجاهلي وننظر فيه نظرة فاحصة متأنية تزيد طبيعته الفنية استكشافًا، ونستغل المقدَّرات العلمية والفنية التي لم تكن متاحة للرعيل الأول من نقادنا المحدثين8.   1 حاوي: في الأدب النقد 417-420. 2 نفسه 430-433. 3 نفسه 435-441. 4 نفسه 443-452. 5 صدر عن الدار القومية بمصر د. ت. 6 الشعر الجاهلي10. 7 نفسه 11. 8 نفسه 12. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 ومما يضاعف من حرصه إحساسه بخطر مخيف محدق بالشعر الجاهلي، وهذا الخطر يتمثّل في خشيته من أن يأتي زمن لا يفهم هذا الشعر وتنقطع الصلة به، وهذا ما دفعه إلى تأليف كتابه، ومما يضاعف من ذلك قصور نقدنا القديم, هكذا نقع بين قطبين: قصور نقدنا القديم، وبناء نقدنا الحديث على أسس من دراسة الآداب الغربية, وانعكاس ذلك على من درسوا أدبنا القديم1. أما سبب تقصير البلاغيين والنقاد ووقوعهم في الأخطاء لأنهم لم يفهموا ما الأدب, ما كنهه؟ ما دوافعه؟ ما منشأه من النفس الإنسانية؟ ما وظيفته؟ ماذا يحاول؟ لِمَ تحتاج إليه الإنسانية؟ لماذا يهتم الأدباء بإنتاج, بل يساقون إليه سوقًا لا يستطيعون له دفعًا، ويكلفهم الكثير من الجهد ويفرض عليهم الكثير من التضحيات؟ كيف نتلقى إنتاجهم؟ وماذا يجب علينا أن نحاول التقاطه منه؟ وما طبيعة التجربة الفنية؟ وما علاقتها بالتجربة الواقعة؟ فيم تزيد عليها؟ وفيم تتفق التجربتان وفيم تتخلفان2؟. تلك هي الأسئلة التي يوجهها الباحث، ويحاول أن يجيب عليها في دراسته هذه، وفي الوقت نفسه يحذر من تطبيق مقاييس النقد الغربي، ويطلب منَّا ألا نندفع إلى إقحامها على أدبنا العربي، لأنها مهما اتفقت مع أدبنا العربي في أصولها الإنسانية إلّا أنها تختلف عنها في أمور جذرية، وتطبيقها المتعسف على أدبنا ينتج عنه ضرركبير3. ولكن دراسة الآداب الأجنبية تفيدنا بتنبيهنا إلى مواطن الاختلاف بينها وبين أدبنا، فهي تزيدنا فهمًا لتراثنا الأدبي وإدراكًا صحيحًا عميقًا بطبيعته الخاصة، وإبصار واعيًا دقيقًا لوسائله التصويرية المميزة, واستجابة كاملة غنية لقيمه الجمالية المستقلة4. وفي محاولة لتحديد منهجه يقول: "لسنا ندَّعي بهذا أننا أقبلنا على دراسته بذهن خالٍ تمام الخلو، فإننا أقبلنا على هذه الدراسة وقد اكتسبنا مما تيسر لنا من ثقافة علمية وفنية فهمًا عامًّا للفنون الأدبية التي يستخدمها الأديب لأداء مضمونه.   1 الشعر الجاهلي13. 2 نفسه 21. 3 نفسه 22-23. 4 نفسه 24. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 لكننا لم نقبل على الشعر الجاهل بمقاييس محددة مضبوطة صارمة ننتظر تحققها فيه, ونسلتزم وفاءه بها، فنرضى عنه إن حققها، ونسخط عليه إن أخل بها"1. أما مجاله أو المادة التي انتقاها من الشعر الجاهلي فتسع قصائد، ست من المفضليات، واثنتان من ديوان زهير، وواحدة من المعلقات العشر، إضافة إلى مقطوعات وأبيات مفردة قليلة, وهذا يعني أن الأحكام التي يصل إليها ليست قاطعة بسبب قلة النماذج إذا ما قورنت بحجم الشعر الجاهلي. ويرى النويهي أن الشعر العربي لا يدرس بمعزل عن المعرفة التامَّة المحيطة به، سواء ما كان متعلقًا بالأديب أو ما كان متعلقًَا بالبيئة الطبيعة والاجتماعية التي تحيط بالأدب وإنتاجه، والدراسة الفنية لهذا الشعر تكون "محض تخريف وهجس إذا لم تربطه ربطًا وثيقًا بهذه الأحوال والأوضاع والعناصر والظروف"2. ويخصص النويهي الفصل الأول لـ "عناصر الموسيقى الشعرية"3, وخلاصة ما يراه: إن الإيقاع العام للبحر يجب ألّا يغفلنا عن الاستماع الدقيق إلى الإيقاع الخاص للكلمات مضافًا إليه اختلاف النغم، وإذا بدأنا نلتفت إلى تنويع الشاعر في أبياته وشطوره لهذا الإيقاع الداخلي للكلمات، وأدركنا كيف ينسجم هذا التنويع مع تقلب فكرته وعاطفته4, ويحاول كذلك أن ينفي ما أنكره بعض النقّاد وهو ملاءمة البحور المختلفة للعواطف المختلفة، وحجتهم في ذلك ان البحر الواحد يستعمل لمختلف العواطف. ويرد عليهم بأنها تختلف في درجة العاطفة, وإن لم تختلف في نوع العواطف التي تصلح لها البحور. وبعبارة موجزة: فإنه يربط بين البحر ودرجة العاطفة5, وأما القافية فيرى أن الأمر فيه ما زال بحاجة شديدة إلى مزيد من الاستقراء6. يتناول في الفصل الثاني "الحرف المتردد والحكاية الصوتية" على أنهما من   1 النويهي: الشعر الجاهلي 25. 2 نفسه 30. 3 نفسه 39-64. 4 نفسه 56-57. 5 نفسه 62. 6 نفسه 63. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 "الوسائل البلاغية"1. ويرى أن القيمة الموسيقية للكلمة لا تقتصر عليها مفردة, بل تمتد إلى موضعها من الجملة الشعرية وما بين الكلمات المتعاقبة من تنسيق وتجاوب في النغم، أو تنافر مقصود فيه. وإن القدماء التفتوا إلى أنواعٍ من التجاوب؛ كالجناس والتشريع والتفويف والتسميط، ولكن هناك وسائل لم ينتبهوا إليها, ومنها ترديد الحرف الواحد في كلمتين أو كلمات متتابعة أو متقاربة2, ويرى كذلك أن البلاغيين والنقاد القدامى لم يستفيدوا مما نبه إليه علماء اللغة من ملاءمة بعض المصادر بأوزانها للمعنى المراد, مثل: "فعلان" الذي يعبِّر عن اضطراب وحركة؛ لأنهم لو التفتوا إلى ذلك لأدركوا أن الشعراء في تصويرهم معانيهم وأداء أفعالهم وحركاتهم لا يكتفون باللفظ الواحد الذي سبقت اللغة إلى وضعه، بل يوقعون وينغمون كلمات متعددة في جملٍ أو أبيات كاملةٍ ومتعاقبة, حتى تطابق بإيقاعها وتنغيمها فكرهم وانفعالهم3. ويخصص الفصل الثالث للحديث عن "الخيال البصري"4, فيرى أن أهم الخصائص التي تميز الشعر الجاهلي أنه انطباع بصري يلعب الخيال البصري دورًا عظيم الأهمية في بنائه وتكوينه، ولكي تصل إلينا أفكار الجاهلي علينا تشغيل مخيلتنا البصرية عند قراءتنا لهذا الشعر؛ لأن الفهم العقلي "لا يكفي لتفهم ذلك الشعر والخلوص إلى دقائقه البديعة خلوصًا يحقق الاستجابة الفنية الغنية"5. وفي الفصل الرابع يتحدّث عن "الحركة والحيوية"6, وهو يرى أن في الشعر الجاهلي حقيقة كبيرة الشأن, وهي حكايته البارعة للحركة الموصوفة، حتى لينقل الشاعر إليك هذه الحركة نقلًا حيًّا بوسيلة الشعر الصادقة، وسيلة الإيقاع والنغم7, ويمثل لذلك بأبيات من قافية زهير أولها: كأن عيني في غزلي مقتلة ... من النواضح تسقي جنة سحقا   1 النويهي 65-106. 2 نفسه 65. 3 نفسه 70. 4 نفسه 107-120. 5 نفسه 112. 6 نفسه 121-148. 7 نفسه 121. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 وفيها يصف سانية، ويشبهها النويهي بالفيلم السينمائي المتحرك، ولكن الفرق أننا في الأبيات نجد أن أداة الشاعر الكلمات، وعلى القارئ نفسه أن يحولها إلى الصور المقصودة1. ويعقد الفصل الخامس للحديث عن "الحب: النسيب والغزل"2 وابتداء من هذا الفصل يشرع في ربط العنان بنصٍّ شعري يجعله تطبيقًا عليه, والنص هنا "عينية الحادرة" التي مطلعها: بكرت سمية بكرة فتمتع ... وغدت غدو مفارق لم يربع ويبدأ حديثه بمناقشة قضية قديمة هي افتتاح القصائد بالنسيب وتكرار تجربة الفراق إلى درجة تثير الملل في نفس القارئ بخاصة المحدثين، وتحملهم على التشكك في صدق الشعراء وأصالتهم. ويعرض لمختلف آراء الباحثين بدءًا من ابن قتيبة وانتهاءً بالباحثين المحدثين, أما رأيه هو فمتأرجح بين أن يكون ذلك الافتتاح أصالة أحيانًا وتقليدًا أحيانًا أخرى, ولكنه يعود ليؤكد وهو يقدم لعينية الحادرة أنه يقدم مثالًا على النسيب الافتتاحي الذي يقنعنا بصدقه التام، ويحمل إلينا حرارته عبر القرون، ولا يدع مجالًا لتشككنا في أن الشاعر يتحدث عن تجربة واقعة حدثت له3. وحينما ينتهي من شريحة النسيب وينتقل إلى الفخر القبلي "الفصل السادس", فإنه يطالبنا بالتركيز على الفهم التاريخي والدراسة الاجتماعية, أي: المنهج التاريخي الاجتماعي في دراسة الأدب، ذلك المنهج الذي يعطي أكبر اهتمامه إلى أنه مرآة تعكس لنا أحوال مكانه وزمانه, وسِجِلُّ حيُّ نستقرئ فيه دقائق الظروف المعايشة التي أنتج فيها، والتي خضعت لشتى عوامل البيئة المادية والثقافية4, وخلاصة رأيه: إن واقع الحال بينهم في ذلك العصر القريب من الإسلام كان نزاعًا بين تقليد جاهلي قديم يقوم على شريعة الغاب التامة القسوة والدموية, وبين حس أخلاقي جديد ظهر أولًا في عدد من أفرادهم الممتازين المفكرين, ثم بدأ يسود القبائل الكبيرة ذوات الأنساب والأحساب5.   1 النويهي 147 2 نفسه 149-296, وقد استغرقت الفصول 5،6، 7. 3 النويهي 164. 4 نفسه 210. 5 نفسه 226. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 ومن الآراء الطريفة التي يوردها حول الكرم، من خلال دراسته لهذه الشريحة من القصيدة، إن الشعر الجاهلي لا يرسم للعرب الجاهليين صورة الكرم التامّ إلّا إذا أخطأنا الاستنباط, وغفلنا عن دلالة الكلام. وإلّا إذا كانت معرفتنا بالشعر الجاهلي معرفة محدودة، وهذا الخطأ لا يقوم حجة على الشعر الجاهلي نفسه، وإن كل افتخار بالكرم يثبت البخل في آخرين1, ويستنبط حقيقة أخرى من الشعر أن الكرم كواجب مفروض كان يلزم أشرافهم وحدهم، أما للآخرين فهو مثل عالٍ يجلونه ويسعون جهدهم إليه, لكنهم لا يلامون إذا قصروا في بلوغه. ويرى أن السبب الأساسي في إيجاد ذلك الكرم الجاهلي وإحلاله منزلة عالية في قائمة فضائلهم الاجتماعية كان سببًا اقتصاديًّا2, وله رأي طريف في الأخبار والأشعار المنسوبة إلى حاتم خلاصته أنها، في معظمها مصنوعة، لتدعيم الأسطورة3. ويطالب النويهي4 بأن علينا إعادة النظر في جميع الأحكام الرائجة في تاريخنا الأدبي، وأن نخضعها لمنهج في البحث أكبر دقة، وبذلك نحقق هدفين: أولهما: التحقيق الموضوعي النزيه المجرد من الهوى والتعصب والحلم الرومانسي بالماضي. وثانيهما: إنصاف الجاهليين في حدودهم الزمانية والمكانية التي حددت أوضاعهم المعايشة فحددت إمكاناتهم الفكرية والأخلاقية. وفي الفصل السابع5 يتحدث النويهي عن الشريحة الثالثة في عينية الحادرة "نشوة الحياة: اللذة العنيفة والألم العنيف", ويرى الباحث أن في الأبيات هذه "تشخيصًا" حقيقيًّا كالذي نراه في الشعر الغربي "محمرة عقب الصبوح عيونهم: بمرأى هناك من الحياة ومسمع", فالحياة هنا مشخَّصة، كما يلفت نظرنا إلى التضاد في الأبيات، وإن ما ذكره الشاعر من إقباله على ملذات الحياة نعمها لا يعني أنه فاقد المرحمة ميت الضمير لا يهمه سوى متعته الخاصة، بل إنه ليدرك مبلغ شقاء الآخر من ذلك المجتمع, ويفعل ما في وسعه لتخفيف كربه ومداواة جراحه, وهو   1 النويهي 233. 2 نفسه 234-235. 3 نفسه 239. 4 النويهي253-254. 5 نفسه 255-296. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 بهذا يمهد الرد على أستاذه طه حسين الذي ادعى أن الشعر الجاهلي لا يصور إلّا حياة الأغنياء، ونسي وأغفل شعر الصعاليك, وكذلك لبيد وطرفة وغيرهم. ويتساءل على من يتكرّم أولئك الأغنياء إن لم يوجد فقراء يحتاجون إلى ذلك السخاء الذي يفخر بها أغنياء الشعراء؟ وعندما يعد للحديث عن إحساس الحادرة بجوع الجائعين, يرى أنه قد بدأ يتحرك فيه الضمير الشخصي المستقل عن كيانه الجماعي كعضو في قبيلة. أما ميمية علقمة التي مطلعها: هل ما علمت وما استودعت مكتوم ... أم حلبها إذ نأتك اليوم مصروم فقد استغرق تحليلها فصولًا ثلاثة: الثامن1: من النسيب التقليدي إلى الناقة الحبيبة، والتاسع2: الحيوان الوحشي والطبيعة، والعاشر3: فلسفة الموت والحياة. وأول ما يستلفته نسيب علقمة الذي يسبق الحادرة بجيلين, فيرى في نسيب علقمة أنه ليس مقصورًا على المحبوبة, بل هو في حقيقته حزن على رحيل قبيلة بأجمعها، وهذا يعني أن نسيب الحادرة متطور ويمثل مرحلة متأخرة من التطور الفني4, وقاده هذا إلى القول بأن النسيب القديم قد تحوّل إلى فنٍّ جديد هو الغزل الذي هو أقل ارتباطًا بالقبيلة, وأقل اهتمامًا بتصوير رحيلها الجماعي, وأكبر تركيزًا على المحبوبة الواحدة, وأقل اهتمامًا بتفصيل ما يعانيه الشاعر من مشاعر شخصية تجاه هذه المحبوبة5. وفي شريحة الحيوان الوحشي يسجل النويهي خصائص ثلاثًا6: 1- إن لدى الجاهلي معرفة بأحوال الحيوان الوحشي في الصحراء, ودقائق حياته ناجمعة عن خبرة طويلة ومراقبة متكررة ودراسة مشغوفة صابرة لهذا الحيوان في مختلف مراحل حياته وأحداث معيشته.   1 النويهي297-343. 2 نفسه 398-432. 3 نفسه 304. 4 نفسه 307. 5 نفسه 379-380. 6نفسه 379-380. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 2- إن مقدرة هذا الشاعر لا تقتصر على التسجيل الدقيق لحقائق الطبيعة, بل تمتد إلى أن تمكنه من التعاطف مع العواطف المنقولة, بحيث يضطرب لها كيانه اضطرابًا تنتقل إليه عدواه القوية. 3- هي تلك التي تجعل منه شاعرًا ممارسًا، وتلك هي مقدرته الفائقة على أن يصور لنا بألفاظه دقائق الصور المنقولة، وأن يحمل إلينا بهذه الألفاظ ظلال عواطفه المرهفة. أما الطبيعة عند الشعراء الجاهليين فهي بالنسبة إليهم "شيء حي نابض بالحياة, استجابوا لما فيها من حيوية واهتزوا لمؤثراتها اهتزازًا شديدًا, وتتبعوا لما يحدث لها من تقلبات على مرِّ فصول السنة المختلفة"1. أما حينما ينتقل الشاعر فإنما ينتقل فجأة ومباغتة إلى أبيات حزينة متشائمة، يترك فيها عالم الحيوان السعيد إلى عالم الإنسان الشقي, وهذا هو قسم الحكمة من القصائد الجاهلية، ويرى فيها الباحث أو في أغلبها حكمة مليئة بالأسى والحسرة وخيبة الأمل2. وفي هذا الانتقال من البهجة إلى التشاؤم وتغير الحالة النفسية, فإنه في نظر النويهي ناتج من إحساسه بأن وجوده محصور في العالم المحدود، لا عالم آخر فوقه أو وراءه أو بعده، ولكن هذا اليأس التام من وجود غير الموجود يقبل بِنَهَمٍ على هذه الحياة الفانية التي لا يؤمن بغيرها, والاندفاع بكل طاقته في استغلالها واعتصار كل قطرة منها قبل أن تولي3. وهكذا فإن الشعراء الجاهليين قد انتقموا من الموت بكل الوسائل: باللذة، بالحب، بالخمر، والنساء والشواء والغناء والندامى والعطر والزهور، بركوب الإبل النجيبة والخيل الكريمة، بالصبر على السفر المجهد، بالصيد, بالقتال، بإنفاق المال بجنون، ولكنهم وجدوا سلاحهم الأقوى ضد الزمن وقسوة الحياة وتقلُّب الدهر وحتم الموت في الشعر4.   1 النويهي 391. 2 نفسه 399. 3 نفسه 419. 4 نفسه 432. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 ودرس "الوحدة الحيوية"1 في القصيدة الجاهلية من خلال "همزية زهير" التي مطلعها: عفا من آل فاطمة الجواء ... فيمن فالقوادم فالحساء وهو يرى أن الحكم الشائع في نقدنا الحديث على القصيدة الجاهلية بخلوها من الوحدة الفنية أو العضوية يحتاج إلى قدر من التعديل؛ لأنه يعتسّف في تطبيق المفهوم الغربي للوحدة على شعرنا القديم, والوحدة معناها أن يكون بين موضوعات القصيدة انسجام في العاطفة المسيطرة، وفي الاتجاه المركزي نحو حقائق الكون وتجارب الحياة2. وبعد أن يستعرض ألوانًا من الوحدة أطلقها باحثون؛ كالوحدة الفنية والوحدة العضوية والوحدة المعنوية, ويراها ليست متوفرة في القصيدة الجاهلية, يذهب إلى أن الموقف الوحيد السليم هو أن نحاول أولًا أن ننظر إليه بنظرة أهله، وأن نتذوقه بتذوقهم، وأن نستخرج منه المقاييس التي يحق لنا أن نطبقها عليه, وبمعنى آخر أن الشعر الجاهلي مستقل في وحدته عن المفاهيم الأخرى, ويقترح تسمية جديدة للشعر الجاهلي هي "الوحدة الحيوية", وفهمنا لحالة الشاعر الانفعالية هو المفتاح الذي سيدخلنا في مختلف أقسام قصيدته، وتعمقنا لها هو الذي سيحل لنا متناقضاتها العديدة، فيؤلف بينها في وحدة حيوية قوية، إذ يجلي لنا عاطفته المسيطرة المتحدية لكل ما تلقاه من هموم، المتصارعة مع ما يفرضه التقليد الشعري من الحزن في قسم النسيب، والغضب في قسم الهجاء3. ويرى في همزية زهير "تفككًا", ومرد التفكك يكمن في تعمق حالة الانفعالية؛ إذ إن التقليد الشعري يقتضيه أن يبدأ بفن النسيب الآسي الحزين، لكنه في صميمه أبعد الناس في هذا الآوان عن الأسى والحزن، فهو يتفجر مرحًا ونشاطًا واستبشارًا وتفاؤل شباب, فكيف يوفق بين النقيضين دون أن يقع في الكذب الفني4؟. والنشوة صفتهم العليا، والنشوة ميزة هذه القصيدة الأولى5, ويعني نشوة   1 النويهي 435-528. 2 نفسه 435-436. 3 نفسه 415-452. 4 نفسه 458. 5 نفسه 497. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 الحياة. ويرى النويهي أن معيشة زهير طول حياته بين قوم ليسوا قومه ذوي العصب كانت من أهم الأسباب التي مكَّنته من أن يعلو على العصبيات القبيلية المتناحرة، وأن يرى فظاعة الحرب وجنايتها على الفريقين المتصارعين، حتى وصل إلى فلسفته السامية السلمية التي جلتها معلقته1. وفي الفصل الثاني عشر2 يدرس "ميمية الجميح الأسدي" التي مطلعها: يا جار نضلة قد أنى لك أن ... تسعى بجارك في بني هدم وإن أول شيء يقرره النويهي أن القدماء عجزوا عن فهم ابتداء القصيدة بثلاثة أبيات تقطر سخرية مرة، وسرعة الحركات في البحر الكامل والبتر المفاجئ العنيف الذي يدخلها، وهذا كله ليوحي بغيظ شديد يجيش في صدر الشاعر، ليصل إلى توعد مخيف بالانتقام الماحق، إلى صرخة مجروحة على صديقه الذي قتل غدرًا3. وفي الفصل نفسه "حماسة وغضب" يدرس قصيدة أخرى لشاعر جاهلي هو "يزيد بن الحذاق الشني4" مطلعها: أعددت سبحة بعدما قرحت ... ولبست شكة حازم جلد وفي الفصل الثالث عشر "هدوء المشيب" يدرس "لامية زهير" مطلعها: ويذكر النويهي إحدى خصائص زهير الفنية, وهي التنسيق الماهر العذب لأسماء الأماكن5, وإن قصيدته تنقسم إلى الأقسام التالية: النسيب، والصيد، ومدح حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري. وفي الفصل الرابع عشر "دقائق التنغيم الصوتي، الحزن: الرثاء" درس عينية أبي ذؤيب الهذلي التي مطلعها: أمن المنون وريبها تتوجع؟ ... والدهر ليس بمعتب من يجزع والقصيدة بمضمونها الفكري والعاطفي وأدائها الفني تنتمي إلى العصر الجاهلي, بالرغم من أنها نظمت بعد الهجرة بعقدين, والسبب هو استمرار جزء من   1 النويهي 532-533. 2 نفسه 554 وما بعدها. 3 نفسه 568-648. 4 نفسه 582. 5 نفسه 649-710. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 العقلية الجاهلية والتقاليد والعادات والأحوال الجاهلية، وكذا افتتان العرب بالفن الشعري الجاهلي، ويرى أن أهم الأسباب التي صرفتنا عن استكشاف الدقائق الصوتية في شعرنا القديم، ومدى اتحادها العضوي مع مضموناتها، هو تلك الطريقة الخطابية الفجة التي كنا نقرأ بها الشعر ونلقيه في المحافل وعلى أسماع المتعلمين1. ولصلاح بعد الصبور محاولة لـ "قراءة جديدة لشعرنا القديم"2, وفيها يعرف الشعر بأنه "فن اكتشاف الجانب الجمالي والوجداني من الحياة، والتعبير عنه بالكلمات المموسقة"3, وأنه "تقدير النفس الإنسانية والحياة"4, أما الشاعر العظيم فهو "مكتشف عظيم في عالم الجمال والوجدان؛ لأنه يرى الأشياء والأحاسيس رؤية طازجة، وليست نظرته وليدة المنطق أو العلم, ولكنها وليدة الحدس, وأما أدواته فهي الخيال الخصيب"5. ونظرية الوحي والإلهام من أهم النظريات في تاريخ الشعر، والوحي معناه الكشف الباطني عن حقائق لا تبدو ظاهرة لعيان البصر أو عيان العقل. ومن الغريب، كما يرى صلاح عبد الصبور، إن الشعر العربي القديم نشأ في حضن نظرية استمداد الإلهام من منبع متعال عن البشر، فقرن الشعراء أنفسهم بالجن، ولكن من سوء حظ العربي أنه نظرية الإلهام لم تكد تثبت في الوجدان العربي حتى زاحمتها نظرية أخرى هي نظرية الصنعة الشعرية6. وهناك ثلاثة أبواب لافتة للنظر في شعرنا القديم، ذم الدنيا، أدب الشذوذ الجنسي، الخمر. أما أبواب الكتابة فهي: ما جدوى الشعر؟ بين المهانة والتمرد، والشاعر يتفلسف، حوار مع الكون، حوار مع الكائنات، الشاعر والحب، مثال الجمال، صور فنية.   1 نفسه 655. 2 صدر عن دار النجاح، بيروت، 1973. 3 نفسه 17. 4 نفسه 20. 5 نفسه 20. 6 نفسه 21-22. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وهو يرى أن شعر الزهد يمثل شعور الجماعة, بينما يمثل شعر التأمل في الموت شعور الفرد، ولهذا فإن شعر ميتافيزيقا الموت هو شعر أصيل لنفس حساسة بمقياسها الخاص, ولو قلنا: إن مجال الشعر هو الإنسان وحده، والإنسان الطبيعة، والإنسان والمجتمع، لكان شعر تأمل الحياة والموت هو المنحى الأول في شعر الإنسان منفردًا, وهو يضرب ذلك أمثلة لشعراء جاهليين منهم: طرفة وأبو ذؤيب والأفوه الأودي وكعب بن سعد الغنوي. وإن لكل شاعر نغمه الفريد، ولكن ما نلحظه فيهم جميعًا أنهم يحبون الحياة وإن كانوا يرون الموت قدرها المقصود، ولعل تلك هي أول ملامح النظرة الميتافيزيقية التي تمزج بين الموت والحياة في الخاطرة الواحدة1. وتظل الطبيعة صامتة حتى تتحدث بلسان الفنان ووجدانه، أو بقلمه وألوانه، فتتجلّى عندئذ ألوانها وظلالها، ونورها وظلامها, ولم يكتف الشاعر الجاهلي بالوصف الظاهر مجمدًا للصورة، وباحثًا لكل شيء عن شبيهه في اللون أو الشكل ليشبهه به, ولكنه لمس أخفى ما في الطبيعة وأدقه، وهو في الوقت ذاته جوهرها وروحها، ذلك هو عنصر الحركة فيها، فالطبيعة حولنا ليست ثباتًا مطلقًا، ولكنها تغير مستمر، وهذا التغير هو دليل النماء والحياة فيها2, ويرى أن الطبيعة لا تكتسب الحياة إلّا إذا اصطبغت برؤية الشاعر وحالته النفسية. وللدكتور يوسف خليف دراستان في الشعر الجاهلي، إحداهما: خصصها لدراسة الشعراء الصعاليك3 والثانية: "دراسات في الشعر الجاهلي"4, والدراسة الثانية في الأصل كانت بعض مقالات نشرها في فترات مختلفة في دوريات متخصصة، ثم طوَّرها وجمعها في هذا الكتاب. ويصرّح في مقدمة الدراسة الثانية أنه ما زالت هناك جوانب في حاجة إلى مزيد من الدراسة لكشف ما يكتنفها من غموض، وتجلية ما يحيط بها من حجب, وإن هدفه من هذه الدراسة يقف على بعض هذه الجوانب الغامضة5, وقد تخير من هذه المشكلات أربعًا هي:   1 صلاح عبد الصبور 41. 2 صدر عن دار النجاح، بيروت، 1973، 61. 3 صدرت عن دار المعارف بمصر 1959. 4 صدرت عن مكتبة غريب بالقاهرة 1981. 5 دراسات في الشعر الجاهلي5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 مشكلة الشعر الجاهلي بين الرواية والتدوين. مشكلة أولية هذا الشعر وما بعد الأولية. مشكلة مقدمات القصائد الجاهلية الطللية وغير الطللية. مشكلة الشعر الجاهلي بين النزعتين القبلية والفردية. أما القضية الأولى1: فلا ينكر وجود الكتابة, ولكنه ينفي أن يذهب كما ذهب غيره إلى أنها كانت تستخدم في تدوين الشعر في ذلك العصر، وإن كان بعضهم قد استخدامها في كتابة شعره, ويؤكد أن التدوين بدأ في عصر التدوين. وأما القضية الثانية2: وهي أولية الشعر, فيعرض لنظرية عربية قديمة, هي رأي ابن سلام "الشعر العربي بدأ في صورة مقطوعات قصيرة أو أبيات قليلة العدد يرتجلها الشاعر في مناسبات طارئة ليعبر بها عن انطباعات سريعة مؤقتة"، كما يعرض للنظرية الحديثة التي تذهب إلى أن الرجَز كان الصورة الأولى للشعر العربي في بدايته. وعلى الرغم من أن النظرية الحديثة لا يطمئن إليها بعض الباحثين, ويرون أنها مجرّد فرض، وأن شيوع الرجز لا يعني قدمه وسبقه للأوزان الأخرى, إلّا أن الدكتور خليف يرى فيها "أساسًا صالحًا لحل المشكلة, ويتخذ منها قاعدة سليمة لتصور الموقف، وتتبع للطريق الذي سلكه الشعر العربي منذ البداية، أو على الأقل للاقتراب من الحقيقة الضائعة المجهولة التي طوتها أستار الزمن البعيد"3, وهو بهذا يلتقي مع بعض المستشرقين. ويرى أن العرب عرفوا الرجز منذ أن عرفوا الحداء, وهي قضية تنتهي بنا إلى نتيجة حتمية لا مفر منها، وهي أن الرجز العربي قديم موغل في القدم, ولكنه لا يملك أن يؤكد هذه الحقيقة، وكل ما يملك قوله: "لعلها الحقيقة" لعدم توفر الأدلة والنصوص اليقينية الثابتة"4. وفي رأي الدكتور خليف أن هذه المرحلة التي شهدت الأولية الناضجة للشعر الجاهلي كانت هناك عوامل متعددة هيَّأت لظهوره في هذه الصورة الناضجة حين   1 دراسات في الشعر الجاهلي 7-35. 2 نفسه 37-103. 3 نفسه 44. 4 نفسه 47. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 أتاحت الفرصة لظهور لغة أدبية موحَّدة توحدت فيها لغات القبائل وذابت لهجاتها، واختفت منها الفروق اللغوية التي تعددت بسببها هذه اللهجات، فكانت صالحة لاتخاذها لغة الشعر والتسامي بها عن لهجاتهم المحلية, وكأنما عرفت الجزيرة ازدواجًا لغويًّا في هذه المرحلة1. وهكذا فقد اكتملت القصيدة العربية في أواخر القرن الخامس الميلادي بعد توافر العوامل السياسية والاقتصادية والدينية التي أظهرت لغة قريش لغة أدبية موحدة, فرضت نفسها على المجتمع الجاهلي كله؛ حيث اصطلح الشعراء في الشمال والجنوب على اتخاذها لغة شعرهم، وراحت القصيدة الجاهلية تأخذ طريقها بعد ذلك نحو تطور طبيعي لم يكن بد منه, أي: إن القصيدة مرت بمرحلتين2: 1- مرحلة النضج الطبيعي التي يمثلها امرؤ القيس وطرفة والمرقشان وعبيد وعلقمة. 2- مرحلة النضج الصناعي التي بدأت مع الطفيل الغنوي وأوس بن حجر, وبلغت ذروتها عند زهير, ويمثلها: زهير والنابغة الذبياني وعنترة ولبيد. ومن اليسير ملاحظة الظاهرتين التاليتين في الشعر الجاهلي3: 1- ظاهرة المنهج الثابت للقصيدة الجاهلية. 2- ظاهرة العقد الفني بين الشاعر الجاهلي وقبيلته. وفي ضوء هاتين الظاهرتين نستطيع أن نلاحظ أن "القصيدة الجاهلية تنحلّ إلى قسمين أساسيين: قسم ذاتي يتحدث فيه الشاعر عن نفسه، يصور فيه عواطفه ومشاعره وانفعالاته, ونضع فيه المقدمات ووصف الرحلة الصحراء, وقسم آخر غيري يتحدث فيه الشاعر عن قبيلته وفاءً بهذا العقد الفني بينه وبينها، أو يعرض فيه للمدح أو الاعتذار. أما المقدمات4 فهي تارة طللية وهي الغالبة، تارة غزلية، وأخرى همزية، وهناك مقدمات فروسية، وأخرى في بكاء الشباب الضائع والحسرة على أيامه   1 دارسات في الشعر الجاهلي 59. 2 نفسه 73. 3 نفسه 117. 4 نفسه 119-170. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 الخالية. وهناك مقدمات تدور حول زيارة طيف الحبيبة البعيد لصاحبها في أحلامه على نحو ما نرى في تأبط شرًّا "القافية". ويمكن رد هذه الاتجاهات جميعًا في المقدمات إلى ثلاثة دوافع أساسية: المرأة, والخمر، والفروسية1. ويعلل الباحث2 القسم الذاتي في القصيدة الجاهلية "المقدمة وما يتصل بها من حديث الصحراء" إنما هو محاولة لإثبات وجود الشاعر الجاهلي أمام مشكلة الفراغ في حياته، وهي مشكلة لم يجد لها حلًّا إلّا عن طريق هذه المتع التي لم يجد مكانًا للتعبير عنها في زحمة الالتزامات القبلية إلّا في مقدمات قصائده، ومن هنا كان طبيعيًّا أن تخلو قصائد الرثاء من هذه المقدمات؛ لأن مقامها ليس مقام لهو أو متعة، ولأن الموت الذي يتحدث عنه الشاعر قد وضع حلًّا نهائيًّا لمشكلة الفراغ التي كان يحاول بوسائله المختلفة أن يجد حلًّا لها، وهي سائل لم يعد للحديث عنها مكان في هذه القصائد. ويحاول الدكتور خليف أن يدرس مقدمة الأطلال دراسة موضوعية وفنية، فيرى فيها أولًا كثرة في الظهور؛ لأنها وجدت هوى شديدًا في نفوس الشعراء الجاهليين لارتباطها ببيئتهم المادية, وطبيعة حياتهم الاجتماعية؛ إذ هي تعبير عن تلك الظاهرة الطبيعية في المجتمع البدوي، وظاهرة "الحركة" التي كانت نتيجة طبيعية للتفاعل الحتميّ بين البيئة والحياة3, وقد استطاع شعراء المرحلة الفنية الأولى أن يرسوا دعائم هذه المقدمة، وأن يحققوا لها طائفة من مقوماتها وتقاليدها الفنية التي استقرت لها بعد ذلك، والتي أصبحت معالم ثابتة في طريق الشعر العربي القديم، ويهتدي بها الشعراء في سبيل تحقيق الصورة الكلاسيكية لأعمالهم الفنية, أي: إنهم حقَّقوا لها إطارها الشكلي ومضمونها الموضوعي4. وتتراءى قطعان الظباء والبقر الوحشي آمنة في مسارحها وكأنها البقية الباقية من مظاهر الحياة في هذه الأطلال الموحشة الصامتة، أو كأنها تجسيم حي للحسرة التي تملأ على الشاعر أرجاء نفسه، وهو يرى هذه الأطلال وقد خلت من صاحبته التي تعيش في أعماقه رمزًا للماضي السعيد الذي ذهب إلى غير رجعة5.   1 دراسات في الشعر الجاهلي 119. 2 نفسه 119-120. 3 نفسه. 4 نفسه 124. 5 نفسه 127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 أما أسماء المواضع والأماكن التي تقع بينها الأطلال, وتحديدها تحديدًا جغرافيًّا دقيقًا فتعلل بأنها نموذج حي للواقعية في ذلك الشعر الجاهلي، كما أنها ترتبط بنفسية الشاعر الذي يتمثل هذه المواضع قطعة من نفسه، ففيها عاش أيامه الجميلة1. وتطوَّرت المقدمة مع التطور الفني الذي أصاب الشعر الجاهلي عند شعراء مدرسة الصنعة أو عبيد الشعر، وفي رأي الباحث أن أروع ما وصل إلينا من المقدمات الطللية في هذه المرحلة "مدرسة الصنعة", وهي مقدمة زهير لما ضمَّنها من طاقة تعبيرية تصويرية بارعة, وزهير يرسم منظرين أساسين: الأطلال في صمتها وسكونها، ومنظر صاحبة الأطلال في رحلتها المندفعة في الصحراء2. وتتميز مقدمات لبيد بأن فيها تعبيرًا عن فتنة الشاعر بالطبيعة فتنة طاغية جعلت الطبيعة تشغله عن الأطلال وصاحبة الأطلال3, ويتناول الباحث المقدمات الأخرى ويمثّل بأمثلة من الشعر الجاهلي. وأما القضية الرابعة "الشعر الجاهلي بين القبيلة والفردية": فخلاصة رأيه أن "عقدًا اجتماعيًّا" عقد بين الشاعر وقبيلته، وكان نتيجته أن قام "عقد فني" فرض عليه ألّا يتحدث عن نفسه، وإنما يتحدث عن قبيلته, وأصبح ضمير الجماعة "نحن" أداة التعبير بدلًا من ضمير الفرد "أنا", وأصبحت "صناديق أصباغه" مستعارة من قبيلته وليست صادرة عن نفسه. ولكن ذلك لم ينف وجود شعر يصور شخصيات أصحابه أو حياتهم الخاصة. أما الصوت الأقوى والأوضح, فكان صوت المجموع. وهكذا وجد ما يمكن تسميتهم بـ "أصحاب المذهب القبلي في الشعر" أو "شعراء القبائل", وفي مقابل هؤلاء وجد أيضًا "أصحاب المذهب الفردي", ومثال المجموعة الأولى: عمرو بن كلثوم وغيره كثيرون, ومثال المجموعة الثانية: امرؤ اليس وطرفة. وإلى جانب هاتين الطائفتين وجدت طائفتان أخريان من الشعراء، بالغت إحداهما في التمسُّك بالشخصية القبلية, وبالغت الأخرى في الاعتداد بالشخصية الفردية.   1 دراسات في الشعر الجاهلي 127. 2 نفسه 134. 3 نفسه 142. 4 نفسه 171-190. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 أما الطائفة الأولى: فهي تريد من قبائلها أن تبالغ في الحرص على "العقد الاجتماعي" القائم بينها وبينهم, ولا تفرط فيه, بحيث يكون ملزمًا لها في كل الظروف، حتى لو تصرّف الفرد تصرفًا منكرًا لا تقره تقاليدها، ومثالها: شاعر الحماسة "قري بن أنيف" أحد بني العنبر1 الذي يقول: لو كنت من مازن لم يتستبح إبلي ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا إلخ الأبيات. وأما الطائفة الأخرى: فهم "الشعراء الصعاليك" الذين بالغوا في فهم الشخصية الفردية، وتمردوا على النظام القبلي. وما تبقَّى من الدراسة يفرده الباحث لطرح نظرية جديدة في تقسيم جديد للعصر الجاهلي فنيًّا2. ويعترف الباحث بأنه لو توفَّر له جهود القدماء في جمعهم أشعار القبائل لفضَّل توزيعهم على أساس قبلي، ولكنها ضاعت. لذلك فهو يقترح تصنيفًا جديدًا يقسم الشعر في هذا العصر إلى ثلاثة عصور متميزة, نستطيع من خلالها متابعة حركة الشعر وتطوره الفني فيه، وهذه العصور هي: 1- عصر حرب البسوس: الذي شهد ميلاد القصيدة العربية الأولى عند المهلهل ومعاصريه من شعراء هذه الحرب, ويمتد هذا العصر ليغطي فترة ما بين حرب البسوس وحرب داحس والغبراء؛ حيث تَمَّ نضج مدرسة الطبع الجاهلية التي تكاملت على يد امرئ القيس وأضرابه, وأخذت القصيدة شكلها النهائي الذي استقرَّ لها بعد ذلك, كما ظهرت طلائع مدرسة الصنعة وروادها الأوائل، وهم الطفيل الغنوي وأوس بن حجر وأضرابهما. 2- عصر حرب داحس والغرباء: الذي شهد ازدهار مدرسة الصنعة التي حوّلت مجرى الشعر الجاهلي في فترة ما بين الحربين، وسلمت أدواتها إلى شعراء هذه الحرب يعكفون عليه, وقد بلغت المدرسة الجديدة على أيديهم قمة نضجها, ومنهم: زهير وعنترة والنابغة. 3- عصر ذي قار: الذي يمثل أواخر العصر الجاهلي حتى ظهور الإسلام، وفيه   1 حماسة أبي تمام بشرح المرزوقي 1/ 13-15. 2 دراسات في الشعر الجاهلي 193-215. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 ظهرت مدرسة التقليد التي استطاعت أن تتمثل تمثلًا واضحًا تقاليد المدرستين السابقتين، ومنهم: حسّان ولبيد والأعشى. وتناول الدكتور عناد غزوان إسماعيل "المرثاة الغزلية في الشعر العربي"1, فرأى فيها رنة حزينة باكية تبدو في بعض الأحيان مظهرًا سوداويًا يصور بعض تشاؤمية الشاعر في نظرته إلى المرأة والجمال، وهنا، كما يرى الباحث، يلعب العامل الاجتماعي والنفسي دورًا كبيرًا في خلق وتجسيد مفهوم الألم في المقدمة الغزلية2. ولعل أهم ما جاء في هذه الدراسة: 1- إن البناء الفني للقصيدة العربية القديمة يكشف لنا عن امتزاج الشخصيتين الفردية والقبلية العامة وتمثلها عبر تجارب زمنية طويلة وعريقة، في مجموعة أغراض تكشف عن وجود الذات الشاعرة وذوات القبيلة، فالمقدمة الغزلية إنما هي صورة الشخصية الفردية النابعة من إيمان العربي المطلق وحقه الفطري بحريته الشخصية، في حين يمثل المدح والفخر القبلي والهجاء القبلي والحماسة صورة من صور الشخصية القبلية3. 2- إن المقدمة الغزالية برنتها الحزينة وصرخة ألمها الواضحة في مقاطعها الكثيرة تدل على أن الشاعر الجاهلي إنما يتغزّل ليرثي نفسه، ويصور بعض وجوه القلق، حيث يجد في ذلك التصوير راحة نفسية4. 3- إن بحثه هذا يحاول فهم رنَّة الحزن والألم في القصيدة العربية في عصورها الحضارية المختلفة والمتمثلة في شعر الغزل ومطالعه الكثيرة, وفي غرض الرثاء وقصائده المتعددة, على أنها رثاء لنفس الشاعر في قلقها ومخاوفها, ومن وجودها وانتقاليتها وما تخلقه في نفس المحب من خيبة أمل5. 4 إن المرثاة الغزالية في الأدب العربي عندما تعبِّر عن الأسماء والندب والنواح, أو عندما تصور مشاعر الحب بين الحبيب والحبيبة إنما هي صورة واقعية من صور   1 صدر عن مطبعة الزهراء، بغداد، 1974. 2 نفسه 2. 3 نفسه 6، 7. 4 نفسه 9. 5 نفسه 10. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 الشعر العربي الذي يشاركه في بعض خصائصه الإنسانية أشعار الأمم والشعوب الأخرى من غنائيته وواقعيته في التعبير عن هذه العاطفة التي لا تخلو منها نفوس البشر1. 5- ليس من شكٍّ في أن عنصر الحرب في العصرين الجاهلي والإسلامي قد غذَّى تلك المقطعات الغنائية بروح الرثاء وتمجيد الفروسية والبطولة والقيم الأخلاقية والمثل العليا التي تعتز بها المرأة الشاعرة1. أما الدكتور محمود الجادر فله في مجال دراسة الأدب الجاهلي الدراسات التالية: "قراءة معاصرة في مقدمة القصيدة الجاهلية"3 و"الفن القصص في القصيدة الجاهلية"4 و"نحو منهج عربي في دراسة القصيدة الجاهلية"5 و"قراءة معاصرة في مقدمة القصيدة الجاهلية"6. أما البحث الأول: فإن الباحث يقرر منذ البداية أن العمل الفني في القصيدة الجاهلية يبقى مشدودًا إلى وحدة موضوعية لعلَّها تعجز عن غير المتخصصة، فثمَّة عائقان يقفان بيننا وبين مناخ إثبات حضورٍ جادٍّ في قناعتنا المعاصرة، من خلال القراءة، والوحدة المفترضة في العمل الفني في القصيدة الجاهلية. أولهما: عبث الأيام بالموروثات وتشويه معالمه. والثاني: تميز موقع نظرنا المعاصر من موقع نظر الشاعر الجاهلي إلى طبيعة الوحدة الموضوعية للعمل الشعري7. وإن الحقائق كلها -من وجهة نظره- تشير إلى أن محور معاناته الفكرية قام على حقيقة بسيطة، وهي الانشداد إلى الفناء المطلق في الهوية الاجتماعية المتمثلة   1 المرثاة الغزالية 13. 2 نفسه 26. 3 نشر في مجلة الأقلام، بغداد، العدد 12 "1979"، ص3-9. 4 نشر في مجلة الأقلام، العدد3، "1981" ص2-13، ومجلة آفاق عربية "1981"، عدد فبراير، ص218-226. 5 مجلة الأقلام، عدد7، "1980م"، ص4-10. 6 مجلة الأقلام، عدد12 "1979". 7 مجلة الأقلام، عدد 12 "1979م"، ص5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 في الرابطة القبلية، ولكن هذا الإنشداد لا يلغي الجانب الذاتي المحض في العمل، ولكن المقدمة قد تحتمل ذاتيًّا أكبر من القدر المتاح في الغرض1. والمؤشِّر الرئيس للوحدة الفنية والنفسية في القصيدة الجاهلية هو التجربة الموضوعية التي تستثير الشاعر إلى القول, وتحتل معاناته في مقطع الغرض من قصيدته مدارًا أصيلًا في بيعة الانتقاد والتوجه في مرحلتي الافتتاح والرحلة2. وأما رأيه3 في المقدمة، أو الصورة الطللية، آلت إلى شعراء مرحلة نضج القصيدة الجاهلية تراثًا تقليديًّا يمتلك القدرة على استعياب آثار الآثار النفسية الشفافة التي تنبثق في لحظات محاولة استرجاع صور الماضي المفقود, فتستنزف جهد الشاعر رغم بعدها النسبي عن طبيعة تجربته الآنية، لأنها تبدو مهيأة لاستيعاب الزخم النفسي غير المرتبط إلى أية دلالة موضوعية حاسمة في أغلب الأحيان، ولكنها تقدم مؤشرًا واضحًا إلى عمق ارتباط الشاعر بالبيئة التي ظلّت تواجه حياته, يتحدى الرحيل الأبدي وترفد صيغته الطللية بتفاصيل المعاناة، وأما ارتباط المرأة بالصيغة الطللية فإنه يبدو منبثقًا عن ارتباط منابع الحنين إلى الاستقرار ووحدتها النفسية رغم تشبعها الموضوعي, ولذا فلا طلل نجده في قصائد الرثاء والحماسة والهجاء. وخلاصة رأيه رفض التسميات التقليدية, وتقرير أن ينظر إلى الافتتاح على أنه ميدان حديث الذاكرة، وأن ينظر إلى تفاصيله من خلال فهم تكوين الشاعر النفسي والاجتماعي, فضلًا عن فهم طبيعة التجربة الآنية التي يفترض أن تنبثق من خلال وحدة موضوعية تفرض على الشاعر اختيارًا دون غيره في عمله الإبداعي. ولعل أوثق هذه الدراسات صلةً بما نحن بصدده، هو مناهج دراسة الأدب الجاهلي، وهو دراسته الموسومة بـ "نحو منهج عربي في دراسة القصيدة الجاهلية"4, ويذكر في مقدمة بحثه بعض محاولات إرساء منهج جديد, وهي محاولة كلٍّ من الدكتور محمد النهويهي والدكتور عبد الله الطيب والدكتور مصطفى ناصف، ولكنه   1 محمود الجادر5. 2 نفسه 6. 3 نفسه 6. 4 الأقلام، عدد3، "1981"، ص2-13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 يرى في هذه الدراسات والمحاولات أنها ظلت قائمة على متابعة الجوانب الأدائية الخالصة1. ويذهب الباحث إلى التمسُّك بالقول بأن تشخيص فعالية الجهد الحضاري ينبغي أن يقوم على ملاحظة طبائع العلاقات الاجتماعية والقومية والإنسانية، وتشخيص فعالية أبعاد الضوابط والقوانين المتحكمة فيها، ومدى انشدادها إلى صيغٍ متبلورة تحدد طموحًا إنسانيًّا داعيًا إلى إقامة مجتمع يتركز فيه الجهد الإنساني على توفير فرص الحياة الكريمة للفرد وللمجموع, من خلال استخدام متطور للخبرة الموروثة المكتسبة في ميادين توظيف القدرات الإنسانية, لمواجهة حقائق الحياة وتحدياتها وقوانينها المفروضة2. والشعر -من وجهة نظره- يقف على ناصية طرفين متداخلين: يتمثّل أولهما في كونه صورة من صور التواصل بين حضارة الأمة وبين فعاليتها الفكرية المحددة بالظرف التاريخي. ويتمثل ثانيهما في كونه شاخصًا من شواخص هذه الفاعلية التاريخية, وفي تميزه منها بقدرته الاستثنائية على نقل أبعاد الطموح والتفاعل الإنساني التي تعجز كل النصوص الموروثة الأخرى عن تشخيص آثارها بصورة واضحة ودقيقة3. ويزعم الباحث أن "أوليات الفكر الشعري ظلّت تمتد إلى تفاصيل الطموح الذي وجد طريقه الخفي إلى قصائد المديح والرثاء, فرسم من خلالها أبعاد الشخصية الاجتماعية المثلى، وحدد متطلبات "العرف" المفترضة في هذه الشخصية، وذلك منطق ينسحب على قصائد الفخر الشخصي والجماعي التي ظل الشاعر خلالها يقدّم صور الاستشراف الواعي لملامح الطموح, مستهديًا بمقومات الريادة الفكرية للقصيدة الميهأة للانتشار في الوعي الاجتماعي في ظل سلطة "العرف" الخارقة4، وفي رأيه أن هذا الفهم لطبيعة العمل الفكري في القصيدة الجاهلية سيكون كفيلًا بتفسير ظاهرة ضعف الشعر في المرحلة المبكرة من عصر صدر الإسلام.   1 محمود الجادر5. 2 نفسه5. 3 نفسه، عدد3 "1981"، 5. 4 نفسه6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 أما لوحات الافتتاح فتفصح عن عمق معاناة الغربة في تجربة الشاعر النفسية، وبذلك يتوجَّب علنيا أن نعيد النظر في تفاصيل الدراسات التقليدية, التي منحت الافتتاح بعد المباشرة الموضوعية المحدودة, حتى بدا الشاعر الجاهلي متهالكًا في عالم المرأة التي لم تكن إلّا عنصر إذكاء لمشاعر الحنين إلى الاستقرار، وفي رأيه أن هذا هو السر في تشتت رموزها وتعددها في ديوان الشاعر الواحد، وفي القصيدة الواحدة، بل في البيت الواحد أحيانًا1. ويرى الباحث أن ثَمَّة رغبة فطرية في الانفلات من عالم الواقع إلى عالم أحلام اليقظة الذي يتخذ امتداد المتميز في العمل الفني، وبهذا التفسير وحده نستطيع أن نعلل انشداد بعض النماذج الجاهلية كالصعاليك مثلًا إلى تصوير عالم السعالي والجن, وعلاقات الشاعر ببعض كائناته الأسطورية2. والرحلة في القصيدة ليست ذات مدلول واحد في الدواوين الجاهلية كلها، وإنما يجب البحث عن مفاتيح منطقية لتعليل امتدادها إلى تجارب شعرية لا حصر لها من الموروث، وذلك قد يعيننا على ملاحظة طبيعة تعامل الشاعر الجاهلي مع ناقته التي تغدو وسيلة من وسائل مواجته لمواقف الصراع أو الانتقال إلى حلم اليقظة الموعود، ومنفذًا فينا لمعالجة التجربة الشعرية في مقطع الغرض "الشريحة الثالثة"3. وفي الشريحة الثالثة: يرى الباحث أن علينا أن نعيد النظر في صيغ القيم المطروحة في قصائد المديح والرثاء والفخر والهجاء, للإحاطة بأبعاد الشخصية الفردية والاجتماعية التي ظلّ وعي الشاعر مشدودًا إلى محاولة تحديدها, لرسم آفاق الغد الذي ينبغي للواقع أن يعبر إليه، وتلك هي المهمة الفكرية التي لا يريد أن تعلو فتزعم أنها كانت محور العمل الشعري. وذلك ما يفسّر لنا علة اتجاه عامة قصائد المديح والرثاء والفخر إلى رسم الشخصية الإيجابية من خلال سمات الكرم والشجاعة والنجدة, والقول الفصل وحماية الجار والحرص على القبيلة "نواة الانتماء القومي".   1 محمود الجادر7. 2 نحو منهج عربي في دراسة القصيدة الجاهلية7. 3 نحو منهج عربي في دراسة القصيدة الجاهلية7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 أما الذي منح القصيدة الجاهلية قدرتها على التأثير الحاسم في الفكر الاجتماعي أنها ظلت تمثل سلطة "العرف" القادر على استقطاب الرغبة والرهبة في ظروف غياب السلطة التنفيذية المركزية التي تستند إلى قانون مثبت أو سنة مدونة. وهكذا كان "حسن الثناء" رائدًا اجتماعيًّا حاسمًا يشخصه قول السمؤول بن عادياء "اللامية"1. وأما المنهج المؤهل لفهم القصيدة الجاهلية, فهو رهن باستلهام خصوصية الظرف الذي انبثقت عنه، واستقصاء الأرضية الفكرية والثقافية التي ظلت ترفد الأعمال الإبداعية ببعض مقوماتها، فضلًا عن دراسة آفاق الطموح التي ظلّ العمل الإبداعي مشدودًا إليها, فمن خلال هذه المنافذ وحدها نستطيع أن نطل على عالم فسيح يحدد أبعاد هذه الأنماط الخالدة من الأعمال الإبداعية الملهمة في تراثنا الفكري الأصيل2.   1 محمود الجادر 8. 2 نفسه 10. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 المنهج التكاملي : وللدكتور عبد القادر الرباعي بحوث عدة تدور كلها حول الشعر الجاهلي، ولكنها تدور في محورين: الأول: الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى، والثاني: الصورة، هذه البحوث هي: الصورة في النقد الأوروبي, ومحاولة لتطبيقها على شعرنا القديم1. الصورة الشعرية ومجالات الحياة عند زهير بن أبي سلمى2. شاعر السمو زهير بن أبي سلمى3. مدخل إلى دراسة المعنى بالصورة في الشعر الجاهلي: بحث في التفسير الأسطوري4. الصورة والرؤية عند زهير5. تشكيل المعنى الشعري ونماذج من القديم6. التشبيه الدائري في الشعر الجاهلي: دراسة في الصورة7. ويشكل البحث الأول الأرضية النظرية الذي يحاول أن يؤصل مفهومًا للصورة   1 نشر في مجلة المعرفة، دمشق، العدد 204 "1979", ص27-69. 2 مجلة المورد 1980. 3 مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، العددان 7، 8 "1981", ص153-176. 4 المجلة العربية للعلوم الإنسانية، مجلد2, عدد6 "1982", ص80-110. 5 مجلة أبحاث اليرموك، مجلد1, عدد2 "1983"، ص79-120. 6 مجلة فصول، مجلد 4، عدد2 "1984", ص55-72. 7 بحث قدمه الباحث في ندوة المرحوم محمد الغول، جامعة اليرموك، أربد، الأردن 1984. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 يتبناه في بحوثه، ويعرض لآراء النقاد قديمًا وحديثًا في الصورة، ويخرج بمفهوم للخيال أنه "نشاط عقلي روحي يعمل على جمع أشتات من الصور المستدعاة لغاية المشاهبة أو المنافرة، لكنه تنتظم بتأثير قوته وقوة الانفعال داخل نسق متحد منسجم"1, وهو أيضًا "قوة ذات نشاط ذهني توحد بين القلب والعقل، بين الوعي واللاوعي, تثار بحافز عميق, ويصحبها انفعال منظم، لتنتج صورًا وأشكالًا تعبر عن تجارب متجاذبة متنافرة, لكنها منظمة منسجمة, وتؤلف كلًّا موحدًا"2. والبحث في الخيال يؤدي إلى البحث في الصورة التي ينتجها، لكن البحث في الصورة معقّد لكثرة الآراء المتضاربة حولها، ومن أجل ذلك يلزم نفسه بالاعتماد على منهج تكاملي؛ بحيث ينتخب من الآراء الكثيرة المتعددة آراء يعتقد صوابها3. والصورة -كما يراها- واسطة الشعر التي تتشكل من علاقات داخلية مترتبة على نسق خاص أو أسلوب متميز، وهي وسيلة الشاعر في محاولته إخراج ما بقلبه وعقله وإيصاله إلى غيره؛ لأن ما بداخله من مشاعر وأفكار يتحول بالصورة إلى أشكال روحية، وبالصورة تحقق خاصية الشعر4. والصورة بالمفهوم الفني: "أية هيئة تثيرها الكلمات الشعرية بالذهن, شريطة أن تكون هذه الهيئة معبرة وموحية في آنٍ"5 وعناصرها أربعة: عنصران متناسبان ودافع وقيمة6, أي: العنصر الظاهري، والباطني، والانفعال، والقيمة. وأنواع الصورة هي الصورة الحسية: البصرية والسمعية والذوقية والشمية والحركية، والصورة الاستعارية التي هي مظهر راقٍ من مظاهر الفعالية الخلّافة بين اللغة والفكر. والجانب الحسّي أساس في الصور، أما الجانب الباطني من الصور فهو أفكار الشاعر ونفسيته التي هزتها تجربة عميقة، والصورة لا تلغي التشبيه, ولا تمحو الاستعارة, وإنما تقدم لنا فهمًا أعمق من الفهم الجزئي الذي ارتبط بكلٍّ منهما في السابق. ولابد من بقاء التشبيه والاستعارة وأشكال المجاز الأخرى في أذهاننا, ولكن   1 الصورة في النقد الأوروبي ص37. 2 نفسه 39. 3 نفسه 41. 4 نفسه 42. 5 نفسه ص42. 6 نفسه 43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 على أساس أنها وسائل مختلفة لوسيلة كبرى تضمهنَّ جميعًا1. ويتصل بالصورة شكلان صوريان آخران هما: الرمز والأسطورة. ويجعل كولوردج الرمز "يستمد جزءًا من وجوده من الواقع"، ثم يجعله قابلًا للفهم, ومما يميز الرمز عنده شفافية الخاص في الخاص, أو العام في الخاص, أو الكوني الشامل في العام، وفوق كل شيء: إنه شفافية ما هو خالد خلال الآني وعبره"2. وهناك دلالات كثيرة للرمز يكاد ينتظمها جميعًا مفهومان: الأول شيء يدل على شيء آخر، والثاني شيء يثمل شيئًا آخر3. أما الأسطورة: فهي "لون من ألوان الرمز، ولكنه الرمز الذي يرتبط بمبدأ "يونج" في "اللاوعي الجمعي", ويعيش في أجزاء غيبية، فالأسطورة هي "مصدر المجاز الشعري على نطاق واسع، وهي وسيلة من وسائل الخيال، توحي بصور واسعة ذات هوية وجدانية خاصة"4. وهو يرى أن الصورة بصفتها المركز البؤري للبناء الشعري كله تعمل بوسائلها الخاصة لتحقيق ذلك المطلب، فهي تنقسم داخل المعمل "صور متزواجة" تسير في نسق خاصٍّ تحدده الحالة النفسية لصاحبه, حتى تصل إلى النهاية وهي ترفع شارات النصر؛ لأنها بعثت كوامن الحياة في الجسم، فغدا كأي عنصر في الكون متحدًا مع الآخرين مستقلًّا بذاته وبشخصيته الخاصة، فالصور تلتقي في قطب محوري واحد، ثم تتوزع أزواجًا قد تتباع وتتنافر بحيوية وتكافؤ, ولكنها جميعًا تعمل متعاونة مع العناصر الشعرية الأخرى لتحقيق غاية الشعر الممكنة5. ويرى أيضًا أن أهم عنصر شعري تطلب الصورة مساعدته هو الإيقاع، والعنصر الأساسي الآخر الذي يساند الصور ويساعد الموسيقى في تحقيق وظيفته السابقة هو الرؤى العاطفية أو الشعور المسيطر، إنه هو الذي يخضع الدوافع لمبدأ الانسجام6.   1 الصورة في النقد الأوربي 51. 2 نفسه 55. 3 نفسه 56. 4 نفسه 59. 5 نفسه 60. 6 نفسه 60. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وهكذا فعناصر الشعر الأساسية: الصور والموسيقى والشعر المسيطر. والشعر كما يراه، ليس مرآة تعكس مظاهر الطبيعة, ولكنه مرآة تنعكس فيها روح العالم وجوهره العام1. وفي مبحثه الثاني "الصورة الشعرية ومجالات الحياة عند زهير" اختار الباحث زهيرًا لما لهذا الشاعر من مكانة اجتماعية وفنية هامة في عصره. أما مجالات الحياة التي عناها فهي مجموع العلاقات القائمة أو المحتملة بين الإنسان والمظاهر الوجودية كلها، وهو يراها موزّعة على الأنواع الخمسة التالية2: الإنسان - الحياة اليومية - الطبيعة - الحيوان - الثقافة. وكان زهير يولي الحياة اليومية جلّ اهتمامه كما توحي بذلك صوره في ديوانه, وهذا التوزيع لم يأت مصادفة, ولكنه مشكّل من ارتباطات داخلية للأنا الشاعرة بالآخر "الكون أو الحياة والوجود"3. واختار الباحث من من الحياة اليومية المظاهر التالية: الأطلال، والظعائن، والرحلة، ومشاهد الصيد، والحرب والسلاح، والسقاية، والخيمة "طبيعة السكنى"، وزينة القوم "الثياب والألبسة"، والنار، والحبل، والمال4. وفي حصر الباحث الصور المتصلة بكل مظهر من هذه المظاهر، وحاول التغلغل إلى أعماق الظاهرة، ففي الطلل حاول أن يفتش عن العلاقة الداخلية بين المرأة والأطلال من خلال وظيفة كلٍّ منهما في الحياة الجاهلية5، ويرى أنه إذا كان المكان طرفًا ثابتًا في الأطلال يتلقى تحوّل الحال, ويسجل مظاهره, فإن الزمان طرف متحرك ينقل الأبعاد المختلفة والمتضادة لهذا الحدث المتحول6. أما الرحلة فيراها منهج حياة في ذلك العصر, ولكنها عند الشاعر وضع شعري يرتبط بشكل تأليفي تآلفي مع الظعائن والأطلال. وإن أهم ما يجب الالتفات إليه عند زهير في رحلته:   1 الصورة في النقد الأوربي 61. 2 الصورة الشعرية ومجالات الحياة عند زهير، مجلة المورد العراقية، مجلد9، عدد3،:1980"، ص11. 3 نفسه 11. 4 نفسه 12-23. 5 نفسه 12. 6 نفسه 13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 الدافع النفسي للرحلة. وأداة الرحلة. وطبيعة المكان المرتحل إليه. وأبعاد الزمن الذي تمتد الرحلة فيه1. وفي مشهد الصيد عندما يصل الشاعر إلى النهاية يجعل فيها النصرة للثور والنجاة للقطاة، وإن الشاعر زهير حينما احتاج إلى أن يوجد معادلًا موضوعيًّا لقوة ناقته ونشاطها شبهها بهذا الثور المسنّ المجرب لمداخل لحياة ومخارجها, بعد أن تعوّد على الرحلة والانتقال من بلد إلى آخر2. ويذهب الباحث بعيدًا ويعتقد أن كل هذه المشاهد مشاهد الصيد، والتوجيهات المختلفة إلى توجه صورها دلائل رمزية خاصة بالشاعر ومواقفه من قضايا الحياة الكبرى, وبخاصة قضايا الصراع الإنساني, ثم مفهومه من الحق والباطل، فالباطل خاسر في النهاية حتّى لو تمتّع بالقوة والكثرة3. أما المجال الثاني مرتبة فهو "الإنسان"4، وأول الجوانب كان النموذج الإنساني بشكل عام "الفرد" الذي يتألّف من عنصرين أساسيين هما: القاعدة الشعورية والسلوك الإنساني. ولاحظ الباحث أن صور القاعدة السلوكية مصروفة عنده إلى الخوف والكراهية والحقد والطمع والحزن والعزة. ومن جوانب الإنسان الأخرى حركته، كما استعار الشاعر أيضًا بعض الصور من حواس الإنسان أو ما هو مصروف إليها مباشرة، وقد أكثر من الصور التي لها علاقة بحاسة النطق. والتفت أيضًا إلى جسد الإنسان, فاستعاد صورًا لبعض أعضائه. كما رسم صورًا لمرض الإنسان, واهتم أيضًا بموت الإنسان. أما المرأة: فهي في شعر زهير جميلة الهيئة والصورة تمامًا, وقد أقام العلاقة بين المرأة والرجل على أساس الوظيفية التي ارتبطت بصفة كلٍّ منهما, فالرجل هو صاحب الحركة والنشاط والفعل خارج البيت، أما هي فخبيئة بيتها تنتظر من يخطبها. وهي تعرف طريقها إلى قلب الرجل، وكيف تحافظ على تعلقه بها.   1 الصورة الشعرية ومجالات الحياة عند زهير، 16. 2 نفسه ص18. 3 نفسه 19. 4 نفسه 23-27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 وهكذا تظل العلاقة بينهما حيوية متجددة, وهي حريصة على المال. والمجال الثالث هو "الحيوان"1: وقد اهتم زهير بالحيوان الأليف وخصّ الإبل والخيل والكلاب, وكان للناقة نصيب طيب، وقد كان يعادل بينها وبين حيوانات أخرى كالفحل "في القوة", والقطاة "في السرعة", وحمار الوحش "في السرعة", وفرس الأخدري "السرعة"، والجبل "في الصلابة", والقصر "العظم والصلابة". أما الخيل فقد شبهها بالناقة "في السرعة"، والثور الوحشي تطارده كلاب الصائدين "في السرعة". ولاحظ الباحث أن صورة الخيل يكثر ورودها في مجال الحرب. أما الكلاب فارتبطت بمشاهد الصيد, وصورتها تشبه صورة الإنسان العاجز الذي يسلم زمام أمره أحدًا آخر يستغل قدراته ويوجهها كيفما يهوى. ورسم الشاعر للأسد من الحيوان البري صورًا شتّى, كان يعادل فيها بينه وبين ممدوحيه. أما المها والظبي فكان يستعيد صورتيهما في مجال وصفه جمال محبوبته "جمال العنق والعينين". وأما النعام فلوصف سرعة ناقته, وكذلك الحمار الوحشي "في السرعة للناقة, وحرصه على أتانه حرص الإنسان على ما ولي من أمر", وكذلك البقرة الوحشية في حرصها على وليدها. أما الذئب فشبه اهتزاز السيف باهتزاز جسمه وهو مسرع, ومن الطير اهتمَّ بالصقر والطقاة "للسرعة", وفي شعره بعض صور متفرقة للحبارى والحمام والغراب والصرد. وينبه الباحث إلى أن حياة الحيوان كانت لدى زهير مجالًا حيويًّا لعرض مواقفه وآرائه من حياة البشر داخل المجتمع الجاهلي الذي كان يعيشه2. أما "الطبيعة" فاحتلت المرتبة الرابعة في خياله، وأبرز مظاهرها المطر والسحاب اللذان عادل مرارًا بينهما وبي نعمة ممدوحه أو كرمه، وعادل في صور أخرى بين السحاب والأرض في أشكال التضاريس والألوان التي لهما، وكذا بين صوت الحركة للصائد وصوت المطر يتخلل ورق الشجر والنبات، وقد أطلق كثيرًا لفظة "السماء" على المطر. أما الشجر فقد عادل الإنسان في أصله وفروعه بالشجر المتماثل الإنماء, والمعاداة بين الشجر والإنسان عنصر أساسي من عناصر تصوير الشاعر، واستعاد   1 الصورة الشعرية ومجالات الحياة عند زهير 27-31. 2 نفسه ص30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 صورًا لأنواعٍ من الشجر كانت لها أهمية في عصر الشاعر كالنخل والدوم، واهتمَّ بالنبات الأخضر والأرض الممرعة, فرسم منها صورًا ملائمة, وصور الأرض التي لها رسمها متضادة تذكرنا جيدًا بأحوال الحياة المتناقضة. والملاحظ أن الشاعر شغف كثيرًا بالجبل "يشبه الكتيبة المدافعة عن الثغر بحبل يلتف حوله رجال كثر"1 وثمة صور قليلة وردت في الشعر للقمر والليل والنهار والخريف والشتاء والربيع. حقًّا، كما يقول الباحث، "لقد كانت صور الطبيعة بالنسبة للشاعر متنفسًا جديدًا يتوصّل عن طريقه إلى أبسط المواقف الفكرية والشعورية من الوجود"2. أما "الثقافة" فكانت المجال الخامس من مجالات الحياة. أما البحث الثالث: فهو "شاعر السمو زهير بن أبي سلمى"3 فالشعر الجاهلي متميز، كما يقول الباحث، بالإشراف والبساطة مع العمق والشمول، وينظر إلى أعلامه على أنهم الفلاسفة الأول الذين ابتكروا المعاني وشققوها بقدرتهم الذهنية، وبإخلاصهم في الوصول إلى حلول مقنعة لمسألة الإنسان والوجود4. وقد اختار الباحث زهيرًا، وهو مجال معظم أبحاثه، ليتناوله من زاويتين: زهير الإنسان بأصوله وفروعه وسماته الخلقية والمسلكية. والزراوية الثانية: زهير الشاعر, بهدف الوقوف على قدراته الفنية التي جعلته شاعرًا متميزًا في خصائصه ومذهبه. وعندما عرض الباحث لحب زهير مع استمراره في وفائه لأم أوفى, رأى فيها وفي موقف الشاعر يعكس لنا مفهوم الناس في عصره للزواج والحب على حدٍّ سواء5. وفي محاولة الباحث لتعداد خصاله الحميدة مدللًا بالشعر الذي قاله, وبمواقف حياتية له، فيرى أنه كان من النفر الذين كانوا يحاسبون أنفسهم كثيرًا ليقتربوا من الخير، ويبتعدوا عن الشر، ولهذا استقام خلقه، وباعد بينه وبين الموبقات، كالخمر والميسر والأزلام، ولقد تساوت بذلك نفسه, وابتعدت عن تدني المجتمع الجاهلي.   1 ديوان زهير 107. 2 الصورة ومجالات الحياة في شعر زهير 32. 3 نشر في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني, العدد المزودج 7، 8 "1981"، ص152-176. 4 نفسه 152. 5 نفسه 157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وسقوطه في الحضيض, وبذلك اقترب من الإيمان1. وزهير، في نظر الباحث، ذو خلق جميل، مشدود برباط الإيمان دائمًا، وبلغ من إيمانه أنه خشي عقوبة الله؛ لأنه هجا بني عليم بن خباب بدون حق2, وهو يستغل حادثة غير منطقية لحثِّ المجتمع على رؤية الخطأ في نظامه الاجتماعي، فلو كان العدل هو الذي يسيره لما احتاج إلى أن يقبل هذا الأمر الغريب, وكانت تلك الحادثة هي الديات التي أخذت بغير حق؛ لأن الذي تحمّل دفعها لا ذنب له سوى حبه أن يسود الصفاء بدل الشر3. ولقد كان زهير أليفًا لمن عرفهم واختلط بهم، مهما كانت مستوياتهم الاجتماعية، وعلى أية صفة كانت علاقته بهم, وكان وفيًّا جدًّا، وليس أدلّ على الوفاء الذي فُطِرَ عليه من إصراره ردّ الراعي البسيط "يسار", وعدم حرصه على استرداد بقية ماله, وكان كذلك وفيًّا لزوجه "أم أوفى", فقد ظلّ يذكرها بأحسن ما تذكر به أنثى بالرغم من انفصالها عنه. وكان زهير متعففًا يترفع عن الماديات في علاقاته دائمًا, وقد ظهر ذلك جليًّا في تعامله مع ممدوحيه وبخاصة هرم بن سنان4, وصفوة القول، كما يرى الباحث، أن زهيرًا يشتغل في شعره، بقضايا إنسانية بالغة الدقة والخطورة في مجتمع جاهلي بدائي كانت تسوده، إلى حد كبير، شريعة باغية قاسية، لذا احتاجت من الشاعر قدرًا كبيرًا من التجرد والتفكير لوضعها وضعًا مؤثرًا. فالشاعر متألم جدًّا للأوضاع السيئة التي ينحدر إليها مجتمعه, وقد مثّل تألمه هذا في صورة شعرية توحي بأن طريق الخلاص هي السير مع حسّ السلام الذي بدأ يتخذ جانبًا إيجابيًّا فاعلًا، ومع كل ما من شأنه ترسيخ قيمٍ أو مُثُلٍ عليا فوق الأرض. ومن هنا التقى كلام الشاعر في دعوته الإصلاحية مع الخلق الإسلامي الذي جاء بعيد موته5. وأما البحث الرابع فهو "مدخل إلى دراسة المعنى بالصورة في الشعر   1 زهير شاعر السمو160. 2 شرح ديوان زهير 56، والأغاني 10/ 309. 3 شرح ديوان زهير 25 وما بعدها. 4 معاهد التنصيص 2/ 110. 5 زهير شاعر السمو، 167. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 الجاهلي"1, وهو بحث في التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي, ويقرر الباحث في ملخص بحثه أنه اتخذ من الصورة الشعرية محورًا للكشف عن المعنى في الشعر الجاهلي. ولكي تتحقق خصوصية هذا الشعر ربط البحث دراسة الصورة فيه بعقلية الجاهليين, والعناصر الحياتية البسيطة التي تيسرت لهم, فأدخلوها في تركيب أشعارهم, واتخذ البحث -من أجل ذلك- من النظرة الأسطورية التي كان عليها الإنسان البدائي منطلقًا للكشف عن ماهية الصورة الجاهلية والمعنى الجاهلي, ذلك لأن الديانة الوثنية التي كان عليها العصر الجاهلي كله فرضت هذه النظرة في تصور الإنسان الجاهلي للحياة والوجود. استعان لإثبات ذلك الذي ذهب إليه بجولة في العقلية الدينية السحرية والخرافية, وما كمن خلفها من اندماج روحي بالأشياء، وهو الاندماج الذي تحققه الصورة الشعرية بشكل عام. وتابع البحث بعد ذلك السمة الصورية في مواضعها من الشعر الجاهلي: في الكلمة، وفي التشبيه، والاستعارة، والوصف، والقصص، مفيدًا في ذلك كله من طبيعة المقارنة بين العناصر والحدود التي تصدر عنها الصورة الشعرية. وقد حاول الباحث تجاوز الحسية والغرض ووحدة البيت والجزئية التي ما زالت الدراسات التقليدية تنتهجها, وطرح بدائل أكثر شمولية, فربط الشعر الجاهلي بالتجربة الوجدانية للإنسان العربي القديم حتى أصبح الحسّ روحًا, والغرض حدثًا, والوحدة الجزئية بناءً دراميًّا تتفاعل على داخله المتشابهات والمتنافرات لتشكّل وحدة نموذجية جذرية, يلتقي فيها الواحد بالمتعدد, والذات بالمجموع، والخاص بالعام. وينطلق الباحث في مناقشاته النظرية والتطبيقية من نظرية شمولية عامَّة للشعر؛ حيث هناك عنصر عام مشترك يجمع الشعر في كل زمانٍ ومكانٍ, هو حاجة الإنسان إلى تعبيرٍ قولي منظم عن تجربته ومعاناته في مواجهة الكون والوجود. وغرض البحث، كما حدَّده الباحث، رسم مسار عام يمكن لأية دراسة تفصيلية مشابهة أن تسلكه2. وأما اختيار العنوان: "دراسة المعنى بالصورة", فإنما   1 نشرته المجلة العربية للعلوم الإنسانية، المجلد الثاني، العدد السادس "1982"، ص80-110. 2 نفسه ص81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 اختاره للتغلب على معضلة نقدية قديمة، وهي الفصل الذهني بين الشكل والمضمون, أو المادة والبناء, عن طريق حرف العطف "الواو" الذي يقوم فيهما بفصل الشيء عن ذاته1. ويذهب الباحث بعد استعراض آراء النقاد الغربيين إلى تبني أن الصورة بنضارتها وتكثيفها وقوة الاستدعاء فيها, تتولد بعد مواجهة حقيقة من الشاعر للعالم, وإقبالٍ روحي عليه, واندماج كلي فيه. لذا تصبح رؤيته فيها خاصة, وأقلّ ما توصف به أنها رؤية داخلية متميزة لعالم جديد متميز، وهي رؤية تبتعد عن العادي المألوف, أو العلمي الدقيق, وتجري وراء الخفي البعيد المدهش2. أما عن دراسة الأدب الجاهلي: فيرى الباحث أن هذا الشعر يظلّ وإلى الأبد يفرض نفسه على كل جيل، ومن هنا تغدو دراسته ودراسة الشعر القديم بعامَّة بعقلية جديدة إحياء له في الشعور والوجدان، وهو رأي اقتبسه وتبناه من بعد الدكتور شكري عياد. وللصورة عنصران أساسيان لا بُدَّ لكل ناقد من اكتناهها, وهو يتعامل معها وهما: 1- نوعية العناصر الداخلة في تركيب الصور وعلاقتها المتشابكة. 2- طبيعة العقلية المشكلة لذلك التركيب ورؤيتها للوجود. ويفترض الباحث أن الإنسان الجاهلي ذو تفكير وثني، وأن مثل هذا التفكير يثبت أنه كان يحتفظ بمقدار كبير من الطبائع العقلية لأجداده القدامى، وأنه كان يصر على الاحتفاظ بهذه الطبائع، وذلك استنادًا إلى قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُون} 3. والجاهلي بدائي، من وجهة نظر الباحث، وليس بدائيًّا بمفهوم التخلّف كما فهمت من مناقشتي معه، ولكنه لأنه يشكل نقطة البدء الحضارية للعرب. والبدائي   1 مدخل إلى دراسة المعنى بالصورة 81. 2 نفسه 82. 3 سورة الزخرف آية 22. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 إنسان يتصرف لحل قضاياه الوجودية بدوافعه الروحية أكثر من وعيه العقلي المجرد1. ويؤكد حقيقة لها أثرها في تركيب هذا البحث, هي أن هذه العقلية الجاهلية ذات الطابع البدائي في مواجهتها لظواهر الكون ومشكلات الحياة كانت تحقق النظرة الأسطورية التي ترى الأرواح حالة في كل مكان ومتلبسة كل جماد، وهي نظرة تجمع بين الأشياء والأحياء في وحدة وجودية شاملة؛ بحيث يغدو الإنسان البدائي فيها لا يتصور عالمه الطبيعي صامتًا, وإنما يتصوره حيًّا مدركًا، وبهذا يلتقي الأسطوري والشعري2. والأسطورة أو النظرة الأسطورية توحد بين الدين والسحر والشعر, أو الفن بشكل عام. ويرى فريزر أن الإنسان الوثني القديم أراد السيطرة على الكون والأرواح الدنيا بالتماس العون من الأرواح العليا مستخدمًا هذه الوسائل الثلاث3. وفي الجزء المتبقي من البحث يحاول الباحث أن يدرس المعنى بالصورة بالتقاط صور من الشعر الجاهلي تدخل في المجال الذي اختاره, وضمن المنهج الذي اختطه لنفسه, ومن الصور: "صورة الوشم الذي شبه به الطلل"4، ورأى أن صورة الوشم، الطلل لم تكن خارج الذات عندهم، وبذلك أمكن لهذه الصورة عندهم أن تحقق رمزًا عامًّا يرتبط فيه كل واحد بسبب قريب أو بعيد, وكان الطلل عند الجاهليين لحظة تنويرية في الزمن الوجودي للإنسان5. وهناك مظهر شعوري آخر يدور حوله جدل, هل هو صورة أم لا. ذلك هو "الوصف الحسي الواسع"، لبعض الظواهر والموجودات التي كان لها تأثير آنذاك؛ كالمرأة والناقة والفرس والظبي والصحراء والمطر والشجرة. واكتفى الباحث بتتبع صورة الفرس6.   1 دراسة المعنى بالصورة 85. 2 نفسه 85-86. 3 نفسه 86. 4 نفسه 87. 5 نفسه 88. 6 نفسه 91 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 واستنتج الباحث نمطًا ثالثًا جديدًا كان مثار جدل, وهو تلك القصص المروية عن الحيوان الذي شبهت به الناقة أمثال: الثور والبقرة وحمار الوحش والقطاة والظليم1. ويذهب الباحث إلى تقرير أن الثور صورة للناقة، وأن الاثنين معًا صورة للإنسان، فهو المحور الذي ترتد إليه أو تقاس به كل الصور2, كما يذهب إلى أن الكلاب, أي: الصائد، في عقلية الجاهليين، ملازمة للثيران أبدًا, والصراع بينهما ثابت، وأن الكلاب كانت شخصية مكروهة مرفوضة في العصر الجاهلي، فهي تمثل الشرّ وترمز إليه3. وأخيرًا يقرر الباحث أن الصورة الشعرية الجاهلية هي ابنة العقلية ذات الاستراتيجية الروحية في تعاملها مع الأشياء, لذلك كانت منابعها هي المنابع الجاهلية التي شكلت الأصنام الوثنية والشعائر الدينية, ثم الممارسات السحرية والحكايات الخرافية, وهي منابع تعود إلى أحلام الأمة القابعة في الذاكرة العرقية واللاشعور الجمعي، وغدت الصورة تصويرًا لنماذج عليا4. وإن معنى الصورة الجاهلية هو المعنى الفائق للعادة الذي لم تحققه أو تسعى لتحقيقه الذات الجاهلية فقط، وإنما الذات الإنسانية في كل زمان ومكان. ولهذا التقت دلالات الصورة المحللة في هذا البحث مع الدلالات العالمية للمنطلقات السلوكية في الدين والسحر والفن, أو الشعر عند الإنسان القديم, وهكذا كان الشعر الجاهلي كما عبَّرت عنه صوره أبعاد معنوية ترتد إلى تجربة الإنسان التي اتخذت طابعًا عالميًّا5. ويرى أن مثل هذا التوجه في التفسير للشعر الجاهلي يزيح ثلاثة حواجز وقفت أمام دارسيه وهي6: أولها: إن الحسية، وهي مما اتهم به، ما هي إلّا واجهة مادية لحاجة روحية بعيدة الغور والامتداد.   1 مدخل إلى دراسة المعنى بالصورة 93، وما بعدها. 2 نفسه 95. 3 نفسه 97 وما بعدها. 4 نفسه 103. 5 نفسه 104. 6 دراسة المعنى بالصورة 104-105. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 ثانيها: إن الأغراض الشعرية ما هي إلّا مسائل خارجية ينطلق الشاعر منها إلى تمثّل حاجاته الإنسانية بالحدث الصراعي البطولي، وهذا يتطلب الغوص بدلًا من التوقف عند سطحها. ثالثها: إن وحدة البيت والفكرة ليست بذات قيمة إلّّا إذا انتظمت في وحدة العمل الفني الكلي. وفي البحث الرابع "الصورة والرؤية عند زهير بن أبي سلمى"1 يحاول الباحث أن يكشف وجه آخر من أوجه الصورة عند زهير هو "المعنى" بعد أن تنول "المصدر" في بحث سابق2, وهذا يدل على أن هذا البحث الذي نعرض له تأخر في نشره حيث هو فنيًّا وزمنيًّا تالٍ لذلك البحث المنشور عام 1980. وهذا البحث يهدف إلى جلاء أبعاد المعنى ومستوياته وتشابكاته كما توحي بها الصور على اختلاف درجاتها التركيبية3. وبادئ ذي بدء يقرر بأن الصورة الشعرية قد ركبت فيه تركيبًا إنسيابيًّا يعتمد أسلوب الحكاية أولًا، والتعلق بالفعل الحركي ثانيًا4. وإن أول ما تفرضه علينا طبيعة الصورة عند زهير هو التعامل مع الشاعر على أساس معدنها الإنساني الذي تتوحد فيه الاتجاهات المختلفة جميعًا5. وإن زهيرًا كان ينقل العلاقات والدلالات من جوِّ الإنسان إلى جوِّ الحيوان وبالعكس6. ولعل هذا مرتبط بالطوطمية بمظهرين: اجتماعي وأسطوري. وأما المرأة فيرى الباحث بأن التوحيد بينهما وبين القبيلة قائم في خيال زهير ورموزه، وأن العلاقة بين الشاعر والمرأة في كثير من مقدمات قصائده قد ترتد إلى العلاقة بين الفرد والقبيلة7, وأن توحد المرأة بالقبيلة في شعر زهير وربما في الشعر   1 نشر في مجلة أبحاث اليرموك، جامعة اليرموك، أربد، الأردن، المجلد الأول "1983" 79-120. 2 نشر في المورد العراقية. 3 الصورة والرؤية 79. 4 نفسه 79. 5 نفسه 80. 6 نفسه 83. 7 نفسه 86-87. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 الجاهلي أيضًا مرتبط بمجموعة من القيم المتماثلة التي تحدد مستويات الارتباط بهما، ولكن لباحث لا يلبث أن يستدرك بأن ما أورده لا يعني أن المرأة دائمًا ترمز إلى القبيلة أينما وجدت في قصائد الشاعر، بل ربما كانت امرأة حقيقية، بصفتها وطبيعتها1. وثمة ظاهرة أخرى, وهي حب الفرد للقبيلة, ويعزز هذا ثنائية أخرى مهمة في التكوين الاجتماعي هي الاغتراب والتوحد, وقد انعكست هذه الظاهرة بشكل حاد في ديوانه2, ولهذا التوحد مردود أمني يتجاوز حدود الفرد إلى المجموع3. وثمة ثنائية أخرى في شعره هي ثنائية الثابت والتحوّل التي تشكّل معنى اجتماعيًّا كبيرًا ناقشه زهير مناقشة شعرية جادة؛ لأن فيه موقفًا مبدئيًّا نابعًا من عاطفتي الحب للعشيرة والإخلاص لمبادئها العليا "هرم بطل زهير الاجتماعي"4. والرحلة تشكل صورة مركزية في كثير من قصائد زهير، وهي لا تنفصل بحالٍ عن حاجته الداخلية للتحول من حال إلى حال، لذلك يأتي موقعها وسطًا بين عالمين من القصيدة: عالم عطلت فيه الحياة، وعالم دبت فيه الحياة، ولهذا اتخذت طابعًا قاسيًا5. فحركة الظعائن هي حركة نحو البديل الأجمل6. وأما الموت فقد شكلت رؤيا البقرة وافتراس السباع ابنها، سلوكًا شعريًّا أدار عليه زهير كثيرًا من صوره الكبرى7, وقد عبر عن الموت الذي يأتي بالحياة في صورة مفردة, وفي مجالات أخرى أحيانًا كموت المال الذي يكون لابتعاث حياة جديدة. فالمغالبة العنيدة الذكية شعار زهير في فلسفة الموت والحياة, ولكنها مغالبة الأمان والسلام المتوازن للذات والآخرين, وفي هذا حل للتناقض الذي يبدو في دعواته المتكررة للسلام8. وأما المكان فقد تعلّق به زهير وأحسّ بفاعليته، هو عنده موضع للموت   1 الصورة الرؤية عند زهير 89. 2 نفسه 89. 3 نفسه 91. 4 نفسه 101. 5 نفسه 103 وما بعدها. 6 نفسه 108. 7 نفسه 109. 8 نفسه 111. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 والحياة، وأن جدلية الموت والحياة فوق الطلل قد انحلت في ثنائية أخرى هي الإنسان/ والحيوان البري، وغياب أحدهما كان يعني حضور الآخر1. وأما الزمان: فقد أحسّ به الشاعر كثيرًا، وقرنه بالطلل دائمًا, ولكن الزمان في الطلل ارتدادي من الحاضر إلى الماضي، وهو موحّد الأطراف يجمع أوقاتًا متباعدة على رقعة مكانية واحدة موحدة أيضًا2. وفي نهاية رحلة البحث ربط بين رؤية الشاعر وفلسفة العمل، فهي التي كانت وراء موقف التحدي في كل المسائل الوجودية التي ناقشها الباحث. لقد كانت قائمة في العلاقة التي صوّرها بين الفرد والقبيلة, والموت والحياة, والزمان والمكان, وغيرها. وهي فلسفة فجَّرها عند الشاعر عشق روحي للأبعد, ولذا رفض الثبات وعاش التحول على قسوته، وقاومه الاغتراب ودعا إلى توحد كامل قوي، كما واجه قدره فانتزع الحياة من الموت, وتمرد على المكان القيد, فانطلق يرتاد أماكن التحرر والانعتاق، وأبى أن يعيش أسير الماضي فجدَّ في أن يصوغ منه ومن الحاضر قاعدة للسياحة في الآتي اللانهائي، فالعمل عنده عمل القيمة والوجود, وبذلك كله حقَّق زهير ما سمي بالإنسان العزيز العنيد الذي يصارع لتلتئم أجزاؤه، ويسمو على عبوديته للزمن3. أما البحث السادس "تشكيل المعنى الشعري ونماذج من القديم"4: ويرى الباحث أن الناقد يستطيع أن ينظر إلى مجموع التزامات أو العلاقات من خلال تشكيلين أساسيين للمعنى هما: التشكيل المكاني والتشكيل الزماني, وهذان التشكيلان هما محور المعالجة في بحثه هذا من خلال نماذج من الشعر العربي القديم5. ويغدو المكان ذا فائدة حينما يحوّل الأدب إلى موضوع أو مادة في أجمل معانيها، والرؤية تتحقق فعلًا حينما نصبح قادرين على تجميع العلاقات في محاور متصاحبة في مكان ما يبرز نظامها, وهذا يجعل إمكانية رؤية التجربة الأدبية أكثر   1 الصورة والرؤية عند زهير 113. 2 نفسه 113-114. 3 نفسه 117-118. 4 نشر في مجلة فصول، مجلد 4، عدد 2 "1984"، 55-72. 5 نفسه 56. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 حيوية وإبداعية، ويمدنا كذلك بمحور مركزي لمجموعة العناصر القابلة للمشاركة1. والباحث من خلال عرض نماذج من الشعر القديم يثبت أن التشكيل المكاني الشعري قد منح حواسّنا القدرة على الإدراك الحدسي الذي تجاوزنا به سطوح المواد المتجمعة إلى الأعماق البعيدة المفتوحة على اللا محدود من الأمكنة2. أما الطاقة التي تعطي المكان القدرة العظيمة, فهي طاقة الخيال التي تتحوّل فيها الأشياء الصغيرة إلى عوالم واسعة، ولذا ربط النقاد المكان بالخيال3. وهذا يخلص الباحث إلى أن الصورة الشعرية تستوعب صفات التشكيل المكاني، أي: الطرف الأول في تشكيل المعنى الشعري. وأما التشكيل الزماني فيستوعب صفاته الإيقاع الموسيقي, ويتناول الباحث الإيقاع في بعدين: البعد الطولي وهو الحركة الترددية التي تعتبر الأشياء أثناء قراءتنا من اليمين إلى اليسار, وتؤلف إيقاعًا موضعيًّا. والثاني: البعد الشاقولي، وهو يعني: الحركة التزامنية التي تعبر القصيدة من أولها إلى آخرها, وتؤلف إيقاعًا بنائيًّا. ويثمل ببائية أبي تمام على البعد الإيقاعي الأول، بينما يمثل للبعد الثاني بسينية امرئ القيس، ولامية ضابئ البرجمي4. ويخلص الباحث إلى القول بأن المكان في الأدب يحتاج إلى الزمان، لأنه يتشكل فيه ويتحرك بحركته عبر أشيائه، وإن الزمان يؤلف من مجموع الأصوات الرفيعة مكانًا نغميًّا تعرضه الأذن متحركًا عبر المكان، فيدرك ويفكر بأبعاده وعلاقاته5. أما النتيجة الختامية لجولته النظرية التطبيقية هي أن مجموع التشكيلات المكانية والزمانية في الشعر تتفاعل معها لبناء شبكة من العلاقات المختلفة التي تتقارب وتتباعد في أوضاع تزامنية وتواؤمية لخلق رؤيا إبداعية تنشأ عند الشاعر أولًا، ثم تنحل في الناقد فتحرك طاقات الإدراك الكامنة عنده ثانيًا, ويتولد المعنى الأعمق للإنسان والوجود من خلال التفاعل بين الرؤيا عند الأول والإدراك عند الثاني6.   1 تشكيل المعنى الشعري 56. 2 نفسه 64. 3 نفسه 64. 4 نفسه 65-86. 5 نفسه 68. 6 نفسه 71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 والبحث الأخير هو "التشبيه الدائري في الشعر الجاهلي: دراسة في الصورة", ويعرف التشبيه الدائري بأنه المشاهبة التي يحدثها الشاعر بين شيئين أو أشياء في تركيب فاتحته نفي بحرف "ما"، وخاتمته إثبات بحرف "الباء", واسم التفضيل الذي على وزن "أفعل"1, ويسرد الباحث تاريخ هذا المصطلح في النقد العربي القديم، وخلص إلى أنهم لم يعدوه نوعًا من التشبيه، بل نوعًا من البديع، واختلفوا بعد في تسميته. ولم يكن حظ المحدثين بأوفر من القدامى، لذا فقد سموه بأسماء مختلفة2, لذلك اصطنع لنفسه هذا المصطلح الذي لم يرد كاملًا عند أحد. وقد نبه الباحث إلى أن هذا التشبيه كثر وروده في الشعر الجاهلي إذا ما عد لونًا مميزًا، فقد أحصى ثمانية وخمسين تشبيهًا دائريًّا لدى اثنين وعشرين شاعرًا, ولكن شاعرين برزا في هذا اللون هما: الأعشى وأبو ذؤيب الهذلي3. ولاحظ الباحث أن هذا التشبيه ترتد عناصره إلى مصادر أساسية ثلاثة: الحيوان والطبيعة والإنسان4. أما الحيوان: فتتوزع على الظبية والأسد والنعامة والصقر, وأما الطبيعة: فكان التشبيه موزعًا بين الماء والنبات والصخر, وأما الإنسان: فتوزّع بين شراب الإنسان والنماذج البشرية والأم. ويربط الباحث بين النماذج التي عرضها والحكاية القصيرة أو الطويلة، ولاحظ أنها تركز أولًا على الحدث أكثر من الصفة، وأنها تطور الشخصيات المحركة لها والمتحركة بها، وأنها اهتمت بالمكان والزمان، وهكذا غدت الملامح القصصية في التشبيه الدائري من أهم الظواهر المشتركة بين نماذجه المتعددة في العصر الجاهلي. وقد ربط الباحث أيضًا بين هذا التوجّه القصصي والحكاية الخرافية التي حصرها الشاعر في مشاهد متعددة في القصيدة الواحدة, ولهذا صلة بالعقلية العربية في العصر الجاهلي.   1 قدم في ندوة المرحوم محمود الغول، جامعة اليرموك، أربد، الأردن، 1984، ونشر في المجلة العربي للعلوم الإنسانية، عدد17، 1985، ص124-153. 2 نفسه 2. 3 نفسه 2-3. 4 نفسه 5. 5 نفسه 6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 وبز من وظائف التشبيه الدائري أحيانًا تحقيق الوحدة في القصيدة، وكان الإنسان الجاهلي في التشبيه الدائري يشق طريقه وسط متناقضات رهيبة تهدد حياته بالدمار في كل لحظة؛ ففي النماذج التي صورها الشاعر قد رفع هذه النماذج فوق صور البشر، وقربهم من صور الإلهية كما جسدتها العقلية الوثنية العربية. والملاحظ أن الشاعر شغف كثيرًا بالجبل "يشبه الكتيبة المدافعة عن الثغر بجبل يلتف حوله رجال كثر"1 وثمة صور قليلة وردت في الشعر للقمر والليل والنهار والخريف والشتاء والربيع، حقًّا، كما يقول الباحث: "لقد كانت صور الطبيعة بالنسبة للشاعر متنفسًا جديدًا يتوصّل عن طريقه إلى أبسط المواقف الفكرية والشعورية من الوجود"2. اما "الثقافة" فكانت المجال الخامس من مجالات الحياة, ويتبنى الباحث مفهومًا للثقافة بأنها: "القاعدة الخلقية والفكرية التي يرتكز عليها أسلوب الفرد الاجتماعي"3, ومن ذلك الكتابة التي عرفها الناس وشاعت في زمانهم القديم، وفيها استعادته أخبار السلف وبخاصة جوانب القصص الذي كان يشكل في خيال الناس قضية من قضاياهم المصيرية "قصة أحمد عاد أو ثمود" الذي كان أمثولة الشؤم عندهم". ومن ذلك أيضًا ما يشعرنا بزراعتهم وصناعتهم وألعاب الأطفال بالخذروف "ومقلالًا الوليد"، ومن عاداتهم الدية وتقاسم الماء عندما يقل بحصاة "حصارة القسم", وقرى الضيف وخرب الأيسار وتسنيح الطيور وإدخال الأيدي في عطر, فشم للتحالف وإيقاد النار للكرم أو للحرب ورفع اللواء في المعارك, ومنه الطقوس الدينية التي صورها زيارتهم للأماكن المقدسة وحلاقة رءوسهم، وتقديم الضحايا والقرابين لمعبوديهم. ومن مجالات التعامل بينهم التداين الذي شكّل عندهم قاعدة السلوك4, ويخلص5 إلى أن الصور الثقافية أعطت -على قلتها- فكرة وافية عن البنية الداخلية التي كانت تؤلف القاعدة لكل سلوك فردي واجتماعي في عصره.   1 ديوان زهير 107. 2 الصورة ومجالات الحياة في شعر زهير 32. 3 نفسه 32. 4 نفسه 33. 5 نفسه 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 دراسات أخرى : وبالرغم من أن ما اصطنعناه من تقسيم للدراسات وفق مناهج معينة، فإنني لا أستطيع أن أجزم بالتزام باحث منهجًا معينًا دون أن يفيد من المناهج الأخرى, ولكن السمة الغالبة على منهجه هي التي دعت إلى وضعه في هذا المنهج أو ذاك, وتبقى بعد ذلك دراسات ذات قيمة، وقد التفت أصحابها إلى النص الشعري الجاهلي فدرسوه دراسة تجاوزت حدود الدراسة التقليدية, وجمّودها عند حد معين. وأول الباحثين الدكتور لطفي عبد البديع، وله دراستان؛ الأولى: تنظيرية "التركيب اللغوي للأدب"1 والثانية: دراسة تطبيقية "الشعر واللغة"2. وأما الدراسة الأولى فيصرّح منذ بداية المقدمة أنه "يحمل إلى العربية فكرًا جديدًا تستقيم فيه لعلم الأدب طريقته، فقد طالما انحرفت به الأقلام إلى غير موارده، فتوارت حقائقه وعقمت مادته، واضطرب نسقه"3. وعندما يبحث عن الأسباب يجدها في البلاغة ومنطقها الصوري الذي فتت الحقائق الشعرية, وطوفان التاريخ والجغرافية الذي أغرقه في متاهات، وعلم النفس الذي التوى به إلى غير غايته، وعلم اللغة والنحو الذي أفضى به إلى طريق مسدود، والأهواء التي توزعته فلم تصح فيه قضية4. ولكن الأمل يراوده؛ لأن علوم اللغة والأدب تغمرها ثورة رائعة، والظاهرة   1 نشرته مكتبة النهضة المصرية 1970. 2 نشرته دار النهضة المصرية 1969. 3 التركيب اللغوي للأدب، المقدمة. 4 نفسه، المقدمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 الشعرية لغوية في جوهرها, لا سبيل إلى التاني إليها من جهة اللغة التي تتم فيها عبقرية الإنسان وتتقوم بها ماهية الشعر. وعلى هذا يدير البحث في الكتاب. وبحثه هذا فلسفي يجمع نظرية اللغة استنطاق الأدب، جدلي قطبي يتصل أوله بآخره, وتقضي بدايته إلى نهايته، ويدل بعضه على بعض, وتنزع فيها كل حقيقة إلى ما يماثلها، في نظرية متسقة تقوم على التجربة الحية والفطرة التي يتعاطى معها الإنسان الظاهرة الأدبية ليقف على مقوماتها, وهي تتفاعل لتنهض بعبء التركيب1. وقد جاء البحث في فصول سبعة هي: أثر المنطق في التفكير اللغوي والبلاغة, والدلالة اللغوية في التفكير الفنمولوجي, والدلالة الذاتية والمحاكاة, والأسلوبية والبلاغية، والعمل الأدبي بين المؤلف والقارئ، والرمزية وموضوعية الأثر الأدبي، ووظائف اللغة ونظرية الأنواع الأدبية. وأما الدراسة الثانية "الشعر واللغة": فيكرر فيها بعض ما جاء في الدراسة الأولى, وهو أن الشعر قد "توارى بين ركام الأخبار", وتراجم الشعراء والأحكام التي يتناقلها الخلف عن السلف, ثم لا يكون من وراء ذلك شيء", وإن طائفة من النقاد قد اعتدت بأطراف من نظرية "تين", وجعلت من ثالوثها المركب من "الجنس والبيئة والعصر" عصًا سحرية لقفت ما عداها"2. ويتبنّى الباحث مقولة "هيدجر"3 من أن الشعر هو الذي يبدأ بجعل اللغة ممكنة، وأنه هو اللغة البدائية للشعوب والأقوام، وأما ماهية اللغة فتهم من خلال ماهية الشعر, وأما الشعر فهو الأساس الذي يقوم عليه التاريخ وليس زينة تصاحب الوجود الإنساني, ولا مجرد تعبير عن روح الثقافة. وأما منهجه في الدراسة فهو البحث عن اللغة في القصائد، ولكن البحث عن لفظ مستعار أو وجه من وجوه التشبيه، ولكن هدفه "البحث عن الوجود الشعري الذي يتحقق في اللغة باعتبارها فكرًا للشعر لا يلبث الشاعر معه أن يجد نفسه وقد أحاطت به الكلمات من كل جانب"4.   1 التركيب اللغوي للأدب، المقدمة. 2 الشعر واللغة، ص1. 3 نفسه 2، 3. 4 نفسه 6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 وأما ما يخلقه الشاعر من هذه الكلمات فهو "عالم جديد يقيمه على أنقاض الفناء في المعركة الرهيبة بين الإنسان والطبيعة, أو بين الإنسان والإنسان.. وإلى هذا العالم تذهب المعاني تتعانق مع غيرها, وتدل على الوجود الشعري وتحققه, وفيه تتلاقى شتّى الصور والتراكيب, وقد تظهرت جميعًا لإبراز الدلالة الكلية"1. وقد درس الباحث القصائد التالية: عينية الحادرة2, ونونية ذي الأصبع العدواني3، ومعلقة طرفة4، وميمية المخبل السعدي5، وعينية متمم بن نويرة6, ودرس نصوصًا أخرى من مختلف العصور بما في ذلك العصر الحديث. والباحث في دراسته لهذه القصائد لم يحللها من ألفها إلى يائها, ولكنه وقف عند قضايا أو جزئيات تخدم منهجه وهدفه، وكانت وقفاته لمَّاحة ودقيقة تكشف وظيفة اللغة ممثَّلة في اللفظة، وقد اختار نصوصًا يستطيع من خلالها إثبات ما ذهب إليه, ولكنه كغيره أفاد من المناهج الأخرى, وإن كانت لي ملاحظة فهي سرعة هذه الدراسة وعدم صياغة كل دراسة في منظومة واحدة متكاملة تلقي مزيدًا من الضوء على ما تبناه من منهج. وللدكتور عبد الجبار المطلبي دراسة في الأدب القديم وهي "مواقف في الأدب والنقد"7, والكتاب مجموعة محاضرات أو بحوث من نتاج الباحث, وينتظم الكتاب المباحث التالية: في الأدب العربي القديم ونقده8، ومحاولة في تفسير صورة من صور الشعر الجاهلي9، والشعر والأخلاق10، والشعراء وتجربة الشعر11.   1 الشعر واللغة 6. 2 نفسه 7-18. 3 نفسه 19-25. 4 نفسه 26-37. 5 نفسه 38-45. 6 نفسه 46-53. 7 من منشورات وزارة الثقافة والإعلام العراقية، 1980. 8 نفسه 23-62. 9 نفسه 63-112. 10 نفسه 113-178. 11 نفسه 179-227. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 ويتبنَّى الباحث في مقدمة الدراسة رأيًا مفاده أن تطبيق الناقد لنظرية جمالية أو فنية على أثر معين من آثار الفن هو حكم سابق لا مسوغ له، ودراسة تنقصها النزاهة التي يفترضها القارئ في النقاد؛ لأن الناقد الحق مشاهد لا يحتاج إلّا إلى أن يرى الأثر الفني كما هو في ذاته, وأن الأثر الفني الأصيل المبتدع لا يخضع بطبيعته لمقاييس سابقة انتزعت من أثر آخر له تفرُّده وأصالته. ولكن الباحث يستدرك بأن ذلك لا يعني جهل الناقد بنظريات النقد والجمال, فرصد الناقد المنظر الأثر الفني قد ينطوي على كشف وجهٍ من وجوه ذلك الأثر، أو في الأقل، تصويره من زاوية إنسانية معينة، وعلى بعد معين منه، مما قد يعين على فهم أعمق لذلك الأثر الفني الفريد, ولكنه يعترف بأن مخاطر مثل هذا النقد تبقى ماثلة ما لم يكن الناقد مدركًا لها، عارفًا أن مثل هذا النقد قد يكون حكمًا سابقًا متحيزًا، وقد يقتصر على كشف عناصر النظرية وأهواء معتنقها مما هو بعيد عن الأثر المبتدع، غريب عليه1. ويعترف أيضًا أنه استضاء بنظريات الأدب ومصطلحاته في مختلف العصور، ولكنه حاول ألا يكون أسير تلك النظريات والمصطلحات، وجهد أن ينتزع نفسه من قيودها في دراسة جوانب الأدب العربي القديم، ولكنه لا يجزم بأنه نجا من حبائل تلك النظريات غير المنظورة2. وفي حديثه عن "الأدب العربي القديم ونقده" يبدي ملاحظتين: أولاهما: إن الأدب يسبق معايير النقد، وثانيتهما: لا يصح مسلك النقاد العرب في هذه الأيام، أو مسلك كثير منهم على وجه التحديد، في تطبيق معايير النقد الغربي ومصطلحاته على الأدب العربي، لا سيما القديم منه3. ومما يأخذه عليهم أن يسلكوا الشعر الجاهلي عامة في باب الشعر الغنائي، وأنهم بعد ذلك يحاولون أن يتحرورا فيه عمَّا يمكن أن يكون شبيهًا بالشعر الملحمي أو الشعر القصصي, وقد فاتهم أن الشعر الجاهلي نمط مستقبل من الفن يختلف عن آداب الأمم الأخرى، وأنه ابن تلك الصحراء4.   1 مواقف في الأدب والنقد 65. 2 مواقف في الأدب والنقد 7. 3 نفسه 25. 4 نفسه 26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 أما جهد النقاد القدامى فيرى أنهم عجزوا وقصرت بهم خطاهم عن الحكم الصائب والتقويم السليم, وذلك لأنهم اعتمدوا على قيم فنية ومعايير أدبية انحدرت إليهم من أمم أجنبية1. وإذا كان لا بُدَّ من اصطناع مصطلحات حديثة, فإنه يجب مراعاة أمرين2: أولهما: الحذر في الاصطناع مدركين حدودها وما تنتهي إليه, وما تثيره من دلالات ومفهومات. ثانيهما: الاصطناع مع الاقتصاد والحذر لما له من صفة العمومية التي تشترك فيها آداب بني الإنسان في مختلف العصور. أما الوحدة في القصيدة3: فهو يراها شبيهة بعلاقة الإنسان الفرد بسائر قبيلته، له شخصيته واستقلاله, ولكن وحدة أخرى أقوى من ذلك تشده إلى قبيلته وتجعل منه جزءًا لا ينفصل عن كيانها ووجودها. ولقد عبّر المذهب البدوي عن نفسه في القصيدة وما تتألف منه من صور ووقائع تنتظمها وحدة قائمة على ترابط تلك الصور بعضها ببعض. وفي معرض دراسته لقصة الثور الوحشي وتفسير وجودها في القصيدة الجاهلية ينعي على مؤرخي الأدب الجاهلي معالجتهم الوصفية للشعر الجاهلي "أسلوبه، صوره، فنونه، موضوعاته ... إلخ"4. وهو يؤكد أن أقدم المحفوظ من الشعر الجاهلي يتسم بتنويع في التعبير اللغوي، وهذا يفترض وجود مذهب للشعر له قواعده وتقاليده، وأن هذا المذهب تكون نتيجة تطور أدبي خلال قرون طويلة سابقة5، وهذا يعني تراكمات من الحضارة والمعتقدات ضاع الكثير منها. ومن هذا المنطلق حاول إعادة النظر في ذلك الشعر علّه يجد فيه أصداء   1 نفسه 31. 2 نفسه 39. 3 نفسه 58-61. 4 موقف في الأدب والنقد 65. 5 نفسه 65 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 لأشياء قديمة قِدَم تاريخ الأمة العربية، بل قِدَم أصلها الأول الذي نشأت منه. وكانت محاولته بتفسير مظهر من مظاهر القصيدة الجاهلية مما يتّصل بثور الوحش, وهو يأخذ نماذج من دالية النابغة: كأن رحلي وقد زال النهار بنا ... يوم الجليل على مستأنس وحد وقافية زهير: كأن كوري وانساعي وميثرتي ... كسوتهن مشبًا ناشطًا لهقا ولامية لبيد: كأخنس ناشط جادت عليه ... ببرقة واحف إحدى الليالي ويعالج قصة ثور الوحش بالعودة إلى الوراء قرونًا طويلة, ليصل إلى شوطئ دجلة والفرات حيث السومريون وملحمة جلجامش، ويطوف في الفنيقيين والعبرانيين وغيرهم, ليجد من آلهة كلٍّ شيئًا مشتركًا عندهم جميعًا, ويخلص إلى أن أقوام الهلال الخصيب قد عبده الإله - الثور، إله العاصفة. ويخلص إلى أن هذه الصور، صور ثور الوحش، إنما هي تطور لترانيم أو ملاحم أو تفوهات دينية قديمة تتصل بقدسية الثور وما كان يرمز إليه من الخصب والمطر والاتحاد به بالصيد، ولكنها لم تعد تحمل مغزى دينيًّا, بل انتهت إلى الشعراء الجاهليين تقاليد أدبية، وإن لم تخل من إشارات قدسية1. وتتكشف القصيدة الجاهلية في قصة الثور عن أبعاد جديدة تتصل بقصة الإنسان الخالدة في دورة الحياة والموت واختلاف الفصول وقدسية الحيوان2.   1 نفسه 107. 2 نفسه 112. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 النصوص الجاهلية التي درست ... النصو الجاهلية التي درست: الأعشى: 1- المعلقة ومطلعها: ودع هريرة إن الركب مرتحل ... وهل تطيق وداعًا أيها الرجل "النهويهي 816-880، إبراهيم عبد الرحمن، فصول مجلد 4، عدد2، "1984"، ص39، إبراهيم عبد الرحمن: الشعر الجاهلي 315". 2- البائية ومطلعها: أوصلت صرم الحبل من ... سلمى لطول جنابها؟ "إبراهيم عبد الرحمن: فصول مجلد1, عدد 3، 1981م، ص138، الشعر الجاهلي، ص264". 3- القافية ومطلعها: نام الخلي وبت الليل مرتفقًا ... أرعى النجوم عميدًا مثبتًا أرقا "إبراهيم عبد الرحمن، فصول, مجلد4، عدد2، 1984، ص39". 4- الخمرية, وهي أبيات تخللت قصيدة مدحه لإياس بن قبيصة الطائي: وشمول تحسب العين إذا ... صفقت وردتها نور الذبح "في النقد الأدبي: إيليا حاوي 1/ 335-344". 5- الدالية: أجدك لم تغتمض ليلة ... فترقدها مع رقادها "إبراهيم عبد الرحمن: الشعر الجاهلي 312، من أصول الشعر العربي القديم: فصول مجلد4، عدد2، 1984، ص24 وما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 امرؤ القيس: 1- المعلقة ومطلعها: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل "في النقد الأدبي: إيليا حاوي 1/ 155، الأطلال والأحبة، 1/ 263, وصف الليل، كمال أبو ديب: فصول مجلد 4، عدد2، 1984، ص92-131، عبد الرشيد الصادق محمودي، فصول مجلد 4، عدد2 ص131-152، محمد عبد المطلب مصطفى: فصول مجلد 4، عدد2، ص153-164، الطلل من المعلقة، إبراهيم عبد الرحمن: الشعر الجاهلي، ص188، مشهد الليل ومشهد الطلل ومغامرته العاطفية، ص293، وما بعدها، مصطفى ناصف: قراءة ثانية لشعرنا القديم، ص76، وصف فرسه، معلقات العرب: بدوي طبانة، عفت الشرقاوي: قضايا الأدب الجاهلي 206، وما بعدها، عدنان مكارم: رمزية الناقة في القصيدة الجاهلية، مجلة المعرفة عدد 222-223 "سبتمبر 1980"، يوسف اليوسف: بحوث في المعلقات 117-196. 2- الرائية ومطلعها: سمالك شوق بعدما كان أقصرا ... وحلّت سليمى بطن قو فعرعرا "من قيثارة الشعر العربي: فتحي أبو عيسى, ص55-92". 3- البائية ومطلعها: أماويّ هل لي عندكم من معرس ... أم الصرم تختارين بالوصل نيئس "مصطفى ناصف: قراءة ثانية لشعرنا القديم 104, وصف الناقة". 5- اللامية المنسوبة إليه ومطلعها: ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي ... وهل يعمّن من كان في العصر الخالي؟ "إبراهيم عبد الرحمن: الشعر الجاهلي، ص214، كامل الدقس: وصف الخيل في الشعر الجاهلي: 267 وما بعدها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 6- النونية ومطلعها: يا ذا المخوفنا بقتل ... أبيه إذلالًا وحينا "عفت الشرقاوي: قضايا الأدب الجاهلي 197". بشامة الغدير: اللامية ومطلعها: هجرت أمامة هجرًا طويلًا ... وحمّلك النأي عبئًا ثقيلًا "كما أبو ديب: الرؤى المقنعة". تأبط شرًّا: القافية ومطلعها: يا عبد مالك من شوق وإبراق ... ومر طيف على الأهوال طراق "عبد الله تطاوي: في القصيدة الجاهلية والأموية ص79-86". اللامية الرائية: إن بالشعب الذي دون سلع ... لقتيلًا دمه ما يطل "محمود شاكر: مجلة المجلة المصرية 1965م". ثعلبة بن صعير المازني: الرائية. "مصطفى ناصف: قراءة ثانية لشعرنا القديم، ص95، وصف الناقة، كمال أبو ديب: الرؤى المقنعة، الفصل السابع". الجميح الأسدي: الميمية ومطلعها: يا دار نضلة قد أنى لك أن ... تسعي بجارك في بني هدم "النويهي 529-567". البائية ومطلعها: أضحت أمامة صمتًا ما تكلمنا ... مجنونة أم أحست أهل خروب "النويهي 780-815، كمال أبو ديب: الرؤى المقنعة". الحارث بن حلزة: المعلقة ومطلعها: عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عفراء منزلها خلاء "عفت الشرقاوي: قضايا الأدب الجاهلي328". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 شكوى ومطلعها: من حاكم بيني ... وبين الدهر مال عليّ عمدًا "إيليا حاوي 1/ 411. الحادرة الذبياني: العينية ومطلعها: بكرت سمية بكرة فتمتع ... وغدت غدو مفارق لا يرجع "النويهي 149-296، إبراهيم عبد الرحمن: فصول مجلد1، عدد3 "1981"، ص136، مصطفى ناصف: قراءة ثانية 141، لطفي عبد البديع: الشعر واللغة 7-18". حاتم الطائي: الرائية مطلعها: أماوي قد طال التجنب والهجر ... وقد عذرتني من طلابكم العذر "عبد الله تطاوي: في القصيدة الجاهلية والأموية، ص61-69". أبو دؤاد الإيادي: الميمة: قربًا مربط العرادة إنّ ... الحرب فيها تلاتل وهموم "كمال أبو ديب: الرؤى المقنعة، الفصل السابع، كامل الدقس: وصف الخيل 336". دريد بن الصمة: الدالية ومطلعها: أمرتهم أمري بمنقطع اللوى ... فلم يستبينوا النصح إلّا ضحى الغد "إيليا حاوي 1/ 435، عبد الجبار المطلبي: مواقف في الأدب والنقد ص11". أبو ذؤيب الهذلي. العينية ومطلعها: أمن المنون وريبها تتوجع؟ ... والدهر ليس بمعتب من يجزع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 "النويهي 649-779"، عبد الجبار المطلبي: مواقف في الأدب والنقد ص14، كمال أبو ديب: الرؤى المقنعة، الفصل الثالث". أبو زبيد الطائي: الدالية: إن طول الحياة غير سعود ... وضلال تأميل نيل الخلود "كمال أبوديب: الرؤى المقنعة، الفصل السادس". ذو الإصبع العدواني: النوينة مطلعها: يا من لقلب شديد الهم محزون ... أمسى تذكر ريًّا أم هارون "لطفي عبد البديع: الشعر واللغة 19-25". سويد بن أبي كاهل اليشكري: بسطت رابعة الحبل لنا ... فوصلنا الحبل منها ما اتسع "حديث الأربعاء 1/ 154-163". سلامة بن جندل: البائية ومطلعها: أودى الشباب حميدًا ذو التعاجيب ... أودى وذلك شأو غير مطلوب "مصطفى ناصف: قراءة ثانية لشعرنا القديم". سبيع بن الخطيم: الفائية ومطلعها: بانت صدوف فقلبه مخطوف ... ونأت بجانبها عليك صدوف "مصطفى ناصف، قراءة ثانية لشعرنا القديم 135". الشنفري الأزدي: اللامية ومطلعها: أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلي قوم سواكم لأميل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 "إيليا حاوي 1/ 355، يوسف اليوسف: مقالات في الشعر الجاهلي 207-242، عفت الشرقاوي: قضايا الأدب الجاهلي 338، سيد نوفل: شعر الطبيعة في الأدب العربي". التائية ومطلعها: ألا أم عمرو أجمعت فاستقلت ... وما ودّعت جيرانه إذا تولت "كمال أبو ديب: الرؤى المقنعة، بنت الشاطئ: قيم جديدة لأدبنا العربي، أحمد سويلم: قراءة عصرية لشعرنا القديم، محمد هدارة: دراسات في الأدب العربي". زهير بن أبي سلمى: المعلقة ومطلعها: أمن أم أوفى دمنة لم تكلم ... بحومانة الدراج فالمتثلم "حديث الأربعاء 1/ 91-113، مصطفى ناصف: قراءة ثانية لشعرنا القديم ص51، القسم الطللي، يوسف اليوسف: مقالات في الشعر الجاهلي 147-194 الطلل، عفت الشرقاوي: قضايا الأدب الجاهلي 291، عبد الله تطاوي: في القصيدة الجاهلية والأمومة ص7-29". القافية ومطلعها: إن الخليط أجدّ البين فانفرقا ... وعلّق القلب من أسماء ما علقا "عبد الجبار المطلبي: نماذج في الأدب والنقد ص76, قصة ثور الوحش". الهمزية ومطلعها: عفا من آل فاطمة الجواء ... فيمن فالقوادم فالحساء "النويهي 435-528". اللامية ومطلعها: صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعرّي أفراس الصبا ورواحله "النويهي 569-648". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 عبد يغوث الحارثي: البائية ومطلعها: ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا ... وما لكما في اللوم خير ولا ليا "صلاح عبد الصبور: قراءة جديدة لشعرنا القديم". علقمة الفحل: الميمة ومطلعها: هل ما علمت وما استوعت مكتوم ... أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم "النويهي 297-433، إيليا حاوي 1/ 443". عبيد بن الأبرص: اللامية ومطلعها: ليس رسم على الدفين ببالي ... فلوى ذروة فجنبي أثال "فتحي أبو عيسى: من قيثارة الشعر العربي, ص13-54". الحائية ومطلعها: هبّت تلوم وليست ساعة اللاحي ... هلّا انتظرت بهذا اللوم أصباحي "إبراهيم عبد الرحمن: الشعر الجاهلي، ص189". الضادية ومطلعها: تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... سلكن غميرًا دونهن غموض "صلاح عبد الصبور: قراءة جديدة لشعرنا القديم". عروة بن الورد. الرائية ومطلعها: أقلي عليّ اللوم يا ابنة منذر ... ونامي فإن لم تشتهي النوم فاسهري "هدارة: دراسات في الأدب العربي، نوري حمودي القيسي: الفروسية في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 الشعر الجاهلي، سيد نوفل: شعر الطبيعة في الأدب العربي". اللامية: كمال أبو يب: الرؤى المقنعة". عمرو بن كلثوم: المعلقة ومطلعها: ألا هبي بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقي خمور الأندرينا "إيليا حاوي 1/ 271، عفت الشرقاوي: قضايا الأدب الجاهلي 324، عبد الله تطاوي: في القصيدة الجاهلية والأموية، ص30-49، كمال أبو ديب: الرؤى المقنعة". عنترة بن شداد: المعلقة ومطلعها: هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم "حديث الأربعاء 1/ 145-153", عفت الشرقاوي: قضايا الأدب الجاهلي 333، كمال أبو ديب: الرؤى المقنعة، الفصل الخامس". عبدة بن الطبيب: اللامية ومطلعها: هل حبل خحولة بعد الهجر موصول ... أم أنت عنها بعيد الدار مشغول "مصطفى ناصف: قراءة ثانية ص119، كمال أبو ديب: الرؤى المقنعة، الفصل الثامن". عمرو بن معد يكرب: الدالية ومطعلها: ليس الجمال بمئزر ... فاعلم وإن رديت بردا إيليا حاوي 1/ 405". عميرة بن جعل: النونية ومطلعها: ألا يا ديار الحي بالبردان ... خلت حجج بعدي لهن ثمان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 "كمال أبو ديب: الرؤى المقنعة، الفصل السادس". طرفة بن العبد: المعلقة ومطلعها: لخولة أطلال ببرقة ثمهد ... تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد "حديث الأربعاء 1/ 55-76، مصطفى ناصف: قراءة ثانية لشعرنا القديم، ص66، الطلل، مصطفى ناصف: قراءة ثانية ص157، محمد زكي العشماوي: النابغة الذبياني، تحليل المعلقة ص215، وما بعدها، عفت الشرقاوي: قضايا الأدب الجاهلي: 278 وما بعدها، عبد الله تطاوي: في القصيدة الجاهلية والأموية ص70-78، عبد الجبار المطلبي: مواقف في الأدب والنقد ص12، كمال أبو ديب: الرؤى المقنعة، الفصل الخامس، لطفي عبد البديع: الشعر واللغة". البائية ومطلعها: ما تنظرون بحق وردة فيكم ... صغر البنون ورهط وردة غيب "عفت الشرقاوي: قضايا الأدب الجاهلي 274". كعب بن زهير: ألا أبلغنا عني بجيرًا رسالة ... فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا "حديث الأربعاء 1/ 114-125". لبيد بن ربيعة: المعلقة ومطلعها: ... عفت الديار محلها "حديث الأربعاء 1/ 18-54، محمد صديق غيث: فصول مجلد4، عدد2, ص165-186، الطلل من المعلقة، كمال أبو ديب: مجلة المعرفة السورية، عدد 195, 196، 978، مصطفى ناصف: قراءة ثانية لشعرنا القديم، ص52 القسم الطللي، محمد زكي العشماوي: النابغة الذبياني، تحليل للمعلقة 215 وما بعدها, عفت الشرقاوي: قضايا الأدب الجاهلي 343". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 اللامية ومطلعها: ألم تلمم على الدمن الخوالي ... لسلمى بالمذانب فالقفال "عبد الجبار المطلبي: مواقف في الأدب والنقد ص78, قصة ثور الوحش". العينية ومطلعها: بلينا وما تبلى النجوم الطوالع ... وتبقى الجبال بعدنا والمصانع "إيليا حاوي 1/ 430". المميمة مطلعها: وأحب المجامل بالجزيل وصرمه ... باق إذا طلعت وزاغ قوامها "إيليا حاوي 1/ 417". المثقب العبدي: النونية ومطلعها: أفاطم قبل بينك متعيني ... ومنعك ما سئلت كأن تبيني "حديث الأربعاء 1/ 164-172، إبراهيم عبد الرحمن: الشعر الجاهلي ص231، دراسات عربية وإسلامية مهداة إلى محمود شاكر، مصر، 1982، ص515-535 لمحمود الربيعي. الدالية ومطلعها: أجدك ما يدريك أن رب بلدة ... إذا الشمس في الأيام طال ركودها "مصطفى ناصف: قراءة ثانية لشعرنا القديم ص116". المخبل السعدي: الميمة ومطلعها: ذكر الرباب وذكرها سقم ... فصبا وليس لمن صاب حلم "لطفي عبد البديع: الشعر واللغة 38-45، صلاح عبد الصبور: قراءة جديدة لشعرنا القديم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 المهلهل: الرائية ومطلعها: أهاج قذاء عيني الأذكار ... هدوءًا فالمدموع لها انهمار إيليا حاوي 1/ 346". متمم بن نويرة: العينية ومطلعها: لعمري وما دهري بتأبين هالك ... ولا جزع مما أصاب فأوجعا لطفي عبد البديع: الشعر واللغة 46-53". المتلمس الضبعي: القافية ومطلعها: ألك الدير راق ... ومبايض لك والخورنق؟ "إيليا حاوي 1/ 393". المنخل اليشكري: الرائية ومطعلها: ولقد دخلت على الفتاة الخدر في اليوم المطير "صلاح عبد الصبور: قراءة جديدة لشعرنا القديم 125". النابغة الذبياني: الدالية ومطلعها: يا دار مية بالعلياء فالسند ... أقوت وطال عليها سالف الأبد "إيليا حاوي 1/ 315، مصطفى ناصف: قراءة ثانية 175، عبد الجبار المطلبي: مواقف في الأدب والنقد ص74 قصة ثور الوحش، فتحي أبو عيسى: من قيثارة الشعر العربي ص107-154، يوسف اليوسف: بحوث في المعلقات 197-232". البائية ومطلعها: كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقسايه بطيء الكواكب "إيليا حاوي 1/ 294، عبد الله تطاوي: في القصيدة الجاهلية والأموية ص53-60". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 فهرس الموضوعات : 5 مقدمة. 7 جهود القدماء. 27 المستشرقون والشعر الجاهلي. 47 دراسات باللغة الإنجليزية. 55 الشعر الجاهلي في دراسات العرب المحدثين. 59 جهود الجامعات. 75 الدواوين الشعرية. 91 الدراسات الأدبية "الكتب". 121 الدراسات والبحوث "الدوريات". 143 خلاصة الدراسات الحديثة. 165 الأدب الجاهلي والمناهج الحديثة. 171 المنهج الأسطوري. 198 المنهج البنيوي. 225 المنهج الاجتماعي. 263 المنهج النفسي. 296 المنهج التكاملي. 314 دراسات أخرى. 321 النصوص التي درست. 331 فهرس الموضوعات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333